فنون العجائب لأبي سعيد النقاش

أبو سعيد النقاش

بسم الله الرحمن الرحيم رب تمم بالخير أخبرنا الشيخ الإمام العالم العامل، بقية السلف، عماد الدين أبو علي الحسين بن محمود بن محمد الصالحاني - أبقاه الله - قراءة عليه وأنا أسمع بمسجد أخيه يحيى بباب السلام بمحروسة شيراز سنة تسع وخمسين وست مئة قال: أنا

§بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ تَمِّمْ بِالْخَيْرِ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، عِمَادُ الدِّينِ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّالَحَانِيُّ - أَبْقَاهُ اللَّهُ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ بِمَسْجِدِ أَخِيهِ يَحْيَى بِبَابِ السَّلَامِ بِمَحْرُوسَةِ شِيرَازَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّ مِئَةٍ قَالَ: أَنَا وَالِدِي الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْمُتَحَقِّقُ الْمُتَبَحِّرُ: سَعْدُ الدِّينِ نَاصِرُ السُّنَّةِ ذُو الْبَيَانَيْنِ أَبُو الْقَاسِمِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بِرَوَايَتِهِ عَنِ الْقَاضِي أَبِي رَشِيدٍ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ أَشْنَةَ قَالَ: أَنَا الشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَهْدِيٍّ النَّقَّاشُ الْحَنْبَلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُرِئَ عَلَيْهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مِئَةٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْرِ فِي أَرْضِهِ إِلَّا مَا قَدَّرَ مِنْ عَجَائِبِ صُنْعِهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنِ اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ مِنْ رِسَالَتِهِ، وَعَلَى مَنْ نَصَرَهُ وَآوَاهُ

حديث ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من كلام الذئب وفيه دلالة لنبوته عليه السلام

§حَدِيثُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كَلَامِ الذِّئْبِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِنِبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ

1 - أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الْكَرِيزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْمُنْذِرِ الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا حَرَجَ»

1 - " §بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً، إِذَا أَعْيَى فَرَكِبَهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا هَذَا إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِحِرَاثَةِ الْأَرْضِ ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِمَا قَالَ الثَّوْرُ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَلَيْسَا فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

1 - " §وَبَيْنَا رَجُلٌ فِي غَنَمٍ لَهُ، إِذْ جَاءَ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَسَعَى خَلْفَهُ حَتَّى انْتَزَعَهَا -[24]- مِنْهُ، فَأَقْبَلَ الذِّئْبُ وَأَقْعَى عَلَى ذَنَبِهِ، وَقَالَ: يَا هَذَا، أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ؟ تَنْزَعُ مِنِّي رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللَّهُ؟ " فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَلَيْسَا فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحْرِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ قَطَنٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَا حَرَجَ»

2 - " §بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً فَأَعْيَى فَرَكِبَهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِحِرَاثَةِ الْأَرْضِ ". فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: فَإِنَّا آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

2 - قَالَ: §" وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ عَدَا الذِّئْبُ عَلَيْهِ فَأَخَذَ شَاةً، فَاتَّبَعَهُ يَطْلُبُهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعٍ لَهَا غَيْرِي ". فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: وَإِنَّا آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " 3 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خُبَيْبٍ الْبِرْتِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ سَانٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ

4 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شَيْخٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ سِيَاهٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §«حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ»

4 - " §بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ أَعْيَى فَرَكِبَهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِحِرَاثَةِ الْأَرْضِ ". فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ. فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّا آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

4 - قَالَ " §وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ غَنَمًا عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ شَاةً مِنْهَا، فَطَلَبَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ". قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمُ السَّبُعِ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» ، وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ. فَقَالَ مَنْ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّا آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

5 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ -[26]-: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذَا أَعْيَى فَرَكِبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِحِرَاثَةِ الْأَرْضِ ". فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ: «إِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ. قَالَ مَنْ حَوْلَهُ: آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

5 - قَالَ: " §وَبَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ شَاةً عَدَا الذِّئْبُ عَلَيْهَا، فَأَخَذَهَا، فَطَلَبَهُ , فَقَالَ: فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ". فَقَالَ مَنْ حَوْلَهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ قَالَ: «فَإِنِّي آمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ» . وَلَيْسَا فِي الْمَجْلِسِ. قَالَ مَنْ حَوْلَهُ: آمَنَّا بِمَا آمَنَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

6 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ ". قَالَ: «فَآمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» . رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ فَآمَنْتُ بِهِ أَنَا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ ". رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ 7 - وَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ -[27]-: «بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ» . فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

8 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ , حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ: أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَالَ لَهُ: فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ أَوْ يَوْمًا لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِذَلِكَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ»

9 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " جَاءَ ذِئْبٌ إِلَى رَاعِيِ الْغَنَمِ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى انْتَزَعَهَا مِنْهُ قَالَ: فَصَعِدَ الذِّئْبُ عَلَى تَلٍّ فَأَقْعَى وَاسْتَنْفَرَ، وَقَالَ: عَمَدْتَ إِلَى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ اللَّهُ، انْتَزَعْتَهُ مِنِّي ". فَقَالَ الرَّجُلُ: تَالَلَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ذِئْبًا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ الذِّئْبُ: أَعْجَبُ مِنْ هَذَا رَجُلٌ فِي النَّخَلَاتِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُخْبِرُكُمْ بِمَا مَضَى، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، وَخَبَّرَهُ، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّهَا أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، قَدْ أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى تُحَدِّثُهُ نَعْلَاهُ وَسَوْطُهُ مَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ»

10 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً، فَأَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ "

11 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقِصَارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّاحِبِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً بَدَا لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا، فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا "

12 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §" بَيْنَمَا رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَى بَقَرَةٍ حِمْلًا إِذِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَتَكَلَّمُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَلَيْسَا فِي الْقَوْمِ»

13 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمٍ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعٍ لَهَا غَيْرِي؟ " فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»

13 - وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ " فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»

14 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ ذِئْبٌ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَصَعِدَ الذِّئْبُ عَلَى تَلٍّ فَأَقْعَى وَاسْتَنْفَرَ، وَقَالَ: عَمَدْتَ إِلَى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ اللَّهُ أَخَذْتُهُ فَانْتَزَعْتَهُ مِنِّي فَقَالَ الرَّجُلُ: تَالَلَّهِ إِنْ رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ذِئْبًا يَتَكَلَّمُ فَقَالَ الذِّئْبُ: أَوْ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، رَجُلٌ بَيْنَ النَّخَلَاتِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ، يُخْبِرُكُمْ بِمَا مَضَى وَمَا هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكُمْ. قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلٌ يَهُودِيًّا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَأَسْلَمَ، فَصَدَّقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «§إِنَّهَا أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، قَدْ أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيُحَدِّثُهُ نَعْلَاهُ -[30]- وَسَوْطُهُ بِمَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ أَهْلُهُ»

15 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُسْتَةَ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " بَيْنَمَا رَاعٍ يَرْعَى بِالْحَرَّةِ شَاءً، إِذِ انْتَفَزَ ذِئْبٌ شَاةً مِنْ شَائِهِ، فَحَالَ الرَّاعِي بَيْنَ الذِّئْبِ وَالشَّاةِ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّاعِي: أَلَا أُحَدِّثُكَ بِأَعْجَبَ شَيْءٍ رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ، فَسَاقَ الرَّاعِي الشَّاءَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَدِينَةِ، فَزَوَاهَا فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَهُ بِمَا قَالَ الذِّئْبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ الرَّاعِي، §أَلَا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَلَامُ السِّبَاعِ الْإِنْسَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ شِرَاكُ نَعْلِهِ وَعَذَبَةُ سَوْطِهِ، وَتُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا فَعَلَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ»

حديث مورق

§حَدِيثُ مُوَرِّقٍ

16 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §كَانَ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُوَرِّقٌ، وَكَانَ مُتَعَبِّدًا، فَبَيْنَمَا -[31]- هُوَ قَائِمٌ فِي صَلَاتِهِ إِذْ ذَكَرَ النِّسَاءَ، فَاشْتَهَاهُنَّ، وَانْتَشَرَ حَتَّى قَطَعَ صَلَاتَهُ، فَغَضِبَ فَأَخَذَ قَوْسَهُ فَقَطَعَ وَتَرَهَا وَعَقَدَهُ بِخِصْيَتَيْهِ، وَشَدَّهُ إِلَى عَقِبَيْهِ، ثُمَّ مَدَّ رِجْلَيْهِ فَانْتَزَعَهُمَا، ثُمَّ أَخَذَ طَمْرَيْهِ وَنَعْلَيْهِ حَتَّى أَتَى أَرْضًا لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ، فَاتَّخَذَ عَرِيشًا، ثُمَّ جَعَلَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ كُلَّمَا أَصْبَحَ انْصَدَعَتْ لَهُ الْأَرْضُ، فَخَرَجَ لَهُ خَارِجٌ مِنْهَا مَعَهُ طَعَامٌ فِي إِنَاءٍ، فَأَكَلَهُ حَتَّى شَبِعَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَخْرُجُ لَهُ خَارِجٌ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَيَشْرَبُ حَتَّى يُرْوَى، ثُمَّ يَدْخُلُ وَتَلْتَئِمُ الْأَرْضُ، فَإِذَا أَمْسَى فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّ أُنَاسٌ قَرِيبًا مِنْهُ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّا عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ، فَسَأَلَاهُ عَنْ قَصْدِهِمَا، فَمَدَّ لَهُمَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: هَذَا قَصْدُكُمَا حَيْثُ تُرِيدَانِ، فَسَارَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَا أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا يَسْكُنُ هَذَا الرَّجُلُ هَا هُنَا أَرْضًا لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ، لَوْ رَجَعْنَا حَتَّى نَعْلَمَ عِلْمَهُ حَقًّا لَهُ، فَقَالَا لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا يُقِيمُكَ هَا هُنَا بِأَرْضٍ لَا أَنِيسَ بِهَا وَلَا وَحْشَ؟ قَالَ: امْضِيَا لِشَأْنِكُمَا وَدَعَانِي. فَأَبَيَا وَأَلَحَّا عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنِّي مُخْبِرُكُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ كَتَمَهُ مِنْكُمَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ أَظْهَرَ عَلَيَّ مِنْكُمَا أَهَانَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: انْزِلَا. فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الطَّعَامِ وَمِثْلَاهُ مَعَهُ، حَتَّى أَكَلُوا وَشَبِعُوا، ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِمْ شَرَابًا فِي إِنَاءٍ مِثْلَ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَمِثْلَيْهِ مَعَهُ، فَشَرِبُوا حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ دَخَلَ فَالْتَأَمَتِ الْأَرْضُ، فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ: مَا يَعْجَلُنَا هَذَا الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ، وَقَدْ عَلِمْنَا سِمَتَنَا فِي الْأَرْضِ، امْكُثْ إِلَى الْعَشِيِّ فَمَكَثَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا بِالْعَشِيِّ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلُ الَّذِي خَرَجَ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: امْكُثْ بِنَا حَتَّى نُصْبِحَ، فَمَكَثَا، فَلَمَّا أَصْبَحَا خَرَجَ إِلَيْهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ رَكِبَا فَانْطَلَقَا، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَزِمَ بَابَ الْمَلِكِ حَتَّى كَانَ مِنْ خَاصَّتِهِ وَسُمَّارِهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَقْبَلَ عَلَى تِجَارَتِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمَلِكُ لَا يَكْذِبُ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ كَذْبَةً -[32]- فَعَرَفَ إِلَّا صَلَبَهُ، فَبَيْنَا هُوَ لَيْلَةً فِي السَّمَرِ يُحَدِّثُونَهُ مِمَّا رَأَوْا مِنَ الْعَجَائِبِ، أَنْشَأَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَحَدَّثَ الْمَلِكَ فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ بِأَعْجَبَ مِنْهُ قَطُّ، فَحَدَّثَ فَقَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ، فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي رَأَى مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: مَا سَمِعْتُ بِكَذِبٍ قَطُّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، وَاللَّهِ لَتَأْتِيَنَّ عَلَى مَا قُلْتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَأُصَلِّبَنَّكَ. قَالَ: بَيِّنَتِي فُلَانٌ. قَالَ: رِضًا، إِيتُونِي بِهِ، فَلَمَّا أَتَاهُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: إِنَّ هَذَا حَدَّثَنِي أَنَّكُمَا مَرَرْتُمَا بِرَجُلٍ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ، وَهَذَا مَا لَا يَكُونُ لَوْ حَدَّثْتُكَ بِهَذَا كَانَ عَلَيْكَ فِي الْحَقِّ أَنْ تَصْلُبَنِيَ قَالَ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَدْخَلَ الَّذِي كَتَمَ عَلَيْهِ فِي خَاصَّتِهِ وَسَمَرِهِ، وَأَمَرَ بِالْآخَرِ فَصُلِبَ» فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَمَّا الَّذِي كَتَمَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا فَأَكْرَمَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " ثُمَّ نَظَرَ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُثَنَّى، سَمِعْتَ جَدَّكَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

17 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ الْهَيْثَمُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابطٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبُ»

17 - قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: " §خَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: لَوْ أَتَيْنَا مَقْبَرَتَنَا، وَصَلَّيْنَا، وَدَعَوْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُخْرِجُ إِلَيْنَا رَجُلًا مِمَّنْ قَدْ مَاتَ نَسْأَلْهُ عَنِ الْمَوْتِ قَالَ: فَصَلُّوا وَدَعُوا قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ خِلَاسِيُّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، وَقَدْ أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ قَبْرِهِ، فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ، مَا أَرَدْتُمْ إِلَيَّ، لَقَدْ مُتُّ مِنْ مِئَةِ عَامٍ فَمَا سَكَنَتْ عَنِّي حَرَارَةُ الْمَوْتِ حَتَّى كَانَ الْآنَ، أَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعِيدَنِي -[33]- كَمَا كُنْتُ "

18 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، حَدَّثَنَا جَابِرٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، فَإِنَّهُ كَانَتْ فِيهِمُ الْأَعَاجِيبُ»

18 - " إِنَّ §نَفَرًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَرَجُوا يَمْشُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَذْكُرُونَ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى مَقْبَرَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَعَالَوْا نَدَعُ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ لَنَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ، نَسْأَلْهُ عَنِ الْمَوْتِ، فَدَعُوا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ خِلَاسِيُّ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ، مَا أَرَدْتُمْ إِلَيَّ، لَقَدْ رَكِبْتُمْ مِنِّي أَمْرًا عَظِيمًا، قَالُوا: دَعَوْنَا اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ لَنَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ نَسْأَلْهُ عَنْ طَعْمِ الْمَوْتِ كَيْفَ هُوَ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُ طَعْمَ الْمَوْتِ قَالَ الرَّبِيعُ أَوْ حَرَّ الْمَوْتِ مِئَةَ عَامٍ، فَدَعَوْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ سَكَنَ عَنِّي، فَادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُعِيدَنِيَ كَمَا كُنْتُ، فَدَعُوا اللَّهَ فَأَعَادَهُ "

19 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْمَالِينِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بْنُ حَمْدَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا التَّرْجُمَانِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ -[34]- عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ §كَلْبَةً كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُجِحًّا، فَضَافَ أَهْلُهَا ضَيْفًا، فَقَالَتْ: لَا أَنْبَحُ لِضَيْفِنَا ". قَالَ: «فَعَوَى جَرْوُهَا فِي بَطْنِهَا» . قَالَ: «فَسَأَلُوا، فَأُوحِيَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلْبَةِ مِثْلُ قَوْمٍ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَسْتَعْلِي سُفَهَاؤُهَا حُلَمَاءَهَا»

ذكر ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمهاجرة البحر: " حدثوني بأعجب ما رأيتم "

§ذِكْرُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُهَاجِرَةِ الْبَحْرِ: «حَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ»

20 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟» قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهْبَانِيَّتِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، سَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ. قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، ثُمَّ صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْمًا لَا يُؤْخَذُ مِنْ شَدِيدِهِمْ لِضَعِيفِهِمْ؟» رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ

21 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَمِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَتِ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ» . قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ -[36]- اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ، عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةٌ مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ رَجَّعَهَا إِلَى رُكْبَتِهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَتْ، ثُمَّ صَدَقَتْ، §كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ» وَرَوَاهُ بُرَيْدَةُ

22 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ السَّقَطِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْحَبَشَةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ» ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ مِنْ طَعَامٍ، فَمَرَّ فَارِسٌ يَرْكُضُ فَأَذْرَاهُ، فَقَعَدَتْ تَجْمَعُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: وَيْلٌ لَكَ يَوْمَ يَضَعُ اللَّهُ كُرْسِيَّهُ؛ فَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقًا لِقَوْلِهَا: §«لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا تَأْخُذُ لِضَعِيفِهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ»

حديث الحديقة التي سقاها الله عز وجل

§حَدِيثُ الْحَدِيقَةِ الَّتِي سَقَاهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

23 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيرَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَانْتَهَى إِلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا هُوَ فِي أَذْنَابِ شِرَاجٍ، وَإِذَا شَرْاجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَبِعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ. بِالِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِيَ السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ سَأَلْتَنِي عَنِ اسْمِي؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ، يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ بِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَا إِذَا قُلْتَ هَذَا؛ فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثَهُ، وَأَرُدُّ ثُلُثَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ

24 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْكِسَائِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ -[38]-، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §بَيْنَمَا رَجُلٌ فِي فَلَاةٍ إِذْ سَمِعَ رَعْدًا فِي سَحَابٍ، فَسَمِعَ فِيَ السَّحَابِ كَلَامًا: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ إِلَى حَرَّةٍ، فَأَفْرَغَ مَا فِيهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَإِذَا ذَلِكَ الْمَاءُ فِي أَذْنَابِ شِرَاجٍ يَعْنِي سِيُولًا صِغَارًا وَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْهَا قَدِ اسْتَوْعَبَتِ الْمَاءَ قَالَ: فَمَشَى مَعَهَا حَتَّى أَتَى الْحَدِيقَةَ، فَإِذَا الرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فَسَقَاهَا قَالَ: قُلْتُ: مَا اسْمُكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: فُلَانٌ، فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعُ فِي حَدِيقَتِكَ إِذَا صَرَمْتَهَا يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ إِنِّي سَمِعْتُ فِيَ هَذَا السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ بِاسْمِكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَا إِذْ قُلْتُ هَذَا، فَسَأُخْبِرُكَ: إِنِّي إِذَا أَصْرَمْتُهَا جَعَلْتُهَا أَثْلَاثًا أَكَلْتُ أَنَا وَأَهِلِّي ثُلُثًا، وَرَدَدْتُ عَلَيْهَا ثُلُثًا، وَتَصَدَّقْتُ بِثُلُثٍ عَلَى الْمَسَاكِينَ، وَالسَّائِلِينَ، وَابْنِ السَّبِيلِ "

حديث الطير الأكمه

§حَدِيثُ الطَّيْرِ الْأَكْمَهِ

25 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شِعْبٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَعِيَ الطَّهُورُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادِيًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ بِيَدِهِ أَنْ أَقْبِلَ، فَأَتَيْتُهُ قَالَ: «ضَعِ الْمَاءَ وَادْخُلْ» فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِطَائِرٍ أَكَمَهٍ سَاقِطٍ عَلَى شَجَرَةٍ وَهُوَ يَضْرِبُ مِنْقَارَهُ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَدْرِي مَا يَقُولُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ الْعَدْلُ الَّذِي لَا تَجُورُ وَلَا تَخْفَى عَلَيْكَ خَافِيَةٌ، خَلَقْتَنِي وَسَوَّيْتَ خَلْقِي، وَحَجَبْتَ عَنِّي بَصَرِي، اللَّهُمَّ قَدْ جُعْتُ فَأَطْعِمْنِي " قَالَ: فَأَقْبَلَتْ جَرَادَةٌ فَدَخَلَتْ بَيْنَ مِنْقَارِهِ، فَأَطْبَقَ عَلَيْهَا، ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُ بِمِنْقَارِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَدْرِي مَا يَقُولُ؟» قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " يَقُولُ: مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْسَاهُ، وَمَنْ نَسِيَهُ خَاطِئٌ يَائِسٌ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، §الرِّزْقُ أَشَدُّ طَلَبًا لِصَاحِبِهِ مِنْ صَاحِبِهِ لَهُ "

حديث خالد بن سنان

§حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ

26 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْجُرْجَانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ الرَّازِيُّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا جَدِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَارَةَ بْنِ حَزْنِ بْنِ الشَّيْطَانِ، قَالَ: " كَانَتْ لَنَا حَرَّةٌ يُقَالُ لَهَا: حَرَّةُ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَهِيَ نَارٌ تَشْتَعِلُ، وَإِذَا كَانَ النَّهَارُ فَهِيَ دُخَانٌ يَسْطَعُ، وَكَانَتْ طَيِّئٌ تَغْشَى إِبِلَهَا بِضَوْءِ تِلْكَ النَّارِ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِ لَيَالٍ، فَأَتَانَا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ مِنْ مُرَيْطَةَ، فَقَالَ: إِنَّ §اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِي أَنْ أُطْفِيَ عَنْكُمْ هَذِهِ النَّارَ، فَلْيَقُمْ مَعِي مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ، فَقَامَ مَعَهُ عَشْرَةُ رِجَالٍ وَكُنْتُ أَحَدُهُمْ، حَتَّى أَتَى الْقَلِيبَ، فَخَرَجَ مِنْهُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ عَلَيْنَا حَتَّى صِرْنَا فِي مِثْلِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ، فَجَعَلْنَا نَتَّقِيهَا بِالْعَصِيِّ حَتَّى احْتَرَقَتْ، ثُمَّ بِالنِّعَالِ حَتَّى احْتَرَقَتْ، ثُمَّ بِالْعَمَائِمِ حَتَّى احْتَرَقَتْ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا خَالِدُ أَيْ أَهْلَكْتَنَا قَالَ: كَلَّا إِنَّهَا مَأْمُورَةُ، وَإِنِّي مَأْمُورٌ، ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُهَا بِعَصَاهُ وَهُوَ يَقُولُ: بَدًا بَدًا، كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ مُؤَدَّى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْأَعْلَى. فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُهَا حَتَّى رَدَّهَا إِلَى الْقَلِيبِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ خَلْفَهَا وَعَلَيْهِ قَمِيصَانِ لَهُ أَبْيَضَانِ، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، فَقَالَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ: لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا وَقَمِيصَاهُ يَنْطُفَانِ عَرَقًا، وَهُوَ يَقُولُ: بَدًا بَدًا كُلُّ حَقٍّ هُوَ لِلَّهِ مُؤَدًّى أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْأَعْلَى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمُعَزِّيُّ أَنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا قَالَ: فَأَهَلُ ذَلِكَ الْبَيْتِ يُدْعَوْنَ ابْنَ رَاعِيَةِ الْمُعَزِّيَّ إِلَى الْيَوْمِ فَقُلْنَا لَهُ: يَا خَالِدُ، مَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ أُخْرَى تَحُشُّهَا فَشَدَخْتُهُنَّ وَقَدْ طَفَأْتُهَا عَنْكُمْ، وَكَانَتْ تَضُرُّنَا فِي الْكَلَأِ وَالْمَرْعَى "

26 - قَالَ: " وَكَانَ §مِنْ أَعَاجِيبِهِ، أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: امْضُوا مَعِي، فَمَضَيْنَا مَعَهُ، حَتَّى أَتَى مَكَانًا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ: احْفُرُوا فَاحْتَفَرُوا، فَأَبْدَانَا عَنْ -[41]- صَخْرَةٍ فِيهَا كِتَابٌ قَدْ زُبِرَ زَبْرًا وَحُفِرَ حَفْرًا: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَاحْتَمَلْنَاهَا، فَكَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ بِنَا شِدَّةٌ أَبْدَأَنَا عَنْهَا، فَتُكْشَفُ عَنَّا، وَكُنَّا إِذَا قَحَطَ بِنَا الْمَطَرُ جَلَّلَهَا ثَوْبًا ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَيَدْعُو فَتُمْطِرُ، حَتَّى إِذَا رُوِينَا كَشَفَ الثَّوْبَ، فَيُمْسِكُ الْمَطَرُ "

26 - " وَكَانَ مِنْ أَعَاجِيبِهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي حَامِلٌ بِغُلَامٍ وَاسْمُهُ مُرَّةَ، وَهُوَ أُحَيْمِرٌ كَالدُّرَّةِ، وَلَنْ يُصِيبَ الْمَوْلَى مَعَهُ تَضِرَّةٌ، وَلَنْ تَرَوْا مَا دَامَ فِيكُمْ مَعَرَّةً، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي مَيِّتٌ إِلَى سَبْعٍ، فَادْفِنُونِي فِي هَذِهِ الْأَكَمَةِ، ثُمَّ اخْرُجُوا إِلَى قَبْرِي بَعْدَ ثَالِثَةٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْعِيرَ الْأَبْتَرَ يَطُوفُ حَوْلَ قَبْرِي وَيَسُوفُ بِمَنْخَرِهِ فَانْبِشُونِي تَجِدُونِي حَيًّا أُخْبِرْكُمْ بِمَا يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَخَرَجُوا بَعْدَ ثَالِثَةٍ إِلَى قَبْرِهِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالْعِيرِ الْأَبْتَرِ يَطُوفُ حَوْلَ قَبْرِهِ، وَيَسُوفُ بِمَنْخَرِهِ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْبِشَهُ فَمَنَعَنَا قَوْمُهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا نَدَعُكُمُ تَنْبُشُونَهُ فَتُعَيِّرُنَا بِهِ الْعَرَبُ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَتْهُ مُحَيَّاةُ بِنْتُ خَالِدٍ فَانْتَسَبَتْ لَهُ، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: §«بِنْتُ أَخِي نَبِيًّا ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

حديث خالد بن سنان من رواية ابن عباس

§حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ

27 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسَّالُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ جُنَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: " أَنَّ رَجُلًا، مِنْ بَنِي عَبْسٍ، يُقَالُ -[42]- لَهُ: خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ لِقَوْمِهِ: §إِنِّي أُطْفِئُ نَارَ الْحَدَثَانِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، يُقَالُ لَهُ: عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: وَاللَّهِ يَا خَالِدُ، مَا قُلْتَ لَنَا قَطُّ إِلَّا حَقًّا، فَمَا شَأْنُكَ وَنَارُ الْحَدَثَانِ، تَزْعُمُ أَنَّكَ تُطْفِئُهَا؟ فَخَرَجَ خَالِدٌ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ، فِيهِمْ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ، فَخَطَّ لَهُمْ خَالِدٌ خَطًّا، فَأَجْلَسَهُمْ فِيهَا، فَإِذَا هِيَ تَخْرُجُ مِنْ شَقِّ جَبَلٍ فِي حَرَّةٍ، يُقَالُ لَهَا: حَرَّةُ أَشْجَعَ، فَخَرَجَتْ كَأَنَّهَا خَيْلٌ شَقِرٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَاسْتَقْبَلَهَا خَالِدٌ بِعَصَاهُ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا، وَيَقُولُ: بَدًا بَدًا، كُلُّ هُدًى مُؤَدَّى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمُعَزِّيُّ أَنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْهَا، وَثِيَابِي تُبَدَّى، وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ قَالَ لَهُمْ: إِنْ أَبْطَأْتُ عَلَيْكُمْ فَلَا تَدْعُونِي بِاسْمِي، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: إِنَّ صَاحِبَكُمْ وَاللَّهِ إِنْ كَانَ حَيًّا، لَقَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ بَعْدُ فَادْعُوهُ بِاسْمِهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ نَدْعُوَهُ بِاسْمِهِ، فَدَعَوْهُ بِاسْمِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَدْعُونِيَ بِاسْمِي، فَقَدْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُونِي، احْمِلُونِي، فَادْفِنُونِي، فَإِذَا مَرَّتْ عَلَيْكُمُ الْحُمُرُ، فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ، فَانْبِشُونِي، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونِي حَيًّا، فَمَرَّتْ بِهِمُ الْحُمُرُ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ، فَأَرَادُوا نَبْشَهُ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تَنْبُشُوهُ، لَا وَاللَّهِ لَا تُحَدِّثُ مُضَرٌ أَنَّا نَنْبِشُ مَوْتَانَا، وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ قَالَ لَهُمْ: إِنَّ فِي عِلْمِ امْرَأَتِهِ لَوْحَيْنِ، فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ، فَانْظُرُوا فِيهِمَا فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونِي بِمَا تُرِيدُونَ، وَلَا تَمَسَّهَا حَائِضٌ، فَأَتَوُا امْرَأَتَهُ، فَسَأَلُوهَا عَنْهُمَا، فَأَخْرَجَتْهُمَا إِلَيْهِمْ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهِمَا مِنْ عِلْمٍ "

27 - قَالَ أَبُو يُونُسَ: قَالَ سِمَاكٌ،: سُئِلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: §«نَبِيُّ أَضَاعَهُ قَوْمُهُ»

27 - قَالَ أَبُو يُونُسَ: قَالَ سِمَاكٌ: إِنَّ ابْنَ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: §«مَرْحَبًا يَا ابْنَ أَخِي»

حديث قس بن ساعدة وما ظهر من عجائبه

§حَدِيثُ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ وَمَا ظَهْرَ مِنْ عَجَائِبِهِ

28 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الطِّيبِ أَحْمَدُ بْنُ رَوْحٍ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ اللَّخْمِيُّ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§أَفِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟» فَقَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَسْتُ أَنْسَاهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ، وَاقِفٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يُنَادِي، وَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمَعُوا وَاسْتَمِعُوا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ فَعُوا، وَإِذَا وُعِيتُمْ فَانْتَفِعُوا، وَإِذَا انْتَفَعْتُمْ فَقُولُوا، وَإِذَا قُلْتُمْ فَاصْدُقُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، مَطَرٌ، وَنَبَاتٌ، وَأَحْيَاءٌ، وَأَمْوَاتٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ خَبَرًا، وَفِي الْأَرْضِ عِبَرًا يُحَارُ فِيهَا الْبَصَرُ، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، وَمَنَايَا دَوَانٌ، وَدَهْرٌ خَوَّانٌ، كَحَذُونِ الْفَسْطَاسِ، وَوَزْنِ الْقِسْطَاسِ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسْمًا حَقًّا لَا كَاذِبًا فِيهِ، وَلَا إِثْمًا -[44]-، إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا هُوَ أَرْضَى لَهُ مِنَ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ". وَقَالَ: «مَالِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَرَضُوا فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا» ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يَرْوِي لَنَا شِعْرَهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا شَاهِدٌ لَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَيْثُ يَقُولُ [البحر الكامل] فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ ... لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا ... يَمْضِي الْأَصَاغِرُ وَالْأَكَابِرُ لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَمِنَ الْبَاقِينَ غَابِرُ أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ . فَقَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْخٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، طَوِيلُ الْقَامَةِ، عَظِيمُ الْهَامَةِ، ضَخْمُ الدَّسِيعَةِ، جَهْرِيُّ الصَّوْتِ قَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا فَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ عَجَبًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ يَا أَخَا عَبْدِ الْقَيْسِ؟» فَقَالَ: خَرَجْتُ فِي جَاهِلِيَّتِي أَبْتَغِي بَعِيرًا شَرِدَ مِنِّي أَقْفُو أَثَرَهُ، فِي تَنَايُقَ ذَاتِ ضَغَابِيسَ، وَعَرَصَاتٍ حِثْحَاثٍ بَيْنَ صُدُورٍ حِرْعَافٍ، وَعُمَيْرٍ حَرْدَانَ، وَمَهْمَهٍ ظُلْمَانٍ -[45]-، وَرَضِيعٍ أَيْهُقَانَ، فَبَيْنَا أَنَا فِي تِلْكَ الْفَلَوَاتِ أَجُولُ سَبْسَبَهَا، وَأَرْمُقُ فَدْفَدَهَا، إِذَا أَتَاهُ بِهَضَبَةٍ فِي تِشْوَائِهَا أَرَاكُ كَبَاثٍ مُخْضَوْضِلَةٍ بِأَغْصَانِهَا، كَأَنَّ بَرِيرَهَا حَبُّ فُلْفُلٍ مِنْ بَوَاسِقِ أُقْحُوانٍ، وَإِذَا أَنَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ، وَرَوْضَةٍ مُدْهَامَّةٍ، وَشَجَرَةٍ عَادِيَّةٍ، وَإِذَا قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ جَالِسٌ فِي أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا. فَقَالَ: وَأَنْتِ فَنَعُمَ صَبَاحُكَ وَوَرَدَتِ الْعَيْنَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، فَكَانَ كُلَّمَا ذَهَبَ سَبْعٌ مِنَ السِّبَاعِ يَشْرَبُ مِنَ الْعَيْنِ قَبْلَ السَّبُعِ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَهُ، ضَرَبَهُ قُسٌّ بِالْقَضِيبِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَكَ. فَذَعَرْتُ لِذَلِكَ ذُعْرًا شَدِيدًا، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ: لَا تَخَفْ، وَإِذَا قَبْرَانِ، وَبَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ فَقَالَ: هَذَانِ قَبْرَا أَخَوَيْنِ كَانَا لِي، يَعْبُدَانِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ قَبْرَيْهِمَا أَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا، فَقُلْتُ: أَلَا تَلْحَقُ بِقَوْمِكَ، فَتَكُونُ مَعَهُمْ فِي خَيْرِهِمْ، وَتُبَايِنُهُمْ عَلَى شَرِّهِمْ؟ فَقَالَ لِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَوْ مَا عَلِمْتَ أَنَّ وَلَدَ إِسْمَاعِيلَ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِمْ، وَاتَّبَعُوا الْأَضْدَادَ، وَعَظَّمُوا الْأَنْدَادَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَبْرَيْنِ يَبْكِي، وَيَقُولُ: [البحر الطويل] خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا ... أَجِدَكُمَا مَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا -[46]- أَرَى النَّوْمَ بَيْنَ الْعَظْمِ وَالْجِلْدِ مِنْكُمَا ... كَأَنَّ الَّذِي يَسْقِي الْعُقَارَ سَقَاكُمَا أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي بِسَمْعَانَ مُفْرَدٌ ... وَمَا لِي فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا مُقِيمٌ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا ... أَذُوبُ ذَا اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبُ صَدَاكُمَا كَأَنَّكُمَا وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ غَايَةٍ ... بِرُوحِي فِي قَبْرَيْكُمَا قَدْ أَتَاكُمَا أَبْكِيكُمَا طُولَ الْحَيَاةِ، وَمَا الَّذِي ... يَرُدُّ عَلَى ذِي عَبْرَةٍ أَنْ بَكَاكُمَا فَلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسٍ فِدَاءَهَا ... لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ قُسًّا أَمَا إِنَّهُ سَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ»

29 - وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا فَعَلَ حَلِيفٌ لَكُمْ، يُقَالُ لَهُ: قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ". قَالُوا: هَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَتَأَوَّهَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَوْتِهِ تَأَوُّهًا شَدِيدًا، ثُمَّ قَالَ: " كَأَنِّي بِهِ بِالْأَمْسِ فِي سُوقِ عُكَاظٍ، عَلَى جَمَلٍ أَفْرَقُ، فِي إِزَارَيْنِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا، ثُمَّ اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ -[47]- فَاتَ، وَمَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، بِحَارُ لَا تَفُورُ، وَنُجُومٌ لَا تَمُورُ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَمِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَأَحْيَاءٌ وَأَمْوَاتٌ، وَعِظَامٌ وَرُفَاتٌ، وَلَيْلٌ وَنَهَارٌ، وَضِيَاءٌ وَظَلَامٌ، وَمُسِيءٌ وَمُحْسِنٌ، وَغَنِيُّ وَفَقِيرٌ، يَا أَرْبَابَ الْغَفْلَةِ، لِيُصْلِحْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَمَلَهُ، تَعَالَوْا نَعْبُدُ إِلَهًا وَاحِدًا، لَيْسَ بِمَوْلُودٍ وَلَا وَالِدٍ، أَعَادَ وَأَبَادَ، وَغَدًا إِلَيْهِ الْمَعَادُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسْمًا بِاللَّهِ وَمَا أَثِمَ، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ لَيَكُونَنَّ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا، هُوَ أَرْضَى مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، يَا أَهْلَ إِيَادٍ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ، فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْمُقَامِ فَأَقَامُوا أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمِعْتُهُ يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ، وَلِسَانِي لَا يَنْطَلِقُ بِهَا» . فَقَامَ رَإليه رُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا سَمِعْتُهَا مِنْهُ، فَهَلْ عَلَيَّ فِيهِ مِنْ إِثْمٍ إِنْ أَنَا قُلْتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ، فَإِنَّ الشَّعْرَ كَلَامٌ، حَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ» . فَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ [البحر الكامل] فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْتِ ... لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ وَرَأَيْتُ قَقَوْمًا نَحْوَهَا ... يَسْعَى الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي وَلَا ... يَبْقَى عَلَى الْحَدَثَانِ غَابِرُ أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَزِيدُ فِي إِيمَانِ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ؟» فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا نَحْنُ فِي مَلَاعِبِنَا، إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا مِنْ حَرَّةِ الْجَبَلِ، فَرَأَيْتُ طَيْرًا كَثِيرًا، وَوَحْشًا كَثِيرًا فِي بَطْنِ الْوَادِي، وَإِذَا قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ مُؤْتَزِرٌ بِشَمْلَةٍ مُرْتَدٍ بِأُخْرَى، وَبِيَدِهِ هِرَاوَةٌ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَاءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا وَإِلَهِ السَّمَاءِ لَا يَشْرَبُ الْقَوِيُّ قَبْلَ الضَّعِيفِ، بَلْ يَشْرَبُ الضَّعِيفُ قَبْلَ الْقَوِيِّ. فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ -[48]- رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الطَّيْرِ يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَشْرَبَ الضَّعِيفُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الْوَحْشِ يَتَأَخَّرُ حَتَّى يَشْرَبَ الضَّعِيفُ، فَلَمَّا تَتَحَامَى حَوْلَهُ هَبَطْتُ إِلَيْهِ مِنْ ثَنِيَّةِ الْجَبَلِ، فَرَأَيْتُهُ وَاقِفًا بَيْنَ قَبْرَيْنِ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا لِإِلَهِ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: وَهَلْ لِلسَّمَاءِ مِنْ إِلَهٍ سِوَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى؟ فَانْتَفَضَ وَانْتَفَخَ لَوْنُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَخَا إِيَادٍ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ إِلَهًا عَظِيمَ الشَّأْنِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا فَسَوَّاهَا، وَبِالْكَوَاكِبِ زَيَّنَهَا، وَبَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ وَالشَّمْسِ أَشْرَقَهَا، أَظْلَمَ لَيْلَهَا، وَأَضَاءَ نَهَارَهَا؛ لِيُسْلِفَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، لَيْسَ لَهُ كَفَوِيَّةٌ، وَلَا أَيْنِيَّةٌ، وَلَا كَيْمُوسِيَّةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا أَصَبْتَ مَوْضِعًا تَعْبُدُ إِلَهَ السَّمَاءِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَكَانِ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُصِبْ فِي زَمَنِي غَيْرَ صَاحِبَيْ هَذَيْنِ الْقَبْرَيْنِ، وَإِنِّي مُنْتَظِرٌ مَا أَصَابَهُمَا، وَسَيَعُمُّكُمْ حَقُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا هَذَا الْحَقُّ؟ قَالَ: رَجُلٌ أَبْلَجُ أَحْوَرُ، مِنْ وَلَدِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَعْنِي مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَدْعُوكُمْ إِلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَيْشِ الْأَبَدِ، وَنَعِيمٍ لَا يَنْفَدُ فَإِنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَإِنِ اسْتَنْصَرَكُمْ فَانْصُرُوهُ، قَدْ وَصَفَ لِي فِيهِ عَلَامَاتٍ شَتَّى، وَخَلَائِقَ حِسَانًا، قَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْخُذُ عَلَى دَعْوَاهُ أَجْرًا، قُلْتُ: فَمَا لَكَ لَا تَصِيرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: إِنِّي لَا أَعِيشُ إِلَى مَبْعَثِهِ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنِّي أَعِيشُ إِلَى مَبْعَثِهِ، لَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ، فَأَضْرِبُ بِصَفْقَةِ كَفِّي صَفْقَةَ كَفِّهِ، فَأُقِيمُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِحُكْمِ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَسْبُكَ، فَإِنَّ §الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ كَانَ أُمَّةً، يَبْعَثُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ»

30 - وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ -[49]- أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَسَّالُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ وَعَبْدُ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟» قَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَمَا فَعَلَ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §يَرْحَمُ اللَّهُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ مَا أَنْسَاهُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ أَوْرَقَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ عَلَيْهِ حَلَاوَةٌ، وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا، وَاسْمَعُوا، وَاحْفَظُوا، وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، إِنَّ اللَّيْلَ لَيْلٌ دَاجٍ، وَالسَّمَاءُ ذَاتُ الْأَبْرَاجِ، بِحَارٌ تَزْخَرُ، وَنُجُومٌ تَزْهَرُ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَآبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَضَوْءٌ وَظَلَامٌ، وَبِرٌّ وَآثَامٌ، لِبَاسٌ وَمَرْكَبٌ وَمَشْرَبٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ رِضًا، لَيَكُونَنَّ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى الْقَوْمَ يَذْهَبُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ أَرَضُوا بِالْمُقَامِ هُنَالِكَ فَأَقَامُوا أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا ثُمَّ قَالَ: أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بَرًّا، لَا إِثْمَ فِيهِ، مَا لِلَّهِ عَلَى الْأَرْضِ دِينٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينٍ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ، وَأَدْرَكَكُمْ أَوَانُهُ، طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَاتَّبَعَهُ وَوَيْلٌ لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَفَارَقَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ: [البحر الكامل] فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْ ... تِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ -[50]- وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا ... يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرُ أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحْدَهُ» . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ قُسٍّ عَجَبًا قَالَ: «وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ مِنْهُ؟» قَالَ: بَيْنَا أَنَا بِجَبَلٍ فِي نَاحِيَتِنَا يُقَالُ لَهُ سَمْعَانُ، فِي يَوْمٍ قَايِظٍ، شَدِيدِ الْحَرِّ، إِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ عِنْدَهَا عَيْنُ مَاءٍ، وَإِذَا حَوْلَهُ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ، قَدْ وَرَدَتْ، وَهِيَ تَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ، فَإِذَا زَأَرَ سَبُعٌ مِنْهَا عَلَى صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: كُفَّ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي وَرَدَ قَبْلَكَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ السِّبَاعِ هَالَنِي ذَلِكَ، وَدَخَلَنِي رُعْبٌ شَدِيدٌ، فَقَالَ: لَا تَخَفْ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِذَا أَنَا بِقَبْرَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ، فَلَمَّا آنَسْتُ بِهِ، قُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ فَقَالَ: هَذَانِ الْقَبْرَانِ لِأَخَوَيْنِ لِي، كَانَا يَعْبُدَانِ اللَّهَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاتَّخَذْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مَسْجِدًا، أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ، حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَيَامَهُمَا، وَفِعَالَهُمَا، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: [البحر الطويل] خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَ مَا قَدْ رَقَدْتُمَا ... أَجِدَكُمَا لَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي بِسَمْعَانَ مُفْرَدٌ ... وَمَا لِي فِيهِ مِنْ حَبِيبٍ سِوَاكُمَا أُقِيمُ عَلَى قَبْرَيْكُمَا لَسْتُ بَارِحًا ... طُوَالَ اللَّيَالِي أَوْ يُجِيبَ صَدَاكُمَا سَأَبْكِيكُمَا طُولَ الْحَيَاةِ وَمَا الَّذِي ... يَرُدُّ عَلَى ذِي عَوْلَةٍ إِبَكَاكُمَا كَأَنَّكُمَا وَالْمَوْتُ أَقْرَبُ غَايَةٍ ... بِرُوحِي فِي قَبْرَيْكُمَا قَدْ أَتَاكُمَا فَلَوْ جُعِلَتْ نَفْسٌ لِنَفْسٍ وُقَايَةً ... لَجُدْتُ بِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ فِدَاكُمَا 31 - وَرَوَاهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ -[51]- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْبَغَوِيِّ الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ رَبِيعَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ، وَكَانَ نَازِلًا فِيهِمْ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

32 - وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَمْرَكِيُّ بِسَرَخْسَ، حَدَّثَنَا أَبُو لُبَابَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْكَعْبِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§مَا فَعَلَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيُّ؟» قَالُوا: هَلَكَ. قَالَ: «أَمَا إِنِّي رَأَيْتُهُ بِسُوقِ عُكَاظٍ، يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مُعْجِبٍ مَا أُرَانِي أَحْفَظُهُ» . فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَحْفَظُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «هَاتُوا» . فَقَالُوا: إِنَّهُ وَقَفَ بِسُوقِ عُكَاظٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمِعُوا، وَاسْمَعُوا، وَعُوا، كُلُّ مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَكُلُّ مَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، لَيْلٌ دَاجٍ، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَنُجُومٌ تَزْهَرُ، وَبِحَارٌ تَزْخَرُ، وَجِبَالٌ مُرْسَاةٌ، وَأَنْهَارٌ مُجْرَاةٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، إِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، أَرَى النَّاسَ يَذْهَبُونَ فَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْمُقَامِ، فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا فَنَامُوا، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ: يَقْسِمُ قُسٌّ قَسْمًا بِاللَّهِ، لَا إِثْمَ فِيهِ إِنَّ لِلَّهِ دَيْنًا هُوَ أَرْضَى مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: [البحر الكامل] فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرُ لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا لِلْمَوْ ... تِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرُ وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا ... يَمْضِي الْأَكَابِرُ وَالْأَصَاغِرُ -[52]- أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرُ

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

33 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِبْرِيقٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلْقَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ التَّرَاغُمِيُّ،: أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا حِينَ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَجَبًا مَا رَآهُ رَجُلٌ قَبْلِي إِنِّي غَدَوْتُ مِنْ أَهْلِي الْيَوْمَ أُضْحِي غُنَيْمَةً لِي، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا حَمَلًا، فَاتَّبَعْتُهُ أَطْلُبُهُ، أُرِيدُ أَنْ أَسْتَنْفِذَ مِنْهُ حَمَلِي إِنِ اسْتَطَعْتُ، فَلَمَّا أَدْرَكْتُهُ وَضَعَ الْحَمَلَ، وَأَقْبَلَ يُكَلِّمُنِي، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، ارْجِعْ، فَوَاللَّهِ لَا تَسْتَنْقِذُهُ الْيَوْمَ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيَ الْعَجَبِ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّ الذِّئْبَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: بَلْ أُنَبِّئُكَ بِأَعْجَبَ مِنْهُ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَاءَكَ بِالنَّخَلَاتِ، يُحَدِّثُكُمْ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ، فَذَاكَ أَعْجَبُ مِنْ ذِئْبٍ رَزَقَهُ اللَّهُ حَمَلًا فَقَالَ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، مَا جَلَسْتُ مُنْذُ تَكَلَّمَ الذِّئْبُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقْتَ، §يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُحَدِّثَهُ فَخِذُهُ وَعَصَاهُ بِمَا فَعَلَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ، فَهِيَ الْعَجَائِبُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ»

حديث

§حَدِيثٌ

34 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ الْبَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا نَاجِيَةُ، عَنْ جَدِّهِ الْمُنْتَجِعِ، وَكَانَ، مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَكَانَ لَهُ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا ثَلاثَةَ أَحَادِيثَ، قَالَ: -[53]- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا أَصْبَحْتَ فَشَمِّرْ ذَيْلَكَ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ تَلْقَاهُ فَكُلْهُ، وَالثَّانِي فَادْفِنْهُ، وَالثَّالِثُ فَآوِهِ، وَالرَّابِعُ فَأَطْعِمْهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَلِكَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ، شَمَّرَ ذَيْلَهُ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ لَقِيَهُ جَبَلٌ مُنِيفٌ شَامِخٌ فِي الْهَوَاءِ، فَقَالَ: يَا وَيْلَتِي، أُمِرْتُ بِأَكْلِ هَذَا الْجَبَلِ، وَلَسْتُ أُطِيقُهُ، فَتَضَامَرَ لَهُ الْجَبَلُ، حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلِ التَّمْرَةِ الْحُلْوَةِ فَابْتَلَعَهَا، ثُمَّ مَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِطَسْتٍ مُلْقَاةٍ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَاحْتَفَرَ لَهَا قَبْرًا، فَكَانَ كُلَّمَا دَفَنَهَا نَبَتَ عَنِ الأَرْضِ، فَلَمَّا أَعْيَتْهُ تَرَكَهَا وَمَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِحَمَامَةٍ فَصَيَّرَهَا فِي رُدْنِهِ، ثُمَّ مَضَى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا هُوَ بِعُقَابٍ قَدِ انْقَضَّ نَحْوَهُ، يُرِيدُ أَنْ يَنْهَسَ لَحْمَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مُدْيَةً مِنْ خُفِّهِ، يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ، فَيُطْعِمَ الْعُقَابَ، فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ يُنَادِيهِ مِنْ وَرَائِهِ: أَنَا مَلَكُ، بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَيْكَ؛ لِيُنْبِئَكَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ: أَمَّا الْجَبَلُ الْمُنِيفُ الَّذِي أُمِرْتَ بِأَكْلِهِ، فَإِنَّهُ الْغَضَبُ، مَتَى تُهَيِّجُهُ هَاجَ، حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الْجَبَلِ الَّذِي لَمْ تُطِقْ أَكْلَهُ، وَلَمْ تَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، وَإِنْ سَكَّنْتَهُ سَكَنَ حَتَّى يَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ تِلْكَ التَّمْرَةِ الَّتِي اسْتَطَبْتَ طَعْمَهَا، وَحَمِدْتَ عَاقِبَتَهَا، وَأَمَّا الطَّسْتُ الْمُلْقَاةُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَإِنَّهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ، مَنْ عَمِلَ بِخَيْرٍ أَظْهَرَهُ اللَّهُ حَتَّى يَتَحَدَّثَ بِهِ النَّاسُ وَيَزِيدُونَ، وَمَنْ عَمِلَ بِشَرٍّ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، حَتَّى يَتَحَدَّثَ بِهَا النَّاسُ، وَيَزِيدُونَ، وَأَمَّا الْحَمَامَةُ الَّتِي أُمِرْتَ بِإِيوَائِهَا، فَهِيَ الرَّحْمَةُ، فَصِلْ رَحِمَكَ، وَإِنْ قَطَعُوكَ، قَرُبُوا مِنْكَ أَوْ بَعُدُوا، وَأَمَّا الْعُقَابُ الَّذِي أُمِرْتَ بِإِطْعَامِهِ، فَإِنَّهُ الْمَعْرُوفُ، فَضَعْهُ فِي أَهْلِهِ، وَفِي غَيْرِ أَهْلِهِ، وَاصْطَنِعْهُ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، يَلْقَاكَ نَيْلُهُ وَإِنْ طَالَ أَمَدُهُ " هَذَا حَدِيثٌ لا أَعْلَمُ لَهُ رَاوِيًا غَيْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ، -[54]- وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: وَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ: «أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَشْعَيَائِيلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»

حديث

§حَدِيثٌ

35 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ، أَنَّ أَبَا سَلْمَى الْقِتْبَانِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ §ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَرَجُوا يَرْتَادُونَ لِأَهْلِيهِمْ، فَأَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَآوَوْا تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالُوا: لَا يُنْجِيكُمُ مِنْ هَذَا إِلَّا الصِّدْقُ، فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَفْضَلِ عَمِلٍ عَمِلَهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، فَأَرَدْتُهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ عَلَيَّ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَتْهَا سَنَةٌ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا أَنْ أُعْطِيَهَا مِئَةَ دِينَارٍ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمَّا كُنْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، أَخَذَتْهَا رِعْدَةٌ، قُلْتُ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، قَالَ: فَتَرَكْتُهَا، وَتَرَكَتْ لَهَا الْمِئَةَ دِينَارٍ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا ابْتِغَاءَ رِضَاكَ، وَاتِّقَاءَ سَخَطِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ حَتَّى رَأَوْا مِنْهَا الضَّوْءَ، ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ، إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكَانَتْ لِي غَنَمٌ أَرْعَاهَا عَلَيْهِمَا، فَكُنْتُ إِذَا رُحْتُ بِهَا، جِئْتُهُمَا فَبَدَأْتُ بِهِمَا قَبْلَ وَلَدِي وَأَهِلِّي، فَنَأَ بِيَ الشَّجَرُ يَوْمًا، فَجِئْتُ وَقَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ بِالْإِنَاءِ إِلَيْهِمَا، فَوَقَفْتُ عَلَيْهِمَا، وَهُمَا نَائِمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَبْدَأَ بِصِبْيَتِي قَبْلَهُمَا، فَلَمْ أَزَلْ وَاقِفًا عَلَيْهِمَا حَتَّى انْفَجَرَ الْفَجْرُ، اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي صَنَعْتُ هَذَا ابْتِغَاءَ رِضَاكَ، وَاتِّقَاءَ سَخَطِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْصَدَعَتِ الصَّخْرَةُ صَدْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثُ: كُنْتُ فِي غَنَمٍ أَرْعَاهَا، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَقُمْتُ أُصَلِّي، فَجَاءَ الذِّئْبُ، فَدَخَلَ فِي الْغَنَمِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْطَعَ صَلَاتِي، فَصَبَرْتُ حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، وَاتِّقَاءَ سَخَطِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، قَالَ: فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ. قَالَ عُقْبَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَحْكِيهَا حِينَ انْفَرَجَتْ قَالَتْ: طَاقْ -[55]-، فَخَرَجُوا مِنْهَا "

36 - وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ الْعُمَرِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنَ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ فَرَقِ الْأَرُزِّ، فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا كَانَ صَاحِبُ فَرْقِ الْأَرُزِّ؟ قَالَ: " §خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ، فَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ، فَجَاءَتْ صَخْرَةٌ، فَطَبَّقَتْ عَلَيْهِمْ بَابَ الْغَارِ، فَعَالَجُوهَا، فَإِذَا صَخْرَةٌ مُمْتَنِعَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَقَعْنَا فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ يَا قَوْمُ، تَعَالَوْا، فَلْيَدْعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِأَحْسَنِ مَا كَانَ يَعْمَلُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُنْجِينَا فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَحْلُبُ حِلَابَهُمَا، فَأَجِيءُ بِهِ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمَتِهِمَا، أَوْ أَبْدَأَ بِأَحَدٍ قَبْلَهُمَا، وَصِبْيَتِي يَتَضَاغَوْنَ حَوْلِي، فَأَكُونُ كَذَلِكَ حَتَّى يَسْطَعَ عَمُودُ الصُّبْحِ، فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، قَالَ: وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فِيهِ الرُّوحُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، فَسُمْتُهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، دُونَ مِئَةِ دِينَارٍ، فَجَمَعْتُهَا، ثُمَّ جَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ، فَقَالَتِ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَافْرِجْ عَنَّا، فَرَاثَتِ الصَّخْرَةُ حَتَّى بَدَتْ لَهُمُ السَّمَاءُ، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ -[56]-، إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ أَرُزٍّ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَسَاءِ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَجْرَهُ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَانْطَلَقَ وَتَرَكَنِي، فَخَرَجْتُ، فَاتَّجَرْتُ فِي أَجْرِهِ حَتَّى اشْتَرَيْتُ لَهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، فَلَقِيَنِي بَعْدَ حِينٍ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَأَعْطِنِي أَجْرِي، فَقُلْتُ: خُذْ هَذَا الْبَقَرَ وَرَاعِيهَا، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَعْطِنِيهِ، وَلَا تَسْخَرْ بِي، فَقُلْتُ: لَسْتُ أَسْخَرُ بِكَ، إِنَّمَا هِيَ أَجْرُكَ، فَانْطَلَقَ، فَاسْتَقْهَا، وَرَاعِيهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَتَدَحْرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ " 37 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ فَرَقِ الْأَرُزِّ، فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ» . فَذَكَرَ مِثْلَهُ

38 - وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ رُسْتُمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مِهْرَانَ الدِّبَاغُ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §بَيْنَمَا نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ، يَمْشُونَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَآوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ فِي غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا لِلَّهِ صَالِحَةً، فَادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ -[57]- إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوْانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي وَصِبْيَةٌ صِغَارٌ، فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ فَحَلَبْتُ، بَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَأَنَّهُ نَأَى الشَّجَرُ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَهُمْ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً، فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، فَأَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا مِئَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِئَةً، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ، وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا، فَلَمَّا قَضَى عَمَلُهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَتَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ لَهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، فَرَعِيتُهَا لَهُ، فَجَاءَنِي، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَظْلِمْنِي، وَأَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا فَخُذْهُ، فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا بَقِيَ فَفَرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَخَرَجُوا "

39 - وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ -[58]-، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ إِذْ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ، فَآوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ فِي غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا، لَعَلَّهُ أَنْ يَفْرُجُهَا، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي، وَلِي صُبَيَّةٌ صِغَارٌ، فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ، وَكُنْتُ أَبْدَأُ بِالْوَالِدَيْنِ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، فَلَمْ آتِهِمَا حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ مِنْهَا فُرْجَةً، فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ، فَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِئَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا -[59]- تَفْضُضِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ لَنَا مِنْهُ فُرْجَةً، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً، وَقَالَ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلُهُ قَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرْقَهُ، فَتَرَكَهُ، وَرَغِبَ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، فَجَاءَنِي، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَظْلِمْنِي، أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَخُذْهَا قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، لَا تَهْزَأْ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ، فَخُذْ تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَأَخَذَهَا، فَذَهَبَ بِهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْهَا فَفَرَجَهَا عَنْهُمْ " وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ 40 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، يَرْتَادُونَ لِأَهَالِيهِمْ، فَأَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ» -[60]-. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ 40 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِيُّ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ يَرْتَادُونَ لِأَهْلِيهِمْ»

42 - وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، يَرْتَادُونَ لِأَهْلِيهِمْ فَأَصَابَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَجَاءُوا إِلَى جَبَلٍ، فَوَقَعَ عَلَيْهِمُ الْحَجَرُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ عَفَا الْأَثَرُ، وَوَقَعَ الْحَجَرُ، وَلَا يَعْلَمُ مَكَانَكُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَادْعُوا اللَّهَ بِأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ فَكُنْتُ أَحْلُبُ لَهُمَا فِي إِنَائِهِمَا، فَإِذَا أَتَيْتَهُمَا وَهُمَا نَائِمَانِ، فَقُمْتُ قَائِمًا حَتَّى يَسْتَيْقِظَانِ مَتَى اسْتَيْقَظَا، وَكَرِهْتُ أَنْ تَدُورَ سِنَتُهُمَا فِي رُءُوسِهِمَا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَا شَرِبَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا قَالَ: فَزَالَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَقَالَ الْآخِرُ: اللَّهُمَّ إِنَّ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُعْجِبُنِي، فَأَبَتْ أَنْ تُمَكِّنِّي مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى جَعَلْتُ لَهَا جُعْلًا، فَلَمَّا أَخَذْتُهَا وَفَّرْتُ لَهَا نَفْسَهَا، وَجُعْلَهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ خَشْيَةَ عَذَابِكَ، وَرَجَاءَ رَحْمَتِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا، فَزَالَ ثُلُثٌ آخَرُ، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا يَعْمَلُ لِي يَوْمًا، فَعَمِلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَعْطَيْتُهُ أَجْرَهُ، فَسَخَطَهُ، فَلَمْ يَأْخُذْهُ، فَأَخَذْتُ -[61]- أَجْرَهُ، فَوَفَّرْتُ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ، ثُمَّ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَقُلْتُ: خُذْ هَذَا كُلَّهُ، وَلَوْ شِئْتُ لَمْ أَعْطِهِ إِلَّا أَجْرَهُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ، وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا، فَزَالَ الثُّلُثُ الْآخَرُ، وَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ " لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ

43 - وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ بُنْدَارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا حَنَشُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §انْطَلَقَ قَوْمٌ إِلَى حَاجَةٍ لَهُمْ، فَآوَوْا إِلَى كَهْفٍ، فَسَقَطَ عَلَيْهِمُ الْكَهْفُ، فَقَالُوا: يَا هَؤُلَاءِ، اتَّقُوا رَبَّكُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِكُمْ "

44 - وَرَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِلَفْظٍ آخَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الرَّقِيمَ، قَالَ: " هُمْ §ثَلَاثَةُ نَفَرٍ كَانُوا فِي كَهْفٍ، فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ، فَأُوصِدَ -[62]- عَلَيْهِمْ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: تَذَكُّرُوا أَيُّكُمْ عَمِلَ حَسَنَةً، لَعَلَّ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ أَنْ يَرْحَمَنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً، كَانَ لِي أُجَرَاءٌ يَعْمَلُونَ، فَجَاءَنِي عُمَّالٌ لِي، فَاسْتَأْجَرْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَطَ النَّهَارِ، فَاسْتَأْجَرْتُهُ بِشَطْرِ أَصْحَابِهِ، فَعَمِلَ فِي بَقِيَّةِ نَهَارِهِ كَمَا عَمِلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي نَهَارِهِ كُلِّهُ، فَرَأَيْتُ عَلَيَّ فِي الذِّمَامِ أَنْ لَا أُنْقِصَهُ مِمَّا اسْتَأْجَرْتُ بِهِ أَصْحَابَهُ؛ لِمَا جَهَدَهُ فِي عَمَلِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَتُعْطِي هَذَا مِثْلَمَا أَعْطَيْتَنِي، وَلَمْ يَعْمَلْ إِلَّا نِصْفَ نَهَارٍ؟ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَنْ أَبْخَسَكَ شَيْئًا مِنْ شَرْطِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أَحْكُمُ فِيهِ بِمَا شِئْتُ، قَالَ: فَغَضِبَ، وَذَهَبَ، وَتَرَكَ أَجْرَهُ قَالَ: فَوَضَعْتُ حَقَّهُ فِي جَانِبٍ مِنَ الْبَيْتِ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَّتْ بِي بَعْدَ ذَلِكَ بَقَرٌ، فَاشْتَرَيْتُ بِهِ فَصِيلَةً مِنَ الْبَقَرِ، فَبَلَغَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَمَرَّ بِي بَعْدَ حِينٍ شَيْخٌ كَانَ ضَعِيفًا لَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ: إِنَّ لِي عِنْدَكَ حَقًّا فَذَكَّرَنِيهِ، حَتَّى عَرَفْتَهُ، فَقُلْتُ: إِيَّاكَ أَبْغِي، هَذَا حَقُّكَ، فَعَرَضْتُهَا عَلَيْهِ جَمِيعَهَا، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْخَرْ بِي، إِنْ لَمْ تَتَصَدَّقْ عَلَيَّ، فَأَعْطِنِي حَقِّي، قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَسْخَرُ بِكَ، إِنَّهَا لَحَقُّكَ، مَا لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا قَالَ: فَانْصَدَعَ الْجَبَلُ حَتَّى رَأَوْا مِنْهُ وَأَبْصَرُوا قَالَ الْآخَرُ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً، كَانَ لِي فَضْلٌ، فَأَصَابَتِ النَّاسَ شِدَّةٌ، فَجَاءَتْنِي امْرَأَةٌ تَطْلُبُ مِنِّي مَعْرُوفًا، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَذَهَبَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَذَكَّرَتْنِي بِاللَّهِ، فَأَبَيْتُ عَلَيْهَا، وَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ، فَأَبَتْ عَلَيْهِ، وَذَهَبَتْ، فَذَكَرَتْ لِزَوْجِهَا، فَقَالَ لَهَا: أَعْطِيهِ نَفْسَكِ، وَأَغْنِي عِيَالَكِ، فَرَجَعَتْ إِلَيَّ، فَنَاشَدَتْنِي بِاللَّهِ، فَأَبَيْتُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ دُونَ نَفْسِكِ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَسْلَمَتْ إِلَيَّ نَفْسَهَا، فَلَمَّا تَكَشَّفْتُهَا، وَهَمَمْتُ لَهَا، ارْتَعَدَتْ مِنْ تَحْتِي، فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، قُلْتُ لَهَا: خِفْتِيهِ فِي الشِّدَّةِ، وَلَمْ أَخَفْهُ فِي الرَّخَاءِ فَتَرَكْتُهَا، وَأَعْطَيْتُهَا مَا يَحِقُّ عَلَيَّ بِمَا تَكَشَّفْتُهَا، اللَّهُمَّ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا قَالَ: فَانْصَدَعَ حَتَّى عَرَفُوا، وَتَبَيَّنَ لَهُمْ قَالَ الْآخَرُ: قَدْ عَمِلْتُ حَسَنَةً مَرَّةً، كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكَانَتْ لِي غَنَمٌ، فَكُنْتُ أَطْعِمُ أَبَوَيَّ وَأَسْقِيهِمَا، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى غَنَمِي قَالَ: فَأَصَابَنِي يَوْمًا غَيْثٌ حَبَسَنِي، فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي، فَأَخَذْتُ مِحْلَبِي، فَحَلَبْتُ وَغَنَمِي قَائِمَةٌ، فَمَضَيْتُ إِلَى أَبَوَيَّ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَشَقَّ عَلَيَّ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَشَقُّ عَلَيَّ أَنْ أَتْرُكَ غَنَمِي، فَمَا بَرِحْتُ جَالِسًا، وَمِحْلَبِي عَلَى يَدِي حَتَّى أَيْقَظَهُمَا الصُّبْحُ، فَسَقَيْتُهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتُ -[63]- لِوَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا ". قَالَ النُّعْمَانُ: لَكَأَنِّي أَسْمَعُ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجَبَلُ طَاقْ، فَفَرَجَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَنْهُمْ، فَخَرَجُوا» 45 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنِ حُمَيْدٍ، ح وَأَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّوْزَنِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ

46 - وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَرَابِيسِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ بْنِ الْعُرْيَانِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §كَانَ ثَلَاثَةٌ يَمْشُونَ فِي غِبِّ سَمَاءٍ، إِذْ مَرُّوا بِغَارٍ، فَقَالُوا: لَوْ أَوَيْتُمْ إِلَى هَذَا الْغَارِ فَآوَوْا إِلَى الْغَارِ، فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّكُمْ لَنْ تَجِدُوا شَيْئًا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَدْعُوَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِخَيْرِ عَمَلٍ عَمِلَهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ كُنْتُ رَجُلًا زَرَّاعًا، وَكَانَ لِي أُجَرَاءٌ، وَكَانَ رَجُلٌ يَعْمَلُ بِعَمَلِ رَجُلَيْنِ، فَأَعْطَيْتُهُ أَجْرَهُ كَمَا أَعْطَيْتُهُ الْأُجَرَاءَ، فَقَالَ: أَعْمَلُ بِعَمَلِ رَجُلَيْنِ، فَتُعْطِينِي أَجْرَ رَجُلٍ، فَغَضِبَ، فَانْطَلَقَ، وَتَرَكَ أَجْرَهُ عِنْدِي، فَبَذَرْتُهُ عَلَى حِدَةٍ، فَأَضْعَفَ، ثُمَّ بَذَرْتُهُ عَلَى حِدَةٍ، فَأَضْعَفَ حَتَّى كَثُرَ الطَّعَامُ، فَصَارَ كِدَاسًا " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ 47 - وَأَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، مِثْلَهُ

48 - وَرَوَاهُ خِلَاسٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفًا، قَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ خِلَاسًا، يَقُولُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §ذَهَبَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ رَادَةً لِأَهْلِيهِمْ، فَأَخَذَهُمْ مَطَرٌ، فَلَجَؤُوا إِلَى غَارٍ، فَوَقَعَ عَلَى فَمِ الْغَارِ حَجَرٌ، فَسَدَّ عَلَيْهِمْ فَمَ الْغَارِ، وَوَقَعَ مُتَجَافٍ عَنْهُمْ قَالَ: فَقَالَ النَّفْرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَقَعَ الْمَطَرُ، وَعَفَّ الْأَثَرُ، وَوَقَعَ الْحَجَرُ، وَلَا يَعْلَمُ بِمَكَانِكُمُ الْآنَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَتَعَالُوا فَلْيَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَوْثَقِ عَمَلٍ عَمِلَهُ قَطُّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَسَى أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ قَالَ: قَالُوا: خُذْ يَا فُلَانُ , قَالَ أحَدُهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ بَرًّا بِوَالِدَيَّ، وَإِنِّي أَرَحْتُ غَنَمِي لَيْلَةً، وَكُنْتُ أَحْلُبُ لِأَبَوَيَّ، فَآتِيهُمَا وَهُمَا مُضْطَجِعَانِ عَلَى فِرَاشِهِمَا حَتَّى أَسْقِيهِمَا بِيَدِي، وَإِنِّي أَتَيْتَهُمَا لَيْلَةً مِنْ تِيكَ اللَّيَالِي، وَجِئْتُ بِشَرَابِهِمَا، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، وَإِنِّي جَعَلْتُ أَرْغَبُ لَهُمَا فِي نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَرْجِعَ بِالشَّرَابِ، فَيَسْتَيْقِظَا وَلَا يَجِدَانِي عِنْدَهُمَا، فَقُمْتُ مَكَانِي قَائِمًا عَلَى رُؤوسِهِمَا لِذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْصَدَعَ الْحَجَرُ، قَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَحْبَبْتُ ابْنَةَ عَمٍّ لِي حُبًّا شَدِيدًا، وَإِنِّي طَلَبْتُهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّهُمْ مَنَعُونِيهَا، وَإِنِّي لَمْ أَزَلْ عَنْهَا حَتَّى جَعَلْتُ لَهَا مَا رَضِيَتْ بِهِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، ثُمَّ دَعَوْتُهَا، فَخَلَوْتُ بِهَا، فَقَعَدْتُ مِنْهَا مَقْعَدَ الرَّجُلِ مِنَ الْمَرْأَةِ، فَقَالَتْ لِي: لَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ قَالَ: فَانْقَبَضْتُ إِلَى نَفْسِي، وَوَفَّرْتُ جُعْلَهَا وَنَفْسَهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، قَالَ: فَازْدَادَ الْحَجَرُ انْفِرَاجًا. قَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي عَمِلَ لِي عَامَلٌ عَلَى صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، فَانْطَلَقَ الْعَامِلُ، وَلَمْ يَأْخُذْ صَاعَهُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيَّ طَوِيلًا مِنَ الدَّهْرِ، وَإِنِّي عَمَدْتُ إِلَى صَاعِهِ فَحَرَثْتُهُ، فَزَكَى، فَمَازِلْتُ أَحْرُثُهُ وَيَزْكُوا حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ الصَّاعِ بَقَرٌ كَثِيرٌ، وَشَاءٌ كَثِيرٌ، وَمَالٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّ -[65]- ذَلِكَ الْعَامِلَ أَتَانِي بَعْدَ زَمَانٍ يَطْلُبُ الصَّاعَ مِنَ الطَّعَامِ، وَإِنِّي قُلْتُ لَهُ: إِنَّ صَاعَكَ ذَاكَ مِنَ الطَّعَامِ، قَدْ صَارَ مَالًا كَثِيرًا، وَشَاءً كَثِيرًا، وَبَقَرًا، فَخُذْهَا، كله، فَإِنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الصَّاعِ قَالَ: أَتَسْخَرُ؟ قُلْتُ لَهُ: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّهُ الْحَقُّ قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِ يَسُوقُ ذَلِكَ الْمَالَ أَجْمَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا، فَانْفَلَقَ الْحَجَرُ، فَوَقَعَ، فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ "

حديث جريج

§حَدِيثُ جُرَيْجٍ

49 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §مَا تَكَلَّمَ مَوْلُودٌ فِي صِغَرِهِ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ، كَانَ جُرَيْجٌ الرَّاهِبُ يُصَلِّي فِي صَوْمَعَتِهِ، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أُمِّي وَصَلَاتِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، قَالَ: أُمِّي وَصَلَاتِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، قَالَ: أُمِّي وَصَلَاتِي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي وَجْهِ الْمُومِسَاتِ قَالَ: وَكَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِي بَقَرٍ وَإِبِلٍ، وَكَانَتْ تَخْرُجُ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ، فَيَفْجُرُ، فَحَمَلَتْ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَسُئِلَتْ مِمَّنْ حَمَلْتِ؟ فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَاهْدِمُوهَا، فَلَمْ يَعْلَمْ، حَتَّى جِيءَ، فَأُخِذَ، فَجُمِعَتْ يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ الْمُومِسَاتُ صُفِفْنَ لَهُ عَلَى طَرِيقِهِ، يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُنَّ تَبَسَّمَ، فَلَمَّا أَتَى الْمَلِكَ قَالَ: أَنْتَ جُرَيْجٌ الرَّاهِبُ، يَأْتِيكَ النَّاسُ يَسْأَلُونَكَ، فَتُفْتِيهُمْ، وَأَنْتَ تَعْمَلُ بِالْفُجُورِ قَالَ: مَنْ يَقُولُ ذَاكَ؟ قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ، قَالَ: ائْتُونِي بِابْنِهَا، فَأُتِيَ بِهِ، فَأَخَذَهُ، فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، وَقَالَ: يَا صَبِيُّ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: رَاعِي الْبَقَرِ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ تَبَسُّمَكَ حِينَ مَرَرْتَ بِالْمُومِسَاتِ؟ قَالَ: ذَكَرْتُ دَعْوَةَ أُمِّي فَتَبَسَّمْتُ. قَالَ: تُرِيدُ أَنْ نَجْعَلَ إسْطُوَانَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: مِنْ فِضَّةٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَنْ تُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ. قَالَ: فَمَا تَكَلَّمَ مَوْلُودٌ فِي -[66]- صِغَرِهِ إِلَّا عِيسَى وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ "

50 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَ §رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تَاجِرًا، فَكَانَ يَنْقُصُ مَرَّةً، وَيَزِيدُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: مَا لِي فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ مِنْ خَيْرٍ، لَأَلْتَمِسُ تِجَارَةً لَا نُقْصَانُ فِيهَا، فَأَتَى صَوْمَعَةً، فَتَرَهَّبَ فِيهَا، فَكَانَ اسْمَهُ جُرَيْجٌ، فَكَانَ يُرِيحُ إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِي ضَأْنٍ، وَرَاعِيَةُ مِعْزَى قَالَ: وَإِنَّ أُمَّ جُرَيْجٍ أَتَتْهُ يَوْمًا، فَصَرَخَتْ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: جُرَيْجُ، فَقَالَ جُرَيْجٌ: أُمِّي وَالصَّلَاةَ، ثُمَّ قَالَتْ: جُرَيْجُ، فَلَمْ يُجِبْهَا، فَقَالَ: أُمِّي وَالصَّلَاةَ قَالَ: فَذَهَبَتْ، ثُمَّ أَتَتْهُ يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَتْ: جُرَيْجُ، فَقَالَ: أُمِّي وَالصَّلَاةَ، فَلَمْ يُجِبْهَا، فَقَالَ: أُمِّي وَالصَّلَاةَ. قَالَ: فَذَهَبَتْ أُمُّهُ، وَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ جُرَيْجًا حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمَيَامِيسِ قَالَ: وَوَقَعَ صَاحِبُ الضَّأْنِ عَلَى صَاحِبَةِ الْمِعْزَى، فَأَحْبَلَهَا، فَقِيلَ لَهَا حِينَ وَلَدَتْ: وَيْحَكِ، مِمَّنْ وَلَدْتِ؟ فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ قَالَ: فَذَهَبُوا إِلَى الْمَلِكِ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: أَنْزِلُوهُ، وَائْتُونِي بِهِ، وَكَسَّرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا جُرَيْجُ كُنَّا نَرَاكَ خَيْرَ النَّاسِ، فَاحْتَبَلْتَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، اذْهَبُوا بِهِ، وَاصْلُبُوهُ. قَالَ: فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى أُنْشِئَ، وَبَرَزَ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ ابْنِي، أَرُونِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ: فَأُتِيَ بِالْمَرْأَةِ، وَالصَّبِيِّ، فَمُهُ فِي ثَدْيِهَا، فَقَالَ جُرَيْجٌ: يَا غُلَامُ، مَنْ أَبُوكَ؟ فَقَالَ الْغُلَامُ، وَنَزَعَ فَمَهُ مِنَ الثَّدْيِ: أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ قَالَ: فَسَبَّحَ النَّاسُ، وَعَجَبُوا، قَالَ: فَضَحِكَ، فَذَهَبُوا إِلَى الْمَلِكِ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: رُدُّوهُ، فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: يَا جُرَيْجَ، فَلْنَصْنَعْهَا لَكَ كَيْفَ شِئْتَ، وَاللَّهِ لَئِنْ شِئْتَ لَنَبْنِيهَا لَكَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، قَالَ: بَلْ رُدُّوهَا كَمَا كَانَتْ. قَالَ: فَرَدُّوهَا، وَرَجَعَ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: بِاللَّهِ، مِمَّ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: مَا -[67]- ضَحِكْتُ إِلَّا مِنْ دَعْوَةٍ دَعَتْهَا أُمِّي عَلَيَّ "

51 - وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: نَزَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، فَاحْتَبَسَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: عَشَّيْتُمْ ضَيْفَكُمْ؟ قَالُوا: انْتَظَرْنَاكَ، قَالَ: شَغَلَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قُلْتُ: وَمَا حَدَّثَكَ أَبُو هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ §رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ، وَكَانَ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَكَانَتْ رَاعِيَةٌ تَأْوِي إِلَيْهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَأْتِيهِ فِي الْأَيَّامِ، فَإِذَا سَمِعَ صَوْتَهَا قَطَعَ صَلَاتَهُ، وَكَلَّمَهَا، فَجَاءَتْهُ مَرَّةً فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلَاتِي وَوَالِدَتِي، فَلَمْ يُجِبْهَا، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ صَوْتِي، ثُمَّ لَا يُجِيبَنِي فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي أَعْيُنِ الْمُومِسَاتِ، يَعْنِي الزَّوَانِي، وَكَانَ فِي قَوْمٍ يُنْكِرُونَ الزِّنَا، فَحَمَلَتِ الرَّاعِيَةُ، فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ وَلَدْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ، فَأَتَاهُ قَوْمُهُ، فَدَعَوْهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلَاتِي وَقَوْمِي، فَجَعَلَ لَا يُجِيبُهُمْ، فَلَمْ يَدَعُوهُ حَتَّى اسْتَنْزَلُوهُ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ تَزْعُمُ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْكَ؟ قَالَ: فَضَحِكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ مَشَى قِبَلَ الصَّبِيِّ، فَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَهُ، فقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، كَانَ يَأْوِي اللَّيْلَ إِلَى الدَّيْرِ مَعَهَا، فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ: إِنْ شِئْتَ بَنَيْنَاهَا لَكَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ، قِيلَ: فَمِمَّ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: ضَحِكْتُ أَنَّ وَالِدَتِيَ دَعَتِ اللَّهَ أَنْ لَا يُمِيتَنِي حَتَّى أَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ ". قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ دَعَتْ أَنْ يُخْزِيَهُ لَأَخْزَاهُ، وَلَكِنْ دَعَتْ أَنْ يَنْظُرَ، فَنَظَرَ»

52 - وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْكَرَابِيسِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْرَوَيْهِ، بِهَرَاةَ -[68]-، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، اتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا -[69]-، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ، فَاسْتَنْزَلُوهُ، وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ , قَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ غُلَامًا، قَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ قَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ، فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: بِاللَّهِ يَا غُلَامُ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: لَا، أَعِيدُوهَا كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا وَبَيْنَمَا صَبِيُّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ، وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الثَّدْيَ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ، فَجَعَلَ يَرْضَعُ ". قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا قَالَ: " فَمَرَّ بِجَارِيَةٍ، وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا، وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ وَسَرَقْتِ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِي اللَّهَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَ: فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ، وَنَظَرَ إِلَيْهَا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، وَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ: خَالَفْتَنِي مِنْ رَجُلٍ حَسَنِ الشَّارَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، فَمَرَرْنَا بِهَذِهِ، وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا، وَيَقُولُونَ: سَرَقَتْ، زَنَيَتْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا "

53 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِمِصْرَ، أَنَّ أَبَا الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[70]- قَالَ: " §نَادَتِ امْرَأَةٌ ابْنَهَا، وَهُوَ فِي صَوْمَعَةٍ، فَقَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، فَقَالَ أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، قَالَ: أُمِّي وَصَلَاتِي، قَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ جُرَيْجًا حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمَيَامِيسِ، وَكَانَتْ تَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِيَةٌ تَرْعَى الْغَنَمَ، فَوَلَدَتْ، فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ هَذَا الْوَلَدُ؟ قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَأُنْزِلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ، قَالَ جُرَيْجٌ: أَيْنَ هَذِهِ الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي؟ يَا أَبَا بُؤْسٍ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: رَاعِي الْغَنَمِ " 54 - قَالَ: وَأَخْبَرَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

55 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَشِيرٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " أَهْدَتِ امْرَأَةٌ قَدَرَةً مِنْ لَحْمٍ وَرَغِيفًا، وَقَالَتْ: هَذِهِ لَيْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَطِّيهِ عِنْدَكِ، يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ، وَهَذَا اللَّحْمَ، فَقُلْتُ: يَا فُلَانَةُ: غَطِّي هَذِهِ الْقَدَرَةَ اللَّحْمَ وَالرَّغِيفِ. قَالَتْ: فَغَطَّيْتُهُ، وَجَاءَ سَائِلٌ، فَقُلْتُ يَرْزُقُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا ذَهَبَ السَّائِلُ، قُلْتُ: يَا فُلَانَةُ، أَخْرِجِي تِلْكَ الْقَصْعَةَ، وَمَا فِيهَا قَالَ: فَجَاءَتْ بِالْقَصْعَةِ، فَإِذَا فِيهَا حَجَرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا؟» ، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كَانَتْ لَقَدَرَةً مِنْ لَحْمٍ وَرَغِيفًا بَعَثَتْ بِهِ فُلَانَةُ قَالَ: «جَاءَكُمْ سَائِلٌ فَرَدَتْمُوهُ، وَلَمْ تَطْعَمُوهُ؟» ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «§لَا تَرُدُّوا السَّائِلَ، وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ»

56 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ -[71]- حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَادَتْهُ، فَقَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، أَيْ بُنَيَّ، أَشْرِفْ عَلَيَّ أُكَلِّمْكَ، أَنَا أُمُّكَ، أَشْرِفْ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ صَلَاتِي وَأُمِّي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، ثُمَّ عَادَتْ، فَنَادَتْهُ مِرَارًا، فَقَالَتْ: أَيْ جُرَيْجُ، أَيْ بُنَيَّ، أَشْرِفْ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ صَلَاتِي وَأُمِّي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تَرَاهُ الْمُومِسَةُ، وَكَانَتْ رَاعِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِأَهْلِهَا، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى ظِلِّ صَوْمَعَتِهِ، فَأَصَابَتْ فَاحِشَةً، فَحَمَلَتْ، فَأُخِذَتْ، وَكَانَ مَنْ زَنَى مِنْهُمْ قُتِلَ، فَقَالُوا: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ صَاحِبِ الصَّوْمَعَةِ، فَجَاءُوا بِالْفُؤُوسِ وَالْمُرُّورِ، فَقَالُوا: أَيْ جُرَيْجُ، أَيْ مُرَائِي، انْزِلْ، فَأَبَى، وَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ يُصَلِّي، فَأَخَذُوا فِي هَدْمِ صَوْمَعَتِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ، فَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ وَعُنُقِهَا حَبْلًا، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا فِي السِّكَكِ، فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى بَطْنِهَا، فَقَالَ: أَيْ غُلَامُ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَبِي فُلَانٌ رَاعِي الضَّأْنِ، فَقَالُوا: إِنْ شِئْتَ بَنَيْنَا لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَقَالَ: أَعِيدُوهَا كَمَا كَانَتْ "

57 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " §تَكَلَّمَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْمَهْدِ ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَصَاحِبُ الْحَبَشِيَّةِ. قَالَ: بَيْنَمَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ وَلَدَهَا، إِذْ رَأَتْ رَجُلًا رَاكِبًا، حَسَنُ الشَّارَةِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتِ ابْنِي حَتَّى تَجْعَلَهُ مِثْلَ هَذَا، فَانْتَزَعَ فَمَهُ مِنْ ثَدْيِهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَ هَذَا، وَمَرَّ بِحَبَشِيَّةٍ تُجَرُّ، وَقَدْ قَتَلَهَا أَهْلُهَا، قِيلَ: هَذِهِ أُمَّةُ بَنِي فُلَانٍ، قَتَلَهَا أَهْلُهَا، وَزَعَمُوا أَنَّهَا سَرَقَتْ، وَزَعَمُوا أَنَّهَا كَذَبَتْ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَنَزَعَ فَمَهُ مِنْ ثَدْيِهَا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَ -[72]- هَذِهِ، فَقَالَتْ: دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَكَ مِثْلَ الرَّاكِبِ الْحَسَنِ الشَّارَةِ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَكَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَبَشِيَّةِ الَّتِي قَتَلَهَا أَهْلُهَا، وَزَعَمُوا أَنَّهَا سَرَقَتْ، وَأَنَّهَا كَذَبَتْ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَقَالَ: دَعَوْتِ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِيَ مِثْلَ هَذَا الْمُخْتَالِ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِثْلَهُ، وَدَعَوْتِ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِثْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أَدَّتْ حَقَّ مَوَالِيهَا، فَقَتَلُوها ظَالِمِينَ، وَزَعَمُوا أَنَّهَا كَذَبَتْ، وَلَمْ تَكْذِبْ، وَزَعَمُوا أَنَّهَا سَرَقَتْ، وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَ هَذِهِ "

58 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَذَكَرْنَاهُ عَلَى أَتَمِّهِ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُمْ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " §كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُكَلِّمُكَ، كَلِّمنِي. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَعَلَ يَصِفُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَتَها حَتَّى قَالَتْ: هَكَذَا، وَوَصَفَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِهِ. هَذِهِ رِوَايَةُ هُدْبَةَ، وَأَمَّا شَيْبَانُ، فَقَالَ فِي حَدِيثٍ وَصَفَهُ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَصِفُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ، كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا تَدْعُوهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، فَرَجَعَتْ، ثُمَّ عَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، زَادَ هُدْبَةُ: فَرَجَعَتْ، ثُمَّ جَاءَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمْنِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ، إِلَى هَاهُنَا زِيَادَةُ هُدْبَةَ. فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ، وَهُوَ ابْنِي، وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ، فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي، اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ فُتِنَ قَالَ: وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ ذَلِكَ قَالَ: فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحَمَلَتْ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقِيلَ لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ، فَجَاءُوا بِفُؤُوسِهِمْ -[73]- وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ، فَصَادَفُوهُ يُصَلِّي، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ، فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: تَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. فِي رِوَايَةِ هُدْبَةَ. وَأَمَّا شَيْبَانُ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذِهِ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، رَاعِي الضَّأْنِ، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَرَأَوْا مِنْهُ مَا رَأَوْا، قَالُوا: نَحْنُ نَبْنِي لَكَ مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ " زَادَ شَيْبَانُ فِي حَدِيثٍ: «ثُمَّ عَلَّاهُ»

59 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخِضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ زِيَادٍ الْكَرِيزِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا "

60 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَتَّاتُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §تَكَلَّمَ فِي الْمَهْدِ ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَصَبِيُّ كَانَ فِي حِجْرِ أُمِّهِ يَرْضَعُ مِنْهَا، فَمَرَّ عَلَيْهِ فَارِسٌ، حَسَنُ الشَّارَةِ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْنِي حَتَّى تَرِنِي ابْنِي مِثْلَ هَذَا، قَالَ: فَنَزَعَ فَمَهُ مِنْ ثَدْيِهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ قَالَ: وَمُرَّ عَلَيْهَا بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ، تُجَرُّ بِحَبْلٍ، يُقَالُ: فَجَرَتْ، وَلَمْ تَفْجُرْ، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَقَالَتْ: مَرَّ فَارِسٌ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمُرَّ بِسَوْدَاءَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ -[74]- لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَ: يَا أُمَّهْ، إِنَّ هَذَا جُبَارٌ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ مُؤْمِنَةٌ، يُقَالُ لَهَا: فَجَرَتْ، وَلَمْ تَفْجُرْ. وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ: وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا مُتَعَبِّدًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي صَوْمَعَتِهِ، وَكَانَ الرُّعَاةُ يُبَيَّتُونَ فِي أَصْلِ صَوْمَعَتِهِ، فَحَمَلَتْ جَارِيَةٌ مِمَّنْ كَانَ يَرْعَى، فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى مَلِكِهِمْ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: انْزِلْ، فَأَبَى، فَأَمَرَ بِصَوْمَعَتِهِ أَنْ تُهَدَّمَ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ يَسْقُطَ نَزَلَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ: أَنَّ أُمَّهُ جَاءَتْهُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَنَادَتْ: يَا جُرَيْجُ، يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَصَلَّى، وَلَمْ يُجِبْهَا، ثُمَّ نَادَتْهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَادَتْهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ، اللَّهُمَّ , إِنْ كَانَ جُرَيْجٌ سَمِعَ كَلَامِيَ، وَلَا يُجِيبُنِي، فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُومِسَاتِ، فَلَمَّا أَمَرَ الْمَلِكُ أَنْ يُقْتَلَ قَالَ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، قَالُوا: صَلِّ مَا بَدَا لَكَ، فَطَالَمَا غَرَرْتَ النَّاسَ بِصَلَاتِكَ قَالَ: وَالنَّاسُ إِلَى أَهْلِ الْخَيْرِ سِرَاعٌ، قَالَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ , تَعْلَمُ أَنَّ أُمِّيَ نَادَتْنِي وَأَنَا أُصَلِّي، فَآثَرْتُ الصَّلَاةَ لَكَ عَلَى كَلَامِهَا، اللَّهُمَّ , إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ فَخَلِّصْنِي مِنْ هَذَا، فَقِيلَ لَهُ: ادْعُ بِالصَّبِيِّ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ قَالَ: فَأُتِيَ بِهِ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ كَتِفَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي. قَالَ: فَقَالُوا: قَدْ بَهَتْنَاكَ يَا جُرَيْجُ وَضَرَبْنَاكَ، دَعْنَا حَتَّى نَبْنِيَ لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ، أَعِيدُوهَا كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا "

ذكر بيان النبي صلى الله عليه وسلم أن موسى كان ينظر في عجائب البحر

§ذِكْرُ بَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُوسَى كَانَ يَنْظُرُ فِي عَجَائِبِ الْبَحْرِ

61 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّهَاوَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُطِيعٍ السُّلَمِيُّ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §خَرَجَ مُوسَى نَجِيُّ اللَّهِ إِلَى الْبَحْرِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي عَجَائِبِ الْبَحْرِ، فَإِذَا هُوَ بِصَيَّادٍ مُشْرِكٍ مَجُوسِيٍّ خَبِيثٍ، أَشْرَكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَفَرَ بِهِ، فَأَلْقَى شَبَكَتَهُ، فَطَبَعَهَا سَمَكًا، ثُمَّ أَلْقَاهَا الثَّانِيَةَ فَطَبَعَهَا سَمَكًا حَتَّى مَلَأَ سَفِينَتَهُ، ثُمَّ وَلَّى وَأَشْرَكَ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ شَيْخٌ كَبِيرٌ مُسْلِمٌ وَرِعٌ، فَأَلْقَى الشَّبَكَةَ فَلَا شَيْءَ، ثُمَّ أَلْقَى الثَّانِيَةَ وَدَعَا، فَلَا شَيْءَ، ثُمَّ أَلْقَى الثَّالِثَةَ، وَأَمْسَى قَالَ: يَا رَبِّ، عِيَالِي وَحَاجَتَنَا. قَالَ: فَإِذَا هُو بِسَمَكِةٍ قَدْ وَقَعَتْ فِي الشَّبَكَةِ قَالَ: وَمُوسَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَشَكَرَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: هَذَا يُبَلِّغُ عِيَالَنَا -[76]- اللَّيْلَةَ، وَانْصَرَفَ حَامِدًا لِلَّهِ شَاكِرًا. قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ، عَبْدٌ جَاءَكَ أَشْرَكَ بِكَ، وَكَفَرَ بِكَ، وَجَعَلَ لَكَ شُرَكَاءَ، بَسَطْتَ لَهُ رِزْقَكَ، وَأَوْسَعْتَ عَلَيْهِ، وَأَعْطَيْتَهُ، وَجَاءَكَ عَبْدُكَ الْمُؤْمِنُ رَاضِيًا بِكَ، فَقَتَرْتَ عَلَيْهِ، وَبَسَطْتَ لِهَذَا الْمُشْرِكِ، وَيَأْكُلُ رِزْقَكَ، وَيَمْشِي فِي أَرْضِكَ، وَيَعْبُدُ غَيْرَكَ؟ قَالَ: يَا مُوسَى، إِنَّ لِي دَارَيْنِ، فَانْظُرْ إِلَيْهِمَا قَالَ: فَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ، وَقَالَ: انْظُرْ دَارِي هَذِهِ جَعَلْتُهَا لِأَوْلِيَائِي، وَأَهْلِ طَاعَتِي، وَأَهْلِ الصَّبْرِ، ثُمَّ قَالَ: انْظُرْ إِلَى دَارِي الْأُخْرَى، فَأَخْرَجَ جَهَنَّمَ، فَزَفَرَتْ، فَاسْتَجَارَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهَا بِرَبِّهِ، وَقَالَ: يَا مُوسَى، مَا ضَرَّ عَبْدِي أَيَّامًا مَعْدُودَةً، قَتَّرْتُ عَلَيْهِ مَعِيشَتَهُ، فَصَبَرَ، وَرَضِيَ بِمَا رَضِيتُ لَهُ، قَدِمَ عَلَيَّ، وَأَنَا عَنْهُ رَاضٍ، فَأَسْكَنْتُهُ دَارِي، مَا ضَرَّ مَا كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ، وَبَسَطْتُ لِعَبْدِي هَذَا الَّذِي أَشْرَكَ بِي فِي رِزْقِي، وَيَمْشِي فِي أَرْضِي، أَسْكَنْتُهُ دَارِي هَذِهِ الْأُخْرَى، مَا نَفَعَهُ مَا كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ قَالَ: وَلِّ وَجْهَكَ يَا مُوسَى، فَوَلَّى وَجْهَهُ، قَالَ: انْظُرْ إِلَيْهِمَا، الْآنَ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ قَالَ: دَخَلُوهَا وَعِزَّتِكَ "

حديث سواد بن قارب

§حَدِيثُ سَوَّادُ بْنُ قَارَبٍ

62 - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم بن يُوسُفَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ حُجْرٍ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَنْصُورٍ الْأَبَنَاوِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: " بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ نَاسٌ، إِذْ مَرَّ رَجُلٌ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ -[77]-، أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لَا، فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، لَهُ فِيهِمْ شَرَفٌ وَمَوْضِعٌ، يُقَالُ لَهُ: سَوَّادُ بْنُ قَارَبٍ، وَهُو الَّذِي أَتَاهُ رَئْيُهُ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَيَّ بِهِ، فَدُعِيَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ سَوَادُ بْنُ قَارَبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي أَتَاكَ رَئِيُّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنْتَ عَلَى مَا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ؟ قَالَ: فَغَضِبَ الرَّجُلُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا اسْتَقْبَلَنِي أَحَدٌ بِهَذَا مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِمَّا كُنْتَ عَلَيْهِ مِنْ كَهَانَتِكَ، أَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيِّكَ بِظُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §بَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ أَتَانِي رَئِيِّي، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَّادُ بْنُ قَارَبٍ، فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ [البحر السريع] عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَجْسَاسِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا خَيْرُ الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى رَاسِهَا قَالَ: فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا، فَقُلْتُ: دَعْنِي أَنَامُ، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا، فَلَمَّا أَنْ كَانَ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ أَتَانِي، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَّادُ بْنُ قَارَبٍ، فَافْهَمْ وَاعْقِلْ، إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ، مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ، يَقُولُ: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَأَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُ الْجِنِّ كَكُفَارِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... بَيْنَ رَوَابِيهَا وَأَحْجَارِهَا قَالَ: فَلَمْ أَرْفَعْ بِقَوْلِهِ رَأْسًا، فَقُلْتُ دَعْنِي، فَإِنِّي أَمْسَيْتُ نَاعِسًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ، أَتَانِي، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَّادُ بْنُ قَارَبٍ، فَافْهَمْ وَاعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، إِنَّهُ قَدْ بُعِثَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَدْعُو إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى عِبَادَتِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْجِنِّيُّ يَقُولُ -[78]-: عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتِطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا صَادِقُ الْجِنِّ كَكَذَّابِهَا فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... لَيْسَ قُدَامَاهَا كَأَذْنَابِهَا قَالَ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ، وَرَغِبْتُ فِيهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ شَدَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي رَحْلَهَا، وَانْطَلَقْتُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ: هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَعَقَلْتُ نَاقَتِي، وَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: اسْمَعْ مَقَالَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ادْنُهْ، فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي، حَتَّى صِرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «هَاتِ فَأَخْبِرْنِي بِإِتْيَانِكَ رَئِيِّكَ» ، فَقُلْتُ: [البحر الطويل] أَتَانِي نَجِيِيِّ بَيْنَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبِ ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ رَسُولٌ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ فَشَمَّرْتُ مِنْ ذَيْلِ الْإِزَارِ وَوَسَّطَتْ ... بِيَ الذَّعْلَبُ الْوَجْنَاءُ بَيْنَ السَّبَاسِبِ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ... وَأَنَّكَ مَأْمُونٌ عَلَى كُلِّ غَائِبِ وَأَنَّكَ أَدْنَى الْمُرْسَلِينَ وَسِيلَةً ... إِلَى اللَّهِ يَا ابْنَ الْأَكْرَمِينَ الْأَطَايِبِ فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ يَا خَيْرَ مَنْ مَشَى ... وَإِنْ كَانَ فِيمَا جَاءَ شِيبُ الذَّوَائِبِ وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ ... يَكُونُ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارَبِ قَالَ: فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمَقَالَتِي فَرَحًا شَدِيدًا، حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْكَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ رَئِيِّكَ، هَلْ يَأْتِيكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ: أَمَّا مُنْذُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا، وَنِعْمَ الْعِوَضُ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْجِنِّ"

63 - أَخْبَرَنَا جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى الطَّرَسُوسِيَّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " §الْعَجَائِبُ الَّتِي وُصِفَتْ فِي الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: مَنَارَةُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَلَيْهَا مِرْآةٌ مِنْ حَدِيدٍ، يَقْعُدُ الْقَاعِدُ تَحْتَهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبَعْدَ غُرُوبِهَا، فَيَرَى مَنْ بَاعَدَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ، وَسُودَانِيُّ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى قَضِيبٍ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى بَابِ الشَّرْقِيِّ بِالرُّومِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ أَوَانُ الزَّيْتُونِ صَفَرَ ذَلِكَ السُّودَانِيُّ صُفْرَةً فَلَا يَبْقَى سُودَانِيَّةٌ فِيهِ نَظِيرٌ، إِلَّا جَاءَتْ وَمَعَهَا ثَلَاثُ زَيْتُونَاتٍ: زَيْتُونَتَانِ فِي رِجْلَيْهَا، وَزَيْتُونَةٌ فِي مِنْقَارِهَا، فَأَلْقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ السُّودَانِيِّ، فَجَمَعَهَا الرُّومِيَّةُ، فَيَعْصُرُونَ مَا يَكْفِيهِمْ لِسُرُجِهِمْ وَإِدَامِهِمْ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَرَجُلٌ مِنْ نُحَاسٍ عَلَى فَرَسٍ مِنْ نُحَاسٍ بِأَرْضِ الْيَمَنِ، فِيمَا بَيْنَ الشَّجَرِ وَالرَّبَايِحِ، يَدُهُ إِلَى وَرَائِهِ، يَقُولُ: لَيْسَ وَرَائِي مَسْلَكٌ، وَهِيَ أَرْضٌ رَجْرَاجَةٌ، لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، غَزَاهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ، فِي سَبْعِينَ أَلْفِ فَارِسٍ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ نَمْلَةٌ كَالتَّجَانِيِّ، وَإِنْ كَانَتِ النَّمْلَةُ لَتَخْتَطِفُ الْفَارِسَ عَنْ فَرَسِهِ، وَبَطَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ، فِيمَا بَيْنَ الْهِنْدِ وَالصِّينِ، بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا عِيَاضٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ شَرِبَتِ الْبَطَّةُ حَاجَتَهَا، وَمَدَّتْ مِنْقَارِهَا، فَيَفِيضُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ، مَا يَكْفِيهِمْ لِزِرُوعِهِمْ، وَمَوَاشِيهِمْ إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ "

64 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِمْشَاذَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزَّوْزَنِيُّ، حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شُكْرٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ النُّعْمَانِ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، سَمِعْتُ -[80]- جَبَلَ بْنَ دِهْقَانَ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فِي عِدَّةٍ مِنَ الدَّهَاقِينَ قَالَ: " §كَانَ بِبَابِلَ سَبْعُ مَدَائِنَ، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أُعْجُوبَةٌ، لَيْسَتْ فِي الْأُخْرَى: فَكَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا مَلِكُهَا، وَهِيَ الْأُولَى، تِمْثَالُ الْأَرْضِ جَمِيعًا، فَإِنِ الْتَوَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ بِخَرَاجِهِمْ، خَرَقَ أَنْهَارَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي التِّمْثَالِ، فَغَرِقَتْ حَيْثُ كَانَتْ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَدًّا حَتَّى يُؤَدُّوا خَرَاجَهُمْ، فَإِذَا سَدَّهَا عَلَيْهِمْ فِي تِمْثَالِهِمِ انْسَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّانِيَةِ حَوْضٌ، فَإِذَا أَرَادَ الْمَلِكُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لِطَعَامِهِ، آتَى مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ مِنَ الْأَشْرِبَةِ، فَصَبَّ فِي ذَلِكَ الْحَوْضِ، فَاخْتَلَطَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَقُومُ السُّقَاةُ، فَيَأْخُذُونَ الْآنِيَةَ، فَمَنْ صَبَّ فِي إِنَائِهِ شَيْئًا صَارَ شَارِبَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّالِثَةِ طَبْلٌ، إِذَا غَابَ مِنْ أَهْلِهَا غَائِبٌ، فَأَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا أَحَيُّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ، ضَرَبُوا الطَّبْلَ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا، سَمِعُوا صَوْتَ الطَّبْلِ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَمْ يَسْمَعُوا لَهُ صَوْتًا، وَفِي الْمَدِينَةِ الرَّابِعَةِ مِرْآةٌ مِنْ حَدِيدٍ، إِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ، فَأَحَبُّوا أَنْ يَعْلَمُوا حَالَتَهُ أَتَوُا الْمِرْآةَ، فَنَظَرُوا فِيهَا، فَأَبْصَرُوهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، وَفِي الْمَدِينَةِ الْخَامِسَةِ وِزَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ صَوَّتَتِ الْوِزَّةُ صَوْتًا يَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّادِسَةِ قَاضِيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الْمَاءِ، فَيَجِيءُ الْمُحِقُّ وَالْمُبْطِلُ، فَيَمْشِي الْمُحِقُّ عَلَى الْمَاءِ حَتَّى يَجْلِسَ مَعَ الْقَاضِي، وَيَرْتَمِسُ الْمُبْطِلُ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّابِعَةِ شَجَرَةٌ ضَخْمَةٌ، لَا تُظِلُّ إِلَّا سَاقَهَا، فَإِنْ جَلَسَ تَحْتَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَظَلَّتْ إِلَى أَلْفِ رَجُلٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ رَجُلٌ وَاحِدٌ جَلَسُوا كُلُّهُمْ فِي الشَّمْسِ "

65 - حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو تُرَابٍ -[81]- الطُّوسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " §عَجَائِبُ الدُّنْيَا خَمْسَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: مَنَارَتِكُمْ هَذِهِ، يَعْنِي مَنَارَةَ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَالثَّانِي: أَصْحَابُ الرَّقِيمِ الَّذِينَ هُمْ فِي الرُّومِ، وَالثَّالِثُ: مِرْآةٌ بِبِلَادِ الْأَنْدَلُسِ، مُعَلَّقَةٌ عَلَى بَابِ مَدِينَتِهَا الْكَبِيرَةِ، فَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ بِلَادِهِ عَلَى مَسَافَةِ مِئَةِ فَرْسَخٍ فِي مِئَةِ فَرْسَخٍ، فَإِذَا جَاءَ أَهْلُهَا إِلَى تِلْكَ الْمَنَارَةِ، فَقَعَدَ تَحْتَهَا، وَنَظَرَ فِي الْمِرْآةِ يَرَى صَاحِبَهُ بِمَسَافَةِ مِئَةِ فَرْسَخٍ فِي مِئَةِ فَرْسَخٍ، وَالرَّابِعُ: مَسْجِدُ دِمَشْقَ، وَمَا يُوصَفْ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَالْخَامِسُ: الرُّخَامُ وَالْفُسَيْفِسَاءُ؛ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى لَهُ مَوْضِعٌ، وَيُقَالُ: إِنَّ الرُّخَامَ مَعْجُونَةٌ، وَإِنَّهَا إِذَا وُضِعَتْ عَلَى النَّارِ تُذِيبُهُ "

66 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §حَاصَرَ نَبِيُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَدِينَةً عَلَيْهَا سَبْعَةُ أَسْوَارٍ، فَافْتَتَحَ سِتَّةً، وَبَقِيَ سُوَرٌ مِنْهَا، وَدَنَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، فَقَالَ: ارْكُدِي يَا شَمْسُ، فَإِنَّكِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ، فَرَكَدَتْ حَتَّى افْتَتَحَهَا، وَكَانَ إِذَا افْتَتَحَ قَرْيَةً أَخَذَ الْمَغَانِمَ فَوَضَعَهَا، فَجَاءَتْهُ نَارٌ بَيْضَاءُ، فَوَجَدْتُهُ يَؤُمُّ إِلَى الْمَغَانِمِ فَوَضَعَهَا، فَلَمْ تَأْتِ النَّارُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ: وَكَانَ مَعَهُمُ اثْنَا عَشَرَ سِبْطًا، فَبَايَعَ رُءُوسَهُمْ، وَقَالَ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ فَبَايِعُوا أَصْحَابَهُ، فَمَنْ لَصِقَتْ يَدَهُ بِيَدِ أَحَدٍ مِنْكُمْ، فَلْيَأْتِ بِهِ، فَذَهَبُوا فَبَايَعُوا، فَأُلْصِقَتْ يَدُهُ بِيَدِ رَجُلَيْنِ، فَاعْتَرَفَا، وَقَالَا: عِنْدَنَا رَأْسُ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ " قَالَ: فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَفَمَا أَخْبَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ النَّبِيُّ؟ وَأَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ فَتْحَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الْمَدِينَةَ أَرِيحَا -[82]-، وَالنَّبِيُّ يُوشَعُ قَالَ ابْنُ عَجْلَانَ: وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ

حديث الوهط

§حَدِيثُ الْوَهْطِ

67 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ،: سَمِعْتُ مَطَرًا الْوَرَّاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ: " كَانَتِ §الْوَهْطُ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ حُبَابٍ، وَكَانَ رَجُلًا قَوِيًّا لَا يُولَدُ لَهُ، فَبَاعَ الْوَهْطَ مِنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِكَذَا وَكَذَا بَعِيرًا، وَكَذَا وَكَذَا دِينَارًا، وَكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا، وَكَذَا وَكَذَا قَطِيفَةً قَالَ: فَعَدَّ أَصْنَافَ الْمَالِ قَالَ: فَقَالَتْ ثَقِيفٌ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ رَجُلٌ شَرِيفٌ، وَإِنْ دَخَلَ بِلَادَكُمْ غَلَبَكُمْ عَلَيْهَا قُرَيْشٌ، فَجَحَدُوهُ قَالَ: فَنَافَرُوا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ إِلَى سَطِيحٍ الَّذِي كَانَ مِنْ بَنِي ذِئْبٍ، حَيُّ مِنْ غَسَّانَ. قَالَ: وَكَانَ أَشْرَفَ مَنْ فِي الْعَرَبِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِنَا، أَوْ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ عَنْ مَسِيرِكُمْ، وَسَارُوا إِلَيْهِ سَبْعًا، فَقَالُوا: قَدْ شِئْنَا، فَقَالَ: سِرْتُمْ مَسِيرَ الزَّعْزَعَةِ وَالْوَضْعِ، حَتَّى نَزَلَ بِكُمُ النَّقْعُ صُبْحَ آخِرِ السَّبْعِ، قَالُوا: صَدَقْتَ، وَكَانَ مَسِيرُهُمْ سَبْعًا، قَالُوا: إِنَّا قَدْ جِئْنَا نَتَحَاكَمُ إِلَيْكَ، فَنَخْبَأُ لَكَ شَيْئًا، فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا بِهِ تَحَاكَمْنَا إِلَيْكَ، فَخَبَئُّوا لَهُ عَيْنَ جَرَادَةٍ، فِي عَرْقُوةِ مُزَادَةٍ، ثُمَّ عَلَّقُوهَا فِي عُنُقِ كَلْبٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يُقَالُ لَهُ: سَوَّارٌ، فَقَالُوا لَهُ: قَدْ خَبَأْنَا لَكَ خَبْئًا، فَمَا هُوَ؟ قَالَ: خَبَأْتُمْ فِي سَمَاءِ مِسْطَحٍ، فَتَرَكَ الصَّعِيدَ أَبْقَعَ، قَالُوا: لَاذِهِ، أَيْ: لَمْ تُصِبْ، قَالَ: قَدْ أَصَبْتُ، فَلَا تَعْنِتُونِي قَالَ: خَبَأْتُمْ لِي حُصْرًا، قَدْ خُبِئَ فِي شَنٍّ قَدْ بُلِيَ، قَالُوا: لَاذِهِ، أَيْ: لَمْ تُصِبْ، قَالَ: قَدْ أَصَبْتُ، فَلَا تَعْنِتُونِي قَالَ: خَبَأْتُمْ لِي ذَا لَوْنٍ -[83]- أَحْمَرَ، وَلِسَانٍ أَحْشَرَ، فِي مِخْلَبٍ أَسْهَرَ، قَالُوا: لَاذِهِ، أَيْ: لَمْ تُصِبْ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُ، فَلَا تَعْنِتُونِي، خَبَأْتُمْ لِي عَيْنَ جَرَادَةٍ، فِي عَرْقُوةٍ مُزَادَةٍ، بَيْنَ عُنُقِ سِوَارٍ وَالْقِلَادَةِ، قَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ، فَاحْكُمْ بَيْنَنَا قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ مِنْكُمْ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ حُبَابٍ الْوَهْطَ مِنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقُلْتُمْ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ رَجُلٌ شَرِيفٌ، وَإِنَّهُ إِنْ جَاوَرَنَا غَلَبَنَا عَلَى أَرْضِنَا، فَاجْحِدُوهُ، وَإِنِّي أَحْكُمُ أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: فَنَاشَدَتْهُ ثَقِيفٌ أَنْ يُقِيلَهُمْ، فَأَقَالَهُمْ، وَرُدُّوا عَلَيْهِ أَمْوَالَهُ "

حديث سطيح حين قدم مكة، وما سمع منه

§حَدِيثُ سَطِيحٍ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَمَا سُمِعَ مِنْهُ

68 - سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ سُلَيْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيَّ، يَقُولُ: «إِنَّهُ §كَانَ عَلَى دَيْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ مُلْهَمًا كَمَا أُلْهِمَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ، وَكَانَ سَبِيلُهُ كَسَبِيلِهِ، وَكَسَبِيلِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، وَزَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ»

69 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، بِدِمَشْقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: " أَتَى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: بَلَغَنَا أَنَّكَ تَذْكُرُ سَطِيحًا، تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَهُ، وَلَمْ يَخْلُقْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ شَيْئًا يُشْبِهُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ §اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ سَطِيحًا الْغَسَّانِيَّ لَحْمًا عَلَى وَضَمٍ، وَالْوَضَمُ: شِرَاحٌ مِنْ جَرِيدٍ، وَكَانَ يُحْمَلُ عَلَى وَضَمِهِ، فَيُؤْتَى بِهِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ عَظْمٌ، وَلَا عَصَبٌ إِلَّا الْجُمْجُمَةَ وَالْكَفَّيْنِ، وَكَانَ يُطْوَى مِنْ رِجْلَيْهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ، كَمَا يُطْوَى الثَّوْبُ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ يَتَحَرَّكُ إِلَّا لِسَانَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ، حُمِلَ عَلَى وَضَمِهِ، فَأُتِيَ بِهِ مَكَّةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ: عَبْدُ شَمْسٍ، وَعَبْدُ مَنَافٍ ابْنَا قُصَيٍّ، وَالْأَحْوَصُ بْنُ فِهْرٍ، وَعُقَيْلُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ -[84]-، انْتَمَوْا إِلَى غَيْرِ نَسَبِهِمْ، وَقَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ حَجٍّ، أَتَيْنَاكَ لَمَّا بَلَغَنَا قُدُومُكَ، وَرَأَيْنَا أَنَّ إِتْيَانَنَا إِيَّاكَ حَقُّ لَكَ، وَاجِبٌ عَلَيْنَا، وَأَهْدَى إِلَيْهِ عَقِيلٌ صَفِيحَةً هِنْدِيَّةً، وَصَعْدَةً رُدَيْنِيَّةً، فَوُضِعَتْ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ؛ لِيَنْظُرُوا هَلْ يَرَاهُمَا سَطِيحٌ أَوْ لَا؟ فَقَالَ: يَا عَقِيلُ، نَاوِلْنِي يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَقَالَ: يَا عَقِيلُ، وَالْعَالِمِ الْخَفِيَّةِ، وَالْغَافِرِ الْخَطِيَّةِ، وَالذِّمَّةِ الْوَفِيَّةِ، وَالْكَعْبَةِ الْمَبْنِيَّةِ، إِنَّكَ الْجَاي بِالْهَدِيَّةِ، الصَّفِيحَةِ الْهِنْدِيَّةِ، وَالصَّعْدَةِ الرُّدَيْنِيَّةِ، فَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ، فَقَالَ: وَالْآتِ الْآتِ بِالْفَرَحِ، وَقَوْسِ قُزَحَ، وَسَائِرِ الْفَرَحِ، وَالْحُطَيْمِ الْمُنْبَطِحِ، وَالنَّخْلِ وَالرُّطَبِ وَالْبَلَحِ، إِنَّ الْغُرَابَ حَيْثُ مَرَّ سَلَحَ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْقَوْمَ لَيْسُوا مِنْ جُمَحٍ، وَإِنَّ نَسَبَهُمْ فِي قُرَيْشٍ ذِي الْبُطَحِ، قَالُوا: صَدَقْتَ يَا سَطِيحُ، نَحْنُ أَهْلُ الْبَلَدِ الْحَرَامِ، أَتَيْنَاكَ لِنَزُورَكَ لَمَّا بَلَغَنَا مِنْ عِلْمِكَ، فَأَخْبِرْنَا عَمَّا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا، وَمَا يَكُونُ بَعْدُ إِنْ يَكُنْ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ، قَالَ: الْآنَ صَدَقْتُمْ، خُذُوا مِنِّي مِنَ إِلْهَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّايَ، أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، فِي زَمَانِ الْهَرَمِ، سَوَاءٌ بَصَائِرُكُمْ، وَبَصِيرَةُ الْعَجَمِ، لَا عِلْمَ عِنْدَكُمْ، وَلَا فَهْمَ، وَيَنْشَأُ مِنْ عَقِبِكُمْ ذَوُو فَهْمٍ، يَطْلُبُونَ أَنْوَاعَ الْعِلْمِ، يَكْسَرُونَ الصَّنَمِ، يَبْلُغُونَ الرَّدْمَ، يَقْتُلُونَ الْعَجَمَ، يَطْلُبُونَ الْغَنَمَ، قَالُوا: يَا سَطِيحُ، مِمَّنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: وَالْبَيْتِ ذِي الْأَرْكَانِ، وَالْأَمْنِ وَالسُّكَّانِ، لَيَنْشَأَنَّ مِنْ عَقِبِكُمْ وِلْدَانٌ يَكْسَرُونَ الْأَوْثَانَ، وَيُنْكِرُونَ عِبَادَةَ الشَّيْطَانِ، وَيُوَحِّدُونَ الرَّحْمَنَ، وَيَنْشُرُونَ دِينَ الدَّيَّانِ، يُشْرِفُونَ الْبُنْيَانَ، وَيَسْتَفْتُونَ الْعُمْيَانَ، قَالُوا: يَا سَطِيحُ، مِنْ نُشُوءِ مَنْ يَكُونُ أُولَئِكَ؟ قَالَ: وَأَشْرَافِ الْأَشْرَافِ، وَالْمُحْصِي لِإِسْرَافٍ، وَالْمُزَعْزِعِ الْأَحْقَافِ، وَالْمُضْعِفِ الْأَضْعَافِ، لَيَنْشَأَنَّ آلَافُ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ، وَمَنَافٍ، نُشُوءًا يَكُونُ فِيهِمُ اخْتِلَافٌ، قَالُوا: يَا سَوْأَتَاهْ، يَا سَطِيحُ، مِمَّا تُخْبِرُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَمْرِهِمْ، وَمِنْ أَيِّ بَلَدٍ يَخْرُجُ أُولَئِكَ؟ فَقَالَ: وَالْبَاقِي الْأَبَدِ، وَالْبَالِغِ الْأَمَدَ، لَيَخْرُجَنَّ مِنْ ذِي الْبَلَدِ نَبِيٌّ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، يَرْفُضُ يَغُوثَ وَالْفَنَدَ، يَبْرَأُ مِنْ عِبَادَةِ الصَّدَدِ، يَعْبُدُ رَبًّا انْفَرَدَ، ثُمَّ يَتَوَفِّيهِ اللَّهُ مَحْمُودًا، مِنَ الْأَرْضِ مَفْقُودًا، وَفِي السَّمَاءِ مَشْهُودًا، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ الصِّدِّيقُ، إِذَا -[85]- قَضَى صَدَقَ، فِي رَدِّ الْحُقُوقِ لَا خَرَقَ، وَلَا تَرَقَ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ الْحَنِيفُ مُحْرِبٌ غِطْرِيفٌ، يَتْرُكُ قَوْلَ الْعَنِيفِ، قَدْ صَافَ الْمُصِيفُ، وَأَحْكَمَ التَّجْنِيفَ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ وَازِعٌ لَأَمْرِهِ مُجَرِّبٌ، فَيَجْتَمِعُ لَهُ جُمُوعٌ وَعُصَبٌ، فَيَقْتُلُونَهُ نِقْمَةً عَلَيْهِ، وَغَضَبًا، فَيُؤْخَذُ الشَّيْخُ، فَيُذْبَحُ إِرْبًا، فَيَقُومُ بِهِ رِجَالٌ خُطَبَا، يَعْنِي عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ النَّاصِرَ، يَخْلِطُ الرَّأْيَ بِرَأْي بَاكِرٍ، يُظْهِرُ فِي الْأَرْضِ الْعَسَاكِرَ، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَهُ ابْنُهُ يَأْخُذُ جَمْعَهُ، وَيَقِلُّ حَمْدُهُ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ، وَيَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَكْثُرُ الْمَالَ لِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ يَلِي بَعْدَهُ عِدَّةُ مُلُوكٍ، الدَّمُ لَا شَكَّ فِيهِمْ مَسْفُوكٌ، ثُمَّ يَلِي مِنْ بَعْدِهِ الصُّعْلُوكُ، يَطِأَهُمْ كَطَيِّةِ الدُّرْنُوكِ، يَعْنِي أَبَا الْعَبَّاسِ، ثُمَّ يَلِي مِنْ بَعْدِهِ عُصْفُورٌ يُقْصِي وَيُدْنِي نَفَرًا، يَفْتَحُ الْأَرْضَ افْتِتَاحًا مُنْكَرًا، يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ، ثُمَّ يَلِي قَصِيرُ الْقَامَةِ، بِظَهْرِهِ عَلَامَةٌ، يَمُوتُ مَوْتًا وَسَلَامَةً، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ قَلِيلٌ مَاكِرٌ، يَتْرُكُ الْمُلْكَ بَاكِرٌ، ثُمَّ يَلِي أَخُوهُ بِسُنَّتِهِ سَائِرٌ، يَخْتَصُّ بِالْأَمْوَالِ وَالْمَنَابِرِ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَهْوَجُ، صَاحِبُ دُنْيَا، وَنُعَيْمٍ مُحْتَلِجٍ، شَاوِرْهُ تُنَادِرْهُ، وَمَعَاشِرُهُ وَدُودَةٌ يَنْهَضُونَ إِلَيْهِ يَخْلَعُونَهُ، يَأْخُذُونَ الْمُلْكَ وَيَقْتُلُونَهُ، ثُمَّ يَلِي أَمْرَهُ مِنْ بَعْدِهِ السَّابِعُ، يَتْرُكُ الْمُلْكَ مُخِلًّا ضَائِعًا، يَثُورُ فِي مُلْكِهِ كُلُّ مُشَوَّهٍ جَائِعٍ، عِنْدَ ذَلِكَ يَطْمَعُ فِي الْمُلْكِ كُلُّ عِرْثَانَ، وَيْلِي أَمْرَهُ الصِّبْيَانُ، يُرْضِي نِزَارًا بِجَمْعِ قَحْطَانَ، إِذَا الْتَقَى بِدِمَشْقَ جَمْعَانَ، بَيْنَ بَيْسَانَ وَلُبْنَانَ، تُصَنَّفُ الْيَمَنُ يَوْمَئِذٍ صِنْفَيْنِ: صِنْفُ الْمُشَوَّهِ، وَصِنْفُ الْمَحْذُولِ، لَا يَرَى إِلَّا خِبَاءً مَحْلُولًا، وَأَسِيرًا مَغْلُولًا، بَيْنَ الْفُرَاتِ وَالْجَبُّولِ، عِنْدَ ذَلِكَ تُخَرَّبُ الْمَنَازِلَ، وَتُسْلَبُ الْأَرَامِلَ، وَتَسْقُطُ الْحَوَامِلَ، وَتَظْهَرُ الزَّلَازِلُ، وَتَطْلُبُ الْخِلَافَةَ وَائِلٌ، فَيَغْضَبُ نِزَارٌ، وَيُدْنَى الْعَبِيدُ وَالْأَشْرَارُ، وَيُقْصَى النُّسَّاكُ وَالْأَخْيَارُ، وَتَغْلُوا الْأَسْعَارُ فِي صَفَرِ الْأَسْفَارِ بِقَتْلِ كُلِّ جَبَّارٍ، ثُمَّ يَسِيرُونَ إِلَى خَنَادِقَ وَأَنْهَارٍ ذَاتِ أَسْفَالٍ وَأَشْجَارٍ، يَصْمُدُ لَهُمُ الْأَغْمَارُ، يَهْزِمُهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَيَظْهَرُ الْأَخْيَارُ، فَلَا يَنْفَعُهُمْ نَوْمٌ وَلَا قَرَارٌ، حَتَّى يَدْخُلَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، فَيُدْرِكُهُ الْقَضَاءُ وَالْأَقْدَارُ، ثُمَّ يَجِيءُ الرُّمَاةُ، تَلُفُّ مُشَاةً، بِقَتْلِ الْكُمَاةِ، وَأَسْرِ الْحُمَاةِ، وَمَهْلَكِ الْغُوَاةِ، هُنَاكَ يُدْرَكُ فِي أَعْلَى الْمِيَاهِ، ثُمَّ يَثُورُ الدِّينُ، وَتَتَقَلَّبُ -[86]- الْأُمُورُ، وَيُكَفَّرُ الزَّبُورُ، وَيَقْطَعُ الْجُسُورَ، فَلَا يَفْلِتُ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي جَزَائِرِ الْبُحُورِ، ثُمَّ يَثُورُ الْجَرِيبُ، وَيَظْهَرُ آلْأَعَارِيبُ، لَيْسَ فِيهِمْ صَعِيبٌ، عَلَى أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْمُرِيبِ، فِي زَمَانٍ عَصِيبٍ، لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ حَيًّا، وَمَا يُغْنِي الْمُنَى، قَالُوا، ثُمَّ مَاذَا يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: يَظْهَرُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، أَبْيَضُ كَالشَّطَنِ، يُذْهِبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَأْسِهِ الْفِتَنَ "

ذكر رؤيا كسرى، وعبارة سطيح من قيلة العجيب

§ذِكْرُ رُؤْيَا كِسْرَى، وَعِبَارَةِ سَطِيحٍ مِنْ قَيْلَةِ الْعَجِيبِ

70 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ الْمَرْوَزِيُّ، بِهَا، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ النُّعْمَانِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَتْ لَهُ عِشْرُونَ وَمِئَةُ سَنَةٍ قَالَ: §" لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى، وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ سَنَةٍ، وَرَأَى الْمُوبَذَانُ كَأَنَّ إِبِلًا صِعَابًا، تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسَ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا رَأَى، فَتَصَبَّرَ عَلَيْهِ تَشْجِعًا، ثُمَّ رَأَى أَنَّهُ لَا يَسْتُرُ ذَلِكَ عَنْ وُزَرَائِهِ وَمَرَازِبَتِهِ، فَتَجَلَّدَ كِسْرَى، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ، وَلَبِسَ تَاجَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُوبَذَانِ، فَقَالَ: يَا مُوبَذَانُ، إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ إِيوَانِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسَ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ الْيَوْمِ بِأَلْفِ عَامٍ، فَقَالَ: وَأَنَا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ رَأَيْتُ كَأَنَّ إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ -[87]- فَارِسَ، فَقَالَ: فَمَا تَرَى ذَلِكَ يَا مُوبَذَانُ وَكَأَنَّ رَأْسَهُمْ فِي الْعِلْمِ؟ يَعْنِي: أَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: حَدَثٌ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ. فَكَتَبَ حِينَئِذٍ كِسْرَى: مِنْ كِسْرَى مَلَكِ الْمُلُوكِ، إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يُخْبِرْنِي بِمَا أَسْأَلُهُ عَنْهُ"، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدَ الْمَسِيحِ بْنَ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ؟ قَالَ: يَسْأَلُنِي الْمَلِكُ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ عِلْمٌ أَعْلَمْتُهُ، وَإِلَّا فَأَعْلَمْتُهُ بِمَنْ عِلْمُهُ عِنْدَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِهِ، فَقَالَ: عِلْمُهُ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: سَطِيحٌ، قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، وَسَلْهُ، فَأَخْبِرْنِي بِمَا يُخْبِرُكَ بِهِ، فَخَرَجَ عَبْدُ الْمَسِيحِ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى سَطِيحٍ، وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يُجِبْهُ سَطِيحٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ [البحر الرجز] أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ ... أَمْ فَازَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ ... أَزْرَقُ مُمْهِي النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنْ أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ ... رَسُولُ قَيْلِ الْعَجَمِ يَسْرِي لِلْوَسَنْ لَا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلَا رَيْبَ الزَّمَنْ ... يَجُوبُ بِيَ الْأَرْضَ عَلَنْدَاةٌ شَزَنْ تَرْفَعُنِي وُجْنٌ وَتَهْوِي بِي وُجْنٌ ... حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِي وَالْقَطَنْ يَلُفُّهُ فِي الرِّيحِ بَوْغَاءُ الدِّمَنْ ... كَأَنَّمَا حُثْحِثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: عَبْدُ الْمَسِيحِ يَهْوِي إِلَى سَطِيحٍ، وَقَدْ أَوْفَى عَلَى -[88]- الضَّرِيحِ، بَعَثَكَ مَلِكُ سَاسَانَ لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا الْمُوبَذَانِ، رَأَى إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسَ، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ إِذَا ظَهَرَتِ التِّلَاوَهْ، وَغَارَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَهْ، وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَهْ، وَخَرَجَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ، فَلَيْسَتِ الشَّامُ بِالشَّامِ، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ. ثُمَّ مَاتَ، فَقَامَ عَبْدُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ يَقُولُ: [البحر البسيط] شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الدَّهْرِ شِمِّيرُ ... لَا يَفْزَعَنَّكَ تَشْرِيدٌ وَتَغْرِيرُ إِنْ يَمَسَّ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطُهُمْ ... فَإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَارٌ دَهَارِيرُ فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ ... يَهَابُ صَوْلَهُمُ الْأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامَ وَإُخْوَتُهُ ... وَالْهُرْمُزَانُ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا ... أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ أَمَا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا ... فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَجْمُوعَانِ فِي قَرَنٍ ... فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ قَالَ: فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَسِيحِ إِلَى كِسْرَى، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ كِسْرَى: إِلَى أَنْ يَمْلِكَ مِنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ يَكُونُ أُمُورٌ وَأُمُورٌ. قَالَ: فَمَلِكَ مِنْهُمْ عَشْرَةٌ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ بَعْدَهُ"

ذكر رؤيا ربيعة بن نصر اللخمي وجواب سطيح وشق مما ألهمهما الله من نعت النبي صلى الله عليه وسلم

§ذِكْرُ رُؤْيَا رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ اللَّخْمِيِّ وَجَوَابُ سَطِيحٍ وَشِقٍّ مِمَّا أَلْهَمَهُمَا اللَّهُ مِنْ نَعَتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

71 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْخُوَارِزْمِيُّ، حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ،: " أَنَّ §رَبِيعَةَ بْنَ نَصْرٍ اللَّخْمِيَّ، مَلِكٌ مِنَ الْيَمَنِ رَأَى رُؤْيَا هَالَتْهُ، وَفَظِعَ -[89]- بِهَا، فَلَمْ يَدَعْ فِي مَمْلَكَتِهِ سَاحِرًا، وَلَا كَاهِنًا، وَلَا عَايِفًا، وَلَا مُنَجِّمًا إِلَّا جَمَعَهُمْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفُظِعْتُ بِهَا، فَأَخْبِرُونِي بِتَأْوِيلِهَا، قَالُوا: اقْصُصْهَا عَلَيْنَا بِتَأْوِيلِهَا، قَالَ: إِنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ بِهَا لَمْ أَطْمَئِنْ إِلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا مَنْ يَعْرِفُهَا قَبْلَ أَنْ أُخْبِرَهُ بِهَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لِيَبْعَثَ الْمَلِكُ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا فِيمَا أَعْلَمَ النَّاسَ بِمَا سَأَلَ عَنْهُ، وَاسْمُ سَطِيحٍ: رَبِيعَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ذِئْبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَازِنِ بْنِ غَسَّانَ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلَى ذِئْبٍ، وَشِقُّ بْنُ صَعْبِ بْنِ صَعْبِ بْنِ يَشْكُرَ بْنِ رُهْمِ بْنِ أَفْرُكَ بْنِ نَذِيرِ بْنِ بَشِيرٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا، فَقَدِمَ عَلَيْهِ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، فَقَالَ لَهُ: يَا سَطِيحُ، قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفُظِعْتُ بِهَا، فَأَخْبِرْنِي بِهَا، قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتَ حُمَمَةً، خَرَجَتْ فِي ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ فِي أَرْضٍ تَهِمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ. قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا أَخْطَأْتَ مِنْهاُ شَيْئًا يَا سَطِيحُ، فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا؟ فَقَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ، لَيَطَأَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، فَلْيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشٍ. قَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ، إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ، أَفِي زَمَانِي أَمْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ إِلَى سَبْعِينَ، يَمْضِينَ مِنَ السِّنِينَ، قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِهِم أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: لَا، بَلْ يَنْقَطِعُ لِبِضْعٍ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ بِهَا أَجْمَعِينَ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا هَارِبِينَ، قَالَ الْمَلِكُ: وَمَنِ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ مِنْ قَتْلِهِمْ وَإِخْرَاجِهِمْ؟ قَالَ: يَلِيهِمْ إِرَمُ بْنُ ذِي يَزِنٍ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنٍ، فَلَا يَتْرُكُ مِنْهُمْ أَحَدًا بِالْيَمَنِ، قَالَ: فَيَدُومُ ذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِهِ أَمْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ، قَالَ: وَمَنْ يَقْطَعُهُ؟ قَالَ: نَبِيُّ زَكِيُّ، يَأْتِيهِ الْوَحْي مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ، قَالَ: وَمِمَّنْ هَذَا النَّبِيُّ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ قَالَ: فَهَلْ لِلدَّهْرِ يَا سَطِيحُ مِنْ آخِرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمَ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونِ، يَسْعَدُ الْمُحْسِنَونَ، وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ -[90]-، قَالَ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرَنِي يَا سَطِيحُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالشَّفَقِ وَالْغَسْقِ، وَالْفَلَقِ إِذَا اتَّسَقَ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ، فَقَالَ: يَا شِقُّ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي، وَفُظِعْتُ بِهَا، فَأَخْبِرْنِي بِتَأْوِيلِهَا. قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ حُمَمَةً، خَرَجَتْ مِنْ ظُلْمَةٍ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ وَأَكَمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَةٍ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ، عَرَفَ أَنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا إِلَّا أَنَّ سَطِيحًا قَالَ: وَقَعَتْ بِأَرْضٍ تَهِمَةٍ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا أَخْطَأْتَ مِنْهَا يَا شِقُّ شَيْئًا، فَمَا عِنْدَكَ فِي تَأْوِيلِهَا؟ قَالَ: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ إِنْسَانٍ، لَيَنْزِلَنَّ أَرْضَكُمُ السُّودَانُ، فَيَغْلِبَنَّ كُلَّ ذَاتِ طَفْلَةِ الْبَنَانِ، وَلَيَمْلِكُنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى نَجْرَانَ، قَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا شِقُّ، إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ؟ أَفِي زَمَانِي أَمْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِزَمَانٍ، ثُمَّ يَسْتَنْقِذُكُمْ مِنْهُمْ عَظِيمٌ ذُو شَأْنٍ، يُذِيقُهُمْ أَشَدَّ الْهَوَانِ قَالَ: وَمَنْ هَذَا الْعَظِيمُ الشَّأْنِ؟ قَالَ: غُلَامٌ لَيْسَ بَدَنِيٍّ، وَلَا مُزْنٍ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزِنٍ، قَالَ: وَهَلْ يَدُومُ سُلْطَانُهُ أَوْ يَنْقَطِعُ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِرَسُولٍ مُرْسَلٍ، يَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ بَيْنَ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى يَوْمِ الْفَصْلِ، قَالَ: وَمَا يَوْمُ الْفَصْلِ؟ قَالَ: يَوْمٌ يُجْزَى فِيهِ الْوُلَاةُ، وَيُدْعَى فِيهِ مِنَ السَّمَاءِ بِدَعَوَاتٍ، فَتَسْمَعُ الْأَحْيَاءُ وَالْأَمْوَاتُ، وَتُجْمَعُ فِيهِ النَّاسَ لِلْمِيقَاتِ، يَكُونُ فِيهِ لِمَنِ اتَّقَى الْفَوْزُ وَالْخَيْرَاتِ، قَالَ: حَقًّا مَا تَقُولُ يَا شِقُّ؟ قَالَ: أَيْ وَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ لَحَقٌ مَا فِيهِ أَمْضٌ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ إِنَّ الَّذِي قَالَا لَكَائِنٌ "

حديث أسد بن هاشم مع خصمه

§حَدِيثُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ مَعَ خَصْمِهِ

72 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ شَكَرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدَةَ الْعَضْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ بْنِ أَبِي عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ §أَسَدَ بْنَ هَاشِمٍ قَدْ غَلَبَهَا زَمَانًا، ثُمَّ اسْتَنْفَرَ عَنْهَا، فَتَرَكَهَا وَانْحَدَرَ إِلَى مَكَّةَ، فَانْدَفَنَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ بِئْرٌ مَتْرُوكَةٌ، فَلَوْ عَالَجْتُهَا، قَالَ: فَحَفَرَ، فَأَصَابَ مَاءً كَثِيرًا، فَأَعْجَبَهُ الْمَنْزِلُ، وَأَقَامَ بِهَا، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ، كَانَتْ لَهُ بِئْرٌ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ يَرْعَى بِهَا غَنَمَهُ قَدْ غَلَبَهَا زَمَانًا، ثُمَّ اسْتَنْفَرَ عَنْهَا، فَتَرَكَهَا وَانْحَدَرَ إِلَى مَكَّةَ، فَانْدَفَنَتْ تِلْكَ الْبِئْرُ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ بِئْرٌ مَتْرُكَةً، فَلَوْ عَالَجْتُهَا. قَالَ: فَحَفَرَ، فَأَصَابَ مَاءً كَثِيرًا، فَأَعْجَبَهُ الْمَنْزِلُ، وَأَقَامَ بِهَا، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ، فَقَالَ لِلْخُزَاعِيِّ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ هَذَا الْبِئْرَ كَانَتْ لِي قَبْلَكَ، فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ: قَدْ كَانَتْ هَذَا الْبِئْرُ قَبْلَكَ وَقَبْلَ آبَائِكَ، وَقَدْ كَانَ بَعْدَ مُنْذُ حِينٍ مِنَ الدَّهْرِ، وَمَا تَدَّعِي إِلَّا بَاطِلًا، فَانْطَلِقْ حَتَّى أُخَاصِمَكَ إِلَى مَنْ شِئْتَ، فَقَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: فَانْطَلِقْ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ الْخُزَاعِيُّ: هُمْ قَوْمُكَ، يَقْضُونَ لَكَ عَلَيَّ، وَلَكِنْ أُخَاصِمُكَ إِلَى سَطِيحٍ الذُّبْيَانِيِّ، وَكَانَ سَطِيحٌ الذُّبْيَانِيُّ رَجُلًا مِنْ غَسَّانَ، فَقَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ بِنَا إِلَى أَبْعَدِ أَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْحَقَهُ؟ فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ: لَا وَاللَّهِ لَا أَرْضَى إِلَّا الذُّبْيَانِيَّ، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا صَارَا بِالرَّحْلِ، فَقَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: هَلْ لَكَ أَنْ نَخْبَأَ لِسَطِيحٍ خَبْئًا؟ فَقَالَ لَهُ الْخُزَاعِيُّ: نَعَمْ، نَنْظُرُ مَا عِنْدَهُ، فَإِنِ اسْتَخْرَجَ خَبِيئَنَا، فَهُوَ الْكَاهِنُ، فَنَادَى أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ، وَلَا يَسْمَعُ السَّامِعُ، إِنَّا قَدْ خَبَأْنَا لِسَطِيحٍ خَبْئًا، صِيصِيَّةَ بَقَرٍ، ثُمَّ سَارَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَقَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: هَلْ لَكَ أَنْ تَخْبَأَ لَهُ مِنْشَارَ جَرَادٍ، نَأْخُذُهَا حَتَّى نَجْعَلَهَا فِي عُرْوَةِ الْمُزَادَةِ فِي عُنُقِ مُهْرٍ لَنَا يُقَالُ لَهُ سَوَّارُ بْنُ الْعُنُقِ؟ فَقَالَ لَهُ الْخُزَاعِيُّ: نَعَمْ، قَالَ: فَنَادَى أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: أَلَا يَسْتَمِعُ سَامِعٌ، إِنَّا كُنَّا خَبَأْنَا لِسَطِيحٍ صِيصِيَّةَ بَقَرٍ -[92]-، وَإِنَّا خَبَأْنَا لَهُ مِنْشَارِ جَرَادَةٍ فِي عُرْوَةٍ مُزَادَةٍ بَيْنَ عُنُقِ سَوَّارٍ وَالْقِلَادَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَا يَسِيرَانِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى سَطِيحٍ، فَقَالَا: أَتَيْنَاكَ نَتَحَاكَمُ إِلَيْكَ، فَقَالَ لَهُمَا سَطِيحٌ: هَاتِيَا مَا عِنْدَكُمَا، فَقَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: إِنَّا قَدْ خَبَأْنَا لَكَ خَبْئًا، فَقَالَ لَهُمَا سَطِيحٌ: تَعْبَثَانِ وَتَبْحَثَا عَمَّا عِنْدِي قَالَا: نَعَمْ قَالَا: فَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ، فَقَالَ: وَرَبِّ الْوَافِدَةِ الْمَحْمُودَةِ، قَالَ: وَالْوَافِدَةِ الْمَحْمُودَةِ، إِنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي الشَّعْرِ، وَيُرِيدُونَ بِهَا الْكِتَابَ، وَيُسَمُّونَهَا الْوَافِدَةُ، لَقَدْ خَبَأْتُمَا لِي صِيصِيَّةَ بَقَرٍ، قَالَا: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، قَالَ: ذَكَرْتُمَا فِيمَا ذَكَرْتُمَا صِيصِيَّةَ بَقَرٍ، فَبِمَا ذُكِرَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: وَلَاذَ أَفَهَذَا مِنْشَارُ جَرَادَةٍ فِي عُرْوَةٍ مُزَادَةٍ بَيْنَ عُنُقِ الْمُهْرِ وَالْقِلَادَةِ؟ قَالَا: صَدَقْتَ، قَالَ: هَاتِيَا مَا عِنْدَكُمَا قَالَ لَهُ أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ: كَانَتْ لِي بِئْرٌ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ، اشْتَرَيْتُهَا، وَرَعَيْتُ بِهَا زَمَانًا، ثُمَّ اسْتَغْنَيْتُ عَنْهَا، فَانْدَفَنَتْ، فَمَرَّ بِهَا هَذَا الْخُزَاعِيُّ، فَحَفَرَهَا وَأَصْلَحَهَا، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ، فَقَالَ الْخُزَاعِيُّ: مَرَرْتُ عَلَى بِئْرٍ مُنْدَفِنَةٍ، فَفَلَقْتُهَا، وَأَصْلَحْتُهَا، فَجَاءَ هَذَا يَدَّعِي فِيهَا الْبَاطِلَ، فَنَظَرَ سَطِيحٌ إِلَى أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: أَسَدُ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: وَرَبِّ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَاللُّؤْمِ وَالْكَرَمِ، لَاشْتَرَاهَا ابْنَ هَاشِمٍ بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ، فَقَضَاهَا لِأَسَدٍ، فَقَالَ أَسَدٌ: اشْتَرَيْتُهَا بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ، مَا زَادَتْ وَاحِدَةً وَلَا نَقَصَ "

73 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحِمْصِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَطِيحٍ؟ قَالَ: §«نَبِيُّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

قَالَ بَقِيَّةُ: " §وَاسْمُ سَطِيحٍ: نُعَيْمُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، مِنْ -[93]- بَنِي الذِّئْبِ، بَطْنٌ مِنْ غَسَّانَ مِنَ الْأَزْدِ " قَالَ الشَّيْخُ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ»

74 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَطِيرٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ الرَّبِيعَةَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: " قِيلَ لِسَطِيحٍ الذُّبْيَانِيِّ: §مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا الْعِلْمُ؟ قَالَ: مِنْ أَخٍ لِي، هَذَا الْوَحْي بِطُورِ سَيْنَاءَ "

حديث كسرى

§حَدِيثُ كِسْرَى

75 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَزَّارُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ النُّعْمَانِ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ لَهُ عِشْرُونَ وَمِئَةُ سَنَةٍ قَالَ: " §لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ سَنَةٍ، وَرَأَى الْمُوبَذَانُ كَأَنَّ إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ قَالَ: فَمَا تَرَى ذَلِكَ؟ فَتَجَلَّدَ كِسْرَى، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ، وَلَبِسَ تَاجَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُوبَذَانِ، فَقَالَ: يَا مُوبَذَانُ، إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ إِيوَانِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ الْيَوْمِ بِأَلْفِ عَامٍ، فَقَالَ: وَأَنَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، قَدْ رَأَيْتُ كأن إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ قَالَ: فَمَا تَرَى يَا مُوبَذَانُ؟ وَكَانَ رَأْسُهُمْ فِي الْعِلْمِ قَالَ: حَدْثٌ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ، فَكَتَبَ حِينَئِذٍ: مِنْ كِسْرَى مَلَكِ الْمُلُوكِ، إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يُخْبِرْنِي بِمَا -[94]- أَسْأَلُهُ عَنْهُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدَ الْمَسِيحِ بْنَ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِمَّا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ قَالَ: يَسْأَلُنِي الْمَلِكُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ أَعْلَمْتَهُ، وَإِلَّا فَأَعْلَمْتُهُ بِمَنْ عِلْمُهُ عِنْدَهُ، فَيُخْبِرُكَ بِهِ. فَأَخْبَرَهُ بِهِ، فَقَالَ: عِلْمُهُ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ، قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، وَسَلْهُ، فَأَخْبِرْنِي بِمَا يُخْبِرُكَ بِهِ، فَخَرَجَ عَبْدُ الْمَسِيحِ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى سَطِيحٍ، وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ. قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَحَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يُجِبْهُ سَطِيحٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ: [البحر الرجز] أَصَمٌّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ ... أَمْ فَازَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ ... أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ ... تَحْمِلُنِي وَجْنًا وَتَهْوِي بِي وَجَنْ حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِي وَالْقَطَنْ ... أَزْرَقُ مُمْهِي النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنْ قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: عَبْدُ الْمَسِيحِ يَهْوِي إِلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَوْفَى عَلَى الضَّرِيحِ، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ، لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا الْمُوبَذَانِ، رَأَى إِبِلًا صِعَابًا، تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا، قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ، إِذَا ظَهَرَتِ التِّلَاوَةْ، وَغَارَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةْ، وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةْ، وَخَرَجَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ، فَلَيْستَ الشَّامُ بِالشَّامِ، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ، عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَامَ عَبْدُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ يَقُولُ: [البحر البسيط] شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الدَّهْرِ شِمِّيرُ ... لَا يُفْزِعَنَّكَ تَشْرِيدٌ وَتَغْرِيرُ فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ ... يَهَابُ صَوْلَهُمُ الْأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامَ وَإِخْوَتُهُ ... وَالْهُرْمُزَانُ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا ... أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ إَمَا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا ... فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ -[95]- وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَجْمُوعَانِ فِي قَرَنٍ ... فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ لَفْظُ حَدِيثِ الْمَحْمُودِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

76 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ ذَكَرَ " أَنَّ §رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ. قَالَ: ائْتِنِي بِشُهَدَاءَ أُشْهِدُهُمْ. قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا قَالَ: ائْتِنِي بِكَفِيلٍ قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ: صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ الْتَمَسَ مَرْكَبًا يَقْدُمُ عَلَيْهِ لِلْأَجَلِ الَّذِي أَجَّلَهُ، فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا، فَأَخَذَ خَشَبَةً، فَنَقَرَهَا، وَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَصَحِيفَةً مَعَهَا إِلَى صَاحِبِهَا، ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا، ثُمَّ أَتَى بِهَا الْبَحْرَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قد عَلِمْتُ أَنِّي اسْتَلَفْتُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَأَلَنِي كَفِيلًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، فَرَضِيَ بِذَلِكَ، وَسَأَلَنِي شَهِيدًا، فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَرَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنِّي قَدْ جَهَدْتُ أَنْ أَجِدَ مَرْكَبًا أَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالَّذِي لَهُ، فَلَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا، وَإِنِّي اسْتَوْدَعْتُكَهَا، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ يَنْظُرُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَطْلُبُ مَرْكَبًا يَخْرُجُ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ يَنْظُرُ، لَعَلَّ مَرْكَبًا يَجِئْهُ بِمَالِهِ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَالُ، فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا كَسَرَهَا، وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ، ثُمَّ قَدِمَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ تَسَلَّفَ مِنْهُ، فَأَتَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ جَاهِدًا فِي طَلَبِ مَرْكَبٍ لِآتِيكَ بِمَالِكَ، فَمَا وَجَدْتُ مَرْكَبًا قَبْلَ الَّذِي أَتَيْتُ فِيهِ، قَالَ: هَلْ كُنْتَ بَعَثْتَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ مَرْكَبًا قَبْلَ هَذَا الَّذِي جِئْتُ بِهِ؟ قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَدَّى عَنْكَ الَّذِي بَعَثْتَ بِهِ فِي الْخَشَبَةِ، فَانْصَرِفْ بِأَلْفِكَ رَاشِدًا "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

77 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيَاهٍ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الطَّرَسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَسَارٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَرْبِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاوَاتِ، رَأَيْتُ فِيهَا عَجَائِبَ مِنْ عَبَّادِ اللَّهِ، وَمَنْ خَلْقِهِ، مِنْ ذَلِكَ: أَنِّي رَأَيْتُ فِيَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا دِيكًا لَهُ زَغَبٌ أَخْضَرُ، وَرِيشٌ أَبْيَضُ، رِيشُهُ كَأَشَدِّ بَيَاض وَزَغَبُهُ تَحْتَ رِيشِهِ أَخْضَرُ كَأَشَدِّ خُضْرَةً رَأَيْتُهَا قَطُّ، وَإِذَا رِجْلَاهُ فِي تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، وَرَأْسُهُ عِنْدَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ جَلَّ جَلَالُهُ، مَثْنِيُّ عُنُقَهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، لَهُ جَنَاحَانِ فِي مِنْكَبَيْنِ إِذَا نَشَرَهُمَا جَاوَزَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، فَإِذَا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ، وَخَفِقَ بِهِمَا بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ، يَقُولُ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، اللَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِيَكَةُ الْأَرْضِ كُلُّهَا، وَخَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا، وَأَخَذَتْ فِي الصُّرَاخِ، فَإِذَا سَكَتَ ذَلِكَ الدِّيكُ فِي السَّمَاءِ، سَكَتَتِ الدِّيَكَةُ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ نَشَرَ جَنَاحَيْهِ فَجَاوَزَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ، وَخَفِقَ بِهِمَا، وَصَرَخَ بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ، سُبْحَانَ اللَّهِ ذِي الْعَرْشِ الرَّفِيعِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ سَبَّحَتْ دِيَكَةُ الْأَرْضِ كُلُّهَا، وَخَفَقَتْ بِأَجْنِحَتِهَا، وَأَخَذَتْ فِي الصُّرَاخِ، فَإِذَا سَكَتَ ذَلِكَ الدِّيكُ فِي السَّمَاءِ، سَكَتَتِ الدِّيَكَةُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ إِذَا صَاحَ ذَلِكَ الدِّيكُ فِي السَّمَاءِ صَاحَتِ الدِّيَكَةُ فِي الْأَرْضِ، يُجَاوِبْنَهُ بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقُلْنَ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَمْ أَزَلْ مُنْذُ رَأَيْتُ ذَلِكَ الدِّيكَ مُشْتَاقًا إِلَى أَنْ أُرَاهُ الثَّانِيَةَ»

78 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسُوحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَدِيكًا، بَرَاثِنُهُ عَلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَعُرْفُهُ مُنْطَوٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، قَدْ أَحَاطَ جَنَاحَاهُ بِالْأُفُقَيْنِ، فَإِذَا بَقِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخَرِ، ضَرَبَ جَنَاحَهُ» . ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، ثَلَاثًا، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، فَيَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ» . قَالَ: «فَيَرَوْنَ الدِّيَكَةَ إِنَّمَا تَضْرِبُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَتَصِيحُ إِذَا سَمِعَتْ»

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

79 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §رَجُلًا كَانَ يَبِيعُ الْخَمْرَ فِي سَفِينَةٍ، وَكَانَ يَشُوبُهَا بِالْمَاءِ، وَكَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ قِرْدٌ» . قَالَ: «فَأَخَذَ الْكِيسَ، وَفِيهِ الدَّنَانِيرُ» . قَالَ: «فَصَعِدَ الدَّرَقَ، يَعْنِي الدَّقَلَ، فَفَتَحَ الْكِيسَ، فَجَعَلَ يُلْقِي فِي الْبَحْرِ دِينَارًا، وَفِي السَّفِينَةِ دِينَارًا، وَفِي الْبَحْرِ دِينَارًا، وَفِي السَّفِينَةِ دِينَارًا، حَتَّى -[98]- لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ»

80 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ §رَجُلًا حَمَلَ مَعَهُ خَمْرًا فِي سَفِينَةٍ يَبِيعَهُ، وَمَعَهُ قِرْدٌ» . قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَاعَ الْخَمْرُ شَابَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ بَاعَهُ ". قَالَ: «فَأَخَذَ الْقِرْدُ الْكِيسَ، فَصَعِدَ بِهِ فَوْقَ الدَّقَلِ» . قَالَ: «فَجَعَلَ يَطْرَحُ دِينَارًا فِي الْبَحْرِ، وَدِينَارًا فِي السَّفِينَةِ، حَتَّى قَسَمَهُ»

حديث بدو حال النجاشي

§حَدِيثُ بُدُوِّ حَالِ النَّجَاشِيِّ

81 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ عُرْوَةَ، حَدَّثَهُ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِي: " §أَتَدْرِي مَا قَوْلُ النَّجَاشِيِّ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رَشْوَةً عَلَى دِينِي؟ فَقُلْتُ: لَا، فقَالَتْ: كَانَ ابْنَ مَلِكِ قَوْمِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ لَهُ أَخٌ لَهُ اثْنَا عَشَرَ ذَكَرًا، فَقَالَتِ الْحَبَشَةُ: هَذَا بَيْتُ مَمْلَكَتِكُمْ، وَإِنَّمَا لِمَلِكِكُمْ وَلَدٌ وَاحِدٌ، فَنَخْشَى أَنْ يَهْلِكَ، فَتَخْتَلِفُ الْحَبَشَةُ بَعْدَهُ، حَتَّى تَفْنَى، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ نَقْتُلَهُ وَنُمَلِّكُ أَخَاهُ، فَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَعَدُوا عَلَيْهِ، فَقَتَلُوهُ، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ، وَكَانَ النَّجَاشِيُّ ذَا رَأْي وَدَهَاءٍ وَفَهْمٍ، وَلَمْ يَكُنْ عَمُّهُ يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْحَبَشَةُ ذَلِكَ، قَالُوا: وَاللَّهِ، لَيَسْتَبِدَنَّ هَذَا الْغُلَامُ أَمْرَكُمْ، وَلَئِنْ فَعَلَ لَا يَبْقَى مِنْكُمْ شَرِيفٌ إِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّكُمْ أَصْحَابُ أَبِيهِ، الَّذِينَ قَتَلُوهُ، فَقَالُوا لِعَمِّهِ: إِنَّا لَنَرَى مَكَانَ هَذَا الْغُلَامِ مِنْكَ، وَطَاعَتِكَ إِيَّاهُ، وَإِنَّهُ قَدْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا، فَإِمَّا أَنْ تَقْتُلَهُ -[99]-، وَإِمَّا أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ بِلَادِنَا، فَقَالَ: وَيْحَكُمْ قَتَلْنَا أَبَاهُ بِالْأَمْسِ، وَنَقْتُلَهُ الْيَوْمَ أَمَّا قَتْلُهُ فَلَسْتُ بِقَاتِلِهِ، وَلَكِنِّي سَوْفَ أُخْرِجُهُ مِنْ بِلَادِكُمْ، فَأَمَرَ بِهِ، فَوَقَفَ فِي السُّوقِ، فَاشْتَرَاهُ تَاجِرٌ مِنَ التُّجَّارِ بِسِتِّ مِئَةِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَ إِلَيْهِمُ الْمَالَ، وَانْطَلَقَ بِالْغُلَامِ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَتِ الْعَشِيَّةُ، هَاجَتْ سَحَابَةٌ مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ، فَخَرَجَ عَمُّهُ يَسْتَمْطِرُ تَحْتَهَا، فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ، فَقَتَلْتُهُ، وَفَزِعُوا إِلَى بَنِيهِ، فَإِذَا لَيْسَ فِي أَحَدٍ مِنْهُمْ خَيْرٌ، فَقَالَتِ الْحَبَشَةُ: تَعْلَمَنَّ وَاللَّهِ إِنَّ مَلِكَكُمُ الْغُلَامَ الَّذِي بِعْتُمْ فِي صَدْرِ يَوْمِكُمْ، وَلَئِنْ فَاتَكُمْ لَيَفْسَدَنَّ أَمْرُكُمْ، فَأَدْرَكُوه، فَطَلَبُوهُ، فَرَدُّوهُ، وَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ التَّاجَ، فَأَجْلَسُوهُ عَلَى سَرِيرِ الْمَلِكِ، وَبَايَعُوهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ قَالَ لَهُمُ التَّاجِرُ: رُدُّوا عَلَيَّ مَالِي، أَوْ أَسْلِمُوا إِلَيَّ غُلَامِي، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُعْطِيكَ شَيْئًا، قَدْ عَرَفْتَ مَكَانَ صَاحِبِكَ، فَأَنْتَ وَذَاكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ، لَئِنْ لَمْ تَفْعَلُوا لَأُكَلِّمَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، ابْتَعْتُ غُلَامًا عَلَانِيَةً، غَيْرَ سِرٍّ، بِسُوقٍ مِنَ الْأَسْوَاقِ، فَأَعْطَيْتُهُمُ الثَّمَنَ، وَسَلَّمُوا إِلَيَّ الْغُلَامَ، ثُمَّ عُدِيَ عَلَيَّ، فَانْتُزِعَ غُلَامِي مِنِّي، وَأُمْسِكَ عَنِّي مَالِي، فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ فَالْتَفَتَ إِلَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: لَتُعْطِيَنَّهُ مَالَهُ، أَوْ لَيُسَلَّمَنَّ الْغُلَامُ فِي يَدِهِ؛ لِيَذْهَبَنَّ مَعَهُ، فَقَالُوا: نُعْطِيهِ مَالَهُ. فَذَاكَ أَوَّلُ مَا عُرِفَ مِنْ صِدْقِهِ، وَعَدْلِهِ، وَصَلَابَتِهِ فِي الْحُكْمِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي رَشْوَةً، حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، وَلَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ، فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ "

حديث المائدة

§حَدِيثُ الْمَائِدَةِ

82 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ تَمِيمٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَ قَالَ: §" لَمَّا سَأَلَ الْحَوَارِيُّونَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ لَهُمُ الْمَائِدَةَ قَالَ: قَامَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَأَلْقَى الصُّوفَ عَنْهُ، وَلَبِسَ الشَّعْرَ وَالتُّحْفَةَ، وَوَضَعَ -[100]- يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَصَفَّ بَيْنَ قَدَمَيْهِ، وَأَلْزَقَ الْكَعْبَ بِالْكَعْبِ، وَالْإِبْهَامَ بِالْإِبْهَامِ، وَخَفَضَ بِرَأْسِهِ خَاشِعًا، ثُمَّ أَرْسَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ، حَتَّى سَالَتِ الدُّمُوعُ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَجَعَلَتْ تَقْطُرُ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا، تَكُونُ لَنَا عِظَةً مِنْكَ، تَكُونُ لَنَا عَلَامَةً مِنْكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، وَارْزُقْنَا عَلَيْهَا طَعَامًا نَأْكُلُهُ، وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. قَالَ: فَنَزَلَتْ سُفْرَةٌ حَمْرَاءُ فِي الْهَوَاءِ، بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ، غَمَامَةٍ فَوْقَهَا، وَغَمَامَةٍ تَحْتَهَا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا تَهْوِي مُنْقَضَّةً فِي الْهَوَاءِ، وَعِيسَى يَبْكِي، وَيَقُولُ: إِلَهِي، اجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ، إِلَهِي، اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، إِلَهِي، كَمْ أَسْأَلُكَ مِنَ الْعَجَائِبِ فَتُعْطِينِي، إِلَهِي، أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَنْزَلْتَهَا غَضَبًا وَرجْزًا، اللَّهُمَّ، اجْعَلْهَا عَافِيَةً وَسَلَامَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا مُثْلَةً وَلَا فِتْنَةً، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ عِيسَى، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَجِدُونَ رِيحًا طَيْبَةً، لَمْ يَجِدُوا مِثْلَهَا، وَخَرَّ عِيسَى سَاجِدًا، وَخَرَّ الْحَوَارِيُّونَ مَعَهُ، فَبَلَغَ الْيَهُودَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلُوا عُتًا وَكُفْرًا، يَنْظُرُونَ فَرَأَوْا أَمْرًا عَجَبًا، وَإِذَا مِنْدِيلٌ مُغَطًّى عَلَى السُّفْرَةِ، وَجَاءَ عِيسَى، فَجَلَسَ يَقُولُ: مَنْ أَجْرَؤُنَا وَأَوْثَقُنَا بِنَفْسِهِ، وَأَحْسَنُنَا بَلَاءً عِنْدَ رَبِّهِ، فَلْيَكْشِفْ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى نَنْظُرَ، وَنَأْكُلَ، وَنُسَمِّيَ بِاسْمِ رَبِّنَا، وَنَحْمَدَ إِلَهَنَا؟ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ: أَنْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ عِيسَى وُضُوءًا حَسَنًا، وَصَلَّى صَلَاةً جَدِيدَةً، وَدَعَا رَبَّهُ دُعَاءً كَثِيرًا، وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ السُّفْرَةِ، إِذَا سَمَكَةٌ مَشْوِيَّةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِلُوسٌ، وَلَيْسَ لَهَا شَوْكٌ، تَسِيلُ سَيْلًا مِنَ السَّمْنِ، وَقَدْ نُصِبَ حَوْلَهَا مِنَ الْبُقُولِ، وَإِذَا عِنْدَ رَأْسِهَا خَلٌّ، وَعِنْدَ ذَنَبِهَا مِلْحٌ وَخَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ، وَخَمْسُ رُمَّانَاتٍ، وَخَمْسُ تَمَرَاتٍ. قَالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ: يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا، أَمْ طَعَامِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ عِيسَى: أَوَ مَا اسْتَيْقَنْتُمْ مَا أَخْوَفُنِي أَنْ تُعَاقَبُوا؟ قَالَ: لَا وَإِلَهِ إِسْرَائِيلَ، مَا أَرَدْتُ بِمَا سَأَلْتُكَ سُوءًا يَا ابْنَ الصِّدِّيقَةِ، قَالَ: نَزَلَتْ وَمَا عَلَيْهَا مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ عَلَيْهَا مِنْ -[101]- طَعَامِ الدُّنْيَا، وَلَا مِنْ طَعَامِ الْآخِرَةِ، وَهِيَ وَمَا عَلَيْهَا شَيْءٌ ابْتَدَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَةِ، إِنَّمَا قَالَ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ، فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ، وَاحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبَّكُمْ يَمُدَّكُمْ وَيُزِدْكُمْ، فَإِنَّهُ الْقَادِرُ الْبَدِيعُ لَمَّا يَشَاءُ، إِذَا شَاءَ يَقُولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ، قَالُوا: يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ إِنْ أَرَيْتَنَا الْيَوْمَ آيَةً مِنْ هَذِهِ السَّمَكَةِ، فَقَالَ عِيسَى: يَا سَمَكَةُ، إِحْيِي بِإِذْنِ اللَّهِ قَالَ: فَاضْطَرَبَتِ السَّمَكَةُ طَرِيَّةً، تَدُورُ عَيْنَاهَا، لَهَا بَصِيصٌ تَلْمَظُ بِفِيهَا، كَمَا يَتَلَمَّظُ السَّبْعُ، وَعَادَ عَلَيْهَا فُلُوسُهَا، فَفَزِعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ عِيسَى: مَا لَكُمْ تَسْأَلُونَ الشَّيْءَ، فَإِذَا أُعْطَيْتُمُوهُ كَرِهْتُمُوهُ، مَا أَخْوَفُنِي أَنْ تَعْبُدُوا هَذِهِ السَّمَكَةِ، قَالَ: عُودِي كَمَا كُنْتِ بِإِذْنِ اللَّهِ. قَالَ: فَعَادَتْ مَشْوِيَّةً فِي حَالِهَا، قَالُوا: كُنْ أَنْتَ يَا رَوْحَ اللَّهِ أَوَّلَ مَنْ يَأْكُلُ، ثُمَّ نَأْكُلُ بَعْدُ، فَقَالَ عِيسَى: مَعَاذَ اللَّهِ، بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا مَنْ طَلَبَهَا وَسَأَلَهَا، فَفَرِقَ الْحَوَارِيُّونَ أَنْ تَكُونَ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ سَخْطَةً فِيهَا مِثْلَهُ، فَلَمْ يَأْكُلُوا، وَدَعَا عِيسَى لَهَا أَهْلُ الْفَاقَةِ، وَالزَّمَانَةِ مِنَ الْعُمْيَانِ، وَالْمَجْذُومِينَ، وَالْبُرْصِ، وَالْمُقْعَدِينَ، وَأَصْحَابِ الْمَاءِ الْأَصْفَرِ، وَالْمَجَانِينَ، وَالْمَخْبُلِينَ قَالَ: كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةِ نَبِيِّكُمْ، فَإِنَّهُ رِزْقُ رَبِّكُمْ تَكُونُ الْمُهْنَاةُ لَكُمْ، وَالْبَلَاءُ لِغَيْرِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَكُلُوا، فَفَعَلُوا فَصَدَرَ عَنْ تِلْكَ السَّمَكَةِ، وَالْأَرْغِفَةِ، وَالرُّمَّانَاتِ، وَالتَّمَرَاتِ، وَالْبُقُولِ أَلْفُ وَثَلَاثُ مِئَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، بَيْنَ فَقِيرٍ جَائِعٍ، وَزَمِنٍ نَاقِهٍ رَغِيبًا، كُلُّهُمْ شَبْعَانُ يَتَجَشَّأُ، وَنَظَرَ عِيسَى، فَإِذَا مَا عَلَيْهَا كَهَيْئَتِهِ حِينَ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ، وَرُفِعَتِ السُّفْرَةُ إِلَى السَّمَاءِ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا، وَاسْتَغْنَى كُلُّ فَقِيرٍ أَكَلَ مِنْهَا يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يَزَلْ غَنِيًّا حَتَّى مَاتَ، وَبَرِئَ كُلُّ زَمِنٍ مِنْ زَمَانَتِهِ، فَلَمْ يَزْمَنْ حَتَّى مَاتَ، وَنَدِمَ الْحَوَارِيُّونَ وَسَائِرُ النَّاسِ مِمَّنْ أَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا؛ لَمَّا رَأَوْا حُسْنَ حَالِهِمْ حَسْرَةً، فَشَابَتْ مِنْهَا أَشْعَارُهُمْ قَالَ: فَكَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَقْبَلُوا إِلَيْهَا صُوَرًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ يَسْعَوْنَ، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَالضُّعَفَاءُ وَالْأَشِدَّاءُ، وَالصِّغَارُ وَالْكِبَارُ، وَالْأَصِحَّاءُ وَالْمَرْضَى، يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ جَعَلَهَا نَوْبًا بَيْنَهُمْ قَالَ -[102]-: وَكَانَتْ تَنْزِلُ غِبًّا يَوْمًا وَلَا تَنْزِلُ يَوْمًا، كَنَاقَةِ ثَمُودٍ تَرْعَى يَوْمًا وَتُرَدُّ يَوْمًا، فَلَبِثَتْ بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، تَغِبُّ يَوْمًا، وَتَنْزِلُ يَوْمًا، يُؤْكَلُ مِنْهَا، حَتَّى إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ، طَارَتْ صُعُدًا، يَنْظُرُونَ إِلَى ظِلِّهَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَوَارَتْ عَنْهُمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنِ اجْعَلْ مَائِدَتِي رِزْقًا لِلْيَتَامَى وَالزَّمْنَى دُونَ الْأَغْنِيَاءِ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، وَأَذَاعُوا الْقَبِيحَ حَتَّى شَكُّوا وَشَكَّكُوا فِيهِ النَّاسَ، فَوَقَعَتْ فِيهِ الْفِتْنَةُ فِي قُلُوبِ الْمُرِيدِينَ. قَالَ قَائِلُهُمْ: يَا رَوْحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ، إِنَّ الْمَائِدَةَ لَحَقٌّ، إِنَّهَا لَمُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. قَالَ عِيسَى: وَيْحَكُمْ هَلَكْتُمْ، تُيَسِّرُوا لِلْعَذَابِ إِنْ لَمْ يَرْحَمْكُمْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى أَنِّي آخِذٌ بِشَرْطِي مِنَ الْمُكَذِّبِينَ، قَدِ اشْتَرَطْتُ عَلَيْهِمْ أَنِّي مُعَذِّبٌ مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، بَعْدَ نُزُولِهَا قَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ، قَالَ: فَمَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا خَنَازِيرَ مِنْ لَيْلَتِهِمْ، فَأَصْبَحُوا يَأْكُلُونَ مَا فِي الْحُشُوشِ، وَيَتَّبِعُونَ مَا فِي الْكُنَاسَةِ وَالطَّرْقِ، وَنَامُوا أَوَّلَ اللَّيْلِ عَلَى فُرُشِهِمْ مَعَ نِسَائِهِمْ فِي دِيَارِهِمْ بِأَحْسَنِ صُورَةٍ، وَأَوْسَعِ رِزْقٍ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَفِرُّونَ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَزَعًا وَفَرَقًا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِيسَى يَبْكِي عَلَيْهِمْ، وَيَبْكُونَ مَعَهُ عَلَيْهِمْ، وَجَاءَتِ الْخَنَازِيرُ تَسْعَى حِينَ أَبْصَرَتْهُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَيَمْشُونَ إِلَيْهِ، وَيَشُمُّونَ رِيحَهُ، وَيَسْجُدُونَ لَهُ، وَأَعْيُنُهْمُ تَسِيلُ دُمُوعًا، لَا يَسْتَطِيعُونَ الْكَلَامَ، ثُمَّ قَامَ عِيسَى يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ، يَا فُلَانُ، فَيَقُولُ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ، يَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ قَدْ كُنْتُ أُخَوِّفُكُمْ عَذَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعُقُوبَتَهُ، فَكَأَنِّي قَدْ أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ مُمَثَّلًا بِكُمْ فِي غَيْرِ صُورَتِكُمْ. . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِقَوْمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ، وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمِ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6] ، وَقَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} قَالَ: فَسَأَلَ عِيسَى رَبَّهُ أَنْ يُمِيتَهُمْ، فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَمَا رَأَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنَ النَّاسِ جِيفَةً فِي الْأَرْضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ "

حديث المأمون بن معاوية

§حَدِيثُ الْمَأْمُونِ بْنِ مُعَاوِيَةَ

83 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ الْوَزَّانُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَعْدَانَ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطِّيبُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا السَّكَنُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ عَوَانَةَ، قَالَ: " قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَوْمًا لِجُلَسَائِهِ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ وَقَعَ إِلَيْهِ خَبَرٌ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَبْلَ ظُهُورِهِ، فَقَالَ طُفَيْلُ بْنُ يَزِيدَ الْحَارِثِيُّ، وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ مِئَةٌ وَسِتُّونَ: نَعَمْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، §كَانَ الْمَأْمُونُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْحَارِثِيُّ عَلَى مَا بَلَغَكَ مِنْ كَهَانَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَكَانَتْ عُقَابٌ لَا تَزَالُ تَأْتِيَهُ بَيْنَ الْأَنَامِ، فَتَقَعُ أَمَامَهُ، فَتَصِيحُ. فَيَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، فَنَجِدُ كَمَا يَقُولُ، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَيْنَا فِي كُلِّ يَوْمِ أَحَدٍ، عَلَيْهِ بُرْنُسٌ أَسْوَدُ، فَيَخْطُبُ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَأَقْبَلَتِ الْعُقَابُ يَوْمَ عَرُوبَةَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، فَصَرَّتْ، ثُمَّ نَهَضَتْ، فَلَمَّا تَعَالَتِ الشَّمْسُ، خَرَجَ عَلَيْنَا فِي ثِيَابٍ بِيضٍ مِنْ ثِيَابِ مِصْرَ، يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، فَاجْتُمِعَ إِلَيْهِ، فَأَسْنَدَ الْعَصَا إِلَى صَدْرِهِ، وَأَطْرَقَ طَوِيلًا، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَنَامَ أَبُو الْكَبْشَمِ؟ فَقُلْتُ: كَلَّا، وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ يُبْحِي نَهَارَ بِنَا ذَاتَ وَبَرٍ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَصَعِدَ بِطَرْفِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ رَمَى بِهِ شَرْقًا وَغَرْبًا، ثُمَّ قَالَ: نَهَارٌ يَجُولُ، وَلَيْلٌ يَزُولُ، وَشَمْسٌ تَجْرِي، وَقَمَرٌ يَسْرِي، ونجوم تمور، وَفَلَكٌ يَدُورُ، وَسَحَابٌ مُكْفَهِرٌّ وَبَحْرٌ مُسْتَطِيرٌ، وَجِبَالٌ غُبْرٌ، وَأَشْجَارٌ خُضْرٌ، وَخَلْقٌ تَمُورُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ بَيْنَ سَمَاءٍ وَأَرْضٍ، وَوَالِدٌ يُتْلِفُ، وَوَلَدٌ يَخْلُفُ، مَا خَلَقَ اللَّهُ هَذَا بَاطِلًا، وَإِنَّ مَا تَرَوْنَ ثَوَابًا، وَعِقَابًا، وَحَشْرًا، وَنَشْرًا، وَوُقُوفًا بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ. قَالَ: قُلْنَا: مَنِ الْجَبَّارُ؟ قَالَ: الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. قَالَ: فَنَهَضَ عَظِيمُ -[104]- الْأَسَاقِفَةِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، فَوَاللَّهِ، لَئِنْ تَسَامَعَتِ الْعَرَبُ لِقَوْلِكَ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْنَا مِنْهُمُ اثْنَانِ، فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي، كَيْفَ أَنْتَ إِذَا ظَهْرَ الْعَبْدُ الْأَمِينُ بِخَيْرِ دِينٍ، يَا لَيْتَ أَنِّي أَلْحَقُهُ، وَلَيْتَنِي لَا أَسْبِقُهُ، إِنَّ فُؤَادِي يُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ، وَكُنْتُ أَقْرَبُ الْقَوْمِ لَهُ قَرَابَةً: يَا أَبَا الْكَبْشَمِ وَأَيْنَ مَخْرَجُهُ؟ فَقَالَ: غَوْرُ تِهَامَةَ، قُلْتُ: وَمَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: إِذَا جَاءَ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَقٌّ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الْعُقَابُ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصَرَّتْ صَرِيرًا شَدِيدًا، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: قَدْ فَعَلْتِ، قَدْ بَلَّغْتِ، ثُمَّ نَهَضَتْ، فَطَارَتْ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، وَضَرَبَ الدَّهْرُ مِنْ ضَرَبَاتِهِ، فَأَتَانَا خَبَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَظُهُورِهِ بِتِهَامَةَ، فَقُلْتُ: يَا نَفْسُ، هَذَا ذَاكَ، وَتَرَاخَتِ الْأَيَّامُ إِلَى أَنْ وَفَدْتُ، فَأَسْلَمْتُ "

حديث حمير بن عبد الله

§حَدِيثُ حِمْيَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

84 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيس َ ابْنِ بِنْتِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَجْلِسًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عجبا مِنَ الْعَجَبِ؟ قَالَ: «§هَاتِ يَا ابْنَ سَلَامٍ» . قَالَ: خَرَجَ حِمْيَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي مَصِيدٍ لَهُ، حَتَّى إِذَا أَصْحَرَ انْسَابَتْ حَيَّةٌ تَحْتَ قَوَائِمِ فَرَسِهِ، فَقَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا، فَقَالَتْ: يَا حِمْيَرُ، آوِنِي، آوَاكَ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ قَالَ لَهَا: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَطْعَنِّني بِسَيْفِهِ إِرْبًا إِرْبًا. قَالَ: فَأَيْنَ أُدْخِلُكِ؟ قَالَتْ: فِي فِيكَ، إِنْ أَرَدْتَ الْمَعْرُوفَ. قَالَ: هَذَا فَمِي. فَانْسَابِتِ الْحَيَّةُ، فَدَخَلَتْ فِي فِيهِ، فَمَادَتْ فِي -[105]- جَوْفِهِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ مُغْضَبًا، بِيَدِهِ سَيْفٌ يَطْلُبُهَا، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، الْحَيَّةُ الَّتِي أَنَاخَتْ بِكَنَفِكَ، وَانْسَابَتْ تَحْتَ قَوَائِمِ دَابَّتِكَ، أَرَأَيْتَهَا؟ فَقَالَ حِمْيَرٌ: لَا، فَقَالَ: عَظُمَتْ كَلِمَةٌ خَرَجَتْ مِنْ فِيكَ فَقَالَ حِمْيَرٌ: اللَّهُمَّ غَفْرًا أُخْبِرُكَ أَنِّي لَمْ أَرَهَا، فَتُكَذِّبُنِي، وَتُرَدُّ عَلَيَّ لَفْظِي، مَا جَاءَ مِنْكَ أَعْظَمُ قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ لِسَبِيلِهِ، فَقَالَتِ الْحَيَّةُ مِنْ جَوْفِهِ: مَا فَعَلَ الرَّجُلُ، أَيَأْخُذُهُ بَصَرُكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِذْ رَعَيْتَ حَقِّي، وَحَفِظْتَ ذِمَامِي، فَاخْتَرْ مِنِّي وَاحِدَةً مِنَ اثْنَتَيْنِ: إِمَّا أَنْ أَنْكُتُ قَلْبَكَ نُكْتَةً أَدَعَكَ مِنْهَا رَمِيمًا، وَإِمَّا أَنْ أَنْقُرَ كَبِدَكَ فَأُخْرِجَهَا مِنْ أَسْفَلِكَ قِطَعًا قَالَ: مَا كَافَأْتَنِي أَنْقَذْتُكِ مِنْ عَدُوِّكِ، وَجَعَلْتُ جَوْفِي لَكِ وِعَاءً، فَأَعْقَبْتِنِي أَنْ تَنْقُرِي كَبِدِي، أَوْ تَنْكُتِي قَلْبِي فَقَالَتْ: يَا جَاهِلُ، اتِّخَاذُكَ عِنْدِي الْمَعْرُوفَ لِأَيِّ شَيْءٍ؟ وَاللَّهِ مَا لِي دَارٌ أَسْكُنُهَا، وَلَا مَالٌ أَمْلِكُهُ، وَلَا دَابَّةٌ أَحْمِلُكَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَلَقَدْ عَلِمْتَ عَدَاوَتِي لِأَبِيكَ آدَمَ، حَتَّى أَخْرَجْتُهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَأَهْبَطْتُهُ إِلَى الْأَرْضِ قَالَ: أَرَدْتُ بِذَلِكَ وَجْهَ الْأَعَزِّ الْأَكْرَمِ قَالَتْ: مَا بُدَّ مِنْ أَنْ أُنْزِلَ بِكَ النَّازِلَةَ، وَأُوقِعَ بِكَ الْوَاقِعَةَ، قَالَ: فَلْيَكُنْ مَا أَرَدْتِ بِي فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَعَنْ يَمِينِهِ جَبَلٌ، قَدِ امْتَدَّ ظِلُّهُ، وَتَنَاثَرَتْ ثِمَارُهُ، وَاطَّرَدَ أَنْهَارُهُ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ كَئِيبًا حَزِينًا يَمْشِي فِي سَفْحِ الْجَبَلِ، قَدِ انْتَهَى إِلَى عَيْنٍ فِي الْجَبَلِ، وَإِذَا عَلَى الْعَيْنِ شَابٌّ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ فِي لَيْلَةِ الْبَدْرِ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ، مَا لِي أَرَاكَ ضَعِيفَ الْحِيلَةِ، قَلَبَكَ الْعَزَاءُ؟ قَالَ: مِنْ عَدُوٍّ فِي جَوْفِي، أَمَّنْتُهُ مِنْ عَدُوِّهِ، فَأَعْقَبَنِي عَلَى أَنَّهُ يَنْكُتُ قَلْبِي، أَوْ يَنْقُرُ كَبِدِي، فَقَالَ: أَتَاكَ الْغَوْثُ مِنْ رَبِّكِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِي فِي مُلْكِهِ يَقْضِي وَيَخْتَارُ. قَالَ: فَأَوْمَى الْفَتَى بِيَدِهِ إِلَى رَدَنِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ قِطْعَةً، فَأَطْعَمَهَا الشَّيْخُ، فَاخْتَلَجَتْ وَجْنَتَاهُ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ الثَّانِيَةَ، فَوَجَدَ تَمَخُّضًا فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ الثَّالِثَةَ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ أَسْفَلِهِ قِطَعًا، الرَّأْسَ وَالذَّنَبَ وَالْوَسَطَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ حِمْيَرٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ الَّذِي لَا أَحَدَ أَعْظَمُ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ، وَلَا أَنَا أَجِدُ أَعْظَمَ شُكْرًا مِنِّي لَكَ؟ فَقَالَ: أَوَ مَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا , قَالَ: أَنَا الْمَعْرُوفُ، لَقَدِ اضْطَرَبَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ مِنْ خِذْلَانِ الْحَيَّةِ لَكَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا مَعْرُوفُ، انْزِلْ -[106]- إِلَى عَبْدِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي خَلَقْتُكَ فِيهَا، فَقَدْ أَرَدْتَ شَيْئًا لِوَجْهِي، فَأَعْقَبْتُكَ عُقْبَى الصَّابِرِينَ، وَنَجَّيْتُكَ مِنْ عَدُوِّكَ»

حديث أهلث

§حَدِيثُ أَهْلَثَ

85 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلَاذُرِيُّ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَكَارِزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُزَاحِمِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سِمَاكٍ الْكِتَّانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَهْبِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَنَقَهُ، وَقَبَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَبِينَ صَاحِبِهِ مَوْضِعَ السُّجُودِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرَ إِلَيْهِمَا مُبْتَسِمًا، فَقَالَ تَمِيمٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي الِاعْتِنَاقِ لِلْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ يَا تَمِيمُ، إِنَّ §الْمُسْلِمِينَ إِذَا الْتَقَيَا، فَتَصَافَحَا، وَسَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ هَذَانِ تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُمَا عَنْهُمَا، كَمَا تَحَاتُّ الْوَرَقُ مِنَ الشَّجَرِ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ يَا تَمِيمُ، بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَرْعَى غَنَمًا لَهُ فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِذْ هُوَ بِصَوْتِ رَجُلٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُمَجِّدُهُ، فَذَهَلَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ غَنَمِهِ، وَقَصَدَ الصَّوْتَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ طُوَالٍ يُسَمَّى: أَهْلَثُ الْعَابِدُ، طُولُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَهْلَثُ، بَعْدَ أَنْ عَرَفَ اسْمَهُ، هَلْ بَقَيَ مِنْ قَوْمِكَ غَيْرُكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبُّ السَّمَاءِ، قَالَ: فَمَنْ رَبُّ السَّمَاءِ؟ قَالَ: رَبُّ السَّمَاءِ اللَّهُ، قَالَ: مَا دِينُكَ؟ -[107]- قَالَ: الْإِسْلَامُ، قَالَ: فَأَيْنَ قِبْلَتُكَ؟ قَالَ: فَأَوْمَى بِيَدِهِ نَحْوَ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، فَسُرَّ إِبْرَاهِيمُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَأَيْنَ مَسْكَنُكَ؟ فَقَالَ: فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: فَأُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ، قَالَ: لَنْ تَسْتَطِيعَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَهْرًا مِنْ مَاءٍ، بَعِيدًا غَوْرُهُ، كَثِيرًا مَاؤُهُ، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَأَيْنَ مَمْشَاكَ؟ قَالَ: عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: فَإِنَّ الَّذِي ذَلَّلَهُ لَكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُسَخِّرَهُ لِي، فَمَضِيَا يَمْشِيَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى بَيْتِ أَهْلَثَ، فَإِذَا قِبْلَتُهُ، قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَيُّ يَوْمٍ أَشَدُّ عَلَى النَّاسِ يَا أَهْلَثُ؟ قَالَ: يَوْمُ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، فَتُوضَعُ الْمَوَازِينُ، وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: صَدَقْتَ يَا أَهْلَثُ إِنَّهُ لِيَوْمٌ عَظِيمٌ، إِلَّا مَنْ هَوَّنَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا أَهْلَثُ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُهَوِّنَ عَلَيْنَا هَوْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، قَالَ أَهْلَثُ: هَذَا إِلَيْكَ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنَّ لِي عَشَرَ سِنِينَ، أَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَمْ أَرْ لَهَا إِجَابَةً، قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: يَا أَهْلَثُ، إِنَّ اللَّهُ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا، وَكَانَ دَعَّاءً، فَدَعَا: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَوْتٌ أُحِبُّهُ لَا أُنْكِرُهُ، امْكُثُوا لِقَضَاءِ حَاجَةِ عَبْدِي، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ غَيْرَ دَعَّاءٍ، فَدَعَا، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَوْتٌ أَبْغَضُهُ، وَأُنْكِرُهُ، اقْضُوا حَاجَةَ عَبْدِي، وَمَا كَانَ مِنْ دُعَاءه، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتُ، رَأَيْتُ وَجْهًا عَلَيْهِ ذُؤَابَتَانِ تَضْرِبَانِ خُضْرَةً يَرْعَى غَنَمًا حِسَانًا، وَبَقَرًا سِمَانًا، فَلَا أَدْرِي أَيُّ الْأَشْيَاءِ أَحْسَنَ، الْغُلَامُ أَمْ رَعِيَّتُهُ فَإِذَا هُوَ يُسَبِّحُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيُهَلِّلُهُ، وَيُكَبِّرُهُ، وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، قَالَ أَهْلَثُ: فَقُلْتُ: يَا غُلَامُ، لِمَنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ وَالْغَنَمِ؟ قَالَ: لِإِبْرَاهِيمَ، قَالتَ: وَمَنْ إِبْرَاهِيمُ؟ قَالَ: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، قُلْتُ: وَمَا أَنْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: ابْنُ ابْنِهِ، وَهُوَ جَدِّي فَأَنَا مُبْتَهِلٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِنْ كَانَ لَهُ فِي الْأَرْضِ خَلِيلٌ أَنْ يُرِينَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ قَالَ: فَتَبَسَّمَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَثُ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، وَالْخَلِيلُ: هُوَ الصَّدِيقُ، فَقَامَ أَهْلَثُ قَائِمًا يَبْكِي، فَاعْتَنَقَ إِبْرَاهِيمَ، وَقَبَّلَ مَوْضِعَ السُّجُودِ، عِنْدَ ذَلِكَ شَهَقَ أَهْلَثُ شَهْقَةً حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَتَوَلَّى إِبْرَاهِيمُ أَهْلَثَ حَتَّى أَجَنَّهُ -[108]- فِي حُفْرَتِهِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ وَلَدِهِ "

حديث العجوزين

§حَدِيثُ الْعَجُوزَيْنِ

86 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّهِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ الْأَعَاجِيبِ كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، §حَدِّثُوا عَنْهُمْ وَلَا حَرَجَ، فَلَوْ حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثَ الْعَجُوزَيْنِ لَعَجِبْتُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْعَجُوزَانِ؟ قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ يُحِبُّهَا، وَمَعَهَا أُمٌّ كَبِيرَةٌ، أُمُّ سُوءٍ، فَكَانَتْ تُغْرِي ابْنَتَهَا بِأُمِّ زَوْجِهَا، وَكَانَ زَوْجُهَا يَسْمَعُ مِنْهَا، وَكَانَ يُحِبُّهَا، قَالَتْ لِزَوْجِهَا: لَا أَرْضَى عَنْكَ أَبَدًا حَتَّى تُخْرِجَ عَنِّي أُمَّكَ، وَكِلْتَا الْعَجُوزَيْنِ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُمَا، فَلَمْ تَدَعُهُ امْرَأَتَهُ حَتَّى خَرَجَ بِأُمِّهِ، فَوَضَعَهَا فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، لَيْسَ مَعَهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ؛ لِتَأْكُلَهَا السِّبَاعُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا، فَلَمَّا أَمْسَتْ، غَشِيَتْهَا السِّبَاعُ، فَجَاءَهَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَقَالَ لَهَا: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ الَّتِي أَسْمَعُ حَوْلَكَ؟ قَالَتْ: خَيْرٌ؛ هَذِهِ أَصْوَاتُ إِبِلٍ، وَبَقَرٍ، وَغَنَمٍ. قَالَ: خَيْرًا، فَلْيَكُنْ. ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا، فَتَرَكَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَصْبَحَ الْوَادِي مُمْتَلِئًا إِبِلًا، وَبَقَرًا، وَغَنَمًا، فَقَالَ ابْنُهَا: لَوْ جِئْتُ أُمِّي فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَتْ فَجَاءَ، فَإِذَا الْوَادِي مُمْتَلِئٌ إِبِلًا وَبَقَرًا وَغَنَمًا قَالَ: أَيْ أُمَّهْ مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَيْ بُنِيَّ رِزْقُ اللَّهِ هَذَا وَعَطَاؤُهُ، إِذْ عَقَقْتَنِي، وَأَطَعْتَ امْرَأَتَكَ فِيَّ، فَاحْتَمَلَ أُمَّهُ، وَسَاقَ مَعَهَا مَا أَعْطَاهَا مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، فَلَمَّا رَجَعَ بِهَا إِلَى امْرَأَتِهِ وَبِمَالِهَا، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: وَاللَّهِ لَا أَرْضَى عَنْكَ حَتَّى تَذْهَبَ بِأُمِّي، فَتَضَعْهَا حَيْثُ وَضَعْتَ أُمَّكَ، فَيُصِيبُهَا مِثْلَ مَا أَصَابَ أُمَّكَ، فَانْطَلَقَ بِالْعَجُوزِ، فَوَضَعَهَا حَيْثُ وَضَعَ أُمَّهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا، فَلَمَّا أَمْسَتْ غَشِيَتْهَا السِّبَاعُ، وَجَاءَهَا الْمَلَكُ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْعَجُوزِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَقَالَ: أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ، مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ الَّتِي أَسْمَعُ حَوْلَكِ؟ قَالَتْ: شَرٌّ وَاللَّهِ وَعُسْرٌ، هَذِهِ سِبَاعٌ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَنِي، قَالَ: فَشَرًّا، فَلْيَكُنْ وَعُسْرًا، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا، فَأَتَاهَا سَبْعٌ، فَأَكَلَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَا فَعَلَتْ أُمِّي؟ فَذَهَبَ لِيَنْظُرَ، فَلَمْ يَجِدْ مِنْهَا إِلَّا فَضْلَ مَا تَرَكَ السَّبْعُ، فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرَهَا، فَحَزَنَتْ عَلَى أُمِّهَا حُزْنًا شَدِيدًا، وَحَمَلَ عِظَامَهَا فِي كِسَاءٍ حَتَّى -[109]- وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيِ ابْنَتِهَا، فَمَاتَتْ كَمَدًا "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

87 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ الْجَمَّالُ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَالَوَيْهِ الزَّنْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُخَارِيُّ، أَخْبَرَنِي إِسْرَافِيلُ بْنُ عِكْرِمَةَ الْكِسَائِيُّ، حَدَّثَنَا حاشِدُ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كَانَتْ §مَجَاعَةٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ رَجُلٌ بِكُثْبَانِ رَمَلٍ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا لِي دَقِيقًا، لَقَسَمْتُهُ فِي مَسَاكِينِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنْ قُلَ لِفُلَانٍ: قَدْ شَكَرْتُ لَكَ مَا فَكَّرْتَ، وَقَبِلْتُ مِنْكَ كَمَا لَوْ كَانَ هَذَا دَقِيقًا، فَقَسَمْتُهُ فِي مَسَاكِينِ بَنِي إِسْرَائِيلَ "

87 - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: §«نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ»

حديث الضحاك

§حَدِيثُ الضَّحَّاكِ

88 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ بَشِيرٍ أَبُو السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " §لَمْ يَمْلِكِ الدُّنْيَا كُلَّهَا إِلَّا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ، وَكَانَ الْمُؤْمِنَانِ: ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا -[110]- السَّلَامُ، وَالْكَافِرَانِ: نَمْرَودُ بْنُ كَنْعَانَ، الَّذِي بَنَى الْمِجْدَلَ بِأَرْضِ بَابِلَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ عَدْنَانَ، وَتَقُولُ الْأَزْدُ: إِنَّهُ مِنْهُمْ، وَإِنَّهُ الضَّحَّاكُ بْنُ نَضْرِ بْنِ الْأَزْدِ، كَانَ عَلَى شُرْطَةِ ابْنِ حِمَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَزْدِ، الَّذِي تَضْرِبُ بِهِ الْعَرَبُ الْأَمْثَالَ فِي قَوْلِهِمْ: «أَكْفُرُ مِنْ حِمَارٍ، وَأَشَدُّ مِنْ حِمَارٍ» ، وَتَقُولُ الْعَجَمُ: إِنَّهُ مِنْهُمْ، وَهُو الَّذِي يُسَمُّونَهُ الدَّرْوَاسِفَ، وَكَانَ بِالدَّبَاوَنْدِ، وَكَانَ فِي أَوَّلِ مُلْكِهِ أَفْضَلَ الْمُلُوكِ، وَأَعْدَلَهُمْ، وَأَحْسَنَهُمْ، ذَاتَ بَيْنٍ، لَا يَتَظَالَمُونَ، وَلَا يَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ مَنْزِلُ شَرِيفٍ مِنْهُمْ يَعْلُو عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ، مَنَازِلُهُمْ كُلُّهَا مُتَلَاصِقَةٌ، قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ مُتَدَانِيَةٌ سَوَاءٌ، وَكَانُوا إِذَا أَمْسَوْا تَرَكُوا تِجَارَاتِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي أَسْوَاقِهِمْ فِي مَوَاضِعِهَا، لَيْسَ عَلَيْهَا إِغْلَاقٌ، وَلَا أَبْوَابُ احْتِرَاسٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَتَعَاطَى سَرِقَةً، وَلَا خِيَانَةً، وَلَا غَدْرًا، وَكَانُوا لَا يَأْكُلُونَ شَيْئًا مِنَ اللُّحْمَانِ، وَلَا مِنَ الْأَوْدَاكِ، إِنَّمَا دَسَمُهُمُ الْأَدْهَانُ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ، فَكَانُوا لَا يَمْرَضُونَ، وَلَا يُوصَبُونَ، فَكَانَ قَدْ أُمْهِلَ لَهُمْ فِي طُولِ الْعُمُرِ، فَأَجْلَبَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ بِمَرَدَةٍ شَيَاطِينَهُ؛ لِيُزِيلَهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَقْدِرِ الشَّيَاطِينُ لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ يَفْتِنُونَهُمْ بِهِ، أَوْ يُزِيلُونَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ، فَقَالَ أبْلِيسُ: أَنَا أَبُو لِبَنِي، أَنَا لَهَا كَمَا كُنْتُ لِأَبِيهِمْ مِنْ قَبْلِهِمْ، فَجَعَلَ نَفْسَهُ فِي صُورَةِ غُلَامٍ أَمْرَدَ، ثُمَّ أَتَى صَاحِبَ مَائِدَةِ الضَّحَّاكِ، فَانْتَسَبَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِ مَمْلَكَتِهِ، قَدْ كَانُوا فِيهَا، وَفِيهَا غَيْرُ مِنَ الْأَحْقَافِ، فَبَادُوا، وَخَرِبَتْ دِيَارُهُمْ، وَبَقِيَ ذِكْرُهُمْ، وَقَالَ لَهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنَ انْضَمَّ إِلَيْكَ، وَأَكُونُ فِي خِدْمَتِكَ، وَمَؤُونَتِي -[111]- يَسِيرُ، وَإِنْ عَظُمَتِ احْتَمَلْتُهَا لَكَ، فَانْظُرِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي تَحْتَ يَدِي، فَكُنْ فِي أَحَبِّهَا إِلَيْكَ، فَأَوْصَى بِهِ صَاحِبَ الْمَطْبَخِ، وَقَالَ: لَا يَكُونَنَّ أَحَدٌ مِمَّنْ قَبْلَكَ آثِرَ عِنْدَكَ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ، وَلَا تُكَلِّفْهُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا نَشِطَ لَهُ؟ فَإِنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، لَا يَقْوَى عَلَى الْعَمَلِ، فَجَعَلُوهُ الَّذِي يَغْسِلُ الْقُدُورَ وَالْقِصَاعَ، فَيَكْفِي عِشْرِينَ غُلَامًا مِنْهُمْ أَعْمَالَهُمْ، ثُمَّ ارْتَفَعَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الطَّبْخِ، فَجَعَلَ يَطْبُخُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَا كَانَ يَطْبُخُ قَطِيعٌ مِنْهُمْ، وَيَعْمَلُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ حَتَّى صَارَ عِنْدَهُمْ كَالرَّئِيسِ لَهُمْ، الْمُطَاعِ فِيهِمْ، فَأَخْبَرُوا صَاحِبَ مَائِدَةِ الضَّحَّاكِ بِأَمْرِهِ، فَدَعَا بِهِ، فَسَاءَلَهُ، وَنَاطَقَهُ، وَأُعْجِبَ بِظُرْفِهِ، وَلَبَاقَتِهِ، فَأَوْصَى وَكِيلَهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِ، وَيَتَعَاهَدَه بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَثِقَ الْقَوْمُ بِهِ، وَاطْمَأَنُّوا إِلَيْهِ قَالَ يَوْمًا لِصَاحِبِ مَائِدَةِ الضَّحَّاكِ: إِنَّا وَجَدْنَا فِي كُتِبِ الْمَاضِينَ مِنَ الْقُرُونِ الْخَالِيَةِ صِفَةُ طَعَامٍ، يَأْكُلُهُ الْمُلُوكُ، وَأَهْلُ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ مِنْ قَبْلِنَا فَكَانَ يُنْبِتُ اللَّحْمَ، وَيَشُدُّهُ، وَيُلْقِي الشَّحْمَ عَلَى الْمَفَاصِلِ، وَيَخْمَصُ الْبَطْنَ، وَيَذْبَحُ الْمَتْنَ، ويُطَيِّبُ النَّفْسَ، وَيُقَوِّيهَا، وَيَجِدُ الْقَلْبُ، فَإِنْ شِئْتَ اتَّخَذْتَ لِلْمَلِكِ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْجَبَهُ، وَوَافَقَهُ، وَإِلَّا أَعْرَضْتُ عَنْهُ قَالَ: فَافْعَلْ. قَالَ: فَعَمَدَ إِلَى هَذَا النِّغْرَانِ، وَهِيَ الْعَصَافِيرُ النَّقَّارَةُ، فَنَتَفَ رِيشَهَا، وَشَقَّ بُطُونَهَا، فَرَمَى بِأَمْعَائِهَا، وَقَطَعَ رُءُوسَهَا، وَجَعَلَهَا فِي الْمَنَاخِيرِ، فَدَقَّهَا حَتَّى رَضَّهَا، ثُمَّ عَصَرَهَا، وَجَعَلَهَا فِي الْقِدْرِ، فَلَمَّا أَكَلَهُ الْمَلِكُ وَجَدَ طَعْمًا لَمْ يَجِدْ مِثْلَهُ فِي طَعَامٍ قَطُّ أَكَلَهُ مِثْلَهُ، فَقَالَ لِصَاحِبِ مَائِدَتِهِ: وَيْحَكَ مَا أَكَلْتُ طَعَامًا قَطُّ أَلَذَّ وَأَشْهَى عِنْدِي مِنْ هَذَا، فَمَنْ عَمَلَهُ؟ قَالَ: الْغُلَامُ الْغَرِيبُ الَّذِي رَأَيْتَ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ آلِ فُلَانٍ الْمَلِكِ زَعَمَ أَنَّهُمْ وَجَدُوا صِفَةَ هَذَا الطَّعَامِ فِي كُتِبِ أَوَّلِيهِمْ , قَالَ: فَقُلْ لَهُ: يَتَّخِذُ طَعَامِي كُلَّهُ عَلَى هَذِهِ الصُّفَّةِ، فَعَمَدَ أَبُو لَبْنِيٍّ إِلَى أَصْنَافِ الطَّيْرِ مِنْ عِظَامِهَا، وَصِغَارِهَا، فَفَعَلَ بِهَا مِثْلَ ذَلِكَ، أَطْعَمَهُ، فَأَكَلَ شَيْئًا لَمْ يَأْكُلْ مِثْلَهُ قَطُّ، وَكَانَ أَلَذَّ وَأَطْيَبَ مِنَ -[112]- الْأَوَّلِ، فَدَعَاهُ الضَّحَّاكُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا هَذَا الطَّعَامُ؟ قَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ , إِنَّمَا تَأْكُلُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ مَاءَهُ، فَكَيْفَ لَوْ أَكَلْتَ لَحْمَهُ قَالَ: فَأَطْعِمْنِيهِ، فَأَطْعَمَهُ صُنُوفَ اللُّحْمَانِ، وَالْأَوْدَاكِ، وَأَقْبَلَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ عَلَى أَكْلِ اللَّحْمِ وَالْوَدَكِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ قَدِ اسْتَمْكَنَ مِنْهُمْ، أَتَى الضَّحَّاكَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ. إِنَّهُ جَاءَنِي رَسُولٌ مِنْ قِبَلِ أَهْلِي، فَذَكَرَ لِي أَمْرًا قَدْ وَقَعَ لَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَلُمَّ بِهِمْ فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَلِكِ، فَأَمَرَ لَهُ بِأَمْوَالٍ وَكِسًي، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَا حَاجَةَ لِي فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، إِنَّ لَدَيْنَا مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ لَكَثِيرٍ مِنَ الْمُلُوكِ، فَصَارَ رَثُّهُ لَقَلِيلٍ مِنَّا، وَلَا أَرَبَ لِي مِمَّا بَلَغَنِي عَنْ بِلَادِي أَنَّهَا قَدِيرٌ، وَأَمَانَةٌ، وَحَسُنَ حَالُهَا، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ يُكْرِمَنِيَ الْمَلِكُ الْكَرَامَةَ الَّتِي أَرْتَفِعُ بِهَا فِي جَمِيعِ مَمْلَكَتِهِ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أُقِبِّلُ مَا بَيْنَ كَتِفَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ , وَكَانُوا إِذْ ذَاكَ لَا يُقَبِّلُونَ أَيْدِي الْمُلُوكِ إِنَّمَا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ، فَقَبَّلَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَخَرَجَ، وَمَضَى، وَضَرَى الْقَوْمُ عَلَى أَكْلِ اللِّحُومِ، فَكَانُوا يَتَظَالَمُونَ، وَتَقَاطَعُوا، وَتَحَاسَدُوا، فَوَقَعَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ، وَصَارُوا إِلَى الْخِيَانَةِ، وَالسَّرِقَةِ، وَشَمَلَهُمُ الدَّاءُ وَالْفَنَاءُ، وَنَبَتَ بَيْنَ كَتِفَيِ الْمَلِكِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَبَّلَهُ حَيَّةٌ، فَمَنَعْتُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالنَّوْمِ وَالْقَرَارِ، مِمَّا يَصِيحُ فِي أُذُنِهِ , وَيَنْطَوِي عَلَى عُنُقِهِ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَمَرَ بِقَطْعِهَا , فَنَبَتَتْ فِي مَكَانِهَا حَيَّتَانِ، فَلَقِيَ مِنْهُمْا الْبَلَاءَ كُلَّهُ , وَكَرِهَ أَنْ يَقْطَعَهُمَا فَيَصِرْنَ أَرْبَعًا , فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ إِبْلِيسُ مما أراد مِنْهُمْ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْزِيَهُمْ، وَنَزَلَ بِالضَّحَّاكِ مَا نَزَلَ بِهِ , جَاءَ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ، فَجَعَلَ يَطُوفُ الْبِلَادَ، وَيَتَطَبَّبُ، وَلَا يُعَالِجُ أَحَدًا إِلَّا شُفِيَ بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى وَقَعَ ذِكْرُهُ إِلَى الضَّحَّاكِ، فَدَعَاهُ فَأَرَاهُ الْحَيَّتَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ الْغُلَامِ الَّذِي قَبَّلَ بين كَتِفَيْكَ، وَكُلَّمَا قُطِعْنَ أَضْعَفْنَ، فَقَالَ لِصَاحِبِ شُرْطَةٍ: ابْعَثْ إِلَى بِلَادِهِ حَتَّى يُأْتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ذَاكَ رَجُلٌ -[113]- سَاحِرٌ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَسْحَرُ مِنْهُ. إِنَّمَا مَسْكَنُهُ الْبِحَارُ، وَالْقِفَارُ، وَالْجِبَالُ، وَالْأَوْدِيَةُ، فَلَا يُوصَلُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَفَمَا مِنْ حِيلَةٍ لِهَاتَيْنِ الْحَيَّتَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، تَجْعَلُ رِزْقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ دِمَاغَ إِنْسَانٍ، فَإِنَّهُمَا يَسْكُنَانِ وَيَهْدِئَانِ، فَتَظَلُّ مُسْتَرِيحًا مِنْهُمَا إِلَى الْغَدِ، فِي تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي تَأْتِيهِمَا أَرْزَاقَهُمَا، فَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَأْمُرُ وَيَقْتُلُ رَجُلَيْنِ مِنَ السِّجْنِ، يُخْرِجُهُمَا، وَيُطْعِمُهُمَا دِمَاغَهُمَا، حَتَّى أَسْرَعَ فِي أَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَأَهْلِ بَابِلَ، وَأَهْلِ فَارِسٍ الْفَنَاءُ، وَفِي جَمِيعِ تِلْكَ النَّوَاحِي مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَقَدْ كَانَ قَدْ مَرَّ رَجُلٌ مِنَ الرَّيِّ تَاجِرًا، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّكَ قَدْ أَفْنَيْتَ أَهْلَ مَمْلَكَتِكَ مِنْ هَذَا مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ مَمْلَكَتَكَ نَحْوُ الْمَشْرِقِ، وَأَكْثَرُ أَرْضِ اللَّهِ جُمْجُمَةً، فَلَوْ أَتَيْتَ الرَّيَّ فَكَانَتْ أَرْضُ الْجِبَالِ خَلْفَكَ، وَخُرَاسَانُ أَمَامَكَ، وَالتُّرْكُ وَجَمِيعُ تِلْكَ الْأُمَمِ أَمَامَكَ وَخَلْفَكَ، فَوَلَّى ذَلِكَ الرَّازِيَّ مِصْرَ، وَأَقْبَلَ فَجَعَلَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ رَجُلَيْنِ كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الرَّيِّ، فَوَكَّلَ بِذَلِكَ مَلِكَ دَمَاوَنْدَ، فَكَانَ يَذْبَحُ شَاةً، وَيَقْتُلُ رَجُلًا، فَيَخْلِطُ دِمَاغَهُمَا وَيُطْعِمُ

89 - وَأَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى جَابَارِقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ، عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قُطَامَى، " أَنَّ §الضَّحَّاكَ مَلَكَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَكَلَ اللَّحْمَ، وَكَانَ فِي مَنْكِبَيْهِ حَيَّتَانِ قَدْ أَنْبَتَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمَا، وَكَانَ يُغَذِّيهُمَا بِأَدْمِغَةِ النَّاسِ، وَيَذْبَحُ لَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ غُلَامَيْنِ، أَوْ جَارِيَتَيْنِ، فَإِنْ شَبِعَتَا، وَإِلَّا صَاحَتَا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِهِ، فَصَنَعَتِ الْأَعَاجِمُ الْمَزَامِيرَ وَالطُّبُولُ عَلَى صَوْتِ تِلْكَ الْحَيَّتَيْنِ، فَاسْتَعْمَلَ الضَّحَّاكُ عَلَى مَطْبَخِهِ جَدَّ الْمَسْمَعَانِ الذَّبَاوَنْدِيَّ، فَكَانَ يَذْبَحُ لِلْحَيَّتَيْنِ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا، فَقَالَ يَوْمًا: إِنَّ هَذَا يُفْنِي النَّاسَ، فَذَبَحَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ، فَخَلَطَ دِمَاغَهَا بِدِمَاغِ شَاةٍ فَأَجْرَاهُمَا ذَلِكَ، وَأَعْتَقَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ فَسَيَّبَهَا فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الرِّيِّ، وَكَانَتِ الْحَظِيرَةُ الَّتِي تَجِيءُ إِلَيْهَا، وَيَجْمَعُونَ فِيهَا الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِي بِدُسْتَنِيَّ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَعْقَابَهُمْ، فَلِذَلِكَ يُسَمَّى دُسْتَنَا

90 - قَالَ الشَّرْقِيُّ، فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ قَالَ: " §رَكِبَ الضَّحَّاكُ يَوْمًا إِلَى -[116]- الصَّيْدِ، وَكَانَ غَيُورًا، فَجَاءَ فَرِيذُونُ بْنُ دَفْيَارَ فِي خَيْلِهِ، فَدَخَلَ مَنْزِلَ الضَّحَّاكِ، فَبَلَغَ الضَّحَّاكَ ذَلِكَ، فَأَسْرَعَ حَتَّى دَخَلَ دَارَهُ، فَلَمَّا أَبْصَرَ فَرِيذُونَ فِي أَهْلِهِ وَنِسَائِهِ أَسْقَطْتُهُ الْغَيْرَةُ عَنْ دَابَّتِهِ، وَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَهُ أفَرِيذُونُ بِالْحَدِيدِ، وَقَصَدَ عُمَّالَهُ، فَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْمِهْرَجَانِ قَالَتِ الْفُرْسُ: أمذ مِهْرَجَانٌ لِقَتْلِ مَنْ كَانَ يَقْتُلُ النَّاسَ؟ فَقَالَ: إِنَّ لِي بَلَاءً حَسَنًا. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أَمَرَنِي الضَّحَّاكُ بِذَبْحِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَذْبَحُ مَنْ كَانَ قَبْلِي، فَاقْتَصَرْتُ عَلَى وَاحِدٍ، وَكُنْتُ أَطْلِقُ الْآخَرَ قَالَ: فَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: فِي جِبَالِ الدَّيْلَمِ، فِي الْحَزَنِ، وَالشَّرْقِ، وَالدَّبَاوَنْدِ، وَقَدْ تَزَوَّجُوا، وَتَوَالَدُوا، وَكَثُرُوا، فَهَؤُلَاءِ عُتَقَايَ. قَالَ أَفْرِيذُونُ: قَدْ مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ , قَالَ: فَعَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَيْلَةُ كَذَا وَكَذَا لَيْلَةَ الْوَقُودِ، وَيُقَدَّمُ إِلَيَّ أُولَئِكَ، إِذْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ أَنْ يُوقِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقُودًا , قَالَ: ثُمَّ أَصْعَدْنَا فَرِيذُونَ إِلَى جَبَلٍ شَاهِقٍ فِي الْهَوَاءِ، يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى أُولَئِكَ. قَالَ أَفْرِيذُونُ: مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ، فَاعْتَقَدَ مُلْكُهُ بِدَبَاوَنْدَ وَسَكَنَهَا، ثُمَّ قَتَلَ أَفْرِيذُونُ الضَّحَّاكَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي يَوْمِ نَيْرُوزَ، فَقَالَتِ الْأَعَاجِمُ: نُورُوزُ آمَذَايِ اسْتَقْبَلْنَا يَوْمٌ جَدِيدٌ "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

91 - أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ -[117]- عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " أَصَابَ رَجُلًا حَاجَةٌ، فَخَرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَا نَعْتَجِنُ وَنَخْتَبِزُ. قَالَ: فَجَاءَ الرَّجُلُ وَالْجُونَةُ مَلْأَى عَجِينٍ، وَفِي التَّنُّورِ فُنُونُ الشِّوَاءِ وَالرَّحَاءِ تَطْحَنُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنْ رِزْقِ اللَّهِ. قَالَ: فَكَنَسَتْ مَا حَوْلَ الرَّحَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§لَوْ تَرَكَتْهَا لَدَارَتْ» ، أَوْ قَالَ: «طَحَنَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

92 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ الْبَذَخْشِيُّ، حَاجٌّ قَدِمَ عَلَيْنَا، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ مُزَاحِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَشِيُّ، حَدَّثَنَا جَارُودُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَأَلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَبَاهُ،: §" لِمَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَتِيقًا؟ قَالَ: لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُولَدُ لِأَبِيهِ أَوْلَادٌ يَمُوتُونَ صِغَارًا، فَلَمَّا وَلَدَ أَبُو بَكْرٍ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ، فَأَدْخَلَتْهُ الْكَعْبَةَ، وَنَثَرَتْ لِلْكَعْبَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا قَالَتْ: يَا إِلَهَ الْآلِهَةِ , أَعْتِقْ وَلَدِي، فَخَرَجَ مِنْ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ رَأْسٌ مِثْلُ رَأْسِ الْهِرَّةِ، فَقَالَ لَهَا: يَا أَمَةَ الرَّحْمَنِ بِالتَّحْقِيقِ , فُزْتِ بِحَمْلِ الْوَلَدِ الْعَتِيقِ، يُعْرَفُ فِي التَّوْرَاةِ بِالصِّدِّيقِ، يَكُونُ وَزِيرَ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ، لَنْ يَتَفَرَّقَا صَغِيرَيْنِ، وَلَا كَبِيرَيْنِ، وَلَا حَيَّيْنِ، وَلَا مَيِّتَيْنِ، وَلَا غَدًا فِي الْجَنَّةِ "

حديث آخر للخضر عليه السلام

§حَدِيثٌ آخَرُ لِلْخِضْرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ

93 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ هِشَامٍ الرَّازِيُّ، بِمَرْو، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ هِلَالٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ح 94 - وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ النَّقَّاشُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّحَّاكُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: «§أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْخَضِرِ؟» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ: " بَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يَمْشِي فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْصَرَهُ رَجُلٌ مُكَاتَبٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ عَلَيَّ، بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، فَقَالَ الْخَضِرُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، مَا يَرُدُّ اللَّهُ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ، مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ أُعْطِيكَهُ إِلَّا أَنْ تَأْخُذَنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ الْمِسْكِينُ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ أَنْ تَتَصَدَّقَ، إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى سِيمَا الْخَيْرِ فِي وَجْهِكَ، وَرَجَوْتُ الْبَرَكَةَ عَنْدَكَ , قَالَ الْخَضِرُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ، إِلَّا أَنْ تَأْخُذَنِي، فَتَبِيعَنِي قَالَ الْمِسْكِينُ: وَهَلْ يَسْتَقِيمُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، الْحَقُّ أَقُولُ لَكَ، لَقَدْ سَأَلْتَنِي بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، أَمَا إِنِّي لَا أُخَيِّبُكَ بِوَجْهِ رَبِّي، فَبِعْنِي. فَقَدَّمَهُ إِلَى السُّوقِ، فَبَاعَهُ بِأَرْبَعِ مِئَةِ دِرْهَمٍ قَالَ: فَمَكَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي زَمَانًا لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي شَيْءٍ، فَقَالَ الْخَضِرُ لِلْمُشْتَرِي: إِنَّمَا ابْتَعْتَنِي الْتِمَاسَ خَيْرِي، فَأَوْصِنِي بِعَمَلٍ , قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ , قَالَ: لَيْسَ يَشُقُّ عَلَيَّ، فَقَالَ: اضْرِبْ مِنَ اللَّبِنِ لِبَيْتِي، حَتَّى أَقْدِمَ عَلَيْكَ. قَالَ: فَمَضَى الرَّجُلُ لِسَفَرِهِ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ، وَقَدْ شَيَّدَ بِنَاءَهُ قَالَ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ مَا حَسْبُكَ، وَمَا أَمْرُكَ؟ قَالَ: سَأَلْتَنِي بِوَجْهِ اللَّهِ , وَوَجْهِ اللَّهِ أَوْقَعَنِي فِي الْعُبُودِيَّةِ فَقَالَ الْخَضِرُ: سَأُخْبِرُكَ مَنْ أَنَا، أَنَا الْخَضِرُ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ، سَأَلَنِي مِسْكِينٌ صَدَقَةً، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِي، فَسَأَلَنِي بِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَمْكَنْتُهُ مِنْ رَقَبَتِي، فَبَاعَنِي، فَأُخْبِرُكَ أَنَّهُ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللَّهِ، فَرَدَّ سَائِلَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ وَقَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ لَهُ -[119]- جِلْدٌ، وَلَا لَحْمٌ إِلَّا عَظْمٌ يَتَقَعْقَعُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ شَقَقْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَمْ أَعْلَمْ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ، أَبْقَيْتَ، وَأَحْسَنْتَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ احْكُمْ فِي أَهْلِي وَمَالِي، مَا أَرَاكَ اللَّهُ أَنْ أُخَيِّرَكَ، فَأُخْلِي سَبِيلَكَ. قَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تُخَلِّيَ سَبِيلِي، فَأَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى، فَخَلَّى سَبِيلَهُ. قَالَ الْخَضِرُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْقَعَنِي فِي الْعُبُودِيَّةِ، وَأَنْجَانِي مِنْهَا " قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ: هَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَفِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا: ابْتِدَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَدِيثِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ عَنِ الْخَضِرِ» ، وَمِنْهَا: أَنَّ لِكُلِّ غَيْرِ ذِي الْحَاجَةِ أَنْ يَدْخُلَ السُّوقَ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ قَدِيمَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمِنْهَا: أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ وَلِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ تَصَدَّقْ عَلَيَّ , بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، وَمِنْهَا أَنَّ رَدَّ الْمَرْءِ سَائِلَهُ، يَقُولُ لَهُ: مَا عِنْدِي مَا أُعْطِيكَ، وَمِنْهَا أَنَّ السَّائِلَ إِذَا مَنَعَ مَرَّةً لَهُ أَنْ يُعَاوِدَهُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْحُرَّ إِذَا أَمْكَنَ رَجُلًا مِنْ بَيْعِهِ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَمِنْهَا اسْتِثْبَاتِ الْإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يُؤْمَرُ بِهِ، لِقَوْلِ الْمِسْكِينِ لِلْخِضْرِ: أَيَسْتَقِيمُ ذَلِكَ؟ -[120]- وَمِنْهَا أَنَّ ذِكْرَ الدَّرَاهِمِ جَائِزَةٌ بَيْنَ النَّاسِ دُونَ ذِكْرِ الْوَزْنِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ نَبِيًّا مُرْسَلًا، لِقَوْلِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي إِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَتِهِ

حديث منوس الجنية

§حَدِيثُ مُنُوسِ الْجِنِّيَّةِ

95 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ جَابِرٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَتْنِي مُنُوسُ الْجِنِّيَّةُ، وَسَأَلْتُهَا: هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: سَمْحَجٌ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ، قُلْتُ: وَأَيْنَ يَكُونُ؟ قَالَتْ: بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ رَجُلٌ يُحِبُّ الْجِهَادَ، وَلَا تَفُوتُهُ غَزَاةٌ، قُلْتُ: فَمَا لَهُ لَا يَسْكُنُ طَرَسُوسَ؟ فَقَالَتْ: قُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا أَدَعُ جِوَارَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ لَهُا: فَهَلْ سَمِعْتِيهِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: حَدِّثِينِي، قَالَتْ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ وَاسْمُهُ سَمْحَجٌ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , §أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا؟ قَالَ: «كَانَ عَلَى حُوتٍ مِنْ نُورٍ يَتَلَجْلَجُ فِي النُّورِ» قُلْتُ لَهَا: هَلْ سَمِعْتِ غَيْرَ هَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ سَمْحَجٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مَهِيمَةٍ يُقْرَأُ عَنْ رَأْسِهِ: يس , إِلَّا خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا رَيَّانَ، وَأُدْخِلَ قَبْرَهُ رَيَّانَ، وَحُشِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَيَّانَ " فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ سَمِعْتِ مِنْهُ شَيْئًا آخَرَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى، ثُمَّ يَدَعْهَا، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا إِلَّا عَرَجَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَتْ: إِنَّ فُلَانًا وَصَلَنِي فَصِلْهُ، وَإِنَّ الْآخَرَ قَطَعَنِي فَاقْطَعْهُ "

حديث التيار

§حَدِيثُ التَّيَّارُ

96 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ الرَّافِقِيُّ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " §رَأَيْتُ أَسْقُفَ قَيْسَارِيَّةَ فِي الطَّوَافِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ إِسْلَامِهِ، فَقَالَ: رَكِبْتُ سَفِينَةً أَقْصِدُ بَعْضَ الْمُدُنِ، فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَانْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ، وَبَقِيتُ عَلَى خَشَبَةٍ، تَضْرِبُنِي الْأَمْوَاجُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، ثُمَّ قَذَفَ بِيَ الْمَوْجُ إِلَى غَيْضَةٍ، فِيهَا أَشْجَارٌ لَهَا ثَمَرٌ مِثْلُ النَّبَقِ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، فَشَرِبْتُ الْمَاءَ، وَأَكَلْتُ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ صَعِدَ مِنَ الْمَاءِ شَخَصٌ عَظِيمٌ، وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ لَمْ أَرْ عَلَى صُورَتِهِمْ أَحَدًا، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْمَلِكُ الْجَبَّارُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، النَّبِيُّ الْمُخْتَارُ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ صَاحِبُ الْغَارِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِفْتَاحُ الْأَمْصَارِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَسَنُ الْجُوَارِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَاصِمُ الْكُفَّارِ، أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَخَبُونَ الْأَخْيَارُ، وَقَاهُمُ اللَّهُ عَذَابَ النَّارِ، عَلَى بَاغِضِيهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ الدَّارُ، ثُمَّ غَابَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ , مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ، صَعِدَ ثَانِيًا فِي أَصْحَابِهِ، وَنَادَى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، النَّبِيُّ الْحَبِيبُ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الشَّفِيقُ الرَّفِيقُ السَّدِيدُ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رُكْنٌ مِنْ حَدِيدٍ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْحَيِّيُّ الْحَلِيمُ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْكَرِيمُ الْمُسْتَقِيمُ، ثُمَّ بَصَرَنِي أَحَدُهُمْ، فَدَنَا مِنِّي، فَقَالَ: جِنِّيُّ أَمْ إِنْسِيُّ؟ قُلْتُ: إِنْسِيُّ , قَالَ: مَا دِينُكَ؟ قُلْتُ: النَّصْرَانِيَّةُ , قَالَ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا الشَّخْصُ الْعَظِيمُ الَّذِي نَادَى؟ فَقَالَ: هُوَ التَّيَّارُ، مَلَكُ الْبِحَارِ، هَذَا دَأْبُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ، فِي بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ، ثُمَّ قَالَ: غَدًا يَمُرُّ بِكَ مَرْكَبٌ، فَصِحْ بِهِمْ أَوْ أَشِرْ إِلَيْهِمْ، يَحْمِلُوكَ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَرَّ مَرْكَبٌ، فَأَشَرْتُ إِلَيْهِمْ، وَكَانُوا نَصَارَى، فَحَمَلُونِي، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِمْ قِصَّتِي، فَأَسْلَمُوا كَمَا أَسْلَمْتُ، وَضَمِنْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا أَكْتُمَ هَذَا الْحَدِيثَ "

حديث فراض

§حَدِيثُ فَرَّاضٍ

97 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ الْوَزَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي كُرْزُ بْنُ خَارِقَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ أبيه، قَالَ: قُلْتُ: " امْرُؤٌ مُولَعٌ بِالصَّيْدِ أَرْمِيهِ ... وَأُخْرِجُ الصَّيْدَ بِالْجَوَارِحِ وَالْحَامِدِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَكَانَ لَنَا صَنَمٌ، يُقَالُ لَهُ فَرَّاضٌ، كُنْتُ كَثِيرَ التَّعَبُّدِ لَهُ، وَالتَّبَرُّكِ بِهِ، وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَأَنَا أَذْبَحُ لَهُ ذَبِيحَةً، أَنِيسَةً أَوْ نَافِرَةً، وَكُنْتُ لَا آخُذُ جَارِيَةً لِصَيْدِ الْأَحْدَاثِ عَلَيْهَا، فَهَلَكَ، وَكُنْتُ قَلَّ مَا أُدْخِلُ الْحَيَّ صَيْدًا حَيًّا، لِأَنِّي كُنْتُ لَا أُدْرِكُهُ إِلَّا وَهُوَ قَدْ أَشْقَى، فَلَمَّا طَالَ بِي أَتَيْتُ فَرَّاضًا، فَذَبَحْتُ لَهُ، وَطُفْتُ بِهِ، وَأَنْشَأْتُ أَقُولُ: [البحر الرجز] فَرَّاضُ , أَشْكُو هَلَكَ الْجَوَارِحِ ... مِنْ طَائِرٍ ذِي مِخْلَبٍ وَنَابِحِ وَأَنْتَ لِلْأَمْرِ الشَّدِيدِ الْفَادِحِ ... فَافْتَحْ، فَقَدْ أَسْهَلْتَ الْمَفَاتِحِ فَأَجَابَنِي مِنَ الصَّنَمِ مُجِيبٌ: [البحر الرجز] دُونَكَ كَلْبًا سَدِكًا مُبَارَكًا ... مِنْ طَائِرٍ ذِي مِخْلَبٍ وَنَابِحِ تَرَاهُ فِي آثَارِهِنَّ سَالِكًا ... فَافْتَحْ، فَقَدْ أَسْهَلْتَ الْمَفَاتِحِ مِنْ فَوْقِهِ وَلِلْجِرَاحِ بَارِكًا قَالَ: فَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ، حَتَّى أَتَيْتُ خِبَائِي، وَأَصَبْتُ كَلْبًا خِلَاسِيًا عَظِيمًا بَهِيمًا أَسْوَدَ، عَظِيمَ الْكَفِّ وَالشَّعْرِ، هَائِلَ الْخَلْقِ، فَدَعَوْتُهُ , وَبَصْبَصَ لِي، وَأَلِفَنِي، فَعَمَدْتُ، وَجَعَلْتُ مَرْبِطَهُ بِإِزَاءِ فِرَاشِي، فَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ، وَأَطْعَمْتُهُ، فَإِذَا هُوَ أَحْذَقُ مِنِّي بِالصَّيْدِ، فَكُنْتُ لَا أَرْمِي بِهِ شَيْئًا إِلَّا أَدْرَكَهُ، وَقَنَصَهُ، وَلَا يَعِنُّ -[123]- لَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّيْدِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا إِلَّا ابْتَدَرَهُ، وَكُنْتُ قَلَّ يَوْمٌ أَرْجِعُ إِلَّا بِعَشَرَةِ أَعْيَارٍ، وَبِعَشْرٍ مِنَ النَّعَامِ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْبَقَرِ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْأَرْوَى، أَوْ مِنَ الظِّبَاءِ، وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ الصَّيْدَ فِيهِ حَيَاةٌ عَقَرْتُهُ لِلصَّنَمِ، وَذَبَحْتُهُ عَلَى اسْمِهِ، ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ لَحْمِهِ إِلَّا ضَيْفٌ أَوْ أَسِيرٌ، فَكُنْتُ أَقُولُ: [البحر البسيط] حِيَاضُ إِنَّكَ مَأْمُولٌ مَنَافِعُهُ ... وَقَدْ جَعَلْتُكَ مَوْقُوفًا بِفَرَّاضِ قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَحِيَاضٌ عِنْدِي، وَأَنَا مِنْ أَوْسَعِ الْعَرَبِ رَجُلًا، وَأَكْثَرِ الْعَرَبِ نَزِيلًا، حَتَّى إِذَا ظَهَرَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَزَلَ رَجُلٌ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ، فَسَمِعَ قَوْلَهُ، فَحَدَّثَ عَنْهُ مَا رَأَى، وَأَنَا أَسْمَعُ مَا يَقُولُ، وَحِيَاضٌ مَعِي، فَرَأَيْتُهُ يُصْغِي إِلَى حَدِيثِ الرَّجُلِ إِصْغَاءَ مَنْ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ، فَلَمْ أَحْفِلْ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَانْصَرَفْتُ، وَقَدْ رَسَخَ فِي قَلْبِي مَا سَمِعْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ خَرَجْتُ لِلْقَنَصِ، إِذْ إِنِّي لَبِفَلَاةٍ أَقُودُ حِيَاضًا، وَهُوَ يَأْبَى أَنْ يَتَّبِعَنِي، وَأَنَا أُكْرِهُهُ وَأَجُرُّهُ، فَإِنِّي كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ تَوْلَبًا، وَهُوَ حِمَارُ وَحْشٍ صَغِيرٍ، فَأَرْسَلْتُهُ، فَصِحْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ، فَقَصَدَهُ حَتَّى إِذَا قُلْتُ: قَدْ أَخَذَهُ حَادَ عَنْهُ وَفَاتَهُ التَّوْلَبُ , فَأَدْرَكْتُهُ فَأَخَذْتُهُ , وَمَسَحْتُهُ , ثُمَّ مَضَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ , فَرَأَيْتُ غَزَالًا صَغِيرًا , فَأَرْسَلْتُهُ , وَجَاءَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ قَدْ أَخَذَهُ حَادَ عَنْهُ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، وَمَسَحْتُهُ بِبُرْدِي، وَأَعَذْتُهُ بِفَرَّاضٍ، وَأَرْسَلْتُهُ عَلَى ظَبْيَةٍ مَعَهَا خِشْفٌ أَلَا يَأْخُذُهَا، يَأْخُذُ خِشْفَهَا فَأَهْوَى نَحْوَهَا، ثُمَّ حَادَ، فَعَجِبْتُ مِمَّا رَأَيْتُ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: مَا بَالُ حِيَاضٍ يَحِيدُ كَأَنَّمَا ... يَرَى الصَّيْدَ مَمْنُوعًا بِشَوْكِ الْأَسَاوِرِ قَالَ: وَأَخَذْتُ الْكَلْبَ وَإِنَّهُ لَمَعِي، وَأَنَا أُرِيدُ الرُّجُوعَ، إِذْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَظِيمَ الْخَلْقِ رَاكِبًا عَلَى عِيرِ وَحْشٍ، وَقَدْ تَرَبَّعَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِلَى جَانِبِهِ رَجُلٌ آخَرُ رَاكِبٌ عَلَى ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ، وَهُمَا يَتَسَايَرَانِ وَيَتَجَاذَبَانِ، وَخَلْفَهُمَا عَبْدٌ أَسْوَدُ، يَقُودُ كَلْبًا عَظِيمًا -[124]- فِي عُنُقِهِ سَاجُورٌ، فَلَمَّا كَانَا بِإِزَائِي صَاحَ أَحَدُهُمَا بِالْكَلْبِ الَّذِي مَعِي: [البحر الرجز] وَيْلَكَ يَا حِيَاضُ لَا تَصِيدُ عَنْزًا وَارِمًا حَرَّمَهَا السَّيِّدُ اللَّهُ أَعْلَى وَلَهُ التَّوْحِيدُ وَعَبْدُهُ مُحَمَّدٌ السَّدِيدُ فَكُلٌّ لَا يُبْدِي وَلَا يُعِيدُ يَا وَيْلَ فَرَّاضٍ لَهُ التَّوْكِيدُ أَنَّى لَهُ التَّذْكِيرُ وَالْوَعِيدُ قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَقَدْ ذُلَّ الْكَلْبُ مَعِي، حَتَّى مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ انْكِسَارًا أَوْ ذُلًّا، وَأَتَيْتُ أَهْلِي مَهْمُومًا كَاسِفًا، فَأَقَمْتُ نَهَارِي لَا أَنْبَسِطُ لِكَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي، وَجَاءَنِي اللَّيْلَةُ، فَأَلْقَيْتُ نَفْسِي عَلَى فِرَاشِي، وَالْكَلْبُ رَابِضٌ بِإِزَائِي، وَإِنِّي لَأَتَمَلْمَلُ مُفَكِّرًا فِيمَا رَأَيْتُ إِذْ حَسَسْتُ حِسًّا، فَفَتَحْتُ عَيْنِي فَإِذَا الْكَلْبُ الَّذِي رَأَيْتُ الْعَبْدَ يَقُودُهُ قَدْ دَخَلَ، وَوَثَبَ إِلَى حِيَاضٍ، فَقَالَ لَهُ: أَخْفِ ذِكْرَكَ حَتَّى أَنْظُرَ: أَنَائِمٌ أَمْ لَا، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوِي، فَأَغْمَضْتُ عَيْنِي، وَجَعَلْتُ أَتَنَفَّسُ بِتَنَفُّسِ النَّائِمِ وَتَطَاوَلَ، فَتَأَمَّلَنِي، ثُمَّ نَكَصَ عَنِّي، فَقَالَ: قَدْ نَامَ فَلَا عَيْنَ، وَلَا سَمْعَ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي وَقَعْنَا فِيهِ؟ قَالَ لَهُ الْكَلْبُ: رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الثَّوْرِ وَالْعَيْنِ قَالَ: نَعَمْ، وَلَقَدْ مُلِئْتُ منهما رُعْبًا فَقَالَ: فَإِنَّهُمَا عَظِيمَا الزَّوَاجِرِ، وَقَدْ أَتَيَا هَذَا الرَّجُلَ، وَصَارَا عَلَى دِينِهِ، وَسُلِّطَا عَلَى شَيَاطِينِ الْأَوْثَانِ فَمَا يَتْرُكَانِ لِوَثَنٍ شَيْطَانًا، فَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ عَنْهُ أوَ تَهْرَبَ مِنْهُ، وَإِلَّا قَتَلَاكَ عَذَابًا وَتَنْكِيلًا، وَقَدْ نَظَرَا إِلَيْكَ بِالْأَمْسِ، وَإِنَّمَا تَرَكَاكَ لِأَنَّهُمَا اسْتَضْعَفَاكَ، وَعَلِمَا أَنَّكَ سَتَهْرَبُ إِذَا بَلَغَكَ خَبَرُهُمَا، وَقَدْ عَلِقَانِي، وَأَنَا صَاحِبُ وَثَنٍ، فَبَسَطَا عَلَيَّ عَذَابَهُمَا، حَتَّى حَلَفْتُ لَهُمَا أَنِّي أَهْرَبُ عَنِ الْوَثَنِ، ثُمَّ لَا أَقْرَبُهُ أَبَدًا، فَتَرَكَانِي، وَأَنَا أَرَى لَكَ أَنْ تَهْرَبَ مِنْ وَثَنِكَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَا عَلَيْكَ، فَإِنَّهُمَا إِنْ عَلِقَاكَ قَتَلَاكَ، وَأَنَا نَاصِحٌ لَكَ، فَقَالَ لَهُ حِيَاضٌ: وَيْحَكَ فَأَيْنَ تَرَى لِي؟ قَالَ: حَيْثُ هَوَى نَفْسِي نَحْوَ عَيْنِ الْبَحْرِ لِنَقَعَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ قَالَ: فَمِنْ سَاعَتِنَا؟ قَالَ: إِذَا شِئْتَ. وَخَرَجَا، وَقُمْتُ فِي أَثَرِهِمَا، فَإِذَا لَا أَثَرَ، وَلَا خَبَرَ، فَرَجَعْتُ مِنْ سَاعَتِي إِلَى أَهْلِي، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرِ حِيَاضٍ، قَالُوا: فَمَا تَرَى؟ قُلْتُ: أَرَى أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَتْبَعَهُ قَالَ: فَحَلَفُوا عَلَيَّ، وَقَالُوا: بَيْنَمَا رَأَيْتَ لِنَفْسِكَ تَرْغَبُ عَنْ دِينِ آبَائِكَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّمَا أَسْتَشِيرُكُمْ، وَمَا الرَّأْي إِلَّا فِيمَا رَأَيْتُمْ وَأَشَرْتُمْ، فَلَسْتُ بِفَاعِلٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَغَفَلُوا عَنِّي، وَآتِي الصَّنَمَ فَأَفُضَّهُ، حَتَّى -[125]- جَعَلْتُهُ حَطَبًا، ثُمَّ وَفَدْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَكُنْتُ أَسْفَلَ مِنْبَرِهِ، فَصَعِدَ يَخْطُبُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ: «§إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ، نَبِيُّ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ، وَإِنَّ أَسْفَلَ مِنْبَرِي هَذَا الرَّجُلَ مِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ، قَدِمَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَلَمْ أَرَهُ قَطُّ، وَلَمْ يَرَنِي إِلَّا فِي سَاعَتِي هَذِهِ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي، وَسَيُخْبِرُكُمْ بَعْدَ أَنْ أُصَلِّيَ عَجَبًا» . قَالَ: وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ مُلِئْتُ مِنْهُ عَجَبًا فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لِي: " أَدْنِهِ يَا أَخَا الْعَشِيرَةِ , حَدِّثْنَا خَبَرَكَ، وَخَبَرَ حِيَاضٍ وَفَرَّاضٍ، مَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ؟ قَالَ: فَقُمْتُ عَلَى قَدَمَيَّ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ وَالْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِ حَدِيثِي قَالَ: فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسِّرُورِ مُذْهِبًا، فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَلَا عَلَيَّ الْقُرْآنَ، فَأَسْلَمْتُ وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حِينًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الْقُدُومِ عَلَى قَوْمِي، فَأَذِنَ لِي فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتَهُمْ، وَرَغَّبْتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَسْلَمُوا وَأَتَيْتُ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَافَقُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ: [البحر الطويل] تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ... وَخَلَّفْتُ فَرَّاضًا بِدَارِ هَوَانِ شَدَدْتُ عَلَيْهِ شِدَّةً فَتَرَكْتُهُ ... كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالدَّهْرُ ذُو حِدْثَانِ رَأَيْتُ لَهُ كَلْبًا يَقُومُ بِأَمْرِهِ ... يُهَدِّدُ بِالتَّنْكِيلِ وَالرَّجْفَانِ فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ ... أَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ دَعَانِي وَأَصْبَحْتُ لِلْإِسْلَامِ مَا عِشْتُ نَاصِرًا ... وَأَلْقَيْتُ فِيهِ كَلْكَلِي وَجِرَانِي فَمَنْ مُبْلِغٌ سَعْدَ الْعَشِيرَةِ إِنَّنِي ... شَرَيْتُ الَّذِي يَبْقَ

حديث رؤيا بخت نصر

§حَدِيثُ رُؤْيَا بُخْتِ نَصْرٍ

98 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ الشَّاشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبًا، يَقُولُ: " إِنَّ §بُخْتَ نَصْرٍ رَأَى فِي آخِرِ زَمَانِهِ صَنَمًا , رَأْسُهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَصَدْرُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَبَطْنُهُ مِنْ نُحَاسٍ، وَفَخِذُهُ مِنْ حَدِيدٍ، وَسَاقَاهُ مِنْ فَخَّارٍ، ثُمَّ إِنَّ حَجَرًا مِنَ السَّمَاءِ وَقَعَ عَلَيْهِ، فَدَقَّهُ، ثُمَّ رَمَى الْحَجَرَ حَتَّى مَلَأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَرَأَى شَجَرَةً , أَصْلُهَا فِي الْأَرْضِ، وَفُرُوعُهَا -[126]- فِي السَّمَاءِ , ثُمَّ رَأَى عَلَيْهَا رَجُلًا بِيَدِهِ فَأْسٌ، وَسَمِعَ مُنَادِيًا يُنَادِي، فَقَالَ: اضْرِبْ جِذْعَهَا، فَتَفَرَّقَ الطَّيْرُ مِنْ فَرْعِهَا، وَتَفَرَّقَ السِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ مِنْ تَحْتِهَا، وَاتْرُكْ أَصْلَهَا قَائِمًا، فَعَبَّرَهُ لَهُ دَانِيَالُ قَالَ: أَمَّا الصَّنَمُ الَّذِي رَأَيْتَ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ، وَفِي أَوْسَطِهِ، وَفِي أَخِرِهِ، فَأَنْتَ الرَّأْسُ مِنَ الذَّهَبِ، وَأَنْتَ أَفْضَلُ مِنْ فِضَّةٍ، فَابْنُكَ يَمْلِكُ مِنْ بَعْدَكَ، وَأَمَّا الْبَطْنُ الَّذِي رَأَيْتَ مِنَ نُحَاسٍ، فَمَلِكٌ يَكُونُ بَعْدَ ابْنِكَ، وَأَمَّا مَا رَأَيْتَ مِنَ الْفَخِذِ مِنَ الْحَدِيدِ، فَمُتَفَرِّقٌ فَرِيقَيْنِ فِي فَارِسَ، يَكُونُ أَشَدُّ الْمَلِكِ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَآخِرُ مَلِكِهِمْ يَكُونُ دُونَ الْحَدِيدِ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي رَأَيْتَ دَقَّهُ، وَرَبُوهُ حَتَّى مَلَأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَحَذَفَ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، فَيَظْهَرُ عَلَيْهَا حَتَّى يُبْعَثَ نَبِيُّ أُمِّيُّ مِنَ الْعَرَبِ، فَيَدُقُّ بِهِ الْأُمَمَ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَقَّ أَصْنَافَ الصَّنَمِ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهْرَ عَلَى الْأَرْضِ، وَانْتَشَرَ فِيهَا حَتَّى مَلَأَهَا، فَيَحِقُّ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ، وَيَعِزُّ بِهِ الْأَذِلَّةَ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الَّتِي رَأَيْتَ، وَالطَّيْرُ الَّتِي عَلَيْهَا، وَالسِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ الَّتِي تَحْتَهَا، وَمَا أَمَرَ بِقَطْعِهَا، فَيَذْهَبُ مُلْكُكَ، فَيَرُدُّكَ اللَّهُ طَائِرًا يَكُونُ نِسْرًا مَلَكَ الطَّائِرَ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ ثَوْرًا مَلَكَ الدَّوَابَّ، ثُمَّ يَرُدُّكَ اللَّهُ أَسَدًا مَلَكَ السِّبَاعَ وَالْوَحْشَ، كَانَ مَسْخُهُ كُلَّ سَبْعِ سِنِينَ فِي ذَلِكَ , قَلْبُكَ قَلْبُ إِنْسَانٍ، حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَكَمَا رَأَيْتَ أَصْلَهَا قَائِمًا، فَإِنَّ مُلْكَكَ قَائِمٌ. فَمُسِخَ بُخْتُ نَصْرٍ نِسْرًا فِي الطَّيْرِ، وَثَوْرًا فِي الدَّوَابِّ، وَأَسَدًا فِي السِّبَاعِ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، فَآمَنَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَسُئِلَ وَهْبٌ: أَكَانَ مُؤْمِنًا؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدِ اخْتَلَفُوا: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مُؤْمِنًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَحْرَقَ بَيْتَ اللَّهِ وَكُتُبَهُ، وَقَتَلَ الْأَنْبِيَاءَ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَضَبًا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ حِينَئِذٍ تَوْبَةً "

حديث

§حَدِيثٌ

99 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَوْفٍ، قَالَ: «كَانَ §طُولُ سَرِيرِ عِوَجٍ الَّذِي قَتَلَهُ مُوسَى ثَمَانَ مِئَةِ ذِرَاعٍ، وَعَرْضُهُ أَرْبَعُ مِئَةِ ذِرَاعٍ، وَكَانَ -[127]- مُوسَى طُولُهُ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ، وَطُولُ عَصَاهُ عَشْرَةً، وَوَثْبَتُهُ حِينَ يَثِبُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ، فَضَرَبَهُ، فَأَصَابَ كَعْبَهُ، فَجَذَلَهُ عَلَى نِيلِ مِصْرَ، فَحَسَرَهُ لِلنَّاسِ عَامًا، يَمُرُّونَ عَلَى صُلْبِهِ وَأَضْلَاعِهِ»

حديث ذي الكف

§حَدِيثُ ذِي الْكَفِّ

100 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، يَقُولُ: " كَانَ §عَابِدٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ سَخَّابَةً سَلِيطَةً بَذِيئَةَ اللِّسَانِ، وَكَانَ يَبِيعُ الْقِفَافَ قَالَ: فَخَرَجَ يَوْمًا بِقِفَافِهِ، فَمَرَّ بِقَصْرٍ، فَلَحَظَتْهُ ابْنَةُ الْمَلِكِ، فَقَالَتْ لِجَارِيَتِهَا: لَا صَبْرَ لِي عَنْهُ، عَلَيَّ بِهِ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ الْجَارِيَةُ، فَقَالَتْ لَهُ: تَبِيعُ قِفَافَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَتْ: فَذَهَبَتْ بِهِ حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الْقَصْرَ، فَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ بَابًا دُونَ بَابٍ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمَرْأَةِ، فَأَرَادَتْهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَجَهَدَتْ بِهِ، فَأَبَى أَنْ يَقَعَ عَلَيْهَا، حَتَّى قَالَتْ لَهُ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ صِحْنَا بِكَ قَالَ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ , قَالَ: فَضَعُوا لِي طَهُورًا عَلَى السَّطْحِ حَتَّى اسْتَنْظِفَ، وَأَتَطَّهَّرَ بِهِ. قَالَ: فَفَعَلُوا، فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَارَ حَوْلَ الْقَصْرِ، مِنْ أَيِّهَا يُلْقِي نَفْسَهُ قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أَقْصَرِهَا فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَتَلَقَّاهُ بِجَنَاحِهِ كَمَا يَتَلَقَّى الْوَالِدُ الرَّحِيمُ وَلَدَهُ فَلَا يَخْدِشُ لَهُ لَحْمًا، وَلَا يَكْسِرُ لَهُ عَظْمًا، فَتَلَقَّاهُ جِبْرِيلُ بِجَنَاحِهِ حَتَّى وَضَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ: فَانْصَرَفَ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا لَكَ أَرْتَجِي بِثَمَنِ الْقِفَافِ؟ قَالَ: فَصَاحَتْ بِهِ، وَضَجَّتْ. قَالَ: وَكَانَتِ امْرَأَةً سَخَّابَةً، فَسَخِبَتْ مَعَهُ سَاعَةً، وَآذَتْهُ بِلِسَانِهَا , قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ , قَالَ لَهَا آخِرَ شَيْءٍ: قَوْمِي إِلَى تَنُّورِكِ، فَاسْجِرِيهَا، فَقَامَتْ فَسَجَرَتِ التَّنُّورَ حَتَّى أَحْمَتْهُ، وَجَاءَتْ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا، فَجَاءَ بَعْضُ الْجِيرَانِ، فَقَالَ: عِنْدَكُمْ وَقُودٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، خُذِيهِ مِنَ التَّنُّورِ , قَالَ: فَذَهَبَتْ -[128]- لِتَأْخُذَ النَّارَ، فَإِذَا التَّنُّورُ مُلِئَ خُبْزًا نَضِيجًا أَطْيَبَ خُبْزٍ يَكُونُ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَشْغَلَكِ الْحَدِيثُ مَعَ زَوْجِكِ عَنِ الْخُبْزِ، وَقَدِ احْتَرَقَ فِي التَّنُّورِ، فَقَامَتْ، فَإِذَا التَّنُّورُ مُلِئَ خُبْزًا أَطْيَبَ مَا يَكُونُ، فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرَهَا الْأَمْرَ. قَالَ: فَقَالَتْ: لَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ عِنْدَ رَبِّكَ، وَلَمْ أَعْلَمِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْنَا إِلَى أَنْ نَمُوتَ , قَالَ: فَقَالَ: دَعِيِ اللَّهَ يَأْتِي بِالرِّزْقِ. قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ حَتَّى قَالَ: فَدَعَى الْآنَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ قَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ , إِنَّ فُلَانَةَ امْرَأَتِي سَأَلَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ شَيْئًا نَتَوَسَّعُ بِهِ إِلَى أَنْ نَمُوتَ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنْ ذَلِكَ يَنْقُصَنِي مِنْ مَجَالِسِ الْأَبْرَارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَانْفَرَجَ سَقْفُ الْبَيْتِ، فَإِذَا كَفٌّ فِيهَا لُؤْلُؤَتَانِ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى مِثْلِهِمَا، حَتَّى وَقَعَتَا بَيْنَ يَدَيْهِ , قَالَ: فَقَالَ لَهَا: قَوْمِي، فَخُذِي هَذَا، وَقَدْ نَقَصَتْنِي ذَلِكَ مِنْ مَجَالِسِ الْأَبْرَارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ مَنَابِرَ وُضِعَتْ مُكَلَّلَةً بِالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ، فَقُلْتُ: مَا لِهَذَا الْمِنْبَرِ قَدْ ذَهَبَ مِنْهَا هَاتَانِ اللُّؤْلُؤَتَانِ؟ قَالُوا: هَذَا عَمَلُكِ، سَأَلْتِ زَوْجَكِ أَنْ يَسْأَلَ أَنْ يُعَجَّلَ لَهُمُ اللُّؤْلُؤَتَانِ فِي الدُّنْيَا، فَجَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ , قَالَ: فَقُلْتُ: فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتُهُ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّكَ، فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُمَا. قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ، فَجَاءَتِ الْكَفُّ حَتَّى أَخَذَتْهُمَا " فَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي بَعْضِ حَدِيثِ ذِي الْكَفِّ

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

101 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمُؤَدِّبُ، إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، " أَنَّ §مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ كَانَ مُتَمَرِّدًا عَلَى رَبِّهِ، فَغَزَاهُ الْمُسْلِمُونَ، فَأَخَذُوهُ سَلِيمًا، فَقَالُوا: بِأَيٍّ نَقْتُلُهُ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي قُمْقُمٍ عَظِيمٍ، وَيُؤَجِّجُوا النَّارَ تَحْتَهُ حَشًا حَتَّى يُذِيقُوهُ طَعْمَ الْعَذَابِ -[129]-، وَلَا يَقْتُلُوهُ، فَجَعَلَ يُدْعَوْا آلِهَتَهُ: يَا فُلَانُ , أَنَا كُنْتُ أَمْسَحُ وَجْهَكَ، وَأَفْعَلُ وَأَفْعَلُ، إِلَهًا إِلَهًا، لِمَا خَلَّصْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يُغْنُونَ عَنْهُ شَيْئًا، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَدَعَا مُخْلِصًا، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَصَبَّ عَلَيْهِ غَيْثًا مِنَ السَّمَاءِ، فَأَطْفَأَ النَّارَ، وَهَبَّتْ رِيحٌ، فَحَمَلَتِ الْقُمْقُمَ، فَجَعَلَتْ يُجَلْجِلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَسَقَطَ عَلَى قَوْمٍ، فَاسْتَخْرَجُوهُ، فَقَالُوا: مَا أَنْتَ؟، وَمَا أَمْرُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا مَلِكُ بَنِي فُلَانٍ، فَقَصَّ عَلَيْهِمُ الْقِصَّةَ، فَآمَنُوا "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

102 - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ هَاشِمٍ الْبَلَاذُرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، " أَنَّ §رَجُلًا يَغْشَى بَعْضَ الْمُلُوكِ، فَيَقُومُ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَيَقُولُ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسْآتُهُ. قَالَ: فَحَسَدَهُ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ , فَوَشَى بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا الَّذِي يَقُومُ بِحِذَائِكَ، فَيَقُولُ مَا يَقُولُ، زَعَمَ أَنَّ الْمَلِكَ أَبْخَرُ , قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: وَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا عِنْدِي؟ قَالَ: إِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَادْعُ بِهِ إِلَيْكَ؟ فَإِنَّهُ إِذَا دَنَا مِنْكَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ كَيْ لَا يَشُمَّ رِيحَ الْبَخَرِ , قَالَ لَهُ: انْصَرِفْ حَتَّى أَنْظُرَ. قَالَ: فَخَرَجَ، فَدَعَا الرَّجُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَطْعَمَهُ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَجَاءَ إِلَى الْمَلِكِ، فَقَامَ بِحِذَائِهِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيهِ مَسَاوِئه، فَقَالَ الْمَلِكُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَرَى فُلَانًا إِلَّا قَدْ صَدَقَنِي. وَكَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ بِخَطِّهِ لِأَحَدٍ إِلَّا بِجَائِزَةٍ أَوْ صِلَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ، فَكَتَبَ لَهُ بِخَطِّهِ إِلَى عَامَلٍ مِنْ عُمَّالِهِ: إِذَا أَتَاكَ صَاحِبُ كِتَابِي هَذَا، فَاذْبَحْهُ، وَاسْلُخْهُ، وَاحْشِ جِلْدَهُ تِبْنًا، وَابْعَثْ بِهِ إِلَيَّ. قَالَ: فَخَرَجُ وَالْكِتَابُ مَعَهُ، فَلَقِيَهُ الَّذِي سَعَى بِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْكِتَابُ؟ قَالَ: كِتَابٌ كَتَبَهُ لِيَ الْمَلِكُ بِخَطِّهِ، فَقَالَ: احْبُونِي بِهِ، هِبْهُ لِي. قَالَ: فَدَفَعَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ، فَمَضَى الرَّجُلُ إِلَى الْعَامِلِ -[130]-، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ: أَتَدْرِي مَا فِيهِ؟ قَالَ: كِتَابُ خَطِّ الْمَلِكِ بِالْحَبَايِرِ وَالصِّلَةِ , قَالَ: إِنَّ فِي كِتَابِكَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَذْبَحَكَ، وَأَسْلُخَكَ، وَأَحْشُوَ جِلْدَكَ تِبْنًا، وَأَبْعَثَ بِكَ إِلَيْهِ قَالَ: اللَّهُ، اللَّهُ، لَيْسَ هَذَا الْكِتَابُ لِي، إِنَّمَا كَتَبَهُ لِغَيْرِي، رَاجِعْ إِلَى الْمَلِكِ فِيَّ , قَالَ: لَيْسَ لِكِتَابِ الْمَلِكِ مُرَاجَعَةٌ. قَالَ: فَذَبَحَهُ، وَسَلَخَهُ، وَحَشَاهُ تِبْنًا، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ، وَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَامَ بِحِذَاءِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَحْسِنْ إِلَى الْمُحْسِنِ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءُ سَيَكْفِيكَ مَسَاوِئهُ , قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلْتَ بِالْكِتَابِ الَّذِي كَتَبْتُهُ لَكَ؟ قَالَ: لَقِيَنِي فُلَانٌ، فَاسْتَوْهَبَنِي، فَوَهَبْتُهُ لَهُ , قَالَ: إِنَّ فُلَانًا ذَكَرَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنِّي أَبْخَرُ؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ، مَا قُلْتُ هَذَا أَيُّهَا الْمَلِكُ , قَالَ: فَلِمَ وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى فِيكَ حِينَ قَرُبْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَطْعَمَنِي طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى فِي، كَيْ لَا تَشُمَّ مِنِّي رِيحَ الثُّومِ , قَالَ: صَدَقْتَ، قُمْ ذَلِكَ الْمَكَانَ، وَقُلْ كَمَا كُنْتَ تَقُولُ "

حديث ذي الرجل

§حَدِيثُ ذِي الرِّجْلِ

103 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ: §" كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَابِدٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَحَسَدَهُ إِبْلِيسُ، فَجَاءَ، فَبَنَى بِجَنْبِ صَوْمَعَتِهِ بَيْتًا، فَجَعَلَ يَدْعُو وَيَبْكِي، وَلَا يَفْتُرُ مِنْ قِيَامٍ، وَلَا يَنَامُ، وَلَا يَفْتُرُ , قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ: إِنَّا لَنَنَامُ وَلَنَفْتُرُ، وَلَا نَقْوَى عَلَى مَا تَقْوَى عَلَيْهِ يَا هَذَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: إِنِّي قَدْ أَصَبْتُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَإِنِّي كُلَّمَا جَاءَنِي النَّوْمُ، فَنَظَرْتُ فِي خَطَايَايَ ذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ، وَإِنَّكَ لَوْ أَصَبْتَ شَيْئًا مِنَ الذُّنُوبِ كُنْتَ هَكَذَا، وَذَكَرْتَ ذُنُوبَكَ، فَبَكَيْتَ , قَالَ: فَقَالَ الْعَابِدُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي أَصَبْتُ مِنَ الذُّنُوبِ حَتَّى تَجِيءَ بِمِثْلِ مَا جَاءَكَ قَالَ: فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ حَتَّى أَذْهَبَ بِكَ إِلَى ابْنَةِ فُلَانٍ الْمَلِكِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، نَزَلَ فَلَمَّا أَخْرَجَ رِجْلًا وَاحِدًا مِنَ الصَّوْمَعَةِ، تَلَقَّاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمِيكَائِيلُ، فَقَالَ لَهُ: تَخْرُجُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ هَذَا إِبْلِيسُ. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: خَرَجْتُ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ إِلَى مَعْصِيَتِهِ، لَا تَرْجِعُ إِلَى الْأُخْرَى أَبَدًا، فَمَكَثَ كَذَلِكَ رِجْلًا مِنْ دَاخِلٍ، وَرِجْلًا مِنْ خَارِجٍ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ " قَالَ: " فَإِنَّهُ لَذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: حَدِيثُ ذِي الرِّجْلِ "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

104 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، يُحَدِّثُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " §غَدَوْتُ مَعَ أَبِي، بِالْمَقْبَرَةِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: يَا أَبَةِ أَتُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: إِنْ سَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، أَلَا أُخْبِرُكَ يَا بُنَيَّ بِمَا رَأَيْتُ فِيَ هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى , قَالَ: مَرَرْتُ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ عَلَى نَاقَةٍ، وَأَنَا مُتَعَلِّقٌ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ قَبْرِهِ يَشْتَعِلُ نَارًا فِي عُنُقِهِ سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ، فَجَعَلْتُ نَاقَتِي تَحِيدُ، وَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ أَنْظُرُ أَتَعْجَبُ وَهُوَ يُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ , صُبَّ عَلَيَّ مَاءً، فَوَاللَّهِ , مَا أَدْرِي بِاسْمِي الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَبِي وَأُمِّي كَانَ يَدْعُونِي أَوْ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ إِذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْقَبْرِ فِي يَدِهِ طَرَفُ السِّلْسِلَةِ، وَفِي يَدِهِ الْأُخْرَى سَوْطٌ مِنْ نَارٍ، فَصَاحَ يَا عَبْدَ اللَّهِ , لَا تَصُبَّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ وَلَا كَرَامَةَ، ثُمَّ اجْتَذَبَهُ بِالسِّلْسِلَةِ حَتَّى أَعَادَهُ إِلَى الْقَبْرِ " قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: اللَّهِ , إِنَّكَ سَمِعْتَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ بِهَذَا عَنْ أَبِيهِ؟ قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ سَالِمًا لَمْ يَكْذِبْ

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

105 - قَالَ أَبُو أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ فَرْضَخٍ، حَدَّثَنَا خُمَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّجْمِ بَدْرٌ بن أحمد بن بدر الْغَنَوِيُّ، حَدَّثَنِي مِلْحٌ، خَالُ الْمُتَوَكِّلُ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " §سِحْتُ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، فَأَتَيْتُ عَلَى دِيرِ وفي الدير صَوْمَعَةٍ فِيهَا رَاهِبٌ، فَنَادَيْتُهُ، فَأَشْرَفَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ يَأْتِيكَ طَعَامُكَ؟ فَقَالَ: مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، قُلْتُ: حَدِّثْنِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتَ مِنَ هَذَا الْبَحْرِ؟ قَالَ: تَرَى تِلْكَ الصَّخْرَةِ؟ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَخْرَةٍ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ، قُلْتُ: نَعَمْ , -[132]- قَالَ: يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ كُلَّ يَوْمٍ طَائِرٌ مِثْلُ النَّعَامَةِ، يَعْنِي كِبَرًا، فَيَقَعُ عَلَيْهَا، فَإِذَا اسْتَوَى وَاقِفًا تَقَيَّأَ رَأْسًا، ثُمَّ تَقَيَّأَ يَدًا، ثُمَّ رِجْلًا، ثُمَّ يَدًا، ثُمَّ رِجْلًا، ثُمَّ يَدًا، ثُمَّ رِجْلًا، ثُمَّ تَلْتَئِمُ الْأَعْضَاءُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ اسْتَوَى إِنْسَانًا قَاعِدًا، ثُمَّ يَهُمُّ لِلْقِيَامِ، فَإِذَا هَمَّ لِلْقِيَامِ نَقَرَهُ نَقْرَةً، فَأَخَذَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَأْخُذْهُ عُضْوًا عُضْوًا، كَمَا قَاءَهُ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيَّ نَادَيْتُهُ يَوْمًا، وَقَدِ اسْتَوَى جَالِسًا، وَقُلْتُ: أَلَا مَنْ أَنْتَ؟، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ، قَاتِلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ هَذَا الطَّيْرَ، فَهُوَ يُعَذِّبُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

106 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الرِّبَاطِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُوَفَّقِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُحْتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ مُظْهِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، أَنَّهُ «§رَأَى بِعَدْنَانَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ عَبَّادَانَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا زُمُرُّدٌ، كَانَتِ امْرَأَةً لَهَا زَوْجٌ، ثُمَّ خَرَجَ لَهَا جُرْحٌ فَوْقَ الْفَرْجِ، وَخَرَجَتْ لَهَا لِحْيَةٌ، فَتَزَوَّجَتِ امْرَأَةً»

107 - وَبِهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُحْتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بُنْدَار، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ، يَقُولُ: " §رَأَيْتُ امْرَأَةً بِعَدْنَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ بَطْنِهَا، وَوَلَدٌ مِنْ فَرْجِهَا. قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: فَسَأَلْتُ الْمَرْأَةَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، كُنْتُ امْرَأَةً، فَتَزَوَّجَنِي رَجُلٌ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، ثُمَّ خَرَجَ ذَكَرٌ مِنْ فَرْجِي، فَطَفَيْتُ الْفَرْجَ، فَصَارَ لِي ذَكَرٌ مِثْلُ الرِّجَالِ، فَرَجَعَتِ الشَّهْوَةُ إِلَى الظَّهْرِ، فَاشْتَهَيْتُ كَمَا يَشْتَهِي الرِّجَالُ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَنَكَحْتَهَا، فَحَمَلَتْ، فَوُلِدَ لِي غُلَامٌ "

حديث آخر

§حَدِيثٌ آخَرُ

108 - أَخْبَرَنِي عَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُوَفَّقِ، حَدَّثَنَا أَبُو الشَّيْخِ الْأَبْهَرِيُّ -[133]-، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: " §أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ , ابْتُلِيتُ بِشَيْءٍ لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ قَطُّ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: جَامَعْتُ امْرَأَتِي، فَمَسَحْتُ ذَكَرِي بِخِرْقَةٍ، فَوَضَعْتُهُ تَحْتَ الْفِرَاشِ، فَمَرَّتِ ابْنَتِي، وَهِيَ بِكْرٌ قَدْ دَنَا حَيْضُهَا، فَأَخَذَتْهَا، فَحَمَلَتْ. قَالَ: قُلْتُ: أَدْعُو وَلَدَكَ، وَاكْتُمْ سِرَّكَ "

109 - قَالَ ابْنُ الْمُوَفَّقِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ " كَانَ §بِمَدِينَةِ أَصْفَهَانَ إِنْسَانٌ جَلِيلٌ، لَمْ يَكُنْ يَقْرُبُ النِّسَاءَ، فَكَانَ لَهُ خَدَمٌ، فَدَسَّتْ بَعْضُ الْجَوَارِي إِلَى بَعْضِ الْخَدَمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نُطْفَةِ سَيِّدِهِ فِي قُطْنٍ، فَحَشَتْ بِهَا قُبُلَهَا، فَحَمَلَتْ بِغُلَامٍ، وَذَلِكَ الْقُطْنُ مُلْتَزِقٌ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَسُمَّيَ: فَيْضَ الْقُطْنِيَّ "

§1/1