فتح الودود في شرح سنن أبي داود

السندي، محمد بن عبد الهادي

جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للناشر والمؤلف الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م الناشر مكتبة لينَة السعودية: تليفاكس: 0096625544877 مصر: تليفاكس: 00202453320849 جوال: 0504898542 - 0598894495 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. أما بعد: فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. لقد منَّ الله عليَّ بسلوك سبيل طلب العلم الشرعي منذ أكثر من ربع قرن من الزمان، وقذف في قلبي محبة العلماء، ومحبة كتب العلم، ويسر لي سبيل طباعتها، ونشرها، كما أنه -سبحانه- جعل المحبة والألفة في قلوب كثير من علماء السنة لي، وعلى رأس هؤلاء فضيلة الشيخ / أبو بكر جابر الجزائري والذي صحبته مع دروسه ومؤلفاته عقودًا من الزمان، ورافقته سفرًا وحضرًا، وأخذت عنه علمًا وعملًا. وقد يسر الله لي أن أرد شيئًا من فضله، وطرفًا من إنعامه بأن عرضت عليه طباعة كتبه ومؤلفاته ونشرها، وقد أذن لي، وكتب بخطه مرات وكرات، وهو "جميع حاضر الأمر مجتمع الفكر، وامتدت هذه العلاقة الحسنة ردحًا من الزمان. ثم إن بعضًا من الحاقدين والحاسدين، ممن غلب عليهم حب الدنيا، وجمع المال ليس إلا، رأوا أن كتبًا للشيخ تنشر، وعلومًا له تبث، وكان جديرًا بهم أن يفرحوا لذلك، إلا أنهم أرادوا أن يستأثروا بما ليس لهم، ويقتنصوا ما ليس بحلال لهم، فقاموا وطبعوا طبعات وطبعات لكتت الشيخ، وكتبوا كلمات وعبارات وختموها بختم مشابه لختم فضيلته، ولم يراعوا حرمة المسلم في ماله وعرضه، فراحوا ينشرون عني الأكاذيب، ورفعوا الدعوى في "وزارة الإعلام"، وتم التحقيق في ذلك، إلا أنهم خابوا وخسروا، فقد أسفر التحقيق عن إدانة، لكن ليست لي، وانبلج عن لوم لم يتوجه عليَّ، بل كنت فيه براء، بل قيل لي: إن الحق معك، ولو رفعت الدعوى بالمحكم لنُصرت، ولكن حرصًا

على الشيخ ومحبته، وحسن العهد معه، وصحبته تركت ذلك لله (¬1). ولم يراعني إلا ما نشروه أخيرًا من سنوات من ورقة أمهروها بختم الشيخ، وفيها خلاف ما كتبه لي بيده منذ سنوات، قبل أن يبلغ به السن ما بلغ، أطال الله في عمره في حسن العمل، ولم يكتفوا بذلك، بل نشروا ذلك في مقدمة كتبهم، حرصًا على دنيا، واقتراب من مال، ولن يصل إليهم إلا ما كتب لهم، وليتهم أخذوا العبرة ممن حلَّ بهم المثلات قبلهم، وإني لأتساءل كما يتساءل غيري: هل من المعقول أن الشيخ يقول الآن: إن كل ما نشر بخطه "مزور"، ويتركني عقودًا من الزمن أنشر، وأعطيه نسخًا من المنشور، وأعطيه كذا وكذا؟ ! إن أي عاقل يجل الشيخ عن ذلك التناقض، كما لا يصح لدى أي عاقل أو طالب علم أن يقول: إن الشيخ رجع عن إذنه؛ لأن ما أعطانيه الشيخ هو عقود "معاوضة"، لا يتم فسخها من طرف واحد بالعقد، كما هو معلوم لمن له أدنى مسكة من علم، أو يجلس في مجلس علم، أو اشتم رائحة العلم، وإنما افتعلوا هذا بما يسوقهم فيه الحقد والحسد، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. محمد زكي الخولي ¬

_ (¬1) معاملة رقم (200 / م / ق) بتاريخ 25/ 5 / 1422 هـ، مكتب وكيل وزارة الإعلام- الرياض- هاتف 4020525، مدير مطبوعات القصيم- هاتف 3851640

مقدمة المحقق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المحقق إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا. ونصلي ونسلم على النبي الأمي، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين. وبعد: لقد وفقني الله سبحانه وتعالى في العمل، في كتاب: فتح الودود في شرح سنن أبي داود، الذي قام بشرح سنن الإمام أبي داود، الذي قال عنه محمد بن إسحاق الصاغاني: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود - عليه السلام - الحديد، وقال الحافظ موسى بن إبراهيم: خلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة، ما رأيت أفضل منه، وقال الحاكم: أبو داود إمام أهل الحديث في زمانه يلا مدافعة، ولد سنة 202 هـ، ومات بالبصرة في 16 شوال سنة 275 هـ. تعريف بالمؤلف: الإمام أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي، المعروف بالسندي فقيه حنفي، عالم بالحديث والتفسير والعربية، ولد بتته -قرية من بلاد السند- ونشأ بها، ثم رحل إلى تستر، وأخذ بها عن جملة من الشيوخ، ثم رحل إلى المدينة المنورة وتوطنها، وأخذ بها عن السيد محمد البرزنجي، والملا إبراهيم الكوراني، وغيرهما ودرس بالحرم النبوي الشريف، واشتهر بالفضل والذكاء والصلاح، وألف

عملي في الكتاب

مؤلفات نافعة منها: الحواشي الستة على الكتب الستة، وكانت وفاته بالمدينة عام 1138 هـ، ودفن بالبقيع. عملي في الكتاب: قمت بنسبة الآيات التي استشهد بها المؤلف رحمه الله إلى سورها، وترقيمها في أسفل الصفحات، وقمت بتخريج الأحاديث الموجودة في الشرح والتي اعتمد عليها الإمام السندي، وقمت بترجمة بعض الأعلام التي قد تكون بعيدة عن ذهن القارئ أو غير متداولة في سيرة السلف. المراجع التي اعتمدت عليها في التحقيق: أولًا: القرآن الكريم. ثانيًا: كتب الحديث: الجامع لاحكام القرآن للقرطبي تفسير. ابن جرير (الطبري) تفسير. تفسير (ابن كثير). موطأ الإمام مالك. فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني. مسند الإمام أحمد بن حنبل. صحيح مسلم. شرح صحيح مسلم للإمام محيي الدين النووي. الجامع الصحيح للترمذي.

سنن ابن ماجه. سنن الدارمي. سنن النسائي (المجتبى). السنن الكبرى للنسائي تحقيق. السنن الكبرى للبيهقي. معرفة السنن والآثار للبيهقي. المصنف لابن أبي شيبة. مصنف عبد الرزاق. مسند أبي يعلى. المستدرك للحاكم. المعجم الكبير للطبراني. المعجم الصغير للطبراني. مجمع الزوائد للهيثمي. سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعلامة الألباني. سنن سعيد بن منصور. شرح معاني الآثار للطحاوي. الموضوعات لابن الجوزي.

ثالثا: التراجم والرجال

المجموع للإمام النووي. صحيح ابن خزيمة. النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير. سيرة ابن هشام. الروض الأنف للسهيلي. زاد المعاد لابن قيم الجوزية. تنوير الحوالك. شرح الموطأ. ثالثًا: التراجم والرجال: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر. تهذيب التهذيب لابن حجر. تقريب التهذيب لابن حجر. التاريخ الكبير للبخاري. الثقات لابن حبان. المعاجم وكتب غريب الحديث. لسان العرب لابن منظور. مختار الصحاح للرازي. القاموس المحيط للفيزوزآبادي. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير.

وأخيرًا: أرجو من الله عزَّ وجلَّ أن ينفع بهذا الكتاب سائلًا إياه سبحانه وتعالى التوفيق والسداد، وأن يغفر لي زلاتي، وأن ينفع به كاتبه وقارئه، وجمع المسلمين، وأن يرزقنا الإخلاص في السر والعلن، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وهو حسبي ونعم الوكيل. المحقق الفقير إلى عفو ربه محمد زكي الخولي

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المؤلف الحمد لله رب العالمين، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد .. فهذا تعليق لطيف على سنن أبي داود رحمه الله تعالى، فقلت فيه غالب حاشية السيوطي بالعين والاختصار، وزدت عليه غالب ما يحتاج إليه الإنسان وقت الدرس، ختمه الله تعالى الختم على الإيمان بعد التوفيق للإكمال. قال الشيخ المؤلف أبو داود رحمه الله تعالى في رسالته إلى أهل مكة ما اختصاره وخلاصته: هو أني ذكرت في كتابي هذا مراسيل؛ لأن المراسيل قد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل: سفيان الثوري ومالك والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيه، وتابعه على ذلك أحمد وغيره، فإذا لم يوجد مسند يحتج بالمراسيل، وليس هو مثل المتصل بالقوة، وليس في كتابي هذا عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث منكر بينته أنه منكر. وذكر أنه أجمع كتاب بالنظر إلى كتب المتقدمين، حتى غالب أحاديث الكتاب لا توجد في كتبهم، فإن ذكر لك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة ليست فيما أخرجته فاعلم أنه حديث واه، وكان الحسن بن علي قد جمع من الأحاديث قدر سبعمائة حديث وذكر ابن المبارك قال: السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو تسعمائة حديث، فقيل: إن أبا يوسف قال. هي ألف ومائة، قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ من هنا

ومن هنا وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح وبعضها أصح من بعض، وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلا وحي فيه، إلا أن يكون كلامًا استخرج من الحديث، ولا أعلم شيئًا من القرآن ألزم للناس أن يتعلموا من هذا الكتاب، ولا يضر رجلًا أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذا الكتاب شيء، وإذا نظر فيه وتدبره وتفهمه يعلم متداره. وأما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي فهذه الأحاديث أصولها. انتهى. قلت: أراد أنه يكفي هذا الكتاب -في الاجتهاد- مع القرآن، وهذا فيما يرى من كيف (¬1)، وهذا ابن المبارك من كبراء أهل الاجتهاد وعظمائهم وهو ممن لقي أبا حنيفة ومالكًا وغيرهما من العظماء، وكان يعتقد أن السنن كلها قدر تسعمائة، وكان ينكر على أبي يوسف في قوله: إننا ألف ومائة، وبه ظهر لك حال أبي يوسف، مع كونه من أعظم تلامذة الإمام أبي حنيفة بل هو أعظمهم على الإطلاق. ولهذا كان الغزالى يقول: يكفي في الاجتهاد للمرء سنن أبي داود (¬2). وقد وافق أبا داود على ذلك غيره، فقال ابن الأعرابي: لو أن المرء لم يكن، عنده من العلم إلا المصحف ثم كتاب أبي داود لم يحتج معهما إلى شيء من العلم. قال الخطابي: وهذا كما قال لا شك فيه، فقد جمع في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدمًا سبقه إليه، ولا متأخرًا لحقه فيه (¬3). وقال الخطيب: كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم ¬

_ (¬1) هكذا بالمخطوطة. (¬2) المستصفى في علم الأصول 2/ 351. (¬3) هذا القول حكاه الخطابي سماعًا من ابن الأعرابي في مقدمة معالم السنن.

يصنف في علم الدين كتاب مثله، وقد رزق القبول من كافة الناس وطبقات الفقهاء مع اختلاف مذاهبهم، وعليه معول غالب بلاد أهل الإسلام (¬1). وكان تصنيف العلماء قبل ذلك مختلطا فيما بين أحكام ومواعظ وقصص، فأما السنن المحنسة (¬2) فلم يقصد أحد جمعها واستيفاءها على حسب ما اتفق لأبي داود. وقال النووي: ينبغي للمشتغل بالفقه وغيره الاستناد بسنن أبي داود، فإن معظم أحاديث الأحكام التي يحتج بها فيه. وقال أبو العلا: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقال: من أراد أن يتمسك بالسنن فليقرأ سنن أبي داود، وذكروا أن شرط أبي داود أحاديث أقوام لم يجتمع على تركهم، والله أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن، المقدمة 1/ 8. (¬2) هكذا بالمخطوطة، ولعلها "المحسنة".

1 - كتاب الطهارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [أخبرنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، قال: أنا الإمام القاضي أبو عمرو القاسم جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: ]. حدثنا أبو علي محمد [بن أحمد] بن عمرو اللؤلؤي حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني في المحرم سنة خمس وسبعين ومائتين، قال: كِتَاب الطَّهَارَةِ بَابُ التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ 1 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ === كتاب الطهارة باب التخلي عند قضاء الحاجة شرع في أحكام كتاب الطهارة؛ لأنها من مقدمات الصلاة، التي هي أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وشرع في كتاب الطهارة بأبواب قضاء الحاجة؛ لأنه أول ما يجاريه في العادة من مقدمات الطهارة التي تجب الطهارة عندها، ولذلك وقع الاقتصار عليه من بين أنواع الحدث في القرآن، فقال تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬1) ففي هذا ¬

_ (¬1) سررة النساء: آية (43).

يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ذَهَبَ الْمَذْهَبَ أَبْعَدَ". === الشروع نوع موافقة لكتاب المجيد، كما أنه فيه رعاية لا عليه الوجود، والله تعالى أعلم. 1 - قوله: "عبد الله بن مسلمة" بفتح الميم و"قعنب (¬1) بفتح القاف وإسكان العين المهملة وفتح النون بعدها باء موحدة. و"المغيرة" (¬2) بضم الميم أشهر من كسرها. قوله: "إذا ذهب المذهب" في النهاية (¬3) هو الموضع الذي يتغوط فيه، مفعل من الذهاب، وكان مراده أنه اسم مكان من الذهاب والخصوص مستفاد من لام العهد. فإن قلت: لا بد في لام العهد من تقدم ذكر المعهود أو ما يجري مجرى تقدم الذكر لتصح إليه الإشارة باللام. قلت: قد يكتفى عنه بقرينة متأخرة كما في الضمير مثل قولك: قال تعالى أو قال - صلى الله عليه وسلم -أو قال في كتاب كذا، فإن الدال على التعيين في الكل هو المتأخر وإنكاره باطل بداهة، وبه ظهر ما في كلامهم من القصور وأبعد هاهنا قرينة على تعيين ¬

_ (¬1) عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب، القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، أصله من المدينة، وسكنها مدة، ثقة عابد، كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدًا، من صغار التاسعة، مات في أول سنة إحدى وعشرين بمكة، تقريب التهذيب 1/ 451. (¬2) المغيرة بن شعبة بن مسعود بن معتِّب، الثقفي، صحابي مشهور، أسلم قبل الحديبية، وولي إمْرَة البصرة ثم الكوفة، مات سنة خمسين على الصحيح تقريب التهذيب 2/ 269. (¬3) النهاية 1/ 118.

2 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ انْطَلَقَ، حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ». === المراد؛ إذ يفهم منه مذهب يناسبه الإبعاد وهو في المعتاد هو هذا المذهب. وقد جوز أن المذهب في الحديث مصدر ميمي , والمراد الذهاب المخصوص بقرينة لام العهد. وقوله: "أبعد" هو على ما في القاموس والصحاح متعدي، فالمفعول مقدر أي حاجة، أي سترها عن أعين الناس أو نفسه، وكان حذف الكراهة ذكر تلك الحاجة أو لكراهة نسبة الإبعاد إلى النفس، والمراد: أنه يذهب إلى أن يغيب عن الأعين كما يدل عليه الحديث الثاني، فهو كالتفسير له فلذلك آخره المؤلف رحمه الله تعالى، ما أدق نظره في التهذيب والترتيب! والله تعالى أعلم. 2 - قوله: "إذا أراد البراز" قال الخطابي: بفتح الباء اسم، للفضاء الواسع من الأرض كنَّوا به عن حاجة الإنسان، كما كنوا عنها بالخلاء، وأكثر الرواة يقولون بكسر الباء وهو غلط، إنما ذاك المصدر بارزت الرجل في الحرب [مبارزة وبرازا] (¬1)، ورده النووي فقال: ليس الكسر غلطًا كما قال: بل هو صحيح أو أصح، فقد صرح بالكسر الجوهري (¬2) والرواية بالكسرة. وقوله: "حتى لا يراه أحد" يحتمل الغاية والتعليل، والأول أظهر، وفي رواية المصنف اختصار، وزاد ابن عدي والبيهقي: "فنزلنا منزلًا بأرض ليس فيها ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من معالم السنن وبه يتم المعنى 1/ 9. (¬2) الصحاح ص 48.

باب الرجل يتبوأ لبوله

بَابُ الرَّجُلِ يَتَبَوَّأُ لِبَوْلِهِ 3 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ، قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ الْبَصْرَةَ، فَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى، فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَبِي مُوسَى يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُوسَى: إِنِّي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبُولَ، فَأَتَى === علم ولا شجر فقال لي: "يا جابر خذ الأداوة وانطلق بنا" فملأت الإداوة ماء, وانطلقنا فمضينا حتى لا نكاد نرى، فإذا شجرتان بينهما أذرع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا جابر انطلق فقل لهذه الشجرة، يقول لك رسول الله الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما" ففعلت، فزحفت حتى لحقت بصاحبتها فجلس خلفهما، حتى قضى حاجته" (¬1). باب الرجل يتبوأ لبوله 3 - قوله: "أبو التياح" (¬2) بتقدم الموفية كعلام، وقوله: "حدثني شيخ" في هذا السند جهالة لا تخفى. قوله: "البصرة" بتثليث الباء والفتح أشهر، وقوله: "فكان يُحدَّث" على بناء المفعول في رواية البيهقي (¬3) "سمع أهل البصرة يتحدثون عن أبي موسى" وعن أبي موسى نائب الفاعل، واسم كان الضمير الثاني وجملة يحدث غيره , وقوله: "ذات يوم" لفظ ذات مقحم، و"الدمث" ¬

_ (¬1) ابن ماجه في الطهارة مختصرًا والبيهقي في الطهارة 1/ 93، (335) وابن عدي في الضعفاء مختصرًا 1/ 279. وقال النووي معلقًا عليه في المجموع: فيه ضعف يسير وسكت عليه أبو داود فهو حسن عنده 1/ 77. (¬2) أبو التيّاح: يزيد بن حُميد الضُّبَعي، بصري، مشهور بكنيتة، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين. تقريب التهذيب 2/ 363. (¬3) البيهقي 1/ 93، 94.

باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

دَمِثًا فِي أَصْلِ جِدَارٍ فَبَالَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ 4 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: عَنْ حَمَّادٍ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ» وَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ». === بفتحتين أو كسر الميم وهو أشهر الأرض السهلة الرخوة. والمراد "بأصل جدار" ما قاربه وإلا فلا يتصور إتيان دمث في أصل جدار ولا البول فيه، وعلى هذا فيحتمل أن لا يكون القرب بحيث يضر البول فيه البناء فلا إشكال في البول فيه، وعلى تقدير أن يكون مضرًا فيحتمل أن يكون الجدار غير مملوك، أو علم صلى الله تعالى عليه وسلم برضى صاحب الجدار. وقوله: "فليرتد لبوله" في النهاية أي ليطلب مكان لينًا لئلا يرجع عليه رشاش بوله (¬1). يريد أن المفعول محذوف بقرينة المقام، ولو قدر فليطلب مثل هذا المكان، فحذف المفعول بقرينة مشاهدة مثله، كان أولى. باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء 4 - قوله: "من الخبث" بضمتين جمع الخبيث "والخبائث" جمع الخبيثة والمراد ذكور الشياطين وإناثهم, وسكون الباء غلط، قال الخطابي: ورده النووي بأن الإسكان جائز على سبيل التخفيف قياسًا ككتب ورسل، فلعل الخطابي أنكر على ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث 2/ 276.

5 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ "، وَقَالَ مَرَّةً: " أَعُوذُ بِاللَّهِ "، وَقَالَ وُهَيْبٌ: " فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ ". حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو يَعْنِي السَّدُوسِيَّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ» وَقَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ مَرَّةً: «أَعُوذُ بِاللَّهِ». 6 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضِرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ". === من يقول أصله الإسكان (¬1). 6 - قوله: "عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم" وروى بعضهم: "عن قتاده عن القاسم بن عوف عن زيد بن الأرقم" فقال البخاري: لعل قتادة سمع منهما جميعًا ولم يرجح أحد الإسنادين. وقال الترمذي: في إسناده اضطراب (¬2). قوله: "إن هذه الحشوش" بضم المهملة والمعجمة جميعًا هي الكنف، واحدها حش مثلث الحاء وأصله جماعة النخل الكثيفة، كانوا يقضون حوائجهم إليها قبل اتخاذ الكنف في البيوت. وقوله: "محتضرة" بفتح الضاد أي تحضرها الشياطين. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 11، والنووي في المجموع 2/ 74، 75. (¬2) الترمذي في أبواب الطهارة (56).

باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

بَابُ كَرَاهِيَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ 7 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قِيلَ لَهُ لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: أَجَلْ لَقَدْ «نَهَانَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَأَنْ لَا نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا يَسْتَنْجِيَ === باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة 7 - قوله: "قيل له" قاله يهودي كذا ذكره النووي (¬1) أي استهزاء و"الخراة" في المجمع بكسر الخاء ومد: هيئة الحدث. وأما نفس الحدث فبلا تاء وتمد مع فتح الخاء وكسرها. اهـ. قلت: المعنى الذي ذكر يقتضى كسر الخاء بلا مد كجلسة للهيئة. وقال الخطابي: أكثر الرواة يفتحون الخاء بلا مد (¬2). وقال الطيبي: المراد آداب التخلي، وجواب سلمان من أسلوب الحكيم حيث لم يلتفت إلى استهزائه. قلت: والأقرب رد له بأن ما زعمه سببًا للاستهزاء ليس بسبب له، حتى المسلمون يصرحون به عند الأعداء. وقوله: "أجل" بسكون اللام أي نعم. وقوله: "أن لا يستنجي" كلمة (لا) زائدة وقد سقطت في بعض النسخ و"الرجيع" هو الخارج من الإنسان أو الحيوان، سمي بذلك؛ لأنه رجع عن حاله الأولى وصار ما صار بعد أن كان طعامًا أو ¬

_ (¬1) النووي بشرح صحيح مسلم 3/ 152. (¬2) معالم السنن 1/ 11.

أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ». 8 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا === علفًا. 8 - قوله: "إنما أنا لكلم بمنزله الوالد" كلام بسيط وتأنيس للمخاطبين لئلا يمنعهم الحياء والهيبة عن مراجعة ما يظهر لهم في دينهم. وقوله: "إذا أتى أحدكم الغائط" هو في الأصل اسم للمكان المطمئن في الفضاء ثم اشتهر في نفس الخارج من الإنسان، والمراد هاهنا هو الأول، إذ لا يحسن استعمال الإتيان في المعنى الثاني أيضًا ولا يحسن النهي عن الاستقبال والاستدبار إلا قبيل المباشرة بإخراج الخارج، وذلك عند حضور المكان لا عند المباشرة بإخراج ذلك، فليتأمل. وقوله: "ولا يَسْتَطِيبُ" بثبوت الياء في كثير من النسخ على أنه نهي بلفظ الخبر وهو أوكد، وجاء بحذف الياء على لفظ النهي، والمعنى لا يستنجي، وسمي الاستنجاء استطابة؛ لما فيه من إزالة النجاسة وتطييب موضعها. "والروث" رجيع ذوات الحافر ذكره صاحب المحكم وغيره، وقال ابن العربي: رجيع غير بني آدم. قلت: الأشبه أن يراد هاهنا رجيع الحيوان مطلقًا، ليشتمل رجيع الإنسان ولو بطريق إطلاق اسم الخاص على العام، ويحتمل أن يقال: ترك ذكر رجيع

أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَلَا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ، وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ». 9 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، رِوَايَةً قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا === الإنسان؛ لأنه أغلظ فيشتمله النهي بالأولى، "والرِقَّة" بكسر فتشديد ميم: العظم البالي، ولعل المراد هاهنا مطلق العظم، ويحتمل أن يقال العظم البالي لا ينتفع به فإذا منع عن تلويثه فغيره بالأولى. 9 - قوله: "حدثنا سفيان" هو ابن عيينة (¬1)، وهو وإن كان مدلسًا إلا أنه لا يدلس إلا عن ثقة ولذلك اجتمعت الأمة على الاحتجاج بحديثه المعنعن. كذا ذكره غير واحد وقالوا: هذا لا يعرف إلا في سفيان بن عيينة. وقوله "رواية" هي من صيغ الرفع ونصبها بتقدير فعل أي رواه رواية. وقوله: "إذا أتيتم الغائط. "إلخ قال الشيخ ولي الدين: المراد بالغائط الأول المعنى الحقيقي، وهو المكان المنخفض الواسع، وبالثانى المعنى المجازي: وهو الخارج المعروف. قلت: فلا يتوهم أن الظاهر هو الإضمار في الثاني فلم أظهر؟ . وقوله: "شرقوا وغربوا" أي استقبلوا جهة الشرق والغرب والعطف بينهما بالواو في غالب النسخ، وفي بعضها بأو وهو المشهور في غير هذا الكتاب، وهما ¬

_ (¬1) سفيان بن عبينة ابن أبي عمران ميمون الهلالي، الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة، إلا أنه تغير حفظه بآخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين. تقريب التهذيب 1/ 312.

مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، فَكُنَّا نَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. 10 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَبُوزَيْدٍ هُوَ مَوْلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ. === صحيحان، قالوا: وتفيد جواز الجهتين، وأو تفيد اختيار ما شاء، والخطاب لأهل المدينة ومن كانت قبلته على ذلك، وإلا فلا يستقيم فمن قبلته إلى المشرق أو المغرب. و"المراحيض" كالمصابيح جمع مرحاض كمصباح وهو المغتسل أريد به مرضع التخلي. وقوله: "ونستغفر" بحذف لفظ الجلالة رواية الكتاب، وبإثباتها رواية بقية الستة. 10 - قوله: "الأسدي" (¬1) بفتحتين أو بسكون الثاني، وقوله: "أن نستقبل القبلتين" قيل: أبو زيد مجهول الحال والحديث ضعيف به، وعلى تقدير صحته فالمراد أهل المدينة؛ لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبارهم الكلعبة، وقيل: يحتمل أن يقال ببقاء نوع احترام لبيت المقدس: لأنه كان قبلة للمسلمين مدة، وقيل: لعله نهى عن استقباله حين كان قبلة ثم عن استقبال الكعبة حين صارت قبله، فجمعهما الراوي ظنًّا ببقاء النهي. ¬

_ (¬1) معقل بن أبي معقل الأسدي: وهو ابن أبي الهيثم، ويقال: ابن الهيثم، له ولأبيه صحبة. تقريب التهذيب 2/ 165.

باب الرخصة في ذلك

11 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى إِنَّمَا «نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ». بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 12 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَقَدْ ارْتَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ، «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ». === 11 - قوله: "إنما نهي عن ذلك" حاصله أن النهي كان مخصوصًا، وهو الذي يؤيده حديث "إذا أتيتم الغائط"؛ لأن المراد به معناه الحقيقي كما عرفت، وهو في الفضاء وظاهر كلام جابر الآتي يميل إلى النسخ (¬1). وأما قول أبي أيوب "فكنا ننحرف" فلعله مبنى على أنة فهم أن علة النهي هو الاحترام فلا يختص الحكم بالفضاء، ويؤيده ظاهر حديث سلمان ففيه: "نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبله بغائط أو بول" إلا أن يقال أنه لا قبلة في الكنيف إذ لا يصلى فيها كما روي عن الشعبي، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الوضوء (144)، ومسلم في الطهارة (262).

باب كيف التكشف عند الحاجة

13 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ، فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا». بَابُ كَيْفَ التَّكَشُّفُ عِنْدَ الْحَاجَةِ 14 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً لَا يَرْفَعُ ثَوْبَهُ حَتَّى يَدْنُوَ مِنَ الْأَرْضِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === باب كيف التكشف عند الحاجة 14 - قوله: "عن رجل" قال الضياء الماقدسي: سماه بعض الرواة القاسم بن محمد، قال السيوطي: هو في سنن البيهقي كذلك (¬1). قوله: "حتى يدنو" الظاهر أن الضمير للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم, ومحتمل أن يكون للثوب. قوله: "وهو ضعيف" ليس مراده تضعيف عبد السلام (¬2) لأنه ثقة حافظ من رجال الصحيحين بل تضعيف طريق من قال عن أنس أن الأعمش لم يسمع من أنس؛ ولذلك قال الترمذي مرسل. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن في الطهارة 1/ 96. (¬2) عبد السلام بن حرب بن سَلم النَّهْدي -بالنون- المُلاءي، من صغار الثامنة، ثقة حافظ له مناكير، مات سنة سبع وثمانين وله ست وتسعون سنة. تقريب التهذيب 1/ 505.

باب كراهية الكلام عند الحاجة

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ - قَالَ أَبُوعِيسَى الرَّمْلِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بِهِ. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلَامِ عِنْدَ الْحَاجَةِ 15 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي === باب كرهية الكلام عند الحاجة 15 - قوله: "لا يخرج الرجلان" بكسر الجيم، لأنه نهى ألا يخرجا للغائط، وقوله: "يضربان الغائط، من ضرب الأرض أو الغائط أو الخلاء إذا أتى الخلاء، ويقال: ضرب في الأرض إذا سافر، و "كاشفين" قيل: حال مقدرة من "يضربان" أو محققة من "يتحدثان". قلت: يضربان وما بعده تحتمل أن تكون أحوالا مترادفة أو متداخلة كما تحتمل ما ذكره القائل، لكق الأقرب معنى أن يكون "يضربان" صفة لـ"الرجلان" على أن تعريفه للعهد الذهني كلما قالوا في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (¬1) وكذا "يتحدثان". وقوله: "كاشفين" حال عن "يتحدثان"، وجعله حالًا مقدرة من "يضربان" يفيد شمول النهي ما إذا خرجا لقضاء الحاجة ويتحدثان في الطريق مع أنه لا نهي ثمة فتأمل. ثم النهي راجع إلى قوله: "يتحدثان" "كاشفين" لا إلى نفس الخروج وهو ¬

_ (¬1) سورة الجمعة: آية (5).

باب أيرد السلام وهو يبول

أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. بَابُ أَيَرُدُّ السَّلَامَ وَهُوَ يَبُولُ 16 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ». 17 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ === ظهر. بقي أن الحديث يدل على منع تحدث كل من المتخليين بالآخر، ولا يلزم منه منع تحدث المتخلي مطلقًا إلا أن يقال مدار المنع على كون المتكلم متخليًا, ولا دخل فيه على كون المتكلم معه متخليًا, وإنما جاء فرض المتكلم معه في الحديث متخليًا من جهة أيحضر مع المتخلي في ذلك الموضع إلا مثله , ويؤخذ من الحديث كراهة التحدث عند الجماع , والله تعالى أعلم. لم يرد الحكم بالرد بل أراد السؤال عنه بتقدير إرادة الاستفهام , وكذا ما سيجيء من قوله: "باب الخاتم يكون فيه ذكر الله يدخل به الخلاء" أراد هل يدخل به الخلاء؟ فافهم. الله تالى أعلم. باب أيرد السلام وهو يبول 17 - قوله "ثم اعتذر إليه" كان اعتذارًا عن تأخير الرد إلى الوضوء, في

باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبِي سَاسَانَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ "إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ أَوْ قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ". بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ 18 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ يَعْنِي الْفَأْفَاءَ، عَنِ الْبَهِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ». === قوله: "إني كرهت" أدنى كراهة، وذكر الله تعالى على كل أحيانه كان لبيان الجواز، ولعل مثل هذه الكراهة دعت إلى التأخير بسبب أن أصل التأخير حصل بسبب كراهة الرد حالة البول. وقوله: "تعالى ذِكرُهُ" الذكر فيه بالرفع فاعل تعالى. قال الخطابي: فيه دليل على أن السلام الذي يحيي به الناس بعضهم بعضًا اسم من أسماء الله تعالى (¬1). قلت: فالمعنى: الله رقيب عليك فاتق الله أو حافظ عليك ما تحتاج إليه، ويحتمل أن يراد بذكر الله ما جعله الله تعالى سنة للمسلمين وتحية لهم، فإن ذلك يقتضي احترامه، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 81.

باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

بَابُ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يُدْخَلُ بِهِ الْخَلَاءُ 19 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَلْقَاهُ» وَالْوَهْمُ فِيهِ مِنْ هَمَّامٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا هَمَّامٌ. بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ 20 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ === بَابُ الْخَاتَمِ يَكُونُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى يُدْخَلُ بِهِ الْخَلَاءُ 19 - قوله: "حديث منكر" قيل: حكم بذلك وأن رواته رواة الصحيحين, لأن همامًا سمع من ابن جريج بالبصرة، وحديث من سمع منه بالبصرة لا يخلو عن خلل، ولذلك لم يخرج الشيخان من رواية همام عن ابن جريج شيئًا؛ لأنه ظهر له بأمارات أن همّامًا وهم في المتن. وكثير منهم مال إلى صحة الحديث كابن حبان والترمذي (¬1)، وقولهم ظاهر، والله تعالى أعلم. بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنَ الْبَوْلِ 20 - قوله: "وما يعذبان في كبير" أي ما يشقهما الاحتراز عه، وقوله: "لا يستنزه" من النزاهة بمعنى الطهارة، وفي رواية "ويستتر" من السترة ومرجعها إلى ¬

_ (¬1) الترمذي في اللباس (1746) وقال: حديث حسن غريب , ورواه ابن حبان في صحيحه في باب الاستطابة من كتاب الطهارة (1410).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَالَ: " إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا هَذَا فَكَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ، ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا وَاحِدًا، وَقَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا "، قَالَ هَنَّادٌ: يَسْتَتِرُ مَكَانَ يَسْتَنْزِهُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: «كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: «يَسْتَنْزِهُ». 21 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: «كَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ» وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: «يَسْتَنْزِهُ». 22 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَرَقَةٌ ثُمَّ اسْتَتَرَ بِهَا، ثُمَّ === أنه لا يتحفظ من البول، و"العسيب" الجريدة من النخل، و"غرس" أي غرز، كما في رواية البخاري. 22 - قوله: "ومعه دَرَقةٌ" بفتحتين وقاف: الجحفة، والمراد: ترس من جلود ليس فيه خشب ولا عسب، وقوله: "استتر بها" أي جعلها حائلًا بينه وبين الناس. وقولهم: "يبول كما تبول المرأة" أي في الاستحياء وكمال الستر , وفيه

باب البول قائما

بَالَ، فَقُلْنَا: انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَوْلُ قَطَعُوا مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ مِنْهُمْ، فَنَهَاهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَنْصُورٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: جِلْدِ أَحَدِهِمْ، وَقَالَ عَاصِمٌ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَسَدِ أَحَدِهِمْ». بَابُ الْبَوْلِ قَائِمًا 23 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ وَهَذَا لَفْظُ حَفْصٍ عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ «فَبَالَ === تحقير لهذا الفعل وأنه لا يناسب الرجال، فاللائق تركه فصار متضمنًا للنهي، فلذلك ذكر نهي صاحب بني إسرائيل. وقوله: "فنهاهم" أي فنهيكم عن المعروف يشبه نهى ذلك الرجل، فيخاف أن يؤدي إلى العذاب كما أدى نهي ذلك إليه، والمطلوب التوبيخ والتهديد على النهي عن المعروف. 23 - قوله: "سُباطة قوم" هي بضم المهملة وموحدة ملقى التراب ونحوه، وإضافتها إلى القوم إضافة تخصيص لا ملك وكان مباحه، أو إضافة ملك وكان عالمًا برضاهم. وكانت عادته صلى الله تعالى عليه وسلم البول قاعدًا، ولذلك ذكر العلماء

باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده

قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ: فَذَهَبْتُ أَتَبَاعَدُ فَدَعَانِي حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ عَقِبِهِ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يَضَعُهُ عِنْدَهُ 24 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ حُكَيْمَةَ بِنْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عِيدَانٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ، يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ». === في بوله قائمًا وجوهًا على الاحتمال كمرض يمنع القعود أو يرجى بروه بالقيام أو عدم وجود مكان يصلح للقعود. وقوله: "عند عقبه" بفتح فكسر مؤخر القدم، قال الخطابي: أراد أن يكون سترًا بينه وبين الناس (¬1). بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ يَضَعُهُ عِنْدَهُ 24 - قوله: "عن حُكَيْمَة" (¬2) ضبطت هذه الأسماء بالتصغير، قوله: "من عيدان" بفتح مهملة وسكون مثناة تحتية الطوال من النخل، الواحدة عيدانة، والمراد أن القدح أخذ وصنع من هذا الجنس، ولا دلالة للفظ الحديث على الوضع لكن المحوج عادة إلى البول في القدح في الليل هو عدم المكان الصالح له وهو يقتضي الوضع، وقد جاء المنع عن وضع البول في أوسط الطبراني وغيره , فيحمل على طول المكث توفيقًا. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 21. (¬2) حُكَيمَةَ بنْت مَيمَةَ بنت رُقَيْقَةَ: روت عن أمها أميمة بنت رقيقة , وعنها ابن جريج. قلت: وذكرها ابن حبان في الثقات تهذيب التهذيب 12/ 411. وقال ابن حبان في الثقات: ولها صحبة 40/ 195.

باب المواضع التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول فيها

بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَوْلِ فِيهَا 25 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اتَّقُوا اللَّاعِنَيْنِ»، قَالُوا: وَمَا اللَّاعِنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ ظِلِّهِمْ». 26 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ، وَحَدِيثُهُ أَتَمُّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي === بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَوْلِ فِيهَا 25 - قوله: "اللاعينن" أي الفعلين الجالبين للعن إلى الفاعل، الداعيين للناس (¬1) إليه. وقيل: يجوز أن يكون الفاعل بمعنى المفعول والمعنى الملعون فاعلهما، والمراد أن تكون صيغة الفاعل للنسبة. وقوله: "يتخلى" أي يتغوط، والتقدير هما فعل القوم الذي يتخلى بعضهم في الطريق وبعضهم في الظل. فأو للتقسيم، وأفرد الذي لإفراد القوم. والمراد بالظل: ما اتخذه الناس ظلًّا لهم مقيلًا أو مناخًا، وإلا فقد جاء التغوط في الظل في الأحاديث، ذكره الخطابي (¬2) والله تعالى أعلم. 26 - قوله: "لملاعن" أي مواضع اللعن جمع ملعنة، وهي المواضع التي ¬

_ (¬1) هكذا بالمخطوطة, ولعلها "الناس". (¬2) معالم السنن 1/ 21, 22.

باب في البول في المستحم

حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْحِمْيَرِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّلِّ". بَابٌ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ 27 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ قَالَ أَحْمَدُ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ". === ينتفع الناس بها فيلعنون من يضيعها، و"الثلاث" بلا تاء في نسخة الخطيب، وهو أصح من ثلاثة كما في بعض النسخ؛ لأنه عدد المؤنث، و"المراود" طرق الماء جمع مورد من ورد الماء حضره، و "قارعة الطريق، قيل: أعلاه، وقيل: وسطه وهي من الطريق ما يكون ذات قرع أي مقرعة بالقدم. بَابٌ فِي الْبَوْلِ فِي الْمُسْتَحَمِّ 27 - قوله: "في مُسْتحَمه" بفتح الحاء المغتسل أخذًا من الحميم، وهو الماء الحار الذي يغتسل به, وجملة: "ثم يغتسل فيه" ساقطة من رواية الترمذي وغيره، والمقصود بها أن النهي عنه ما دام مراده أن يغتسل فيه، وأما إذا ترك الاغتسال فيه ويريد ألا يعود إلى الاغتسال فلا نهي، و"الوَسواس" بفتح الواو.

باب النهي عن البول في الجحر

28 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ 29 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ»، قَالُوا لِقَتَادَةَ: مَا يُكْرَهُ مِنَ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ؟ قَالَ: كَانَ يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ. === 28 - وقوله: "أن يمتشط أحدنا كل يوم [اللحية أو الرأس] (¬1) " وهو نهي تنزيه، لأنه يورث تعلق الهمة بالزينة، وما جاء من إكثار تسريح اللحية في الشمائل محمول على أنه كان فوق يوم، وحديث: "إنه كان يسرح كل يوم مرتين"كما في الإحياء غير ثابت. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ 29 - قوله: "في الجُحر" بضم الجيم وسكون الحاء المهملة: الثقب. ¬

_ (¬1) غير موجودة في متن نسختها.

باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ 30 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الغَائِطِ قَالَ: «غُفْرَانَكَ». بَابُ كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ 31 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلَا يَشْرَبْ نَفَسًا وَاحِدًا». === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ 30 - قوله: "قال غفرانك" أي أسألك غفرانك إما من ترك ذكر الله تعالى تلك المدة، أو من التقصير في شكر هذه النعمة الجليلة. بَابُ كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ 31 - قوله: "فلا يمس" فتح الميم أفصح من ضمها. "فلا يشرب نفسًا واحدًا بفتحتين أي في نفس أو شرب نفس، لأنه كذلك أضر للمعدة وأثقل، والشرب في أنفاس ثلاثة أنقع لريه، وأخف لمعدته، وأحسن في الأدب , وأبعد من فعل ذي الشره.

32 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ يَعْنِي الْإِفْرِيقِيَّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، وَمَعْبَدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ». === 32 - قوله: "المصيصي" (¬1) "بكسر الميم وتشديد الصاد ويجوز فتح الميم مع تخفيف الصاد، و "الأفريقي" (¬2) بفتح الهمزة، وهذا غير الإفريقي المشهور بالضعف، و"المسيب" (¬3) بفتح الياء لا غير بخلاف سعيد بن المسيب فإنه بالفتح والكسر. قوله: "وثيابه" أي لأخذ الثياب ليلبس وهو الأوفق بما قبله، أو للبس الثياب، بمعنى أنه يبدأ فيه بالشق الأيمن , ثم المراد أنه يجعل يمينه لمثل هذه الأفعال من الأمور المستحسنة شرعًا أو عرفًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) محمد بن آدم بن سليمان الجهني المصيصي، صدوق، من العاشرة , روى عنه ابن المبارك، وحفص بن غيثان، وروى عنه أبو داود والنسائي وأبو حاتم، وقال أبو حاتم صدوق، وقال النسائي: ثقة، مات سنة خمسين ومائتين. تقريب التهذيب 2/ 143، واتهذيب 9/ 34، 35. (¬2) أبو أيوب الأفريقي: عبد الله بن علي الأزرق ثم الكوفي، روى عن صفوان بن سليم والزهري، وأبو إسحاق السبيعي، وعنه موسى بن عقبة ويحيى بن زكريا، وقال أبو زرعة: لين في حديثه، وذكره ابن حبان في الثقات. التقريب 1/ 434. والهذيب 5/ 325، 326. (¬3) المسيب بن رافع: الكاهلي أبو العلاء الكوفي الأعمى، ثقة من الرابعة، مات سنة خمس ومائة. التقريب 2/ 250.

باب الاستتار في الخلاء

33 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ [الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ]، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى». 34 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بُزَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. بَابُ الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ 35 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ الْحُصَيْنِ الْحُبْرَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقْدَ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، === بَابُ الِاسْتِتَارِ فِي الْخَلَاءِ 35 - قوله: "الحبراني" بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة نسبة إلى حبران بطن من حمير، ووافق ما في الطريق الثاني أعني الحميري. وقوله: "عن أبي سعيد" (¬1) بإثبات الياء وهو الصحيح عند بعضهم وقد جاء في بعض الأصول أبي سعد بسكون العين. قوله: "ومن استجمر" أي استعمل الجمار وهي الأحجار الصغار للاستنجاء, ¬

_ (¬1) أبو سعيد الأنماري، صحابي، له حديث، وقد وهم من خلطه بأبي سعيد الحراني، ووهم أيضًا من صحفه به.

وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا === وقيل: أي بخر ثيابه أو أكفان الميت. والأول أشهر. وقوله: "ومن لا فلا حرج" يفيد أن الوتر هو الأولى وليس بواجب، فما جاء من الأمر بالثلاث يحمل على الندب، وما جاء من النهي عن التنقيص عنها يحمل على التنزيه. وقوله: "فما تخلل" أي أخرج ما بين أسنانه بعود ونحوه، وقوله: "فليلفظ" بكسر الفاء أي فليرم به وليخرجه من فمه. وقوله: "وما لاك" اللوك: المضغ وإدارة الشيء في الفم. قيل: معناه أنه للآكل أن يلقي ما يخرج ما بين أسنانه بعود ونحوه لما فيه من الاستقذار فيبلع ما يخرج بلسانه، وهو معنى لاكه؛ لأنه لا يستقذر فيحتمل أن يكون المراد بـ "ما لاك": ما بقي من آثار الطعام على لحم الأسنان وسقف الحلق، وأخرجه بإدارة لسانه، وأما الذي يخرج من بين الأسنان فيرميه مطلقًا سواء أخرج بعود أو باللسان لأنه يحصل له التغير غالبًا، يحتمل أن المراد بما لاكه كراهة رمي اللقمة بعد مضغها لما فيه من إضاعة المال، إذ لاينتفع بها بعد المضغ عادةً، واستقذار الحاضرين. قلت: قد يقال هذا المعنى لا يناسبه، قوله: "ومن لا فلا حرج" فليتأمل؟ ! .

باب ما ينهى عنه أن يستنجى به

فَلَا حَرَجَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: حُصَيْنٌ الْحِمْيَرِيُّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ ثَوْرٍ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو سَعِيدٍ الْخَيْرُ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِ 36 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ الْمِصْرِيَّ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، أَنَّ شِيَيْمَ === قوله: "كثيبًا" هو التل، وقوله: "فإن الشيطان يلعب ... " إلخ أي يقصد الإنسان بالسوء في تلك المواضع، ويدل المار على النظر إلى سوءته فليستتر ما أمكن، فقيل: المقاعد جمع مقعدة تطلق على أسفل البدن، وعلى موضع القعود لقضاء الحاجة، وكلاهما تصح إرادته، وعلى الأول الباء للإلصاق، وعلى الثاني للظرفية. قلت: لا بد من اعتبار قيد على الأول أي يلعب بالمقاعد إذا وجدها مكشوفة فتأمل! . بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِ 36 - قوله: "ابن مَوْهب" بفتح الميم وسكون الواو وفتح الواو، وحكى كسرها وهو غريب، و "الهمداني" (¬1) بسكون الميم، و"المفضل" (¬2) اسم مفعول ¬

_ (¬1) يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي، أبو خالد، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة اثنتين وثلاثين أو بعدها. تقريب التهذيب 2/ 364. (¬2) المفضل بن فضالة المصري: مستور, من العاشرة مات سنة اثنتين وخمسين. تقريب التهذيب 2/ 271.

بْنَ بَيْتَانَ، أَخْبَرَهُ عَنْ شَيْبَانَ الْقِتْبَانِيِّ، قَالَ: إِنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى أَسْفَلِ الْأَرْضِ، قَالَ شَيْبَانُ: فَسِرْنَا مَعَهُ مِنْ كَوْمِ شَرِيكٍ، إِلَى عَلْقَمَاءَ أَوْ مِنْ عَلْقَمَاءَ إِلَى كَوْمِ شَرِيكٍ يُرِيدُ عَلْقَامَ فَقَالَ رُوَيْفِعٌ: «إِنْ كَانَ === من التفضيل، و "فضالة" بفتح الفاء، و "عياش" بالمثناة التحتية المشددة والشين المعجمة، و"ابن عباس" بالموحدة والمهملة و"القتباني" (¬1) بكسر القاف وسكون المثناة من فوق ثم باء موحدة، و "شييم" موحدة بكسر المعجمة وضمها بعدها مثناة تحتية مفتوحة ثم أخرى ساكنة، و"بيتان" (¬2) كتثنية بيت، و"مخلد" كمحمد، و"ريفع" (¬3) بضم أوله وكسر الفاء. قوله: "على أسفل الأرض" قيل: هو الوجه البحري من مصر، وقيل: يحتمل أن يكون المراد به المغرب، فإن ولاية ريفع هناك مشهورة لا في الوجه البحري. وقوله: "من كوم شريك" (¬4) بضم الكاف أو بفتحها اسم موضع، وقوله: ¬

_ (¬1) عياش بن عباس القتباني المصري، ثقة، من السادسة قال ابن يونس: مات سنة ثلاث وثلاثين. (¬2) ثُيَيْمَ بن بيتان القتباني المصري، ثقة، من الثالثة. تقريب التهذيب 1/ 257. (¬3) رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي بن حارثة الأنصاري المدني، صحابي، سكن مصر، وولي إمرة بَرْقة، ومات بها سنة ست وخمسين. تقريب التهذيب 1/ 254. (¬4) كوم شريك: قرب الإسكندرية، كان عمرو بن العاص أنفذ فيه شريك بن سمى بن عبد يعوث بن حرز الغطيفي أحد وفد مراد الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على مقدمة عمرو وفتح مصر فكثرت عليه الروم بهذا الموضع، فخافهم على أصحابه، فلجأ إلى هذا الكوم فاعتصم به، ودافعهم حتى أدركه عمرو بن العاص وكأن قريبًا منه فاستغرهم, فسمي كوم شريك بذلك معجم البلدان 40/ 495.

أَحَدُنَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَأْخُذُ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ، وَلَنَا النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ، وَلِلْآخَرِ الْقِدْحُ» ثُمَّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ، أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ بَرِيءٌ». === "إلى علقما" (¬1) بفتح العين وسكون اللام والقاف ومد، موضع في أسفل ديار مصر. قوله: "إِن كان" مخففة من الثقيلة، و "النضو" بكسر النون وسكون الضاد المعجمة: البعير المهزول، وقوله: "ليطير له النصل" بفتح النون أي يحصل له في القسمة. و"القدح" بكسر القاف وسكون الدال المهملة: خشيب السهم قبل أن يراش ويركب نصله. وقوله: "من عقد لحيته" قيل هي معالجتها حتى تنعقد وتتجعد، وقيل: كانوا يعقدونها في الحروب تكبرًا أو عجبا فأمروا بإرسالها، وقيل: هو فتلها كفعل الأعاجم، وقوله: "أو تقلد وَترًا" هو بفتحتين: وتر القوس أو مطلق الحبل، وقيل: المراد به ما كانوا يعلقونه عليهم من العوذ والتمائم التي يشدونها بتلك ¬

_ (¬1) كوم عَلْقام ويقال كوم علقماء: موضع في أسفل مصر له ذكر بمعجم البلدان في حديث رويفع. معجم البلدان 2/ 364.

37 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ، عَنْ عَيَّاشٍ، أَنَّ شِيَيْمَ بْنَ بَيْتَانَ، أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَذْكُرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُ مُرَابِطٌ بِحِصْنِ بَابِ أَلْيُونَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حِصْنُ أَلْيُونَ بِالْفِسْطَاطِ عَلَى جَبَلٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ شَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يُكْنَى أَبَا حُذَيْفَةَ». 38 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ». === الأوتار، ويرون أنها تعصم من الآفات والعين, وقيل: من جهة الأجراس التي يعلقونها بها، وقيل: لئلا تختنق الخيل بها عند شدة الركض. 37 - قوله: "الجيشاني" (1) بفتح الجيم بعدها مثناة تحية، "أليُون" بفتح الهمزة وسكون اللام وضم التحتية اسم مدينة مصر قديمًا، فلما فتحها المسلمون سموها الفسطاط، والفسطاط بالضم والكسر مدينة فيها مجتمع الناس، والمراد هنا مدينة مصر (¬2)، و"الجيل" هو المسمى الآن بالرصد. 38 - قوله: "نمتسح" بتقديم الميم على التاء، وفي مسلم بتقديم التاء على الميم كما في بعض النسخ. وقوله: "بعر" بفتحتين أو بسكون الثاني، واحدتها بعرة بفتحتين أو بسكون الثاني أيضًا. ¬

_ أبو سالم الجيشاني: سفيان بن هانئ المصري , تابعي مخضرم , شهد فتح مصر , ويقال له صحيحة مات بعد الثمانين. تقريب التهذيب 1/ 312. (¬2) معجم البلدان 4/ 261 - 266.

باب الاستنجاء بالحجارة

39 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ: انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا، قَالَ: «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ». بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ 40 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قُرْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ، فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ». 41 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِاسْتِطَابَةِ، فَقَالَ: «بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ. === قوله: "أو حممة" بضم وفتح الميمين هي الفحم. بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ 40 - قوله: "فإنها تجزئُ عنه" من الإجزاء أي تكفي عن ذلك الأحد في باب الاستنجاء، ولا حاجة معها إلى الماء.

باب في الاستبراء

بَابُ في الِاسْتِبْرَاءِ 42 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْمُقْرِئُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى التَّوْأَمُ، ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ التَّوْأَمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عُمَرُ خَلْفَهُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عُمَرُ»، فَقَالَ: هَذَا مَاءٌ تَتَوَضَّأُ بِهِ، قَالَ: «مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ، وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً». بَابٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ 43 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابُ في الِاسْتِبْرَاءِ 42 - قوله: "ولو فعلت لكانت سنة" قيل: معناه لو واظبت على الوضوء بعد الحدث لكان طريقة واجبة. قلت: فتأنيث ضمير كانت لتأنيث الخبر، ويحتمل أن يقال المراد بالسنة هو المندوب المؤكد كما هو المشهور على ألسنة الفقهاء إذ الوجوب بمجرد المواظبة في محل النظر. بَابٌ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ 43، 44 - قوله: "ميضأة" بكسر الميم والقصر وقد تمد: مطهرة يتوضأ منها.

باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا، وَمَعَهُ غُلَامٌ مَعَهُ مِيضَأَةٌ، وَهُوَ أَصْغَرُنَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ السِّدْرَةِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ». 44 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءٍ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] "، قَالَ: «كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ». بَابُ الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى 45 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ - وَهَذَا لَفْظُهُ - ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُخَرَّمِيَّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ أَوْ رَكْوَةٍ فَاسْتَنْجَى»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: «ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرٍ أَتَمُّ. === قوله: "قباء" بضم القاف والمد، وحكى قصره ويذكر ويؤنث ويصرف ويمنع. بَابُ الرَّجُلِ يَدْلُكُ يَدَهُ بِالْأَرْضِ إِذَا اسْتَنْجَى 45 - قوله: "تور من صفر أو حجارة أو ركوة" إناء صغير من جلد يشرب فيه، وكلمة: أو للشك أو للتقسيم على الأحيان، فتارة بتور وتارة بركوة.

باب السواك

بَابُ السِّوَاكِ 46 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لَأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ، وَبِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ». 47 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَرَأَيْتُ زَيْدًا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنَّ السِّوَاكَ مِنْ أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، فَكُلَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَاكَ. === بَابُ السِّوَاكِ 46 - قوله: "يرفعه" إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وينقله عنه قول: "لولا أن أشق" أي لولا خوف أن أشق، أو كراهة أن أشق، فلا يرد أن لولا لامتناع الثاني لوجود الأول، ولا وجود للأول، أعني المشقة هاهنا فتأمل. والمراد بقوله: "لأمرتهم" أمر إيجاب وإلا فأمر الندب موجود، ويؤيده ما في رواية أحمد: "لفرضت عليهم السواك" (¬1). قوله: "موضع القلم" بالنصب على الظرف وهو خبر إن. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 1/ 214.

باب كيف يستاك

48 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابْنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا، وَغَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِيهِ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، حَدَّثَهَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ»، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ رَوَاهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. بَابُ كَيْفَ يَسْتَاكُ 49 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مُسَدَّدٌ قَالَ: «أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ فَرَأَيْتُهُ يَسْتَاكُ عَلَى لِسَانِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: === 48 - قوله: "أرأيت توضي ابن عمر" قال السيوطي كذا في جميع النسخ توضي بكسر الضاد وبالياء، وصوابه توضؤ بضم الضاد وبعدها همزة تكتب واو. وقوله: "عمَّ ذلك" أصله عنما بعن جارة وما استفهامية، ثم حُذف ألفها، أي عن أبي سبب ذلك. بَابُ كَيْفَ يَسْتَاكُ 49 - قوله: "نستحمله" أي نطلب منه ما نركب عليه في غزوة تبوك.

باب في الرجل يستاك بسواك غيره

وَقَالَ سُلَيْمَانُ: قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْتَاكُ، وَقَدْ وَضَعَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «إِهْ إِهْ» يَعْنِي يَتَهَوَّعُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُسَدَّدٌ: فَكَانَ حَدِيثًا طَوِيلًا وَلَكِنِّي اخْتَصَرْتُهُ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَاكُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ 50 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَنُّ وَعِنْدَهُ رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي فَضْلِ السِّوَاكِ، أَنْ كَبِّرْ أَعْطِ السِّوَاكَ أَكْبَرَهُمَا»، قَالَ أَحْمَدُ هُوَ ابْنُ حَزْمٍ: قَالَ لَنَا === قوله "آه آه" اتفقوا على سكون الهاء، واختلفوا في الهمزة بين فتح وكسر وضم، والله تعالى أعلم. وقوله: "يعني يتهوع" أي يتقيأ. والهواع: القيء، قال النووي: كذا في رواية المصنف. والصواب رواية البخاري: "كأنه يهوع" (¬1) أي له صوت كصوت المتقيأ، أي أنه بالغ حتى أوصل أقصى الحلق واستوعب جميع الفم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَاكُ بِسِوَاكِ غَيْرِهِ 50 - قوله: "يستن" أي يستاك ويدلك أسنانه بالسواك، مأخوذ من السن بتشديد النون. وقوله: "فأوحى إليه في فضل السواك ... " إلخ قال النووي: أي في فضل آداب السواك أن تعطيه الأكبر. ¬

_ (¬1) البخاري في الوضوء (244).

باب غسل السواك

أَبُو سَعِيدٍ هُوَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: «هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ». 51 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: لِعَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: «بِالسِّوَاكِ». بَابُ غَسْلِ السِّوَاكِ 52 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكُوفِيُّ الْحَاسِبُ، حَدَّثَنِي كَثِيرٌ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، فَيُعْطِينِي السِّوَاكَ لِأَغْسِلَهُ، فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ، ثُمَّ أَغْسِلُهُ وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ». بَابُ السِّوَاكِ مِنَ الْفِطْرَةِ 53 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ === قلت: إضافة الفضل إلى الآداب غير ظاهرة والأقرب إبقاء الكلام على ظاهره، أي في بيان فضل السواك، وذلك لأن الأمر بإعطاء الأكبر يتضمن بيان فضل السواك، ويدل على أنه شيء له فضل كبير عند الله حتى يختص به الأكبر والأشرف، وأنزل الوحي لأجله. والله تعالى أعلم. بَابُ السِّوَاكِ مِنَ الْفِطْرَةِ 53 - قوله: "عشر من الفطرة" أي من الدين أو من السنة القديمة التي

اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ === اختارها الأنبياء عليهم السلام، واتفقت عليها الشرائع، فكأنه أمر جبلي فطروا عليها. وقال الخطابي: أكثر العلماء على تفسيرها بالسُّنة، أي أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أمرنا أن نقتدي بهم، وهي الكلمات التي ابتلى الله تعالى إبراهيم بها كما روى عن ابن عباس، وقد أمرنا بمتابعته خصوصًا في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَينَا إِلَيكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (¬1). ورواية خمس لا تنفي الزيادة إذ لا مفهوم للعدد، ثم عشر مبتدأ بتقدير عشر خصال أو خصال عشر، والجار والمجرور خبر له أو صفة، وما بعده خبر. وقوله: "قص الشارب، أي قطعه، والشارب: الشعر النابت على الشفة، والقص هو الأكثر في الأحاديث نص عليه الحافظ بن حجر وهو مختار مالك، وجاه في بعضها الإحفاء وهو مختار أكثر العلماء، والإحفاء هو الاستيصال. قال الطبري: القص يدل على أخذ البعض، والإحفاء على أخذ الكل، وكلاهما ثابت، فيتخير فيما شاء. ورجح قوله الحافظ ابن حجر ثم السيوطي في حاشية الكتاب، وقال: لما فيه من الجمع بين الأحاديث. قلت: قد يقال بل فيه إبطال الأحاديث كلها؛ لأن أحاديث القص تدل على تعيين القص لا على غيره، والإحفاء يدل على تعيين الإحفاء، فالتخيير إبطال للكل، والتوفيق بين الأحاديث بحمل أحدهما على المجاز غير مستبعد، فالظاهر أن يحمل الإحفاء على معنى القص؛ لأن مالكًا كان أعلم بسنة أهل المدينة وكان ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 31. والآية من سورة النحل: آية (133).

الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ - يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ - "، قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ «الْمَضْمَضَةَ». 54 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: مُوسَى، عَنْ === يراعيها جدًّا، فالظاهر أنه عين القص بسنتهم وكأنه لهذا قال النووي القص هو المختار، وأيضًا هو الوارد في أكثر الأحاديث (¬1). والله تعالى أعلم. قوله: "وإعفاء اللحية" أي إرسالها وتوفيرها. وقوله: "وغسل البراجم" قال الخطابي: معناه تنظيف المواضع التي يجتمع فيها الوسخ، وأصل البراجم العقد التي تكون على ظهور الأصابع (¬2). وقوله: "ونتف الإبط" أي أخذ شعره بالأصابع، وهل يكفي الحلق والتنوير في السنة؟ ويمكن أن يخص الإبط بالنتف؛ لأنه محل الرائحة الكريهة لاحتباس الأبخرة عن المسام، والنتف يضعف أصول الشعر والحلق يقويها. روي أن الشافعي كان يحلق المزين إبطه ويقول السُّنة النتف لكني لا أقدر عليه. وقوله: "وانتقاص الماء" بالفاء والضاد المهملة على المشهور أي انتقاص البول بغسل المذاكير، وقيل: هو بالفاء والضاد المعجمة أي نضح الماء على الذكر. 54 - قوله: "والانتضاح" قال الخطابي: هو الاستنجاء بالماء (¬3)، وقال ¬

_ (¬1) المجموع للنووي 1/ 287. (¬2) معالم السنن 1/ 31. (¬3) السابق 1/ 32.

باب السواك لمن قام من الليل

أَبِيهِ، وَقَالَ دَاوُدُ: عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْفِطْرَةِ الْمَضْمَضَةَ، وَالِاسْتِنْشَاقَ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ، وَزَادَ «وَالْخِتَانَ»، قَالَ: «وَالِانْتِضَاحَ» وَلَمْ يَذْكُرِ انْتِقَاصَ الْمَاءِ - يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ -قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ نَحْوُهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: «خَمْسٌ كُلُّهَا فِي الرَّأْسِ»، وَذَكَرَ فِيهَا «الْفَرْقَ»، وَلَمْ يَذْكُرْ إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ نَحْوُ حَدِيثِ حَمَّادٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَوْلُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: «وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، نَحْوُهُ وَذَكَرَ: «إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ، وَالْخِتَانَ». بَابُ السِّوَاكِ لِمَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ 55 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ === النووي في شرح مسلم: هو نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفي عته الوسواس (¬1). وقوله: "ذكر فيها الفرق" هو بفتح فسكون، أي يقسم شعر ناصيته يمينًا وشمالًا فيظهر الوسط من الناحيتين. بَابُ السِّوَاكِ لِمَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ 55 , 56 - وقوله: "يشوص فاه" هو بوزن يتمول أي يدلك أسنانه وينقيها, ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 3/ 150.

اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ». 56 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوضَعُ لَهُ وَضُوءُهُ وَسِوَاكُهُ، فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَخَلَّى ثُمَّ اسْتَاكَ». 57 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ، فَيَسْتَيْقِظُ إِلَّا تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ». 58 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ، أَتَى طَهُورَهُ فَأَخَذَ سِوَاكَهُ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} حَتَّى قَارَبَ أَنْ يَخْتِمَ السُّورَةَ - أَوْ خَتَمَهَا - ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَتَى مُصَلَّاهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ، يَسْتَاكُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ === وقيل: يغسل. قوله: "يوضع له وضؤه" بفتح الواو ماء الوضوء. وقوله: "تخلى" أي قضى حاجته.

باب فرض الوضوء

ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ، وَهُوَ يَقُولُ: «{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}» حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ. بَابُ فَرْضِ الْوُضُوءِ 59 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةً === أي المفروض من الوضوء، فالإضافة بيانية، أو الوضوء المفروض بالمفروض بالإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف عند من يجوزها. 59 - قوله: "من غلول، بضم الغين المعجمة أصله الخيانة في خفية، والمراد مطلق الخيانة والحرام، وقبول الله العمل رضاه به وثوابه عليه فعدم القبول أن لا يثيبه عليه. وقوله: "بغير طهور" بضم الطاء فعل التطهر وهو المراد هاهنا، وبفتحها اسم للماء أو التراب، وقيل: بالفتح يطلق على الفعل والماء. فهنا يجوز الوجهان، والمعنى أي بلا طهور وليس المعنى صلاة ملتبسة بشيء مغاير للطهور إذ لا بد لملابسة الصلاة بما يغاير الطهور كسائر الشروط، إلا أن يراد بمغاير الطهور ضد الطهور وهو الحدث. وغرض المصنف أن الحديث يدل على افتراض الوضوء للصلاة. ونوقش بأن الدلالة على المطلوب تتوقف على دلالة الحديث على انتفاء صحة الصلاة بلا طهور، ولا دلالة له عليه، بل على انتفاء القبول، والقبول

مِنْ غُلُولٍ، وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ». 60 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ، حَتَّى يَتَوَضَّأَ». 61 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === أخص من الصحة، ولا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم، ولذا ورد انتفاء القبول في مواضع مع ثبوت الصحة كصلاة العبد الآبق، وقد يقال الأصل في عدم القبول هو عدم الصحة وهو يكفي في المطلوب، إلا إذا دل دليل على أن عدم القبول لأمر آخر سوى عدم الصحة ولا دليل هاهنا، والله تعالى أعلم. 60 - قوله: حتى يتوضأ" ليس غاية لعدم القبول حتى يلزم قبول ما صلى حالة الحدث إذا توضأ بالمفهوم، بل غاية للصلاة , أي ما صلى المحدث إلى أن يتوضأ غير مقبول. 61 - قوله: "مفتاح الصلاة الطهور" الظن أن المراد الفعل فهو بضم الطاء أو الفتح إن جوز الفتح في القعل، وقيل: يجوز الفتح على أن المراد الآلة أي الماء أو التراب لأن الفعل لا يتأتى إلا بالآلة. قلت: وهو غير مناسب لما بعده، وقوله: "وتحريمها" أي تحريم ما حرم فيها من الأفعال، وكذا تحليلها أي تحليل ما حل خارجها من الأفعال، فالإضافة لأدنى ملابسة وليست إضافة إلى المفعول لفساد المعنى، والمراد بالتحريم والتحليل المحرم

باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ». بَابُ الرَّجُلِ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ 62 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَنَا لِحَدِيثِ ابْنِ يَحْيَى أَتْقَنُ عَنْ غُطَيْفٍ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا نُودِيَ بِالظُّهْرِ تَوَضَّأَ فَصَلَّى، فَلَمَّا نُودِيَ بِالْعَصْرِ تَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ وَهُوَ أَتَمُّ. === والمحلل على إطلاق المصدر بمعنى الفاعل مجازا، ثم اعتبار التكبير والتسليم محرمًا ومحللا مجاز، وإلا فالمحرم والمحلل هو الله , والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلِ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ 62 - قوله: "قال أبو داود وأنا لحديث ابن يحيى أتقن" أنا ضمير المتكلم، والمراد أي أتقن مني لحديث مسدد. قوله: "على طهر" قيل: أي مع طهر. قلت: أو ثابتًا على طهر تشبيهًا لثبوته على وصف الطهر بثبوت الراكب على مركوبه واستعارة لفظه على المستعملة في الثاني للأول، لما قالوا في قوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى} (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة آية: 5.

باب ما ينجس الماء

بَابُ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ 63 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا لَفْظُ ابْنُ الْعَلَاءِ، وَقَالَ عُثْمَانُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. === بَابُ مَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ 63 - قوله: "وما ينوبه" أي يأتيه ينزل به. وقوله: قلتين" زاد عبد الرزاق عن ابن جريج بسند مرسل (¬1): "بقلال هجر" قال ابن جريج: وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئًا فاندفع ما يتوهم من الجهالة. وقوله: "لم يحمل الخبث" بفتحتين أي يدفعه عن نفسه لا أنه يضعف عن حمله فينجس، إذ لا فرق إذًا بين ما بلغ من الماء قلتين وبين ما دونه، وإنما ورد هذا مورد الفصل والتحديد بين المقدار الذي يتنجس وبين الذي لم يتنجس، ويؤكد المطلوب رواية لا ينجس بضم الجيم وفتحها. وذكر "المصنف" طريقًا غير أبي أسامة إشارة إلى أن غيره رواه عن عبيد الله بن عبد الله بالتصغير، وأبو أسامة عن عبد الله بن عبد الله بالتكبير، ولذلك قال بعضهم: في سنده اضطراب، وأجيب بأنهما ابنا عبد الله بن عمر فيجوز أنهما روياه عن أبيه (¬2)، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) عبد الرزاق في المصنف (258) والبيهقي في السنن 1/ 263. (¬2) كذا بالمخطوطة ولعل الصواب "أبيها".

باب ما جاء في بئر بضاعة

64 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ أَبُو كَامِلٍ: ابْنُ الزُّبَيْرِ: عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 65 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَنْجُسُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَقَفَهُ، عَنْ عَاصِمٍ. بَابُ مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ 66 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ. === بَابُ مَا جَاءَ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ 66، 67 - قرله: "أنتوضأ من بئر بضاعة، على صيغة الخطاب أو المتكلم مع

67 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيَّانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ === الغير، وبضاعة بضم الباء والصاد المعجمة وأجيز كسر الباء وحكي بالصاد المهملة. "الحيض" بكسر الحاء وفتح الياء: الخرق التي يمسح بها دم الحيض والنتن، ضبط بفتح فسكون. قيل: عادة الناس دائمًا في الإسلام والجاهلية تنزيه المياه وصونها عن النجاسات فلا يتوهم أن الصحابة -وهم أطهر الناس وأنزههم- كانوا عمدًا يفعلون ذلك مع عزة الماء فيهم، وإنما كان ذلك من أجل أن هذه البئر كانت في الأرض المنخفضة، وكانت السيول تحمل الأقذار من الطرق وتلقيها فيها. وقيل: كانت الريح تلقي ذلك، ويجوز أن يكون السيل والريح يلقيان جميعًا. وقيل: يجوز أن المنافقين كانوا يفعلون ذلك. وقوله: "الماء طهور" من يقول بتنجس القليل بوقوع النجاسة يحمل الماء على الكثير بقرينة محل الخطاب وهو بئر بضاعة. وقوله: "لا ينجسه شيء" ما دام لا يغيره, وأما إذا غيره فكأنه أخرجه عن كونه ماء، فما بقي على الطهور به لكونها صفة الماء والغير كأنه ليس بماء، والله تعالى أعلم.

باب الماء لا يجنب

الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ، وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وسَمِعْت قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا؟ قَالَ: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إِلَى الْعَانَةِ، قُلْتُ: فَإِذَا نَقَصَ، قَالَ: دُونَ الْعَوْرَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "وَقَدَّرْتُ أَنَا بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَدْخَلَنِي [إِلَيْهِ]: هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ". بَابُ الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ 68 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَفْنَةٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ: لَهُ يَا === قوله: "وعذر الناس" بفتح فكسر جمع عذرة وهي الغائط، وضبط أيضًا بكسر ففتح، وضم العين تصحيف، وقوله: "قال أبو داود: سمعت ... " إلخ بريد به الرد على من زعم أنها كانت عينا جارية في البساتين، والله تعالى أعلم. بَابُ الْمَاءِ لَا يُجْنِبُ 68 - قوله: "في جفنة" بفتح فسكون أي قصعة كبيرة. وقوله: "الماء لا يجنب" من أجنب أو كينصر أي لا ينجس باستعمال الجنب

باب البول في الماء الراكد

رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ». بَابُ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ 69 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، فِي حَدِيثِ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ». 70 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ === منه، ولا يظهر فيه أثر جنابته، بحيث لا يحل استعماله. بَابُ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ أي غير الجاري وهو المراد بالدائم في الحديث. 69 - قوله: "ثم يغتسل منه" هو بالرفع، وجوز ابن مالك جزمه عطفًا على موضع لا يبولن، ونصبه بإضمار أن بإعطاء ثم حكم الواو ورد بأن النصب يمنع الجمع فيجوز البول وحده وهو ممنوع، وبأن الجزم منع الاغتسال وحده. والظاهر أن هذا الكلام في رواية "ثم يغتسل فيه" بكلمة (في) لا في رواية "ثم يغتسل منه" بكلمة (من) فإن الاغتسال منه لا يمنع لا إفرادًا ولا جمعًا. فالظاهر أنه على رواية من روى بالرفع، لبيان أنه كيف يبول فيه مع أنه بعد ذلك يحتاج إلى استعماله اغتسالا ونحوه، نعم الرواية الثانية في الكتاب ظاهرة في منع الاغتسال وحده فيه، والله تعالى أعلم. 70 - قوله: "من الجنابة" تخصيصه إما اتفاقي بناء على أنه الاغتسال المعتاد،

باب الوضوء بسؤر الكلب

أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ». بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ 71 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، فِي حَدِيثِ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مِرَارٍ، أُولَاهُنَّ بِتُرَابٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَيُّوبُ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: عَنْ مُحَمَّدٍ. 72 - ح حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَرْفَعَاهُ وَزَادَ: «وَإِذَا وَلَغَ الْهِرُّ غُسِلَ مَرَّة». 73 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ، فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، السَّابِعَةُ بِالتُّرَابِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: === وإما لأن الجنب لا يخلو عن نجاسة حقيقية، والله تعالى أعلم. بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْكَلْبِ 71 - قوله: "قال: طهور إناء أحدكم" بضم الطاء ومقتضاه أن الولوغ ينجس الإناء، وولغ يلغ بفتح اللام فيها، أي شرب بطرف لسانه، ومن لم يأخذ به يعتذر بأنه منسوخ؛ لأن أبا هريرة -وهو راوي الحديث- كان يفتي بثلاث مرات وعمل الراوي بخلاف مرويه من أمارات النسخ.

باب سؤر الهرة

وَأَمَّا أَبُو صَالِحٍ، وَأَبُو رَزِينٍ، وَالْأَعْرَجُ، وَثَابِتٌ الْأَحْنَفُ، وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَأَبُو السُّدِّيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَوَوْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا التُّرَابَ. 74 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ ابْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا لَهُمْ وَلَهَا»، فَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَفِي كَلْبِ الْغَنَمِ وَقَالَ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مِرَارٍ، وَالثَّامِنَةُ عَفِّرُوهُ بِالتُّرَابِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ مُغَفَّلٍ. بَابُ سُؤْرِ الْهِرَّةِ 75 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ - أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، === 74 - قوله: "ما لهم" أي للناس "ولها" أي للكلاب أي ليس بين الفريقين أمر يقتضي القتل، وقوله: "والثامنة" بالنصب على الظرفية، و"عفروه" أمر من التعفير، وهو التمريغ في التراب، ومن لم يقل بالزيادة على السبع يقول إنه عد التعفير في إحدى الغسلات غسلة ثامنة. بَابُ سُؤْرِ الْهِرَّةِ 75 - قوله: "فسكبت" بتاء التأنيث الساكنة أي صببت، والوضوء بفتح الواو، وقوله: "فشربت منه" أي أرادت الشرب أو شرعت فيه، وقوله: "فأصغى" أي أمال، وقوله: "إنها ليست بنجس" بفتحتين مصدر نجس الشيء

فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ». 76 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّ مَوْلَاتَهَا أَرْسَلَتْهَا بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي، فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ، فَأَكَلَتْ مِنْهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتِ الْهِرَّةُ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ»، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا. === بالكسر، فلذا لم يؤنث والصفة منه نجس بكسر الجيم وفتحها، ولو جعل المذكور في الحديث صفة يحتاج التذكير إلى التأويل أي ليست تنجس ما تلغ فيه. وقولة: "إنها من الطوافين ... " إلخ إشارة إلى علة الحكم بطهارتها وهي أنها كثيرة الدخول، ففي الحكم بنجاسته حرج وهو مدفوع. وظاهر هذا الحديث وما سيجيء أنه لا كراهة في سؤرها وعليه العامّة، ومن قال بالكراهة فلعله يقول إن استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - السؤر كان لبيان الجواز واستعمال غيره، لا دليل فيه، وذكر في مجمع البحار أن أصحاب أبي حنيفة خالفوه، وقالوا: لا بأس بالوضوء بسؤر الهرة، والله تعالى أعلم.

باب الوضوء بفضل [وضوء] المرأة

بَابُ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ [وَضُوءِ] الْمَرْأَةِ 77 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَنَحْنُ جُنُبَانِ». 78 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أُمِّ صُبَيَّةَ الْجُهَنِيَّةِ، قَالَتْ: «اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ». === بَابُ الْوُضُوءِ بِفَضْلِ [وَضُوءِ] الْمَرْأَةِ 77 - قوله: "من إناء واحد" هذا لا يمنع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل أولًا ثم عائشة؛ فالاستدلال به ضعيف جدًّا. 78 - قوله: "خرَّبُوذ" (¬1) بفتح الخاء المعجمة وضمها وفتح الراء المشددة وضم الموحدة. قوله: "اختلفت يدي ... " إلخ هذا يدل على وضوئهما معًا ومثله لا يسمى، فضلًا لأحدهما قبل فراغه؛ فلعل الاستدلال مبني على أنه قد يؤدي إلى استعمال فضل المرأة بأن فرغت قبل، فلو كان الفضل ممنوعًا لما توضأ معًا، ثم هذا اللفظ من قول أم حبيبة ولعله كان قبل الحجاب. ¬

_ (¬1) معروف بن خربوذ المكي، مولى آل عثمان، صدوق ربما وهم، وكان أخباريًّا علَّامة، من الخامسة. تقريب التهذيب 3/ 364.

79 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ مُسَدَّدٌ: «مِنَ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ جَمِيعًا». 80 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كُنَّا نَتَوَضَّأُ نَحْنُ وَالنِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، نُدْلِي فِيهِ أَيْدِيَنَا». === 79 - قوله: "كان الرجال والنساء" تقرير الاستدلال أن هذا قد يؤدي إلى فراغ المرأة قبل الرجل فيؤدي إلى استعمال الفضل، فلو كان ممنوعًا لما فعلوا هذا الفعل، والله تعالى أعلم واجتماع الرجال والنساء، قيل: قبل الحجاب، وقيل: بل هي الزوجات والمحارم. 80 - قوله: "ندلي" من أدليت الدلو إذا أرسلتها، ويجوز أن يكون من التفعيلة، قيل: والأول أفصح. قوله: "أن تغتسل المرأة بفضل ... " إلخ قيل: المراد بالفضل المستعمل في الأعضاء لا الباقي في الإناء، وقيل بل النهي محمول على التنزيه، وقد رأى بعضهم أن معارض هذا الحديث أقوى وأما الحديث الثاني فقالوا أنه ضعيف، والله تعالى أعلم. قوله: "الحل ميتته" زيادة في الجواب لإتمام الإفادة، لأن القوم الراكبين في البحر يحتاجون إلى معرفه حكم الميتة أيضًا.

باب النهي عن ذلك

بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ 81 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ سِنِينَ، كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، أَوْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ»، زَادَ مُسَدَّدٌ: «وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا». 82 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي الطَّيَالِسِيَّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ الْأَقْرَعُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ». بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ 83 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ، مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَقِ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ - أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ».

باب الوضوء بالنبيذ

بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ 84 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ: «مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟ »، قَالَ: نَبِيذٌ، قَالَ: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، أَوْ زَيْدٍ، كَذَا قَالَ شَرِيكٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَنَّادٌ لَيْلَةَ الْجِنِّ. 85 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ ، فَقَالَ: «مَا كَانَ مَعَهُ مِنَّا أَحَدٌ». 86 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَرِهَ الْوُضُوءَ بِاللَّبَنِ وَالنَّبِيذِ، وَقَالَ: «إِنَّ التَّيَمُّمَ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهُ». 87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ: === بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ 84 - قوله: "عن أبي زيد عن عبد الله بن مسعود" قالوا: أبو زيد مجهول فالحديث ضعيف، وأشار المصنف إلى أنه معارض بأقوى منه وهو حديث علقمة، وقد قالوا: لو صح لكان منسوخًا بقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬1)، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية (6).

باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟

سَأَلْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ، عَنْ رَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَاءٌ، وَعِنْدَهُ نَبِيذٌ أَيَغْتَسِلُ بِهِ؟ قَالَ: «لَا». بَابٌ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ؟ 88 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ، أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا وَمَعَهُ النَّاسُ، وَهُوَ يَؤُمُّهُمْ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَقَامَ الصَّلَاةَ، صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَالَ: لِيَتَقَدَّمْ أَحَدُكُمْ وَذَهَبَ إِلَى الْخَلَاءِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَذْهَبَ الْخَلَاءَ وَقَامَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيَبْدَأْ بِالْخَلَاءِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَأَبُو ضَمْرَةَ، هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ وَالْأَكْثَرُ الَّذِينَ رَوَوْهُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالُوا: كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ. 89 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَعْنَى قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي حَزْرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ - قَالَ ابْنُ عِيسَى فِي حَدِيثِهِ: ابْنُ أَبِي بَكْرٍ - ثُمَّ اتَّفَقُوا أَخُو الْقَاسِمِ بْنِ === بَابٌ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ وَهُوَ حَاقِنٌ؟ أي حابس للبول وكذا الغائط. 88 - قوله: "وقامت الصلاة" حال بتقدير قد، أي وقد قامت، ويحتمل العطف على جملة أراد، قوله: "وهو يدافعه الأخبثان" بالمثلثة، أي البول والغائط.

مُحَمَّدٍ - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَجِيءَ بِطَعَامِهَا، فَقَامَ الْقَاسِمُ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُصَلَّى بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ». 90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ: لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ، وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ، وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ". 91 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ، === 90 - قوله: "لا يؤم رجل ... " إلخ بيان للثلاثة بحسب المعنى كأنه قيل: هي ما تتضمنه هذه الجمل الثلاث، وبهذا يحتمل النهي والنفي ويؤيد الثاني قوله: ولا تصلى، نعم المعنى على النهي. فيصح عطف لا يصلي على الوجهين، وقوله: "فيخص" ضبط بالنصب على أنه جواب النفي أو النهي، لكن جواب النفي وكذا النهي لا بد أن يكون سببًا، كما في قوله تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا} (¬1) وقوله: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬2) والسببية هاهنا غير ظاهرة، فالوجه العطف، والله تعالى أعلم. 91 - وقوله: "وهو حاقن" بفتح فكسر بمعنى حاقن؛ قوله: "إِلا بإذنهم" ¬

_ (¬1) سورة فاطر: آية (36). (¬2) سورة ص: آية (36).

باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

عَنْ يَزِيدَ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي حَيٍّ الْمُؤَذِّنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ» - ثُمَّ سَاقَ نَحْوَهُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ قَالَ: «وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، وَلَا يَخْتَصُّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مِنْ سُنَنِ أَهْلِ الشَّامِ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ». بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ 92 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ صَفِيَّةَ. 93 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ، وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ». === قيل: هذا إذا كان في بيت الغير، وقيل: هذا إذا كان مساويًا معهم في أوصاف الإمامة. بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ 92 - قوله: "يغتسل بالصاع" هو مكيال يسع أربعة أمداد، والمد مكيال معروف، قيل: سمي بذلك؛ لأنه يملأ كفي الإنسان إذا مدهما.

باب الإسراف في الماء

94 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، عَنْ جَدَّتِهِ وَهِيَ أُمُّ عُمَارَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَدْرُ ثُلُثَيِ الْمُدِّ». 95 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَسَعُ رَطْلَيْنِ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ شَرِيكٍ، قَالَ: عَنِ ابْنِ جَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ، قَالَ: وَرَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، حَدَّثَنِي جَبْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ، سَمِعْتُ أَنَسًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «يَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ رَطْلَيْنِ، [قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «الصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ، وَهُوَ صَاعُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ صَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»]. بَابُ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ 96 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، === 95 - قوله: "يسع رطلين" بكسر الراء وفتحها. قوله: "بمكوك" بفتح الميم وتشديد الكاف قيل: . المراد هاهنا المدوان؛ كان قد يطلق على الصاع. بَابُ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ 96 - قوله: "يعتدون" من الاعتداء وهو تجاوز الحد، و"الطهور" بالفتح:

باب في إسباغ الوضوء

عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ، عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ». بَابٌ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ 97 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَوْمًا وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ، فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ». === الماء، والاعتداء فيه بالإسراف، أو بالضم الفعل، والاعتداء فيه بالزيادة على الثلاث، وفي الدعاء بالتعمق في المطلوب والسؤال بحصول أمر بعيد لمثله، وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ 97 - قوله: "ابن يساف" (¬1) قيل: المشهور بين المحدثين كسر الياء، وقيل: الفتح أقرب إلى كلام العرب، قوله: "تلوح" أي يبصر الناظر فيها بياضًا لم يصبه الماء، وقوله: "ويل، كلمة عذاب، ومعنى "أسبغوا" أتموه وعمموه بجميع أجزاء الوضوء، من الإسباغ، وهذا يدل على أنه هددهم بتقصيرهم في الوضوء لا لأجل نجاسة بأعقابهم ما غسلوها، كما زعم أهل البدعة، نسأل الله العفو والعافية. ¬

_ (¬1) هلال بن يساف، ويقال: ابن إساف، الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة. تقريب التهذيب 2/ 325.

باب الوضوء في آنية الصفر

بَابُ الْوُضُوءِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ 98 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي صَاحِبٌ لِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ». 99 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. 100 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَسَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ فَتَوَضَّأَ». === بَابُ الْوُضُوءِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ 98 - قوله: "صاحب لي" علم برواية البيهقي أن المبهم هاهنا وفي السند الثاني هو شعبة (¬1). قوله: "من شبة" بفتحتين نوع من النحاس يشبه الذهب فيسمى بذلك. 100 - قوله: "من صفر" بضم أو كسر فسكون نحاس أصفر، قيل: قد جاء النهي عن استعمال النحاس في الوضوء، فالنهي للتنزيه والحديث لبيان الجواز. والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن 1/ 172.

باب في التسمية على الوضوء

بَابٌ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ 101 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === بَاب التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ 101 - قوله: "عن يعقوب بن سلمة (¬1) عن أبيه عن أبي هريرة" بحث البخاري في سماع يعقوله عن أبيه عن أبي حريرة، وأجيب بأنه مبني على اشتراط اللقيّ في ثبوت السماع (¬2)، وعند الجمهور تكفي فيه المعاصرة، فلذلك صحيح الحديث غير واحد، وسكت "المصنف" عليه فهو عنده صحيح أو حسن (¬3). قوله: "ولا وضوء" حمله الجمهور على معنى لا وضوء كاملًا، ويبعده القرآن بما قبله، ووضع الكلام على هيئة البرهان لا بد من تكرره معنى، ولا يكفيه التكرار لفطًا إلا أن يقال لم يقصد هاهنا البرهان، وإنما المقصود بيان الأحكام لكن حمله على البرهان أوجه وأوكد، وقد عد من المحسنات البديعية، وقد جاء في ¬

_ (¬1) يعقوب بن سلمة الليثي، المدني، مجهول الحال، من السابعة. تقريب التهذيب 2/ 375. (¬2) انظر: تهذيب التهذيب 11/ 388 حيث قال البخاري: لا يعرف له سماع من أيه ولا لأبيه من أبي هريرة. وروى هذا الحديث الحاكم في المستدرك من طريقين 1/ 146، وقال في الأول: رواه محمد بن إسماعيل بن أبي فريك عن محمد بن موسى المخزومي، وقال في الثاني: صحيح الإسناد وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة، واسم أبي سلمة دينار ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي قال. سمعه قتيبة منه وابن أبي فديك أيضًا وهو صحيح الإسناد ولم يخرجا لأبي سلمة (قلت) صوابه ثنا يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة وإسناده فيه لين. (¬3) انظر الحديث (101) في سنن أبي داود.

باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ». 102 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، قَالَ: وَذَكَرَ رَبِيعَةُ، أَنَّ تَفْسِيرَ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» أَنَّهُ الَّذِي يَتَوَضَّأُ وَيَغْتَسِلُ، وَلَا يَنْوِي وُضُوءًا لِلصَّلَاةِ، وَلَا غُسْلًا لِلْجَنَابَةِ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا 103 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَا === فصيح الكلام، ومنه قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (¬1)، والله تعالى أعلم. 102 - قوله: "ولا ينوي" مبني على أن المراد بالذكر الذكر القلبي، والاسم في ذكر اسم الله مقحم، كما في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬2) توفيقًا بين روايات ذكر اسم الله وذكلر الله، فالناوي ذاكر له تعالى وغيره غافل عنه تعالى حيث لا يقصد بفعله التقرب إليه، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا 103 - قوله: "فإنه لا يدري ... " إلخ قالوا: هذا التعليل يفيد أن الغسل لدفع توهم النجاسة، والتوهم لا يقتضي أن يدمن استحباب الغسل فيحمل النهي على ¬

_ (¬1) سورة: الأنبياء: آية (22). (¬2) سورة الأعلى: آية (1).

باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». 104 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا رَزِينٍ. 105 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ، أَوْ أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ». بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 106 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ، مَوْلَى === التنزيه بقرينة التعليل، والله تعالى أعلم. 105 - قوله: "أو أين كانت تطوف" قيل: الأقرب أنه شك من الراوي. قوله: "حمران" (¬1) بضم فسكون. بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 106 - قوله: "فأفرغ على يديه ... " إلخ ظاهره أنه جمعهما في الغسل، ¬

_ (¬1) حمران بن أبان -بضم أوله- مولى عثمان بن عفان: اشتراه في زمن أبي بكر الصديق، ثقة، من الثانية، مات سنة خمس وسبعين وقيل غير ذلك تقريب التهذيب (560) 1/ 198.

عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». 107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَرْدَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي حُمْرَانُ، قَالَ: === واحتمال التفريق بعيد، واختار بعض التفريق. والله تعالى أعلم. وقوله: "لا يحدث فيهما نفسه"، أي يدفع الوسوسة مهما أمكن، وقيل: يحتمل العموم إذ ليس هو من باب التكليف حتى يجب دفع العسر والحرج، بل من باب ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص، أي من باب الوعد على العمل، فمن حصل منه ذلك العمل يحصل له ذلك الثواب ومن لا فلا، نعم يجب أن يكون ذلك العمل ممكن الحصول في ذاته وهو هاهنا كذلك، فإن المتجردين عن شواغل الدنيا يأتي منهم هذا العمل على وجهه، والله تعالى أعلم. وقوله: "غفر الله له .. " إلخ حمله العلماء على الصغائر، لكن كثيرًا من الأحاديث يقتضي أن مغفرة الصغائر غير مشروطة بقطع الوسوسة فيمكن أن يكون الشرط لمغفرة الذنوب جميعًا، والله تعالى أعلم. 107 - قوله: "ومسح رأسه ثلاثا" سيذكر "المصنف" ما يفيد أن زيادة ثلاث

رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، وَقَالَ فِيهِ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ هَكَذَا، وَقَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ دُونَ هَذَا كَفَاهُ» وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الصَّلَاةِ. 108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْمُؤَذِّنُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْوُضُوءِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ «فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأُتِيَ بِمِيضَأَةٍ فَأَصْغَاهَا عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ مَاءً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، فَغَسَلَ بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ»، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الْوُضُوءِ؟ «هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "أَحَادِيثُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّهُ مَرَّةً، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الْوُضُوءَ ثَلَاثًا، وَقَالُوا فِيهَا: وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا كَمَا ذَكَرُوا فِي غَيْرِهِ". === شاذة. 108 - قوله: "بميضأة" بكسر الميم القصر وقد تمد: مطهرة يتوضأ منها، وقوله: "فأصغى" أي أمالها.

109 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، أَنَّ عُثْمَانَ «دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، ثُمَّ غَسَلَهُمَا إِلَى الْكُوعَيْنِ»، قَالَ: «ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَذَكَرَ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا»، قَالَ: «وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ»، وَقَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مِثْلَ مَا رَأَيْتُمُونِي تَوَضَّأْتُ»، ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَأَتَمَّ. 110 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ جَمْرَةَ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ «غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا»، ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ قَالَ: تَوَضَّأَ ثَلَاثًا فَقَطْ. 111 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: أَتَانَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ صَلَّى فَدَعَا بِطَهُورٍ، فَقُلْنَا مَا يَصْنَعُ بِالطَّهُورِ وَقَدْ صَلَّى مَا يُرِيدُ، إِلَّا لِيُعَلِّمَنَا، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ «فَأَفْرَغَ مِنَ الْإِنَاءِ عَلَى يَمِينِهِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، === 111 - قوله: "فدعا بطهور" بفتح الطاء أي الوضوء، وقوله: "ما يصنع" على صيغة الغائب، وقوله: "ليعلمنا" من التعليم، وقوله: "وطست" بالجر عطف على إناء وهو آنية الصفر، وقوله: "من الكف الذي يأخذ فيه" أي الماء،

فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ مِنَ الْكَفِّ الَّذِي يَأْخُذُ فِيهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا، ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ هَذَا». 112 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: === وفي رواية النسائي: "الذي يأخذ به الماء" ولعل المراد بيان أنه فعل ذلك باليمين، والله تعالى أعلم. 112 - قوله: "ثم دخل الرحبة" بسكون الحاء المهملة ضبطه النووي وغيره، وهو موضع بالكوفة، يقال له رحبة خنيس، وأما الرحبة بمعنى وجه المسجد فبفتح الحاء. قوله: "مالك بن عرفطة" (¬1). قال أبو داود عقب هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد: إنما هو خالد بن علقمة (¬2) أخطأ فيه شعبة، قال أبو عوانة يومًا: مالك بن عرفطة فقال له عمرو الأعصف: رحمك الله يا أبا عوانة هذا خالد بن علقمة. ولكلن شعبة يخطئ فيه، فقال أبو عوانة: هو بأبي خالد بن علقمة ولكن قال لي شعبة: هو مالك بن عرفطة. ¬

_ (¬1) مالك بن عرفطة: صواب خالد بن علقمة، تقريب التهذيب، (882) 2/ 226. (¬2) خالد بن علقمة: أبو حية: بالتحتانية، الوادعي؛ صدوق من السادسة، وكان شعبة يهم في اسمه واسم أبيه فيقول مالك بن عُرفُطة، ورجع أبو عوانة إليه ثم رجع عنه، تقريب التهذيب (59) 1/ 126.

صَلَّى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْغَدَاةَ، ثُمَّ دَخَلَ الرَّحْبَةَ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتَاهُ الْغُلَامُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ، قَالَ: «فَأَخَذَ الْإِنَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، وَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا»، ثُمَّ سَاقَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: «ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخِّرَهُ مَرَّةً» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. 113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عُرْفُطَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ خَيْرٍ، رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ مَعَ الِاسْتِنْشَاقِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 114 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ الْكِنَانِيُّ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، === قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عوف حدثنا أبو عوانة عن مالك بن عرفطة قال أبو داود. وسماعه -أي سماع عمرو من أبي عوانة- قديم. قال أبو داود: حدثنا أبو كامل حدثنا أبو عوانة عن خالد بن علقمة. وسماعه متأخر كأنه بعد ذلك رجع إلى الصواب. اهـ ما في رواية ابن العبد وسقط ذلك من رواية غيره. قال الشيخ ولي الدين: قد اتفق الحفاظ على تخطئة شعبة. الترمذي في جامعه، والنسائي في سننه وأحمد، والله تعالى أعلم. 114، 115، 116، 117 - قوله: "حتى لما يقطر" هكذا في جميع النسخ

وَقَالَ: «وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى لَمَّا يَقْطُرْ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 115 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 116 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو تَوْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَوَضَّأَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ كُلَّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، قَالَ: «ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، === بتشديد الميم وهي لما النافية أخت لم. قوله: "فطر" بكسر فسكون و"أبي فروة" (¬1) بفتح الفاء. قوله: "وأبو توبة" (¬2) بوزن مصدر تاب، "أبو حية" (¬3) بفتح فتشديد قوله: "ابن رُكَانَةَ" (¬4) بضم الراء. ¬

_ (¬1) أبو فروة: مسلم بن سالم النهدي الكوفي ويعرف بالجهني لنزوله فيهم. قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات. التهذيب 10/ 131. (¬2) أبو توبة: الربيع بن نافع الحلبي، نزيل طرسوسي، ثقة، حجة عابد، من العاشرة. مات سنة إحدى وأربعين. تقريب التهذيب 1/ 246. (¬3) أبو حية خالد بن علقمة سبق تخريجه ص 34. (¬4) محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده. قال البخاري: إسناده مجهول، من السادسة. تقريب التهذيب 2/ 219.

ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ طُهُورَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَتَيْنَاهُ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ، حَتَّى وَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَلَا أُرِيكَ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَأَصْغَى الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ جَمِيعًا، فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أَلْقَمَ === قوله: "وقد أهراق الماء" أي بال و"الحُفنَة" بفتح فسكون ملء الكف، ويطلق على ملء الكلفين معًا وهو المراد هاهنا وفيما بعد. قوله: "فضرب بها" وفي رواية: "فصك به وجهه" وهذا يقتضي لطم الوجه بالماء، وقد قال بعض العلماء بكراهته ويمكن أن يقال المراد هاهنا: صب الماء على وجهه. وفي قوله: "ثم ألقم ... " إلخ دليل لمن كان يغسل الأذن مع الوجه ويمسحه مع الرأس كابن شريح، وقهوله: "فتركها تستن" أي تشل وتنصب من سننت الماء إذا صببته صبًّا سهلا، قيل: كأنه بقي من أعلى الوجه شيء فأكمله بهذه الصبة؛ وقيل: لعله صب على جزء من الرأس ليتحقق استيعاب الوجه.

إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاءٍ، فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ فَتَرَكَهَا تَسْتَنُّ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ، وَفِيهَا النَّعْلُ فَفَتَلَهَا بِهَا، ثُمَّ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ» قَالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: وَفِي === قلت: أو للغرة، وقيل: بل إسالة الماء على الجبهة بعد غسل الوجه مستحب عند بعض الفقهاء، وقد جاء به بعض الأحاديث الحسنة، والله تعالى أعلم. وقوله: "ففتلها بها" أي فتل رجله بالحفنة التي صبها عليها أي صرفها بها وحركها عند صبها، كأنه قصد به استيعاب الغسل للرجل، قيل: استدل به من أوجب المسح وهم الروافض، ومن خير بينه وبين الغسل، ولا حجه؛ لأنه حديث ضعيف. قلت: لكن سكوت "المصنف" يقتضي حسنه عنده، ولأن هذه الحفنة وصلت إلى ظهر قدمه وبطنه لدلائل قاطعة بالغسل، ولحديث على أنه توضأ ومسح. وقال: هذا وضوء من لم يحدث (¬1). قلت: يؤيد احتمال الاستيعاب بالغسل كثرة الماء المأخوذ؛ لأنه أخذ بالكفين جميعًا، وهذا القدر عادة يستوعب الرجل بالغسل، ويؤيده فتل الرجل كما ذكرنا، وأما حمل الوضوء على وضوء من لم يحدث فلا يصح؛ لدلالة الحديث على أنه بال، ولذلك جعل القائل حديث هذا وضوء من لم يحدث دليلًا على أنه ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن 1/ 75.

النَّعْلَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ شَيْبَةَ، يُشْبِهُ حَدِيثَ عَلِيٍّ، لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جُرَيْجٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا". 118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ - وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ -: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ، «فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ». 119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ» يَفْعَلُ ذَلِكَ، ثَلَاثًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. === استوعب هاهنا، ولم يحمل هذا الحديث على وضوء من لم يحدث، والله تعالى أعلم. 119 - قوله: "من كف واحدة" وفي بعض النسخ "واحد" والكف يؤنث تارة، ويذكر أخرى.

120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ حَبَّانَ بْنَ وَاسِعٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيَّ، يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ، وَقَالَ: «وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا». 121 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي الْكِنْدِيَّ، قَالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا». === 121 - قوله: "حريز" (¬1) بفتح الحاء المهملة آخره زاي معجمة و"المقدام"، بكسر الميم و "معدي كرب" (¬2) بفتح الميم فسكلون وكرب بفتح فكسر يجوز صرفه ومنعه. قوله: "ثم تمضمض واستنشق" فيه دلالة على عدم لزوم الترتيب في غسل الأعضاء المسنونة، وأما الأعضاء الواجبة فلا دلالة فيه على عدم الترتيب فيها. ¬

_ (¬1) حريز بن عثمان الرحبي -بفتح الراء والحاء المهملة بعدها موحدة، ثقة ثبت، رُمي بالنصب، من الخامسة، مات سنة ثلاث وستين، وله ثلاث وثمانون سنة. تقريب التهذيب 1/ 159. (¬2) المقدام بن مَعْد يكرب بن عمرو الكندي، صحابي مشهور نزل بالشام، ومات سنة سبع وثمانين على الصحيح، وله إحدى وتسعون سنة. تقريب التهذيب 2/ 272.

122 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ - لَفْظُهُ - قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ، وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ»، قَالَ مَحْمُودٌ: قَالَ: أَخْبَرَنِي حَرِيزٌ. 123 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَهِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: «وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا»، زَادَ هِشَامٌ «وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِي صِمَاخِ أُذُنَيْهِ». 124 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، تَوَضَّأَ لِلنَّاسِ كَمَا «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمَّا بَلَغَ رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَتَلَقَّاهَا بِشِمَالِهِ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى وَسَطِ === 122 - قوله: "لفظه" قيل: بالرفع أي هذا لفظه، وقيل: بالنصب أي حدثنا لفظ الحديث المذكور ومحمود حدثنا معنا الحديث المذكور. 123 - قوله: "المعنى" أي إنهما اتفقا على المعنى، كان اختلفا في اللفظ. قوله: "صماخ أذنيه" بكسر الصاد المهملة وآخره خاء معجمة الخرق الذي في الأذن. 924 - قوله: "مؤمل" كمحمد.

رَأْسِهِ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ، أَوْ كَادَ يَقْطُرُ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ، وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ». 125 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: «فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بِغَيْرِ عَدَدٍ». 126 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتِينَا فَحَدَّثَتْنَا أَنَّهُ قَالَ: «اسْكُبِي لِي وَضُوءًا»، فَذَكَرَتْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فِيهِ: فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، وَوَضَّأَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ === قوله: "غرف غرفة" بالفتح: المرة، والضم اسم المعروف، و"وسط الرأس"، بفتح السين. 125 - قوله "بغير عدد، فيه حجة لمالك في أن غسل الرجلين لا يتقيد بعدد بل بالإتقاء وإزالة ما فيهما من الأوساخ. 1260 - قوله: "عن الربيع" بالتصغير و "معوذ" (¬1) اسم فاعل من التعويذ. قوله: "اسكبي" بضم الكاف أي صبي. قوله: "بدأ بمؤخر رأسه قبل" عارضه ما هو أصح منه وهو "أقبل بهما" ¬

_ (¬1) الرُّبَيِّع -بالتصغير والثقيل- نجتُ مُعوِّذ بن عَفراء، الأنصارية النجارية من صغار الصحابة، وكانت من المبايعات بيعة الشجرة، وقال أبو عمر: كانت ربما غزت مع رسول - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن سعد: أمها أم بزيد بنت قيس بن زعوراء، روت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الإصابة في تمييز الصحابة 4/ 300، وتقريب التهذيب 2/ 598.

مَرَّتَيْنِ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا، وَوَضَّأَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ. 127 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، يُغَيِّرُ بَعْضَ مَعَانِي بِشْرٍ، قَالَ فِيهِ: «وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا». 128 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عِنْدَهَا فَمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ، مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ كُلِّ نَاحِيَةٍ، لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، لَا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ === فيؤخذ ويترك هذا، ولا يخفى أنه لا تعارض في الأفعال، وقيل: فعله لبيان الجواز وهو أقرب، وقيل: إنه تحريف من الراوي بسبب أنه فهم من قوله: (فأقبل بها وأدبر) أنه ابتدأ بمؤخر الرأس فصرح بما فهم، وهو مخطئ في فهمه. 127 - قوله: "معاني بشر" أي بعض معاني حديث بشر بن المفضل الذي رواه أولًا. 128 - قوله: "من قرن الشعر" يطلق القرن على الخصلة من الشعر، وعلى جانب الرأس من أي جهة كان، وعلى أعلى الرأس ولعله المراد، والمعنى أنه يبتدئ المسح بأعلى الراس إلى أن ينتهي إلى أسفله يفعل ذلك من كل ناحية على حدتها. وقوله: "لمنصب الشعر" هو اسم مكان من الانصباب، أي المكان الذي

هَيْئَتِهِ». 129 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ، أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ قَالَتْ: «فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ، وَصُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً». 130 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ». === ينحدر إليه، وهو أسفل الرأس مأخوذ من انصباب الماء وهو انحداره من أعلى إلى أسفل. 129 - قوله: "وصدغيه" بضم فسكون معجمة بعد ذلك هو المحازي لرأس الأذن. قوله: "مسح برأسه من فضل ما كان في يده" قيل: احتج به من رأي طهورية المستعمل. قلت: بقية المغسول في اليد غير مستعمل في حق المسح عند الحنفية فلا إشكال عليهم، وأما الشافعية فقال بعضهم: لعله أخذ الماء وصب نصفه ومسح رأسه ببلل يديه؛ ليوافق حديث مسح رأسه بماء غير فضل يديه. قلت: لا تعارض في الأفعال فلا حاجة إلى التوفيق. وقال آخرون: إنه بقية الغسلة الثالثة؛ والأصح عندنا أن المستعمل في نقل الطهارة باق على طهوريته.

131 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي حُجْرَيْ أُذُنَيْهِ». 132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ - وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا، وَقَالَ مُسَدَّدٌ - مَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ أُذُنَيْهِ»، قَالَ مُسَدَّدٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ يَحْيَى فَأَنْكَرَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وسَمِعْت أَحْمَدَ، يَقُولُ: «إِنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ زَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ، وَيَقُولُ إِيشْ هَذَا طَلْحَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ». 133 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - كُلَّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، قَالَ: «وَمَسَحَ === 131 - قوله: "في جحري أذنيه" بضم الجيم ثم حاء مهملة ساكنة أي باطنيهما. 132 - قوله: "ابن مصرف" اسم فاعل من التصرف. قوله: "بلغ القذال" بفتح القاف والذال المعجمة. قوله: "إيش هذا" أي أي شيء هذا الإسناد، وهو تخفيف أي شيء عندهم يريد أنه لا صحبة لجده.

بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً». 134 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سِنَانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَذَكَرَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ الْمَأْقَيْنِ»، قَالَ: وَقَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ»، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: يَقُولُهَا: أَبُو أُمَامَةَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: قَالَ حَمَّادٌ: لَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ أَبِي أُمَامَةَ - يَعْنِي قِصَّةَ الْأُذُنَيْنِ - قَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ، === 134 - قوله: "المأقين" (¬1) الماق بفتح ميم وهمزة ساكنة وبلا همز طرف العين الذي يلي الأنف. قوله: "الأذنان من الرأس" معناه عند علمائنا الحنفية أنهما من الرأس حكمًا من حيث أنهما يمسحان، وأنهما يمسحان بماء الرأس ولا يؤخذ لهما ماء جديد، والله تعالى أعلم. قوله: "عن عمرو بن شعب عن أبيه عن جده" أي جد شعيب وهو عبد الله بن عمرو فإن شعيب بن محمد بن عبد الله، ومحمد لا دخل له بهذا الإسناد إلا في حديث واحد أخرجه ابن حبان في صحيحه. قوله: "السباحتين" وهما اللتان تليان الإبهام، ويقال للسباحة؛ المسبحة سميت بذلك لرفعها في التسبيح. وقوله: "فمن زاد على هذا" استدل به من يقول المسح مرة؛ لأنه ذكر في هذا ¬

_ (¬1) مؤق العين: مؤخرها، ومأفها: مقدمها، وهي تثنية المأقى. النهاية في غريب الحديث 4/ 289.

باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

[قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ابْنُ رَبِيعَةَ كُنْيَتُهُ أَبُو رَبِيعَةَ]. بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا 135 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ === الحديث المسح من غير ذكر عدد مع ذكر عدد الغسل، فيدل على أنه مرة، بل قد جاء الصريح بالمرة الواحدة في رواية سعيد بن منصور، ذكره الحافظ ابن حجر في شرح البخاري (¬1)، : على هذا فالمسح ثلاثًا إن ثبت يحمل على الاستيعاب. وقوله: "أو نقص" قيل: هذا يحتمل أن يكون شكا من الراوي، وإلا فهو وهم منه، ونسب الوهم إلى أبي عوانة وهو وإن كان ثقة فإن الوهم لا يسلم منه البشر، وبالجملة فهو ضعيف؛ لأن الوضوء مرة ومرتين قد جاء به الأحاديث واتفق الإجماع على جوازه، ويؤيده أنه رواية أحمد والنسائي وابن ماجه "ومن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم" (¬2). وقيل: تأويله: أنه نقص العضو ولم يستوعبه لا أنه نقص بعض من الثلاث كما هو الظاهر، أو من زاد أو نقص على اعتقاد النية أو ناقص الأعضاء فلم يغسلها، وزاد عضوًا آخر لم يشرع غسلها، وقيل: معنى أساء وظلم أنه أساء في مراعاة آداب الشرع، وظلم: نفسه بما نقصها من الثواب. ¬

_ (¬1) فتح الباري 1/ 268. (¬2) أحمد في مسنده 2/ 180 والنسائي في الكبرى 1/ 82، 102 (89، 90، 173)، وابن ماجه في الطهارة وسننها 1/ 146 (422).

باب الوضوء مرتين

غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، وَبِالسَّبَّاحَتَيْنِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ - أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ -». بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ 136 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيُّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ». 137 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ «فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ === بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ 137 - قوله: "قال ابن عباس تحبون. . . " إلخ لا ذكر في هذا الحديث لمرتين فلا يناسب هذه الترجمة؛ وإنما يناسب أن يذكر في باب الوضوء مرة، والله تعالى أعلم. وقوله: "غرفة" بالفتح أي مرة، وقوله: "قبضة" هي بالفتح مرة بالضم المقبوض، قلت: فهي كالغرفة، وقو له: "ثم نفض يده" كان كثيرًا فقلله. قوله: "فرش على رجله" أي صبه قليلا، وقوله: "ثم مسحها" قال السيوطي: مؤول بأن مسح على الخف، وفي المجمع يستدل به من قال يمسح الرجل، وأجاب الجمهور بأن الحديث ضعيف، ولو صح فهو مخالف لسائر

باب الوضوء مرة مرة

مَاءٌ فَاغْتَرَفَ غَرْفَةً بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَجَمَعَ بِهَا يَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ أَخَذَ أُخْرَى فَغَسَلَ بِهَا يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ نَفَضَ يَدَهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى مِنَ الْمَاءِ فَرَشَّ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى، وَفِيهَا النَّعْلُ، ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدَيْهِ يَدٍ فَوْقَ الْقَدَمِ وَيَدٍ تَحْتَ النَّعْلِ، ثُمَّ صَنَعَ بِالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ». بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً 138 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِوُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الروايات، ولعله كرر المسح حتى صار غسلًا، وقَوله: "وفيها النعل" لا يدل على عدم غسل أسفلها، وقوله: "ثم مسحها" أي دلكها. قلت: وسكوت "المصنف" يحسن الحديث عنده (¬1)، وبعض الكلمات الباقية لا يساعدها لفظ الحديث، والأقرب ما ذكره السوطي وهو أيضًا لا يخلو عن بعد، إذ اليد تحت النعل لا يناسب مسح الخف، ثم هذا الحديث لا يناسب مسح الرجل إذ لا دخل فيه للمسح تحت النعل، وإنما يناسب القول بأن النعل كالخف يمسح عليه كما يمسح على الخف، والله تعالى أعلم. بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً 138 - قوله: "فتوضأ مرة مرة" الوضوء فعل مركب من غسلات ومسح ¬

_ (¬1) سنن أبي داود (137).

باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً». بَابٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ 139 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، يَذْكُرُ عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «دَخَلْتُ - يَعْنِي - عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ، فَرَأَيْتُهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ». بَابٌ فِي الِاسْتِنْثَارِ 140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْ». === فقوله: "مرة مرة" يتعلق بالكل، فلذلك جاء مكررًا، وعلى هذا فينبغي أن يكون مرتين مرتين أو ثلاث ثلاث كذلك، لكلن المعلوم في المسح مرة فيحمل ذلك على التغليب لكون الغالب هو الغسل، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ 139 - قوله: "يفصل بين المضمضة" أي يأخذ لكل منها ماءً جديدًا، أو لا يكتفي بغرفة واحدة لهما. 140 - قوله: "فليجعل في أنفه" أي ماء كما في رواية مسلم والنسائي، وقوله: "ثم لينثر" كسر المثلثة أشهر من ضمها، من نثر إذا امتخط.

141 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ === 141 - قوله: "قارظ" كفاعل بظاء معجمة في آخره. قوله: "بالغتين" أي بلغتا الغاية، أو "ثلاثًا" مطلقات فاؤه للتقسيم أو التخيير، وقيل: يحتمل الشك من الراوي. قوله: "لقيط" (¬1) كفعيل، وصبرة بفتح فكسر أو سكون. قوله: "وافد بني المنتفق" أي رئيسهم، والمنتفق كاسم الفاعل من الانتفاق، وقوله: "فلم نصادفه" أي لم نجده؛ من صادفت فلانًا أي وجدته، وقيل: المصادفة: الموافقة، وقوله: "بخزيرة"، يمعجمتين آخره مهملة ثم حاء التأنيث: طعام. يتخذ من لحم يقطع صغارًا ويصب عليه الماء الكثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، و "القناع" بكسر القاف، وقوله: "ولم يفهم" من الإقامة أي لم يتلفظ تلفظًا صحيحًا، وفي بعض النسخ "لم يقل" أو "لم يفهم"، وقوله: "جلوس" بالرفع على أنه خبر نحن، وجاء بالنصب على الحال، وقوله: "دفع الراعي غنمه" أي ساقها وأوصلها، و"المُراح" بضم الميم ماء الغنم والإبل ليلًا، والسَخْلة بفتح فسكون ولد المعز والضأن حين يولد ذكرًا كأن أو أنثى، وقيل: يختص بأولاد الضأن، وقيل: بالمعز، وقوله: "تيعِر" بكسر العين أفصح من فتحها أي تصيح، واليُعار بضم أوله صوت الشاة، وقوله: "ما ولَّدت" بتشديد اللام والخطاب للراعي، من ولد الشاة إذا حضر ولادتها فعالجها حتى يخرج الولد منها، قيل: وتخفيف اللام مع سكون التاء غلط للمحدثين. ¬

_ (¬1) لقيط بن صَبرة بفتح صحابي مشهور، ويقال: إنه جده، اسم أبيه عامر، وهو أبو رزين، العقيلي، والأكثر على أنهما اثنان. تقريب التهذيب 2/ 138.

قَارِظٍ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === وقوله: "بهمة" بفتح فسكون ولد الشاة أول ما يولد ذكر أو أنثى يعم الضأن والمعز، وقيل: مخصوص بالضأن، واتفقوا على عموم اللفظ للذكر والأنثى، لكن قال صاحب النهاية: هذا الحديث يدل على خصوص الاسم بالأنثى، لأنه إنما سأله ليعلم أذكر ولَّد أم أنثى وإلا فقد كان يعلم أنه ولَّد أحدهما (¬1)، وقال الشيخ ولي الدين: يحتمل أن السؤال ليعلم أن المولود واحد أو وأكثر ليذبح بقدره من الكبار، وبَهْمَة بالنصب بتقدير ولدت بَهْمَة، وقوله: "لا تحسبن" بكسر السين والثاني بفتحها، كان مراد الراوي أنه حافظ الحديث حتى يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - نطق بالسين مكسورة لا مفتوحة، وقيل: لعله نبه على الكسر؛ لأنه كان غريبًا منه صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يكون الغالب عليه النطق بالفتح، أو لأنه كان غريبًا بين الناس و"البذاء" بفتحتين ومد: الفحش في القول. وقوله: "صحبة" أي معي أي هي قديمة عندي والولد بفتحتين يطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى؛ وقوله: "فستفعل" وفي رواية "نستقبل" من القبول، وقوله: "ولا تضرب ظعينتك" أي امرأتك سميت بذلك؛ لأنها تنتقل بانتقال الزوج، قيل: فهو نهي عن مطلق الضرب وهو منسوخ بقوله تعالى {واضْرِبُوهُنَّ} (¬2)، أو محمول على خلاف الأولى فيترك مهما أمكن، ويقتصر على الوعظ؛ وقيل: بل هو نهي عن ضرب كضرب الأمة، قلت: بل كضرب الأمة الحقيرة عند أهلها كما يدل عليه قوله: "كضرب أميتك" فإنها تصغير الأمة، أي لا تضرب ضربًا شديدًا أو كثيرًا، والتشبيه ليس لإباحة ضرب المماليك ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث 1/ 169. (¬2) سورة النساء: آية (34).

وَسَلَّمَ: «اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا». 142 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ === بل لأنه جرى به عادتهم، وحديث: "لا ترفع عصاك عن أهلك" (¬1) قيل: أريد به الأدب لا الضرب، وقوله: "وبالغ في الاستنشاق" زاد ابن القطاف في رواية "والمضمضة" وصححه، والاقتصار على ذكر هذه الخصال مع أن السؤال كان عن الوضوء، إما من الرواة بسبب إن الحاجة دعتهم إلى نقل البعض، والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين كيفية الوضوء بتمامها، أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بناء على أنه علم أن مقصد السائل البحث بن هذه الخصال، وإن أطلق لفظه في السؤال إما بقرينة حال أو وحي أو إلهام، والله تعالى أعلم. قوله: (ابن مكرم) (¬2) اسم مفعول من الإكرام. ¬

_ (¬1) الطبراني في الصغير 1/ 44، وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه الحسن بن صالح بن حي، وثقه أحمد وغيره، وضعفه النووي وغيره وإسناده على هذا جيد. (¬2) عقبة بن مكرم بن أفلح العمي -بفتح المهملة وتشديد الميم- أبو عبد الملك الحافظ البصري، يقال اسم والد أفلح جراد، قال أبو داود: عقبة بن مكرم ثقة من ثقات الناس فوق بندار في الثقة عندي، : قال النسائي: ثقة. قال ابن قانع: مات بالصرة سنة 243، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: مات سنة 250 أو بعدها أو قبلها بقليل. التهذيب 7/ 250، والتقريب 2/ 28.

فَصُنِعَتْ لَنَا، قَالَ: وَأُتِينَا بِقِنَاعٍ - وَلَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: الْقِنَاعَ، وَالْقِنَاعُ: الطَّبَقُ فِيهِ تَمْرٌ - ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَلْ أَصَبْتُمْ شَيْئًا؟ - أَوْ أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ؟ » قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ، إِذْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ، وَمَعَهُ سَخْلَةٌ تَيْعَرُ، فَقَالَ: «مَا وَلَّدْتَ يَا فُلَانُ؟ »، قَالَ: بَهْمَةً، قَالَ: «فَاذْبَحْ لَنَا مَكَانَهَا شَاةً»، ثُمَّ قَالَ: " لَا تَحْسِبَنَّ وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ أَنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، فَإِذَا وَلَّدَ الرَّاعِي بَهْمَةً، ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً وَإِنَّ فِي لِسَانِهَا شَيْئًا - يَعْنِي الْبَذَاءَ - قَالَ: «فَطَلِّقْهَا إِذًا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ، قَالَ: " فَمُرْهَا يَقُولُ: عِظْهَا فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَفْعَلْ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ أُمَيَّتَكَ " فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي، عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: «أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا». 143 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَافِدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ: فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَقَلَّعُ يَتَكَفَّأُ، وَقَالَ: عَصِيدَةٌ، مَكَانَ خَزِيرَةٍ. === 143 - قوله: "فلم ينشب" بفتح حرف المضارعة والشين المعجمة، وحرف المضارعة نون أو ياء وجهان، وقوله: "يتقلع" من التقلع أي يمشي مشيًا قويًّا يرفع رجله من الأرض بقوة لا كمن يمشي تكبرًا، وقوله: "يتكفًا" بالهمزة في آخره أي يتميل إلى قدام، والله تعالى أعلم.

باب تخليل اللحية

144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ». بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ 145 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ يَعْنِي الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ زَوْرَانَ، عَنْ أَنَسٍ يَعْنِي ابْنَ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ، أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ»، وَقَالَ: «هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَالْوَلِيدُ بْنُ زَوْرَانَ، رَوَى عَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاحٍ، وَأَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ. === 144 - قوله: "فمضمض" بكسر الميم الثانية: صيغة أمر من المضمضة. بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ 145 - قوله: "أبو المليح" (¬1) بفتح الميم، و"زوران" بمعجمة مفتوحة، قيل: ثم واو ساكنة ثم مهملة، وقيل بالعكس. قوله: "تحت حنكه" هو بفتحتين ما تحت الذقن، قيل: والمراد في الحديث ما استرسل من شعر اللحية ونفل عن حد الوجه، وظاهره يفيد الوجوب لكنهم حملوه على الندب لما ظهر لهم، والقول بأنه مباح كما روي عن بعض الأئمة ضعيف جدًّا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أبو المليح بن أسامة بن عمر أو عامر -وبن عمير- بن خيف بن ناجية الهذلي، اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، ثقة من الثالثة مات سنة ثمان وتسعين، وقيل: ثمان ومائة، وقيل: بعد ذلك. التهذيب 12/ 246، والتقريب 2/ 476.

باب المسح على العمامة

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ 146 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ». 147 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي مَعْقِلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: === بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ 146 - قوله: "سرية" بفتح سين وكسر راء مهملتين وتشديد ياء تحية قطعة عن الجيش، ومن عادتهم أنهم لقلتهم يمشون سرًّا فسموا بذلك. وقوله: "على العصائب" هي العمائم، وسميت عصائب؛ لأن الرأس يعصب بها، وهذا الحديث قد تركه قوم بأنَّه حديث الآحاد ومخالف للكتاب فيؤخذ بالكتاب لا بهذا الحديث، وحمله قوم على الضرووة، وقوم على أن يمسح بعض الرأس ويتم على العمامة كما في حديث المغيرة، وقوم أخذوا به فجوزوا المسح على العمامة وغالبهم أهل الحديث، والله تعالى أعلم. قوله: "والتساخين" بفتح التاء المثناة من فوق وكسر الخاء المعجمة، هي الخفاف، جمع لا واحد له من لفظه، وقيل: واحدها تسخان بكسر أوله. 147 - قوله: "عن أبي معقل" (¬1) بفتح الميم وكسر القاف بينهما عين ساكنة، ¬

_ (¬1) أبو معقل، عن أنس، في المسح على العمامة، مجهول من الخامسة. تقريب التهذيب 2/ 475.

باب غسل الرجلين

«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ». بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ 148 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ الله === قيل: هو مجهول الاسم والحال، لا يعرف فيه جرح ولا تعديل. قوله: "قطرية" بكسر القاف وتشديد الياء: نوع من البرود ينسب إلى قطر قرية بالبحرين. ومعنى لم ينقض العمامة أنه ما رفعها من الرأس بل أبقاها عليه، ولا مناسبة لهذا الحديث بالباب، والله تعالى أعلم بالصواب. بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ 148 - قوله: "عبد الرحمن الحبلي" (¬1) بضمتين، و "المستورد" (¬2) على وزن اسم الفاعل. قوله: "يدلك أصابع"، وفي رواية ابن ماجه: "يخلل"، و "الخنصر" بكسر الخاء، وتخليل أصابع الرجلين يستلزم الغسل؛ لأنه من تمام استيعاب الغسل، ¬

_ (¬1) عبد الرحمن الحبلي، ثقة من الثاثة، مات سنة مائة بأفريقية. تقريب التهذيب 1/ 462. (¬2) المستورد بن شداد بن عمرو بن حنبل بن الأحنف بن حبيب القرشي الفهري الحجازي، سكن الكوفة، له ولأبيه صحبة، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه وروى عنه أبو عبد الرحمن الحنبلي وقيس بن أبي حازم، قيل: توفي بالإسكندرية سنة خمس وأربعين، وقال مصعب الزبيري: مات بمصر في ولاية معاوية. تهذيب التهذيب 10/ 106، 107.

باب المسح على الخفين

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَوَضَّأَ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ». بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ 149 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ الْمُغِيرَةَ، يَقُولُ: عَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا مَعَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَعَدَلْتُ مَعَهُ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الإِدَاوَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمَّا جُبَّتِهِ، فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَهُمَا إِلَى الْمِرْفَقِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ === والقائل بالمسح لا يقول به. بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ 149 - قوله: "عدل" أي مال عن الطريق لقضاء الحاجة. وقوله: "وأنا معه" أي عنده وفي صحبته بحيث علمت بأمره، أو فيمن معه من العسكر كما سيجيء. وقوله: "فتبرز" أي قضى حاجته. "والإداوة" بكسر الهمزة إناء صغير من جلد، وقوله: "ثم حَسَر" أي أراد أن يحسر ويكشف، وقوله: "كُمَّا جُبَّتِه" بضم الكاف، واجبة: ما قطع من الثياب مشمرًا، وقوله: "ثم توضأ"، أي مسح وهو مجاز. وقوله: "نسير حتى نجد الناس" وهو استقبال بالنظر إلى ما قبله وإن كان

رَكِبَ، فَأَقْبَلْنَا نَسِيرُ حَتَّى نَجِدَ النَّاسَ فِي الصَّلَاةِ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَصَلَّى بِهِمْ حِينَ كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَوَجَدْنَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَفَّ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَصَلَّى وَرَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ لِأَنَّهُمْ سَبَقُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُمْ: «قَدْ أَصَبْتُمْ - أَوْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ -». 150 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنِ التَّيْمِيِّ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَوَضَّأَ وَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ - وَذَكَرَ - فَوْقَ الْعِمَامَةِ»، قَالَ: عَنِ الْمُعْتَمِرِ، سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَعَلَى نَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ»، قَالَ بَكْرٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ. === ماضيًا حين التكلم، فالمضارع منصوب، ويمكن أن يجعل حكاية للحال الماضية، وحتى سببية فيكون المضارع مرفوعًا، وقوله: "حين كان" أي جاء وحضر الوقت المعتاد، والله تعالى أعلم. 150 - قوله: "وذكر فوق العمامة" أي ذكر المسح فوق العمامة، وهي بكسر العين.

151 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْبِهِ وَمَعِي إِدَاوَةٌ فَخَرَجَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَتَلَقَّيْتُهُ بِالْإِدَاوَةِ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ مِنْ جِبَابِ الرُّومِ، ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَضَاقَتْ فَادَّرَعَهُمَا ادِّرَاعًا، ثُمَّ أَهْوَيْتُ إِلَى الْخُفَّيْنِ لِأَنْزَعَهُمَا، فَقَالَ لِي: «دَعِ الْخُفَّيْنِ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُ الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا»، قَالَ أَبِي: قَالَ الشَّعْبِيُّ: شَهِدَ لِي عُرْوَةُ، عَلَى أَبِيهِ، وَشَهِدَ أَبُوهُ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 152 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، قَالَ: فَأَتَيْنَا النَّاسَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُصَلِّي === 151 - قوله: "في ركبه" روي بسكون الكاف وجر الباء مضافًا إلى الضمر، وبفتح الكاف والباء وتاء التأنيث، والثانية رواية الخطيب. قوله: "فادَّرَعَهما ادراعًا" بتشديد الدال المهملة، معناه نزع ذراعيه كما يقال عن الكمين وأخرجهما من تحت الجبة، وهو افتعال من أذرع إذا مد ذراعه كما يقال: اذكر في ذكر. وقوله: "أهويت" أي ملت، وقو له: "فإني أدخلت. " إلخ يدل على أن مدار المسح على طهارة القدمين حي لبس الخفين لا غير، نعم، منْ يوجب الترتيب يلزمه تمام الوضوء ومن لا فلا، فافهم. 152 - قوله: "عن أدرك الفرد" أي أدرك مع الإمام ركعة أو ثلاثا، وسجود

بِهِمُ الصُّبْحَ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَتَأَخَّرَ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ رَكْعَةً، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي سُبِقَ بِهَا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ عُمَرَ، يَقُولُونَ: «مَنْ أَدْرَكَ الْفَرْدَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ». 153 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ شَهِدَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَسْأَلُ بِلَالًا، عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «كَانَ يَخْرُجُ يَقْضِي حَاجَتَهُ، فَآتِيهِ بِالْمَاءِ === السهو لزيادة قعود لمتابعة الماء، وروي ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد؛ وبه قال إسحاق، ولعل مراد "المصنف" التنبيه على أنه يؤخذ من هذا الحديث الرد عليهم. 153 - قوله: "سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن" (¬1) قال كثير: هما مجهولان، لكن قول أبي داود: هو مولى بنى تيم بن مرة يدل على أنه معروف؛ وقد جاء في معالم السنن للخطابي في نفس الإسناد عن أبي عبد الرحمن السلمي (¬2)، فإن صح ذلك فقد ارتفع الجهالة لأنه من أعلام الرواة وثقاتهم. قلت: سكوت أبي داود يدل على المعرفة عنده فلو اكتفى أحد بذلك فهو ¬

_ (¬1) عبد الله بن حبيب بن ربيعة: أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرئ، مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقة ثبت من الثانية مات بعد السبعين. تقريب التهذيب 1/ 408. (¬2) معالم السنن 1/ 38.

فَيَتَوَضَّأُ، وَيَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمُوقَيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ. 154 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الدِّرْهَمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ دَاوُدَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّ جَرِيرًا، بَالَ، ثُمَّ «تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» وَقَالَ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ»، قَالُوا: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، قَالَ: مَا أَسْلَمْتُ === ممكن، والله تعالى أعلم. قوله: "ومُوقيه" بضم الميم بلا همز نوع من الخفاف معروف، وقيل: إنه الجرموق الذي يلبس فوق الخف. قوله: "مولى بني تيم بن مرة": قال الحاكم: هو معروف بالصحة والقبول. 154 - قوله: "الدرهمي" الدرهم اسم جد له. قوله: "بعد نزول المائدة" أي بعد نزول الآية التي فيها ذكر الوضوء، وليس المراد جميع المائدة، فإن منها ما تأخر نزوله عن إسلامه كآية: . {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... } (¬1) الآية، فإنها نزلت في حجة الوداع، وإسلام جرير كان في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة، وآية الوضوء نزلت في غزوة بني المصطلق سنة خمس أو أربع، وحذا من جرير استدلال بالتاريخ على بقاء حكم المسح، وعن الاستدلال بالتاريخ قوله تعالى: {لما تحاجون} إلى قوله: {وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية 3.

إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. 155 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا دَلْهَمُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ، فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا»، قَالَ مُسَدَّدٌ: عَنْ دَلْهَمِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ». 156 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيٍّ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ === وَالْإِنْجِيلُ إلا مِنْ بَعْدِهِ} (¬1). 155 - قوله: "دلهم" (¬2) كجعفر، "حجير" بتقديم المهملة تصغير. قوله: "ساذجين" بفتح الذال المعجمة والجيم، قال الشيخ ولي الدين: كأن المراد بذلك أنه لم يخالطهما لون آخر، وهذا المعنى يفهم من هذا اللفظ عرفًا، ولم يذكره أهل اللغة ولا أهل الغريب، وقال صاحب المحكم: حجة ساذجة -بكسر الذال وفتحها- أراها غير عربية. 156 - قوله: (ابن حي) (¬3) بفتح حاء مهملة وتشديد ياء، و (أبي نُعْمٍ) (¬4) ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 65. (¬2) دلهم بن صالح الكندي الكوفي، ضعيف، من السادسة. تقريب التهذيب 1/ 236. (¬3) الحسن بن صالح بن حي، وهو حيان بن شُفي -بضم المعجمة والفاء مصغرًا- الهمداني الثوري، ثقة فقيه، عابد، رمي بالتشيع من السابعة، مات سنة تسع وستين، وكان مولده سنة مائة. التقريب 1/ 167. (¬4) عبد الرحمن بن أبي نعم -بضم النون وسكون المهملة- البجلي أبو الحكم الكوفي، العابد، صدوق، عابد من الثالثة؛ مات قبل المائة. التقريب 1/ 167.

باب التوقيت في المسح

عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَسِيتَ؟ ، قَالَ: «بَلْ أَنْتَ نَسِيتَ، بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ 157 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ === بضم النون وسكون العين المهملة. قوله: "بل أنت نسيت" أورد عليه أن مغيرة لم يقع منه إخبار حتى ينسب فيه إلى النسيان، وإنما وقع فيه استقهام، وأجيب بأن قوله: "نيسيت" يعتبر خبرًا لا استفهامًا بتقدير الهمزة، والمعنى: نسيت في ظنك أن هذا الفعل سهو. اهـ. ولا يخفى أن النسيان يقتضي سبق العلم بالمنسي، وها هنا غير ظاهر، فالوجه أن النسيان هاهنا بمعنى الخطأ، والله تعالى أعلم. قوله: "بهذا أمرني ربي" أي أمر إيجاب على تقدير إبقاء القدمين في الخفين، وأمر رخصة وإباحة في ذاته، قيل: يحتمل أن المراد به الأمر الوارد في آية الوضوء على أن قراءة الجر أريد بها مسح الخفين عطفًا على الممسوح، ويحتمل أن المراد غيره. بَابُ التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ 157 - قوله: "ولو استزدناه" أي لو طلبنا الزيادة من النبي صلى الله تعالى

وَلَيْلَةٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَيمِيِ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ فِيهِ: وَلَوِ اسْتَزَدْنَاهُ لَزَادَنَا. 158 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ قَطَنٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: وَكَانَ قَدْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقِبْلَتَيْنِ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: يَوْمًا؟ قَالَ: «يَوْمًا»، قَالَ: وَيَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَيَوْمَيْنِ»، قَالَ: وَثَلَاثَةً؟ === عليه وسلم في مدة مسح المسافر أو المسخ مطلقًا لزادنا، وهذا مبني على أن الحرج مدفوع، فلو ذكرنا أن فيه حرجًا علينا لدفع عنا ذلك بالازدياد في المدة، والله تعالى أعلم. 158 - قوله: "ابن رَزين" (¬1) بتقديم المهملة المفتوحة على المعجمة المكسورة، و"ابن قطن" (¬2) بفتحتين، و"أبيِّ بن عمارة" (¬3) بضم الهمزة وتشديد الياء وكسر عين عمارة أشهر من ضمها. "نعم وما شئت" نقل عن النووي أنه قال: هو حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث (¬4)، وقيل: تأويله أن له المسح دائمًا مع مراعاة شَرط التوقيت، وقيل: ¬

_ (¬1) عبد الرحمن بن رزين -بفتح الزاي- وآخره نون، ويقال: ابن يزيد، والأول هو الصواب، الغافقي، المصري، صدوق من الرابعة. التقريب 1/ 479. (¬2) أيوب بن قطن -بفتح القاف- الطاء -الكندي الفلسطيني، فيه لين من الخامسة. التقريب 1/ 90. (¬3) أبي بن عمارة، مدني سكن مصر، له صحبة، وفي إسناده حديثه اضطراب. التقريب 1/ 90. (¬4) مسلم بشرح النووي 3/ 176.

باب المسح على الجوربين

قَالَ: «نَعَمْ وَمَا شِئْتَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمِصْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسِيٍّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ قَالَ فِيهِ: حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ، وَمَا بَدَا لَكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيَّوبَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ. بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ 159 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ، وَالنَّعْلَيْنِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَا يُحَدِّثُ === التوقيت قد ثبت بآثار متواترة فلا يترك بمثل هذا الحديث. "عبادة" بضم العين "ابن نسي" (¬1) بضم نون وتشديد مهملة وتشديد ياء. قوله.: "ما بدا لك" بلا همز أي ظهر. بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ 159 - قوله: "على الجوربين" قيل: الجورب لفافة الرجل، وقيل: هو غشاء للقدم يتخذ للبرد، وقوله: "والنعلين". ¬

_ (¬1) عبادة بن نَسي الكندي، أبو عمر الشامي، قاضي طبرية، ثقة، فاضل، من الثالثة، مات سنة ثمان عشرة. التقريب 1/ 395.

بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَنِ الْمُغِيرَةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَلَيْسَ بِالْمُتَّصِلِ وَلَا بِالْقَوِيِّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. === قلت: هذا الموافق لحديث ابن عباس السابق في المسح على النعلين، والله تعالى أعلم. وأولوه بأنه لبس النعلين فوق الجوربين، وقيل: مسح على الجوربين والنعلين جميعًا إلا أنه مسح على كل منهما بانفراده. "لا يحدث بهذا الحديث" ويراه ضعيفًا شاذًّا. قوله: "وليس بالمتصل" لأنه من رواية الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى، ولم يثبت سماعه منه، وقوله: "ولا بالقوي" أي لأنه روى عن الضحاك عيسى بن سنان، وقد ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم (¬1). ¬

_ (¬1) عيسى بن سنان الحنفي، أبو سنان القسملي الفلسطيني، سكن البصرة في القسامل ينسب إليهم , روى عن وهب بن منبه ويعلي بن شداد وغيرهم , وعنه الحمادان وعيسى بن يونس ... قال ابن معين: لين الحديث , وقال أبو زرعة: مخلط ضعيف الحديث , وقال النسائي: ضعيف وذكره ابن حبان في الثقات. تهذيب التهذيب 8/ 211، 212.

باب

باب 160 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ - قَالَ عَبَّادٌ - قَالَ: أَخْبَرَنِي أَوْسُ بْنُ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَدَمَيْهِ»، وَقَالَ عَبَّادٌ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى كِظَامَةَ قَوْمٍ - يَعْنِي الْمِيضَأَةَ - وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ الْمِيضَأَةَ وَالْكِظَامَةَ ثُمَّ اتَّفَقَا فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَدَمَيْهِ». === باب 160 - "كظامة قوم" بكسر الكاف فظاء معجمة وميم، قيل: أريد به الكناسة، وقيل: هي كالقناة، وهي آبار تحفر في الأرض متناسقة، ويخرق بعضها إلى بعض فتجتمع مياهها جارية، ثم تخرج عند منتهاها فتسيح على وجه الأرض. والحديث يدل على المسح على النعلين، فيحمل على ما إذا كان النعل فوق الخف أو على الوضوء، وقد جاء فيه الاكتفاء بالمسح، والله تعالى أعلم. وكذا يحمل ما روي عن ابن عمر أنه كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه مسح على ظهور نعليه بيديه، ويقول: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصنع هكذا، أخرجه الطحاوي والبزار (¬1) - على أنه كان في وضوء متطوع به لا واجب عليه، وما جاء عن رفاعة بن رافع أنه صلى الله تعالى عليه وسلم مسح برجليه، أخرجه الطحاوي والطبراني في الكبير (¬2) -يحمل على المسح على الخفين، والله تعالى أعلم. ثم إنهم تكلموا في هذه الأحاديث أيضًا. ¬

_ (¬1) الطحاوي في شرح معاني الآثار في باب المسح على النعلين 1/ 97، ورد البزار نحوه في المسح على الخفين عن ابن عمر 1/ 155 (304). (¬2) الطبراني في الكبير 5/ 37 (4525)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 97.

باب كيف المسح

بَابُ كَيْفَ الْمَسْحُ 161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: ذَكَرَهُ أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ»، وَقَالَ غَيْرُ مُحَمَّدٍ: «عَلَى ظَهْرِ الْخُفَّيْنِ». 162 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ === بَابُ كَيْفَ الْمَسْحُ 161 - "البزاز" بزاي معجمة مكررة. 162 - "لكان أسفل الخف": الظاهر أن الأسفل هو اللاصق بالأرض، وعليه حمله غير واحد، لكن قيل: وعلى هذا لا تظهر أولوية مسح الأسفل لو كان الدين بالرأي؛ لأن غسل الرجل في الوضوء ليس لإزالة الخبث، بل الحدث، وأسفل الخف وأعلاه سواء في ذلك، فينبغي أن يحمل الأسفل على ما يلاقي البشرة؛ لأنه أسفل من الوجه الأعلي المحاذي للسماء. قلت: هذا إن أريد بالرأي إعطاء حكم الشيء لمجاوره، وإن أريد ما يري فيه المصلحة ويلائمها فالأسفل بمعنى ما يلاصق الأرض يناسبه المسح بالرأي بهذا المعنى، إذ الإنسان ربما يرى المصلحة في مسحه لإزالة ما يلاصقه من التراب وغيره بخلاف ظاهره، وأيضًا قد يرى الإنسان أن الأسفل قد اجتمع فيه الخبث مع الحدث فهو أولى، أو يرى أن هذا المسح ليس لإزالة الحدث؛ إذ اتصاف الخف

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ». 163 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْأَعْمَشِ - بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالَ: «مَا كُنْتُ أَرَى بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ إِلَّا أَحَقَّ بِالْغَسْلِ، حَتَّى» رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ". 164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ، لَكَانَ بَاطِنُ الْقَدَمَيْنِ أَحَقَّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا، وَقَدْ «مَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ» وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: كُنْتُ أَرَى أَنَّ بَاطِنَ الْقَدَمَيْنِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِهِمَا حَتَّى «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا»، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي الْخُفَّيْنِ وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، كَمَا رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَرَوَاهُ أَبُو السَّوْدَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ ظَاهِرَ قَدَمَيْهِ»، وَقَالَ: «لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. === بالحدث غير معهود فيرى أن الأسفل أولى، والله تعالى أعلم. 163 - قوله: "ما كنت أرى" بضم الهمزة أي أظن فيه إطلاق القدم على الخف والمسح والغسل على المسح، وجمع المصنف رحمه الله هذه الروايات في هذا الباب توضيحًا للحرام وإزالة لما يتوهم من بعضها من جواز مسح القدمين، فرحمه الله تعالى ما أدق نظره في التهذيب والترتيب.

165 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ === 165 - قوله: "وبلغني أنه لم يسمع ... " إلخ: أجاب العيني في شرح الهداية وغيره بأن البيهقي أثبت سماعه وصرح بأن ثورًا قال: حدثنا رجاء. وما قالوا في تضعيف هذا الحديث من أن كاتب المغيرة أرسله أو أن الوليد مدلىس؛ فيرده رواية الكتاب لما فيها من ذكر المغيرة فلا إرسال، والتصريح بأن الوليد قال: أخبرني ثور فلا تدليس (¬1). وقيل: كاتب المغيرة مجهول ورد بأنه مولى المغيرة اسمه وراد، وقد صرح ابن ماجه باسمه وكنيته أبو سعيد روى عنه الشعبي وغيره (¬2). ولذلك قال الشافعي وغيره أن مسح أسفل الخفين مستحب. وقال العيني: وعن هذا قال صاحب البدائع: المستحب عندنا الجمع بين ظاهره وباطنه، وهو مقتضى القياس؛ لأنه بدل عن الغسل، والشرع قد ورد بالظاهر والباطن جميعًا اهـ. قلت: واستدلال بعض العلماء على عدم مسح الأسفل. بقول علي: لو "كان الدين بالرأي" ... إلخ غير ظاهر، لأنه لنفي الافتراض على معنى لكان ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن 1/ 290 , 291. (¬2) رواه الثقفي، أبو سعيد، ويقال: أبو ورد الكوفي كاتب المغيرة ومولاه، روى عن المغيرة، ووفد على معاوية. روي عنه الملك بن عمير والشعبي والمسيب بن رافع ورجاء بن حيوة (راوي الحديث) وعطار بن السائب وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات , وهو ثقة من الثالثة. التقريب 2/ 330، والتهذيب 11/ 12.

باب في الانتضاح

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، مَسَحَ أَعْلَى الْخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ ثَوْرُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَجَاءٍ. بَابٌ فِي الِانْتِضَاحِ 166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْحَكَمِ الثَّقَفِيِّ أَوِ الحَكَمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا بَالَ يَتَوَضَّأُ وَيَنْتَضِحُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَافَقَ سُفْيَانَ جَمَاعَةٌ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَكَمُ أَوْ ابْنُ الْحَكَمِ. === أسفل الخف أولى بفرضية المسح ولزومه، إذ المقصود أنه لو كان بالرأي؛ لأعطى وظيفة ظاهر الخف للباطن ووظيفة الظاهر فرضية المسح. وقوله: "وقد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" لبيان أن الذي يداوم عليه ولا يتركه هو الظاهر، فإذًا إذا ثبت مسح الأسفل أحيانًا ينبغي القول باستحبابه كما قال الفاضل العيني نقلًا عن البدائع، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الِانْتِضَاحِ 166 - قوله: "عن سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان" (¬1) التردد بين الاسمين واحد، وقوله: "وينتضح" قيل: هو الاستنجاء بالماء، وقيل: رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء ليدفع به وسوسة الشيطان، وعليه الجمهور. ¬

_ (¬1) الحكم بن سفيان وقيل: سفيان بن الحكم، قيل: له صحبة، لكن في حديثه اضطراب 1/ 190.

باب ما يقول الرجل إذا توضأ

167 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ نَضَحَ فَرْجَهُ». 168 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ أَوْ ابْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَنَضَحَ فَرْجَهُ». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ 169 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُدَّامَ أَنْفُسِنَا، نَتَنَاوَبُ الرِّعَايَةَ - رِعَايَةَ إِبِلِنَا - فَكَانَتْ عَلَيَّ رِعَايَةُ الْإِبِلِ، فَرَوَّحْتُهَا بِالْعَشِيِّ، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا قَدْ === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَوَضَّأَ 169 - قوله: "خُدَّامَ" كحكام جمع خادم، و"الرعايةَ" بكسر الراء، وقوله: "فكانتْ عَلَيَّ" بتشديد الياء، وقوله: "فروحتها" بتشديد الواو أي رددتها إلى المراح، وهو مأواها ليلًا "بالعشي" آخر النهار. وقوله: "فيحسن الوضوء": هو الإسباغ مع مراعاة الآداب بلا إسراف، وقوله: "يقبل ... " إلخ: الإقبال بالقلب هو أن لا يغفل عنهما: لا يتفكر في أمر

أَوْجَبَ»، فَقُلْتُ: بَخٍ بَخٍ، مَا أَجْوَدَ هَذِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ الَّتِي قَبْلَهَا: يَا عُقْبَةُ، أَجْوَدُ مِنْهَا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: مَا هِيَ يَا أَبَا حَفْصٍ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ آنِفًا قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ: " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ وُضُوئِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا === لا يتعلق بهما , ويصرف نفسه عنه مهما أمكن، والإقبال بالوجه أن لا يلتفت به إلى جهة لا تليق بالصلاة الالتفات إليها، ومرجعه إلى الخشوع والخضوع، فإن الخشوع في القلب والخضوع في الأعضاء. وقوله: "فقد أوجب" وفي رواية لمسلم: "إلا وجبت له الجنة" وهي ظاهرة، وأما رواية الكتاب فتحتاج إلى تأويل: إما في الأول بأن يقال: ما من أحد ... إلخ بمنزلة كل أحد يفعل ذلك، وهو مبتدأ، وقوله: "فقد أوجب" خبر له، أو في الثاني بأن يقال: تقديره إلا إذا فعل ذلك فقد أوجب لنفسه الجنة، وإما بدون التأويل فلا تصح الفاء في قوله: "فقد أوجب"، ولا المعنى إذ يصير المعنى ليس أحد فاعل لهذه الأفعال أوجب لنفسه الجنة، وهو قلب المقصود فتأمل. وقوله: "بخ بخ" كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء وتكرر للمبالغة، يجوز فيهما الإسكان والكسر مع التنوين والتخفيف، وبالكسر دون تنوين، وبضم الخاء مع التنوين والتشديد، وقيل: المختار تنوين الأولى وتسكين الثانية إذا تكرر. وقوله: "آنفًا" بالمد وكسر النون أي قريبًا، وهو ظرف، وقوله: "ثم يقول" زاد ابن ماجه: "ثلاث مرات" (¬1) , وقوله: "وأن محمدًا" , ولفظ مسلم: ¬

_ (¬1) ابن ماجه في الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء (469).

شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ "، قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَحَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. 170 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ حَيْوَةَ وَهُوَ ابْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الرِّعَايَةِ، قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ: «فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ»، ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ. === "وأشهد أن محمدًا" (¬1)، وزاد الترمذي بعد الشهادتين: "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" (¬2). وقوله: "يدخل من أيها شاء" أي تشريفًا له، وإن كان لا يوقف للدخول من باب الريان إن لم يكن من الصائمين؛ فلا ينافي الحديث ما جاء من خصوص الريان بالصائمين. 170 - قوله: "عن أبي عقيل" بفتح العين. "ثم رفع نظره" في جميع الذكر أو في ابتدائه، وهذا يختص بالبصير أو يعمه والأعمى ليأتي بالقدر الممكن، كذا قيل. قلت: رفع النظر حققة لا يكون من أعمى إلا أن يقال: المراد جعل الوجه إلى السماء إذ هو طريق رفع النظر، وإلا فلا يرفع النظر، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مسلم في الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء (234/ 17). (¬2) الترمذي في أبواب الطهارة باب ما يقال بعد الوضوء (55).

باب الرجل يصل الصلوات بوضوء واحد

بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ 171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: مُحَمَّدٌ هُوَ أَبُو أَسَدِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنِ الْوُضُوءِ، فَقَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ». 172 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي رَأَيْتُكَ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ، قَالَ: «عَمْدًا صَنَعْتُه». بَابُ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ 173 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، === بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ 171 - قوله: "كنا نصلي الصلوات ... " إلخ وبهذا أو بما سيجيء يتبين أن المراد بقوله تعالى: {إذا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاة} أي وأنتم محدثون. 172 - قوله: "إني رأيتك ... " إلخ أي فهل فعلت هذا الفعل الغير المعتاد عمدًا أو شهوًا، وبه يطابق الجواب. بَابُ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ 173 - قوله: "فأحسن وضوءك" أي تممه، فهذا يدل على جواز التفريق،

أَنَّهُ سَمِعَ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ تَوَضَّأَ وَتَرَكَ عَلَى قَدَمِهِ مِثْلَ مَوْضِعِ الظُّفْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ وَحْدَهُ»، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، قَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ». 174 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَحُمَيْدٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَعْنَى قَتَادَةَ. 175 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّ وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ، لَمْ يُصِبْهَا === وإلا لقال: أعد، لا أحسن وضوءك، إلا أن يقال: يحتمل أنه قال: أحسن للتنييه على أن لا يكون المعاد مثل هذا ويوافقه حديث: "ويل للأعقاب من النار؛ أسبغوا الوضوء" (¬1). 175 - وقوله: "أن يعيد الوضوء" هذا يدل على وجوب الاتصال وعدم جواز التفريق، إلا أن يقال: التعبير بالإعادة للمشاكلة، وإلا فالمراد أن يحسن ¬

_ (¬1) البخاري في الوضوء (165) عن أبي هريرة، ومسلم في الطهارة (241/ 26)، والترمذي في أبواب الطهارة (41)، وابن ماجه في الطهارة وسننها (450) عن عبد الله بن عمرو.

باب إذا شك في الحدث

الْمَاءُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ». بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ 176 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «لَا يَنْفَتِلْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا». 177 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ، أَحْدَثَ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ، فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ === الوضوء ويعيد الصلاة توفيقًا بين الحديثين. ونقل عن النووي أنه ضعف الحديث، والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ 176 - قوله: "شكي" على بناء المفعول ورفع الرجل هو الظاهر، ويحتمل بناء الفاعل على أن ضميره يرجع إلى العم , أو على أن الرجل هو الفاعل، والوجه الأخير لا يناسب "لا ينفتل" بالغيبة بل اللائق به الخطاب. وقوله: "حتى يسمع ... " إلخ، معناه حتى يتيقن الحدث، ولم يرد به ظاهره فقد يكون أصم لا يسمع أو أخشم لا يجد الريح. 177 - قوله: "أحدث أو لم يحدث" أي فشك أأحدث. . . إلخ , وقوله:

باب الوضوء من القبلة

فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا». بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ 178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَهَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ مُرْسَلٌ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ يُكْنَى أَبَا أَسْمَاءَ. === "فأشكل عليه" أي حكم وضوئه وصلاته بسبب هذا الشك , وقيل: فيه تقديم وتأخير، والتقدير أشكل عليه أحدث أو لم يحدث، وهو بعيد لا يناسبه فاء فأشكل، فافهم. بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ 178 - قوله: "هو مرسل" قال الدارقطني في العلل: قد جاء موصولًا عن إبراهيم عن أبيه عن عائشة، وبالجملة فقد رواه البزار بإسناد وحسنه، فالحديث حجة ويوافقه حديث مسلم في مس عائشة رجلي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في السجود (¬1) , ولذلك حمله الشافعية على أن عدم نقض الوضوء بالمس من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لكن الأصل هو العموم، والله تعالى أعلم. قوله: "قال يحيى: احك عني أنهما" هذا تكرار للأولى لبعد العهد , وقوله: "شبه لا شيء" خبر: "أن هذين". ¬

_ (¬1) مسلم في الصلاة (512/ 267 - 272).

باب الوضوء من مس الذكر

179 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»، قَالَ عُرْوَةُ: مَنْ هِيَ إِلَّا أَنْتِ؟ فَضَحِكَتْ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رَوَاهُ زَائِدَةُ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ. 180 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَخْلَدٍ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَغْرَاءَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، أَخْبَرَنَا أَصْحَابٌ لَنَا، عَنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ لِرَجُلٍ احْكِ عَنِّي أَنَّ هَذَيْنِ يَعْنِي حَدِيثَ الْأَعْمَشِ هَذَا، عَنْ حَبِيبٍ، وَحَدِيثَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ «فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهَا تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» قَالَ يَحْيَى: احْكِ عَنِّي أَنَّهُمَا شِبْهُ لَا شَيْءَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: مَا حَدَّثَنَا حَبِيبٌ، إِلَّا عَنْ عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ يَعْنِي لَمْ يُحَدِّثْهُمْ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بِشَيْءٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَى حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ حَدِيثًا صَحِيحًا. بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ 181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَذَكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا عَلِمْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ

باب الرخصة في ذلك

مَرْوَانُ: أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ». بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 182 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ»، أَوْ قَالَ: «بَضْعَةٌ مِنْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وجَرِيرٌ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ. === بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 182 - قوله: "إلا مُضْغة" بضم الميم وسكون الضاد المعجمة ثم غين معجمة قطعة من اللحم، وبضعة بفتح الموحدة وعين مهملة بمعناها وهو شك من الراوي، وصنيع "المصنف" يشير إلى ترجيح الأخذ بهذا الحديث حيث أخر هذا الباب، وسماه باب الرخصة، والرخصة بعد العزيمة، ويؤخذ بالمتأخر، وذلك لأنه بالتعارض حصل الشك في النقض والأصل عدمه فيؤخذ به. وفي التسمية إشارة إلى أن العمل بالأول لا يخلو عن احتياط، وبالثاني جائز، وقيل: يمكن تأويل حديث بسرة بأن يجعل من الذكر كناية عن البول؛ لأنه غالبًا يرادف خروج الحدث منه، ودعوى أن حديث قيس بن طلق منسوخ لا تعويل عليه، والله تعالى أعلم.

باب الوضوء من لحوم الإبل

183 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَقَالَ: فِي الصَّلَاةِ. بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ 184 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: «تَوَضَّئُوا مِنْهَا» وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: «لَا تَوَضَّئُوا === بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ 184 - قوله: "توضؤوا منها" حمل الجمهور الوضوء في الحديث على غسل اليد، والأمر لتأكيد الاستحباب، والنهي في الثاني لإفادة عدم التأكيد، وذلك لقوة رائحة لحم الإبل وزفورته، وكان الداعي لهم إلى التأويل أنه لم يعلم استحباب الوضوء الشرعي مما مسته النار بعد أن نسخ وجوبه، فالاستحباب لا يتم إلا بالنسبة إلى غسل اليدين فيحمل الحديث عليه. قال النووي (¬1): وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما غيرت النار" (¬2)، ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوه من لحوم الإبل خاص والخاص، مقدم على العام. قلت: بحثه لا يرد على علمائنا الحنفية؛ لأنهم لا يقولون بتقديم الخاص على ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 3/ 122. (¬2) النسائي في الطهارة 1/ 180، والترمذي في أبواب الطهارة (80).

مِنْهَا»، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: «لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ» وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: «صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ». === العام، لكن الشأن في عموم ترك الوضوء مما غيرت النار؛ لأن قوله: "مما غيرت النار" إن كان متعلقًا بالوضوء يكون رفعًا للإيجاب الكلي، أي ترك أن يتوضأ من كل ما مسته النار، وهذا لا ينافي الوضوء من بعض ما مسته النار، وإن كان متعلقًا بالترك يكون سلبًا كليًّا، أي ترك من كل ما مسته النار الوضوء، واللفظ محتمل فلا دليل فيه بل حمله على المعنى الأول دفعًا للتعارض وتوفيقًا بقدر الإمكان. على أن حديث الوضوء من لحم الإبل ظاهر في بناء الوضوء من لحم الإبل بعد نسخ الوضوء مما مسته النار، وأن الوضوء من لحم الإبل لم ينسخ حين نسخ الوضوء مما مسته النار، فالقول بنسخه بعيد، ثم قد يقال: لو فرض عموم النسخ في قوله: "ترك الوضوء مما مسته النار، فلا تعارض أيضًا، إذ المتعارف في مثل ترك الوضوء مما مسته النار أنه نسخ الوضوء عنه من حيث كونه مما مسته النار، وهذا لا ينافي الوضوء عن بعضه بسبب آخر، ولا يخفى أن الوضوء من لحم الإبل لو كان لما كان لكونه مما مسته النار وهذا ظاهر، والله تعالى أعلم. وسيجيء في كلام "المصنف" الإشارة إلى رد عموم هذا الحديث بوجه آخر، والله تعالى أعلم. "ومبارك الإبل" هي المواضع التي تبرك فيها، ومعنى كونها من الشياطين أنها معدودة من جنس الشياطين في التشويش على الإنسان. "ومرابض الغنم" مأواها، ومعنى كونها بركة أنها خير محض لا ضرر معها، والله تعالى أعلم.

باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله

بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ وَغَسْلِهِ 185 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَأَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ الْمَعْنَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ مَيْمُونٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، قَالَ هِلَالٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَالَ أَيُّوبُ، وَعَمْرٌو: أُرَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِغُلَامٍ وَهُوَ يَسْلُخُ شَاةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ» فَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَدَحَسَ بِهَا حَتَّى تَوَارَتْ إِلَى الْإِبِطِ، ثُمَّ مَضَى فَصَلَّى لِلنَّاسِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ، يَعْنِي لَمْ يَمَسَّ مَاءً، وَقَالَ: عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، لَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَعِيدٍ. بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النِّيءِ وَغَسْلِهِ 185 - قوله: "يسلخ" بفتح اللام وضمها أي ينزع جلدها. وقوله: "تَنَحَّ" بتاء ونون ومهملة مشددة مفتوحات أي تبعد عن مكانك. وقوله: "أرِيك" من الأراءة أي أعلمك، وقوله: "فدحس" بمهملات مفتوحات من الدحس بسكون الحاء، وهو إدخال اليدين بين جلد الشاة ولحمها، "حتى توارت" أي استترت بالجلد.

باب ترك الوضوء من [مس] الميتة

بَابُ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ [مَسِّ] الْمَيْتَةِ 186 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ === بَابُ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ [مَسِّ] الْمَيْتَةِ 186 - قوله: "بالسوق" هي تذكر وتؤنث، سميت سوقًا لقيام الناس غالبًا فيها على سوقهم، أو لأن المبيعات تساق إليها، و "العالية" قرى بأعلى المدينة، و"كنفتيه" بكاف ونون وتاء مثناة من فوق مفتوحات ثم مفتوحات ثم مثناة من تحت ساكنة أي جانبية، ونصبه على الظرفية وهو خبر المبتدأ، و"الجدي" بفتح الجيم الذكر من أولاد المعز، "أسكّ" بتشديد الكاف أي صغير الأذنين ولاصقهما بالرأس من الصغر أو مقطوعهما. وقوله: "ساق الحديث ... " إلخ وهو: "أن هذا له بدرهم، فقالوا: لا يحبه أحد بشيء فإنه ميت ومعيوب، فقال: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم" (¬1)، ولعل دلالة الحديث بأن لو كان تناوله ناقضًا للوضوء لكان، والظاهر عدم التناول لضعف الداعي، لأن المطلوب يحصل بدون التناول أيضًا فحين تناول مع ضعف الداعي، علم أنه لم ينقض الوضوء، نعم قد يقال لعله ما ¬

_ (¬1) أحمد 1/ 329 عن ابن عباس، 2/ 338 عن أبي هريرة، ومسلم في الزهد والرقائق (2957/ 2) عن جابر، والترمذي في الزهد (2321) عن المستورد بن شداد وقال: وفي الباب عن جابر , وابن عمر، وحديث المستورد حديث حسن.

باب في ترك الوضوء مما مست النار

بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابٌ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ 187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ». 188 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: ضِفْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ، وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ، قَالَ: فَجَاءَ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، قَالَ: فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ: «مَا لَهُ تَرِبَتْ === كان متوضئًا، وبالجملة دلالة الحديث على الترجمة لا يخلو عن خفاء، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ 188 - قوله: "ضفت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" بكسر الضاد المعجمة وسكون الفاء أي نزلت عليه ضيفًا، و"الجنب" بفتح الجيم وسكون النون أي بشق شاة، وقوله: "فشوي" بضم المعجمة وتخفيف الواو، و"الشفرة" بفتح معجمة وسكون فاء هي السكين أو العظيمة أو العريضة، وقوله: "يحزُّ" بضم المهملة ومعجمة مشددة أي يقطع. و"آذنه" عنه بالمد والتخفيف أي أعلمه، و "تربت يداه": كلمة تقولها العرب عند اللوم، وأصلها الدعاء بالفقر أي التصقت بالتراب للفقر، وكأنه كره التعجيل

يَدَاهُ» وَقَامَ يُصَلِّ، زَادَ الْأَنْبَارِيُّ: «وَكَانَ شَارِبِي وَفَى فَقَصَّهُ لِي عَلَى سِوَاكٍ» أَوْ قَالَ: «أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ؟ ». 189 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِفًا، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِمِسْحٍ كَانَ تَحْتَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى». 190 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَشَ مِنْ كَتِفٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ». 191 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَثْعَمِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «قَرَّبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلَ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ === لشغله بأمر الضيف. وقوله: "وَفَى" أي طال وكثر شعره، وقوله: "فقصه" أي قطع ما ارتفع من الشعر فوق السواك، أي وضع السواك تحت الشارب وقص عليه -كما في رواية البيهقي، وفي الحديث دلالة على قص الشارب لا إحفاؤه، والله تعالى أعلم. 189 - قوله: "بمسح" بكسر الميم وسكون سين وحاء مهملتين: ثوب من الشعر غليظ. 190 - قوله: "انتهس" افتعال من النهس بفتح فسكون وسين مهملة هو الأكل بمقدم الأسنان، وأما بالمعجمة فبجميع الأسنان والأضراس.

فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ طَعَامِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ». 192 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ أَبُو عِمْرَانَ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا اخْتِصَارٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. 193 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ === 192 - قوله: "ترك الوضوء" قيل: الحكمة في الأمر بالوضوء مما مست النار في أول الإسلام ما كانوا عليه من قلة التنظيف في الجاهلية، فلما تقررت النظافة وشاعت في الإسلام نسخ الوضوء تيسيرًا على المؤمنين. قوله: "وهذا اختصار من الحديث الأول" نقل عن فتح الباري معناه. قوله: "كان آخر الأمرين" ليس المراد بالأمر فيه مقابل النهي، وإنما المراد به الشأن والحال. وشأن الثاني في الحديث الأول أنه أكل اللحم ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. اهـ. وحاصل كلام المصنف أنه حكاية للفعل المذكور في الحديث الأول , إلا أنه نقل القصة السابقة بطريق الاختصار، ففيه رد على من ادعى عموم هذا الحديث؛ لأن حكاية الفعل لا تعمم، والحق أنه لو لم يكن حكاية لذلك الفعل بعينه لكان مبنيًّا على بعض ما شاهد من أحواله , فالقول بنسخ الوضوء من لحم الجزور لا يخلو عن إشكال، والله تعالى أعلم. 193 - قوله: "ابن السرح" بفتح السين وسكون راء وحاء مهملات.

باب التشديد في ذلك

قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: ابْنُ أَبِي كَرِيمَةَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ ثُمَامَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مِصْرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ أَوْ سَادِسَ سِتَّةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ رَجُلٍ، فَمَرَّ بِلَالٌ فَنَادَاهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجْنَا فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ وَبُرْمَتُهُ عَلَى النَّارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطَابَتْ بُرْمَتُكَ»، قَالَ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَتَنَاوَلَ مِنْهَا بَضْعَةً، فَلَمْ يَزَلْ يَعْلُكُهَا حَتَّى أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ. بَابُ التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 194 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، === و"كريمة" بفتح الكاف. وقوله: "من خيار المسلمين" يريد عبد الملك، و "ثمامة" بضم المثلثة , و "عبد الله بن ثمامة" قيل: مجهول الحال. قلت: ولعل "المصنف" اطلع على حاله فسكت عن حديثه. "وابن جزء" بفتح الجيم وسكون المعجمة بعدها همزة. قوله: "برمته" بضم الموحدة وسكون الراء: القدر مطلقًا أو من الحجارة. و"يعلكها" بضم اللام وكسرها أي يمضغها، وقيل: العلك ومضغ ما لا يطاوع الإنسان. بَابُ التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 194 - قوله "الوضوء ... " إلخ. لفظه خبر ومعناه الأمر، كذا قيل. وهو

باب [في] الوضوء من اللبن

عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوُضُوءُ مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ». 195 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ فَسَقَتْهُ قَدَحًا مِنْ سَوِيقٍ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي أَلَا تَوَضَّأُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَوَضَّئُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ» أَوْ قَالَ: «مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ يَا ابْنَ أَخِي. بَابٌ [فِي] الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ 196 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَمَضْمَضَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ لَهُ دَسَمًا». === الموافق لحديث الوضوء الآتي , ويحتمل أن يقدر: يجب الوضوء أو الوضوء واجب مما أنضجته النار، فيكون خبرًا على ظاهره، وكذا لو قدر: ينتقض الوضوء، غاية الأمر أن النقض في النظر إلى السابق والوجوب بالنظر إلى اللاحق. بَابٌ [فِي] الْوُضُوءِ مِنَ اللَّبَنِ 196 - قوله: "إن له دسَمًا" بفتحتين: الودك، وقيل: يجوز سكون الثاني وهذه الجملة إشارة إلى علة المضمضة من اللبن.

باب الرخصة في ذلك

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 197 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ مُطِيعِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا، فَلَمْ يُمَضْمِضْ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَصَلَّى»، قَالَ زَيْدٌ: دَلَّنِي شُعْبَةُ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ. بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ 198 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ - فَأَصَابَ === بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 197 - قوله: "على هذا الشيخ" أي مطيع، وفيه إشارة إلى رد ما قيل إنه مجهول , وبيان لسبب سكونه علي حديثه بأن شعبة لا يروي إلا عن ثقة؛ فلا يدل غيره إلا على ثقة، فدلالة شعبة عليه تدل على توثيقه، والله تعالى أعلم. بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الدَّمِ 198 - قوله: "عقيل بن جابر" بفتح العين: أبو جابر الصحابي المشهور، ذكره ابن حبان في الثقات (¬1)، وقال الحاكم: هو أحسن حالًا من أخويه محمد وعبد الرحمن. ¬

_ (¬1) ابن حبان في الثقات 5/ 272.

رَجُلٌ امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَحَلَفَ أَنْ لَا أَنْتَهِيَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمًا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا؟ فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «كُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ»، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ اضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ، وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّ، وَأَتَى الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى شَخْصَهُ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةٌ لِلْقَوْمِ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ، حَتَّى رَمَاهُ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ انْتَبَهَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُمْ قَدْ نَذِرُوا بِهِ هَرَبَ، وَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنَ الدَّمِ، === قوله: "فأصاب رجلٌ" أي من المسلمين كما في رواية البيهقي وغيره، وقوله: "أُهرِيقَ" بضم الهمزة وفتح الهاء وسكونها من أراق إلا أنه قد تزاد الهاء، وقوله: "يكلؤنا" بفتح اللام وضم الهمزة أي يحفظنا ويحرسنا، وقوله: "فانتدب" أي أجاب دعاءه، و"الشعب" بكسر المعجمة الطريق في الجبل، وقوله: "وأتى الرجل" أي زوج المرأة كما في رواية البيهقي وغيره، وقوله: "شخصه" أي شخص الأنصاري، و"ربيئة" بفتح الراء وسكون الموحدة وياء ساكنة وهمزة بعدها هي الرقيب الجاسوس، والمراد بالقوم هم المسلمون. وقوله: "نذروا به" بفتح نون وكسر ذال معجمة، أي شعروا به وعلموا بمكانه , و "ألا" في قوله: "ألا أنبهتني" بفتح الهمزة وتشديد اللام: حرف تحضيض في المضارع وتنديم في الماضي. ووجه الاستدلال أن مثل هذه الواقعة لا تخفى عليه صلى الله تعالى عليه وسلم، فلو كان الدم ناقصًا للوضوء لنهى الناس عن المضي في الصلاة، وأمر

باب في الوضوء من النوم

قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَلَا أَنْبَهْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَى، قَالَ: كُنْتَ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا. بَابٌ فِي الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ 199 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «لَيْسَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ». === ذلك الرجل بإعادة الصلاة مثلًا، ولو كان شيء من ذلك لروي ولم يرو، فدل على عدم النقض، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ 199 - قوله: "شغل عنها" أي عن صلاة العشاء، والقرينة المتأخرة تغني عن تقدم المرجع كما في قولك قال الله تعالى وأمثاله، ثم هذا الحديث يفيد أن النوم مطلقًا ليس بناقض، وسيجيء ما يفيد أنه ناقض في الجملة، فيحمل ذلك على نوم له نوع كمال حملًا للمطلق على الكامل، ويحمل هذا النوم على النوم الناقص وهو النوم جالسًا على بعض الهيئات مثلًا كما هو مقتضى حال انتظارهم الصلاة، ولكل إمام تفصيل في اعتبار الكمال والنقصان حسب ما بدا له بالنظر والقرائن، والله تعالى أعلم.

200 - حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ فِيهِ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا نَخْفِقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظٍ آخَرَ. 201 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي حَاجَةً، «فَقَامَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ، أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ وُضُوءًا». 202 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === 200 - قوله: "شاذ" بذال معجمة مشددة، و"فياض" (¬1) كغلام. قوله: "تخفق" بخاء معجمة ثم فاء مكسورة أي تسقط أذقانهم على صدورهم، من خفق الرجل إذا حرك رأسه وهو ناعس. 201 - قوله: "فقام يناجيه" من المناجاة أي يكلمه سرًّا. 202 - قوله: "وكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم محفوظًا" أي من أن ¬

_ (¬1) شاذ بن فياض: أبو عبيدة اليشكري البصري، كان اسمه هلال فغلب عليه شاذ، صدوق، له أوهام وأفراد" من العاشرة. التقريب 1/ 345.

كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: صَلَّيْتَ وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْتَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا»، زَادَ عُثْمَانُ، وَهَنَّادٌ: فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَوْلُهُ: «الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ وَرَوَى أَوَّلَهُ جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ هَذَا، وَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»، وَقَالَ شُعْبَةُ: إِنَّمَا سَمِعَ قَتَادَةُ، مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: حَدِيثَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، وَحَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّلَاةِ، وَحَدِيثَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، وَحَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ مِنْهُمْ عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَذَكَرْتُ حَدِيثَ يَزِيدَ الدَّالَانِيِّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَانْتَهَرَنِي اسْتِعْظَامًا لَهُ، وَقَالَ: «مَا لِيَزِيدَ الدَّالَانِيِّ يُدْخِلُ عَلَى أَصْحَابِ قَتَادَةَ، وَلَمْ يَعْبَأْ بِالْحَدِيثِ». 203 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، === يخرج منه شيء ولم يعقل، أو من أن لا يعقل بشيء خرج منه، وليس المعنى وكان محفوظًا من الخروج كما لا يخفى، ثم غرض "المصنف" بهذا الكتاب بيان أن هذا الكلام -أعني "إنما الوضوء على من نام مضطجعًا" كما لا يصح إسنادًا لا يصح بحسب محله؛ لأن محل الكلام أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وبالنظر إليه الاضطجاع وغيره سواء. 203 - قوله: "وكاء السَّه العينان"، زاد الدارقطني والبيهقي: "فإذا نامت

باب في الرجل يطأ الأذى [برجله]

عَنِ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَحْفُوظِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وِكَاءُ السَّهِ الْعَيْنَانِ، فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَطَأُ الْأَذَى [بِرِجْلِهِ] 204 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنِي شَرِيكٌ، وَجَرِيرٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ === العين استطلق الوكاء" (¬1) وهو بكسر الواو والمد ما يشد به رأس القربة ونحوها، و "السه" بفتح السين وتخفيف الهاء من أسماء الدبر , جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة، كما أن القربة ما دامت مربوطة بالوكاء في اختيار صاحبها، كذلك الاست ما دام محفوظًا باليقظة باختيار الصاحب، وكنى بالعين عن اليقظة؛ لأن النائم لا عين له تبصر. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَطَأُ الْأَذَى [بِرِجْلِهِ] 204 - قوله: "كنا لا نتوضأ من موطئ" بفتح الميم وسكون الواو وكسر الطاء مهموز هو ما يوطأ من الأذى في الطريق، والمراد أنهم لا يعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم، لا أنهم لا يغسلون أرجلهم من الأذى، أو المراد النجاسة اليابسة وكانوا لا يغسلون الرجل من مسها، أو المراد الطين وكانوا لا يغسلون الرجل منه حملًا له على الطهارة؛ لأنها الأصل وعلى الوجهين الأخيرين المراد ¬

_ (¬1) الدارقطني 1/ 190، والبيهقي في الطهارة 1/ 118.

باب من يحدث في الصلاة

الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «كُنَّا لَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطِئٍ وَلَا نَكُفُّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي مُعَاوِيَةَ فِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَوْ حَدَّثَهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَالَ هَنَّادٌ، عَنْ شَقِيقٍ، أَوْ حَدَّثَهُ عَنْهُ. بَابُ مَنْ يُحْدِثُ فِي الصَّلَاةِ 205 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ». === بالوضوء اللغوي، وقوله: "ولا نكف ... " إلخ أي لا نقيهما من التراب ولا نصونهما من التلويث ولكن نرسلهما حتى يقعا على الأرض فيسجدا مع الأعضاء. بَابُ مَنْ يُحْدِثُ فِي الصَّلَاةِ 205 - قوله: "مسلم بن سلام" (¬1) بتشديد اللام. قوله: "فسا" بفتح الفاء غير مهموز، والاسم: الفساء بالضم والهمز والمد، ولعل من يقول بالبناء يحمله على العمد، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مسلم بن سلام الحنفي، أبو عبد الملك، مقبول، من الرابعة. التقريب 2/ 245.

باب في المذي

بَابٌ فِي الْمَذْيِ 206 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ الْحَذَّاءُ، عَنِ الرَّكِينِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ قَبِيصَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ ذُكِرَ لَهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْعَلْ إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ». 207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ === بَابٌ فِي الْمَذْيِ 206 - قوله: "الركين" بالتصغير، و"الربيع" (¬1) بفتح الراء، و "حصين" بالتصغير، و "قبيصة" (¬2) بفتح فكسر موحدة ثم تحتية. قوله: "مذَّاء" بالتشديد والمد كثير المذي، وقوله: "تشقق ظهري" أي حصل فيه شقوق من شدة ما حصل له من ألم البرد، و "المذي" بفتح فسكون أو كسر ذال وتشديد معروف، وقوله: "فضخت" بفاء فضاد وخاء معجمتين أي دفقت المني، وفيه أن المني إذا سال بنفسه من ضعف ولم يدفعه الإنسان فلا غسل عليه، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الركين بن الربيع بن عَمِيلة، الفزاري -أبو الربيع الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات سنة إحدى وثلاثين. (¬2) حصين بن قبيصة الفزاري الكوفي، ثقة، من الثانية. التقريب 1/ 183.

سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الرَّجُلِ إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ، فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ، مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ وَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَهُ، قَالَ الْمِقْدَادُ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ». 208 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ لِلْمِقْدَادِ وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا قَالَ فَسَأَلَهُ الْمِقْدَادُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِقْدَادِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 209 - حَدَّثَنَا. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَدِيثٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِلْمِقْدَادِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ وَجَمَاعَةٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَرَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِقْدَادِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ أُنْثَيَيْهِ. === 208 - قوله: "وأنثييه" قيل: غسلهما احتياطًا؛ لأن المذي ربما انتشر فأصاب الأنثيين، أو لتقليل المذي؛ لأن برودة الماء تضعفه، وذهب أحمد وغيره إلى وجوب غسل الذكر والأنثيين أخذًا بهذه الرواية، ولا شك في صحتها.

210 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ المَذْيِ شِدَّةً، وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنَ الِاغْتِسَالِ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ: «يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ، حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ». 211 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَعَنِ المَاءِ يَكُونَ بَعْدَ الْمَاءِ، فَقَالَ: «ذَاكَ الْمَذْيُ، === 210 - قوله: "ابن السَّباق" (¬1) بسين مهملة وموحدة مشددة وقاف، و "حنيف" للتصغير. قوله: "يجزيك" في الإجزاء أي يكفيك، وقوله: "فنضح" أي ترش، ومن يقول بالغسل يحمل على الغسل الخفيف، و "ترى" بضم التاء أي تظن أو فتحها أي تبصر. 211 - قوله: "فقال: ذاك المذي" أي ذاك الماء الذي يكون بعد الماء أي الذي يخرج شيئًا فشيئًا، ويستمر كذلك ولا يخرج دفعة بخلاف المني فإن يخرج دفعة، وقوله: "وكل فحل يمذي" بفتح الياء، وقوله: "فتغسل" بالرفع، وكذا توضأ ¬

_ (¬1) سعيد بن عبيد بن السَّبَّاق، الثقفي، أبو السباق المدني، ثقة، من الرابعة. التقريب 1/ 301.

وَكُلُّ فَحْلٍ يَمْذِي، فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِك فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ، وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ». 212 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ»، وَذَكَرَ مُؤَاكَلَةَ الْحَائِضِ أَيْضًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 213 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْيَزَنِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعْدٍ الْأَغْطَشِ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: === وأصله تتوضأ، والخبر بمعنى الأمر. 213 - قوله: "اليزنيُّ" (¬1) بفتح التحتية وزاي معجمة ونون، و"الأغطش" (¬2) بإعجام العين والشين بينهما مهملة، "قُرْط" بضم القاف وسكون الراء وطاء مهملة. ¬

_ (¬1) هشام بن عبد الملك بن عمران اليزني، أبو تَقي، الحمصي، صدوق، ربما وهم، من العاشرة , مات سنة إحدى وخمسين. التقريب 3/ 319. (¬2) سعد الأغطش ويقال: سعيد بن عبد الله الأغطش الخزاعي، روى عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، والهيثم بن مالك الطائي، وأرسل في أبي الدرداء، وعنه بقية وإسماعيل بن عياش ... روى له أبو داود حديثًا واحدًا -هو هذا الحديث- فيما يحل من الحائض لزوجها. قلت: وقال أبو داود عقبه: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في الثقات في التابعين وسماه سعيدًا، وقال عبد الحق: ضعيف. التهذيب 3/ 477.

باب في الإكسال

هِشَامٌ وَهُوَ ابْنُ قُرْطٍ - أَمِيرُ حِمْصَ - عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمَّا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: «مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَيْسَ هُوَ، يَعْنِي: الْحَدِيثَ بِالْقَوِيِّ. بَابٌ فِي الْإِكْسَالِ 214 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي بَعْضُ، مَنْ أَرْضَي، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ رُخْصَةً لِلنَّاسِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِقِلَّةِ الثِّيَابِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْغُسْلِ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْمَاءَ مِنَ المَاءِ. === قوله: "والتعفف عن ذلك أفضل" قيل: هذا يقوي ضعف الحديث فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يستمتع فوق الإزار (¬1)، وما كان ليترك الأفضل، وكذا الصحابة وغيرهم. قال السيوطي: لعله علم من حال السائل قوة شهوة فرأى أن الأفضل في حقه تركه لئلا يوقعه في محظور. بَابٌ فِي الْإِكْسَالِ 214 - قوله: "بعض من أرضى" قالوا: يشبه أن يكون هو أبا حازم. قوله: "الماء عن الماء" أي وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق، فالأول: الماء المطهر، والثاني: المني. ¬

_ (¬1) البيهقي في الطهارة في الغسل 1/ 204.

215 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْبَزَّازُ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ أَبِي غَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، «أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ، أَنَّ الْمَاءَ مِنَ المَاءِ، كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ». 216 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَرَاهِيدِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ». 217 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَاءُ مِنَ المَاءِ»، وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. === 215 - قوله: "أن الماء من الماء" بكسر همزة أن على الحكاية بدل من الفتيا، أو خبر لمحذوف أي هي أن الماء من الماء. 216 - قوله: "بين شعبها الأربع" بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة أي نواحيها، قيل: يداها ورجلاها، وقيل: نواحي الفرج الأربع، وضمير قعد للواطئ , ضمير شعبها للمرأة، وأحيل التعيين إلى قرينة المقام، فهذا كناية عن الإيلاج.

باب في الجنب يعود

بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَعُودُ 218 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَمَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ 219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَمَّتِهِ سَلْمَى، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ، يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ»، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا، قَالَ: «هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَصَحُّ مِنْ هَذَا. === بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَعُودُ 218 - قوله: "في غسل واحد" يحتمل أنه كان يتوضأ عقب الفراغ من كل واحدة، ويحتمل ترك الوضوء لبيان الجواز، والله تعالى أعلم. بَابُ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ 219 - قوله: "حديث أنس أصح" إن صح هذا الثاني فلا منافاة بينهما، فيحمل على أن كلًّا منهما كان في وقت، ومحمل الحديثين على عدم وجوب القسم عليه أو على أنه كان برضاهن.

باب [في] الجنب ينام

220 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ، فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا». بَابٌ [فِي] الْجُنُبِ يَنَامُ 221 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ». بَابُ الْجُنُبِ يَأْكُلُ 222 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ». === 220 - قوله: "ثم بدا" بلا همزة أي ظهر له، وقوله: "فليتوضأ بينهما ... " زاد البيهقي: "فإنه أنشط للعود" (¬1)، وقد حمله قوم على الوضوء الشرعي، الظن، وأوله قوم بالاستنجاء. بَابٌ [فِي] الْجُنُبِ يَنَامُ 221 - قوله: "توضأ" يحمل على الندب. ¬

_ (¬1) البيهقي في الطهارة في الغسل 1/ 204.

باب من قال: يتوضأ الجنب

223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ: «وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، فَجَعَلَ قِصَّةَ الْأَكْلِ قَوْلَ عَائِشَةَ مَقْصُورًا، وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عَنْ عُرْوَةَ، أَوْ أَبِي سَلَمَةَ، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ. بَابُ مَنْ قَالَ: يَتَوَضَّأُ الْجُنُبُ 224 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ» تَعْنِي وَهُوَ جُنُبٌ. 225 - حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ، أَنْ يَتَوَضَّأَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «بَيْنَ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلٌ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو «الْجُنُبُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ تَوَضَّأَ». === بَابُ مَنْ قَالَ: يَتَوَضَّأُ الْجُنُبُ 225 - قوله: "رخص للجنب إذا أكل" أي أراد أن يأكل كما في رواية الترمذي.

باب [في] الجنب يؤخر الغسل

بَابٌ [فِي] الْجُنُبِ يُؤَخِّرُ الْغُسْلَ 226 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَرَأَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ فِي آخِرِهِ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا اغْتَسَلَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ فِي آخِرِهِ»، قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً قُلْتُ: أَرَأَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَمْ فِي آخِرِهِ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا أَوْتَرَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَرُبَّمَا أَوْتَرَ فِي آخِرِهِ»، قُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً. قُلْتُ: أَرَأَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ بِالْقُرْآنِ أَمْ يَخْفُتُ بِهِ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا جَهَرَ بِهِ وَرُبَّمَا خَفَتَ»، قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً. === بَابٌ [فِي] الْجُنُبِ يُؤَخِّرُ الْغُسْلَ 226 - قوله: "برد" بضم الموحدة وإسكان الراء، و "سنان" بكسر السين المهملة ونونان بينهما ألف، و "نُسي" (¬1) بضم النون وفتح السين المهملة وتشديد الياء، و "غضيف" بغين وضاد معجمتين مصغر. قوله: "سعة" بفتح السين، وقوله: "أم يخفت" بكسر الفاء من الخفت ضد الجهر من حد ضرب. ¬

_ (¬1) عبادة بن نسي الكندي، أبو عمر الشامي , قاضي طبرية، ثقة، فاضل، من الثالثة مات سنة ثمان عشرة. التقريب 1/ 395.

227 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ». 228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ وَهُوَ === 227 - قوله: "ابن نجي" بضم النون وفتح الجيم وتشديد الياء، وثقه النسائي ونظر البخاري في حديثه. قوله: "لا تدخل الملائكة" حملت على ملائكة الرحمة والبركة لا الحفظة، فإنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره، وحمل الجنب على من يتهاون بالغسل، ويتخذ تركه عادة لا من يؤخر الاغتسال إلى حضور الصلاة، فإن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان ينام وهو جنب، ويطوف على نسائه بغسل واحد، وحمل الكلب على غير كلب الصيد والزرع ونحوها، وأما الصورة فهي صورة ذي روح، قيل: إذا كان لها ظل، وقيل: بل أعم، ونظر النووي في تخصيص الجنب والكلب وقال: إنه محتمل لا مجزوم به (¬1)، والله تعالى أعلم. 228 - قوله: "يقول: هذا الحديث وهم" وفي نسخة "خطأ"، قال الترمذي: يرون أن قوله من غير أن يمس ماء غلط من أبي إسحاق (¬2)، وقال البيهقي: طعن الحفاظ في هذه اللفظة ورأوا أن أبا إسحاق دلس. قال البيهقي: والحديث بهذه ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 226، 227. (¬2) الترمذي في أبواب الطهارة (119).

باب في الجنب يقرأ [القرآن]

جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، يَقُولُ: «هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ» يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ [الْقُرْآنَ] 229 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَا وَرَجُلَانِ، رَجُلٌ مِنَّا وَرَجُلٌ === الزيادة صحيح من جهة الرواية لأن أبا إسحاق بين سماعه من الأسود، والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه وكان ثقة فلا وجه لرده (¬1)، قال النووي: فالحديث صحيح ويحتمل على أنه ما مس ماء للغسل ليجمع بينه وبين حديث عائشة الآخر , أو على ترك الوضوء لبيان الجواز، إذ لو واظب على الوضوء لاعتقدوا وجوبه (¬2). بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَقْرَأُ [الْقُرْآنَ] 229 - قوله: "أحسب" يزيد أنه ظان فيما ذكر أن أحدهما منا , والثاني من بني أسده وليس بجازم به. وقوله: "وجهًا" أي موضعًا يتوجهان إليه، وقوله "علْجانِ" بكسر العين المهملة وإسكان اللام أي قويان على العمل، وقوله: "عالجا" أي جاهدا وجالدا، و "المخرج" بفتح الميم: الخلاء, و "الحفنة" بفتح المهملة وسكون الفاء ملء الكف، ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن في الطهارة 1/ 202. (¬2) مسلم بشرح النووي 3/ 218.

باب في الجنب يصافح

مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَحْسَبُ، فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَجْهًا، وَقَالَ: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ، فَعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً فَتَمَسَّحَ بِهَا، ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الخَلَاءِ فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ - أَوْ قَالَ: يَحْجِزُهُ - عَنِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ". بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَافِحُ 230 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي === ولعله تمسح بها يده أو موضع البول، وإلا فاستعمال هذا القدر لا يفيد في موضع الغائط، والله تعالى أعلم. و"ليس الجنابة" بالنصب على أن ليس من أدوات الاستثناء. قوله: "فأهوى إليه" أي مال إليه ومد يده نحوه، وقوله: "ليس بنجس" بباء الجو وفتحتين أو بياء المصارع وفتح الجيم أو ضمها، أي الحديث ليس بنجاسة تمنع عن المصاحبة وتقطع عن المجالسة، وإنما هو أمر تعبدي، أو المؤمن لا ينجس أصلًا، ونجاسة بعض الأعيان اللاصقة بأعضائه أحيانا لا توجب نجاسة الأعضاء , نعم تلك الأعيان يجب الاحتراز عنها، فإذا لم تكن فما بقي إلا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها، فكأنه قال: لو كانت هناك نجاسة لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجسة لاصقة به، والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة فلا نجاسة، والله تعالى أعلم.

باب في الجنب يدخل المسجد

جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ». 231 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَبِشْرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَأَنَا جُنُبٌ، فَاخْتَنَسْتُ فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ: «أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ » قَالَ: قُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ. فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ» وَقَالَ فِي حَدِيثِ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنِي بَكْرٌ. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ 232 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُجُوهُ بُيُوتِ أَصْحَابِهِ === 231 - قوله: "فاخْتنستُ" بخاء معجمة ثم تاء مثناة من فوق ثم نون ثم سين مهملة أي تأخرت وتواريت. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ 232 - قوله: "أفلت" (¬1) بفتح فسكرن ففتح، و "جسرة" (¬2) بفتح الجيم وكسرها , و "دجاجة" بكسر الدال. ¬

_ (¬1) الأفلت بن خليفة، قال أبو داود: هو فُليتُ العامري 1/ 60. (¬2) جسرة بنت دجاجة، العامرية، الكوفية، مقبولة، من الثالثة، ويقال إن لها إدراكًا. التقريب 2/ 593.

باب في الجنب يصل بالقوم وهو ناس

شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ». ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ تَنْزِلَ فِيهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ بَعْدُ فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ فُلَيْتٌ الْعَامِرِيُّ. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّ بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ 233 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، عَنِ === قوله: "جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يحتمل المجيء من بعض أسفاره، ويحتمل المجيء من مكة، وعلى الثاني فمعنى كون الأبواب مفتوحة في المسجد أنها كانت في مكان المسجد حين المجيء، ثم أبقيت أول الأمر على حالها، والله تعالى أعلم. قوله: "ووجوه بيوت" أي أبوابها "شارعة" أي مفتوحة , وقوله: "وجهوا هذه" أي اصرفوا وجوهها وأبوابها إلى جهة غيرها. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يُصَلِّ بِالْقَوْمِ وَهُوَ نَاسٍ 233 - قوله: "فأومأ" بالهمزة أي أشار، "أن" تفسيرية، "مكانكم" بالنصب بتقدير الزموا واثبتوا، وقوله: "يقطر" بضم الطاء أي يسيل، وقوله: "فصلى بهم" كأنه أخذ منه أنه بنى على التحريمة الأولى إذ لو أتى بالتحريمة الجديدة لكان الظاهر أنه ذكر الراوي، إذ مقصود الرواة بيان الأحكام لا بيان القصص فعلم منه أن الجنب إذا صلى بالقوم ناسيًا يصح ما يصلى ولا يخفي ما في وجه الدلالة من الخفاء، إذ يمكن أن يعارض بمثله فيقال: لو بنى على تلك التحريمة لصرح الراوي بالبناء، وأيضًا يمكن أن يقال معنى صلى بهم: إنه صلى بهم تمام الصلاة

الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ أَنْ مَكَانَكُمْ، ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَصَلَّى بِهِمْ». 234 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَقَالَ: فِي أَوَّلِهِ: «فَكَبَّرَ». وَقَالَ فِي آخِرِهِ: " فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنِّي كُنْتُ جُنُبًا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ === ومن جملتها التحريمة، فقد تضمَّن لفظ الراوي تجديد التحريمة، والله تعالى أعلم. وبالجملة الدلالة خفية ولا تصريح في شيء من الروايات التي ذكرها "المصنف" في الباب للبناء، إلا أنهم فهموا البناء فلذلك قال القرطبي: استشكل وقوع هذا العمل الكثير وانتظارهم له هذا الزمان الطويل بعد أن كبروا، قال: ولما رأى مالك هذا الحديث مخالفًا لأصل الصلاة، قال: إنه خاص بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ما روي عنه (¬1) اهـ. وقد يقال: لعلهم فهموا ذلك من الأمر بقيامهم مكانهم ولو لم يكونوا في الصلاة لما أمرهم بذلك، إذ لا فائدة فيه سوى التعب، وقد يعارض برواية أبي هريرة في الصحيحين وفيها "قبل أن يكبر" (¬2)، وذكرها "المصنف" أيضًا بالمعنى. 234 - وقوله: "كما أنتم" فهذا يدل على وجود الأمر بالقيام مكانهم مع كونهم ليسوا في الصلاة، وأيضًا قد جاء أنه أومأ إلى القوم أن اجلسوا إلا أن يقال لعلهم أخذوا من الإيماء وعدم التكلم، وفيه أيضًا ضعف، الله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1). (¬2) البخاري في الغسل (275)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (605/ 157).

أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ، وَانْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ: «كَمَا أَنْتُمْ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ مُرْسَلًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَكَبَّرَ ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْقَوْمِ أَنِ اجْلِسُوا، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ». وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَبَّرَ فِي صَلَاةٍ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاه مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ كَبَّرَ». 235 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، ح وحَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْأَزْرَقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، ح وحَدَّثَنَا مَخْلَدُ === قوله: "وانتظرنا أن يكبر"، وفي رواية الصحيحين: "قيل أن يكبر" (¬1) , قال النووي: فتحمل رواية أبي داود على أن المراد بدخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها (¬2). قلت: لا يناسبه قوله: "فكبر" إلا أن يقال معناه فهيأ للتكبير، ويحتمل أنهما قضيتان وهو أظهر اهـ. 235 - قوله: "الزبيدي" بضم الزاي، و "عياش" (¬3) بالمثناة من تحت والشين ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) مسلم بشرح النووي 5/ 103. (¬3) عياش بن الأزرق، ويقال ابن الوليد بن الأزرق، أبو النجم البصري، نزيل أذنة، ثقة، من الحادية عشرة , مات سنة سبع وثلاثين. التقريب 2/ 94.

باب في الرجل يجد البلة في منامه

بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ إِمَامُ مَسْجِدِ صَنْعَاءَ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، ح وحَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كُلُّهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَصَفَّ النَّاسُ صُفُوفَهُمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مَقَامِهِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَغْتَسِلْ فَقَالَ لِلنَّاسِ: «مَكَانَكُمْ»، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَنْطُفُ رَأْسُهُ، وَقَدِ اغْتَسَلَ وَنَحْنُ صُفُوفٌ وَهَذَا لَفْظُ ابْنُ حَرْبٍ، وَقَالَ عَيَّاشٌ فِي حَدِيثِهِ «فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدِ اغْتَسَلَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ الْبِلَّةَ فِي مَنَامِهِ 236 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا. قَالَ: «يَغْتَسِلُ»، === المعجمة، و "رباح" بفتح راء وموحدة. قوله "في مقامه" بفتح الميم، وقوله: "ينطف" بضم الطاء المهملة أو كسرها وفاء: يقطر. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ الْبِلَّةَ فِي مَنَامِهِ 236 - وقوله: "الخياط" (¬1) بالخاء المعجمة والياء المثناة التحتية كالعلام. قوله: "يجد البلل" الجملة صفة للرجل بناء على أن تعريفه للعهد الذهني ¬

_ (¬1) حماد بن خالد الخياط، القرشي , أبو عبد الله البصري، نزيل بغداد، ثقة، من التاسعة. التقريب 1/ 196.

باب في المرأة ترى ما يرى الرجل

وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ. قَالَ: «لَا غُسْلَ عَلَيْهِ» فَقَالَتْ: أُمُّ سُلَيْمٍ الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ أَعَلَيْهَا غُسْلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ. إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ 237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيَّةَ هِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أَرَأَيْتَ === وجعله حالًا بعيد؛ لأنه يؤدي إلى أن السؤال عنه وقع وقت احتلامه والله تعالى أعلم، وقوله: "شقائق الرجال" أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال؛ ولأن حواء خلقت من آدم. قلت: الأقرب أن يراد أنهن نظائرهم في الأحكام , والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ 237 - قوله: "أرأيت، بفتح تاء الخطاب أي أخبرني عنها، وقوله: "تربت يمينك" أي لصقت بالتراب بمعنى افتقرت، وهي كلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب بل اللوم ونحوه، وقوله: "من أين يكون الشبه" يدل على وجود الماء لها لا على الاحتلام، لكن يلزم من وجوده الاحتلاء إذا كثر وفاض. قوله: "عن أم سلمة" قيل في التوفيق: يجوز اجتماع عائشة وأم سلمة في محل واحد، فبدأت إحداهما بالإنكار وساعدتها الأخرى، فأقبل - صلى الله عليه وسلم - عليهما

باب في مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل

الْمَرْأَةَ إِذَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ مَا يَرَى الرَّجُلُ أَتَغْتَسِلُ أَمْ لَا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ. فَلْتَغْتَسِلْ إِذَا وَجَدَتِ الْمَاءَ». قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: أُفٍّ لَكِ وَهَلْ تَرَى ذَلِكَ الْمَرْأَةُ؟ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَرِبَتْ يَمِينُكِ يَا عَائِشَةُ، وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ » قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَى عُقيْلٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَيُونُسُ، وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَوَافَقَ الزُّهْرِيُّ: مُسَافِعًا الْحَجَبِيَّ قَالَ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الْغُسْلِ 238 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ - هُوَ الْفَرَقُ - مِنَ الجَنَابَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالكٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ === بالإنكار، وكذا يجوز تعدد القضية أيضًا بأن نسيت أم سليم الجواب، فجاءت ثانيًا للسؤال أو أرادت بالمجيء ثانيًا زيادة التحقيق والتثبت، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الْغُسْلِ 238 - قوله: "الفَرَقُ" بفتحتين.

باب في الغسل من الجنابة

وَاحِدٍ فِيهِ قَدْرُ الْفَرَقِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: الْفَرَقُ: سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَاعُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ. قَالَ: فَمَنْ قَالَ: ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْفُوظٍ قَالَ: وسَمِعْت أَحْمَد يَقُولُ: مَنْ أَعْطَى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِرِطْلِنَا هَذَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا فَقَدْ أَوْفَى قِيلَ الصَّيْحَانِيُّ ثَقِيلٌ. قَالَ: الصَّيْحَانِيُّ أَطْيَبُ قَالَ: لَا أَدْرِي. بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ 239 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُسْلَ مِنَ الجَنَابَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ === قوله: "الصبحاني ... " إلخ هو ضرب من تمر المدينة، ثم كلام أحمد هذا يدل على جواز أداء صدقة الفطر عنده بالوزن وعدم وجوبه بالكيل، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ 239 - قوله: "أما أنا فأفيض" أما بفتح همزة وتشديد ميم، وأفيض بضم الهمزة من الإفاضة، وقسيم أما ذكره مسلم (¬1) أي: وأما غيري فلا أعلم بحاله، وفيه سنية التثليث في الإفاضة على الرأس وألحق به غيره؛ فإن الغسل أولى بالتثليث من الوضوء المبني على التخفيف، كذا في مجمع البحار. قلت: لكن الحديث الآتي -أعني حديث الحلاب- يدل على أنه كان يقصد ¬

_ (¬1) مسلم في الحيض (327/ 54).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا». وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا. 240 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ مِنْ نَحْوِ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ، فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ». 241 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَيْرٍ أَحَدُ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أُمِّي وَخَالَتِي عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَتْهَا إِحْدَاهُمَا كَيْفَ === بالثلاث الاستيعاب مرة لا التكرار، بل الحديث الذي بعد حديث الحلاب يدل على ذلك أيضًا فلا يتم الاستدلال على سنية التثليث في الرأس، فتأمل. 240 - قوله: "الحِلَابِ" بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام وموحدة، وهو إناء يسع قدر حلب ناقة وجعله بالجيم وتفسيره بماء الورد كما قيل، ويوهمه صنع البخاري في صحيحه (¬1) غير مناسب؛ لأن استعمال الطيب بعد الغسل أليق من استعماله قبله؛ لأنه يذهب بالاغتسال، وقوله: "بشق رأسه" بكسر الشين أي نصفه وناحيته، وقوله: "فقال بهما" من إطلاق القول على الفعل. 241 - قوله: "جميع بن عمير" (¬2) هما بالتصغير. ¬

_ (¬1) البخاري في الغسل (258). (¬2) جميع بن عمير بن نعمان التيمي أبو الأسود الكوفي من بني تيم الله بن ثعلبة قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: كوفي تابع من عتق الشيعة , محله الصدق , صالح الحديث , وقال ابن عري: هو كما قاله البخاري في أحاديثه نظر. التهذيب 2/ 111 , 112.

كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ عِنْدَ الْغُسْلِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَنَحْنُ نُفِيضُ عَلَى رُءُوسِنَا خَمْسًا مِنْ أَجْلِ الضُّفُرِ». 242 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ، وَمُسَدَّدٌ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ - قَالَ سُلَيْمَانُ - يَبْدَأُ فَيُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ» وَقَالَ مُسَدَّدٌ: «غَسَلَ يَدَيْهِ يَصُبُّ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ اتَّفَقَا فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ»، وَقَالَ مُسَدَّدٌ: «يُفْرِغُ عَلَى شِمَالِهِ، وَرُبَّمَا كَنَتْ عَنِ الْفَرْجِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الْإِنَاءِ، فَيُخَلِّلُ شَعْرَهُ، حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ الْبَشْرَةَ، أَوْ أَنْقَى الْبَشْرَةَ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، فَإِذَا فَضَلَ فَضْلَةٌ صَبَّهَا عَلَيْهِ». === 242 - قوله: "الواشحي" (¬1) بكسر الشين المعجمة والحاء المهملة. قوله: "كنت" من الكناية أي عائشة، وقوله: "قد أصاب" أي أثر التخليل، وقوله "فضل" بفتح الضاد وبكسره، ولعل المراد أنه إذا بقي في الإناء شيء بعد الفراغ من الاغتسال يصبه على رأسه، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سليمان بن حرب الواشحي، أبو أيوب البصري، وواشح من الأزد، سكن مكة وكان قاضيها , روى عن شعبة: محمد بن طلحة، وروى عنه البخاري وأبو داود , وروى له الباقون بواسطة أبي بكر بن أبي شيبة وأبي داود سليمان بن معبد , ذكره ابن حبان في الثقات، وقال صاحب الزهرة: روى عنه البخاري مائة وسبعة وعشرين حديثًا. مات سنة أربع وعشرين ومائتين. التهذيب 4/ 178 - 180.

243 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ بِكَفَّيْهِ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ مَرَافِغَهُ، وَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَإِذَا أَنْقَاهُمَا أَهْوَى بِهِمَا إِلَى حَائِطٍ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْوُضُوءَ، وَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ». 244 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَوْكَرٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُرْوَةَ الْهَمْدَانِيِّ، حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَئِنْ شِئْتُمْ لَأُرِيَنَّكُمْ أَثَرَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَائِطِ حَيْثُ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنَابَةِ». 245 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: «وَضَعْتُ === 243 - قوله: "ثم غسل مَرَافغِه" بفتح ميم وكسر فاء وغين معجمة، جمع رفغ بضم الراء وفتحها وسكون الفاء، وهي ما يجتمع الأوساخ من البدن كالإبطين وأصول الفخذين ونحو ذلك. قوله: "فإذا أنقاهما" الظاهر أن في الحديث اختصارًا، والأصل: ثم غسل فرجه ثم غسل مرافغه حتى إذا أنقاهما أي الفرج والمرافغ أهوى بهما أي اليدين، أي مدهما نحو حائط ليدلكهما به تنظيفًا، والله تعالى أعلم. وقوله: "يستقبل" أي يبتدئ الوضوء، والله تعالى أعلم. 245 - قوله "غُسلا" بضم الغين أي ماء الغسل على حذف المضاف أو هو

للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلًا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَكْفَأَ الْإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى، فَغَسَلَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْأَرْضَ فَغَسَلَهَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَنَاوَلْتُهُ الْمِنْدِيلَ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ عَنْ جَسَدِهِ» فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: «كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالْمِنْدِيلِ بَأْسًا، وَلَكِنْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْعَادَةَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ: كَانُوا يَكْرَهُونَهُ لِلْعَادَةِ؟ فَقَالَ: هَكَذَا هُوَ، وَلَكِنْ وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي هَكَذَا. 246 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: " إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يُفْرِغُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى سَبْعَ مِرَارٍ، ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ - فَنَسِيَ مَرَّةً كَمْ أَفْرَغَ، فَسَأَلَنِي كَمْ أَفْرَغْتُ؟ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي. فَقَالَ: لَا أُمَّ لَكَ، وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ === اسم للماء الذي يغتسل به، فلا حاجة إلى تقدير مضاف، وقوله: "فأكفأ" بالهمزة في آخره أي أماله، وقوله: "ثم ضرب بيده" أي مبالغة في التنظيف إزالة للرائحة الكريهة، وقوله: "تنحى" أي تبعد عن مكانه و"المنديل" بكسر الميم، وظاهر هذا الحديث أنه اكتفى عن مسح الرأس في الوضوء بالاغتسال، لكن مقتضى سائر الأحاديث المسح فيحتمل أن ترك المسح من اقتصار بعض الرواة، والله تعالى أعلم. 246 - قوله: "عن شعبة" قال المنذري: شعبة هذا هو أبو عبد الله , ويقال: أبو يحيى مولى عبد الله عباس.

تَدْرِيَ؟ - ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ الْمَاءَ ". ثُمَّ يَقُولُ: «هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَطَهَّرُ». 247 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُصْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «كَانَتِ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ، وَالْغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ سَبْعَ مِرَارٍ، وَغَسْلُ الْبَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ سَبْعَ مِرَارٍ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ حَتَّى جُعِلَتِ الصَّلَاةُ خَمْسًا، وَالْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ مَرَّةً، وَغَسْلُ الْبَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ مَرَّةً». === قوله: "يفرغ" من الإفراغ. 247 - قوله: "ابن عُصْم" (¬1) بضم العين وسكون الصاد والميم المهملتين. قوله: "كانت الصلاة" أي أول ما شرعت ليلة المعراج، وكذا الغسل أول ما شرع في وقته , وكذا غسل البول , ولا يلزم من هذا اتحاد وقت شرع هذه الأمور ولا وقت نسخها , فلا يلزم أن مقتضى حديث ابن عباس السابق أنه - صلى الله عليه وسلم - عمل في الغسل سبع مرات، فيلزم منه وقوع العمل في الصلاة بخمسين مع أنه معلوم العدم، لأن خمسين صلاة شرعت ليلة المعراج ونسخت فيها , والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) عبد الله بن عصم ويقال: ابن عصمة أبو علوان الحنفي , أصله من أهل اليمامة وحديثه في الكوفة، قال ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخطئ كثيرًا. التهذيب 5/ 321.

248 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. 249 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ بِهَا كَذَا وَكَذَا مِنَ النَّارِ» قَال عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي ثَلَاثًا، وَكَانَ يَجُزُّ شَعْرَهُ. === 248 - قوله: "ابن وجيه" (¬1) بفتح واو وكسر جيم وسكون مثناة من تحت، وقيل: بسكون جيم وفتح موحدة. قوله: "وأنقُوا" من الإنقاء أي نظفوا. 249 - قوله: "زاذان" بذال معجمة. قوله: "وكان يجز شعره" من الجز بجيم وتشديد معجمة، وهو قص الشعر والصوف. ¬

_ (¬1) الحارث بن وجيه الراسبي أبو محمد البصري، روى عن مالك بن دينار، وعنه زيد بن الحباب وأبو كامل الجمدري، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير، وكذا قال أبو حاتم، وزاد: ضعيف الحديث ... التهذيب 2/ 162.

باب [في] الوضوء بعد الغسل

بَابٌ [فِي] الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ 250 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ وَصَلَاةَ الْغَدَاةِ، وَلَا أَرَاهُ يُحْدِثُ وُضُوءًا بَعْدَ الْغُسْلِ». بَابٌ [فِي] الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ 251 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ السَّرْحِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ - وَقَالَ زُهَيْرٌ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ - أَشُدُّ ضُفُرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِلْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «إِنَّمَا === بَابٌ [فِي] الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ 250 - قوله: "ولا أراه" بضم الهمزة أي أظن، ويحتمل الفتح، وقوله: "يحدث" إن الإحداث أي يفعل، وهو مفعول ثان لأراه إذا كان بضم الهمزة أو بفتحها إن كانت الرؤية علمية، وحال إن كانت بصرية. بَابٌ [فِي] الْمَرْأَةِ هَلْ تَنْقُضُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْغُسْلِ 251 - قوله: "إِنها قالت" أي أم سلمة قالت، وقوله: "ضفر رأسي" قال ابن العربي: يقرؤه الناس بإسكان الفاء وإنما هو بفتحها؛ لأنه بسكون الفاء مصدر ضفر رأسه ضفرًا، وبالفتح هو الشيء المضفور كالشعر وغيره، والضفر نسج خصل الشعر وإدخال بعضها في بعض.

يَكْفِيكِ أَنْ تَحْفِنِي عَلَيْهِ ثَلَاثًا» - وَقَالَ زُهَيْرٌ: «تُحْثِي عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَات مِنْ مَاءٍ» ثُمَّ تُفِيضِي عَلَى سَائِرِ جَسَدِكِ، فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ". 252 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَافِعٍ يَعْنِي الصَّائِغَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ: فَسَأَلْتُ لَهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ فِيهِ: «وَاغْمِزِي قُرُونَكِ عِنْدَ كُلِّ حَفْنَةٍ». 253 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَتْهَا جَنَابَةٌ أَخَذَتْ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ - هَكَذَا تَعْنِي === قلت: المصدر يستعمل بمعنى المفعول كثيرًا كالخلق بمعنى المخلوق، فيجوز إسكانه على أنه مصدر بمعنى المضفور على أنه يمكن إبقاؤه على معناه المصدري؛ لأن شد المنسوج يكون بشد نسجه. وقولها "أفأنقضه" أي أيجب علي شرعًا النقض أم لا؟ وإلا فهي مخيرة , وما جاء في بعض الروايات أنه قال: "لا"، فالمراد: أنه لا يجب لا أنه لا يجوز , وقوله: "أن تحفني" من الحفن وهو أخذ الشيء بالكف، وظاهر هذا الحديث يفيد أن الدلك ليس بفرض في الغسل، وكذا المضمضة والاستنشاق، والله تعالى أعلم. 252 - قوله: "واغمزي قرونك" بمعجمة فميم مكسورة وزاي معجمة: أي كبسي ضفائر شعرك عند الغسل، والغمز: العصر والكبس. 253 - قوله: "أخذت ثلاث حفنات" وقد سبق خمس حفنات فكان ذلك

بِكَفَّيْهَا جَمِيعًا - فَتَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا، وَأَخَذَتْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فَصَبَّتْهَا عَلَى هَذَا الشِّقِّ، وَالْأُخْرَى عَلَى الشِّقِّ الْآخَرِ». 254 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كُنَّا نَغْتَسِلُ وَعَلَيْنَا الضِّمَادُ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحِلَّاتٌ وَمُحْرِمَاتٌ». 255 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: ابْنُ عَوْفٍ، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: أَفْتَانِي جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الجَنَابَة، أَنَّ ثَوْبَانَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُمُ اسْتَفْتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «أَمَّا الرَّجُلُ فَلْيَنْشُرْ رَأْسَهُ فَلْيَغْسِلْهُ حَتَّى يَبْلُغَ أُصُولَ الشَّعْرِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا === عند الضفر وهذا عند عدمه أو أحيانًا وأحيانًا، كذا أو يجعل قوله: "وأخذت بيد واحدة" عطفًا على قوله: "أخذت ثلاث حفنات"، ولم يجعل داخلًا في تفصيل ثلاث حفنات، فتصير الحفنات المذكورة في الحديث أيضًا خمسًا , والله تعالى أعلم. 254 - قوله: "وعلينا الضماد" بكسر الضاد المعجمة ودال مهملة: خرقة يشد بها العضو المؤوف، ثم قيل للدواء الموضوع على الجرح إن لم يشد، وقيل: المراد هاهنا ما يلطخ به الشعر مما يلبده من طيب وغيره. 255 - قوله: "استفتوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" بفتح التاءين

باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي [أيجزئه ذلك]

عَلَيْهَا أَنْ لَا تَنْقُضَهُ لِتَغْرِفْ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِكَفَّيْهَا». بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِخِطْمِيٍّ [أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ] 256 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَهُوَ جُنُبٌ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ، وَلَا يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ». بَابٌ فِيمَا يَفِيضُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَاءِ 257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ === بينهما فاء ساكنة وضم الواو عند الوصل وسكونها عند الوقف. بَابٌ فِي الْجُنُبِ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِخِطْمِيٍّ [أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ] 256 - قوله: "يجْتزئُ بذلك" في النهاية: أي يكتفي بالماء الذي يغسل به الخطمي وينوي به غسل الجنابة، ولا يستعمل بعده ماء آخر يخص به الغسل (¬1). قلت: ذكر النية نظرًا إلى مذهبه وإلا فعند علمائنا الحنفية لا حاجه إلى النية، والله تعالى أعلم. ونقل عن الفتح أنه قال إسناده ضعيف (¬2)، وكأنه لجهالة في سنده ومثله حديث الباب الذي بعده، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَا يَفِيضُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَاءِ 257 - قوله: "فيما يفيض" أي يسيل من فاض إذا سال، والمراد من الماء المني. ¬

_ (¬1) النهاية 1/ 226. (¬2) ابن حجر في الفتح 1/ 441.

قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ بْنِ عَامِر، عَنْ عَائِشَةَ فِيمَا يَفِيضُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنَ الْمَاءِ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ كَفًّا مِنْ مَاءٍ يَصُبُّ عَلَيَّ الْمَاءَ، ثُمَّ يَأْخُذُ كَفًّا مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ يَصُبُّهُ عَلَيْهِ». === قوله: "كفًّا من ماء" هو الماء الطهور، وقوله: "يصب على الماء" أي على المني وهو في المعنى تعليل للأخذ، أي يأخذ ليصب على المني، ويجوز أن يكون صفة: "كفا" أي كفًّا مرادًا صبه على المني، أو حال من فاعل يأخذ، أي يأخذ قاصدًا مريدًا صبه على المني, وقوله: "ثم يصبه" أي ذلك الكف بعد الأخذ لأجل الصب عليه أي على المني. وقال الشيخ ولي الدين: الظاهر أن معنى الحديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم إذا حصل في ثوبه أو بدنه مني أخذ كفًّا من ماء فصبه على المني لإزالة عينه، ثم أخذ بقية ما في الإناء فصبه عليه لإزالة الأثر وزيادة تنظيف المحل، فقوله: "ثم يصبه" يعني بقية الماء الذي اغترف منه كفًّا، هذا ما ظهر لي ولم أر مَنْ تعرض لشرحه اهـ. وأنت خبير أنه تكلف بعيد، ولا يكاد يصح إذا كان الماء في الإناء كثيرًا , وما ذكرت أقرب منه إن شاء الله تعالى. وقد ضبط بعضيم قوله: "يصب عليَّ الماء" بتشديد ياء علي ونصب الماء، ولا يخلو هذا الضبط عن بعد من حيث اللفظ، ومن حيث ثبوت الرواية عن المشائخ، وذلك لأن اللائق "ح" يصبه على كما لا يخفى، والله تعالى أعلم.

باب [في] مؤاكلة الحائض ومجامعتها

بَابٌ [فِي] مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَمُجَامَعَتِهَا 258 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمُ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] قُلْ: هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ». فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْر، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْر إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا أَفَلَا === بَابٌ [فِي] مُؤَاكَلَةِ الْحَائِضِ وَمُجَامَعَتِهَا 258 - قوله: "ولم يجامعوها في البيت" أي لم يصاحبوها، وكذا قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "جامعوهن" أي صاحبوهن في البيوت، وليس المراد الوطء؛ إذ لا يساعده قوله "في البيوت"، فلا تناقض بينه وبين قوله: "غير النكاح" أي غير الوطء، وليس المراد بالنكاح هاهنا العقد وهو ظاهر، والحديث تفسير للآية، وبيان أن ليس المراد بالاعتزال مطلق المجانبة المخصوصة. وقولهما (¬1): "أفلا ننكحهن في المحيض" طلب للرخصة في الوطء أيضًا تتميمًا ¬

_ (¬1) أي قول أسيد بن حضير وعباد بن بشر للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

نَنْكِحُهُنَّ فِي الْمَحِيضِ؟ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا، فَظَنَنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا. 259 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَتَعَرَّقُ الْعَظْمَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَأُعْطِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ وَضَعْتُهُ، وَأَشْرَبُ الشَّرَابَ فَأُنَاوِلُهُ فَيَضَعُ فَمَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتُ أَشْرَبُ مِنْهُ». 260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي فَيَقْرَأُ وَأَنَا حَائِضٌ». === لمخالفة الأعداء، ويحتمل أن المراد أنفعل ما قلت فلا نفعل النكاح فقط، أو نترك النكاح وغيره، فالمراد طلب التألف بهم، وقوله: "فتمعر" بالعين المهملة أي تغير. وقوله: "فبعث في آثارهما" أي رسولًا ليحضرهما عنده، ويحتمل على بعد فبعث باللبن في آثارهما، وقوله "فسقاهما" أي أمرهما بأن يشربا اللبن أو أعطاهما ذلك اللبن ليشربا أو مكنهما من السقي بأن أعطاهما ذلك، لكن زيادة الدارقطني في العلل: "وقال لهما قولا: اللهم إِنا نسألك من فضلك ورحمتك فإنهما بيدك لا يملكهما أحد غيرك، تفيد الأمر، والله تعالى أعلم. 259 - قوله: "أتعرَّق" يقال: تعرق العظم واعترقه وعرقه أي أخذ اللحم بأسنانه.

باب [في] الحائض تناول من المسجد

بَابٌ [فِي] الْحَائِضِ تُنَاوِلُ مِنَ الْمَسْجِدِ 261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ». فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ === بَابٌ [فِي] الْحَائِضِ تُنَاوِلُ مِنَ الْمَسْجِدِ 261 - قوله: "ناوليني الخمرة" بضم الخاء المعجمة سجادة من حصير ونحوه. قوله: "في المسجد" أنه متعلق بناوليني، فالظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان خارج المسجد وأمرها أن تخرجها له من المسجد بأن كانت الخمرة قريبة إلى باب عائشة تصل إليها اليد من الحجرة، وهذا هو الموافق لترجمة المصنف والترمذي، قال القاضي عياض: إنه قال ذلك لها في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان معتكفًا وكانت عائشة في حجرتها. قلت: فكلمة "من" متعلقة بـ "قال" ولا يخفى بعده , والحامل له على ذلك أنه جاء في حديث أبي هريرة مثل هذه الواقعة، وفيه أنه على الله تعالى عليه وسلم كان في المسجد فحمل القاضي الحديثين على اتحاد الواقعة وهو غير لازم، بل التعدد هو الظاهر كما قررناه في حاشية صحيح مسلم , الله تعالى أعلم. وقوله: "حيضتك" قيل: بكسر الحاء والمعنى نجاسة المحيض وأذاه في يدك، وهو بكسر الحاء اسم للحالة كالجلسة، والمراد: الحالة التي تلزمها الحائض من

باب [في] الحائض لا تقضي الصلاة

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ». بَابٌ [فِي] الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ 262 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مُعَاذَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ: أَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ لَقَدْ «كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا نَقْضِي، وَلَا نُؤْمَرُ بِالْقَضَاءِ». 263 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَزَادَ فِيهِ: «فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». === التجنب ونحوه، والفتح لا يصح لأنه اسم للمرة أي الدورة الموحدة منه، ورد بأن المراد الدم وهو بالفتح بلا شك، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْحَائِضِ لَا تَقْضِي الصَّلَاةَ 262 - قوله: "أحرورية أنت" بفتح حاء فضم راء أتي خارجية، وهم طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر موضع قريب من الكوفة، وكان عندهم تشدد في أمر الحيض، شبهتها بهم في تشدهم في الأمر وإكثارهم في المسائل تعنتًا، وقيل: أرادت أنها خرجت عن السنة كما خرجوا عنها.

باب [في] إتيان الحائض

بَابٌ [فِي] إِتْيَانِ الْحَائِضِ 264 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ قَالَ: «دِينَارٌ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ». وَرُبَّمَا لَمْ يَرْفَعْهُ شُعْبَةٌ. 265 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا أَصَابَهَا فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِذَا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ. === بَابٌ [فِي] إِتْيَانِ الْحَائِضِ 264 - قوله: "أو نصف دينار" قيل: التخيير يدل على أنه مستحب، لكن هذا لو لم تكن أو للتقسيم كما هو ظاهر الرواية الثانية، نعم قد جاء الحديث بنوع اضطراب في التقدير، وكأنه لذلك قال كثير من العلماء أنه يستغفر الله ولا كفارة عليه. 265 - قوله: "أصابها في أول الدم" أي في قوة الدم، وقوله: "في انقطاع الدم" أي في ضعافه، وأما بعد الانقطاع فلا شيء، ويحتمل أن المراد في الحيض وبعده قبل الغسل، والله تعالى أعلم.

باب في الرجل يصيب منها [ما] دون الجماع

266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلْيَتَصَدَّقْ بِنِصْفِ دِينَارٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ بُذَيْمَةَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا، وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آمُرُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِخُمْسَيْ دِينَارٍ»، وَهَذَا مُعْضَلٌ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا [مَا] دُونَ الْجِمَاعِ 267 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَبِيبٍ مَوْلَى عُرْوَةَ، عَنْ نُدْبَةَ مَوْلَاةِ مَيْمُونَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ، إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ إِلَى أَنْصَافِ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ تَحْتَجِزُ بِهِ». 268 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْهَا [مَا] دُونَ الْجِمَاعِ 267 - قوله: "عن ندبة" (¬1) بضم النون أو فتحها وسكون الدال بعدها موحدة. قوله: "تحتجز به" بزاي معجمة، أي تشده على حجزتها وهو وسطها. 268 - قوله: "يأمر إِحدانا" أي إحدى نساء الأمة أو إحدى أمهات المؤمنين، ¬

_ (¬1) ندبة مولاة ميمونة، مقبولة، من الثالثة، ويقال: إن لها صحبة. التقريب 2/ 616.

عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَتَّزِرَ، ثُمَّ يُضَاجِعُهَا زَوْجُهَا» وَقَالَ مَرَّةً: «يُبَاشِرُهَا». === وعلى الثاني فالمراد بالزوج النبي صلى الله تعالى عليه ويعلم، وهو من وضع الظاهر موضع المضمر لدفع توهم خصوصية الحكم بالنبي صلى الله تعالى عليه ومسلم، أي كان مباشرته لكونه زوجًا لا لخصوصيته. والله تعالى أعلم. وقوله: "أن تترز" أي بأن تتزر قيل: صوابه تأتزر بالهمزة وتخفيف التاء لا تشديدها كما هو المشهور، إذ الهمزة لا تدغم بالتاء ولا يخفى أنه منقوض باتخذ من أخذ. فوله: "ابن صبح" (¬1) بضم الصاد وسكون الموحدة": و "خلاس" (¬2) بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام. قوله: "الشعار" بكسر المعجمة وبالعين المهملة الثوب الذي يلي الجسد؛ لأنه يلي الشعر، وقوله: "طامث" بالطاء المهملة والثاء المثلثة بمعنى حائض ذكر تأكيدًا، وقولها: "لم يعده" بإسكان العين وضم الدال أي لم يجاوزه إلى غيره , وقوله: "وإن أصاب" تعني ثوبه إلخ من كلام "المصنف" أو كلام بعض الرواة تفسير لكلام عائشة؛ لأن المتبادر منه أنه يصيب البدن، وقولها: "ثم صلى فيه" لا يناسبه فلذلك فسره بالثوب، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) جابر بن صبح الراسبي، أبو بشر البصري، صدوق من السابعة. التقريب 1/ 122. (¬2) خلاس بن عمرو الهجري البصري، ثقة، وكان يرسل، من الثانية, وكان على شرطة علي، وقد صح أنه سمع من عمار. التقريب 1/ 20.

269 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ صُبْحٍ، سَمِعْتُ خِلَاسًا الْهَجَرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: "كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ، وَأَنَا حَائِضٌ طَامِثٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، وَإِنْ أَصَابَ - تَعْنِي: ثَوْبَهُ - مِنْهُ شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ، ثُمَّ صَلَّى فِيهِ". 270 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ قَالَ: إِنَّ عَمَّةً لَهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِحْدَانَا تَحِيضُ وَلَيْسَ لَهَا وَلِزَوْجِهَا إِلَّا فِرَاشٌ وَاحِدٌ؟ قَالَتْ: أُخْبِرُكِ بِمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فَمَضَى إِلَى مَسْجِدِه - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: تَعْنِي مَسْجِدَ بَيْتِهِ - فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي وَأَوْجَعَهُ الْبَرْدُ فَقَالَ: «ادْنِي مِنِّي». فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ: «وَإِنْ، اكْشِفِي عَنْ فَخِذَيْكِ». فَكَشَفْتُ فَخِذَيَّ فَوَضَعَ خَدَّهُ وَصَدْرَهُ عَلَى فَخِذِي، وَحَنَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى دَفِئَ وَنَامَ. === 270 - قوله: "وأوجعه البرد" أي أتعبه، وقوله: "وأن اكشفي عن فخذيك" بفتح همزة أن وهي زائدة أو مصدرية، وهو عطف على ما يفهم مما سبق، التقدير: افعلي الدنو والكشف عن فخذيك، ويحتمل كسر همز إن على أنها شرطية حذف شرطها، أي إن كان الأمر كما قلت فاكشفي، والله تعالى أعلم. وقوله: "حنيت عليه" أي عطفت ظهري عليه كذا في الحاشية , وتعيين الظهر غير لازم في معناه، إنما معنى اللفظ: ملت عليه، والله تعالى أعلم. وقولها "دفئ" كسمع بالهمز أي سخن.

271 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ إِذَا حِضْتُ نَزَلْتُ عَنِ المِثَالِ عَلَى الْحَصِيرِ، فَلَمْ نَقْرُبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ نَدْنُ مِنْهُ حَتَّى نَطْهُرَ». 272 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا». 273 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا فِي فَوْحِ حَيْضَتِنَا أَنْ نَتَّزِرَ، ثُمَّ يُبَاشِرُنَا. وَأَيُّكُمْ === 271 - قوله: "عن أم ذرة" بفتح الذال المعجمة. قوله: "عن المثال" كالفراش لفظًا ومعنى، وقولها: "فلم نقرب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" لا ينافي ما علم من القرب؛ لأن ذلك كان من طرفه صلى الله تعالى عليه وسلم لا من طرفهن. 272 - قوله: "ألقى على فرجها" كأن الاتزار كان أحيانًا، وإلقاء الثوب على الفرج أحيانًا، ولعل الاتزار في أول الحيض وهذا في آخره، والله تعالى أعلم. 273 - قوله: "في فوح حيضنا" بفتح الفاء وسكون الواو وحاء مهملة أي معظمها وأولها، وقولها: "الملك إربه" بكسر فسكون أو بفتحتين ومعناهما وطر النفس وحاجتها، وأكثر المحدثين يروونه بفتح فسكون إما بمعنى الحاجة أو بمعنى

باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ، وَمَنْ قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ فِي عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ 274 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّ فِيهِ». 275 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَجُلًا === العضو كنى به عن الذكر، ونوقش فيه بأنه خارج عن سنن الأدب. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تُسْتَحَاضُ، وَمَنْ قَالَ: تَدَعُ الصَّلَاةَ فِي عِدَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُ 275 - قوله: "كانت تهراق الدماء" على بناء المفعول من هراق ونصب الدماء وأصل هراق أراق، أبدلت الهمزة هاء، ويقال: هريق بفتح الهاء؛ لأن الهاء موضع الهمزة ولو كانت الهمزة ثابتة في المضارع لكانت مفتوحة , ويقال: أهراق يهريق بسكون الهاء جمعًا بين البدل والأصل، وفي نصب الدماء أقوال قيل: تشبيهًا بالمفعول وهو في المعنى تمييز إلا إنه لا يطلق عليه اسم التمييز مراعاة لقواعد الأعراب، وقيل: بل هو تمييز وتعريفه زائد، والأصل تهراق دماءها فأسند الفعل

أَخْبَرَهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. قَالَ: «فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْتَغْتَسِلْ». بِمَعْنَاهُ. 276 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ قَالَ: «فَإِذَا خَلَّفَتْهُنَّ وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْتَغْتَسِلْ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ. 277 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ بِإِسْنَادِ اللَّيْثِ وَبِمَعْنَاهُ قَالَ: «فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْتَغْتَسِلْ، وَلْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ تُصَلِّي». 278 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ === إلى ضمير المرأة مبالغة، وجعل الدماء تمييزًا، وقيل: يجوز تعريف التمييز لورود أمثاله كثيرًا، وقيل: على إسقاط حرف الجر أي بالدماء، وعلى إضمار الفاعل أي يهريق الله تعالى الدماء منها، وجوز الرفع على أنه نائب الفاعل. وقوله "فإذا خلفت ذلك" من التخليف أي تركتها وراءها، والمراد إذا مضت تلك الأيام والليالي. 277 - وقوله: "لتستثفر" بمثلثة قبل الفاء، والاستثفار أن تشد ثوبها تحتجز به يمسك موضع الدم ليمنع السيلان، وقوله: "ولتستذفر" بذال معجمة بدل الثاء المثلثة قلبت الثاء ذالًا. 278 - قوله: "وتغتسل فيما سوى ذلك" أي لأول صلاة ثم تتوضأ أو لكل

سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فِيهِ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ وَتَغْتَسِلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ وَتَسْتَثْفِرُ بِثَوْبٍ وَتُصَلِّي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "سَمَّى الْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَتِ اسْتُحِيضَتْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَن أَيُّوبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ". 279 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّمِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَرَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ قُتَيْبَةُ بَيْنَ أَضْعَافِ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَة فِي آخِرِهَا، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَيُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ اللَّيْثِ، فَقَالَا: جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. 280 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا، سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ === صلاة. 279 - قوله: "مِركَنَها" بكسر الميم إجانة تغسل فيها الثياب، و "حيضتك" بفتح الحاء الدم. 280 - قوله: "إنما ذلك" بكسر الكاف على خطاب المرأة، أي إنما ذلك الدم

عِرْقٌ فَانْظُرِي إِذَا أَتَى قَرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي، فَإِذَا مَرَّ قَرْؤُكِ فَتَطَهَّرِي، ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ الْقَرْءِ إِلَى الْقَرْءِ». 281 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنَّهَا أَمَرَتْ أَسْمَاءَ أَوْ أَسْمَاءُ حَدَّثَتْنِي أَنَّهَا أَمَرَتْهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنْ تَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، " فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَسْمَعْ قَتَادَةُ مِنْ عُرْوَةَ شَيْئًا وَزَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَيْسَ هَذَا فِي حَدِيثِ الْحِفَاظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، إِلَّا مَا ذَكَر سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ وَقَدْ رَوَى الْحُمَيْدِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَرَوَتْ قَمِيرُ بِنْتُ عَمْرٍو زَوْجُ مَسْرُوقٍ، === الزائد على العادة السابقة، وذلك لأنه الدم الذي اشتكته. وقوله: "عرق" أي دم عرق لا دم حيض فإنه من الرحم، وقوله: "إذا أتى قرؤك، المراد بالقرء هاهنا الحيض، وإن كان هو من الأضداد يطلق على الحيض والطهر. 281 - قوله: "وروت قَمِير" بفتح القاف وكسر الميم بنت عمرو زوج

عَنْ عَائِشَةَ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ» وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا» وَرَوَى أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي» وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ سَوْدَةَ اسْتُحِيضَتْ، «فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَضَتْ أَيَّامُهَا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ» وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ قُرْئِهَا» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمَّارٌ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْقِلٌ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ رَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنْ قَمِيرَ امْرَأَة مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ، وَمَكْحُولٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَسَالِمٍ، وَالْقَاسِمِ، «أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يَسْمَع قَتَادَة مِن عُرْوَة شَيْئًا». === مسروق (¬1) ومن عداها بضم القاف مصغرًا. ¬

_ (¬1) قمير بنت عمرو , الكوفية , زوج مسروق، من الثالثة. التقريب 2/ 611.

باب من روى أن: الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة

بَابُ مَنْ رَوَى أَنَّ: الْحَيْضَةَ إِذَا أَدْبَرَتْ لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ 282 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ، جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، ثُمَّ صَلِّي». 283 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ بِإِسْنَادِ زُهَيْرٍ، وَمَعْنَاهُ وَقَالَ: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ، فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا، فَاغْسِلِي الدَّمَ عَنْكِ وَصَلِّي». === بَابُ مَنْ رَوَى أَنَّ: الْحَيْضَةَ إِذَا أَدْبَرَتْ لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ 282 - قوله: "أبي حُبَيْش" بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية بعدها شين معجمة. قوله: "أستحاض" هو من الأفعال اللازمة البناء للمفعول، وقولها "فلا أطهر" هو من حد نصر وكرم لغة فيه والمراد أفاد الاستمرار، وقوله: "وليست بالحيضة" بفتح الحاء أي دم الحيض، وقيل بالكسر وهو بعيد. وقوله: "فاغسلي عنك الدم" الظاهر أنه أمر بغسل ما على بدنها من الدم فلا بد من تقدير أي واغتسلي، وتركه إما من الرواة أو لظهور وجوب الاغتسال، ويحتمل أن يقال معناه: واغسلي عنك أثر الدم وهو الجنابة، أو نصب الدم على نزع الخافض أي للدم، ولا يخفى بعد هذين الاحتمالين، والله تعالى أعلم.

باب [من قال] إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

بَابُ [مَنْ قَالَ] إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ 284 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، عَنْ بُهَيَّةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً تَسْأَلُ عَائِشَةَ عَنِ امْرَأَةٍ فَسَدَ حَيْضُهَا وَأُهْرِيقَتْ دَمًا، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ آمُرَهَا «فَلْتَنْظُرْ قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَحَيْضُهَا مُسْتَقِيمٌ، فَلْتَعْتَدَّ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَيَّامِ، ثُمَّ لِتَدَعِ الصَّلَاةَ فِيهِنَّ أَوْ بِقَدْرِهِنَّ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّ». 285 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَبْعَ === بَابُ [مَنْ قَالَ] إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ 284 - قوله: "فسد حيضها" أي اختلط بدم الاستحاضة، وقوله: "وحيضها مستقيم" الجملة حال من ضمير تحيض. 285 - قوله: "ختنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" (¬1) بخاء ¬

_ (¬1) هي أم حبيبة بنت جحش.

سِنِينَ، " فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْكَلَامَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَاب الزُّهْرِيِّ غَيْرُ الْأَوْزَاعِي وَرَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ، وَيُونُسُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَعْمَرٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ «وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْكَلَامَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَإِنَّمَا هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَزَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيهِ أَيْضًا «أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَهُوَ وَهْمٌ مِن ابْنِ عُيَيْنَة، وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ شَيْءٌ يَقْرُبُ مِنَ الَّذِي زَادَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي حَدِيثِهِ". 286 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === معجمة ثم مثناة فوقية ثم نون مفتوحات، والمراد أنها أخت زوجته صلى الله تعالى عليه وسلم. 286 - وقوله: "يعرف" أي معروف بين النساء، ولعل المراد أن بعض النساء تعرفه، والله تعالى أعلم. قوله: "الدم البحراني" بفتح الموحدة وضمها وسكون الحاء المهملة، قال الخطابي: يريد الدم الغليظ الواسع (¬1)، قيل: سمي دم الحيض بذلك لغلظه ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 87.

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ مِنْ كِتَابِهِ هَكَذَا، ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ بَعْدُ حِفْظًا قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ قَالَ: «إِذَا رَأَتِ الدَّمَ الْبَحْرَانِيَّ فَلَا تُصَلِّي، وَإِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ وَتُصَلِّي» وَقَالَ مَكْحُولٌ: «إِنَّ النِّسَاءَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ إِنَّ دَمَهَا أَسْوَدُ غَلِيظٌ، فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ وَصَارَتْ صُفْرَةً رَقِيقَةً، فَإِنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ تَرَكَتِ الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ» وَرَوَى سُمَيٌّ وَغَيْرُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ «الْحَائِضُ إِذَا مَدَّ بِهَا الدَّمُ تُمْسِكُ بَعْدَ حَيْضَتِهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ» وَقَالَ التَّيْمِيُّ: === وشدة حمرته ونسبه إلى البحر، والبحر عمق الرحم. قوله: "وإذا مد بها الدم" أي زاد على العادة فلا يحكم بالاستحاضة بمجرد الزيادة حتى يستمر يومًا أو يومين، ولا تصلي في هذين اليومين فإن لم ينقطع فهو استحاضة، والمراد يومًا وجوبًا ويومين ندبًا، والله تعالى أعلم.

عَنْ قَتَادَةَ «إِذَا زَادَ عَلَى أَيَّامِ حَيْضِهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَلْتُصَلِّ» وقَال التَّيْمِيُّ: فَجَعَلْتُ أَنْقُصُ حَتَّى بَلَغَتْ يَوْمَيْنِ. فَقَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمَيْنِ فَهُوَ مِنْ حَيْضِهَا، وسُئِلَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْهُ فَقَالَ: النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. 287 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَغَيْرُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ، فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً، فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ. فَقَالَ: «أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ». قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: «فَاتَّخِذِي ثَوْبًا». فَقَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ === قوله: "فجعلت أنقص" أي في التحديد عما قال قتادة. 287 - قوله: "إني امرأة أستحاض حيضة" بفتح الحاء بمعنى الحيض، وهو مصدر استحاض على حد: أنبت الله نباتًا، ولا يضره الفرق في اصطلاح الفقهاء بين الحيض والاستحاضة؛ إذ الكلام وارد على أصل اللغة. قوله: "أنعت" من حد فتح من النعت، وهو وصف الشيء بما فيه , و"الكرسف" بضم فسكون فضم: القطن، أي أصف لك الكرسف فإنه مذهب للدم فاستعمليه لعله ينقطع به دمك , وقولها: "أكثر من ذلك" أي من أن ينقطع بالكرسف، وقوله: "فاتخذي ثوبًا" تربط به موضع الكرسف ربطًا قويًّا بعد

إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنْكِ مِنَ الْآخَرِ، وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ». قَالَ لَهَا: «إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ، وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيكِ، وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتُ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ، وَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ === حشوه به , وقولها: "إنما أثج" بفتح ثم مثلثة مضمومة ثم جيم مشددة من الثج، وهو جري الدم أو الماء جريًا شديدًا، وجاء متعديًا أيضًا بمعنى الصب، وعلى هذا يقدر المفعول أي أصب الدم، وعلى الأول نسبة الجري إلى نفسها للمبالغة، كان النفس صارت عين الدم السائل. وقوله: "ركضة من ركضات الشيطان" الركضة بفتح فسكون الضرب بالرجل كما تفعل الدابة أي أن الشيطان وجد بذلك طريقًا إلى التبليس عليها في أمر دينها فصار كأنه ركضة نالها من ركضاته، وقيل: هو حقيقة وأن الشيطان ضربها بالرجل حتى فتق عرقها. قوله: "فتحيضي" أي عدي نفسك حائضًا أو افعلي ما تفعل الحائض، وأو للتخيير، خص العددان؛ لأنها الغالب على أيام النساء، وقيل: للشك من بعض الرواة، وقوله: "في علم الله" أي هو حكمك في دينه وشرعه أو حقيقة أمرك في علمه تعالى، وقال لها ذلك؛ لأنها لم يكن أيام معروفة ولا هي ممن يعرف الحيض بإقبال الدم وإدباره، كذا قرره كثير من أهل العلم.

وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَتُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلِينَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي، وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ فَافْعَلِي، وَصُومِي إِنْ قَدِرْتِ عَلَى ذَلِكَ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَذَا أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ: فَقَالَتْ: حَمْنَةُ فَقُلْتُ: «هَذَا أَعْجَبُ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ» لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ كَلَامَ حَمْنَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَعَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ رَافِضِيٌّ رَجُلُ سُوءٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ صَدُوقًا فِي الْحَدِيثِ وَثَابِتُ بْنُ الْمِقْدَامِ رَجُلٌ ثِقَةٌ وَذَكَرَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ يَقُولُ: حَدِيثُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ. === وقوله: "فصلي ثلاث ... " إلخ ظاهر الإطلاق يقتضي أنه لا حاجة إلى الوضوء لكل وقت صلاة، وهو ظاهر التشبيه في قوله، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء، لكن مقتضى الأحاديث الأخر اعتبار الوضوء لكل وقت صلاة، والله تعالى أعلم. وقوله: "وإن قويت على أن تؤخري" الظاهر أن المراد به إن قويت على أن تفعلي دائمًا كذلك من غير أن تحيض أيامًا، فالجمع بينهما أن تتحيض أيامًا وتفعل في الباقي الجمع بين الصلاتين على الوجه المذكور، والظاهر أن إجزاء الأمرين على حسب حالهما إن أمكن منهما إرجاع الحيض إلى أيام بعينها بأدنى علامة فقد قويت على الأمر الأول، وإلا فالأمر الثاني، والجمع أنها تجد أدنى علامة للإرجاع إلى أيام بعينها، ومع ذلك تغتسل كل يوم وتجمع بين الصلاتين احتياطًا، ومعنى أيهما صنعت أي عند القدرة عليه بأن يكون الحال مقتضيًا ذلك؛ فلا يرد أن هذا تخيير الأخف والأثقل , والله تعالى أعلم.

باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

بَابُ مَنْ رَوَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ 288 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ خَتَنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي». قَالَتْ عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ. 289 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ». 290 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَعْمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَرُبَّمَا قَال مَعْمَرٌ: عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِمَعْنَاهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ

باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَقَال ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيثِهِ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا قَالَ فِيهِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ». 291 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ «فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ» فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. 292 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهَا بِالْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتُحِيضَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: «تَوَضَّئِي لِكُلِّ === بَابُ مَنْ رَوَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ 292 - قوله: "والقول فيه قول أبي الويد" ترجيح منه لرفع الاغتسال لكل صلاة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ورجح الترمذي في جامعه الوقف فقال: قال قتيبة: قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل عند كل صلاة ولكنها فعلته هي (¬1)، وأما ¬

_ (¬1) الترمذي في الطهارة (129).

باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا

صَلَاةٍ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ: أَبِي الْوَلِيدِ. 293 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدَّمَ، وَكَانَتْ تَحْت عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي» وأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّ بَكْرٍ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فِي الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يُرِيبُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ «إِنَّمَا هِيَ عِرْقٌ» أَوْ قَالَ: «عُرُوقٌ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَقِيلٍ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا وَقَالَ: «إِنْ قَوِيتِ فَاغْتَسِلِي لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِلَّا فَاجْمَعِي» كَمَا قَالَ الْقَاسِمُ فِي حَدِيثِهِ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. بَابُ مَنْ قَالَ تَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَتَغْتَسِلُ لَهُمَا غُسْلًا 294 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «اسْتُحِيضَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُمِرَتْ أَنْ تُعَجِّلَ الْعَصْرَ وَتُؤَخِّرَ الظُّهْرَ وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلًا، وَأَنْ تُؤُخِّرَ الْمَغْرِبَ وَتُعَجِّلَ الْعِشَاءَ وَتَغْتَسِلَ لَهُمَا غُسْلًا، وَتَغْتَسِلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ غُسْلًا». فَقُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ === الوضوء لكل صلاة فهو ثابت في الجملة في غير هذا الحديث فيمكن ترجيحه بالموافقة، نعم مقتضى استمرارها على الاغتسال هو أنه ما ثبت في حديثها الوضوء، والله تعالى أعلم.

باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ. 295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ «اسْتُحِيضَتْ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» فَلَمَّا جَهَدَهَا ذَلِكَ «أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِغُسْلٍ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِغُسْلٍ، وَتَغْتَسِلَ لِلصُّبْحِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً اسْتُحِيضَتْ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهَا بِمَعْنَاهُ. 296 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ اسْتُحِيضَتْ - مُنْذُ كَذَا وَكَذَا - فَلَمْ تُصَلِّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ لِتَجْلِسْ فِي مِرْكَنٍ، فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ الْمَاءِ فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْغُسْلُ أَمَرَهَا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ» قَالَ === باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا 295 - قوله: "فلما جَهَدَها" أي شق عليها.

باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر

أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ. بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ 297 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي «الْمُسْتَحَاضَةِ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَالْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «زَاد عُثْمَانُ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي». 298 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ خَبَرَهَا وَقَالَ «ثُمَّ اغْتَسِلِي، ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ وَصَلِّي». === بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ 297 - قوله: "والوضوء عند كل صلاة" ولعل اختلاف الأحاديث في المستحاضة مبني على اختلافها في معرفة أيام الحيض، فتارة تكون المعرفة قوية بسبب عادة سبقت، وتكون العادة محفوظة، وتارة تضعف، وتارة يلتبس الأمر ولا يتميز أصلًا، والله تعالى أعلم. ثم هذا الباب وضعه للاغتسال من طهر إلى طهر بضم طاء مهملة، والباب الآتي للاغتسال من ظهر إلى ظهر.

299 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي مِسْكِينٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ «فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَغْتَسِلُ تَعْنِي مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَوَضَّأُ إِلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا». 300 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ أَيُّوبَ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، وَأَيُّوبَ أَبِي الْعَلَاءِ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لَا تَصِحُّ» وَدَلَّ عَلَى ضُعْفِ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبٍ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْقَفَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَأَنْكَر حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ حَبِيبٍ مَرْفُوعًا، وَأَوْقَفَهُ أَيْضًا أَسْبَاطٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ مَوْقُوفٌ عَنْ عَائِشَةَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ دَاوُدَ، عَنِ الْأَعْمَشِ مَرْفُوعًا أَوَّلُهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَدَلَّ عَلَى ضُعْفِ حَدِيثِ حَبِيبٍ هَذَا أَنَّ رِوَايَةَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» فِي حَدِيثِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَرَوَى أَبُو الْيَقْظَانِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَعَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَبَيَانٌ، وَالْمُغِيرَةُ، وَفِرَاسٌ، وَمُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ حَدِيثِ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَرِوَايَةَ دَاوُدَ، وَعَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ «تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً» وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَهَذِهِ

باب من قال المستحاضة تغتسل من ظهر إلى ظهر

الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ إِلَّا حَدِيثَ قَمِيرَ، وَحَدِيثَ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَحَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْغُسْلُ". بَابُ مَنْ قَالَ الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ 301 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ الْقَعْقَاعَ، وَزَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ أَرْسَلَاهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَسْأَلُهُ كَيْفَ تَغْتَسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَقَالَ: «تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ اسْتَثْفَرَتْ بِثَوْبٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «تَغْتَسِلُ مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ» وَكَذَلِكَ رَوَى دَاوُدُ، وَعَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ قَمِيرَ، عَنْ عَائِشَةَ، " إِلَّا أَنَّ دَاوُدَ قَالَ: «كُلَّ يَوْمٍ»، وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ «عِنْدَ الظُّهْرِ»، وَهُوَ قَوْلُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " قَالَ مَالِكٌ: إِنِّي لَأَظُنُّ حَدِيثَ ابْنِ الْمُسَيَّب «مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ»، إِنَّمَا هُوَ «مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ»، وَلَكِنَّ الْوَهْمَ دَخَلَ فِيهِ فَقَلَبَهَا النَّاسُ فَقَالُوا: مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ " وَرَوَاهُ مِسْوَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ، قَالَ فِيهِ: «مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ» فَقَلَبَهَا النَّاسُ: مِنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ". بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الظُّهْرِ 302 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَعْقِلٍ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ === بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً وَلَمْ يَقُلْ عِنْدَ الظُّهْرِ 302 - قوله: "واتخذت صوفة فيها سمن أو زيت" الظاهر أن مراده أنها

باب من قال تغتسل بين الأيام

عَنْهُ قَالَ: «الْمُسْتَحَاضَةُ إِذَا انْقَضَى حَيْضُهَا اغْتَسَلَتْ كُلَّ يَوْمٍ، وَاتَّخَذَتْ صُوفَةً فِيهَا سَمْنٌ أَوْ زَيْتٌ». بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ 303 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: «تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ فَتُصَلِّي، ثُمَّ تَغْتَسِلُ فِي الْأَيَّامِ». بَابُ مَنْ قَالَ تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ 304 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي بْنَ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ، فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَحَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ حِفْظًا، فَقَالَ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ === تستعمل الصوفة المذكورة في موضع الكرسف، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ قَالَ تَغْتَسِلُ بَيْنَ الْأَيَّامِ 303 - قوله: " ... ثم تغتسل في الأيام" الظاهر أنه قال ذلك بناء على العادة إذا العادة أنها لا تستمر بعد غسل الطهر إلى الطهر الثاني، بل تغتسل في أيام لإزالة الوسخ , ومراده أن اللازم عليها هو الغسل الواحد عند انقطاع الحيض , وبعد ذلك هي كسائر النساء، والله تعالى أعلم.

باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث

عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَشُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: الْعَلَاءُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْقَفَهُ شُعْبَةُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ «تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ». بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ إِلَّا عِنْدَ الْحَدَثِ 305 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةِ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ «فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْتَظِرَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ رَأَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ». 306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ رَبِيعَةَ، «أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ وُضُوءًا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا أَنْ يُصِيبَهَا حَدَثٌ غَيْرُ الدَّمِ، فَتَوَضَّأُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ. === بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الْوُضُوءَ إِلَّا عِنْدَ الْحَدَثِ 305 - قوله: "فإن رأت شيئًا من ذلك توضأت" يفيد أن الوضوء لكل صلاة مقيد بما إذا رأت وأما إذا لم تر بين الصلاتين فلا وضوء عليها بل هي كالطاهرات، فما جاء من الوضوء لكل صلاة مبني على أن المعتاد في حق المستحاضة رؤية شيء بين الصلاتين، وأما أنه لا وضوء عليها إلا إذا رأت حدثًا غير الدم كما هو مراد المصنف ففي إفادة هذا الحديث ذلك نظر.

باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة [بعد الطهر]

بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ [بَعْدَ الطُّهْرِ] 307 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْهُذَيْلِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - وَكَانَتْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ: «كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا». 308 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا، أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، بِمِثْلِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أُمُّ الْهُذَيْلِ هِيَ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ كَانَ ابْنُهَا اسْمُهُ هُذَيْلٌ، وَاسْمُ زَوْجِهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا 309 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: «كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ فَكَانَ زَوْجُهَا يَغْشَاهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مُعَلَّى ثِقَةٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا يَرْوِي عَنْهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ. 310 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، === بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ [بَعْدَ الطُّهْرِ] 307 - قوله: "بعد الطهر" أي بعد ما رأت الطهر، إن رأت صفرة ونحوها , فليس بشيء. بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَغْشَاهَا زَوْجُهَا 309 - قوله: "فكان زوجها يغشاها" أي يجامعها.

باب ما جاء في وقت النفساء

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، «أَنَّهَا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً وَكَانَ زَوْجُهَا يُجَامِعُهَا». بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ 311 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ مُسَّةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا - أَوْ أَرْبَعِينَ === بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ النُّفَسَاءِ 311 - قوله: "عن أبي سهل عن مُسَّة" ضعف بعضهم الحديث بأبي سهل، وقال: كان يروي الأشياء المقلوبة فيجتنب ما انفرد به، ولكن البخاري أثنى على الحديث ووثق أبا سهل فلا وجه لقول من ضعف (¬1). قوله: "تقعد بعد نفاسها" أي بعد ولادتها، قيل: معنى الحديث كانت تؤمر أن تجلس إلى أربعين لتصح، إذ لا يتفق عادة جميع أهل عصر في حيض أو نفاس اهـ. قلت: هذا المعنى لا توافقه الرواية الآتية، لكن الموافق لها كانت بعض النساء، أو قد تقعد، ونحو ذلك، ويمكن أن يحمل ذلك على العادة أي كانت النفساء تعتاد الجلوس إلى هذه المدة، وإن كانت قد تخلص قبل هذه المدة أيضًا على خلاف العادة، وقد يستبعد اتفاق العادة، على حد واحد أيضًا، إلا أن يقال هو غير مستبعد في نحو المدينة في تلك الأيام بناء على أن الغالب على أهلها في ¬

_ (¬1) كثير بن زياد، أبو سهل البُرساني، بصري، نزل بلخ , ثقة من السادسة. التقريب 2/ 131.

لَيْلَةً - وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الْوَرْسَ - تَعْنِي - مِنَ الكَلَفِ». 312 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ يَعْنِي حُبِّي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الْأَزْدِيَّةُ يَعْنِي مُسَّةَ قَالَتْ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ يَقْضِينَ صَلَاةَ الْمَحِيضِ فَقَالَتْ: «لَا يَقْضِينَ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ» قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ حَاتِم: وَاسْمُهَا مُسَّةُ تُكْنَى أُمَّ بُسَّةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ كُنْيَتُهُ أَبُو سَهْلٍ. === تلك الأيام قلة الطعام، وبه يقل خروج الدم فيمتد إلى أيام كثيرة، والله تعالى أعلم. قولها: "الْوَرْسَ" هو نبت يزرع باليمن ولا يكون بغيره، و "الكَلَف" بفتحتين شيء أسود يعلو الوجه. 312 - قوله: "من نساء النبي على الله تعالى عليه وسلم، الظاهر أن المراد من نساء عهد النبي وزمانه صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو الموافق للرواية السابقة، وليس المراد من زوجات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى يقال نفاس زوجات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غير معلوم، وأم إبراهيم ما كانت من الزوجات، والله تعالى أعلم.

باب الاغتسال من الحيض

بَابُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ 313 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بِنْتِ أَبِي الصَّلْتِ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَدْ سَمَّاهَا لِي قَالَتْ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ قَالَتْ: فَوَاللَّهِ، لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصُّبْحِ، فَأَنَاخَ وَنَزَلْتُ عَنْ حَقِيبَةِ رَحْلِهِ، فَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنِّي فَكَانَتْ أَوَّلُ حَيْضَةٍ حِضْتُهَا قَالَتْ: فَتَقَبَّضْتُ إِلَى النَّاقَةِ وَاسْتَحْيَيْتُ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِي وَرَأَى الدَّمَ قَالَ: «مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنَ الدَّمِ، ثُمَّ عُودِي === بَابُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ 313 - قوله: "على حقيبة رحله" بحاء مهملة مفتوحة ثم قاف مكسووة ثم ياء مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة، هي الزيادة التي تجعل في آخر القتب وكل ما شد في مؤخر رحل أو قتب، فالإرداف على الحقيقة لا يستلزم المماسة فلا إشكال. وقولها: "فتَقبَّضْتُ" أي ضممت نفسي إلى الناقة، وقوله: "نُفِسْتِ" بفتح النون وكسر الفاء أي حضت، وقوله: "فأصلحي من نفسك" أي ما يمنعك من خروج الدم إلى الحقيبة.

لِمَرْكَبِكِ». قَالَتْ: فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ رَضَخَ لَنَا مِنَ الفَيْءِ قَالَتْ: وَكَانَتْ لَا تَطَّهَّرُ مِنْ حَيْضَةٍ إِلَّا جَعَلَتْ فِي طَهُورِهَا مِلْحًا، وَأَوْصَتْ بِهِ أَنْ يُجْعَلَ فِي غُسْلِهَا حِينَ مَاتَتْ. 314 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتْ أَسْمَاءُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَغْتَسِلُ إِحْدَانَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْمَحِيضِ؟ قَالَ: «تَأْخُذُ سِدْرَهَا وَمَاءَهَا فَتَوَضَّأُ، ثُمَّ تَغْسِلُ رَأْسَهَا، وَتَدْلُكُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ أُصُولَ شَعْرِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَى جَسَدِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَتَهَا فَتَطَّهَّرُ بِهَا» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا. قَالَتْ: عَائِشَةُ فَعَرَفْتُ الَّذِي يَكْنِي عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهَا: تَتَبَّعِينَ بِهَا آثَارَ الدَّمِ. === وقوله: "رضخ" بمهملة ثم معجمتين أي أعطى عطاه أقل من السهم، والله تعالى أعلم. 314 - قوله: "قال: تأخذ سدرها" كأنها سألت عن الكيفية المسنونة فبين لها تلك، وإلا فلا شك أن استعمال السدر ليس بفرض، وكذا الوضوء وأخذ الفرصة، فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث على افتراض شيء، وقوله "فرصتها" بكسر الفاء وسكون الراء وصاد مهملة قطعة من قطن أو صوف تفرص أي تقطع.

315 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ، فَأَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ وَقَالَتْ لَهُنَّ: مَعْرُوفًا، وَقَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ «فِرْصَةً مُمَسَّكَةً». قَالَ مُسَدَّدٌ: كَانَ أَبُو عَوَانَةَ يَقُولُ: «فِرْصَةً»، وَكَانَ أَبُو الْأَحْوَصِ يَقُولُ: «قَرْصَةً». 316 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: «فِرْصَةً مُمَسَّكَةً». قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا وَاسْتَتِرِي بِثَوْبٍ»، وَزَادَ وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ فَقَالَ: «تَأْخُذِينَ مَاءَكِ فَتَطَّهَّرِينَ أَحْسَنَ الطُّهُورِ وَأَبْلَغَهُ، ثُمَّ تَصُبِّينَ عَلَى رَأْسِكِ الْمَاءَ، ثُمَّ تَدْلُكِينَهُ حَتَّى يَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِكِ، ثُمَّ === 315 - قوله: "وقالت لهن" أي فيهن , وهذا يدل على أن هذه أسماء ليست أخت عائشة , وقد جاء أنها أسماء بنت شكل بفتحتين. وقوله: "مُمسكة" بضم ميم ففتح ثانية ثم سين مشددة مفتوحة أي مطلية بالمسك. قوله: "كان أبو عوانة يقول: فرصة" بكسر الفاء , أي كما تقدم، "وكان أبو الأحوص يقول: قرصة" بفتح القاف وبالصاد المهملة , أي شيئًا يسيرًا مثل القرصة بطرف الأصبعين. 316 - قوله: "شؤون رأسك" بضم الشين والهمزة: هي عظامه أصوله.

باب التيمم

تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ» قَالَ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ، وَأَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِيهِ». بَابُ التَّيَمُّمِ 317 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَأُنَاسًا مَعَهُ فِي طَلَبِ قِلَادَةٍ أَضَلَّتْهَا عَائِشَةُ، «فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ» زَادَ ابْنُ نُفَيْلٍ: فَقَالَ لَهَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْر: يَرْحَمُكِ اللَّهُ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَكِ فِيهِ فَرَجًا. === بَابُ التَّيَمُّمِ 317 - قوله: "أسيد بن حضير" (¬1) كلاهما بالتصغير، "والقلادة" بالكسر معروف، وقوله: "أضلتها" بتشديد اللام أي ضيعتها. وقوله: "فصلوا بغير وضوء" استدل به على أن فاقد الطهورين يصلي ولا إعادة عليه، لأن حالنا عند فقدهما كحالهم يومئذ عند فقد الماء، ولم يرو أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنكر علبهم ولا أمرهم بالإعادة، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في التيمم (334).

318 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ «تَمَسَّحُوا وَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّعِيدِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمُ الصَّعِيدَ، ثُمَّ مَسَحُوا وُجُوهَهُمْ مَسْحَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ عَادُوا فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمُ الصَّعِيدَ مَرَّةً أُخْرَى فَمَسَحُوا بِأَيْدِيهِمْ كُلِّهَا إِلَى الْمَنَاكِبِ وَالْآبَاطِ مِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ». 319 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «قَامَ الْمُسْلِمُونَ فَضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمُ التُّرَابَ، وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَنَاكِبَ وَالْآبَاطَ قَالَ: ابْنُ اللَّيْثِ: «إِلَى مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ». 320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِأَوَّلَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ عَائِشَةُ فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ، فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ === 318 - قوله: "بأكفهم" بفتح همزة فضم كاف فمشددة جمع كف. 320 - قوله: "عَرَّسَ" من التعريس، وهو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة والنوم، و"أولات الجيش" بضم الهمزة جمع ذات، وجاء في رواية البخاري

الْفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةَ التَّطَهُّرِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَلَمْ يَقْبِضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا، فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ، وَمِنْ بِطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ " زَادَ ابْنُ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي حَدِيثِهِ: «وَلَا يَعْتَبِرُ بِهَذَا النَّاسُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَذَكَرَ ضَرْبَتَيْنِ». كَمَا ذَكَرَ يُونُسُ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ «ضَرْبَتَيْنِ»، وَقَالَ مَالِكٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَشَكَّ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَرَّةً عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَرَّةً قَالَ: عَنْ أَبِيهِ، وَمَرّةً قَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ اضْطَرَبَ ابْنُ عُيَيْنَة فِيهِ، وَفِي سَمَاعِهِ مِنَ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي === بذات الجيش، قيل: وهي من المدينة على بريد بينها وبين العقيق سبعة أميال، و"العقد" بكسر المهملة هي القلادة، "والجزع" بفتح الجيم وسكون المعجمة خرز يماني، و"ظفار" بكسر أوله وفتحه مدينة بسواحل اليمن. وقوله: "فحبس الناس" بالنصب "ابتغاء عقدها" برفع ابتغاء على أنه فاعل حبس أي طلبهم العقد حبسهم عن المشي، وقوله: "وأيديهم إلى المناكب" أي من الظهور إلى المناكب، ولذلك عطف عليه. قوله "ومن بطون أيديهم إلى الآباط"، والله تعالى أعلم.

هَذَا الْحَدِيثِ «الضَّرْبَتَيْنِ» إِلَّا مَنْ سَمَّيْتُ. 321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي مُوسَى، فقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ؟ فَقَالَ: لَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بِالصَّعِيدِ. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ === قوله: "ولا يعتبر بهذا الناس" أي ما أخذ به أحد. 321 - قوله: "فقال أبو موسى" أبو موسى كان قائلًا بعموم التيمم للمحدث والجنب، وابن مسعود كان قائلًا بخصوصه بالمحدث فجرى بينهما البحث، و"أبو عبد الرحمن" كنية ابن مسعود. وقوله: "فكيف تصنعون ... " إلخ، أي هي شاملة للمحدث والجنب جميعًا فما جوابكم عنها، والخطاب بصيغة الجمع للتنبيه على ورود الإشكال بالآية على كل من يقول بالخصوص كعمر وغيره، وعلى أن الكل محتاجون إلى الجواب عنها. "فقال عبد الله ... " إلخ، ظاهره أنه عارض عموم الآية بتخيل ثم ما قنع بذلك حتى رجح التخيل على عموم الآية فعمل به لا بالآية، وهذا لا يليق بأحد فضلًا عن ابن مسعود، فكأنه رضي الله تعالى عنه أشار إلى أن قوله تعالى: {فَلَمْ

هَذَا لِهَذَا. قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَر بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدَ الْمَاءَ فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === تَجِدُوا مَاءً} (1) بمعنى لم تقدروا على استعماله لكونه مترتبًا على قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (¬1)، والمرتب علهما عدم القدرة لا عدم وجود الماء، فلو كانت الآية عامة للجنب لكان شدة البرد سببًا للتيمم في حق الجنب لأنها توجب عدم القدرة على استعمال الماء في الاغتسال دون الوضوء، وهو بعيد, فلا بد من تخصيص الآية بالحدث كما هو شأن النزول, وحاصله أن الأصل وإن كان عموم اللفظ لا خصوص السبب لكن ذلك إذا لم يكن هناك مانع عن العموم, وإلا يحمل على خصوص السبب وهاهنا كذلك. فإن قلت: ذلك لو لم يكن العموم صريحًا كما هاهنا، فإن قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} صريح في عموم الحكم للجنب، قلت: لعله لا يحمل الملامسة على الجماع بل يحمله على المس باليد ويجعله حدثًا، فإن قلت: فما بقي في الآية عموم أصلًا، قلت: لفظها عام، وما ذكر فيها من بعض أسباب الحدث فهو مذكور على وجه التمثيل لا الحصر، وإلا يشكل الأمر بباقي أسباب الحدث أيضًا. هذا، ثم قد جاء من الأحاديث ما قطع النزاع وبين عموم الحكم للجنب بل في صورة البرد كما سيجيء فلله الحمد. وقوله: "إنما كرهتم هذا" أي إجراء الآية على العموم، وقوله: "فتمرغت" أي تقلبت في التراب كأنه ظن أن إيصال التراب إلى جميع الأعضاء واجب في ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (43).

وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْأَرْضِ فَنَفَضَهَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَبِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ عَلَى الْكَفَّيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ» فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ. === الجنابة كإيصال الماء. وقوله: "فنفضها" أي أسقط ما عليها من التراب تقليلًا له, وقوله: "على الكفين" يدل على أن الواجب في التيمم يدان إلى الرسغين وأخذ به قوم، وكان آخرون يعتذرون برد عمر كما اعتذر ابن مسعود، والله تعالى أعلم. وقوله "ثم مسح" ظاهره الاكتفاء بضربة واحدة إلا أن يقال: المعطوف مقدر، أي ثم ضرب ومسح وجهه، لكن هذا الوجه يرده روايات هذا الحديث، أو يقال: الحديث مسوق لبيان كيفية المسح في تيمم الجنابة، وبيان أنه كتيمم الوضوء، وأما الضربات فمعلومة من خارج، فلو ترك بعض الضربات فلا يدل تركه على عدمه، وما سيجيء من عمار أنه قال: "أمرنى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ضربة واحدة" يحتمل أنه فهم منه فلا دليل فيه. وقوله: "أفلم تر عمر ... " إلخ، قيل: لأنه أخبره عن شيء حضره معه ولم يذكره، فجوز عليه الوهم كما جوز على نفسه النسيان. قلت: فتبع ابن مسعود عمر في ذلك فاعل من ترك ظاهر هذا الحديث تبع ابن مسعود، والله تعالى أعلم. وبناء ترك الكل على تجويز الوهم عليه لا على التكذيب، والله تعالى أعلم.

322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّا نَكُونُ بِالْمَكَانِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَمْ أَكُنْ أُصَلِّي حَتَّى أَجِدَ الْمَاءَ. قَالَ: فَقَالَ عَمَّارٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا تَذْكُرُ إِذْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي الْإِبِلِ، فَأَصَابَتْنَا جَنَابَةٌ، فَأَمَّا أَنَا، فَتَمَعَّكْتُ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ هَكَذَا، وَضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَخَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ» فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَمَّارُ اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ شِئْتَ وَاللَّهِ لَمْ أَذْكُرْهُ أَبَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: كَلَّا وَاللَّهِ لَنُوَلِّيَنَّكَ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّيْتَ. === 332 - قوله: "إنا نكون بالمكان" أي بمكان لا ماء فيه، الشهر والشهرين" أي فيحصل لنا الجنابة لطول المكث ولا ماء ثمت فنتيمم, وقوله: "فتمعكت" أي تقلبت في التراب، وقوله: "أن تقول" أي تفعل، وقوله: "ثم نفخها" أي تقليلًا للتراب. وقوله: "اتق الله" أي في ذكر أحكامه فلا تذكر إلا عن تحفظ، وقوله: "إن شئت والله ... " إلخ، كأنه رأى أن أصل التبليغ قد حصل منه, وزيادة التبليغ غير واجب عليه فيجور له تركه إن رأى عمر فيه مصلحة، وقوله: "لنوليك" من التولية بالنون الثقيلة أي لنجعلنك واليًا على ما تصديت عليه من التبليغ والإخبار، وذلك لأنه ما قطع بخطئه وإنما لم يذكره فجوز عليه الوهم وعلى نفسه النسيان، والله تعالى أعلم. ثم إنه قد جاء في بعض روايات حديث عمار "إلى المرفقين" إلا أنه شاذ مخالف لرواية الأكثر, والله تعالى أعلم.

323 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: «يَا عَمَّارُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ ضَرَبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَالذِّرَاعَيْنِ إِلَى نِصْفِ السَّاعِدَيْنِ، وَلَمْ يَبْلُغِ الْمِرْفَقَيْنِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى يَعْنِي، عَنْ أَبِيهِ. 324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا، وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» شَكَّ سَلَمَةُ وَقَالَ: «لَا أَدْرِي فِيهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، يَعْنِي أَوْ إِلَى الْكَفَّيْنِ». 325 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي الْأَعْوَرَ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «ثُمَّ نَفَخَ فِيهَا وَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ» - أَوْ إِلَى الذِّرَاعَيْنِ - قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ سَلَمَةُ يَقُولُ: الْكَفَّيْنِ وَالْوَجْهَ وَالذِّرَاعَيْنِ، فَقَالَ لَهُ مَنْصُورٌ ذَاتَ يَوْمٍ: انْظُرْ مَا تَقُولَ فَإِنَّهُ لَا يَذْكُرُ الذِّرَاعَيْنِ غَيْرُكَ.

326 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ ذَرٍّ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ إِلَى الْأَرْضِ، فَتَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارًا يَخْطُبُ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يَنْفُخْ». وَذَكَرَ حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ إِلَى الْأَرْضِ وَنَفَخَ». 327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّيَمُّمِ «فَأَمَرَنِي ضَرْبَةً وَاحِدَةً لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ». 328 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ: سُئِلَ قَتَادَةُ، عَنِ التَّيَمُّمِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ».

باب التيمم في الحضر

بَابُ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ 329 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي الْجُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ حَتَّى أَتَى عَلَى جِدَارٍ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ». === بَابُ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ 329 - قوله: "على أبي الجهيم" (¬1) بالتصغير، و"الصمة" بكسر صاد مهملة وتشديد ميم، وفي المفاتيح بتخفيف ميم. "بئر جمل" بفتح جيم والميم موضع، قيل: هو من العقيق، ومعنى "من نحوه" أي من جهته، وقد أخذ بعض علمائنا الحنفية كما صرح به في البحر من هذا الحديث وأمثاله التيمم مع القدرة على الماء في الوضوء المندوب دون الواجب، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري, قيل: اسمه عبد الله، وقد ينسب لجده, وقيل: عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة؛ وقيل: اسمه الحارث بن الصمة, صحابي معروف, وهو ابن أخت أبي بن كعب، بقي إلى خلافة معاوية. التقريب 2/ 407.

330 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْصِلِيُّ أَبُو عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي حَاجَةٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَضَى ابْنُ عُمَرَ حَاجَتَهُ فَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ يَوْمَئِذٍ أَنْ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَارَى فِي السِّكَّة «ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْحَائِطِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ» وَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ حَدِيثًا مُنْكَرًا فِي التَّيَمُّمِ " قَالَ ابْنُ دَاسَةَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يُتَابَعْ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى «ضَرْبَتَيْنِ» عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَوْهُ فِعْلَ ابْنِ عُمَرَ. 331 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْبُرُلُّسِيُّ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغَائِطِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ عِنْدَ بِئْرِ جَمَلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْحَائِطِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ». === 330 - قوله: "في سكة" بكسر فتشديد معلوم.

باب الجنب يتيمم

بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ 332 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، ح حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: اجْتَمَعَتْ غُنَيْمَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ ابْدُ فِيهَا». فَبَدَوْتُ إِلَى الرَّبَذَةِ فَكَانَتْ تُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأَمْكُثُ الْخَمْسَ وَالسِّتَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أبُو ذَرٍّ». فَسَكَتُّ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا ذَرٍّ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ». فَدَعَا لِي بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ فَجَاءَتْ بِعُسٍّ فِيهِ مَاءٌ فَسَتَرَتْنِي بِثَوْبٍ وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحِلَةِ، وَاغْتَسَلْتُ فَكَأَنِّي أَلْقَيْتُ عَنِّي جَبَلًا فَقَالَ «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ === بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ 332 - قوله: "ابن بجدان" (¬1) ضبط بضم الموحدة وسكون الجيم. وقوله: "غنيمة" تصغير غنم لإفادة القلة، وقوله: "ابدُ" صيغة أمر من بدأ يبدو أي اخرج إلى البادية، "والربذة" بفتحتين وإعجام الذال موضع بقرب المدينة (¬2). قوله: "فقال: أبو ذر" بتقدير الاستفهام أي أنت أبو ذر، وكأنه سكت أولًا حياء لما به من الجنابة، وأجاب ثانيًا كما سيجيء فلا منافاة، و"العُسُّ" بضم عين ¬

_ (¬1) عمرو بن بُجْدَان العامري، بصري، تفرد عنه أبو قلابة, من الثانية لا يعرف حاله. التقريب 2/ 66. (¬2) وهي على ثلاثة أميال منها قريبة من ذات عرق على طريق إذ أرحلت من قيد بريد مكة.

الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» وَقَالَ: مُسَدَّدٌ: «غُنَيْمَةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ عَمْرٍو أَتَمُّ». 333 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ فَأَهَمَّنِي دِينِي، فَأَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فَقَالَ: أَبُو ذَرٍّ إِنِّي اجْتَوَيْتُ الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَبِغَنَمٍ فَقَالَ لِي: «اشْرَبْ مِنْ أَلْبَانِهَا» - قَالَ حَمَّادٌ: وَأَشُكُّ فِي أَبْوَالِهَا، هَذَا قَوْلُ حَمَّادٍ - فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ، وَمَعِي أَهْلِي فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طَهُورٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ، وَهُوَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ فِي ظِلِّ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟ » قُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ أَعْزُبُ عَنِ الْمَاءِ، وَمَعِي أَهْلِي فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِمَاءٍ، فَجَاءَتْ بِهِ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ بِعُسٍّ يَتَخَضْخَضُ مَا هُوَ بِمَلْآنَ، فَتَسَتَّرْتُ إِلَى بَعِيرِي، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ: إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ، === فتشديد سين مهملة هو القدح الكبير، وقوله: "وضوء المسلم" بفتح الواو، وقوله: "فَأمِسَّهُ" أمر من الإمساس، والله تعالى أعلم. 333 - قوله: "اجْتوَيتُ" بالجيم أي استوخمتها أي ما وافقني هواها، وقوله: "بذَوْدٍ" أي جماعة من النوق، وهو اسم جمع مخصوص بالأنثى من الإبل لا واحد لها من فضلها.

باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم

وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ، فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ لَمْ يَذْكُرْ أَبْوَالَهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَيْسَ فِي أَبْوَالِهَا إِلَّا حَدِيثُ أَنَسٍ تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ». بَابُ إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ 334 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ » فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ مِصْرِيٌّ مَوْلَى خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ، وَلَيْسَ هُوَ === وقوله: "أعزب عن الماء" أي أغيب من حد نصر، وضرب لغة فيه، وقوله: "يتخضخض" بمعجمتين مكررتين أي يتحرك، وقوله: "ما هو" أي ذلك القدح بملآن، كأنه لكبره كفاه دون امتلاء. بَابُ إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ 334 - قوله: "ذات السلاسل" بضم السين الأولى وكسر الثانية اسم ماء، ومعنى "أشفقت": خفت، و"أهلك" بكسر اللام أي أموت.

باب [في] المجروح يتيمم

ابْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ. 335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاص، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. قَالَ: «فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ فِيهِ: «فَتَيَمَّمَ». بَابٌ [فِي] الْمَجْرُوحِ يَتَيَمَّمُ 336 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ === 335 - قوله: "مَغَابِنَهُ" بتقديم الموحدة على النون هي بواطن الأفخاذ, والمراد: أماكن يجتمع فيها الوسخ والعرق. باب المجدور (¬1) الجُدري بضم ففتح وبفتحهما قروح معروفة تخرج في البدن، يقال منه جدر كسمع وبتشديد فهو مجدور ومجدر، وفي بعض النسخ باب المعذور، وهو أعم وأتم وأنسب بمورد الحديث. 336 - قوله: "ابن خريق" (¬2) بضم المعجمة وفتح الراء آخره قاف. ¬

_ (¬1) من وضع الإمام السندي رحمه الله، وفي مسند أبي داود (باب في المجروح يتيمم). (¬2) الزبير بن خريق الجزري، مولى عائشة، لين الحديث من الخامسة. التقريب 1/ 258.

باب [في] المتيمم يجد الماء بعد ما يصل في الوقت

سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خُرَيْقٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ» يَعْصِبَ «شَكَّ مُوسَى - علَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ». 337 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَصَابَ رَجُلًا جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ». بَابٌ [فِي] الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ مَا يُصَلِّ فِي الْوَقْتِ 338 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَسَيَّبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ === قوله: "فشجَّهُ" بتشديد الجيم أي الحجر الرجل، وقوله: "قتلوه قَتلَهُمُ الله" دعاء عليهم، وفيه أن صاحب الخطأ الواضح غير معذور، و"شفاء العِيِّ" بكسر العين الجهل، ربما يستدل به على جواز التقليد للجاهل. بَابٌ [فِي] الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بَعْدَ مَا يُصَلِّ فِي الْوَقْتِ 338 - قوله: "أصبت السنة" أي وافقت الحكم المشروع، وهذا تصويب

باب في الغسل يوم الجمعة

اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ، وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ». وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: «لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَغَيْرُ ابْنِ نَافِعٍ، يَرْوِيهِ عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُمَيْرَةَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَذِكْرُ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ وَهُوَ مُرْسَلٌ». 339 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. بَابٌ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 340 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا === لاجتهاده وتخطئة لاجتهاد الآخر، وفيه أن الخطأ في الاجتهاد لا ينافي الأجر في العمل المبني عليه. بَابٌ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 340 - قوله: "أتحتبسون عن الصلاة" أي عن الحضور لها في أفضل أوقات

أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ عُمَرُ: أَتَحْتَبِسُونَ عَنِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَتَوَضَّأْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا، أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». 341 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ === الحضور أو عن الانتظار لها، أو أراد بالصلاة الخطبة، وقوله: "ما هو" أي الشأن، ولا يضره كون الخبر أن سمعت وهو مفرد؛ لأنه في الأصل جملة فيكفي ذلك في كونه خبرًا عن ضمير الشأن كما نقل عن ابن مالك، ويحتمل أن ضمير هو للعمل الذي يتوهم أنه آخره عن الصلاة، أي ليس ذلك العمل إلا أن سمعت الأذان فتوضأت، وليس هذا العمل بمؤخر فما تحقق مني مؤخر. وقوله: "الوضوء أيضًا" قيل: الصواب أنه بالمد كقوله تعالى: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} (¬1) وهو بالنصب، أي فعلت الاقتصار على الوضوء أيضًا كما تأخرت في المجيء إلى هذه الساعة ولا يلزم من هذا وجوب الغسل؛ لأن مثل عثمان يغلط بترك السنة أيضًا، كما لا يلزم من ترك عمر الأمر بالاغتسال عدم الوجوب لجواز أن يكون ذلك لضيق الوقت عن إدراك الصلاة، فترك الواجب الأدنى للأعلى كما هو دأب المبتلى ببليتين، والله تعالى أعلم. 341 - قوله: "واجب" أي، أمر مؤكد وهو كان واجبًا أول الأمر ثم نسخ ¬

_ (¬1) سورة يونس: آية 59.

سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». 342 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ رَوَاحٌ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ الْغُسْلُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا اغتسل الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ مِنْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ أَجْنَبَ». === وجوبه، والظاهرية أخذوا بظاهره فقالوا بالوجوب، والله تعالى أعلم. وقوله: "كل محتلم" يشمل المصلي وغيره، لكن الحديث الذي قبله والذي بعده يخصه بالمصلي. 342 - وقوله: "عياش بن عباس" (¬1) الأول بالمثناة التحتية والشين المعجمة والثاني بالموحدة والمهملة. قوله: "على كل محتلم" أي بالغ، فشمل من بلغ بالسن أو الاحتلام، والمراد بالغ خال عن عذر يبيح له الترك وإلا فالمعذور مستثنى بقواعد الشرع، والمراد هاهنا الذكر كما هو مقتضى الصيغة ضرورة أن الإناث لا يجب عليهن الحضور، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) عياش بن عباس القتباني، المصري، ثقة, من السادسة، قال ابن يونس: يقال: مات سنة ثلاث وثلاثين: مائة. التقريب 2/ 95.

343 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، ح حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، ح حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ يَزِيدُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ فِي حَدِيثِهِمَا - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا» - قَالَ: وَيَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةِ: «وَزِيَادَةٌ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» - وَيَقُولُ: «إِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَتَمُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَمَّادٌ كَلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ. === 343 - قوله: "ثم صلى ما كتب الله له" أي من النوافل، وقوله: "لما بينها ... " إلخ، قيل: أي ما بين الساعة التي يصلي فيها الجمعة إلى مثلها من الجمعة الأخرى وهي سبعة أيام، وبزيادة ثلاثة يصير الكل عشرة كما قال أبو هريرة، وإلا فلو أريد من جمعة إلى جمعة على أن الجمعتين خارجتين ينقص العدد ولا يبلغ بزيادة ثلاثة إلى عشرة، ولو أريد ذلك مع دخول الجمعتين يزيد العدد.

344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ، وَبُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ حَدَّثَاهُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَالسِّوَاكُ وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قُدِّرَ لَهُ» إِلَّا أَنَّ بُكَيْرًا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَقَالَ فِي الطِّيبِ: «وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ». 345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ حُبِّي، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ === 344 - قوله: "ويمس من الطيب" خبر بمعنى الأمر. 345: قوله: "الجرجرائي" (¬1) بجيم وراء مكررتين، "وحبّي" بكسر الحاء وتشديد الباء الموحدة وآخره ياء المتكلم لقب له. قوله: "من غسل" روي مشددًا ومخففًا، قيل: أي جامع امرأته قبل الخروج إلى الصلاة؛ لأنه أغض للبصر في الطريق، من غسل امرأته بالتشديد والتخفيف إذ جامعها، وقيل: أراد غسل غيره؛ لأنه إذا جامعها أحوجها إلى الغسل، وقيل: أراد غسل الأعضاء للوضوء، وقيل: غسل رأسه كما سيجيء في رواية الكتاب، وأفرد بالذكر لما فيه من المؤنة لأجل الشعر أو لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن ¬

_ (¬1) محمد بن حاتم الجرجرائي: بجيمين بينهما راء ثم راء، المصيصي، أبو جعفر العابد، لقبه حُيِّي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وعشرين. التقريب 3/ 152.

غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا === والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولًا ثم يغتسلون، وقوله: "واغتسل" أي للجمعة وقيل: هما بمعنى، والتكرار لتأكيد. وقوله: "وبكر" المشهور التشديد وجوز تخفيفه، والمعنى أي أتى للصلاة أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه، "وابتكر" أي أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر إذا أكل باكورة الفواكه، وقيل: هما بمعنى كرر للتأكيد. وقوله: "ومشى ولم يركب" فيه تأكيد ودفع لما يتوهم من حمل المشي على مجرد الذهاب ولو راكبًا أو حمله على تحقق المشي ولو في بعض الطريق، وقوله: "دنا" أي قرب، وقوله: "فاستمع" أي أصغي إليه، وفيه أنه لا بد من الأمرين جميعًا، فلو استمع وهو بعيد أو قرب ولم يستمع لم يحصل له هذا الأجر. وقوله: "ولم يلغ" أي لم يتكلم فإن الكلام حال الخطبة لغو، واستمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها. وقوله: "بكل خطوة" أي ذهابًا وإيابًا أو ذهابًا فقط، أو بكل خطوة من خطوات ذلك اليوم أو تمام العمر على بعد، وقوله: "أجر صيامها" بدل من عمل سنة، والظاهر أن المراد أن يحصل له أجر من استوعب السنة بالصيام والقيام لو كان، ولا يتوقف ذلك على أن يتحقق الاستيعاب من أحد، ثم الظاهر أن المراد في هذا وأمثاله ثبوت أصل أجر الأعمال لا مع المضاعفات المعلومة بالنصوص،

وَقِيَامِهَا». 346 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ غَسَلَ رَأْسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ» ثُمَّ سَاقَ نَحْوَهُ. 347 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ لَهَا، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، وَلَمْ يَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا، وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا». 348 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، === ويحتمل أن يكون مع المضاعفات، والله تعالى أعلم. 347 - قوله: "ومس من طيب امرأته" أي من الطيب ولو من طيب امرأته, وقوله: "ثم لم يتخط" غير مهموز. وقوله: "كانت له ظُهْرًا" أي لم يحصل له مضاعفات الجمعة وخصائصها بل يصير كأنه صلى الظهر. 348 - قوله: "ويوم الجمعة" الظاهر أنه مجرور عطف على الجنابة, أي ومن

حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الْجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنَ الحِجَامَةِ، وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ". 349 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: سَأَلْتُ مَكْحُولًا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ «غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ» فَقَالَ: «غَسَّلَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ جَسَدَهُ». 350 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي «غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ». قَالَ: قَالَ سَعِيدٌ: «غَسَّلَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ جَسَدَهُ». 351 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ === يوم الجمعة، ونصبه بعيد، إذ الشوق يقتضي أنه تفصيل لأربع على أن المجموع يجعل بدلًا منه بإعادة الجار فلا يناسبه النصب، نعم ترك كلمة "من" هنا للتنبيه على أن علية الجمعة ليست كعلية الجنابة، بل الجمعة تقتضي الغسل لشرفها والجنابة لإزالتها، وكذا الحجامة لإزالة ما يصيب المحتجم من أثر الدم، وكذا غسل الميت لإزالة ما يصيب من الغسالة، ثم الفرق بين الأربع بأن الذي للجنابة واجب، والثلاثة الباقية مندوبة لا يمنع جمعها في هذه العبارة، والله تعالى أعلم. 351 - قوله: "من اغتسل يوم الجمعة" كان المراد به أوله ليكون المراح أول

السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ === ساعة منه، أو المراد راح أي في الساعة الأولى كما في رواية الموطأ (¬1)، والمقابلة قرينة على تعيين المراد، وقد يقال الوجه الأول لا يدل على كون المراح في أول ساعة؛ لأن المراح عطف على الاغتسال فلا يلزم من كون الاغتسال أول ساعة أن يكون المراح أول ساعة، فالوجه الحمل على الوجه الثاني. وقوله: "فكأنما قرَّب" بالتشديد كما في قوله تعالى: {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} (¬2) والمراد التصدق بها متقربًا إلى الله تعالى، وقيل: الإهداء بها إلى الكعبة كما في رواية البخاري (¬3): "بدنة"، ورد بأن إهداء الدجاجة والبيضة غير معهود فالوجه حمل رواية البخاري على التصدق أيضًا، و"البدنة" بفتحتين تعم الذكر والأنثى، وكذا غيرها، والتاء للوحدة لا للتأنيث، و"الكبش" هو الذكر ووصفه بأقرن؛ لأنه أكمل وأحسن صورة، وقرنه ينتفع به، و"الدجاجة بفتح الدال ويجوز كسرها وضمها، وقيل: بالفتح من الحيوان وبالكسر للناس أي يجعل اسمًا للناس. وقوله: "حضرت الملائكة ... " إلخ، المراد به أنهم يطوون الصحف التي يكتبون فيها الثواب لمن حضر الجمعة فلا يكتب ثواب مخصوص لمن حضر بعد ذلك. ¬

_ (¬1) مالك في الموطأ في الجمعة 1/ 101. (¬2) سورة المائدة: آية 27. (¬3) البخاري في الجمعة (881).

باب [في] الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة

كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 352 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ مُهَّانَ أَنْفُسِهِمْ، فَيَرُوحُونَ إِلَى الْجُمُعَةِ === ثم اختلفوا في الساعات، فالجمهور أنها ساعات النهار من أوله، فاستحبوا المسير إليها من طلوع الشمس، وأيده بعض المالكية بعدد الساعات المذكورة في الحديث وقال: والشمس إنما تزول في الساعة السادسة، فدل ذلك على أن المراد بها ساعات النهار المعروفة، وقال مالك: إنما المراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات وعليه غالب أصحابه وأيدوه بالعمل، وقالوا: هو حقيقة: الرواح من الزوال إلى آخر النهار، والغدو من أوله إلى الزوال، قال تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} (¬1)، واختاره بعض الشافعية كإمام الحرمين، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 352 - قوله: "مُهَّانَ" جمع ماهن كالخدام جمع خادم لفظًا ومعنى، وقوله: "لو اغتسلتم" لو للتمني فلا يحتاج إلى جواب أو للشرط، والجواب محذوف أي لكان خيرًا، ووجه الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب غسل الجمعة ما سيجيء في الحديث الآتي بعد، وحاصله أنهم ما أمروا بالغسل ¬

_ (¬1) سورة سبأ: آية 12.

بِهَيْئَتِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: «لَوِ اغْتَسَلْتُمْ». 353 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ جَاءُوا فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَتَرَى الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ، وَخَيْرٌ لِمَنِ اغْتَسَلَ، وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ === للوجوب عليهم، بل إنما أمروا به لدفع الأذى، ودفع الأذى واجب ما أمكن، وما كان الممكن لهم يومئذ إلا هذا الطريق فتعين لذلك، فحين ذهب الأذى ذهب الأمر بالغسل. لا يقال: هذا استدلال بانتهاء العلة على انتهاء الحكم، والجمهور لا يقول به، كما علم في الرمل في الطواف وغيره، وإن كان رأي ابن عباس ذاك، ولذلك كان لا يقول بسنية الرمل في الطواف، فكيف يستدل الجمهور بهذا الوجه؟ لأنا نقول: بل الدليل على ما قررنا مبنى على أن الغسل ما كان واجبًا عليهم بعينه وإنما كان الواجب عليهم دفع الأذى بأي وجه كان، وإنما كانوا يتوصلون إلى ذلك الواجب بالغسل في تلك الأيام، وفي مثل هذا إذا انقطع الأذى أو ظهر لدفعه طريق آخر يسقط الأمر بالغسل قطعًا، فافهم. وعلى هذا فما جاء في الأحاديث أنه واجب معناه أنه طريق لإقامة الواجب الذي هو دفع الأذى، والله تعالى أعلم. 353 - قوله: "كيف بدء الغسل" يحتمل أنه فعل مبني للمفعول أو للفاعل على أن فيه ضميرًا للنبي صلى الله تعالى عليه أو لله تعالى, يحتمل أنه مصدر, والكل على أنه مهموز، وإن قرئ على أنه معتل من بدا يبدو إذا ظهر، فهو فعل

الْغُسْلِ كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ، وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ - إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ - فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمَ فَاغْتَسِلُوا، وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ، وَكُفُوا الْعَمَلَ وَوُسِّعَ مَسْجِدُهُمْ، وَذَهَبَ بَعْضُ الَّذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْعَرَقِ. 354 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، === مبني للفاعل أي كيف ظهر أو مصدر إن وجد الواو المشددة في آخره، ثم المقصود سأخبركم بجواب هذا الاستفهام وإلا فلا يتصور الإخبار بنفس هذا الاستفهام. وقوله: "مقارب السقف" أي إلى الأرض، وقوله: "إنما هو عريش" أي ما يستظل به أي لم يكن كسائر السقف مرتفعًا بل كان شيء يستظل به عن الشمس، وقوله: "ثم جاء الله بالخير" عطف على قوله كيف بدأ الغسل. وقوله: "ثارت" أي انتشرت، وقوله: "كفوا" بالتخفيف من كفاه مؤنة، كذا في المجمع، وضبط بالتشديد أي منعوا العمل، ولا يخلو عن ركاكة، و"وسع" كسمع أو على بناء المفعول بالتشديد، وقوله: "الذي كان يؤذي" أي به. 354 - قوله: "فبها" أي فيكتفي بها أي بتلك الفعلة التي هي الوضوء، وقيل: فبالسنة أخذ، وقيل: بل الأولى بالرخصة أخذ؛ لأن السنة يوم الجمعة

باب [في] الرجل يسلم فيؤمر بالغسل

عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ 355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْأَغَرُّ، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ». === الغسل، وقيل: بل بالفريضة أخذ، ولعل من قال بالسنة أراد ما جوزته السنة، ولا يخفى بعد دلالة اللفظ على هذه المعاني. وقوله: "نعمت" بكسر فسكون هو المثسهور، وروي بفتح فكسر كما هو الأصل والمقصود أن الوضوء ممدوح شرعًا, لا يذم من يقتصر عليه. ثم لا يخفي أن رواية "المصنف" قاصرة في الدلالة على المقصود، ورواية الترمذي: "من توضأ يوم الجمعة فبها ... " (¬1) بتصريح يوم الجمعة أحسن في الاستدلال، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُسْلِمُ فَيُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ 355 - قوله: "فأمرني أن أغتسل" أي بعد أن أسلمت وهو الأقرب، أو قبل أن أسلم وهو الظاهر لفظًا، وترجمة "المصنف" توافق الأول، وعلى الثاني يحتاج إلى أن يقال: معنى يسلم يريد بالإسلام. ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة (497).

باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

356 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ: احْلِقْ قَالَ: وأَخْبَرَنِي آخَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِآخَرَ مَعَهُ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ». بَابُ الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا 357 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْحَسَنِ يَعْنِي جَدَّةَ أَبِي بَكْرٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ الْحَائِضِ يُصِيبُ ثَوْبَهَا الدَّمُ قَالَتْ: «تَغْسِلُهُ === 356 - قوله: "عثيم بن كليب" (¬1) كلاهما بالتصغير والأول بالمثلثة. قوله: "ألق عنك شَعْرَ الكفر" كأنه أخذ منه الاغتسال بواسطة أن كلًّا من الحلق والاغتسال إزالة لوسخ. الكفر وبعض قرائنه، والله تعالى أعلم. بَابُ الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ ثَوْبَهَا الَّذِي تَلْبَسُهُ فِي حَيْضِهَا 357 - قوله: "تغسله" أي الدم كالثوب كما يفيده ما بعده، وقولها: "فإن لم يذهب أثره" يفيد أن ذهاب الأثر غير لازم إنما اللازم ذهاب العين. وقوله: "ثلاث حيض جميعًا" أي متصلة، وقولها: "لا أغسل لي ثوبًا" أي ¬

_ (¬1) عثيم بن كليب الحضرمي، أو الجهني، حجازي، وقد ينسب لجده، مجهول، من السادسة. التقريب 2/ 16.

فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَثَرُهُ فَلْتُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ مِنْ صُفْرَةٍ». قَالَتْ: «وَلَقَدْ كُنْتُ أَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ حِيَضٍ جَمِيعًا لَا أَغْسِلُ لِي ثَوْبًا». 358 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ يَذْكُرُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ بَلَّتْهُ بِرِيقِهَا، ثُمَّ قَصَعَتْهُ بِرِيقِهَا». 359 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الْحَائِضِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «قَدْ كَانَ يُصِيبُنَا الْحَيْضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلْبَثُ إِحْدَانَا أَيَّامَ حَيْضِهَا ثُمَّ تَطَّهَّرُ، فَتَنْظُرُ الثَّوْبَ الَّذِي كَانَتْ تَقْلِبُ فِيهِ، فَإِنْ أَصَابَهُ دَمٌ غَسَلْنَاهُ وَصَلَّيْنَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ تَرَكْنَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْنَا ذَلِكَ مِنْ أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِ، وَأَمَّا الْمُمْتَشِطَةُ فَكَانَتْ إِحْدَانَا تَكُونُ مُمْتَشِطَةً فَإِذَا اغْتَسَلَتْ === بتمامه بل أغسل موضع الدم فقط، والله تعالى أعلم. 358 - قوله: "ثم قصعَتْهُ" بقاف ثم مهملتين أي دلكته بظفرها، فالباء في قوله: "بريقها" بمعنى مع، ويؤخذ من الحديث أن القليل من الدم عفو وأنه يجوز التطهير عن النجاسة الحقيقية بغير الماء من المائعات، والله تعالى أعلم. 359 - قوله: "وأما الممتشطة" أي التي أصلحت شعر رأسها باستعمال المشط ثم الضفر، وهذا يدل على أن السؤال كان عن أمرين: الصلاة في ثوب الحائض،

لَمْ تَنْقُضْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا تَحْفِنُ عَلَى رَأْسِهَا ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، فَإِذَا رَأَتِ الْبَلَلَ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ دَلَكَتْهُ، ثُمَّ أَفَاضَتْ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهَا». 360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ امْرَأَةً تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَصْنَعُ إِحْدَانَا بِثَوْبِهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهْرَ أَتُصَلِّي فِيهِ؟ قَالَ: «تَنْظُرُ فَإِنْ رَأَتْ فِيهِ دَمًا فَلْتَقْرُصْهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، وَلْتَنْضَحْ مَا لَمْ تَرَ وَلْتُصَلِّ فِيهِ». 361 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا قَالَتْ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ === واغتسال الممتشطة والاقتصار على أحدهما من الرواة، وقولها: "لكنها تحْفِنُ" كتضرب، والله تعالى أعلم. 360 - "فلتقرصه" بفتح أوله وضم الراء وإهمال الصاد، قال الخطابي: أصل القرص أن يقبض أن تقبض بإصبعين على الشيء ثم تغمز غمزًا جيدًا (¬1). وقوله: "ولتنضح ما لم تر" النضح: الرش، ويطلق على الغسل، وظاهره أن المشكوك ينضح كما قال مالك، وحمله على الغسل على أن الأمر للاستحباب محتمل على بعد، والله تعالى أعلم. 361 - قوله: "ثم لتنضحه" أي بقية الثوب أو الموضع الأول منه لزيادة ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 113.

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا إِذَا أَصَابَ ثَوْبَهَا الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: «إِذَا أَصَابَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضِ فَلْتَقْرُصْهُ، ثُمَّ لِتَنْضَحْهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ لِتُصَلِّ». 362 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ: «حُتِّيهِ، ثُمَّ اقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ، ثُمَّ انْضَحِيهِ». 363 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ تَقُولُ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ قَالَ: «حُكِّيهِ بِضِلْعٍ، وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ». === التنظيف. 362 - قوله: "حُتِّيهِ" أي حكيه. 363 - قوله: "بضلع" بكسر معجمة وفتح لام أي بعود، وفي الأصل واحد أضلاع الحيوان أريد به العود لشبهه به، وقد تسكن اللام تخفيفًا، قال الخطابي: وإنما أمر بحكه لينقلع المتجسد منه اللاصق بالثوب ثم يتبعه الماء ليزيل الأثر (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 113.

باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه

364 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدْ كَانَ يَكُونَ لِإِحْدَانَا الدِّرْعُ فِيهِ تَحِيضُ قَدْ تُصِيبُهَا الْجَنَابَةُ، ثُمَّ تَرَى فِيهِ قَطْرَةً مِنْ دَمٍ فَتَقْصَعُهُ بَرِيقِهَا». 365 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: «إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ». فَقَالَتْ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ؟ قَالَ: «يَكْفِيكِ غَسْلُ الدَّمِ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُه». بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ 366 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ أُخْتَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُهَا فِيهِ؟ === 364 - قوله: "الدِّرْعُ" بمهملات أولها مكسورة ثم ساكنة، قميص المرأة، وهذه الرواية تدل على أن الاكتفاء بالقطع بالريق كان في الدم القليل. بَابُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ فِيهِ 366 - قوله: "نعم" إذا لم ير فيه أذى" قد يستدل به على نجاسة المني،

باب الصلاة في شعر النساء

فَقَالَتْ: «نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى». بَابُ الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ 367 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّ فِي شُعُرِنَا، أَوْ فِي لُحُفِنَا» قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: شَكَّ أَبِي. 368 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي مَلَاحِفِنَا» قَالَ حَمَّادٌ: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي صَدَقَةَ قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ فَلَمْ يُحَدِّثْنِي، وَقَالَ: سَمِعْتُهُ مُنْذُ زَمَانٍ، وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ سَمِعْتُهُ، وَلَا أَدْرِي أَسَمِعْتُهُ مِنْ ثَبْتٍ أَوْ لَا فَسَلُوا عَنْهُ. بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 369 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ === فتأمل. بَابُ الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ 367 - قوله: "في شعرنا" جمع شعار ككتب جمع كتاب، وكذا اللحف, والشعار: الثوب الذي يلي الجسد لاتصاله بالشعر، قيل: وإنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكون أصابها شيء من الحيض. بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 369 - قوله: "وعليه مرط" بكسر فسكون كساء من صوف أو خزٍّ كانوا

باب المني يصيب الثوب

أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ يُحَدِّثُهُ، عَنْ مَيْمُونَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَعَلَيْهِ مِرْطٌ وَعَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ مِنْهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَهُوَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَيْهِ». 370 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةِ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ، وَأَنَا حَائِضٌ وَعَلَيَّ مِرْطٌ لِي وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ». بَابُ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ 371 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَاحْتَلَمَ، فَأَبْصَرَتْهُ جَارِيَةٌ لِعَائِشَةَ وَهُوَ يَغْسِلُ أَثَرَ الْجَنَابَةِ مِنْ ثَوْبِهِ، أَوْ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَ أَخْبَرَتْ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْأَعْمَشُ كَمَا رَوَاهُ الْحَكَمُ. 372 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي فِيهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَافَقَهُ === يأتزرون قيل: ويكون إزارًا ورداء. 372 - قوله: "حماد عن حماد" الأول ابن سلمة والثاني ابن سليمان، كذا

باب بول الصبي يصيب الثوب

مُغِيرَةُ، وَأَبُو مَعْشَرٍ وَوَاصِلٌ. 373 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ يَعْنِي ابْنَ أَخْضَرَ الْمَعْنَى، وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَتْ: «ثُمَّ أَرَى فِيهِ بُقْعَةً أَوْ بُقَعًا». بَابُ بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ 374 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أَنَّهَا، «أَتَتْ بَابُنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، === نقل عن الأطراف. 373 - ثم أراه كذا في الأصل ولا يوجد حديث به هذه اللفظة. بَابُ بَوْلِ الصَّبِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ 374 - قوله: "ثم أرى فيه" أي أثر الغسل. قوله: "في حِجْره" بتقديم الحاء المهملة أو المكسورة على الجيم الساكنة: الثوب والحضن، والمصدر بالفتح لا غير، وقولها: "فنضحه" من يرى وجوب

فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ». 375 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَالرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ لُبَابَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ: كَانَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَالَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: الْبَسْ ثَوْبًا وَأَعْطِنِي إِزَارَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ. قَالَ: «إِنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ». 376 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي مُحِلُّ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو السَّمْحِ قَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ قَالَ: «وَلِّنِي قَفَاكَ». فَأُوَلِّيهِ قَفَايَ فَأَسْتُرُهُ بِهِ، فَأُتِيَ بِحَسَنٍ، أَوْ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَبَالَ عَلَى صَدْرِهِ فَجِئْتُ أَغْسِلُهُ فَقَالَ: «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» قَالَ عَبَّاسٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ أَبُو الزَّعْرَاء قَالَ هَارُونُ بْنُ تَمِيمٍ: عَنِ === الغسل يحمله على الغسل الخفيف، ويحمل قوله: "ولم يغسل" على أنه لم يبالغ في غسله، والله تعالى أعلم. 375 - قوله: "إِنما يُغْسَل" أي بالمبالغة، و"ينضح" أي يغسل غسلًا خفيفًا، كذا يقول من يرى وجوب الغسل وهو تأويل بعيد، والله تعالى أعلم. 376 - قوله: "أخدم" من حد نصر، وقوله: "وَلّني" أي أعطني ظهرك

باب الأرض يصيبها البول

الْحَسَنِ قَالَ: «الْأَبْوَالُ كُلُّهَا سَوَاءٌ». 377 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ، وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ». 378 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ «مَا لَمْ يَطْعَمْ زَادَ». قَالَ قَتَادَةُ: «هَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا الطَّعَامَ، فَإِذَا طَعِمَا غُسِلَا جَمِيعًا». 379 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا أَبْصَرَتْ أُمَّ سَلَمَةَ «تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى بَوْلِ الْغُلَامِ مَا لَمْ يَطْعَمْ، فَإِذَا طَعِمَ غَسَلَتْهُ، وَكَانَتْ تَغْسِلُ بَوْلَ الْجَارِيَةِ». بَابُ الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ 380 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَابْنُ عَبْدَةَ فِي آخَرِينَ - وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ عَبْدَة - أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ === واجعله إلي. بَابُ الْأَرْضِ يُصِيبُهَا الْبَوْلُ 380 - قوله: "دخل المسجد" زاد الدارقطني: فقال: يا محمد، متى

أَبِي هُرَيْرَةِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَصَلَّى قَالَ ابْنُ عَبْدَة: رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا». ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَأَسْرَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ، صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ» أَوْ قَالَ: «ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ». === الساعة؟ فقال له: "ما أعددت لها"؟ فقال: لا والذي بعثك بالحق ما أعددت لها من كبير صلاة ولا صيام إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: "أنت مع من أحببت" (¬1) قال: وهو شيخ كبير. وقوله: "لقد تحجرت واسعًا" أي دعوت بمنع ما لا منع فيه من رحمة الله، وقولهم في تفسيره: ضيقت أو منعت أو اعتقدت المنع لا يخلو عن تسامح. وقوله: "فأسرع الناس إليه"، زاد الدارقطني: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوه عسى أن يكون من أهل الجنة (¬2). وقوله: "إنما بعثتم" أي فلا تتعرضوا له، قوله: "سجلا" بفتح السين المهملة وسكون الجيم. هو الدلو الكبير الممتلئ ماء، وإلا فلا يقال له سجل، وكذا الذنوب بفتح الذال المعجمة الدلو الكبير الذي فيه الماء، قوله: "فألقوه" أي أخرجوه من المسجد. ¬

_ (¬1) الدارقظني في الطهارة، باب في طهارة الأرض من البول. (¬2) السابق، نفسه.

381 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ: صَلَّى أَعْرَابِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فِيهِ: وَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ فَأَلْقُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ مُرْسَلٌ ابْنُ مَعْقِلٍ لَمْ يُدْرِكِ === 381 - قوله: "عزبا" بفتحتين رجل لا امرأة له والأنثى عزبة. قال المحقق ابن الهمام في تقريب الاستدلال بهذا الحديث: فلو لم تكن الأرض تطهر بالجفاف، كان ذلك تبقية لها على النجاسة مع العلم بأنهم يقومون عليها في الصلاة ألبتة، إذ لا بد منه مع صغر المسجد وعدم من يتخلف عن الصلاة في بيته وكون ذلك في بقاع كثيرة من المسجد، لا في بقعة واحدة، حيث كانت تقبل وتدبر وتبول فإن هذا التركيب في الاستعمال يفيد تكرار الكائن منها؛ ولأن تبقيتها نجسة ينافي الأمر بتطهيرها، فوجب كونها تطهر بالجفاف، وأما صب دلو على بول الأعرابي في المسجد؛ فلأنه كان نهارًا والصلاة فيه تتابع نهارًا وقد لا يجف. قبل وقت الصلاة فأمر بتطهيرها بالماء بخلاف مدة الليل، أو لأن الوقت إذ ذاك قد قرب أو أراد أكمل الطهارتين للتيسير في ذلك الوقت. أهـ. قلت: ومبنى الاستدلال على أن قوله في المسجد متعلق بالأفعال الثلاثة أعني: تبول وتقبل وتدبر لا بالأخيرين فقط، بأن يقال البول كان من خارج المسجد كما زعم الخطابي (¬1)، فإنه خلاف الظاهر لفظًا وعاقلًا؛ إذ يبعد اعتبار مثل ذلك عن شأن الكلاب، مع أن قوله: "ولم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك" يمنع ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 117.

باب في طهور الأرض إذا يبست

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي طُهُورِ الْأَرْضِ إِذَا يَبِسَتْ 382 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كُنْتُ أَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ فَتًى شَابًّا عَزَبًا، وَكَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ». بَابٌ [فِي] الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ 383 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي، وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ فَقَالَتْ: أُمُّ سَلَمَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ». === هذا التأويل قطعًا، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْأَذَى يُصِيبُ الذَّيْلَ 383 - قوله: "في المكان القذر" بفتح فكسر، حمله النووي وغيره على النجاسة اليابسة في المجمع، قوله: "يطهره" أي يطهر الذيل ما بعده أي المكان الذي بعده يزيل عن الذيل ما تعلق به من النجس اليابس للإجماع على أن الثوب النجس لا يطهر إلا بالغسل. اهـ.

باب [في] الأذى يصيب النعل

384 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَةً فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا؟ قَالَ: «أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا؟ » قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «فَهَذِهِ بِهَذِهِ». بَابٌ [فِي] الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ 385 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ح وحَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ === 384 - قوله: "فكيف نفعل إذا مطرنا" يحتمل أن المراد: هل نحضر الصلاة ولا يكون استقذار الطبع المشي في ذلك الطريق أيام المطر عذرًا، أم لا نحضر ويكون ذلك عذرًا؟ فأشار صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أنه ليس بعذر، واجعلوا في مقابلة استقذاركم المشي في الطريق الخبيث استراحتكم في المشي بالطريق الطيب، وعلى هذا فالحديث لا يناسب هذا الباب. ويحتمل أن المراد: فكيف نفعل بما يصيب. ثوبنا أو بدننا أو نعلنا من طين ذلك الطريق؟ فكأنه أشار صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أنه لا عبرة بالشك, والأصل الطهارة، والشك يكفي في دفعه أن يصيب محل النجاسة أدنى شيء من الأشياء الطاهرة، ولم ير غالب العلماء أن النجاسة اليقينية في نحو الثوب تزول بلا غسل، وإن كان ظاهر هذا الحديث ذاك كما يدل عليه ترجمة "المصنف" والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْأَذَى يُصِيبُ النَّعْلَ 385 - قوله: "الأذى" ظاهر الإطلاق أنه لا فرق بين الرطب واليابس

باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي ح، وحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَعْنَى قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ حَدَّثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى، فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ». 386 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ يَعْنِي الصَّنْعَانِيَّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: «إِذَا وَطِئَ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ، فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ». 387 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عَائِذٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ حَمْزَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. بَابُ الْإِعَادَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ تَكُونُ فِي الثَّوْبِ 388 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا === والكثيف والرقيق، وحمله بعضهم على الكثيف وبعضهم على اليابس، والله تعالى أعلم. بَابُ الْإِعَادَةِ مِنَ النَّجَاسَةِ تَكُونُ فِي الثَّوْبِ 388 - قوله: "لُمْعَةٌ" بضم اللام قدر يسير، وقولها: "مَصْرُورَة" أي

باب البصاق يصيب الثوب

عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ يُونُسَ بِنْتُ شَدَّادٍ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي حَمَاتِي أُمُّ جَحْدَرٍ الْعَامِرِيَّةُ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ عَنْ دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْنَا شِعَارُنَا، وَقَدْ أَلْقَيْنَا فَوْقَهُ كِسَاءً، فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْكِسَاءَ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ لُمْعَةٌ مِنْ دَمٍ، فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَلِيهَا، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ مَصْرُورَةً فِي يَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ: «اغْسِلِي هَذِهِ وَأَجِفِّيهَا، ثُمَّ أَرْسِلِي بِهَا إِلَيَّ». فَدَعَوْتُ بِقَصْعَتِي فَغَسَلْتُهَا، ثُمَّ أَجْفَفْتُهَ فَأَحَرْتُهَا إِلَيْهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ وَهِيَ عَلَيْهِ. بَابُ الْبُصَاقِ يُصِيبُ الثَّوْبَ 389 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ === مشدودة مجموعة، "والصرُّ" الجمع والشد، وقولها: "فَأَحَرْتُهَا" بحاء مهملة وراء أي رددتها لفظًا ومعنى. وكان مراد "المصنف" رحمه الله أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما أعاد الصلاة فلا إعادة، ومراده بالترجمة: باب الإعادة أي هل هناك إعادة أم لا؟ والله تعالى أعلم.

أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: «بَزَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبِهِ، وَحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ». 390 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ. "آخر كتاب الطهارة" * * *

2 - كتاب الصلاة

كِتَاب الصَّلَاةِ 391 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ: حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ». قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ». قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّدَقَةَ. قَالَ: فَهَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: === كِتَاب الصَّلَاةِ 391 - قوله: "ثائر الرأس" أي منتشر شعر الرأس صفة رجل، والإضافة لفظية فلا يمنع وقوعه صفه لنكرة، وقوله: "يُسْمَعُ" علي بناء المفعول وجاء في رواية بالنون على بناء الفاعل وكذا يُفقه، و"دوي صوته" بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء: هو ما يظهر من الصوت ويسمع عند شدته، وبعده في الهواء شبيهًا بصوت النحل. وقوله: "هل عليّ غيرهن؟ " أي من جنس الصلوات، وإلا لا يصح النفي ضرورة أن الصوم والزكاة غيرهن، وقوله: "إلا أن تطوع" حمله القائل بالوجوب بالشروع على أنه استثناء متصل لأنه الأصل، والمعنى إلا إذا شرعت في التطوع فيصير واجبًا عليك، واستدل به على أن الشروع موجب.

باب في المواقيت

«لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ». فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». 392 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ». بَابٌ فِي الْمَوَاقِيتِ 393 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ === قلت: لكن لا يظهر هذا في الزكاة إذ الصدقة قبل الإعطاء لا تجب وبعده لا توصف بالوجوب، فمتى يقال إنها صارت واجبة بالشروع فيلزم إتمامها؟ فالوجه أن الاستثناء منقطع أي: لكن التطوع جائز أو وارد في الشرع، ويمكن أن يقال: إنه من باب نفي واجب آخر على معنى ليس عليك واجب آخر إلا التطوع، والتطوع ليس بواجب فلا واجب غير المذكور، والله تعالى أعلم، ولعل الاقتصار على المذكورات لأنه لم يشرع يومئذ غيرها. قوله: "أفلح إن صدق" يدل على أن مدار الفلاح على الفرائض، والسنن وغيرها تكميلات لا يفوت أصل الفلاح بفوتها. 392 - قوله: "وأبيه" الظاهر أنه قبل النهي عن الحلف بالآباء، وقيل: يحتمل أنه جرى على اللسان بطريق عادة العرب من غير قصد الحلف، أو هو على إضمار: ورب أبيه. بَابٌ فِي الْمَوَاقِيتِ 393 - قوله: "أمني جبريل عند البيت مرتين" أي في كل صلاة من الخمس

فُلَانِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ وَكَانَتْ قَدْرَ === مرتين، وإلا ففي جميع الخمس عشر مرات، وصلاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خلف جبريل صلاة مفترض خلف مفترض، لأن جبريل أمر بذلك، فلا يستقيم الاستدلال بهذا الحديث على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل. وقوله: "وكانت قدر الشراك" أي كانت الشمس، والمراد ظلها على حذف المضاف، والشراك بكسر الشين أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، قال محيي السنة: الشمس في مكة ونواحيها إذا استوت فوق الكعبة في أطول يوم من السنة لم ير لشيء من جوانبها ظل، فإذا زالت ظهر الفيء قدر الشراك من جانب المشرق وهو أول وقت الظهر اهـ. وعلى هذا فالفيء الأصلي يومئذ غير موجود أصلًا فلا حاجة إلى استثنائه في وقت العصر (¬1). ومعنى: "صلى بي الظهر" أي شرع فيها، وكذا قوله: "صلى بي العصر" أي شرع فيها، وأما قوله: "صلى بي الظهر في المرة الثانية" فالمراد به فرغ منها، وهذا لأن تعريف وقت الصلاة بالمرتين يقتضي أن يعتبر الشروع في أولى المرتين والفراغ في الثانية منهما؛ ليتعين بهما الوقت، ويعرف أن الوقت من شروع الصلاة في أولى المرتين إلى الفراغ منها في المرة الثانية، وهذا معنى قوله: "والوقت فيما بين هذين الوقتين" أي وقت الشروع في المرة الأولى، ووقت ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 5/ 109.

الشِّرَاكِ، وَصَلَّى بِيَ الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِيَ يَعْنِي الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ حِينَ === الفراغ في المرة الثانية. نعم قوله: "وصلى المغرب في المرتين" محمول على الشروع؛ ولكن قول جبريل في التحديد: والوقت فيما بين هذين محمول على وقت الشروع في أولى المرتين، ووقت الفراغ في الثانية منهما بالنظر إلى جميع الصلوات، وبهذا سقط ما يتوهم أن لفظ الحديث يعطي وقوع صلاة الظهر في اليوم الثاني في وقت صلاة العصر في اليوم الأول؛ فيلزم إما التداخل في أوقات الصلاة كما ذهب إليه البعض، أو النسخ كما ذهب إليه آخرون، والتداخل مردود عند الجمهور مخالف لحديث: "لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة أخرى"، والنسخ يفوت التعريف المقصود بإمامة جبريل مرتين، فإن المقصود بالمرة الأولى تعريف أول الوقت، وبالثانية تعريف آخره، وعند النسخ لا يحصل ذلك، على أن قوله: "الوقت ما بين هذين" صريح في رد القول بالنسخ، وكذا سقط ما يختلج بالبال أن قوله: لا يستقيم في المغرب؛ لأنها في المرتين في وقت واحد، فلم يبق شيء فيما بين المرتين، ولا حاجة إلى الجواب بأن قوله: فيما بين هذين يحمل على ما يمكن فيه. وكذا سقط ما يقال إن الحديث يعطي خروج الوقت الذي صلى فيه مرتين، ولا حاجة إلى الجواب بأن وقت الصلاتين قد علم وقتيته بالبيان الفعلي، فلا يضر قصور البيان القولي عنه، وقد يقال: الإيراد الأخير باق بالنظر إلى وقت الشروع والفراغ، إلا أن يقال: ربما لا يعتنى بخروج مثل ذلك الجزء، ويكتفى بظهور

حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ عَلَى الصَّائِمِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِيَ الظُّهْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَهُ، وَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّهُ مِثْلَيْهِ، وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ حِينَ أَفْطَرَ الصَّائِمُ، وَصَلَّى بِيَ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلَّى بِيَ الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ» ثُمَّ === دخوله في الحكم، وهذا بالنسبة إلى ذلك الجزء أسهل منه بالنسبة إلى تمام وقت وقعت فيها الصلاة. ثم قوله: "والوقت كما بين هذين" يقتضي بحسب "الظاهر" أن لا يجوز العصر بعد المثلين لكنه محمول على بيان الوقت المختار ففيما يدل الدليل على وجود وقت سوى المختار نقول به كالعصر، وفيما لم يقم دليل على ذلك بل قام على خلافه كالظهر، حيث اتصل العصر بمضي وقته المختار، ونقول فيه بأن وقته كله مختار وليس له وقت سوى ذلك الوقت. وقوله: "هذا وقت الأنبياء، قيل: ليس المراد أن هذا الوقت بعينه وقت من سبق من الأنبياء، إذ يلزم منه أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لهم وليس كذلك، كيف وقد روى أبو داود في حديث العشاء: "أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم" (¬1)، بل المراد هذا مثل وقت الأنبياء أو مثل هذا وقت الأنبياء، على حذف المضاف من المبتدأ أو الخبر أي أوقات صلاتهم كانت واسعة لها أول وآخر كأوقات صلاتك. قلت: يمكن ثبوت الصلوات الخمس للأنبياء السابقين على طريق البدلية دون الاجتماع، بأن يكون لبعضهم الفجر ولبعضهم الظهر وهكذا ولا دليل على ¬

_ (¬1) أحمد 5/ 237، والبيهقي في الصلاة 1/ 451، والمصنف في باب وقت العشاء الآخرة برقم (421).

الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ». 394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ، أَنّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَأَخَّرَ الْعَصْرَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ: عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر أَمَا إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَر: اعْلَمْ مَا تَقُولُ: فَقَالَ: عُرْوَةُ سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ مَعَهُ» يَحْسُبُ بِأَصَابِعِهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. «فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى === نفيه، وحديث أبي داود ينفي ثبوت العشاء للأمم السابقين لا لأنبيائهم بل الاجتماع بالنسبة إلى بعض الأنبياء ممكن أيضًا، فيمكن أن يقال: قول جبريل: "هذا وقت الأنبياء" إشارة إلى نفس هذه الأوقات بعينها كما هو الظاهر، ويكون المراد ثبوتها للأنبياء السابقين على طريق البدل دون الاجتماع أو على طريق الاجتماع بالنظر إلى البعض إن جوز، والله تعالى أعلم. 394 - قوله: "أما إِن جبريل. . ." إلخ، فالوقت أمر عظيم يهتم به ولا ينبغي ضياعه، وقوله: "يحسب" بضم السين من الحساب، وقوله: "خمس صلوات" يحتمل أن يكون مفعول يحسب أو مفعول صليت. وقوله: "فرأيت" من مقول أبي مسعود، وقوله: "حين تسقط" أي تغيب،

الظُّهْرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حِينَ يَشْتَدُّ الْحَرُّ، وَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ قَبْلَ أَنْ تَدْخُلَهَا الصُّفْرَةُ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّلَاةِ، فَيَأْتِي ذَا الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ حِينَ تَسْقُطُ الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ حِينَ يَسْوَدُّ الْأُفُقُ، وَرُبَّمَا أَخَّرَهَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ يُسْفِرَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَحَبِيبُ بْنُ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَّا أَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَذْكُرْ بَشِيرًا، وَرَوَى وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الْمَغْرِبِ قَالَ: «ثُمَّ جَاءَهُ لِلْمَغْرِبِ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ يَعْنِي مِنَ الْغَدِ وَقْتًا وَاحِدًا». وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثُمَّ صَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ». يَعْنِي مِنَ الْغَدِ وَقْتًا وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاص مِنْ حَدِيثِ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === وقوله: "لم يعد إلى أن يسفر" يحتمل أنه قال ذلك بحسب ما علم، وإلا فقد ثبت الإسفار منه صلى الله تعالى عليه وسلم لبيان الوقت للسائلين، والله تعالى أعلم.

395 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا بَدْرُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مُوسَى، " أَنَّ سَائِلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا حَتَّى أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ، فَصَلَّى حِينَ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ - أَوْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ - ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ حَتَّى قَالَ: الْقَائِلُ انْتَصَفَ النَّهَارُ وَهُوَ أَعْلَمُ، ثُمَّ أَمَر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ، وَأَمَر بِلَالًا فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَر بِلَالًا فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى الْفَجْرَ وَانْصَرَفَ، فَقُلْنَا أَطَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأَقَامَ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ وَصَلَّى الْعَصْرَ، وَقَدِ اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ - أَوْ قَالَ: أَمْسَى - وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ "، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَغْرِبِ بِنَحْوِ هَذَا قَالَ: «ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ». قَالَ === 395 - قوله: "حين انشق الفجر" أي طلع وكأنه شق موضع طلوعه فخرج منه، وقوله: "حتى قال القائل: انتصف النهار" قال الشيخ ولي الدين: هو على سبيل الاستفهام، قال السيوطي: فتكون الهمزة مفتوحة وهمزة الوصل محذوفة، كقوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ} (¬1)، وقوله: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة الصافات: آية (153). (¬2) سورة سبأ: آية (8).

باب [في] وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها

بَعْضُهُمْ: «إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «إِلَى شَطْرِهِ». وَكَذَلِكَ رَوَى ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 396 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ الشَّفَقِ، وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ». بَابٌ [فِي] وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَيْفَ كَانَ يُصَلِّيهَا 397 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ === قلت: يحتمل أن يكون المقدر حرف الاستفهام. ولم يقل استفهام، والله تعالى أعلم، ثم هذا الحديث في العشاء يحتمل على بيان الوقت المختار، والله تعالى أعلم. 396 - قوله: "وقت الظهر ما لم تحضر. . ." إلخ بيان وتحديد لأواخر الأوقات لمن يعلم أوائلها فقط، ويحمل بعد على الأوقات المختارة، وقوله: "فور الشفق" بالفاء هو بقية حمرة الشفق في الأفق، سمي فورا لفورانه وسطوعه، وروى "ثور الشفق" بالمثلثة وهو ثوران حمرته، قيل: وصحف بعضهم بالنون ولو صحت الرواية لكان له وجه. بَابٌ [فِي] وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَيْفَ كَانَ يُصَلِّيهَا 397 - قوله: "بالهاجرة" في الصحاح هو نصف النهار عند اشتداد الحر (¬1)، ¬

_ (¬1) الصحاح ص 690.

مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: سَأَلْنَا جَابِرًا عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ إِذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ». 398 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ === في القاموس هو من الزوال إلى العصر (¬1)، ولا يخفى أن الأول لا يستقيم، والثاني لا يفيد تعيين الوقت المطلوب، والظاهر أن المراد هو الأول على تسمية ما هو قريب من النصف نصفا، ولعل المطلوب أنه كان يصلى الظهر في أول وقتها أي لا يؤخرها تأخيرًا كثيرًا فلا ينافي الإبراد، ولعل تخصيص أيام الحر لبيان أن الحر لا يمنعه من أول الوقت، فكيف إذا لم يكن هناك حر، وقوله: "والشمس حية" حياة الشمس إما ببقاء الحر أو بصفاء اللون بحيث لم يدخل تغيير، أو بالأمرين جميعًا، وقوله: "والعشاء" الظاهر لفظًا على أنه عطف، ومعنى أنه مبتدأ أو يحتمل أنه مفعول مقدم لعجل على أن إذا ظرفية لا شرطية، وإلا يلزم تخلل الشرط بين أجزاء الجزاء، وعلى تقدير العطف فالظاهر أن تجعل الجملة التي بعدها حالا، أي يصلي العشاء معجلًا إياها وقت كثرة الناس، ومؤخرًا وقت قلتهم. 398 - قوله: "يكره النوم قبلها" أي لما فيه من تعريض صلاة العشاء على الفوات، وقوله: "والحديث. . ." إلخ؛ لما فيه من تعريض قيام الليل بل صلاة ¬

_ (¬1) القاموس ص 638.

باب [في] وقت صلاة الظهر

الشَّمْسُ، وَيُصَلِّي الْعَصْرَ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَيَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ الْمَغْرِبَ، وَكَانَ لَا يُبَالِي تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» - قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ - قَالَ: «وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، وَمَا يَعْرِفُ أَحَدُنَا جَلِيسَهُ الَّذِي كَانَ يَعْرِفُهُ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا مِنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ». بَابٌ [فِي] وَقْتِ صَلَاةِ الظُّهْرِ 399 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي الظُّهْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَآخُذُ قَبْضَةً مِنَ الْحَصَى لِتَبْرُدَ فِي كَفِّي أَضَعُهَا لِجَبْهَتِي أَسْجُدُ عَلَيْهَا لِشِدَّةِ الْحَرِّ». 400 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارق، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «كَانَتْ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي === الفجر على الفوات عادة، وقد جاء الكلام بعدها في العلم ونحوه مما لا يخل، فلذلك خص هذا الحديث بغيره، والله تعالى أعلم، وقوله: "وكان يصلي الصبح" لعل المراد يفرغ منه فإنه أقرب إلى أحاديث الباب. 400 - قوله: "كانت قدر صلاة الرسول صلى الله تعالى عيه وسلم" أي قدر تأخير الصلاة عن الزوال ما يظهر فيه قدر ثلاثة أقدام للظل، أي يصير ظل كل إنسان ثلاثة أقدام من أقدامه، فيعتبر قدم كل إنسان بالنظر إلى ظله، والمراد: أن

الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ». 401 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: أَبُو دَاوُدَ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ مُهَاجِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ الظُّهْرَ فَقَالَ: «أَبْرِدْ». ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ: «أَبْرِدْ» - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ === يبلغ مجموع الظل الأصلي الزائد هذا المبلغ، لا أن يصير الزائد هذا القدر، ويعتبر الأصلي سوى ذلك، فهذا قد يكون لزيادة الظل الأصلي كما في أيام الشتاء، وقد يكون لزيادة الظل الزائد بسبب التبريد كما في أيام الصيف، والله تعالى أعلم. 401 - قوله: "فقال أبرد" أمر من الإبراد وهو الدخول في البرد، وقوله: "حتى رأينا" [غاية للقول] أي كان يقول له: أبرد كلما يقول حتى رأينا، ويحتمل على بعد أن يكون غاية لأبرد على معنى حتى نرى، و"التُلول" بضم مثناة وخفة لام جمع تل بفتح وتشديد: كل ما اجتمع على الأرض من تراب، ورمل وهي منبطحة لا يظهر لها ظل، إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر. قوله: "من فيح جهنم" أي شدة غليانها وانتشار حرها، والجمهور حملوه على الحقيقة إذ لا يستبعد مثله، ولعل تقدير التعليل أن الوقت المذكور صار مظهرًا لآثار الغضب، فالأولى الاحتراز عن إيقاع الصلاة فيه لئلا يخلَّ بالقبول بقلة مراعاة الآداب، بخلاف وقت الرضى فإن القبول فيه أرجى، وقيل: خرج مخرج

الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ». 402 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ اللَّيْثَ حَدَّثَهُمْ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ» قَالَ: ابْنُ مَوْهَبٍ: «بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». 403 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، «أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ الظُّهْرَ إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ». === التشبيه والتقريب، أي كأنه نار جهنم في الحر فاحذروها واجتنبوا ضرَّها، ويمكن أن يجعل وجه التعليل على الأول أيضًا خوف الضرر، والله تعالى أعلم. وقوله: "فأبردوا بالصلاة" الباء للتعدية أي أدخلوها في البرد. 402 - قوله: "عن الصلاة" قال بمعنى الباء أو زائدة، وأبرد متعدٍ بنفسه، وقيل متعلقة بأبردوا بتضمين معنى التأخير ولابد من تقدير المضاف وهو الوقت، فإن قدر مع ذلك مفعول أبردوا أعني بالصلاة فالمعنى: أدخلوها في البرد مؤخرين إياها عن وقتها المعتاد، وإن لم يقدر له مفعول يكون المعنى ادخلوا أنتم في البرد مؤخرين إياها عن وقتها، والله تعالى أعلم. 403 - قوله: "دحضت" بفتح دال وحاء مهملتين وضاد معجمة أي زالت.

باب [في] وقت صلاة العصر

بَابٌ [فِي] وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ 404 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ» وَيَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى الْعَوَالِي وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ. 405 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَالْعَوَالِي عَلَى مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: أَوْ أَرْبَعَةٍ. 406 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: «حَيَاتُهَا أَنْ تَجِدَ حَرَّهَا». 407 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: عُرْوَة، وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ». === بَابٌ [فِي] وَقْتِ صَلَاةِ الْعَصْرِ 404 - قوله: "ويذهب الذاهب" أي بعد الصلاة كما يدل عليه السياق، فإن الحديث مسوق لتحديد وقت صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم. 407 - قوله: "والشمس في حجرتها" أي ظلها قبل أن تظهر أي تصعد وتعلو على الحيطان، وقيل: قبل أن تزول. قلت: وهو الأظهر؛ لأن الغالب أن ظل الشمس يظهر على الحيطان قبل المثل، والله تعالى أعلم.

408 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ قَالَ: «قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ مَا دَامَتِ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ نَقِيَّةً». 409 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «حَبَسُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا». 410 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ === 408 - قوله: "فكان يؤخر العصر" ظاهره تأخير العصر فيكون حجة لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، والجمهور على التعجيل وهو الموافق لغالب الأحاديث، فلعل هذا كان اتفاقًا لبيان الجواز، أو لسبب من الأسباب، والله تعالى أعلم. 409 - قوله: "ملأ الله" دعا عليهم وإن لم يكن ذلك دأبه؛ لأنهم شغلوه عن الصلاة التي هي حق الله فدعا عليهم لله لا لنفسه صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم هذا الحديث صريح في أن الوسطى هي العصر ولا يساويه سائر الأحاديث، ولذلك فإن الجمهور أخذوا بهذا الحديث، والله تعالى أعلم. 410 - قوله: "فآذنى" صيغة أمر من الإيذان بمعنى الإعلام، والنون مشددة

حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا وَقَالَتْ: " إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] «، فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ» حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ "، ثُمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ: «سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ». 411 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزِّبْرِقَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ === لإدغام نون الكلمة في نون الوقاية، وقوله: "فأملّت" بتشديد اللام أي ألقت على كتب، ويمكن التخفيف على أنه من الإملاء، وظاهر هذا أن الوسطى غير العصر لما بينهما من العطف المقتضي للتغاير، وأن العصر مثل الوسطى، فإنها قد أفردت بالذكر كالوسطى، بقي أن هذه القراءة شاذة فلا عبرة بها؛ لأنها ما ثبتت قرآنا لعدم التواتر ولا حديثًا فلا يعارض الحديث المتقدم، ولو سلم فالواو يحتمل أن تكون للتفسير فيحمل عليه للتوفيق، والله تعالى أعلم. 411 - قوله: "الزبرقان" (¬1) بكسر زاي معجمة وسكون موحدة وكسر راء ¬

_ (¬1) سليمان بن عبد الله بن الزبرقان، ويقال: ابن عبد الرحمن بن فيروز، لين الحديث. من السابعة. التقريب 1/ 326.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، فَنَزَلَتْ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَقَالَ: «إِنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ، وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ». 412 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ». 413 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقَامَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ === مهملة، ثم لا يخفى أن هذا الحديث موقوف فلا يعارض إلى المرفوع. 412 - قوله: "فقد أدرك" أي تمكن منه بأن يضم إليها في الركعات، وليس المراد أن الركعة تكفي عن الكل ومن يقول بالفساد بطلوع الشمس في أثناء الصلاة يؤول الحديث بأن من تأهل للصلاة في وقت لا يفي إلا بركعة وجب عليه تلك الصلاة، كصبي بلغ وحائض طهرت وكافر أسلم وقد بقي من الوقت ما يفي بركعة واحدة تجب عليه صلاة ذلك الوقت، والله تعالى أعلم. 413 - قوله: "تلك" أي الصلاة المتأخرة عن الوقت، وقوله: "فكانت بين قرني شيطان" كناية عن قرب الغروب، وذلك لأن الشيطان عند الطلوع والاستواء والغروب ينتصب دون الشمس بحيث يكون الطلوع والغروب قرنيه، والله تعالى أعلم. قوله: "فنقر أربعًا" كأنه شبه كل سجدتين من سجداته -من حيث أنه لم

صَلَاتِهِ ذَكَرْنَا تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ أَوْ ذَكَرَهَا، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ يَجْلِسُ أَحَدُهُمْ حَتَّى إِذَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، أَوْ عَلَى قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا». 414 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ === يمكث فيهما ولا بينهما- بنقر الطائر إذا وضع منقاره يلتقط شيئًا، والله تعالى أعلم. قوله: "الذي تفوته صلاة العصر" أي بغروب الشمس، وقيل: بفوات الوقت المختار ومجيء وقت الاصفرار، وقيل: بفوت الجماعة والإمام، وقوله: "وتر أهله وماله" على بناء المفعول ونصب الأهل والمال أو رفعهما، قيل: النصب هو المشهور وعليه الجمهور؛ فالنصب على أن فيه ضميرًا لمن فاته فيرد النقص إليه، والرفع على أن الأهل والمال هو نائب الفاعل فيرد النقص إليهما، فعلى الأول من نقصه المال، وعلى الثاني من نقص ماله والمقصود: إنه ليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله. وقال الداودي: أي يجب عليه شيء من الأسف والاسترجاع مثل الذي يجب على من وتر أهله وماله. اهـ. قلت: ولا يجب عليه شيء من الأسف أصلًا. فتأمل. والوجه: أن المراد أنه حصل له من النقصان في الأجر في الآخرة ما لو وزن بنقص الدنيا لما وازنه إلا نقصان من نقص أهله وماله، والله تعالى أعلم.

باب [في] وقت المغرب

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «أُوتِرَ» وَاخْتُلِفَ عَلَى أَيُّوبَ فِيهِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وُتِرَ». 415 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ: وَذَلِكَ أَنْ تَرَى مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الشَّمْسِ صَفْرَاءَ. بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْمَغْرِبِ 416 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَرْمِي فَيَرَى أَحَدُنَا مَوْضِعَ نَبْلِهِ». 417 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عِيسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إِذَا غَابَ حَاجِبُهَا». === بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْمَغْرِبِ 416 - قوله: "ثم نرمي. . ." إلخ، يدل على التعجيل إذ لا يتحقق مثل هذا إلا عند التعجيل. قوله: "إذا غاب حاجبها" أي طرفها الذي بغيبته يغيب الكل، وهذا مراد من قال: هو حرفها الأعلى من قرصها.

باب [في] وقت العشاء الآخرة

418 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِر يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوب، فَقَالَ: لَهُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا عُقْبَةُ، فَقَالَ: شُغِلْنَا، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ» - أَوْ قَالَ: عَلَى الْفِطْرَةِ - مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ". بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ 419 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِوَقْتِ هَذِهِ الصَّلَاةِ «صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهَا لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ». 420 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، === 418 - قوله: "على الفطرة" أي السنة والاستقامة، و"اشتباك النجوم" هو أن يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة. بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ 419 - قوله: "يصليها لسقوط القمر" أي غيبته وكان هذا هو الغالب وإلا فقد عُلم أنه كان يعجل تارة ويؤخر أخرى حسب ما يرى من المصلحة. 420 - قوله: "لولا أن تثقل" بصيغة التأنيث أي الصلاة هذه الساعة، أو

عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ أَمْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ: حِينَ خَرَجَ «أَتَنْتَظِرُونَ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَوْلَا أَنْ تَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ»، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ. 421 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، يَقُولُ: أَبْقَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ فَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ وَالْقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: صَلَّى، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، === بصيغة التذكير؛ أي التأخير. 421 - قوله: "حريز" بحاء مهملة وآخره زاي معجمة. قوله: "بقينا" بفتح موحدة وقاف مخففة، وفي نسخة "أبقينا" بالهمزة والأول أشهر؛ يُقال بقيت الرجل وأبقيته إذا انتظرته، وفي نسخة "بغينا" بالغين أي طلبنا خروجه، وقيل: صوابه "ارتقبنا" ولا تساعده الرواية، وقوله: "أعتموا" صيغة أمر من أعتم به إذا أدخله في العتمة وهي الظلمة، ويقال: أعتم أي أخر والمراد على الوجهين هو التأخير والانتظار لها؛ لأن المنتظر للصلاة كالذي في الصلاة، فلما شرفهم الله بهذه الصلاة وخصهم بها ينبغي لهم أن يأتوا بها على وجه يعظم لهم به الأجر ويكثر لهم به الانتفاع بهذه الصلاة، ومن جملته

باب [في] وقت الصبح

فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، وَلَمْ تُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ». 422 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى مَضَى نَحْوٌ مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «خُذُوا مَقَاعِدَكُمْ» فَأَخَذْنَا مَقَاعِدَنَا فَقَالَ: «إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَأَخَذُوا مَضَاجِعَهُمْ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ وَلَوْلَا ضَعْفُ الضَّعِيفِ وَسَقَمُ السَّقِيمِ لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ». بَابٌ [فِي] وَقْتِ الصُّبْحِ 423 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا، قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ». === الانتظار لها، والله تعالى أعلم. 422 - قوله: "ولولا ضَعْفُ" هو بضم الضاد أو فتح وسكون، و"السقم" بضم فسكون أو فتحتين ومقتضى الموافقة أن يختار فينهما الضم مع السكون، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] وَقْتِ الصُّبْحِ 423 - قوله: "متلفعات بمروطهن" أي متلفعات بأكسيتهن.

424 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ أَوْ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ». === 424 - قوله: "أصبحوا بالصبح" أي صلوها عند طلوع الصبح، يقال: أصبح الرجل إذا دخل في الصبح، قال السيوطي: قلت: وبهذا يعرف أن رواية من روى الحديث بلفظ أسفروا بالفجر مروية بالمعنى، وأنه دليل على أفضلية التغليس بها لا على التأخير إلى الإسفار اهـ. قلت: تعيين أن أسفروا منقول بالمعنى محتاج إلى الدليل إذ يمكن العكس، قد سقط استدلال من يقول بالإسفار بلفظ أسفروا لاحتمال أنه من تصرف الرواة، والأصل أصبحوا، كما سقط استدلال من يقول بالتغليس بلفظ أصبحوا سقط لاحتمال أنه من تصرف الرواة، إلا أن يقال الموافق لأدلة التغليس لفظ أصبحوا، هو تلك أدلة كثيرة ولا دليل على الإسفار إلا هذا الحديث إذا كان بلفظ أسفروا، والأصل عدم التعارض فالظاهر أن الأصل لقظ أصبحوا الموافق لباقي الأدلة لا لفظ أسفروا المعارض، وإنما جاء لفظ أسفروا من تصرف الرواة؛ لكن يقال بل أسفروا هو الظاهر لا أصبحوا لأنه لو كان أصبحوا صحيحًا لكان مقتضى قوله أعظم للأجر أنه بلا إصباح تجوز الصلاة، وففيها أجر دون أجر الإصباح مع أنه لا تصح الصلاة بلا إصباح فضلا عن أجر، ويمكن الجواب: بأن معنى أصبحوا يتيقنوا بالإصباح بحيث لا يبقى فيه أدنى وهم ولو كان لا ينافي الجواز، وذلك لأنه إذا قوي الظن بطلوع الفجر تجوز الصلاة ويثاب عليها لكن التأخير حتى يستبين وينكشف بحيث لا يبقى وهم ضعيف فيه أولى وأحسن فأجره أكثر، وعلى هذا المعنى حمل الإسفار إن صح توفيقًا بين الأدلة، والله تعالى أعلم.

باب [في] المحافظة على [وقت] الصلوات

بَابٌ [فِي] الْمُحَافَظَةِ عَلَى [وَقْتِ] الصَّلَوَاتِ 425 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصُّنَابِحِيّ، قَالَ: زَعَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، فَقَالَ: عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ === بَابٌ [فِي] الْمُحَافَظَةِ عَلَى [وَقْتِ] الصَّلَوَاتِ 425 - قوله: "خمس صلوات" مبتدأ -والتخصيص الإضافي يكفي لجواز الابتداء- خيره جملة "افترضهن الله". وجملة: "من أحسن. . ." إلخ، استئناف لبيان ما ترتب على افتراضهن، ويحتمل أن يكون جملة افترضهن صفة وما بعده خبر، ثم استدلال عُبادة على عدم وجوب الوتر استدلال بمفهوم العدد وهو ضعيف أو غير معتبر لتخلفه عن أسماء العدد كثيرًا، إلا أن يقال قد قوي هاهنا عنده لما لحقه من القرائن المقتضية لاعتباره هاهنا؛ وذلك لأنه لو كان فرضًا كل يوم لبين لهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بيانًا وافيًا بحيث ما خفي على أحد لعموم الابتلاء فضلًا عن أن يخفى على نحو عبادة، فكيف وقد بين لهم ما يوهم خلاف فظهر بهذا أن المفهوم هاهنا معتبر، ويقال لعله استدل بثبوت المغفرة بالصلوات الخمس، ولو كان هناك سادسة لما حصلت المغفرة بخمس، وفيه أنه كيف تحصل المغفرة بخمس مع وجود سادسة، وقوله: "عهد" أي وعد مؤكدة،

لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». 426 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ، عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ، عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا»، قَالَ: الْخُزَاعِيُّ فِي حَدِيثِهِ: عَنْ عَمَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا أُمُّ فَرْوَةَ قَدْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ. 427 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا === وقوله: "أن يغفر له" بدل منه، والله تعالى أعلم. 426 - قوله: "الصلاة في أول وقتها" هذا الحديث بظاهره لا يوافق حديث: "أبردوا بالظهر" (¬1) ولا ما جاء في صلاة العشاء، فلا بد من تأويله بحمل أول الوقت على أول الوقت المستحب، وإطلاق المطلق على الكامل شائع، وكيف يرغب الشارع في خلاف المستحب شرعًا، وكل ما جاء في أول الوقت ينبغي حمله على هذا المعنى، ثم أحاديث أفضل الأعمال وردت مختلفة وقد ذكر العلماء في توفيقها وجوها من جملتها: أن الاختلاف بالنظر إلى اختلاف أحوال المخاطبين، فمنهم من يكون له الأفضل الاشتغال بعمل، ومنهم من يكون له الأفضل الاشتغال بآخر، والله تعالى أعلم. 427 - قوله: "لا يلج" بكسر اللام أي لا يدخل، وقوله "صلى" لعل المراد به ¬

_ (¬1) البخاري في مواقيت الصلاة (538) عن أبي سعيد.

أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ»، قَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: نَعَمْ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ. 428 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنِي «وَحَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ === الدوام ولعله لا يوفق للمداومة إلا من سبقت له هذه السعادة، والله تعالى أعلم. 428 - قوله: "أجزأ عني" أي كفاني، وقوله: "على العصرين" مبنى على التغليب إذ صلاة الفجر لا تسمى عصرًا، بقي أن ظاهر الحديث يفيد أن المحافظة على الصلاتين تكفي عن الصلوات الخمس لمن له أشغال وهو مشكل، وقد ظهر لي في جوابه: أن المراد بالمحافظة ليست مطلق الأداء بل الأداء في أول الوقت مثلًا، ومع مراعاة الخشوع والخضوع والآداب والسنن والحضور مثلًا، فيجوز أن يكون أداء الصلاتين على هذه الصفة كافيًا عن أداء الكل على هذه الصفة، وتكون الصلوات الباقية فرضًا يلزم أداؤها ولو على غير هذه الصفة، ولم يكن لعباداتها على غير هذه الصفة نقصان في أجر لأجزأ محافظة الصلاتين من محافظتها، والله تعالى أعلم، ثم رأيت السيوطي نقل عن البيهقي نحو هذا، ثم

الْخَمْسِ»، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهَا أَشْغَالٌ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي، فَقَالَ: «حَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ» وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا، فَقُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟ ، فَقَالَ: «صَلَاةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةُ قَبْلَ غُرُوبِهَا». 429 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، وَأَبَانُ، كِلَاهُمَا، عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ: مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَرُكُوعِهِنَّ وَسُجُودِهِنَّ وَمَوَاقِيتِهِنَّ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَأَعْطَى الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ " قَالُوا: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ قَالَ: «الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ». 430 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ ضُبَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْكٍ الْأَلْهَانِيِّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ === قال: أقول في مسند أحمد بسنده عن نصر بن عاصم عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأسلم على أنه لا يصلي إلا صلاتين فقبل ذلك منه. فظاهر هذا أن أسقط عنه ثلاث صلوات، وكان من خصائصه صلي الله تعالى عليه وسلم أنه يخص من شاء بما شاء من الأحكام، ويسقط عمن شاء ما شاء من الواجبات كما بينته في كتاب الخصائص وهذا منه، والظاهر أن هذا الرجل المبهم في حديث الإمام أحمد هو فضالة فإنه ليثي ونصر بن عاصم ليثي، وقد قال عن رجل منهم، اهـ.

باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت

سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ أَخْبَرَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنِّي فَرَضْتُ عَلَى أُمَّتِكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَعَهِدْتُ عِنْدِي عَهْدًا أَنَّهُ مَنْ جَاءَ يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ لِوَقْتِهِنَّ أَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِنَّ فَلَا عَهْدَ لَهُ عِنْدِي». بَابٌ إِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ 431 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ يَعْنِي الْجَوْنِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ؟ - أَوْ قَالَ: يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ؟ - "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي، قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّهَا فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ». 432 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، === بَابٌ إِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ عَنِ الْوَقْتِ 431 - قوله: "يميتون" هذا من أعلام النبوة وقد وقع من بني أمية، وحمله النووي على تأخيرها عن وقتها المختار لا جميع وقتها وهو الواقع منهم، وقوله: "فصله" بهاء ساكنة في آخره وهي هاء السكت. 432 - قوله: "رسول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" قيل: الأوجه نصب الرسول الأول على الحال، وضبطناه في أصلنا بالرفع، قال السيوطي: قلت.: على النعت أو البيان أو البدل. اهـ. قلت: بين تجويز الحال والنعت منافاة فإن الأول نكرة، والثاني لا بد من تعريضه هاهنا، والظاهر أنه معرفة والإضافة

عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ الْيَمَنَ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا، قَالَ: فَسَمِعْتُ تَكْبِيرَهُ مَعَ الْفَجْرِ رَجُلٌ أَجَشُّ الصَّوْتِ، قَالَ: فَأُلْقِيَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّتِي فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى دَفَنْتُهُ بِالشَّامِ مَيِّتًا، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَلَزِمْتُهُ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَتَتْ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِمِيقَاتِهَا وَاجْعَلْ صَلَاتَكَ مَعَهُمْ سُبْحَةً». 433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ === معنوية فلا يصح نصبه على الحال، نعم المعنى يساعد الحال لا ما ذكره السيوطي من النعت وغيره، فالوجه أن يجعل خبر محذوف وتجعل الجملة حالًا وكأنه لهذا ضبطه المشائخ بالرفع، والله تعالى أعلم، وقوله: "رجل أجش الصوت" بفتح الهمزة والجيم والشين المعجمة المشددة أي في صوته جشة وهي شدة وغلظ، قال الشيخ ولي الدين: ضبط في أصلنا بالنصب على الحال وبالرفع على أنه خبر محذوف، وأما رجل فمكتوب في أصلنا بغير ألف فإما أن يكون مرفوعًا أو منصوبًا وكتب بغير ألف كما هو دأب بعض الناسخين، وقال السيوطي. الرفع على أنه بدل من معاذ. وقوله: "سُبّحة" بضم مهملة وسكون موحدة وحاء مهملة أي نافلة، وخصت النافلة باسم السبحة وأن كان التسبيح مشتركًا بين الفرض والنفل؛ لأن تسبيحات الصلاة نوافل سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا؛ فقيل للنفل سبحة أي نافلة كالتسبيحات. 433 - قوله: "سليمان الأنباري" (¬1) بنون ثم موحدة. ¬

_ (¬1) سليمان الأنباري: أبو هارون بن أبي داود، صدوق من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين. التقريب 3/ 167.

هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ أُخْتِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ الْمَعْنَى، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي أُبَيٍّ ابْنِ امْرَأَةِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي أُمَرَاءُ تَشْغَلُهُمْ أَشْيَاءُ عَنِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُصَلِّي مَعَهُمْ؟ ، قَالَ: «نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ» - وَقَالَ سُفْيَانُ: إِنْ أَدْرَكْتُهَا مَعَهُمْ أُصَلِّي مَعَهُمْ؟ - قَالَ: «نَعَمْ، إِنْ شِئْتَ». 434 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ يَعْنِي الزَّعْفَرَانِيَّ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ فَهِيَ لَكُمْ وَهِيَ عَلَيْهِمْ، فَصَلُّوا مَعَهُمْ مَا صَلَّوُا الْقِبْلَةَ». === قوله: "تشغلهم" فتح حرف المضارعة أفصح من الضم. 434 - قوله: "فهي لكم" يفيد أنه لو أخر التابع لتأخير الإمام فلا إثم عليه إن كان الأفضل له التعجيل كما في الأحاديث المتقدمة، وهذا إذا أخر عن وقتها المختار، ويحتمل أن معنى كونها لهم أنهم بسببها يصلون صلاة أخرى في الوقت، ويجعلون هذه نافلة فصارت لهم قطعًا وحصل التوفيق بين الأحاديث، والله تعالى أعلم.

باب في من نام عن الصلاة، أو نسيها

بَابٌ فِي مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ نَسِيَهَا 435 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَفَلَ مِنْ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَسَارَ لَيْلَةً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَنَا الْكَرَى عَرَّسَ، وَقَال لِبِلَالٍ: «اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ» قَالَ: فَغَلَبَتْ بِلَالًا عَيْنَاهُ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ يَسْتَيْقِظِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِلَالٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُمُ اسْتِيقَاظًا، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا بِلَالُ»، فَقَالَ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ بِأبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْتَادُوا === بَابٌ فِي مَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ نَسِيَهَا 435 - قوله: "قفل" أي رجع، وقوله: "أدركنا" بفح الكاف، و"الكرى" بفتحتين النعاس أو النوم، وقوله. "عرس" من التعريس، وهو نزول المسافر آخر الليل للاستراحة، وقوله: "اكلأ" بهمز في آخره أي احفظ، وقوله: "ففزع" بكسر الزاي المعجمة وعين مهملة انتبه من نومه، والظاهر أن المراد قام قيام متحير، والله تعالى أعلم، وقوله "فاقتادوا" يقال: قاد البعير واقتاده بمعنى جره خلفه، وقوله: "للذكرى" بلام الجر ثم لام التعريف وآخره ألف مقصورة قراءة شاذة، وهذا اللفظ موافق للمعنى المقصود هاهنا أي أقم الصلاة وقت تذكرها، وفي بعض الروايات لذكري بالإضافة إلى ياء المتكلم وهي القراءة المشهورة لكن بظاهره لا يناسب المقصود، وأوله بعضهم فقال المعنى: وقت ذكر صلاتي على

رَوَاحِلَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ لَهُمُ الصَّلَاةَ وَصَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: " مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِلذِّكْرَى»، قَالَ يُونُسُ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ عَنْبَسَةُ: يَعْنِي عَنْ يُونُسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «لِذِكْرِي»، قَالَ أَحْمَدُ: الْكَرَى النُّعَاسُ. 436 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَوَّلُوا عَنْ مَكَانِكُمُ الَّذِي أَصَابَتْكُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ»، قَالَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، وَابْنِ إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْأَذَانَ فِي، حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا، وَلَمْ يُسْنِدْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبَانُ الْعَطَّارُ، عَنْ مَعْمَرٍ. 437 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === حذف المضاف، وحمله بعضهم على أن المراد بالذكر المضاف إلى الله تعالى ذكر الصلاة؛ لكون ذكر الصلاة يفضي إلى ذكر الله من حيث أن ذكرها يفضي إلى فعلها المفضي إلى ذكر الله تعالى فيها فصار وقت ذكر الصلاة كأنه وقت لذكر الله، فقيل في موضع: "أقم الصلاة لذكرها" لذكر الله، والله تعالى أعلم. 437 - قوله: "فمال" أي عن الطريق للنزول، وقوله: "فضرب على

كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ فَمَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِلْتُ مَعَهُ، قَالَ: «انْظُرْ»، فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَانِ رَاكِبَانِ، هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ، حَتَّى صِرْنَا سَبْعَةً، فَقَالَ: «احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا» - يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ فَقَامُوا فَسَارُوا هُنَيَّةً ثُمَّ نَزَلُوا فَتَوَضَّئُوا وَأَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ صَلَّوُا الْفَجْرَ وَرَكِبُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ فَرَّطْنَا فِي === آذانهم" أي ألقي عليهم نوم شديد مانع عن وصول الأصوات إلى الآذان بحيث كأنه ضرب الحجاب عليها، وقال الخطابي: أي أنه حجب الصوت والحسن عن أن يلج آذانهم فينتبهوا (¬1)، وهذا لا ينافي حديث: "ولا ينام قلبه" (¬2) لأن طلوع الفجر لا يعرف بالقلب بل يعرف بالعين، فإذا كانت نائمة فلا يدرك صاحبها مثل طلوع الفجر، و"هُنَيّة" بضم هاء وفتح نون وتشديد ياء أي زمانًا قليلًا، وقولهم: "قد فرطنا" أي قصرنا في شأنها حتى ضيعنا عن وقتها، وقوله: "لا تفريط في النوم" ليس المراد أن نفس فعل النوم والمباشرة بأسبابه لا يكون فيه تفريط أي تقصير، فإنه قد يكون فيه تفريط إذا كان في وقت يفضي فيه النوم إلى فوات الصلاة مثلًا كالنوم قبل العشاء، وإنما المراد أن ما فات حالة النوم فلا تفريط في فوته لأنه فات بلا اختيار، وأما المباشرة بالنوم فالتفريط فيها تفريط حالة اليقظة بفتح القاف، وقوله: "من الغد للوقت" يحتمل أن المعنى وليصل الوقتية من الغد ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 139. (¬2) أحمد 1/ 274، 278، والبخارى في الوضوء (138) ومسلم في صلاة المسافرين (738/ 125).

صَلَاتِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ فَإِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ عَنْ صَلَاةٍ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا وَمِنَ الْغَدِ لِلْوَقْتِ». 438 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ === للوقت والمقصود المحافظة على مراعاة الوقت فيما بعد، وألا يتخذ الإخراج عن الوقت والأداء في وقت آخر عادة له، وذلك إما باعتبار أن متعلق ومن الغد للوقت مقدور والجملة عطف على الجملة، أو باعتبار أن متعلقها هو قوله فليصلها أي تلكم الصلاة المنسية فإن وقتية اليوم الثاني هي عين المنسية في اليوم الأول، باعتبار أنها واحدة من الخمس كالفجر والظهر مثلًا، وهذا هو الموافق لحديث عمران بن الحصين أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما صلى بهم قال: قلت: يا رسول الله ألا تقضيها لوقتها من الغد فقال: "نهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم" (¬1)، وعلى هذا فلعل رواية فليقض معها مثلها وهي الرواية الآتية بعد من تصرفات الرواة بسبب نقل الحديث بالمعنى، ويحتمل أن يكون الأمر بها استحبابًا ليحرز فضيلة الوقت في القضاء إذ لا قائل بتكرار القضاء، والوجه الأول أوجه، وتجويز أن الرواية الثانية من تصرفات بعض الرواة غير مستبعد عند من تتبع تصرفاتهم، والله تعالى أعلم. 438 - قوله: "تفقهه" بتشديد القاف أي تنسبه إلى الفقه وتعده فقيهًا، ¬

_ (¬1) الطبراني في الكبير 18/ 157 (344) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 322 رواه أبو داود باختصار عن هذا والطبراني في الأوسط وفيه كثير بن يحيى وهو ضعيف.

شَيْبَانَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، مِنَ الْمَدِينَةِ وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ تُفَقِّهُهُ، فَحَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْأُمَرَاءِ - بِهَذِهِ الْقِصَّةِ - قَالَ: فَلَمْ تُوقِظْنَا إِلَّا الشَّمْسُ طَالِعَةً فَقُمْنَا وَهِلِينَ لِصَلَاتِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدًا رُوَيْدًا»، حَتَّى إِذَا تَعَالَتِ الشَّمْسُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَلْيَرْكَعْهُمَا»، فَقَامَ مَنْ كَانَ يَرْكَعُهُمَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَرْكَعُهُمَا فَرَكَعَهُمَا ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنَادَى بِالصَّلَاةِ فَنُودِيَ بِهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «أَلَا إِنَّا نَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّا لَمْ نَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا يَشْغَلُنَا عَنْ صَلَاتِنَا وَلَكِنَّ أَرْوَاحَنَا كَانَتْ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَرْسَلَهَا أَنَّى شَاءَ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا». === وقوله: "جيش الأمراء" هو جيش غزوة مؤتة، وقوله: "طالعة" منصوب على الحال، وقوله: "وَهِلين" بفتح الواو وكسر الهاء أي فزعين، وقوله: "رويدًا" أي لا تتعجلوا، وقوله: "تعالت" بعين وتخفيف لام من العلو أي ارتفعت في السماء، وقوله: "ألا" بالتخفيف حرف استفتاح "إِنا" بكسر الهمزة، وقوله: "أنا لم نكن" بفتحها أي لأنا أو على أنا، وقوله: "يشغلنا" بفتح الياء والجملة صفة لشيء أو حال عنه.

439 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، فِي هَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حَيْثُ شَاءَ وَرَدَّهَا حَيْثُ شَاءَ قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ» فَقَامُوا فَتَطَهَّرُوا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. 440 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ حِينَ ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى بِهِمْ. 441 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَهُوَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ === 441 - قوله: "أن تؤخر صلاة حتى يدخل. . ." إلخ، أي بأن تؤخر، ظاهره أنه لا يجوز الجمع كما يقول به علماؤنا الحنفية، لكن قد يقال إطلاقه ينافي جمع مزدلفة في الحج وهو خلاف المذهب، وعند التقييد يمكن تقييده بما يخرجه عن الدلالة بأن يقال: أن يؤخر صلاة بلا مبيح شرعا أو نحوه، وأيضًا المراد بقوله: "حتى يدخل وقت أخرى" أي حتى يخرج وقت تلك الصلاة بطريق الكناية؛ لأن الغالب أنه بدخول الثانية يخرج وقت الأولى، وذلك لأن خروخ الأولى مناط للتفريط ولا دخل فيه لدخول وقت الثانية، وأيضًا مورد الكلام صلاة الصبح والتفريط فيها يتحقق بمجرد خروج الوقت بلا دخول وقت أخرى، فمضمون الكلام أن المذموم هو التأخير إلى خروج، وإذا جاز الجمع في السفر فلا نسلم

تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى». 442 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ». 443 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ فَنَامُوا عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَاسْتَيْقَظُوا بِحَرِّ الشَّمْسِ فَارْتَفَعُوا قَلِيلًا حَتَّى اسْتَقَلَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ». === خروج وقت الأولى بدخول وقت الثانية؛ لأن الشارع قرر وقت الثانية وقتًا لهما فكل منهما في وقتها، والله تعالى أعلم. 442 - قوله: "لا كفارة لها إلا ذلك" ذلك يفيد أنه ليس عليه الإعادة في اليوم الثاني في الوقت، وهذا أيضًا يؤيد ما قلنا أن رواية الإعادة في اليوم الثاني من تصرفات الرواة، والله تعالى أعلم. 443 - قوله: "فارتفعوا قليلا" أي رفعوا أقدامهم وانتقلوا من ذلك الموضع، وقوله "استقلت" أي ارتفعت في السماء، وهذا يدل على أنه ليس معنى إذا ذكرها أن يصلي أول ما يذكر، بل معناه أن يصلي في بعض أوقات الذكر مع مراعاة الأوقات المكروهة، والله تعالى أعلم.

444 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَهَذَا لَفْظُ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي الْقِتْبَانِيَّ، أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ صُبْحٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ الزِّبْرِقَانَ حَدَّثَهُ، عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَامَ، عَنِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَنَحَّوْا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ»، قَالَ: «ثُمَّ أَمَر بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ تَوَضَّئُوا وَصَلَّوْا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الصُّبْحِ». 445 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا [ص: 122] حَرِيزٌ، ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ يَعْنِي الْحَلَبِيَّ، حَدَّثَنَا حَرِيزٌ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ ذِي مِخْبَرٍ الْحَبَشِيِّ، وَكَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَتَوَضَّأَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُضُوءًا لَمْ يَلْثَ مِنْهُ التُّرَابُ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ عَجِلٍ، ثُمَّ قَالَ لِبِلَالٍ: «أَقِمِ الصَّلَاةَ»، ثُمَّ صَلَّى الْفَرْضَ وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ. قَالَ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ صُلَيْحٍ، === 445 - قوله: "لم يلث منه التراب" هو بالمثلثة من لثي بالكسر إذا ابتلي، وهو كناية عن تخفيف وضوئه، وقيل: هو بضم اللام وتشديد المثناة من فوق من

باب في بناء المساجد

حَدَّثَنِي ذُو مِخْبَرٍ رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ وقَالَ عُبَيْدٌ: يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ. 446 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ حَرِيزٍ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ذِي مِخْبَرٍ ابْنِ أَخِي النَّجَاشِيِّ، فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَأَذَّنَ وَهُوَ غَيْرُ عَجِلٍ. 447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَلْقَمَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَكْلَؤُنَا» فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا، فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ»، قَالَ: فَفَعَلْنَا، قَالَ: «فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ». بَابٌ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ 448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، === لث السويق إذا خلطه بشيء، أي لم يخلط التراب بالماء من ذلك الوضوء والمراد واحد. 447 - قوله: "زمن الحديبية" هذا يخالف ما تقدم أن هذه القصة كانت في رجوعه من خيبر، وجاء في الطبراني أنها كانت في غزوة تبوك، وجمع بتعدد القصة، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ 448 - قوله: "بتشييد المساجد" أي رفع بنائها وتطويله.

عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. 449 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ». 450 - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ === قوله: "قال ابن عباس" أي بالسند السابق كما يدل عليه كلام الحافظ في الفتح إلا أنه ليس جزءًا من الحديث السابق كما ظن الطيبي، فقال: اللام مكسورة على أنه تعليل للمنفي والنون لمجرد التأكيد والمعنى ما أمرت بالتشييد لتجعلوا ذلك ذريعة إلى الزخرفة؛ بل هو حديث مستقل فاللام فيه جواب القسم كذا ذكره الحافظ (¬1)، أي لتزينها بتمويهها بالزخرف وهو الذهب، وهو من زخرف كدحرج، والله تعالى أعلم. 449 - قوله: "يتباهى" يتفاخر. 450 - قوله: "طواغيتهم" جمع طاغية وهي ما كانوا يعبدونه من دون الله من ¬

_ (¬1) فتح الباري 1/ 643.

الطَّائِفِ حَيْثُ كَانَ طَوَاغِيتُهُمْ». 451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، وَمُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَهُوَ أَتَمُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ، " أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ - قَالَ مُجَاهِدٌ: وَعُمُدُهُ مِنْ خَشَبِ النَّخْلِ - فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بِنَائِهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ وَأَعَادَ عُمُدَهُ - قَالَ مُجَاهِدٌ: عُمُدَهُ خَشَبًا - وَغَيَّرَهُ عُثْمَانُ فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ وَسَقْفَهُ بِالسَّاجِ - قَالَ مُجَاهِدٌ: وَسَقَّفَهُ السَّاجَ - "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْقَصَّةُ: الْجِصُّ. === الأصنام وغيرها. 451 - قوله: "باللبن" بكسر فسكون وقد تكسر الباء وقد تفتح اللام مع كسر الياء، وقوله "عمده" بفتحتين وفي رواية مجاهد بضمتين أي السواري، و"القصة" بفتح فتشديد مهمله، وقوله: "وسقفه بالساج" هو على صيغة الماضي من التفعيل والجملة عطف على جعل، وروي بسكون المضاف عطفا على عمده، قلت: يحتمل أنه من سقف البيت من حد النصر، نعم مسقفه الساج بلا باء لا بد أن يكون من التفعيل، والله تعالى أعلم، والساج ضرب من الشجر معروف. قوله: "القصة" الجص بكسر الجيم وفتحها عجمي معرب، قال الخطابي: هو شيء يشبه الجص وليس به (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 141.

452 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ سَوَارِيهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ أَعْلَاهُ مُظَلَّلٌ بِجَرِيدِ النَّخْلِ، ثُمَّ إِنَّهَا نَخِرَتْ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ فَبَنَاهَا بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَبِجَرِيدِ النَّخْلِ، ثُمَّ إِنَّهَا نَخِرَتْ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَبَنَاهَا بِالْآجُرِّ فَلَمْ تَزَلْ ثَابِتَةً حَتَّى الْآنَ». 453 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي عُلُوِّ الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ: لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهُمْ، فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ === 452 - قوله: "ثم إنها" أي الجذوع أو تلك العمارة "نخرت" بنون وخاء من نخر العظم كسمع إذا تفتت وبلى. قوله: "فبناها" أي محلها، و"الآجر" بمد همزة فضم جيم وتشديد راء هي اللبن المطبوخة ويجوز تخفيف الراء أيضًا. 453 - قوله: "في علو المدينة" بكسر عين أو ضمها أو فتحها وسكون لام، وعلو الدار نقيض سفلها، يقال: أتيته من علو أي مكان عال، و"الحيّ" بتشديد الياء القبيلة، و"بنو النجار" اسم قبيلة وهم أخواله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "فكأني أنظر" أي الآن استحضار لتلك الهيئة، و"الردف" بكسر الراء وسكون الدال الرديف، وهو الذي يركب خلف الراكب، وهو بالرفع خبر

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَإِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا» فَقَالُوا: وَاللَّهِ، لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَنُبِشَتْ وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ === والجملة حال، وضبطه بعضهم بالنصب وكأنه بناء على أن "أبو بكر" عطف على الضمير المستتر في الجار والمجرور أعني على راحلته و"ردفه" حال، أو زعم أن الردف اسم مكان بمعنى خلف لكنه زعم فاسد، والله تعالى أعلم، والمراد أنه كان راكبًا خلف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهما على بعير واحد وهو الظاهر، أو على بعيرين لكن أحدهما يتلو الآخر، و"الفناء" بكسر فاء ومد أي طرح رحله عند داره، و"المرابض" جمع مربض أي مأواها، وقوله "أمر" على بناء الفاعل أو المفعول، وقوله: "ثامنوني" أي أعطوني حائطكم بالثمن، و"الحائط" البستان، وقوله: "إلا إلى الله" أو من الله أو لا نرغب بثمن ولا نتقرب به إلا إليه تعالى، وقوله: "فكان فيه" أي في الحائط، و"خرب" جمع خربة، ككلم جمع كلمة أو كعنب جمع عنية. وقوله: "فنبشت" أي كشفت ليخرج ما فيها من عظام المشركين وصديدهم ويبعد عن ذلك المكان، وقوله: "عضادتيه" بكسر عين مهملة وضاد معجمة

باب اتخاذ المساجد في الدور

حِجَارَةً، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ ... فَانْصُرِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ». 454 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ مَوْضِعُ الْمَسْجِدِ حَائِطًا لِبَنِي النَّجَّارِ فِيهِ حَرْثٌ وَنَخْلٌ، وَقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ثَامِنُونِي بِهِ» فَقَالُوا: لَا نَبْغِي بِهِ ثَمَنًا، فَقَطَعَ النَّخْلَ وَسَوَّى الْحَرْثَ وَنَبَشَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: «فَاغْفِرْ» مَكَانَ «فَانْصُرْ»، قَالَ مُوسَى: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، بِنَحْوِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الْوَارِثِ، يَقُولُ: خِرَبٌ، وَزَعَمَ عَبْدُ الْوَارِثِ، أَنَّهُ أَفَادَ حَمَّادًا هَذَا الْحَدِيثَ. بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ 455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === وعضادتا الباب خشبتاه من جانبين، وقوله: "يرتجزون" أي يتعاطون الرجز وهو قسم من الشعر تنشيطًا لنفوسهم ليسهل عليهم العمل. 454 - قوله: "لا نبغي" أي لا نطلب. بَابُ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ 455 - قوله: "وأن تنظف وتطيب" هما بالتشديد على بناء المفعول، و"أن"

باب في السرج في المساجد

وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ». 456 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ سَمُرَةَ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَأْمُرُنَا بِالْمَسَاجِدِ أَنْ نَصْنَعَهَا فِي دِيَارِنَا، وَنُصْلِحَ صَنْعَتَهَا وَنُطَهِّرَهَا». بَابٌ فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ 457 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: «ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ» وَكَانَتِ الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا، «فَإِنْ لَمْ تَأْتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ، فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ». === بما بعده عطف على "بناء المساجد" أي وأمر بأن تطهر المساجد التي بالدور وتطلى بالطيب لأنها محال لحضور الملائكة، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي السُّرُجِ فِي الْمَسَاجِدِ 456 - قوله "ونصلح صنعتها" بفتح الصاد أي عملها أي نحكم بناءها. 457 - قوله: "في بيت المقدس" بكسر الدال والتخفيف أو بفتحها والتشديد، أي بين لنا هل تحل الصلاة فيه بعد أن نسخ التوجه إليه، والله تعالى أعلم.

باب في حصى المسجد

بَابٌ فِي حَصَى الْمَسْجِدِ 458 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ تَمَّامِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُلَيْمٍ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ الْحَصَى الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: مُطِرْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَصْبَحَتِ الْأَرْضُ مُبْتَلَّةً، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْحَصَى فِي ثَوْبِهِ، فَيَبْسُطُهُ تَحْتَهُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا». 459 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَخْرَجَ الْحَصَى مِنَ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُهُ ". 460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الصَّاغَانِيَّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو بَدْرٍ: أُرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْحَصَاةَ لَتُنَاشِدُ الَّذِي يُخْرِجُهَا مِنَ الْمَسْجِدِ». === بَابٌ فِي حَصَى الْمَسْجِدِ 458 - قوله: "عن الحصى" أي ما سبب فرشه في المسجد. 459 - قوله: "يناشده" أي يسأله بالله أن لا يخرجه أو أن يرده إلى محله وهذا إما بلسان الحال أو بلسانه؛ يعلمه العزيز المتعال، وفائدة مناشدته تظهر ببيان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فلا يضر عدم سماع المخرج المناشدة، والله تعالى أعلم.

باب [في] كنس المسجد

بَابٌ [فِي] كَنْسِ الْمَسْجِدِ 461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْخَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا». === بَابٌ [فِي] كَنْسِ الْمَسْجِدِ 461 - قوله: "أجور أمتي" أي حسناتهم التي هي سبب للأجور أو نفس الأجور، والأول أنسب لمقابلة الذنوب، وعلى الثاني يحتمل أن يراد بالذنوب جزاؤها للمقابلة. قوله: "والقذاة" بفتحتين وقصر ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو نحو ذلك، وقوله: "أعظم من سورة" أي من نسيان سورة، وإلا فنفس السورة ليست من الذنوب، وسبب عظمته انه أشبه شيء بذنب من يقال له: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} (¬1) ومع ذلك الكلام في قوم من أمته صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يكن في ذنوبهم ما هو أعظم من هذا، والغالب أنهم الصحابة رضوان الله تعالىعليهم، وذكر العلماء أن نسيان القرآن من الكبائر لكن بشرط أن لا يقدر على قراءته بالنظر، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة طه: آية 126.

باب [في] اعتزال النساء في المساجد عن الرجال

بَابٌ [فِي] اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ 462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ»، قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ، حَتَّى مَاتَ، وَقَالَ غَيْرُ عَبْدِ الْوَارِثِ: قَالَ عُمَرُ: وَهُوَ أَصَحُّ. 463 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَصَحُّ. 464 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، «كَانَ يَنْهَى أَنْ يُدْخَلَ مِنْ بَابِ النِّسَاءِ». بَابٌ فِيمَا يَقُولُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ 465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي === بَابٌ [فِي] اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ عَنِ الرِّجَالِ 464 - قوله: "ينهى" أي الرجل، وقوله: "أن يدخل" على بناء الفاعل والضمير للرجل المقدر الذي هو مفعول ينهى، ويحتمل أنه على بناء المفعول والجار والمجرور نائب الفاعل ولابد من تخصيص الدخول بدخول الرجال، وإضافة الباب إلى النساء دليل عليه كما لا يخفى. بَابٌ فِيمَا يَقُولُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ 465 - قوله: "فليسلم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" لأنه السبب

الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ، أَوْ أَبَا أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ". 466 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: لَقِيتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ حَدَّثْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، قَالَ: أَقَطْ؟ === في دخوله المسجد ووصوله الخير العظيم فينبغي أن يذكره عند ذلك، وتخصيص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج؛ لأن الدخول وضع لتحصيل الرحمة والمغفرة، والخارج هو محل طلب الرزق وهو المراد بالفضل، والله تعالى أعلم. 466 - قوله: "أقط" أي أحسب أي أبلغك عني هذا القدر بالزيادة، والله تعالى أعلم، وقوله: "فإذا قال ذلك" أي أحد لا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه معصوم دائمًا، وقوله: "قال الشيطان إلخ" فإن قلت: هو كاذب فلا عبرة بقوله، قلت: الكذوب قد يصدق ونقل كلامه هذا هاهنا بلا رد دليل صدقه فيه، و"سائر اليوم" بمعنى تمامه أو باقيه والأول أنسب بما إذا قال وقت صلاة الصبح، والثاني بغيره والأقرب أن يراد باليوم ما يعم الليل ليشمل الصلاة

باب [ما جاء في] الصلاة عند دخول المسجد

قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا قَالَ: ذَلِكَ قَالَ الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ الْيَوْمِ. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ 467 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ سَجْدَتَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْلِسَ». 468 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ زَادَ: «ثُمَّ لِيَقْعُدْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ أَوْ لِيَذْهَبْ لِحَاجَتِهِ». === الليلة، والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ 467 - قوله: "سجدتين" أي ركعتين، وإطلاق الحديث يشمل أوقات الكراهة، وعليه الشافعي ويقول بتخصيص النهي بما لا سبب له، وأما غيره فيقدم النهي عند التعارض على الأمر فيحمل الحديث على غير أوقات الكراهة، والله تعالى أعلم.

باب [في] فضل القعود في المسجد

بَابٌ [فِي] فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ 469 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، أَوْ يَقُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ". 470 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ». 471 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي === بَابٌ [فِي] فَضْلِ الْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ 469 - قوله: "ما دام في مصلاه" لفظ الحديث يعم المسجد وغيره، وكان "المصنف" حمله على الخصوص للرواية التي بعده، فإن فيه ما يقتضي الخصوص في الجملة، وعلى كل تقدير فالمراد بقعة صلى فيها فقط أو تمام المسجد مثلًا والأول هو الظاهر ويحتمل الثاني أيضًا، وقوله: "لم يحدث" من أحدث أي لم ينقض وضوءه ظاهره عموم النقض لغير الاختياري أيضًا ويحتمل الخصوص، وقوله: "اللهم. . . إِلخ" بيان لصلاة الملائكة بتقدير القول. 471 - قوله: "أو يضرط" من حد ضرب والمراد مثلًا ليشمل أقسام الحديث،

باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد

صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، حَتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ "، فَقِيلَ مَا يُحْدِثُ؟ قَالَ: يَفْسُو، أَوْ يَضْرِطُ. 472 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ الْأَزْدِيُّ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِشَيْءٍ فَهُوَ حَظُّهُ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ 473 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ يَعْنِي ابْنَ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَسْوَدِ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ === والله تعالى أعلم. 472 - قوله: "فهو حظه" أي ذلك الشيء نصيبه وهذا إرشاد إلى إصلاح النية، وفيه أن الذي أتى المسجد لأجل الصلاة فحظه الصلاة، وإن كان قاعدًا، ولذلك ذكره "المصنف" في هذا الباب، وفيه إشارة إلى أن القاعد في المسجد له الأجر المذكور إذا جاء بنية الصلاة لا مطلقًا، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ إِنْشَادِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ 473 - قوله: "ينشد" كيطلب لفظًا ومعنى وأما الإنشاد فمعناه التعريف لا الطلب والسؤال، وبه ظهر أن ترجمة "المصنف" لا تخلو عن كلام، وقوله: "لا أداها إليك" يحتمل أنه دعاء عليه لا لنفي الماضي، ودخولها على الماضي بلا تكرار في الدعاء جائز وفي غير الدعاء الغالب هو التكرار لقوله تعالى: {فَلَا

باب في كراهية البزاق في المسجد

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى شَدَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا". بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ 474 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَشُعْبَةُ، وَأَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ === صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} (¬1) ويحتمل أن لا ناهية أي لا تنشد، وقوله "أداها الله" دعاء له لإظهار أن النهي منه نصح له إذ الداعي بخير لا ينهى إلا نصحًا لكن اللائق "حينئذ" الفصل؛ بأن يقال لا وادها الله إليك لأن تركه موهم، إلا أن يقال الموضع موضع زجر فلا يضر به الإيهام لكونه إيهام شيء هو آكد في الزجر، وقوله: "فإن المساجد" يحتمل أنه في حيز القول، فلا بد أن يقوله القائل تعليلًا لقوله، ويحتمل أنه تعليل لقوله فليقل فلا حاجة إلى أن يقوله، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ 474 - قوله: "التفل" بفتح مثناة فوقية وسكون فاء الرمي بالبزاق، وقوله: "أن يواريه" أي يغيبه ويستره في التراب، يفيد أنه ليس بخطيئة لتعظيم المسجد وإلا لما أفاد الدفن شيئًا بل لتأذى الناس به وبالدفن يندفع الأذى، وقد وقع ¬

_ (¬1) سورة القيامة: آية 31.

خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهُ أَنْ تُوَارِيَهُ». 475 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». 476 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النُّخَاعَةُ === التصريح به في حديث رواه أحمد بإسناد حسن: "من نخم في المسجد فليغيب نخامته أن تصبيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه" (¬1) وروى أحمد والطبراني بإسناد حسن: "من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة وإن دفنه فحسنة" (¬2) فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، وفي حديث مسلم: "وجدت في مساوئ أعمال أمتي نخاعة تكون في المسجد لا تدفن" (¬3). وزعم بعض أنه لتعظيم المسجد؛ فقال إن اضطر إلى ذلك كان البصاق فوق البواري والحصر خيرًا من البصاق تحتها؛ لأن البوارى ليست من المسجد حقيقة ولها حكم المسجد بخلاف ما تحتها، وهذا بعيد بالنظر إلى الأحاديث، والأقرب عكس ذلك لأن التأذي في البواري أكثر من التأذي فيما تحتها بل ما تحتها بمنزلة الدفن لها، والله تعالى أعلم. 475 - قوله "البزاق" هو ما يخرج من أصل الفم و"النخاعة" ما تخرج من أقصى الحلق من مخرج الخاء المعجمة. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 3/ 58. (¬2) أحمد 3/ 109، 209. (¬3) مسلم في المساجد ومواضع الصلاة (553/ 57) عن أبي ذر الغفاري.

فِي الْمَسْجِدِ» فَذَكَرَ مِثْلَهُ. 477 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ فَبَزَقَ فِيهِ، أَوْ تَنَخَّمَ فَلْيَحْفِرْ فَلْيَدْفِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْزُقْ فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ لِيَخْرُجْ بِهِ». 478 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ إِلَى الصَّلَاةِ، أَوْ إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلَا يَبْزُقْ أَمَامَهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ عَنْ تِلْقَاءِ يَسَارِهِ، إِنْ كَانَ فَارِغًا أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ لِيَقُلْ بِهِ». 479 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمًا إِذْ رَأَى === 477 - قوله: "فيحفر فليدفنه" هما من حد ضرب، وقوله: "فليبزق" من حد نصر. 478 - قوله: "ولكن عن يساره" ظاهر الإطلاق يعم المسجد وغيره فيدل على أن الحكم ليس معللًا بتعظيم المسجد وإلا لكان اليمين واليسار سواء، بل المنع عن تلقاء الوجه للتعظيم بحالة المناجاة من الرب تعالى وعن اليمين للتأدب مع تلك اليمين كما يفهم من كثير من الأحاديث، وقوله: "ثم ليقل به" من إطلاق القول على الفعل والمراد هاهنا الدلك، والله تعالى أعلم.

نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَتَغَيَّظَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَكَّهَا، قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فَدَعَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَطَّخَهُ بِهِ، وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِ أَحَدِكُمْ إِذَا صَلَّى، فَلَا يَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، وَمَالِكٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، نَحْوَ حَمَّادٍ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرُوا الزَّعْفَرَانَ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَأَثْبَتَ الزَّعْفَرَانَ فِيهِ، وَذَكَرَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ الْخَلُوقَ. 480 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي [ص: 130] ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ الْعَرَاجِينَ وَلَا يَزَالُ فِي يَدِهِ مِنْهَا، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ مُغْضَبًا، فَقَالَ: «أَيَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُبْصَقَ فِي وَجْهِهِ؟ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْمَلَكُ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَا يَتْفُلْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا فِي قِبْلَتِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» وَوَصَفَ لَنَا ابْنُ عَجْلَانَ ذَلِكَ أَنْ يَتْفُلَ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ يَرُدَّ بَعْضَهُ عَلَى === 480 - قوله: "يحب العراجين" جمع عرجون وهو عود كباسة النخل. وقوله: "الملك عن يمينه" يحتمل أن المراد كاتب الحسنات وهو لكونه محسنًا في حق الإنسان ظاهرًا أو لكونه أعظم رتبة يستحق من التأدب فوق ما يستحق الآخر، ويحتمل أن يكون ملكا آخر مخصوصًا حضوره بحالة المناجاة

بَعْضٍ. 481 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ الْجُذَامِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَيْوَانَ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ - قَالَ أَحْمَدُ: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا، فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ: «لَا يُصَلِّي لَكُمْ»، فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «نَعَمْ»، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ». 482 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَبَزَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى». 483 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمَعْنَاهُ زَادَ ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ. 484 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، " فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ بَصَقَ عَلَى الْبُورِيِّ، ثُمَّ مَسَحَهُ بِرِجْلِهِ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === مثلًا، والله تعالى أعلم، وقوله: "فلا يتفل" من حد نصر أو ضرب.

وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ". 485 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيَّانِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ - وَهَذَا لَفْظُ يَحْيَى بْنِ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيِّ -، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَتَيْنَا جَابِرًا يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ فِي مَسْجِدِهِ، فَقَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ فَنَظَرَ فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، فَحَتَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَجْهِهِ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا» وَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ ثُمَّ دَلَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَرُونِي عَبِيرًا» فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ ثُمَّ لَطَخَ === 485 - قوله: "ابن طاب" نوع من التمر، وقوله: "فإن الله تعالى في وجهه" أي وهو تعالى يعرض عنه إذا تفل في تلك الجهة، وقوله: "فإن عجلت به بادرة" أي غلبته بصقة أو نخاعة بدرت منه، وقوله "عبير أطيب" و"الخلوق"، معروف، وقوله: "من الحي" أي القبيلة "يشتد" أي يعدو أو يسرع، "والخلق" بفتح خاء بفتح خاء معجمة طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، قوله: "لا

باب [ما جاء في] المشرك يدخل المسجد

بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، قَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ 486 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْنَا لَهُ: هَذَا الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ» فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي سَائِلُكَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. === يصلي لكم" إمامًا لكم وإلا فلا أحد يصلي إلا لله، والأشهر في هذا المعنى يصلي بكم، قوله "البواري" بضم الموحدة حصير تعمل من القصب. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ 486 - قوله: "دخل رجل على جمل" لا دلالة في هذا الحديث على أن الرجل كان مشركًا، وقد جوزوا أنه كان مؤمنًا وليس فيما ذكر من الكلام ما يدل على كافره قطعًا، والله تعالى أعلم، وقوله "متكئ" قال الخطابي: كل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدًا على أحد شقيه (¬1)، وقوله: "قد أجبتك" يحتمل أنه ذكره جوابا، ويحتمل أنه نزل كلام أصحابه السابق وجوابهم بمنزله جوابه، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 145.

باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: فَقَالَ: أَيُّكُمْ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ»، قَالَ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 488 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ، مِنْ مُزَيْنَةَ وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "الْيَهُودُ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا مِنْهُمْ". بَابٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ 489 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === بَابٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ 489 - قوله: "طهورًا" بفتح الطاء اسم لما يتطهر به كالوضوء وغيره والمراد أنه يتيمم به وليس صيغة مبالغة للطاهر كما زعم بعضهم، ولعله ذكر هذا الحديث في الباب للدلالة على أن الأصل في كل مكان أن تجوز فيه الصلاة، وعدم الجواز

مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا». 490 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعْدٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَرَّ بِبَابِلَ وَهُوَ يَسِيرُ فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَلَمَّا بَرَزَ مِنْهَا أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «إِنَّ حَبِيبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === في البعض يحتاج إلى دليل فما يوجد فيه دليل العدم يحكم فيه بالجواز لكونه الأصل، والله تعالى أعلم. 490 - قوله. "فلما برز منها" أي خرج، وقوله: "حبي" بكسر المهملة وتشديد الموحدة أي محبوبي، و "المقبرة" بضم الباء وتفتح موضع دفن الموتى، وهذا لاختلاط ترابها بصديد الموتى ونجاساتهم، فإن صلى في مكان طاهر صحت، وقال بظاهره جماعة فكره الصلاة فيها مطلقًا، والنهي في أرض بابل كالنهي في أرض ثمود، فقال: "لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين" (¬1) والمداومة على البكاء في الصلاة وغيرها لا تتيسر فينبغي تأخيرها إلى أرض أخرى، والحاصل أن المطلوب خروج الإنسان بسرعة عن أرض المعذبين، والاشتغال بالصلاة فيها ينافي ذلك فلا ينبغي، والله تعالى أعلم. وقال الخطابي: في إسناد الحديث مقال ولعل المراد النهي عن اتخاذ أرض بابل وطنا أو النهي كان ¬

_ (¬1) البخاري في الصلاة (433)، ومسلم في الزهد والرقائق (2980/ 38، 39) عن عبد الله بن عمر.

باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل

وَسَلَّمَ نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَنَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ». 491 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، بِمَعْنَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مَكَانَ فَلَمَّا بَرَزَ. 492 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - وَقَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ فِيمَا يَحْسَبُ عَمْرٌو - إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرَةَ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ 493 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، === مخصوصًا بعلى وإلا فلم يقل أحد من العلماء بحرمة الصلاة بأرض بابل، وهذا الحديث يعارضه ما هو أصح منه وهو حديث: "جعلت لي الارض مسجدا" (¬1) قلت: عموم ذلك الحديث مخصوص ألبتة، والله تعالى أعلم. 492 - قوله: "إلا الحمام" قيل: هذا في المكان النجس منه، وإن صلى في مكان نظيف فلا بأس، والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ 493 - قوله: "فإِنها من الشياطين" أي إنها لما فيها من النفار والشرور ربما ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 148، والحديث رواه أحد 1/ 250، ومسلم في المساجد (522/ 4).

باب متى يؤمر الغلام بالصلاة

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: «لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا مِنَ الشَّيَاطِينِ» وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: «صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ». بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ 494 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَإِذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا». === أفسدت على المصلى صلاته فصارت كأنها في حق المصلى من الشياطين، والله تعالى أعلم. بَابُ مَتَى يُؤْمَرُ الْغُلَامُ بِالصَّلَاةِ 494 - قوله: "مروا الصبي بالصلاة" أمر للأولياء بتأديب الصغار بالشرائع وغيرها، وأمر التأديب قد يتوجه إلى الصبي أيضًا كما في قوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} (¬1) وهو أيضًا قد يجعل متوجهًا إلى الأولياء، وعلى تقدير اعتباره متوجهًا إلى الصغار فلا إشكال، وإنما الإشكال في أمر التكليف وأمر التكليف من يترك الامتثال به يستحق العقاب أو العتاب مثلًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة النور: آية 58.

495 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ يَعْنِي الْيَشْكُرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ سَوَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو حَمْزَةَ الْمُزَنِيُّ الصَّيْرَفِيُّ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ». 496 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمُزَنِيُّ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَزَادَ: «وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهِمَ وَكِيعٌ فِي اسْمِهِ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ سَوَّارٌ الصَّيْرَفِيُّ. 497 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: مَتَى يُصَلِّي الصَّبِيُّ، فَقَالَتْ: كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ، === 495 - قوله: "وفرقوا بينهم في المضاجع" ظاهر الحديث يعطى أن يحد سن الاشتهاء بعشر سنين في الذكور والإناث جميعًا، والله تعالى أعلم. 496 - قوله: "خادمه" يطلق الخادم على الذكر والأنثى والمراد هاهنا الأنثى وهي الأمة، و"عبده أو أجيره" مفعول ثان لزوج، والله تعالى أعلم.

باب بدء الأذان

فَمُرُوهُ بِالصَّلَاةِ». بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ 498 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَحَدِيثُ عَبَّادٍ أَتَمُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ زِيَادٌ: أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: اهْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا، فَقِيلَ لَهُ: انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ، قَالَ: فَذُكِرَ لَهُ الْقُنْعُ - يَعْنِي الشَّبُّورَ وَقَالَ زِيَادٌ: شَبُّورُ الْيَهُودِ - فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: «هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ» قَالَ: فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ، فَقَالَ: «هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى» فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَهُوَ مُهْتَمٌّ لِهَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابُ بَدْءِ الْأَذَانِ الظاهر أنه بالهمزة مصدره بدا بمعنى ابتدا، أو يجوز أنه بالواو المشددة بمعنى الظهور. 498 - قوله: "كيف يجمع الناس" يحتمل بناء الفاعل والمفعول، ونصب الناس ورفعه، وقوله: "آذن" بالمد أي أعلم، وقوله: "وذكر له القُنْع" بضم قاف وسكون نون وروي بفتح باء موحدة موضمع نون ساكنة وبتاء مثلثة لكن النون أشهر، والمراد الشبور كما ذكر في الكتاب وهو بفتح وتشديد موحدة مضمومة، "البوق" وهو بضم الموحدة قرن ينفخ فيه فيخرج منه صوت، ومرادهم أن يجتمع الناس لاستماعه، وقوله: "الناقوس" هو خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة، وقوله: "إني لبين نائم ويقظان" باللام

وَسَلَّمَ، فَأُرِيَ الْأَذَانَ فِي مَنَامِهِ، قَالَ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَبَيْنَ نَائِمٍ وَيَقْظَانَ، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَأَرَانِي الْأَذَانَ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدْ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا، قَالَ: ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِي؟ »، فَقَالَ: سَبَقَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بِلَالُ، قُمْ فَانْظُرْ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، فَافْعَلْهُ» قَالَ: فَأَذَّنَ بِلَالٌ، قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو عُمَيْرٍ، أَنَّ الْأَنْصَارَ تَزْعُمُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ يَوْمَئِذٍ مَرِيضًا لَجَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنًا. === المفتوحة الداخلة على خبر أن، ومعنى بين نائم ويقظان أنه ما غلبه النوم لما كان في قلبه من الهم ولا كان يقظان أيضًا. بقي أنه كيف أثبت الأذان برؤيا عبد الله بن زيد مع أن رؤيا غير الأنبياء لا يبنى عليها الأحكام؛ أجيب بأن: ما سيجيء في روايته الثانية من قوله عليه الصلاة والسلام "إنها رؤيا حق" يفيد أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما عمل برؤية الرجل إلا بعد معرفة أنها حق؛ إما بوحى أو إلهام أو باجتهاد منه من حيث أنه رأى نظمًا يبعد فيه مداخلة الشيطان أو من حيث أنه ذكر ونداء بحضور الناس للصلاة، وكل جائز في نفسه لا يتوقع عليه ترتب خلل، والحاصل أن بناء الأحكام عل رؤيا غير الأنبياء بعد معرفة نبي حق مما لا ريب فيه، والثابت فيما نحن فيه هو هذا لا بناء الأحكام على مجرد الرؤيا فلا إشكال، ثم هذا الإشكال والحاجة إلى الجواب إنما هو بالنظر إلى الابتداء، وأما بالنظر إلى القاء فالتقرير يكفي ضرورة أنه لا يقرر على الخطأ، وقد قرر على الأذان، والله تعالى أعلم.

باب كيف الأذان

بَابُ كَيْفَ الْأَذَانُ 499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى، قَالَ: فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ، قَالَ: وَتَقُولُ: إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ» فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ، === بَابُ كَيْفَ الْأَذَانُ 499 - قوله: "لما أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالناقوس" كأن صلى الله تعالى عليه وسلم مال إليه لأجل الضرورة بعد أن قال أولًا هو من أمر النصارى والله تعالى أعلم، وقوله: "طاف بي" قال الخطابي: هو من الطيف

فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ، وَيُؤَذِّنُ بِهِ، قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَيَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ: فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَقَالَ مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَمْ يُثَنِّيَا. 500 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ؟ ، قَالَ: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِي، وَقَالَ: " تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا === وهو الخيال الذي يلم بالنائم ومضارعه يطيف ومضارع الطواف يطوف وهو بمعنى الإحاطة بالشيء فهو أطاف يطيف (¬1)، وقوله: "إنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى" وهذا لا يفيد الشك في كونها حقا عنده بل قد يكون المتبرك وغيره والله تعالى أعلم، وقوله: "أندى صوتًا" أفعل من النداء أي أرفع. 500 - قوله: "علمني سنة الأذان" يحتمل أن الإضافة بيانية أي علمني السنة التي هي الأذان، أو لامية أي علمني الكيفية التي تسن مراعاتتها في الأذان، والحديث صريح في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم [علمه] (¬2) الأذان بترجيع ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 153. (¬2) لازمة لالتحام المعنى وليست بالأصل.

رَسُولُ اللَّهِ، تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ، ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، فَإِنْ كَانَ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". 501 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ السَّائِبِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ وَفِيهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي الْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَبْيَنُ، قَالَ فِيهِ: قَالَ: وَعَلَّمَنِي الْإِقَامَةَ === فعلى الأول يلزم أن يكون الترجيع داخلا في الأذان المسنون فلا يوجد بدونه، وعلى الثاني يلزم أن يكون من سنن الأذان والأذان تامًّا بدونه لكن يكون خاليًا عن مراعاة السنن، وعلى التقديرين يشكل بأنه قد ثبت أن أذان بلال ما كان فيه ترجيع، وما رواه الدارقطني من الترجيع في أذان بلال ضعيف جدًّا (¬1) فيلزم أن لا يكون أذان بلال أذانًا مسنونًا بجواز أن يكون الأذانان مسنونين، أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بأحدهما بلالا وبالآخر أبا محذورة لبيان جواز كل منهما، ولا منافاة بين ذلك ولا تدافع، والله تعالى أعلم. 501 - قوله: "في الأولى من الصباح" أي في المناداة الأولى، وفي نسخة في: "الأول" أي في النداء الأول والمراد في الأذان دون الإقامة، والله تعالى ¬

_ (¬1) الدارقطني في الصلاة 1/ 236.

مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَإِذَا أَقَمْتَ فَقُلْهَا مَرَّتَيْنِ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، أَسَمِعْتَ؟ قَالَ: فَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ، لَا يَجُزُّ نَاصِيَتَهُ وَلَا يَفْرُقُهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَيْهَا. 502 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَجَّاجٌ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً: الْأَذَانُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا === أعلم، وقوله "لا يجز ناصيته" من جز بالتشديد كنصَّى إذا قطع، وقوله: "لا يفرقها" من الفرق نقيض الجمع يجيء. من نصر وضرب. 503 - قوله: "تسع عشرة كلمة" إلخ في هذا الحديث تنصيص على الترجيع في أذان أبي محذورة، والتثنية في إمامته بحيث لا يبقى للإنكار محل فإن العدد المذكور لا يستقيم إلا على ذلك كما ذكره صريحا في الحديث، وقد ثبت إفراد إقامة بلال وعدم الترجيح في أذانه فلزم جواز الأمرين في كل من الأذان كما سبق والإقامة، والله تعالى أعلم.

رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْإِقَامَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ "، كَذَا فِي كِتَابِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ. 503 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ يَعْنِي عَبْدَ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأْذِينَ هُوَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: "قُل: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ - قَالَ: ثُمَّ ارْجِعْ، فَمُدَّ مِنْ صَوْتِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". 504 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ، يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَحْذُورَةَ، يَقُولُ: " أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ، حَرْفًا حَرْفًا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ

أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ "، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ فِي الْفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ». 505 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ يَعْنِي الْجُمَحِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ الْجُمَحِيِّ، عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْأَذَانَ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ أَذَانِ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي مَحْذُورَةَ، قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ أَذَانِ أَبِيكَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ»، قَطْ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ جَدِّهِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: " ثُمَّ تَرْجِعُ فَتَرْفَعُ صَوْتَكَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ". 506 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ === 506 - قوله: "أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال" أي غيرت ثلاث تغييرات وحولت ثلاث تحويلات، والمراد: "بأصحابنا" هم الصحابة كما في رواية،

أَحْوَالٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ - أَوْ قَالَ - الْمُؤْمِنِينَ، وَاحِدَةً، حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبُثَّ رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ بِحِينِ الصَّلَاةِ، وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رِجَالًا يَقُومُونَ عَلَى الْآطَامِ يُنَادُونَ الْمُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَقَسُوا أَوْ كَادُوا أَنْ يَنْقُسُوا»، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمَّا رَجَعْتُ لِمَا رَأَيْتُ مِنَ اهْتِمَامِكَ رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ مِثْلَهَا، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ - قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: أَنْ تَقُولُوا - لَقُلْتُ إِنِّي كُنْتُ يَقْظَانَ غَيْرَ نَائِمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى - «لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا»، - وَلَمْ يَقُلْ عَمْرٌو: «لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا» - فَمُر بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنِّي لَمَّا سُبِقْتُ اسْتَحْيَيْتُ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا === وقوله: "ابث" بتشديد المثلثة من نصر أي ابعث وانشر و"الآطام" بمد أوله جمع أطم بالضم وهو بناء مرتفع، وقوله: "حتى نقسوا" من النفس من خد نصر أي ضربوا بالناقوس، وجعله بعضهم من التنفيس بمعنى الضرب بالناقوس، والله تعالى أعلم، وقوله: "إني لما رجعت" بفتح لام وتشديد الميم أي حين رجعت إلى بيتي من المجلس رأيت رجلًا إلخ، وقوله: "لما رأيت" بكسر اللام الجارة وتخفيف الميم علة لقوله رأيت رجلًا، وقوله: "كان" بالتشديد من الحروف. الناصبة، وقوله: "لولا أن يقول" أي إنه كاذب، وقوله: "إِذا جاء يسأل" على بناء الفاعل و"نخبر" على بناء المفعول "وسبق" على بناء المفعول والمعنى إذا دخل

جَاءَ يَسْأَلُ فَيُخْبَرُ بِمَا سُبِقَ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنَّهُمْ قَامُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَقَاعِدٍ وَمُصَلٍّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي بِهَا حُصَيْنٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى حَتَّى جَاءَ مُعَاذٌ، قَالَ شُعْبَةُ: وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ حُصَيْنٍ، فَقَالَ: لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إِلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ فَافْعَلُوا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، قَالَ: فَجَاءَ مُعَاذٌ، فَأَشَارُوا إِلَيْهِ، قَالَ شُعْبَةُ: وَهَذِهِ سَمِعْتُهَا مِن حُصَيْنٍ، قَالَ: فَقَالَ مُعَاذٌ: لَا أَرَاهُ عَلَى حَالٍ إِلَّا كُنْتُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذًا، قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً، كَذَلِكَ فَافْعَلُوا " قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ " أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ أُنْزِلَ رَمَضَانُ، وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَامَ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَلَيْهِمْ شَدِيدًا فَكَانَ مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] فَكَانَتِ الرُّخْصَةُ لِلْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ فَأُمِرُوا بِالصِّيَامِ " قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَفْطَرَ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يُصْبِحَ، قَالَ: "فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَرَادَ امْرَأَتَهُ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ نِمْتُ === رجل في المسجد وهم في الصلاة يسألهم عما سبقوه به من الركعات فيخبرونه بذلك، إما بالكلام إذ كان جائا في الصلاة أو بالإشارة فيبدأ به أولًا ثم يصلي بقية الصلاة مع الإمام فيخالف حال هذا الداخل حال الإمام قبل أن يتم ما فاته وهذا معنى قوله: "وإِنهم قاموا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ... إلخ"، وقوله: "ثم رجعت" من كلام أبي داود صاحب الكتاب، وقوله: "فأشاروا إِليه بما فاته ليقضيه أو لا فلم يقبل" إشارتهم بل ثبت على حال الإمام

فَظَنَّ أَنَّهَا تَعْتَلُّ فَأَتَاهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَرَادَ الطَّعَامَ فَقَالُوا: حَتَّى نُسَخِّنَ لَكَ شَيْئًا، فَنَامَ " فَلَمَّا أَصْبَحُوا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]. 507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ - وَسَاقَ نَصْرٌ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَاقْتَصَّ ابْنُ الْمُثَنَّى مِنْهُ قِصَّةَ صَلَاتِهِمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَطْ - قَالَ: الْحَالُ الثَّالِثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَصَلَّى - يَعْنِي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ - ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا === وبدأ بصلاة الإمام، وقال لهم بلسان الحال أو بالإشارة أو بلسان المقال إن فرض أن هذه الواقعة كانت حين إباحة الكلام لا أرى الإمام على حال إلا كنت عليها، وقوله: "فقال إن معاذا" أي قال رسول الله صلى الله تعالى وعليه وسلم إلخ، وقوله: "فكان من لم يصم ... إلخ" أي كقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (¬1) وقوله: "فكانت الرخصة" أي ثبتت وبقيت الرخصة لهما، وقوله: "فأمروا" أي غير المريض والمسافر، وقوله: "إنها تعتل" أي تظهر العلة بتكلف لأجل الدفع، وقوله: "حتى نسخن" من التسخين أي نحمي لك. 507: "ثم أمهل هنية" بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء أي ¬

_ (¬1) سوة البقرة: آية 184.

وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] فَوَجَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْكَعْبَةِ - وَتَمَّ حَدِيثُهُ - وَسَمَّى نَصْرٌ صَاحِبَ الرُّؤْيَا، قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقَالَ فِيهِ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، مَرَّتَيْنِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، مَرَّتَيْنِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ أَمْهَلَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ مِثْلَهَا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: زَادَ بَعْدَ مَا قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنْهَا بِلَالًا» فَأَذَّنَ بِهَا بِلَالٌ. وَقَالَ فِي الصَّوْمِ: قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ " يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَيَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إِلَى قَوْلِهِ {طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْطِرَ، وَيُطْعِمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا حَوْلٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] إِلَى {أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَثَبَتَ الصِّيَامُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ وَعَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَقْضِيَ، وَثَبَتَ الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ "، وَجَاءَ صِرْمَةُ وَقَدْ عَمِلَ يَوْمَهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. === ساعة قليلة، وقوله: "لقنها" من التلقين.

باب في الإقامة

بَابٌ فِي الْإِقَامَةِ 508 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ»، زَادَ حَمَّادٌ فِي حَدِيثِهِ: إِلَّا الْإِقَامَةَ. 509 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِثْلَ حَدِيثِ وُهَيْبٍ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ، فَحَدَّثْتُ بِهِ أَيُّوبَ، فَقَالَ: إِلَّا الْإِقَامَةَ. 510 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ مُسْلِمٍ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِنَّمَا كَانَ === بَابٌ فِي الْإِقَامَةِ 508 - قوله: "أن يشفع" كيمنع أي يأتي بألفاظ الأذان مثنى إلا التكبير في أوله فإن أربع مرات لما ورد التصريح بذلك في الروايات، وإلا كلمة التوحيد في آخره، "ويوتر الإقامة" أي يأتي بألفاظها مفردة وترًا إلا قد قامت الصلاة، وهذا هو المراد بأقوله في بعض الروايات "إلا الإِقامة" فلا يلزم استثناء الشيء من نفسه، قلت: وكذا التكبير في الإقامة والحاصل أن الشفع في الأذان والإيتار في الإقامة بالنظر إلى غالب كلماتها، وكذا ما جاء من مرتين مرتين ومرة مرة مجملة هذا، والله تعالى أعلم. 510 - قوله: "فإذا سمعنا الإقامة ... إِلخ" كأن بعضهم في بعض الصلوات

باب [في] الرجل يؤذن ويقيم آخر

الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً، مَرَّةً غَيْرَ أَنَّهُ، يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَإِذَا سَمِعْنَا الْإِقَامَةَ تَوَضَّأْنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الصَّلَاةِ "، قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ. 511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ يَعْنِى الْعَقَدِيَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، مُؤَذِّنِ مَسْجِدِ الْعُرْيَانِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُثَنَّى مُؤَذِّنَ مَسْجِدِ الْأَكْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ 512 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَذَانِ أَشْيَاءَ، لَمْ يَصْنَعْ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: «أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ»، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ، قَالَ: «فَأَقِمْ أَنْتَ». === كانوا يؤخرون الخروج إلى الإقامة اعتمادًا على تطويل قراءته صلى الله تعالى عليه وسلم، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ آخَرُ 512 - قوله: "في الأذان أشياء" المراد بالأذان: مطلق الإعلام بأوقات الصلاة، والأشياء هي البوق والناقوس وغيرهما.

513 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍ، وشَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَانَ جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْد، يُحَدِّثُ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فَأَقَامَ جَدِّي. 514 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ يَعْنِي الْأَفْرِيقِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ، قَالَ: لَمَّا كَانَ أَوَّلُ أَذَانِ الصُّبْحِ أَمَرَنِي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذَّنْتُ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أُقِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَ === 514 - قوله: "لما كان أول أذان الصبح" أي أول نداء الصبح، وهو الأذان فإنه أول بالنظر إلى النداء الثاني الذي هو الإقامة، وقوله: "يعني فتوضأ" يريد أن برز معناه توضأ، وقوله: "ومن أذن فهو يقيم" أي فهو أحق بالإقامة فلا يقيم غيره إلا لداع إِلى ذلك كما في إقامة عبد الله بن زيد، فأشار "المصنف" بالحديثين إلى هذا التفصيل، والإفريقي في إسناد الحديث الثاني وإن ضعفه يحيى بن سعيد القطان وأحمد، لكن قوى أمره محمد بن إسماعيل البخاري وقال هو مقارب الحديث (¬1)، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذن فهو ¬

_ (¬1) عبد الرحمن بن زياد أبو أيوب، ويقال: أبو خالد الأفريقي عداده في أهل مصر، وروى عن أبيه وعبد الرحمن الحبلي ... وروي عنه الثوري وابن لهيعة وابن المبارك ... قال الثوري: يقول جاءنا عبد الرحمن بستة أحاديث يرفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لم أسمع أحدًا من أهل العلم يرفعها -منها حديث- "من أذن فهو يقيم"، وقال ابن حجر في نهاية ترجمته: والحق فيه أنه ضعيف لكثرة روايته المنكرات وهو أمر يعتري الصالحين. انظر ترجمته في: التهذيب 6/ 173 - 176.

باب رفع الصوت بالأذان

يَنْظُرُ إِلَى نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ إِلَى الْفَجْرِ، فَيَقُولُ: «لَا» حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ نَزَلَ فَبَرَزَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيَّ وَقَدْ تَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ - يَعْنِي فَتَوَضَّأَ - فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ هُوَ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ»، قَالَ: فَأَقَمْتُ. بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ 515 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَشَاهِدُ الصَّلَاةِ يُكْتَبُ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صَلَاةً وَيُكَفَّرُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُمَا». === يقيم وتلقيهم الحديث بالقبول مما يقوي الحديث أيضًا (¬1)، وبالجملة فهو صالح ولذلك سكت عليه "المصنف" والله تعالى أعلم. بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ 515 - قوله: "مدى صوته" بفتح ميم وخفة مهملة مفتوحة بعدها ألف، أي غاية صوته أن يغفر له حد الصوت وقدره، فإن بلغ الغاية من الصوت بلغ الغاية من المغفرة، وإن كان صوته دون ذلك فمغفرته على قدره، أو المعنى لو كان له ذنوب تملأ ما بين محله الذي يؤذن فيه إلى ما ينتهي إليه صوته لغفر له من الذنوب ما فعله في زمان مقدر بهذه المسافة. ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة، (199).

باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت

516 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، وَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَضِلَّ الرَّجُلُ أَنْ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى". بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ مِنْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ 517 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، === 516 - قوله: "وله ضراط" حقيقته ممكنة فالظاهر حمله عليها، وقوله: "إذا ثوب" أي أقيم فإنه إعلام بالصلاة ثانيًا، وقوله: "يخطر" بفتح ياء وكسر طاء أي يوسوس بما يكون حائلًا بين الإنسان وما يقصده، ويريد إقبال نفسه عليه مما يتعلق بالصلاة من خشوع وغيره، وأكثر الرواة على ضم الطاء أي حتى يسلك ويمر ويدخل بين الإنسان ونفسه فيكون حائلًا بينهما على المعنى الذي ذكرنا أولًا، وقوله: "يظل" بفتح الظاء أي يصير، و "إن" في قوله: "إن يدرى" نافية، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ مِنْ تَعَاهُدِ الْوَقْتِ 517 - قوله: "الإِمام ضامن" ليس المراد أن الإمام كفيل عن القوم في الصلاة إذ صلاة القوم ليست في ذمة الإمام قطعًا، بل معناه عند قوم: أن الإمام جاعل صلاة القوم في ضمن صلاته من ضمن الشيء إذا جعلته تحت كشحه،

عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ». 518 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. === حاصله: أن صلاه القوم تصير بالاقتداء في ضمن صلاة الإمام صحة وفسادًا، "إلا إذا" أي لا بمعنى أن الإمام إذا أدى صلاته سقط عن المقتدين به الصلاة وإن لم يؤدوا لحصول صلاتهم في ضمن صلاة الإمام؛ فإنه خلاف الإجماع، هانما معناه: إذا صحت صلاة الإمام وهم أدوا صلاتهم معه صحت صلاتهم، هاذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاتهم، ومعناة عند آخرين أنه حامل عنهم بعض أركان الصلاة كالقراءة عند كثير من العلماء والقيام إذا أدركه راكعا، ومعناه عند كثير أنه حافظ للصلاة وعدد الركعات، وقال قوم: إن ضامن الدعاء أن يعم به القوم ولا يخص به نفسه، وأما كون المؤذن مؤتمنًا بفتح الميم يقال مؤتمن القوم من يتخذونه أمينًا حافظًا، فمعناه أنه أمين لهم على مواقيت صلاتهم وصيامهم، أو أنه أمين على حرم الناس في نه يشرف على المواضع العالية، ومعنى: "أرشد الأئمة وفقهم" لأداء ما هو عليهم من العهدة، ومعنى: "اغفر للمؤذنين" أي ما قصروا فيه من مراعاة الوقت، وفيه إشارة إلى أن المؤذن لا يخلو عن تقصير فيحتاج إلى أن يدعى له بالمغفرة، والله تعالى أعلم.

باب الأذان فوق المنارة

بَابُ الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ 519 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَيَأْتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْظُرُ إِلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّى، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْمَدُكَ وَأَسْتَعِينُكَ عَلَى قُرَيْشٍ أَنْ يُقِيمُوا دِينَكَ» قَالَتْ: ثُمَّ يُؤَذِّنُ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُهُ كَانَ تَرَكَهَا لَيْلَةً وَاحِدَةً تَعْنِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ. === بَابُ الْأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ هي بفتح الميم ما يؤذن عليه من المكان المرتفع، وكذا ما يوضع عليه السراج مفعله بفتح الميم من الاستنارة. 519 - قوله: "فيأتي بسحر" بفتحتين: السدس الأخير من الليل، وقوله: "تمطا" أي تمدد لطول جلوسه، وظاهر هذا الحديث يقتضي أن الأذان واحد بعد طلوع الفجر كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم، ونقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في الفتح: إسناده حسن (¬1)، وقوله: "تركها" ضمير مبهم تفسره هذه الكلمات، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) ابن حجر في الفتح 2/ 103، 104.

باب [في] المؤذن يستدير في أذانه

بَابٌ [فِي] الْمُؤَذِّنِ يَسْتَدِيرُ فِي أَذَانِهِ 520 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ يَعْنِي ابْنَ الرَّبِيعِ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، جَمِيعًا عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ فَخَرَج بِلَالٌ فَأَذَّنَ فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ فَمَهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، قَالَ: «ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ بُرُودٌ يَمَانِيَةٌ قِطْرِيٌّ» - وَقَالَ مُوسَى - قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالًا خَرَجَ إِلَى الْأَبْطَحِ فَأَذَّنَ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، لَوَى عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَمْ يَسْتَدِرْ ثُمَّ دَخَلَ فَأَخْرَجَ الْعَنَزَةَ وَسَاقَ حَدِيثَهُ. === بَابٌ [فِي] الْمُؤَذِّنِ يَسْتَدِيرُ فِي أَذَانِهِ 520 - قوله: "من أدم" بفتحتين الجلد، وقوله: "أتتبع" بهمزة ثم مثناتين من فوق ثم موحدة مشددة مفتوحات، أي أدير نظري إلى فمه في الجهتين، وهو فرع إدارة المؤذن فمه في الجهتين، وقوله: "حمراء" قالوا: إنها مخططة معلومة، و "قطري" بكسر قاف وسكون طاء نسبة إلى قرية قطر بفتحتين من قرى البحرين والكسر والتخفيف للنسبة فلعل تقدير الكلام كثوب قطري، وإلا فكيف يكون يمانيًّا وقطريًّا، وبه يتضح وجه التذكير، والله تعالى أعلم، وقوله: "لوى" بالتخفيف وقد يشدد للمبالغة ولا يناسبه المقام أي صرف، و "العنزة" بفتحتين مثل نصف الرمح أو أكبر وفيها حديد كما في الرمح.

باب [ما جاء] في الدعاء بين الأذان والإقامة

بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الدُّعَاءِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ 521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ». بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ 522 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ». 523 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَحَيْوَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ === بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ 522 - قوله: "فقولوا مثل ما يقول" أي إلا في الحيعلتين فيأتي بلا حول ولا قوة إلا بالله لحديث عمر (¬1) وغيره فهو عام محخصوص، وهذا هو الذي يؤيده النظر في المعنى؛ لأن إجابة حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء، وهذا التخصيص قد صرح به الحنفية أيضًا، وعلى هذا. فيجوز أن يكون هذا التخصيص مستثنى من قولهم. لا يجوز التخصيص إلا بالمقارن، والله تعالى أعلم. 523 - قوله: "صلى الله عليه بها عشرًا" قال الترمذي: قالوا صلاة الرب ¬

_ (¬1) رواه الموثق (527).

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّواعَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا === الرحمة (¬1)، قلت: وهو المشهور، فالمراد أنه تعالى ينزل على المصلي أنواعًا من الرحمة والألطاف، وقد جوز بعضهم كون الصلاة بمعنى ذكر مخصوص، فالله تعالى يذكر المصلي بذكر مخصوص تشريفًا بين الملائكة كما في الحديث، "وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" (¬2)، لا يقال يلزم منه تفضيل المصلى على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث يصلي الله تعالى عليه عشرًا في مقابلة صلاة واحدة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، لأنا نقول هي واحدة بالنظر إلى أن المصلى دعا بها مرة واحدة، فلعل الله تعالى يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك ما لا يعد ولا يحصى، على أن الصلاة على كل أحد بالنظر إلى حاله، وكم من واحد لا يساويه ألف، فمن أين التفضيل؟ وقوله: "الوسيلة" قيل: هي في اللغة المنزلة عند الملك، ولعلها في الجنة عند الله أن يكون كالوزير عند الملك بحيث لا يخرج رزق ولا منزلة إلا على يديه وبواسطته، وقوله: "أن أكون أنا هو" من وضع الضمير المرفوع موضع المنصوب، على أن أنا تأكيد أو فصل، ويحتمل أن يكون أنا مبتدأ خبره هو، والجملة خبر أكون والله تعالى أعلم، وقوله: "حلت عليه" أي نزلت عليه، ولا يصح تفسير الحل بما ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (485) وقال فيه: وروى عن سفيان الثوري وغير واحد. (¬2) مسلم في الذكر والدعاء (2675/ 2).

مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ، حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ». 524 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيٍّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْحُبُلِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ». 525 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ الْحُكَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ قَالَ: حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا غُفِرَ لَهُ". === يقابل الحرمة فإنها حلال لكل مسلم، وقد يقال بل لا تحل إلا لمن أذن له فيمكن أن يجعل الحل كناية عن حصول الإذن في الشفاعة، ثم المراد شفاعة مخصوصة، والله تعالى أعلم. 525 - قوله: "من قال حين يسمع المؤذن" الظاهر حين يفرغ من سماع أذانه وإلا فالجمع بينه وبين مثل ما يقول المؤذن حالة الأذان مشكل، ومثله حديث: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة" (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الأذان (614) عن جابر بن عبد الله، ومسلم في الصلاة (386/ 13) عن المصنف (529)، والبيهقي في الصلاة 1/ 410.

526 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ، قَالَ: «وَأَنَا، وَأَنَا». 527 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسَافٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، === 526 - قوله: "قال وأنا أنا" قال الطيبي: عطف على قول المؤذن أشهد على تقدير العامل لا الانسحاب، أي أنا أشهد كما تشهد والتكرير في أنا راجع إلى الشهادتين، وفيه دلالة على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان مكلفًا بأن يشهد على رسالته كسائر الأمة. اهـ، وقد يقال لا يلزم من الشهادة بالرسالة أن يكون مكلفا بها، والله تعالى أعلم. 527 - قوله: "فقال أحدكم" عطف على الشرط، وكذا قال فيما بعده عطف على الشرط بتقدير في العطف، أعني الفاء وليس بجزاء وإنما الجزاء قوله: "دخل الجنة"، وأما قوله: "ثم قال حيّ الصلاة" ففيه حذف أداة الشرط،

باب ما يقول إذا سمع الإقامة

ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ 528 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ، فَلَمَّا أَنْ قَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا» وَقَالَ: فِي سَائِرِ الْإِقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأَذَانِ. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدُّعَاءِ عِنْدَ الْأَذَانِ 529 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَالَ: حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ === قوله: "قال لا حول" عطف بتقدير أداة العطف، وقوله: "من قلبه" متعلق بقول المجيب على التنازع أو بقول يعم أقوال المجيب كلها، والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدُّعَاءِ عِنْدَ الْأَذَانِ 529 - قوله: "رب هذه الدعوة" بفتح الدال هي الأذان ووصفها بالتمام لأنها ذكر لله ويدعى بها إلى الصلاة فيستحق أن توصف بالكمال والتمام، ومعنى: "رب هذه الدعوة" أنه صاحبها أو المتمم لها والزائد في أهلها والمثيب عليها أحسن

باب ما يقول عند أذان المغرب

مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ 530 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ === الثواب والآمر بها ونحو ذلك، ومعنى: "الصلاة القائمة" أي التي ستقوم، و"مقامًا محمودًا" بالتنكير على حكاية لفظ القرآن أو التعظيم ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقامًا أو ضمن ابعثه يعني أقمه أو على أنه مفعول به، ومعنى: "ابعثه" أعطه أو على الحال أي ابعثه ذا مقام، والموصول في الذي وعدته بدل من مقامًا أو بيان لا صفة لعدم المطابقة في التنكير، وقوله: "إلا حلت له" كذا في رواية الترمذي بإثبات إلا، وفي رواية البخاري بدون إلا وهو الظاهر، وأما مع إلا فينبغي أن يجعل من في قوله: "من قال" استفهامية للإنكار فترجع إلى النفي، و "قال" بمعنى يقول أي مامن أحد يقول ذلك إلا حلت له ومثله {مَن ذَا الَّذي يَشْفعُ عِندَهُ إلا بِإذْنِه} (¬1) و {هلْ جَزاءُ الإحْسَان إلَّا الإحْسانُ} (¬2) وأمثاله كثيرة، والله تعالى أعلم. 530 - قوله: "هذا إقبال" قيل: المشار إليه ما في الذهن وهو مبهم مفسر بالخبر، وقوله: "إدبار نهارك" عطف على الخبر، و"الدعاة" جمع داع كالقضاة جمع قاض، وقوله: "فاغفر لي" مترتب على سابقه بالفاء للتنبيه على أن تجديد ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (255). (¬2) سورة الرحمن: آية (60).

باب أخذ الأجر على التأذين

الْمَغْرِبِ: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا إِقْبَالُ لَيْلِكَ، وَإِدْبَارُ نَهَارِكَ، وَأَصْوَاتُ دُعَاتِكَ، فَاغْفِرْ لِي». بَابُ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ 531 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْتُ: - وَقَالَ مُوسَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ قَالَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي، قَالَ: «أَنْتَ إِمَامُهُمْ وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا». بَابٌ فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ 532 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَدَاوُدُ بْنُ شَبِيبٍ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا === الأوقات وأصوات الدعاة إلى الله لا تخلو عن أنواع الألطاف في حق العباد فيمكن أن يتوسل بذلك إلى المغفرة، والله تعالى أعلم. بَابُ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى التَّأْذِينِ 531 - قوله: "واقتد بأضعفهم" قيل: هو عطف إنشائية على الخبرية بتأويل أمّهم، وعدل إلى الاسمية دلالة على الثبات وقد جعل فيه الإمام مقتديًا، والمعنى كما أن الضعيف يقتدي بصلاتك فاقتد أنت أيضًا بضعفه واسلك له سبيل التخفيف في القيام والقراءة بحيث كان يقوم ويركع على ما يريد وإنك كالتابع الذي يركع بركوعه، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْأَذَانِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ 532 - قوله: "إلا أن العبد قد نام" أي غفل عن الوقت لما كان معه من السنة

حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِيَ: «أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ، قَدْ نَامَ أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ»، زَادَ مُوسَى: فَرَجَعَ فَنَادَى: أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَيُّوبَ، إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ». 533 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنْ مُؤَذِّنٍ لِعُمَرَ يُقَالُ لَهُ مَسْرُوحٌ أَذَّنَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَأَمَرَهُ عُمَرُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ مُؤَذِّنًا لِعُمَرَ، يُقَالُ لَهُ: مَسْرُوحٌ أَوْ غَيْرُهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ مُؤَذِّنٌ، يُقَالُ: لَهُ مَسْعُودٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ ذَاكَ. 534 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ === أو عاد إلى نومه إذ عليه بقية عن الليل، والمقصود إعلام الناس بالخطأ لئلا ينزعجوا عن نومهم، واستدل به من لم يجوز الأذان للفجر قبل الوقت، وأجيب بأن حماد أخطأ في رفعه، والصواب وقفه على عمر وأنه الذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وتفرد برفعه حماد وهو خطأ قال الحافظ ابن حجر: قد اتفقوا على ذلك لكن وجد متابع وذكر. 533، 534 - قلت: فعل عمر يكفي في المطلوب؛ إذ لو كان الأذان بليل لما خفى على عمر. وقال الخطابي: يشبه أن يكون هذا في أول زمان الهجرة فإن الثابت عن بلال أنه كان في آخر أيام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يؤذن

باب الأذان للأعمى

شَدَّادٍ مَوْلَى عِيَاضِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ بِلَالٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ الْفَجْرُ هَكَذَا» وَمَدَّ يَدَيْهِ عَرْضًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «شَدَّادٌ مَوْلَى عِيَاضٍ لَمْ يُدْرِكْ بِلَالًا». بَابُ الْأَذَانِ لِلْأَعْمَى 535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، كَانَ مُؤَذِّنًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَعْمَى». بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ 536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ رَجُلٌ حِينَ أَذَّنَ === بليل ثم يؤذن بعده ابن أم مكتوم مع الفجر (¬1)، اهـ. قلت: حديث عمر يرده، إذ لا يمكن خفاء آخر الأمر على عمر في مثل هذا، والوجه إن ثبتت هذه الرواية أنه يحمل على الخطأ في الأذان الثاني وكذا حديث عمر، ويقال: إن الأذان الثاني كان نوائب بين بلال وابن أم مكتوم وكذا حديث: "لا تؤذن حتى يستبين" (¬2) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 157. (¬2) المصنف (534) وقال: شداد مولى عياض لم يدرك بلالا، والبيهقي (1/ 384)، وقال: مرسل، وذكره ابن حجر في التلخيص 1/ 179.

باب في المؤذن ينتظر الإمام

الْمُؤَذِّنُ لِلْعَصْرِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ 537 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يُمْهِلُ فَإِذَا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاةَ». بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ 538 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَثَوَّبَ رَجُلٌ فِي الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، قَالَ: === بَابٌ فِي الْمُؤَذِّنِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامَ 537 - قوله: "ثم يمهل" أي يؤخر. بَابٌ فِي التَّثْوِيبِ 538 - قوله: "فثوب رجل" التثويب هو العود إلى الاعلام بعد الإعلام، ويطلق على الإقامة كما في حديث: "حتى إذا في ثوب أدبر، حتى إذا فرغ أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه" (¬1) وعلى قول المؤذن في أذان الفجر الصلاة خير من النوم وكل من هذين تثويب قديم ثابت عن وقته صلى الله تعالى عليه وسلم إلى يومنا، وقد أحدث الناس تثويبًا ثالثا بين الأذان والإقامة، فيحتمل أن الذي ¬

_ (¬1) البخاري في الأذان (608) والمصنف (516).

باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا

«اخْرُجْ بِنَا فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ». بَابٌ فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا 539 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رَوَاهُ أَيُّوبُ، وَحَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ يَحْيَى، وَهِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى، وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، وَقَالَا فِيهِ: «حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ». 540 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، قَالَ: «حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ: «قَدْ خَرَجْتُ»، إِلَّا مَعْمَرٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: «قَدْ خَرَجْتُ». === كرهه ابن عمر هذا الثالث المحدث أو الثاني وهو الصلاة خير من النوم، وكرهه لأن زيادته في أصل الأذان بدعة، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الصَّلَاةِ تُقَامُ وَلَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا 539 - قوله: "فلا تقوموا، لعل النهي عن قيام لانتظار الإمام قائمًا، وأما القيام من مكان إلى آخر لأجل تسوية الصفوف فغير منهي عنه فلا منافاة بينه وبين الحديث الآتي فيأخذ الناس مقامهم، والله تعالى أعلم.

541 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: ح وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ - وَهَذَا لَفْظُهُ - عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَقَامَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 542 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ، عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَمَا تُقَامُ الصَّلَاةُ فَحَدَّثَنِي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَعَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ». 543 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ السَّدُوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ كَهْمَسٍ، عَنْ أَبِيهِ كَهْمَسٍ، قَالَ: قُمْنَا إِلَى الصَّلَاةِ بِمِنًى وَالْإِمَامُ لَمْ يَخْرُجْ فَقَعَدَ بَعْضُنَا، فَقَالَ لِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ: مَا يُقْعِدُكَ؟ قُلْتُ: ابْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: هَذَا السُّمُودُ: فَقَالَ لِي الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ، === 543 - قوله: "ما يقعدك" من الإقعاد، وقوله: "هذا السمود" قال السيوطي: يثير إلى ما روي عن النخعي قال: كانوا يكرهون أن ينظروا الإمام قيامًا ولكن قعودًا ويقولون السمود، وعن علي أنه خرج والناس ينتظرونه للصلاة قيامًا فقال ما لي أراكم سامدين؟ في النهاية: السامد: المنتصب إذا كان رافعا رأسه ناصبا صدره؛ أنكر عليهم قيامهم قبل أن يروا إمامهم، وقيل: السامد

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «كُنَّا نَقُومُ فِي الصُّفُوفِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلًا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ»، قَالَ: وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَلُونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ، وَمَا مِنْ خُطْوَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ خُطْوَةٍ يَمْشِيهَا يَصِلُ بِهَا صَفًّا». 544 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجِيٌّ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ». 545 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا رَآهُمْ قَلِيلًا جَلَسَ لَمْ يُصَلِّ، === القائم في تحير (¬1)، وقوله: "كنا نقوم في الصفوف" لا يدل على أن قيامهم كان انتظارًا للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بل يجوز أن يكون بعد حضوره صلى الله تعالى عليه وسلم، ولو سلم فإسناد الحديث لا يخلو عن جهالة إذ الشيخ غير معلوم فلا يعارض حديث: "فلا تقوموا حتى تروني" (¬2) والله تعالى أعلم، وقوله: "يلون" أي يقربون، والمراد يقفون فيها. 544 - قوله: "نجيّ" بفتح نون وكسر جيم وتشديد ياء أي مناج رجلًا. ¬

_ (¬1) النهاية 2/ 398. (¬2) البخاري في الأذان (637)، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (604/ 156)، والمصنف (539)، والترمذي في أبواب الصلاة (517).

باب [في] التشديد في ترك الجماعة

وَإِذَا رَآهُمْ جَمَاعَةً صَلَّى». 546 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِثْلَ ذَلِكَ. بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ 547 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ حُبَيْشٍ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلَّا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ»، قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ: الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ. 548 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ 547 - قوله: "ولا بدو" أي بادية أي صحراء وبرية، ومعنى: "استحوذ" استولى عليهم وحولهم إليه، والقياس قلب الواو ألفًا لكنه جاء على خلافه، و"القاصية" هي الشاة المنفردة عن القطيع البعيدة عنه، فالشيطان كالذئب يأخذ من الناس ما يكون منفردًا عن الجماعة كتلك الشاة. 548 - قوله: "هممت" أي قصدت أن آمر بالصلاة ليظهر من حضر ممن لم

أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». 549 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَيَجْمَعُوا حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ»، قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ: يَا أَبَا عَوْفٍ الْجُمُعَةَ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا؟ قَالَ: صُمَّتَا أُذُنَايَ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرَ جُمُعَةً وَلَا غَيْرَهَا. === يحضر، و"الحزم" بضم ففتح جمع حزمة، و"أحرق" من التحريق. 549 - قوله: "فتيتي" بكسر فسكون جمع فتى أي أصحابي، قوله: "الجمعة" عني أي اقصدوا أراد الجمعة فإن مثل هذا التغليظ يناسبها، وتجوز الجمعة بالمد مثل: {آللهُ أذن لكُمْ} (¬1) والقصر على حذف أداة الاستفهام، وقوله: "صمتا" بضم مهملة وتشديد ميم أي كفتا عن السماع، وهذا على نهج {وَأسَرُّوا النَّجْوى الذِين ظلمُوا} (¬2) يحتمل أن يكون على لغة: أكلوني البراغيث، ويحتمل إبهام نائب الفاعل ثم أذناي يكون بدلًا، وقوله: "يأثره" بالهمزة وضم المثلثة أي يرويه. ¬

_ (¬1) سورة يونس: آية 59. (¬2) سورة الأنبياء: آية 3.

550 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «حَافِظُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ، وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَلَهُ مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَتَرَكْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَفَرْتُمْ». 551 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ، عَنْ مَغْرَاءَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ، عُذْرٌ»، قَالُوا: === 550 - قوله: "فإنهن من سنن الهدى" أي طرقها ولم يرد السنة المتعارفة بين الفقهاء، ويحتمل أنه أراد تلك السنة بالنظر إلى الجماعة، وقوله: "ليهادى" على بناء المفعول أي يؤخذ من جانبين يتمشى به إلى المسجد من ضعفه وتمايله، وقوله: "كفرتم" على التغليظ أو على الترك تهاونا وقلة مبالاة وعدم اعتقادها حقًّا أو لفعلتم فعل الكفرة، وقال الخطابي: أنه يؤد بكم إلى الكفر بأن تتركوا شيئًا فشيئًا حتى تخرجوا الملة (¬1) نعوذ بالله منه. 551 - قوله: "لم تقبل منه" ظاهره وجوب الجماعة لكن لا بمعنى بطلان ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 159.

وَمَا الْعُذْرُ؟ ، قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّى»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عَنْ مَغْرَاءَ أَبُو إِسْحَاقَ. 552 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ، وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي فَهَلْ لِي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي؟ ، قَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً». 553 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمَدِينَةَ كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ وَالسِّبَاعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَسْمَعُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ؟ فَحَيَّ هَلًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ الْجَرْمِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ لَيْسَ فِي حَدِيثِهِ «حَيَّ هَلًا». === الصلاة بدونها ولعل من يقول بكون الجماعة سنة يحمل القبول على كونها مثمرة للثمرات العالية، والله تعالى أعلم. 553 - قوله: "فحي هلًا" بالتنوين وجاء بألف بلا تنوين وبسكون اللام، وهما كلمتات جعلتا كلمة واحدة، "فحي" بمعنى: أقبل و"هلا" بمعنى أسرع، وجمع بينهما، للمبالغة، والله تعالى أعلم.

باب في فضل صلاة الجماعة

بَابٌ فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ 554 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا الصُّبْحَ، فَقَالَ: أَشَاهِدٌ فُلَانٌ، قَالُوا: لَا، قَالَ: أَشَاهِدٌ فُلَانٌ، قَالُوا: لَا، قَالَ: «إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَيْتُمُوهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ وَإِنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا فَضِيلَتُهُ لَابْتَدَرْتُمُوهُ، وَإِنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى». 555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَهْلٍ يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ». === بَابٌ فِي فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ 554 - قوله: "لأتيتموهما" أي حضرتم المسجد لأجلهما ولو مع كلفة، وفيه تنزيل من لا يأتي ولا يعمل بعلمه منزلة من لا يعلم، إذ كم ممن يعلم ذلك بخبر الشارع ولا يحضر بلا كلفة وقوله: "لابتدرتموه" أي سارعتم إليه.

باب [ما جاء في] فضل المشي إلى الصلاة

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ 556 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَبْعَدُ فَالْأَبْعَدُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ أَجْرًا». 557 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ حَدَّثَهُ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ يُصَلِّي الْقِبْلَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَبْعَدَ مَنْزِلًا مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: لَوِ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ 556 - قوله: "الأبعد فالأبعد" الفاء للترتيب أي الأبعد على مراتب البعد أعظم أجرًا من الأقرب على مراتب القرب، فكل من كان أبعد فهو أكثر أجرًا ممن كان أقرب منه، ولوكان هذا الأقرب أبعد من غيره فأجره أكثر من ذلك الغير، والمراد أنه إذا حضر المسجد مع ذلك الجد ولم يمنعه البعد عن الحضور. 557 - قوله: "ممن يصلي القبلة" أي يصلي إليها يريد من المسلمين وقوله: "أبعد" بالنصب مفعول به ثان لا علم، وقوله: "من المسجد" متعلق بالبعد على أن من صلة له، وقوله: "من ذلك الرجل" متعلق بابعد على أن من تفضيلية فافهم، وقوله: "لا تخطئه" من أخطأ أي لا تفوته، "والرمضاء" كالحمراء الرمل الحار، قوله: "فنمى الحديث" الظاهر أنه على بناء المفعول من نميت الحديث بالتخفيف إذا أبلغته على وجه الإصلاح، أو بالتشديد إذا أبلغته على وجه الإفساد والثاني أقرب، وجاء نمى بمعنى ارتفع لكنه لا يستعمل في الحديث فلا يحسن

فِي الرَّمْضَاءِ وَالظُّلْمَةِ، فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ فَنُمِيَ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرَدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُكْتَبَ لِي إِقْبَالِي إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِلَى أَهْلِي إِذَا رَجَعْتُ، فَقَالَ: «أَعْطَاكَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَنْطَاكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مَا احْتَسَبْتَ كُلَّهُ أَجْمَعَ». 558 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ === جعل هذا منه، وقوله "أنطاك" هي لغه أهل اليمن في أعطى، والاحتساب هو أن تقصد العمل وتفعله طلبًا للأجر والثواب، والله تعالى أعلم. 558 - قوله: "ومن خرج إلى تسبيح الضحى" أي نافلته، وظاهره أن نافلة الضحى ينبغي أن تكون في المسجد، وقد جاء أن: "صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة" (¬1) وقد يقال يجوز أن تكون نفس الصلاة في البيت أفضل، ومع ذلك إذا خرج لأجلها إلى المسجد يكون له أجر في المشي، وقوله: "لا ينصبه إلا إياه" من أنصبه غيره إذا أتعبه أي لا يتعبه ويزعجه إلا إياه، أي الخروج إلى الضحى أو تسبيح الضحى، ويحتمل أنه من نصبه إذا أقامه وعلى التقديرين فضمير إياه ¬

_ (¬1) البخاري في الأذان (731) ومسلم في صلاة المسافرين (781/ 213) كلاهما عن زيد بن ثابت.

كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ». 559 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَذَلِكَ بِأَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَأَتَى الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ، وَلَا يَنْهَزُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خُطْوَةً إِلَّا رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ، مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ أَوْ يُحْدِثْ فِيهِ". === منصوب مستعار للمرفوع، والله تعالى أعلم، وقوله: "كتاب" أي مكتوب في عليين في ديوان الصالحين. 559 - قوله: "وذلك بأن أحدكم ... إلخ" أي زيادة الصلاة بجماعة عادة على أعمال صالحة فزادت لذلك شرفًا وعزًّا عند الله واستحقت زيادة أجر ورتبة، وليست تلك الدرجات جزاء تلك الأعمال الصالحة التي اشتملت عليها الصلاة، وإلا لما كان لها حد مضبوط بل كانت مختلفة باختلاف الخطوات والانتظار قلة وكثرة, بل هي جزاء نفس الصلاة بجماعة، وإنما سبب ذلك اشتمالها على تلك الأعمال عادة فاكتسبت لذلك شرفًا عند الله تعالى وزيادة رتبة، وأما أجور تلك الأعمال فهي محسوبة وراء هذه الدرجات على قدرها، والله تعالى أعلم.

باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم

560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْفَلَاةِ تُضَاعَفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظُّلَمِ 561 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَحَّالُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». === 560 - قوله: "فإذا صلاها في فلاة" الظاهر أن ذلك إذا صلاها بأذان وإقامة إذ الملائكة يصلون معه "حينئذ"، وجماعة الملائكة خير فلذلك زاد الأجر، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي الظُّلَمِ 561 - وقوله: "بشر" هذا خطاب لكل من يتولى تبليغ الدين ويصلح له, وقوله: "المشائين" من صيغ المبالغة فالمراد من كثر مشيهم ويعتادون ذلك لا من اتفق منهم المشي مرة أو مرتين، وهذا الحديث يشمل العشاء والصبح بناء على أنها تقام بغلس، والله تعالى أعلم.

باب [ما جاء في] الهدي في المشي إلى الصلاة

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ 562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَمْرٍو، حَدَّثَهُمْ عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبُو ثُمَامَةَ الْحَنَّاطُ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ أَدْرَكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، قَالَ: فَوَجَدَنِي وَأَنَا مُشَبِّكٌ بِيَدَيَّ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ». 563 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ عَبَّادٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: حَضَرَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ الْمَوْتُ، فَقَالَ: إِنِّي مُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا مَا أُحَدِّثُكُمُوهُ إِلَّا احْتِسَابًا، === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْهَدْيِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ هو بفتح هاء وسكون دال، الطريقة والسيرة. 562 - قوله: "وأنا مشبك" من التشبيك وهو إدخال الأصابع بعضها في بعض والنهي عنه لمن كان في الصلاة أو لمن خرج إليها أو انتظرها مثلًا لكونه في الصلاة، وهذه الهيئة ليست من هيئات الصلاة، وإلا فلا كراهة في التشبيك مطلقًا، فإنه قد جاء عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في قصة ذي اليدين لكن بعدما خرج من الصلاة في زعمه، والله تعالى أعلم. 563 - قوله: "فليقرب" الظاهر أنه من التقريب وما بعده من التبعيد، والمعنى فليقرب داره من المسجد أو خطوته أو ليبعد أي الدار أو الخطوة، ولعله ذكر هذا

باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ سَيِّئَةً فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِيَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِيَ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ كَانَ كَذَلِكَ». بَابٌ فِيمَنْ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَسُبِقَ بِهَا 564 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ طَحْلَاءَ، عَنْ مُحْصِنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ شَيْئًا». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ 565 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، === الحديث في هذا الباب لأنه يدل على ترك الاستعجال في المشي في الجملة، والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسْجِدِ 565 - قوله: "تفلات" جمع تفلة بفتح المثناة الفوقية وكسر الفاء أي غير

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ». 566 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ». 567 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ». 568 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ»، فَقَالَ ابْنٌ لَهُ: وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ فَيَتَّخِذْنَهُ دَغَلًا، وَاللَّهِ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ، قَالَ: فَسَبَّهُ وَغَضِبَ، وَقَالَ: أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْذَنُوا لَهُنَّ» وَتَقُولُ لَا نَأْذَنُ لَهُنَّ؟ ! ! === مستعملات للطيب، وأصل التفل الرائحة الكريهة. 568 - قوله: "فيتخذنه دخلًا" بفتحتين أي خديعة، وأصله الشجر الملتف الذي يكمن فيه أهل الفساد.

باب التشديد في ذلك

بَابُ التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 569 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ»، قَالَ يَحْيَى: فَقُلْتُ لِعَمْرَةَ: أَمُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. 570 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا». 571 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ» قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَهَذَا أَصَحُّ. بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ 572 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ === بَابُ التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 570 - قوله: "وصلاتها في مخدعها" بضم ميم وتفتح البيت الذي يخبأ فيه خير المتاع، وهو الخزانة داخل البيت الكبير. بَابُ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ 572 - قوله: "إذا أقيمت الصلاة" ليس بقيد، بل إنما ذكر لأنه محل توهم

شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُوسَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا قَالَ الزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَعْمَرٌ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، «وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ وَحْدَهُ: «فَاقْضُوا»، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «فَأَتِمُّوا»، وَابْنُ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو قَتَادَةَ، === جواز الإسراع لإدراك أول الصلاة مع الإمام فإذا لم يجز الإسراع مع وجود هذه المصلحة فعند انتهائها بالأولى، ففي هذا التقييد إفادة أن الإسراع لا يجوز حتى إذا أقيمت الصلاة أيضًا، والمراد بالسعي في الحديث: الإسراع وقد يطلق على مطلق الشيء أيضًا كما في قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (¬1) واختلفوا في المسبوق هل ما يصلي بعد الإمام أول صلاته أم آخرها فمن قال بالأول استدل برواية "اقضوا" ومن قال بالآخر استدل برواية "أتموا" أجيب: بأن أصل القضاء هو الأداء قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} (¬2) {فَإِذَا قَضَيتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الجمعة: آية 9. (¬2) سورة الجمعة: آية 10. (¬3) سورة البقرة: آية 200.

باب [في] الجمع في المسجد مرتين

وَأَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ قَالُوا: «فَأَتِمُّوا». 573 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «ائْتُوا الصَّلَاةَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَصَلُّوا مَا أَدْرَكْتُمْ وَاقْضُوا مَا سَبَقَكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «وَلْيَقْضِ». وَكَذَا قَالَ أَبُو رَافِعٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُوذَرٍّ رَوَى عَنْهُ: «فَأَتِمُّوا، وَاقْضُوا» وَاخْتُلِفَ فِيهِ. بَابٌ [فِي] الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ 574 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ". === والفرق بينهما اصطلاح الفقهاء وهو حادث فلا فرق بين الروايتين, والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ 574 - قوله: "يتصدق على هذا" كأن بصلاته معه يتصدق عليه بفضل الجماعة, وفيه دليل على فضيلة الجماعة الثانية، وعلى أن الفضل في جماعة الفرض لا يتوقف على كون المقتدي مفترضًا.

باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم

بَابٌ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي مَعَهُمْ 575 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ، فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلَانِ لَمْ يُصَلِّيَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَدَعَا بِهِمَا فَجِئَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ » قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، فَقَالَ: «لَا تَفْعَلُوا، إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ، فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ». 576 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِمِنًى بِمَعْنَاهُ. === بَابٌ فِيمَنْ صَلَّى فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ يُصَلِّي مَعَهُمْ 575 - قوله: "ترعد" تضطرب وترجف، وهو على بناء المفعول من الإرعاد، "فرائصهما" جمع فريصة وهي لحمة ترتعد عند الفزع والكلام كناية عن الفزع، وقوله: "فإنها له نافلة" أي التي تصلى مع الإمام أو التي صليت في الرحل وقد قال بكلٍّ طائفةٌ، والأحاديث مختلفة؛ ولذلك قال بعضهم، الأمر إلى الله ما شاء منهما يجعله فرضًا والآخر نفلًا، والله تعالى أعلم. 576 - قوله: "الصبح بمنى" هذا تصريح في عموم الحكم أوقات الكراهة أيضًا ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة.

577 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ نُوحِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: جِئْتُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَجَلَسْتُ وَلَمْ أَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: فَانْصَرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى يَزِيدَ جَالِسًا، فَقَالَ: «أَلَمْ تُسْلِمْ يَا يَزِيدُ»، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَعَ النَّاسِ فِي صَلَاتِهِمْ؟ »، قَالَ: إِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي وَأَنَا أَحْسَبُ أَنْ قَدْ صَلَّيْتُمْ، فَقَالَ: «إِذَا جِئْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَوَجَدْتَ النَّاسَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ تَكُنْ لَكَ نَافِلَةً وَهَذِهِ مَكْتُوبَةٌ». 578 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَفِيفَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، فَقَالَ: يُصَلِّي أَحَدُنَا فِي مَنْزِلِهِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ وَتُقَامُ الصَّلَاةُ فَأُصَلِّي مَعَهُمْ فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ === 577 - قوله: "تكن لك نافلة" وهذه مكتوبة يحتمل أن "تكن" مجزوم جواب الأمر، و "إن" في قوله: "وإن كنت" وصلية، ويحتمل أن تكون إن شرطية، ويكون "تكن" جوابا للشرط، وعلى التقديرين فالظاهر أن ضمير "تكن" للصلاة التي صلاها قبل، وهذا إشارة إلى الصلاة مع الإمام ولا يحتمل العكس، والله تعالى أعلم. 578 - قوله: "سهم" جمع أي سهم جمع فيه سهمان من الخير وجمع بفتح

باب إذا صلى ثم أدرك جماعة أيعيد

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ذَلِكَ لَهُ سَهْمُ جَمْعٍ». بَابٌ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَيُعِيدُ 579 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ يَعْنِي مَوْلَى مَيْمُونَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى الْبَلَاطِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، فَقُلْتُ: أَلَا تُصَلِّي مَعَهُمْ، قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا تُصَلُّوا صَلَاةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ». === الجيم وسكون الميم مصدر جمع. بَابٌ إِذَا صَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أَيُعِيدُ 579 - قوله: "على البلاط" هو موضع معروف بالمدينة، وقوله "لا تصلوا صلاة ... إلخ" قال البيهقي: إن صح محمول على ما إذا صلى مع الإمام فلا يعيد, وفي رواية: "لا صلاة مكتوبة في يوم مرتين" قال البيهقي: أي كلتاهما على وجه الفرض، ويرجع ذلك على أن الأمر بإعادتها اختيار, وليس بحتم عليه (¬1)، وعند كثير من العلماء إذا صلى مع الإمام وقد صلى قبل ذلك في البيت ينوي مع الإمام نافلة فلا إشكال عليهم هنالك، نعم يلزم عليهم الإشكال فيما قالوا فيه بالإعادة كالمغرب بمزدلفة فإنه إذا صلاها في الطريق يعيدها بمزدلفة، وقال الخطابي: قوله: "لا تصلوا صلاة ... إلخ" إذا لم تكن لسبب كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلي معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقًا بين الأخبار ورفعًا للاختلاف بينها (¬2). ¬

_ (¬1) البيهقي في الصلاة 2/ 303. (¬2) معالم السنن 1/ 166.

باب [في] جماع الإمامة وفضلها

بَابٌ [فِي] جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا 580 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّدَافُعِ عَلَى الْإِمَامَةِ 581 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَتْنِي طَلْحَةُ أُمُّ غُرَابٍ، عَنْ عَقِيلَةَ، امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ مَوْلَاةٍ لَهُمْ، عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ الْحُرِّ، أُخْتِ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ الْفَزَارِيِّ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَدَافَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ لَا يَجِدُونَ إِمَامًا === بَابٌ [فِي] جُمَّاعِ الْإِمَامَةِ وَفَضْلِهَا 580 - قوله: "فأصاب الوقت" الظاهر أن المراد الوقت المستحب, والمعنى أن الإمام إذا لم يراع الوقت المستحب فالنقص على الإمام لا على المقتدي به لا أن الإمام إذا صلى في غير وقت الصلاة فلا إعادة على المقتدين به، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّدَافُعِ عَلَى الْإِمَامَةِ 581 - قوله: "أن يتدافع أهل المسجد" أي يدفع كل منهما الإمامة عن نفسه

باب من أحق بالإمامة؟

يُصَلِّي بِهِمْ». بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ؟ 582 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، سَمِعْتُ أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي === إلى غيره أو يدفع كل منهم الإمامة عن غيره إلى نفسه فيحصل بذلك النزاع، فيؤدي ذلك إلى عدم الإمامة، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ؟ 582 - قوله: "وأقدمهم قراءة" أي أقدمهم أخذًا للقرآن فقد يكونان في القراءة سواء لكن أحدهما تقدم في الأخذ على الآخر، والسنة في هذا الحديث كما سيجيء؛ حملوها على أحكام الصلاة. وقوله: "لا يؤم الرجل" على بناء المفعول وكذا لا يجلس، وكلاهما نهي أو نفي بمعنى النهي ويجوز في مثله جعل أحدهما نهيًا لفظًا، والثاني نهيًا معنى، ويجوز بناؤهما للفاعل وإضمار الفاعل لظهوره أي لا يؤم أحدًا وإمام ولا يجلس جالس، وأما جعل الرجل المذكور فاعلًا وتقدير المفعول فبعيد من حيث يلزم رجع ضمير سلطانه وتكرمته وإذنه إلى المقدر، والمراد "بالسلطان" محل السلطان وهو موضع يملكه الرجل وله فيه تسلط بالتصرف كصاحب المجلس وإمامه فإنه

الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ»، قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِإِسْمَاعِيلَ: مَا تَكْرِمَتُهُ؟ قَالَ: فِرَاشُهُ. 583 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ: «وَلَا يَؤُمُّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: عَنْ شُعْبَةَ «أَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً». 584 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «فَإِنْ كَانُوا === أحق من غيره وإن كان أفقه لئلا يؤدي ذلك. إلى التباغض والخلاف الذي شرع الاجتماع لرفعه. و"التكرمة" الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يعد لإكرامه، وهي تفعلة من الكرامة، وقوله: "إِلا بإِذنه" قيل: متعلق بالفعلين، وقيل: بالثاني فقط، وكحذا الحديث يفيد تقديم الأقرب، غالب الفقهاء على تقديم الأعلم، ولهم عن الحديث جوابان النسخ بإمامة أبي بكر مع أن أقرأهم أبي وكان أبو بكر أعلمهم كما قال أبو سعيد، ودعوى أن الحكم مخصوص بالصحابة وكان أقرأهم أعلمهم لكونهم يأخذون القرآن بالمعاني، وبين الجوابين تناقض لا يخفى ولفظ الحديث يفيد عموم الحكم، والله تعالى أعلم.

فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً» وَلَمْ يَقُلْ: «فَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: «وَلَا تَقْعُدْ عَلَى تَكْرِمَةِ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ». 585 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا، فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَذَا وَكَذَا وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ» وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ، فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ: امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. === 585 - قوله: "بحاضر" أي بموضع أقامه لا بالبادية التي هي موضع ارتحال, وقولها: "واروا عنا عورة قارئكم" صيغة أمر من المواراة بمعنى الستر، والمراد اجمعوا له ثوبًا يستر عورته، وقوله: "عما يناسبه إِلى عمان"، بالضم والتخفيف موضع عند البحرين، وقوله: "وأنا ابن سبع سنين ... إلخ" دليل على إمامة الصبي للمكلفين في الفرائض ومن لا يقول به يحمل الحديث على أنه كان بلا علم من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلا حجه فيه، والله تعالى أعلم.

586 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتْ اسْتِي. 587 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الْجَرْمِيِّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُمْ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَؤُمُّنَا، قَالَ: «أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ» أَوْ «أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ جَمَعَ مَا جَمَعْتُهُ، قَالَ: فَقَدَّمُونِي وَأَنَا غُلَامٌ وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ لِي، فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ، وَكُنْتُ أُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ حَبِيبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا وَفَدَ قَوْمِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ. 588 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ، ح وَحَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ نَزَلُوا الْعُصْبَةَ، قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ «وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ === 586 - قوله: "موصَّلة" بالتشديد أي مرقعة، و "الفتق" ضبط بكسر ففتح أي شقوق و "الاست" بكسر الهمزة من أسماء الدبر، والله تعالى أعلم. 588 - قوله: "نزلوا العصبة" ضبطه بعضهم بفتحتين هو موضع بالمدينة عند

قُرْآنًا»، زَادَ الْهَيْثَمُ: وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُوسَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ. 589 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَوْ لِصَاحِبٍ لَهُ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا سِنًّا»، وَفِي حَدِيثِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: وَكُنَّا يَوْمَئِذٍ مُتَقَارِبَيْنِ فِي الْعِلْمِ، وَقَالَ: فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ: قَالَ خَالِدٌ: قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: فَأَيْنَ الْقُرْآنُ؟ ، قَالَ: إِنَّهُمَا كَانَا مُتَقَارِبَيْنِ. 590 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ». === قباء. 589 - قوله: "فأذنا" في المجمع أي ليؤذن أحدهما ويجيب الآخر، ولا يخفى ما فيه من الجمع بين الحقيقة والمجاز ويمكن أن يقال بالمجاز في الإسناد، كما في بني فلان قتلوا أي وجد القتل فيما بينهم، فالمعنى هاهنا ليتحقق مما بينكما الأذان والإقامة، أو المعنى يجوز لكل منكما الأذان والإقامة أيكما فعل حصل ولا يختص بأكبركما كالإمامة، ووجه تخصيص الأكبر في الإمامة ما يشير إليه حديث مسلمة أنهما كانا متقاربين في سائر الأشياء الموجبة للتقدم كالأقرئية والأعلمية بالسنة؛ والله تعالى أعلم.

باب إمامة النساء

بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ 591 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَلَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا غَزَا بَدْرًا، قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرِّضُ مَرْضَاكُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي شَهَادَةً، قَالَ: «قَرِّي فِي بَيْتِكِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُكِ الشَّهَادَةَ»، قَالَ: فَكَانَتْ تُسَمَّى الشَّهِيدَةُ، قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ قَرَأَتِ الْقُرْآنَ فَاسْتَأْذَنَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَّخِذَ فِي دَارِهَا مُؤَذِّنًا، فَأَذِنَ لَهَا، قَالَ: وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْ غُلَامًا لَهَا وَجَارِيَةً فَقَامَا إِلَيْهَا بِاللَّيْلِ فَغَمَّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَذَهَبَا، فَأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ، أَوْ مَنْ رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا === بَابُ إِمَامَةِ النِّسَاءِ 591 - قوله: "أمرض مرضاكم" صيغة المضارع للمتكلم الواحد من التفعيل أي أخدمهم في مرضهم، وقوله "قرّي في بيتك" بتشديد الراء صيغة أمر من القرار في المكان وهو الثبوت فيه، من حد سمع وضرب فجاز في القاف الفتح والكسر، وقوله: "فغماها" بتشديد الميم من الغم وهو تغطية الوجه فلا يدخل الهوى ولا يخرج النفس فيموت، وهذا الحديث يدل على جواز إمامة المرأة للنساء، ومن يقول بأن جماعتهن مكروهة يحمل الحديث على النسخ، لكن ابن

باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون

أَوَّلَ مَصْلُوبٍ بِالْمَدِينَةِ. 592 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أُمِّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا رَأَيْتُ مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا. بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ 593 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عَبْدٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُمْ صَلَاةً، مَنْ تَقَدَّمَ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَرَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ دِبَارًا» وَالدِّبَارُ: أَنْ يَأْتِيَهَا === الهمام وغيره قد أنكر تحقق الناسخ، والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ 593 - قوله: "لا يقبل الله منهم" قالوا: القبول أخص من الإجزاء فلا يلزم من عدمه عدم الإجزاء، لأن الإجزاء كونه سببًا لسقوط التكليف والقبول كونه سببًا للثواب، وحمل الخطابي: "من تقدم وهم له كارهون" على من لا يكون أهلًا للإمامة ويدخل فيها بالغلبة حتى يكره الناس إمامته، وأما المستحق للإمامة فاللوم على عن يكرهه دونه (¬1)، وقد يقال: إذا لم يكن أحق بالإمامة ينبغي أن يعتبر رضاهم بإمامته لهذا الحديث، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 170.

باب إمامة البر والفاجر

بَعْدَ أَنْ تَفُوتَهُ، «وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّرَهُ». بَابُ إِمَامَةِ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ 594 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ». بَابُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى 595 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يَؤُمُّ النَّاسَ وَهُوَ أَعْمَى». بَابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ 596 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ بُدَيْلٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَطِيَّةَ، === و"الدبار" بكسر الدال أي بعد ما يفوت وقتها، وقال الخطابي: هو أن يتخذه عادة حتى يكون حضوره للصلاة بعد فراغ الناس وانصرافهم عنها (¬1)، وقوله: "اعتبد محرره" أي اتخذ معتقه عبدًا إما بكتمان العتق عنه أو بإنكاره أو بالقهر والغلبة بأن يستخدمه كرهًا بعد العتق. بَابُ إِمَامَةِ الزَّائِرِ 596 - قوله: "فصله" بهاء السكت، وقوله "يصلي بكم" بثبوت الياء صفة ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 170.

باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم

مَوْلًى مِنَّا، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ حُوَيْرِثٍ، يَأْتِينَا إِلَى مُصَلَّانَا هَذَا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقُلْنَا لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّهْ، فَقَالَ لَنَا: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ يُصَلِّي بِكُمْ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّي بِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ». بَابُ الْإِمَامِ يَقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ 597 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّ حُذَيْفَةَ، أَمَّ بِالْمَدَائِنِ عَلَى دُكَّانٍ، فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ، بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟ » قَالَ: «بَلَى، قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي». 598 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ، فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ، حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ === رجلًا أو استئناف أو بحذفها على أنه جواب الأمر. بَابُ الْإِمَامِ يَقُومُ مَكَانًا أَرْفَعَ مِنْ مَكَانِ الْقَوْمِ 597 - قوله: "فجبذه" أي جره، وقوله: "حين مددتني" أي جررتني. 598 - قوله: "فأتبعه عمار" بتشديد التاء.

باب إمامة من يصلي بقوم وقد صلى تلك الصلاة

فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ» أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؟ ، قَالَ عَمَّارٌ: «لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ». بَابُ إِمَامَةِ مَنْ يُصَلِّي بِقَوْمٍ وَقَدْ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ 599 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ «كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ»، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ. 600 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «إِنَّ مُعَاذًا، كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ. === 599 - قوله: "أن معاذ بن جبل كان ... إلخ" هذا الحديث صريح في أنه يصلي مع النبي صلي الله تعالى عليه وسلم بنية العشاء وإلا لما قال أنه كان يصلي العشاء، وذلك صريح في أن القوم يصلون خلفه عين تلك الصلاة، ويلزم منه القول باقتداء المفترض خلف المتنفل قطعًا أو هو متنفل في المرة الثانية والقوم مفترضون، ومن أنكر ذلك ذكر تارة دعوى النسخ وأخرى عدم علم النبي صلي الله تعالى عليه وسلم بذلك، وثالثًا أنه كان متنفلًا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والكل لا يخلو عن بحث، والله تعالى أعلم.

باب الإمام يصلي من قعود

بَابُ الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ 601 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا === بَابُ الْإِمَامِ يُصَلِّي مِنْ قُعُودٍ 601 - قوله: "فصرع عنه" على بناء المفعول أي سقط عن ظهرها، وقوله: "فجحش" بتقديم الجيم على الحاء المهملة على بناء المفعول قشر وخدش جلده، قوله: "فصلوا جلوسًا" قال الخطابي: ذكر أبو داود هذا الحديث من رواية أنس وجابر وأبي هريرة وعائشة، ولم يذكر صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم آخر ما صلاها بالناس وهو قاعد والناس خلفه قيام، وهذا آخر الأمرين من فعله, ومن عادة أبي داود أن يذكر هذا الحديث في باب ومعارضه في باب آخر عقبه فلست أدري كيف أغفل ذكر هذه القصة وهي من أمهات السنن وإليه ذهب أكثر الفقهاء (¬1)، قلت: كأنه نبه بذلك على ضعف دعوى النسخ، وعلى أن تلك القصة لا تعويل عليها بالمرة، أما أولًا فلاضطرابها لأنه قد روى عن أنس وعائشة أن النبي صلى الله تعالى عليهم وسلم صلى خلف أبي بكر (¬2)، وروي عن عائشة أن أبا بكر كان يأتم بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما ذكره الترمذي وغيره (¬3)، وأما ثانيًا فلأنه يمكن تأويل قولها: "يأتم" بأنه كان يراعي حاله صلى ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 171 , 172. (¬2) حديث عائشة رضي الله عنها رواه الترمذي في أبواب الصلاة (362) وقال: حديث عائشة حديث حسن صحيح غريب، وحديث أنس رضي الله عنه (363) وقال: حسن صحيح. (¬3) الترمذي في أبواب الصلاة (362) السابق.

انْصَرَفَ، قَالَ: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا === الله تعالى عليه وسلم في التخفيف والقيام والركوع وغير ذلك؛ فيكون هذا من قبل: "اقتد بأضعفهم" وقد تقدم قريبًا، ومعلوم أن هذا الحديث لا بد من تأويله لما فيه من أن الناس كانوا يأتمون بأبي بكر، فلولا تأويله يلزم تعدد الأئمة في صلاة واحدة وعند التأويل فليكن التأويل ماذكرنا لما فيه من التوفيق بين حديث: "صلى خلف أبي بكر" وبين حديث "يأتم أبو بكر بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم"، وكذا بينه وبين حديث: "إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" (¬1) , وأما ثالثًا فلما نقل السيوطي في حاشية الترمذي عن ابن حبان: أنه قال في صحيحه أن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدًا كان على المأموم القعود؛ إذ قد أفتى به جابر وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن فهد، ولم يرو عن أحد من الصحابه خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل ولا منقطع فصار إجماعًا (¬2)، وأما رابعًا فلأن حديث "إذ صلى جالسًا صلوا جلوسًا معه" عن القرائن ما يدل على دوام حكمه، وأنه لا يقبل النسخ لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم جعل جلوس المأموم عند جلوس الإمام من جملة الاقتداء بالإمام، فقال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (¬3) ثم أخذ يفسر ذلك بقوله: "فإذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا" إلخ، ومعلوم أن الاقتداء بالإمام حكم ثابت دائمًا غير قابل للنسخ, وأيضًا قد نبه على علة عدم ¬

_ (¬1) مالك في الموطأ، في صلاة الجماعة 1/ 135 (16, 17) , والبخاري في الصلاة (378)، ومسلم في الصلاة (411/ 77)، والمصنف (601). (¬2) صحيح ابن حبان, في الصلاة 1/ 269 (2101). (¬3) سبق تخريجه.

وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ". 602 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا بِالْمَدِينَةِ فَصَرَعَهُ عَلَى جِذْمِ نَخْلَةٍ فَانْفَكَّتْ قَدَمُهُ، فَأَتَيْنَاهُ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَاهُ فِي مَشْرُبَةٍ لِعَائِشَةَ يُسَبِّحُ جَالِسًا، قَالَ: فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَسَكَتَ عَنَّا، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرَى، نَعُودُهُ فَصَلَّى الْمَكْتُوبَةَ جَالِسًا، فَقُمْنَا خَلْفَهُ فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا، قَالَ: فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا، وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَلَا تَفْعَلُوا كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ فَارِسَ بِعُظَمَائِهَا». === شرع القيام عند قعود الإمام بقوله: "لا تفعلوا كما يفعل أهل فارس" وهي أن القيام يصير تعظيمًا لغير الله فيما شرع لتعظيم الله وحده، ولا شك في بقاء هذه العلة ودوامها فيلزم أن تدوم عدم شرعة القيام خلف الإمام القاعد لوجود دوام المعلول عند دوام العلة، وبالجملة فصنيع "المصنف" هاهنا يدل على كمال دقته في النظر في الأدلة، وعلى أنه غاية في معرفة الصحيح من السقيم في الأدلة، وعلى أنه يراعي تلك الدقة في كتابه فجزاه الله عن أهل العلم خيرًا والله تعالى أعلم. 602 - قوله: "على جذع نخلة" بكسر الجيم وسكون الذال أي أصلها أو قطعة منها، وقوله: "فانفكت قدمه" قيل لا مانع من حصول خدش الجلد وفك القدم جميعًا، ويحتمل أنهما واقعتان و"المشربة" بفتح الميم وضم الراء وفتحها الغرفة.

603 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ - قَالَ مُسْلِمٌ: وَلَكَ الْحَمْدُ - وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ"، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَفْهَمَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سُلَيْمَانَ. 604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ === 603 - قوله: "فصلوا قعودًا أجمعين" قال السيوطي: بالنصب على الحال ويعرف به أن رواية "أجمعون" بالرفع على التأكيد من تغيير الرواة؛ لأن شرطه في العربية تقدم التأكيد بكل. قلت: وهذا الشرط فيما يظهر ضعيف وقد جوز غير واحد خلاف ذلك، فالوجه جواز الرفع على التأكيد، والله تعالى أعلم. 604 - قوله: "قال أبو داود: هذه الزيادة "إذا قرئ {فأنصتوا} ليست بمحفوظة" قلت: صححها مسلم في صحيحه (¬1) ويوافقها ظاهر الكتاب، وهو قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2) فلا وجه لما ذكر ¬

_ (¬1) مسلم في الصلاة (404/ 63). (¬2) البيهقي في السنن 2/ 175، 179. سورة الأعراف آية 204.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» بِهَذَا الْخَبَرِ زَادَ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ الْوَهْمُ عِنْدَنَا مِنْ أَبِي خَالِدٍ». 605 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا». 606 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّيْثَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ، وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُوبَكْرٍ يُكَبِّرُ لِيُسْمِعَ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ. 607 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي حُصَيْنٌ، مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ، قَالَ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ إِمَامَنَا مَرِيضٌ، فَقَالَ: «إِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ. === المصنف من التوهيم، والله تعالى أعلم.

باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه كيف يقومان

بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ 608 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " دَخَلَ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ فَأَتَوْهُ بِسَمْنٍ وَتَمْرٍ، فَقَالَ: «رُدُّوا هَذَا فِي وِعَائِهِ، وَهَذَا فِي سِقَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ»، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ حَرَامٍ خَلْفَنَا، قَالَ ثَابِتٌ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ عَلَى بِسَاطٍ. 609 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَّهُ وَامْرَأَةً مِنْهُمْ، فَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةَ خَلْفَ ذَلِكَ». 610 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَطْلَقَ الْقِرْبَةَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَوْكَأَ الْقِرْبَةَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ كَمَا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي بِيَمِينِهِ فَأَدَارَنِي مِنْ وَرَائِهِ فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ». 611 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ === بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَؤُمُّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كَيْفَ يَقُومَانِ 610 - قوله: "بِستُّ" بكسر الباء وتشديد التاء صيغة المتكلم من البيتوتة، وقوله: "ثم أوكأ القربة" أي ربط فمها بالوكاء وهو حبل تربط به. 611 - قوله: "بذؤابتي" بضم الذال المعجمة بعدها همزة ممدودة: الناصية.

باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَأَخَذَ بِرَأْسِي أَوْ بِذُؤَابَتِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. بَابُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ 612 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «قُومُوا فَلَأُصَلِّيَ لَكُمْ»، قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ «فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 613 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ كُنَّا أَطَلْنَا الْقُعُودَ عَلَى بَابِهِ فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَاسْتَأْذَنَتْ لَهُمَا فَأَذِنَ لَهُمَا، ثُمَّ " قَامَ فَصَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ === بَابُ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَيْفَ يَقُومُونَ 612 - قوله: "فلأصلي لكم" بكسر اللام ونصب المضارع والفاء زائدة أي قوموا لأصلي إمامًا لكم، أو بتقدير فذلك القيام لأصلي لكم، وقوله: "فنصحته" أي ليتلين. 613 - قوله: "فصلى بيني وبينه ... " إلخ قيل: لعله كان صلى الله تعالى

باب الإمام ينحرف بعد التسليم

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ". بَابُ الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ 614 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ انْحَرَفَ». 615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا «إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ، فَيُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ الْإِمَامِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ 616 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُصَلِّ الْإِمَامُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ حَتَّى يَتَحَوَّلَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ لَمْ يُدْرِكِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ. === عليه وسلم فعل ذلك لضيق المكان أحيانًا أو هو منسوخ. بَابُ الْإِمَامِ يَنْحَرِفُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ 614 - قوله: "إذا انصرف" أي من الصلاة وفرغ منها بالتسليم.

باب الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة

بَابُ الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ 617 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، وَبَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَضَى الْإِمَامُ الصَّلَاةَ وَقَعَدَ === بَابُ الْإِمَامِ يُحْدِثُ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ الرَّكْعَةِ 617 - وقوله: "قال إذا قضى الإمام الصلاة وقعد ... " إلخ ذكر البيهقي في المعرفة عبد الرحمن بن زياد وضعفه أهل العلم بالحديث واختلف عليه في لفظ الحديث، قال أصحابنا: وإن صح وإنما كان ذلك قبل فرض التشهد والصلاة والتسليم، فقد قال ابن مسعود: "وكنا نقول قبل أن يفرض التشهد"، وعن كثير بن سعد أنه قال: "أمرنا أن نصلي عليك ... " الحديث، وعن عطاء بن أبي رباح: "كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاة فقضي التشهد أقبل على الناس بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم" اهـ. قلت: صنيع المصنف يدل على أن الحديث صالح إلا أنه معارض بحديث: "تحليلها التسليم" (¬1) إلا أنه قد يقال يحتمل أن المراد تحليلها اللائق بها أو تحليلها حالة الاختيار ليندفع التعارض، هذا ويحتمل أن يكون جملة وقعد حالا بتقدير قد، فيفيد أنه فرغ من كل ما يتعلق بالصلاة من التشهد وغيره والحال أنه قاعد، وحينئذ يكون الحديث دليلًا لأبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى القائلين بعدم فرضية السلام في الجملة؛ نعم ظاهر الحديث أن المراد بالحدث هو الحدث الذي سبق لا العمد للتقييد بقوله: "قبل أن يتكلم" فيكون دليلًا على أبي حنيفة في اشتراط الخروج ¬

_ (¬1) أحمد 1/ 123، 129. والترمذي في الطهارة (3) وفي أبواب الصلاة (238).

باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام

فَأَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وَمَنْ كَانَ خَلْفَهُ مِمَّنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ». 618 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ». بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ 619 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ === بصفة، وأما الصاحبان فلا إشكال عليهما إلا أنهما لا يقولان بمفهوم "قبل أن يتكلم" وعذرهما أنه لا حجة في المفهوم على أصلهم، نعم يلزم ظاهرًا أن يكون هذا القيد مما لا فائدة فيه، والله سبحانه وتعالى أعلم. بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْمَأْمُومُ مِنَ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ 619 - قوله: "لا تبادروني" أي لا تسبقوني في ركوع ولا سجود بأن تشرعوا فيهما قبل أن أشرع بل تأخروا عني فيهما بأن تشرعوا فيها بعد أن أشرع، ولا تخافوا في ذلك أن ينتقص قدر ركوعكم عن قدر ركوعي ولم يذكر المعية؛ لأنها قد تفضي إلى السبقة في الشروع، "فإنه" أي الشأن "مهما أسبقكم به" أي أيّ جزء وأي قدر أسبقكم به إذا شرعت في الركوع قبل شروعكم في الركوع، فإنكم تدركوني بذلك الجزء وتساووني فيه إذا رفعت قبل أن ترفعوا، وقوله:

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ، وَلَا بِسُجُودٍ، فَإِنَّهُ مَهْمَا أَسْبِقْكُمْ بِهِ إِذَا رَكَعْتُ تُدْرِكُونِي بِهِ إِذَا رَفَعْتُ، إِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ». 620 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخَطْمِيَّ، يَخْطُبُ النَّاسَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ، وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ «أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ مِنَ الرُّكُوعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامُوا قِيَامًا، فَإِذَا رَأَوْهُ قَدْ سَجَدَ سَجَدُوا». 621 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا الْكُوفِيُّونَ، أَبَانُ، وَغَيْرُهُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَحْنُو أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ». === "فإني قد بدنت" تعليل لإدراك ذلك القدر بأنه قدر يسير بواسطة أنه قد بدن فلا يسبق إلا بقدر قليل، والله تعالى أعلم، و"بدنت" قيل بالتشديد أي كبرت، وأما التخفيف مع ضم الدال فلا يناسب لكونه من البدانة بمعنى كثرة اللحم ولم يكن من صفته، ورد بأنه قد جاء في صفته بادن متماسك أي ضخم يمسك بعض أعضائه بعضًا فهو معتدل الخلق، وقد جاء عن عائشة "فلما أسن أخذ اللحم"، والله تعالى أعلم. 621 - قوله: "فلا يحنو" يقال حتى ظهره إذا ثناه للركوع والسجود، وجاء في مضارعه يحني ويحنو.

باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله

622 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ، "أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَكَعَ رَكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، لَمْ نَزَلْ قِيَامًا، حَتَّى يَرَوْهُ قَدْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". بَابُ التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ 623 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا يَخْشَى - أَوْ أَلَا يَخْشَى - أَحَدُكُمْ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَالْإِمَامُ سَاجِدٌ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ - أَوْ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ -». بَابٌ فِيمَنْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ الْإِمَامِ 624 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ بُغَيْلٍ الْمُرْهِبِيُّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَضَّهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا قَبْلَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ». === بَابُ التَّشْدِيدِ فِيمَنْ يَرْفَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَوْ يَضَعُ قَبْلَهُ 623 - قوله: "أما يخشى ... " إلخ أي فاعل هذا الفعل يليق به العقوبة فينبغي له أن يخشى تلك العقوبة، ولا يليق به ترك الخشية، فلإفادة ذلك أدخل حرف الاستفهام للإنكار على عدم الخشية، وليس فيه دلالة على أن من يفعل ذلك تلحق به هذه العقوبة قطعًا، والله تعالى أعلم.

باب جماع أثواب ما يصلى فيه

بَابُ جُمَّاعِ أَثْوَابِ مَا يُصَلَّى فِيهِ 625 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ». 626 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ». 627 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَعْنَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي ثَوْبٍ فَلْيُخَالِفْ بِطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ». 628 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله === بَابُ جُمَّاعِ أَثْوَابِ مَا يُصَلَّى فِيهِ 625 - قوله: "أو لكلكم ثوبان" أي فجواز الصلاة في ثوب واحد ظاهر فلا حاجة إلى السؤال. 627 - قوله: "فليخالف بطرفيه" هو أن يتزر به ويرفع طرفيه فيخالف بينهما ويشده على عاتقه فيكون بمنزلة الإزار الرداء.

باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي

عليه وسلم «يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُلْتَحِفًا مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ». 629 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَرَى فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، قَالَ: فَأَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِزَارَهُ طَارَقَ بِهِ رِدَاءَهُ، فاشْتَمَلَ بِهِمَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بِنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَنْ قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: «أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ ». بَابُ الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي 630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: لَقَدْ "رَأَيْتُ الرِّجَالَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِنْ ضِيقِ الْأُزُرِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ === 629 - قوله: "طارق به رداءه" بالقاف من طارقت الثوب على الثوب إذا طبقته عليه. بَابُ الرَّجُلِ يَعْقِدُ الثَّوْبَ فِي قَفَاهُ ثُمَّ يُصَلِّي 630 - قوله: "من ضيق الإزار" أي لأجله، وذاسك لأنه لو كان واسعًا جدًّا لأمكن لهم أن يعقدوه على الصدور أو أرسلوا طرفيه، إذ لا يخاف منه الكشف مع الإرسال بخلاف ما إذا كان ضيقا فإنه إن كان شديد الضيق، فاللائق أن يشد على الحقو فقط كما سيجيء، وإن كان بين بين فاللائق عقده على العنق كما هنا

باب الرجل يصلي في ثوب [واحد بعضه] على غيره

كَأَمْثَالِ الصِّبْيَانِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ". بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ [وَاحِدٍ بَعْضُهُ] عَلَى غَيْرِهِ 631 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عَلَيَّ». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ 632 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَصِيدُ أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَازْرُرْهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ». 633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَوْمَلٍ الْعَامِرِيِّ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا قَالَ: وَالصَّوَابُ أَبُو حَرْمَلٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَّنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي قَمِيصٍ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «إِنِّي رَأَيْتُ === والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ 632 - قوله: "قال نعم" أي صل فيه، وقوله: "وازرره" بتقديم المعجمة على المهملة المكررة من زررت القميص أزره عن حد نصر أي شددت إزاره على، والمقصود: اربط جيبه لئلا تظهر عورتك.

باب إذا كان الثوب ضيقا [يتزر به]

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ». بَابُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا [يَتَّزِرُ بِهِ] 634 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرًا يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سِرْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَقَامَ يُصَلِّي، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِي، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا لَا تَسْقُطُ، ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدَارَنِي، حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَجَاءَ ابْنُ صَخْرٍ، حَتَّى قَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَنَا بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ، قَالَ: وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُقُنِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنْ أَتَّزِرَ بِهَا فَلَمَّا فَرَغَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَا جَابِرُ»، قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا === بَابُ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ ضَيِّقًا [يَتَّزِرُ بِهِ] 634 - قوله: "فلم تبلغ لي" أي لم تكفني، و "الذباذب" الأهداب والأطراف واحدها ذبذب بكسر المعجمتين، وقوله "فنكستها" مشددًا أو مخفقًا أي قلبتها، وقوله: "ثم تواقصت عليها" أي انحنيت وتقاصرت لأمسكها بعنقي، والأوقص من الناس من قصر عنقه خلفه، وقوله: "يرمقني" من حد

باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا

كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ». باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا 635 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَلْيَتَّزِرْ بِهِ، وَلَا يَشْتَمِلْ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ». 636 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنِيبِ عُبَيْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي لِحَافٍ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ، وَالْآخَرُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ وَلَيْسَ عَلَيْكَ رِدَاءٌ». === نصر أي ينظر إلي، و "الحقو" بفتح وقد يكسر وقاف ساكنة معقد الإزار. باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا 635 - قوله: [باب من قال يتزر به إذا كان ضيقا] (¬1) "اشتمال اليهود" كأنه اشتمال لهم في ذلك الوقت معروف بين الصحابة في ذلك الوقت بأنه اشتمال اليهود. 636 - قوله: "لا يتوشح به" أي لا يخالف بين طرفيه, وقوله: "والآخر" أي والمنهي عنه الآخر ثم النهي الأول إذا كان الثوب واسعًا؛ لما تقدم في حديث جابر الثاني إذا كان للرداء لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} (¬2). ¬

_ (¬1) هذه العبارة ليست في الأصل. (¬2) سورة البقرة: آية 286.

باب الإسبال في الصلاة

بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ 637 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ فِي صَلَاتِهِ خُيَلَاءَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا جَمَاعَةٌ عَنْ عَاصِمٍ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ. 638 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي مُسْبِلًا إِزَارَهُ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ كَانَ === بَابُ الْإِسْبَالِ فِي الصَّلَاةِ 637 - قوله: "أسبل إزاره" إسبال الإزار تطويله وإرساله إلى الأرض إذا مشى و "خيلاء" كعلماء وقد تكسر الخاء أي تكبرًا أو عجبًا، وقوله: "في حل ولا حرام" أي في أن يجعله في حل من الذنوب وهو أن يغفر له، ولا في أن يمنعه ويحفظه من سوء الأعمال أو في أن يحل له الجنة وفي أن يحرم عليه النار، أو ليس هو في فعل حلال ولا له احترام عند الله تعالى والله تعالى أعلم. 638 - قوله: "اذهب فتوضأ" أي طهر نفسك من دنس رذيلة الإسبال، وقوله: "إِن الله لا يقبل" أي فهو كالمحدث فيجب عليه تطهيره عما يشبه الحدث

باب في كم تصلي المرأة

يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ». بَابٌ فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ 639 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ فَقَالَتْ: «تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا». 640 - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ - بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالَ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَارٌ؟ ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَبَكْرُ بْنُ مُضَرَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرُوا بِهِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. === كما يجب عليه التطهر عن الحدث. بَابٌ فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ 639 - قوله: "والدرع" بكسر الدال وسكون الراء قميص المرأة، و"السابغ" الكامل الطويل.

باب المرأة تصلي بغير خمار

بَابُ الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ 641 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ، قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 642 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، نَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ أُمِّ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ فَرَأَتْ بَنَاتٍ لَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ وَفِي حُجْرَتِي جَارِيَةٌ، فَأَلْقَى لِي حَقْوَهُ، وَقَالَ لِي: «شُقِّيهِ بِشُقَّتَيْنِ فَأَعْطِي هَذِهِ نِصْفًا وَالْفَتَاةَ الَّتِي عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ نِصْفًا، فَإِنِّي لَا أَرَاهَا إِلَّا قَدْ حَاضَتْ، أَوْ لَا أُرَاهُمَا إِلَّا قَدْ حَاضَتَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. === بَابُ الْمَرْأَةِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ 641 - قوله: "صلاة حائض" أي التي بلغت سن الحيض وجرى عليها القلم، ولم يرد في أيام حيضها لأن الحائض لا صلاة عليها، و"الخمار" ما تغطي به المرأة رأسها.

باب [ما جاء في] السدل في الصلاة

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ 643 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءٍ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ -: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عِسْلٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم «نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ». 644 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ 643 - قوله: عن السدل: "هو أن يضع وسط الرداء على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه" وهذا التفسير هو مختار طوائف من العلماء من أهل المذاهب، وقيل: هو إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمه فليس بسدل، وقيل هو إرسال الثوب حتى يصيب الأرض وذلك من الخيلاء، وقيل: هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك, وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه، وقيل يحتمل أن يراد سدل الشعر على الجبين فإنه يستر الجبين عن السجود, وأما تغطية الفم، فقال الخطابي: من عادة العرب اللثم بالعمائم على الأفواه فنهوا عن ذلك في الصلاة؛ إلا أن يعوض للمصلي الثوباء فيغطي فمه عند ذلك للحديث الذي فيه (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن 1/ 179.

باب الصلاة في شعر النساء

قَالَ: «أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ عَطَاءً يُصَلِّي سَادِلًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا يُضَعِّفُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ. بَابُ الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ 645 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا أَوْ لُحُفِنَا»، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: شَكَّ أَبِي. بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ 646 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ === بَابُ الصَّلَاةِ فِي شُعُرِ النِّسَاءِ 645 - قوله: "شعرنا" بضمتين جمع شعار، وهو الثوب المتصل بالبدن واللحف بضمتين جمع لحاف. بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَاقِصًا شَعْرَهُ العقص: جمع الشعر وسط رأسه، أو لف ذوائبه حول رأسه كفعل النساء. 646 - قوله: "كِفْل الشيطان" بكسر الكاف وسكون الفاء أصله كساء يدار

باب الصلاة في النعل

عَلَيْهِمَا السَّلَام وَهُوَ يُصَلِّي قَائِمًا وَقَدْ غَرَزَ ضَفْرَهُ فِي قَفَاهُ فَحَلَّهَا أَبُو رَافِعٍ، فَالْتَفَتَ حَسَنٌ إِلَيْهِ مُغْضَبًا فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ: أَقْبِلْ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تَغْضَبْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَلِكَ كِفْلُ الشَّيْطَانِ» يَعْنِي مَقْعَدَ الشَّيْطَانِ، يَعْنِي مَغْرَزَ ضَفْرِهِ. 647 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرًا، حَدَّثَهُ أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي، وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَامَ وَرَاءَهُ، فَجَعَلَ يَحُلُّهُ وَأَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ». بَابُ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ 648 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ === حول البعير يدار ثم يركب. 647 - قوله: "وأقر له الأخرى" أي مكنه منه عبد الله بن الحارث، وقوله: "مثل هذا ... إِلخ" أراد أن من انتشر شعره سقط على الأرض عند السجود فيثاب عليه والمعقوص لم يسجد شعره فتشبه بمكتوف أي مشدود اليدين لأنهما لا يقعان على الأرض عند السجود. بَابُ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلِ 648 - وقوله: "ووضع نعليه" أي يجوز وضع النعل، وما يجيء من الأمر

عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي يَوْمَ الْفَتْحِ وَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ». 649 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ سُفْيَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيِّبِ الْعَابِدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ - أَوْ ذِكْرُ مُوسَى وَعِيسَى ابْنُ عَبَّاد يَشُكُّ أَوْ خْتَلَفُوا - أَخَذَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْلَةٌ فَحَذَفَ فَرَكَعَ» وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ حَاضِرٌ لِذَلِكَ. 650 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، === بقوله: "وليصل فيهما" ليس للوجوب. 649 - قوله: "فاستفتح" أي شرع، وظاهر قول المصنف ابن عباد يشك، واختلفوا أنه شك في كونه شكا من ابن عباد أو اختلافا ممن بعده؛ فقال بعضهم ذكر موسى وبعضهم ذكر عيسى، وقوله: "سعلة" بفتح السين مرة من السعال قيل: إنما أخذته بسبب البكاء، وقوله: "فحذف" أي ترك القراءة، وقوله: "حاضر لذلك" أي لذلك الفعل شاهد له.

فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ»، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا - أَوْ قَالَ: أَذًى - " وَقَالَ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا". 651 - حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا قَالَ: «فِيهِمَا خَبَثٌ»، قَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: «خَبَثٌ». 652 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ، وَلَا خِفَافِهِمْ». 653 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا». === 652 - قوله: "خالفوا اليهود" هذا دليل على أن الصلاة في النعل أولى والله تعالى أعلم، وقوله.

باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما

بَابُ الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يَضَعُهُمَا 654 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَضَعْ نَعْلَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا عَنْ يَسَارِهِ، فَتَكُونَ عَنْ يَمِينِ غَيْرِهِ، إِلَّا أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ يَسَارِهِ أَحَدٌ، وَلْيَضَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ». 655 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا، لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا». === بَابُ الْمُصَلِّي إِذَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ أَيْنَ يَضَعُهُمَا 654 - "وليضعها بين رجليه" الفرجة التي بن الرجلين لا تسع النعلين عادة إلا بنوع حرج فلعل المراد في محاذاة الرجلين أو عند الرجلين أي فيما بين الإنسان ومحل السجود إلا أن يقال نعال العرب كانت في ذلك الوقت مما يمكن وضعيا في الفرجة التي بين الرجلين بلا حرج والكلام في نعالهم، والله تعالى أعلم.

باب الصلاة على الخمرة

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ 656 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ وَأَنَا حَائِضٌ وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ». بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ 657 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ ضَخْمٌ وَكَانَ ضَخْمًا، لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ، وَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا وَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ، فَصَلِّ حَتَّى أَرَاكَ كَيْفَ تُصَلِّي فَأَقْتَدِيَ بِكَ، «فَنَضَحُوا لَهُ طَرَفَ حَصِيرٍ كَانَ لَهُمْ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»، قَالَ فُلَانُ بْنُ الْجَارُودِ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَكَانَ === بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ 656 - قوله: "على الخُمْرة" بضم فسكون السجادة يصلي عليها المصلي. بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ 657 - قوله: "لا أستطيع أن أصلي معك" إلخ لعل بيته كان بعيدًا من المسجد بحيث لم يسمع النداء، فلا ينافي في هذا الحديث حديث ابن أم مكتوم (¬1) حيث ما رخص له صلى الله تعالى عليه وسلم في ترك الحضور في المسجد، والله تعالى ¬

_ (¬1) أحمد 3/ 423، 4/ 43 ومسلم في المساجد (653/ 255) والنسائي 2/ 84، 85.

باب الرجل يسجد على ثوبه

يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: لَمْ أَرَهُ صَلَّى إِلَّا يَوْمَئِذٍ. 658 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَزُورُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَتُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ أَحْيَانًا فَيُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ لَنَا» وَهُوَ حَصِيرٌ نَنْضَحُهُ بِالْمَاءِ. 659 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، بِمَعْنَى الْإِسْنَادِ وَالْحَدِيثِ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ». بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ 660 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ وَجْهَهُ مِنَ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ». === أعلم. 659 - قوله: "والفروة" هي الجلدة. بَابُ الرَّجُلِ يَسْجُدُ عَلَى ثَوْبِهِ 660 - قوله: "بسط ثوبه" الظاهر أنه الثوب الذي هو لابسه ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليله فمن أين لهم ثيات فاضلة، فهذا يدل على أنه يجوز للمصاب السجود على الثوب الذي هو لابسه كما عليه الجمهور.

باب تسوية الصفوف

تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الصُّفُوفِ بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ 661 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَالَ: سَأَلْتُ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشَ - عَنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة فِي الصُّفُوفِ الْمُقَدَّمَةِ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَزَّ»، قُلْنَا وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ؟ ، قَالَ: «يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ». 662 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُدَلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ» ثَلَاثًا، «وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» === تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الصُّفُوفِ بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ ولعل معنى التفريع: الصعود. والطلوع؛ شبه أبواب العلوم بالمكان المرتفع الذي يترقى أهله، والله تعالى أعلم. 661 - قوله: "يتراصون في الصف" أي يتلاصقون حتى لا يكون بينهم فرجة، من رص البناء إذا لصق بعضه ببعض. 662 - قوله: "لقيمن صفوفكم" من الإقامة بنون التأكيد والخطاب للجمع، والمراد بالإقامة تسويتها وإخراجها عن الاعوجاج، والمعنى لا بد من أحد الأمرين، أما إقامة الصفوف منكم أو إيقاع الخلاف من الله في قلوبكم فتقل المودة

قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ. 663 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّينَا فِي الصُّفُوفِ كَمَا يُقَوَّمُ الْقِدْحُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنْ قَدْ أَخَذْنَا ذَلِكَ عَنْهُ، وَفَقِهْنَا أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ بِوَجْهِهِ إِذَا رَجُلٌ مُنْتَبِذٌ بِصَدْرِهِ، فَقَالَ: «لَتُسَوُّنَّ === ويكثر التباغض، وقد تركوا الأولى فتحقق الثاني بالمشاهدة فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقوله: "يلزق" مضارع لزقه لزوقًا كسمع أي لصق به، فمنكبه مرفوع على الفاعلية أو مضارع ألزقه به غيره ففاعله ضمير الرجل ومنكبه منصوب على المفعولية والوجهان جائزان، وقيل: الصواب أنه مضارع ألزق ولا وجه له، والله تعالى أعلم. 663 - قوله: "كما يقوم القدح" جمع قدح بكسر قاف فسكون دال سهم، قيل: إن يراش، وقيل: مطلقًا، والأقرب أن يقوم على بناء المفعول من التقويم وجعله على بناء الفاعل بعيد، وقوله: "حتى إذا ظن" أي لم يبرح يسوي صفوفنا حتى استوينا استواء ظن به أنا قد عقلنا عنه، وقوله: "رجل منتبذ" من انتبذ بالذال المعجمة أي انفرد، يقال: انتبذ إلى ناحية؛ ويلزمه أن ينفرد، والمراد أنه منفرد فيما بينهم بأن تقدم صدره على صدورهم، وقوله: "بين وجوهكم" أي بين قلوبكم كما في الرواية السابقة، وذلك لأن الاختلاف في القلوب بالتباغض والتعادي ينشأ منه الاختلاف في الوجوه بأن يدبر كل صاحبه، والله تعالى

صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». 664 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَأَبُوعَاصِمِ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ الْيَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا وَيَقُولُ: «لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ» وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصُّفُوفِ الْأُوَلِ». === أعلم. 664 - قوله: "ابن جواس" (¬1) بفتح جيم وتشديد واو وآخره مهملة. قوله: "لا تختلفوا، بالتقدم والتأخر في الصفوف كما يدل عليه روايات الحديث وقوله: "فتختلف قلوبكم" بالنصب على أنه جواب النهي. قوله: "على الصفوف الأول" إما أن المراد الصف الأول في كل مسجد أو كل جماعة والجمع باعتبار تعدد المساجد، أو الجماعات أو المراد الصفوف المتقدمة على الصف الأخير، فالصلاة من الله على كل صف على حسب تقدمه والأخير لا حظ له من هذه الصلاة لفوات الأولية، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أحمد بن جواس الحنفي أبو عاصم الكوفي روى عن أبي الأموص وعبد الله بن إدريس وروى عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه بقي بن مخلد وقد قال: إنه لم يحدث إلا من ثقة التهذيب 1/ 23.

665 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي صُفُوفَنَا إِذَا قُمْنَا لِلصَّلَاةِ فَإِذَا اسْتَوَيْنَا كَبَّرَ». 666 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ أَتَمُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي شَجَرَةَ - لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عُمَرَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ - لَمْ يَقُلْ عِيسَى بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ - وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ»، === 666 - قوله: "وسدوا الخلل" الظاهر أن المراد الفرجات بين الناس في الصفوف، وعلى هذا فقوله: "ولا تذروا فرجات للشيطان" بمنزلة التأكيد ويحتمل أن المراد نقصان الصفوف أي إذا رأيتم صفًّا ناقصًا فأولًا أتموا ذلك النقصان، وقوله: "ولينوا ... إلخ" حملوه على أنه ينبغي له أن يستصعب على عن يدخل في الصف لسد فرجة بل يتحرك له ويوسع عليه، قال المحقق ابن الهمام بعد ذكر هذا الحديث وغيره: وبهذا يعلم جهل هذه يستمسك عند دخول داخل بجنبه في الصف، ويظن أن فسحه له رياء بسبب أنه يتحرك لأجله بل ذلك إعانة له على إدراك الفضيلة، وإقامة لسد الفرجات المأمور بها في الصف، أهـ، وقوله: "وصل صفا" بأن كان فيه فرجة فسدها أو نقصان فأتمه، والقطع بأن يقعد

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو شَجَرَةَ كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَوَ: " مَعْنَى وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ: إِذَا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الصَّفِّ فَذَهَبَ يَدْخُلُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُلِينَ لَهُ كُلُّ رَجُلٍ مَنْكِبَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الصَّفِّ". 667 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ». 668 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ». === بين الصفوف بلا صلاة أو منع الداخل من الدخول في الفرجات مثلا، والله تعالى أعلم. 667 - قوله: "رُصُّوا" بضمتين مع تشديد الصاد المهملة أي بانضمام بعضكم إلى بعض على السواء، وقوله: "وقاربوا بينهما" أي اجعلوا ما بين كل صفين من الفصل قليلا بحيث يقرب بعض الصفوف إلى بعض وقوله: "وحاذرا بالأعناق" قيل: الظاهر أن الباء زائدة والمعنى اجعلوا بعض الأعناق في مقابلة بعض والمراد "بالشيطان" الجنس لا لواحد ولذا أعاد عليه ضمير الجمع في قوله "كأنَّها الحذف" وهو بحاء مهملة وذال معجمة الغنم الصغار الحجازية واحدها حذفة بالتحريك.

669 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ السَّائِبِ، صَاحِبِ الْمَقْصُورَةِ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَوْمًا فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي لِمَ صُنِعَ هَذَا الْعُودُ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: «اسْتَوُوا وَعَدِّلُوا صُفُوفَكُمْ». 670 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ، فَقَالَ: «اعْتَدِلُوا، سَوُّوا صُفُوفَكُمْ» ثُمَّ أَخَذَهُ بِيَسَارِهِ، فَقَالَ: «اعْتَدِلُوا سَوُّوا صُفُوفَكُمْ». 671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ» 672 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمِّي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي === 672 - قوله: "ألينكم مناكب في الصلاة" قيل معناه لزوم السكينة والطمأنينة بحيث لا يلتفت ولا يحك بمنكبه منكبًا، أو معناه أن لا يمتنع على من

باب الصفوف بين السواري

الصَّلَاةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي 673 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ «فَدُفِعْنَا إِلَى السَّوَارِي، فَتَقَدَّمْنَا وَتَأَخَّرْنَا»، فَقَالَ أَنَسٌ: «كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ 674 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ === يريد الدخول بين الصفوف لسد الفرجات ولا يدفعه بمنكبه. بَابُ الصُّفُوفِ بَيْنَ السَّوَارِي 673 - قوله: "فدفعا إلى السواري" بفتح السين جمع سارية أي صرنا بالدفع بينهما كما أشار إليه "المصنف" في الترجمة وهو المراد يقول أنس كنا نتقي، وإلا فالصلاة إلى السواري جائزة بل مطلوبة للتستر بها، وماجاء في الكراهة فإنما هي بينهما ورواية الترمذي (¬1) صريحة في هذا المعنى فترجمه "المصنف" كالشرح للحديث، وقوله: "فتقدمنا وتأخرنا" أي بسبب المزاحمة والدفع والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِيَ الْإِمَامَ فِي الصَّفِّ وَكَرَاهِيَةِ التَّأَخُّرِ 674 - قوله: "ليليني" بكسر لامين وخفة نون بلا ياء قبلها ويجوز إثبات ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة (229)، وقال: حديث أنس حديث حسن صحيح.

عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». 675 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَزَادَ: «وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ». 676 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ». === الياء وتشديد النون على التأكيد، قيل: والثاني هو المتعين في أبي داود و "الولاء" القرب، والمراد بالبيان ترتيب القيام في الصفوف، و"أولو الأحلام" ذوو العقول الراجحة واحدها حلم بالكسر؛ لأن العقل الراجح سبب للحلم والأناة والتثبت في الأمور، و"النهي" بضم النون وفتح الهاء وألف جمع نهية بالضم بمعنى العقل؛ لأنه ينهى صاحبه عن القبيح، وقوله: "ثم الذين يلونهم" أي يقربون منهم في هذا الوصف، قيل: هم المراهقون ثم الصبيان المميزون ثم النساء. 675 - قوله: "لا تختلفوا" أي في القيام بهذا الوجه أو في الصفوف بالتقدم والتأخر، و"هيسات الأسواق" اختلاطها في القيام وعدم تميز الصغير من الكبير أو في ترك تسوية الصفوف.

باب صف النساء و [كراهية] التأخر عن الصف الأول

بَابُ مَقَامِ الصِّبْيَانِ مِنَ الصَّفِّ 677 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ الرَّقَّامُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا بُدَيْلٌ، حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ وَصَفَّ خَلْفَهُمُ الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ صَلَاتَهُ»، ثُمَّ قَالَ: " هَكَذَا صَلَاةُ - قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ: صَلَاةُ أُمَّتِي -". بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَ [كَرَاهِيَةِ] التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ 678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، === باب مقام الصبيان من الصف 677 - قوله "فأقام" أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، "ثم قال" أَي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: "هكذا صلاة أمتي" أي اللائق بهم أن يصلوا هكذا، وليس بإخبار بأنهم يصلون كذلك والله تعالى أعلم. بَابُ صَفِّ النِّسَاءِ وَ [كَرَاهِيَةِ] التَّأَخُّرِ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ 678 - قوله: "خير صفوف الرجال" أي أكثرها أجرًا، و "شرها" أي أقلها أجرا وفي النساء بالعكس، وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل والرجل على المرأة، ثم هذا التفضيل في صفوف

باب مقام الإمام من الصف

وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا». 679 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ». 680 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُمْ: «تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، وَلَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ مَقَامِ الْإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ 681 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ === الرجال على إطلاق وفي صفوف النساء عند الاختلاط بالرجال، كذا قيل، ويمكن حمله على إطلاق لمراعاة الستر فتأمل، والله تعالى أعلم. 679 - قوله: "حتى يؤخرهم الله في النار" أي يؤخرهم عن الداخلين في الجنة أولًا بإدخالهم في النار، وحبسهم فيها، أو يؤخرهم الله في النار عن الخروج مع الخارجين عنها أولًا، أو يؤخرهم في النار، أي يوقعهم في أسفل ما للمؤمنين من درك النار؛ وليس المراد يؤخرهم في دخول النار والله تعالى أعلم. بَابُ مَقَامِ الْإِمَامِ مِنَ الصَّفِّ 681 - قوله: "وسطوا الإمام" أي مع التقديم ولظهوره لم يذكر.

باب الرجل يصلي وحده خلف الصف

بَشِيرِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، فَسَمِعَتْهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَسِّطُوا الْإِمَامَ وَسُدُّوا الْخَلَلَ». بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ 682 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ وَابِصَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ - قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: الصَّلَاةَ -". بَابُ الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ 683 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ زِيَادٍ الْأَعْلَمِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ، حَدَّثَ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ، قَالَ: فَرَكَعْتُ دُونَ الصَّفِّ === بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ 682 - قوله: "فأمره أن يعيد" ظاهر الحديث بطلان صلاة من يفعل كذلك ومن لا يقول به لعله يحمله على الزجر والتغليظ، والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ 683 - قوله "زادك الله حرصًا" أَي منشأ هذا الفعل هو الحرص على العبادة وإدراك فضل الإمام والحرص على الخير مطلوب محبوب، لكن لا تعد إلى مثل

باب ما يستر المصلي

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ». 684 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا زِيَادٌ الْأَعْلَمُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: «أَيُّكُمُ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: أَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زِيَادٌ الْأَعْلَمُ زِيَادُ بْنُ فُلَانِ بْنِ قُرَّةَ وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ. بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ 685 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَعَلْتَ بَيْنَ يَدَيْكَ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلَا يَضُرُّكَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْكَ». === هذا الفعل لأجله لأن الحرص لا يستعمل على وجه يخالف الشرع، وإنما المحمود أن يأتي به على وفق الشرع، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ 685 - قوله: "مثل مؤخوة الرحل" بالهمزة وتركها لغة قليلة، ومنع منها بعضهم وكسر الخاء وتخفيفها لغة "في آخرته" بالمد وكسر الخاء، الخشبة التي يستند إليها راكب البعير، قوله: "أمر بالحربة" بفتح الحاء المهملة وسكون الراء دون الرمح عريضة النصل.

باب الخط إذا لم يجد عصا

686 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «آخِرَةُ الرَّحْلِ ذِرَاعٌ فَمَا فَوْقَهُ». 687 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ». 688 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ خَلْفَ الْعَنَزَةِ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ». بَابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا 689 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُرَيْثٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ حُرَيْثًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ === 688 - قوله: "عنزة" بفتحتين هي الحرية. بَابُ الْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدْ عَصًا 689 - قوله: "فليجعل تلقاء وجهه شيئًا" قد خص عمومه يمثل مؤخرة الرحل واستعمله بعضهم على عمومه حتى اكتفى بوضع القلنسوة كما سيجيء. قوله: "فليخط خطا" نقل عن النووي أنه قال في شرح مسلم حديث الخط

فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخْطُطْ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ». 690 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ حُرَيْثٍ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَذَكَرَ حَدِيثَ الْخَطِّ، قَالَ سُفْيَانُ: لَمْ نَجِدْ شَيْئًا نَشُدُّ بِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَجِئْ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَتَفَكَّرَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْفَظُ إِلَّا أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ سُفْيَانُ: قَدِمَ هَاهُنَا رَجُلٌ بَعْدَ مَا مَاتَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فَطَلَبَ هَذَا الشَّيْخُ أَبَا مُحَمَّدٍ حَتَّى وَجَدَهُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَخَلَطَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سُئِلَ عَنْ وَصْفِ الْخَطِّ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: هَكَذَا عَرْضًا مِثْلَ الْهِلَالِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "وسَمِعْت مُسَدَّدًا، قَالَ: قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: الْخَطُّبِ الطُّولِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَل وَصَفَ الْخَطَّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: هَكَذَا يَعْنِي بِالْعَرْضِ حَوْرًا دَوْرًا مِثْلَ الْهِلَالِ يَعْنِي مُنْعَطِفًا". 691 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ شَرِيكًا «صَلَّى بِنَا فِي جَنَازَةٍ الْعَصْرَ فَوَضَعَ قَلَنْسُوَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» يَعْنِي فِي === لا يخلو عن ضعف واضطراب (¬1). ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 217، باب السترة.

باب الصلاة إلى الراحلة

فَرِيضَةٍ حَضَرَتْ. بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الرَّاحِلَةِ 692 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَوَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَعِيرٍ». بَابُ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَيْنَ يَجْعَلُهَا مِنْهُ 693 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَلِيدُ بْنُ كَامِلٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ حُجْرٍ الْبَهْرَانِيِّ، عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إِلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ وَلَا يَصْمُدُ لَهُ صَمْدًا». بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ 694 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ === بَابُ إِذَا صَلَّى إِلَى سَارِيَةٍ أَوْ نَحْوِهَا أَيْنَ يَجْعَلُهَا مِنْهُ 693 - قوله: "ولا يصمد" من باب نصر يعني إذا قصد إلى سترة لا يجعل تلك السترة تلقاء وجهه، بل يجعلتها مائلة إلى يمينه أو يساره احترازًا عن التشبه بعبادة غير الله.

باب الدنو من السترة

بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَعْنِي لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا الْمُتَحَدِّثِ». بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ 695 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعِ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بَعْضُهُمْ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَاخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ. 696 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، وَالنُّفَيْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: «وَكَانَ بَيْنَ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ 695 - قوله: "لا يقطع الشيطان" بأن يحمل على المرور من يقطع عليه صلاته حقيقة عند قوم كالمرأة والحمار والكلب الأسود، وخشوعًا عند آخرين. 696 - قوله: "ممر عنز" بفتح عين مهملة وسكون نون آخره زال معجمة:

باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه

وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مَمَرُّ عَنْزٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْخَبَرُ لِلنُّفَيْلِيِّ. بَابُ مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ الْمَمَرِّ بَيْنَ يَدَيْهِ 697 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا === الأنثى من المعز، و"مقام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" يحتمل أن يراد به مقام قدميه، ويحتمل أن يراد مكان سجوده وذلك لأن المقام وإن كان في الأصل عن القيام، لكنه يراد به في العرف المكان مطلقًا، ولذلك قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ}. إلى قوله: {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} (¬1) والثاني واضح، وعلى الأول يحمل ممر عنز على أن العنز لو مرت من موضع قدميه إلى جدار القبلة؛ لوسعها ذاك القدر بأن قامت فيه ومشت أدنى ما يصدق عليه اسم المرور، وأما حمله على مرور العنز فيما بين ذلك من اليمين أو اليسار، فلا يخفى أنه يؤدي إلى ضيق المكان بحيث لا يسع للسجود، والقول بأنه يقوم كذلك إلا أنه عند السجود يتأخر غالبًا لا يخلو عن بعد والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يُؤْمَرُ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْرَأَ عَنِ الْمَمَرِّ بَيْنَ يَدَيْهِ 697 - قوله: "وليدرأه" هو مثل يدفعه لفظا ومعنى آخره همزة قبلها راء ودال مهملتين، وقوله: "ما استطاع" محمول على ما يطيقه مع مراعاة الحال، وقوله: "فليقاتله" حملوه على أشد الدفع، واستعمله بعض قليل على ظاهره واللفظ معهم، إذ أقسام الدفع، كلها مدرجة في قوله: "فليدرأه ما استطاع"، وقوله: ¬

_ (¬1) سورة الشعراء: الآيتان 57، 58.

اسْتَطَاعَ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». 698 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا» ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. 699 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا مَسَرَّةُ بْنُ مَعْبَدٍ اللَّخْمِيُّ، لَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، حَاجِبُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ زَيْدٍ اللَّيْثِيَّ، قَائِمًا يُصَلِّي فَذَهَبْتُ أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَرَدَّنِي، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ». 700 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو صَالِحٍ: أُحَدِّثُكَ عَمَّا رَأَيْتُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ دَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَانُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَمُرُّ الرَّجُلُ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ يَدَيَّ وَأَنَا أُصَلِّي === "فإنما هو شيطان" أي مطيع له فيما يفعل من المرور وعدم قبوله الدفع.

باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي

فَأَمْنَعُهُ وَيَمُرُّ الضَّعِيفُ فَلَا أَمْنَعُهُ. بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي 701 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ، أَرْسَلَهُ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ يَسْأَلُهُ مَاذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟ فَقَالَ أَبُو جُهَيْمٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ === بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي 701 - قوله: "لكان أن يقف أربعين خيرا له" أي لكان الوقوف خيرا له من المرور عنده؛ ولهذا علق بالعلم وإلا فالوقوف خير له سواء علم أو لم يعلم، و"خير" في فسخ الكتاب بلا ألف كما في نسخ الترمذي ومسلم (¬1) وأما في نسخ البخاري فبالألف (¬2)، فقيل هو مرفوع على أنه اسم كان، وأنت خبير بأن القواعد تأبى ذلك لأن قوله: "أن يقف" بمنزلة اسم المعرفة فلا يصلح أن يكون خبرًا لكان، وتكون النكرة اسما له، بل إن منع الفعل يكون اسمًا لكان مع كون الخبر معرفة متقدمة؛ مثل قوله: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا} (¬3) وقولة: {إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ أَنْ يَقُولُوا ... } (¬4) الآية على نصب القول على الخبرية، ورفع أن مع الفعل على أنه اسم كان؛ وكذا ¬

_ (¬1) مسلم في الصلاة (507/ 261) والترمذي في أبواب الصلاة (336) وهي بالرفع وعند النسائي بالتقريب 2/ 66. (¬2) البخاري في الصلاة (510). (¬3) سورة آل عمران: الآية 147. (¬4) سورة النور: الآية 51.

باب ما يقطع الصلاة

الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» قَالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 702 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، وَابْنُ كَثِيرٍ، الْمَعْنَى أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ حَفْصٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === المعنى يأبى ذلك عند التأمل، فالوجه أن اسم كان ضمير الشأن، والجملة بعد كان مفسرة للشأن أو أن خيرا منصوب على أنه خبر كان، وترك الألف بعده من تسامح أهل الحديث؛ فإنهم كثيرًا ما يتركون كتابة الألف بعد الاسم المنصوب كما صرح به النووي والسيوطي وغيرهما في مواضع والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 702 - قوله: "يقطع صلاة الرجل" يحتمل أن المراد خصوص الرجل فلا يقطع مرور هذه الأشياء صلاة المرأة، ويحتمل أن ذكر الرجل وقع بناء على أنه الأصل، والحكم عام وهو الشائع في الأحكام المناسب للرواية الثانية. و"قيد آخرة الرحل" بكسر القاف أي قدرها، وظاهر هذا الحديث أن مرور هذه الأشياء تبطل الصلاة، وبه قال قوم والجمهور على خلافه، فلذلك أوله النووي وغيره بأن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها ثم رد النووي دعوى نسخ الحديث (¬1)، قلت: شغل القلب لا يرتفع بمؤخرة الرحل إذ ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 227 باب السترة.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ»، وَقَالَ: عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ أَبُو ذَرّ: "يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ قَيْدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ: الْحِمَارُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ "، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ مِنَ الْأَصْفَرِ مِنَ الْأَبْيَضِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ». 703 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَفَعَهُ شُعْبَةُ - قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ وَالْكَلْبُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَفَهُ سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. === المار وراء مؤخرة الرحل في شغل القلب قريب من المار في شغل القلب إن لم تكن مؤخرة الرحل فيما يظهر، فالوقاية بمؤخرة الرحل على هذا المعنى غير ظاهر والله تعالى أعلم، وقوله: "الكلب الأسود شيطان" حمله بعضهم على ظاهره وقال: إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود، وقيل: بل هو أشد ضررا من غيره فسمي شيطانًا، وعلى كل تقدير لا إشكال بمرور الشيطان نفسه لا يقطع الصلاة لجواز أن يكون القطع مستندًا إلى مجموع الخلق الشيطاني في الصورة الكلبية، والله تعالى أعلم. 703 - قوله: "المرأة الحائض" يحتمل أن المراد ما بلغت سن الحيض أي البالغة، وعلى هذا فالصغيرة لا تقطع، والله تعالى أعلم.

704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمَرْأَةُ، وَيُجْزِئُ عَنْهُ إِذَا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «فِي نَفْسِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ كُنْتُ أُذَاكِرُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا جَاءَ بِهِ عَنْ هِشَامٍ وَلَا يَعْرِفُهُ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ هِشَامٍ وَأَحْسَبُ الْوَهْمَ مِنَ ابْنِ أَبِي سَمِينَةَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيَّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُنْكَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْمَجُوسِيِّ، وَفِيهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ، وَذِكْرُ الْخِنْزِيرِ، وَفِيهِ نَكَارَةٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ وَأَحْسَبُهُ وَهِمَ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُنَا مِنْ حِفْظِهِ». 705 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَوْلَى يَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نِمْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا بِتَبُوكَ مُقْعَدًا، فَقَالَ: مَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اقْطَعْ أَثَرَهُ» فَمَا مَشَيْتُ عَلَيْهَا بَعْدُ. 706 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ يَعْنِي الْمَذْحِجِيَّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ قَالَ: «قَطَعَ صَلَاتَنَا قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ فِيهِ: «قَطَعَ صَلَاتَنَا». === 704 - قوله: "ويجزئ عنه" أي يكفيه ما فعل من الصلاة، وقوله: "على قذفة" بحجر كجلسة من القذف أي على رمية بحجر، والله تعالى أعلم.

باب سترة الإمام سترة من خلفه

707 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ نَزَلَ بِتَبُوكَ وَهُوَ حَاجٌّ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُقْعَدٍ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ فَقَالَ لَهُ: سَأُحَدِّثُكَ حَدِيثًا فَلَا تُحَدِّثْ بِهِ مَا سَمِعْتَ أَنِّي حَيٌّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بِتَبُوكَ إِلَى نَخْلَةٍ فَقَالَ: «هَذِهِ قِبْلَتُنَا»، ثُمَّ صَلَّى إِلَيْهَا فَأَقْبَلْتُ وَأَنَا غُلَامٌ أَسْعَى حَتَّى مَرَرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَقَالَ: «قَطَعَ صَلَاتَنَا قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ» فَمَا قُمْتُ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِي هَذَا. بَابٌ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ 708 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، عَنْ === بَابٌ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ خَلْفَهُ هو لفظ حديث إلا أنه ضعيف ومعناه أن سترة الإمام تكفي للمأموم ولا حاجة له إلى اتخاذ سترة على حدة؛ ولهذا المرور المضر هو ما بين الإمام وسترته لا ما بين القوم والإمام؛ حتى قال ابن عبد البر: إن حديث أبي سعيد: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه" مخصوص بالإمام والمنفرد، وأما المأموم فلا يضره من بين يديه، وقال: هذا لا خلاف فيه بين العلماء نقله في فتح الباري (¬1) وذكر مثله العيني عن الأبهري في شرح البخاري وسكت عليه؛ والله تعالى أعلم. 708 - قوله "ثنية أذاخر" بذال معجمة موضع بين الحرمين، وقوله: "إلى ¬

_ (¬1) ابن حجر في الفتح 1/ 571، 572،

باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة

عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: هَبَطْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ «فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ - يَعْنِي فَصَلَّى إِلَى جِدَارٍ - فَاتَّخَذَهُ قِبْلَةً وَنَحْنُ خَلْفَهُ، فَجَاءَتْ بَهْمَةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا زَالَ يُدَارِئُهَا حَتَّى لَصَقَ بَطْنَهُ بِالْجِدَارِ، وَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ»، أَوْ كَمَا قَالَ مُسَدَّدٌ. 709 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي فَذَهَبَ جَدْيٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَتَّقِيهِ». بَابُ مَنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ 710 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ === جدر" بفتح جيم وتكسر وسكون دال الجدار أو أصل الجدار، وقوله: "بهْمة" بفتح موحدة وسكون هاء ولد الضأن ذكرًا كان أو أنثى، وقوله: "يدارئها" بهمزة في آخره أي يدافعها، ووجه دلالة هذا الحديث على أن سترة الإمام سترة من خلفه هو أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما ألصق بطنه بالجدر وتركها تمر من ورائه علم أن مرورها بين يدي القوم لا يضر، وهذا معنى أن ستره الإمام سترة من خلفه كما سبق، والله تعالى أعلم. 709 - قوله: "فذهب جَدْي" بفتح جيم وسكون دال من أولاد المعز ما بلغ ستة أشهر أو سبعة ذكرًا كان أو أنثى، ولا يظهر لهذا الحديث دلالة على الترجمة أصلا، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ 710 - قوله: "كنت بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبين القبلة إلخ"

عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ - قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسَبُهَا قَالَتْ: وَأَنَا حَائِضٌ - " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ، وَتَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُوسَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ لَمْ يَذْكُرُوا: «وَأَنَا حَائِضٌ». 711 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ رَاقِدَةٌ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي يَرْقُدُ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَهَا فَأَوْتَرَتْ». 712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بِئْسَمَا عَدَلْتُمُونَا بِالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ «يُصَلِّي وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلِي === لا دلالة في شيء مما ذكر على عدم قطع مرور المرأة بأن يدي المصلي إذ ما ذكره لا يدل على أنها مرت بين يديه صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يخفى أن قوله: "تقطع الصلاة المرأة" محمول على أن مرورها بين يدي المصلي يقطع لا أن عينها تقطع، والله تعالى أعلم. 712 - قوله: "بئس ما عدلتمونا" بتخفيف الدال أي ساويتمونا وكلمة "ما"

باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة

فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ، ثُمَّ يَسْجُدُ». 713 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَكُونُ نَائِمَةً وَرِجْلَايَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ضَرَبَ رِجْلَيَّ فَقَبَضْتُهُمَا فَسَجَدَ». 714 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ح قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وحَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ - وَهَذَا لَفْظُهُ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَنَامُ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ فِي قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَمَامَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ» زَادَ عُثْمَانُ: «غَمَزَنِي» ثُمَّ اتَّفَقَا فَقَالَ: «تَنَحَّيْ». بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 715 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جِئْتُ عَلَى حِمَارٍ، ح وَحَدَّثَنَا === مصدرية. بَابُ مَنْ قَالَ: الْحِمَارُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 715 - قوله: "أتان" أنثى من الحمار، و "ناهزت" أي قاربت البلوغ، ولا دلالة في الحديث على المطلوب، إذ المفروض أن سترة الإمام، سترة القوم، فلا

الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلَامَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنًى «فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ فَنَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُ الْأَتَانَ تَرْتَعُ وَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ» فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا لَفْظُ الْقَعْنَبِيِّ، وَهُوَ أَتَمُّ، قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا إِذَا قَامَتِ الصَّلَاةُ. 716 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: «جِئْتُ أَنَا وَغُلَامٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حِمَارٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَنَزَلَ وَنَزَلْتُ وَتَرَكْنَا الْحِمَارَ أَمَامَ الصَّفِّ، فَمَا بَالَاهُ وَجَاءَتْ جَارِيَتَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَدَخَلَتَا بَيْنَ الصَّفِّ فَمَا بَالَى ذَلِكَ». 717 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَدَاوُدُ بْنُ مِخْرَاقٍ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُور، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: فَجَاءَتْ جَارِيَتَانِ مِنْ === يتحقق المرور المضر في حق القوم إلا إذا مرت بين يدي الإمام ولا ودلالة لحديث ابن عباس على ذلك، نعم فيه دلالة على أنه يجوز ترك المواشي في الحرم تأكل، والله تعالى أعلم. 716 - قوله: "فما بالاه" من المبالاة وما نافيه. 717 - قوله: "ففرع" بفاء وراء وعين مهملة وفي الراء يجوز التخفيف والتشديد أي حجر وفرق، ولو سلم مرور الجاريتين بين يديه فالجواب أن الذي

باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة

بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اقْتَتَلَتَا فَأَخَذَهُمَا قَالَ عُثْمَانُ: فَفَرَّعَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ دَاوُدُ: فَنَزَعَ إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى فَمَا بَالَى ذَلِكَ. بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 718 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ لَنَا وَمَعَهُ عَبَّاسٌ، «فَصَلَّى فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ وَحِمَارَةٌ لَنَا، وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا بَالَى ذَلِكَ». بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ 719 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». === يقطع الصلاة مرور البالغة؛ لأنها المتبادرة من اسم المرأة ويدل عليه رواية المرأة الحائض، كما تقدم، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ قَالَ: الْكَلْبُ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ 718 - قوله: "وكلبة" لا دلالة في الحديث على المرور ولا على أنها كانت سود، فهذه الأحاديث لا تعارض حديث القطع. بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ 719 - قوله: "لا يقطع الصلاة شيء" أي مرور شيء إذ الكلام فيه وإلا فكم من شيء يقطعها.

باب رفع اليدين [في الصلاة]

720 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَدَّاكِ، قَالَ: مَرَّ شَابٌّ مِنْ قُرَيْشٍ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَهُوَ يُصَلِّي فَدَفَعَهُ ثُمَّ عَادَ فَدَفَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّ الصَّلَاةَ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ وَلَكِنْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا تَنَازَعَ الْخَبَرَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُظِرَ إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ». أَبْوَابُ تَفْرِيعِ اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاةِ بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ [فِي الصَّلَاةِ] 721 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ === 720 - قوله: "وإذا تنازع الخبر" كأنه يشير إلى أن الصحابة أخذوا بحديث لا يقطع الصلاة شيء فترجح على حديث: يقطعها المرأة، ولا يخفى أن هذا على أصول الحنفية صحيح إذ عندهم الخاص لا يقدم على العام، وأما على أصول الجمهور فلا تعارض إذ العام لا يعارض الخاص حتى تترجح عليه بأخذ الصحابة، بل يخصص عمومه، ولذلك ذهب الجمهور إلى تأويل القطع وحملوه على أنه يخاف من هذه الأشياء القطع، أو أنه يقطع الخشوع وقد البحث في التأويل الثاني، والله تعالى أعلم. أَبْوَابُ تَفْرِيعِ اسْتِفْتَاحِ الصَّلَاةِ بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ [فِي الصَّلَاةِ] 721 - قوله: "إذا استفتح الصلاة بالتكبير" فصار كأنه قال إذا كبر رفع يديه

سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا اسْتَفْتَحَالصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ وَبَعْدَمَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ - وَقَال سُفْيَانُ مَرَّةً: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يَقُولُ: وَبَعْدَ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ - وَلَا يَرْفَعُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ". 722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تَكُونَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ وَهُمَا كَذَلِكَ فَيَرْكَعُ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ صُلْبَهُ رَفَعَهُمَا حَتَّى تَكُونَ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَيَرْفَعُهُمَا فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاتُهُ". === كما في حديث وائل بن حجر (¬1) الذي سيجيء، وكثير منهم يفهم من مثل ذلك تقدم التكبير على الرفع والحق أنه لا دلالة على التقدم، نعم المقارنة متبادرة إلا أن يؤول بأن المراد إذا أراد الاستفتاح وهو تأويل شائع فيجوز تقدم الرفع على الكبير، وهو الموافق لرواية: "ثم كبر" فالحمل عليه أوجه والله تعالى أعلم. 722 - قوله: "فيركع" الظاهر أنه عطف على مقدر، وفي الكلام طي أي فيقوم ثم يكبر كذلك فيركع. ¬

_ (¬1) حديث وائل بن حجر رواه أحمد في المسند 4/ 316، والنسائي في الافتتاح 2/ 95. والمصنف في باب رفع اليدين.

723 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا لَا أَعْقِلُ صَلَاةَ أَبِي قَالَ: فَحَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ " إِذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ الْتَحَفَ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ وَأَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ ثُمَّ رَفَعَهُمَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ سَجَدَ وَوَضَعَ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ أَيْضًا رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ "، قَالَ: مُحَمَّدٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، فَقَالَ: هِيَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُحَادَةَ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ مَعَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ. 724 - حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَبْصَرَ «النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا بِحِيَالِ === 723 - قوله: "وائل بن حجر" بتقديم الحاء المهملة على الجيم الساكنة. قوله: "ثم التحف" أي تستر يعني أخرج يديه من الكم إذ كبر للإحرام، فإذا فرغ من التكبير أدخل يديه في كميه، وعلى هذا فقوله: "وأدخل يديه في ثوبه" تكرار وتأكيد لقوله: "التحف"، والله تعالى أعلم. 724 - قوله: "بحيال منكبيه" بكسر الحاء وتخفيف المثناة والتحتية ولام أي

مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ كَبَّرَ». 725 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي أَهْلُ بَيْتِي، عَنْ أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرَةِ». 726 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَلَمَّا رَفَعَ === تلقاءهما. 725 - قوله: "وضع رأسه بذلك المنزل عن يديه" أي وضع رأسه بحيث صار اليدان محاذتين للأذنين، وقوله: "وحد مرفقه" على صيغة الماضي عطف على الأفعال السابقة و "على" بمعنى عن أبي رفعه عن فخذيه أو بمعناها، والحد: المنع والفصل بين الشيئين، أي فصل بين مرفقيه وجنبيه، ومنع أن يلتصق في حالة استعلائه على الفخذ، وجوز أن "حد" اسمًا مرفوعًا مضافًا إلى المرفق على الابتداء خبره "على فخذه" والجملة حال أو اسمًا منصوبا عطفًا على مفعول "وضع" أي وضع حد مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى؛ وجوز بعضهم أنه ماض من التوحيد أي جعل مرفقه منفردًا عن فخذه أي رفعه عنه وهذا أبعد الوجوه. والله تعالى أعلم.

باب افتتاح الصلاة

رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا، مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ رَأْسَهُ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَحَدَّ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَقَبَضَ ثِنْتَيْنِ وَحَلَّقَ حَلْقَةً» وَرَأَيْتُهُ يَقُولُ: هَكَذَا وَحَلَّقَ بِشْرٌ الْإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. 727 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ فِيهِ: ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ، وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ جِئْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَانٍ فِيهِ بَرْدٌ شَدِيدٌ فَرَأَيْتُ النَّاسَ عَلَيْهِمْ جُلُّ الثِّيَابِ تَحَرَّكُ أَيْدِيهِمْ تَحْتَ الثِّيَابِ. 728 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ أُذُنَيْهِ»، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُهُمْ يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى صُدُورِهِمْ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِمْ بَرَانِسُ وَأَكْسِيَةٌ. بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ 729 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّتَاءِ فَرَأَيْتُ أَصْحَابَهُ «يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ فِي الصَّلَاةِ». === 728 - قوله: "جل الثياب" بكسر الجيم وضمها أي معظمها، وقوله: "تحرك" أصله تتحرك بالتائين.

باب افتتاح الصلاة

730 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى - وَهَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَلِمَ؟ فَوَاللَّهِ مَا كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا لَهُ تَبَعًا وَلَا أَقْدَمِنَا لَهُ صُحْبَةً، قَالَ: بَلَى، قَالُوا: فَاعْرِضْ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَعْتَدِلُ فَلَا يَصُبُّ رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُ، ثُمَّ === بَابُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ 730 - قوله: "فلم" لإفادة ترتب هذا السؤال على كلامه السابق، وقولهم: "ما كنت بأكثيرنا له تبعًا" أي اقتفاء لآثاره وسننه صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ المقتفي قد يحفظ ما لا يحفظه غير المقتفي، وإن كانا في الصحبة سواء، وقولهم: "فأعرض" من العرض، بمعنى الإظهار، أي فبين وانعتها لنا حتى نرى صحة ما تدعيه، وقوله: "حتى يقر" من القرار، وليس بغاية للتكبير بل للوضع المقابل للرفع أي فوضعها حتى يقر، وقوله: "راحته" أي كفه، وقو له: "فلا ينصب رأسه ولا يقنع" هو تفسير للاعتدال، ونصب الرأس معروف والإقناع يطلق على رفع الرأس وخفضه من الأضداد والمراد هاهنا الثاني، نعم في بعض النسخ يصب من صب الماء، والمراد الإنزال فالمراد بالإقناع الرفع، وفي النهاية (¬1) ¬

_ (¬1) النهاية 4/ 113.

يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ مُعْتَدِلًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ"، قَالُوا: صَدَقْتَ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 731 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي === وقع في نسخ أبي داود "فلا ينصب" والمشهور "فلا يصوب" أي لا يخفضه جدًّا، وقوله: "حتى يحاذي منكبيه معتدلا" أي غير مفرج بين الأصابع كل التفريج ولا ضام كل الضم، ويحتمل حمله على اعتدال القامة وهو المراد بالاعتدال المذكور أولًا، وقوله: "ثم يهوى" بكسر الواو من حد ضرب أي ينزل، وقوله: "فيجافي يديه" أي في السجود، وقوله: "ثم يرفع رأسه" أي عن السجود، وقوله: "ويثني" من الثني أي يفترش، وقوله: "ويفتخ" بالخاء المعجمة أي يلينها حتى تثنى فيوجهها نحو القبلة، وقوله: "ثم يرفع رأسه" أي من السجدة الثانية، وقوله: "يثني" إلخ يدل على جلسة الاستراحة، والله تعالى أعلم. 731 - وقوله: "أمكن كفيه" أي مكنها من أخذهما، والقبض عليهما

ابْنَ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَذَاكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: «فَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ غَيْرَ مُقْنِعٍ رَأْسَهُ، وَلَا صَافِحٍ بِخَدِّهِ»، وَقَالَ: «فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ». 732 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، نَحْوَ هَذَا قَالَ: «فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ الْقِبْلَةَ». 733 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ === والحاصل أنه ما كان يكتفي بوضع الكفين على الركبتين بل يقبضهما بها، وقوله: "هصر ظهره" أي أماله إلى الأرض، وقوله "ولا صافح بخده" أي غير مبرز صفحة خده مائلًا في أحد الشقين. 732 - قوله: "غير مفترش" أي غير واضع المرفقين على الأرض، وقوله: "ولا قابضهما" أي ضامهما إلى الجنبين، وقيل: ولا قابض أصابع يديه بل يبسط أصابع يديه قبل القبلة، والله تعالى أعلم. 733 - قوله: "أراد أن ينهض للقيام" أي يقوم من القعود لأجل قيام الركعة

أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَحَدِ بَنِي مَالِكٍ، عَنْ عَبَّاسٍ أَو عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُوهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْمَجْلِسِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَأَبُو أُسَيْدٍ بِهَذَا الْخَبَرِ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ قَالَ فِيهِ: "ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ يَعْنِي مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ فَسَجَدَ فَانْتَصَبَ عَلَى كَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، ثُمَّ كَبَّرَ فَجَلَسَ فَتَوَرَّكَ وَنَصَبَ قَدَمَهُ الْأُخْرَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ لِلْقِيَامِ قَامَ بِتَكْبِيرَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ فِي التَّشَهُّدِ". 734 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنِي فُلَيْحٌ، حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ، وَأَبُو أُسَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا، قَالَ: "ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَيْهِمَا، وَوَتَّرَ === الثالثة. 734 - قوله: "وتريديه" بتشديد التاء في المجمع، أي جعلهما كالوتر شبه به الراكع إذا مدهما قابضًا على ركبتيه بالقوس إذا وترت، وقوله: "فأمكن أنفه

يَدَيْهِ فَتَجَافَى عَنْ جَنْبَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَكَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى " وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، لَمْ يَذْكُرِ التَّوَرُّكَ وَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ فُلَيْحٍ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ نَحْوَ جِلْسَةِ حَدِيثِ فُلَيْحٍ، وَعُتْبَةَ. 735 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي عُتْبَةُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «وَإِذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ غَيْرَ حَامِلٍ بَطْنَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَخِذَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، سَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ سَهْليُ، حَدِّثُ فَلَمْ أَحْفَظْهُ فَحَدَّثَنِيهِ، أُرَاهُ ذَكَرَ عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: حَضَرْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. 736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، === وجهته" أي جعل الأرض مكانًا لهما بوضعهما عليها، وقوله: "ونحى يديه" أي بعّدهما. 736 - قوله: "فلما سجد وقعتا ركبتاه إِلى الأرض قبل أن تقعا كفّاه" الفعل

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: "فَلَمَّا سَجَدَ وَقَعَتَا رُكْبَتَاهُ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ كَفَّاهُ قَالَ: فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ وَجَافَى عَنْ إِبِطَيْهِ " قَالَ حَجَّاجٌ: وَقَالَ هَمَّامٌ: وحَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ هَذَا، وَفِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذِهِ. 737 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَرْفَعُ إِبْهَامَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ». 738 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ لِلسُّجُودِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ». === في الموضعين من قبيل أكلوني البراغيث، وقوله: "وجافى عضديه" أو يديه لا كفيه، والله تعالى أعلم.

739 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ مَيْمُونٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، «وَصَلَّى بِهِمْ يُشِيرُ بِكَفَّيْهِ حِينَ يَقُومُ وَحِينَ يَرْكَعُ وَحِينَ يَسْجُدُ وَحِينَ يَنْهَضُ لِلْقِيَامِ، فَيَقُومُ فَيُشِيرُ بِيَدَيْهِ» فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ إِنِّي رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَّى صَلَاةً لَمْ أَرَ أَحَدًا يُصَلِّيهَا فَوَصَفْتُ لَهُ هَذِهِ الْإِشَارَةَ، فَقَالَ: إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاقْتَدِ بِصَلَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. 740 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ يَعْنِي السَّعْدِيَّ، قَالَ: صَلَّى إِلَى جَنْبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ «فَكَانَ إِذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَى فَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهَا رَفَعَ يَدَيْهِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ» فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لِوُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، فَقَالَ لَهُ: وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ تَصْنَعُ شَيْئًا لَمْ أَرَ أَحَدًا يَصْنَعُهُ فَقَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: رَأَيْتُ أَبِي يَصْنَعُهُ، وَقَالَ أَبِي: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَصْنَعُهُ وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ». 741 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ === 739 - قوله: "إِني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدًا" إلخ هذا يدل على أن كثيرًا من الناس سامحوا في سنن الصلاة فتركوا هذا الرفع، كما أن كثيرا منهم تركوا نفس التكبيرات، أيضًا وكأنه بسبب ذلك حصل الاختلاف في بعض السنن بين الأئمة، والله تعالى أعلم. 741 - قوله: "الصحيح قول ابن عمر" أي موقوف عليه ومن فعله، وكأنه

نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ " كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ "، وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى بَقِيَّةُ أَوَّلَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَسْنَدَهُ وَرَوَاهُ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ فِيهِ: «وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ يَرْفَعُهُمَا إِلَى ثَدْيَيْهِ» وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَالِكٌ، وَأَيُّوبُ وَابْنُ جُرَيْجٍ مَوْقُوفًا وَأَسْنَدَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحْدَهُ عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَيُّوبُ، وَمَالِكٌ الرَّفْعَ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ وَذَكَرَهُ اللَّيْثُ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِيهِ: قُلْتُ لِنَافِعٍ أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْعَلُ الْأُولَى أَرْفَعَهُنَّ؟ قَالَ: لَا، سَوَاءً قُلْتُ أَشِرْ لِي فَأَشَارَ إِلَى الثَّدْيَيْنِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ. 742 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، «كَانَ إِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا === من إطلاق القول على الفعل، إذ الحديث فعلي لا قولي، ثم الراجح عند كثير من المحققين عند تعارض الوقف والرفع ترجيح الرفع، إذ هو زيادة ثقة، والتوفيق ممكن وهذا الذي ذكر في رواية رافع وإلا فرواية سالم مرفوعة، والله تعالى أعلم. قوله: "رفع يديه مدًّا" أي رفعًا بليغًا أو رفعًا فهو مصدر من غير لفظ الفعل كقعدت جلوسًا، إلا أنه على الأول للنوع وعلى الثاني للتأكيد.

باب

دُونَ ذَلِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ «رَفَعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ» أَحَدٌ غَيْرُ مَالِكٍ فِيمَا أَعْلَمُ. بَاب 743 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ». 744 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَيَصْنَعُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ حِينَ وَصَفَ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ

باب

الصَّلَاةِ. 745 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ». === باب 743 - قوله: "عن مالك بن الحويرث (¬1) قال: "رأيت" إلخ مالك بن الحويرث ووائل بن حجر ممن صلى مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آخر عمره، فروايتهما الرفع دليل على بقائه وبطلان دعوى نسخه، كيف وقد روى مالك هذا جلسة الاستراحة فحملوها على أنها كانت في آخر عمره في سن الكبر، فهي ليس مما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم قصدًا، فلا: تكون سنة، وهذا يقتضي أن يكون الرفع الذي رواه ثابتًا لا منسوخًا لكونه في آخر عمره عندهم، فالقول بأنه منسوخ قريب من التناقض وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لمالك وأصحابه: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، والله تعالى أعلم، و "فروع الأذنين" أعاليهما وفرع كل شيء أعلاه ولا تناقض بين الأفعال المختلفة لجواز وقوع الكل في أوقات متعددة فيكون الكل سنة، إلا إذا دل الدليل على نسخ البعض فلا منافاة بين كون الرفع إلى المنكبين أو إلى شحمة الأذنين أو إلى فروع الأذنين، وقد ذكر العلماء في التوفيق بسطًا لا حاجة إليه لكون التوفيق فرع التعارض ولا يظهر التعارض أصلًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مالك، أبو سليمان الليث، صحابي، نزل البصرة، مات سنة أربع وتسعين، التقريب 3/ 224.

باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

746 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْمَعْنَى، عَنْ عِمْرَانَ، عَنْ لَاحِقٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «لَوْ كُنْتُ قُدَّامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَأَيْتُ إِبِطَيْهِ»، زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: يَقُولُ لَاحِقٌ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ قُدَّامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَزَادَ مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، يَعْنِي «إِذَ اكَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ». 747 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمَّا رَكَعَ طَبَّقَ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ» قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا، فَقَالَ: صَدَقَ أَخِي، قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا ثُمَّ أَمَرَنَا بِهَذَا يَعْنِي «الْإِمْسَاكَ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ». بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ 748 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ يَعْنِي ابْنَ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ === 747 - قوله: "طبق بين يديه" هو أن يجمع بين أصابع يديه، ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد، وهذا التطبيق منسوخ كما ذكر سعد بالاتفاق. بَابُ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ 748 - قوله: "صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" يكفي في

بْنُ مَسْعُودٍ: " أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَصَلَّى فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إِلَّا مَرَّةً "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَلَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ. 749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى قَرِيبٍ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ لَا يَعُودُ». 750 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ، نَحْوَ حَدِيثِ شَرِيكٍ، لَمْ يَقُلْ: «ثُمَّ لَا يَعُودُ»، قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ لَنَا بِالْكُوفَةِ بَعْدُ «ثُمَّ لَا يَعُودُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ، لَمْ يَذْكُرُوا «ثُمَّ لَا يَعُودُ». 751 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، وَخَالِدُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو حُذَيْفَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا قَالَ: «فَرَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «مَرَّةً وَاحِدَةً». === الإضافة كون هذه الصلاة صلاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحيانًا، وإن كان المتبادر الاعتياد والدوام فيجب الحمل على كونها كانت أحيانًا توفيقًا بين الأدلة ودفعًا للتعارض، وعلى هذا فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى مثل هذه الصلاة، وترك فيها الرفع عند الركوع مثلًا، أما كون الترك سنة كالفعل أو لبيان الجواز فالسنة هي الرفع لا الترك، والله تعالى أعلم.

باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

752 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لَمْ يَرْفَعْهُمَا حَتَّى انْصَرَفَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. 753 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَمْعَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا». بَابُ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ 754 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «صَفُّ الْقَدَمَيْنِ وَوَضْعُ === بَابُ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ 754 - قوله: "من السنة" هذا اللفظ إذا جاء في كلام الصحابة فحمله الرفع وهذا وغيره من الأحاديث يدل على أن السنة الوضع دون الإرسال، ولا يدل على محل الوضع، وقد جاء في سنن أبي داود في بعض نسخه ما يدل على الحمل أيضًا كحديث علي وأبي هريرة: "السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السيرة" وفي سنده عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعفه، وقال النووي: قد اتفقوا على ضعفه (¬1) ونقله المحقق ابن ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 115 باب وضع يده اليمنى على اليسرى.

الْيَدِ عَلَى الْيَدِ مِنَ السُّنَّةِ». 755 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى». 756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ». 757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ يَعْنِي ابْنَ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي بَدْرٍ، عَنْ أَبِي طَالُوتَ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُمْسِكُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الرُّسْغِ فَوْقَ السُّرَّةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَوْقَ السُّرَّةِ قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: تَحْتَ السُّرَّةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ. === الهمام وسكت عليه، وكحديث جرير الضبي قال: "رأيت عليًّا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة" (¬1) وذكر أبو داود عن سعيد: 757 - "فوق" قال: قال أبو مجلز: تحت السرة ثم ذكر عن طاوس. ¬

_ (¬1) صحيح ابن خزيمة في جماع أبواب الأذان والإقامة، باب وضع اليمين على الشمال 1/ 243 (479).

758 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَخْذُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ: يُضَعِّفُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ الْكُوفِيَّ. 759 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَشُدُّ بَيْنَهُمَا عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ». === 759 - قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما ما على صدره وهو في الصلاة" وهذا الحديث وإن كان مرسلًا لكن المرسل حجة عندنا وعند الجمهور فيكفي حجة، فكيف وقد جاء في صحيح ابن خزيمة عن وائل بن حجر قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره" (¬1) وفي مسند أحمد عن قبيصة بن هلب (¬2) عن أبيه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده على صدره" (¬3) وبالجملة فكما صح أن الوضع هو السنة دون الإرسال ثبت أن محله الصدر لا غير، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) اسمه يزيذ بن عدي الطائي الكوفي، روى عن أبيه، وله صحبة. (¬2) أحمد 5/ 226، 227. (¬3) أحمد 1/ 94، 102، 103، ومسلم في صلاة المسافرين (771/ 201)، والنسائي 2/ 100، 101.

باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ 760 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَاشَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ لِي إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ === بَابُ مَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الدُّعَاءِ 760 - قوله: "ظلمت نفسي" إظهار للعبودية وتعظيم للربوبية وإلا فهو مع عصمته فهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر: ولو كان هناك ذنب، وقيل: بل المغفرة في حقه مشروطة بالاستغفار، والأقرب أن الاستغفار له زيادة خير، والمغفرة حاصلة بدون ذلك لو كان هناك ذنب، وفيه إرشاد للأمة إلى الاستغفار والله تعالى أعلم، ومعنى: "والشر ليس إليك" (¬1) كما في بعض الروايات أن الشر ليست قربة إليك ولا يتقرب به إليك، وقيل أنه لا ينسب إليك ولا يقال أنه ¬

_ (¬1) النهاية 1/ 408.

فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، وَإِذَا رَكَعَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعِظَامِي وَعَصَبِي، وَإِذَا رَفَعَ، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ، مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، وَإِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. 761 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ === خالق للشر على انفراده، ومعنى: "أنا بك وإِليك" أن وجودي بإيجادك ورجوعي إليك، أو بك أعتمد وإليك ألتجئ وقوله: "فأحسن صورته" تفسير لقوله صدره، وكذا قوله: "فشق سمعه وبصره"، وقوله: "إِذا سلم من الصلاة" أي أراد أن يسلم لا أنه يقول ذلك بعد أن سلم أو مقرونا بالسلام، والله تعالى أعلم بحقيقة المراد.

مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ مِثْلَ ذَلِكَ إِذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَيَصْنَعُهُ إِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ وَدَعَا، نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الدُّعَاءِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ الشَّيْءَ وَلَمْ يَذْكُرْ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ "، وَزَادَ فِيهِ، وَيَقُولُ: عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». 762 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ لِي: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَابْنُ أَبِي فَرْوَةَ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا قُلْتَ أَنْتَ ذَاكَ، فَقُلْ: «وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، يَعْنِي قَوْلَهُ: «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ». 763 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِيَ النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، === 763 - قوله: "وقد حفزه النفس" بفتح الحاء المهملة وألفا وزال معجمة والنفس بفتحتين أي جهده من شدة السعي إلى الصلاة، وأصل الحفز الدفع العنيف وفي النهاية: الحفز الحث والإعجال، وقوله: "يبتدرونها" أي كل منهم يريد أن يسبق على غيره في رفعها إلى محل الفرض أو القبول، وحمله أيهم

فَقَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا» وَزَادَ حُمَيْدٌ فِيهِ: «وَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمْشِ نَحْوَ مَا كَانَ يَمْشِي فَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَهُ وَلْيَقْضِ مَا سَبَقَهُ». 764 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْعَنَزِيِّ، عَنِ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةً - قَالَ عَمْرٌو: لَا أَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ - فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، === يرفعها أي حال قاصدين ظهور أيهم يرفعها، والله تعالى أعلم. 764 - قوله: "الله أكبر كبيرًا" أي كبرت كبيرًا، ويجوز أن يكون حالًا مؤكدة أو مصدر بتقدير تكبرًا كبيرًا، وقوله: "كثيرًا" أي حمدًا كثيرًا، وقوله: "من نفخه" كل من الثلاثة بفتح فسكون. قوله: "نفثه" الشعر فإنه ينفثه من فيه كالرقية، والمراد الشعر المذموم وإلا فقد جاء: "إن من الشعر لحكمة (¬1) "، قوله: "ونفخه" الكبر بكسر فسكون أي التكبر، وهو أن يصير الإنسان معظمًا عند نفسه وليس له حقيقة إلا مثل أن الشيطان نفخ فيه فانتفخ فرأى انتفاخه ما يستحق به التعظيم مع أنه على العكس، والله تعالى أعلم، قوله: "المؤتة" بضم الميم وهمزة مضمومة وقيل: بلا همز نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه كمال العقل كالسكران، وقيل: حنق الشيطان، وقيل: هو الجنون من الهمز بمعنى النخس والدفع، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الأدب عن أبي بن كعب (6145) والترمذي عن ابن عباس رفعه بلفظ "إن من الشعر حكمًا" في كتاب الأدب (2845).

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ثَلَاثًا، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ»، قَالَ: نَفْثُهُ الشِّعْرُ، وَنَفْخُهُ الْكِبْرُ، وَهَمْزُهُ الْمُوتَةُ. 765 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مِسْعَرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي التَّطَوُّعِ، ذَكَرَ نَحْوَهُ. 766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَخْبَرَنِي أَزْهَرُ بْنُ سَعِيدٍ الْحَرَازِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَفْتَتِحُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامَ اللَّيْلِ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ كَانَ إِذَا قَامَ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللَّهَ عَشْرًا، وَسَبَّحَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي» وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ === 766 - قوله: "كان إِذا قام" أي في الصلاة لا من النوم بقرنية السواك، ولا تعارض بين هذا الافتتاح وبين الافتتاح بالأدعية، الأخر لجواز أن يفتتح أحيانًا بهذا وأحيانًا بآخر، قوله: "رب جبرائيل" منصوب على أنه منادى بتقدير حرف الندا أو بدل من اللهم لا وصف له؛ لأن لحوق الميم المشددة مانع عن التوصيف عند سيبويه، وقوله: "اهدني" أي زدني هدى أو ثبتني فليس المطلوب تحصيل

نَحْوَهُ. 767 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ «اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». 768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، بِإِسْنَادِهِ بِلَا إِخْبَارٍ وَمَعْنَاهُ قَالَ: «كَانَ إِذَا قَامَ بِاللَّيْلِ كَبَّرَ وَيَقُولُ». 769 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَفِي آخِرِهِ فِي الْفَرِيضَةِ وَغَيْرِهَا. 770 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا === الحاصل. 770 - قوله: "بضعة وثلاثين" هي بكسر الباء وقد تفتح من الثلاث إلى التسمع، وأول بالضم على البناء لكونه ظرفًا قطع عن الإضافة أي قبل أن يكتبها

نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا آنِفًا»، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ». 771 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ === الآخر أو النصب على الحال أي سابقًا في كتابتها على صاحبه، ولا يخفى أن هذا الحديث لا يناسب الترجمة وكذا بعض الأحاديث الأخر. 771 - قوله: "أنت قيَّام السموات" القيام بتشديد الياء، والقيوم القائم بأمور العباد ومدبر الخلائق في جميع الأحوال، والمعنى القائم بأتم وجه وأكمله بتدبير السموات والأرض وأهلهما، ومعنى "أنت الحق" الثابت ألوهيته دون ما يدعيه المبطلون، ومعنى: "قولك الحق" أنه يستحيل أن يكذب بوجه من الوجوه كالخطأ والسهو، بخلاف قول غيره تعالى؛ فإنه لا يستحيل أن يكون غير مطابق للواقع

وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». 772 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَاوُسٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي التَّهَجُّدِ يَقُولُ بَعْدَ مَا يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ. 773 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ - نَحْوَهُ - قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّ أَبِيهِ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَطَسَ رِفَاعَةُ - لَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: رِفَاعَةُ - فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ مُبَارَكًا عَلَيْهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ === ولو بالسهو، و "وعدك الحق" أي لا يمكن التخلف فيه وليس كميعاد غيره مما يمكن فيه التخلف ولو بمانع، ولهذا المعنى عرّف الحق في هذه المواضع ليفيد الحصر، ولم يقصد هذا المعنى فيما بعد فنكر الحق فقيل: "ولقاؤك حق" أي ثابت في وقته لا محالة، والتقديم في "لك أسلمت" ونحوه للقصر أي لا للآلهة الباطلة و "الإِنابة" الرجوع، و"بك خاصمت" أي بحجتك أو بعونك أو بأمرك خاصمت أعدائك، ومعنى "إليك حاكمت" أي إليك فوضت المحاكمة بيني وبين أعدائي ورضيت بحكمك بيني وبينهم، والله تعالى أعلم.

باب من رأى الاستفتاح بسبحانك [اللهم وبحمدك]

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ، فَقَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيث مَالِكٍ وَأَتَمَّ مِنْهُ. 774 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَطَسَ شَابٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا، وَبَعْدَمَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ»، قَالَ: فَسَكَتَ الشَّابُّ، ثُمَّ قَالَ: «مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا قُلْتُهَا لَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: «مَا تَنَاهَتْ دُونَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى». بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ [اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ] 775 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ === 744 - قوله: "ما تناهت" أي ما توقفت في مدارج الارتفاع دون العرش بل صعدت حتى وصلت العرش، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ رَأَى الِاسْتِفْتَاحَ بِسُبْحَانَكَ [اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ] 775 - قوله: "وتعالى جدك" في النهاية أي علا جلالك وعظمتك (¬1) ثم الحديث قد ضعفه أبو داود كما في بعض النسخ لكن الصحيح أن تضعيفه بالنظر ¬

_ (¬1) النهاية 1/ 244.

الرِّفَاعِيِّ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ»، ثُمَّ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا» ثَلَاثًا، «أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ»، ثُمَّ يَقْرَأُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ، يَقُولُونَ هُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا الْوَهْمُ مِنْ جَعْفَرٍ. 776 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ الْمُلَائِيُّ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ الصَّلَاةِ عَنْ بُدَيْلٍ جَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا». === إلى بعض الأسانيد وإلا فالمتن ثابت بتعدد الطرق وبعض أسانيده لا ينزل على درجة الحسن فهو مما يصلح للعمل في الأحكام فضلًا عن فضائل الأعمال التي يعمل فيها بالضعيف أيضًا، والله تعالى أعلم.

باب السكتة عند الافتتاح

بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ 777 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ «حَفِظْتُ سَكْتَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ، سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ حَتَّى يَقْرَأَ، وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ عِنْدَ الرُّكُوعِ»، قَالَ: فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: فَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى أُبَيٍّ فَصَدَّقَ سَمُرَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا قَالَ حُمَيْدٌ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ». 778 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ " كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ: إِذَا اسْتَفْتَحَ وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا "، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ. 779 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، تَذَاكَرَا فَحَدَّثَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ حَفِظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سَكْتَتَيْنِ: سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ، وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] "، فَحَفِظَ ذَلِكَ سَمُرَةُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَكَتَبَا فِي ذَلِكَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ === بَابُ السَّكْتَةِ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ 777 - قوله: "سكتة إِذا كبر الإِمام حتى يقرأ" غاية للسكتة لا لقوله كبر.

كَعْبٍ فَكَانَ فِي كِتَابِهِ إِلَيْهِمَا أَوْ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِمَا: أَنَّ سَمُرَةَ قَدْ حَفِظَ. 780 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، بِهَذَا قَالَ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: سَكْتَتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِيهِ: قَالَ سَعِيدٌ: قُلْنَا لِقَتَادَةَ: مَا هَاتَانِ السَّكْتَتَانِ؟ قَالَ: "إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ قَالَ: بَعْدُ، وَإِذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ". 781 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ عُمَارَةَ الْمَعْنَى، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ»، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ أَخْبِرْنِي مَا تَقُولُ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ». === 781 - قوله: "أنقني من خطاياي" من الإنقاء أي طهرني منها بأتم وجه وأوكده، وقوله: "اغسلني بالثلج والبرد" أي بأنواع المطهرات، والمراد مغفرة الذنوب وسترها بأنواع الرحمة والألطاف، والله تعالى أعلم.

باب من لم ير الجهر ب «بسم الله الرحمن الرحيم»

بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» 782 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، "كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ". 783 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ === بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ الْجَهْرَ بِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» 782 - قوله: "يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" استدل به من نفي الجهر بالتسمية فحملوا القراءة على الجهر بها ويؤيده بعض روايات الحديث (¬1)، وكذا استدل بظاهره من نفي التسمية أصلًا جهرًا وسرًّا، وأما من يرى الجهر بالتسمية فيقول المراد أنه يبدؤون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة، وليس معناه أنهم لا يقرؤون التسمية مطلقًا أو جهرًا والحاصل أنه يحمل الحمد لله على تمام السورة والبسملة عندهم من السورة فشملها قراءة الفاتحة، لكن روايات الحديث لا تساعد هذا المعنى، ففي رواية مسلم عن أنس فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬2)، والمراد ترك الجهر كما جاء في روايات، والسماع يتعلق به والله تعالى أعلم. 783 - قوله: "لم يشخص" من أشخص إذا رفع و "لم يصوب" من ¬

_ (¬1) أحمد 6/ 31، 71، 194، ومسلم في الصلاة (498/ 240)، والمصنف (783). (¬2) مسلم في الصلاة (399/ 50).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشَخِّصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّاتُ، وَكَانَ إِذَا جَلَسَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ، وَعَنْ فَرْشَةِ السَّبُعِ وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ". 784 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ حَتَّى خَتَمَهَا»، قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ »، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ === التصويب أي لم يخفض، وقوله: "بفرش" من فرش أو أفرش، و"عقب الشيطان" بفتح عين وكسر قاف هو الصحيح، وحكي ضم العين لكنه ضعيف وفسر بإقعاء الكلب المنهي عنه، وهو أن يلصق إليته بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض، كما يفترش الكلب وغيره من السباع، و"فرشة السبع" بإعجام السين والظاهر أنهما بكسر الفاء للهيئة من الفرش وهي أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعها عن الأرض كما يفعل الذئب والكلب والسبع. 784 - قوله: "فقرأ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم إِنَّا أَعْطَينَاكَ} (¬1) كأنه أشار إلى أن هذا الحديث يدل على أن البسملة جزء من السورة فينبغي أن تقرأ جهرًا كما ¬

_ (¬1) سورة الكوثر: آية 1.

باب من جهر بها

أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي فِي الْجَنَّةِ». 785 - حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ الْمَكِّيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ الْإِفْكَ، قَالَتْ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: " أَعُوذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الْآيَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الشَّرْحِ وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ كَلَامِ حُمَيْدٍ. بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا 786 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ يَزِيدَ === تقرأ الفاتحة، ولما ورد عليه أنه لعله قرأ البسملة لمجرد التبرك لا لكونها جزءًا من السورة، أشار إلى رده بالحديث الذي بعده حيث إنه لم يقرأ البسملة هتاك ولو كان لمجرد التبرك لقرأ، ويمكن الجواب بأن البسملة للفصل بين السور، فتقرأ في أوائل السور وإن لم تكن جزءًا بخلاف الأوساط، وكأنه إلى هذا الكلام أشار بحديث: "كان صلى الله تعالى عليه وسلم لا يعرف فصل السورة إلخ" (¬1) والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ جَهَرَ بِهَا 786 - قوله: "وهي من المئين" هي كل سورة ذات مائة آية، والسور التي ¬

_ (¬1) رواه المصنف وفي معناه رواه الحاكم في المستدرك 1/ 231، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي: "أما هذا فثابت".

الْفَارِسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنَ المِئِينَ، وَإِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ المَثَانِي فَجَعَلْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا تَنَزَّلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: «ضَعْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا، كَذَا وَكَذَا»، وَتَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْآيَتَانِ فَيَقُولُ: مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ هُنَاكَ وَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. === هي أقل من مائة، وتزيد على المفصل، يقال لها: المثاني. يقال: أول القرآن: السبع الطول، ثم ذوات المئين، ثم المثاني، ثم المفصل والسابعة منها قيل: يونس، وقوله: "السبع الطول" بضم الطاء وفتح الواو وجمع الطولى كالكبر جمع الكبرى، وقوله: "مما ينزل عنيه الآيات" أي ممن؛ فهو من وضع ما موضع من، وقوله: "وكانت الأنفال" إلخ يريد أنه يقتضي أنهما سورتان، وقوله: "وكانت قصتها" إلخ يقتضي أنها سورة واحدة فلما لم يبين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اشتبه الأمر بتجاذب الأمارتين فصار ذلك سببا للقِران بينهما مع ترك البسملة، كما هو مقتضى وحدة السورة، وكذلك صار سببًا لوضعهما في السبع الطول؛ لأنهما إذا كانتا واحدة كانت تلك الواحدة هي سابعة السبع الطول، وترك المفصل بينهما مراعاة لجهة التعدد.

باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث

787 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، بِمَعْنَاهُ قَالَ فِيهِ: فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُومَالِكٍ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ النَّمْلِ هَذَا مَعْنَاهُ. 788 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قُتَيْبَةُ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ السَّرْحِ. بَابُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 789 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَقُومُ === بَابُ تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 789 - قوله: "فأتجوز" بتشديد الواو أي أتخفف في القراءة وغيرها. وقوله: "كراهة أن أشق" أي بالتطويل على أمه على تقدير حضورها الجماعة، ويحتمل أن هذا إذا كان عالمًا بحضور الأمة، فإنها إذا سمعت بكاء الولد وهي في الصلاة

باب [في] تخفيف الصلاة

إِلَى الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». بَابٌ [فِي] تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ 790 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، وَسَمِعَهُ مِنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاذٌ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا - قَالَ مَرَّةً: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي بِقَوْمِهِ - فَأَخَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً الصَّلَاةَ - وَقَالَ مَرَّةً: الْعِشَاءَ - فَصَلَّى مُعَاذٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَصَلَّى، فَقِيلَ: نَافَقْتَ يَا فُلَانُ، فَقَالَ: مَا نَافَقْتُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذًا يُصَلِّي مَعَكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَصْحَابُ نَوَاضِحَ وَنَعْمَلُ بِأَيْدِينَا، وَإِنَّهُ جَاءَ يَؤُمُّنَا فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ === يشتد عليها التطويل، وربما يؤخذ منه أن الإمام يجوز له مراعاة من دخل المسجد بالتطويل ليدرك الركعة، كما له أن يخفف لأجلهم ولا يسمى مثله رياء بل هو إعانة على الخير أو تخليص عن الشر، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] تَخْفِيفِ الصَّلَاةِ 790 - قوله: "أصحاب نواضح" هي الإبل التي يسقى عليها، يريد أنهم أصحاب أعمال شديدة في النهار ومن كان كذلك لا يطيق القيام الطويل بالليل،

أَفَتَّانٌ أَنْتَ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ؟ اقْرَأْ بِكَذَا، اقْرَأْ بِكَذَا - قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى - "، فَذَكَرْنَا لِعَمْرٍو، فَقَالَ: أُرَاهُ قَدْ ذَكَرَهُ. 791 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا طَالِبُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِر، يُحَدِّثُ عَنْ حَزْمِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ أَتَى مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِقَوْمٍ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ وَالْمُسَافِرُ». 792 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: «كَيْفَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ»، قَالَ: أَتَشَهَّدُ وَأَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ أَمَا إِنِّي لَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوْلَهَا === وقوله: "فتان" كعلام مبالغة الفاتن أي أقاصد أن توقع الناس في الفتنة والمشقة على وجه الكمال، يعني أن مثل هذا العمل لا يفعله إلا من يقصد الفتنة. 792 - قوله: "لا أحسن دندنتك" بفتحتين ما سوى النون وسكونها أي مسألتك الخفية أو كلامك الخفي، والدندنة أن يتكلم الرجل بكلام تسمع نغمته ولا تفهم، وضمير "حولها" للجنة أي حول تحصيلها أو للنار أي حول التعوذ منها، أولهما بتأويل كل واحدة ويؤيده حول هاتين أو لمسألته أي حول مسألتك أو

نُدَنْدِنُ». 793 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ - ذَكَرَ قِصَّةَ مُعَاذٍ - قَالَ: وَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْفَتَى: «كَيْفَ تَصْنَعُ يَا ابْنَ أَخِي إِذَا صَلَّيْتَ؟ » قَالَ: أَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَأَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ وَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا دَنْدَنَتُكَ وَلَا دَنْدَنَةُ مُعَاذٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي وَمُعَاذًا حَوْلَ هَاتَيْنِ» أَوْ نَحْوَ هَذَا. 794 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». 795 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ». === مقالتك، والمقصود تسليته بأن مرجع كلامنا وكلامك واحد، والله تعالى أعلم. 794 - قوله: "الضعيف" جبلة أو بسبب مرض و "السقيم" المريض.

باب ما جاء في نقصان الصلاة

بَابُ مَا جَاءَ فِي نُقْصَانِ الصَّلَاةِ 796 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنَمَةَ الْمُزَنِيِّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ تُسْعُهَا ثُمْنُهَا سُبْعُهَا سُدْسُهَا خُمْسُهَا رُبْعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ 797 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ === بَابُ مَا جَاءَ فِي نُقْصَانِ الصَّلَاةِ 796 - قوله: "إلا عشر صلاته" الذي يفيدة ترجمة "المصنف" أن معناه أن الرجل قد يريد التطويل في الصلاة أولًا ثم يعرض له ما يخفف لأجله، فيكتفي تارة بعشر ما يريد من الصلاة وتارة بتسعها، وعلى هذا يكتب له القدر الذي اقتصر، ويحتمل أن معناه أنه يرائي في بعض الصلاة أو يصلي بعضها من غير مراعاة الحدود فيكتب ما صلى بلا رياء، أو مع مراعاة الحدود ولا يكتب له ما ضيعها، ولعل من جملة ما يضيع ما لا يراعي فيه حال المقتدين، وأما قوله: "عشر صلاته تسعها" فبتقدير حرف العطف أي أو تسعها، وقالوا: من تقدير العاطف قوله تعالى: {قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيهِ} (¬1) والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ 797 - قوله: "في كل صلاة" أي في كل ركعة أو في كل صلاة سرية أو ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية 92.

وَعُمَارَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، وَحَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُقْرَأُ فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا أَخْفَى عَلَيْنَا أَخْفَيْنَا عَلَيْكُمْ». 798 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ الْحَجَّاجِ - وَهَذَا لَفْظُهُ - عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى، وَأَبِي سَلَمَةَ: ثُمَّ اتَّفَقَا، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا وَكَانَ يُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنَ الظُّهْرِ وَيُقَصِّرُ الثَّانِيَةَ وَكَذَلِكَ فِي الصُّبْحِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً. 799 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، بِبَعْضِ هَذَا وَزَادَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَزَادَ عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي === جهرية، و "استمعنا" بفتح العين في الأول وسكونها في الثاني أي تجهر وتخافت فيما خافت ولا يظن أن مواضع السر لا قراءة فيها. 798 - قوله: "ويسمعنا الآية" أي يقرأ بحيث نسمع الآية من جملة ما قرأ وهذا يدل على أن الجهر القليل في السرية لا يضر، وعلى أن الجمع بين الجهر والسرية لا يكره، والله تعالى أعلم.

الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَا لَا يُطَوِّلُ فِي الثَّانِيَةِ وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهَكَذَا فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ. 800 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى. 801 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، قَالَ: قُلْنَا لِخَبَّابٍ، هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: «بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ». 802 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ === 801 - قوله: "هل كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر" إلخ أن أريد قراءة شيء، فدليل الجواب موافق للجواب، لأن اضطراب اللحية يدل على وجود القراءة بهذا المعنى، وإن أريد قراءة القرآن كما هو المتعارف، فلا يتم الدليل إلا بضم أمارة أخرى مثل أن يقال معلوم من خارج أن قيام الصلاة موضع لقراءة القرآن، فإن تحققت القراءة فلا تكون تلك القراءة إلا قراءة القرآن فإذا دل دليل على تحققها علم تحقق قراءة القرآن، والله تعالى أعلم. 802 - قوله: "حتى لا يسمع وقع قدم" أي حتى ينقطع المشي من المسجد

باب تخفيف الأخريين

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ حَتَّى لَا يُسْمَعَ وَقْعُ قَدَمٍ». بَابُ تَخْفِيفِ الْأُخْرَيَيْنِ 803 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِسَعْدٍ: قَدْ شَكَاكَ النَّاسُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ قَالَ: أَمَّا أَنَا «فَأَمُدُّ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَا آلُو مَا اقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ. 804 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي النُّفَيْلِيَّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ === بحضور من أراد حضور الصلاة والمقصود أنه كان يطول إلى أن يدرك الركعة الأولى من يريد الصلاة معه صلى الله تعالى عليه وسلم. بَابُ تَخْفِيفِ الْأُخْرَيَيْنِ 803 - قوله: "قد شكاك الناس" أي أهل الكوفة وكان سعد أميرًا من جهة عمر عليهم فجاءوا عند عمر وشكوا سعدًا فطلبه عمر وقال له ذلك، وقوله: "فامدّ" بتشديد الدال أي أزيد وأطول و"أحذف" أي أخفف، وقوله: "ولا آلو" بهمزة ممدودة أي لا أقتصر في صلاة اقتديت بها وهي صلاة رسول الله صى الله تعالى عليه وسلم. 804 - قوله: "قال حزرنا" بتقديم المعجمة على المهملة أي قدرنا وخمنا،

باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «حَزَرْنَا قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً قَدْرَ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ». بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ 805 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ السُّوَرِ». 806 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَحَضَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَقَرَأَ بِنَحْوٍ مِنْ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى === ويمكن أن يكون بتقديم المهملة على المعجمة أي حفطنا والأول أقرب، ولا يخفى ما في الحديث من الدلالة على أنه صلى الله تعالى علية وسلم كان يزيد في الآخرتين على الفاتحة أحيانا والله تعالى أعلم. بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ 806 - قوله: "إذا دحضت الشمس" أي زالت، واختلاف القراءة محمول على اختلاف الأوقات والأحوال فلا تنافي في أحاديث القراءة، وقوله: "والعصر كذلك والصلوات" بالرفع أي العصر وسائر الصلوات في القراءة:

وَالْعَصْرَ كَذَلِكَ وَالصَّلَوَاتِ كَذَلِكَ إِلَّا الصُّبْحَ فَإِنَّهُ كَانَ يُطِيلُهَا». 807 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ»، قَالَ ابْنُ عِيسَى: لَمْ يَذْكُرْ أُمَيَّةَ أَحَدٌ إِلَّا مُعْتَمِرٌ. 808 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي شَبَابٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَقُلْنَا لِشَابٍّ مِنَّا: سَلِ ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ فَقَالَ: لَا، لَا، فَقِيلَ لَهُ: فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: خَمْشًا هَذِهِ شَرٌّ مِنَ الْأُولَى، كَانَ عَبْدًا مَأْمُورًا بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ وَمَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِثَلَاثِ خِصَالٍ «أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَأَنْ لَا === كصلاة الظهر وتذكير ذلك في كذلك لكونه إشارة إلى ما تقدم. 807 - قوله: "سجد في صلاة الظهر" دليل على أن قراءة آيات السجود لا تختص بالصلاة الجهرية. 808 - قوله: "خمشًا" بخاء وشين معجمتين دعا عليه بأن يخمش وجهه أو جلده كما يقال جدعًا ونصبه بفعل لا يظهر، وقوله: "بلغ ما أرسل به" أي فلو كان القراءة فرضًا لبلغ بالجهر أو لبيان بالقول فحيث لم يفعل علم أنه ليس بفرض، وهذا بحسب ظنه، وإلا فقد قال "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، والله تعالى أعلم، ثم لا يخفى أن الأمر بإسباغ الوضوء عام فكان أهل البيت آكد في

باب قدر القراءة في المغرب

نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ الْحِمَارَ عَلَى الْفَرَسِ». 809 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا أَدْرِي أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَمْ لَا». بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ 810 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ، سَمِعَتْهُ وَهُوَ «يَقْرَأُ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا»، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّهَا «لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ». 811 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْرَأُ بِ الطُّورِ فِي الْمَغْرِبِ». 812 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ رَأَيْتُ === حقهم الإسباغ دون غيرهم وكذا النهي عن الإنزاء، والله تعالى أعلم. بَابُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ 812 - قوله: "بطولى الطوليين" هما تثنية الطولى تأنيث الأطول أي أنه كان

باب من رأى التخفيف فيها

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ»، قَالَ: قُلْتُ: مَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: الْأَعْرَافُ وَالْأُخْرَى الْأَنْعَامُ، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَنَا ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَقَالَ لِي: مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ الْمَائِدَةُ وَالْأَعْرَافُ. بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا 813 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، «كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِنَحْوِ مَا تَقْرَءُونَ وَالْعَادِيَاتِ وَنَحْوِهَا مِنَ السُّوَرِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاكَ مَنْسُوخٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ. 814 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ السَّرْخَسِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ الْمُفَصَّلِ سُورَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَا كَبِيرَةٌ، إِلَّا وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ». === يقرأ بأطول السورتين الطويلتين يعني الأنعام والأعراف وصدق هذا الوصف على غير الأعراف لا يضر لأنه عينها بالبيان. بَابُ مَنْ رَأَى التَّخْفِيفَ فِيهَا 814 - قوله: "ما من المفصل سورة" هي السور التي بعد الحواميم إلى آخر القرآن والصلاة المكتوبة بعمومها تشمل المغرب فلذلك ذكر الحديث في هذا الباب والله تعالى أعلم. قوله: "فلا أدري أنسي" إلخ قال ذلك بناء على أنه خلاف المعتاد والأصل هو العمد فهو دليل على جواز ذلك والله تعالى أعلم.

باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

815 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّهُ «صَلَّى خَلْفَ ابْنِ مَسْعُودٍ الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ». بَابُ الرَّجُلِ يُعِيدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ 816 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ جُهَيْنَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا» فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا. بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ 817 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَصْبَغَ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: «كَأَنِّي أَسْمَعُ صَوْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِي الْكُنَّسِ». بَابُ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاتِهِ [بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ] 818 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ === بَابُ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاتِهِ [بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ] 818 - قوله: "أمرنا بفاتحة الكتاب وما تيسر" ظاهر هذا الحديث وبعض

أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «أُمِرْنَا أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ». 819 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَصْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْرُجْ فَنَادِ فِي الْمَدِينَةِ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقُرْآنٍ وَلَوْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فَمَا زَادَ. 820 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ: «أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فَمَا زَادَ. === أحاديث الباب وجوب الفاتحة وشيء من القرآن سواها، إلا أن يقال أريد بالأمر ما يعم أمر إيجاب وأمر ندب إما باستعمال المشترك في معنييه أو بعموم المشترك، أو لأن لفظ الأمر حقيقة فيما يعمها فيحمل الأمر بالنظر إلى الفاتحة على الوجوب وبالنظر إلى غيرها على الندب كما يفيده عنوان التيسير. 819 - قوله: "إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب" ظاهر أن الواجب هو القرآن لا الفاتحة إلا أن يقال لعل هذا اللفظ يكون من تصرفات الرواة، ويكون الصحيح هو اللفظ الذي بعد إذ الحديث واحد فلا بد أن يكون أحد اللفظين فيه من تصرفات الرواة، فيحمل هذا اللفظ على أنه من التصرفات لأنه خلاف ما علم من الأحاديث الأخر من وجوب الفاتحة. قوله: "فما زاد" يحتمل، أن تقديره فما زاد فهو حسن فلا يلزم وجوب غير الفاتحة. والله تعالى أعلم.

821 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ، مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زَهْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» قَالَ: فَقُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ الْإِمَامِ قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي، وَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا يَا فَارِسِيُّ فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ: فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَءُوا يَقُولُ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَمِدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَثْنَىعَلَيَّ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، يَقُولُ اللَّهُ: هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ === 821 - قوله: "خداج" بكسر الخاء المعجمة أي غير تامة، وقوله: "غير تمام" تفسير له وهذا ليس بنص في افتراض الفاتحة بل يحتمل الافتراض وعدمه وكأنه لذلك عدل عنه إلى حديث: "قسمت الصلاة" (¬1) في معرض الاستدلال على اللزوم، وقوله: "في نفسك" أي سرًّا، ووجه دلالة حديث: "قسمت الصلاة" ¬

_ (¬1) أحمد 2/ 241، 285، 460، الموطأ 1/ 84، 85، مسلم في الصلاة (395/ 38)، والمصنف (821).

أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، يَقُولُ اللَّهُ: فَهَؤُلَاءِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. 822 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصَاعِدًا»، قَالَ سُفْيَانُ: لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ. 823 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، === على المطلوب أن قسمة الفاتحة حصلت قسمة للصلاة واعتبرت الصلاة مقسومة باعتبارها، ولا يظهر ذلك إلا عند لزوم الفاتحة فيها ثم لا يخفى ما في الحديث من الدلالة على خروج البسملة من الفاتحة، والله تعالى أعلم. 822 - قوله: "فصاعدا" يحتمل أن تقديره فما كان صاعدًا فهو حسن والله تعالى أعلم. قوله: "لمن يصلي وحده" يريد أن عموم الحديث مخصوص بالمنفرد فلا قراءة على من صلى خلف الإمام، ولو قال هذا لم يكن خلف الإمام يشمل الإمام كان أحسن. و"هذًّا" أي نهذ هذّا؛ أي نسرع إسراعًا ونسرد سردًا، والمقصود بيان أن قراءتهم لكونها على الاستعجال لا تمنعهم عن الاستماع فهم يجمعون بين القراءة والاستماع. 823 - وقوله: "إِلا بفاتحة الكتاب" استثناء من النهي فلا يدل على الافتراض بل يكفي فيه الإباحة والحل عند القايل بمفهوم الاستثناء، وأما من لا يقول بمفهومه

قَالَ: كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ» قُلْنَا: نَعَمْ هَذًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا». 824 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ نَافِعٌ: أَبْطَأَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَقَامَ أَبُو نُعَيْمٍ الْمُؤَذِّنُ الصَّلَاةَ فَصَلَّى أَبُو نُعَيْمٍ بِالنَّاسِ، وَأَقْبَلَ عُبَادَةُ وَأَنَا مَعَهُ، حَتَّى صَفَفْنَا خَلْفَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فَجَعَلَ عُبَادَةُ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ لِعُبَادَةَ: سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَأَبُو نُعَيْمٍ يَجْهَرُ، قَالَ: أَجَلْ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ قَالَ: فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا === فهو في حكم المسكوت عنه عنده، لكن هاهنا يفهم الافتراض من التعليل بقوله: "فإنه لا صلاة" إلخ فإنه بظاهره يفيد افتراض الفاتحة لمن خلف الإمام، إلا أن يقال معنى التعليل أن الفاتحة فرض في الجملة أي ولو في حق من لم يكن خلف الإمام، فلو اهتم بمثله المقتدي فأتى بالفاتحة خلف الإمام، وما اكتفى بالقراءة الحكمية التي هي قراءة الإمام فإنها قراءة له حكمًا لكان له وجه، وإن لم تكن الفاتحة فرضًا في حق المقتدي وهذا تأويل بعيد، والله تعالى أعلم. 824 - "وينازعني القرآن" أي يعجزني عن القراءة ويغلب علي فلا أقدر على

باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ: «هَلْ تَقْرَءُونَ إِذَا جَهَرْتُ بِالْقِرَاءَةِ؟ »، فَقَالَ بَعْضُنَا: إِنَّا نَصْنَعُ ذَلِكَ، قَالَ: "فَلَا، وَأَنَا أَقُولُ: مَا لِي يُنَازِعُنِي الْقُرْآنُ، فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِذَا جَهَرْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ". 825 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عُبَادَةَ، نَحْوَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالُوا: فَكَانَ مَكْحُولٌ، يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سِرًّا، قَالَ مَكْحُولٌ: اقْرَأْ بِهَا فِيمَا جَهَرَ بِهِ الْإِمَامُ إِذَا قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَسَكَتَ سِرًّا فَإِنْ لَمْ يَسْكُتِ اقْرَأْ بِهَا قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ لَا تَتْرُكْهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ. بَابُ مَنْ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ 826 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ === قراءته. 825 - قوله: "وسكت" عطف على قرأ، وقوله: "سرًّا" متعلق باقرأ أي اقرأ سرًّا في سكتة الإمام. بَابُ مَنْ كَرِهَ الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِذَا جَهَرَ الْإِمَامُ 826 - قوله: "أنازع (¬1) القرآن" على بناء المفعول والقرآن منصوب بتقدير في ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط "أأنازع القرآن".

فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِيَ أَحَدٌ مِنْكُمْ آنِفًا؟ »، فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ؟ »، قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى حَدِيثَ ابْنِ أُكَيْمَةَ هَذَا مَعْمَرٌ، وَيُونُسُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَلَى مَعْنَى مَالِكٍ. 827 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيِّ، وَابْنِ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ أُكَيْمَةَ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً نَظُنُّ أَنَّهَا الصُّبْحُ بِمَعْنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ: «مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ»، قَالَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ مَعْمَرٌ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْتَهَى النَّاسُ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ: مِنْ بَيْنِهِمْ، قَالَ سُفْيَانُ: وَتَكَلَّمَ الزُّهْرِيُّ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّهُ قَالَ: فَانْتَهَى النَّاسُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَانْتَهَى حَدِيثُهُ إِلَى قَوْلِهِ: «مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ»، وَرَوَاهُا لْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ فِيهِ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: === القرآن؛ أي أجاذب في قراءته كأني أجذبه إليّ من غيري وغيري يجذبه مني إليه، كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه، والله تعالى أعلم.

باب من رأى القراءة إذا لم يجهر

فَاتَّعَظَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ فَلَمْ يَكُونُوا يَقْرَءُونَ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: قَوْلُهُ: فَانْتَهَى النَّاسُ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ. بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر 828 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ الْمَعْنَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَرَأَ خَلْفَهُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ؟ »، قَالُوا: رَجُلٌ، قَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو الْوَلِيدُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: أَلَيْسَ قَوْلُ سَعِيدٍ أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ؟ قَالَ: ذَاكَ إِذَا جَهَرَ بِهِ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: قُلْتُ لِقَتَادَةَ: كَأَنَّهُ كَرِهَهُ قَالَ: لَوْ كَرِهَهُ نَهَى عَنْهُ. 829 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ فَلَمَّا انْفَتَلَ، قَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟ »، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَقَالَ: «عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا». === بَابُ مَنْ رَأَى الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَجْهَر 828 - قوله "خالجنيها" أي جاذبيتها ونازعنيها والضمير للسورة أو القراءة، والله تعالى أعلم. 829 - قوله: "فلما انفتل" أي انصرف وفرغ وسلم من الصلاة.

باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

بَابُ مَا يُجْزِئُ الْأُمِّيَّ وَالْأَعْجَمِيَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ 830 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَفِينَا الْأَعْرَابِيُّ وَالْأَعْجَمِيُّ، فَقَالَ: «اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقِدْحُ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ». 831 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ وَفَاءِ بْنِ شُرَيْحٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَنَحْنُ نَقْتَرِئُ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ كِتَابُ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَفِيكُمُ الْأَحْمَرُ وَفِيكُمُ الْأَبْيَضُ وَفِيكُمْا لْأَسْوَدُ، اقْرَءُوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَوَّمُ === بَابُ مَا يُجْزِئُ الْأُمِّيَّ وَالْأَعْجَمِيَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ 830 - قوله "وفينا الأعرابي والأعجمي" أي فهم لا يقيمون القرآن، وقوله "فكلٌّ حسن" يدل على عدم وجوب التجويد و"القدح" بكسر فسكون السهم: وقوله: "يتعجلونه" أي أجره كما في الرواية الآتية أو يسرعون في قراءته فيقرؤون بلا فهم وتدبر. 831 - وقوله: "عن وفاء بن شريح" (¬1) هو بواو ثم فاء ومد. ¬

_ (¬1) وفاء بن شريح الحضرمي، المصري مقبول من الرابعة التقريب 2/ 231.

السَّهْمُ يُتَعَجَّلُ أَجْرُهُ وَلَا يُتَأَجَّلُهُ». 832 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ، قَالَ: " قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا لِي، قَالَ: " قُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي "، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلَأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ». 833 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي التَّطَوُّعَ نَدْعُو === قوله: "يتعجل أجره" يريد به الأجر في الدنيا دون الآخرة. 832 - قوله: "ما يجزئني" من الإجزاء أي ما يكفيني بدل القرآن في الصلاة، وهذا يدل على أن العاجز عن القرآن يأتي بالتسبيحات والأدعية ولا يقرأ ترجمه القرآن بعبارة أخرى غير نظم القرآن، وقوله: "هذا لله" قال إما جهلًا بأن ما كان لله يكفيه عما كان له فالثناء على الله والاكتفاء به من أعظم أقسام الدعاء وأتمه، وإما بناءً على أنه علم أن الصلاة مقسومة بين الله وبين العبد وذكر الصلاة المعتاد مشتمل على ما لله وما للعبد فينبغي أن يكون الذكر النائب عن ذلك كذلك، والله تعالى أعلم.

باب تمام التكبير

قِيَامًا وَقُعُودًا، وَنُسَبِّحُ رُكُوعًا وَسُجُودًا». 834 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، مِثْلَهُ لَمْ يَذْكُرِ التَّطَوُّعَ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ، يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِمَامًا أَوْ خَلْفَ إِمَامٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ قَدْرَ ق، وَالذَّارِيَاتِ. بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ 835 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ «إِذَا سَجَدَ كَبَّرَ وَإِذَا رَكَعَ كَبَّرَ، وَإِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ»، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا أَخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي وَقَالَ: لَقَدْ صَلَّى هَذَا قَبْلُ - أَوْ قَالَ: لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا قَبْلُ - صَلَاةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 836 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَبَقِيَّةُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، " كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ قَبْلَ أَنْ === بَابُ تَمَامِ التَّكْبِيرِ 835 - قوله: "صلى هذا" من قبيل أي قبل هذا الوقت الحاضر وأراد الصلاة السابقة، وإنما قال ذلك لأن بعض الناس قد تركوا تكبيرات الانتقال وهو المراد بما سيجيء وكان لا يتم التكبير أي لا يأتي به في الانتقال.

باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

يَسْجُدَ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي اثْنَتَيْنِ " فَيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَقُولُ: حِينَ يَنْصَرِفُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَقْرَبُكُمْ شَبَهًا بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلَاتُهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ يَجْعَلُهُ مَالِكٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ وَغَيْرِهِمَا، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَوَافَقَ عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، شُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. 837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِمْرَانَ - قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: الشَّامِيِّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلَانِيُّ - عَنِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَعْنَاهُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ لَمْ يُكَبِّرْ وَإِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يُكَبِّرْ». بَابُ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ 838 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ === بَابُ كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ الظاهر إسقاط كيف؛ إذ ما ذكر في الباب كيفية الوضع بل ذكر أصل الوضع إلا أن يقال التقدير كيف الأمر يضع ركبتيه قبل يديه أو بالعكس فليتأمل. 838 - قوله: "وإذا نهض" أي قام.

هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ». 839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّلَاةِ، قَالَ: فَلَمَّا سَجَدَ وَقَعَتَا رُكْبَتَاهُ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ كَفَّاهُ، قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمِثْلِ هَذَا، وَفِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا: وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ: وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذِهِ. 840 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: === 839 - قوله: "وقعتا ركبتاه" في الموضعين في قبيل {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬1) قوله: "فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه ... " إلخ يعني فلا يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه وليضع يديه قبل ركبتيه وبه قال البعض، وقال آخرون بما سبق والأقرب أن النهي للتنزيه، وما سبق بيان الجواز، فإن قيل: كيف شبه وضع الركبة قبل اليدين ببروك الجمل مع أن الجمل يضع يديه قبل رجليه، قلت: لأن ركبة الإنسان في الرجل وركبة الدواب في اليد، فإذا وضع ركبتيه أولًا فقد شابه الجمل في البروك كذا في الفاتيح. ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: الآية 3.

باب النهوض في الفرد

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ». 841 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَيَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ الْجَمَلُ». بَابُ النُّهُوضِ فِي الْفَرْدِ 842 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ === 841 - قوله: "يعمد أحدكم في صلاته فيبرك" ألخ هو على حذف حرف الإنكار أي أيعمد، وقوله: "فيبرك" بالنصب على جواب الاستفهام، فيوافق الرواية السابقة وفي بعض النسخ يبرك بلا فاء فهو حال، ويحتمل على بعد أنه من قبيل وضع الخبر موضع الأمر أي ينبغي أن يعمد فيوافق هذه الرواية لما تقدم من فعله أنه إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه والله تعالى أعلم. بَابُ النُّهُوضِ فِي الْفَرْدِ أي القيام من الركعة الأولى أو الثالثة. 842 - قوله: "وما أريد الصلاة" أي فقط أو أصالة أو إيقاعها في مسجدكم، وليس المراد أنه يصلي لهم بلا نية إذ لم تصح الصلاة بلا نية، بل المراد أن الباعث الأصلي على الصلاة في مسجدكم، وحاصل أحاديث الباب ثبوت جلسة

أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، إِلَى مَسْجِدِنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: كَيْفَ صَلَّى؟ قَالَ: مِثْلَ صَلَاةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِي عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ إِمَامَهُمْ - وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ «إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الْآخِرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَعَدَ، ثُمَّ قَامَ». 843 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ، إِلَى مَسْجِدِنَا، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، قَالَ: «فَقَعَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ === الاستراحة، وحملها من لا يقول على أنه صلى الله عليه وسلم فعلها في آخر عمره حين ثقل ولم يفعل قصدًا، والسنة ما فعله قصدًا لا ما فعله بسبب آخر، لكن ورد عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمالك وأصحابه: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (¬1) وأقل ذلك أن يكون مستحبًا، وأيضًا قد جاء الأمر بها في حديث الأعرابي المسيء صلاته (¬2)، والعجب أنهم يحملون جلسة الاستراحة على أنها كانت في آخر عمره، ثم يقولون أن ما رواه مالك بن الحويرث من رفع اليدين عند الركوع مع جلسة الاستراحة منسوخ، وكيف يكون منسوخًا إذا كان في آخر عمره، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أحمد 5/ 53، والبخاري في الأدب (6008). (¬2) البخاري في الاستئذان باب من رد فقال عليك لسلام (6251) ومسلم في الصلاة باب وجوب قراءة الفاتحة (397/ 45)، والنسائي في الافتتاح 2/ 96.

باب الإقعاء بين السجدتين

الْآخِرَةِ». 844 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ، لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا». بَابُ الْإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ 845 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: قُلْنَا لِابْنِ عَبَّاسٍ: فِي الْإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِي السُّجُودِ، فَقَالَ: «هِيَ السُّنَّةُ»، قَالَ: قُلْنَا: «إِنَّا لَنَرَاهُ جُفَاءً بِالرَّجُلِ»، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === بَابُ الْإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ 845 - قوله: "الإقعاء على القدمين" فسر هذا الإقعاء بأن ينصب القدمين ويجلس عليهما، بخلاف إقعاء الكلب فإنه نصب الساقين ووضع الإليتين واليدين على الأرض؛ وقوله: "لنراه" بفتح حرف المضارعة وضبطه بعضهم بالضم أي لنظنه وهو بيد، وقوله: "جفاء بالرجل" بكسر الراء وسكون الجيم أي بالقدم كما في رواية أحمد (¬1)، وبفتح الراء وضم الجيم أي بالإنسان أعم من أن يكون رجلًا أو امرأة ضرورة أن خصوصية الرجل في مثل هذا غير منظور إليها، ويؤيده رواية ابن أبي خيثمة "جفاء بالمرء" والوجهان صحيحان، وتغليط أحدهما وتعيين الأخر لغو من القول. ¬

_ (¬1) أحمد 1/ 146.

باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ 846 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَوَاتِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ، هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، قَالَ سُفْيَانُ: " لَقِينَا الشَّيْخَ عُبَيْدًا أَبَا الْحَسَنِ، بَعْدُ، فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ: بَعْدَ الرُّكُوعِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُبَيْدٍ، قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ. 847 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، ح وحَدَّثَنَا === بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ 846 - قوله: "ملء السموات" تمثيل وتقريب والمراد تكثير العدد أو تعظيم القدر، و"ملء" ما شئت من شيء بعد" كالعرش والكرسي ونحوهما، قال النووي: بكسر الميم وبنصب الهمزة بعد اللام ورفعها والأشهر النصب ومعناه لو كان جسمًا لملاها لعظمته (¬1) اهـ. 847 - وقوله: "أهل الثناء" بالنصب على الاختصاص أو المدح أو بتقدير ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 193.

مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، كُلُّهُمْ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: حِينَ يَقُولُ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ - قَالَ مُؤَمَّلٌ: مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ -، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ - زَادَ مَحْمُودٌ: وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا - وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ "، وَقَالَ بِشْرٌ: «رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ»، لَمْ يَقُلْ: «اللَّهُمَّ»، لَمْ يَقُلْ مَحْمُودٌ: «اللَّهُمَّ»، قَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». 848 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". 849 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: "لَا يَقُولُ الْقَوْمُ خَلْفَ الْإِمَامِ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُونَ: رَبَّنَا لَكَ === يا أهل أو بالرفع بتقدير أنت أهل الثناء، وقوله: "أحق ما قال العبد" إما مبتدأ خبره لا مانع إلخ، وجملة "كلنا لك عبد" ما قال، وقوله: "لا مانع" دعاء مستقل وما في أعطيت تعم العقلاء وغيرهم و "الجد" البخت، ومن في قوله: "منك" بمعنى عند أو بمعنى بدل أي لا ينفع بدل طاعتك وتوفيقك البخت والحظوظ.

باب الدعاء بين السجدتين

الْحَمْدُ". بَابُ الدُّعَاءِ بَينَ السَّجْدَتَينِ 850 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا زَيدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا كَامِلٌ أَبُو الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَينَ السَّجْدَتَينِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي". بَابُ رَفْعِ النِّسَاءِ إِذَا كُنَّ مَعَ الرِّجَالِ رُءُوسَهُنَّ مِنَ السَّجْدَةِ 851 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَوْلًى لِأَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ مِنْكُنَّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا تَرْفَعْ رَأْسَهَا حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ رُءُوسَهُمْ، كَرَاهَةَ أَنْ يَرَينَ مِنْ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ". بَابُ طُولِ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السَّجْدَتَينِ 852 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيلَى، عَنِ الْبَرَاءِ، "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ سُجُودُهُ، وَرُكُوعُهُ، وَقُعُودُهُ، وَمَا بَينَ السَّجْدَتَينِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ".

باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

853 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ أَوْجَزَ صَلَاةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَامٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَسْجُدُ، وَكَانَ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ". 854 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " رَمَقْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ أَبُو كَامِلٍ: رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ كَرَكْعَتِهِ، وَسَجْدَتِهِ وَاعْتِدَالَهُ فِي الرَّكْعَةِ كَسَجْدَتِهِ، وَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَسَجْدَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالِانْصِرَافِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُسَدَّدٌ: === بَابُ طُولِ الْقِيَامِ مِنَ الرُّكُوعِ وَبَينَ السَّجْدَتَينِ 853 - قوله: "في تمام" أي مع تمام لأركان الصلاة والحدود، وقوله: "قد أوهم" أي نسي أنه في الصلاة أو في القومة، والمراد نقول أي في القلب لا باللسان، ولعل هذا القول مع ذلك ممن يحضر منهم على قله إذ لا يناسب هذا مما يشاهد هذا الحال دائمًا أو غالبًا، والله تعالى أعلم. 854 - قوله: "ركعته" أي نظرت إليه، والركعة الركوع "وسجدته" بالجر عطف على الركعة واعتداله في الركعة بالنصب عطف على القيام والمراد به القومة، وقوله: "وسجدته ما بين التسليم والانصراف" أي في صورة سجود السهو.

باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

فَرَكْعَتُهُ وَاعْتِدَالُهُ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَجْدَتُهُ، فَجِلْسَتُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَسَجْدَتُهُ، فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالِانْصِرَافِ، قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ. بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 855 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ». 856 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاضٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْمُثَنَّى، === قوله: "بين الركعتين" أي بين الركوع والسجود ففيه تغليب. بَابُ صَلَاةِ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 855 - قوله: "يقيم ظهره" أي يعتدل ويسوي والمقصود الطمأنينة في الركوع والسجود، ولذا قال الجمهور بافتراض الطمأنينة والمشهور من مذهب أبي حنيفة ومحمد عدم الافتراض، لكن نص الطحاوي في آثاره على أن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود وهو الأقرب إلى الأحاديث (¬1) والله فعالى أعلم. 856 - قوله: "فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا" أو لعله ¬

_ (¬1) الطحاوي في شكل الآثار 1/ 232، 233.

حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، فَرَجَعَ الرَّجُلُ، فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ»، ثُمَّ قَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا»، قَالَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ === صلى الله تعالى عليه وسلم أمهله إلى أن يسأل ليكون أوقع في ذهنه؛ لأن الشيء بعد الطلب يكون أوقع في النفس، وقيل أعرض عنه أولًا لأنه أعرض عن السؤال فكأنه عدّ نفسه عالمًا فعامله معاملته زجرًا وتأديبًا له، وإلا كان اللائق به الرجوع إلى السؤال أول الأمر، وبالجملة فليس فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة بل تأخيره إلى وقت إظهار الحاجة ليكون أنفع، والله تعالى أعلم، وقوله: "ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" ظاهره أن الغرض مطلق القرآن كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا خصوص الفاتحة كما هو قول الجمهور، إلا أن يحمل على الفاتحة بناء على أنها المتيسرة عادة أو يقال أن الأعرابي لكونه جاهلًا عادة اكتفى منه بما تيسر مطلقًا، والله تعالى أعلم.

أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ، وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ هَذَا شَيْئًا، فَإِنَّمَا انْتَقَصْتَهُ مِنْ صَلَاتِكَ»، وَقَالَ فِيهِ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ. 857 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، فَيَضَعَ الْوُضُوءَ - يَعْنِي مَوَاضِعَهُ - ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ". 858 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ === 858 - قوله: "كما أمره الله فيغسل وجهه" الظاهر أن المراد به الأمر الواقع في قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} (¬1) الآية وهذا الحديث في غسل ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية 6.

عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، بِمَعْنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحْمَدَهُ، ثُمَّ يَقْرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَتَيَسَّرَ»، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادٍ، قَالَ: " ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْجُدَ فَيُمَكِّنَ وَجْهَهُ - قَالَ هَمَّامٌ: وَرُبَّمَا قَالَ: جَبْهَتَهُ مِنَ الْأَرْضِ - حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدِهِ وَيُقِيمَ صُلْبَهُ "، فَوَصَفَ الصَّلَاةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى تَفْرُغَ، لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ. 859 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، - بِهَذِهِ الْقِصَّةِ -، قَالَ: «إِذَا قُمْتَ فَتَوَجَّهْتَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَبِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ، وَإِذَا رَكَعْتَ فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَامْدُدْ ظَهْرَكَ»، وَقَالَ: «إِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا رَفَعْتَ فَاقْعُدْ عَلَى فَخِذِكَ الْيُسْرَى». === الرجلين محتمل كالآية نعم قد جاء في صحيح ابن خزيمة من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه "ثم يغسل قدميه كما أمر الله" (¬1) وهو ظاهر في البيان فيدل على أن المراد في الآية غسل الرجلين لا مسحهما، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) صحيح ابن خزيمة في جماع أبواب الوضوء وسنن 1/ 85 (128).

860 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْقِصَّةِ - قَالَ: «إِذَا أَنْتَ قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ، فَكَبِّرِ اللَّهَ تَعَالَى، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ» وَقَالَ فِيهِ: «فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ، وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى ثُمَّ تَشَهَّدْ، ثُمَّ إِذَا قُمْتَ فَمِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِكَ». 861 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَصَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ فِيهِ: «فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ، ثُمَّ تَشَهَّدْ، فَأَقِمْ ثُمَّ كَبِّرْ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ بِهِ، وَإِلَّا فَاحْمَدِ اللَّهَ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ»، وَقَالَ فِيهِ: «وَإِنِ انْتَقَصْتَ مِنْهُ شَيْئًا انْتَقَصْتَ مِنْ صَلَاتِكَ». 862 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحَكَمِ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ === 862 - قوله: "عن نقر الغراب" هو تخفيف السجود بحيث لا يمكن فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله، وقوله: "أن يوطن الرجل" إلخ أي أن يتخذ لنفسه من المسجد مكانًا معينًا لا يصلي إلا فيه كالبعير لا يبرك من عطنه إلا في مبرك قديم والله تعالى أعلم.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبْعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ»، هَذَا لَفْظُ قتَيْبَةَ. === قوله: "قال فنسبني" هو بالتخفيف من حد نصر وضرب أي سألني عن أن أذكر له نسبي فانتسبت له أي ذكرت له نسبي، وقوله: "إن أول ما يحاسب النَّاس به" أي في حقوق الله، وأمَّا ما في حقوق العباد فقد جاء أن الأول فيها الدَّماء وبه اندفع التعارض بين الحديثين، و "كتبت له تامة" أي قدرت وسجَّلت وأثيب العبد على تمامها، ويحتمل أن يكون هناك كتابة ثانية للأعمال، ويحتمل أن المراد به كتابة الدُّنيا على معنى، فيجدها مكتوبة تامة وظهر له كتابتها تامة، ولو حمل على كتابة الدُّنيا بلا تأويل كان له وجه، والله تعالى أعلم، وقوله: "أتموا لعبدي" يحتمل أن المراد إتمام ما فات من السنن والفريضة والخشوع والأذكار ونحو ذلك؛ فيحصل له بسبب فعل هذه الأشياء في النوافل ثواب فعل هذه الأشياء في الفرائض، ويحتمل إتمام ما فات من الفروض والشرايط في الفريضة بما أتى في النوافل من الفروض والشرائط، ويحتمل أن المراد ما ترك من الفرايض رأسًا فلم يصلها فيعوض عنها من التطوع وهذا من غاية كرمه وجوده على عباده فله الفضل والمنة، وقد رجح بعضهم الاحتمال الأخير بأنه جعل الزكاة كالصلاة وليس في الزكاة إلَّا فرضها أو نفلها، فكما يكمل فرض الزكاة بنفلها كذلك الصَّلاة، قلت: يحتمل أن قلة الإخلاص في فرض الزكاة تجبر بالإخلاص في نفلها والله تعالى أعلم، "فجعلت يدي بالتثنية وكذلك ركبتي" يريد التطبيق وهو منسوخ بالاتفاق.

باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه»

863 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَالِمٍ الْبَرَّادِ، قَالَ: أَتَيْنَا عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ أَبَا مَسْعُودٍ، فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " فَقَامَ بَيْنَ أَيْدِينَا فِي الْمَسْجِدِ، فَكَبَّرَ، فَلَمَّا رَكَعَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ أَصَابِعَهُ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَافَى بَيْنَ مِرْفَقَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَامَ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ جَافَى بَيْنَ مِرْفَقَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَجَلَسَ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا، ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِثْلَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ فَصَلَّى صَلَاتَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي". بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ صَلَاةٍ لَا يُتِمُّهَا صَاحِبُهَا تُتَمُّ مِنْ تَطَوُّعِهِ» 864 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: خَافَ مِنْ زِيَادٍ، أَوْ ابْنِ زِيَادٍ، فَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَنَسَبَنِي، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: يَا فَتَى، أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، رَحِمَكَ اللَّهُ - قَالَ يُونُسُ: وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ»، قَالَ: " يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ". 865 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَلِيطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ. 866 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ: ثُمَّ الزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ. بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ووَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ 867 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَاسْمُهُ وَقْدَانُ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي، فَجَعَلْتُ يَدَيَّ بَيْنَ رُكْبَتَيَّ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ، فَعُدْتُ، فَقَالَ: «لَا تَصْنَعْ هَذَا، فَإِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ، فَنُهِينَا عَنْ ذَلِكَ، وَأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ». 868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا رَكَعَ

باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

أَحَدُكُمْ فَلْيَفْرِشْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَلْيُطَبِّقْ بَيْنَ كَفَّيْهِ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى اخْتِلَافِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ 869 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ: عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ»، فَلَمَّا نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قَالَ: «اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ». === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ 869 - "اجعلوها في ركوعكم" أي اجعلوا التسبيح المستفاد منها وجاء بيان ذلك التسبيح بسبحان ربي العظيم وهذا يفيد أن لفظ الاسم في قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (¬1) مقحم، وكذا قوله: "اجعلوها في سجودكم" ولعل وجه التخصيص أن الأعلى أبلغ من العظيم فجعل في الأبلغ تواضعًا وهو السجود، وأيضًا قد جاء: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (¬2) فربما يتوهم قرب المسافة فندب سبحان ربي الأعلى دفعا لذلك التوهم وأيضًا في السجود غاية انحطاط من العبد فناسبه أن يصف فيه ربه بالعلوِّ والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الواقعة: الآية (96). (¬2) الطّبرانيّ في الكبير (10014)، والبزار في كشف الأستار 1/ 363 (540)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 2/ 130 رواه الطّبراني في الكبير والبزار، وفيه مروان بن سالم، وهو ضعيف منكر الحديث.

870 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى أَوْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، بِمَعْنَاهُ زَادَ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ» ثَلَاثًا، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ» ثَلَاثًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ نَخَافُ أَنْ لَا تَكُونَ مَحْفُوظَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «انْفَرَدَ أَهْلُ مِصْرَ بِإِسْنَادِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، حَدِيثِ الرَّبِيعِ، وَحَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ». 871 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ: أَدْعُو فِي الصَّلَاةِ إِذَا مَرَرْتُ بِآيَةِ تَخَوُّفٍ، فَحَدَّثَنِي، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُسْتَوْرِدٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، وَفِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»، وَمَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا فَسَأَلَ، وَلَا بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا فَتَعَوَّذَ. 872 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ». === "سُبُّوح" أي هو أو أنت شرح بضم السِّين وفتحها وهو أقيس، والضم أكثر استعمالًا وكذا "قدوس" وهو من أبنية المبالغة، والمراد بهما التنزيه.

873 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، لَا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلَّا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ، قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ»، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً. 874 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَكَانَ يَقُولُ: «اللَّهُ أَكْبَرُ - ثَلَاثًا - ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ»، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ فَقَرَأَ الْبَقَرَةَ، ثُمَّ رَكَعَ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، === 873 - "سبحان ذي الجبروت" مبالغة الجبر وهو القهر، وكذلك "الملكوت" مبالغة الملك، والكبرياء قيل: هي العظمة والملك أو كمال الذّات وكمال الوجود؛ ولا يوصف بها إلَّا الله تعالى، قلت: عطف العظمة عليه يؤيد أن يفسر بالتفسير الثَّاني إذ العطف على الأول يصير تفسيرًا، ومقام المدح يأباه، وأيضًا لا يظهر هناك مخاطب يحتاج إلى التفسير، إلَّا أن يقال تحصل الفائدة بزيادة الملك على الأول والله تعالى أعلم.

باب [في] الدعاء في الركوع والسجود

فَكَانَ قِيَامُهُ نَحْوًا مِنْ رُكُوعِهِ، يَقُولُ: لِرَبِّيَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، فَكَانَ سُجُودُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، فَكَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَكَانَ يَقْعُدُ فِيمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوًا مِنْ سُجُودِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي»، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقَرَأَ فِيهِنَّ الْبَقَرَةَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالنِّسَاءَ، وَالْمَائِدَةَ، أَوِ الْأَنْعَامَ، شَكَّ شُعْبَةُ. بَابٌ [فِي] الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 875 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ === بَابٌ [فِي] الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ما سبق بيان أذكار الركوع والسجود وهذا بيان حكم الدعاء فيهما وما ورد من ذلك، وحاصل ما تشير إليه أحاديث الباب من الحكم هو جواز الدعاء فيهما لكن السجود أولى بالدعاء من الركوع، والركوع أولى بالتعظيم والأذكار والله تعالى أعلم. 875 - قوله: "أقرب ما يكون العبد من ربه" الظاهر أن "ما" مصدرية وكان تامة والجار متعلقة بالقرب، وليست "من" تفضيلية، والمعنى شاهد لذلك فلا يرد أن اسم التفضيل لا يستعمل إلَّا بأحد أمور ثلاثة لا بأمرين كالإضافة ومن، فكيف استعمل هاهنا بأمرين فافهم؟ وخبر "أقرب" محذوف أي حاصل له،

مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ». 876 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَشَفَ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، وَإِنِّي === وجملة "وهو ساجد" حال من ضمير حاصل أو من ضمير له والمعنى أقرب أكوان العبد من ربه تبارك وتعالى حاصل له حين كونه ساجدًا، ولا يرد على الأول أن الحال لا بد أن يرتبط بصاحبه ولا ارتباط هاهنا؛ لأنَّ ضمير "هو ساجد" للعبد لا لأقرب، لأنا نقول يكفي في الارتباط وجود الواو من غير حاجة إلى الضمير، مثل جاء زيد والشمس طالعة، وقوله: "فأكثروا الدعاء" أي في السجود، وقيل: في وجه الأقربية أن العبد في السجود داع لأنَّه أمر به والله تعالى قريب، ولأنَّ السجود غاية في الذل والانكسار وتعفير الوجه، وهذه الحالة أحب أحوال العبد، كما رواه الطبراني في الكبير بسند حسن عن ابن مسعود (¬1)، ولأن السجود أول عبادة أمر الله تعالى بها بعد خلق آدم فالمتقرب بها أقرب ولأن فيه مخالفة لإبليس في أول ذنب عصى الله به والله تعالى أعلم. 876 - قوله: "من مبشرات النبوة" أي ممَّا يظهر للنبي من المبشرات حالة النبوة، وهي بكسر الشين ما اشتمل على الخبر السَّار من وحي وإلهام ورؤيا وغيرها، ولا يخفى أن الإلهام للأولياء أيضًا باق، فكأن المراد لم يبق في الغالب ¬

_______ (¬1) سبق تخريجه قريبًا.

نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا، أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا الرَّبَّ فِيهِ، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ». 877 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ». === إلَّا الرؤيا الصالحة، وقوله: "يراها المسلم" أي المبشر بها أو يرى غيره لأجله، وقوله: "وإني نهيت" إلخ قيل ذلك لما في الركوع والسجود من الذكر والتسبيح فلو كانت قراءة القرآن فيهما لزم الجمع بين كلام الله وكلام غيره في محل واحد وكأنه كره ذلك، وفيه أن الركعة الأولى لا تخلو عن دعاء استفتاح فلزم من القراءة فيها الجمع فتأمل. وقوله: "فعظموا فيه الرَّبَّ" أي اللائق به تعظيم الرَّبّ فهو أولى من الدعاء وإن كان الدعاء، جائزًا أيضًا، فلا ينافي أنه كان يقول في ركوعه: "اللَّهم اغفر لي" (¬1)، وقوله: "فاجتهدوا" إلخ أي أنه محل لاجتهاد الدعاء وأن الاجتهاد فيه جائز بلا ترك أولوية، وكذلك التسبيح فإنَّه محل له أيضًا، و"قمن" بكسر الميم وفتحها أي جدير وخليق، قيل بفتح الميم مصدر وبكسرها صفة. 877 - قوله: "يتأول القرآن" أي يرى أن ذلك معنى قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (¬2) الآية وعمل بمقتضاه. ¬

_____ (¬1) النسائي في التطبيق 2/ 157، 183 وابن ماجه في إرثاث الصَّلاة 1/ 289. (¬2) سورة الحجر: الآية (98).

878 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ، وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ»، زَادَ ابْنُ السَّرْحِ: عَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ. 879 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَلَمَسْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ وَقَدَمَاهُ مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَعُوذُ === 878 - قوله: "دقه وجله" بكسر الدال وتشديد القاف وبكسر الجيم وتشديد اللام أي صغيره وكبيره. 879 - قوله: "فلمست المسجد" أي مسجد البيت أو موضع سجوده على العادة قيل: وعلى الثَّاني بفتح الجيم كما هو القياس لكن هذا القياس لم يسمع وإن جوزوه، ومعنى: "أعوذ برضاك" أي متوسلًا برضاك من أن تسخط وتغضب عليَّ، ومعنى: "أعوذ بك منك" أي أعوذ بصفات جمالك من صفات جلالك، فهذا إجمال بعد شيء من التفصيل وتعوذ بتوسل جميع صفات الجمال من صفات الجلال، وإلا فالتعوذ من الذّات مع قطع النظر عن شيء من الصفات لا يظهر، ومعنى: "لا أحصي ثناء عليك" أي لا أستطيع فردًا من ثنائك على شيء من نعمائك، وهذا بيان لكمال عجز البشر عن أداء حقوق الرَّبّ تعالى، ومعنى "أنت كما أثنيت" إلخ أي أنت الذي أثنيت على ذاتك ثناء يليق بك فلا

بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». === يقدر على أداء حق ثنائك، فالكاف زائدة، والخطاب في عائد الموصول بملاحظة المعني، نحو: أنا الذي سمتني أمي حيدرة، ويحتمل أن الكاف بمعني على والعائد إلى الموصول محذوف، أي ثابت دائم على الأوصاف الجليلة التي أثنيت بها على نفسك، والجملة على الوجهين في موضع التعليل، وفيه إطلاق لفظ النَّفس على ذاته تعالى بلا مشاكلة، وقيل: "أنت" تأكيد للمجرور في "عليك" فهو من استعارة المرفوع المنفصل موضع المجرور المتصل، إذ لا منفصل في المجرور، وما في "كما" مصدرية والكاف بمعنى مثل صفة ثناء، ويحتمل أن يكون "ما" على هذا التقدير موصولة أو موصوفة، والتقدير مثل ثناء أثنيته أي مثل الثّناء الذي أثنيته على أن العائد المقدر ضمير المصدر ونصبه على كونه مفعولًا مطلقًا، وإضافة المثل إلى المعرفة لا يضر في كونه صفة نكرة لأنَّه متوغل في الإبهام فلا يتعرف بالإضافة هذا، قال السيوطي: سئل عز الدين بن عبد السلام كيف يشبه ذاته بثنائه وهما في غاية التباين، فأجاب، : أن في الكلام حذفًا تقديره ثناؤك المستحق كثنائك على نفسك فحذف المضاف من المبتدأ، فصار الضمير المجرور مرفوعًا. اهـ وما ذكرنا مغن عن هذا، نعم الجواب وجه من الوجوه التي يمكن ذكرها في تحقيق الحديث، بقي أن السؤال غير ظاهر إذ كثيرًا ما يشبه أحد المتباينين بالآخر كالإنسان بالأسد لاشتراكهما في وجه الشبه، فيمكن اعتبار التشبيه بين الذّات والثناء بأن يقال كما أن الذّات، لا يشبهه ذات كذلك ثناؤه لا يشبهه ثناء، نعم اللائق حينئذ تشبيه الثّناء بالذات، والحاصل أن مجرد التباين لا يقتضي عدم استقامة التشبيه، فالسؤال قاصر، والله تعالى أعلم.

باب الدعاء في الصلاة

بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ 880 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ، » فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ». 881 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ === بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ 880 - قوله: "من فتنة المحيا والممات"، هما الحياة والموت وفتنة الحياة ما يعرض للإنسان في حياته من الافتتان بالدنيا والمحن والبليات، وفتنة الموت ما يعرض عند شدة السكرة وحضور الشيطان نعوذ بالله منها، "والمأثم" الإثم، و"المغرم" الدين، فالأول إشارة إلى حقوق الله تعالى، والثاني إلى حقوق العباد، قيل: المراد بالدين دين ما يكرهه الله تعالى، أو دين يعجز الإنسان عن أدائه، وإلا فالدين في الحق مع عدم العجز عن أدائه لا يستعاذ منه، قال القاضي: واستعاذته صَلَّى الله تعالى عليه وسلم من هذه الأمور مع أنه قد عصم منها إنَّما هو لنلتزم خوف الله والافتقار إليه والاقتداء به، ولا يمتنع تكرير الطّلب مع تحقيق الإجابة إذ فيه تحصيل الحسنات ورفع الدرجات، ليبين لهم صفة الدعاء في الجملة. اهـ.

ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، وَيْلٌ لِأَهْلِ النَّارِ». 882 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي، وَمُحَمَّدًا، وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا» يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. 883 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا قَرَأَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، قَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «خُولِفَ وَكِيعٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ»، وَرَوَاهُ أَبُو وَكِيعٍ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا. 884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40]، قَالَ: «سُبْحَانَكَ»، فَبَكَى، فَسَأَلُوهُ

باب مقدار الركوع والسجود

عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي فِي الْفَرِيضَةِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ". بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 885 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: "رَمَقْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ، فَكَانَ يَتَمَكَّنُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا". 886 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ، عَوْنٌ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ». === بَابُ مِقْدَارِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ 886 - قوله: "وذلك أدناه" حمل على أنه أدنى الكمال، أو أدنى الذكر المسنون، أو أدنى ما يليق من الذكر لا على أنه أدنى الركوع المفروض؛ لأنَّ المفروض هو حد الطمأنينة عند الجمهور؛ بحديث: "لا تجزئ صلاة الرجل حتَّى يقيم" (¬1) وبحديث الأعرابي المسيئ صلاته. ¬

________ (¬1) أحمد 4/ 119، 122، والنَّسائيُّ في افتتاح الصَّلاة 2/ 143، 169 وابن ماجه في إقامة الصَّلاة 1/ 282، والبيهقيّ 2/ 88، 117.

887 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8]، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَانْتَهَى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40]، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَمَنْ قَرَأَ: وَالْمُرْسَلَاتِ، فَبَلَغَ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: 50]، فَلْيَقُلْ: آمَنَّا بِاللَّهِ "، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: ذَهَبْتُ أُعِيدُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْظُرُ لَعَلَّهُ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي، أَتَظُنُّ أَنِّي لَمْ أَحْفَظْهُ، لَقَدْ حَجَجْتُ سِتِّينَ حَجَّةً، مَا مِنْهَا حَجَّةٌ إِلَّا وَأَنَا أَعْرِفُ الْبَعِيرَ الَّذِي حَجَجْتُ عَلَيْهِ». 888 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ وَهْبِ بْنِ مَانُوسَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْفَتَى - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ - قَالَ: «فَحَزَرْنَا فِي === 887 - قوله: "سمعت أعرابيًّا"، في التقريب لا يعرف؛ ففي الإسناد جهالة ومع ذلك فالمتن لا يناسب الباب والله تعالى أعلم. قوله: "وانظر لعله" أي لعله يظهر لي حاله والله تعالى أعلم. 888 - قوله "فحزرنا" بتقديم المعجمة على المهملة أي قدرنا.

باب أعضاء السجود

رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قُلْتُ لَهُ: مَانُوسُ، أَوْ مَابُوسُ، قَالَ: أَمَّا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَيَقُولُ: مَابُوسُ، وَأَمَّا حِفْظِي فَمَانُوسُ، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ رَافِعٍ، قَالَ أَحْمَدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. بَابُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ 889 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ»، قَالَ حَمَّادٌ: «أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ، وَلَا يَكُفَّ شَعْرًا، وَلَا ثَوْبًا». 890 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ»، وَرُبَّمَا قَالَ: «أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ آرَابٍ». 891 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ، وَجْهُهُ، وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ». 892 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ

باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع؟

أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَفَعَهُ قَالَ: «إِنَّ الْيَدَيْنِ تَسْجُدَانِ كَمَا يَسْجُدُ الْوَجْهُ، فَإِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَهُ فَلْيَرْفَعْهُمَا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ؟ 893 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَهُمْ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الْعَتَّابِ، وَابْنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ الْإِمَامَ سَاجِدًا كَيْفَ يَصْنَعُ؟ 893 - قوله: "زيد بن أبي العتاب (¬1) " كعلَّام. قوله: "ولا تعدوها شيئًا" أي لا تحسبوا تلك السجدة ركعة من الصلاة، وقوله: "من أدرك الركعة" أي الركوع مع الإمام "فقد أدرك الصَّلاة" أي تلك الركعة التي أدرك ركوعها. قوله "على سبعة أعضاء" وسيجيء، وقوله: "ولا يكف" أي لا يضم ولا يجمع ثوبًا أو شعرًا صونًا له من الأرض بل يرسلها ويتركهما حتَّى يقعا إلى الأرض فيكون الكل ساجدًا. ¬

______ (¬1) زيد بن أبي عتّاب مولى أم حبيبة ويقال: مولى أخيها معاوية، روى عن أبي هريرة ومعاوية، وعنه زياد بن سعد وسعيد بن أبي أيوب وغيرهم قال إسحاق بن منصور بن معين: ثقة. التهذيب 3/ 417، 418.

باب السجود على الأنف والجبهة

الرَّكْعَةَ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ». بَابُ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ 894 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ عَلَى جَبْهَتِهِ، وَعَلَى أَرْنَبَتِهِ أَثَرُ طِينٍ مِنْ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ». 895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ نَحْوَهُ. بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ 896 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: وَصَفَ لَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ === قوله: "آراب" بهمزة ممدودة أي أعضاء جمع إرب بكسر فسكون. بَابُ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ 894 - قوله: "على أرنبة" بفتح فسكون ففتح هي طرف الأنف، وبهذا تبيّن أن المراد بالوجه في أعضاء السجدة الجبهة والأنف، فكأنه لذلك ذكر هذا الحديث هاهنا تفسيرًا لذلك الحديث. بَابُ صِفَةِ السُّجُودِ 896 - قوله: "ورفع عجيزته" أي عجزه والعجز مؤخر الشيء، والعجيزة

عَجِيزَتَهُ، وَقَالَ: «هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ». 897 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَفْتَرِشْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ». 898 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ، جَافَى بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى لَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ تَحْتَ يَدَيْهِ مَرَّت». 899 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، الَّذِي يُحَدِّثُ بِالتَّفْسِيرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْفِهِ، فَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ وَهُوَ مُجَخٍّ، قَدْ === للمرأة فاستعارها للرجل. 897 - قوله: "اعتدلوا في السجود" أي توسطوا بين الافتراش والقبض بوضع الكفين على الأرض ورفع المرفقين عنها والبطن عن الفخذ، وهو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة، وأبعد من الكسالة، و "افتراش الكلب" هو وضع المرفقين مع الكفين على الأرض. 898 - قوله: "بهمة" بفتح فسكون ولد الظأن. 899 - قوله: "وهو مجخ" بضم ميم ففتح جيم وتشديد خاء مشددة منونة بالكسر من جخّى كصلّى فهو مصلّ أي فاتح عضديه وجافاهما عن جنبيه ورفع

فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ». 900 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا أَحْمَرُ بْنُ جَزْءٍ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا سَجَدَ، جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، حَتَّى نَأْوِيَ لَهُ». 901 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَفْتَرِشْ يَدَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ، وَلْيَضُمَّ فَخْذَيْهِ». === بطنه على الأرض. 900 - قوله: "أحمر" بمهملات و "ابن جزء" (¬1) ككريم آخره همزة وقد تقلب ياء وتدغم أو كعمرو بلا ياء. قوله: "حتى نأوى له" من أوى من حد ضرب إذا رق وترحم أي حتَّى تروي وترق وترحم وتتألم أيها الرائي لأجله لما تراه في شدة وتعب بواسطة المبالغة في المجافاة وقلة الاعتماد، والله تعالى أعلم. 901 - قوله: "دراج" كعلام إلخ آخره جيم و"حجيرة" بتقديم المهملة المضمومة على الجيم المفتوحة. ¬

_ (¬1) أحمد جزء، صحابي تفرد الحسن بالرواية عنه. التقريب 1/ 49.

باب الرخصة في ذلك للضرورة

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ 902 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اشْتَكَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَقَّةَ السُّجُودِ عَلَيْهِمْ إِذَا انْفَرَجُوا، فَقَالَ: «اسْتَعِينُوا بِالرُّكَبِ». بَابٌ [فِي] التَّخَصُّرِ وَالْإِقْعَاءِ 903 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ صَبِيحٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، فَوَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى خَاصِرَتَيَّ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: «هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ === بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ 902 - قوله "استعينوا بالركب" ذكر السيوطي في حاشية التِّرمذيِّ قال ابن العربي: لما شكوا إليه المشقة قال: يكفيكم الاعتماد على الركب راحة، وقال صاحب التتمة: من طول السجدة ولحقه المشقة بالاعتماد على كفية يجوز له أن يضع ساعديه على ركبتيه بهذا الحديث. قلت: يحتمل أن يكون معناه يجوز ضم البطن إلى الفخذ، وترك التفريج حتَّى يكون اعتماد البدن كله على الركبتين فتكون الاستعانة بهما، وكلام المصنف يأبى المعنى الذي ذكره ابن العربي، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] التَّخَصُّرِ وَالْإِقْعَاءِ 903 - قوله: "هذا الصلب في الصَّلاة" أي شبه الصلب؛ لأنَّ المصلوب يمد باعه على الجذع، وهيئة الصلب في الصَّلاة أي يضع يديه على خاصرتيه ويجافى

باب البكاء في الصلاة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ». بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ 904 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنَ الْبُكَاءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ كَرَاهِيَةِ الْوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلَاةِ 905 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يَسْهُو فِيهِمَا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». 906 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ === بين عضديه في القيام. بَابُ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ 904 - قوله: "أزيز" بزائين معجمتين ككريم أي حنين من الخشية وهو صوت البكاء قيل وهو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء، وأزيز الرحى هو صوتها وجرجرتها، والله تعالى أعلم. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلَاةِ 906 - قوله: "يقبل بقلبه ووجهه" أي لا يتعمد الالتفات إلى ما لا يتعلق

باب الفتح على الإمام في الصلاة

بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ عَلَيْهِمَا، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». بَابُ الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ 907 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَحْيَى الْكَاهِلِيِّ، عَنِ الْمُسَوَّرِ بْنِ يَزِيدَ الْأَسَدِيِّ الْمَالِكِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَحْيَى وَرُبَّمَا قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا أَذْكَرْتَنِيهَا»، قَالَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: «كُنْتُ === بهما لا باطنًا ولا ظاهرًا. بَابُ الْفَتْحِ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ 907 - قوله: "عن المسور بن زيد" في الإصابة في أسماء الصّحابة: هو بضم أوله وفتح السِّين وتشديد الواو ضبطه عبد الغني وابن ماكولا وأورده البُخاريّ مع المسور بن مخرمة فاقتضى أنه مثله (¬1). ¬

_ (¬1) الإصابة 3/ 420 ترجمة (7995) والبخاري في تاريخه الكبير 8/ 40 ترجمة (2079) وقال في هامشه .. أقول: تقدَّم مسور بن مخرمة في باب رقم (1798) وما بعده، وأمَّا ابن أبي حاتم فذكر هذا في باب مسور مع ابن مخرمة.

باب النهي عن التلقين

أُرَاهَا نُسِخَتْ»، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُسَوَّرُ بْنُ يَزِيدَ الْأَسَدِيُّ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَلَّى صَلَاةً، فَقَرَأَ فِيهَا فَلُبِسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِأُبَيٍّ: «أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّلْقِينِ 908 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، لَا تَفْتَحْ عَلَى الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو إِسْحَاقَ، لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْحَارِثِ، إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ هَذَا مِنْهَا». بَابُ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ 909 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، === قوله: "فلبس" بضم لام وخفة ياء أي خلط ويمكن التشديد للمبالغة. بَابُ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ 909 - قوله: "سمعت أبا الأحوص" ضعَّفه ابن معين والحاكم ووثقه ابن

باب السجود على الأنف

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ، يُحَدِّثُنَا فِي مَجْلِسِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ، مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ». 910 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَشْعَثِ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ». بَابُ السُّجُودِ عَلَى الْأَنْفِ 911 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ === حبان واسمه غير معروف (¬1)، وقوله "في صلاته" أي في شأن صلاته، والله تعالى أعلم. 910 - قوله: "اختلاس" أي سلب الشيطان من كمال صلاته وضمير يختلسه منصوب على المصدرية. قوله: "في العرضة الرابعة" كأنه عرض الكتاب عليهم أربع مرات فلم يذكر هنا الحديث في المرة الرابعة، وكأنه لكونه تكرارًا من غير كثير فائدة. ¬

_ (¬1) أبو الأحوص مولى بني ليث ويقال مولى بني غفار روى عن أبي داود وأبي أيوب وأبي ذر، وعنه الزهري وحده، قال النَّسائيّ: لم نقف على اسمه ولا نعرفه ولا نعلم أحدًا روى عنه غير ابن شهاب، قال ابن معين ليس بشيء. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحاكم أبو أحمد ليس بالمتين عندنا. التهذيب 12/ 6.

باب النظر في الصلاة

أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رُئِيَ عَلَى جَبْهَتِهِ، وَعَلَى أَرْنَبَتِهِ أَثَرُ طِينٍ مِنْ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَقْرَأْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْعَرْضَةِ الرَّابِعَةِ. بَابُ النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ 912 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَهَذَا حَدِيثُهُ وَهُوَ أَتَمُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - قَالَ عُثْمَانُ: - قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَسْجِدَ، فَرَأَى فِيهِ نَاسًا يُصَلُّونَ رَافِعِي أَيْدِيهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقَالَ: "لَيَنْتَهِيَنَّ رِجَالٌ يَشْخَصُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ - قَالَ مُسَدَّدٌ فِي الصَّلَاةِ: - أَوْلَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ". 913 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ». === بَابُ النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ 912 - قوله: "رافعي أيديهم" أي وأبصارهم كما يفعل كثير من العوام حال الدعاء، وقوله: "يشخصون" من أشخص إذا رفع، أي لينتهين من إشخاص البصر. "أو لتخطفن" بفتح الفاء على بناء المفعول أي لتسلبن بسرعة.

914 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ، فَقَالَ: «شَغَلَتْنِي أَعْلَامُ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ». 915 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: وَأَخَذَ كُرْدِيًّا كَانَ لِأَبِي جَهْمٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْخَمِيصَةُ كَانَتْ خَيْرًا مِنَ الكُرْدِيِّ. === 914 - قوله: "خميصة" ثوب خز أو صوف له أعلام، وقوله: "بأنبجانيته" بألف مفتوحة ثم نون ساكنة ثم باء موحدة مكسورة أو مفتوحة هي كساء من صوف لا علم له وهي من أدون الثياب الغليظة، وكأنه صلَّى الله تعالى عليه وسلم أراد بطلب الأنبجانية بعد رد الخميصة أن لا ينكسر خاطره بالرد، ويرى أن الرد لمصلحة اقتضته الحال، والله تعالى أعلم، ولعل المراد بـ "شغلتني" أنه خاف أدنى نظر منه إلى الأعلام بالاتفاق أو وقع منه أدنى نظر اتفاقًا ولكون قلبه في غاية النظافة والطهارة من الأغيار، ظهر فيه أثر ذلك القدر كالثوب الأبيض بخلاف القلب المشتغل بالأشغال فإنَّه قد لا يظهر فيه أثر أضعاف ذلك، والله تعالى أعلم.

باب الرخصة في ذلك

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 916 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ هُوَ أَبُوكَبْشَةَ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: «ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ - يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ -، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَى الشِّعْبِ مِنَ اللَّيْلِ يَحْرُسُ». بَابُ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ 917 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 916 - قوله "إلى الشعب" بكسر معجمة وسكون مهملة وهو ما انفرج بين جبلين، وقيل الطريق فيه. بَابُ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ 917 - قوله: "وهو حامل أمامة" إلخ بضم الهمزة وهذا الفعل في الصَّلاة جائز عند الجمهور خلافًا للمالكية، فأجاب بعضهم عن الحديث بالحمل على النقل، أو على أن الصَّبية هي التي كانت تتعلق به صَلَّى الله تعالى عليه وسلم، ولا يخفى أن الحديث يأبى كل ذلك فإنَّه صريح في أن النَّبيَّ صَلَّى الله تعالى عليه

فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا». 918 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: «بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ، خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ صَبِيَّةٌ يَحْمِلُهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ، يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ، وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا». 919 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لِلنَّاسِ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، عَلَى عُنُقِهِ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَسْمَعْ مَخْرَمَةُ === وسلم هو الحامل لها والواضع، وسيجيء ما يدل على أن الصَّلاة كانت فرضًا مؤدّى بالجماعة، والله تعالى أعلم. قوله: "ضمضم" بفتح الضَّاد المعجمة وسكون الميم وتكرارهما، وقوله: "ابن جوس" (¬1) بفتح الجيم وسكون الواو وسين مهملة. ¬

_ (¬1) ضمضم بن جوس: بفتح الجيم وسكون الواو ثم مهملة، ويقال: ابن الحارث بن جوس اليمامي، ثقة، من الثالثة. التقريب 1/ 375.

مِنْ أَبِيهِ، إِلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا». 920 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ فِي الظُّهْرِ، أَوِ الْعَصْرِ، وَقَدْ دَعَاهُ بِلَالٌ لِلصَّلَاةِ، إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ بِنْتُ ابْنَتِهِ عَلَى عُنُقِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَلَّاهُ وَقُمْنَا خَلْفَهُ، وَهِيَ فِي مَكَانِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ»، قَالَ: «فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنَا»، قَالَ: «حَتَّى إِذَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَعَ، أَخَذَهَا فَوَضَعَهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ، ثُمَّ قَامَ، أَخَذَهَا فَرَدَّهَا فِي مَكَانِهَا، فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 921 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === 921 - قوله: "اقتلوا الأسودين" إطلاق الأسودين إما تغليبًا للحية على العقرب، أو لأنَّ عقرب المدينة تميل إلى السواد، والمصنف أخذ من الرخصة في القتل أن القتل لا يفسد الصَّلاة، لكن قد يقال يكفي في الرخصة انتفاء الاثم في إفساد الصَّلاة، وأمَّا بقاء الصَّلاة بعد هذا الفعل فلا تدل عليه الرخصه فتأمل،

باب رد السلام في الصلاة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْحَيَّةَ، وَالْعَقْرَبَ". 922 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، وَهَذَا لَفْظُهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا بُرْدٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحْمَدُ - يُصَلِّي وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَجِئْتُ فَاسْتَفْتَحْتُ - قَالَ أَحْمَدُ: - فَمَشَى فَفَتَحَ لِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَابَ كَانَ فِي الْقِبْلَةِ". بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ 923 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا». 924 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ === والله تعالى أعلم. بَابُ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ 923 - قوله: "فيرد علينا" بالقول حين كان الكلام مباحًا في الصَّلاة و"النجاشي" بفتح النون وقيل تكسر أيضًا وتخفيف الياء الساكنة وقيل وتشديدها. 924 - قوله: "ما قدم وما حدث" أصل حدث فتح الدال، لكن المشهور عند

أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ»، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. 925 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ اللَّيْثَ، === الازدواج ضم الدال فيهما يعني همومه وأفكاره القديمة والحديثة وقيل غلب عليَّ التفكر في أحوالي القديمة والحديثة أيهما كان سببًا لترك رد السلام، وقوله: "فرد على السلام" يقتضي جواز الرد مع الفصل وأن الشغل المانع عن الرد لا يمنع الرد أصلًا، وإنما يمنع عن كون الرد فورًا، وهذا هو الموافق لرده صَلَّى الله تعالى عليه وسلم عليه حال الاشتغال ببعض الحاجة، فإنَّه صَلَّى الله تعالى عليه وسلم قد رد عليه بعد التتميم، وقول البيهقي في المعرفة: في ثبوت رد السلام بعد فراغه نظر لأنَّ في إسنادها عاصم ابن أبي النجود وهو مختلف فيه (¬1)، وحديث غيره ليس فيهما ذلك. اهـ لا يخفى ما فيه فإنَّها زيادة مؤيدة لا يعارضها شيء، وجواز الرد بالإشارة لا يمنع جوازه بالقول مع التأخير، والله تعالى أعلم، والأقرب أن المارَّ يرد عليه بالإشارة والواقف يؤخر، والله تعالى أعلم. 925 - قوله: "عن نابل" بنون ثم جاء موحدة بينهما ألف. ¬

_ (¬1) البيهقي في معرفة السنن والآثار في كتاب الصَّلاة 3/ 297 ط. دار الوفاء.

حَدَّثَهُمْ عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَابِلٍ، صَاحِبِ الْعَبَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إِشَارَةً»، قَالَ: «وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ إِشَارَةً بِأُصْبُعِهِ»، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ. 926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلَقِ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا، ثُمَّ كَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا: وَأَنَا أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: «مَا فَعَلْتَ فِي الَّذِي أَرْسَلْتُكَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي». 927 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْخُرَاسَانِيُّ الدَّامِغَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ»، قَالَ: «فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي»، قَالَ: " فَقُلْتُ لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ "، قَالَ: «يَقُولُ هَكَذَا، وَبَسَطَ كَفَّهُ»، وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ، وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ. 928 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ === 926 - قوله: "ويومئ" بهمزة في آخره وقد يخفف بالياء. 928 - قوله: "لا غرار" بكسر الغين المعجمة ورائين والغرار النقصان وهو

باب تشميت العاطس في الصلاة

سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ، وَلَا تَسْلِيمٍ»، قَالَ أَحْمَدُ: «يَعْنِي فِيمَا أَرَى أَنْ لَا تُسَلِّمَ، وَلَا يُسَلَّمَ عَلَيْكَ، وَيُغَرِّرُ الرَّجُلُ بِصَلَاتِهِ فَيَنْصَرِفُ وَهُوَ فِيهَا شَاكٌّ». 929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُرَاهُ رَفَعَهُ، قَالَ: «لَا غِرَارَ فِي تَسْلِيمٍ، وَلَا صَلَاةٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ عَلَى لَفْظِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ. بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فِي الصَّلَاةِ 930 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، === على ما فسره أحمد أنه إذا شك في صلاته بين ثلاث ركعات وأربع مثلًا فليس له أن يبني على الأقل فينصرف وهو شاك، وأمَّا قوله. "ولا تسليم" فهو على ما فسره أحمد عطفٌ على قوله: "لا غرار" فيكون من قبيل لا حول ولا قوة إلَّا بالله في وجوهه، وجوزوا أنه مجرور معطوف على صلاة فيكون معناه أنه ليس لمن يرد السلام أن يقتصر على قوله وعليك ولا يقول السلام، وقيل من غرار الصَّلاة أن لا يتم هيئاتها أي ركوعها وسجودها. بَابُ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ فِي الصَّلَاةِ 930 - قوله: "فعطس رجل" من حد ضرب ونصر وفي حاشية السيوطي

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونِي - فَقَالَ عُثْمَانُ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي لَكِنِّي سَكَتُّ - قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَبِي وَأُمِّي مَا ضَرَبَنِي، وَلَا === بكسر الطاء وما طلعت عليه، وقوله: "فرماني القوم بأبصارهم" أي نظروا إلى نظر زجر كيلا أتكلم في الصَّلاة، والباء في أبصارهم للتعدية، وقوله: "واثكل أميّاه" بضم تاء وسكون كاف وبفتحها هو فقد الأم الولد و "أميَّاه" بكسر الميم أصله أمِّي زيدت عليه الألف لمد الصوت وهاء السكت وهي تثبت وقفًا لا وصلًا. قوله: "يصمتوني" من الصمت وهو التسكيت، وقوله: "لكني سكت" متعلق بمحذوف مثل أردت أن أخاصمهم وهو جواب لما، وقوله: "بأبي وأمي" أي هو، "ففدّى بهما" جمله معترضة. قوله: "ولا كهرني" أي ما انتهرني ولا أغلظ لي في القول أو ولا استقبلني بوجه عبوس، "من كلام الناس" أي ما جرى في مخاطباتهم ومحاوراتهم، وقوله: "وإنَّما هو" أي ما يحلَّ فيها من الكلام، "التسبيح" إلخ أي وأمثالها، وقوله: "الكهان" كالحكام جمع كاهن، والنهي عن إتيانهم، لأنهم يتكلمون في

كَهَرَنِي، وَلَا سَبَّنِي، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَحِلُّ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الْكُهَّانَ، قَالَ: «فَلَا تَأْتِهِمْ»، قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدُّهُمْ»، قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ === مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الإنسان بذلك، ولأنهم يلبسون على النَّاس كثيرًا من الشرائع واتباعهم حرام بإجماع المسلمين كما ذكروا، "والتطير" التفاؤل بالطير؛ مثلًا إذا شرع في حاجة وطارت الطير عن يمينه يراه مباركًا، وإن كان طار عن يساره يراه غير مبارك، وقوله: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم" أي ليس له أصل يستند إليه ولا له برهان يعتمد عليه ولا هو في كتاب نازل من لديه، وقيل معناه أنّه معفو لأنَّه يوجد في النفس بلا اختيار، نعم المشي على وفقه منهي عنه؛ لذلك قال فلا يصدهم أي لا يمنعهم عما هم فيه، ولا يخفى أن التفريع على هذا المعنى يكون بعيدًا، وقوله: "يخطون خطهم" معروف بينهم، وقوله: "وافق خطه" يحتمل الرفع والمفعول محذوف والنصب والفاعل ضمير وافق بحذف المضاف أي وافق خطه خط النَّبيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "فذاك" قيل معناه؛ أي فخطه مباح، ولا طريق لنا إلى معرفة الموافقة فلا يباح، وقيل: فذاك الذي تجدون إصابته فيما يقول لأنَّه أباح ذلك لفاعله.

الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» قَالَ: قُلْتُ: جَارِيَةٌ لِي كَانَتْ تَرْعَى غُنَيْمَاتٍ قِبَلَ أُحُدٍ، وَالْجَوَّانِيَّةِ، إِذِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهَا اطِّلَاعَةً، فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْهَا، وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَعَظُمَ ذَاكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا»، قَالَ: فَجِئْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟ »، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «مَنْ أَنَا؟ » قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». === قال النووي: قد اتفقوا على النَّهي عنه الآن (¬1) و "غنيمات" بالتصغير و "الجَّوانية"، بفتح جيم وتشديد واو بعد الألف نون ثم ياء مشددة، وحكى تخفيفها موضع بقرب أحد في شماليَّ المدينة، ذكره النووي (¬2)، وقوله: "إذا أطلعت" بتشديد الطاء و"آسف" بالمد وفتح السِّين أي أغضب، وقوله: "ولكني صككتها" أي فما صبرت لكني صككتها أي لطمتها، وقوله: "فعظم" بالتشديد أو التخفيف وعلي الأول "عليّ" بتشديد الياء وعلى الثَّاني بالتخفيف، وقوله: "أفلا أعتقها" أي عن بعض الكفارات الذي شرط فيه إسلام الرقبة، وقوله: "أين الله" قيل: معناه أي في أي جهة يتوجه المتوجهون إلى الله، وقولها: "في السماء" أي في جهة السماء يتوجهون، والمطلوب معرفة أن تعترف بوجوده سبحانه وتعالى لا إثبات الجهة، وقيل: التفويض أسلم (*). ¬

_ (¬1) و (¬2) مسلم بشرح النووي 5/ 23. (*) المعنى الصحيح لقول الجارية "في السماء" أي فوق الماء ففي بمعنى "على" كما قال سبحانه: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي عليها، ويجوز أن تكون في للظرفية والسماء على هذا بمعنى العلو فيكون المعنى أن الله في العلو، وقد جاء السماء بعنى العلو في قوله تعالى: {الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، ولا يصح أن تكون "في" للظرفية لأنّ ذلك يوهم أن السماء تحيط بالله تعالى: هذا =

931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِمْتُ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ فِيمَا عَلِمْتُ أَنْ قَالَ لِي: " إِذَا عَطَسْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَحَمِدَ اللَّهَ، فَقُلْ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ "، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ، فَحَمِدَ اللَّهَ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، رَافِعًا بِهَا صَوْتِي، فَرَمَانِي النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ؟ قَالَ: فَسَبَّحُوا، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ » قِيلَ: هَذَا الْأَعْرَابِيُّ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «إِنَّمَا الصَّلَاةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ، فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنُكَ»، فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === 931 - قوله: "علمت" مبني للمفعول من التعليم في الموضعين ويحتمل على بعد أن يكون مبنيًّا للفاعل من العلم، وقوله: "حتَّى احتملني ذلك" أي أغضبني، وقوله: "شُزر" بضم شين وسكون معجمة بعدها مهملة أي ناظرة يمينًا وشمالًا نظر غضب، كأنه نظر إلى الأعداء أي هي ناظرة بمؤخرها نظر غضب كأنه إلى الأعداء. ¬

_ = معنى باطل؛ لأن الله أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته. انظر: شرح العقيدة الواسطية للشيخ محمد بن صالح العثيمين. =

باب التأمين وراء الإمام

بَابُ التَّأْمِينِ وَرَاءَ الْإِمَامِ 932 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ حُجْرٍ أَبِي الْعَنْبَسِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قَالَ: «آمِينَ»، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ. 933 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ حُجْرِ بْنِ عَنْبَسٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، «أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَهَرَ بِآمِينَ، وَسَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ خَدِّهِ». 934 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ¬

_ = أما الأقوال التي ذكرها المؤلف ففيها تكلف واضح فالقول بأن معنى "أين الله" أي في أي جهة يتوجه الموجهون إلى الله فيه تكلف بين ولا يسانده دليل ولو كان هذا التأويل صحيحًا لكان جواب الجارية "إلى السماء" وليس "في السماء". أما قوله بأنَّ المطلوب معرفة أنها تعترف بوجود الله تعالى فهذا بعيد أيضًا لأن ذلك لا يكفي في الدلالة على الإيمان فأمية بن خلف وأبو جهل وغيرهم من الكفار يعلمون بوجود الله تعالى ويعترفون بذلك، ولكن المقصود -والله تعالى أعلم- معرفة الإله الذي تعبده الجارية أهو الله الذي في السماء أم لها إله آخر من الأصنام في الأرض. أما القول بأنَّ التفويض أسلم، فالتفويض إن كان المقصود به تفويض معنى الصفة فهذا خلاف ما عليه السلف، وأما أن كان المقصود به تفويض الكيفية مع إثبات الصفة بمعناها على ما يليق بجلال الله تعالى وكماله دون تشبيه فهذا صحيح.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا تَلَا {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، قَالَ: «آمِينَ»، حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ. 935 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". 936 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «آمِينَ». 937 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ بِلَالٍ، أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَسْبِقْنِي === باب التأمين وراء الإمام 935 - قوله: "إِذا قال الإمام غير المغضوب عليهم" إلخ أي إذا فرغ منه وختم الفاتحة، وظاهر الحديث أن الإمام يسَّر بآمين، وإلا لكان الوجه أن يقال: إذا قال آمين فقولوا آمين لكن الرِّواية الثَّانية لهذا الحديث تفيد الجهر، والأقرب أن أحد اللفظين من تصرفات الرواة فالرواية الثَّانية أشهر وأصح فهي أشبه أن تكون هي الأصل، الله تعالى أعلم. 937 - قوله: "لا تسبقني بآمين" في المجمع لعل بلالًا كان يقرأ الفاتحة في

بِآمِينَ». 938 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ صُبَيْحِ بْنِ مُحْرِزٍ الْحِمْصِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُصَبِّحٍ الْمَقْرَائِيُّ، قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي زُهَيْرٍ النُّمَيْرِيِّ، وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَتَحَدَّثُ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ، فَإِذَا دَعَا الرَّجُلُ مِنَّا بِدُعَاءٍ قَالَ: اخْتِمْهُ بِآمِينَ، فَإِنَّ آمِينَ مِثْلُ الطَّابَعِ عَلَى الصَّحِيفَةِ، قَالَ أَبُو زُهَيْرٍ: أُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ؟ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ === السكتة الأولى من سكتتي الإمام فربما يبقي عليه منها شيء ورسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم قد فرغ من قراءتها فاستمهله في التأمين بقدر ما يتم فيه بقية السورة حتَّى ينال بركة موافقته في التأمين، ويمكن أن بلالًا كان يشتغل بالإقامة وتعديل الصفوف والنبي صَلَّى الله تعالى عليه وسلم يبادر إلى الدخول في الصَّلاة قبل فراغه أحيانًا، فكان يلتمس منه صَلَّى الله تعالى عليه وسلم أن لا يختم الفاتحة ولا يقول آمين إلَّا إذا علم بدخوله في الصَّلاة، وهذا مثل ما ذكر في حديث أبي هريرة أنه قال لمروان وكان يؤذن له: لا تفتني بآمين، والله تعالى أعلم. 938 - قوله: "عن صبيح" بالتصغير وقيل بفتح أوله "ومحرز" (¬1) اسم فاعل من الإحراز آخره معجمة و "أبو مصبح" اسم فاعل من صبّح بالتشديد و"المقرائي" (¬2) بضم الميم وسكون القاف وفتح الراء وهمزة، وقوله: "مثل ¬

_ (¬1) صبح بن محرز الحمصي مقبول من السابق. التقريب 1/ 364. (¬2) أبو مصبح المقرائي: ثقة أنزل حمص، من الثالثة، التقريب 2/ 473.

باب التصفيق في الصلاة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَلَحَّ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَمِعُ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْجَبَ إِنْ خَتَمَ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتِمُ؟ قَالَ: «بِآمِينَ، فَإِنَّهُ إِنْ خَتَمَ بِآمِينَ فَقَدْ أَوْجَبَ»، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ الَّذِي سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى الرَّجُلَ، فَقَالَ: اخْتِمْ يَا فُلَانُ بِآمِينَ، وَأَبْشِرْ، وَهَذَا لَفْظٌ مَحْمُودٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْمَقْرَاءُ قَبِيلٌ مِنْ حِمْيَرَ». بَابُ التَّصْفِيقِ فِي الصَّلَاةِ 939 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». 940 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، وَحَانَتِ الصَّلَاةُ، فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، === الطابع" بفتح الباء أي الخاتم أي كما أن الصحيفة بالختم تصان عن الرد كذلك الدعاء يصان عن الرد بآمين، وقوله: "أوجب إن ختم" أوجب الجنة، والأقرب أوجب الإجابة ذكره السيوطي. بَابُ التَّصْفِيقِ فِي الصَّلَاةِ 939 - قوله: "والتصفيق" هو الضرب بباطن إحدى اليدين على الأخرى.

فَقَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ الْتَفَتَ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ، فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ؟ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا فِي الْفَرِيضَةِ». 941 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ قِتَالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُمْ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقَالَ لِبِلَالٍ: «إِنْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَلَمْ آتِكَ، فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ، فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فَلَمَّا حَضَرَتِ === 941 - قوله: "ليصلح" من الإصلاح، و "حانت" أي حضرت، و"تخلص" أي من الصفوف، وقوله: "أن امكث" أن تفسيرية، وقوله: "فحمد الله إِلخ" أي على آخر التكريم فإن علم أن الأمر بذلك تكريم. ولذلك تأخر وإلا فلا يجوز

باب الإشارة في الصلاة

الْعَصْرُ أَذَّنَ بِلَالٌ، ثُمَّ أَقَامَ، ثُمَّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ، فَتَقَدَّمَ، قَالَ فِي آخِرِهِ: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ». 942 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ قَوْلُهُ: «التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ» تَضْرِبُ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى كَفِّهَا الْيُسْرَى. بَابُ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاة 943 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ». 944 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ - يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ - وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ، مَنْ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ إِشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ، فَلْيَعُدْ لَهَا» يَعْنِي الصَّلَاةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الْحَدِيثُ وَهْمٌ». === ترك امتثال الأمر، ومعنى: "استأجر" تأخر ومعنى: "نابه" عرضه و "التصفيح" هو التصفيق، وقيل: هو الضرب بظاهر اليد على الأخرى، والله تعالى أعلم. بَابُ الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاة 944 - قوله: "وهم" فقد جاءت بعض الإشارات المفهومة كالإشارة بالسلام.

باب [في] مسح الحصى في الصلاة

بَابٌ [فِي] مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ 945 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا ذَرٍّ، يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ، فَلَا يَمْسَحِ الْحَصَى». 946 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ مُعَيْقِيبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْسَحْ وَأَنْتَ تُصَلِّي، فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَوَاحِدَةٌ تَسْوِيَةَ الْحَصَى». === بَابٌ [فِي] مَسْحِ الْحَصَى فِي الصَّلَاةِ 945 - وقوله: "إذا قام أحدكم إلى الصَّلاة" قيل: أي دخل فيها؛ إذ قبل التحريم لا يمنع. قلت: والأقرب أنه يراد إذا توجه إلى الصَّلاة وجعل همه مصروفًا إليها، وعلى هذا فقوله: "فلا يمسح الحصا" أي لما فيه في قطع التوجه إلى الصَّلاة فتفوته الرحمة، والله تعالى أعلم. 946 - قوله: "لا تمسح" أي الحصا للسجود، "فواحدة" بالنصب أي ما فعل مرَّة واحدة تسوية الحصى أي لأجل تسويتها، وقال السيوطي: فواحدة مبتدأ أي تكفيه. قلت: كأنه في تقدير فمرة واحدة تكفيه، وإلَّا يلزم الابتداء بالنكرة، وقال: أو خبر أي فالمشروع أو الجائز أو أبيح له مرَّة واحدة لئلا يتأذى في سجوده، ومنع من الزائدة لئلا يكثر الفعل.

باب الرجل يصلي مختصرا

بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا 947 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنِ الاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي يَضَعُ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ». بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا 948 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَابِصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الرَّقَّةَ، فَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِي: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: قُلْتُ: غَنِيمَةٌ، فَدَفَعْنَا إِلَى وَابِصَةَ، قُلْتُ لِصَاحِبِي: نَبْدَأُ فَنَنْظُرُ إِلَى دَلِّهِ، فَإِذَا عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَاطِئَةٌ ذَاتُ أُذُنَيْنِ، وَبُرْنُسُ خَزٍّ أَغْبَرُ، وَإِذَا هُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى عَصًا فِي صَلَاتِهِ، فَقُلْنَا بَعْدَ أَنْ سَلَّمْنَا، فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ قَيْسٍ === بَابُ الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا 947 - قوله: "عن الاختصار" أي وضع اليد على الخاصرة، وقيل هو أن يمسك بيده مخصرة أي عصا يتوكأ عليها وقيل هو أن يختصر السورة فيقرأ من آخرها آية أو آيتين، وقيل هو ألا يتم قيامها وركوعها وسجودها. بَابُ الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَصًا 948 - قوله: "إِلى دلّه" بفتح دال وتشديد لام أي هيئة، وقوله "أغبر" أي أقرب. إلى لون الغبار، ثم قيل هذا الحديث وإن سكت عليه أبو داود غير

باب النهي عن الكلام في الصلاة

بِنْتُ مِحْصَنٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ، اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ 949 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: "كَانَ أَحَدُنَا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَنَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ". بَابٌ [فِي] صَلَاةِ الْقَاعِدِ 950 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ يَعْنِي ابْنَ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ»، === صحيح. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ 949 - قوله: "فأمرنا بالسكوت" أي عن ذلك الكلام، وعلى هذا فقوله: "ونهينا عن الكلام" كالتفسير له واللام في الكلام للعهد والإشارة إلى السابق فلا إشكال بالقراءة والأذكار، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] صَلَاةِ الْقَاعِدِ 950 - قوله: "فوضعت يدي على رأسي" كأنه ظن أنه ما بلغه كاذب ففعل

فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي جَالِسًا، فَوَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى رَأْسِي، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو؟ »، قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ قُلْتَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلَاةِ»، وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا، قَالَ: «أَجَلْ، وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ». 951 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ الرَّجُلِ قَاعِدًا، فَقَالَ: «صَلَاتُهُ قَائِمًا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا، وَصَلَاتُهُ قَاعِدًا === ما فعل تعجبًّا من ذلك وتحيرًا، وقوله: "لست كأحد منكم" يفيد أنه مخصوص بينهم بأنه لا ينقص له صلاته قاعدًا وقائمًا. 951 - قوله: "صلاته قائمًا أفضل ... " إلخ حمله كثير من العلماء على التطوع، وذلك لأنَّ أفضل يقتضي جواز القعود بل فضله، ولا جواز للقعود في الفرائض مع القدرة على القيام فلا يتحقق في الفرائض أن يكون القيام أفضل والقعود جائزًا بل إن قدر على القيام فهو المتعين وإن لم يقدر عليه يتعين القعود، أو ما يقدر عليه، بقي أنه يلزم على هذا المحمل جواز النفل مضطجعًا مع القدرة على القيام والقعود، وقد التزمه بعض المتأخرين لكن أكثر العلماء أنكروا ذلك وعدوه بدعة وحدثًا في الإسلام، وقالوا: لا يعرف أن أحدًا صَلَّى قط على جنبه مع القدرة على القيام ولو كان مشروعًا لفعلوه أو فعله النَّبيُّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم ولو مرَّة تبيينًا للجواز، فالوجه أن يقال ليس الحديث بمسوق لبيان صحة الصَّلاة وفسادها وإنَّما هو لبيان تفضيل إحدى الصلاتين الصحيحتين على الأخرى، وصحتهما تعرف من قواعد الصحة من خارج، فحاصل الحديث أنه

عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَائِمًا، وَصَلَاتُهُ نَائِمًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا». 952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَ بِي النَّاصُورُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». 953 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا قَطُّ، حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ، فَكَانَ يَجْلِسُ فِيهَا فَيَقْرَأُ، حَتَّى إِذَا بَقِيَ أَرْبَعُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ سَجَدَ». === إذا صحت الصَّلاة قاعدًا فهي على نصف صلاة القائم فرضًا كانت أو نفلًا وكذا إذا صحت الصَّلاة نائمًا فهي على نصف الصلاة قاعدًا في الأجر، وقولهم: "إن المعذور لا ينقص من أجره" ممنوع وما استدلوا به عليه من حديث: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل وهو مقيم صحيح" (¬1) لا يفيد ذلك، وإنَّما يفيد أن من كان يعتاد عملًا إذا فاته لعذر، فذلك لا ينتقص من أجره، حتَّى لو كان المريض أو المسافر تاركًا للصلاة حالة الصحة والإقامة ثم صَلَّى قاعدًا أو قاصرًا حال المرض أو السفر فصلاته على نصف صلاة القائم في الأجر مثلًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أحمد 4/ 410، والبخاري في الجهاد (2996)، والبيهقيّ 3/ 374.

954 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، وَأَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، وَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 955 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ بُدَيْلَ بْنَ مَيْسَرَةَ، وَأَيُّوبَ، يُحَدِّثَانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، رَكَعَ قَائِمًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا، رَكَعَ قَاعِدًا». 956 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي رَكْعَةٍ؟ قَالَتْ: «الْمُفَصَّلَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا؟ قَالَتْ: «حِينَ حَطَمَهُ النَّاسُ». === 956 - قوله: "حين حطمه الناس" من حطم فلانًا أهله إذا كبر فيهم كأنهم مما حمّلوه من أثقالهم صيروه شيخًا محطومًا.

باب كيف الجلوس في التشهد

بَابُ كَيْفَ الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ 957 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ»، قَالَ: «ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَحَدَّ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ ثِنْتَيْنِ، وَحَلَّقَ حَلْقَةً، وَرَأَيْتُهُ يَقُولُ هَكَذَا»، وَحَلَّقَ بِشْرٌ الْإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. 958 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُنَّةُ الصَّلَاةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى، وَتَثْنِيَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى». 959 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى، وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى». 960 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ،

باب من ذكر التورك في الرابعة

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ يَحْيَى، أَيْضًا: مِنَ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ. 961 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، أَرَاهُمُ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. 962 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ، افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى اسْوَدَّ ظَهْرُ قَدَمِهِ». بَابُ مَنْ ذَكَرَ التَّوَرُّكَ فِي الرَّابِعَةِ 963 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَاعْرِضْ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: " وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى، فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: «حَتَّى إِذَا كَانَتِ

السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ، أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ»، زَادَ أَحْمَدُ: قَالُوا: صَدَقْتَ، هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي، وَلَمْ يَذْكُرَا فِي حَدِيثِهِمَا الْجُلُوسَ فِي الثِّنْتَيْنِ كَيْفَ جَلَسَ. 964 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا قَتَادَةَ، قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَجَلَسَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. 965 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: فَإِذَا قَعَدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ الْيُسْرَى، وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ. 966 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَبَّاسٍ أَوْ عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَبُوهُ، فَذَكَرَ فِيهِ

باب التشهد

قَالَ: فَسَجَدَ فَانْتَصَبَ عَلَى كَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتَوَرَّكَ، وَنَصَبَ قَدَمَهُ الْأُخْرَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَسَجَدَ ثُمَّ كَبَّرَ، فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ، ثُمَّ عَادَ فَرَكَعَ الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى، فَكَبَّرَ كَذَلِكَ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذَا هُوَ أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ لِلْقِيَامِ قَامَ بِتَكْبِيرٍ، ثُمَّ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ، «لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ مَا ذَكَرَ عَبْدُ الْحَمِيدِ، فِي التَّوَرُّكِ وَالرَّفْعِ إِذَا قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ». 967 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنِي فُلَيْحٌ، أَخْبَرَنِي عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ أَبُو حُمَيْدٍ، وَأَبُو أُسَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّفْعَ إِذَا قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ، وَلَا الْجُلُوسَ، قَالَ: حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ جَلَسَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِ الْيُمْنَى عَلَى قِبْلَتِهِ. بَابُ التَّشَهُّدِ 968 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي شَقِيقُ === بَابُ التَّشَهُّدِ 968 - قوله: "قبل عباده" في المجمع: أي قلنا هذا اللفظ قبل السلام على عباد الله، اهـ. فجعل الظرف متعلقًا بالقول، والظاهر أنه من جملة القول؛ وكأنهم رأوا السلام من قبيل الحمد والشكر فجوزوا ثبوته لله أيضًا. وقوله: "فإن الله هو السلام" قال النووي (¬1): إن السلام اسم من أسمائه ¬

_ (¬1) مسلم شرح النووي 4/ 116.

بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، وَلَكِنْ إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُوَ بِهِ". === تعالى ولا يخفى أن مجرد كونه اسما من أسمائه لا يمنع عن كون السلام بمعنى آخر ثابت له أو مطلوب الإثبات له فلا يصح. قوله: "فإِن الله" إلخ بالمعنى الذي ذكره علة للنهي، إلا أن يكون مبينا على أنه يكون السلام -في قولهم السلام على فلان- من أسمائه تعالى بمعنى السلام حفيظ أو رقيب عليك مثلًا، والأقرب أن يقال معناه: الله هو معطي السلامة، فلا يحتاج أن يدعي له بالسلامة، أو أنه تعالى هو السالم عن الآفات التي لأجلها يطلب السلام عليه، ولا يطلب السلام إلا على من يمكن له عروض الآفات فلا يناسب طلب السلام عليه تعالى، وقوله: "أصاب كل عبد" أي عم كلهم، وقبل أصاب ثوابه أو بركاته كل عبد.

969 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ إِذَا جَلَسْنَا فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عُلِّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ شَرِيكٌ: وَحَدَّثَنَا جَامِعٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِهِ، قَالَ: وَكَانَ يُعَلِّمُنَا كَلِمَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ يُعَلِّمُنَاهُنَّ كَمَا يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ: «اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ، مُثْنِينَ بِهَا، قَابِلِيهَا وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا». 970 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُرِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي، فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ، فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، فَذَكَرَ مِثْلَ دُعَاءِ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ: === 969 - قوله: "قابليها" أي صالحين مستعدين لها متأهلين لحصولها. 970 - قوله: "إذا قلت هذا" إلخ الظاهر أن كلمة "أو" للشك من الرواة واستدل به من لا يقول بافتراض الخروج عن الصلاة بالسلام، والقائل يالافتراض تارة يمنع رفعه ويقول أنه موقوف على ابن مسعود، وتارة يؤول.

«إِذَا قُلْتَ هَذَا أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ». 971 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ - قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتَ فِيهَا: وَبَرَكَاتُهُ - السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: زِدْتُ فِيهَا: وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ - وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". 972 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، فَلَمَّا جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ، وَالزَّكَاةِ، فَلَمَّا انْفَتَلَ أَبُو مُوسَى أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ === قوله: "قضيت صلاتك" أي قاربت الفراغ والتمام، وقوله "إن شئت أن تقوم: " إلخ أي بالوجه المعلوم شرعًا لا مطلقًا، والحق أن الحديث بظاهره ينافي افتراض السلام ووجوبه، فلا بد للكل من تأويله أو تضعيفه، والله تعالى أعلم. 972 - قوله: "أقرت الصلاة بالبر والزكاة، وروى قرت أي استقرت معهما، وقرنت بها أي هي مقرونة بالبر وهو الصدق وجماع الخير ومقرونة بالزكاة في القرآن مذكورة معها، وقيل أي قرنت بهما وصار الجميع مأمورًا به،

فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، قَالَ: فَلَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ أَنْتَ قُلْتَهَا، قَالَ: مَا قُلْتُهَا، وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا وَمَا أَرَدْتُ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: " إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فَقُولُوا: آمِينَ يُحِبُّكُمُ اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === وقوله "انفتل" أي انصرف، وقوله: "فأرمَ القوم" روى بالزاي المعجمة وتخفيف الميم أي أمسكوا عن الكلام والرواية المشهورة بالراء وتشديد الميم أي سكتوا أو لم يجيبوا، وقوله: "ولقد رهبت من سمع" أي خفت أن تبكتني بفتح مثناة وسكون موحدة، أي توبخني بهذه الكلمة وتستقبلني بالمكروه، وقوله: "يجبكم الله" جواب الأمر أي يستجب لكم، وقوله: "فتلك" أي فزيادة إمامكم عليكم في الركوع أولًا منجبرة بزيادتكم عليه في الركوع آخرًا فيصير ركوع كركوع الإمام، أو فزيادتكم عليه في الركوع آخرًا بمقابلة زيادة إمامكم عليكم في الركوع أولًا، ولك أن تقول فتلك اللحظة التي سبقكم بها الإمام أولًا منجبرة بتلك اللحظة التي تأخرتم بها عنه ثانيًا، أو بالعكس على أن الباء للمقابلة، أو تقول فقبلية إمامكم منجبرة ببعديتكم أو فبعديتكم في مقابلة قبلية إمامكم ومآل الكل واحد، وقيل: المعنى فتلك الدعوة تستجاب بتلك الكلمة أي الدعوة التي تتضمنها الفاتحة تستجاب في حق المأموم بكلمة آمين، أو المعنى فتلك أي صلاتكم متعلقة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَتِلْكَ بِتِلْكَ»، وَإِذَا قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ "، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَتِلْكَ بِتِلْكَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " لَمْ يَقُلْ أَحْمَدُ: «وَبَرَكَاتُهُ»، وَلَا قَالَ: «وَأَشْهَدُ»، قَالَ: «وَأَنَّ مُحَمَّدًا». 973 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي غَلَّابٍ، يُحَدِّثُهُ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، زَادَ فَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَقَالَ فِي التَّشَهُّدِ بَعْدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ زَادَ «وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَوْلُهُ: فَأَنْصِتُوا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، لَمْ يَجِئْ بِهِ إِلَّا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ". 974 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ === بتلك أي بصلاة إمامكم فاتبعوه وأتموا به ولا تختلفوا عليه، وعلى الأول من هذين الوجهين الأخيرين معنى "تلك بتلك" في المرة الثانية أي فتلك الدعوة التي يتضمنها قول الإمام أعني "سمع الله لمن حمده" تستجاب لكم بتلك الكلمة أي "ربنا ولك الحمد"، وقوله: "يسمع الله" بالجزم جواب الأمر أي يستجب لكم.

باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ، وَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ». 975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَمَّا بَعْدُ، أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ، أَوْ حِينَ انْقِضَائِهَا، فَابْدَءُوا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَقُولُوا: «التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالْمُلْكُ لِلَّهِ، ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى الْيَمِينِ، ثُمَّ سَلِّمُوا عَلَى قَارِئِكُمْ، وَعَلَى أَنْفُسِكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى كُوفِيُّ الْأَصْلِ كَانَ بِدِمَشْقَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «دَلَّتْ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَلَى أَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ سَمُرَةَ». بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ 976 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قُلْنَا - أَوْ قَالُوا - يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَرْتَنَا أَنْ نُصَلِّيَ === بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ 976 - قوله: "فقد عرفناه" في التشهد أو بما جرى على الألسنة في كيفية

عَلَيْكَ، وَأَنْ نُسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا السَّلَامُ، فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ === سلام بعضهم على بعض وعلى الوجهين لا دلالة في الحديث على كون الصلاة في التشهد، والله تعالى أعلم، وأما تشبيه صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم بصلاة إبراهيم فلعله بالنظر إلى ما تفيده واو العطف في قوله: "وآل محمد" من الجمع والمشاركة وعموم الصلاة له صلى الله تعالى عليه وسلم ولأهل بيته، أي أشارك أهل بيته معه في الصلاة عليه عامة له ولأهل بيته، كما صليت على إبراهيم كذلك، فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما رأى أن الصلاة عليه من الله تعالى ثابتة على الدوام -كما هو مفاد صيغة المضارع المفيد للاستمرار التجددي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (¬1)، فدعا المؤمنين بمجرد الصلاة عليه قليل الجدوى -بين لهم أن يدعو له بعموم صلاته له ولأهل بيته ليكون دعاهم مستجلبا لفائدة جديدة؛ وهذا هو الموافق لما ذكره علماء المعاني في القيود: أن محط الفائدة في الكلام هو القيد الزائد، وكأنه لهذا خص إبراهيم لأنه كان معلومًا بعموم الصلاة له ولأهل بيته على لسان الملائكة، ولهذا ختم بقوله: "إنك حميد مجيد" كما ختمت الملائكة صلاتهم على أهل بيت إبراهيم بذلك، وقال بعض المحققين وجه الشبه هو كون كل من الصلاتين أفضل وأولى وأتم من صلاة من قبله؛ أي كما صليت على إبراهيم صلاة هي أتم وأفضل من صلاة من قبله، صل على محمد صلاة هي أفضل وأتم من صلاة من قبله، ولك أن تجعل وجه الشبه مجموع الأمرين من العموم والأفضلية؛ والله تعالى أعلم، ثم لعل ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب: آية (56).

عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. 977 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. 978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا، قَالَ: " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، كَمَا رَوَاهُ مِسْعَرٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ» وَسَاقَ مِثْلَهُ. 979 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. === وجه إظهار "محمد" في قوله: "وآل محمد" مع تقدم ذكره هو أن استحقاق الآل بالاتباع لمحمد، فالتنصيص على اسمه آكد في الدلالة على استحقاقهم، والله تعالى أعلم.

980 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، هُوَ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَة، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُولُوا: فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، زَادَ فِي آخِرِهِ: «فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». 981 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ". 982 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ يَسَارٍ الْكِلَابِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُطَرِّفٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، عَنِ الْمُجْمِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى، إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذُرِّيَّتِهِ === 982 - قوله: "حبّان" بكسر الحاء وتشديد الموحدة.

باب ما يقول بعد التشهد

وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ 983 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ. 984 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». 985 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الْأَدْرَعِ، حَدَّثَهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ === بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ 983 - قوله: "فليتعوذ بالله" ظاهره الوجوب لكن الجمهور حملوه على الندب، وقال بعضهم بالوجوب فينبغي الاهتمام به.

باب إخفاء التشهد

بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ، وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اَللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ» ثَلَاثًا. بَابُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ 986 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْفَى التَّشَهُّدُ». بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ 987 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُعَاوِيِّ، قَالَ: رَآنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِي، وَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ، فَقُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: «كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُسْرَى». === بَابُ الْإِشَارَةِ فِي التَّشَهُّدِ 987 - قوله: "وأشار بإصبعه" قد أخذ به الجمهور وأبو حنيفة وصاحباه كما نص عليه محمد في موطأه وغيره، إلا أن بعض مشايخ المذهب نصوا على أن قولهم مخالف للرواية والدراية فلا عبرة به.

988 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ، جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى تَحْتَ فَخْذِهِ الْيُمْنَى وَسَاقِهِ، وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ» وَأَرَانَا عَبْدُ الْوَاحِدِ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. 989 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ ذَكَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا»، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو كَذَلِكَ، وَيَتَحَامَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى فَخْذِهِ الْيُسْرَى. 990 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: لَا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إِشَارَتَهُ، وَحَدِيث حَجَّاجٍ أَتَمُّ. 991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ قُدَامَةَ، مِنْ بَنِي بَجِيلَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ نُمَيْرٍ === 991 - قوله: "حناهَا شيئًا" أي ميّلها والله تعالى أعلم.

باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعًا ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، رَافِعًا إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، قَدْ حَنَاهَا شَيْئًا». بَابُ كَرَاهِيَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ 992 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْغَزَّالُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: - أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ "، وَقَالَ ابْنُ شَبُّوَيْهِ: «نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدِهِ فِي الصَّلَاةِ»، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ» وَذَكَرَهُ فِي بَابِ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، «نَهَى أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إِذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ». 993 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، سَأَلْتُ نَافِعًا، عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي، وَهُوَ مُشَبِّكٌ يَدَيْهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «تِلْكَ === بَابُ كَرَاهِيَةِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ 992 - قوله: "نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة" لا بد من حمله على حالة الجلوس كما في رواية أحمد (¬1) أو في حالة النهوض كما في رواية عبد الملك وإلا فالاعتماد على اليدين حالة السجود معلوم، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 3/ 471.

باب في تخفيف القعود

صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ». 994 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَتَّكِئُ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الصَّلَاةِ - قَالَ هَارُونُ بْنُ زَيْدٍ، سَاقِطًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا -، فَقَالَ لَهُ: «لَا تَجْلِسْ هَكَذَا، فَإِنَّ هَكَذَا يَجْلِسُ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ». بَابٌ فِي تَخْفِيفِ الْقُعُودِ 995 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ»، قَالَ: قُلْنَا: حَتَّى يَقُومَ؟ قَالَ: «حَتَّى يَقُومَ». بَابٌ فِي السَّلَامِ 996 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ === بَابٌ فِي تَخْفِيفِ الْقُعُودِ 995 - قوله: "على الرضف" بفتح راء وسكون ضاد معجمة وفاء؛ الحجارة المحماة، الواحدة الرضفة، والمراد بقوله: "في الركعتين الأوليين" في جلوس الركعتين الأوليين في غير الثنائية أما تقدير الجلوس فبقرينة "حتى يقوم"، وأما حمل الصلاة على غير الثنائية فبقرينة توصيف الركعتين بالأوليين، إذ لا يوصف ركعتا الثنائية بالأوليين، وهذا ظاهر ثم جعل مجموع قوله: "على الرضف حتى يقوم" كناية عن التحقيق، والله تعالى أعلم.

باب في السلام

يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، ح وحَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَالْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا لَفْظُ حَدِيث سُفْيَانَ، وَحَدِيثُ إِسْرَائِيلَ، لَمْ يُفَسِّرْهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «شُعْبَةُ كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ - حَدِيثَ أَبِي إِسْحَاقَ - أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا». 997 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ قَيْسٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ»، وَعَنْ شِمَالِهِ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ». 998 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، وَوَكِيعٌ، عَنْ === باب في السلام 998 - قوله: "يومي بيده" أي يشير بها "كأنها" أي الأيدي المفهومة مما سبق

مِسْعَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ أَحَدُنَا، أَشَارَ بِيَدِهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِنْ عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: " مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُومِي بِيَدِهِ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ - أَوْ أَلَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ - أَنْ يَقُولَ: هَكَذَا " وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِنْ عَنْ شِمَالِهِ. 999 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ: «أَمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ، أَوْ أَحَدَهُمْ، أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخْذِهِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِنْ عَنْ شِمَالِهِ». 1000 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ رَافِعُوا أَيْدِيهِمْ - قَالَ === و"شُمْس" بضم وسكون أو بضمتين جمع شَمُوس وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لسبق وحدته وأذنابها كثير الاضطراب، والمقصود النهي عن الإشارة باليد عند السلام. 1000 - قوله: "قال في الصلاة" المراد عند السلام وللتنبيه على هذا ذكر المصنف هذه الرواية في هذا الباب، وقدم عليها الرواية التي تفيد التفصيل، والحاصل أن الحديث سيق للنهي عن رفع الأيدي عند السلام إشارة إلى الجانبين، ولا دلالة فيه على النهي عن الرفع عند الركوع وعند الرفع منه، ولذلك قال

باب الرد على الإمام

زُهَيْرٌ: أُرَاهُ قَالَ - فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ أُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ». بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ 1001 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو الْجَمَاهِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ». بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ 1002 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، === النووي: الاستدلال به على النهي عن الرفع عند الركوع وعند الرفع منه جهل وقبيح (¬1)، وقد يقال: العبرة بعموم اللفظ فصح بنا الاستدلال عليه وخصوص المورد لا عبرة به إلا أن يقال ذلك إذا لم يعارضه عند العموم عارض، وألا يحمل على خصوص المورده وهاهنا قد صح وثبت الرفع عند الركوع وعند الرفع منه ثبوتًا لا مرد له فيجب حمل هذا الحديث على خصوص المورد توفيقًا ودفعًا للتعارض، والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْإِمَامِ 1001 - قوله: "وأن نتحاب" أي يحب بعضنا بعضًا. بَابُ التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ 1002 - قوله: "كان يعلم" وفي رواية: "كنت أعرف، إلخ وكأنه رضي الله ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 4/ 153.

باب حذف التسليم

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ يُعْلَمُ انْقِضَاءُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ». 1003 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ، «أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ لِلذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ وَأَسْمَعُهُ». بَابُ حَذْفِ التَّسْلِيمِ 1004 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ === عنه لصغره لم يكن يحضر الجماعة أو كان يحضر في أواخر الصفوف فيعرف تمامية الصلاة بسماع التكبير. "إن رفع الصوت" إلخ ظاهر الحديث يفيد الاعتياد بالجهر في الأذكار بعد الصلوات المكتوبة، فلعل ما ورد في النهي من الجهر به يكون المراد به الجهر البالغ غايته، أو حين كان هناك مانع، وبالجملة فالحديث حجة قوية لجواز الجهر في الأذكار. بَابُ حَذْفِ التَّسْلِيمِ 1004 - قوله. "حذف السلام" بحاء مهملة وذال معجمة أي تخفيفة وترك

باب إذا أحدث في صلاته [يستقبل]

أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ»، قَالَ عِيسَى: «نَهَانِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: "سَمِعْت أَبَا عُمَيْرٍ عِيسَى بْنَ يُونُسَ الْفَاخُورِيَّ الرَّمْلِيَّ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ مَكَّةَ، تَرَكَ رَفْعَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: نَهَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ رَفْعِهِ". بَابٌ إِذَا أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ [يَسْتَقْبِلُ] 1005 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عِيسَى بْنِ حِطَّانَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ، فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُعِدْ صَلَاتَهُ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ 1006 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ قَالَ: عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ === الإطالة فيه، وفسر غير واحد حذف السلام بأن لا يمد. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ 1006 - قوله: "أن يتقدم" أي عن محل الفرض لأجل النفل، وقوله "أو عن

أَنْ يَتَقَدَّمَ، أَوْ يَتَأَخَّرَ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ عَنْ شِمَالِهِ " - زَادَ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ: «فِي الصَّلَاةِ»، يَعْنِي فِي السُّبْحَةِ. 1007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا إِمَامٌ لَنَا يُكْنَى أَبَا رِمْثَةَ، فَقَالَ: صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ - أَوْ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ - مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ، فَصَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ، ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ - يَعْنِي - فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ يَشْفَعُ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ فَصْلٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَصَرَهُ، فَقَالَ: «أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَدْ قِيلَ: أَبُو أُمَيَّةَ مَكَانَ أَبِي رِمْثَةَ. === يمينه" أي أو ينصرف عن يمينه. 1007 - قوله: "فقام رجل الذي أدرك كذا" رجل بالتنكير في نسختنا فالموصول بدل منه وفي غالب النسخ بالتعريف وهو الأقرب، وقوله: "يشفع" أي يصلي ركعتين تطوعًا وهذه الجملة استئناف في محل التعليل أي قام ليشفع، وقوله: "فهزه" أي حركه ليجلسه والله تعالى أعلم.

باب السهو في السجدتين

بَابُ السَّهْوِ فِي السَّجْدَتَيْنِ 1008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ - الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ -، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمَا إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ، ثُمَّ خَرَجَ سَرْعَانُ النَّاسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، وَفِي النَّاسِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، فَهَابَاهُ أَنْ يُكَلِّمَاهُ، فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: «لَمْ أَنْسَ، وَلَمْ تُقْصَرِ الصَّلَاةُ»، === بَابُ السَّهْوِ فِي السَّجْدَتَيْنِ قوله: "باب السهر في السجدتين" هكذا في نسختنا، ولعل في بمعنى مع أي بيان السهو مع السجدتين، أو المراد السهو في حالة وجوب السجدتين أي السهو الموجب لهما لا غير الموجب والله تعالى أعلم. 1008 - قوله: "إحدى صلاتي العشي" بفتح عين وكسر معجمة وتشديد ياء أي آخر النهار، وقوله: "سرعان النّاس"، هو بفتحتين وسكون الراء، أوائلهم الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة، وضبط بضم أو كسر فسكون جمع سريع، وقوله: "أم قصرت" بضم الصاد، وقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "لم أنس ولم تقصر" خرج على حسب الظن ويعتبر الظن قيدًا في الكلام

قَالَ: بَلْ، نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: «أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ»، فَأَوْمَئُوا: أَيْ نَعَمْ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَقَامِهِ، فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ "، قَالَ: فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ: سَلَّمَ فِي السَّهْوِ؟ فَقَالَ: لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ. 1009 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِإِسْنَادِهِ وَحَدِيثُ حَمَّادٍ أَتَمُّ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ === ترك ذكره بناء على أن الغالب في بيان أمثال هذه الأشياء أن يجري فيها الكلام بالنظر إلى الظن، فكأنه قيل ما نسيت ولا قصرت في ظن وهذا كلام صادق لا غبار عليه ولا يتوهم فيه شائبة كذب، وليس مبنى الجواب على كون الصدق المطابقة للظن بل على أنه مطابقة الواقع فافهم، وقوله: "بل نسيت" الجزم بالنسيان لأنه ظهر بجوابه عدم اطلاعه على حقيقة الحال ولا يتصور ذلك إلا عند النسيان، وقوله: "فأومؤوا" بالهمزة أي أشاروا برؤوسهم، واستدل الحديث من يقول الكلام مطلقًا لا يبطل الصلاة بل ما يكون لأصلاحها فهو معفو، ومن يقول بإبطال الكلام مطلقًا يحمل الحديث على أنه قبل نسخ إباحة الكلام في الصلاة لكن يشكل عليهم أن النسخ كان قبل بدر، وهذه الواقعة قد حضرها أبو هريرة وكان إسلامه أيام خيبر، وقال صاحب البحر من علمائنا الحنفية: ولم أر لهذا الإيراد جوابًا شافيًا، والله تعالى أعلم.

يَقُلْ: بِنَا، وَلَمْ يَقُلْ: فَأَوْمَئُوا، قَالَ: فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، قَالَ: ثُمَّ رَفَعَ، وَلَمْ يَقُلْ وَكَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ، أَوْ أَطْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَ، وَتَمَّ حَدِيثُهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ: فَأَوْمَئُوا إِلَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَكُلُّ مَنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَقُلْ: فَكَبَّرَ، وَلَا ذَكَرَ رَجَعَ. 1010 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَمَّادٍ كُلِّهِ إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ: نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالتَّشَهُّدُ، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ فِي التَّشَهُّدِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَشَهَّدَ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَانَ يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ، وَلَا ذَكَرَ: فَأَوْمَئُوا، وَلَا ذَكَرَ الْغَضَبَ. وَحَدِيثُ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ أَتَمُّ. 1011 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ أَنَّهُ كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَقَالَ هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ: كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ، وَسَجَدَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، وَحُمَيْدٌ، وَيُونُسُ، وَعَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، أَنَّهُ كَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، هَذَا

الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ لَمْ يَذْكُرَا عَنْهُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّهُ كَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ. 1012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ. 1013 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: وَلَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُسْجَدَانِ إِذَا شَكَّ حَتَّى لَقَاهُ النَّاسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي بِهَذَا الْخَبَرِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، جَمِيعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِيهِ: وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.

1014 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: نَقَصْتَ الصَّلَاةَ؟ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ". 1015 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: «كُلَّ ذَلِكَ لَمْ أَفْعَلْ»، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ. 1016 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْهِفَّانِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. === 1016 - قوله: "بعد ما سلم" لا يخفى أنه ما سلم هاهنا لأجل سجود السهو بل لاعتقاد الفراغ من الصلاة فلا ينبغي الاستدلال به على كون سجود السهو بعد السلام، والله تعالى أعلم.

باب إذا صلى خمسا

1017 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. 1018 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ دَخَلَ - قَالَ عَنْ مَسْلَمَةَ: - الْحُجَرَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ: الْخِرْبَاقُ، كَانَ طَوِيلَ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَقَالَ: «أَصَدَقَ؟ »، قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْهَا ثُمَّ سَلَّمَ. بَابٌ إِذَا صَلَّى خَمْسًا 1019 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى، قَالَ حَفْصٌ: === بَابٌ إِذَا صَلَّى خَمْسًا 1019 - قوله: "خمسًا" حمله علماؤنا الحنفية على أنه جلس على الرابعة إذ ترك هذا الجلوس عندهم ففسد، ولا يخفى أن الجلوس على رأس الرابعة إما على ظن أنها رابعة أو على ظن أنها ثانية، وكل من الأمرين يفضي إلى اعتبار أن

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟ » قَالَ: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ. 1020 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَلَا أَدْرِي زَادَ أَمْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟ » قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَهُ، === الواقع منه أكثر من سهو واحد، وإثبات ذلك بلا دليل مشكل والأصل عدمه، والظاهر أنه ما جلس أصلا، وذلك لأنه إن ظن أنها رابعة فالقيام إلى الخامسة يحتاج إلى أنه نسي ذلك وظهر له أنها ثالثة مثلًا واعتقد أنه أخطأ في جلوسه وعند ذلك ينبغي أن يسجد للسهو فتركه لسجود السهو أولًا يحتاج إلى القول أنه نسى ذلك الاعتقاد أيضًا، ثم قوله: "وما ذاك" بعد أن قيل له يقتضي أنه نسي بحيث ما تنبه له بتذكيرهم أيضًا وهذا لا يخلو عن بعد، وإن قلنا إنه ظن أنها ثانية سهوًا ونسيانًا فذاك النسيان -مع بعده- يقتضي أن لا يجلس على رأس الخامسة بل يجلس على رأس السادسة فالجلوس على رأس الخامسة يحتاج إلى اعتبار سهو آخر والله تعالى أعلم. 1020 - قوله "أنبأتكم" أي أخبرتكم، وقوله: "فليتحر الصواب" قيل: ليطلب اليقين وهو الأقل وليبن عليه كما هو مقتضى أحاديث باب الشك، وقال علماؤنا الحنفية: فليطلب غالب الظن فإن وجد فليبن عليه؛ ويلزم عليه قصور الحديث عما إذا لم يجد غالب الظن، والله تعالى أعلم.

وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا انْفَتَلَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي»، وَقَالَ «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ». 1021 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، بِهَذَا قَالَ: «فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ»، ثُمَّ تَحَوَّلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حُصَيْنٌ، نَحْوَ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ. 1022 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَهَذَا حَدِيثُ يُوسُفَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكُمْ؟ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «لَا»، قَالُوا: فَإِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ». === 1022 - قوله: "توشوش القوم" الوشوشة كلام مختلط خفي لا يكاد يفهم، وروى بسين مهملة ويريد به الكلام الخفي.

باب إذا شك في الثنتين والثلاث من قال يلقي الشك

1023 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ قَيْسٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمًا فَسَلَّمَ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةٌ، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: نَسِيتَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً، فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى لِلنَّاسِ رَكْعَةً، "فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّاسَ، فَقَالُوا لِي: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قُلْتُ: لَا، إِلَّا أَنْ أَرَاهُ، فَمَرَّ بِي، فَقُلْتُ: هَذَا هُوَ، فَقَالُوا: هَذَا طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ". بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ 1024 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُّ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُلْقِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِذَا اسْتَيْقَنَ التَّمَامَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ تَامَّةً كَانَتِ الرَّكْعَةُ نَافِلَةً وَالسَّجْدَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً كَانَتِ === بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ مَنْ قَالَ يُلْقِي الشَّكَّ 1024 - قوله "فليلق" من الإلقاء أي ليطرح الشك أي المشكوك فيه وهو الأكثر، ولا يأخذ به في البناء "وليبن على اليقين" أي المتيقن وهو الأقل، وحمله علماؤنا على ما إذا لم يغلب ظنه على شيء وإلا فعند غلبة الظن لم يبق شك فمعنى "إذا شك أحدكم" أي إذا بقي شاكًّا ولم يترجح عنده أحد الطرفين بالتحري، وغيرهم حملوا الشك على مطلق التردد في النفس وعدم اليقين والله

الرَّكْعَةُ تَمَامًا لِصَلَاتِهِ، وَكَانَتِ السَّجْدَتَانِ مُرْغِمَتَيِ الشَّيْطَانِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَبِي خَالِدٍ أَشْبَعُ. 1025 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى سَجْدَتَيِ السَّهْوِ: الْمُرْغِمَتَيْنِ". 1026 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً، وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّى خَامِسَةً شَفَعَهَا بِهَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ رَابِعَةً، فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ». 1027 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِإِسْنَادِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَإِنِ اسْتَيْقَنَ أَنْ قَدْ صَلَّى ثَلَاثًا فَلْيَقُمْ فَلْيُتِمَّ رَكْعَةً بِسُجُودِهَا، ثُمَّ يَجْلِسْ فَيَتَشَهَّدْ، فَإِذَا فَرَغَ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَلْيَسْجُدْ === تعالى أعلم، وقوله "مرغمتي الشيطان" من أرغمه أو رغمه بالتشديد أي سببًا لإغاظة له وإذلال فإنه تكلف في التلبيس، فجعل الله طريق جبر بسجدتين فأضل سعيه حيث جعل وسوسته سببًا للتقرب بسجدة استحق هو بتركها الطرد.

باب من قال: يتم على أكبر ظنه

سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ»، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى مَالِكٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، وَحَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَدَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، وَهِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، إِلَّا أَنَّ هِشَامًا بَلَغَ بِهِ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ. بَابُ مَنْ قَالَ: يُتِمُّ عَلَى أَكْبَرِ ظَنِّهِ 1028 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةٍ فَشَكَكْتَ فِي ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، وَأَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعٍ تَشَهَّدْتَ، ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَيْنِ وَأَنْتَ جَالِسٌ، قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ، ثُمَّ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا، ثُمَّ تُسَلِّمُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ خُصَيْفٍ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَوَافَقَ عَبْدَ الْوَاحِدِ، أَيْضًا سُفْيَانُ، وَشَرِيكٌ، وَإِسْرَائِيلُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلَامِ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُسْنِدُوهُ. 1029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا عِيَاضٌ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ === بَابُ مَنْ قَالَ: يُتِمُّ عَلَى أَكْبَرِ ظَنِّهِ 1029 - قوله: "فلم يدر، زاد أم نقص فليسجد" ظاهره أن يكتفى بالسجدتين عن البناء على اليقين وعن البناء على غالب ظنه، وإن قلنا لا بد من اعتبار البناء في الحديث بشهادة الأحاديث الأخر، فيجوز اعتبار البناء على اليقين أي فليسجد بعد ما بنى على اليقين، كما يمكن اعتبار البناء على غالب الظن بل

يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ، إِلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ، أَوْ صَوْتًا بِأُذُنِهِ "، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبَانَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وقَالَ مَعْمَرٌ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ: عِيَاضُ بْنُ هِلَالٍ، وقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عِيَاضُ بْنُ أَبِي زُهَيْرٍ. 1030 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَعْمَرٌ، وَاللَّيْثُ. 1031 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِم، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ زَادَ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. === اعتبار البناء على اليقين هو الأوفق بباقي روايات حديث أبي سعيد المتقدمة، فيترجح ذلك على اعتبار البناء على غالب الظن فلا وجه للاستدلال بالحديث على البناء على غالب الظن، وكذا الكلام في حديث أبي هريرة الذي بعده والله تعالى أعلم. 1030 - قوله: "فالتبس عليه، بفتح الباء مخففة أو مشددة أي خلط قوله بعدما يسلم، ولعل القيد في الحديثين مذكور على وجه التمثيل والتجوز دون التعيين فلا تعارض بين الحديثين والله تعالى أعلم.

باب من قال بعد التسليم

1032 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: «فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ». بَابُ مَنْ قَالَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ 1033 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسَافِعٍ، أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ شَيْبَةَ، أَخْبَرَهُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ». بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ 1034 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَانْتَظَرْنَا التَّسْلِيمَ كَبَّرَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ سَلَّمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1035 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَبَقِيَّةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِمَعْنَى إِسْنَادِهِ وَحَدِيثِهِ، زَادَ: وَكَانَ مِنَّا الْمُتَشَهِّدُ فِي قِيَامِهِ، قَالَ === بَابُ مَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ 1035 - قوله: "وكان منا المتشهد في قيامه" أي بعضهم تشهد في القيام

باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ سَجَدَهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ. بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ 1036 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ يَعْنِي الْجُعْفِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُبَيْلٍ الْأَحْمَسِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنِ اسْتَوَى قَائِمًا فَلَا يَجْلِسْ، وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَيْسَ فِي كِتَابِي عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ». 1037 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، قُلْنَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَمَضَى، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ، سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ === قضاء عما فاته في القعود، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ 1036 - قوله: "قبل أن يستوي قائمًا" هذا يقتضي أن المعتبر هو نفس القيام كما هو المختار في مذهبنا لا القرب إلى القيام كما اعتبره بعض الفقهاء من علمائنا الحنفية، والله تعالى أعلم.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْنَعُ كَمَا صَنَعْتُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَرَفَعَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، مِثْلَ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو عُمَيْسٍ أَخُو الْمَسْعُودِيِّ، وَفَعَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمُغِيرَةُ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، أَفْتَى بِذَلِكَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا فِيمَنْ قَامَ مِنْ ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ سَجَدُوا بَعْدَ مَا سَلَّمُوا». 1038 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَالرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، بِمَعْنَى الْإِسْنَادِ، أَنَّ ابْنَ عَيَّاشٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ زُهَيْرٍ يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ الْعَنْسِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ عَمْرٌو: وَحْدَهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ»، وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْ أَبِيهِ، غَيْرُ عَمْرٍو. === 1038 - قوله: "لكل سهو" أراد به سهو الصلاة الموجب للسجود، والحديث دليل للحنفية، وأجاب البيهقي بأنه ضعيف (¬1) بابن عياش، ورد بأنه ثقة في الشاميين وضعفه مسلم في الحجازيين وهذا الحديث قد ورد عن الشاميين فلا إشكال. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى 2/ 337.

باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

بَابُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ 1039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي أَشْعَثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ». بَابُ انْصِرَافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلَاةِ 1040 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مَكَثَ قَلِيلًا، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ، كَيْمَا يَنْفُذُ النِّسَاءُ قَبْلَ الرِّجَالِ». بَابُ كَيْفَ الِانْصِرَافُ مِنَ الصَّلَاةِ 1041 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ، رَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ «صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ === بَابُ انْصِرَافِ النِّسَاءِ قَبْلَ الرِّجَالِ مِنَ الصَّلَاةِ 1040 - قوله: "مكث قليلًا" أي ليمكث بمكثه الرجال، و"ينفذ" بضم الفاء وذال معجمة، أي يمضين ويتخلصن من مزاحمة الرجال. بَابُ كَيْفَ الِانْصِرَافُ مِنَ الصَّلَاةِ 1041 - قوله: "عن شقيه" أي تارة عن اليمين وتارة عن اليسار لا أنه

باب صلاة الرجل التطوع في بيته

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِقَّيْهِ». 1042 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ نَصِيبًا لِلشَّيْطَانِ مِنْ صَلَاتِهِ، أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكْثَرُ مَا يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ»، قَالَ عُمَارَةُ: «أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدُ، فَرَأَيْتُ مَنَازِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ». بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطَوُّعَ فِي بَيْتِهِ 1043 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ === ينصرف عنهما معًا حتى يقال: إنه متعذر، وقد قرروا أن التثنية والجمع اختصار للعطف بالواو، فكما لا دلالة للعطف بالواو على المعية لا دلالة للتثنية والجمع عليها. 1042 - قوله: "أن لا ينصرف. . ." إلخ أي يرى الانصراف عن اليمين لازمًا فلا ينصرف إلا عن يمينه. قوله: "فرأيت منازل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" أي فكثرة الانصراف عن اليسار بسبب كثرة الحاجة إلى ذلك، فكذلك غيره ينبغي أن يتبع حاجته لا أن يتكلف اليمين وإن تعلق حاجته باليسار. بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ التَّطَوُّعَ فِي بَيْتِهِ 1043 - قوله: "ولا تتخذوها قبورا" أي كالقبور في الخلو من ذكر الله

باب من صلى لغير القبلة ثم علم

أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». 1044 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَسْجِدِي هَذَا، إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ». بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ 1045 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ === والصلاة، أولا تكونوا كالأموات في الغفلة عن ذكر الله والصلاة، فتكون البيوت لكم قبورا وهي مساكن للأموات. 1044 - قوله: "في مسجدي هذا" وقد ورد الحديث في صلاة رمضان فإذا كان صلاة رمضان في البيت خيرا منها في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فكيف خيرها في مسجد آخر؟ نعم كثير من العلماء يرون أن صلاة رمضان في المسجد أفضل وهذا يخالف هذا الحديث لأن مورده صلاة رمضان إلا أن يقال صار أفضل حين صار أداؤها في المسجد في شعائر الإسلام، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ عَلِمَ 1045 - قوله: "نحو بيت المقدس" وهو غير القبلة حينئذ إلا أنهم ما علموا

باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة

الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَنَادَاهُمْ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، مَرَّتَيْنِ، فَمَالُوا كَمَا هُمْ رُكُوعٌ إِلَى الْكَعْبَةِ". تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ 1046 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ === فكل من خفى عليه جهة القبلة فصلى إلى جهة أخرى فحكمه حكم هؤلاء يميل إلى القبلة إذا علم يها، وما صلى قبل العلم فذاك صحيح، والله تعالى أعلم. تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْجُمُعَةِ بَابُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ 1046 - قوله: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" جملة طلعت صفة يوم للتنصيص على التعميم كما قالوا في قوله تعالى: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ} (¬1) فإن الشيء إذا وصف بصفة تعم جنسه يكون تنصيصًا على اعتبار استغراقه أفراد الجنس. قيل: هو خير أيام الأسبوع، وأما بالنظر إلى أيام السنة فخيرها يوم عرفة، وقوله: "وفيه أهبط" أي أنزل من الجنة إلى الأرض قيل: هذه ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: الآية (38).

الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُسِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مِنْ حِينَ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَةً، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهَا»، قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ، فَقُلْتُ: «بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ»، قَالَ: فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ، فَقَالَ: صَدَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَع كَعْبٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَأَخْبِرْنِي بِهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي»، وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلِّي فِيهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ»، قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هُوَ ذَاكَ. === القضايا ليست لذكر فضيلته لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا تعد فضيلة، وقيل: بل جميعها فضائل، وخروج آدم سبب الذرية من الرسل والأنبياء والأولياء، والساعة سبب تعجيل جزاء الصالحين، وموت آدم سبب لنيله إلى ما أعد له من الكرامات و"مسيخة" من أساخ بمعنى أصاخ أي مسمعه و"شفقًا" أي خوفًا من قيامها، وقوله: "هو ذاك" أي اشتغاله بالصلاة.

1047 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ === 1047 - قوله: "وفيه النفخة" أي الثانية، و"الصعقة" الصوت الهائل يفزع له الإنسان، والمراد النفخة الأولى أو صعقة موسى عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا فالنفخة تحتمل الأولى أيضًا. وقوله: "فأكثروا عليَّ من الصلاد فيه" تفريع على كون الجمعة من أفضل الأيام. وقوله: "فإن صلاتكم. . ." إلخ تعليل للتفريع أي هي معروضة عليّ كعرض الهدايا على من أهديت إليه فهي من الأعمال الفاضلة ومقربة لكم إليّ كما تقرب الهدية المهدي إلى المهدي إليه، وإذا كانت بهذه المثابة فينبغي إكثارها في الأوقات الفاضلة فإن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت وعلى هذا لا حاجة إلى تقييد العرض بيوم الجمعة كما قيل، وقوله: "قالوا. . ." إلخ لا بد هاهنا أولًا من تحقيق لفظ "أرمت" ثم النظر في السؤال والجواب وبيان انطباقهما؛ فأما "أرمت" فبفتح الراء صلة أرممت من أرمّ بتشديد الميم إذا صار رميمًا فحذفوا إحدى الميمين كما في ظلت، ولفظه إما على الخطاب أو الغيبة على أنه مسند إلى العظام وكثيرًا ما روي بتشديد الميم والخطاب فقيل: هي لغة ناس من العرب وقيل: بل خطأ والصواب سكون التاء لتأنيث العظام، أو هي أرممت بفك الإدغام، وأما تحقيق السؤال فوجهه أنهم فهموا عموم الخطاب في قوله: "فإِن صلاتكم معروضة" للحاضرين ولمن يأتي بعده صلى الله تعالى عليه وسلم ورأوا أن الموت في الظاهر مانع عن السماع والعرض فسألوا عن كيفية عرض صلاة من يصلي بعد الموت، وعلى هذا فقولهم: "وقد أرمت" كناية من الموت، والجواب

باب الإجابة أية ساعة هي في يوم الجمعة

الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ - يَقُولُونَ: بَلِيتَ -؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ». بَابُ الْإِجَابَةِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ 1048 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي === بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "إن الله تعالى حرم" إلخ كناية عن كون الأنبياء أحياء في قبورهم وبيان لما هو خرق للعادة المستمرة بطريق التمثيل أي ليجعلوه مقيسًا عليه للعرض بعد الموت الذي هو خلاف العادة المستمرة، ويحتمل أن الماء من العرض عندهم فناء البدن لا مجرد الموت، ومفارقة الروح البدن لجواز عود الروح إلى البدن عادام سالمًا عن التغيير الكثير، فأشار صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بقاء بدن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا هو ظاهر السؤال والجواب، بقي أن السؤال منهم على هذا الوجه يشعر بأنهم ما علموا أن العرض على الروح المجرد ممكن، فينبغي أن يبين لهم النبي صلى الله تعالى غليه وسلم أنه يمكن العرض على الروح المجرد ليعلموا ذلك، ويمكن الجواب عن ذلك بأن السؤال لهم يقتضي أمرين: مساواة الأنبياء عليهم السلام وغيرهم بعد الموت، وأن العرض لا يمكن على الروح المجرد، والاعتقاد الأول أسوأ فأرشدهم صلى الله تعالى عليه وسلم بالجواب إلى ما يزيله، وآخر ما يزيل الثاني إلى وقت يناسبه تدريجًا في التعليم والله تعالى أعلم. بَابُ الْإِجَابَةِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ 1048 - قوله: "ثنتا عشرة" إلخ المراد هاهنا الساعة النجومية والمراد أنها في

باب فضل الجمعة

ابْنَ الْحَارِثِ، أَنَّ الْجُلَاحَ، مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ - يُرِيدُ - سَاعَةً، لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، إِلَّا أَتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ». 1049 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْجُمُعَةِ - يَعْنِي السَّاعَةَ -؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ، إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ». بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ 1050 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، === عدد الساعات كسائر الأيام، وقوله: "يسأل الله" أي في أي ساعة منها وهذه الساعة عرفية، وضمير "التمسوها" راجع إلى هذه الساعة، وقوله: "آخر ساعة" ظرف لالتمسوا، والمراد بها الساعة النجومية فلا إشكال في الظرفية بأن يقال كيف نلتمس الساعة في الساعة. 1049 - قوله: "هي ما بين أن يجلس الإِمام" وعلى هذا فالساعة تختلف على حسب اختلاف الخطبة في البلاد والمساجد ولا منافاة بين الحديثين؛ لأن الأول مذكور بطريق الاجتهاد والثاني بطريق الجزم والله تعالى أعلم.

باب فضل الجمعة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ، إِلَى الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا». 1051 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مَوْلَى امْرَأَتِهِ أُمِّ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ، فَيَرْمُونَ النَّاسَ بِالتَّرَابِيثِ، أَوِ الرَّبَائِثِ، وَيُثَبِّطُونَهُمْ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَتَغْدُو الْمَلَائِكَةُ فَيَجْلِسُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، فَيَكْتُبُونَ الرَّجُلَ مِنْ سَاعَةٍ، وَالرَّجُلَ مِنْ سَاعَتَيْنِ، حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ، فَإِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ، فَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ كِفْلَانِ مِنْ أَجْرٍ، فَإِنْ نَأَى وَجَلَسَ حَيْثُ لَا يَسْمَعُ فَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ لَهُ كِفْلٌ مِنْ أَجْرٍ، وَإِنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَسْتَمْكِنُ فِيهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ وَالنَّظَرِ فَلَغَا، وَلَمْ يُنْصِتْ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ وِزْرٍ، وَمَنْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِصَاحِبِهِ: صَهٍ، === بَابُ فَضْلِ الْجُمُعَةِ 1051 - قوله: "فيرمون الناس" قال الخطابي: إنما هو "يرَيثوَن الناس" كذلك روي لنا في غير هذا الحديث اهـ. يقال: راث الناس يريث إذا أبطاء وأراثه بطأه ولا يخفى أن يرمون معناه أيضًا غير خفي والله تعالى أعلم، وقوله: "بالترابيث أو الربائث" قال الخطابي: إنما هو الربائث جمع ربيثة وهي ما يعوق الإنسان عن الوجه الذي يتوجه إليه وأما الترابيث فليست بشيء (¬1)، وقال في ¬

_ (¬1) معالم السنن للخطاب 1/ 343.

باب التشديد في ترك الجمعة

فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ لَغَا فَلَيْسَ لَهُ فِي جُمُعَتِهِ تِلْكَ شَيْءٌ "، ثُمَّ يَقُولُ فِي آخِرِ ذَلِكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: بِالرَّبَائِثِ، وَقَالَ: مَوْلَى امْرَأَتِهِ أُمِّ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ. بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ 1052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبِيدَةُ بْنُ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا، طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ». === النهاية: يجوز إن صحت الرواية أن يكون جمع تربيثة وهي المرة الواحدة من التربيث يقال ربثه عن الأمر تربيثا وتربيثة واحدة إذا حبسته وثبطته (¬1)، وقوله: "كفلان" تثنية كفل بالكسر وهو الحظ والنصيب. بَابُ التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ 1052 - قوله: "تهاونًا" أي لقلة الاهتمام بأمرها لا استخفافًا بها لأن الاستخفاف بفرائض الله كفر، ومعنى "طبع الله على قلبه" أي ختم وغشاه ومنعه الألطاف، والطبع بالسكون الختم، وبالحركة الدنس، وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السيف من طبع السيف، ثم استعمل في الآثام والقبائح، وقال العراقي: المراد بالتهاون الترك من غير عذر، وبالطبع أن يصير قلبه قلب منافق ¬

_ (¬1) النهاية 2/ 182.

باب كفارة من تركها

بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا 1053 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ وَبَرَةَ الْعُجَيْفِيِّ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِنِصْفِ دِينَارٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ خَالِدُ بْنُ قَيْسٍ، وَخَالَفَهُ فِي الْإِسْنَادِ وَوَافَقَهُ فِي الْمَتْنِ. 1054 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَيُّوبَ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ وَبَرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَاتَهُ الْجُمُعَةُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِرْهَمٍ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ صَاعِ حِنْطَةٍ، أَوْ نِصْفِ صَاعٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، هَكَذَا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مُدًّا، أَوْ نِصْفَ مُدٍّ، وَقَالَ: عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يُسْأَلُ عَنِ اخْتِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ هَمَّامٌ: عِنْدِي أَحْفَظُ مِنْ أَيُّوبَ يَعْنِي أَبَا الْعَلَاءِ. === بَابُ كَفَّارَةِ مَنْ تَرَكَهَا 1053 - قوله: "فليتصدق بدينار" أي لأن الحسنات يذهبن السيئات، والظاهر أن الأمر للاستحباب، ولذلك جاء التخيير بين الدرهم ونصفه ودون ذلك ولابد من التوبة مع ذلك فإنها الماحية للذنب، والله تعالى أعلم

باب من تجب عليه الجمعة

بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ 1055 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَمِنَ الْعَوَالِي». 1056 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ يَعْنِي الطَّائِفِيَّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْهٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ، عَنْ سُفْيَانَ، مَقْصُورًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَرْفَعُوهُ، وَإِنَّمَا === بَابُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ 1055 - قوله: "ينتابون" بفتح تحتية أي يحضرونها نوبًا، وهو دليل على عدم وجوب الجمعة على من هو خارج المصر وإلا لخرجوا جميعًا، وقال السيوطي في تفسيره: "ينتابون" أي يقصدون. 1056 - قوله: "على من سمع النداء" أي هي واجبة على من يسمع الأذان من الموضع الَّذي تصلى فيه الجمعة، ويجب إتيانه إليها إن لم تكن إقامة الجمعة. ثم قوله "إن يوم حنين ... " إلخ قد يقال: لا جمعة علي مسافر فلا دلالة في هذا الحديث، وكذا الَّذي بعده على الرخصة في ترك الجمعة لمن عليه الجمعة، والله تعالى أعلم.

باب الجمعة في اليوم المطير

أَسْنَدَهُ قَبِيصَةُ». بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْيَوْمِ الْمَطِيرِ 1057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُنَادِيَهُ: أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ. 1058 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ أَبِي مَلِيحٍ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. 1059 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ: خَبَّرَنَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ لَمْ تَبْتَلَّ أَسْفَلُ نِعَالِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِي رِحَالِهِمْ. بَابُ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ 1060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، نَزَلَ بِضَجْنَانَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَأَمَرَ الْمُنَادِيَ فَنَادَى: أَنِ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ قَالَ أَيُّوبُ: وَحَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ مَطِيرَةٌ، أَمَرَ الْمُنَادِيَ === 1059 - قوله: "لم تبتل أسفل نعالهم" بيان لقلة المطر. بَابُ التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ 1060 - قوله: "بضجنان" بفتح الضاد المعجمة وسكون الجيم ونونين موضع

فَنَادَى: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ. 1061 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: نَادَى ابْنُ عُمَرَ بِالصَّلَاةِ بِضَجْنَانَ، ثُمَّ نَادَى: أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، قَالَ فِيهِ، ثُمَّ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمُنَادِيَ فَيُنَادِي بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ يُنَادِي أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، وَفِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ فِيهِ: فِي السَّفَرِ فِي اللَّيْلَةِ الْقَرَّةِ، أَوِ الْمَطِيرَةِ. 1062 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ نَادَى بِالصَّلَاةِ بِضَجْنَانَ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، فَقَالَ فِي آخِرِ نِدَائِهِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي سَفَرٍ، يَقُولُ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. 1063 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - يَعْنِي - أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، فَقَالَ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ، أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ، يَقُولُ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ. === بين مكة المدينة. قوله: "فينادى بالصلاة" أي يؤذن.

1064 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي الْمَدِينَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، وَالْغَدَاةِ الْقَرَّةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ: «فِي السَّفَرِ». 1065 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَمُطِرْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ». 1066 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، ابْنِ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: " إِذَا قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَلَا تَقُلْ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ "، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ، === 1064 - قوله: "الليلة القرة" بفتح قاف وتشديد راء أي الباردة. 1066 - قوله: "إن الجمعة عزمة" أي واجبة على من يسمع النداء كما سبق في الحديث أو واجبة إذا نودى لها كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} (¬1) الآية والنداء يتحقق بالحيعلة. "فكرهت أن يقول المؤذن ذلك فتجب ¬

_ (¬1) سورة الجمعة: آية (9).

باب الجمعة للمملوك والمرأة

فَقَالَ: «قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ». بَابُ الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ 1067 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُرَيْمٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ، قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا». === عليكم الجمعة فيوقعكم ذلك في الحرج"، و"وأحرجكم" من أحرج وقع في الحرج". بَابُ الْجُمُعَةِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْمَرْأَةِ 1067 - قوله: "الجمعة واجب" إلى آخر هذا الحديث يقتضي وجوب الجمعة على المسافر، ولفظه "أربعة" بالنصب لأنه استثناء من موجب، ولفظ: "عبد مملوك" بالرفع خبر محذوف أو بالنصب على أنَّه بدل أو بيان، تركه الألف في الكتابة من تسامح المتقدمين فإنهم كثيرا ما يتركونها، ذكره النووي في شرح مسلم وغيره.

باب الجمعة في القرى

بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى 1068 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، لَفْظُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ، لَجُمُعَةٌ جُمِّعَتْ بِجَوْثَاءَ، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ»، قَالَ عُثْمَانُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى عَبْدِ الْقَيْسِ. 1069 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ تَرَحَّمْتَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِنَا فِي هَزْمِ النَّبِيتِ مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ، يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ، قُلْتُ: كَمْ أَنْتُمْ === بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى 1068 - قوله: "جمعت" بالتشديد أي أريت بجماعة، و"جواثاء" بضم الجيم وآخره ألف مقصورة. 1069 - قوله: "هَزْم النبيت" بفتح هاء وسكون زاي معجمة والنبيت بتقديم النون على الموحدة ككريم موضع بالمدينة، و"حرة" بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء المهملة و"نقيع" بالنون "نقيع الخضمات" بفتح المعجمتين الخاء والضاد

باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

يَوْمَئِذٍ، قَالَ: «أَرْبَعُونَ». بَابٌ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ 1070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ: أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيُصَلِّ». 1071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا، وَكَانَ ابْنُ === موضع بنواحي المدينة. بَابٌ إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ 1070 - قوله: "من يشأ أن يصلي فليصل" أي ومن يشأ أن يكتفي بالعيد يجزئه حضوره عن حضور الجمعة لكن لا يسقط به الظهر كذا قاله الخطابي (¬1)، ومذهب علمائنا لزوم الحضور للجمعة، ولا يخفى أن أحاديث هذا الباب بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضًا؛ كحديث ابن الزبير، وبعضها يقتضي لزوم الحضور للجمعة مع كونه ساكتا عن لزوم الظهر، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن للخطاب 1/ 245.

باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «أَصَابَ السُّنَّةَ». 1072 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ، وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: «عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً، لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ. 1073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، وَعُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الْوَصَّابِيُّ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ»، قَالَ عُمَرُ: عَنْ شُعْبَةَ. بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1074 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1074 - قوله: "عن مخول" (¬1) في الوزن كمحمدّ. قوله: "تنزيل السجدة" قال علماؤنا لا دلالة فيه على المداومة عليها، نعم ¬

_ (¬1) مخول بن راشد، بن أبي مجالد النهدي مولاهم، الكوفي الحناط ثقة، نسب إلى التشيع، عن السادسة، مات بعد سنة أربعين التقريب 2/ 236.

باب اللبس للجمعة

وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ. 1075 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُخَوَّلٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَزَادَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ. بَابُ اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ 1076 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ - يَعْنِي - تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي === قد ثبت قراءتهما، فينبغي للأئمة قراءتهما ولا تحسن المداومة على تركهما بالمرة، وقد قال بعض الشافعية قد جاء في بعض الروايات ما يدل على المداومة، والله تعالى أعلم. بَابُ اللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ "اللُّبس" بالضم مصدر قولك لبست الثوب بالكسر، و"اللبس" بالفتح مصدر، لبست عليه الأمر بالفتح خلطته و"اللبس" بالكسر اسم لما يلبس كاللباس، فالذي هاهنا يحتمل الضم والكسر، والله تعالى أعلم. 1076 - قوله: "حلة سيراء" بكسر سين وفتح مثناه تحتية وراء ممدودة هي المضلعة بالحرير التي فيها خطوط، وهو يحتمل التوصيف والإضافة، وفي قول

الْآخِرَةِ»، ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ، فَأَعْطَى عُمَرَ حُلَّةً، فَقَالَ عُمَرُ: كَسَوْتَنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّة عُطَارِدَ مَا قُلْتَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا»، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ. 1077 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ بِالسُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ. 1078 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَعَمْرٌو، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ === عمر دلالة على أن التجمل يوم الجمعة كان مشهورًا بينهم مطلوبًا كالتجمل للوفود، وقد قرره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك وإنما رده من حيث أن الحرير لا يليق به، ومعنى: "لا خلاق له" لا حظ له، والمراد لا حظ له في لبس الحرير، أو لا حظ له مع الداخلين أولا أرى أنَّه يستحق ذلك وعفو الله تعالى أوسع ومعنى "كسوتنيها" أعطيتنيها. 1077 - قوله: "ابتع" أي اشتري. 1078 - قوله: "ما على أحدكم" أي حرج من حيث الدنيا يريد الترغيب فيه

باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة

- أَوْ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدْتُمْ - أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ»، قَالَ عَمْرٌو: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ سَلَامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ 1079 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ === بأنه شيء ليس فيه حرج وتكليف على فاعله، وهو خير فينبغي أن لا يفوته الإنسان، والمهنة بفتح الميم هي الخدمة والبذلة، وكسر الميم جايز قياسًا كالجلسة والخدمة؛ فجوزه بعضهم نظرًا إلى ذلك ومنعه الآخرون وعدوه خطأ نظرًا إلى السماع، والله تعالى أعلم. بَابُ التَّحَلُّقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ 1079 - قوله: "وإن تنشد" على بناء المفعول من نشدت الضالة إذا طلبتها وكذا الثاني إلا أنَّه من أنشد، وقوله: "نهى عن التحلق" بالتاء في نسختنا وضبط الخطابي يفيد أنَّه بلا تاء (¬1) قال بفتح اللام جمع حلقة، وكان بعضهم يرويه بسكون اللام فبقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة، فقلت له: هو جمع حلقة. فقال: قد فرجت عليّ. وقد جاء إنشاد الشعر في المسجد (¬2) فقيل النهي ¬

_ (¬1) معالم السنن للخطاب 1/ 247. (¬2) الترمذي في الأدب (2846) عن عائشة، وقال: وفي الباب عن أبي هريرة والبراء وقال: حديث حسن صحيح.

باب [في] اتخاذ المنبر

الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ، وَنَهَى عَنِ التَّحَلُّقِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ». بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ 1080 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ === محمول علي التنزيه، وما جاء فهو محمول على بيان الجواز أو النهي محمول على المذموم، وما جاء فعلى المحمود، ولما كان الغالب في الشعر المذموم أطلق النهي، وأما الحلق فقيل المكروه قبل الصلاة الاجتماع للعلم والمذاكرة ليشغل بالصلاة وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك، وقيل: النهي عن التحلق إذ المسجد وغلبه فهو مكروه وغير ذلك لا بأس به، وقيل نهي عنه، لأنه يقطع الصفوف وهم مأمورون بتراص الصفوف، وما جاء عن ابن مسعود: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا رواه الترمذي (¬1) يحمل على أنَّه بالتوجه إليه بالصفوف لا بالتحلق حول المنبر وما جاء عن أبي سعيد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلس يومًا على المنبر وجلسنا حوله رواه البخاري (¬2) يمكن حمله على غير الجمعة والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ 1080 - قوله: "وقد امتروا في المنبر" من الامتراء أي جرى كلامهم في شأن ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة (509) وقال: وفي الباب عن ابن عمر وحديث منصور ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن الفضل، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق؛ قال: ولا يصح في هذا الباب عن النبي شيء. (¬2) البخاري في كتاب الجمعة (921).

مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيُّ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَقَدْ امْتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ مِمَّ عُودُهُ، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ وُضِعَ، وَأَوَّلَ يَوْمٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى فُلَانَةَ - امْرَأَةٌ قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ -، أَنْ مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ أَنْ يَعْمَلَ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ إِذَا كَلَّمْتُ النَّاسَ، فَأَمَرَتْهُ، فَعَمِلَهَا مِنْ طَرْفَاءِ الْغَابَةِ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا فَأَرْسَلَتْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ هَاهُنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ عَلَيْهَا، ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعْلَمُوا صَلَاتِي». === المنبر، وقوله "إن مري" إن تفسيرية لما في الإرسال من معنى القول و"الغاية" موضع قريب من المدينة و"الطرفاء" نوع من الشجر وقوله: "صلى عليها" أي على درجات ليراه الناس كلهم بخلاف ما إذا كان على الأرض فإنه يراه بعض دون بعض، وقوله: "ثم نزل القهقري" أي نزل عن الدرجات، ومشى إلى ورائه حتَّى صار بحيث يكون رأسه وقت السجود متصلًا بأصل المنبر فسجد كذلك، ثم عاد إلى درجات المنبر بعد القيام من السجدة الثانية، وهذا العمل قليل فلا يبطل الصلاة، وقد فعله صلى الله تعالى عليه وسلم لبيان كيفية الصلاة وجواز هذا العمل فلا إشكال، والله تعالى أعلم.

باب موضع المنبر

1081 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَدَّنَ قَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ: أَلَا أَتَّخِذُ لَكَ مِنْبَرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَجْمَعُ - أَوْ يَحْمِلُ - عِظَامَكَ؟ قَالَ: «بَلَى»، فَاتَّخَذَ لَهُ مِنْبَرًا مِرْقَاتَيْنِ. بَابُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ 1082 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: «كَانَ بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ الْحَائِطِ كَقَدْرِ مَمَرِّ الشَّاةِ». === 1081 - قوله: "لما بدن" بضم الدال مخففًا أي كثر لحمه وأنكره أبو عبيدة وقال إنما هو بالتشديد أي كبرن وأسن؛ إذ كثرة اللحم ليس من صفاته صلى الله تعالى عليه وسلم ورد ما قاله وقد سبق، وقوله: "يجمع أو يحمل عظامك" كناية عن القعود عليه و"مرقاتين" بفتح الميم أفصح من كسرها أي ذا درجتين، ولا منافاة بين هذا الحديث وبين السابق؛ لأنه يمكن أن تميمًا هو الذّي دله عنى المنبر ثم أرسل صلى الله تعالى عليه وسلم إلى المرأة، ولعل تميمًا قال للمرأة بذلك أيضًا فجاءت المرأة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك كما جاء في بعض الروايات ثم أرسل صلى الله تعالى عليه وسلم إليها في ذلك للإسراع والتعجيل حين أخرت في الأمر، وبه ظهر التوفيق بين روايات الحديث، وأما قوله: "مرقاتين" مع أنَّه جاء أنَّه كان ثلاث درجات، فكأن الدرجة الثالثة محل للجلوس فلم تعد، والله تعالى أعلم.

باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ 1083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ نِصْفَ النَّهَارِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: «إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَجَّرُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هُوَ مُرْسَلٌ، مُجَاهِدٌ أَكْبَرُ مِنْ أَبِي الْخَلِيلِ، وَأَبُو الْخَلِيلِ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ». بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْجُمُعَةِ 1084 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ». 1085 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْحَارِثِ، سَمِعْتُ إِيَاسَ === بَابُ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ 1083 - قوله: "تسجر" أي توقد نصف النهار، فينبغي الاحتراز عن الصلاة في الوقت الَّذي يظهر فيه آثار الغضب، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْجُمُعَةِ 1084 - قوله: "إِذا مالت" أي زالت. 1085 - قوله: "للحيطان" جمع حائط، وهذا يكون عند الاستواء، فظاهر

باب النداء يوم الجمعة

بْنَ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ». 1086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «كُنَّا نَقِيلُ وَنَتَغَدَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ». بَابُ النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1087 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، «أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ حِينَ يَجْلِسُ === الحديث أن تكون الصلاة قبل الزوال كما عليه أحمد، ولعل الجمهور يحمل الفيء على فيء يمكن فيه المشي مثلًا فيكون الحديث بيانا للتعجيل بعد الزوال، والله تعالى أعلم. 1086 - قوله: "كنا نقيل" بفتح النون من القيلولة، وهي الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم و"نتغدى" من الغذاء بمعجمة ثم مهملة وهو طعام يؤكل أول النهار، وظاهر الحديث أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، وهو قول أحمد وحمله الجمهور على التبكير، وأنهم كانوا يشتغلون بالتهيئ أول النهار للجمعة فيؤخرون الغداء والقيلولة عن وقتها، والحاصل أن ما كان غداء في غير يوم الجمعة يكون يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة فلا بقى غداء فيه وكذا القيلولة، والله تعالى أعلم. بَابُ النِّدَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1087 - قوله: "إن الأذان" أريد به النداء الشامل للإقامة، ولذا قيل كان أوله

الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ، وَكَثُرَ النَّاسُ أَمَرَ عُثْمَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْأَذَانِ الثَّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلَى الزَّوْرَاءِ، فَثَبَتَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ». 1088 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ يُونُسَ. 1089 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِلَالٌ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ. 1090 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ === فثانيه الإقامة، والثالث ما أمر به عثمان، و"الزوراء" بفتح المعجمة وسكون الواو وراء مهملة ممدودة دار بالسوق. 1088 - قوله: "على باب المسجد" كان المؤذن كان وقت الأذان يقوم بحيث يواجه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويقرب الباب. 1089 - قوله "إلا مؤذن واحد" أي الَّذي يؤذن في الأوقات الخمس كلها، أو الَّذي يؤذن غالبًا فلا يرد أن ابن أم مكتوم قد ثبت كونة مؤذنًا له والله تعالى أعلم.

باب الإمام يكلم الرجل في خطبته

بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، ابْنَ أُخْتِ نَمِرٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ، وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ. بَابُ الْإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ 1091 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: «اجْلِسُوا»، فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَجَلَسَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «تَعَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا يُعْرَفُ مُرْسَلًا، إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاسُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَخْلَدٌ هُوَ شَيْخٌ». بَابُ الْجُلُوسِ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ 1092 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي === بَابُ الْإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ 1091 - وقوله: "قال اجلسوا" والمنع عن الكلام إنما هو إذا كان الإمام يخطب فلا إشكال بكلام الإمام نفسه. قوله: "مرسل" بالرفع خبر هذا، وجملة يعرف معترضة وإن ثبت نصبه فهو حال من ضمير يعرف، قوله "أكثر من ألفي صلاة" ظاهر المقام يفيد أنَّه أراد صلاة الجمعة، فالعدد مشكل إلا أن يراد به الكثرة والمبالغة وإن حمل على مطلق الصلاة فالأمر سهل.

باب الخطبة قائما

ابْنَ عَطَاءٍ، عَنِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، كَانَ يَجْلِسُ إِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ حَتَّى يَفْرَغَ - أُرَاهُ قَالَ: الْمُؤَذِّنُ - ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَلَا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ. بَابُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا 1093 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا، فَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا، فَقَدْ كَذَبَ»، فَقَالَ: «فَقَدْ وَاللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ صَلَاةٍ». 1094 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، الْمَعْنَى، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ كَانَ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ». 1095 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ قَائِمًا، ثُمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لَا يَتَكَلَّمُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ.

باب الرجل يخطب على قوس

بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ 1096 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقَالُ لَهُ: الْحَكَمُ بْنُ حَزْنٍ الْكُلَفِيُّ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِعَ سَبْعَةٍ - أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ - فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زُرْنَاكَ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَأَمَرَ بِنَا، أَوْ أَمَرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنَ التَّمْرِ، وَالشَّأْنُ إِذْ ذَاكَ دُونٌ، فَأَقَمْنَا بِهَا أَيَّامًا شَهِدْنَا فِيهَا === بَابُ الرَّجُلِ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ 1096 - قوله: "ابن زريق" (¬1) بتقديم المهملة على المعجمة و"الكلفي "بضم الكاف وفتح اللام. قوله: "والشأن إذ ذاك دون" أي الحال كانت يومئذ ضعيفة ولم ترتفع بالغنى. قوله: "على عصى أو قوس" كأنه فهم أنَّه على عصى تارة وعلى قوس أخرى، والأقرب أنَّه شك من الرواة فلا استدلال به على تعيين كون الخطبة على قوس خفي والله تعالى أعلم، وقوله: "كلمات" أي بكلمات. قوله: "كان إذا تشهد" أي في الخطبة، ثم لا مناسبة لهذا الحديث، ¬

_ (¬1) شعيب بن زريق الطائفي الثقفي، روى عن الحكم بن حزن الكلفي، وعنه شهاب بن خراش، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في الثقات، التهذيب 4/ 352.

الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا، أَوْ قَوْسٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، كَلِمَاتٍ خَفِيفَاتٍ طَيِّبَاتٍ مُبَارَكَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَنْ تُطِيقُوا - أَوْ لَنْ تَفْعَلُوا - كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا، وَأَبْشِرُوا»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ قَالَ: «ثَبَّتَنِي فِي شَيْءٍ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ كَانَ انْقَطَعَ مِنَ القِرْطَاسِ». 1097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، === والأحاديث التي بعد بكون الخطبة على قوس، وقوله: "وأشهد أن محمدًا" إلخ دليل على أن شهادته كشهادة سائر المسلمين بصريح الاسم لا بضمير المتكلم بأن يقول وأني عبده ورسوله، وجملة "أرسله" مستأنفة لبيان رسالته، و"بين يدي الساعة" أي قدامها، فإن ما كان بين يدي ذي أيد يكون قدامه مكانًا، فاستعير لمّا كان قدام الشيء أعم من أن يكون زمانًا أو مكانًا فاستعمل لما لا بد له. 1907 - قوله: "فقد رشد" بفتح الشين هو المشهور، وقيل قد جاء كسرها ذكره سيبويه في كتابه واستدل له بعضهم بقوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (¬1) فإن "فعلا" بفتحتين مصدر فعل بكسر العين كفرح فرحًا وسخط سخطًا، وهذا ما جرى في مجلس الحافظ المزي فقرأ عليه شهاب الدين الموصلي ¬

_ (¬1) سورة الجن: آية (14).

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ، وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا». 1098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ، عَنْ تَشَهُّدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: «وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، وَنَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا أَنْ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ يُطِيعُهُ، وَيُطِيعُ رَسُولَهُ، وَيَتَّبِعُ رِضْوَانَهُ، وَيَجْتَنِبُ سَخَطَهُ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَلَهُ». "رشد" بالكسر فرد عليه الشيخ بالفتح، وقرأ عليه قوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (¬1) أي والمضارع بالضم لا يكون للماضي بالكسر فقرأ عليه شهاب قوله تعالى: {فَاُوْلَئِكَ تَحَرُّوْا رَشَدًا} (¬2) ثم انتصر له ابن هشام بما في كتاب سيبويه، رده ابن السبكي بأنه سماع غريب، والحديث إنما يقرأ على اللغة المشهورة كذا ذكره القاضي تاج الدين السبكي في طبقاته الكبرى. 1098 - قوله: "غوى" روي بفتح الواو وكسرها وصوب عياض الفتح، وقوله "ويطيع رسوله" دعا لأهل المجلس خاصة أوله أيضًا على أن الرسول جبرئيل أو هو الرسول، وهو يطيع من حيث كونه مكلفًا نفسه من حيث كونه رسولًا وهذا أقوى، وقوله: "نحن به" أي موجودون بإيجاده أو مستعينون به "وله" أي عبيد له أو مطيعون له من حيث أمر الله تعالى بذلك. ¬

_ (¬1) سورة البقرة؛ آية 186. (¬2) سورة الجن: آية 14.

1099 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا، فَقَالَ: «قُمْ - أَوِ اذْهَبْ - بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ». 1100 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنٍ، عَنْ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ، قَالَتْ: «مَا حَفِظْتُ ق، إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ»، قَالَتْ: «وَكَانَ تَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَنُّورُنَا وَاحِدًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: بِنْتُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. 1101 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِمَاكٌ، === 1099 - قوله: "بئس الخطيب" إلخ قالوا أنكر عليه التشريك في الضمير المقتضي لتوهم التسمية ورد بأنه ورد مثله في كلامه صلى الله تعالى عليه وسلم، فالوجه أن التشريك في الضمير، يخل بالتعظيم الواجب ويوهم التشريك بالنظر إلى المتكلمين والسامعين، والله تعالى أعلم. قوله: "وكان تنور رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الَّذي يخبز فيه له صلى الله تعالى عليه وسلم" إشارة إلى حفظه ومعرفته بأحواله صلى الله تعالى عليه وسلم بواسطة الجوار. 1101 - قوله "قصدًا" أي متوسطة بين الطول والقصر، ولا يلزم مساواة

باب رفع اليدين على المنبر

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا، يَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَيُذَكِّرُ النَّاسَ». 1102 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُخْتِهَا، قَالَتْ: «مَا أَخَذْتُ ق إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. 1103 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ أُخْتٍ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا بِمَعْنَاهُ. بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ 1104 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَى عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَهُوَ يَدْعُو فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَقَالَ عُمَارَةُ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، قَالَ زَائِدَةُ: قَالَ حُصَيْنٌ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ» يَعْنِي السَّبَّابَةَ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ. === الصلاة والخطبة؛ إذ توسط كل يعتبر في بابه. بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ 1104 - قوله: "يدعو" أي رافعًا يديه، وقوله: "فسبح الله دعا عليه" يعني السبابة كان يرفعها عند التشهد.

باب إقصار الخطب

1105 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِرًا يَدَيْهِ قَطُّ يَدْعُو عَلَى مِنْبَرِهِ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنْ رَأَيْتُهُ، يَقُولُ: هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَعَقَدَ الْوُسْطَى بِالْإِبْهَامِ. بَابُ إِقْصَارِ الْخُطَبِ 1106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقْصَارِ الْخُطَبِ». 1107 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنَّمَا هُنَّ كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ». بَابُ الدُّنُوِّ مِنَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ 1108 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ، قَالَ قَتَادَةُ: عَنْ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ، عَنْ === 1105 - قوله: "شاهرًا يديه" أي مظهرًا رافعًا، وكأنه أراد المبالغة وإلا فالرفع عند الدعاء فعلوم بل وكذا المبالغة والله تعالى أعلم.

باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «احْضُرُوا الذِّكْرَ، وَادْنُوا مِنَ الْإِمَامِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ يَتَبَاعَدُ حَتَّى يُؤَخَّرَ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ دَخَلَهَا». بَابُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 1109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ حُبَابٍ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: " صَدَقَ اللَّهُ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ "، ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. بَابُ الِاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1110 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === بَابُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الْخُطْبَةَ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 1109 - قوله: "يعثران" من العثرة وهي الزلة من حد نصر. بَابُ الِاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1110 - قوله: "عن الحبوة" بكسر الحاء" وضمها اسم من الاحتباء قيل: نهي

باب الكلام والإمام يخطب

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحُبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ». 1111 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: «شَهِدْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَجَمَّعَ بِنَا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا جُلُّ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُهُمْ مُحْتَبِينَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْتَبِي وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ»، " وَشُرَيْحٌ، وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، وَنُعَيْمُ بْنُ سَلَامَةَ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا كَرِهَهَا إِلَّا عُبَادَةَ بْنَ نُسَيٍّ». بَابُ الْكَلَامِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1112 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قُلْتَ: أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ. === عنه؛ لأنه يجلب النوم ويعرض طهارته. 1111 - قوله: "فرأيتهم محتبين" إما لأنهم ما بلغهم النهي، أو لأنهم خصوه بمن (¬1) يجلب الاحتباء النوم له. ¬

_ (¬1) تقدير من المصحح.

باب استئذان المحدث الإمام

1113 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، رَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو، فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إِلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]. بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُحْدِثِ الْإِمَامَ 1114 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ === باب الكلام والإمام يخطب 1113 - قوله: "ثلاثة نفر" أي الحاضر لا يخلو عن أن يكون أحد ثلاثة نفر. بَابُ اسْتِئْذَانِ الْمُحْدِثِ الْإِمَامَ 1114 - قوله: "فليأخذ بأنفه" قيل: أمر به ليوهم الناس أن به رعافًا، وهذا من باب الأخذ بالأدب في ستر العورة، وإخفاء القبيح، والتورية بما حسن، وليس من باب الرياء والكذب، بل من باب التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس، ويدل الحديث على أنَّه لا حاجة للمحدث إلى استئذان الإمام وهو المطلوب، ومطلوبه أن قوله تعالى {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} (¬1) لا ¬

_ (¬1) سورة النور: آية 62.

باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

لِيَنْصَرِفْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَذْكُرَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. بَابٌ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1115 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === يشمل مثله أو بغيره، والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1115 - قوله: "أصليت يا فلان" ليس هو من باب الكلام حال خطبة الإمام، فلا يشمله النهي وكذا جواب الرجل؛ لأن الإمام إذا شرع فما الكلام في بقية الخطبة تلك الساعة، ثم هذا الحديث ظاهر في جواز الركعتين حال الخطبة للداخل تلك الحالة، ومن لا يقول بذلك يحمله تارة على أنَّه كان قبل شروع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الخطبة، وهذا في الحديث صريح في رده لقوله: "والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم يخطب"، وأيضًا مذهب الحنفية عدم جواز الصلاة من حين خروج الإمام، لبيان لم يشرع في الخطبة، وأخرى على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سكت عن الخطبة حين صلى، ويروى فيه بعض الأحاديث المرسلة ويرده ما سيجيء من حديث: "إِذا جاء أحدكم ... " إلخ؛ حيث أذن في الركعتين حال خطبة الإمام، وأيضًا المذهب عدم جواز الصلاة وإن سكت، وأيضًا اللازم حينئذ أن لا يمنع الداخل عن الصلاة بل يؤمر الإمام بالسكوت، ولا دليل على المنع عن الركعتين عندهم إلا حديث: "إِذا قلت

باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

يَخْطُبُ، فَقَالَ: «أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «قُمْ فَارْكَعْ». 1116 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ: «أَصَلَّيْتَ شَيْئًا؟ »، قَالَ: لَا، قَالَ: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزْ فِيهِمَا». 1117 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ، أَنَّ سُلَيْكًا جَاءَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ زَادَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». بَابُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ 1118 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا === لصاحبك أنصت ... " (¬1) إلخ؛ ذلك لأن الأمر بالمعروف أعلى من تحية المسجد فإذا منع منه منع منها بالأولى، وفيه يحث، كيف والمضي في الصلاة لمن شرع فيها قبل الخطبة جائز بخلاف المضي في الأمر بالمعروف لمن شرع فيه قبل؛ فكما لا يصح قياس الصلاة بالأمر بالمعروف بقاء لا يصح ابتداء، والله تعالى أعلم. 1117 - قوله: "يتجوز فيهما" أي يخففهما وشرع فيهما. ¬

_ (¬1) البخاري في الجمعة (394) عن أبي هريرة، ومسلم في الجمعة (851/ 11).

باب الرجل ينعس والإمام يخطب

مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ». بَابُ الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1119 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ». بَابُ الْإِمَامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَمَا يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ 1120 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ هُوَ ابْنُ حَازِمٍ - لَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَهُ مُسْلِمٌ، أَوْ لَا - عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابُ الرَّجُلِ يَنْعَسُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ 1119 - قوله: "إذا نعس" بفتح العين والتحول يقطع النعاس، وينبغي أن يقيد بما إذا لم يؤذ أحدًا، والله تعالى أعلم. بَابُ الْإِمَامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَمَا يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ 1120 - قوله: "لا أدري كيف قاله مسلم أولا" ضمير قاله لقوله: "هو ابن حازم"، وقوله: "أولا" بسكون الواو، أو عاطفة ولا نافية، والظاهر أن يقال: لا

باب من أدرك من الجمعة ركعة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ مِنَ الْمِنْبَرِ فَيَعْرِضُ لَهُ الرَّجُلُ فِي الْحَاجَةِ، فَيَقُومُ مَعَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْحَدِيثُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ عَنْ ثَابِتٍ هُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ». بَابُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً 1121 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ». بَابُ مَا يُقْرَأُ [بِهِ] فِي الْجُمُعَةِ 1122 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ "، قَالَ: «وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ === أدري أقاله مسلم أولًا، لا كيف قاله، كما لا يخفى، وأما هذا الكلام فالظاهر أن يقدر كيف الأمر ثم يجعل "قاله" إلخ بتقدير همزة الاستفهام تفسيرًا لجملة كيف الأمر، وبعضهم ضبطوا "أولًا" بتشديد الواو كأن المعنى: لا أدري كيف قاله مسلم أول ما حدثني به، وهذا بعيد، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يُقْرَأُ [بِهِ] فِي الْجُمُعَةِ 1122 - قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَىَ} والاختلاف محمول على جواز

وَاحِدٍ، فَقَرَأَ بِهِمَا» 1123 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ بِهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ». 1124 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، وَفِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، «فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ». 1125 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. === الكل واستنانه وأنه فعل تارة هذا وتارة ذاك فلا تعارض في أحاديث الباب.

باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

بَابُ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ 1126 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجْرَتِهِ وَالنَّاسُ يَأْتَمُّونَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ». بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ 1127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَقَامِهِ، فَدَفَعَهُ، وَقَالَ: أَتُصَلِّي الْجُمُعَةَ أَرْبَعًا؟ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَيَقُولُ: «هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1128 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ». 1129 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، === بَابُ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا جِدَارٌ 1126 - قوله: "في حجرته" يحتمل الحجرة التي اتخذها من حضر في بعض ليالي رمضان فلا دلالة في الحديث على المطلوب، والله تعالى أعلم. 1129 - قوله: (أبي الخوار) (¬1) بضم الخاء المعجمة. ¬

_ (¬1) عمر بن عطاء بن أبي الخوار -بضم المعجمة وتخفيف الواو- المكي مولي بني عامر، ثقة، من الرابعة. التقريب 2/ 61.

أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، ابْنَ أُخْتِ نَمِرٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ رَأَى مِنْهُ مُعَاوِيَةُ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: صَلَّيْتُ مَعَهُ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ فِي مَقَامِي فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: لَا تَعُدْ لِمَا صَنَعْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ، فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ، أَوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ، أَنْ «لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ». 1130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ فَصَلَّى الْجُمُعَةَ، تَقَدَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ صَلَّى الْجُمُعَةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ». 1131 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ - قَالَ: - «مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا»، وَتَمَّ حَدِيثُهُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: «إِذَا صَلَّيْتُمُ === قوله: "فلا تصلها" من الوصل أي لا تصل بعدها صلاة، وقوله: "أن لا توصل" مبني للمفعول من أوصل، والحديث على التغاير جنسًا، والنافلة كلها جنس واحد، والله تعالى أعلم.

باب صلاة العيدين

الْجُمُعَةَ فَصَلُّوا بَعْدَهَا أَرْبَعًا». قَالَ: فَقَالَ لِي أَبِي: «يَا بُنَيَّ، فَإِنْ صَلَّيْتَ فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَيْتَ الْمَنْزِلَ - أَوِ الْبَيْتَ - فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». 1132 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. 1133 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ، «يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَيَنْمَازُ عَنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ قَلِيلًا، غَيْرَ كَثِيرٍ»، قَالَ: «فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ»، قَالَ: «ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ»، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ رَأَيْتَ ابْنَ عُمَرَ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِرَارًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَلَمْ يُتِمَّهُ. بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ 1134 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، === 1133 - قوله: "فينماز عن مصلاه" وهو انفعال من الميز، وهو الفصل، أي فينفصل عن المكان الَّذي صلى فيه ويفارقه، وقوله: "ثم يمشي أنفس من ذلك" أي أفسح وأبعد قليلا. بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ 1134 - قوله: "يوم الأضحى" بالفتح جمع أضحاة شاة يضحى بها، وبه

باب وقت الخروج إلى العيد

قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ. بَابُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ 1135 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ الرَّحَبِيُّ، قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ، أَوْ أَضْحَى، فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: «إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ»، وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ. بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدِ 1136 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَحَبِيبٍ، وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَهِشَامٍ فِي آخَرِينَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: === سمي يوم الأضحى. بَابُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ 1135 - قوله: "حين التسبيح" أي حين تحل الصلاة النافلة. بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدِ 1136 - قوله: "ذوات الخدور" بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسر الخاء الستر أو البيت، و"الحيض" بضم حاء وتشديد ياء جمع حائض،

أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ ذَوَاتِ الْخُدُورِ يَوْمَ الْعِيدِ، قِيلَ: فَالْحُيَّضُ؟ قَالَ: «لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ»، قَالَ: فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِحْدَاهُنَّ ثَوْبٌ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: «تُلْبِسُهَا صَاحِبَتُهَا طَائِفَةً مِنْ ثَوْبِهَا». 1137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيَّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: «وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الثَّوْبَ». قَالَ: وَحَدَّثَ عَنْ حَفْصَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ تُحَدِّثُهُ عَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى قَالَتْ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مُوسَى فِي الثَّوْبِ. 1138 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَتْ: وَالْحُيَّضُ يَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ. 1139 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ يَعْنِي الطَّيَالِسِيَّ، وَمُسْلِمٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، جَمَعَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فِي بَيْتٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَرَدَدْنَا === وقوله: "تلبسها" من البس أي لتشركها في ثوبها ولا يخفى أن فيه حرجًا كثيرًا في المشي؛ فالحديث يفيد التأكد في الخروج، والله تعالى أعلم. 1139 - قوله: "والعتق" بضم العين المهملة وفتح المثناة من فوق المشددة جمع عاتق، وهي التي قاربت البلوغ، وقيل: الشابة أول ما تبلغ، وقيل: هي التي ما

باب الخطبة يوم العيد

عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُنَّ، وَأَمَرَنَا بِالْعِيدَيْنِ أَنْ نُخْرِجَ فِيهِمَا الْحُيَّضَ، وَالْعُتَّقَ، وَلَا جُمُعَةَ عَلَيْنَا وَنَهَانَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ». بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ 1140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، ح وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: أَخْرَجَ مَرْوَانُ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَبَدَأَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ، خَالَفْتَ السُّنَّةَ، أَخْرَجْتَ الْمِنْبَرَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُخْرَجُ فِيهِ، وَبَدَأْتَ بِالْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ: أَمَّا === تزوجت وقد أدركت وشبت. بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ 1140 - قوله: "فبلسانه" أي فلينكره بلسانه وكذا. قوله: "فبقلبه"، أي فلينكره بقلبه أو فليكرهه بقلبه، وليس المراد فليغيره بلسانه أو بقلبه، أما في القلب فظاهر، وأما في اللسان فلأن المفروض أنَّه لا يستطيع أن يغير باليد فكيف يغيره باللسان، إلا أن يقال؛ قد يمكن التغيير بطيب الكلام مع عدم استطاعة التغيير باليد، لكن ذاك نادر قليل جدًّا وليس الكلام فيه، وقوله: "وذلك أضعف" أي الإنكار بالقلب فقط أضعف في نفسه فلا يكتفي به إلا من لا يستطيع غيره، نعم إذا اكتفى به من لا يستطيع غيره فليس منه بأضعف؛

هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». 1141 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ، فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ تُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ»، قَالَ: تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَتَخَهَا وَيُلْقِينَ وَيُلْقِينَ، وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ: === فإنه لا يستطيع غيره والتكليف بالوسع، قيل: في الحديث إشكال؛ لأنه يدل على ذم فاعل الإنكار بالقلب ققط، وأيضًا فقد يعظم إيمان الشخص ولا يستطيع التغيير باليد ولا يلزم من عجزه عن التغيير باليد ضعف الإيمان، فكيف جعله صلى الله تعالى عليه وسلم أضعف الإيمان؟ أجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأن المراد بالايمان هاهنا: الأعمال مجازًا، ولا شك أن التقريب بالكراهة ليس كالتقرب بالإنكار، ولم يذكر صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك في معرض الذم، وإنما ذكره ليعلم المكلف حقارة ما حصل له في هذا القسم فيترقى إلى غيره، والله تعالى أعلم. 1141 - قوله: "فتخها" بفتحتين وإعجام الخاء جمع فتخة كقصب وقصبة، وهي خواتيم كبار تلبس في أصابع اليدين أو الرجل، وقيل: خواتم لا فصوص

فَتَخَتَهَا. 1142 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَشَهِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، وَمَعَهُ بِلَالٌ - قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَكْبَرُ عِلْمِ شُعْبَةَ - فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ. 1143 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمَعْنَاهُ قَالَ: فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فَمَشَى إِلَيْهِنَّ وَبِلَالٌ مَعَهُ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ. 1144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُعْطِي الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ، وَجَعَلَ بِلَالٌ يَجْعَلُهُ فِي كِسَائِهِ، قَالَ: فَقَسَمَهُ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. === لها 1143 - قوله: "إنه لم يسمع" من الإسماع، و"القرط" بضم قاف وسكون راء نوع من حلي الأذن معروفة.

باب يخطب على قوس

بَابُ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ 1145 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُووِلَ يَوْمَ الْعِيدِ قَوْسًا، فَخَطَبَ عَلَيْهِ». بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ فِي الْعِيدِ 1146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَوْلَا مَنْزِلَتِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً»، قَالَ: «ثُمَّ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ»، قَالَ: «فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ»، قَالَ: «فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَتَاهُنَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === بَابُ يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ 1145 - قوله: "نَوَّل" بضم نون وتشديد واو مكسورة من نولته بالتشديد أي أعطيته. قوله: "ولولا منزلتي" أي قرابتي منه، وقوله: "من الصغر" أي لا يعطه؛ فإنه كان صغيرًا، وقوله: "فأتاهن" أي قرب بلال منهن ليأخذ منهن ذلك، ثم الأقرب أن الحلي كان ملكًا لهن، ويحتمل أنها ملكًا لأزواجهن إلا أنهن تصدقن في حضورهم ولا يخلو عن بعد.

باب التكبير في العيدين

1147 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ، وَلَا إِقَامَةٍ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، أَوْ عُثْمَانَ» شَكَّ يَحْيَى. 1148 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ الْعِيدَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ، وَلَا إِقَامَةٍ». بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ 1149 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا». 1150 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: سِوَى تَكْبِيرَتَيِ الرُّكُوعِ. 1151 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الْأُولَى، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا».

باب ما يقرأ في الأضحى والفطر

1152 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي يَعْلَى الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ الْأُولَى سَبْعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا، ثُمَّ يَقْرَأُ، ثُمَّ يَرْكَعُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وَكِيعٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَا: سَبْعًا وَخَمْسًا. 1153 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَابْنُ أَبِي زِيَادٍ، الْمَعْنَى قَرِيبٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ حُبَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَائِشَةَ، جَلِيسٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، سَأَلَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَكْبِيرَهُ عَلَى الْجَنَائِزِ»، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «كَذَلِكَ كُنْتُ أُكَبِّرُ فِي الْبَصْرَةِ، حَيْثُ كُنْتُ عَلَيْهِمْ»، وَقَالَ أَبُو عائِشَةَ: «وَأَنَا حَاضِرٌ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ». بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ 1154 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ === باب التكبير في العيدين 1153 - قوله: "كان يكبر أربعًا" إلخ، والأقرب أنه محمول على جواز الكل وأنه فعل تارة هذا وتارة ذاك. بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ 1154 - قوله: "سأل (أبا واقد) " سؤال اختيار أو لزيادة التوثيق ويحتمل أنَّه

باب الجلوس للخطبة

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ، مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ قَالَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ». بَابُ الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ 1155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ: «إِنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === نسي وأما احتمال أنَّه ما علم بذلك أصلًا فيأباه قرب عمر منه صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم. بَابُ الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ 1155 - قوله: "فمن أحب" إلخ يدل على عدم وجوب حضور خطبة العيد وسماعه.

باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق

بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ 1156 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ». بَابٌ إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الْإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ 1157 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ». 1158 - حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ === بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ 1156 - قوله: "ثم رجع" إلخ قيل: لتعمير الطريقين بالذكر أو ليشهد له الطريقان بالخير، والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الْإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ 1157 - قوله: "وإِذا أصبحوا" إلخ كأنه فاتهم وقت الصلاة يومئذ فأمرهم بذلك والله تعالى أعلم. 1158 - قوله: "إِسحاق بن سالم" (¬1) إلى قوله: "أخبرني بكر ... " في ¬

_ (¬1) إسحاق بن سالم، مولى بني نوقل بن عدي، مجهول الحال، من السادسة. التقريب 1/ 57.

باب الصلاة بعد صلاة العيد

سُوَيْدٍ، أَخْبَرَنِي أُنَيْسُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سَالِمٍ، مَوْلَى نَوْفَلِ بْنِ عَدِيٍّ، أَخْبَرَنِي بَكْرُ بْنُ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: «كُنْتُ أَغْدُو مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى، فَنَسْلُكُ بَطْنَ بَطْحَانَ حَتَّى نَأْتِيَ الْمُصَلَّى، فَنُصَلِّيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَرْجِعَ مِنْ بَطْنِ بَطْحَانَ إِلَى بُيُوتِنَا». بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ 1159 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ === الميزان لا يعرف بكر وإسحاق بغير هذا الحديث؛ لكن قال ابن السكن: إسناد صالح (¬1). قوله: "فنسلك" أي نمشي و"بطحان" بفتح الموحدة وضمها اسم وادي المدينة، قيل: والأكثر على الضم وهو الأصح، والظاهر أن هؤلاء أهل قباء أرادوا أن يصلوا مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، ومناسبة الحديث بالباب خفية. بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ 1159 - قوله: "لم يصل قلبها" محمول على البيت والمصلى، وأما ولا بعدها فعلى المصلى، وقوله: "خرصها" بضم معجمة وكسرها حلقة صغيرة من ¬

_ (¬1) ميزان الاعتدال 1/ 192 (758).

باب يصلي بالناس [العيد] في المسجد إذا كان يوم مطر

بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا، وَسِخَابَهَا». بَابُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ [الْعِيدَ] فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ يَوْمُ مَطَرٍ 1160 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، ح وحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنَ الْقَرَوِيِّينَ، وَسَمَّاهُ الرَّبِيعُ فِي حَدِيثِهِ عِيسَى بْنَ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، سَمِعَ أَبَا يَحْيَى عُبَيْدَ اللَّهِ التَّيْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ». جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعِهَا 1161 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ بِالنَّاسِ لِيَسْتَسْقِيَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ». 1162 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَازِنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === حلي الأذن، "وسخابها" بكسر السين بعدها خاء معجمة وبعدما الألف موحدة قلادة من طيب ومسك وقرنفل وليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شيء، وقيل: خيط ينظم خرزًا يلبسه الصبيان والجواري.

وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يَسْتَسْقِي فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ -، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ - قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: - وَقَرَأَ فِيهِمَا " زَادَ ابْنُ السَّرْحِ: يُرِيدُ الْجَهْرَ. 1163 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ يَعْنِي الْحِمْصِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ لَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ، قَالَ: وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. 1164 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ». 1165 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَحْوَهُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ === جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعِهَا 11063 - قوله: "فجعل عطافة" العطاف بالكسر: الرداء وأريد به هاهنا أحد شقيه؛ فلذلك أضيف إليه، ويجوز جعل الضمير له صلى الله تعالى عليه وسلم على تقدير المضاف لا للرد، أي جعل جانب ردائه الأيمن. 1165 - قوله: "متبذلًا" بمثناة ثم موحدة ثم ذال معجمة من التبذل، وهو

باب في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى

بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: أَرْسَلَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ - قَالَ عُثْمَانُ ابْنُ عُقْبَةَ: وَكَانَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ - إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا، مُتَضَرِّعًا، حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى - زَادَ عُثْمَانُ، فَرَقَى عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، - وَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ، وَالتَّضَرُّعِ، وَالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَالْإِخْبَارُ لِلنُّفَيْلِيِّ، وَالصَّوَابُ ابْنُ عُقْبَةَ». بَابٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إِذَا اسْتَسْقَى 1166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، وَأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ». 1167 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ === ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع، ويحتمل أن يكون بتقديم الموحدة من الابتذال وهو بمعناه، وقوله: "فرقي" بكسر القاف، "أبي اللحم" بألف ممدودة فاعل من أبي بمعنى: امتنع.

باب رفع اليدين في الاستسقاء

اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ». بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ 1168 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ، وَعُمَرَ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى بَنِي آبِي اللَّحْمِ، «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ قَائِمًا، يَدْعُو يَسْتَسْقِي رَافِعًا يَدَيْهِ قِبَلَ وَجْهِهِ، لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ». 1169 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَوَاكِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، مَرِيئًا مَرِيعًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا === بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ 1168 - قوله: "أحجار الزيت" هو موضع بالمدينة. 1169 - قوله: "أتت" على جهة التأنيت والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالنصب مفعوله و"بواكي" جمع باكية فاعلة أي جاءت عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نفوس باكية، النساء باكيات لانقطاع المطر عنهم، ملتجأه إليه وهذه هي الرواية المعتمدة في سنن أبي داود، وقد صحف كثير منهم نسخ السنن بوجوه معددة لا يظهر بعضها معنى صحيح، وقوله: "اسقنا" من سقى كرمى أو أسقاه بمعناه و"مغيثًا" من الإغاثة بمعنى الإغاثة و"مريئًا" بالهمزة بمعنى محمود العاقبة، و"مريعًا" بضم الميم أو فتحها مع كسر الراء والياء التحتانية، وهو الذي يأتي

غَيْرَ آجِلٍ»، قَالَ: فَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ. 1170 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ». 1171 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَسْقِي هَكَذَا - يَعْنِي - وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ، حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ». 1172 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «يَدْعُو عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ بَاسِطًا كَفَّيْهِ». 1173 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، === بالريع وهو الزيادة، وقوله: "فأطبقت" أي صارت عليهم كالطبق والله تعالى أعلم. 1170 - قوله: "لا يرفع يديه" أي لا يبالغ في الرفع، وإلا فأصل الرفع ثابت في مطلق الدعاء، وآخر الحديث يشعر بذلك المعنى. 1173 - قوله: "قحوط المطر" بضم القاف أي فقده، وقوله: "حين بدا" من

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ فِي الْمُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ»، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ، أَوْ === البدو أي ظهر، و"حاجب الشمس" طرفها، والمراد: طرفها الذي يظهر أولًا منها، و"الاستئخار" التأخر، و"الإبّان" بكسر الهمزة وتشديد الباء، وقيل: أول الوقت والإضافة على الثاني مبني على التجريد، أي تأخر المطر عن أول وقته وعلى الأول مشكل إلا أن تكون بيانية، و"عنكم" متعلق بالاستتخار، وقوله: "بلاغًا" أي زادًا يبلغنا إلى حين انقطاع الحياة عنا، وقوله: "ثم رفع يديه" أي شرع في رفع يديه و"حول إلى الناس ظهره" أي استقبل القبلة تبتيلا إلى الله وانقطاعًا عما سواه، و"قلب" بالتخفيف أو التشديد، "فرعدت وبرقت" بفتح العين والراء أي ظهر فيها الرعد والبرق على الشبه إلى المحل، "رأى سرعتهم" أي في الذهاب والمضي، "إلى الكن" بكسر الكاف وتشديد النون وهو ما يراد به دفع البرد والحر من المسكن، "ضحك" أي تعجبًا من طلبهم المطر اضطرارًا ثم

حَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ، فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ ضَحِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقْرَءُونَ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، وَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةٌ لَهُمْ». 1174 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَيُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُنَا يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْكُرَاعُ، هَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا، قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ سَحَابَةً، ثُمَّ اجْتَمَعَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ === طلبهم الكن عنه فرارًا، ومن عظيم قدرة الله تعالى وإظهاره صدق رسوله بإجابة دعائه ولذلك أتى بالشهادتين والله تعالى أعلم. 1174 - قوله: "الكراع" بالضم الخيل اسم جمع، وقوله: "لمثل الزجاجة" أي في صفاء اللون وعدم اختلاطه بالغيم، وقوله: "فهاجت" أي ثارت، "ثم أرسلت السماء عزاليها" بفتح مهملة ثم معجمة وكسر لام وفتح ياء ويجوز فتح اللام أي أفواهها وهو جمع، "عزلا" بفتح مهملة ومد فم السقاء الذي يفرغ منه الماء، شبه اندفاق المطر أي اتساعه بما يخرج من فم السقاء، وقوله: "حوالينا" بفتح اللام، أي

عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ، حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ يَزَلِ الْمَطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا»، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ يَتَصَدَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ. 1175 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ بِحِذَاءِ وَجْهِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا»، وَسَاقَ نَحْوَهُ. 1176 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: ح وحَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ === اجعل المطر أو اصرفه، "يتصدع" أي يتفرق ويتقطع كأنه أي السحاب لصيرورته حول المدينة وتركه المدينة خاليًا إكليل دايرة حولها، و"الإكليل" بكسر الهمزة سكون الكاف كلُّ ما أحاط بالشيء ودار حول جوانبه. 1176 - قوله: "وبهائمك" جمع بهيمة أي الحيوانات والحشرات و"انشر" بضم الشين أي ابسط رحمتك على جميع الموجودات، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} (¬1) و "أحيى" من ¬

_ (¬1) سورة الشورى: آية 28.

باب صلاة الكسوف

عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اسْتَسْقَى، قَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ»، هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ. بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ 1177 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَخْبَرَنِي مَنْ أُصَدِّقُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ عَائِشَةَ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامًا شَدِيدًا، يَقُومُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْكَعُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، يَرْكَعُ === الإحياء أي اجعل الأرض اليابسة البيضاء لعدم الماء رطبة خضراء بالماء والنبات. بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ 1177 - قوله: "كسفت الشمس" بفتح كاف وسين كذا في المجمع وفي الصحاح كسفت الشمس كسوفًا وكسفها الله كسفًا (¬1) ولا يتعدى (¬2) اهـ. فيمكن بناء كسفت للمفعول أيضًا. قوله: "يقوم بالناس" بيان للقيام الشديد، وهذا من قبيل إحضار هيئة القيام في الحال، فلذلك أتى بصيغة المضارع وكذا ما بعده، وقوله: "ثلاث ركعات" ¬

_ (¬1) كلمة غير واضحة بالأصل. (¬2) الصحاح 571.

باب من قال أربع ركعات

الثَّالِثَةَ، ثُمَّ يَسْجُدُ حَتَّى إِنَّ رِجَالًا يَوْمَئِذٍ لَيُغْشَى عَلَيْهِمْ مِمَّا قَامَ بِهِمْ، حَتَّى إِنَّ سِجَالَ الْمَاءِ لَتُصَبُّ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ إِذَا رَكَعَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَإِذَا رَفَعَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا كُسِفَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ». بَابُ مَنْ قَالَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ 1178 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا كُسِفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ === أراد بالركعات: الركوع "سجال الماء" بكسر السين وخفة الجيم جمع سجل بفتح فسكون هو الدلو المملوء، وقوله "لا ينكسفان" بالتذكير لتغليب القمر كما في القمرين، وقوله: "لموت أحد. . ." إلخ قال ذلك؛ لأنها انكسفت يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فزعم الناس أنها انكسفت لموته، فدفع صلى الله تعالى عليه وسلم وهمهم بهذا الكلام، وذكر الحياة استطرادي. قوله: "آيتان" أي علامتان دالتان على عظيم سلطانه وباهر برهانه. بَابُ مَنْ قَالَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ 1178 - قوله: "ثم تأخر في صلاته" تأخره وتقدمه؛ لأنه رأى الجنة والنار

ابْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ كَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الثَّالِثَةَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَانْحَدَرَ لِلسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ، فَرَكَعَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلَّا الَّتِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّتِي بَعْدَهَا، إِلَّا أَنَّ رُكُوعَهُ نَحْوٌ مِنْ قِيَامِهِ، قَالَ: ثُمَّ تَأَخَّرَ فِي صَلَاتِهِ فَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ مَعَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَامَ فِي مَقَامِهِ وَتَقَدَّمَتِ الصُّفُوفُ، فَقَضَى الصَّلَاةَ، وَقَدْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ بَشَرٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ»، وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. 1179 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ === في ذلك المقام. 1179 - قوله: "يخرون" بتشديد الراء أي يسقطون على الأرض، وقوله: "فكان أربع ركعات. . ." إلخ قال علماؤنا: عدد الركوع مضطرب في الأحاديث فيجب طرح الكل والرجوع إلى المعروف وهو ركوع واحد في كل ركعة، وقال

رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 1180 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خُسِفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ فَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ. 1181 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ === الجمهور: بل يجب الترجيح، ورواية أربع ركعات أرجح، فيجب الأخذ بها وطرح الباقي، وحمل بعضهم الكل على تعدد الوقائع وهو بعيد بحسب النظر؛ لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما صلى للكسوف إلا في المدينة وكان في المدينة عشر سنين، ولم يعرف تكرر الكسوف في كذا القدر إلى سبع مرات ونحوها، والله تعالى أعلم.

شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ، يُحَدِّثُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، مِثْلَ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ. 1182 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ بْنِ خَالِدٍ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ أَتَمُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ، فَقَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ، وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ، فَقَرَأَ سُورَةً مِنَ الطُّوَلِ، وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا». 1183 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا».

1184 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ عِبَادٍ الْعَبْدِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنَّهُ شَهِدَ خُطْبَةً يَوْمًا لِسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ سَمُرَةُ: بَيْنَمَا أَنَا وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ نَرْمِي غَرَضَيْنِ لَنَا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي عَيْنِ النَّاظِرِ مِنَ الأُفُقِ اسْوَدَّتْ، حَتَّى آضَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ، فَقَالَ أَحَدُنَا لِصَاحِبِهِ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَاللَّهِ لَيُحْدِثَنَّ شَأْنُ هَذِهِ الشَّمْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ حَدَثًا، قَالَ: «فَدَفَعْنَا فَإِذَا هُوَ بَارِزٌ، فَاسْتَقْدَمَ، فَصَلَّى، فَقَامَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا قَامَ بِنَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ، لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا»، قَالَ: «ثُمَّ رَكَعَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا رَكَعَ بِنَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ، لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا، ثُمَّ سَجَدَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا سَجَدَ بِنَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ، لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ»، قَالَ: === 1184 - قوله: "غرضين" بفتح معجمة ومهملة أي هدفين، وقوله: "قيد رمحين" بكسر القاف أي قدرهما، وقوله "آضت" بالمد، أي رجعت وصارت و"التنومة" بفتح مثناة من فوق وتشديد، نون نبت لونه يضرب إلى السواد و"ليحدثن" من الإحداث بالنون الثقيلة، وشأن هذه الشمس مرفوع بالفاعلية، وقوله: "بارز" بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة من البروز أي ظاهر للناس، قيل: هكذا في سنن أبي داود وهو تصحيف، والصواب بأزز بباء الجر وهمزة مضمومة وزائين معجمتين أي بجمع كثير. قلت: في القاموس: الأزز محركة أي بفتحتين جمع كثير (¬1)، وقوله: ¬

_ (¬1) القاموس 645.

«فَوَافَقَ تَجَلِّي الشَّمْسُ جُلُوسَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ»، قَالَ: «ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»، ثُمَّ سَاقَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1185 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَانْجَلَتْ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ صَلَّيْتُمُوهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ». 1186 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مُوسَى، قَالَ: حَتَّى بَدَتِ === "كأطول ما قام بنا في صلاته" أي دائما أو أبدًا، فلذلك استعمل في الإثبات وإلا فقد أجمعوا على أنه لا يستعمل إلا في النفي، وقوله: "لا نسمع صوتا له" يدل على أنه قرأ سرًّا لجواز أنه قرأ جهرًا ولم يسمعه هؤلاء لبعدهم، وظاهر هذا الحديث والحديث الذي بعده أنه ركع ركوعًا وأحدًا، والله تعالى أعلم. 1185 - قوله: "فزعًا" قال الكرماني: بكسر الزاي صفة مشبهة وبفتحها مصدر بمعنى الصفة، أو مفعول مطلق لمقدم، وقوله: "كما حدث صلاة" أريد به صلاة الفجر، ولا يخفى دلالته على وحدة الركوع.

باب القراءة في صلاة الكسوف

النُّجُومُ. بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ 1187 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، كُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ - ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فَحَزَرْتُ قِرَاءَتَهُ أَنَّهُ قَرَأَ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ». 1188 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، فَجَهَرَ بِهَا - يَعْنِي فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ -». 1189 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، === بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ 1187 - قوله: "فحزرت" بتقديم المعجمة على المهملة أي قدرت، وقوله: "فرأيت" على بناء المفعول ويمكن أن يكون عدم سماعه لبعده أو لعدم الجهر، وقد جاء الجهر صريحًا فلا يعارضه مثل هذا.

باب ينادى فيها بالصلاة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «خُسِفَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا بِنَحْوٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابُ يُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ 1190 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُسِفَتِ الشَّمْسُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَنَادَى: أَنِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. بَابُ الصَّدَقَةِ فِيهَا 1191 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا». بَابُ الْعِتْقِ فِيهَا 1192 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بَابُ الْعِتْقِ فِيهَا 1192 - قوله: "بالعتاقة" بفتح العين، أي بإعتاق العبيد والإماء.

باب من قال: يركع ركعتين

يَأْمُرُ بِالْعَتَاقَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ». بَابُ مَنْ قَالَ: يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ 1193 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: «كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، رَكْعَتَيْنِ وَيَسْأَلُ عَنْهَا، حَتَّى انْجَلَتْ». 1194 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكَدْ يَرْكَعُ، ثُمَّ رَكَعَ، فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ، فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ، فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ، فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ، فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ وَفَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَفَخَ فِي آخِرِ سُجُودِهِ، فَقَالَ: «أُفْ أُفْ»، ثُمَّ قَالَ: «رَبِّ، === بَابُ مَنْ قَالَ: يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ 1193 - قوله: "ركعتين ركعتين" قيل: المراد ركوعين ركوعين في كل ركعة ويبعده قوله: "ويسأل عنها" فتأمل. 1194 - قوله: "لم يكد يركع" أي أطال القيام بحيث كأنه ما كان قريبا إلى أن يركع "ثم نفخ" أي تأسفا على حال الأمة لما رأى في ذلك الموقف من الأمور العظام حتى النار فخاف عليهم، وقوله: "رب ألم تعدني. . ." إلخ من باب التضرع في حضرته وإظهار غناه وفقر الخلق، وأن ما وعد به من عدم العذاب ما دام فيهم النبي يمكن أن يكون مقيدًا بشرط، وأيضًا غلبة الخشية والدهشة وفجأة

أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ؟ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ؟ » فَفَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَقَدْ أَمْحَصَتِ الشَّمْسُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 1195 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَتَرَمَّى بِأَسْهُمٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كُسِفَتِ الشَّمْسُ، فَنَبَذْتُهُنَّ، وَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ مَا أَحْدَثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُسُوفُ الشَّمْسِ الْيَوْمَ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ «رَافِعٌ يَدَيْهِ يُسَبِّحُ وَيُحَمِّدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيَدْعُو، حَتَّى حُسِرَ عَنِ الشَّمْسِ، فَقَرَأَ بِسُورَتَيْنِ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ». === الأمور العظام تذهل الإنسان عما يعلم، وليس مثله مبنيًّا على عدم التصديق بوعده الكريم وهذا ظاهر، وقوله: "وقد أمحصت الشمس" بهمزة قطع على بناء الفاعل من الإمحاص، وأصله المحص وهو الخلاص، والمعنى: ظهرت من الكسوف وانجلت. 1195 - قوله: "أترمى" بتشديد الميم المفتوحة أي ارمى، وقوله: "حُسِرَ" على بناء المفعول، أي أزيل وكشف ما بها، وقوله: "فقرأ بسورتين" ظاهره أنه صلى بعد الانجلاء، وهو خلاف ما تقتضيه سائر الروايات وما عليه أهل العلم، فيحمل على أن قوله. "فقرأ سورتين" إجمال لما ذكره "يسبح ويحمد. . ." إلخ، والحاصل أنه حين جاء وجده وهو يصلي فبين أن جملة الصلاة ركعتين بسورتين، لكن الذي يقول بعدد الركوع لعله يقول: إنه قرأ في كل ركعة سورتين وركع ركوعين، والله تعالى أعلم.

باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

بَابُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا 1196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، حَدَّثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ النَّضْرِ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى عَهْدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَنَسًا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَلْ كَانَ يُصِيبُكُمْ مِثْلُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «مَعَاذَ اللَّهِ، إِنْ كَانَتِ الرِّيحُ لَتَشْتَدُّ فَنُبَادِرُ الْمَسْجِدَ مَخَافَةَ الْقِيَامَةِ». بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ 1197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَاتَتْ فُلَانَةُ - بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَّ سَاجِدًا، فَقِيلَ لَهُ: أَتَسْجُدُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا»، وَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَهَابِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ * * * === بَابُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا 1196 - قوله: "إن كانت" هي مخففة من المثقلة، والمقصود: إنا نبادر إلى الصلاة بأدنى شيء فيدفع الله تعالى بها عنا ولا نصبر إلى أن يبلغ الأمر هذا المبلغ، والله تعالى أعلم. نهاية الجزء الأول، ويليه الجزء الثاني وأوله: باب صلاة المسافر * * *

جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للناشر والمؤلف الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م الناشر مكتبة لينَة السعودية: تليفاكس: 0096625544877 مصر: تليفاكس: 00202453320849 جوال: 0504898542 - 0598894495 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]

فَتح الْوَدُوْد في شَرْح سُنَن أبي دَاوُد [2]

باب صلاة المسافر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَفْرِيعِ أبوابِ صَلَاةِ السَّفَرِ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ 1198 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ». 1199 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا خُشَيْشٌ يَعْنِي ابْنَ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ === تَفْرِيعِ أبوابِ صَلَاةِ السَّفَرِ بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ 1198 - قوله: "فرضت الصلاة" أي الرباعية والمختلفة حضرًا أو سفرًا، وأما المتحدة فيهما فلا كلام فيها، فلا يرد الإشكال بها على هذا الكلام، وقوله: "فأقرت" أي صارت بالقصر بحيث كأنها أقرت على حالها الأصلي، فلا يرد أن قوله تعالى: {فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬1) ظاهر في القصر، فكيف يصح القول بأنها أقرت؟ والله تعالى أعلم. 1199 - قوله: "إِقصار الناس" أي ما وجهه، وقوله: "صدقته" إلخ أي شرع لكم ذلك رحمة عليكم وإزالة للمشقة عنكم نظرًا إلى ضعفكم وفقركم، وهذا المعنى يقتضي أن ما ذكر فيه من القيد فهو اتفاقي ذكره على مقتضى ذلك الوقت، ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية 101.

باب متى يقصر المسافر؟

جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَيْهِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَرَأَيْتَ إِقْصَارَ النَّاسِ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101]، فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ». 1200 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ، يُحَدِّثُ فَذَكَرَهُ نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ بَكْرٍ. بَابُ مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ؟ 1201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، === وإلا فالحكم عام والقيد لا مفهوم له، ولا يخفى ما في الحديث من الدلالة على اعتبار المفهوم في الأدلة الشرعية، وأنهم كانوا يفهمون ذلك، ويرون أنه الأصلي، وأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قررهم على ذلك، لكن بيَّن أنه قد لا يكون [مقيدًا] (¬1) أيضًا بسبب من الأسباب، والله تعالى أعلم. بَابُ مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ؟ 1201 - قوله: "إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال. . ." إلخ، ظاهر الحديث أنه إذا خرج قاصدًا ثلاثة أميال يقصر، لكن العلماء حملوه على أن المراد أنه إذا قصد ¬

_ (¬1) في النسخة التي معي [معتبرًا].

عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، === سفرًا يصح فيه القصر، ومشى فيه من بيته هذا القدر يقصر، وقالوا: هذا الحديث اختصار للحديث الذي بعده، وفيه كان خروج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى مكة، لكنه قصر حين وصل ذا الحليفة، والله تعالى أعلم. قوله: "يعجب ربك" من عجب كسمع، والمراد: يرضى (¬1) ونحوه إذا العجب انفعال فيستحيل عليه تعالى، و"شظية" بفتح شين معجمة وكسر ظاء معجمة أيضًا وتشديد ياء مثناة من تحت، قطعة مرتفعة في رأس الجبل. قوله: "حديث ما سمعت. . ." إلخ كان مراده: حدثنا بالمرفوع إليه سواء مسموعًا منه أو مرئيًّا من أحواله، فوافقه جواب أنس. قوله: "فقلنا زالت الشمس" هذا مبنى على أنه كان يعلم بأول الزوال وهم ما كانوا يعلمون به فيترددون على حسب علمهم، وهذا مثل ترددهم في بعض ما صلى لبيان أوقات الصلاة للناس حتى قال الراوي: فقال بعضهم: زالت الشمس، وقال بعضهم: لا وهو أعلم بذلك أو كما قال، ولا شك أن هناك لا تتصور الصلاة قبل الزوال قطعًا وكذا قوله: "وإن كان بنصف النهار" أي فيما يظهر، وحمله على جواز الصلاة وقت الشك كما فعله المصنف لا يخلو عن بعد، والله تعالى أعلم. قوله: "استصرخ على صفية" أي نودي على صفية، وهي امرأته ليحضرها، وفي المجمع يقال: استصرخ الإنسان وبه إذا أتاه الصارخ، وهو المصوت يعلمه ¬

_ (¬1) الواجب في صفات الله تعالى إمرارها كما جاءت دون تأويل أو تكييف أو تشبيه، وانظر ما قرره المؤلف نفسه في كلامه عن صفة العجب ص (554).

باب الأذان في السفر

فَقَالَ أَنَسٌ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ - شَكَّ شُعْبَةُ - يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ». 1202 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، سَمِعَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ». بَابُ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ 1203 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا عُشَّانَةَ الْمَعَافِرِيَّ، حَدَّثَهُ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بِجَبَلٍ، يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ، وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى === بأمر حادث يستعين به عليه أو ينعى له ميتًا، و "عجل" كسمع، والحديث دال على الجمع وقتًا وهو أن يجمعهما في وقت واحد، وتأويله بالجمع فعلًا هو أن يؤخر الأولى منهما فيصليها في آخر وقتها ويقدم الثانية، فيصليها في أول وقتها فتصير كل منهما صلاة في وقتها ببعده، وقوله: "حتى غاب الشفق" وحمله على معنى حتى قارب الغيبوبة تأويل بعيد، لكن سيجئ من رواية ابن عمر ما يدل عليه، والله تعالى أعلم. قوله: "إذا زاغت" أي زالت، أي إن دخل وقت الظهر وهو في المنزل يجمع بينهما جمع تقديم وإلا يجمع جمع تأخير.

باب المسافر يصلي وهو يشك في الوقت

عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، يَخَافُ مِنِّي، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ. بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي وَهُوَ يَشُكُّ فِي الْوَقْتِ 1204 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْمِسْحَاجِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَقُلْنَا: زَالَتِ الشَّمْسُ، أَوْ لَمْ تَزُلْ، صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ. 1205 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ الْعَائِذِيُّ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا، لَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى يُصَلِّيَ الظُّهْرَ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ؟ قَالَ: «وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ». بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ 1206 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، أَخْبَرَهُمْ، «أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا».

1207 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، اسْتُصْرِخَ عَلَى صَفِيَّةَ وَهُوَ بِمَكَّةَ، فَسَارَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَبَدَتِ النُّجُومُ، فَقَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ فِي سَفَرٍ، جَمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ، فَسَارَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ، فَنَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا». 1208 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ، حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعَصْرِ، وَفِي الْمَغْرِبِ مِثْلُ ذَلِكَ، إِنْ غَابَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَإِنْ يَرْتَحِلْ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَنْزِلَ لِلْعِشَاءِ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ الْمُفَضَّلِ، وَاللَّيْثِ. 1209 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

باب الجمع بين الصلاتين

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قَطُّ فِي السَّفَرِ إِلَّا مَرَّةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا يُرْوَى عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَمْ يَرَ ابْنَ عُمَرَ، جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَطُّ إِلَّا تِلْكَ اللَّيْلَةَ يَعْنِي لَيْلَةَ اسْتُصْرِخَ عَلَى صَفِيَّةَ، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مَكْحُولٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عُمَرَ، فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. 1210 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ» قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «أَرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، نَحْوَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا إِلَى تَبُوكَ. === باب الجمع بين الصلاتين 1210 - قوله: "ولا سفر" يحتمل أن المراد بالسفر السير، فكانت الصلاة حالة النزول لا حالة السير، وما جاء أنه جمع بالمدينة يحمل على قربها ويحتمل أنه جمع لريح أو مرض، وأما الحمل على المطر فيرده ما جاء صريحًا في رواية الترمذي وغيره (¬1) وهي الرواية الثانية في الكتاب من قوله: من غير مطر، ويحتمل أن المراد الجمع فعلًا لا وقتًا، والله تعالى أعلم. قوله: "بسوق" (¬2) بفتح فكسر. ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة (187) وقال: وفي الباب عن أبي هريرة. (¬2) في الأصل [بسرف].

1211 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ»، فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ». 1212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، أَنَّ مُؤَذِّنَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: الصَّلَاةُ، قَالَ: سِرْ سِرْ، حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ غُيُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ وَصَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَجِلَ بِهِ أَمْرٌ، صَنَعَ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتُ، فَسَارَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَسِيرَةَ ثَلَاثٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ نَافِعٍ، نَحْوَ هَذَا بِإِسْنَادِهِ. 1213 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. 1214 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بِالْمَدِينَةِ ثَمَانِيًا وَسَبْعًا، الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ»، وَلَمْ يَقُلْ سُلَيْمَانُ، وَمُسَدَّدٌ بِنَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فِي غَيْرِ مَطَرٍ. 1215 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَابَتْ لَهُ الشَّمْسُ بِمَكَّةَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِسَرِفٍ». 1216 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، جَارُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَمْيَالٍ يَعْنِي بَيْنَ مَكَّةَ، وَسَرِفٍ. 1217 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: قَالَ رَبِيعَةُ: يَعْنِي كَتَبَ إِلَيْهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: غَابَتِ الشَّمْسُ وَأَنَا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَسِرْنَا، فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ قَدْ أَمْسَى، قُلْنَا: الصَّلَاةُ، فَسَارَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ، وَتَصَوَّبَتِ النُّجُومُ، ثُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ فَصَلَّى الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ صَلَّى صَلَاتِي هَذِهِ، يَقُولُ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ لَيْلٍ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سَالِمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ === 1217 - قوله: "وتصوبت النجوم" بتشديد الواو أي نزلت إلى ظاهر السماء بعد أن كانت في باطنها، وهذا مبني على تخييل أنها في النهار في الباطن وتظهر في الليل إلى الظاهر على حسب ما يرى ويظهر في بادئ الأمر، والله تعالى أعلم.

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مِنِ ابْنِ عُمَرَ كَانَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّفَقِ. 1218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَابْنُ مَوْهَبٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ، صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ مُفَضَّلٌ قَاضِيَ مِصْرَ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَهُوَ ابْنُ فَضَالَةَ». 1219 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عُقَيْلٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ، حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ. 1220 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَجْمَعَهَا إِلَى الْعَصْرِ، فَيُصَلِّيَهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ، صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ سَارَ، وَكَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ الْمَغْرِبَ، أَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْعِشَاءِ، وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، عَجَّلَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا مَعَ

باب قصر قراءة الصلاة في السفر

الْمَغْرِبِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا قُتَيْبَةُ وَحْدَهُ». بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ 1221 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَصَلَّى بِنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ». بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ 1222 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُسْرَةَ الْغِفَارِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَفَرًا، فَمَا رَأَيْتُهُ تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ». === بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ 1221 - قوله: "في إِحدى الركعتين" إضافة "إحدى" إلى الركعتين تدل على أن مجموع الصلاة كانت ركعتين، وبه استدل المصنف على القصر (¬1)، نعم قد يقال: يحتمل أن المراد إحدى الركعتين، الأوليين: لأنهما محل القراءة، فالاستدلال لا يخلو عن نوع ضعف فافهم، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) بهامش المخطوطة، قوله: "على القصر" هذا على بعض النسخ التي لفظ ترجمتها هكذا: باب قصر الصلاة في [. . .].

باب التطوع في السفر

1223 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ، فِي طَرِيقٍ، قَالَ: فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: يُسَبِّحُونَ، قَالَ: لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا أَتْمَمْتُ صَلَاتِي، يَا ابْنَ أَخِي، «إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَصَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. === بَابُ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ 1223 - قوله: "لو كنت مسبحًا أتممت صلاتي" لعل معناه: لو كنت صليت النافلة على خلاف ما جاءت السنة لأتممت الفرض على خلافها، أي لو تركت العمل بالسنة لكان تركها لإتمام الفرض أحبَّ وأولى من تركها لإتيان النفل، وليس المعنى لو كانت النافلة مشروعة لكان الإتمام مشروعًا حتى يرد عليه ما قيل إن شرع الفرض تامة يفضي إلى الحرج، إذ يلزم حينئذ الإتمام، وأما شرع النفل فلا يفضي إلى حرج لكونها إلى خيرة المصلى، والله تعالى أعلم، ثم معنى "فلم يزد على ركعتين في هذه الصلاة التي" أي الصلاة صلاها لهم في ذلك الوقت، أو في غير المغرب؛ إذ لا يصح ذلك في المغرب قطعًا، والمقصود أنهم ما صلوا بعد الفرض فلا إشكال بما قبل الفرض ولا بصلاة الليل، وقد جاء صلاة الليل وغيرها من النوافل عن ابن عمر في السفر (¬1)، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التطوع في السفر (551، 552) عن ابن عمر.

باب التطوع على الراحلة والوتر

بَابُ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ 1224 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَيَّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ عَلَيْهَا». 1225 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَارُودِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ. 1226 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ». 1227 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، قَالَ: «فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ». === بَابُ التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ 1224 - قوله: "يسبح على الراحلة" أي يصلي النوافل.

باب الفريضة على الراحلة من عذر

بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ 1228 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، هَلْ رُخِّصَ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُصَلِّينَ عَلَى الدَّوَابِّ؟ قَالَتْ: «لَمْ يُرَخَّصْ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ، فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ» قَالَ مُحَمَّدٌ: «هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ». بَابُ مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ؟ 1229 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، وَهَذَا لَفْظُهُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ 1228 - قوله: "هذا في المكتوبة" أي ففي تخصيص النساء دلالة على أن الرجال رخص لهم في الشدة، والله تعالى أعلم. بَابُ مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ؟ 1229 - قوله: "فإنا سفر" بفتح السين المهملة وسكون الفاء جمع سافر كركب وراكب وصحب وصاحب، ثم لا يخفى أنه لا دلالة لأحاديث الباب على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أقام هذه المدة قصدًا أو اتفاقًا، وكذا قد علم في فتح مكة أنه خرج إلى حنين وإلى الطائف، وفي حجة الوداع قد خرج إلى منى وعرفات، فالاستدلال بهذه الأحاديث على أن من يقيم هذه المدة قصدًا يقصر، لا يخلو عن إشكال، وكذا الاستدلال بها على قصر من يقيم هذه المدة مطلقًا

وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً، لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ: «يَا أَهْلَ الْبَلَدِ، صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ». 1230 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ سَبْعَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَمَنْ أَقَامَ سَبْعَ عَشْرَةَ قَصَرَ، وَمَنْ أَقَامَ أَكْثَرَ أَتَمَّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقَامَ تِسْعَ عَشْرَةَ. 1231 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ، يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ. 1232 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ». === سواء كان قصدًا أو اتفاقا ضرورة أن الفعل لا عموم له، وأيضًا الاتفاق لا يعلم صاحبه؛ لأنه لا يدرى أول الأمر أن إقامته تمتد إلى متى، وأما الاستدلال بها على أن من يزيد على هذه المدة يتم ففي غاية من الخفاء، والله تعالى أعلم.

1233 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ»، فَقُلْنَا: هَلْ أَقَمْتُمْ بِهَا شَيْئًا؟ قَالَ: «أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا». 1234 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا سَافَرَ سَارَ بَعْدَ مَا تَغْرُبُ الشَّمْسُ حَتَّى تَكَادَ أَنْ تُظْلِمَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْعُوا بِعَشَائِهِ فَيَتَعَشَّى، ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْتَحِلُ، وَيَقُولُ: «هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ»، قَالَ عُثْمَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، سَمِعْت أَبَا دَاوُد، يَقُولُ: وَرَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَنَسًا، كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا حِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ، وَيَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَرِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ.

باب إذا أقام بأرض العدو يقصر

بَابٌ إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ 1235 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «غَيْرُ مَعْمَرٍ يُرْسِلُهُ، لَا يُسْنِدُهُ». بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ «مَنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُمْ صَفَّانِ فَيُكَبِّرُ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ يَرْكَعُ بِهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ يَسْجُدُ الْإِمَامُ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَإِذَا قَامُوا سَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُمْ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مَقَامِ الْآخَرِينَ، وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْأَخِيرُ إِلَى مَقَامِهِمْ، ثُمَّ يَرْكَعُ الْإِمَامُ وَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَسْجُدُ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَالْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ سَجَدَ الْآخَرُونَ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ». 1236 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ === بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ 1236 - قوله: "بعسفان" بضم العين المهملة وسكون سين مهملة: قرية بين مكة والمدينة، وقوله: "غُرة" بكسر غين معجمة وتشديد راء، أي غفلة وجواب "لو حملنا عليهم" محذوف، أي لكان أحسن أو كلمة "لو" للتمني، وقوله: "آية القصر" أي إلى آخر ما يتعلق بصلاة الخوف.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَصَبْنَا غِرَّةً، لَقَدْ أَصَبْنَا غَفْلَةً، لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَالْمُشْرِكُونَ أَمَامَهُ، فَصَفَّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَفٌّ، وَصَفَّ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّفِّ صَفٌّ آخَرُ، فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ، وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِينَ يَلُونَهُ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى هَؤُلَاءِ السَّجْدَتَيْنِ وَقَامُوا، سَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُمْ، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مَقَامِ الْآخَرِينَ، وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْأَخِيرُ إِلَى مَقَامِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، سَجَدَ الْآخَرُونَ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، فَصَلَّاهَا بِعُسْفَانَ، وَصَلَّاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْمٍ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى أَيُّوبُ، وَهِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ هَذَا الْمَعْنَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَكَذَلِكَ قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى فِعْلَهُ، وَكَذَلِكَ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَذَلِكَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ === وقوله: "وجاه العدو" بكسر الواو وضمها أي مقابلتهم. قوله: "واختلف في السلام" أي سلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هل

باب من قال: إذا صلى ركعة «وثبت قائما أتموا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم انصرفوا فكانوا وجاه العدو، واختلف في السلام»

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. بَابُ مَنْ قَالَ: يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الْإِمَامِ وَصَفٌّ وِجَاهَ الْعَدُوِّ «فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُ قَائِمًا، حَتَّى يُصَلِّيَ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ فَيَصُفُّونَ، وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، وَيَثْبُتُ جَالِسًا، فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَمِيعًا» 1237 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي خَوْفٍ، فَجَعَلَهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا، حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُمْ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمُوا، وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ». بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكْعَةً «وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتَلَفَ فِي السَّلَامِ» 1238 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ === سلم قبل الطائفة الثانية أو معهم؟ . بَابُ مَنْ قَالَ: إِذَا صَلَّى رَكْعَةً «وَثَبَتَ قَائِمًا أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَاخْتَلَفَ فِي السَّلَامِ» 1238 - قوله: "يوم ذات الرقاع" بفتح الراء وكسرها الأول أفصح، كانت

خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ، «أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»، قَالَ مَالِكٌ: «وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ». 1239 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ، " أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ: أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٌ مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، فَيَرْكَعُ الْإِمَامُ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُ بِالَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ يَقُومُ، فَإِذَا اسْتَوَى قَائِمًا، ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ سَلَّمُوا، وَانْصَرَفُوا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، فَكَانُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، ثُمَّ يُقْبِلُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُكَبِّرُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ، فَيَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ بِهِمْ، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُونَ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، نَحْوَ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، إِلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي السَّلَامِ، وَرِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ، نَحْوَ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: وَيَثْبُتُ قَائِمًا. === سنة خمس ونقبت فيها أقدامهم فلفوا عليها الخرق، وقيل: هي اسم أرض كانت ذات ألوان مختلقة كألوان الرقاع وكانت الغزوة بها، وقيل: اسم شجرة هناك، وقيل: رفع المسلمون فيها راياتهم.

باب من قال: يكبرون جميعا وإن كانوا مستدبري القبلة، ثم يصلي بمن معه ركعة، ثم يأتون مصاف أصحابهم، ويجيء الآخرون فيركعون لأنفسهم ركعة، ثم يصلي بهم ركعة، ثم تقبل الطائفة التي كانت مقابل العدو، فيصلون لأنفسهم ركعة، والإمام قاعد، ثم يسلم بهم كلهم [جميعا]

بَابُ مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وَإِنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَأْتُونَ مَصَافَّ أَصْحَابِهِمْ، وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ، فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ كُلِّهِمْ [جَمِيعًا] 1240 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، قَالَ مَرْوَانُ: مَتَى؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ، وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَبَّرُوا جَمِيعًا، الَّذِينَ مَعَهُ === بَابُ مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُونَ جَمِيعًا وَإِنْ كَانُوا مُسْتَدْبِرِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي بِمَنْ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَأْتُونَ مَصَافَّ أَصْحَابِهِمْ، وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيَرْكَعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ تُقْبِلُ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ، فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ كُلِّهِمْ [جَمِيعًا] 1240 - قوله: "ثم أقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قاعد ومن معه" لا يخفى أنه في هذه الحالة لم يبق أحد في هذه الصورة وجاه العدو، فكأن هذه الصورة فيما إذا

وَالَّذِينَ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ، فَقَابَلُوهُمْ وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً أُخْرَى، وَرَكَعُوا مَعَهُ، وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، ثُمَّ كَانَ السَّلَامُ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةٌ، رَكْعَةٌ». 1241 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى === كان الخوف قليلا، بحيث لا يضر عدم بقاء أحد وجاه العدو ساعة ولا يرجى منهم خوف بذلك، أو لأن العدو إذا رأوهم في الصلاة ذاهبين آيبين لا يقعوا عليهم بخلاف ما لو لم يفعلوا ذلك، ولابد من مثل هذا القول في حديث عائشة في الركعة الثانية كما لا يخفى، والله تعالى أعلم. 1241 - قوله: "إلى مصاف أصحابهم" بفتح الميم وتشديد الفاء جمع

نَجْدٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ لَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَلَفْظُهُ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ حَيْوَةَ، وَقَالَ فِيهِ: حِينَ رَكَعَ بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ، قَالَ: فَلَمَّا قَامُوا مَشَوُا الْقَهْقَرَى إِلَى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِدْبَارَ الْقِبْلَةِ. 1242 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، فَحَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَتْ: «كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صَفُّوا مَعَهُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ، فَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، ثُمَّ سَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَقَامُوا فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا فَصَلَّوْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَكَعَ فَرَكَعُوا، === مصفٍ، أي إلى محالهم صفوا فيها للعدو. 1242 - وقوله: "ثم مكث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم جالسًا" أي بين السجدتين من الركعة الأولى، فإنه قد سجد الأولى منهما وينتظر بالثانية منهما الطائفة الأخرى ليسجد بهم الثانية فتتم له ركعة، وقوله: "كأسرع الإِسراع" أي كإسراع هو أسرع في جنس الإسراع حال كون ذلك الإسراع

باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعة

ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا جَمِيعًا، ثُمَّ عَادَ فَسَجَدَ الثَّانِيَةَ، وَسَجَدُوا مَعَهُ سَرِيعًا كَأَسْرَعِ الْإِسْرَاعِ جَاهِدًا، لَا يَأْلُونَ سِرَاعًا، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَارَكَهُ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا». بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً 1243 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَقَامُوا فِي مَقَامِ أُولَئِكَ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ نَافِعٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === "جاهدًا" أي مجتهدًا في السرعة، وتوصيف الإسراع بأنه أسرع ونسبة الاجتهاد إليه مجاز، ويحتمل أن المراد كشخص أسرع في الإسراع، ومعنى لا يألون: لا يقصرون. بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ كُلُّ صَفٍّ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً 1243 - قوله: "ثم قام هؤلاء" أي قامت طائفة أولًا وطائفة أخرى بعدهم لا أنه قامت الطائفتان معًا، وإلا لزم أن يكون وجاه العدو إلا الإمام وحده، كذا قاله

باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ثم يسلم فيقوم الذين خلفه فيصلون ركعة، ثم يجيء الآخرون إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعة

وَكَذَلِكَ، قَوْلُ: مَسْرُوقٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ رَوَى يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ فَعَلَهُ. بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقُومُ الَّذِينَ خَلْفَهُ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً، ثُمَّ يَجِيءُ الْآخَرُونَ إِلَى مَقَامِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً 1244 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَقَامُوا صَفًّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفٌّ مُسْتَقْبِلَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا مَقَامَهُمْ، وَاسْتَقْبَلَ هَؤُلَاءِ الْعَدُوَّ، فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ، وَرَجَعَ أُولَئِكَ إِلَى مَقَامِهِمْ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمُوا». 1245 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: فَكَبَّرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَبَّرَ الصَّفَّانِ جَمِيعًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، بِهَذَا الْمَعْنَى، عَنْ خُصَيْفٍ، وَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، هَكَذَا إِلَّا أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ مَضَوْا إِلَى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، وَجَاءَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، === الشراح وكلام المصنف يفيد أنهم قاموا معًا، والله تعالى أعلم.

باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون

ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ، فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، قَال أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّهُمْ غَزَوْا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ كَابُلَ، فَصَلَّى بِنَا صَلَاةَ الْخَوْفِ. بَابُ مَنْ قَال: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَلَا يَقْضُونَ 1246 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي الْأَشْعَثُ بْنُ سُلَيمٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ، قَال: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَامَ، فَقَال: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَال حُذَيفَةُ: أَنَا، "فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا"، قَال أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَيَزِيدُ الْفَقِيرُ، وَأَبُو مُوسَى، قَال أَبُو دَاوُدَ: رَجُلٌ مِنَ التَّابِعِينَ لَيسَ بِالْأَشْعَرِيِّ جَمِيعًا، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ قَال بَعْضُهُمْ: عَنْ شُعْبَةَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَقِيرِ: إِنَّهُمْ قَضَوْا رَكْعَةً أُخْرَى، . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ. زَيدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: فَكَانَتْ لِلْقَوْمِ رَكْعَةً رَكْعَةً، وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَينِ.

باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

1247 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً». بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ 1248 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَوْفٍ الظُّهْرَ، فَصَفَّ بَعْضُهُمْ خَلْفَهُ، وَبَعْضُهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ، فَوَقَفُوا مَوْقِفَ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّوْا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعًا، وَلِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»، «وَبِذَلِكَ كَانَ يُفْتِي الْحَسَنُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَكَذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ يَكُونُ لِلْإِمَامِ سِتُّ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ ثَلَاثٌ ثَلَاثٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ قَالَ سُلَيْمَانُ الْيَشْكُرِيُّ: عَنْ === بَابُ مَنْ قَالَ: يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ 1248 - قوله: "فكانت لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أربعًا ولأصحابه ركعتين" لا يخفى أنه يلزم فيه اقتداء المفترض بالمتنفل، والجواب عنه مشكل جدًّا، وأجاب بعضهم بما لا تخفى ركاكته وعدم تمامه، وقد

باب صلاة الطالب

جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ 1249 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ، وَكَانَ نَحْوَ عُرَنَةَ وَعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ»، قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ أُؤَخِّرِ الصَّلَاةَ، فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً، نَحْوَهُ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجِئْتُكَ فِي ذَاكَ، قَالَ: إِنِّي لَفِي ذَاكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ. === ذكرت الكلام بتمامه عليه في حواشي ابن الهمام. بَابُ صَلَاةِ الطَّالِبِ 1249 - قوله: "ما إن أؤخر الصلاة" كلمة ما موصولة أو موصوفة، و"إن شرطية شرطها جملة "أؤخر الصلاة" وجزاؤها محذوف، مثل يفوتها أو تفوت به، الجمله الشرطية صلة أو صفة، والمعنى خفت أن يتحقق نبينا أمر يفوت الصلاة: على إن أخرتها وقوله: "حتى برد" بفتح الراء أي مات.

باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة

بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ وَرَكَعَاتِ السُّنَّةِ 1250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ». 1251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، الْمَعْنَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ، سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّطَوُّعِ، فَقَالَتْ: «كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا فِي بَيْتِي، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ === بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ وَرَكَعَاتِ السُّنَّةِ 1250 - قوله: من على في يوم ثنتي عشرة ... " إلخ قد جاء: "من ثابر على ثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتًا في الجنة" (¬1) أي واظب عليها، فينبغي أن يحمل "في يوم" في هذا الحديث على معنى في كل يوم فهو من باب {عَلمَت نفْس} (¬2) ويمكن أن يكون المراد في يوم من الأيام وفضل الله واسع، ويكون البيت المذكور في هذا الحديث دون البيت المذكور في حديث: "ثابر ... " والأوَّل أظهر؛ فإن المطلوب هو المواظبة على هذه النوافل، والله تعالى أعلم. 1251 - قوله: "كان يصلي قبل الظهر أربعًا" إلخ هذا الحديث تفسير لعدد ¬

_ (¬1) لم يذكر تخريجه. (¬2) سورة التكوير آية (14)، وسورة الانفطار آية (5).

يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِهِمُ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا جَالِسًا، فَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1252 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ». 1253 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُ === "ثنتي عشرة" في الحديث السابق، وقوله: "ركع وسجد وهو قائم" أي ينزل إليهما من القيام لا أنه يومئ بهما وهو قائم. 1252 - قوله: "قبل الظهر ركعتين" الاختلاف في الأفعال يحمل على الأحيان، فإن لم يأت ما يدل على الدوام في شيء منهما فالأمر واضح، وإن جاء بحمل ذلك على الغلبة أو على علم الراوي، ولابد من مثل هذا الحمل في جميع ما جاء من الاختلاف في الأفعال فاحفظه.

باب ركعتي الفجر

أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرَ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ». بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ 1254 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مُعَاهَدَةً مِنْهُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ». بَابٌ [فِي] تَخْفِيفِهِمَا 1255 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ. === بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ 1254 - قوله: "أشد معاهدة" أي محافظة، ومن التفضيلية محذوفة أي منه، والجار والمجرور في الموضعين متعلق به بملاحظة المفضل والمفضل عليه، والحاصل أنه من باب تفضيل الشيء على نفسه بالاعتبارين الحاصلين بالنظر إلى تعلق الجارين، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] تَخْفِيفِهِمَا 1255 - قوله: "هل قرأ فيهما ... "إلخ مبالغة في التخضيف، ومثله لا يفيد الشك في القراءة ولا يقصد به ذلك.

1256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. 1257 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنِي أَبُو زِيَادَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادَةَ الْكِنْدِيُّ، عَنْ بِلَالٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُؤْذِنَهُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَشَغَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِلَالًا بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ حَتَّى فَضَحَهُ الصُّبْحُ، فَأَصْبَحَ جِدًّا، قَالَ: فَقَامَ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، وَتَابَعَ أَذَانَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا خَرَجَ صَلَّى بِالنَّاسِ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ شَغَلَتْهُ بِأَمْرٍ سَأَلَتْهُ عَنْهُ، حَتَّى أَصْبَحَ جِدًّا، وَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْخُرُوجِ، فَقَالَ: «إِنِّي كُنْتُ رَكَعْتُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ أَصْبَحْتَ جِدًّا، قَالَ: «لَوْ أَصْبَحْتُ أَكْثَرَ مِمَّا أَصْبَحْتُ لَرَكَعْتُهُمَا، وَأَحْسَنْتُهُمَا، وَأَجْمَلْتُهُمَا». === 1257 - قوله: "ليؤذنه" من الإيذان بمعنى الإعلام، أي ليعلمه، وقوله: "حتى فضحه الصبح" بضاد معجمة، أي دهمته"ففحة الصبح" أي بياضه والأفضح الأبيض ليس بشديد البياض، وقيل: فضحه أي كشفه وبينه للأعين بضوئه، ويروى بصاد مهملة بمعناه، وقيل: معناه أنه لما تبين الصبح جدا ظهرت غفلته أي غفلة بلال عن الوقت فصار كمن يفتضح بعيب ظهر فيه، وقوله: "أخبره" أي أخبر بلال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "أنه أبطأ" أي أن النبي أبطأ عليه أي على بلال، وهذا من وضع موضع ضمير المتكلم إما من بلال أو ممن بعده.

1258 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيَّ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ سَيْلَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدَعُوهُمَا، وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ». 1259 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا كَانَ يَقْرَأُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: بِ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ: هَذِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ بِ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52]. 1260 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [آل عمران: 84] فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى بِهَذِهِ الْآيَةِ: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53] أَوْ {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119] "، شَكَّ الدَّارَوَرْدِيّ. === 1258 - قوله: "لا تدعوهما" بفتح التاء والدال من الودع وهو الترك.

باب الاضطجاع بعدها

بَابُ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا 1261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ»، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: أَمَا يُجْزِئُ أَحَدَنَا مَمْشَاهُ إِلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَضْطَجِعَ عَلَى يَمِينِهِ، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ: لَا، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: هَلْ تُنْكِرُ شَيْئًا مِمَّا يَقُولُ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ اجْتَرَأَ وَجَبُنَّا»، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «فَمَا ذَنْبِي إِنْ كُنْتُ حَفِظْتُ وَنَسَوْا». === بَابُ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَهَا 1261 - قوله: "إذا صلى أحدكم" يحتمل أنه خطاب لمن قام في الليل، والاضطجاع يكون عونًا في حقه على القيام في صلاة الفجر؛ لأن العادة فيها طول القيام ويحتمل العموم وهو مقتضى اللفظ "والاتباع أحسن وعليه حمل الشافعية وقالوا: الاضطجاع للفصل بين صلاة التطوع والفرض. نعم ينبغي أن يخص بمن لا يخاف عليه النوم، والله تعالى أعلم، وقوله: "أكثر أبو هريرة على نفسه" أي إكثارًا يعود ضرره على نفسه من حيث السهو والخطأ، أو من حيث تكلم الناس واعتراضهم، وقوله: "ولكنه اجترأ" من الجرأة بمعنى: الإقدام على الشيء، وقوله "جبنا" من الجبن ضد الجرأة، يقال جَبُن الرجل كنصر وكرم يريد أنه أقدم على الإكثار من الحديث وجبنا نحن عنه فكثر حديثه وقل حديثنا.

1262 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ نَظَرَ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً أَيْقَظَنِي، وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَيُؤْذِنَهُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ». 1263 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ابْنُ أَبِي عَتَّابٍ، أَوْ غَيْرُهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ، وَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي». 1264 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي مَكِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفُضَيْلِ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ إِلَّا نَادَاهُ بِالصَّلَاةِ، أَوْ حَرَّكَهُ بِرِجْلِهِ»، قَالَ زِيَادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا === 1262 - قوله: "ثم اضطجع حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بصلاة الصبح فيصلي ركتين .. " إلخ ظاهرة الاضطجاع كان قبل سنة الفجر بعد صلاة الليل إلا أن يقال: الفاء في قولها: "فيصلي ركعتين" تفسير لقوله: "وصلى ركعتين" وقولها: "ثم يخرج" أي بعدما تقدم من الاضطجاع فيوافق الحديث الثاني، والله تعالى أعلم.

باب إذا أدرك الإمام، ولم يصلي ركعتي الفجر

أَبُو الْفُضَيْلِ. بَابٌ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ، وَلَمْ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ 1265 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «يَا فُلَانُ، أَيَّتُهُمَا صَلَاتُكَ؟ الَّتِي صَلَّيْتَ وَحْدَكَ، أَوِ الَّتِي صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ ». 1266 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، === بَابٌ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ، وَلَمْ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ 1365 - قوله: "أيتهما صلاتك" التي جئت لأجلها إلى المسجد وقصدت أداؤها فيه، فإن كانت تلك الصلاة هي الفرض فكيف أخرتها وقدمت عليهما غيرها؟ وإن كانت تلك الصلاة هي السنة فذاك عكس المعقول؛ إذ البيت أولى من المسجد في حق السنة. 1266 - قوله: "فلا صلاة إلا المكتوبة" نفي بمعنى النهي، مثل قوله: {فلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَال في الحج} (¬1) أي فلا ينبغي الانشغال لمن حضر الإقامة إلا بالمكتوبة، ثم النهي متوجه إلى الشروع في غير تلك المكتوبة لمن عليه تلك ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 197.

باب من فاتته متى يقضيها

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ». بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا 1267 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الصُّبْحِ رَكْعَتَانِ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1268 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ عَطَاءُ === المكتوبة، وإما إتمام المشروعة قبل الإقامة فضروري لا اختياري فلا يشمله النهي، وكذا الشروع خلف الإمام في النافلة لمن أراد المكتوبة قبل ذلك، فلا ينافي الحديث ما سبق من الإذن في الشروع في النافلة خلف الإمام لمن أدى الفرض، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا 1267 - قوله: "صلاة الصبح ركعتان" أي لا أربع كما هو مقتضى صنيعك.

باب الأربع قبل الظهر وبعدها

بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَرَوَى عَبْدُ رَبِّهِ، وَيَحْيَى ابْنَا سَعِيدٍ هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا، أَنَّ جَدَّهُمْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ». بَابُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا 1269 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا، حَرُمَ عَلَى النَّارِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. === بَابُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا 1269 - قوله: "حرم على النار" على بناء المفعول وفي رواية الترمذي: "حرمه الله" (¬1) على بناء الفاعل، والمعنى أي حفظه ومنعه منها أو لا تقربه النار كما لا يقرب الإنسان ما حرم عليه، والإ فلا تكليف على النار حتى يكون شيء عليه (¬2) حرامًا أو حلالًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في أبواب الصلاة (427، 428) وقال: حديث حسن غريب، وقد روي من غير هذا الوجه، وصححه العلامة أحمد شاكر في الهامش وقال: لصحة إسناده. وقد رواه أحمد والمصنف، النسائي، وابن ماجه. (¬2) [عليه] هكذا بالأصل، والصواب الذي يقتضيه الكلام [عليها].

باب الصلاة قبل العصر

1270 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مِنْجَابَ، عَنْ قَرْثَعٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ، تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، قَالَ: «لَوْ حَدَّثْتُ عَنْ عُبَيْدَةَ بِشَيْءٍ لَحَدَّثْتُ عَنْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عُبَيْدَةُ ضَعِيفٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «ابْنُ مِنْجَابٍ هُوَ سَهْمٌ». بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعَصْرِ 1271 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي أَبُو الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا». 1272 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ». بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ 1273 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَرْسَلُوهُ إِلَى

باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة

عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقُلْ: إِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُمَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا، فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي بِهِ، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أَمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا، فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَصَلَّاهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ، فَقُلْتُ: قُومِي بِجَنْبِهِ، فَقُولِي لَهُ: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْمَعُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ، قَالَتْ: فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ». بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِيهِمَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً 1274 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بَابُ مَنْ رَخَّصَ فِيهِمَا إِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مُرْتَفِعَةً 1274 - قوله: "إلا والشمس مرتفعة" أي نهى عن أن يصلي مصل بعد

نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ». 1275 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي إِثْرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَيْنِ، إِلَّا الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ». 1276 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ - أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ». 1277 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَصَلِّ مَا === العصر إلا أن يصلي والحال أن الشمس مرتفعة. 1277 - قوله: "أي الليل أسمع؟ " أي أيَّ أجزاء الليل أرجى للدعوة وأولى للإجابة؟ ، وقوله: "جوف الليل الآخر" أي نصفه الآخر، وقيل: ثلثه الآخر و "الآخر" بكسر الخاء صفة الجوف، و"شهودة" أي تشهدها الملائكة ومكتوبة أي يكتب أجرها أو مشروعة أو مفروضة من حيث الجنس. وقوله: "ثم أقصر" أي عن الصلاة، بفتح المهمزة من الإقصار، وهو الكف

شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْصِرْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَتَرْتَفِعَ قِيسَ رُمْحٍ، أَوْ رُمْحَيْنِ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ، ثُمَّ أَقْصِرْ، فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ، وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا، فَإِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلِّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَيُصَلِّي لَهَا الْكُفَّارُ»، وَقَصَّ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ الْعَبَّاسُ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، إِلَّا أَنْ أُخْطِئَ شَيْئًا لَا أُرِيدُهُ، فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. 1278 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا قُدَامَةُ بْنُ === عن الشيء مع القدرة عليه، فإن عجز عنه يقول: قصرت عنه؛ بلا ألف، و"قيس" رمح بكسر القاف وسكون ياء أي قدر رمح في رأي العين، وقوله: "يعدل الرمح ظله" أي إذا قامت الشمس قبل أن تزول، وإذا تناهى قصر الظل فهو وقت اعتداله، فإذا أخذ في الزيادة فهو في وقت الزوال، وقوله: "فإن جهنم تسجر" أي توقد، وقد سبق تقرير التعليل، وقال الخطابي: ذكر تسجير النار وكون الشمس بين قرني الشيطان وما أشبه ذلك من الأشياء التي تذكر على سبيل التعليل لتحريم شيء ونهيه عن شيء من أمور لا تدرك معانيها من طريق الحس والعيان، وإنما يجب علينا الإيمان بها والتصديق بمخبريها، والانتهاء عن أحكام عُلقت بها، وقوله: "لا أريده" أي يكون ذلك الخطأ بلا اختيار مني. 1278 - قوله: "إِلا سجدتين" أي ركعتين وهما سُنة الفجر، والمراد: لا

باب الصلاة قبل المغرب

مُوسَى، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ يَسَارٍ، مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي، بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: يَا يَسَارُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ». 1279 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، قَالَا: نَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ». 1280 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ ذَكْوَانَ، مَوْلَى عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ، وَيَنْهَى عَنْهَا، وَيُوَاصِلُ، وَيَنْهَى عَنِ الوِصَالِ». بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ 1281 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ === تصلوا بعد طلوع الفجر نفلًا إلا هاتين الركعتين. 1280 - قوله: "كان يصلي بعد العصر وينهى عها" يفيد أنهما من خصوصياته صلى الله تعالى عليه وسلم. بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ 1281 - قوله: "لمن شاء" أي هذا الأمر، أعني أمر "صلوا" أو هذه الصلاة

الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ لِمَنْ شَاءَ»، خَشْيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. 1282 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَرَآكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَآنَا فَلَمْ يَأْمُرْنَا، وَلَمْ يَنْهَنَا». 1283 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ». 1284 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، === لمن شاء. 1283 - قوله: "كل أذانين" أي أذان وإقامة، وفي التثنية تغليب. 1284 - قوله: "ما رأيت أحدًا ... " إلخ عدم رؤية الشيء لا تستلزم العدم،

باب صلاة الضحى

وَرَخَّصَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: «هُوَ شُعَيْبٌ - يَعْنِي - وَهِمَ شُعْبَةُ فِي اسْمِهِ». بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى 1285 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، الْمَعْنَى، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنَ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ، تَسْلِيمُهُ عَلَى مَنْ لَقِيَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ === فإذا ثبت بدليله يلزم القول به، والله تعالى أعلم. بَابُ صَلَاةِ الضُّحَى 1285 - قوله: (عن يحيى بن عقهل) (¬1) بالتصغير قوله: "يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة" السلامى بضم السين وتخفيف اللام: مفاصل البدن، والجار والمجرور خبر "يصبح" واسمه صدقة، والتقدير: تصبح الصدقة واجبة على كل مفاصل الإنسان، ونسبة الوجوب إلى المفاصل مجازية أي تصبح على الإنسان شكرًا لسلامة المفاصل ومعافاتها، والمراد بالوجوب الثبوت على وجه التأكد لا الوجوب الشرعي، وقوله: "تسليمه على من لقي صدقة" إلخ بيان أن تلك الصدقة تتأدى بأعمال البر كلها، ولا تتوقف على إعطاء المال، ومعنى إماطته الأذى: إزالته وإبعاده، و "بضعة أهله" بضم الباء يطلق على الفرج والجماع، والمراد هاهنا الثاني أي مباشرته أهله صدقة، وهو مصدر مضاف إلى ¬

_ (¬1) يحيى بن عقيل، بالتصغير، البصري، نزيل مرو، صدوق من الثالثة. التقريب 2/ 354.

صَدَقَةٌ، وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُهُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَبُضْعَةُ أَهْلِهِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ مِنَ الضُّحَى»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ عَبَّادٍ أَتَمُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ الْأَمْرَ، وَالنَّهْيَ، زَادَ فِي حَدِيثِهِ: وَقَالَ كَذَا وَكَذَا، وَزَادَ ابْنُ مَنِيعٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدُنَا يَقْضِي شَهْوَتَهُ، وَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةٌ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِلِّهَا أَلَمْ يَكُنْ يَأْثَمُ». 1286 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، فَلَهُ بِكُلِّ صَلَاةٍ صَدَقَةٌ، وَصِيَامٍ صَدَقَةٌ، وَحَجٍّ صَدَقَةٌ، وَتَسْبِيحٍ صَدَقَةٌ، وَتَكْبِيرٍ صَدَقَةٌ، وَتَحْمِيدٍ صَدَقَةٌ»، فَعَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، ثُمَّ قَالَ: «يُجْزِئُ أَحَدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى». === الفاعل، وأهله بالنصب مفعوله، وفيه دليل على أن المباح بحسن النية يصير قربة كنية قضاء حق الزوجة، وطلب الولد، وإعفاف الزوجين، وقوله: "يجزئ" بفتح ياء وهمزة في آخره من جزء أو بضم الياء من الإجزاء أي يكفي عما لزم على الإنسان من الصدقة كل يوم شكرًا لسلامة المفاصل، وليس المراد أنه يكفي عن الأمر بالمعروف ونحوه، والله تعالى أعلم. قوله: "ألم يكن يأثم" أي فإذا قصد بذلك كف نفسه عن ذلك الإثم يكون له الأجر، والله تعالى أعلم.

1287 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «مَنْ قَعَدَ فِي مُصَلَّاهُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، حَتَّى يُسَبِّحَ رَكْعَتَيِ الضُّحَى، لَا يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ». 1288 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةٌ فِي إِثْرِ صَلَاةٍ، لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا، كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ». 1289 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ أَبِي شَجَرَةَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ === 1287 - قوله: "حتى يسبح ركعتي الضحى" من التسبيح وهو الصلاة أي حتى يصلي الركعتين عند طلوع الشمس؛ فإنه أول وقت صلاة الضحى، وقوله: "لا يقوى" أي حين قعوده. 1288 - قوله: "كتاب في عليين" أي يكتب في ديوان المقربين. 1289 - قوله "ابن آدم" على حذف حرف النداء "لا تعجزني من أربع ركعات" أي لا تعاملني معاملة من يجعل صاحبه عاجزًا من مطلوبه غير مدرك له؛ فقد طلبت منك أربع ركعات في أول النهار، فإن أتيت بها فقد عاملتني معاملة من يسعى في إدراك صاحبه مطلوبه، وإلا فقد عاملتني معاملة من أراد أن

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، لَا تُعْجِزْنِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي أَوَّلِ نَهَارِكَ، أَكْفِكَ آخِرَهُ. 1290 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَيَّاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَّى سُبْحَةَ الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ»، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفَتْحِ سُبْحَةَ الضُّحَى "، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: إِنَّ أُمَّ هَانِئٍ === يعجز صاحبه من مطلوبه ولا يدركه، وعلى هذا هو من أعجزه صيره عاجزًا غير واصل إلى مطلوبه، وقيل: هو من أعجزه الأمر إذا فاته، والمعنى: لا تفوتني من العبادة، ولا يخفي أن تفسيره مبني على أن أعجز بمعنى فوَّت لا فات، وقيل: معناه لا تفوتني. ولا يظهر له كثير وجه؛ إذ ليس المطلوب لا تكن فائتًا مني بحيث لا أدركك، بل المطلوب أن لا تجعل الركعات الأربعة فائتة منى، والله تعالى أعلم، وقيل: في بعض النسخ "لا تعجز" من عجزك كضرب أو كسمع، والله تعالى أعلم، "وأربع ركعات" قيل: يحتمل أن يراد بها فرض الصبح وركعتا الفجر، ويحتمل أن يراد بها صلاة الضحى، وهذا هو الظاهر من الحديث وصنيع المصنف وغيره، وقوله "أكفك آخره" أي سائره أو تمامه، قيل: يحتمل أن يراد كفايته من الآفات والحوادث الضارة، وأن يراد حفظه من الذنوب أو العفو عما وقع منه في ذلك اليوم أو أعم من ذلك، والله تعالى أعلم. 1290 - قوله: "سبحة" بضم السين، أي نافلة الضحى.

قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ سُبْحَةَ الضُّحَى، بِمَعْنَاهُ. 1291 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: مَا أَخْبَرَنَا أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ صَلَّاهُنَّ بَعْدُ». 1292 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَقَالَتْ: «لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ»، قُلْتُ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، قَالَتْ: «مِنْ الْمُفَصَّلِ». 1293 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ === 1293 - قوله: "ما سبح" من التسبيح أي ما صلى، ولعل المراد في غير

باب [في] صلاة النهار

خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ». 1294 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، «فَكَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ [فِي] صَلَاةِ النَّهَارِ 1295 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى». 1296 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ === أيام [] (¬1) من سفره وهو محمول على علمها، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] صَلَاةِ النَّهَارِ 1295 - قوله: "مثنى مثنى" أي ركعتين ركعتين وهذا معنى مثنى بما فيه من التكرير ومثنى الثاني تأكيد له، والمقصود أنه ينبغي للناس أن يصلوها ركعتين ركعتين، فهو خبر بمعنى الأمر قيل: يحتمل أن المراد أنه يتشهد في كل ركعتين. 1296 - قوله: "إِن تباءس" قيل: تفاعل من البؤس، ومعناه إظهار البؤس ¬

_ (¬1) كلمة غير واضحة بالأصل.

باب صلاة التسبيح

بْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى، أَنْ تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنْ تَبَاءَسَ، وَتَمَسْكَنَ، وَتُقْنِعَ بِيَدَيْكَ، وَتَقُولَ: اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَهِيَ خِدَاجٌ "، سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى، قَالَ: «إِنْ شِئْتَ مَثْنَى، وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا». بَابُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ 1297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: " يَا عَبَّاسُ، يَا عَمَّاهُ، أَلَا أُعْطِيكَ، أَلَا أَمْنَحُكَ، أَلَا أَحْبُوكَ، أَلَا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ، إِذَا أَنْتَ === والفاقة، والبؤس الخضوع والفقر، وجوز بعضهم كونه أمرًا أو خبرًا من البؤس، قلت: والثاني أقرب و "تمسكن" قيل: أصله تتمسكن بالتائين مضارع حذف منه إحدى التائين وهو من المسكتة، أو السكون، والميم زائدة و "تقنع" من الإقناع، وهو رفع اليدين في الدعاء، قيل: الرفع بعد الصلاة لا فيها وقيل: بل يجوز أن يراد الرفع في قنوت الصلاة في الصبح أو الوتر، والله تعالى أعلم. بَابُ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ 1297 - قوله: (ابن عبد العزيز. .. ) (¬1) إلخ. قلت: يقتضي صنيع النووي في الأذكار وغيره أن حديث صلاة التسبيح غير ¬

_ (¬1) موسى بن عبد العزيز العدي أبو شعيب القنباري، والقنبار: حليف الليف صدوق سيء، الحفظ من الثانية، مات سنة خمس وسبعين. التقريب 2/ 286.

فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ: أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ === ثابت أصلًا (¬1) وقد عده ابن الجوزي في الموضوعات وليس كذلك (¬2)؛ فإن الحديث المذكور جاء بروايات كثيرة كما صرح به الحافظ ابن حجر وغيره، فلو لم يكن إلا كثرة الطرق لكان حسنا كما هو مقرر في علم أصول الحديث؛ فكيف وبعض طرقه حسن كما صرح به غير واحد، قال الحافظ ابن حجر: حديث ابن عباس في الباب حديث حسن، بل صححه بن خزيمة (¬3)، ومن توقف فيه فإنما توقف من جهة موسى بن عبد العزيز، وقال العقيلي: فيه أنه مجهول ولكن وثقه ابن معين والنسائي ولم يضرة أن يجهل حاله من جاء بعدهما، وقال السيوطي: وثقه ابن حبان أيضًا، وروى عنه البخاري في جزء القراءة، وأخرج له في الأدب ¬

_ (¬1) الأذكار للنووي 225، 226، وقال عن الإمام أبو بكر بن العرب: حديث ابن رافع ليس له أصل في الصحة ولا في الحسن. قال: وإنما ذكره الترمذي لينبه عليه لئلا يغتر به. (¬2) ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 143 - 146. (¬3) صحيح ابن خزيمة 2/ 223 (1216) وقال قبه: إن صح الخبر فإن في القلب من هذا الإسناد شيء. أقول: وللحديث شواهد يتقوى بها وقد صححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي 1/ 318.

مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً. === المفرد وببعض هذه الأمور ترتفع الجهالة (¬1)، قال الحافظ: قد أساء ابن الجوزي بذكره إياه في الموضوعات، وقال الزركشي: غلط ابن الجوزي في ذلك وما ادعاه من جهالة موسى غير صحيح، ولو ثبت ما يلزم كون الحديث موضوعًا ما لم يكن في إسناده من يتهم بالوضع، والحاصل أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن كما يقتضيه سكوت المصنف عليه، والله تعالى أعلم. قوله: "يا عماه" إشارة إلى مزيد استحقاقه بالعطية الآتية، و"أمنحك" بمعنى: أعطيك، وكذا "أحبوك" يقال: حباه كذا وبكذا إذا أعطاه، فهما تأكيد بعد تأكيد، وكذا قوله: "أفصل بك" فإنه بمعنى أعلمك، وأما قوله: "عشر خصال" فهو منصوب تنازعت فيه الأفعال قبله، والمراد بعشر خصال: الأنواع العشرة للذنوب من الأول والآخر والقديم والحديث إلخ، فهو على حذف المضاف أي ألا أعطيك مكفر عشرة أنواع من ذنوبك أو المراد التسبيحات؛ فإنها فيما سوى القيام عشر، وعلى هذا يراد الصلاة المشتملة على التسبييحات العشر بالنظر إلى غالب الأركان، وأما جملة: "إذا أنت فعلت .. " إلخ فهو في محل النصب على أنها نعت للمضاف المقدر على الأول أو نفس عشر خصال على الثاني، وعلى الثاني لا تكون إلا نعتًا مخصصًا وعلى الأول يحتمل أن تكون نعتًا كاشفًا، ويحتمل أن تكون نعتًا مخصصًا باعتبار أن المكفر يحتمل أن يكون علمه مكفرًا، ويحتمل أن يكون عمله مكفرًا؛ فبين بالنعت أن عمله مكفر لا علمه، والله تعالى أعلم. وقوله: "عشر خصال أن تصلي" إلخ على الأول بتقدير مبتدأ أي هي أي أنواع الذنوب عشر خصال، أو بدل من مجموع أوله وآخره إلخ، وعلى الثاني مبتدأ وما بعده خبر. ¬

_ (¬1) التهذيب 10/ 356 وقال عبد الله بن أحمد عن أبن معين: لا أرى به بأسًا، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات ثم قال ابن حجر: وله في السنن حديث صلاة التسبيح ... وقال ابن شاهين في الثقات: قال أبو بكر ابن أبي داود: أصح حديث في صلاة التسبيح هذا الحديث.

1298 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ الْأُبُلِّيُّ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ أَبُو حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ يَرَوْنَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْتِنِي غَدًا أَحْبُوكَ، وَأُثِيبُكَ، وَأُعْطِيكَ» حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يُعْطِينِي عَطِيَّةً، قَالَ: «إِذَا زَالَ النَّهَارُ، فَقُمْ فَصَلِّ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: «ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ يَعْنِي مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَوِ جَالِسًا، وَلَا تَقُمْ حَتَّى تُسَبِّحَ عَشْرًا، وَتَحْمَدَ عَشْرًا، وَتُكَبِّرَ عَشْرًا، وَتُهَلِّلَ عَشْرًا، ثُمَّ تَصْنَعَ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ»، قَالَ: «فَإِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَعْظَمَ أَهْلِ الْأَرْضِ ذَنْبًا غُفِرَ لَكَ بِذَلِكَ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُصَلِّيَهَا تِلْكَ السَّاعَةَ؟ قَالَ «صَلِّهَا مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ خَالُ هِلَالٍ الرَّأْيِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَجَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ النُّكْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ رَوْحٍ، فَقَالَ حَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1299 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، حَدَّثَنِي الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَعْفَرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُمْ، قَالَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ.

باب ركعتي المغرب أين تصليان؟

بَابُ رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيَانِ؟ 1300 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُطَرِّفٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْفِطْرِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى مَسْجِدَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَصَلَّى فِيهِ الْمَغْرِبَ، فَلَمَّا قَضَوْا صَلَاتَهُمْ رَآهُمْ يُسَبِّحُونَ بَعْدَهَا، فَقَالَ: «هَذِهِ صَلَاةُ الْبُيُوت». 1301 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْجَرَائِيُّ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، حَتَّى يَتَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ نَصْرٌ الْمُجَدَّرُ، عَنْ يَعْقُوبَ الْقُمِّيِّ، وَأَسْنَدَهُ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَاه مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا نَصْرٌ الْمُجَدَّرُ، عَنْ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ. === بَابُ رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيَانِ؟ 1300 - قوله: "هذه صلاة البيوت" أي الأولى والأحرى أن تكون في البيوت لا في المساجد. 1301 - قوله: "يتفرق أهل المسجد" يحتمل أنه كان يصلى في البيت كذلك أو في المسجد أحيانا، والمراد بأهل المسجد من كان يصلى منهم السنن في المسجد، وعلى كل تقدير فالحديث يدل على جواز هذه السنة في المسجد، والله تعالى أعلم.

باب الصلاة بعد العشاء

1302 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ بِمَعْنَاهُ مُرْسَلًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ حَدَّثْتُكُمْ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ مُسْنَدٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 1303 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ الْعُكْلِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنِي مُقَاتِلُ بْنُ بَشِيرٍ الْعِجْلِيُّ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: «مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ قَطُّ فَدَخَلَ عَلَيَّ إِلَّا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَلَقَدْ مُطِرْنَا مَرَّةً بِاللَّيْلِ، فَطَرَحْنَا لَهُ نِطَعًا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ثُقْبٍ فِيهِ يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهُ، وَمَا رَأَيْتُهُ مُتَّقِيًا الْأَرْضَ بِشَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِ قَطُّ». === بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 1303 - قوله: "نطعًا" بكسر النون وفتح الطاء و "الثقب" بضم المثلثة وفتحها وسكون القاف و"فيه" أي في سطح البيت، والله تعالى أعلم، ومعنى قولها: "متقيا" إلخ أنه ما كان يحفظ الثوب من الوقوع في الأرض حال السجود، والله تعالى أعلم.

باب نسخ قيام الليل [والتيسير فيه]

أَبْوَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ [وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ] 1304 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ابْنِ شَبُّوَيْهِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " فِي الْمُزَّمِّلِ {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ} [المزمل: 3]، نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي فِيهَا: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} - وَنَاشِئَةُ اللَّيْلِ أَوَّلُهُ - وَكَانَتْ صَلَاتُهُمْ لِأَوَّلِ اللَّيْلِ "، يَقُولُ: " هُوَ أَجْدَرُ أَنْ تُحْصُوا مَا فَرَضَ اللَّهُ === أَبْوَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ [وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ] 1304 - قوله {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (¬1) أي فصلوا ما تيسر من الصلاة فعبر بالقراءة عن فعل الصلاة، لكونه لا يتم بدونها، وأطلق عليها اسم القرآن كما في قوله: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬2) لذلك وصيغة الأمر للندب بقرينة التعليق بالتيسير، وقوله {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيلِ} (¬3) إلخ من نشأ إذا ابتدأ، والمراد ساعاته الأول. قوله: "يقول: هو أجدر" إلخ تفسير لقوله تعالى: {هِيَ أشدُّ وطئًا} (3) أي أكبر موافقة لأداء القيام، وقوله: "فراغًا طويلًا" فيكون جملة {إنّ لك فِي ¬

_ (¬1) سورة المزمل: آية 20. (¬2) سوررة الإسراء: آية 78. (¬3) سورة المزمل: آية 6.

باب قيام الليل

عَلَيْكُمْ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَامَ لَمْ يَدْرِ مَتَى يَسْتَيْقِظُ، وَقَوْلُهُ: أَقْوَمُ قِيلًا هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يَفْقَهَ فِي الْقُرْآنِ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] "، يَقُولُ: «فَرَاغًا طَوِيلًا». 1305 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْمَرْوَزِيَّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ، كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى نَزَلَ آخِرُهَا، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا سَنَةٌ». بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ 1306 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ === النهار} (¬1) بيانًا لحصول فقه القرآن في أول الليل مع اتصاله بالنهار الذي هو محل لتفرق القلب بواسطة الشواغل، والله تعالى أعلم. بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ 1306 - قوله: "يعقد الشيطان" كيضرب أي يشد ويربط، وأريد بالشيطان إبليس أو بعض جنوده، ولعله بالنظر إلى كل شخص شيطانه، و "قافية الرأس" آخره كالقفا، و "العقد" بضم عين وفتح قاف جمع عقدة، ولعله أريد بها ما ¬

_ (¬1) سورة المزمل: آية 7.

عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا، طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». 1307 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ ‍ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا». 1308 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === يكون سببًا لثقل في الرأس يثبط النائم عن القيام ويجلب إليه النوم والكسل، وتخصيص القافية؛ لأن الثقل فيها يمنع الإنسان من رفع الرأس عن موضعه في حالة النوم، وهذا ظاهر وقوله: "يضرب مكان كل عقد" يحتمل أن المكان مفعول به، أي يضرب مكان كل عقدة بيده إحكامًا لها، وقوله: "عليك ليل طويل فاوقد" حال بتقدير القول أي قائلًا هذا الكلام بلسان الحال أو المقال، ويجوز أن يكون معنى يضرب إلخ، يثبت ويقرر في مكان كل عقدة هذا الكلام بأن يجعل كل عقدة وسيلة إلى حصول مضمون هذا الكلام في الأوهام، وقوله: "فاستيقظ وذكر الله" أي بأي ذكر كان لكن المأثور أفضل، وقوله: "انحلت عقدة" أي فيذهب عن رأسه ثقل حصل بها، وقوله: "وإن صلى" أي ولو ركعتين كما يدل عليه بعض الروايات، ولعل تخصيص العقد بالثلاث ليمنع كل عقدة واحد من الأمور الثلاث. أعني الذكر والوضوء والصلاة، والله تعالى أعلم.

باب النعاس في الصلاة

«رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ». 1309 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، الْمَعْنَى، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا، أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا فِي الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ»، «وَلَمْ يَرْفَعْهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَلَا ذَكَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ، جَعَلَهُ كَلَامَ أَبِي سَعِيدٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: وَأُرَاهُ ذَكَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ سُفْيَانَ مَوْقُوفٌ». بَابُ النُّعَاسِ فِي الصَّلَاةِ 1310 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ === 1309 - قوله: "فصليا أو فصلي" الظاهر أن كلمة أو للشك، ومعنى صلى أي كل واحد، وقوله: "كتب" أي كل منهما "في الذاكرين والذاكرات" إلا أن الرجل في الذاكرين والمرأة في الذاكرات. بَابُ النُّعَاسِ فِي الصَّلَاةِ 1310 - قوله: "إذا نعس" يفتح العين من باب نصر، والنعاس أول النوم

عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ، فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». 1311 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِعْ». 1312 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَهَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ === وهو ريح لطيفة تأتي من قبل الدماغ تغطي على العين ولا تصل إلى القلب فإذا وصله كان نومًا، وقوله: "في الصلاة"، قيل: في صلاة الليل، وقال النووي: الجمهور على عمومها الفرض والنفل ليلًا أو نهارًا (¬1)، ومعنى "يذهب": يشرع ويريد، وقوله: "فيسب" بالرفع عطف على يستغفر وضبطه بعضهم بالنصب، ولعله لحمل الترجي على التمنى، ولا يخفى أن إبقاءه على أصله أولى، والله تعالى أعلم. 1311 - قوله: "فاستعجم" أي استغلق لغلبة النعاس. 1312 - قوله: "حمنة" (¬2) بدل من هذه والخبر تصلي. ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 6/ 74. (¬2) حمنة بنت جحش الأسدية، أخت أم المؤمنين زينب وأخوتها، وكانت زوج مصعب بن عمير. فقتل عنها يوم أحد فتزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له محمدًا وعمرًا، كانت من المبايعات، وشهدت أحدًا فكانت تسقي العطشى، وتحمل الجرحى وتداويهم. الإصابة 4/ 275.

باب من نام عن حزبه

إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ، وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الْحَبْلُ؟ » فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُصَلِّي، فَإِذَا أَعْيَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِتُصَلِّ مَا أَطَاقَتْ، فَإِذَا أَعْيَتْ، فَلْتَجْلِسْ»، قَالَ زِيَادٌ: فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ » فَقَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ، أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ: «حُلُّوهُ»، فَقَالَ: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ، فَلْيَقْعُدْ». بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ 1313 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ الْمَعْنَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَاهُ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ - قَالَ: عَنِ ابْنِ وَهْبِ: ابْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ - قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === قوله "نشاطه" أي قدر نشاطه. بَابُ مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ 1313 - قوله: "من نام عن حزبه" أي من نام في الليل عن ورده، والحزب بكسر الحاء المهملة وسكون الزاى المعجمة الورد وهو ما يجعل الإنسان وظيفة له من صلاة أو قراءة أو غيرهما، والحمل على الليل بقرينة النوم ويشهد له آخر الحديث؛ وهو قوله: "ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر"، ثم الظاهر أنه تحريض

باب من نوى القيام فنام

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ - أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ - فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ». بَابُ مَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ 1314 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عِنْدَهُ رَضِيٍّ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً». بَابُ أَيِّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ 1315 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === على المبادرة، ويحتمل أن فضل الأداء مشروط بخصوص الوقت، وفي الحديث دليل على أن النوافل تقضى، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ 1314 - قوله: "إلا كتب له أجر صلاته" فالقضاء للمحافظة على العادة ولمضاعفة الأجر، والله تعالى أعلم. بَابُ أَيِّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ؟ قوله: "باب أي الليل" أي أوقات الليل، أو أي أجزائه أفضل. 1315 - قوله: "ينزل ربنا" حقيقة النزول تفوض إلى علم الله تعالى، نعم

باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ . بَابُ وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ 1316 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُوقِظُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاللَّيْلِ، فَمَا يَجِيءُ السَّحَرُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حِزْبِهِ». 1317 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، ح وحَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَهَذَا حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيَّ حِينٍ كَانَ يُصَلِّي؟ قَالَتْ: «كَانَ إِذَا سَمِعَ الصُّرَاخَ، قَامَ فَصَلَّى». === القدر المقصود بالإفهام يعرفه كل أحد، وهو أن ذلك الوقت وقت قرب الرحمة إلى العباد. بَابُ وَقْتِ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ 1316 - قوله: "إِن كان" هي مخففة من المثقلة، و"السّحر" بالفتحتين السدس الأخير من الليل. 1317 - قوله: "سمع الصراخ" كغراب بخاء معجمة في آخره الصوت، والمراد صوت الديك؛ لأنه كثير الصياح في الليل.

1318 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا»، تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1319 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ابْنِ أَخِي حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى». 1320 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ السَّكْسَكِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === 1318 - قوله: "ما ألفاه" بالفاء أي ما أدركه ووجده، "السحر" أي آخر الليل. 1319 - قوله: "حزبه أمر" بالباء الموحدة أي نزل به همّ أو أصابه غم، وروي بالنون من الحزن وقوله: "صلى" أي عملًا بقوله تعالى: {واستَعينُوا بِالصَّبْر وَالصَّلاةِ} (¬1) والله تعالى أعلم. 1320 - قوله: "بوضوئه" بفتح الواو أي ما الوصف، وقوله: "أو غير ذلك" يحتمل فتح الواو أي تسأل ذلك وغيره أم تسأله وحده، وسكونها أي أتسأل ذلك أم غيرها، وقوله: "هو ذلك" أي المسؤول ذلك لا غير، وقوله: "فأعني على ¬

_ (¬1) سوة البقرة: آية 45.

آتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَبِحَاجَتِهِ، فَقَالَ: «سَلْنِي»، فَقُلْتُ: مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: «أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ » قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: «فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». 1321 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]، قَالَ: «كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ»، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: قِيَامُ اللَّيْلِ. 1322 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كَانُوا قَلِيلًا === نفسك بكثرة السجود" أي أعني على تحصيل حاجة نفسك التي هي المرافقة، والمراد تعظيم تلك الحاجة، وأنها تحتاج إلى معاونة ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها، أو المعنى فوافقني بكثرة السجود قاهرًا بها على نفسك، وقيل: أعني على قهر نفسك بكثرة السجود، كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل إلا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك، فلا بد من قهر نفسك بصرفها عن الشهوات ولابد لك أن تعاونني فيه، وقيل: معناه كن لي عونًا في إصلاح نفسك واجعلها طاهرة مستحقة لما تطلب، فإني أطلب صلاح نفسك من الله، وأطلب منك أيضًا إصلاحها بكثرة السجود، فإن السجود كاسر للنفس ومذل لها، وأي نفس انكسرت وذلت، استحقت الرحمة، والله تعالى أعلم. 1321 - قوله: "كانوا يتيقظون" فتجافى الجنب عن المضجع كناية عن عدم وضعه عليه لا رفعه عنه بعد الوضع كما في تفسير الحسن، والله تعالى أعلم.

باب افتتاح صلاة الليل بركعتين

مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، قَالَ: «كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ»، زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى: وَكَذَلِكَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ. بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ 1323 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». 1324 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا بِمَعْنَاهُ زَادَ، ثُمَّ لِيُطَوِّلْ بَعْدُ مَا شَاءَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَجَمَاعَة، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوبُ، وَابْنُ عَوْنٍ، أَوْقَفُوهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: فِيهِمَا تَجَوُّزٌ. 1325 - حَدَّثَنَا ابْنُ حَنْبَلٍ يَعْنِي أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، === بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ 1325 - قوله: "طول القيام" أي فإذا كان طول القيام هو الأفضل، فالأمر بالركعتين الخفيفتين لتكون البداية بهما، ثم الحديث لا ينافي حديث: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (¬1) لجواز أن تكون تلك الأقربية في حال ¬

_ (¬1) الحديث سبق تخريجه.

باب صلاة الليل مثنى مثنى

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ». بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى 1326 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةُ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». بَابٌ [فِي] رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ 1327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ مَنْ فِي الْحُجْرَةِ، وَهُوَ فِي الْبَيْتِ». === السجود بملاحظة استجابة الدعاء كما يقتضيه "فأكثروا الدعاء" وهو لا ينافي أفضلية القيام، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ 1327 - قوله: "وهو في البيت" أي صحنه والحاصل (¬1) خارج الحجرة. ¬

_ (¬1) بهامش الأصل [قوله: "والحاصل" إلخ، النسخة التي قدام الحجرة تسمى حاصلًا عند أهل المدينة.

1328 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ يَرْفَعُ طَوْرًا، وَيَخْفِضُ طَوْرًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ اسْمُهُ هُرْمُزُ». 1329 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُصَلِّي يَخْفِضُ مِنْ صَوْتِهِ، قَالَ: وَمَرَّ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ، قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ صَوْتَكَ»، قَالَ: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَقَالَ لِعُمَرَ: «مَرَرْتُ بِكَ، وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ»، قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ - زَادَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ === 1328 - قوله: "طورًا" تارة وحينا. 1329 - قوله: "قد أسمعت من ناجيت" أي وهو المقصود سماعه؛ فلا حاجة إلى الرفع. قوله: "الوسنان" بفتح فسكون من كان نائمًا غير مستغرق في النوم ثم النبي

صَوْتِكَ شَيْئًا»، وَقَالَ لِعُمَرَ: «اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا». 1330 - حَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنِ بْنُ يَحْيَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ لَمْ يَذْكُرْ: ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا»، وَلِعُمَرَ: «اخْفِضْ شَيْئًا»، زَادَ: وَقَدْ سَمِعْتُكَ يَا بِلَالُ وَأَنْتَ تَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ قَالَ: كَلَامٌ طَيِّبٌ يَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّكُمْ قَدْ أَصَابَ. 1331 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ، فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ فُلَانًا كَأَيٍّ مِنْ آيَةٍ أَذْكَرَنِيهَا اللَّيْلَةَ، كُنْتُ قَدْ أَسْقَطْتُهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هَارُونُ النَّحْوِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي الْحُرُوفِ، وَكَأَيٍّ مِنْ نَبِيٍّ. 1332 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ === صلى الله تعالى عليه وسلم أرشدهما إلى أن الأوسط أخير، والله تعالى أعلم. 1331 - قوله: "كأي من آية" أي كم من آية.

باب في صلاة الليل

السِّتْرَ، وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ»، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ». 1333 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ، كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ، كَالْمُسِرِّ بِالصَّدَقَةِ». بَابٌ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ 1334 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ الْفَجْرِ، فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً». 1335 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا، اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ». 1336 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ نَصْرٌ: عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، === بَابٌ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ 1336 - قوله: "أن يفرغ من صلاة العشاء" ولعل سنة العشاء معدودة من

وَالْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ الْفَجْرُ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَيَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ بِالْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، قَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ». 1337 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمْ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: «وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَيَسْجُدُ سَجْدَةً قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ» وَسَاقَ مَعْنَاهُ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ. 1338 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهَا بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ، حَتَّى يَجْلِسَ فِي الْآخِرَةِ، فَيُسَلِّمُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ، === صلاة العشاء تبعًا، ومعنى "ينصدع" أي ينشق، وقوله: "بالأولى" أي بالمناداة الأولى هي الأذان، والثانية الإقامة. 1338 - قوله: "ثلاث عشرة ركعة" أي أحيانا، أو لعله مبني على عد الركعتين الخفيفتين اللتين يبدأ بهما صلاة الليل من صلاة الليل أحيانًا وتركه

عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ. 1339 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». 1340 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي - قَالَ مُسْلِمٌ: بَعْدَ الْوِتْرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا - رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَاعِدٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَرَكَعَ، وَيُصَلِّي بَيْنَ أَذَانِ الْفَجْرِ وَالْإِقَامَةِ رَكْعَتَيْنِ. 1341 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي === أحرى، وعلى كل تقدير فهذه الهيئة لصلاة الليل لا بد من حملها على أنها كانت أحيانًا، والله تعالى أعلم. 1340 - قوله: "كان يصلي بثمان وركعات" ظاهر هذا التفصيل أنها ثلاث عشرة مع سنة الفجر، والله تعالى أعلم. 1341 - قوله: "يصلي ثلاثا" ظاهره أنها بسلام واحد ولذلك يستدل من

رَمَضَانَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ، عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي». 1342 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: طَلَّقْتُ امْرَأَتِي، فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ لِأَبِيعَ عَقَارًا كَانَ لِي بِهَا، فَأَشْتَرِيَ بِهِ السِّلَاحَ وَأَغْزُو، فَلَقِيتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: قَدْ أَرَادَ نَفَرٌ مِنَّا سِتَّةٌ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ وِتْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ النَّاسِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأْتِ === يقول: إن الوتر ثلاث بتسليم واحد. 1342 - قوله: "عقارًا" بفتح العين أي متاعًا أو أرضًا، وكون "خلقه القرآن" هو أنه كان متمسكًا بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه، وتوضيحه أن جميع ما قص الله تعالى في كتابه من مكارم الأخلاق مما قصه في نبي أو ولي أو حث عليه أو ندب إليه كان صلى الله تعالى عليه وسلم متخلقًا به، وكل ما نهى الله عنه فيه ونزه كان صلى الله تعالى عليه وسلم لا يحوم حوله، وقولها: "كان يوتر بثمان ركعات" لما كان جل وتره وغالبه هو ثماني ركعات قالت أولًا: كان يوتر بها، ثم أوضحت المراد بذلك، فلا يرد منافاة أول الكلام لآخره، ولا أن الوتر بثمان غير

عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَتَيْتُهَا، فَاسْتَتْبَعْتُ حَكِيمَ بْنَ أَفْلَحَ، فَأَبَى، فَنَاشَدْتُهُ فَانْطَلَقَ مَعِي، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: حَكِيمُ بْنُ أَفْلَحَ، قَالَتْ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَتْ: هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرٌ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ» قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثِينِي عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، قَالَتْ: " أَلَسْتَ تَقْرَأُ: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: «فَإِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ السُّورَةِ نَزَلَتْ، فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَحُبِسَ خَاتِمَتُهَا فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ آخِرُهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ» قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثِينِي عَنْ وِتْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ يُوتِرُ بِثَمَانِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، ثُمَّ يَقُومُ، فَيُصَلِّي رَكْعَةً أُخْرَى، لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي التَّاسِعَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ، وَأَخَذَ اللَّحْمَ، أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي السَّابِعَةِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَتِلْكَ هِيَ تِسْعُ رَكَعَاتٍ يَا بُنَيَّ، وَلَمْ يَقُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً يُتِمُّهَا إِلَى الصَّبَاحِ، وَلَمْ يَقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ قَطُّ، وَلَمْ يَصُمْ شَهْرًا يُتِمُّهُ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ === ممكن، فكيف يقال أنه كان يوتر بها، وقوله: "مما حدثتك" أي لتذهب إليها

إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ مِنَ اللَّيْلِ بِنَوْمٍ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «هَذَا وَاللَّهِ هُوَ الْحَدِيثُ، وَلَوْ كُنْتُ أُكَلِّمُهَا لَأَتَيْتُهَا حَتَّى أُشَافِهَهَا بِهِ مُشَافَهَةً» قَالَ: قُلْتُ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَا تُكَلِّمُهَا مَا حَدَّثْتُكَ. 1343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، قَالَ: يُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثَّامِنَةِ، فَيَجْلِسُ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَدْعُو، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخَذَ اللَّحْمَ، أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ بِمَعْنَاهُ إِلَى مُشَافَهَةً. 1344 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. 1345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ بِنَحْوِ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا. 1346 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ الدِّرْهَمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ بَهْزِ === للحديث فتكلمها. 1343 - قوله: "ثم يسلم تسليما" أي على رأس التاسعة. 1346 - قوله: "ثم يأوي" كيرمي أي يرجع ويجيء، والطهور بالفتح:

بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ: " كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَرْكَعُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ، وَيَنَامُ وَطَهُورُهُ مُغَطًّى عِنْدَ رَأْسِهِ، وَسِوَاكُهُ مَوْضُوعٌ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ سَاعَتَهُ الَّتِي يَبْعَثُهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى مُصَلَّاهُ، فَيُصَلِّي ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِيهِنَّ: بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ، وَلَا يَقْعُدُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَقْعُدَ فِي الثَّامِنَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ، وَيَقْرَأُ فِي التَّاسِعَةِ، ثُمَّ يَقْعُدُ، فَيَدْعُو بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَهُ، وَيَسْأَلَهُ، وَيَرْغَبَ إِلَيْهِ، وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً شَدِيدَةً يَكَادُ يُوقِظُ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ شِدَّةِ تَسْلِيمِهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ وَهُوَ قَاعِدٌ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَيَرْكَعُ وَهُوَ قَاعِدٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ الثَّانِيَةَ، فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَاعِدٌ، ثُمَّ يَدْعُو مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَّنَ، فَنَقَّصَ مِنَ التِّسْعِ ثِنْتَيْنِ، فَجَعَلَهَا إِلَى السِّتِّ وَالسَّبْعِ، وَرَكْعَتَيْهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، حَتَّى قُبِضَ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1347 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: يُصَلِّي الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ، لَمْ يَذْكُرِ الْأَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ: فَيُصَلِّي ثَمَانِيَ === الماء، وقولها: "حتى بدن" بتشديد الدال أي كبر، أو بتخفيفها والضم أي سمن.

رَكَعَاتٍ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ، إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ، وَلَا يُسَلِّمُ فِيهِ، فَيُصَلِّي رَكْعَةً يُوتِرُ بِهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يُوقِظَنَا، ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. 1348 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ، عَنْ بَهْزٍ، حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيُصَلِّي أَرْبَعًا، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّسْلِيمِ حَتَّى يُوقِظَنَا. 1349 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِي تَمَامِ حَدِيثِهِمْ. 1350 - حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ بِتِسْعٍ - أَوْ كَمَا قَالَتْ: - وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.

1351 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ الْوِتْرِ يَقْرَأُ فِيهِمَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ، فَرَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى الْحَدِيثَيْنِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، مِثْلَهُ قَالَ فِيهِ: قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ: يَا أُمَّتَاهُ كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 1352 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ فَيَنَامُ، فَإِذَا كَانَ جَوْفُ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى حَاجَتِهِ وَإِلَى طَهُورِهِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ يَضَعُ جَنْبَهُ، فَرُبَّمَا جَاءَ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ يُغْفِي، وَرُبَّمَا شَكَكْتُ أَغْفَى، أَوْ لَا، حَتَّى يُؤْذِنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَكَانَتْ تِلْكَ صَلَاتُهُ حَتَّى أَسَنَّ لَحُمَ، فَذَكَرَتْ مِنْ لَحْمِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. === 1352 - قوله: "ثم يغفي" أي ينام، يقال: أغفى إذا نام نومًا خفيفًا قيل: هي السّنة بكسر السين وهي حالة الوحي غالبًا، ويحتمل أن المراء الإعراض عما كان فيه.

1353 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ رَقَدَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَآهُ اسْتَيْقَظَ، فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ، وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، ثُمَّ أَوْتَرَ - قَالَ عُثْمَانُ: بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَأَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ عِيسَى: ثُمَّ أَوْتَرَ، فَأَتَاهُ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ اتَّفَقَا - وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ، === 1353 - قوله: "اللهم اجعل في قلبي نورًا" أريد بالنور الهدى بعلاقة تشبيهه بالنور بمعنى الكيفية الظاهرة بذاتها المظهرة لغيرها؛ لأن كلا منهما سبب النجاة من المهالك والوصول إلى المطلوب، وكل عضو من أعضاء الإنسان يحتاج إلى الهدى لما خلق له بالتيسير والتأييد والتثبت ولولا ذلك من الله لتعطل أمره، فلذلك عم صلى الله تعالى عليه وسلم بسؤال النور جميع الأعضاء، ولم يخص

وَأَعْظِمْ لِي نُورًا». 1354 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، نَحْوَهُ قَالَ: وَأَعْظِمْ لِي نُورًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ، عَنْ حَبِيبٍ فِي هَذَا، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي رِشْدِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. 1355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنْظُرَ كَيْفَ يُصَلِّي، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قِيَامُهُ مِثْلُ رُكُوعِهِ، وَرُكُوعُهُ مِثْلُ سُجُودِهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، ثُمَّ قَرَأَ بِخَمْسِ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ هَذَا حَتَّى صَلَّى عَشْرَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى سَجْدَةً وَاحِدَةً، فَأَوْتَرَ بِهَا، وَنَادَى الْمُنَادِي عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ، فَصَلَّى سَجْدَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «خَفِيَ عَلَيَّ مِنَ ابْنِ بَشَّارٍ بَعْضُهُ». 1356 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ === عضوًا دون عضو، والمقصود أن يحيطه الله تعالى بالهدى من جميع الوجوه وفي كل الأحوال والأعمال، والله تعالى أعلم.

قَيْسٍ الْأَسَدِيُّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا أَمْسَى، فَقَالَ: «أَصَلَّى الْغُلَامُ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، فَاضْطَجَعَ حَتَّى إِذَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، «قَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى سَبْعًا - أَوْ خَمْسًا - أَوْتَرَ بِهِنَّ، لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنّ». 1357 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَدَارَنِي، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسًا، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ - أَوْ خَطِيطَهُ -، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ». 1358 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ وَلَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُنَّ. 1359 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، === 1359 - قوله: "بركعتين قبل الصبح" أي بسنة الفجر.

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيْهِ قَبْلَ الصُّبْحِ، يُصَلِّي سِتًّا مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِخَمْسٍ، لَا يَقْعُدُ بَيْنَهُنَّ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ». 1360 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ». 1361 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْمُقْرِئَ أَخْبَرَهُمَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ قَائِمًا، وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا»، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ فِي حَدِيثِهِ: وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ، زَادَ جَالِسًا. === 1361 - قوله: "وركعتين بين الأذانين" ولم يكن يدعهما، قولها: "ولم يكن يدعهما" أنهما ركعتا الفجر، فالمراد بالأذانين: الأذان والإقامة، وإطلاق الأذانين على التغليب، لكن ظاهر قولها: "جالسًا" أنهما ركعتان من صلاة الليل، فالمراد بالأذانين: الأذان الأول الذي ينادي به بلال، والأذان الثاني الذي ينادي به ابن أم مكتوم، ولمن يحمل على المعنى الأول أن يقول: يمكن أن مانعًا منعه من القيام في ركعتي الفجر، فجلس فيهما لذلك أو جلس لبيان الجواز أو نحو ذلك، والله تعالى أعلم.

1362 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِكَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ؟ قَالَتْ: «كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ وَثَلَاثٍ، وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ، وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ، وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ، وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ، وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، قُلْتُ: مَا يُوتِرُ؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يَدَعُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ: وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ. 1363 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: «كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَتَرَكَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُبِضَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُبِضَ، وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ آخِرُ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ الْوِتْرَ». 1364 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّ كُرَيْبًا، === 1362 - قوله: "بأربع وثلاث" إلخ ظاهره أنه كان يصلي الثلاث بعد هذه الأعداد فيجعل بذلك الكل وترًا، وقوله: "قالت: لم يكن يدع ذلك" لعل المعنى: لم يكن يفرد بهما بعض الليالي بأن يصليهما أحيانًا ويترك أحيانًا، فكأنه أفرد الليالى التي صلى فيها بهما، والله تعالى أعلم.

مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ؟ قَالَ: بِتُّ عِنْدَهُ لَيْلَةً وَهُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ، فَنَامَ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ - أَوْ نِصْفُهُ - اسْتَيْقَظَ، فَقَامَ إِلَى شَنٍّ فِيهِ مَاءٌ، فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْتُ مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي كَأَنَّهُ يَمَسُّ أُذُنِي كَأَنَّهُ يُوقِظُنِي، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَدْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى حَتَّى صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ، ثُمَّ نَامَ، فَأَتَاهُ بِلَالٌ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَامَ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى لِلنَّاسِ. 1365 - حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، وَيَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ، حَزَرْتُ قِيَامَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِقَدْرِ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ»، لَمْ يَقُلْ نُوحٌ: مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ. 1366 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَخْبَرَهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّيْلَةَ، قَالَ: «فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ - أَوْ فُسْطَاطَهُ - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ === 1366 - قوله: "لأرمقن" بنون التوكيد الثقيلة من رمق كنصر إذا نظر،

صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً». 1367 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ، قَالَ: «فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمِ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي، فَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، - قَالَ الْقَعْنَبِيُّ: سِتَّ مَرَّاتٍ - ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ. === و"الفسطاط" بالضم معروف، والمراد أني رقدت عند بابه.

باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة

بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ القَصْدِ فِي الصَّلَاةِ 1368 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ، حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ، وَإِنْ قَلَّ»، وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ. 1369 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّتِي»، قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ، قَالَ: «فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ === بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ القَصْدِ فِي الصَّلَاةِ 1368 - قوله: "اكلفوا من العمل" بفتح لام اكلفوا من كلف بكسر اللام أي تحملوا من العمل ما تطيقوته على الدوام والثبات لا ما تفعلونه أحيانًا وتتركونه أحيانًا، وقوله: "وإن الله لا يمل" بفتح الميم أي لا يقطع الإقبال بالإحسان عنكم حتى تملوا في عبادته، وقوله: "فإِن أحب" إلخ تعليل أنه تعالى يمل إذا مل العبد؛ لأن العبد إذا ملّ فقد أخل في أحب العمل إليه؛ ومن أخل في ذلك بستحق أن يقطع عنه ما يحبه من إقبال الله تعالى عليه بالإحسان، والله تعالى أعلم بالمرام. 1369 - قوله: "أرغب عن سنتي" ولعله عزم على ترك بعض ما ترغب إليه

باب في قيام شهر رمضان

وَنَمْ». 1370 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: «لَا، كَانَ كُلُّ عَمَلِهِ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ». بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ 1371 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الطباع زهدًا. 1370 - قوله: "كان عمله ديمة" بكسر دال وسكون ياء المطر الدايم في السكون، شبه به علمه في دوامه مع الاقتصار وأصله الواو قلبت بالكسرة ما قبلها. بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ 1371 - قوله: "بعزيمة" أي بطريق الإيجاب، وقوله: "ثم يقول" والظاهر أن كلمة ثم بمنزلة، فالتفسير وما بعدها تفسير للترغيب، ويحتمل أن يكون

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِعَزِيمَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ عُقَيْلٌ، وَيُونُسُ، وَأَبُو أُوَيْسٍ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ»، وَرَوَى عُقَيْلٌ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ». 1372 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. 1373 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ === الترغيب آخر، ويكون هذا الكلام منه عقيب الكلام، فتكون كلمة "ثم" للعطف على الترغيب كما هو ظاهرها، والله تعالى أعلم. 1373 - قوله: "خشيت أن تفرض عليكم" فإن قلت ما وجه هذه الخشية، وقد قال تعالى على ما في حديث الإسراء حين صارت الصلوات كل يوم خمسًا:

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ، إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ» وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. 1374 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ أَوْزَاعًا، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبْتُ لَهُ حَصِيرًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَتْ فِيهِ: قَالَ: تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَمَا وَاللَّهِ مَا بِتُّ لَيْلَتِي هَذِهِ بِحَمْدِ اللَّهِ غَافِلًا، وَلَا خَفِيَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ». 1375 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، === "هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لديّ" (¬1)، فهذا يقتضي دوام عدد وبقاؤه أنه لا ينسخ، قلت: لعل عدم التبديل راجع إلى مساواة كل واحد من الخمس عشرًا لا إلى عدد خمس، وهذا هو المعنى الذي يقتضيه آخر الحديث عند صحيح التأمل، ولو سلم فلا يلزم من فرضية قيام رمضان زيادة على خمس صلوات في المفروض كل يوم، والله تعالى أعلم. 1374 - قوله: "أوزاعًا" أي متفرقين. 1375 - قوله: "كانت السادسة" وهي الليلة التي بعد ليلة القيام سميت ¬

_ (¬1) البخاري في التوحيد من حديث أنس بن مالك (7517).

عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِقِيَّةَ الشَّهْرِ. 1376 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَدَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ، أَنَّ سُفْيَانَ، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، وَقَالَ دَاوُدُ: عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ، === سادسة نظرًا إلى ما بقي، وكذا الخامسة والرابعة. قوله: "نفلتنا" بتشديد الفاء أي لو زدتنا صلاة ليلتنا هذه كان خيرًا، أو كلمة للتمني فلا يحتاج إلى جواب. قوله: "إِن الرجل ... " إلخ تحريض لهم على اتباع الإمام، وأن الإمام لا يكلف بما زاد على ما فعل، وقوله: "السحور" قيل: سمي فلاحًا لأن الفلاح البقاء، والسحور سببًا لبقاء الصوم ومعين عليه. 1376 - قوله: "وشد المئزر" هو بهمزة الإزار كنى بشده عن اعتزال النساء أو عن تشميره للعبادة والجد فيها أو عنهما معًا، قلت: مقتضى العطف هو الوجه

باب في ليلة القدر

وَشَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَأَبُو يَعْفُورٍ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسٍ». 1377 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أُنَاسٌ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «مَا هَؤُلَاءِ؟ »، فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ نَاسٌ لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يُصَلِّي، وَهُمْ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَابُوا، وَنِعْمَ مَا صَنَعُوا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْقَوِيِّ»، مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ضَعِيفٌ. بَابٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ 1378 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، فَإِنَّ صَاحِبَنَا سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ: مَنْ يَقُمِ الْحَوْلَ يُصِبْهَا، فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ - زَادَ مُسَدَّدٌ، === الأول، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ 1378 - قوله: "فإن صاحبنا" ابن مسعود، وقوله: "من يقم الحول" من شرطية، والفعلان بعدها مجزومان، وقوله: "ثم اتفقا" أي سليمان بن حرب

وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يَتَّكِلُوا أَوْ أَحَبَّ أَنْ لَا يَتَّكِلُوا، ثُمَّ اتَّفَقَا - وَاللَّهِ إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ لَا يَسْتَثْنِي، قُلْتُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَنَّى عَلِمْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ لِزِرٍّ: مَا الْآيَةُ؟ قَالَ: «تُصْبِحُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِثْلَ الطَّسْتِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ، حَتَّى تَرْتَفِعَ». 1379 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ بَنِي سَلَمَةَ وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، فَقَالُوا: : مَنْ يَسْأَلُ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَذَلِكَ صَبِيحَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ؟ فَخَرَجْتُ فَوَافَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ قُمْتُ بِبَابِ بَيْتِهِ، فَمَرَّ بِي فَقَالَ: «ادْخُلْ»، فَدَخَلْتُ فَأُتِيَ بِعَشَائِهِ، فَرَآنِي أَكُفُّ عَنْهُ مِنْ قِلَّتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: «نَاوِلْنِي نَعْلِي» فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً»، قُلْتُ: أَجَلْ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، يَسْأَلُونَكَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: «كَمِ اللَّيْلَةُ؟ » فَقُلْتُ: اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ، قَالَ: «هِيَ اللَّيْلَةُ»، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: «أَوِ === ومسدد؛ في اللفظ، وقوله: "لا يستثني" أي لا يقول: إن شاء الله تعالى ونحوه، ولفظ "أنَّى" بتشديد النون وألف بعدها كلمة استفهام بمعنى من أين. 1379 - قوله: "ثم قمت بباب بيته" الظاهر أنه كان معتكفًا العشر الأواخر تلك السنة، وحمل باب البيت على باب القبة المضروبة للاعتكاف بعيد ولا يناسبه،

باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين

الْقَابِلَةُ»، يُرِيدُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. 1380 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بَادِيَةً أَكُونُ فِيهَا، وَأَنَا أُصَلِّي فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ»، فَقُلْتُ لِابْنِهِ: كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: «كَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ وَجَدَ دَابَّتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَلَحِقَ بِبَادِيَتِهِ». 1381 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، وَفِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، وَفِي خَامِسَةٍ تَبْقَى». بَابٌ فِيمَنْ قَالَ: لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ 1382 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ === قوله: "ناولني نعلي وهو أكف عنه" أي ما أكل منه على قدر الحاجة والشهاء. 1381 - قوله: "تاسعة" أي واحدة من تسعة باقية، ولذلك وصفت بقوله "تبقى" إجراء لوصف الكل على الجزء، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ قَالَ: لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ 1382 - قوله: "على عريش" هو ما يستظل به كعريش الكرم، والمعنى:

مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ، قَالَ: «مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي، فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقْدَ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ، وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صَبِيحَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ. === وكان سقف المسجد على هيئة العريش على حذف المضافين أي لم يكن سقف المسجد كسائر السقف تكن من المطر بل كان شيئًا يستظل به عن الشمس، وقوله: "فوكف المسجد" بفتح الكاف أي تقاطر: قوله: "فالتي تليها التاسعة" حاصله اعتبار العدد بالنظر إلى ما بقي لا بالنظر إلى ما مضى كما هو الشائع، بقي الإشكلال فيه من جهة فوات الوتر، وأيضًا هذا العدد يخرج الليلة التي قد تحققت مرة أنها ليلة القدر، وهي ليلة إحدى وعشرين كما في الحديث السابق، والله تعالى أعلم، إلا أن يجاب عن الأول أنها أوتار بالنظر إلى ما بقي وهو يكفي، ومقتضى الحديث السابق أن تعتبر الأوتار بالنظر إلى ما مضى فيلزم أن يسعى كل ليلة من ليال العشر الأخير لإدراكه مراعاة للأوتار بالنظر إلى ما مضى وإلى ما بقي، والله تعالى أعلم.

باب من روى: أنها ليلة سبع عشرة

1383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ: إِنَّكُمْ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنَّا، قَالَ: أَجَلْ، قُلْتُ: مَا التَّاسِعَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ؟ قَالَ: «إِذَا مَضَتْ وَاحِدَةٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا التَّاسِعَةُ، وَإِذَا مَضَى ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ، فَالَّتِي تَلِيهَا السَّابِعَةُ، وَإِذَا مَضَى خَمْسٌ وَعِشْرُونَ فَالَّتِي تَلِيهَا الْخَامِسَةُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَا أَدْرِي أَخَفِيَ عَلَيَّ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا». بَابُ مَنْ رَوَى: أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ 1384 - حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اطْلُبُوهَا لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ»، ثُمَّ سَكَتَ. بَابُ مَنْ رَوَى: فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ 1385 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ

باب من قال: سبع وعشرون

الْأَوَاخِرِ». بَابُ مَنْ قَالَ: سَبْعٌ وَعِشْرُونَ 1386 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ مُطَرِّفًا، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ». بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ 1387 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ النَّسَائِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَسْمَعُ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: «هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ، لَمْ يَرْفَعَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَبْوَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَحْزِيبِهِ وَتَرْتِيلِهِ بَابٌ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ 1388 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا === بَابُ مَنْ قَالَ: سَبْعٌ وَعِشْرُونَ 1386 - قوله: "ليلة سبع وعشرين" ولعل كل ما جاء من التعيين فيها فذاك بالنظر إلى بعض السنين، وإلا فهي في كل رمضان والعشر الأواخر أو السبع الأواخر رجاء والله تعالى أعلم.

أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ»، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «اقْرَأْ فِي عِشْرِينَ»، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «اقْرَأْ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ»، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «اقْرَأْ فِي عَشْرٍ»، قَالَ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «اقْرَأْ فِي سَبْعٍ، وَلَا تَزِيدَنَّ عَلَى ذَلِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ أَتَمُّ». 1389 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ»، فَنَاقَصَنِي وَنَاقَصْتُهُ، فَقَالَ «صُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمًا»، قَالَ عَطَاءٌ: وَاخْتَلَفْنَا عَنْ أَبِي، فَقَالَ بَعْضُنَا: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَقَالَ بَعْضُنَا: خَمْسًا. 1390 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي كَمْ أَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: «فِي شَهْرٍ»، قَالَ: إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، يُرَدِّدُ الْكَلَامَ === 1389 - قوله "فناقصني وناقصته" بالصاد والمهملة، أي جرى بينى وبينه مراجعة في النقصان فيرى ما أذكره ناقصًا فيردني عنه وأنا أعد ما ذكره ناقصًا فأرده عنه، كما هو شأن من يجرى بينهما المراجعة، ولو جعل من الناقضة بالضاد المعجمة لكان له وجه، وقد ضبطه بعضهم كذلك: فقال: مفاعلة من نقض البناء أي هدمه أي ينقض قولي وانقض قوله، وأراد به المراجعة والمراودة، والله تعالى أعلم.

باب تحزيب القرآن

أَبُو مُوسَى، وَتَنَاقَصَهُ حَتَّى قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ»، قَالَ: إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ». 1391 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَطَّانُ، خَالُ عِيسَى بْنِ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا الْحَرِيشُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ»، قَالَ: إِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي ثَلَاثٍ»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: سَمِعْت أَبَا دَاوُد، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: عِيسَى بْنُ شَاذَانَ كَيِّسٌ. بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ 1392 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، قَالَ: سَأَلَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، فَقَالَ لِي: فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَقُلْتُ: مَا أُحَزِّبُهُ، فَقَالَ لِي نَافِعٌ: لَا تَقُلْ: مَا أُحَزِّبُهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَرَأْتُ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ»، قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. === بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ 1392 - قوله: "فقلت ما أحزّبه" بتشديد الزاي المعجمة، والحزب ما يجعل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد، والحزب النوبة في ورد الماء وتحزيب القرآن تجزئته واتخاذ كل جزء حزبًا له.

1393 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ جَدِّهِ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ فِي حَدِيثِهِ: أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ - قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ، قَالَ: فَنَزَلَتِ الْأَحْلَافُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ - قَالَ مُسَدَّدٌ: وَكَانَ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَقِيفٍ - قَالَ: كَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحَدِّثُنَا، - وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ - وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «لَا سَوَاءَ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ»، - قَالَ مُسَدَّدٌ بِمَكَّةَ -، === 1393 - قوله: "فنزلت الأحلاف" أي الذين دخلوا فيهم بالمعاقدة، وقوله: "قال مسدد: وكان" أي أوس بن حذيفة، وقوله: "قال" أي أوس، "يأتينا" أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "يراوح بين رجليه" أي يعتمد على أحد الرجلين مرة وعلى الأخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما، وقوله: "ثم يقول: لا سواء" أي ما كان بيننا وبينهم مساواة، بل هم كانوا أولًا أعز ثم أذلهم الله أو أنهم كانوا أعز في الدنيا ونحن أعز منهم في الآخرة، و"سجال الحرب" بكسر السين أي ذنوبها، وقوله: "ندال عليهم" إلخ أي تكون الدولة لنا عليهم مرة ولهم علينا مرة أخرى وهذا تفسير قوله: "سجال الحرب بيننا وبينهم" وقوله: "طرأ على" إلخ بالهمزة وقد تترك الهمزة يريد أنه قد أغفله عن وقته ثم

فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةً أَبْطَأَ عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِينَا فِيهِ، فَقُلْنَا: لَقَدْ أَبْطَأْتَ عَنَّا اللَّيْلَةَ، قَالَ: «إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ جُزْئِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيءَ حَتَّى أُتِمَّهُ»، قَالَ أَوْسٌ: سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ، قَالُوا: ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَتَمُّ». 1394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا === ذكره فقرأه أي: أقبل عليّ جزئي وجاءني مفاجأة من حيث إنه نسيه في وقته وذكره في ذلك الوقت فعد ذاك طروءًا عليه من الجزء، يقال: طرأ عليه بالهمزة وطرأه إذا جاءه مفاجأه، وقرله: "ثلاث"، أي الحزب ثلاث سور من البقرة وتاليتيها، والحزب الآخر خمس سور إلى براءة، والثالث سبع سور إلى النحل، والرابع تسع إلى الفرقان، والخامس إحدى عشرة من الشعراء إلى يس، والسادس ثلاث عشرة إلى الحجرات، وحزب المفصل من ق إلى آخر القرآن. 1394 - قوله: "لا يفقه" بفتح القاف إخبار بأنه لا يحصل الفهم والفقه المقصود من قراءة القرآن فيما دون ثلاث، أو دعاء عليه بأن لا يعطيه الله تعالى الفهم، وعلى التقديرين فظاهر الحديث كراهة الختم فيما دون ثلاث وكثير منهم

يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ». 1395 - حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ؟ قَالَ: «فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا»، ثُمَّ قَالَ: «فِي شَهْرٍ»، ثُمَّ قَالَ: «فِي عِشْرِينَ»، ثُمَّ قَالَ: «فِي خَمْسَ عَشْرَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «فِي عَشْرٍ»، ثُمَّ قَالَ: «فِي سَبْعٍ»، لَمْ يَنْزِلْ مِنْ سَبْعٍ. 1396 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: أَتَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي أَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَلِ، «لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، الرَّحْمَنَ وَالنَّجْمَ فِي رَكْعَةٍ، وَاقْتَرَبَتْ وَالْحَاقَّةَ فِي رَكْعَةٍ، وَالطُّورَ وَالذَّارِيَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَإِذَا وَقَعَتْ، وَنُونَ فِي رَكْعَةٍ، وَسَأَلَ سَائِلٌ وَالنَّازِعَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَوَيْلٌ === رأوا أن ذلك في الأعم الأغلب، وأما غلبة الشغل فيجوز له ذلك، والله تعالى أعلم، قوله: "إنه سأل" ضمير سأل لعبد الله والنبي بالنصب، و "يقرأ" يحتمل بناء المفعول، والأقرب بناء الفاعل وجعل الضمير لعبد الله. 1396 - قوله: "أهذّا كهذّ الشعر، هذا بتشديد الذال المعجمة، أي تهذّ هذّا فتسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر، والهذّ سرعة القطع ونصبه على المصدر و "الدقل" بفتحتين رديء التمر ويابسة أي تنثره كما ينثر ذاك فإنه لرداءته لا يحفظ

لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبَسَ فِي رَكْعَةٍ، وَالْمُدَّثِّرَ وَالْمُزَّمِّلَ فِي رَكْعَةٍ، وَهَلْ أَتَى وَلَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي رَكْعَةٍ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَالْمُرْسَلَاتِ فِي رَكْعَةٍ، وَالدُّخَانَ وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ فِي رَكْعَةٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا تَأْلِيفُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَحِمَهُ اللَّهُ». 1397 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». 1398 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا سَوِيَّةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ حُجَيْرَةَ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ === ولا يجمع بل يرمي منثورًا، أي أتقرؤه من غير تأمل، و"النظائر" هي السور المتقاربة في الطول. 1397 - قوله: "كفتاه" أي عن قيام الليل، وقل: أراد أنهما أقل ما يجزئ في قيام الليل، أي إذا قرئ بهما في قيام الليل كفتاه، وقيل: يكفيان السوء ويقيان من المكروه. 1398 - قوله: "من المقنطرين" بكسر الطاء أي من المالكين مالا كثيرًا،

باب في عدد الآي

المُقَنْطِرِينَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «ابْنُ حُجَيْرَةَ الْأَصْغَرُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ». 1399 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ الر»، فَقَالَ: كَبُرَتْ سِنِّي، وَاشْتَدَّ قَلْبِي، وَغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ: «فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حاميم»، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنَ المُسَبِّحَاتِ»، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا أَبَدًا، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ» مَرَّتَيْنِ. بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ 1400 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ === والمراد كثرة الأجر، وقيل: أي ممن أعطي قنطارًا من الأجر أي أجرًا عظيمًا. 1399 - قوله: "أقرئني" من الإقراء، وقوله: "اقرأ ثلاثا" من القراءة و "كبرت" بكسر الباء، و"غلظ" بضم اللام، و "الرويجل" تصغير الرجل فإنه رجيل، فكأنه كان ماشيًا على الرجل. والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ أي هل يجوز عدد الآي أو هل له أصل أم لا. 1400 - قوله: "تشفع" أي شفعت، والتعبير بالمضارع لإحضار حالة

باب تفريع أبواب السجود، وكم سجدة في القرآن

الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً، تَشْفَعُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ. بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ، وَكَمْ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ 1401 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْبَرْقِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ الْعُتَقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنَيْنٍ، مِنْ بَنِي عَبْدِ كُلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === شفاعتها أو المضارع هاهنا على ظاهره، لكن قوله: "حتى غفر" بمعنى يغفر، والتعبير بالماضى للتنبيه على أن المغفرة بعد شفاعتها تحققت بحيث كأنها تحققت واستحقت أن يعبر عنها بصيغة الماضي، والله تعالى أعلم. بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ، وَكَمْ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ 1401 - قوله: "وفي سورة الحج سجدتان" من لا يقول بالثانية يحملها على السجدة الصلاتية لقرانها بالركوع، ويعتذر عن هذا الحديث بأن في إسناده ابن منين وهو مجهول كما قاله ابن القطان (¬1)، وعن الثاني بأن في إسناده ابن لهيعة (¬2) وهو ضعيف، لكن سكوت المصنف يقتضي صلاحية الحديثين ¬

_ (¬1) قال في الميزان: روي عن الحارث بن سعيد، وله في سجود القرآن عن عمرو بن العاص 2/ 508، وقال في التهذيب: وثقه يعقوب بن سفيان 6/ 44. (¬2) عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان، النافقي المصري الفقيه القاضي، انظر: التهذيب 5/ 373 - 379.

باب من لم ير السجود في المفصل

وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ، مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ. 1402 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ أَبَا الْمُصْعَبِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا، فَلَا يَقْرَأْهُمَا». بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ 1403 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، - قَالَ مُحَمَّدٌ رَأَيْتُهُ بِمَكَّةَ - حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ === للاحتجاج، وأيضًا تعدد أحاديث الباب يؤيد بعضها بعضًا بحيث يصير الكل حجة، والله تعالى أعلم. 1402 - قوله: "ومن لم يسجدهما" أي من لم يرد أن يسجدهما فلا ينبغي أن يقرأهما؛ لأن القراءة في حقه تصير سببًا لترك الواجب أو السنة المؤكدة وهي مندوبة، والمندوب إذا تضمن ترك الواجب أو المسنون فالأولى تركه، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ 1403 - قوله: "لم يسجد في شيء من المفصل" لعله ما اطلع عليه وقال ذلك على حسب ما علم وغيره قد اطلع عليه كأبي هريرة فيؤخذ برواية المثبت،

باب من رأى فيها السجود

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ المُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ». 1404 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَال: «قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا». 1405 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ زَيْدٌ الْإِمَامَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا». بَابُ مَنْ رَأَى فِيهَا السُّجُودَ 1406 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، === والله تعالى أعلم. 1405 - قوله: "قال أبو داود: كان زيد الإمام فلم يسجد" يريد أن القارئ إمام للسامع فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ترك السجود اتباعًا لزيد؛ لأنه القارئ فهو إمام وترك زيد لأجل صغره، فلا دلالة في الحديث على عدم السجود في المفصل، وأجيب أيضًا بأنه لعله على غير وضوء فأخره فظنه زيد أنه ترك، لعل معنى كلام زيد أنه لم يسجد في الحال بل آخره وأيضًا بأن السجود غير واجب فلعله تركه أحيانًا لبيان الجواز، فلا دلالة في الحديث على عدم السجود في المفصل، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ رَأَى فِيهَا السُّجُودَ 1406 - قوله. "وما بقي أحد من القوم" أي من المسلمين والمشركين إلا

باب السجود في إذا السماء انشقت، واقرأ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ النَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا، وَمَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا سَجَدَ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ كَفًّا مِنْ حَصًى - أَوْ تُرَابٍ -، فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا "، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا». بَابُ السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَاقْرَأْ 1407 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَةَ سِتٍّ عَامَ خَيْبَرَ، وَهَذَا السُّجُودُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرُ فِعْلِهِ». 1408 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ: فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ قَالَ: «سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ». بَابُ السُّجُودِ فِي ص 1409 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ === سجد، وكأن المشركين حين حضروا في المجلس سجدوا اتباعًا له في السجود، وقد ذكروا في شبه قصة طويلة والله تعالى أعلم بثبوتها. بَابُ السُّجُودِ فِي ص 1409 - قوله: "من عزائم السجود" أي من السجود الواجبة أو المؤكدة.

باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب، [وفي غير الصلاة]

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ ص مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا». 1410 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ص، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ»، فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ، [وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ] 1411 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، مِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِه». === 1410 - قوله: "تشزن الناس" بفتح مثناة فوقية ثم شين معجمة وزاي معجمة مشددة أي تأهبوا أو تهيؤوا.

باب ما يقول إذا سجد

1412 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ الْمَعْنَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ -، قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اتَّفَقَا: - فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى لَا يَجِدَ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ. 1413 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ، وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ»، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يُعْجِبُهُ لِأَنَّهُ كَبَّرَ». بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَجَدَ 1414 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، يَقُولُ فِي السَّجْدَةِ مِرَارًا: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ». بَابٌ فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ 1415 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ، [وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ] 1412 - قوله: "حتى لا يجد مكانًا" أي لكثرة الزحام. بَابٌ فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ 1415 - قوله: "أقص" كأنه يذكر في ضمن ذلك بعض آيات من القرآن

باب استحباب الوتر

ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ، قَالَ: لَمَّا بَعَثْنَا الرَّكْبَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَةِ»، قَالَ: كُنْتُ أَقُصُّ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَأَسْجُدُ، فَنَهَانِي ابْنُ عُمَرَ أَنْتَهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَسْجُدُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوِتْرِ 1416 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، أَوْتِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ، يُحِبُّ الْوِتْرَ». === ليفسرها للناس، فإذا كان فيها آية سجدة يسجد. و "ثلاث مرات"، تنازع فيه الفعلان؛ أعني نهاني، ولم أنتبه. بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوِتْرِ 1416 - قوله: "أوتروا فإن الله وتر" إلخ قال الطيبي: أوتروا يا أهل القرآن، يريد به قيام الليل؛ فإن الوتر يطلق عليه كما يفهم من الأحاديث، فلذلك خص الخطاب بأهل القرآن، وقال لأعرابي: ليس لك ولأصحابك. وقوله: "إِن الله وتر" بكسر الواو وتفتح أي واحد في ذاته لا يقبل الانقسام والتجزيء، وواحد في صفاته لا مثل له ولا شبيه، وواحد في أفعاله فلا معين له، و "يحب الوتر" أي يثيب عليه ويقبله من عامله.

1417 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، زَادَ: فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ، وَلَا لِأَصْحَابِكَ. 1418 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ الزَّوْفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ الزَّوْفِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ - قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْعَدَوِيُّ - خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ، وَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الْوِتْرُ، فَجَعَلَهَا لَكُمْ فِيمَا === 1418 - قوله: (الزَوفي) (¬1) بفتح الزاي المعجمة وسكون الواو والفاء. قوله: "قد أمدكم" من أمد الجيش إذا ألحق به؛ أي فرض عليكم فرائض ليؤجركم بها ولم يكتف به فشرع الوتر ليزيدكم به إحسانًا على إحسان، و "الحمر" بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمر، وهي من أعز الأموال عند العرب، أي خير لكم من أن تتصدقوا بها، أو هو على اعتقادهم الخيرية فيها، ¬

_ (¬1) عبد الله بن راشد الزوفي، أبو الضحاك المصري، روى عن عبد الله بن أبي برة عن خارجة بن حذافة حديث الوتر، وعن يزيد بن أبي حبيب وخالد بن يزيد. قال ابن أبي حاتم: وروى عن ربيعة بن قيس الحملة الذي يروى عن علي وليس له حديث إلا في الوتر، ولا يعرف سماعه من أبي مرة، وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: وقال يروي عن عبد الله بن أبي مرة أنه كان سمع منه ومن اعتمده فقد اعتمده إسنادًا حشوشا. انظر: التهذيب 5/ 205.

باب فيمن لم يوتر

بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ». بَابٌ فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ 1419 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا، الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا، الْوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا». 1420 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى الْمَخْدَجِيَّ، سَمِعَ رَجُلًا بِالشَّامِ يُدْعَى أَبَا مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ، قَالَ الْمَخْدَجِيُّ: فَرُحْتُ إِلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ عُبَادَةُ: كَذَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ، === وإلا فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها. بَابٌ فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ 1419 - قوله: "الوتر حق" إلخ قد يستدل من يقول بوجوب الوتر، بناء على أن الحق هو اللازم الثابت على الذمة، وقد قرن بالوعيد على تاركه، ويجيب من لا يرى الوجوب أن معنى حق أنه مشروع ثابت، ومعنى "ليس منا" أي من أهل سنتنا وعلى طريقتنا، أو المعنى من لم يوتر رغبة عن السنة. 1420 - قوله: "خمس صلوات" إلخ فاستدل بالعدد على عدم وجوب

باب كم الوتر؟

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». بَابُ كَمِ الْوِتْرُ؟ 1421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ بِأُصْبُعَيْهِ هَكَذَا: «مَثْنَى مَثْنَى، وَالْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ». 1422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي قُرَيْشُ بْنُ حَيَّانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». === الوتر، لكن دلالة مفهوم العدد ضعيفة والله تعالى أعلم. بَابُ كَمِ الْوِتْرُ؟ 1421 - قوله: "والوتر ركعة" أي أدناه ركعة.

باب ما يقرأ في الوتر

بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ 1423 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، وَزُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَ {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 12]، وَاللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ. 1424 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ: وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ. بَابُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ 1425 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا === بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ 1423 - قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} (¬1) أي: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وقوله: "والله الواحد الصمد" أي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. بَابُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ 1425 - قوله: "أقولهن في الوتر" الظاهر أن المراد علمني أن أقولهن في ¬

_ (¬1) سورة الأنفال: آية (38).

أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ عَنْهُمَا: عَلَّمَنِي رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، - قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ: فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ: - «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». 1426 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ: فِي آخِرِهِ قَالَ: هَذَا يَقُولُ: فِي الْوِتْرِ فِي الْقُنُوتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، أَبُو الْحَوْرَاءِ: رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ. 1427 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الْفَزَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ === الوتر بتقدير أن، أو باستعمال الفعل موضع المصدر مجازًا، ثم جعله بدلًا من كلمات؛ إذ يستبعد أنه عليه الكلمات مطلقًا ثم هو من نفسه وضعهن في الوتر، ويحتمل أن قوله: "أقولهن" صفة كلمات كما هو الظاهر، لكن يؤخذ منه أنه علمه أن يقول تلك الكلمات في الوتر لا أنه أعلمه نفس تلك الكلمات مطلقًا، ثم قد أطلق الوتر فيشمل الوتر طول السنة، فصار هذا الحديث دليلًا قويًّا لمن يقول بالقنوت في الوتر طول السنة، ومعنى: "تولَّنى" أي تولَّ أمري وأصلحه فيمن توليت أمورهم، ولا تكلني إلى نفسي، وقوله "واليت" في مقابلة "عاديت" كما جاء صريحًا في بعض الروايات.

رَضِيَ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هِشَامٌ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِحَمَّادٍ»، وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ - يَعْنِي - فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، وَرُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَحَدِيثُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرِ الْقُنُوتَ، وَلَا ذَكَرَ أُبَيًّا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَسَمَاعُهُ بِالْكُوفَةِ مَعَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقُنُوتَ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَشُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، وَلَمْ يَذْكُرَا الْقُنُوتَ،

وَحَدِيثُ زُبَيْدٍ، رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، كُلُّهُمْ عَنْ زُبَيْدٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْقُنُوتَ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: إِنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَيْسَ هُوَ بِالْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصٍ نَخَافُ أَنْ يَكُونَ، عَنْ حَفْصٍ، عَنْ غَيْرِ مِسْعَرٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَيُرْوَى أَنَّ أُبَيًّا، كَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ». 1428 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، «أَمَّهُمْ - يَعْنِي - فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». 1429 - حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «فَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَا يَقْنُتُ بِهِمْ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَإِذَا كَانَتِ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ أَبَقَ أُبَيٌّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْقُنُوتِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ أُبَيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ فِي الْوِتْرِ».

باب في الدعاء بعد الوتر

بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ 1430 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ الْأَيَامِيِّ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ فِي الْوِتْرِ، قَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ». 1431 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ، أَوْ نَسِيَهُ، فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ». بَابٌ [فِي] الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ 1432 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "أَوْصَانِي خَلِيلِي صلّى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ فِي سَفَرٍ، وَلَا حَضَرٍ: رَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَصَوْمِ === بَابٌ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ 1431 - قوله: "فليصَلَه إِذا ذكره" ظاهره إيجاب القضاء، فهو دليل على وجوب الوتر، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ 1432 - قوله: "لا أنام إِلا على وتر" وكأنه كان يشغل أول الليل فخاف عليه

باب [في] وقت الوتر

ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَأَنْ لَا أَنَامَ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ. 1433 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ السَّكُونِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ لِشَيْءٍ: أَوْصَانِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا أَنَامُ إِلَّا عَلَى وِتْرٍ، وَبِسُبْحَةِ الضُّحَى فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ. 1434 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَتَى تُوتِرُ؟ »، قَالَ: أُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَقَالَ لِعُمَرَ: «مَتَى تُوتِرُ؟ »، قَالَ: آخِرَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخَذَ هَذَا بِالْحَزْمِ»، وَقَالَ لِعُمَرَ: «أَخَذَ هَذَا بِالْقُوَّةِ». بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْوِتْرِ 1435 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، === صلى الله تعالى عليه وسلم أن لا ينتبه آخره فأمره بذلك. 1434 - قوله: "بالحذر" وهو بفتحتين أو بكسر فسكون الاحتراز عن الفوات والتيقظ للأمر، وقوله: "بالقوة" أي بصدق العزيمة على قيام الليل، وفيه إشارة إلى أن التأخير لمن ينتبه أولى، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْوِتْرِ 1435 - قوله: "كل ذلك قد فعل" أي كلّ أمكن في الوتر بالنظر إلى الوقت

عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَتَى كَانَ يُوتِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كُلَّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ، أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَوَسَطَهُ، وَآخِرَهُ، وَلَكِنِ انْتَهَى وِتْرُهُ حِينَ مَاتَ إِلَى السَّحَرِ». 1436 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ». 1437 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «رُبَّمَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَرُبَّمَا أَوْتَرَ مِنْ آخِرِهِ»، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَتُهُ؟ أَكَانَ يُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ، أَمْ يَجْهَرُ؟ قَالَتْ: «كُلَّ ذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا أَسَرَّ، وَرُبَّمَا جَهَرَ، وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ، فَنَامَ»، قَالَ === قد فعل، وقولها: "ولكن انتهى وتره" إلخ أي أخر أمره الوتر آخر الليل، فهو الأرجح. 1436 - قوله: "بادروا الصبح بالوتر" أي سابقوه به واجعلوه قبيله بقليل بحيث كان الصبح يريد أن يسبقكم بالوتر ويفوّته عليكم وأنتم تريدون أن تسبقوه بالوتر فأنتم تغلبوه في السبقة، والله تعالى أعلم. 1437 - قوله: "كل ذلك كان يفعل" أي ما يتعلق بالقراءة من الكيفيات كان يفعل، وقوله: "ربما اغتسل" أي إذا أجنب من الليل وقد سألها عن ذلك إلا أنه

باب في نقض الوتر

أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ غَيْرُ قُتَيْبَةَ: «تَعْنِي فِي الْجَنَابَةِ». 1438 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». بَابٌ فِي نَقْضِ الْوِتْرِ 1439 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، قَالَ: زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمْسَى عِنْدَنَا، وَأَفْطَرَ، ثُمَّ قَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ، وَأَوْتَرَ بِنَا، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلًا، فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ === وقع الاختصار عن الرواة، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي نَقْضِ الْوِتْرِ 1439 - قوله: "فصلى بأصحابه" الظاهر أنه صلى بهم الفرض والنفل جميعًا يكون اقتداء القوم به في الفرض من اقتداء المفترض بالمتنفل، وقوله: "لا وتران" أي لا يجتمع وتران أو لا يجوز وتران في ليلة، بمعنى لا ينبغي لكم أن تجمعوهما، وليست "لا" نافية للجنس وإلا لكان لا وترين بالياء؛ لأن الاسم بعد لا النافية للجنس يبنى على ما ينصب به، ونصب التثنية بالياء إلا أن يكون هنا حكاية فيكون الرفع للحكاية، وقال السيوطي: هو على لغة من ينصب المثنى بالألف وعليه قراءة {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (¬1). ولم أره نبه على ذلك في هذا ¬

_ (¬1) سورة طه: آية (63).

باب القنوت في الصلوات

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ». بَابُ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ 1440 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَرِّبَنَّ لَكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ «يَقْنُتُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَلْعَنُ الْكَافِرِينَ». 1441 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالُوا: كُلُّهُمْ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ»، زَادَ ابْنُ مُعَاذٍ: وَصَلَاةِ الْمَغْرِبِ. 1442 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ === الحديث. بَابُ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ 1442 - قوله: "حدثنا الوليد" قال السيوطي: صوابه أبو الوليد كما في رواية ابن داسة وابن الأعرابي واسمه هشام بن عبد الملك الطيالسي (¬1). ¬

_ (¬1) هشام بن عبد الملك الطيالسي: الباهلي مولاهم أبو الوليد البصري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع وعشرين، وله أربع وتسعون. التقريب 2/ 319.

شَهْرًا يَقُولُ فِي قُنُوتِهِ: اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ نَجِّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «وَمَا تُرَاهُمْ قَدْ قَدِمُوا». 1443 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ. 1444 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ === قوله: "اشدد وطأتك على مضر" أي خذهم أخذًا شديدًا، وقوله: "كسنيّ يوسف" أي القحط والجدب، وهي السبع الشداد التي أصابتهم. قوله: "قد قدموا" أي كان ذلك الدعاء لهم لأجل تخلصهم من أيدي الكفرة وقد خلصوا منهم وجاءوا بالمدينة فما بقي حاجة إلى الدعاء لهم بذلك. قوله: "على رعل" بكسر الراء، و "ذَكوان" بفتح المعجمة، و"عصية" بضم العين وفتح الصاد وتشديد الياء، وقوله: "ويؤمّن" أي يقول: آمين.

باب في فضل التطوع في البيت

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ، أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: «بَعْدَ الرُّكُوعِ»، قَالَ مُسَدَّدٌ: بِيَسِيرٍ. 1445 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا، ثُمَّ تَرَكَهُ». 1446 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُفَضَّلٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ «صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْغَدَاةِ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، قَامَ هُنَيَّةً». بَابٌ فِي فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ 1447 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ: احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ حُجْرَةً، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنَ اللَّيْلِ، === 1446 - قوله: "هنية" بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء، أي قدرًا يسيرًا، يريد أنه قنت في تلك الساعة سرًّا، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ 1447 - قوله: "احتجر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في المسجد حجرة" بالراء أي موضعًا منفردًا، والمراد أنه حفظ موضعًا من المسجد منفردًا لئلا

باب

فَيُصَلِّي فِيهَا، قَالَ: فَصَلَّوْا مَعَهُ لِصَلَاتِهِ - يَعْنِي - رِجَالًا، وَكَانُوا يَأْتُونَهُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَنَحْنَحُوا، وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، وَحَصَبُوا بَابَهُ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنْ سَتُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ». 1448 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا». باب 1449 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ الْخَثْعَمِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ === يمر عليه مارّ وليتوفر خشوعه، وقوله: "حصبوا بابه" أي رموه بالحصباء لظنهم أنه نائم، وقوله: "مغضبًا" بفتح الضاد أي موقعًا في الغضب بما فعلوا. باب 1449 - قوله: "جهد المقل" بضم الجيم أي قدر ما يحتمله حال قليل المال، وقوله: "من هجر" أي ترك وفارق كما يفارق الوطن، وقوله: "عُقر جواده" أي

باب الحث على قيام الليل

الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقِيَامِ»، قِيلَ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جَهْدُ الْمُقِلِّ»، قِيلَ: فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ هَجَرَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ»، قِيلَ: فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ»، قِيلَ: فَأَيُّ الْقَتْلِ أَشْرَفُ؟ قَالَ: «مَنْ أُهَرِيقَ دَمُهُ، وَعُقِرَ جَوَادُهُ». بَابُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ 1450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنَا الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ». 1451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتِ». === فرسه والجواد الفرس السابق الجيّد، وأصل العقر ضرب قوائم الحيوان بالسيف وهو قائم.

باب في ثواب قراءة القرآن

بَابٌ فِي ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 1452 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». 1453 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانِ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا؟ ». === بَابٌ فِي ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ 1452 - قوله: "خيركم من تعلم القرآن" إلخ يراد بمثله أنه من جملة الأخيار لا أنه أفضل من الكل، وبه يندفع التدافع بين الأحاديث الواردة بهذا العنوان، ثم المقصود في مثله بيان أن وصف تعلم القرآن وتعليمه من جملة خيار الأوصاف، فالموصوف به يكون خيرًا من هذه الجهة أو يكون خيرًا إن لم يعارض هذا الوصف معارض، فلا يرد أنه كثيرا ما يكون المرء متعلمًا أو معلمًا القرآن ويأتي بمنكرات، فكيف يكون خيرًا، والله تعالى أعلم. وقد يقال: المراد "من تعلم القرآن وعلمه" مع مراعاته عملًا وإلا فغير المراعي يعد جاهلًا.

1454 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ، مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ». 1455 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === 1453 - قوله: "ألبس والده تاجًا" التاج ما يصاغ للملوك من الذهب والجواهر، وقوله: "في بيوت الدنيا" متعلق بضوء الشمس، وقوله: "لو كانت الشمس فيكم" أي في بيوتكم وعندكم، أي لو كانت الشمس في الأرض لكان الذي لها من الضوء في بيوتكم ضوء ذلك التاج أحسن منه وأكثر. 1454 - قوله: "ماهر به" أي حاذق بقراءته، "مع السفرة" هم الملائكة جمع سافر، وهو الكاتب؛ لأنه يبين الشيء، ولعل المراد بهم: الملائكة الذين قال الله تعالى فيهم: {بِأَيدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (¬1)، والمعية في التقرب إلى الله تعالى، وقيل: يريد أنه يكلون في الآخرة رفيقًا لهم في منازله أو هو عالم بحملهم، وقوله: "فله أجران" قيل: يضاعف له الأجر على الماهر؛ لأن الأجر بقدر التعب، وقيل: بل المضاعفة للماهر لا تحصى؛ فإن الحسنة قد تضاعف إلى سبعمائة وأكثر، والأجر شيء مقدّر وهذا له أجران من تلك المضاعفات، والله تعالى أعلم. 1455 - قوله: "في بيت من يوت الله" أي في مسجد من المساجد، وقوله: ¬

_ (¬1) سورة عبس: الآية 15، 16.

أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ». 1456 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ - أَوِ الْعَقِيقِ - فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟ » قَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، === "إلا نزلت علهم السكينة" قيل: الرحمة، ويضعفه عطف الرحمة، قيل: والأظهر أنها الملائكة، وقيل: هي ما يحصل به السكون وصفاء القلب وذهاب الظلمة النفسانية. 1456 - قوله: (إلى بطحان) بضم الباء أو فتحها وهو والعقيق واديان بالمدينة، "وكومامين" بفتح الكاف تثنية كوماء وهي ناقة عظيمة السنام، وقوله: "زهراوين" أي سمينتين مائلتين إلى البياض من كثرة السي، وقوله: "فلان يغدو" بفتح اللام مبتدأ خبره خير، أي هو خير في الآخرة من ناقتين في الدنيا، وقوله: "وإن ثلاث" إن حصلت له ثلاث آيات في المسجد فيقابلها ثلاث ناقات في الخيرية، أو إن حصلت ثلاث ناقات من الذهاب إلى بطحان والعقيق فيقابلها

باب فاتحة الكتاب

خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ». بَابُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ 1457 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَأُمُّ الْكِتَابِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي». 1458 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَدَعَاهُ، قَالَ: فَصَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، قَالَ: فَقَالَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟ »، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: " أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ - أَوْ فِي الْقُرْآنِ، === ثلاث آيات في "الخيرية وإجماله" أنه يقال: بل الآيات مثل أعدادهن من الإبل. بَابُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ 1458 - قوله "ألم يقل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلخ ومطلق الأمر وإن كان لا يقتضي النور لكن هاهنا التقييد بقوله: {إذَا دَعَاكُمْ} (¬1) يفيد حمل الأمر على الفور، وضمير دعا "للرسول" فيفيد أن ذكر الله لتشريف الرسول، وإفادة أن الاستجابة له استجابة لله تعالى، وقوله: "قولك" أي راع قولك أو احفظه أو وفّ عهدك، إطلاق القرآن العظيم على الفاتحة من إطلاق القرآن على جزئه ¬

_ (¬1) سورة الأنفال: آية (24).

باب من قال: هي من الطول

شَكَّ خَالِدٌ - قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْلُكَ: قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي أُوتِيتُ، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ». بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مِنَ الطُّوَلِ 1459 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي الطُّوَلِ، وَأُوتِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سِتًّا، فَلَمَّا أَلْقَى الْأَلْوَاحَ، رُفِعَتْ ثِنْتَانِ، وَبَقِيَ أَرْبَعٌ». بَابُ مَا جَاءَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ 1460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ === وهو سائغ. بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مِنَ الطُّوَلِ 1459 - قوله: "الطول" بفتح، وقوله: "وبقين أربع" من قبيل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬1). بَابُ مَا جَاءَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ 1460 - قوله: "ليهن لك العلم" من هناء الطعام وهو من حد ضرب مهموز اللام، وقد يخفف ومنه الحديث، والهنئ: كل أمر يأتيك من غير تعب -وهذا ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: آية (3).

باب في سورة الصمد

إِيَاسٍ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبَا الْمُنْذِرِ، أَيُّ آيَةٍ مَعَكَ مِنْ كِتَابِ الَّلهِ أَعْظَمُ؟ » قَالَ: قُلْتُ: الَّلهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَبَا الْمُنْذِرِ، أَيُّ آيَةٍ مَعَكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ » قَالَ: قُلْتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: «لِيَهْنِ لَكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ الْعِلْمُ». بَابٌ فِي سُورَةِ الصَّمَدِ 1461 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». === دعاء بتسير العلم وإخبار بأنه عالم, ولو جعل دعاء بأن لا يضره العلم بالعجب ونحوه من أعمال القلب لكان أنسب, والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي سُورَةِ الصَّمَدِ 1461 - قوله: "يتقالها" بتشديد اللام أي يعدها قليلة، وقوله: "لَتعدل" أي تساويه أجرًا.

باب في المعوذتين

بَابٌ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ 1462 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، مَوْلَى مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَقُودُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ لِي: «يَا عُقْبَةُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ سُورَتَيْنِ قُرِئَتَا؟ » فَعَلَّمَنِي قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، قَالَ: فَلَمْ يَرَنِي سُرِرْتُ بِهِمَا جِدًّا، فَلَمَّا نَزَلَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى بِهِمَا صَلَاةَ الصُّبْحِ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ، كَيْفَ رَأَيْتَ؟ ». 1463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْجُحْفَةِ، وَالْأَبْوَاءِ، إِذْ غَشِيَتْنَا رِيحٌ، وَظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ بِأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَيَقُولُ: «يَا === بَابٌ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ 1462 - قوله: "سورتين" في باب الاستعاذة، وقوله: "سررت بهما" بضم السين قوله: "كيف رأيت" أي أمرهما بعد أن علمت جواز الصلاة بهما. 1463 - قوله "بين الجحفة" بضم الجيم وسكون حاء مهملة اسم موضع،

باب استحباب الترتيل في القراءة

عُقْبَةُ، تَعَوَّذْ بِهِمَا فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا»، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَؤُمُّنَا بِهِمَا فِي الصَّلَاةِ. بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ 1464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا. 1465 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «كَانَ يَمُدُّ مَدًّا». === و"الأبواء" بفتح همزة وسكون باء ومد: جبل، و "غشيتنا" أي أحاطتنا. بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّرْتِيلِ فِي الْقِرَاءَةِ 1464 - قوله: "وارتق" أي ارتفع في درجات الجنة وفي بعض الروايات "ارق" من رقى يرقى كسمع، والرقي الصعود والارتفاع، قال الخطابي: جاء في الأثر: عدد آي القرآن على قدر درج الجنة، يقال للقارئ: اقرأ وارق في الدرج على قدر ما كنت من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزءًا منه كان رقيه في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة (¬1). 1465 - قوله: "كان يمد مدًّا" أي يطيل الحروف الصالحة للإطالة. ¬

_ (¬1) الخطابي في معالم السنن 1/ 289، 290.

1466 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ، عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: «وَمَا لَكُمْ وَصَلَاتَهُ؟ كَانَ يُصَلِّي وَيَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى، ثُمَّ يُصَلِّي قَدْرَ مَا نَامَ، ثُمَّ يَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى، حَتَّى يُصْبِحَ، وَنَعَتَتْ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَتَهُ حَرْفًا حَرْفًا». 1467 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفَتْحِ، وَهُوَ يُرَجِّعُ». 1468 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ === 1466 - قوله: "ونعتت قرآته" أي وصفت وبينت بأن قالت: كانت قراءته كيت وكيت, أو بأن قرأت مُرتلة مبينةً كقراءة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "حرفًا حرفًا" حال؛ لأنه في معنى مرتلة. 1467 - قوله: "يُرَجَع" من الترجيع، وهو الترديد والتكرار. 1468 - قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم" أي بتحسين أصواتكم عند القراءة؛ فإن الكلام الحسن يزيد حسنًا وزينة بالصوت الحسن وهذا مشاهد، ولما رأى بعضهم أن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل الصوت أولى (¬1) بأن ¬

_ (¬1) ليست في الأصل، ويقتضيها السياق.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ». 1469 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، بِمَعْنَاهُ، أَنَّ اللَّيْثَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - وَقَالَ: يَزِيدُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ. وَقَالَ قُتَيْبَةُ: هُوَ فِي كِتَابِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ === يحسن بالقرآن؛ قال معناه: "زينوا أصواتكم بالقرآن" هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب القلب، وقال شعبة: نهاني أيوب أن أحدث: "زينوا القرآن بأصواتكم" ورواه معمر عن منصور عن طلحة: "زينوا أصواتكم بالقرآن" (¬1) وهو الصحيح، والمعنى: اشتغلوا بالقرآن واتخذوه شعارًا وزينة. 1469 - قوله: "من لم يتغن بالقرآن" أي لم يحسن صوته به، أو من لم يستغن به عن غير الله وعن سؤال، أو من لم يكثر قراءته كما تكثر العرب التغني عن الركوب على الإبل، وعند النزول وحال المشي، أو من يرفع به صوته ولم يعلن به، أو من لم يتحزن بالقرآن وليس التحزن طيب الصوت بأنواع النغم، ولكن هو أن يقرأ القرآن متأسفًا على ما وقع من التقصير متلهفًا على ما يؤمل من التوقير، فإذا تألم القلب وتوجع تحزن وسال العين بالدموع فيستلذ القارئ ويفر من الخلق إلو جناب الرب تبارك وتعالى. ¬

_ (¬1) ساق الحديث بطرقه الحاكم في المستدرك 1/ 571, 575, بروايات مختلفة ورواه أحمد في مسنده 4/ 283، 285، والبخاري تعليقًا في كتاب التوحيد باب 52 والنسائي في الافتتاح 2/ 179، وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 521, 522.

بِالْقُرْآنِ». 1470 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 1471 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: مَرَّ بِنَا أَبُو لُبَابَةَ فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْبَيْتِ، رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ»، قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ: «يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ». 1472 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، يَعْنِي يَسْتَغْنِي بِهِ. 1473 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ، وَحَيْوَةُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === 1473 - قوله: "ما أذن لشيء" بكسر الذال أي ما استمع لشيء مسموع كاستماعه لنبي، والمراد جنس النبي والقرآن القراءة أو كلام الله مطلاقًا، ولما كان الاستماع على الله محالًا؛ لأنه شأن من يختلف سماعه بكثرة الوجه وقلته

باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه

وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ، مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ». بَابُ التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ 1474 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَنْسَاهُ، إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ». بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ 1475 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، === وسماعه تعالى لا يختلف قالوا: هو كناية عن تقريب القارئ وإجزال ثوابه (¬1). بَابُ التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ 1474 - قوله: "أجذم" قيل: مقطوع اليد، وقيل: ساقط الأطراف من الجذام، وأنكره الجوهري وقيل: مقطوع الحجة واللسان. ليس له عذر أو منقطع السبب؛ لأن (¬2) القرآن سبب بيد الله، فمن نسيه فقد قطع سببه أو خالي اليد من الخير صفرها من الثواب، وقد قال العلماء: إن نسيان القرآن كبيرة، لكن ذلك إذا صار بحيث لا يقدر أن يقرأ بالنظر، والله تعالى أعلم. بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ 1475 - قوله: "فكدت أعجل عليه" أي أن آخذه وأجره وهو في الصلاة، ¬

_ (¬1) الواجب في صفات الله تعالى المذكورة في الكتاب والسنة الصحيحة إثباتها بلا تكيف أو تشبيه أو تأويل يعطل معناها، وانظر ما قرره المؤلف نفسه في كلامه عن صفة (العجب) ص (554). (¬2) بالأصل [أن] وما أثبتناه يقتضيه السياق.

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ»، فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ»، ثُمَّ قَالَ لِيَ: «اقْرَأْ»، فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ». 1476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: «إِنَّمَا هَذِهِ الْأَحْرُفُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ تَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ». 1477 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، === و"لببته" بالتشديد، يقال: لببت الرجل إذا جعلت في عنقه ثوبًا وجررته به، وقوله: "على سبعة أحرف" أي على سبع لغات مشهورة بالفصاحة، وكان ذاك رخصة أولًا تسهيلًا عليهم، ثم جمعه عثمان رضي الله تعالى عنه حين خاف الاختلاف عليهم في القرآن وتكذيب بعضهم بعضًا على لغة قريش التي أنزل عليها أولًا، والله تعالى أعلم. 1477 - قوله "إِني أقرئت القرآن" على بناء المفعول، وقوله: "فقيل لي:

عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أُبَيُّ، إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِي: عَلَى حَرْفٍ، أَوْ حَرْفَيْنِ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: قُلْ: عَلَى حَرْفَيْنِ، قُلْتُ: عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقِيلَ لِي: عَلَى حَرْفَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي: قُلْ: عَلَى ثَلَاثَةٍ، قُلْتُ: عَلَى ثَلَاثَةٍ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ "، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا شَافٍ كَافٍ، إِنْ قُلْتَ: سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا، مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ، أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ. 1478 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ عَلَى حَرْفٍ، قَالَ: «أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ»، ثُمَّ أَتَاهُ ثَانِيَةً فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا حَتَّى === على حرف أو على حرفين ... " إلخ أي خيرني الملك بين أن يقرئني على حرف أو حرفين مثلًا، فقال لي الملك المصاحب لي: اختر على حرفين، فقلت: على حرفين فقال الملك: المخير حرفين أو ثلاثة، وقوله: "إن قلت سميعًا عليمًا" إلخ هذا يفيد أنه كان رخص لهم في اللغات السبع، كذلك رخص لهم في رؤوس الآي بما يناسب المقام من أسماء الله تعالى من غير تقييد ببعض، والله تعالى أعلم. 1478 - قوله: "أضاة بني عفار" الأضاة بوزن الحصاة: الغدير.

باب الدعاء

بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ، فَقَدْ أَصَابُوا». بَابُ الدُّعَاءِ 1479 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يُسَيْعٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، {قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. 1480 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنِ ابْنٍ لِسَعْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَنَعِيمَهَا، وَبَهْجَتَهَا، وَكَذَا، وَكَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَسَلَاسِلِهَا، وَأَغْلَالِهَا، وَكَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنَ النَّارِ أُعِذْتَ === بَابُ الدُّعَاءِ 1479 - قوله: "الدعاء هو العبادة" هو من قصر الدعاء على كونه عبادة لا أن شيئًا آخر لا يكون عبادة، والاستدلال بالآية بتمامها، وذلك لأن أول الكلام مسوق للدعاء، فالمناسب به أن يقال: إن الذين يستكبرون عن الدعاء، فإطلاق العبادة موضع الدعاء يدل على أن الدعاء عبادة. 1480 - قوله: "وبهجتها" أي نضارتها وحسنها ومافيها، وقوله: "يعتدون في الدعاء" أي يتجاوزون الحدود فيها، والإكثار قد يؤدي إلى ذلك، فخاف سعد

مِنْهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ». 1481 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: - أَوْ لِغَيْرِهِ - «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ». 1482 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ». === ذلك. 1481 - قوله: "عجَّل هذا" في الدعاء؛ حيث بدأ به قبل أن يأتي بمقدماته، وبما يتوسل بتقديمه إلى استجابته. 1482 - قوله: "يستحب الجوامع من الدعاء" أي ما كان قليل اللفظ كثير المعنى، وقوله: "ويدع" عطف علي ما يفهم أي فيدعو بها ويدع ما سواها، والإشارة بذلك إلى الجوامع بتأويل ما ذكر.

1483 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ. 1484 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي. 1485 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === 1483 - قوله: "اغفر لي إن شئت" أي بالتفويض إليه خشية الوقوع في إيهام الإكراه؛ إذ لا يمكن له مكره فلا يتوهم الإيهام المذكور، وإنما يتضمن إيهام الاستغناء والغير اللاثق بمقام الدعاء والسؤال فاللائق بالمقام تركه، والله تعالى أعلم. 1484 - قوله: "ما لم يعجل" بفتح الجيم من عجل كسمع، وقوله: "فيقول" بالنصب؛ لأن القول مسبب عن العجلة في الاستجابة. 1485 - قوله: "لا تستروا الجدر" بضمتين جمع جدار وذلك لأنها أحجار لا تستحق اللباس ولا يخاف عليها من الحر والبرد فسترها ضياع للثياب، وقوله: "فإنما ينظر في النار" أي فليحذر هذا الصنيع كما يحذر النظر في النار بناء على أن النظر فيما يضر بالبصر أو المراد بالنظر فيها الدنو منها والدخول بها؛ إذ النظر

قَالَ: «لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ، سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ، فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، وَهَذَا الطَّرِيقُ أَمْثَلُهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا». 1486 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُهُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ، عَنْ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَةَ، أَنَّ أَبَا بَحْرِيَّةَ السَّكُونِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ يَسَارٍ السَّكُونِيِّ ثُمَّ الْعَوْفِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: «لَهُ عِنْدَنَا صُحْبَةٌ - يَعْنِي مَالِكَ بْنَ يَسَارٍ». 1487 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَبْهَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === منها إنما يتحقق بالقرب إليها ويحتمل أنه على حذف المضاف، أي إنما ينظر في سبب النار الذي يؤدي فيه النظر إليها، قيل: أريد به الكتاب الذي فيه أمانة أو شيء يكره صاحبه أن يطلع عليه، وأما كتاب العلم فلا يحل له منعه ولا يجوز كتمانه، وقيل: بل هو عام في كل كتاب؛ لأن صاحب الشيء أولى بماله وأحق بمنفعة مكان، وإنما الإثم بكتمان العلم الذي يسئل عنه، وأما منع الكتاب فلا يظهر له إثم. 1487 - قوله: "بباطن كفيه" أي تارة كما في الدعاء بالخير، وظاهرهما

يَدْعُو هَكَذَا بِبَاطِنِ كَفَّيْهِ، وَظَاهِرِهِمَا». 1488 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ، صَاحِبَ الْأَنْمَاطِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا». 1489 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ، أَوْ نَحْوَهُمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا». 1490 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فِيهِ: وَالِابْتِهَالُ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ. === أخرى كما في الدعاء لدفع الشر، والله تعالى أعلم. 1488 - قوله: "حَيِيٌّ" بكسر الياء الأولى وتشديد الثانية فعيل من الحياء أي لا يترك العطاء كصاحب الحياء يمنعه الحياء من تركه العطاء، ولا يخفى أن الكرم والحياء إذا اجتمعا يكون صاحبهما كمن يستحيل عليه أن يترك العطاء عن السائلين الضعفاء، و "صفرًا" بكسر الصاد وسكون الكاء أي خلوًا. 1489 - قوله: "الابتهال" أي التضرع والمبالغة في السؤال.

1491 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 1492 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ، مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ». 1493 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ». 1494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الرَّقِّيِّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: «لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ». 1495 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ === 1493 - وقوله: "أني أشهد" تقريره بأني، فهذا ذكر للوسيلة، وأما المسئول فغير مذكور، والله تعالى أعلم.

خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ يَعْنِي ابْنَ أَخِي أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى». 1496 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]، وَفَاتِحَةِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 2]. 1497 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سُرِقَتْ مِلْحَفَةٌ لَهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى مَنْ سَرَقَهَا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَا تُسَبِّخِي: أَيْ لَا تُخَفِّفِي. === 1497 - قوله: "لا تسبخي" بسين مهملة ثم باء موحدة مشددة ثم خاء معجمة هو مثل لا تخففي وزنًا ومعنى، أي لا تخففي عنه السرقة، أي إذا أكثرت في الدعاء عليه يعدل دعاؤك سرقته فقط عنه في مقابلته سرقته فصار دعاؤك عليه تخفيفًا، فلا تدعي عليه حتى يخفف عنه السرقة، والله تعالى أعلم.

باب التسبيح بالحصى

1498 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ، فَأَذِنَ لِي، وَقَالَ: «لَا تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ»، فَقَالَ كَلِمَةً مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا، قَالَ شُعْبَةُ، ثُمَّ لَقِيتُ عَاصِمًا بَعْدُ بِالْمَدِينَةِ، فَحَدَّثَنِيهِ، وَقَالَ: «أَشْرِكْنَا يَا أُخَيَّ فِي دُعَائِكَ». 1499 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَدْعُو بِأُصْبُعَيَّ، فَقَالَ: «أَحِّدْ أَحِّدْ»، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ. بَابُ التَّسْبِيحِ بِالْحَصَى 1500 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي === 1498 - قوله: "يا أخي" بضم الهمزة على تصغير الترقيق أو بفتحها، وقوله: "بها الدنيا" أي بدلها. 1499 - قوله: "أحِّد أحِّد" أي أشر بواحدة ليوافق التوحيد المطلوب بالإشارة. بَابُ التَّسْبِيحِ بِالْحَصَى 1500 - قوله: "تسبح به" أي تحفظ عدد التسبيحات وتضبطها به، وقوله: "عدد ما بين ذلك" أي بين ما ذكر من السماء والأرض ومثله قوله تعالى: {عَوَانٌ بَينَ ذَلِكَ} (¬1) وقوله: "عدد ما هو خالق" أي حالا لا في المستقبل ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (68).

عَمْرٌو، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ خُزَيْمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى - أَوْ حَصًى - تُسَبِّحُ بِهِ، فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا - أَوْ أَفْضَلُ -»، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ، === لمقابلته بالماضي، ونصب عدد ما خلق في السماء وغيره على نزع الخافض أي بعدد جميع مخلوقاته في السحاء، وقيل: بعدد كل واحد؛ وأنت خبير بأن عدد كل واحد واحد وهو لا يناسب المقام، وقوله: "مثل ذلك" يحتمل أن يكون بالرفع على أن المراد: لفظ الله أكبر مثل لفظ سبحان الله في أن يذكر معه الأعداد التي ذكرت مع سبحان الله، وعلى هذا لفظ الله أكبر مبتدأ بالتأويل ومثل ذلك خبره، ويحتمل أنه بالنصب وهو الأظهر، وحينئذ يحتمل أن المطلوب أن القائل يقول عين هذا اللفظ أعني الله أكبر مثل ذلك، أو المطلوب أنه يقول: الله أكبر عدد ما خلق في السماء ... إلخ، والله تعالى أعلم، فإن قلت: كيف يصح تقييد التسبيح ونحوه بالعدد المذكور مع أن التسبيح هو التنزيه عن جميع ما لا يليق بجنابه الأقدس، وهو أمر واحد في ذاته لا يقبل التعدد وباعتبار صدوره عن المتكلم لا يمكن اعتبار هذا العدد فيه؛ لأن المتكلم لا يقدر عليه، ولو فرض قدرته عليه أيضًا لما صح تعلق هذا العدد بالتسبيح إلا بعد أن صدر منه هذا العدد أو عزم على ذلك، ولا ما بمجرد أنه قال مرة: سبحان الله لا يحصل منه هذا العدد فكيف

وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ». 1501 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هَانِئِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ، عَنْ يُسَيْرَةَ، أَخْبَرَتْهَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّقْدِيسِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ === يقول: سبحان الله هذا العدد؟ . قلت: لعل التقييد بملاحظة استحقاق ذاته الأقدس، الأظهر أن يصدر من المتكلم التسبيح بهذا العدد، فالحاصل أن العدد ثابت لقول المتكلم، لكلن لا بالنظر إلى أنه تحقق منه التسبيح بهذا العدد باعتبار أنه تعالى حقيق بأن يقول المتكلم التسبيح في حقه بهذا العدد. 1501 - قوله: "حُميضة" بضم الحاء، و"يسيرة" بضم الياء وهما بصيغة التصغير. قوله: "أمرهن" أي النساء، إما لكونها معلومة بالمقام، أو تقدم لهن ذكر في الكلام، ويكون في هذا الكلام اختصار لعدم الحاجة إلى ذكر الكل، و"أن يراعين" مضارع على بناء الفاعل من المراعاة، والمراد أمرهن أمر استحباب بمراعاة التكبير ومحافظته، فالباء في قوله: "بالتكبير" زائدة، ويحتمل أن يقال: أمرهن بمراعاتهن أنفسهن بالتكبير، فالباء للآلة ومفعول التكبير محذوف، وقوله: "وأن يعقدن" أن يحفظن عدد التسبيح بالأنامل كما هو المتعارف، أو ما عليه أهل الحساب، فمفعول يعقدن محذوف، و "مستنطقات" بفتح الطاء، أي يطلب منها النطق {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا

مَسْئُولَاتٌ، مُسْتَنْطَقَاتٌ». 1502 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَثَّامٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ»، قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: بِيَمِينِهِ. 1503 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِ جُوَيْرِيَةَ، وَكَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ، فَحَوَّلَ اسْمَهَا، فَخَرَجَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا وَرَجَعَ وَهِيَ فِي مُصَلَّاهَا، فَقَالَ: «لَمْ تَزَالِي فِي === يَعْمَلُونَ} (¬1) فينبغي استعمالها في صالح الأعمال لتشهد بها والله تعالى أعلم. 1503 - قوله: "فخرج" أي لصلاة الصبح، وقوله: "فرجع" أي بعدما ارتفع وانتصف النهار كذا عند الطبراني (¬2). قوله: "قلت بعدك" أي بعد الذهاب من عندك، ونصب "أربع كلمات" على أنه مقول القول، ولا يضر فيه الإفراد لفظًا لكونها عبارة عن الجملات الأربع، معنى: "ووزنت" على بناء المفعول، وضميره لأربع كلمات، "ولوزنتهن" على بناء الفاعل أي عادلتهن أو غلبتهن في الوزن وزادت عليهن، وذلك لأن "سبحان الله وبحمده" إذا كان مجردًا عن العدد يحمل على مرة ¬

_ (¬1) سورة النور: آية (24). (¬2) الطبراني في الكبير 24/ 62 (161، 162).

مُصَلَّاكِ هَذَا؟ »، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «قَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ لَوَزَنَتْهُنَّ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ». 1504 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا، وَلَيْسَ لَنَا مَالٌ نَتَصَدَّقُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تُدْرِكُ بِهِنَّ مَنْ سَبَقَكَ، وَلَا يَلْحَقُكَ === واحدة، وإذا كان مع عدد كان مجملًا قائمًا مقام المفصل فيقاربه ويساويه، ولا شك أنه لو قال ذلك العدد تفصيلًا لغلب في الوزن فكذا الإجمال، ونصب عدد خلقه وما عطف عليه على نزع الخافض كما تقدم؛ أي بعدد جميع مخلوقاته وبمقدار رضى ذاته الشريفة، أي بمقدار يكون سببًا لرضاه تعالى، وفيه إطلاق النفس عليه تعالى من غير مشاكلة، وبمقدار ثقل عرشه وبمقدار زيادة كلماته، أي بمقدار يساويهما، وقيل: نصبها على الظرفية بتقدير قدرًا أي قدر عدد مخلوقاته وقدر رضى ذاته. 1504 - قوله: "أصحاب الدثور" بضم الدال أي أصحاب الأموال الكثيرة، وقوله: "من سبقك" أي فضلًا وكذا "من خلفك" أي فضلًا، ولا عبرة بالسبق والتأخير الزمانيين، وقوله: "غفرت له" أي لقائل هذا الذكر، والجملة استئناف

باب ما يقول الرجل إذا سلم

مَنْ خَلْفَكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِمِثْلِ عَمَلِكَ؟ » قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «تُكَبِّرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحُهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ 1505 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ، مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَيُّ شَيْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَأَمْلَاهَا الْمُغِيرَةُ عَلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». === بمنزلة التعليل لما سبق، أو الضمير لأبي ذر أتى بضمير الغائب للالتفات والاحتراز عن نسبة الذنوب إليه مع صريح الخطاب، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ 1505 - قوله: "ذا الجد" أي ذا الغنى، و "منك" أي بدل طاعتك أولًا يخلصه من عذابك غناه.

1506 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ، يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، أَهْلُ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ». 1507 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُهَلِّلُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الدُّعَاءِ، زَادَ فِيهِ: «وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ لَهُ النِّعْمَةُ» وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. 1508 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَاوِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ الْبَجَلِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّ الَّلهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: - وَقَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَ رَسُولُ الَّلهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ صَلَاتِهِ: - «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا === 1506 - قوله: "أهل النعمة" أي هو أهل النعمة والجملة للمدح أو هو صفة للجلالة، والله تعالى أعلم.

وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، اجْعَلْنِي مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ اسْمَعْ وَاسْتَجِبْ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ، اللَّهُمَّ نُورَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: «رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ، حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الْأَكْبَرُ». 1509 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ». 1510 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ طُلَيْقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ، === 1510 - قوله: "أعنّي" أي على الأعداء ولا تعن عليّ الأعداء، وقوله: "وامكر لي" إلخ، مكر الله إيقاع بلائه بأعدائه دون أوليائه، وقيل: هو استدراج

مُخْبِتًا، أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي». 1511 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: «وَيَسِّرِ الْهُدَى إِلَيَّ»، وَلَمْ يَقُلْ: هُدَايَ. 1512 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالُوا: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا. 1513 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === العبد بالطاعات، فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة، والمعنى ألحق مكرك بأعدائي لا بي، و "مطواعًا" بكسر الميم وسكون الطاء صيغة مبالغة من الطاعة أي كثير الطاعة، و "مختبًا" أي من الإخبات، وهو الخشوع والتواضع، و"منيبًا" من الإنابة، وهو الرجوع إلى الله بالتوبة, و "حوبتي" بفتح الحاء وتضم أي إثمي، و "اسلل سخيمة قلبي" بفتح السين المهملة وكسر الخاء المعجمة هي الحقد. 1513 - قوله "استغفر ثلاث مرات" قال السيوطي: قال بعض الصوفية: الحكمة في ذلك الاستغفار مما عساه وقع فيها من نقص ومن رؤية فعلها.

باب في الاستغفار

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ 1514 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ وَاقِدٍ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي نُصَيْرَةَ، عَنْ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةٍ». 1515 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، === قلت: هو على وجه التشريع؛ فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم منزه عن الأمرين. اهـ. بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ 1514 - "ما أصر مَن استغفر" من أصر على الشيء إذا داومه وثبت عليه، وأكثر ما يستعمل في الشرور والذنوب، والذنب بالإصرار يعظم حتى تعد الصغيرة بالإصرار كبيرة، يعني من أتبع الذنب بالاستغفار فليس بمصرّ عليه وإن تكرر منه فلا يعد صغيرته كبيرة، والله تعالى أعلم. 1515 - قوله: "ليغان على قلبي" على بناء المفعول من الغين وأصله الغيم لغة، وحقيقته بالنظر إلى قلب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا تُدري، فإن

عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ، - قَالَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ». 1516 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ». 1517 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُرَّةَ الشَّنِّيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ، مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُنِيهِ عَنْ جَدِّي، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ === قدره صلى الله تعالى عليه وسلم أجل مما يخطر في كثير من الأوهام، فالتفويض في مثله أحسن، نعم القدر المقصود بالإفهام مفهوم، وهو أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يحصل له حالة داعية إلى الاستعفار فيستغفر كل يوم مائة مرة، فإذا حصل الداعي إلى الاستغفار للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم فكيف غيره، ولا حاجة في فهم هذا القدر إلى معرفة حقيقية ذلك الداعي بالتعين، فلا ينبغي البحث عنه، والله تعالى أعلم. 1517 - قوله: "الحي القيوم" منصوب على أنه صفة الله أو مرفوع على المدح

إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، غُفِرَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ. 1518 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ». 1519 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، الْمَعْنَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَأَلَ قَتَادَةُ، أَنَسًا، أَيُّ دَعْوَةٍ كَانَ يَدْعُو بِهَا رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ، قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، === أو على أنه بدل من "هو". 1518 - قوله: "من لزم الاستغفار" أي بالإكثار والمداومة. 1519 - قوله: "أكثر" أي أكثر أوقاته أو أحواله أو دعا أكثر، وقوله: "حسنة"، أي عظيمة أو كثيرة، وقوله: "وقنا عذاب النار"؛ لأن الحسنة قد تكون مسبوقة بالنار، فزيد الوقاية من النار لتخلص الحسنة عن سبق النار، وقوله: "أن يدعو بدعوة" أي واحدة، لأن الفعلة بالفتح للمرة كالجلسة، والمراد بالدعاء هو الكثير؛ فإن المصدر للجنس فيصح إطلاقه على الكثير أيضًا، وأريد هاهنا ذلك بقرينة المقابلة بالدعوة، والحاصل أن أنسًا كان يلازم الدعاء بقوله: "اللهم آتنا" إلخ سواء كان دعاؤه قليلًا أو كثيرا؛ ففي القليل يكتفي بهذا، وفي الكثير يضم

وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»، وَزَادَ زِيَادٌ، وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهَا. 1520 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». === إليه غيره. 1520 - قوله: "من سأل الله الشهادة صادقًا" (¬1) أي بصدق عزيمة ونية، ولم يرد صدق القول حتى يقال: إن السؤال إنشاء فلا يتصف بالصدق، واستشكل سؤال الشهادة بأن حاصله أن يدعو الله أن يمكن منه كافرًا يعصي الله بقتلٍ قيقل عدد المسلمين وتُسر قلوب الكافرين؟ أجاب عنه ابن المنيَّر بأن المدعو به قصدًا إنما هو نيل الدرجة المعدة للشهداء، وأما قتل الكافر للمسلم فليس بمقصود أصالة، إنما هو من ضرورات الوجود؛ لأن الله أجرى حكمته بألا ينال تلك الدرجة إلا شهيد. قلت: المقصود بالذات موت الإنسان على أحسن حال، وفناؤه في سبيل الرب الجليل المتعال والموت متحتم، وكون تلك الحال لا يتوسل إليها إلا بمعصية كافر لا نظر إليه في السؤال، وبهذا يظهر دفع الإشكال، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط [الصدق] وما أثبتناه من النسخة المطبوعة للسنن.

1521 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الْحَكَمِ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: كُنْتُ رَجُلًا إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا نَفَعَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي، وَإِذَا حَدَّثَنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} [آل عمران: 135] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. 1522 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ يَزِيدَ === 1521 - قوله: "نفعني الله منه ... " إلخ أي بالمبادرة إلى العمل به حتى أعمل به، وإن لحقه النسخ قريبًا كما روي في العمل بالتصدق بين يدي النجوى، وقوله: "إذا حدثني ... " إلخ ظاهره أنه لا يصدقه بلا حلف، وهو مخالف لما علم من قبول خبر الواحد العدل بلا حلف، فالظاهر أن مراده بذلك زيادة التوثيق بالخبر والاطمئنان به؛ إذ الحاصل بخبر الواحد العدل الظن وهو مما يقبل الضعف، والشدة والزيادة فيه مطلوبة، فمعنى قوله: "صدقته" أي على وجه الكمال، وإن كان القبول الموجب للعمل حاصل بدونه، وقوله: "صدق أبو بكر" أي علمت صدقه في ذلك بلا حلف. 1522 - قوله: "والله إني لأحبك" فيه مزيد تشريف منه صلى الله تعالى عليه

الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ، عَنْ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فَقَالَ: " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "، وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ، وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ. 1523 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ حُنَيْنَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ». 1524 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّدُوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا». === وسلم لمعاذ رضي الله تعالى عنه، وقوله: "تقول اللهم ... " إلخ مفعول لا تدعن أي لا تتركن قولك: اللهم، فالفعل بمعنى المصدر إما بتقدير آن أو بدونه، وعلى الأول يجوز نصبه. 1524 - قوله: "أن يدعو ثلاثا" أي لزيادة الإلحاح في الدعاء والتضرع وإظهار زيادة الفقر والفاقة كما هو اللائق بشأن العبد المحتاج بالغاية. "عند الكرب" بفتح فسكون غم يأخذ النفس.

1525 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ - أَوْ فِي الْكَرْبِ -؟ أَللَّهُ أَللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا هِلَالٌ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَابْنُ جَعْفَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ». 1526 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ كَبَّرَ النَّاسُ، وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ، وَلَا غَائِبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِكَابِكُمْ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا مُوسَى، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ » فَقُلْتُ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا === 1526 - قوله: "ورفعوا أصواتهم" يدل على أنهم بالغوا في الجهر، وكذا يدل عليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لهم: "أربعوا على أنفسكم ... " فلا يلزم من المنع من مثل هذا الجهر المنع من الجهر مطلقًا، فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث على وجوب السر في الذكر والله تعالى أعلم، وقوله "بينكم ... " إلخ كناية عن كمال قربه تعالى إلى العبد من جهة العلم، وقوله: "على كنز" أي على عمل

بِاللَّهِ». 1527 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ يَتَصَعَّدُونَ فِي ثَنِيَّةٍ، فَجَعَلَ رَجُلٌ كُلَّمَا عَلَا الثَّنِيَّةَ نَادَى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ لَا تُنَادُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا»، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ»، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 1528 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ». 1529 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ === يفضي إلى كنز. 1528 - قوله: "اربعوا على أنفسكم" بهمزة وصل وفتح موحدة أي ارفقوا ولا تتعبوا أنفسكم. 1529 - قوله: "ربًّا" منصوب على التمييز أو الحالية وكذا دينًا ورسولًا، والمعنى: رضيت بربوبيته تعالى، وبالتدين بالإسلام، وبرسالة سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، وهذا لا يكون إلا إذا كان راضيًا بجمع أوامره ونواهيه تعالى, بل بجميع ما يرد منه تعالى من الشدائد التكليفية والمصائب المالية والبدنية على

سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. 1530 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا». 1531 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ أَرَمْتَ؟ - قَالَ: يَقُولُونَ: بَلِيتَ - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ === مقتضى الربوبية، وبجميع شرائع الإسلام وبجميع ما جاء به سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، وليس المراد بهذا مطلق القول ولو بلا مواطأة القلب؛ لأنه كذب في حضرته تعالى يُخاف منه أن يزيده بعدًا، بل القول مع مواطأة القلب وبه يستحق الجزاء، فهذا في الحقيقة ترغيب في تحصيل هذه الرتبة العلية، والله تعالى أعلم. 1531 - قوله: "أرمت" كضربت أي صرت عظامًا رميمة، وقد سبق تحقيق

باب النهي [عن] أن يدعو الإنسان على أهله وماله

الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ». بَابُ النَّهْيِ [عَنْ] أَنْ يَدْعُوَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ 1532 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَيَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّصِلٌ، عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ، لَقِيَ جَابِراً». بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1533 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، === الحديث والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ [عَنْ] أَنْ يَدْعُوَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ 1532 - قوله: "لا توافقوا" أي بدعائكم ذاك، وهذه الجملة بمنزلة البدل من الجملة السابقة، وقوله: "فيستجيب" بالنصب على أنه جواب للنهي بالفاء. بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1533 - قوله: "فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: صلى الله عليك وعلى زوجك" هذا وأمثاله كحديث: "اللهم صلِّ على آل أبي أوفى" (¬1) وكقوله تعالى: ¬

_ (¬1) مسلم في الزكاة (1078/ 176)، وابن خزيمة في صحيح (2345) في الزكاة كلاهما عن عبد الله بن أبي أوفى.

باب الدعاء بظهر الغيب

عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّي عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ». بَابُ الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ 1534 - حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ الْمُرَجَّى، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ ثَرْوَانَ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، === {وَصَلِّ عَلَيهِمْ} (¬1)، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} (¬2) تدل على جواز الدعاء لغير الأنبياء بلفظ الصلاة والجمهور على منعه، وجوابهم عن هذه الأحاديث أن هذا كان قبل أن يصير لفظ الصلاة شعارًا للنبوة، بحيث يوهم النبوة لمن دعى له بلفظ الصلاة، وأما إذا صار فليس لأحد ذلك؛ إذ إيهام نبوة غير النبي لا يجوز، لا يقال: لا نسخ بعد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ لأنا نقول: ليس هذا من قبيل النسخ بل من قبيل اندراج المباح فيما علم منعه في وقت بعد أن كان غير مندرج فيه، فحين الاندراج يمنع عنه وحين عدم اندراجه لا، ولا شك أن كل مباح مقيد بذلك، والله تعالى أعلم. بَابُ الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ 1534 - قوله: "بظهر الغيب" قيل: حده أن لا يسمع دعاؤه، ولو كان في مجلس واحد، ولا يشترط فيه البعد عن المجلس، والله تعالى أعلم. قوله: "ودعوة المظلوم" وهي العادة تكون بظهر الغيب؛ لأن المظلوم لا يدعو ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (103). (¬2) سورة الأحزاب: آية (43).

باب ما يقول الرجل إذا خاف قوما

قَالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ. 1535 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَسْرَعَ الدُّعَاءِ إِجَابَةً، دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ». 1536 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ. بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَافَ قَوْمًا 1537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === عنده خوفًا من إفراطه في الظلم، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَافَ قَوْمًا 1537 - قوله: "في نحورهم" أي في مقابلتهم.

باب [في] الاستخارة

كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ». بَابٌ [فِي] الِاسْتِخَارَةِ 1538 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُقَاتِلٍ، خَالُ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ لَنَا: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ === بَابٌ [فِي] الِاسْتِخَارَةِ 1538 - قوله: "كما يعلمنا السورة" أي يعتني بشأن الاستخارة لعظم نفعها وعمومه كما يعتنى بالسورة، وقوله: "يقول لنا" بيان لقوله: يعلمنا الاستخارة، ومعنى: "إذا هم أحدكم بالأمر" أي أراده كما في رواية ابن مسعود (¬1)، والأمر يعم المباح وما يكون عبادة إلا أن الاستخارة في العبادة بالنسبة إلى إيقاعها في وقت معين، وإلا فهي خير ويستثنى ما يتعين القاعه في وقت معين؛ إذ لا يتصور فيه الترك وأمر "فليركع" للندب، والركعتان به أقل ما تحصل به، وقوله: "غير الفريضة" يشمل السنن الرواتب، "وأستخيرك" أي أسألك أن ترشدني إلى الخير فيما أريد بسبب أنك عالم، و "أستقدرك" أي أطلب منك أن تجعلني قادرًا عليه ¬

_ (¬1) قال الحافظ بن حجر في الفتح 11/ 155: أخرجه الطبراني وصححه الحاكم.

غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ - يُسَمِّيهِ - بِعَيْنِهِ الَّذِي يُرِيدُ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَمَعَادِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُهُ شَرًّا لِي مِثْلَ الْأَوَّلِ، فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاقْدِرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ "، أَوْ قَال: فِي عَاجِلِ أَمْرِي، وَآجِلِهِ»، قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ، وَابْنُ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابَرٍ. === إن كان فيه خير، وقوله: "وأسألك ... " إلخ. أي أسأل ذلك لأجل فضلك العظيم لا لاستحقاقي بذلك، ولا لوجوب عليك، والترديد في قوله: "اللهم إِن كنت تعلم" راجع إلى عدم علم العبد بمتعلق علمه تعالى، لا إلى أنه يحتمل أن يكون خيرًا أولا يعلمه العليم الخبير وهذا ظاهر، وقوله: "فاقدره" بضم الدال أو كسرها أي اجعلة مقدورًا لي أو قدره لي أي يسره، فهو مجاز عن التيسير فلا ينافي كون التقدير أزليًّا، وقوله: "مثل الأول" كناية عن قوله: "في ديني ومعاشي" إلخ، لكن الواو هاهنا ينبغي أن تجعل بمعنى أو؛ بخلاف قوله: "خير لي" في كذا وكذا، فإنها هناك على بابها؛ لأن المطلوب حين تيسيره أن يكون خيرًا من جميع الوجوه، وَأما حين الصرف فيكفي أن يكون شرًّا من بعض الوجوه، وقوله: "أو قال: في عاجل أمري وآجله" أي مكان معاشي إلخ، وهو شك من الراوي، والله تعالى أعلم.

باب في الاستعاذة

بَابٌ فِي الِاسْتِعَاذَةِ 1539 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ. 1540 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». 1541 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ سَعِيدٌ الزُّهْرِيُّ: عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ === بَابٌ فِي الِاسْتِعَاذَةِ 1539 - وقوله: "من الجبن" بضم فسكون أو بضمتين ضد الشجاعة، وتعوذه صلى الله تعالى عليه وسلم من أمثاله تشريع للغير، وإظهار أنه لا يمتنع عليه أمثال هذه الأشياء بالذات لكونه بشرًا، وإنما هو بصرف الله تعالى عنة فذاك منّةً مِنْه تعالى عليه، وهو محتاج في استدامة تلك المنة عليه إلى السؤال والتضرع؛ إذ لَا يجب عليه تعالى شيء، والله تعالى أعلم. 1540 - قوله: "والهرم" بفتحتين كبر السن إلى الغاية. 1541 - قوله: "والحزن" بضم فسكون أو بفتحتين، و "ضلع الدين" بفتح

مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَضَلْعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»، وَذَكَرَ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ التَّيْمِيُّ. 1542 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ». 1543 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الْغِنَى وَالْفَقْرِ». 1544 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === الضاد المعجمة واللام ثقله، وهذا هو المشهور، لكن وقع في بعض نسخ أبي داود و"ظلع الدين" بالظاء المعجمة وهو بفتحتين الضعف وكأن المعنى: ضعف لحق بسبب الدين، على أن الإضافة إلى السبب، والله تعالى أعلم، والقلة والذلة كلاهما بالكسر، وقوله: "أظلم أو أظلم" المعروف أن الأولى على بناء الفاعل والثاني على بناء المفعول وهو أنسب، ويحتمل العكس.

كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ، وَالْقِلَّةِ، وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ». 1545 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سُخْطِكَ». 1546 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ بْنِ أَبِي السُّلَيْكِ، عَنْ دُوَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ === 1545 - قوله: و "فجاءة نقمتك" الفجاءة بضم فاء أو فتحها وفتح جيم ومد أو بفتح فاء وسكون جيم، وقصر كجلسة للمرة وهو مهموز الآخر مصدره فجأة الأمر إذا جاء بغتة والخير إذا جاء كذلك فهو ألد والشر بالعكس، والنقمة بفتح فكسر والجمع نقم ككلمة وكلم، ويجوز سكون القاف ونقل حركتها إلى النون، فيقال: نقمة كنعمة والجمع نقم كنعم وهي ضد النعمة. 1546 - قوله: "ضبارة" (¬1) بضم الضاد وتخفيف الموحدة وراء، و (دويد) (¬2) ¬

_ (¬1) ضبارة بن عبد الله بن مالك بن أبي السليل، الحضرمي، أبو شريح الحمصي، مجهول من السادسة. التقريب 1/ 372. (¬2) دويد بن نافع، الأموي مولاهم، أبو عيسى الشامي، نزل مصر، مقبول، وكان يرسل، من السادسة: التقريب 1/ 236.

إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ». 1547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ». 1548 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَخِيهِ عَبَّادِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْأَرْبَعِ، مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ». 1549 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ: أُرَى أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَنَا، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَلَاةٍ لَا تَنْفَعُ»، وَذَكَرَ دُعَاءً آخَرَ. === بدالين مهملتين مصغر. 1547 - قوله: "بئس الضجيع" بفتح فكسر من ينام في فراشك أي بئس الصاحب الجوع الذي يمنعه من وظائف العبادات ويشوش الدماغ، ويثير الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة، و "البطانة" بكسر باء موحدة هو ضد الظهارة، وأصلها في الثوب فاتسع فيما يستبطن من أمره.

1550 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، عَمَّا كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ، قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ». 1551 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، الْمَعْنَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ أَبِيهِ - فِي حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ -، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ، عَلِّمْنِي دُعَاءً، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي. === 1550 - قوله: "من شر ما عملت .. " إلخ أي من شر كل شيء سواء كان عملًا لي أم لا، أو من شر ما فعلت من الشرور وما تركت من الخيرات. 1551 - قوله: "شتير" بضم الشين المعجمة وفتح المثناة الفوقية و"شكل" (¬1) بفتح الشين والكاف. قوله: "منيي" بمعنى الماء المخصوص المضاف إلى ياء المتكلم، أي من شر غلبة المني عليَّ حتى لا أقع في الزنا والنظر الحرام. ¬

_ (¬1) شتير بن شكل -بمثناة مصغرًا- العبسي، الكوفي، يقال: إنه أدرك الجاهلة، ثقة، من الثالثة. التقريب 1/ 347.

1552 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَيْفِيٍّ، مَوْلَى أَفْلَحَ، مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا». 1553 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي مَوْلًى لِأَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْيَسَرِ، زَادَ فِيهِ وَالْغَمِّ. === 1552 - قوله: "من الهدم" بفتح فسكون مصدر هدم البناء نقضه، والمراد من أن يهدم عليّ البناء على أنه مصدر مبني للمفعول، أو من أن أهدم البناء على أجد، على أنه مصدر للفاعل و"التردي": السقوط من العالي إلى السافل، و "الهرم" بفتحتين كبر السن إلى الأقصى، وتخبط الشيطان قد فسره الخطابي (¬1) بأن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا فيضله ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه، والخروج من مظلمة تكون قبله أو يؤيسه من رحمة الله أو يكره له الموت ويؤسفه على حياة الدنيا فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء، والنقلة إلى دار الآخرة فيختم له بالسوء ويلقى الله وهو عليه ساخط، واللديغ، الملدوغ وهو من لدغته بعض ذوات السم. ¬

_ (¬1) الخطابي في معالم السنن 1/ 296.

1554 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ». 1555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الْغُدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا غَسَّانُ بْنُ عَوْفٍ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ: «يَا أُمَامَةَ، مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ »، قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ »، قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ، قَالَ: " قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ "، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي. "آخر كتاب الصلاة" * * * === 1554 - قوله: "ومن سيّئ الأسقام" وهي ما يكون سببًا لعيب أو فساد عضو ونحو ذلك. * * *

3 - كتاب الزكاة

كِتَاب الزَّكَاةِ 1556 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ، لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَاللَّهِ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ === كِتَاب الزَّكَاةِ 1556 - قوله: "لما توفي" على بناء المفعول وكذا استخلف أي جعل خليفة، و "كفر" أي منع الزكاة عومل (¬1) معاملة من كفر وارتد لإنكاره افتراض الزكاة، وقيل: إنهم حملوا قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (¬2) على الخصوص بقرينة: {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (¬3)؛ فرأوا أن ليس لغيره أخذ زكاة؛ فلا زكاة بعده، وقوله: "كيف نقاتل الناس" (¬4) أي من يمنع الزكاة من المسلمين، ¬

_ (¬1) بالاصل المخطوط [عامل]، والأنسب ما أثبتناه. (¬2) سورة التوبة: آية 103. (¬3) سورة التوبة: آية 153. (¬4) [نقاتل] كذا بالأصل المخطوط، وفي النسخة المطبوعة للسنن [تقاتل] بتاء المخاطب.

لِلْقِتَالِ، قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عِقَالًا. وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ: عَنَاقًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَمَعْمَرٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا، وَرَوَى عَنْبَسَةُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: عَنَاقًا. 1557 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ حَقَّهُ أَدَاءُ === وقوله: "حتى يقولوا" إما أن يحمل على أنه كان قبل شروع الجزية، أو على أن الكلام في العرب، وهم لا يقيل منهم إلا الإسلام وإلا فالقتال يرتفع بالجزية أيضًا، والمراد بهذا القول إظهار الإسلام، فشمل الشهادة له صلى الله تعالى عليه وسلم بالرسالة والاعتراف بكل ما علم مجيئه به، وقوله: "من فرّق" بالتشديد أو التخفيف، أي قال بوجوب الصلاة دون الزكاة، أو يفعل الصلاة ويترك الزكاة. وقوله: "فإن الزكاة حق المال" أشار به إلى دخولها في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "إلا بحقه"؛ ولذلك رجع عمر إلى أبي بكر وعلم أن فعله موافق للحديث، وأنه قد وفق به من الله، وقوله: "منعوني عقالا" هو بكسر العين الحبل الذي يعقل به البعير، وليس من الصدقة فلا يحل له القتال، ققيل: أراد المبالغة بأنهم لو منعوا من الصدقة ما يساوي هذا القدر لحل قتالهم، فكيف إذا منعوا الزكاة كلها، وقيل: قد يطلق العقال على صدقة عام وهو المراد هاهنا، وروي "عناقًا" بفتح العين، وهو ليس من سنّ الزكاة أيضًا فإما هو على المبالغة أو مبني على أن من عنده أربعين سخلة تجب عليه واحدة منها، وأنه حول،

باب ما تجب فيه الزكاة

الزَّكَاةِ، وَقَالَ: عِقَالًا. بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ 1558 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ === الأمهات حوله النتاج، ولا يستأنف لها حول والله تعالى أعلم. بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ 1558 - قوله: "ليس فما دون خمس ذود" بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة والرواية المشهورة بإضافة خمس، وروي بتنوينه على أن "ذود" بدل منه، والذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه، وإنما يقال في الواحد: بعير، وقيل: بل ناقة فإن الذود في الإناث دون الذكور، لكلن حُملوا في الحديث على ما يعم الذكر والأنثى، فمن ملك خمسًا من الابل ذكورا يجب عليه فيها الصدقة، فالمعنى إذا كان الابل أقل من خمس فلا صدقة فيها، قيل: مقتضى الإضافة ألا تجب الزكاة فيما دون خمسة عشر بعيرا؛ لأن أقل الذود ثلاثة، فلا يتحقق خمس من الذود فيما دون خمسة عشر، فيجب تنوين خمس وجعل ما بعده بدلًا وإبطال رواية الإضافة. قلت: وهذا غفول عن قواعد أسماء العدد؛ لأن اسم العدد من ثلاثة عشر إلى عشرة يضاف إلى الجمع لفظًا أو معنى؛ لإفادة أن مجموع المعدود وآحاد العدد آحاد المعدود، فتقول: جاءني ثلاثة رجال، فمجموع الثلاثة هي الرجال، وآحاد الثلاثة كل منها رجل لا رجال، فهنا على قياسه يجب أن يكون مجموع

صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ». 1559 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ زَكَاةٌ، وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ مَخْتُومًا "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْبَخْتَرِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ». === الخمس وآحاد الخمس كل منها بعير لا ذود، نعم المفرد هاهنا ليس من لفظ الجمع؛ لأنه جمع معنى لا لفظًا، وهناك من لفظه، وهذا لا يوجب شيئًا فلا تغفل، و "أواق" كجوار جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء، ويقال لها: الوقية بحذف الألف وفتح الواو وهي أربعون درهمًا، وخمسة أواق مائتا درهم، و "أوسق" بفتح الألف وضم السين جمع وسق بفتح واو وكسر وسكون سين، والوسق ستون صاعًا، والمعنى إذا خرج من الأرض أقل من ذلك في المكيل فلا زكاة عليه فيه وبه أخذ الجمهور، وخالفهم أبو حنيفة وأخذ بإطلاق حديث: "فيما سقته السماء العشر" (¬1) الحديث والله تعالى أعلم. 1559 - قوله: "ستون مختومًا" أي ستون صاعًا، وكأن الصاع كان معلمًا بعلامة فلذلك سماه مختومًا، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن 4/ 129، 130، 131، وابن خزيمة 4/ 37 (2307)، والطبراني في الصغير 2/ 114 عن ابن عمر.

باب العروض إذا كانت للتجارة، [هل فيها من زكاة]

1560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الْوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعًا مَخْتُومًا بِالْحَجَّاجِيِّ. 1561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِي الْمَنَازِلِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَبِيبًا الْمَالِكِيَّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ، إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَنَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِي الْقُرْآنِ، فَغَضِبَ عِمْرَانُ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «أَوَجَدْتُمْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً شَاةً، وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا، أَوَجَدْتُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَعَنْ مَنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ أَخَذْتُمُوهُ عَنَّا، وَأَخَذْنَاهُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ نَحْوَ هَذَا. بَابُ الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، [هَلْ فِيهَا مِنْ زَكَاةٍ] 1562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ». === بَابُ الْعُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، [هَلْ فِيهَا مِنْ زَكَاةٍ] 1562 - قوله: "من الذي نعد للبيع" أي أيّ جنس كان، نعم لا بد من بلوغه بالقيمة مبلغ نصاب الزكاة من أحد النقدين، والله تعالى أعلم.

باب الكنز ما هو؟ وزكاة الحلي

بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ؟ وَزَكَاةِ الْحُلِيِّ 1563 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، الْمَعْنَى، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ »، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ »، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ. === بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ؟ وَزَكَاةِ الْحُلِيِّ أي المذكور في قوله تعالى: {والذِين يَكنزُونَ الذهبَ وَالْفضَّةَ ... } (¬1) الآية، والحلي بضم حاء وكسر لام وتشديد تحتية جمع حلى بفتح حاء وسكون لام كثدي ونديّ، والجمهور على أنها لا زكاة فيها، وظاهر كلام المصنف وجوابه فيها كقول أبي ححيفة، وأجاب الجمهور بضعف الأحاديث، قال الترمذي: لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شيء (¬2). لكن تعدد أحاديث الباب وتأييد بعضها بعضا، يؤيد القول بالوجوب وهو الأحوط، والله تعالى أعلم. 1563 - قوله: "مسكتان" بفتحات أي سواران، والواحد مسكة بفتحات أيضًا، والسوار من الحلي معروف وتكسر السين وتضم، وسوّرته السوار أي ألبسته إياه. ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية 34. (¬2) انظر قول: الترمذي في: الزكاة، باب ما جاء في زكاة الحلي 3/ 30.

1564 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَتَّابٌ يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ: «مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ، فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ». 1565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ »، فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ »، قُلْتُ: لَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: «هُوَ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ». 1566 - حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَعْلَى، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ الْخَاتَمِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ كَيْفَ تُزَكِّيهِ، قَالَ: تَضُمُّهُ إِلَى غَيْرِهِ. === 1564 - قوله: "أوضاحًا" بإعجام الضاد وإهمال الحاء جمع وضح نوع من الحلي، وفي الحديث بيان أن الكنز المذموم في القرآن هو ما بلغ الزكاة ولم يزك، والله تعالى أعلم. 1565 - قوله: "فتخات" بفتحتين وإعجام الخاء الخواتيم الكبار تليس في الأيدي، وربما وضعت في أصابع الأرجل، وقيل: هي التي لا فصوص لها،

باب [في] زكاة السائمة

بَابٌ [فِي] زَكَاةِ السَّائِمَةِ 1567 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخَذْتُ مِنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ كِتَابًا، زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَهُ لِأَنَسٍ، وَعَلَيْهِ خَاتِمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، وَكَتَبَهُ لَهُ، فَإِذَا فِيهِ: «هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِهِ، فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا === وقوله: "حسبك" أي إن بقيت على تلك الحال، والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] زَكَاةِ السَّائِمَةِ 1567 - قوله: "فريضة الصدقة" أي المفروضة من الصدقة، وقوله: "فلا يعطه" أي الزائد أو فلا يعطه الصدقة أصلا؛ لأنه انعزل بالجور. قوله: "بن مخاض" بفتح الميم والمعجمة المخففة التي أتى عليها الحول ودخلت في الثاني وحملت أمها، والمخاض: الحامل أي دخل وقت حملها وإن لم تحمل، وقوله: "فابن لبون" ذكر ابن اللبون هو الذي أتى عليه حولان، وصارت أمه لبونًا بوضع الحمل وتوصيفه بالذكورة مع كونه معلومًا من الاسم؛ إما للتوكيد وزيادة البيان، أو لتنبيه رب المال والمصدق ليطلب رب المال نفسًا بالزيادة المأخوذة إذا تأمله، فيعلم أنه سقط عنه ما كان بإزائه من فضل الأنوثة في

بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ، فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ، فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ، فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا تَبَايَنَ أَسْنَانُ الْإِبِلِ فِي فَرَائِضِ الصَّدَقَاتِ، فَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ، وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَأَنْ يَجْعَلَ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ حِقَّةٌ وَعِنْدَهُ جَذَعَةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ حِقَّةٌ وَعِنْدَهُ ابْنَةُ لَبُونٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مِنْ هَاهُنَا لَمْ أَضْبِطْهُ، عَنْ مُوسَى، كَمَا أُحِبُّ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ بِنْتِ لَبُونٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " إِلَى هَاهُنَا، ثُمَّ أَتْقَنْتُهُ: وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ === الفريضة الواجبة عليه، وليعلم المصدق أن سن الذكورة مقبول من رب المال في هذا النوع، وهذا أمر نادر وزيادة البيان في الأمر الغريب النادر ليتمكن في النفس فضل تمكن مقبول كذا ذكره الخطابي (¬1)، و "الحقّة" بكسر المهملة وتشديد القاف ¬

_ (¬1) معالم السنن 3/ 25.

لَبُونٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَشَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ ابْنَةِ مَخَاضٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ، فَفِيهَا شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثَ مِائَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ، فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ === هي التي أتت عليها ثلاث سنين، ومعنى: "طروقة الفحل" هي التي صرقها أي نزا عليها، فعولة بمعنى مفعولة، و"الجذعة" بفتح الجيم والذال المعجمه هي التي أتى عليها أربع سنين، وقوله: "ففي كل أربعين بنت لبون .. " إلخ أي إذا زاد يؤخذ الكل على عدد الأربعينات والخمسينات، مثلًا: إذا زاد واحد على العدد المذكور يعتبر الكل: ثلاث أربعينات وواحد والواحد لا شيء فيه، وثلاث أربعينات فيها ثلاث بنات لبون إلى ثلاثين ومائة، وفي ثلاثين ومائة حقة الخمسين وبنتا لبون لأربعين وهكذا، ولا يظهر التغيير إلا عند زيادة عشرة. وقوله: "وإذا تباين" إلخ أي اختلف الإنسان في باب الفريضة بأن يكون المفروض سنًّا والموجود عند صاحب المال سنًّا آخر، وقوله: "فإنها تقبل منه" أي الحقة تقبل موضع الجذعة مع شاتين أو عشرين درهمًا، حمله بعضهم على أن ذاك تفاوت قيمة ما بين الجذعة والحقة في تلك الأيام، فالواجب هو تفاوت القيمة لا تعيين ذلك، فاستدل به على جواز أداء القيمة في الزكاة والجمهور على تعيين ذلك القدر برضا صاحب المال، وإلا فليطلب السن الواجب، ولم يجوزوا

مِنَ الْغَنَمِ، وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ أَرْبَعِينَ، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَالُ، إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. 1568 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَ الصَّدَقَةِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ، فَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ، فَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، ثُمَّ عَمِلَ بِهِ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ، فَكَانَ فِيهِ: «فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا === القيمة ومعنى "استيسرتا له" أي كانتا موجودتين في ماشيته، وقوله: "ثلاث شياه" بالكسر جمع شاة، و"هرمة" بفتح فكسر كبيرة السن، "وذات عوار" بفتح وقد يضم أي ذات عيب، وقوله: "ولا تيس الغنم" أي فحل الغنم المعد لضرابها إما لأنه ذكروا المعتبر في الزكاة الإناث دون الذكور؛ لأن الإناث أنفع للفقراء، وإما لأنه مضر بصاحب المال؛ لأنه يعز عليه وعلى الأول. 1568 - وقوله: "في كلّ أربعين شاة شاة" المراد عموم الحكم لكل أربعين شاة بالنظر إلى أرباب المال، أي في أربعين شاة شاة كائنة لمن كان، وأما بالنظر

زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً، فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ، فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْغَنَمُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ» قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: «إِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ قُسِّمَتِ الشَّاءُ أَثْلَاثًا، ثُلُثًا شِرَارًا، وَثُلُثًا خِيَارًا، وَثُلُثًا وَسَطًا، فَأَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنَ الْوَسَطِ»، وَلَمْ يَذْكُرِ الزُّهْرِيُّ الْبَقَرَ. 1569 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ الزُّهْرِيِّ. 1570 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ === إلى مالك واحد ففي أربعين شاة شاة ثم لا شيء بعد ذلك حتى يبلغ إلى عشرين ومائة. 1570 - قوله؛ "إِلا أن يشاء المصدق" بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة،

يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ فِي الصَّدَقَةِ، وَهِيَ عِنْدَ آلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَهِيَ الَّتِي انْتَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: " فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَخَمْسِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسِتِّينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً، فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ وَمِائَةً، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ === وهذا هو المشهور أي العامل على الصدقات والاستثناء متعلق بالأقسام الثلاث، ففيه إشارة إلى التعويض إلى اجتهاد العامل لكونه كالوكيل للفقراء فيفعل ما يرى فيه المصلحة، والمعنى لا تؤخذ كبيرة السن ولا المعيبة ولا التيس إلا أن يرى العامل أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه نظرًا لهم، وعلى الثاني إما بتخفيف الصاد وفتح الدال المشددة أو بتشديد الصاد والدال معًا، وكسر الدال وأصله المتصدق فأدغمت

خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، أَيُّ السِّنَّيْنِ وُجِدَتْ أُخِذَتْ، وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَفِيهِ: «وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ مِنَ الْغَنَمِ، وَلَا تَيْسُ الْغَنَمِ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ». 1571 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، هُوَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا، لِئَلَّا يَكُونَ فِيهَا إِلَّا شَاةٌ. وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَدِّقُ فَرَّقَا === التاء في الصاد، والمراد صاحب المال، والاستثناء متعلق بالأخير، أي لا يؤخذ فحل الغنم إلا برضى المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره إضرار به. 1571 - وقوله: "ولا يجمع بين متفرق" معناه عند الجمهور على النهي، أي لا ينبغي لمالكين يجب على مال كل منهما صدقة ومالهما متفرق بأن يكون لكل منهما أربعون شاة فتجب في مال كل منهما شاة واحدة أن يجمعا عند حضور المصدق فرارًا عن لزوم الشاة إلى نصفها؛ إذ عند الجمع يؤخذ من كل المال شاة واحدة، وعلى هذا قياس "ولا يفرق بين مجتمع"، أي ليس لشريكين مالهما مجتمع بأن يكون لكل منهما مائة شاة، وشاة فيكون عليهما عند الاجتماع ثلاث شياه أن يفرقا مالهما ليكون على كل واحد شاة واحدة فقط، والحاصل أن الخلط عند الجمهور مؤثر في زيادة الصدقة ونقصانها لكن لا ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك فرارًا عن زيادة الصدقة، ويمكن توجيه النهي إلى المصدق أي ليس له الجمع خشية

غَنَمَهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا شَاةٌ، فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ. 1572 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَعَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، - قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّه قَالَ: «هَاتُوا رُبْعَ الْعُشُورِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ حَتَّى تَتِمَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ، وَفِي الْغَنَمِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ»، - وَسَاقَ صَدَقَةَ الْغَنَمِ مِثْلَ الزُّهْرِيِّ - قَالَ: «وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ» - وَفِي الْإِبِلِ === نقصان الصدقة، أي ليس له إذا رأى نقصانًا في الصدقة على تقدير الاجتماع أن يفرق، أو رأى نقصانًا على تقدير التفريق أن يجمع. 1572 - وقوله: "خشية الصدقة" متعلق بالفعلين على التنازع أو بفعل يعم الفعلين، أي لا يفعل بشيء من ذلك خشية الصدقة وأما عند أبي حنيفة لا أثر للخلطة، فمعنى الحديث عنده على ظاهر النفي على أن النفي راجع إلى القيد، وحاصله نفي الخلط لنفي الأثر، أي لا أثر للخلط والتفريق في تقليل الزكاة وتكثيرها، أي لا يفعل شيء منها خشية الصدقة؛ إذ لا أثر له في الصدقة، والله تعالى أعلم. وقوله: "وما كان من خليطين" إلخ معناه عند الجمهور أن ما كان متميزًا

فَذَكَرَ صَدَقَتَهَا كَمَا ذَكَرَ الزُّهْرِيُّ - قَالَ: «وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَةٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً، فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ إِلَى سِتِّينَ» - ثُمَّ سَاقَ مِثْلَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ - قَالَ: «فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً يَعْنِي وَاحِدَةً وَتِسْعِينَ، فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِبِلُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، === لأحد الخليطين من المال فأخذ الساعى من ذلك المتميز، يرجع إلى صاحبه بحصته بأن كان لكل عشرون، وأخذ الساعي من مال أحدهما يرجع بقيمة نصف شاة، وإن كان لأحدهما عشرون وللآخر أربعون مثلًا، فأخذ من صاحب عشرين يرجع إلى صاحب أربعين بالثلثين، كان أخذ منه يرجع على صاحب عشرين بالثلث، وعند أبي حنيفة يحمل الخليط على الشريك؛ إذ المال إذا تميز فلا يؤخذ زكاة كل إلا من ماله، وأما إذا كان المال بينهما على الشركة بلا تميز، وأخذ من ذلك المشترك فعنده يجب التراجع بالسوية أي يرجع كل عنهما على صاحبه بقدر ما يساوي ماله، مثلًا لأحدهما أربعون بقرة وللآخر ثلاثون، والمال مشترك غير متميز، فأخذ الساعي عن صاحب أربعين مسنة، وعن صاحب ثلاثين تبيعًا، وأعطى كل منهما من المال المشترك، فيرجع صاحب أربعين بأربعة أسباع التبيع على صاحب الثلاثين، وصاحب ثلاثين بثلاثة أسباع المسنة على صاحب أربعين، والله تعالى أعلم. وقوله: "في الرقة" بكسر الراء أصلها الورق بكسر الراء حذفت الواو

وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ، وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ، وَلَا تَيْسٌ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ، وَفِي النَّبَاتِ مَا سَقَتْهُ الْأَنْهَارُ، أَوْ سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَمَا سَقَى الْغَرْبُ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ»، وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ، وَالْحَارِثِ: «الصَّدَقَةُ فِي كُلِّ عَامٍ»، قَالَ زُهَيْرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ مَرَّةً، وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبِلِ ابْنَةُ مَخَاضٍ، وَلَا ابْنُ لَبُونٍ، فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ شَاتَانِ. 1573 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَسَمَّى آخَرَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي - فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ، فَبِحِسَابِ ذَلِكَ»، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَعَلِيٌّ يَقُولُ: فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، أَوْ رَفَعَهُ === وعوض عنها الهاء أي في الفضة، وتطلق على الدراهم المضروبة خاصة، والله تعالى أعلم. قوله: "فقرنه بسيفه" من فوائد بعض المشايخ: أن فيه إشارة إلى أن من منع ما في هذا يقاتل بالسيف، وقد وقع المنع والقتال في خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه وثباته على القتال مع مدافعة الصحابة أولًا يشير إلى أنه فهم الإشارة، والله تعالى أعلم. 1573 - قوله: "وما سقي الْغَرْبُ" هي الدلو الكبيرة يريد ما سقي بالسواقي،

إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، إِلَّا أَنَّ جَرِيرًا، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ «يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ». 1574 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ، فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ، مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، كَمَا قَالَ === وما في معناه مما يحتاج إلى مؤنة الآلة، والله تعالى أعلم. 1574 - قوله: "قد عفوت عن الخيل والرقيق" أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه، وهذا لا يقتضي سبق وجوب ثم نسخه، والله تعالى أعلم. 1575 - قوله: "في أربعين بنت لبون" لعل هذا إذا زاد الإبل على مائة وعشرين فيوافق الأحاديث المتقدمة، وقوله: "لا يفرق (¬1) إبل عن حسابها" أي تحاسب الكل في الأربعين ولا يترك هزال ولا سمين ولا صغير ولا كبير، نعم العامل لا يأخذ إلا الوسط، وقوله: "مؤتجرًا" بالهمزة أي طالبًا للأجر، وقوله: "وشطر ماله" المشهور رواية سكون الطاء من شطر على أنه بمعنى النصف، وهو بالنصب عطف على ضمير "آخذوها"؛ لأنه مفعول، وسقط نون الجمع للاتصال، أو هو مضاف إليه إلا أنه عطف على محله، ويجوز جره أيضًا، ¬

_ (¬1) في الأصل المخطوط [لا تفرق] بالتاء، وما أثبتناه من النسخة المطبوعة للسنن.

أَبُو عَوَانَةَ، وَرَوَاهُ شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى حَدِيثَ النُّفَيْلِيِّ، شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَرْفَعُوهُ، أَوْقَفُوهُ عَلَى عَلِيٍّ. 1575 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي كُلِّ سَائِمَةِ إِبِلٍ فِي أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَلَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا - قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ مُؤْتَجِرًا بِهَا - فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، === والجمهور على أنه حين كان التعزير بالأموال جائزًا في أول الإسلام ثم نسخ فلا يجوز الآن أخذ الزائد على قدر الزكاة، وقيل: معناه أنه يؤخذ منه الزكاة وإن أدى ذلك إلى نصف المال، كان كان له ألف شاة فاستهلكها بعد أن وجب عليه فيها الزكاة إلى أن بقي له عشرون، فإنه يؤخذ من عشر شياه لصدقة الألف، وإن كان ذلك نصفًا للقدر الباقي، وردّ بأن اللائق بهذا المعنى أن يقال: إنا آخذوا شطر ماله لا آخذوها وشطر ماله بالعطف كما في الحديث، وقيل: والصحيح أن يقال: "وشطر ماله" بتشديد الطاء وبناء المفعول، أي يجعل المصدق ماله نصفين ويتخير عليه، فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة، وأما أخذ الزائد فلا، ولا يخفى أنه قول بأخذ الزيادة وصفًا، وتغليط للرواة بلا فائدة، والله تعالى أعلم. وقوله: "عزمة من عزمات ربنا" أي حق من حقوقه وواجب من واجباته.

عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ». 1576 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ - يَعْنِي مُحْتَلِمًا - دِينَارًا، أَوْ عَدْلَهُ مِنَ المَعَافِرِ - ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ -». 1577 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالنُّفَيْلِيُّ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 1578 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، لَمْ يَذْكُرْ ثِيَابًا تَكُونُ بِالْيَمَنِ، وَلَا ذَكَرَ - يَعْنِي - مُحْتَلِمًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ جَرِيرٌ، وَيَعْلَى، وَمَعْمَرٌ، وَشُعْبَةُ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ يَعْلَى، وَمَعْمَرٌ، عَنْ مُعَاذٍ مِثْلَهُ. === 1576 - قوله: "تبيعًا" دخل في الثانية، و "المسنة" ما دخل في الثالثة، و "الحالم" البالغ أي يؤخذ منه في الجزية دينار، و "العدل" بفتح العين وجوّز الكسر ما يساوي الشيء قيمة، و"المعافري" برود منسوبة إلى معافر قبيلة باليمين.

1579 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: سِرْتُ - أَوْ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَارَ - مَعَ مُصَدِّقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنْ رَاضِعِ لَبَنٍ، وَلَا تَجْمَعَ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا تُفَرِّقَ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَكَانَ إِنَّمَا يَأْتِي الْمِيَاهُ حِينَ تَرِدُ الْغَنَمُ، فَيَقُولُ: أَدُّوا صَدَقَاتِ أَمْوَالِكُمْ، قَالَ: فَعَمَدَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَى نَاقَةٍ كَوْمَاءَ - قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا صَالِحٍ مَا الْكَوْمَاءُ؟ قَالَ: عَظِيمَةُ السَّنَامِ -، قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْخُذَ خَيْرَ إِبِلِي، قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، قَالَ: فَخَطَمَ لَهُ أُخْرَى دُونَهَا، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، ثُمَّ خَطَمَ لَهُ أُخْرَى دُونَهَا فَقَبِلَهَا، وَقَالَ: إِنِّي آخِذُهَا وَأَخَافُ أَنْ يَجِدَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لِي: «عَمَدْتَ إِلَى رَجُلٍ فَتَخَيَّرْتَ عَلَيْهِ إِبِلَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، نَحْوَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا يُفَرَّقُ. 1580 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ === 1579 - قوله: "من راضع لبن" صغير يرضع اللبن، والمراد: ذات لبن بتقدير المضاف أي ذات راضع لبن، والنهي على الثاني؛ لأنها عن خيار المال، وعلى الأول؛ لأن حق الفقراء في الأوساط وفي الصغار إخلال بحقهم، ومن على الوجهين زائدة، وقيل: المعنى أن ما أعدت للدر لا يؤخذ منها شيء، وقوله: "فخطم له أخرى" أي قادها إليه بخطامها، وقوله: "عمدت" بفتح الميم. 1580 - قوله: (مسلم بن ثفنة) (¬1) بمثلثة وفاء ونون مفتوحات، قالوا: هو ¬

_ (¬1) مسلم بن ثفنة البكري، ويقال: ابن شعبة اختلفت بين ثقته وشعبة قال الدارقطني: وهم وكيع والصواب مسلم بن شعبة، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: التهذيب 10/ 123، 124.

أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَقَرَأْتُ فِي عَهْدِهِ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ»، وَلَمْ يَذْكُرْ: «رَاضِعَ لَبَنٍ». 1581 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيِّ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ ثَفِنَةَ الْيَشْكُرِيِّ - قَالَ الْحَسَنُ: رَوْحٌ يَقُولُ: مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَبِي عَلَى عِرَافَةِ قَوْمِهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ، قَالَ: فَبَعَثَنِي أَبِي فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَأَتَيْتُ === خطأ من وكيع، والصواب (مسلم بن شعبة). قوله: "استعمل ابن علقمة أبي" (¬1) بالإضافة إلى ياء المتكلم، "على عرافة قومه" بكسر العين أي القيام بأمورهم ورياستهم، وقوله: "ممتلئة محضًا وشحمًا" أي سمينة كثيرة اللين، والمحض: بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللين، و "الشافع" الحامل لأن ولدها شفعها وشفعته هي، وإضافة الشاة إلى الشافع كإضافة مسجد الجامع، و"عناقًا" قال بفتح العين المراد: ما يكون دون ذاك، "جذعة" بفتحتين قيل: هي من الغنم ما تمت لها سنة، و "الثنية" ما دخلت في الثانية، وقوله: "معتاط" قيل: هي التي امتنعت عن الحمل لسمنها، وهو لا يوافق ما في الحديث إلا أن يراد بقوله: "وقد كان ولادها" الحمل أي أنها لم تحمل وهي في سن يحمل فيه مثلها. ¬

_ (¬1) نافع بن علقمة ذكره ابن شاهين في الصحابة، وقال: سكن الشام ولم يخرج له شيئًا، وذكره ابن حبان فقال: إنه نسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعت أبي يقول: لا أعلم له صحبة، وهو في أمراء مكة .. انظر: الإصابة لابن حجر 3/ 546.

شَيْخًا كَبِيرًا يُقَالُ لَهُ: سِعْرُ بْنُ دَيْسَمٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي بَعَثَنِي إِلَيْكَ - يَعْنِي - لِأُصَدِّقَكَ، قَالَ: ابْنُ أَخِي، وَأَيَّ نَحْوٍ تَأْخُذُونَ؟ قُلْتُ: نَخْتَارُ، حَتَّى إِنَّا نَتَبَيَّنَ ضُرُوعَ الْغَنَمِ، قَالَ: " ابْنُ أَخِي، فَإِنِّي أُحَدِّثُكَ أَنِّي كُنْتُ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَنَمٍ لِي، فَجَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَى بَعِيرٍ، فَقَالَا لِي: إِنَّا رَسُولَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ لِتُؤَدِّيَ صَدَقَةَ غَنَمِكَ، فَقُلْتُ: مَا عَلَيَّ فِيهَا؟ فَقَالَا: شَاةٌ، فَأَعْمَدُ إِلَى شَاةٍ قَدْ عَرَفْتُ مَكَانَهَا مُمْتَلِئَةٍ مَحْضًا وَشَحْمًا، فَأَخْرَجْتُهَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَا: هَذِهِ شَاةُ الشَّافِعِ، وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَأْخُذَ شَافِعًا، قُلْتُ: فَأَيَّ شَيْءٍ تَأْخُذَانِ؟ قَالَا: عَنَاقًا جَذَعَةً، أَوْ ثَنِيَّةً، قَالَ: فَأَعْمَدُ إِلَى عَنَاقٍ مُعْتَاطٍ، وَالْمُعْتَاطُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَلَدًا، وَقَدْ حَانَ وِلَادُهَا، فَأَخْرَجْتُهَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَا: نَاوِلْنَاهَا، فَجَعَلَاهَا مَعَهُمَا عَلَى بَعِيرِهِمَا، ثُمَّ انْطَلَقَا "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ، رَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ أَيْضًا: مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ، كَمَا قَالَ رَوْحٌ. 1582 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ شُعْبَةَ: قَالَ فِيهِ: وَالشَّافِعُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا الْوَلَدُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ بِحِمْصَ عِنْدَ آلِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْحِمْصِيِّ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْغَاضِرِيِّ، مِنْ غَاضِرَةِ قَيْسٍ، === 1582 - قوله: "وأنه لا إله إلا هو" جملة معترضة لتقرير التوحيد، وأنه حق موافق للواقع، وقوله "رافدة من الوفد" وهو الإعانة أي تعينه نفسه على أدائها،

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ، رَافِدَةً عَلَيْهِ كُلَّ عَامٍ، وَلَا يُعْطِي الْهَرِمَةَ، وَلَا الدَّرِنَةَ، وَلَا الْمَرِيضَةَ، وَلَا الشَّرَطَ اللَّئِيمَةَ، وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ، وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ". 1583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ، فَلَمَّا جَمَعَ لِي مَالَهُ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا ابْنَةَ مَخَاضٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَدِّ ابْنَةَ مَخَاضٍ، فَإِنَّهَا صَدَقَتُكَ، فَقَالَ: ذَاكَ مَا لَا لَبَنَ فِيهِ، وَلَا ظَهْرَ، وَلَكِنْ هَذِهِ نَاقَةٌ فَتِيَّةٌ عَظِيمَةٌ سَمِينَةٌ، فَخُذْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَنَا بِآخِذٍ مَا لَمْ أُومَرْ بِهِ، وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ قَرِيبٌ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَتَعْرِضَ عَلَيْهِ مَا عَرَضْتَ عَلَيَّ فَافْعَلْ، فَإِنْ قَبِلَهُ مِنْكَ قَبِلْتُهُ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْكَ رَدَدْتُهُ، قَالَ: فَإِنِّي فَاعِلٌ، فَخَرَجَ مَعِي === و"الهرمة" و"الدرنة" بكسر الراء الأولى كبيرة السن، والثانية الجرباء وأصله البدن الوسخ، و "الشرط" بفتح الشين المعجمة والراء: رذال المال، وقيل: صغاره وشراره، وقوله: "ولم يأمركم بشره" أي لم يرخص لكم في شره ولا ظهر، أي ولا ركوب. 1583 - و"الفتية" بفتح فاء وكسر مثناة فوقية وتشديد مثناة تحتة الشابة.

وَخَرَجَ بِالنَّاقَةِ الَّتِي عَرَضَ عَلَيَّ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتَانِي رَسُولُكَ لِيَأْخُذَ مِنِّي صَدَقَةَ مَالِي، وَايْمُ اللَّهِ مَا قَامَ فِي مَالِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا رَسُولُهُ قَطُّ قَبْلَهُ، فَجَمَعْتُ لَهُ مَالِي، فَزَعَمَ أَنَّ مَا عَلَيَّ فِيهِ ابْنَةُ مَخَاضٍ، وَذَلِكَ مَا لَا لَبَنَ فِيهِ، وَلَا ظَهْرَ، وَقَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِ نَاقَةً فَتِيَّةً عَظِيمَةً لِيَأْخُذَهَا فَأَبَى عَلَيَّ، وَهَا هِيَ ذِهْ قَدْ جِئْتُكَ بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ الَّذِي عَلَيْكَ، فَإِنْ تَطَوَّعْتَ بِخَيْرٍ آجَرَكَ اللَّهُ فِيهِ، وَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ»، قَالَ: فَهَا هِيَ ذِهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ جِئْتُكَ بِهَا فَخُذْهَا، قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْضِهَا، وَدَعَا لَهُ فِي مَالِهِ بِالْبَرَكَةِ. 1584 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: «إِنَّكَ تَأْتِي === 1584 - قوله: "فادعهم إلى شهادة لا إله إلا الله" إلخ أراد أن يدعوهم إلى الإسلام بالتدريج؛ لأنه أقرب إلى الطاعة والقبول، بخلاف ما لو عرض عليهم دينًا مخالفًا لدينهم في أشياء كثيرة فإن ذلك ينفرهم ويبعدهم عن القبول، فلا دلالة في الحديث على أن التكليف بالفروع بعد الإيمان، كيف وقد أخر الدعوة إلى الزكاة عن الدعوة إلي الصلاة مع أن التكليف بالزكاة لا يتأخر عن التكليف بالصلاة، والله تعالى أعلم. قوله "فأعلمهم" من الإعلام، وقوله: "تؤخذ من أغنيائهم" إلخ يدل على

قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ». 1585 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === وجوب رد الزكاة إلى فقراء من أخذت منهم، وأنه لا يجوز إخراجها إلى غيرهم إلا لضرورة كعدم فقير فيهم إلا أن يجعل الضمير للمسلمين مطلقًا والله تعالى أعلم. و"كرائم أموالهم" جمع كريمة وهي خيار المال وأفضله، وقوله: "اتق دعوة المظلوم" أريد به: اتق الظلم خوفًا من دعوته عليك؛ وهذا لزيادة التأكيد وإلا فلا بد من اتقاء الظلم لكونه حرامًا وإن لم يخف دعوة صاحبه، وقوله: "بين الله" أي بين وصولها إلى محل الاستجابة والقبول، وقد جاء في بعض الحديث: "ولو كان كافرًا". 1585 - قوله: "المعتدي" قيل: هو الذي يعطي الصدقة في غير المصرف؛ وقيل: هو الساعي يأخذ أكثر أو أجود من الواجب؛ لأنه إذا فعل كذلك سنة فصاحب المال ربما يمنعه في السنة الأخرى فيكون سببًا للمنع فيشارك المانع إثم

باب رضا المصدق

قَالَ: «الْمُعْتَدِي الْمُتَعَدِّي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا». بَابُ رِضَا الْمُصَدِّقِ 1586 - حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ: دَيْسَمٌ، وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ مِنْ بَنِي سَدُوسٍ، عَنْ بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَّةِ، - قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِ: وَمَا كَانَ اسْمُهُ بَشِيرًا، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ بَشِيرًا -، قَالَ: قُلْنَا: إِنَّ أَهْلَ الصَّدَقَةِ يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا، أَفَنَكْتُمُ مِنْ أَمْوَالِنَا بِقَدْرِ مَا يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ «لَا». 1587 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَ الصَّدَقَةِ، يَعْتَدُونَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ». === المنع. بَابُ رِضَا الْمُصَدِّقِ 1586 - قوله: "يعتدون علينا" كأنه صلى الله تعالى عليه وسلم علم أنهم لحبهم المال طبعًا يرون الحق اعتداء، وإلا فلا يصح مجئ الاعتداء من عامليه صلى الله تعالى عليه وسلم؛ ولذلك سمى صلى الله تعالى عليه وسلم العاملين مبغضين كما سيجيء، فلذلك قال لهم: "لا" وأمرهم بالترحيب بالعاملين والإرضاء، وإلا فلا يجب إعطاء الزيادة لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "ومن سئل فوقها فلا يعطه"، والله تعالى أعلم.

1588 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي الْغُصْنِ، عَنْ صَخْرِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُونَ، فَإِنْ جَاءُوكُمْ، فَرَحِّبُوا بِهِمْ، وَخَلُّوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَبْتَغُونَ، فَإِنْ عَدَلُوا فَلِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ ظَلَمُوا، فَعَلَيْهَا وَأَرْضُوهُمْ، فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ رِضَاهُمْ، وَلْيَدْعُوا لَكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْغُصْنِ هُوَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ غُصْنٍ». 1589 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهَذَا حَدِيثُ أَبِي كَامِلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هِلَالٍ الْعَبْسِيُّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ يَعْنِي مِنَ الْأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُصَدِّقِينَ يَأْتُونَا فَيَظْلِمُونَا، قَالَ: فَقَالَ: «أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ ظَلَمُونَا؟ قَالَ: «أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ»، زَادَ عُثْمَانُ: «وَإِنْ ظُلِمْتُمْ»، قَالَ أَبُو كَامِلٍ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ جَرِيرٌ: مَا صَدَرَ عَنِّي مُصَدِّقٌ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ. === 1588 - قوله: "ركيب" تصغير ركب، والتوصيف بالبغض في قوله: "مبغضون" لما سبق أن طالب المال من الإنسان مبغوضًا إليه طبعًا.

باب دعاء المصدق لأهل الصدقة

بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ 1590 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ»، قَالَ: فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آل أَبِي أَوْفَى». بَابُ تَفْسِيرِ أَسْنَانِ الْإِبِلِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الرِّيَاشِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْ كِتَابِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، وَمِنْ كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ وَرُبَّمَا ذَكَرَ أَحَدُهُمُ الْكَلِمَةَ قَالُوا: يُسَمَّى الْحُوَارُ ثُمَّ الْفَصِيلُ، إِذَا فَصَلَ، ثُمَّ تَكُونُ بِنْتُ مَخَاضٍ لِسَنَةٍ إِلَى تَمَامِ سَنَتَيْنِ، فَإِذَا دَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ، فَهِيَ ابْنَةُ لَبُونٍ، فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ، فَهُوَ حِقٌّ وَحِقَّةٌ إِلَى تَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ، لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ، وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا الْفَحْلُ، وَهِيَ تَلْقَحُ، وَلَا يُلْقَحُ الذَّكَرُ حَتَّى يُثَنِّيَ، وَيُقَالُ لِلْحِقَّةِ: طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، لِأَنَّ الْفَحْلَ يَطْرُقُهَا إِلَى تَمَامِ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِذَا طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ، === بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ 1590 - قوله: "اللهم صل" لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية 103.

باب أين تصدق الأموال

فَهِيَ جَذَعَةٌ حَتَّى يَتِمَّ لَهَا خَمْسُ سِنِينَ، فَإِذَا دَخَلَتْ فِي السَّادِسَةِ، وَأَلْقَى ثَنِيَّتَهُ، فَهُوَ حِينَئِذٍ ثَنِيٌّ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ سِتًّا، فَإِذَا طَعَنَ فِي السَّابِعَةِ سُمِّيَ الذَّكَرُ رَبَاعِيًا، وَالْأُنْثَى رَبَاعِيَةً إِلَى تَمَامِ السَّابِعَةِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ، وَأَلْقَى السِّنَّ السَّدِيسَ الَّذِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ، فَهُوَ سَدِيسٌ وَسَدَسٌ إِلَى تَمَامِ الثَّامِنَةِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي التِّسْعِ وَطَلَعَ نَابُهُ، فَهُوَ بَازِلٌ، أَيْ بَزَلَ نَابُهُ - يَعْنِي طَلَعَ - حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعَاشِرَةِ، فَهُوَ حِينَئِذٍ مُخْلِفٌ، ثُمَّ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ: بَازِلُ عَامٍ، وَبَازِلُ عَامَيْنِ، وَمُخْلِفُ عَامٍ، وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ، وَمُخْلِفُ ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ إِلَى خَمْسِ سِنِينَ، وَالْخَلِفَةُ: الْحَامِلُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: " وَالْجَذُوعَةُ: وَقْتٌ مِنَ الزَّمَنِ لَيْسَ بِسِنٍّ، وَفُصُولُ الْأَسْنَانِ عِنْدَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَنْشَدَنَا الرِّيَاشِيُّ: إِذَا سُهَيْلٌ آخِرَ اللَّيْلِ طَلَعْ ... فَابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ، وَالْحِقُّ جَذَعْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَسْنَانِهَا غَيْرُ الْهُبَعْ وَالْهُبَعُ: الَّذِي يُولَدُ فِي غَيْرِ حِينِهِ. بَابُ أَيْنَ تُصَدَّقُ الْأَمْوَالُ 1591 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: === بَابُ أَيْنَ تُصَدَّقُ الْأَمْوَالُ 1591 - قوله: "لا جلب ولا جنب" الجلب في الزكاة هو أن ينزل المصدق موضعًا ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها فنهي عن

باب الرجل يبتاع صدقته

«لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ، وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا فِي دُورِهِمْ». 1592 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: «لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ»، قَالَ: أَنْ تُصَدَّقَ الْمَاشِيَةُ فِي مَوَاضِعِهَا، وَلَا تُجْلَبَ إِلَى الْمُصَدِّقِ، وَالْجَنَبُ، عَنْ غَيْرِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ أَيْضًا، لَا يُجْنَبُ أَصْحَابُهَا، يَقُولُ: وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ بِأَقْصَى مَوَاضِعِ أَصْحَابِ الصَّدَقَةِ فَتُجْنَبُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ تُؤْخَذُ فِي مَوْضِعِهِ. بَابُ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ 1593 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ === ذلك، وأمر أن يأخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم، والجنب في الزكاة أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه أي تحضر، وقيل: هو أن يجنب رب المال بماله، أي يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في طلبه. بَابُ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ 1593 - قوله: "حمل على فرس" أي بالتصدق والهبة ليقاتل عليه صاحبه. قوله: "أن يبتاعه" أي أن يشتريه، وقوله: "لا تبتاعه ولا تعد" هكذا في نسخنا، الأول بالرفع والثاني بالجزم؛ فالأول نفي بمعنى النهي والثاني نهي

باب صدقة الرقيق

ذَلِكَ، فَقَالَ: «لَا تَبْتَعْهُ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ». بَابُ صَدَقَةِ الرَّقِيقِ 1594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَيَّاضٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ، إِلَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ». 1595 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ». بَابُ صَدَقَةِ الزَّرْعِ 1596 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ === صريح. بَابُ صَدَقَةِ الزَّرْعِ 1596 - قوله: "فيما سقت السماء" أي المطر من باب ذكر المحل وإرادة الحال والمراد: ما لا يحتاج سقيه إلى مؤنة، والبعل: بموحدة مفتوحة ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها، و"السواني" جمع

وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي، أَوِ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ». 1597 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ». 1598 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعَجَلِيُّ قَالَا: قَالَ وَكِيعٌ: «الْبَعْلُ الْكَبُوسُ الَّذِي يَنْبُتُ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ»، قَالَ: ابْنُ الْأَسْوَدِ، وَقَالَ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ آدَمَ: سَأَلْتُ أَبَا إِيَاسٍ الْأَسَدِيَّ، عَنِ البَعْلِ، فَقَالَ: «الَّذِي يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ»، وَقَالَ: النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: الْبَعْلُ: مَاءُ الْمَطَرِ. 1599 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: «خُذِ الْحَبَّ مِنَ الْحَبِّ، وَالشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ، وَالْبَعِيرَ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرَةَ مِنَ الْبَقَرِ»، قَالَ === سانية وهي بعير يسقى عليه، و "النضح" بفتح فسكون هو السقي بالرشاء. 1599 - قوله: "خذ الحب ... " إلخ أي خذ زكاة كل شيء من جنسه، ولا يستقيم في البعير إلا إذا زادت على أربعة وعشرين فيحمل الحديث عليه بقرينة ما سبق من الأحاديث، وقول "المصنف: "شبرت قثاءة ... " إلخ لعله لبيان اختلاف

باب زكاة العسل

أَبُو دَاوُدَ: «شَبَرْتُ قِثَّاءَةً بِمِصْرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شِبْرًا، وَرَأَيْتُ أُتْرُجَّةً عَلَى بَعِيرٍ بِقِطْعَتَيْنِ قُطِّعَتْ وَصُيِّرَتْ عَلَى مِثْلِ عِدْلَيْنِ». بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ 1600 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْمِصْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ، وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا، يُقَالُ لَهُ: سَلَبَةُ، فَحَمَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْوَادِي، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ، إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ، فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ، وَإِلَّا، فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ». 1601 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ، وَنَسَبَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ شَبَابَةَ بَطْنٌ مِنْ فَهْمٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ: قَالَ: وَكَانَ يَحْمِي لَهُمْ وَادِيَيْنِ زَادَ فَأَدَّوْا إِلَيْهِ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمَى === أنواع الأشياء اختلافًا شديدًا؛ ليدل على أن أخذ زكاة كل شيء منه هو الوجه، والله تعالى أعلم.

باب في خرص العنب

لَهُمْ وَادِيَيْهِمْ. 1602 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ بَطْنًا مِنْ فَهْمٍ بِمَعْنَى الْمُغِيرَةِ، قَالَ: مِنْ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ، وَقَالَ: وَادِيَيْنِ لَهُمْ. بَابٌ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ 1603 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ السَّرِيِّ النَّاقِطُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ، كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا، كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْرًا». 1604 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سَعِيدٌ === بَابٌ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ ظاهر كلام القاموس (¬1) وغيره أنه بفتح المعجمة وسكون الراء، وضبطه في المجمع وغيره بضم الخاء المعجمة وقد تكسر وبصاد مهملة، والاسم الخرص بالكسر وهو تقدير ما على النخل من الرطب تمرًا وما على الكرم من العنب زبيبًا ليعرف مقدار عشره ثم يخلى بينه وبين مالكه، ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، وهو جائز عند الجمهور خلافًا للحنفية لإفضائه إلى الربا، وحملوا أحاديث الخرص على أنها كانت قبل تحريم الربا. ¬

_ (¬1) القاموس ص 795.

باب في الخرص

لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَتَّابٍ شَيْئًا». بَابٌ فِي الْخَرْصِ 1605 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: جَاءَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، إِلَى مَجْلِسِنَا، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا خَرَصْتُمْ، فَجُذُّوا، وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا، أَوْ تَجُذُّوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبْعَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْخَارِصُ يَدَعُ الثُّلُثَ لِلْحِرْفَةِ». === بَابٌ فِي الْخَرْصِ 1605 - قوله: "ودعوا الثلث" من القدر الذي قررتم بالخرص، وبظاهره قال أحمد وإسحاق وغيرهما، وحمل أبو عبيدة الثلث على قدر الحاجة، وقال: يترك قدر احتياجهم، ومشهور مذهب الشافعي وكذا مذهب مالك ألا يترك لهم، وقال ابن العربي: المتحصل من صحيح النظر أن يعمل بالحديث، وقال الخطابي: إذا أخذ الحق منهم مستوفى أضر بهم؛ فإنه يكون من الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس (¬1)، وقيل: معنى الحديث: إن لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث والربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا لكم حقه وتتركوا الباقي إلى أن يجف فيأخذ حقه لا أنه يترك لهم بلا خرص ولا إخراج، وقيل: اتركوا لهم ذلك ليتصدقوا منه على جيرانهم، ومن يطلب منهم لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 45.

باب متى يخرص التمر

بَابُ مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ 1606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ وَهِيَ تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَرَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودَ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ». بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الثَّمَرَةِ فِي الصَّدَقَةِ 1607 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الجُعْرُورِ، وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ أَنْ يُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ»، قَالَ الزُّهْرِيُّ: «لَوْنَيْنِ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَسْنَدَهُ أَيْضًا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. === بَابُ مَتَى يُخْرَصُ النُّخْل 1606 - قوله: "فيخرص النخل" هو بضم الراء وجوز كسرها. بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الثَّمَرَةِ فِي الصَّدَقَةِ قوله: "عن الجعرور" بضم الجيم وسكون العين المهملة وراء مكررة ضرب رديء من التمر يحمل رطبًا صفارًا لا خير فيه، و"لون الحبيق" بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية وقاف: نوع رديء من التمر منسوب إلى رجل اسمه ذاك.

باب زكاة الفطر

1608 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَبِيَدِهِ عَصَا، وَقَدْ عَلَّقَ رَجُلٌ قَنَا حَشَفًا، فَطَعَنَ بِالْعَصَا فِي ذَلِكَ الْقِنْوِ، وَقَالَ: «لَوْ شَاءَ رَبُّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ تَصَدَّقَ بِأَطْيَبَ مِنْهَا»، وَقَالَ: «إِنَّ رَبَّ هَذِهِ الصَّدَقَةِ يَأْكُلُ الْحَشَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ 1609 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ === 1608 - قوله: "صالح بن أبي عريب" (¬1) بالعين المهملة وكسر الراء. قوله: "حشفًا" بفتحتين هو اليابس الفاسد من التمر، و "القنو" بكسر القاف وسكون النون العذق بما فيه من الرطب، وقوله: "يأكل الحشف" أي جزاء الحشف فسمي الجزء باسم الأصل، ويحتمل أن يجعل الجزاء من جنس الأصل، ويخلق الله تعالى فِي هذا الرجل شهاء الحشف فيأكله فلا ينافي ذلك قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} (¬2) والله تعالى أعلم. بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ 1609 - قوله: "طهرة" بضم الطاء وسكون الهاء أي تطهيرًا. ¬

_ (¬1) صالح بن أبي عريب -اسمه قليب بن حرمل بن كليب الحضرمي، روى عن كثير بن مرة وخلاد بن السائب، وعنه الليث وحيوة بن شريح، ذكره بن حبان في الثقات. التهذيب 4/ 398. (¬2) سورة فصلت: آية 31.

باب متى تؤدى؟ ؟

السَّمْرَقَنْدِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ الْخَوْلَانِيُّ وَكَانَ شَيْخَ صِدْقٍ وَكَانَ ابْنُ وَهْبٍ يَرْوِي عَنْهُ، حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ مَحْمُودٌ: الصَّدَفِيُّ - عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ». بَابُ مَتَى تُؤَدَّى؟ ؟ 1610 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ»، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ. بَابُ كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ؟ 1611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ - وَقَرَأَهُ عَلَيَّ مَالِكٌ أَيْضًا - عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ === بَابُ كَمْ يُؤَدَّى فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ؟ 1611 - قوله: "على كل حر وعبد" كلمة على بمعنى عن؛ إذ لا وجوب على العبد أو الصغير كما في بعض الروايات أو يحتمل الوجوب على العبد والصغير على أنه يجب على المولى والأب الإخراج عنهما، وإلا فلا مال للعبد،

الْفِطْرِ قَالَ فِيهِ - فِيمَا قَرَأَهُ عَلَيَّ مَالِكٌ - «زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ». 1612 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا، فَذَكَرَ بِمَعْنَى مَالِكٍ، زَادَ: وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ نَافِعٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ فِيهِ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَشْهُورُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. 1613 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَاهُمْ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ»، زَادَ مُوسَى: وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ فِيهِ أَيُّوبُ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي الْعُمَرِيَّ، فِي حَدِيثِهِمَا عَنْ نَافِعٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَيْضًا. === ولا تكليف على الصغير فلا وجوب عليهما، نعم يجب على العبد عند بعض والمولى نائب.

1614 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 1614 - قوله: "أو سلت" بضم المهملة وسكون اللام نوع من الشعير يشبه البر، وقوله: "فلما كان عمر" مخالف لما هو المشهور من أن معاوية هو الذي جعل كذلك، فلعل عمر جوز ذلك أولًا إلا أنه ما اشتهر إلى أن جاء معاوية فوافقَ اجتهاده اجتهاد عمر فحكم به فاشتهر نسبته إلى معاوية، والله تعالى أعلم، والظاهر أن اجتهادهما ذلك مبني على عدم نص صريح من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في الحنطة بالصاع، بل ولا بالنصف عندهما وعند من حضر حكمهما، وإلا فلو كان عندهم حديث بالصاع لما خالفا أو بنصف الصاع لما احتاجا إلى الاجتهاد بل حكما بذلك، ولعل ذلك هو التقريب لظهور عزة البر وقلته في المدينة في وقته صلى الله تعالى عليه وسلم، فمن الذي يؤدي صدقة الفطر منه حتى يتبين به أمره أنه صاع أو نصفه، وأما حديث أبي سعيد فظاهره أن بعضهم كانوا يخرجون صاعًا من بر أيضًا، لكلن لعله قال ذلك بناء على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شرع لهم صاعًا من غير البر ولم يبين لهم حال البر، فقاس عليه أبو سعيد حال البر، وزعم أنه إن ثبت من أحد الإخراج في وقته البر؛ فلا بد أنه أخرج الصاع لا نصفه، أو لعل بعضهم أدى أحيانًا البر فأدى صاعًا بالقياس فزعم أبو سعيد أن المفروض في البر ذلك، وبالجملة قد علم بالأحاديث أن إخراج البر لم يكن معتادًا متعارفًا في وقته صلى الله تعالى عليه وسلم، فقد روى ابن خزيمة في مختصر المسند الصحيح عن ابن عمر قال: "لم تكن الصدقة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ سُلْتٍ، أَوْ زَبِيبٍ»، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَثُرَتِ الْحِنْطَةُ، جَعَلَ عُمَرُ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً مَكَانَ صَاعٍ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ. 1615 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَعَدَلَ النَّاسُ بَعْدُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ»، قَالَ: «وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُعْطِي التَّمْرَ فَأُعْوِزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ التَّمْرَ عَامًا فَأَعْطَى الشَّعِيرَ». 1616 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا === على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة" (¬1)، وروى البخاري عن أبي سعيد: "كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الفطر صاعًا من طعام، وكان طعامنا يومئذ الشعير والزبيب والأقط والتمر" (¬2) والله تعالى أعلم. 1616 - قوله: "إذ كان" إلخ أي في وقته وحال حياته صلى الله تعالى عليه وسلم ونصب صاعًا على الحالية أو البدلية من زكاة الفطر، واسم الطعام مطلقًا يطلق على البر، وقد قوبل هاهنا بغيره فيتعين حمله على البر، و"الأقط" بفتح ¬

_ (¬1) ابن خزيمة في الزكاة (2406) وإسناده صحيح، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 373. (¬2) البخاري في الزكاة (1510).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ «، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ، فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَعَبْدَةُ، وَغَيْرِهِمَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ، وَذَكَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فِيهِ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ أَوْ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. 1617 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْحِنْطَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ، أَوْ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْهُ. 1618 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، سَمِعَ عِيَاضًا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: === فكسر: اللبن المحجر و"سمراء الشام" البر الشامي، ومعنى "تعدل" تساويه في النفعة أو القيمة، وهي مدار الإجزاء فتساويه في الإجزاء، أو المراد تساويه في الإجزاء. 1618 - قوله: "فأنكروا عليه" زيادة الدقيق والله تعالى أعلم.

باب من روى نصف صاع من قمح

«لَا أُخْرِجُ أَبَدًا إِلَّا صَاعًا، إِنَّا كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعَ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ أَقِطٍ، أَوْ زَبِيبٍ»، هَذَا حَدِيثُ يَحْيَى، زَادَ سُفْيَانُ: أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ، قَالَ حَامِدٌ: فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ، فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهْمٌ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ». بَابُ مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ 1619 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ مُسَدَّدٌ: عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَوْ === بَابُ مَنْ رَوَى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ 1619 - قوله: (قال مسدد عن ثعلبة بن أبي صعير) (¬1) قد اختلف في اسمه كما ذكره المصنف وفي نسبته، أهو العدوي نسبة إلى جده الكبير عدي أو العذري بضم الذال المعجمة والراء كما سيجيء في كلام المصنف، وفي متن الحديث أهو: "أدوا صدقة الفطر صاعًا من تمر وقمح عن كل رأس" (¬2) أو هو كما ذكره المصنف، ولذا قال الفاضل بن العز في حواشي الهداية هو حديث مضطرب الإسناد والمتن، وقد تكلم فيه الإمام أحمد وغيره وضعفوه، ففي بعض طرقه لم يذكر البر، وفي بعضمها ذكر مقدرًا بصاع، وفي بعضهما مقدرًا بنصف ¬

_ (¬1) ثعلبة بن صُعَير، أو ابن أبي صغير -بمهملتين مصغرًا- العذري ويقال: ثعلبة بن عبد الله بن صُعير، ويقال: عبد الله بن ثعلبة بن صعير، مختلف في صحبته. التقريب 1/ 118. (¬2) الحديث رواه ابن خزيمة في صحيحه في الزكاة، باب إخراج الثمر والشعيرِ في صدقة الفطر (2410).

ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَاعٌ مِنْ بُرٍّ، أَوْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ اثْنَيْنِ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ، وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ، فَيَرُدُّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا === صاع، وفي بعضها بصاع بين كل اثنين، والله تعالى أعلم. قوله: "من بر أو قمح" هو بفتح القاف وسكون الميم البر، فكلمة "أو" للشك من الرواة، وقوله: "على كل اثنين" قيل: لعل فيه تحريفًا وكان الأصل "على كل رأس" كما في بعض الروايات فحرف الرأس وجعل اثنين، ورد بأنه لا يوافق رواية "بين اثنين"، وأيضًا ليس في لفظ اثنين ما يقوم مقام الراء في رأس، فلا يستقيم الحكم بالتحريف، وقيل: بل الأولى أن يقال: حُرف لفظ اثنين فجعل لفظ رأس؛ لأنه صح في رواية هذا الحديث "بين اثنين"، فالأوفق به الحكم بتحريف لفظ اثنين إلى رأس لا العكس. قلت: لفظ: "أدوا صاعًا بين اثنين" بظاهره يقيد لزوم المشاركة في الأداء وهو منتف بالاتفاق، وخلاف المعهود في سائر الأحاديث، فالظاهر أن التحريف وقع فيه، فلعل كلمة "بين" محرفة عن كلمة "عن" و "من" والمراد باثنين: نوعين أعني الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، والغني والفقير لما في رواية أحمد: "أدوا صاعًا من قمح أو صاعًا من تمر -وشك حماد- عن كل اثنين صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو مملوك، غني أو فقير" (¬1)، فالمعنى أن هذه الصدقة لا تختص بنوع واحدٍ من هذين النوعين بل تعمهما، ويؤدى الصاع عن كل واحد من أفرادهما، ولا يخفى أن هذا التأويل أقرب من إبقاء الحديث على ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير 5/ 432.

أَعْطَى»، زَادَ سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِهِ: غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ. 1620 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدَّارَابَجِرْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ هُوَ ابْنُ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ بَكْرٍ الْكُوفِيِّ - قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى هُوَ بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ - أَنَّ الزُّهْرِيَّ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: "قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَأَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، صَاعِ تَمْرٍ، أَوْ صَاعِ شَعِيرٍ، عَنْ كُلِّ رَأْسٍ - زَادَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ: «أَوْ صَاعِ بُرٍّ، أَوْ قَمْحٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ»، ثُمَّ اتَّفَقَا - عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ. 1621 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ: قَالَ ابْنُ صَالِحٍ: قَالَ الْعَدَوِيُّ: وَإِنَّمَا هُوَ الْعُذْرِيُّ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ بِمَعْنَى حَدِيثِ الْمُقْرِئِ. 1622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ حُمَيْدٌ: أَخْبَرَنَا عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: خَطَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي آخِرِ رَمَضَانَ عَلَى === ظاهره لما فيه من إيجاب المشاركة، وهو مع مخالفته للمذاهب غير معهود في موضع آخر أصلا والله تعالى أعلم، نعم في الباب أحاديث أخر لها دلالة على أن الواجب نصف صاع من بر.

باب في تعجيل الزكاة

مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: أَخْرِجُوا صَدَقَةَ صَوْمِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا، فَقَالَ: «مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قُومُوا إِلَى إِخْوَانِكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ»، فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى رُخْصَ السِّعْرِ، قَالَ: «قَدْ أَوْسَعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَلَوْ جَعَلْتُمُوهُ صَاعًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ»، قَالَ حُمَيْدٌ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَرَى صَدَقَةَ رَمَضَانَ عَلَى مَنْ صَامَ. بَابٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ 1623 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَمَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنْ === بَابٌ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ 1623 - قوله: "فمنع ابن جميل" الخ أي منعوا الزكاة ولم يؤدوها إلى عمر، وقوله: "ما ينقم" بكسر القاف أي ينكروا أو ما يكره الزكاة إلا لأجل أنه كان فقيرًا فأغناه الله فجعل نعمة الله سببًا لكفرها، "وأدراعه" جمع درع الحديد، و "أعتده" بضم المثناة الفوقية جمع عتد بفتحتين، هو ما يعده الرجل عن الدواب والسلاح، وقيل: الخيل خاصة، وروي بالموحدة جمع عبد والأول هو المشهور، ولعلهم طالبوا خالدًا بالزكاة عن أثمان الدروع والأعتد بظن أنها للتجارة، فبين

كَانَ فَقِيرًا، فَأَغْنَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ، وَأَعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا»، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ الْأَبِ» أَوْ === لهم صلى الله تعالى عليه وسلم أنها وقف في سبيل الله فلا زكاة فيها، أو لعله أراد أن خالدًا لا يمنع الزكاة إن وجبت عليه؛ لأنه قد جعل أدراعه وأعتده في سبيل الله تبرعًا وتقربًا إليه تعالى ومثله لا يمنع الواجب، فإذا أخبر بعدم الوجوب أو منع فيصدق في قوله ويعتمد على فعله، والله تعالى أعلم، وقوله: "فهي علي" أي فزكاته، عليّ قيل: إنه صلى الله تعالى عليه وسلم استلف منه صدقة عامين أو هو عجل صدقة عامين إليه صلى الله تعالى عليه وسلم، ومعنى "عليّ": عندي، ويحتمل أن معنى عليّ أنه ضامن متكفل عنه وإلا فالصدقة عليه وهو الموافق لرواية: "فهي عليه صدقة ومثلها معها" (¬1)، ولذلك قيل: إنه ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه، والمعنى: فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرمًا، وقيل في التوفيق بين الروايتين: إن الأصل عليّ وهاء عليه ليست ضميرًا بل هي هاء السكت، فالياء فيها مشددة أيضًا. قلت: والأقرب منه في التوفيق أن يجعل ضميرًا "عليه" على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فافهم، والله تعالى أعلم، وقوله "صنو أبية" بكسر صاد وسكون أي مثله فلا بد لك من مراعاته في الطلب وغيره، وأصل الصنوان: تطلع نخلتان في عرق واحد، يريد أن أصل العباس وأصل أبي واحد وهو ¬

_ (¬1) البخاري في صحيحه في الزكاة عن أبي هريرة (1468).

باب في الزكاة [هل] تحمل من بلد إلى بلد؟

«صِنْوُ أَبِيهِ». 1624 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حُجَيَّةَ، عَنْ عَلِيٍّ، «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ»، قَالَ مَرَّةً: فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ هُشَيْمٍ أَصَحُّ. بَابٌ فِي الزَّكَاةِ [هَلْ] تُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ؟ 1625 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَطَاءٍ، مَوْلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ زِيَادًا - أَوْ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ - بَعَثَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِعِمْرَانَ: أَيْنَ الْمَالُ؟ قَالَ: «وَلِلْمَالِ أَرْسَلْتَنِي، أَخَذْنَاهَا مِنْ حَيْثُ كُنَّا نَأْخُذُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعْنَاهَا حَيْثُ كُنَّا نَضَعُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === مثل أبي. بَابٌ فِي الزَّكَاةِ [هَلْ] تُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ؟ كأنه أراد أن الحديث يدل على أنها لا تحمل بل تصرف في فقراء تلك البلدة، والله تعالى أعلم.

باب من يعطي [من] الصدقة، وحد الغنى

بَابُ مَنْ يُعْطِي [مِنَ] الصَّدَقَةِ، وَحَدُّ الْغِنَى 1626 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ، جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشٌ، أَوْ خُدُوشٌ، أَوْ كُدُوحٌ فِي وَجْهِهِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْغِنَى؟ ، قَالَ: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا، أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ»، قَالَ يَحْيَى: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ لِسُفْيَانَ: " حِفْظِي أَنَّ شُعْبَةَ، لَا يَرْوِي عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ. 1627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، أَنَّهُ قَالَ: نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، === بَابُ مَنْ يُعْطِي [مِنَ] الصَّدَقَةِ، وَحَدُّ الْغِنَى 1626 - قوله: "جاءت" أي جاءته وحصلت له "الخدوش" بضم أوله وقيل مصدرا أو جمع من خدش الجلد قشره بنحو عود، و "الخموش والكدوح" مثله وزنًا ومعنى، فأو للشك من بعض الرواة. قوله: "وما الغنى" (¬1)؟ أي المانع عن السؤال لا الموجب للزكاة أو المحرم لأخذها من غير سؤال. 1627 - قوله: "وهو مغضب" بفتح الضاد أي موقع في الغضب، ويغضب بفتح الياء والضاد، "أن لا أجد" أي لأجل أن لا أجد "أوقية" بضم الهمزة وتشديد الياء: أربعون درهمًا، وهذا يدل على أن ما سبق في تحديد الغنى ¬

_ (¬1) ليست في المخطوطة، تم وضعها من الحديث بتقدير السياق.

فَقَالَ لِي أَهْلِي: اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلْهُ لَنَا شَيْئًا نَأْكُلُهُ، فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ»، فَتَوَلَّى الرَّجُلُ عَنْهُ وَهُوَ مُغْضَبٌ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لَا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ، أَوْ عِدْلُهَا، فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا»، قَالَ الْأَسَدِيُّ: فَقُلْتُ: لَلِقْحَةٌ لَنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ - وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا - قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ شَعِيرٌ وَزَبِيبٌ، فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ، أَوْ كَمَا قَالَ: حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ. 1628 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ، فَقَدْ أَلْحَفَ»، فَقُلْتُ: نَاقَتِي الْيَاقُوتَةُ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ - قَالَ هِشَامٌ: خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا - فَرَجَعْتُ، فَلَمْ أَسْأَلْهُ شَيْئًا، زَادَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَتِ الْأُوقِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. === بخمسين درهمًا ليس على وجه التحديد بل على وجه التمثيل وسيجيء ما يؤيد ذلك، "وعدلها" بفتح العين وكسرها: ما يساويها، و "اللقحة" بالفتح والكسر: الناقة القريبة العهد بالنتاج أو التي هي ذات لبن.

1629 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَسَأَلَاهُ، فَأَمَرَ لَهُمَا بِمَا سَأَلَا، وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ فَكَتَبَ لَهُمَا بِمَا سَأَلَا، فَأَمَّا الْأَقْرَعُ، فَأَخَذَ كِتَابَهُ، فَلَفَّهُ فِي عِمَامَتِهِ وَانْطَلَقَ، وَأَمَّا عُيَيْنَةُ فَأَخَذَ كِتَابَهُ، وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتُرَانِي حَامِلًا إِلَى قَوْمِي كِتَابًا لَا أَدْرِي مَا فِيهِ، كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ، فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ بِقَوْلِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ، فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ» - وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ - فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ - وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَمَا الْغِنَى الَّذِي لَا تَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ؟ - قَالَ: «قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ === 1629 - قوله: "كصحيفة المتلمس" قال الخطابي صحيفة المتلمس لها قصة مشهورة عند العرب وكان شاعرًا فهجا عمرو بن هند الملك فكتب له كتابًا إلى عامله يوهمه أنه أمر له فيه بعطية وقد كان كتب إليه أن يقتله، فارتاب المتلمس به ففكه وقرئ له فلما علم ما فيه رمى به ونجا، فصارت الصحيفة مثلًا (¬1)، وقوله: "فأخبر معاوية" إلخ لعله بين له ما يريد بكلامه، وقوله: "يغديه ويعشيه" بتشديد الدال والشين، أي له قوت يوم، قيل: الاختلاف في الأحاديث مبني على اختلاف الناس في قدر الكفاية، وقيل: هذا منسوخ بالأحاديث السابقة. ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 58.

وَيُعَشِّيهِ» وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبْعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ»، وَكَانَ حَدَّثَنَا بِهِ مُخْتَصَرًا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي ذَكَرْتُ. 1630 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ». 1631 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَالْأَكْلَةُ وَالْأَكْلَتَانِ، وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا، وَلَا يَفْطِنُونَ بِهِ. === قلت: بل المذكور سابقًا على وجه التمثيل، وهذا على وجه التحديد، والله تعالى أعلم. قوله: "شبع يوم وليلة" بكسر الشين وسكون الباء الموحدة: اسم ما يشبع وبفتح الباء. 1630 - قوله: "فجزأها" بتشديد الزاي: قسمها. 1631 - و "الأكلة" بضم الهمزة اللقمة.

فَيُعْطُونَهُ». 1632 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو كَامِلٍ الْمَعْنَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِثْلَهُ، قَالَ: «وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الْمُتَعَفِّفُ»، زَادَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ: «لَيْسَ لَهُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ، الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يُعْلَمُ بِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَذَاكَ الْمَحْرُومُ»، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ: «الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَجَعَلَا الْمَحْرُومَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ أَصَحُّ. 1633 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ: أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ، فَسَأَلَاهُ مِنْهَا، فَرَفَعَ فِينَا الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ». === 1633 - قوله: "خلدين" أي قويين، ولاحظ فيها الضمير للصدقة على تقدير المضاف أي في سؤالها، أو المصدر السؤال أي في المسألة، و "مكتسب" أي قادر على الكسب، والمراد أنه لا يحمل لهما السؤال لا أنه لو أدى أحد إليهما لم يحل لهما أخذه أو لم يجزء عنه، وإلا لم يصح له أن يؤدي إليهما بمشيئتهما كما يدل عليه، وقوله: "إن شئتما أعطيتكما".

باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني

1634 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْأَنْبَارِيُّ الْخُتُّلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ رَيْحَانَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ»، وَالْأَحَادِيثُ الْأُخَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهَا: «لِذِي مِرَّةٍ قَوِيٍّ، وَبَعْضُهَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ زُهَيْرٍ: أَنَّهُ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِقَوِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ». بَابُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ 1635 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ كَانَ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتُصُدِّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ، فَأَهْدَاهَا الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ. === 1634 - قوله: "مرة" بكسر الميم وتشديد الراء أي قوة، و "سوى" أي صحيح الأعضاء. بَابُ مَنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ 1635 - قوله: "أو لغارم" أي لذي دين أو ضمان، ولم يذكر ابن السبيل؛ لأنه لا يأخذه إلا حال الحاجة فهو بالنظر إلى تلك الحاجة فقير. وإن كان غنيًّا في

باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟

1636 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ: وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثَّبْتُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ الْبَارِقِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ ابْنِ السَّبِيلِ، أَوْ جَارٍ فَقِيرٍ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ، فَيُهْدِي لَكَ أَوْ يَدْعُوكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ فِرَاسٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. بَابُ كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الزَّكَاةِ؟ 1638 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، أَخْبَرَهُ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنْ إِبِلِ === بلده. بَابُ كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الزَّكَاةِ؟ 1638 - قوله: "وداه" من الدية أي أعطاه دية قتيلة، قال الخطابي: يشبه أن يكون أعطاه ذلك من سهام الغارمين على معنى الحمالة في إصلاح ذات البين؛ إذ

باب ما تجوز فيه المسألة

الصَّدَقَةِ - يَعْنِي - دِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ». 1639 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عُقْبَةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا». بَابُ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ 1640 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي كِنَانَةُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: تَحَمَّلْتُ === كان شجر بين الأنصار وأهل خيبر في دم القتيل الذي وجده بخيبر من الأنصار، وإلا فلا مصرف لمال الصدقات في الديات (¬1). 1639 - قوله: "كدوح" بضمتين أي آثار القشر، وقوله: "أبقى" أي الكدوح بالسؤال، وقوله: "ترك" أي السؤال وهذا ليس بتخيير بل هو توبيخ مثل قوله تعالى: {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (¬2) وقوله: "ذا سلطان" قال الخطابي: هو أن يسأله حقه من بيت المال الذي في يده (¬3). بَابُ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ 1640 - قوله: "تحملت حمالة" أي تكفلت مالًا لإصلاح ذات البين، قال ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 65. (¬2) سورة الكهف: آية (29). (¬3) المصدر السابق 2/ 66.

حَمَالَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَقِمْ يَا قَبِيصَةُ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا»، ثُمَّ قَالَ: " يَا قَبِيصَةُ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ " - أَوْ قَالَ: «سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ» - " وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَقُولَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا الْفَاقَةُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ - أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ - ثُمَّ يُمْسِكُ، وَمَا === الخطابي: هي أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال. ويخاف من ذلك الفتن العظيمة فيتوسط الرجل فيما بيهم ويسعى في إصلاح ذات البين، ويضمن لهم ما يترضاهم بذلك حتى يسكن الثائرة (¬1)، وقوله: "إلا لإحدى (¬2) ثلاثة" أي إلا لإحدى أحوال ثلاثة، قوله: "رجل" أي حال رجل، والمراد أنها لا تحل إلا لضرورة ملجئة كهذه الأحوال، والله تعالى أعلم، وقوله "أصابته جائحة" أي آفة فاجتاحت أي استأصلت ماله كالغرق والحرق وفساد الزرع، "قواما" بكسر القاف أي ما يقوم بحاجته الضرورية، و "السداد" بكسر السين: ما يكفي حاجته، والسداد بالكسر: كل شيء سددت به خللًا، و "أو" شك من بعض الرواة، قوله: "حتى يقول" أي أصابته فاقة إلى أن ظهرت ظهورًا بينًا، وليس المراد حقيقة القول بل الظهور، والمقصود بالذات أنه أصابته فاقة بالتحقيق، ¬

_ (¬1) المصدر السابق 2/ 67. (¬2) في السنن المطبوع: "إلا لأحد ثلاثة".

سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْأَلَةِ، يَا قَبِيصَةُ، سُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا. 1641 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَخْضَرِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: «أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ » قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِمَا»، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ » قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا»، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ، »، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ === و"الحجا" بكسر المهملة كساء يفرش على ظهر البعير تحت القتب (¬1). 1641 - قوله: و "قعب" بفتح فسكون هو قدح من خشب، و "القدوم" قيل: بالتخفيف والتشديد، ولا أرينك ليس المراد نهي النفس عن الرؤية بل المراد نهيه عن الحضور هناك، أي لا تحضرني خمسة عشر يومًا، "نكتة" بضم النون وسكون الكاف ومثناة فوقية أثر كالنقطة، وقوله: "فقر مدقع" بدال وعين مهملتين بينهما قاف أي شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء وهو التراب، و"الغرم" ¬

_ (¬1) بهامش المخطوط [العقل، و "سحت" بضم فسكون أو بضمتين؛ حرام وقوله: "حلس" بكسر الحاء المهملة صح]. ويقصد بقوله: العقل، شرح كلمة الحجا.

باب كراهية المسألة

وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا»، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ 1642 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ أَمَّا هُوَ إِلَيَّ فَحَبِيبٌ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةً، أَوْ ثَمَانِيَةً، أَوْ تِسْعَةً، فَقَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ » وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، قُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتُصَلُّوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَتَسْمَعُوا وَتُطِيعُوا»، وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً، قَالَ: «وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا»، قَالَ: فَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُهُ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَدِيثُ هِشَامٍ لَمْ يَرْوِهِ === بضم الغين المعجمة، و "المفظع" بظاء معجمة أي فظيع شنيع، و "دم موجع" هو أن يتحمل دية فسعى فيها حتى يؤديها إلى أولياء المقتول، فإن لم يؤدها قتل

باب في الاستعفاف

إِلَّا سَعِيدٌ». 1643 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ ثَوْبَانَ - قَالَ: وَكَانَ ثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَكْفُلُ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا، وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ؟ »، فَقَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا، فَكَانَ لَا يَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا. بَابٌ فِي الِاسْتِعْفَافِ 1644 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى إِذَا نَفَدَ عِنْدَهُ، قَالَ: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ، فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ === المتحمل عنه فيوجعه قتله. بَابٌ فِي الِاسْتِعْفَافِ 1644 - قوله: "حتى إذا نفد" بكسر الفاء وإهمال الدال أي فرغ، وقوله: "ما يكون" ما موصولة لا شرطية، وإلا لوجب يكن بحذف الواو وألفا، قوله: "فلن أدخره عنكم" لتضمن المبتدأ معنى الشرط أي لن أحبسه عنكم ولا أتفرد به دونكم، وقوله: "ومن يستعفف يعفه الله"، من شرطية في المواضع الثلاثة والفعلان مجزومان أي من يطلب العفاف، وهو ترك السؤال يعطه الله العفاف، ومن يطلب الغنا من الله يعطه، وقيل: ومن يطلب من نفسه العفة عن السؤال،

يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ». 1645 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ أَبُو مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ، لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ، بِالْغِنَى، إِمَّا بِمَوْتٍ عَاجِلٍ، أَوْ غِنًى عَاجِلٍ». 1646 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ مَخْشِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْفِرَاسِيِّ، أَنَّ === ولم يظهر الاستغناء (¬1) يصيره الله غنيًّا، ومن ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى وهو إظهار الاستغناء عن الخلق يملأ الله قلبه غنى، لكن إن أعطي شيئًا لم يرده، وقوله: "ومن يتصبر" أي يتكلف في تحمل مشاق الصبر، وفي التعبير بباب التكلف إشاره إلى أن ملكة الصبر تحتاج في الحصول إلى الاعتياد وتحمل المشاق من الإنسان، وقوله: "يصبره الله" من التصبر، أي جعله صابرا. 1645 - قوله: "فأنزلها بالناس" أي طلب منهم قضاء فاقته. 1646 - قوله: "أسأل" أي المال عن غير الله المتعال وإلا فلا منع للسؤال عن الله، بل هو مطلوب، وقوله: "فاسأل الصالحين" أي القادرين على قضاء حاجتك أو ¬

_ (¬1) بهامش المخطوط [أي الاستغناء عن الخلق. اهـ].

الْفِرَاسِيَّ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَإِنْ كُنْتَ سَائِلًا لَا بُدَّ، فَاسْأَلِ الصَّالِحِينَ». 1647 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ، أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ وَأَجْرِي عَلَى اللَّهِ، قَالَ: خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَهُ، فَكُلْ وَتَصَدَّقْ». 1648 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ، وَالتَّعَفُّفَ مِنْهَا، وَالْمَسْأَلَةَ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَالْيَدُ === أخيار الناس لا يحرمون السائلين. 1647 - قوله: "أمر لي بعُمالة" بضم عين مهملة رزق عامل، وقوله "فعملني" من التعميل وهو تولية العمل، يقال: عملت فلانًا على البصرة، والمراد هاهنا أعطى العمالة؛ لأنه مسبب عن التعميل. 1648 - قوله: "المنفقة" أي المعطية قيل عليه كثيرًا ما يكون السائل خيرًا من المعطي، فكيف يستقيم هذا التفسير وليس بشيء؛ إذ الترجيح من جهة الإعطاء

الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اخْتُلِفَ عَلَى أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَةُ، وَقَالَ: أَكْثَرُهُمْ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، الْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ، وَقَالَ وَاحِدٌ عَنْ حَمَّادٍ: الْمُتَعَفِّفَةُ. 1649 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الزَّعْرَاءِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْأَيْدِي ثَلَاثَةٌ: فَيَدُ اللَّهِ الْعُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الْفَضْلَ، وَلَا تَعْجِزْ عَنْ نَفْسِكَ. === والسؤال إلا من جميع الوجوه، والمطلوب الترغيب في التصدق والتزهيد في السؤال. قوله: "المتعففة" رجحه الخطابي بأنه أشبه بمورد الحديث الذي ذكره ابن عمر بقوله: "وهو يذكر الصدقة والتعفف" (¬1)، وقال وقد وهم من قال أن يد المعطي مستعلية فوق يد الآخذ يجعلونه من علو الشيء فوق الشيء وليس ذلك عندي بالوجه، وإنما هو من علا المجد والكرم يريد الترفع عن المسألة والتعفف عنها، قلت: مدح المنفقة مناسب لمورد الحديث أيضًا، ففيه حث على الصدقة، وقد قال ابن عمر يذكر الصدقة، أي يحث عليها، والله تعالى أعلم. 1649 - قوله: "فأعط الفضل" أي الفاضل عن نفقة نفسك وعيالك ولا تعجز عن نفسك، أي عن ردها إذا منعتك عن الإعطاء، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 70.

باب الصدقة على بني هاشم

بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ 1650 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي فَإِنَّكَ تُصِيبُ مِنْهَا، قَالَ: حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ، فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ». 1651 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمُرُّ بِالتَّمْرَةِ الْعَائِرَةِ، فَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِهَا، إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً». 1652 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ تَمْرَةً، فَقَالَ: «لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتُهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ هَكَذَا. === بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ 1650 - قوله: "فإنك تصيب منها" أي تنال منها شيئًا بالعمل والمشاركة فيه، "مولى القوم" أي معتقهم بالفتح. 1651 - قوله: "العائرة" أي الساقطة التي لا يعرف لها مالك، من عار الفرس يعير إذا أطلق من مربطه مارًّا على وجهه.

باب الفقير يهدي للغني من الصدقة

1653 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَعَثَنِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبِلٍ، أَعْطَاهَا إِيَّاهُ مِنَ الصَّدَقَةِ». 1654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ زَادَ أَبِي: «يُبَدِّلُهَا لَهُ» بَابُ الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنَ الصَّدَقَةِ 1655 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، === 1653 - قوله: "أعطاها إياه" أي أعطى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الإبل عباسًا يحتمل أنه ما أعطاه تمليكًا، بل أعطاه ليفرقه في بعض مصارف الصدقة، فأراد عباس أن يفرق الجياد مثلًا أو أنه يحمل حمالة فأعطاه لقضاء الحمالة منها، وقال الخطابي لا شك في حرمة الصدقة على العباس، فلا أدري لهذا وجهًا، فإن ثبت يحمل على أنه أعطاه قضاء عن سلف كان تسلفه منه لأهل الصدقة فقد جاء بعض ذلك، فلعل الراوي اختصر وترك السبب (¬1)، وقال البيهقي: يحتمل أن يكون الأمر كما قال الخطابي، ويحتمل أن يكون قبل تحريم الصدقة على بني هاشم، ثم نسخ الإباحة وحرمت الصدقة. بَابُ الْفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنَ الصَّدَقَةِ 1655 - قوله: "لها صدقة" الصدقة: ما يقصد به التقرب إلى الله تعالى، ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 72.

باب من تصدق بصدقة ثم ورثها

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَحْمٍ، قَالَ: «مَا هَذَا؟ »، قَالُوا: شَيْءٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ». بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا 1656 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ، قَالَ: «قَدْ وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ». بَابٌ فِي حُقُوقِ الْمَالِ 1657 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، === والثواب، والهدية: ما يقصد به التودد والتقرب إلى المعطي، وذاك من حيث مما أمر الله به يكون طاعة له فيستحق به الأجر أيضًا إذا كان في محله، وفي الحديث دلالة على أن مدار الحل والحرمة هو الأسباب لا الأموال. بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا 1656 - قوله: "بوليدة" هي الجارية الحديثة السن، قد وجب أي لزم وابن من الزوال، وذلك بمقتضى الوعد، وإلا فلا يجب على الله تعالى شيء، وقوله: "في الميراث" أي بسبب ليس في اختيارك حتى يخاف منه نقص في أجرك بخلاف نحو البيع فلذلك منع منه عمر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي حُقُوقِ الْمَالِ 1657 - قوله: "نعد الماعون" الذي ورد الذم بمنعه في قوله تعالى:

عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كُنَّا نَعُدُّ الْمَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوَرَ الدَّلْوِ وَالْقِدْرِ». 1658 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ، لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ، إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَتُكْوَى بِهَا جَبْهَتُهُ وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَؤُهُ === {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (¬1) وقوله: "عارية الدلو" أي عارية ما لا يمنع عادة. 1658 - قوله: "لا يؤدي حقه" صفة كاشفة للكنز أو صاحبه، وقوله: "يحمل عليها" الضمير راجع إلى الكنز لكونه عبارة عن الدراهم والدنانير، وقوله: "أوفر ما كانت" أي أكثر ما كانت في الدنيا أو أسمن ما كانت، "فيبطح لها" أي يلقى على وجهه، و "القاع" المكان الواسع، و "القرقر" بفتح القافين المكان المستوي، و "تنطحه" بكسر الطاء ويجوز فتحها، والأول هو المشهور رواية، "العفصاء" هي الملتوية القرن، "الجلحاء" هي التي لا قرن لها. قوله: "من حقها" أي المندوب، والله تعالى أعلم، "يوم وردها" بالكسر الماء الذي نرد عليه. ¬

_ (¬1) سورة الماعون: آية (7).

بِأَظْلَافِهَا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ، كُلَّمَا مَضَتْ أُخْرَاهَا، رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ، فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، فَتَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا، كُلَّمَا مَضَتْ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، رُدَّتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ عِبَادِهِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ». 1659 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، قَالَ: فِي قِصَّةِ الْإِبِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ «لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا» قَالَ: «وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا». 1660 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الْغُدَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، فَقَالَ لَهُ: يَعْنِي لِأَبِي هُرَيْرَةَ، فَمَا حَقُّ الْإِبِلِ؟ === 1660 - قوله: "تعطى" أي في الزكاة أو في سبيل الله "الكريمة" أي النفيسة، و "تمنح" أي تمنح ليشرب لبنها ما دام فيها، "الغريزة" بتقديم المعجمة على المهملة أي الكثيرة اللبن، و "تفقر" بضم أوله أي تعيره للركوب، و "تطرق" من أطرق إذا أعار للضراب أي تعيره ولا تأخذ عليه أجرًا، والظاهر أن هذه الحقوق كلها

قَالَ: تُعْطِي الْكَرِيمَةَ، وَتَمْنَحُ الْغَزِيرَةَ، وَتُفْقِرُ الظَّهْرَ، وَتُطْرِقُ الْفَحْلَ، وَتَسْقِي اللَّبَنَ. 1661 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَقُّ الْإِبِلِ؟ فَذَكَرَ نَحْوَهُ زَادَ «وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا». 1662 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ جَادِّ عَشْرَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ، بِقِنْوٍ يُعَلَّقُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَسَاكِينِ». 1663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ === مندوبة، والله تعالى أعلم. 1662 - قوله: "أمر من كل جاد" من جد بتشديد الدال إذا قطع ومن زائدة، وقيل: المراد قدر من النخل يجد منه عشرة أوسق فهو فاعل بمعنى مفعول، و "القنو" بكسر القاف العذق بما عليه من الرطب، و "البسر"، قال الخطابي: هذا من المعروف دون الفرض (¬1). 1663 - قوله: "فجعل يصرفها" إلخ أي متعرضًا لشيء يدفع به حاجته، ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 75.

باب حق السائل

مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يُصَرِّفُهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ». 1664 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]، قَالَ: كَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا أُفَرِّجُ عَنْكُمْ، فَانْطَلَقَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهُ كَبُرَ عَلَى أَصْحَابِكَ هَذِهِ الْآيَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ الزَّكَاةَ، إِلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ، وَإِنَّمَا فَرَضَ الْمَوَارِيثَ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَكُمْ»، فَكَبَّرَ عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ». بَابُ حَقِّ السَّائِلِ 1665 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ === والأقرب بأن الناقة أعجزها السير، فأراد أن يرى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك فيعطيه غيرها، وقوله: "فليعد به" من العود أي فليقبل به وليحسن به على من لا ظهر له. بَابُ حَقِّ السَّائِلِ 1665 - قوله: "للسائل حق وإن جاء على فرس" حكم بعض بوضع هذا

مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلسَّائِلِ حَقٌّ، وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ». 1666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ شَيْخٍ - قَالَ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ عِنْدَهُ - عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. === الحديث (¬1) ورد بأن الطريق الأولى حسنة؛ فإن مصعبا وثقه ابن معين وغيره، وقال فيه أبو حاتم: صالح ولا يحتج به، وتوثيق الأولين أولى بالاعتماد، ويعلى قال فيه أبو حاتم: مجهول ووثقه ابن حبان فعنده زيادة علم على من لم يعلم حاله، وسماع حسين من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أثبته بعض ونفاه آخرون، وعلى الثاني هو مرسل صحابي وهو مقبول عند الجمهور، والطريق الثانية تبين أن الواسطة علي وشيخ زهير، وإن كان مجهولًا في الطريق الثانية، لكن الظاهر أنه يعلى المتقدم؛ فالحديث حسن لا يجوز نسبته إلى الوضع. قيل: معناه الأمر بحسن الظن بالسائل إذا تعرض، وأن لا يجيبه بالتكذيب والرد مع إمكان الصدق في أمره، يقول: لا تخيب السائل إذا سألك، وإن رابك منظره فقد يكون له فرس يركبه ووراء ذلك دين يجوز له معه أخذ الصدقة، وقد يكون من أصحاب سهم السبيل فيباح له أخذها مع الغني، وقد يكون صاحب الحمالة وغرامة. اهـ. ¬

_ (¬1) ذكر الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد ضعفه وفصل القول فيه، وضعفه من طرق عن الحسين بن علي، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وأنس، والحصر ماس بن زياد وأبي هريرة. انظر: 3/ 558 - 562 (1378).

باب الصدقة على أهل الذمة

1667 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ بُجَيْدٍ، وَكَانَتْ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، الْمِسْكِينَ لَيَقُومُ عَلَى بَابِي، فَمَا أَجِدُ لَهُ شَيْئًا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ لَمْ تَجِدِي لَهُ شَيْئًا تُعْطِينَهُ إِيَّاهُ إِلَّا ظِلْفًا مُحْرَقًا، فَادْفَعِيهِ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ». بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ 1668 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي رَاغِبَةً فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَهِيَ رَاغِمَةٌ مُشْرِكَةٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ، === 1667 - قوله: "إِلا ظلفًا" بكسر الظاء المعجمة وإسكان اللام وبالفاء هو للبقر والغنم، كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير وقيد بالإحراق؛ لأنه مظنة الانتفاع به بخلاف غيره، والظاهر أن هذا مبالغة في المنع عن رده محرومًا، وقوله: "محرقًا" تتميم لتلك المبالغة، أي لا ترديه محرومًا بلا شيء مهما أمكن حتى إن وجدت شيئًا حقيرًا مثل الظلف المحرق أعطيه إياه، وتوهم أن الظلف المحرق له قيمة عندهم بعيد، أشار إليه الطيبي. بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ 1668 - قوله: "راغبة" أي طالبة بري وصلتي، وقولها: "في عهد قريش" أي في صلح الحديبية متعلق بقدمت، ومعنى: "راغمة": كارهة للإسلام ساخطة

باب ما لا يجوز منعه

وَهِيَ رَاغِمَةٌ مُشْرِكَةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَصِلِي أُمَّكِ». بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ 1669 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ مَنْظُورٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: بُهَيْسَةُ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَمِيصِهِ، فَجَعَلَ يُقَبِّلُ وَيَلْتَزِمُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: «الْمَاءُ»، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: «الْمِلْحُ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ: «أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ». بَابُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ 1670 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا === عليّ، وقوله: "أفأصلها" من الوصل. بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ 1669 - قوله: "إن تفعل الخير خير لك" من قبيل {وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} (¬1) يريد أن الإعطاء مطلقا خير مطلوب، سواء كان إعطاء ما لا يحل منعه فكل ما تقدر عليه فافعل ولا تتقيد بما لا يحل منعه فقط. بَابُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَسَاجِدِ 1670 - قوله: "دخلت المسجد فإِذا أنا بسائل" إلخ قال السيوطي: فيه ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (184).

باب كراهية المسألة بوجه الله تعالى

مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ »، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ، فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ فِي يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى 1671 - حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقِلَّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ التَّمِيمِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، === استحباب الصدقة على من سأل في المسجد، ذكره النووي في شرح المهذب وغلط من أفتى بخلافه ورددت عليه في مؤلف. قلت: قد يؤخذ كراهته من حديث: "من نشد ضالة في المسجد" (¬1)؛ ففيه "أن المساجد لم تبن لهذا" والأقرب حل الإعطاء وكراهة السؤال إلا إذا أفضى الإعطاء إلى إيذاء المصلين بازدحام الفقراء وغيره، فينبغي الحكم بكراهته، والله تعالى أعلم. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى 1671 - قوله: "لا يسأل بوجه الله إلا الجنة"؛ إذ كل شيء حقير دون عظمته تعالى، والتوسل بالعظيم في الحقير تحقير له، نعم الجنة أعظم مطلب ¬

_ (¬1) رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، بلفظ: "من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك؛ فإن المساجد لم تبن لهذا" عن أبي هريرة (568/ 79).

باب عطية من سأل بالله

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ، إِلَّا الْجَنَّةُ». بَابُ عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ 1672 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ». بَابُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ 1673 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ === فصار التوسل به تعالى فيها مناسب، والله تعالى أعلم. بَابُ عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ 1672 - قوله: "فكافئوه" بهمزة في آخره، أي افعلوا به ما يساوي فعله، وردوا عليه بمثل عطيته. بَابُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ بفتح ياء يخرج أي يعطى ماله كله فيبقى خارجًا عنه، وحاصل ما ذكره أنه ممنوع إلا لمثل أبي بكر في الصبر والتوكل. 1673 - قوله: "من معدن" بكسر الدال وما في "ما أملك" نافية "من قيل

الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ هَذِهِ مِنْ مَعْدِنٍ، فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ، مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْسَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَذَفَهُ بِهَا، فَلَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ، أَوْ لَعَقَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى. 1674 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، === ركنه" شقه، وقوله: "فحذفه" بحاء مهملة وذال معجمة، أي رماه بما يملك أي بكل ما يملك "يستكف" بكسر الكاف وتشديد الفاء مضارع استكف، أي يتعرض للصدقة ويمد كفه إليها أو يسأل كفًّا من الطعام أو يكف الجواع، وقوله: "عن ظهر غنى" أي ما يبقى خلفها غنى لصاحبه قلبيّ كما كان للصديق رضي الله تعالى عنه أو قالبيّ فيصير الغنى للصدقة كالظهر للإنسان وراء الإنسان، فإضافة الظهر إلى الغنى بيانية؛ لبيان أن الصدقة إذا كانت بحيث يبقى لصاحبها الغنى بعدها إما لقوة قلبه أو لوجود شيء بعدها يستغني به عما تصدق فهو أحسن، وإن كانت بحيث يحتاج صاحبها بعدها إلى ما أعطى ويضطر إليه فلا ينبغي لصاحبها التصدق به، والله تعالى أعلم.

باب [في] الرخصة في ذلك

بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ: «خُذْ عَنَّا مَالَكَ لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ». 1675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرَحُوا ثِيَابًا فَطَرَحُوا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ ثُمَّ حَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَاءَ، فَطَرَحَ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ، فَصَاحَ بِهِ، وَقَالَ: «خُذْ ثَوْبَكَ». 1676 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَيْرَ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 1677 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «جُهْدُ الْمُقِلِّ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». === 1676 - قوله: "ما ترك" أي ما أبقى لصاحبه غنى "وابدأ بمن تعول" أي قدم إعطاء من عليك مؤنته فما بقي منهم فهو للصدقة على الغير. بَابٌ [فِي] الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 1677 - قوله: "جهد المقل" بضم الجيم، أي قدر ما يحتمله حال من قل ماله المال.

باب في فضل سقي الماء

1678 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ »، قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ » قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أُسَابِقُكَ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا. بَابٌ فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ 1679 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ سَعْدًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْجَبُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «الْمَاءُ». === 1678 - قوله: "إن سبقته يومًا" أي قدر لي سبق عليه فذاك يتحقق عليه اليوم. بَابٌ فِي فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ 1679 - قوله: "قال: الماء" إما لعزته في المدينة في تلك الأيام أو لأنه أحوج الأشياء عادة إذ يمكن الصبر على الجوع ولا يمكن الصبر على العطش.

1680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 1681 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ مَاتَتْ، فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ ، قَالَ: «الْمَاءُ»، قَالَ: فَحَفَرَ بِئْرًا، وَقَالَ: هَذِهِ لِأُمِّ سَعْدٍ. 1682 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِشْكَابَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ - الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِي بَنِي دَالَانَ - عَنْ نُبَيْحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِمًا ثَوْبًا عَلَى عُرْيٍ، كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَطْعَمَ مُسْلِمًا عَلَى جُوعٍ، أَطْعَمَهُ اللَّهُ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ سَقَى مُسْلِمًا عَلَى ظَمَإٍ، سَقَاهُ اللَّهُ مِنَ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ». === 1681 - قوله: "عن رجل عن سعد" قيل: لعل المبهم سعيد بن المسيب (¬1). 1682 - قوله: "من خضر الجنة" بضم فسكون جمع أخضر أي من ثيابها الخضر، و "الرحيق" الخمر الخالص الذي لا غش فيه، و "المختوم" الذي وضع عليه الختم كي لا تصل إليه يد أحدٍ غير أصحابه، وهي عبارة عن نفاستها. ¬

_ (¬1) سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء، الكبار، من كبار التابعين، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل علمًا منه، مات بعد التسعين، وقد ناهز الثمانين. التقريب 1/ 305، 306.

باب في المنيحة

بَابٌ فِي الْمَنِيحَةِ 1683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى - وَهَذَا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ وَهُوَ أَتَمُّ - عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعُونَ خَصْلَةً أَعْلَاهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ، مَا يَعْمَلُ رَجُلٌ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ مُسَدَّدٍ، قَالَ حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ مِنْ رَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوَهُ، فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَةَ عَشَرَ خَصْلَةً. بَابُ أَجْرِ الْخَازِنِ 1684 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، === بَابٌ فِي الْمَنِيحَةِ 1683 - قوله: "منيحة العنز" بفتح عين وسكون نون، الأنثى من المعز وهي عطية شاة ينتفع بلبنها ويعيدها. بَابُ أَجْرِ الْخَازِنِ 1684 - قوله: "الذي يعطي ما أمر به" أي لا يعطي ما يريد ويشتهي "وفرًا" (¬1) بفتح الفاء من التوفير أي تامًّا فهو تأكيد كاملًا، وقوله: "طيبة به ¬

_ (¬1) كذا بالمخطوطة وفي السنن المطبوعة [موفرًا].

باب المرأة تتصدق من بيت زوجها

قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْخَازِنَ الْأَمِينَ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا، طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، حَتَّى يَدْفَعَهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ». بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا 1685 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُ مَا === نفسه" أن يكون راضيا بذلك، قال ذلك؛ إذ كثيرًا ما لا يرضى الإنسان بخروج شيء من يده وإن كان ملكًا لغيره، والمنصوبات أحوال من ما أمر به، وقوله: "حتى يدفعه" مترتب على الأمانة أي فسبب أمانته يصرفه في محله أو هو غاية لطيب نفسه به، أي طابت به من حين أمر إلى أن دفع في محله، وقوله: "أحد المتصدقين" أي شارك صاحب المال في الصدقة فيصيران متصدقين، ويكون هو أحدهما، و "الخازن" مبتدأ خبره أحد المتصدقين. بَابُ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا 1685 - قوله: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها" محمول على ما إذا علمت رضاه بإذن صريح أو بإذن مفهوم من اطراد العرف، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، إذا علمت أن نفس الزوج كنفوس غالب الناس في السماحة، إن شكت في رضاه فلا بد من صريح الإذن، وأما إعطاء الكثير فلا بد

أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُ مَا اكْتَسَبَ، وَلِخَازِنِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ». 1686 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمِصْرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: " لَمَّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءُ، قَامَتِ امْرَأَةٌ جَلِيلَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ مُضَرَ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّا كَلٌّ عَلَى آبَائِنَا، وَأَبْنَائِنَا - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأُرَى فِيهِ: وَأَزْوَاجِنَا - فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ فَقَالَ: «الرَّطْبُ تَأْكُلْنَهُ وَتُهْدِينَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الرَّطْبُ: الْخُبْزُ وَالْبَقْلُ وَالرُّطَبُ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ، وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ. 1687 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === فيه من صريح الإذن أيضًا، وقوله: "غير مفسدة" أي ليس من قصدها إفساد بيت الزوج ولا تعطي شيئًا يفضي إلى ذلك ودخل فيه إعطاء الكثير الغير معتاد، و "الخازن" هو الذي يكون بيده حفظ الطعام ونحوه. 1686 - قوله: "جليلة" أي جسيمة، و "كلٌّ" بفتح الكاف وتشديد اللام أي عيال، و "الرطب" بفتح الراء وسكون الطاء ضد اليابس؛ لأنه يسرع إليه الفساد إذا ترك؛ فالتصرف فيه أهون على احتراز عن الضياع بخلاف اليابس. 1687 - قوله: "من غير أمره" أي الصريح، وأما الإذن المفهوم دلالة فلا بد

باب في صلة الرحم

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ». 1688 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؟ قَالَ: «لَا، إِلَّا مِنْ قُوتِهَا، وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامٍ». بَابٌ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ 1689 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا، فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِي بِأَرِيحَاءَ لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ»، فَقَسَمَهَا بَيْنَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنِ الْأَنْصَارِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ === منه، إلا تكن عاصية في الإعطاء، والله تعالى أعلم. 1688 - قوله: "من قوتها" أي ما أعطاها الزوج لتأكل. بَابٌ فِي صِلَةِ الرَّحِمِ 1689 - قوله: "بأريحاء" بفتح موحدة ثم ألف ثم راء مكسورة ثم ياء ثم حاء مهملة ممدودة، وفيه وجوه أخر اسم موضع بالمدينة، والله تعالى أعلم.

سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، يَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ وَهُوَ الْأَبُ الثَّالِثُ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرٌو يَجْمَعُ حَسَّانَ، وَأَبَا طَلْحَةَ، وَأُبَيًّا، قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: بَيْنَ أُبَيٍّ وَأَبِي طَلْحَةَ سِتَّةُ آبَاءٍ. 1690 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «آجَرَكِ اللَّهُ، أَمَا إِنَّكِ لَوْ كُنْتِ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ». 1691 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ»، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ»، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ» - أَوْ قَالَ: «زَوْجِكَ» -، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ»، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». === 1690 - قوله: "آجرك الله" أي أعطاك جزاء عملك وهو بمد الهمزة وقصرها والقصر أكثر، وقد يستأنس به في جواز نحو: تقبل الله منك بعد فراغ العامل من عمله، كما عليه العادة اليوم في الحرمين.

1692 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْخَيْوَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ». 1693 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٌ، وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». 1694 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا === 1692 - قوله: "من يقوت" من قاته أي أعطاه قوته، ويمكن أن يجعل من التفعيل، وهو الموافق لرواية "من بقيت" من أقات أي من تلزمه نفقته من أهله وعياله وعبيده. 1693 - قوله: "ويُنسأ" على بناء المفعول مهموز الآخر من نسأته وأنسأته، أي أخرته أي يؤخر في أجله إما بتطويل حياته أو بإحياء ذكره بعده. 1694 - قوله: "وهي الرحم" أي وهذه القرابة الواجبة صلتها هي الرحم وتعيين المرجع بدلالة المقام أو بآخر الكلام، والحديث يقتضي مراعاة الاتفاق في الأسماء، وأن ذلك نوع من الإخاء، وفي المثل: اتفاق الكنى إخاء، فإن الله تعالى راعى للرحم اتفاق اسمها مع اسمه تعالى في وجه انتظام الحروف الأصلية؛ إذ النون زائدة، وقوله: "فمن وصلها" أي من راعى حقوقها وفيت

اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ. 1695 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ الرَّدَّادَ اللَّيْثِيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. 1696 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ». 1697 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - قَالَ: سُفْيَانُ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُلَيْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَفَعَهُ فِطْرٌ، وَالْحَسَنُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ هُوَ الَّذِي === وفيت ثوابه، ومن قصر في حقوقها "بتَّته" أي قطعته عن الرحمة مع السابقين أو عن ثواب وصل الحقوق، والله تعالى أعلم. قيل: وفي الحديث دلالة على صحة القول بالاشتقاق في الكلمات، وعلى أن اسم الرحمة عربي لا عبراني. 1696 - قوله: "لا يدخل الجنة قاطع" أي قاطع رحم، ولعل المراد: لا يستحق الدخول مع من دخل أولًا أو المراد: من يستحل القطع، والله تعالى أعلم. 1697 - قوله: "بالمكافئ" بالهمزة أي الذي يحسن في مقابلة الإحسان، والمعنى أن المكافأة وصل ناقص بحيث لا يعد صاحبه وأصلًا، وإنما الذي يعد

باب في الشح

إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا». بَابٌ فِي الشُّحِّ 1698 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا». 1699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي شَيْءٌ === واصلًا من وصل حين القطع. بَابٌ فِي الشُّحِّ 1698 - قوله: "إياكم والشح" قال الخطابي: هو أبلغ في المنع من البخل وهو بمنزلة الجنس يشمل تمام أنواع المنع والبخل كالنوع منه، يقال في أفراد الأمور: وضمير أمرهم للشح (¬1)، وقوله: "بالفجور" أي لتحصيل الأموال، قال الخطابي: أريد بالفجور هاهنا الكذب (¬2). 1699 - قوله: "ما أدخل على الزبير" قيل: ما أعطاني قوتًا لي، وقيل: بل ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 83. (¬2) معالم السنن 2/ 84.

إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ بَيْتَهُ، أَفَأُعْطِي مِنْهُ؟ قَالَ: «أَعْطِي، وَلَا تُوكِي، فَيُوكَى عَلَيْكِ». 1700 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةِ، أَنَّهَا ذَكَرَتْ عِدَّةً مِنْ مَسَاكِينَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ غَيْرُهُ أَوْ عِدَّةً مِنْ صَدَقَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطِي وَلَا تُحْصِي فَيُحْصَى عَلَيْكِ». "آخر كتاب الزكاة" === المراد أعم لكن المراد إعطاء ما علمت بالإذن فيه دلالة، وقوله: "ولا توكي" بضم المثناة من فوق وكسر الكاف صيغة نهي المخاطبة من الإيكاء بمعنى الربط والشد، يقال: أوكيت السقاء إذا شددته بالوكاء، هو الخيط الذي يشد به رأس القربة، وقوله: "فيوكى" على بناء المفعول منه منصوب تقديرًا على جواب النهي بالفاء، والمعنى: لا تدخري ولا تشدي ما عندك فتنقطع، مادة الرزق عنك. 1700 - قوله: "ولا تحصي" قال الكرماني: الإحصاء: العد، قالوا: المراد منه عد الشيء للتبقية والادخار وترك الإنفاق في سبيل الله. قلت: ويحتمل أن يكون المراد ولا تحصي ما تعطي؛ لأنه يقضي إلى الاستكثار والمنع في المآل، ثم قال: وإحصاء الله يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يحبس عنك مادة الرزق ويق لله بقطع البركة حتى يصير كالشيء المعدود، والآخر: أنه يناقشك في الآخرة عليه، وقال النووي: هذا من باب المشاكلة في اللفظ ومعناه: يمنعك كما منعت ويقتر عليك كما قترت (¬1). ¬

_ (¬1) مسلم بشرح النووي 7/ 119.

4 - كتاب اللقطة

كِتَاب اللُّقَطَةِ 1701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَوَجَدْتُ سَوْطًا، فَقَالَا: لِيَ اطْرَحْهُ، فَقُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ إِنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتُ بِهِ، فَحَجَجْتُ، فَمَرَرْتُ عَلَى الْمَدِينَةِ فَسَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا» === كِتَاب اللُّقَطَةِ هو بضم اللام، وفتح القاف أشهر من سكون القاف، قيل: القياس السكون؛ لأن فُعَلة بفتح العين للمبالغة في الفاعل كهمزة لكثير الهمز وبسكونها للمفعول كضحكة الذي يُضحك منه، فالأصل في القاف (¬1) السكون لكن اشتهر الفتح؛ لكون المال داعيًا إلى أخذه فكأنه الآخذ نفسه، وكأنه ذكر اللقطة عقيب الزكاة ليتبين للناظر في أحاديثهما أن مصارف اللقطة ليست هي مصارف الزكاة؛ لأن اللقطة كما سيجيء حلال لأهل البيت بخلاف الزكاة، ففيه رد على من زعم اتحاد مصارفهما، والله تعالى أعلم. 1701 - قوله: "ابن صوحان" (¬2) ضبط بضم الصاد المهملة، قوله: "إن وجدت صاحبه أعطيه"، وقوله: "فقال: عرفها حولًا" من التعريف، وقوله: ¬

_ (¬1) في الأصل [المال] وهو خطأ من الناسخ، وما أثبتناه يتفق مع السياق. (¬2) زيد بن صوحان بن حجر، يكنى أبا عائشة، وقيل: أبا سلمان، وقيل غير ذلك، نزل الكوفة، وسمع عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، وروى عنه أبو وائل شقيق ابن سلمة الأسدي، وقدم المدائن، قتل يوم الجمل، وكانت في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. تاريخ بغداد 8/ 439، 440.

فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا»، فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: === "لم أجد من يعرفها" من المعرفة، وهذا الحديث يدل على أن التعريف ثلاث سنين، وقليل (¬1) من ذهب إليه، وإنما أخذوا بالسنة الواحدة كما في الحديث الآتي لما في هذا الحديث من شك الراوي، ويحتمل أن التعريف في المرة الأولى والثانية لم يقع على وجهه فأمر بالإعادة، وهذا بعيد فإن أبيًّا من فضلاء الصحابة وفقهائهم فلا يظن فيه بمثل (¬2) ذاك، أو لأنه محمول على الاحتياط، والواجب السنة الواحدة، وقوله: "فقال: احفظ عددها ووكاءها" بكسر الواو الذي فيه الدراهم من جلد أو غيره، و "الوكاء" بالكسر هو الخيط الذي يشد به الوعاء، وظاهر الحديث أن يعرف ذلك بعد التعريف وسيجيء التصريح به، وكثير من الروايات يفيد تقديم المعرفة المذكورة على التعريف، أجيب بأن المأمور به المعرفة مرتين: مرة حين يلتقط ليعلم بها صدق واضعها، فإذا عرفها سنة وأراد تملكها عرفها مرة ثانية معرفة وافية؛ ليردها على صاحبها بها إن جاه بعد تملكها أولًا ينسى علامتها بطول الزمان، وقوله: "فإن جاء صاحبها" أي فادفع إليه على الوصف كما جاء في الروايات، وإنما حذف إشارة إلى أنه المتعين، ففي الحذف زيادة تأكيد لإيجاب الدفع عند بيان العلامة، وهو مذهب مالك وأحمد، وعند أبي حنيفة والشافعي يجوز الدفع على الوصف ولا يجب؛ لأن صاحبها مدع فيحتاج في الوجوب إلى البينة لعموم حديث: "البينة على المدعي ... " (¬3)، فيحمل الأمر بالدفع في الحديث على الإباحة جمعًا بين الحديثين، وأشار الحافظ ¬

_ (¬1) في الأصل [قيل] ولا يتفق مع المعنى، وما أثبتناه يناسب السياق. (¬2) في الأصل [بمثله]. (¬3) البخاري في الرهن (2514).

«عَرِّفْهَا حَوْلًا» فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا فَقَالَ: «احْفَظْ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا»، === ابن حجر إلى ترجيح مذهب مالك وأحمد فقال: تخص صورة الملتقط من عموم البينة على المدعي (¬1). ولا حاجة إلى التخصيص. أما أولًا؛ فلأن البينة ما جعله الشارع بينة لا الشهود فقط، وقد جعل الشارع البينة في اللقطة الوصف (¬2)، فإذا وصف فقد أقام البينة فيجب قبولها، وأي دليل يدل على خلاف ذلك، وأما ثانيا؛ فلأن حديث: "البينة على المدعي ... " إنما هو في القضاء ووجوب الدفع أعم من ذلك، فيجب على كل من كان في يده حق لأحد من غير استحقاق أن يدفع إليه إذا علم به؛ وإن كان القاضي لا يقضي عليه بالدفع بلا شهود، فيجب العمل (¬3) بوجوب الدفع لهذا الحديث. وإن قلت: إن القاضي لا يجير عليه بالدفع لحديث البينة، ولا يخفي أن إقامة الشهود على تعيين الدراهم والدنانير متعسر بل متعذرة عادة، فتكليف إقامة الشهود على اللقطة بعيد، بل الشهود دعاة لا تكون إلا بعد استشهاد، واللقطة تسقط على غفلة فلا يتصور فيها الاستشهاد، والله تعالى أعلم، ثم ظاهر قوله: "وإِلا فاستمتع" أنه لا يجوز الاستمتاع للواجد بعد التعريف، بل لا بد أن يترك بعد التعريف عنده إلا أن ييأس من مجيء صاحبها، والحديث الذي بعده يفيد خلافه، ويمكن أن يقال: قوله: "احفظ عددها ووعاءها ووكاءها" تقديره: أي ¬

_ (¬1) فتح الباري 5/ 79. (¬2) في الأصل [لوصف]. (¬3) في الأصل [العول].

وَقَالَ: وَلَا أَدْرِي أَثَلَاثًا قَالَ: «عَرِّفْهَا» أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. 1702 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، بِمَعْنَاهُ قَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلًا» وَقَالَ: ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي، قَالَ لَهُ: «ذَلِكَ فِي سَنَةٍ، أَوْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ». 1703 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ: فِي التَّعْرِيفِ قَالَ: عَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَقَالَ: «اعْرِفْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا، وَوِكَاءَهَا» زَادَ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ يَقُولُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلَّا حَمَّادٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، يَعْنِي «فَعَرَفَ عَدَدَهَا». 1704 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ اللُّقَطَةِ، قَالَ: «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ»، فَقَالَ: === واستمتع. قوله: "وإِلا فاستمتع" أي دُمْ على استمتاعك بها، والله تعالى أعلم. 1704 - قوله: "وعفاصِها" بكسر العين وبالفاء الوعاء، وقوله: "استنفق بها" أي أنفقها على نفسك وتملكها، وقيل: تصدق بها، وقوله: "لك أو لأخيك" أي إن أخذت أو أخذه أحد غيرك، "أو للذئب، إن لم يأخذه أحد فأخذها رحب، وقوله: "احمرت وجنِتاه" بفتح الواو وقد تكسر وتضم وبسكون

يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَضَالَّةُ الْإِبِلِ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، أَوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَقَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا». 1705 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ «سِقَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ» وَلَمْ يَقُلْ: «خُذْهَا فِي ضَالَّةِ الشَّاءِ»، وَقَالَ فِي اللُّقَطَةِ: «عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ «اسْتَنْفِقْ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ رَبِيعَةَ مِثْلَهُ لَمْ يَقُولُوا خُذْهَا. 1706 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ === الجيم ما ارتفع من الخدين، كأنه صلى الله تعالى عليه وسلم كره السؤال عن أخذها مع ظهور عدم الحاجة إليه، ومال الغير لا يباح أخذه إلا للحاجة، قيل: وكان كذلك إلى زمن عمر وظهرت الحاجة إلى حفظها بعد ذلك لكثرة السراق والخائنين، فالأخذ والحفظ بعد ذلك أحوط، "والحذاء" بكسرها وبذال معجمة أي خفافها فتقوى بها على السير وقطع البلاد البعيدة، "والسقاء" بكسر السين أريد به الجوف، أي حيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتى ترد ماء آخر، و "حتى يأتيها" غاية لمحذوف أي فدعها، أو فتأكل وتشرب حتى يأتيها ربها، والله تعالى أعلم.

بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ بَاغِيهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا، وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ كُلْهَا فَإِنْ جَاءَ بَاغِيهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ». 1707 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ رَبِيعَةَ، قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: «تُعَرِّفُهَا حَوْلًا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا دَفَعْتَهَا إِلَيْهِ، وَإِلَّا عَرَفْتَ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ أَفِضْهَا فِي مَالِكَ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ». 1708 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَبِيعَةَ، بِإِسْنَادِ قُتَيْبَةَ وَمَعْنَاهُ وَزَادَ فِيهِ «فَإِنْ جَاءَ بَاغِيهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ». وقَالَ حَمَّادٌ: أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي زَادَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَرَبِيعَةَ، إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

أَيْضًا قَالَ: «عَرِّفْهَا سَنَةً» وَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَرِّفْهَا سَنَةً». 1709 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي الطَّحَّانَ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ الْمَعْنَى، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ، وَلَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ». 1710 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ === 1709 - قوله: "وليشهد" من الإشهاد، قال الخطابي: هو أمر تأديب وإرشاد لخوف تسويل النفس والشيطان وانبعاث الرغبة فيها فتدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة، وربما يموت فيدعيها ورثته (¬1). 1710 - قوله: "غير متخد خبنة" بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة ونون؛ معطف الإزار وطرف الثوب، أي لا يأخذ منه في ثوبه، يقال: أخبن الرجل إذا أخبأ شيئًا في خبئية ثوبه أو سراويله، والمراد أن من أكل من الثمرة المعلقة فلا شيء عليه، وقد جاء الرخصة في الساقط منه، قيل: إنما أبيح أكله للمضطر ورده في المجمع بأنه لو كان للاضطرار لما قيد بما سقط، فإن له أكل ما ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 95.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» وَذَكَرَ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، قَالَ: وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: «مَا كَانَ مِنْهَا فِي طَرِيقِ الْمِيتَاءِ أَوِ الْقَرْيَةِ الْجَامِعَةِ فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَهِيَ لَكَ، وَمَا كَانَ فِي الْخَرَابِ يَعْنِي فَفِيهَا وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ». 1711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ يَعْنِي ابْنَ === وراءه وأيده ببعض ما يفيد ذلك. قلت: فكأن ذلك فيما إذا علم مسامحة صاحب المال كما في بعض البلاد، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال، "غرامة مثلية" كان ذلك حين كانت العقوبة بالأموال ثم نسخ أو هو مجرد تهديد وتشديد على فاعل ذلك ليرتدع عنه ولا يريد به وقوع الفعل كذا قيل، والأول يأباه عطف "والعقوبة" والثاني بعيد، إلا أن يقال: كان الجمع بين المال والعقوبة البدل مشروعًا أول الأمر فيصح الجواب الأول، و "الجرين" بفتح الجيم وكسر الراء موضع تجفيف الثمر وجمعه، و "المجن" بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون الترس، وكان ثمنه يومئذ ربع دينار "والميتاء" مفعال بكسر الميم من الإتيان أي مسلوكة يأتيها الناس، وقوله: "في الخراب" قال الخطابي: يريد العاري الذي لا يعرف مالكه (¬1). ¬

_ (¬1) المصدر السابق 2/ 91.

كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا، قَالَ فِي ضَالَّةِ الشَّاءِ: قَالَ: «فَاجْمَعْهَا». 1712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، بِهَذَا بِإِسْنَادِهِ قَالَ فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ: «لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ، خُذْهَا قَطُّ». وَكَذَا قَالَ فِيهِ أَيُّوبُ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَخُذْهَا». 1713 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، قَالَ فِي ضَالَّةِ الشَّاءِ: «فَاجْمَعْهَا حَتَّى يَأْتِيَهَا بَاغِيهَا». 1714 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، حَدَّثَهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَجَدَ دِينَارًا فَأَتَى بِهِ فَاطِمَةَ فَسَأَلَتْ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هُوَ رِزْقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»، فَأَكَلَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلَ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ فَلَمَّا === 1714 - قوله: "فقال هو رزق الله"، الظاهر أنه كان ذلك بعد التعريف، فيؤخذ منه أن تعريف كل شيء على حسبه؛ لأنه يلزم التعريف سنة في كل شيء، والله تعالى أعلم.

كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَنْشُدُ الدِّينَارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ أَدِّ الدِّينَارَ». 1715 - حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالِ بْنِ يَحْيَى الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّهُ الْتَقَطَ دِينَارًا فَاشْتَرَى بِهِ دَقِيقًا، فَعَرَفَهُ صَاحِبُ الدَّقِيقِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الدِّينَارَ فَأَخَذَهُ عَلِيٌّ وَقَطَعَ مِنْهُ قِيرَاطَيْنِ فَاشْتَرَى بِهِ لَحْمًا». 1716 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمَعِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ يَبْكِيَانِ فَقَالَ: مَا يُبْكِيهِمَا، قَالَتْ: الْجُوعُ فَخَرَج عَلِيٌّ فَوَجَدَ دِينَارًا بِالسُّوقِ فَجَاءَ إِلَى فَاطِمَةَ فَأَخْبَرَهَا فَقَالَتْ: اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَخُذْ لَنَا دَقِيقًا، فَجَاءَ الْيَهُودِيَّ فَاشْتَرَى بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنْتَ خَتَنُ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَخُذْ دِينَارَكَ وَلَكَ الدَّقِيقُ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ حَتَّى جَاءَ بِهِ فَاطِمَةَ فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْجَزَّارِ فَخُذْ لَنَا بِدِرْهَمٍ لَحْمًا، فَذَهَبَ فَرَهَنَ الدِّينَارَ بِدِرْهَمِ لَحْمٍ فَجَاءَ بِهِ فَعَجَنَتْ وَنَصَبَتْ وَخَبَزَتْ، وَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا فَجَاءَهُمْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذْكُرُ لَكَ فَإِنْ رَأَيْتَهُ لَنَا حَلَالًا أَكَلْنَاهُ، وَأَكَلْتَ مَعَنَا مِنْ شَأْنِهِ كَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ: «كُلُوا بِاسْمِ اللَّهِ»، فَأَكَلُوا فَبَيْنَمَا هُمْ مَكَانَهُمْ، إِذَا غُلَامٌ === 1716 - قوله: "نصبت" أي تعبت على العجين، أو نصبت القدر لطبخ

يَنْشُدُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ الدِّينَارَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُعِيَ لَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَقَطَ مِنِّي فِي السُّوقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَلِيُّ اذْهَبْ إِلَى الْجَزَّارِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ، أَرْسِلْ إِلَيَّ بِالدِّينَارِ، وَدِرْهَمُكَ عَلَيَّ " فَأَرْسَلَ بِهِ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ. 1717 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَبْلِ وَأَشْبَاهِهِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي سَلَمَةَ، بِإِسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ شَبَابَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانُوا لَمْ يَذْكُرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1718 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَحْسَبُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ضَالَّةُ الْإِبِلِ الْمَكْتُومَةُ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا». === اللحم، وقوله: "ينشد الله" أي ينشد بالله. 1718 - قوله: "ومثلها معها" أخذ به أحمد، والغالب على النسخ، أو على أنه تشديد لم يرد به وقوع الفعل.

1719 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ». قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي فِي لُقَطَةِ الْحَاجِّ يَتْرُكُهَا حَتَّى يَجِدَهَا صَاحِبُهَا، قَالَ ابْنُ مَوْهَبٍ، عَنْ عَمْرٍو. 1720 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَرِيرٍ بِالْبَوَازِيجِ فَجَاءَ الرَّاعِي بِالْبَقَرِ وَفِيهَا بَقَرَةٌ لَيْسَتْ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: مَا هَذِهِ؟ قَالَ: لَحِقَتْ بِالْبَقَرِ لا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ، فَقَالَ جَرِيرٌ: أَخْرِجُوهَا، فَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلَّا ضَالٌّ». "آخر كتاب اللقطة" * * * === 1720 - قوله: "لا يأوي الضَّالة" أي لا يضمها إلى ماله ولا يخلطها معه. * * *

5 - كتاب المناسك

كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ 1721 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ: «بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ أَبُو سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ، كَذَا قَالَ: عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، جَمِيعًا عَنِ الزُّهْرِيِّ، وقَالَ عُقَيْلٌ، عَنْ سِنَانٍ. 1722 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ 1721 - قوله: "في كل سنة" أي مفروض على كل إنسان مكلف في كل سنة، أو هو مفروض عليه مرَّة واحدة. 1722 - قوله: "هذه أي هذه حجتكن أو حجتكن هذه "ثم ظهور الحصر" أي لزوم البيت فهذا يدل على أنه فرض مرَّة، و "الحصر" بضمتين وتسكن الصاد تخفيف جمع حصير يبسط في البيوت، ولعل المراد به: تطييب أنفسهن بترك الحج بعد أن لم يتيسر أو جواز الترك لهن لا النَّهي عنه، فقد ثبت حجهن بعده صَلَّى الله تعالى عليه وسلم، فروى ابن سعد في الطبقات من حديث أبي هريرة

باب في المرأة تحج بغير محرم

وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصْرِ». بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ 1723 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ، إِلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا». 1724 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالنُّفَيْلِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ الْحَسَنُ: فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ يَوْمًا وَلَيْلَةً». فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَعْنَبِيُّ، وَالنُّفَيْلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ، كَمَا قَالَ الْقَعْنَبِيُّ. === قال: وكن يحججن كلهن إلا سودة وزينب. قالتا: لا تحركنا دابة بعد رسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم (¬1). بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحُجُّ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ 1723 - قوله: "لا يحل لامرأة" أي بلا زوج أو سيد وإلا فلا شك في جواز الخروج مع الزوج، وذو حرمة لا يشمل الزوج، ثم الظاهر أن يؤخذ بالأقل ويحمل الأكثر على عدم اعتبار مفهوم العدد والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الطبقات لابن سعد.

1725 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «بَرِيدًا». 1726 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ، أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعًا، حَدَّثَاهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ سَفَرًا فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا». 1727 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ». 1728 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ «يُرْدِفُ مَوْلَاةً لَهُ يُقَالُ لَهَا صَفِيَّةُ تُسَافِرُ مَعَهُ إِلَى مَكَّةَ». === 1726 - "فصاعدًا"، قال السيوطي: هو منصوب على الحال، قال ابن مالك في شرح التسهيل وغيره: وهو ممَّا حذف عامله وجوبًا؛ أي فارتقى ذلك صاعدًا.

باب لا صرورة في الإسلام

بَابُ لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ 1729 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ الْأَحْمَرَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ». بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ 1730 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ يَعْنِي أَبَا مَسْعُودٍ الرَّازِيَّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيُّ، وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانُوا يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: " كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ أَوْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ === بَابُ لَا صَرُورَةَ فِي الْإِسْلَامِ 1729 - قوله: "لا صرورة في الإسلام" الصرورة بفتح الصاد: الذي انقطع من النكاح على طريق الرهبان أو الذي لا يحج، وهو نفي معناه النَّهي؛ أي ليس لأحد أن يقطع عن النكاح زهدًا فيه وزعمًا منه أن تركه أفضل، وليس لأحد أن يترك الحج مع الاستطاعة، وقيل: أراد من قتل في الحرم قتل منه أن يقول: إنِّي صرورة ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم، وكانوا يفعلون في الجاهلية كذلك. بَابُ التَّزَوُّدِ فِي الْحَجِّ 1730 - قوله: {التَّقْوَى} (¬1) الذي يتقي به صاحبه عن ذل السؤال، وليس ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (197).

باب التجارة في الحج

التَّقْوَى} [البقرة: 197] الْآيَةَ. بَابُ التِّجَارَةِ فِي الْحَجِّ 1731 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [البقرة: 198] أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ قَالَ: «كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ بِمِنًى فَأُمِرُوا بِالتِّجَارَةِ إِذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ». باب 1732 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مِهْرَانَ أَبِي صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ». بَابُ الْكَرِيِّ 1733 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ === من خير الزاد أن يقول: إنِّي متوكل ثم يسأل. [باب] 1732 - قوله: "فليتعجل"، وفي آخره: فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة. بَابُ الْكَرِيِّ بفتح كاف وكسر راء وتشديد ياء بوزن الصَّبي وهو من يكري دابته.

الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا أُكَرِّي فِي هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ نَاسٌ يَقُولُونَ لِي إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَجُلٌ أُكَرِّي فِي هَذَا الْوَجْهِ وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ لِي: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ حَجٌّ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّي وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتُفِيضُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَتَرْمِي الْجِمَارَ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ لَكَ حَجًّا، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ: «لَكَ حَجٌّ». 1734 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ النَّاسَ فِي أَوَّلِ الْحَجِّ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَسُوقِ ذِي الْمَجَازِ وَمَوَاسِمِ الْحَجِّ فَخَافُوا الْبَيْعَ وَهُمْ حُرُمٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ === 1733 - قوله: "رجل أكرى" أي دابتي في هذا الوجه أي في عمل الحج أي وأحج معهم وأكري بضم الهمزة للمتكلم من أكرى، وقوله: "إنه ليس لك حج" وكانوا يزعمون أن الكري لا حج له، وقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬1) أي تطلبوا رزقًا في الحج بالمباشرة بأسبابه، والكري من جملة ذلك. 1734 - قوله: "في أول الحج" أي أول ما شرع الحج أو أول ما جاء للحج قبل ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (198).

باب في الصبي يحج

جُنَاحٌ} [البقرة: 198] أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ ". قَالَ: فَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي الْمُصْحَفِ. 1735 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّاسَ فِي أَوَّلِ مَا كَانَ الْحَجُّ كَانُوا يَبِيعُونَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ إِلَى قَوْلِهِ مَوَاسِمِ الْحَجِّ. بَابٌ فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ 1736 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّوْحَاءِ فَلَقِيَ رَكْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: «مَنِ الْقَوْمُ؟ »، فَقَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: فَمَنْ أَنْتُمْ؟ ، قَالُوا: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَزِعَتِ امْرَأَةٌ === الفراغ منه. بَابٌ فِي الصَّبِيِّ يَحُجُّ 1736 - قوله: "بالروحاء" بفتح الراء ممدود اسم موضع (¬1) و "ركبا" بفتح فسكون جمع راكب قاموا رسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم أي وأصحابه. قوله: "ففزعت امرأة" بكسر الزَّاي أي انتبهت بغتة من غفلتها، يقال: فزع من نومه أي انتبه بغته قال: مثله لا يخلو عن نوع خوف، وقوله: "من محفتها" ¬

_ (¬1) الروحاء: قرية من قرى بغداد على نهر عيسى قرب السندية. ويقال للبقعة: روحاء أي طيبة ذات راحة. معجم البلدان. الحموي 3/ 76. ط بيروت.

باب [في] المواقيت

فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ». بَابٌ [فِي] الْمَوَاقِيتِ 1737 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ وَبَلَغَنِي أَنَّهُ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ». === بكسر الميم وتشديد الفاء مركب من مراكب النساء كالهودج إلَّا أنها لا تقبب كما تقبب الهوادج كذا في الصحاح (¬1)، وقوله: "ولك أجر" قال النووي: معناه بسبب حملها له وتجنيبها إياه ما تجتنبه المحرم وفعل ما يفعله (¬2). بَابٌ [فِي] الْمَوَاقِيتِ 1737 - قوله: "وقت" أي حدد وعين للإحرام، بمعنى أنه لا يجوز التأخير عنه لا بمعنى أنه لا يجوز التقديم عليه كما أشار إليه المصنف بحديث: "من أهل من المسجد الأقصى" (¬3) و"ذا الحليفة" بالتصغير "والجحفة" وبتقديم الجيم المضمومة على الحاء المهملة الساكنة، و "قرن" بفتح فسكون وغلطوا الجوهري في قوله أنه بفتحتين (¬4)، و "يلملم" بفتح المثناة من تحت وفتح اللامين بينهما ميم ساكنة. ¬

_ (¬1) مختار الصحاح مادة "حفف". ص 145. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 100. دار الكتب العلمية. (¬3) سنن أبو داود في الحج (1741). (¬4) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 4/ 54.

1738 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَا: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: أَحَدُهُمَا وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَلَمْلَمَ، قَالَ: فَهُنَّ لَهُمْ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ كَانَ === 1738 - قوله: "فهن لهم" أي لمن قرر من أهل المواقيت "ولمن أتى عليهن" أي لمن مر عليهن وإن لم يكن [من] (¬1) أهل هذه المواقيت؛ بالتقرير السابق، قيل: هذا يقتضي أن الشَّاميَّ إذا مر بذي الحليفة فميقاته ذو الحليفة، وعموم "ولأهل الشام الجحفة" يقتضي أن ميقاته الجحفة فهما عمومان متعارضان. قلت: والتحقيق أنه لا تعارض؛ إذ حاصل العمومين أن الشَّاميَّ المار بذي الحليفة له ميقاتان: ميقات أصلي وميقات بواسطة المرور بذي الحليفة، وقد قرروا أن الميقات (¬2) تحرم مجاوزته بلا إحرام لا ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه، فيجوز أن يقال: لا يصح لذلك (¬3) الشَّاميِّ مجاوزة شيء منهما بلا إحرام، فيجب عليه أن يحرم من أولهما (¬4) ولا يجوز له التأخير إلى آخرهما؛ فإنَّه إذا أحرم في أولهما لم يجاوز شيئًا منهما بلا إحرام، وإذا آخر إلى آخرهما فقد جاوز الأول منهما بلا إحرام وذلك غير جائز له، وعلي هذا فإذا جاوزهما بلا إحرام فقد ارتكب محرمين، بخلاف صاحب الميقات الواحد فإنَّه إذا جاوزه بلا إحرام فقد ارتكب ¬

_ (¬1) [من] زيادة يقتضيها السياق، ليست بالأصل. (¬2) في الأصل [أن الميقات لا تحرم مجاورته بلا إحرام] وهي عبارة فاسدة كما ترى، ويبدو أن الناسخ زاد فيها: [لا]. وقوله: [لا ما لا يجوز.] يقصد لا أنه ما لا يجوز ... إلخ. (¬3) في الأصل [فيجوز أن يقال: ذلك الشَّاميّ] وقد قمنا بإصلاح العبارة بما يناسب المعنى. (¬4) في الأصل [أولها].

يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ طَاوُسٍ: مِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ قَالَ: وَكَذَلِكَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا. 1739 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ بَهْرَامَ الْمَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَافِىُّ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَفْلَحَ يَعْنِي ابْنَ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، === محرمًّا واحدًا، والحاصل أنه لا تعارض في ثبوت ميقاتين لواحد، نعم لو كان معنى الميقات ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه لحصل التعارض فافهم. وبهذا ظهر اندفاع التعارض من حديث ذات عرق والعقيق أيضًا، والله تعالى أعلم. وقوله: "ممن كان" إلخ يفيد بظاهره أن الإحرام على من يريد أحد النسكين لا من يريد مكّة ومر بهذه المواقيت وبه يقول الشافعي، وفيه إشارة إلى أن هذه المواقيت مواقيت للحج والعمرة جميعًا؛ لأنَّ مكّة للحج والتنعيم للعمرة كما عليه الجمهور، واعتمار عائشة من التنعيم لا يعارض هذا، وهذا إيراد لصاحب الصحيح محمد بن إسماعيل البخاري على الجمهور (¬1)، ومن كان دون ذلك أي داخل ما ذكر من المواقيت، قوله: "من حيث أنشا" أي إن شاء سفره؛ يفيد أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الإحرام من أهله، وكذلك ليس لأهل مكّة أنَّ يؤخروه من مكّة، ويشكل عليه قول علمائنا الحنفية؛ حيث جوزوا لمن كان داخل الميقات التأخير إلى آخر الحل، ولأهل مكة إلى آخر الحرم من حيث إنه مخالف للحديث، ومن حيث إن المواقيت ليست ممَّا يثبت بالرأي والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البُخاريّ في العمرة (1785) فتح الباري لابن حجر العسقلاني 3/ 606.

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ». 1740 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ». 1741 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُحَنَّسَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ حُكَيْمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ - أَوْ - وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ». - شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ أَيَّتُهُمَا - قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَرْحَمُ اللَّهُ وَكِيعًا أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَعْنِي إِلَى مَكَّةَ. 1742 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنِي زُرَارَةُ بْنُ كُرِيْمٍ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو السَّهْمِيَّ، حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمِنًى أَوْ بِعَرَفَاتٍ وَقَدْ أَطَافَ بِهِ النَّاسُ قَالَ: فَتَجِيءُ الْأَعْرَابُ فَإِذَا رَأَوْا وَجْهَهُ قَالُوا: هَذَا وَجْهٌ مُبَارَكٌ قَالَ: «وَوَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ».

باب الحائض تهل بالحج

بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ 1743 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ تَغْتَسِلَ فَتُهِلَّ». 1744 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ تَغْتَسِلَانِ، وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ». قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ، فِي حَدِيثِهِ حَتَّى تَطْهُرَ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عِيسَى، عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدًا، قَالَ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ عِيسَى، كُلَّهَا قَالَ: === بَابُ الْحَائِضِ تُهِلُّ بِالْحَجِّ 1743 - قوله: "نفست" (¬1) كسمعت، "بالشجرة" أي بذي الحليفة وكانت هناك شجرة، "أن تغتسل" أي للتنظيف لا للتطهير. 1744 - قوله: "وتقضيان" أي تؤديان، وقوله: "غير الطواف" أي أصالة وأمَّا السعي فيتأخر تبعًا للطواف؛ إذ لا يجوز تقديمه؛ لأنَّ الحيض والنفاس ¬

_ (¬1) أي حضت -وقد نفست المرأة تنفس بالفتح إذا حاضت، وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: 5/ 95.

باب الطيب عند الإحرام

«الْمَنَاسِكَ إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ». بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ 1745 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ، قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِإِحْلَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ». 1746 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ، فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ». === يمنعان عنه أصالة. بَابُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ 1746 - قوله: "وبيض (¬1) المسك" أي بريقه، وهذا يقتضي بقاء الجرم بعد ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [وبيص] بالصاد.

باب التلبيد

بَابُ التَّلْبِيدِ 1747 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُهِلُّ مُلَبِّدًا». 1748 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَبَّدَ رَأْسَهُ بِالْعَسَلِ». بَابٌ [فِي] الْهَدْيِ 1749 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ === الإحرام وعليه الجمهور، "مفرق الرأس" بفتح الميم وكسر الراء: وسطه. بَابُ التَّلْبِيدِ 1747 - قوله: "ملبدا" قيل بكسر الباء، ويحتمل الفتح أي ملبد شعره، والتلبيد: أن يجمع شعر الرأس بشيء كالصمغ عند الإحرام لئلا يتفرق لقلة الدهن ولا يكثر فيه العمل من طول المكث في الإحرام. 1748 - قوله: "بالعسل" المشهور أنه يفتح المهملتين وجوز أنه بكسر معجمة فسكون مهملة وهو ما يغسل به الرأس من خطمي أو غيره. بَابٌ [فِي] الْهَدْيِ 1749 - قوله: "عام الحديبية" بالتخفيف مصغر وكثير منهم يشددون الياء

باب في هدي البقر

الْمَعْنَى، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ: حَدَّثَنِي مُجَاهِدٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَلًا كَانَ لِأَبِي جَهْلٍ، فِي رَأْسِهِ بُرَةُ فِضَّةٍ». قَالَ ابْنُ مِنْهَالٍ، بُرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، زَادَ النُّفَيْلِيُّ يَغِيظُ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ. بَابٌ فِي هَدْيِ الْبَقَرِ 1750 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَحَرَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً وَاحِدَةً». 1751 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَبَحَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ بَقَرَةً بَيْنَهُنَّ». === الثَّانية، و"برة" بضم الباء وتخفيف الراء حلقه تجعل في أنف البعير. بَابٌ فِي هَدْيِ الْبَقَرِ 1751 - قوله: "عمن اعتمر من نسائه" يدل على أنها كانت للتمتع، وهذا الحديث من أدلة جواز الاشتراك في الهدايا والضحايا كما عليه الجمهور والله تعالى أعلم.

باب في الإشعار

بَابٌ فِي الْإِشْعَارِ 1752 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ " أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا مِنْ صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ وَقَلَّدَهَا بِنَعْلَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بِرَاحِلَتِهِ فَلَمَّا قَعَدَ عَلَيْهَا وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ». === بَابٌ فِي الْإِشْعَارِ 1752 - قوله: "ببدنة" بفتحتين مفرد البدن بضم فسكون أو بضمتين، وقوله: "أشعر" الإشعار: أن يطعن في أحد جانبي سنام البعير حتَّى يسيل دمها لتعرف أنها هدي وتتميز إن خلطت وعرفت إذا ضلت ويرتدع عنها السراق ويأكلها الفقراء إن ذبحت في الطريق لقربها من الهلاك في الطريق، وهو جائز عند الجمهور مكروه عند أبي حنيفة قال: لأنَّه مثلة؛ لكن المحققين من أصحابه حملوا قوله على الإشعار على وجه المبالغة، فالإشعار المقتصد المختار عنده أيضًا مستحب؛ وذلك لأنَّ مجرد الجرح لا يعد مثلة، وإلا لكان الفصد مثلة بل المثلة ما فيه تغيير للصورة وذلك لا يظهر إلَّا إذا كان على وجه المبالغة، فتعليل أبي حنيفة دليل على أنه أراد ما كان على وجه المبالغة والله تعالى أعلم. وقوله: "سلت" أي أزاله بأصبعه، وقوله: "واستوت به" أي علت فوق البيد أو صعدت.

باب تبديل الهدي

1753 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى أَبِي الْوَلِيدِ، قَالَ: ثُمَّ سَلَتَ الدَّمَ بِيَدِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هَمَّامٌ، قَالَ: سَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا بِأُصْبُعِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا مِنْ سُنَنِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الَّذِي تَفَرَّدُوا بِهِ. 1754 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّهُمَا قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ «فَلَمَّا كَانَ بِذِي الُحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ». 1755 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً». بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ 1756 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، خَالُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، رَوَى عَنْهُ حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَهْمِ بْنِ الْجَارُودِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَهْدَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ نَجِيبًا فَأَعْطَى بِهَا ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي === بَابُ تَبْدِيلِ الْهَدْيِ 1756 - قوله: "قال أبو داود: وهذا لأنه كان أشعرها" لا يخفى أنه لا يبقى حينئذ للحديث دلالة على الترجمة لا نفيًا ولا إثباتًا، نعم يفهم أن الهدي بعد

باب من بعث بهديه وأقام

أَهْدَيْتُ نَجِيبًا فَأَعْطَيْتُ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بُدْنًا، قَالَ: «لَا انْحَرْهَا إِيَّاهَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ أَشْعَرَهَا. بَابُ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ 1757 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، ثُمَّ أَشْعَرَهَا، وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا». 1758 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ الْهَمَدَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ، حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ». 1759 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ، زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَمْ يَحْفَظْ حَدِيثَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ هَذَا، وَلَا حَدِيثَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ هَذَا، قَالَا: قَالَتْ أُمُّ === الإشعار لا يجوز تبديله والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ 1758 - قوله: "فأقتل" من قتل كضرب. 1759 - قوله: "من عِهْن" بكسر فسكون: الصوف المصبوغ ألوان.

باب في ركوب البدن

الْمُؤْمِنِينَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَدْيِ فَأَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَهَا بِيَدِي، مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدَنَا، ثُمَّ أَصْبَحَ فِينَا حَلَالًا يَأْتِي مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ». بَابٌ فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ 1760 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: «ارْكَبْهَا»، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، فَقَالَ: «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ» - فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ -. 1761 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ، إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا». === بَابٌ فِي رُكُوبِ الْبُدْنِ 1760 - قوله: "ويلك" كلمة للدعاء بالهلاك، وقد لا يراد به الحقيقة بل الزجر وهو المراد هاهنا والله تعالى أعلم. 1761 - قوله: "إذا ألجئت" على بناء المفعول أي اضطررت، وهل بعد أن ركب اضطرارًا له المداومة على الركوب أو لا بد من النزول إذا رأى قوة على المشي؟ قولان.

باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ

بَابٌ فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ 1762 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهُ بِهَدْيٍ فَقَالَ: «إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَهُ فِي دَمِهِ، ثُمَّ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ». 1763 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، وَهَذَا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا الْأَسْلَمِيَّ، وَبَعَثَ مَعَهُ بِثَمَانِ عَشْرَةَ بَدَنَةً، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ أُزْحِفَ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ: «تَنْحَرُهَا، ثُمَّ تَصْبُغُ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْهَا عَلَى صَفْحَتِهَا، وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ - أَوْ قَالَ - مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ «وَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا === بَابٌ فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ 1762 - قوله "إن عطب" بكسر الطاء أي هلك والمراد قرب من الهلاك. وقوله: "أصبغ" من حد نصر أزحف أي إعياءً وعجزًا عن المشي. 1763 - قوله: "ولا تأكل أنت. . ." إلخ قال الخطابي: يشبه أن يكون ذلك ليقطع عنهم باب التهمة (¬1). قلت: ويحتمل أنهم كانوا أغبياء، والرفقة بضم ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 175.

أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِكَ» وَقَالَ: فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ، «ثُمَّ اجْعَلْهُ عَلَى صَفْحَتِهَا» مَكَانَ «اضْرِبْهَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: إِذَا أَقَمْتَ الْإِسْنَادَ وَالْمَعْنَى كَفَاكَ. 1764 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَيَعْلَى ابْنَا عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَمَّا نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ فَنَحَرَ ثَلَاثِينَ بِيَدِهِ، وَأَمَرَنِي فَنَحَرْتُ سَائِرَهَا». 1765 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، وَهَذَا لَفْظُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». قَالَ عِيسَى، قَالَ ثَوْرٌ: وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّانِي، وَقَالَ: وَقُرِّبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَنَاتٌ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ === الراء وكسرها وسكون الفاء جماعة ترافقهم في سفرك، والأهل مقحم والله تعالى أعلم. 1765 - قوله: "إن أعظم الأيام" أي أيَّام الحج لكثرة ما فيها من مناسكه أو مطلق الأيام، "يوم القر" هو اليوم الذي يلي يوم النحر؛ لأنَّ النَّاس يقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا، "فطفقن" أي البدنات، "يزدلفن" أي يقتربن بأيتهن يبدأ أي قاصدات البداية "بأيتهن" أي

باب كيف تنحر البدن

جُنُوبُهَا، قَالَ: فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَّةٍ لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ قَالَ: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ». 1766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ غُرْفَةَ بْنَ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأُتِيَ بِالْبُدْنِ فَقَالَ: «ادْعُوا لِي أَبَا حَسَنٍ» فَدُعِيَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: «خُذْ بِأَسْفَلِ الْحَرْبَةِ» وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَاهَا، ثُمَّ طَعَنَا بِهَا فِي الْبُدْنِ فَلَمَّا فَرَغَ رَكِبَ بَغْلَتَهُ وَأَرْدَفَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. بَابُ كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ 1767 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، أَنَّ النَّبِيَّ === يقصد كل منهن أن يبدأ في النحر لها، ولا يخفى ما فيه عن المعجزة، والدلالة على محبة الحيوانات المعجمة الموت في سبيل الله، "وجبت جنوبها" أي زهقت نفوسها فسقطت على جنوبها من وجب إذا سقط، وقوله: "لم أفهمها" أي ما فهمتها بمجرد السماع أول مرَّة. 1766 - قوله: "الحرية" بفتح فسكون عصى فيه حديدة كنصف الرمح. بَابُ كَيْفَ تُنْحَرُ الْبُدْنُ 1767 - قوله: "معقولة" أي مربوطة بالحبل "اليسرى" أي اليد اليسرى.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا «يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا». 1768 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِمِنًى فَمَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ وَهِيَ بَارِكَةٌ، فَقَالَ: «ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1769 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا». === قوله: "ابعثها قيامًا" أي وانحرها قيامًا، ففي الكلام تقدير، وقوله "سنة محمد صَلَّى الله تعالى عليه وسلم" مرفوع بالرفع، ذاك النحر قيامًا هو السنة. 1769 - قوله: "أن لا أعطى" إلخ قال الخطابي: أي لا يعطى على وجه الأجرة، فأمَّا التصدق به عليه فلا بأس (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 158.

باب [في] وقت الإحرام

بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْإِحْرَامِ 1770 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَزَرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، عَجِبْتُ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَوْجَبَ، فَقَالَ: " إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ إِنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةً وَاحِدَةً، فَمِنْ هُنَاكَ اخْتَلَفُوا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَ فِي مَجْلِسِهِ، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظْتُهُ عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ، وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا، فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ، وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ، فَقَالُوا: إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصَلَّاهُ، وَأَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ، === بَابٌ [فِي] وَقْتِ الْإِحْرَامِ 1770 - قوله: "إِنها إنَّما كانت" إلخ الضمير في "أنها" للقصة أو للحجة بقرينة المقام، وعلى الأول حجة واحدة بالرفع كانت، وعلى الثاني بالنصب خبر كانت، وقوله: "استقلت به" أي ارتفعت به وقامت و "أرسالًا" بفتح الهمزة أي

وَأَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ ". قَالَ سَعِيدٌ: فَمَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ. 1771 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ». 1772 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ، قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: «مَا هُنَّ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ»، قَالَ: رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، === أفواجًا وفرقًا متقطعة يتبع بعضهم بعضًا، جمع رسل بفتحتين. 1771 - قوله: "تكذبون على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فيها" أي في شأنها ونسبة الإسلام إليها بأنها كانت من عندها، وقوله: "ما أهل" أي ما رفع صوته بالتلبية، وقوله: "إلَّا من عند المسجد" أي من حين ركب لا حين فرغ من الركعتين؛ فإن ابن عمر كان يظن الإهلال عند الركوب والله تعالى أعلم. 1772 - قوله: "لا تمس من الأركان إلَّا اليمانيين" ولعل غير ابن عمر من الصّحابة ممن أدركه ابن جريج (¬1) كانوا يستلمون الأركان كلها أحيانًا أيضًا. وإن ¬

_ (¬1) جريج التَّيميُّ، مولاهم، المدني، ثقة، من الثالثة: تقريب التهذيب 1/ 542.

وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ». === جاء (¬1) أنهم أحيانًا يكتفون بمس اليمانيين، و "السبتية" بكسر السِّين نسبة إلي السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ سميت بذلك؛ لأنَّ شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل، وفيه اعتراض (¬2) عليه بأنها نعال أهل النعمة والسعة، وقوله: "تصبغ" أي الثوب أو الشعر والأول أقرب، وقوله: "كان يوم التروية" أي كان اليوم يوم التروية فكان ناقصه ويوم التروية خبر أو وجد يوم التروية فكان تامة ويوم التروية مرفوع، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك؛ لأنهم كانوا يروون فيه البهم أي ليسوقونها، وقوله: "حتَّى تنبعث به راحلته" أي فأنا أؤخر الهلال إلى يوم التروية لأهل حين تنبعث بي راحلتي إن منى يوم التروية والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في الأصل [جاوز]. (¬2) في الأصل [اعتزاز].

1773 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ». 1774 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا عَلَى جَبَلِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ». 1775 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ يَعْنِي ابْنَ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتْ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْفُرْعِ أَهَلَّ إِذَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَإِذَا أَخَذَ طَرِيقَ أُحُدٍ أَهَلَّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى جَبَلِ الْبَيْدَاءِ». === 1775 - قوله: "طريق الفُرع" بضم الفاء وسكون الراء موضع بين مكّة والمدينة.

باب الاشتراط في الحج

بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ 1776 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ أَشْتَرِطُ، قَالَ: نَعَمْ "، قَالَتْ: فَكَيْفَ أَقُولُ؟ ، قَالَ: «قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَمَحِلِّي مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ حَبَسْتَنِي». بَابٌ [فِي] إِفْرَادِ الْحَجِّ 1777 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ === بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ 1776 - قوله: "ضباعه" (¬1) بضم المعجمة وتخفيف الموحدة "أأشترط" بالاستفهام ومن لا يقول بالاشتراط يدعي الخصوص بها والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] إِفْرَادِ الْحَجِّ 1777 - قوله: "أفرد الحج" المحققون قالوا: في نسكه صَلَّى الله تعالى عليه وسلم أنه القرآن فقط فقد صح ذلك من رواية اثني عشر من الصحابة بحيث لا يحتمل التأويل، وقد جمع أحاديثهم ابن حزم الظاهري في حجة الوداع له وذكرها حديثًا حديثًا (¬2) قالوا: وبه يحصل الجمع بين أحاديث الباب، أما أحاديث الإفراد فمبنية على أن الراوي سمعه يلبي بالحج فزعم أنه مفرد بالحج ¬

_ (¬1) ضباعة بنت الزُّبير بن عبد المطّلب الهاشمية، بنت عم النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لها صحبة وحديث. تقريب التهذيب: 2/ 604. (¬2) حجة الوداع: ابن حزم الظاهري.

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْرَدَ الْحَجَّ». 1778 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ === فأخبر على حسب ذلك، ويحتمل أن المراد بإفراد الحج أنه لم يحج بعد افتراض الحج عليه إلا حجة واحدة، وأما أحاديث التمتع فمبنية على أنه سمعه يلبي بالعمرة فزعم أنه متمتع وهذا لا مانع منه؛ لأنّه لا مانع من إفراد ونسك بالذكر للقارن، على أنه قد يختفي الصوت بالثاني، ويحتمل أن المراد بالتمتع القرآن؛ لأنَّه من إطلاقات القرينة وهم كانوا يسمون القرآن تمتعًا والله تعالى أعلم. 1778 - قوله: "موافين هلال ذي الحجة" أي قرب طلوعه لخمس بقين لذي القعدة [. . .] (¬1). وقوله: "لولا أني أهديت" لولا معي هدي "لأهللت بعمرة" أي خالصة، لكن الهدي يمنع الإهلال قبل الحج كالقران، فالأولى لصاحبه أن يجعل نسكه قرانًا؛ فهذا مبني على أن الهدي يمنع صاحبه من الإهلال قبل الحج كما عليه أصحابنا الحنفيون، ويدل على أن القران لمن معه الهدي أفضل، وقوله: "فأهل ¬

_ (¬1) كلمات غير واضحة بالأصل.

بِعُمْرَةٍ». قَالَ مُوسَى: فِي حَدِيثِ وُهَيْبٍ، فَإِنِّي لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، وَقَالَ: فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَأَمَّا أَنَا فَأُهِلُّ بِالْحَجِّ فَإِنَّ مَعِي الْهَدْيَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا فَكُنْتُ فِيمَنْ، أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟ »، قُلْتُ: وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ خَرَجْتُ الْعَامَ، قَالَ: «ارْفِضِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي». قَالَ مُوسَى: «وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» وَقَالَ سُلَيْمَانُ وَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْمُسْلِمُونَ فِي حَجِّهِمْ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الصَّدَرِ أَمَرَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَذَهَبَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ زَادَ مُوسَى فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِهَا وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ فَقَضَى اللَّهُ عُمْرَتَهَا وَحَجَّهَا، قَال هِشَامٌ وَلَمْ === بالحج" أي مع العمرة كما جاء صريحًا أنه أتاه آت بالعقيق فأمره بالجمع، ولعل من زعم أنه أفرد أخذ من مثل هذه الكلمات أنه مفرد، وقوله: "ارفضي عمرتك" قال علمائنا: أي اتركيها واقضيها بعد، وقال الشَّافعي: اتركي العمل للعمرة من الطواف والسعي، لا أنها تترك العمرة وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة فتكون قارنة وعلي هذا تكون عمرتها من التنعيم تطوعًا لا قضاءً عن واجب، ولكن أراد أن يطيب نفسها فأعمرها وكانت قد سألته ذلك (¬1). قوله: "وانقضي رأسك وامتشطي" لعل المراد بذلك هو الاغتسال لإحرام الحج كما وقع التصريح بذلك في رواية جابر (¬2) "وليلة الصدر" بفتح المهملتين ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 163. (¬2) المصنف في الحج (1785).

يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ مُوسَى فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ طَهُرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. 1779 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ «فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَلَمْ يُحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمَ النَّحْرِ». 1780 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ زَادَ «فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَحَلَّ». 1781 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، === أي الرجوع من منى، وقوله: "ولم يكن في شيء من ذلك هدي" قيل ذلك على حسب زعمه ولا يلزم منه نفي الهدي في الواقع فقد تكون ولم يطلع عليه. و"ليلة البطحاء" هي ليلة النزول من منى إلى المحصب والله تعالى أعلم. 1779 - قوله: "وأهل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالحج" أي مع العمرة، وقوله: "أو جمع" أي ومن جمع (¬1). 1781 - قوله: "فأهللنا بعمرة" تريد نفسها ومن وافقها في العمرة والمراد أي ¬

_ (¬1) في الأصل [وأجمع أي: وقوله: ومن جمع].

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ»، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: «هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ» قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، وَمَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، نَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرُوا طَوَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ وَطَوَافَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. === أهل بعضنا، وإلا ففيهم من أهل لحج، وقولها: "فإنَّما طافوا" أي للركن طوافًا واحدًا وإلا فقد ثبت أن الكل طافوا طوافين؛ طافوا حين القدوم بمكة، وطافوا للإفاضة، لكن الذين أحرموا بالعمرة فطوافهم الأول ركن العمرة والثاني ركن الحج، وأمَّا الذين جمعوا فطوافهم الأول سنة القدوم والثاني ركن الحج والعمرة جميعًا عند من يقول بدخول أفعال العمرة في الحج، وقيل: بل المراد بالطواف السعي بين الصفا والمروة والله تعالى أعلم.

1782 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ يَا عَائِشَةُ؟ »، فَقُلْتُ: حِضْتُ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ حَجَجْتُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»، فَقَالَ: «انْسُكِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ»، فَلَمَّا دَخَلْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ»، قَالَتْ: وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ وَطَهُرَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَرْجِعُ صَوَاحِبِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِالْحَجِّ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى === 1782 - قوله: "لبينا بالحج" تريد أن غالب القوم في ذلك المسافر لبوا بالحج وإلا فهي كانت معتمرة كما سبق وسيجيء، وقوله: "انسكي" أي أحرمي بالحج وأنسكي، وقوله: "غير أن لا تطوفي "قيل: كلمة لا زائدة؛ إذ المقصود استثناء الطواف من المناسك لا استثناء عدم الطواف. قلت: ويحتمل أنه متعلق بمقدر أي فلا فرق بين الطاهرة وبينك غير أن لا تطوفي، والطاهرة تطوف، والمراد: الطواف في الحال وإلا فلا بد منه يعدد الكريم لا بد من قيد بالأصالة أي لا تطوفي أصالة فإنها لا تسعى أيضًا، لكن تأخير السعي تبعًا لتأخير الطواف. وقوله: "من يشاء أن يجعلها عمرة" كأن هذا كان أولًا ثم أمرهم بالفسخ أمر

التَّنْعِيمِ فَلَبَّتْ بِالْعُمْرَةِ. 1783 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يُحِلَّ، فَأَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ». 1784 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهَلِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمَّا سُقْتُ === عزيمة كما ثبت والله تعالى أعلم. 1783 - قوله: "لا نرى إلا أنه الحج" أي المقصود الأصلي من الخروج ما كان إلَّا الحج وما وقع الخروج إلَّا لأجله، ومن اعتمر فعمرته كانت تابعة للحج فلا يخالف كونها معتمرة، ولا يكون بعض الصّحابة معتمرين، ويحتمل أنها حكاية عن غالب القوم كما تقدم في لبينا، وعلي الوجه الأول فيحتمل أن بعض الرواة فهموا من قولها: ما نرى إلَّا الحج، أنها أحرمت بالحج، فذكروا مكان ذلك لبينا بالحج ونحوه قصدًا إلى النقل بالمعنى، ومثله غير مستبعد لظهور أن كثيرًا من الاختلافات والاضطرابات في الأحاديث وقعت بسبب ذلك، ولذا أرى بما قد لا يشك فيه والله تعالى أعلم. 1784 - قوله: "لو استقبلت من أمري" أي لو علمت في ابتداء شروعي

الْهَدْيَ»، قَالَ مُحَمَّدٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: «وَلَحَلَلْتُ مَعَ الَّذِينَ أَحَلُّوا مِنَ الْعُمْرَةِ»، قَالَ: أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَمْرُ النَّاسِ وَاحِدًا. 1785 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِسَرِفَ عَرَكَتْ حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ فَقَالَ «الْحِلُّ كُلُّهُ» فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ، وَتَطَيَّبْنَا بِالطِّيبِ، وَلَبِسْنَا ثِيَابَنَا، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا أَرْبَعُ لَيَالٍ، ثُمَّ أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ: «مَا شَأْنُكِ؟ » قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي قَدْ حِضْتُ، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلُلْ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الْآنَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ» فَفَعَلَتْ، وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حِينَ حَجَجْتُ قَالَ: «فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ === ما علمت الآن من لحوق المشقة بأصحابي بانفرادهم الفسخ فترددوا. 1785 - قوله: "أقبلنا مهلين" أي غالبهم وفيهم جابر، وقوله: "عركت" أي حاضت، وليلة الحصبة هي ليلة الإقامة بالمحصب، قوله: "ولم يطوفوا بين

فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» وَذَلِكَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ. 1786 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ بِبَعْضِ هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ «وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ»، «ثُمَّ حُجِّي وَاصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا تُصَلِّي». 1787 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي مَنْ، سَمِعَ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَطُفْنَا وَسَعَيْنَا ثُمَّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُحِلَّ، وَقَالَ: «لَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ»، ثُمَّ قَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مُتْعَتَنَا هَذِهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ». قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، يُحَدِّثُ بِهَذَا فَلَمْ أَحْفَظْهُ حَتَّى لَقِيتُ ابْنَ جُرَيْجٍ فَأَثْبَتَهُ لِي. 1788 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ === الصفا والمروة" يدل على أن المتمتع يكتفي بسعي واحد كالقارن عند الجمهور.

عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَمَّا طَافُوا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوهَا عُمْرَةً إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيَ»، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَدِمُوا فَطَافُوا بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. 1789 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنْ عَطَاءٍ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ هَدْيٌ إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلْحَةَ وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ وَمَعَهُ الْهَدْيُ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً يَطُوفُوا، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيُحِلُّوا إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَقَالُوا: أَنَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذُكُورُنَا تَقْطُرُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ». 1790 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === 1789 - قوله: "وذكورنا تقطر" يريد قرب العهد بالجماع. 1790 - قوله: "وقد دخلت العمرة في الحج" من لم يقل بوجوب العمرة

أَنَّهُ قَالَ: «هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ فَلْيُحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ وَقَدْ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا مُنْكَرٌ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ. 1791 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا النَّهَّاسُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ حَلَّ وَهِيَ عُمْرَةٌ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، دَخَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ خَالِصًا، فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةً. 1792 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَوْكَرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ ابْنُ مَنِيعٍ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمَعْنَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ فَلَمَّا === يقول أنه أسقط افتراضها بالحج، فكأنها دخلت فيه، ومن يقول به يقول أن أفعال العمرة دخلت في أفعال الحج؛ فلذا يجب على القارن الإحرام واحد والطواف واحد وهكذا، أو أنها دخلت في وقت الحج وشهوره، وبطل ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم حل العمرة في أشهر الحج. 1791 - قوله: (قال أبو داود: رواه ابن جريج عن (¬1) عطاء) إلخ يريد أنه الصحيح وهذا المتن وهم والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 166.

قَدِمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ». وَقَالَ ابْنُ شَوْكَرٍ، وَلَمْ يُقَصِّرْ، ثُمَّ اتَّفَقَا وَلَمْ يُحِلَّ مِنْ أَجْلِ الْهَدْيِ، وَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَطُوفَ وَأَنْ يَسْعَى وَيُقَصِّرَ، ثُمَّ يُحِلَّ زَادَ ابْنُ مَنِيعٍ فِي حَدِيثِهِ أَوْ يَحْلِقَ ثُمَّ يُحِلَّ. 1793 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عِيسَى الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ «يَنْهَى عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ». 1794 - حَدَّثَنَا مُوسَى أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ خَيْوَانَ بْنِ خَلْدَةَ، مِمَّنْ قَرَأَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَعَنْ === 1793 - قوله: "ينهى عن العمرة" قال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال. (¬1) وإن ثبت يحمل على الاستحباب وأنه أمر بتقديم إلخ لأنَّه أعظم، ويخاف عليه الفوات لتعين وقته بخلاف العمرة. 1794 - قوله "أما إنها معهن" قال الخطابي: لم يوافق الصّحابة معاوية على هذه الرّواية. (¬2) وإن ثبت يحصل على الأفضل؛ لأنَّ الإفراد أفضل عن القرآن أي ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 167. (¬2) في السنن المطبوع [رواه ابن جريج [عن رجل] عن عطاء].

باب في الإقران

رُكُوبِ جُلُودِ النُّمُورِ؟ »، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقْرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ»، فَقَالُوا: أَمَّا هَذَا فَلَا، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهَا مَعَهُنَّ وَلَكِنَّكُمْ نَسِيتُمْ». بَابٌ فِي الْإِقْرَانِ 1795 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُم سَمِعُوهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، يَقُولُ: «لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا، لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا». === على بعض المذاهب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْإِقْرَانِ هكذا في نسختنا، مصدر أقرن لكن المشهور في معنى الجمع بين النسكين القران بالكسر مصدر قرن يقرن كنصر ينصر وجاء كيضرب والله تعالى أعلم. 1795 - قوله: "سمعت رسول الله صَلَّى الله تعالى عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعًا" هذان من أقوى الأدلة على أنه صَلَّى الله تعالى عليه وسلم كان قارنًا؛ لأنَّه مستند إلى قوله، والرجوع إلى قوله عند الاختلاف هو الواجب خصوصًا لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1) وعمومًا لأن الكلام إذا كان في حال أحد وحصل فيه الاختلاف يجب الرجوع فيه إلى قوله؛ لأنَّه أدرى بحاله وما أسند أحد ممن قال بخلافه إلى قوله فتعين القرآن والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (59).

1796 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَاتَ بِهَا يَعْنِي بِذِي الُحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ حَمِدَ اللَّهُ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا»، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ يَعْنِي أَنَسًا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ. 1797 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْيَمَنِ قَالَ: فَأَصَبْتُ مَعَهُ أَوَاقِيَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَجَدْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَدْ لَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَقَدْ نَضَحَتِ الْبَيْتَ بِنَضُوحٍ فَقَالَتْ: مَا لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَحَلُّوا قَالَ: قُلْتُ لَهَا: === 1796 - وقوله: "أهل الناس بهما" أي بعضهم. وقوله: "أهل بالحج" أي أهل من حل، وقوله: "سبع بدنات" كأنه اطلع على هذا العدد ولم يطلع على الزائد إلَّا أن غيره اطلع؛ فالعبرة بقوله والله تعالى أعلم. 1797 - "ثيابا صيغًا" أي مصبوغة، وهو فعيل بمعنى مفعول فلذلك ترك التاء، "وقد نضحت البيت" أي طيبته، "بنضوح" بفتح النون ضرب من الطَّيِّب

إِنِّي أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «كَيْفَ صَنَعْتَ؟ »، فَقَالَ: قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَإِنِّي قَدْ سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ» قَالَ: فَقَالَ لِي: «انْحَرْ مِنَ البُدْنِ سَبْعًا وَسِتِّينَ أَوْ سِتًّا وَسِتِّينَ، وَأَمْسِكْ لِنَفْسِكَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، أَوْ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَأَمْسِكْ لِي مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ مِنْهَا بَضْعَةً». 1798 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ: أَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ عُمَرُ: «هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1799 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ: كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ هُذَيْمُ بْنُ ثُرْمُلَةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَنَاهْ إِنِّي حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَكَيْفَ لِي بِأَنْ أَجْمَعَهُمَا؟ ، قَالَ: اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمَا === تفوح رائحته، وقوله: "انحر من البدن" أي عني، وكأن المراد: انحر بقية هذا العدد أو انحر إن كان ما نحرت أنا هيئ لنحري واحضر في المنحر، وإلا فقد ثبت أنه صَلَّى الله تعالى عليه وسلم نحر غالب العدد بنفسه بيده، "بضعة" بالفتح وقد تكسر: القطعة من اللحم.

جَمِيعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: مَا هَذَا بِأَفْقَهَ مِنْ بَعِيرِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّمَا أُلْقِيَ عَلَيَّ جَبَلٌ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي كُنْتُ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا وَإِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي فَقَالَ لِي: «اجْمَعْهُمَا وَاذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ، وَإِنِّي أَهْلَلْتَ بِهِمَا مَعًا»، فَقَالَ لِي: عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1800 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَهُوَ بِالْعَقِيقِ وَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، وَقَالَ: عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقُلْ عُمْرَةٌ، فِي حَجَّةٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: وَقُلْ عُمْرَةٌ فِي حَجَّةٍ. 1801 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ، قَالَ لَهُ: سُرَاقَةُ بْنُ === 1801 - "اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم" أي بين لنا بيانًا وافيًا في غاية الوضوح كالبيان لمن لا يعلم شيئًا قبل اليوم، وقوله: "فقد حل" أي فكان ينبغي له

مَالِكٍ الْمُدْلَجِيُّ، يَا رَسُولَ اللَّهِ: اقْضِ لَنَا قَضَاءَ قَوْمٍ كَأَنَّمَا وُلِدُوا الْيَوْمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَدْخَلَ عَلَيْكُمْ فِي حَجِّكُمْ هَذَا عُمْرَةً، فَإِذَا قَدِمْتُمْ فَمَنْ تَطَوَّفَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ حَلَّ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ». 1802 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْمَعْنَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، أَخْبَرَهُ === أن يحل أو الواجب عليه ذلك، ومقتضى هذا أن معنى أدخل عليكم في حجكم عمرة أي أوجب عليكم عمرة بشروعكم في الحج. 1802 - "بمشقص" بكسر الميم وفتح القاف نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض، وفي الرّواية الثَّانية أنه "قصر لحجته"، قال ابن حزم في حجة الوداع له: وهو مشكل يتعلق به من يقول أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان متمتعًا، والصحيح الذي لا شك فيه والذي نقله الكواف أنه صَلَّى الله عليه وسلم لم يقصر من شعره شيئًا ولا أحل من شيء من إحرامه إلى أن حلق بمنى يوم النحر، ولعل معاوية عني بالحجة عمرة الجعرانة لأنَّه قد أسلم حينئذ (¬1) ولا يسوغ هذا التأويل في رواية من روى أنه كان في ذي الحجة أو لعله قصر عنه عليه الصَّلاة والسلام بقية شعر لم يكن أستوفاه الحلاق بعد فقصره معاوية على المروة يوم النحر، وقد قيل أن الحسن بن عليّ أخطأ في إسناد هذا الحديث فجعله عن معمر، وإنَّما المحفوظ أنه عن هشام وهشام ضعيف والله تعالى أعلم انتهى. ¬

_ (¬1) انظر حجة الوداع: ابن حزم الظاهري.

قَالَ: قَصَّرْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ عَلَى الْمَرْوَةِ أَوْ رَأَيْتُهُ يُقَصِّرُ عَنْهُ عَلَى الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ. قَالَ: ابْنُ خَلَّادٍ، إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَذْكُرْ أَخْبَرَهُ. 1803 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَعْنَى قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ، قَالَ لَهُ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنِّي قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصِ أَعْرَابِيٍّ عَلَى الْمَرْوَةِ»، زَادَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ لِحَجَّتِهِ. 1804 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ». 1805 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ، إِلَى الْحَجِّ فَأَهْدَى وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === قلت: كلام المصنف يدفع هذا الجواب حيث بين أن الحسن بن علي ليس بمنفرد بهذا الحديث بل معه محمد بن يَحْيَى أيضًا والله تعالى أعلم.

باب الرجل يهل بالحج ثم يجعلها عمرة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، وَلْيُهْدِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ» وَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعِ وَمَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يُحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ وَفَعَلَ النَّاسُ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ. 1806 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ حَلُّوا وَلَمْ تُحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ، فَقَالَ: «إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ». بَابُ الرَّجُلِ يُهِلُّ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً 1807 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ يَعْنِي ابْنَ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ

باب الرجل يحج عن غيره

بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ حَجَّ، ثُمَّ فَسَخَهَا بِعُمْرَةٍ: «لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1808 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسْخُ الْحَجِّ لَنَا خَاصَّةٌ أَوْ لِمَنْ بَعْدَنَا؟ قَالَ: «بَلْ لَكُمْ خَاصَّةٌ». بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ 1809 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ === بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ 1809 - قوله: "من خثعم" بفتح فسكون ففتح، غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه اسم قبيلة، وقوله: "أدركت أبي شيخًا كبيرًا" يفيد أن افتراض الحج لا يشترط له القدرة على السفر، وقد قرر صَلَّى الله تعالى عليه وسلم ذلك، فهو يؤيد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحج ليست بالبدن وإنَّما

عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ». 1810 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، بِمَعْنَاهُ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: حَفْصٌ فِي حَدِيثِهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنْهِ قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ، قَالَ: «احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ». 1811 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ - قَالَ إِسْحَاقُ: - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === هي بالزاد والراحلة والله تعالى أعلم. 1810 - قوله: "ولا الظعن" بفتحتين أو سكون الثَّاني، والأولى معجمة والثانية مهملة مصدر ظعن يظعن بالضم إذا سار، وفي المجمع: الظعن الراحلة (¬1)، أي لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السنن، قال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديث أجود من هذا وأصح منه. ذكره السيوطي في حاشية النَّسائيّ (¬2) ولا يخفي أن الحج والعمرة عن الغير ليس بواجب على الفاعل، فالظاهر حمل الأمر على الندب وحينئذ دلالة الحديث على وجوب العمرة خفاء لا يخفى والله تعالى أعلم. 1811 - قوله: "حج عن نفسك" إلخ مفاد الحديث أن من عليه حجة ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير 3/ 157. (¬2) سنن النَّسائيّ بشرح السيوطي 5/ 117. دار الكتب العلمية.

باب كيف التلبية

سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟ » قَالَ: أَخٌ لِي - أَوْ قَرِيبٌ لِي - قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ». بَابُ كَيْفَ التَّلْبِيَةُ 1812 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ». قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ. 1813 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ «ذَا الْمَعَارِجِ» وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا. === الإسلام وأحرم لغيرها لا يجب عليه المضي في الغير، بل يجب عليه صرف ذلك الإحرام إلى حجة الإسلام؛ لأنَّ إيجاب أن الحج أولًا عن نفسه ثم عن غيره لا يكون إلَّا كذلك والله تعالى أعلم. بَابُ كَيْفَ التَّلْبِيَةُ 1812 - قوله: "والرغباء" بفتح الراء مع المد وبضمها مع القصر وحكي الفتح والقصر كالسكري من الرغبة، ومعناه الطّلب والمسألة.

باب متى يقطع التلبية؟

1814 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ - أَوْ قَالَ: - بِالتَّلْبِيَةِ" يُرِيدُ أَحَدَهُمَا. بَابُ مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ؟ 1815 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === 1814 - قوله: "فأمرني" أي أمر إيجاب؛ إذ تبلغ الشرائع وأجب عليه "آمر أصحابي" أمر ندب عند الجمهور وأمر وجوب عند الظاهرية أن يرفعوا أي إظهارًا لشعار الإحرام، وتعليمًا للجاهل ما يستحب له في ذلك المقام بالإهلال أريد به التلبية على التجريد، وأصله رفع الصوت بالتلبية، وكلمة "أو" في "أو قال" للشك كما يشير إليه قوله: "يريد أحدهما". بَابُ مَتَى يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ؟ 1815 - قوله: "حتَّى رمى" أي شرع فيه أو فرغ منه على اختلاف المذهبين "منَّا الملبي ومنَّا المكبر" الظاهر أنهم كانوا يجمعون بين التلبية والتكبير، فمرة يكير هؤلاء ويهل آخرون ومرة بالعكس؛ لأن بعضهم يلبي فقط وبعضهم يكبر فقط، والظاهر أنهم فعلوا كذلك لأنهم وجدوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يجمع، ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال عند أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي عن

باب متى يقطع المعتمر التلبية؟

وَسَلَّمَ «لَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ». 1816 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ مِنَّا الْمُلَبِّي وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ». بَابُ مَتَى يَقْطَعُ الْمُعْتَمِرُ التَّلْبِيَةَ؟ 1817 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهَمَّامٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا. بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ [غُلَامَهُ] 1818 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ === عبد الله: "خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فما ترك التلبية حتَّى رمى جمرة العقبة إلا أنَّه يخالطها بتكبير" (¬1) والله تعالى أعلم. بَابُ الْمُحْرِمِ يُؤَدِّبُ [غُلَامَهُ] 1818 - قوله: "بالعَرْج" بفتح العين وسكون الراء وجيم، قرية جامعة بين ¬

_ (¬1) فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 3/ 533.

باب الرجل يحرم في ثيابه

عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُجَّاجًا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَرْجِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلْنَا فَجَلَسَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي وَكَانَتْ زِمَالَةُ أَبِي بَكْرٍ وَزِمَالَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً مَعَ غُلَامٍ لِأَبِي بَكْرٍ فَجَلَسَ أَبُو بَكْرٍ يَنْتَظِرُ أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْهِ فَطَلَعَ وَلَيْسَ مَعَهُ بَعِيرُهُ قَالَ: أَيْنَ بَعِيرُكَ؟ قَالَ: أَضْلَلْتُهُ الْبَارِحَةَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَعِيرٌ وَاحِدٌ تُضِلُّهُ قَالَ: فَطَفِقَ يَضْرِبُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَسَّمُ وَيَقُولُ: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ» قَالَ ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمُحْرِمِ مَا يَصْنَعُ» وَيَتَبَسَّمُ. بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ 1819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === الحرمين، "وزمالة أبي بكر" إلخ أي مركوبها وما كان معهما من أداة السفر واحدًا. بَابُ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثِيَابِهِ 1819 - قوله: "أثر خلوق" بفتح خاء، طيب مركب من الزعفران وغيره ويغلب عليه الحمرة والصفرة ورد النهي عنه مطلقًا؛ لأنه من طيب النساء وما ورد إباحته في فقيل منسوخ، والمراد أن الطيب كان بجسده وكان لابس جبته ولذلك

وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ - أَوْ قَالَ: - صُفْرَةٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي؟ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ »، قَالَ: اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ - أَوْ قَالَ: - أَثَرَ الصُّفْرَةِ، وَاخْلَعِ الْجُبَّةَ عَنْكَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ. 1820 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، وَهُشيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ فِيهِ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْلَعْ جُبَّتَكَ» فَخَلَعَهَا مِنْ رَأْسِهِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 1821 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمَدَانِيُّ الرَّمْلِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ ابْنِ يَعْلَى ابْنِ مُنْيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، === أمره بغسل الطيب مع أمره بنزع الجبة، ولو كان الطيب بجبته لما احتاج إلى غسله بعد النزع، وبعض روايات الكتاب صريح في ذلك، "وسرّي" بتشديد الراء، كشف عنه ما طرأه حالة الوحي، وقوله: "قال: اغسل عنك أثر الخلوق" أمره بذلك إما لخصوص الخلوق؛ فإنه منهي عنه لغير المحرم أيضًا أو لحال الإحرام، وعلى الثاني فاستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم الطيب قبل الإحرام مع بقائه بعد الإحرام ناسخ لهذا الحديث؛ لأن هذا الحديث كان أيام الفتح، واستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم كان في حجة الوداع. 1821 - قوله: "ويغتسل" أي محل الصيب من البدن.

باب ما يلبس المحرم

بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ فِيهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِعَهَا نَزْعًا، وَيَغْتَسِلَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 1822 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرِمٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَقَدْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ. وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ. بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ 1823 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَتْرُكُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ، فَقَالَ: «لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ، إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ === بَابُ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ 1823 - قوله: "لا يلبس" بفتح الباء، و"البرنس" بضم الباء والنون: كل ثوب رأسه منه، و"العمامة" و"الورس" بفتح فسكون، نبت أصفر طيب الريح يصبغ به. قوله: "إلا لمن" استثناء مما يفهم، أي لا يجوز الخفان لمحرم إلا لمن لا يجد ولو كان من ظاهره لوجب ترك اللام، أي لا يلبس محرم الخفين إلا من لا يجد ثم الجواب في هذه الرواية مطابق للسؤال وهو ما يترك المحرم، وأما في رواية الأكثر وهي "ما يلبس المحرم" فهو غير مطابق ظاهرًا فيحتمل أن تكون هذه الرواية هي

النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ». 1824 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. 1825 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ وَزَادَ وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَلَى مَا قَالَ اللَّيْثُ. وَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكٌ، وَأَيُّوبُ مَوْقُوفًا. وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُحْرِمَةُ لَا تَنْتَقِبُ وَلَا === الأصل لكون المطابقة هي الأصل في الجواب وأما رواية الأكثر فمبنية على أن السؤال عن إحدى الضدين سؤال عن الآخر؛ إذ ببيان أحدهما يتبين الآخر كما اشتهر: تعرف الأشياء بأضدادها، ويحتمل أن تكون رواية الأثر أصلًا ويكون وجه العدول في الجواب عن بيان الملبوس الجائز إلى بيان غير الجائز هو كون غير الجائز منحصرًا، وأما الجائز فلا ينحصر فبين غير الجائز ليعرف أن الباقي جائز والله تعالى أعلم. 1825 - قوله: "ولا تنتقب المرأة الحرام" أي المحرمة والنقاب معروف للنساء لا يبدو منه إلا العينان "والقفاز" بالضم والتشديد، شيء تلبسه نساء العرب في

تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدِينِيُّ: شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ حَدِيثٍ. 1826 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُحْرِمَةُ لَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ». 1827 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَإِنَّ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ القُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا أَوْ خُفًّا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، إِلَى قَوْلِهِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ. 1828 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، === أيديهن يغطي الأصابع والكف والساعد من البرد. 1827 - قوله: "معصفرًا" قد منعه علماؤنا الحنفية بأنه لا يخلو عن نوع طيب فلعلهم يمنعون صحة الحديث والله تعالى أعلم. 1828 - قوله: "القر" بضم فتشديد، البرد.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ وَجَدَ الْقُرَّ، فَقَالَ: أَلْقِ عَلَيَّ ثَوْبًا يَا نَافِعُ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَقَالَ: «تُلْقِي عَلَيَّ هَذَا وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهُ الْمُحْرِمُ». 1829 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَا يَجِدُ الْإِزَارَ، وَالْخُفُّ لِمَنْ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثُ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَرْجِعُهُ إِلَى الْبَصْرَةِ إِلَى جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مِنْهُ ذِكْرُ السَّرَاوِيلِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَطْعَ فِي الْخُفِّ. 1830 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْجُنَيْدِ الدَّامِغَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَدَّثَتْهَا، قَالَتْ: «كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ === 1829 - قوله: "يقول السراويل لمن لا يجد الإزار .. " إلخ أخذ بإطلاقه أحمد وهو أوفق وحمل الجمهور هذا الحديث على حديث ابن عمر فقيدوه بالقطع حملًا للمطلق على المقيد (¬1). 1830 - قوله: "فنضمدّ" بكسر ميم مخففة أو مشددة، أي نلطخ جباهنا، "بالسُّكِّ" بضم المهملة وتشديد كاف: طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 177، 178.

باب المحرم يحمل السلاح

إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَاهَا». 1831 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِابْنِ شِهَابٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ «كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ يَعْنِي يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ» ثُمَّ حَدَّثَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ «رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْخُفَّيْنِ فَتَرَكَ ذَلِكَ». بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ 1832 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلُوهَا إِلَّا بِجُلْبَانِ السِّلَاحِ فَسَأَلْتُهُ مَا جُلْبَانُ السِّلَاحِ قَالَ: «الْقِرَابُ بِمَا فِيه». === ويستعمل. بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْمِلُ السِّلَاحَ 1832 - قوله: "أن لا يدخلوها" أي مكة في السنة الآتية، "إلا بجلبان السلاح" بضم جيم وسكون لام، شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودًا، أو يطرح فيه السوط والأداة، وروي بضم جيم ولام وتشديد باء، شرطوا أن لا يجردوا السلاح.

باب في المحرمة تغطي وجهها

بَابٌ فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا 1833 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ». بَابٌ فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ 1834 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ === بَابٌ فِي الْمُحْرِمَةِ تُغَطِّي وَجْهَهَا 1833 - قوله: "سدلت" أسبلت وأرسلت و"الجلباب" بكسر الجيم وسكون لام خمار واسع، وهذا يدل على عدم وجوب كشف الوجه للمحرمة، وما جاء أن إحرام المرأة في وجهها إن ثبت يكفي فيه ألا يجوز تغطيته بالمفصل على الوجه كالنقاب، ولذلك جاء ولا تنتقب المرأة الحرام، فبهذا القدر يحصل التوفيق بين الكل، ومعلوم أن كشف الوجه فتنة؛ فالتكليف به لا يخلو عن إشكال والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ 1834 - قوله: "بخطام" بكسر خاء معجمة، زمام البعير.

باب المحرم يحتجم

رَافِعٌ ثَوْبَهُ لِيَسْتُرَهُ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ». بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ 1835 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ». 1836 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي رَأْسِهِ مِنْ دَاءٍ كَانَ بِهِ». 1837 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: أَرْسَلَهُ يَعْنِي عَنْ قَتَادَةَ. === بَابُ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ 1835 - قوله: "احتجم" وهو محرم، يجوز الحجامة عند كثير إذا كان بلا حلق شعر، لكن لا يخفي أن الحجامة في الرأس لا تكون عادة إلا بحلق، فالأوفق بالحديث أن ينال بجواز حلق موضع الحجامة إذا كان هناك ضرورة والله تعالى أعلم.

باب يكتحل المحرم

بَابُ يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ 1838 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: اشْتَكَى عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَيْنَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ مَا يَصْنَعُ بِهِمَا؟ قَالَ: «اضْمِدْهُمَا بِالصَّبِرِ»، فَإِنِّي سَمِعْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1839 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ 1840 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ وَقَالَ الْمِسْوَرُ: === بَابُ يَكْتَحِلُ الْمُحْرِمُ 1838 - قوله: "اضمدهما" بضاد معجمة وميم مسكورة، أي ألطخهما و"الصبر" بفتح صاد مهملة وكسر موحدة في الأشهر معلوم. بَابُ الْمُحْرِمِ يَغْتَسِلُ 1840 - قوله: "بالأبواء" بفتح همزة وسكون موحدة ومد: جبل بين الحرمين، وقوله: "بالقرنين" هما قرنا البير المبنيان على جانبيها وهما خشبتان في

باب المحرم يتزوج

لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فَأَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدَهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: مَنْ هَذَا قُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ: لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ، قَالَ: " فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ أَبُو أَيُّوبَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ 1841 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَسْأَلُهُ === جانبي البير لأجل البكرة، وقوله: "كيف كان ... " إلخ لا يخلو عن إشكال؛ لأن الاختلاف بينهما كان في الأصل الغسل لا في كيفيته، فالظاهر أن إرساله كان للسؤال عن أصله إلا أن يقال: أرسله ليسأله عن الأصل والكيفية -على تقدير جواز الأصل- معا فلما علم جواز الأصل بمباشرة أبي أيوب سكت عنه وسأل عن الكيفية، لكن قد يقال: محل الخلاف وهو الغسل بلا احتلام فمن أين علم بمجرد فعل أبي أيوب جواز ذلك، إلا أن يقال: لعله علم ذلك بقرائن وأمارات والله تعالى أعلم. بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ 1841 - قوله: "إلى أبان" بفتحتين مخففتان، "أن أنكح" من الإنكاح،

وَأَبَانُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ، ابْنَةَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ تَحْضُرَ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانُ، وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبِي عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ». 1842 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، ويَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مِثْلَهُ زَادَ «وَلَا يَخْطُبُ». 1843 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ ابْنِ أَخِي مَيْمُونَةَ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفَ». === وقوله: "لا ينكح" بفتح الياء، أي لا يعقد لمسه و"لا ينكح" بضم الياء، أي لا يعقد لغيره وكلاهما يحتمل النهي، والنفي بمعنى النهي. 1842 - قوله: "ولا يخطب" من الخطبة بكسر الخاء وهذا يمنع تأويل النكاح في الحديث بالجماع كما قيل. 1843 - قوله: "بسرف" بكسر الراء اسم موضع (¬1). ¬

_ (¬1) سرف: هو موضع على ستة أميال من مكة. وقيل: سبعة أو تسعة واثني عشر تزوج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة بنت الحارث وهناك بنى بها وهناك توفيت. معجم البلدان - الحموي - 3/ 212 صادر بيروت.

1844 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ». 1845 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. === 1845 - قوله: "وهم ابن عباس" وبهذا أخذ غالب أهل الحديث والفقهاء، فرأوا حديث ابن عباس وهمًا ورجحوا حديث ميمونة ورافع لكون ميمونة صاحبة الواقعة فهي أعلم بها من غيرها، ورافع كان سفيرًا بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبينهما وابن عباس كان إذ ذاك صغيرًا ولكن حديثهما أوفق بالحديث القولي الَّذي رواه عثمان رضي الله عنه، وقالوا: ولو سلم أن حديث ابن عباس يعارض حديث ميمونة لسقط الحديث للتعارض، ويبقى حديث عثمان القولي سالمًا عن المعارضة فيؤخذ به، ولو سلم أن حديث ابن عباس لا يسقط ولا يعارض حديث ميمونة ورافع فلا شك أنَّه حكاية فعل يحتمل الخصوص، وحديث عثمان قول نص في التشريع فيؤخذ به قطعًا على مقتضى القواعد، وقال بعضهم: بل حديث ابن عباس أرجح سندًا، فقد أخرجه الستة (¬1) فلا يعارض شيء من حديث ميمونة وأبي رافع، والأصل في الأفعال العموم فتقدم على حديث عثمان أيضًا ويؤخذ به دون غيره والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في المغازي (4258) وفي النكاح (5114)، ومسلم في النكاح (1410)، والترمذي في الحج (842، 843، 844) وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في الحج (2837، 2840)، وفي النكاح (3271 - 3274)، وابن ماجة في النكاح (1965).

باب ما يقتل المحرم من الدواب

بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ 1846 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ، فَقَالَ: خَمْسٌ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحِلِّ وَالْحُرُمِ: الْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْغُرَابُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. 1847 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ فِي الْحُرُمِ: الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ. 1848 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: «الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفُوَيْسِقَةُ، وَيَرْمِي === بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ 1846 - وقوله: "الفأرة" بهمزة ساكنة وتسهل و"الحدأة" بكسر حاء مهملة وفتح دال بعدها همزة كعنبة أحسن الطيور تخطف أطعمة الناس من أيديهم، و"العقور" بفتح العين مبالغة عاقر وهو الجارح المفترس. 1848 - قوله: "الفويسقة" هي الفأرة تصغير فاسقة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها "ويرمي الغراب"، قال الخطابي: يشبهه أن يكون المراد به

باب لحم الصيد للمحرم

الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالسَّبُعُ الْعَادِي». بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ 1849 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ الْحَارِثُ، خَلِيفَةُ عُثْمَانَ عَلَى الطَّائِفِ فَصَنَعَ لِعُثْمَانَ طَعَامًا فِيهِ مِنَ الحَجَلِ وَالْيَعَاقِيبِ وَلَحْمِ الْوَحْشِ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَجَاءَهُ الرَّسُولُ وَهُوَ يَخْبِطُ لِأَبَاعِرَ لَهُ فَجَاءَهُ وَهُوَ يَنْفُضُ الْخَبَطَ عَنْ يَدِهِ، فَقَالُوا لَهُ: كُلْ، فَقَالَ: أَطْعِمُوهُ قَوْمًا حَلَالًا؛ فَأَنَا حُرُمٌ فَقَالَ: عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْشُدُ اللَّهَ === الغراب الصغير الَّذي يؤكل وهو الَّذي استثناه مالك من جملة الغربان (¬1)، "والسبع العادي" أي الظالم الَّذي يفترس الناس والدواب. بَابُ لَحْمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ 1849 - قوله: "فيه من الحجل" بتقديم الحاء المهملة المفتوحة على الجيم المفتوحة، طائر معروف جمع حجلة، "اليعاقيب" جمع يعقوب طائر معروف أيضًا. قوله: "وهو يخبط" من الخبط وهو ضرب الشجرة بالعصا ليتناثر ورقها لعلف الإبل، و "الخبط" بفتحتين: الورق الساقط بمعنى مخبوط و"أباعر" جمع بعير "ينفض الخبط" أي يزيله ويدفعه، و"حرم" بضمتين جمع حرام بمعنى محرم، وقول: "أهدى إِليه رجل حمار وحشي" يحتمل أنَّه على بناء الفاعل ورجل بفتحتين فاعله وحمار وحشي مفعوله ويحتمل أنَّه على بناء المفعول، ¬

_ (¬1) معالم السنن 2/ 185.

مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ أَشْجَعَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى إِلَيْهِ رَجُلٌ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ؟ ، قَالُوا: نَعَمْ. 1850 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَ إِلَيْهِ عَضُدُ صَيْدٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَقَالَ: «إِنَّا حُرُمٌ»، قَالَ: نَعَمْ. 1851 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي الْإِسْكَنْدَرَانِيَّ الْقَارِيَّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ === ورجل بكسر راء وسكون جيم نائب الفاعل وهو مضاف إلى ما بعده وهذا مذهب، وغالب العلماء على أن المنع لغير الصايد إذا صيد له والله تعالى أعلم. 1851 - وقوله: "أو يصد" بالنصب على أن "أو" بمعنى إلا أن، أي هو حلال مدة عدم مباشرتكم بالصيد، إلا أن يصاد لكم فهو حرام، ومعنى "أن تصيدوا" أن تباشروا بصيده ولو إشارة ودلالة، وقال السيوطي: أو يصاد لكم هكذا في النسخ أي بثبوت الألف والجاري على قوانين العربية أو يصد لأنه معطوف على المجزوم (¬1). قلت: بلى هو بالألف في الترمذي وغيره (¬2) أيضًا ووجه ثبوت الألف ¬

_ (¬1) سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية الإمام السندي 5/ 187. (¬2) الترمذي في الحج (846) النسائي في الكبرى في الحج (3810/ 2). والحاكم في المستدرك في الحج: 1/ 476 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ، مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِذَا تَنَازَعَ الْخَبَرَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْظَرُ بِمَا أَخَذَ بِهِ أَصْحَابُهُ. 1852 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، قَالَ: فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَى بَعْضُهُمْ فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ تَعَالَى». === ما سبق والله تعالى أعلم. 1852 - قوله: "تخلف" أي تأخر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله: "أن يناولوه سوطه" وقد نسيه كما في رواية أو سقط عنه كما في أخرى وجمع بينهما بأن أريد بالسقوط النسيان أو العكس تجوزا، وقوله "ثم شد" أي حمل عليه، وقوله: "وأبى بعضهم" أي امتنعوا عن الأكل و"طعمة" بضم فسكون، أي طعام والمقصود بنسبه للإطعام إليه تعالى قطع السبب عنهم أي فلا إثم عليكم وإلا فكل الطعام مما يطعم الله تعالى عبده فافهم والله تعالى أعلم.

باب [في] الجراد للمحرم

بَابٌ [فِي] الْجَرَادِ لِلْمُحْرِمِ 1853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ». 1854 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَصَبْنَا صِرْمًا مِنْ جَرَادٍ فَكَانَ رَجُلٌ مِنَّا يَضْرِبُ بِسَوْطِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يَصْلُحُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ». سَمِعْت أَبَا دَاوُد === بَابٌ [فِي] الْجَرَادِ لِلْمُحْرِمِ 1853 - قوله: "ابن جابان" بجيم وموحدة ونون (¬1)، قوله: "الجراد من صيد البحر". قيل: أن الجراد يتولد من الحيتان فيطرحها البحر إلى الساحل، وأنكر كثير ذلك، وقال: هو مستقر في الأرض ويقوت بما تخرج الأرض من نباتها، ويحتمل أن معنى كونه من صيد البحر أنَّه في حكمه في حل الأكل بلا تزكية. 1854 - قوله: (عن أبي المهزم) (¬2) بكسر الزاي المشددة أو بالفتح، قوله: ¬

_ (¬1) ميمون بن جابان: بجيم وموحدة البصري، أبو الحكيم، مقبول من السادسة تقريب التهذيب 2/ 291. (¬2) أبي المهزم: بتشديد الزاي المكسورة التميمي البصري، اسمه يزيد، وقيل: عبد الرحمن بن سفيان، متروك، من الثالثة. تقريب التهذيب 2/ 478.

باب في الفدية

يَقُولُ: أَبُو الْمُهَزِّمِ ضَعِيفٌ وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا وَهْمٌ. 1855 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: «الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ». بَابٌ فِي الْفِدْيَةِ 1856 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ: قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْلِقْ، ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ». 1857 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «إِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نَسِيكَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، === "صرمًا" بكسر صاد مهملة وسكون راء، قطعة من الجماعة الكبيرة. بَابٌ فِي الْفِدْيَةِ 1856 - قوله: "نسكًا" الضمتين صفة شاة أي هديًا وذكره لبيان أنَّه لا يجزيء من الشاة إلا ما يصلح أن يكون هديًا أو هو مفعول لأجله، أي أذبح لأجل التعبدية. 1857 - قوله: "فأنسك نسيكة" أي اذبح ذبيحة.

وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ». 1858 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَقَالَ: «أَمَعَكَ دَمٌ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ». 1859 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ أَخْبَرَهُ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَهُ فِي رَأْسِهِ أَذًى فَحَلَقَ «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهْدِيَ هَدْيًا بَقَرَةً». 1860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبَانُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: أَصَابَنِي هَوَامُّ فِي رَأْسِي وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى تَخَوَّفْتُ عَلَى بَصَرِي === 1859 - قوله: "أن رجلًا من الأنصار" في التقريب هو عبد الرحمن بن أبي يعلى (¬1). 1860 - قوله: "فرقًا" بفتحتين: مكيال يسع ثلاثة أصوع (¬2) وجوز سكون ¬

_ (¬1) تقريب التهذيب: 1/ 503. (¬2) في الأص [أصيع].

باب الإحصار

فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيَّ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] الْآيَةَ. فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ انْسُكْ شَاةً»، فَحَلَقْتُ رَأْسِي، ثُمَّ نَسَكْتُ. 1861 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ زَادَ أَيُّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ. بَابُ الْإِحْصَارِ 1862 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ === الراء قيل بالسكون، مائة وعشرون رطلًا. بَابُ الْإِحْصَارِ 1862 - قوله: "عن كسر أو عرج" إلخ كسر على بناء المفعول و"عرج" بكسر الراء على بناء الفاعل في الصحاح بفتح الراء إذا أصابه شيء في رجله فجعل يمشي مشية العرجان (¬1) وبالكسر إذا كان ذلك خلقه، وفي النهاية وكذا إذا صار أعرج (¬2)، أي من أحرم ثم أحدث له بعد الإحرام مانع من المضي على ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: مادة (عرج) ص 422. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر. ابن الأثير: 3/ 203.

الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ». قَالَ عِكْرِمَةُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا: صَدَقَ. 1863 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَسَلَمَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ أَوْ مَرِضَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، قَالَ: سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ. 1864 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيَّ، يُحَدِّثُ أَبِي مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ، قَالَ: خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا عَامَ حَاصَرَ أَهْلُ الشَّامِ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ وَبَعَثَ مَعِي رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي بِهَدْيٍ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مَنَعُونَا أَنْ نَدْخُلَ الْحَرَمَ فَنَحَرْتُ الْهَدْيَ مَكَانِي، ثُمَّ أَحْلَلْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ === مقتضى الإحرام غير إحصار العدو بأن كان أحد كسر رجله أو صار أعرج من غير صنع؛ من يجوز له أن يترك الإحرام فبيان لم يشترط التحلل، وقيده بعضهم بلا اشتراط، ومن يرى أنَّه من باب الإحصار لعله يقول: معنى حل كاد أن يحل قبل أن يصل إلى نسكه بأن يبعث الهدي مع أحد ويواعده يومًا بعينه بذبحهما فيه في الحرم فيتحلل بعد الذبح. 1864 - قوله: "يبدلوا الهدي" من الإبدال، قيل: سبب أمره صلى الله تعالى عليه وسلم الصحابة بإبدال هداياهم أنهم ذبحوها عام الحديبية خارج الحرم فاحتج من منع دم الإحصار في الحل بأن الأمر بالإبدال دليل على عدم إجزاء ما

باب دخول مكة

الْعَامِ الْمُقْبِلِ خَرَجْتُ لِأَقْضِيَ عُمْرَتِي فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «أَبْدِلِ الْهَدْيَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُبَدِّلُوا الْهَدْيَ الَّذِي نَحَرُوا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ». بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ 1865 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ «إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طَوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ نَهَارًا وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَهُ». 1866 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَرْمَكِيُّ، حَدَّثَنَا مَعِنٌ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَابْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، جَمِيعًا، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا» قَالَا: عَنْ يَحْيَى، إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءَ مِنْ ثَنِيَّةِ الْبَطْحَاءِ وَيَخْرُجُ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى». زَادَ الْبَرْمَكِيُّ يَعْنِي ثَنِيَّتَيْ مَكَّةَ وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَتَمُّ. 1867 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ === ذبح في خارج الحرم. بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ 1867 - قوله: "من الشجرة" هي شجرة كانت بذي الخليفة، و"المعرس" اسم مفعول من التعريس وهو موضع على ستة أميال من المدينة، قيل: مخالفة

باب في رفع اليد [ين] إذا رأى البيت

الشَّجَرَةِ، وَيَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ الْمُعَرَّسِ». 1868 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ، وَدَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ كُدًى». قَالَ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَدْخُلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَكَانَ أَكْثَرُ مَا كَانَ يَدْخُلُ مِنْ كُدًى وَكَانَ أَقْرَبَهُمَا إِلَى مَنْزِلِهِ. 1869 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا». بَابٌ فِي رَفْعِ الْيَدَ [يْنِ] إِذَا رَأَى الْبَيْتَ 1870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعِينٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَزْعَةَ، يُحَدِّثُ، عَنِ الْمُهَاجِرِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ " الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَرَى أَحَدًا يَفْعَلُ هَذَا إِلَّا الْيَهُودَ وَقَدْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ». === الطريق تفاؤل الحال إلى أكمل منه. 1868 - قوله: "من كداء من أعلى مكة" فتح كاف ومد منونًا الثنية العليا مما يلي المقابر، وقوله: "في العمرة من كدى" بالضم والقصر والصرف الثنية السفلى مما يلي باب العمرة.

باب في تقبيل الحجر

1871 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ» - يَعْنِي يَوْمَ الْفَتْحِ -. 1872 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، وَهَاشِمٌ يَعْنِي ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ مَكَّةَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَعَلَاهُ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللَّهَ مَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوهُ». قَالَ: وَالْأَنْصَارُ تَحْتَهُ، قَالَ هَاشِمٌ: فَدَعَا وَحَمِدَ اللَّهَ وَدَعَا بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ. بَابٌ فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ 1873 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === بَابٌ فِي رَفْعِ الْيَدَ [يْنِ] إِذَا رَأَى الْبَيْتَ 1872 - قوله: "حيث ينظر" أي وقف من حيث ينظر إلى البيت، وقوله: "والأنصار تحته" في بعض النسخ "الأنصاب تحته" بالباء يمعنى الأحجار المنصوبة للصعود إلى الصفا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ 1873 - قوله: "فقبّله فقال" أي للحجر مخاطبًا إياه ليسمع الحاضرون

باب استلام الأركان

إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ، فَقَالَ: «إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ». بَابُ اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ 1874 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ». 1875 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أُخْبِرَ بِقَوْلِ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «إِنَّ الْحِجْرَ بَعْضُهُ مِنَ الْبَيْتِ»، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّ عَائِشَةَ إِنْ كَانَتْ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكِ اسْتِلَامَهُمَا إِلَّا أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ الْبَيْتِ === ويعلمون أن المقصود الاتباع لا تعظيم الحجر كما كان عليه عبدة الأوثان، فالمطلوب تعظيم أمره تعالى واتباع أمر نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم. بَابُ اسْتِلَامِ الْأَرْكَانِ 1875 - قوله: "أن الحجر" بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم الموضع المسمى بالحطيم، وقوله: "لم يترك استلامهما" أي استلام الركنين اللذين في جانب الحجر، وقوله: "على قواعد البيت" أي القواعد الأصلية التي بنى إبراهيم البيت

باب الطواف الواجب

وَلَا طَافَ النَّاسُ وَرَاءَ الْحِجْرِ إلا لِذَلِكَ. 1876 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ». قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ 1877 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «طَافَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ». 1878 - حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْيَامِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، === عليها. قوله: "والحجر" أي الأسود. بَابُ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ 1877 - قوله: "على بعير" أي على راكب عليه، "بمحجن" بكسر الميم وسكون الحاء المهملة هو عصا معوج الرأس، وقد جوز العلماء الركوب في الطواف لعذر وحملوا عليه فعله لما سيجيء أنَّه قدم مكة وهو يشتكي وأنه طاف راكبًا ليراه الناس، فيحتمل أنَّه فعل ذلك للأمرين.

حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا اطْمَأَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ طَافَ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ»، قَالَتْ: «وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ». 1879 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ مَعْرُوفٍ يَعْنِي ابْنَ خَرَّبُوذَ الْمَكِّيَّ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ يُقَبِّلُهُ». زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَطَافَ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ. 1880 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ». === 1879 - قوله: "خرَّبوذ" بفتح الحاء المعجمة والراء المشددة وضم الموحدة وسكون الواو وذال معجمة (¬1). 1880 - قوله: "وليشرف" أي ليطلعوا عليه، وقوله: "غشوه" أي ازدحموا عليه وكثروا. ¬

_ (¬1) ابن خربوذ المكي: اسمه معروف، ولهم آخر اسمه سالم بن سرج، ويقال: اسمه النعمان، تقريب التهذيب 2/ 503.

باب الاضطباع في الطواف

1881 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِي «فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ». 1882 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ: «طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ»، قَالَتْ: فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ وَهُوَ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ. بَابُ الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ 1883 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى، قَالَ: «طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ». 1884 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ === 1882 - قوله: "شكوت" أي أظهرت إليه صلى الله تعالى عليه وسلم أني مريضة. بَابُ الِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ 1884 - قوله: "من الجعرانة" بكسر جيم وسكون عين وتخفيف راء وقد

باب في الرمل

بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ «اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمُ الْيُسْرَى». بَابٌ فِي الرَّمَلِ 1885 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْغَنَوِيُّ [ص: 178]، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَمَلَ بِالْبَيْتِ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، قَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قُلْتُ: وَمَا صَدَقُوا، وَمَا كَذَبُوا، قَالَ: " صَدَقُوا، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَبُوا، لَيْسَ بِسُنَّةٍ إِنَّ قُرَيْشًا قَالَتْ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ دَعُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ حَتَّى يَمُوتُوا مَوْتَ النَّغَفِ فَلَمَّا صَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجِيئُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَيُقِيمُوا بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «ارْمُلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا»، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، قُلْتُ: يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === تفتح الجيم وتشدد الراء موضع قريب من مكة. بَابٌ فِي الرَّمَلِ 1885 - قوله: "موت النغف" بنون وعين معجمة مفتوحتين وفاء؛ دود يكون في أنوف الإبل والغنم أي من كثرة ما يكون بالمدينة من الوباء والأمراض، و"قعيقان" بضم القاف الأولى وكسر الثانية؛ جبل بمكة لينظروا إلى ضعف الصحابة بواسطة حمى المدينة ووبائها، وقوله: "ليس بسنة" أي ما فعله تشريعًا

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ، فَقَالَ: صَدَقُوا وَكَذَبُوا، قُلْتُ: مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا؟ قَالَ: صَدَقُوا قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَذَبُوا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، كَانَ النَّاسُ لَا يُدْفَعُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُصْرَفُونَ عَنْهُ، فَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ لِيَسْمَعُوا كَلَامَهُ وَلِيَرَوْا مَكَانَهُ وَلَا تَنَالُهُ أَيْدِيهِمْ. 1886 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ الْحُمَّى وَلَقُوا مِنْهَا شَرًّا فَأَطْلَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا قَالُوهُ: " فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ رَمَلُوا قَالُوا: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ أَنَّ الْحُمَّى قَدْ وَهَنَتْهُمْ هَؤُلَاءِ أَجْلَدُ مِنَّا ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ. 1887 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا === للناس وقصدًا لاقتدائهم به فيه حتَّى يكون سنة وإنما فعله دفعًا لطعن المشركين وما هذا سبيله لا يكون سنة. 1886 - قوله: "إلا إبقاء عليهم" أي لأجل الشفقة عليهم فهو منصوب مفعول لأجله. 1887 - قوله: "فيم الرملان" بفتحتين مصدر رمل، وهو إسراع المشي مع

هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: «فِيمَ الرَّمَلَانُ الْيَوْمَ وَالْكَشْفُ عَنِ المَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ مَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ». 1889 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === تقارب الخطى في الطواف، وقيل: تثنية رمل وأراد رمل الطواف والسعي تغليبًا واستبعد (¬1) بأن رمل الطواف هو الَّذي شرع في عمرة القضاء ليرى المشركين قوتهم حيث قالوا: وهنتهم حمى يثرب، وأما السعي بين الصفا والمروة فهو شعار قديم من عهد إبراهيم - عليه السلام -. فالمراد بقول عمر رمل الطواف فقط فلا وجه للتثنية، وقوله: "أطأ الله" بتشديد الطاء أي ثبته وأحكمه، والهمزة الأولى فيه بدل من واو وطاء. 1889 - قوله: "كانوا إذا بلغوا" إلخ أي رملوا من الحجر الأسود إلى الركن اليماني لا في تمام الدورة؛ لأن المشركين كانوا في الجهات الثلاث فقط وما كان. ¬

_ (¬1) في الأصل [استعد].

باب الدعاء في الطواف

اضْطَبَعَ فَاسْتَلَمَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَكَانُوا، إِذَا بَلَغُوا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَتَغَيَّبُوا مِنْ قُرَيْشٍ مَشَوْا، ثُمَّ يَطْلُعُونَ عَلَيْهِمْ يَرْمُلُونَ، تَقُولُ قُرَيْشٌ: كَأَنَّهُمُ الْغِزْلَانُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَتْ سُنَّةً. 1890 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ «اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ ثَلَاثًا، وَمَشَوْا أَرْبَعًا». 1891 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «رَمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ». بَابُ الدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ 1892 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً === منهم أحد فيما بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود، ولكن صح أنهم رملوا كما سيجيء، والإثبات مقدم على النفي فلذلك أخذ العلماء بذلك، وقوله: "كأنهم الغزلان" كغلمان جمع غزال، وقوله: "فكانت سنة" كأنه رجوع إلى قول الجماعة من أنَّه سنة بعد ما تقدم منه من النفي والله تعالى أعلم. 1891 - قوله: "من الحجر إِلى الحجر ذي رمل" في تمام دورة الطواف.

باب الطواف بعد العصر

وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». 1893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدَمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَيَمْشِي أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ». بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ 1894 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَالْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ». قَالَ الْفَضْلُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا. === بَابُ الطَّوَافِ بَعْدَ الْعَصْرِ 1894 - قوله: "لا تمنعوا أحدا" إلخ الظاهر أن المعنى لا تمنعوا أحدًا دخل المسجد للطواف، والصلاة عند الدخول آية ساعة يريد الدخول، فقوله: "أي ساعة" ظرف لقوله: "لا تمنعوا" إلا طاف وصلّى، ففي دلالة الحديث على المطلوب بحث، وكيف والظاهر أن الطواف والصلاة حين يصلي الإمام الجمعة، بل حين يخطب الخطيب يوم الجمعة، بل حين يصلي الإمام إحدى الصلوات الخمس غير مأذون فيهما للرجال والله تعالى أعلم.

باب طواف القارن

بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ 1895 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافَهُ الْأَوَّلَ». 1896 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ «لَمْ يَطُوفُوا حَتَّى رَمَوْا الْجَمْرَةَ». 1897 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنِي الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا، قَالَ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَرُبَّمَا، قَالَ: عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. === بَابُ طَوَافِ الْقَارِنِ 1895 - قوله: "ولا أصحابه" أي الذين وافقوه في القرآن، وقيل: بل مطلقًا، والصحابة كانوا ما بين قارن ومتمتع وكل منهما يكفيه سعى واحد والله تعالى أعلم. 1896 - قوله: "لم يطوفوا" أي الطواف الركن كما تقدم، والمراد من الصحابة من وافضه في القران وهو المراد بالمعية والله تعالى أعلم.

باب الملتزم

بَابُ الْمُلْتَزَمِ 1898 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قُلْتُ: لَأَلْبَسَنَّ ثِيَابِي وَكَانَتْ دَارِي عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَأَنْظُرَنَّ كَيْفَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «قَدْ خَرَجَ مِنَ الْكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ اسْتَلَمُوا الْبَيْتَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الْحَطِيمِ وَقَدْ وَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَهُمْ». 1899 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جِئْنَا دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلَا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: «نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ»، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ». === بَابُ الْمُلْتَزَمِ 1898 - قوله: "لألبسن" بفتح الباء، وقوله: "من الباب إلى الحطيم" لا يخفى أن الملتزم وما بين الباب والركن فكان الاستدلال بهذا الحديث بالمقايسة؛ فإنه لما ثبت استلام هذا الموضع يقاس عليه استلام الملتزم.

باب أمر الصفا والمروة

1900 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا السَّائِبُ بْنُ عَمْرٍو الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُودُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَيُقِيمُهُ عِنْدَ الشُّقَّةِ الثَّالِثَةِ مِمَّا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ مِمَّا يَلِي الْبَابَ، فَيَقُولُ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُنْبِئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي هَا هُنَا؟ ، فَيَقُولُ: «نَعَمْ»، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي. بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ 1901 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أَرَأَيْتِ === 1900 - قوله: "كان يقود" إلخ حين عمي رضي الله عنه "والشقة" بضم الشين: الناحية أي ناحية الملتزم لا ناحية المستجار، "أنبئت" على بناء المفعول على صيغة الخطاب بتقدير فاء الاستفهام أي هل أخبرت. بَابُ أَمْرِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ 1901 - قوله: "أن لا يطوف بهما" أي في أن لا يطوف بتقدير "في"الجر من أن، وقوله: "لو كان كما تقول أي لو كان المراد بالنص ما تقول وهو عدم الوجوب لكان نظمه: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، تريد أن الَّذي يستعمل للدلالة على عدم الوجوب علينا هو رفع الإثم عن الترك، وأما رفع الإثم عن الفعل فقد يستعمل في القول المباح وقد يستعمل في المندوب أو الواجب أيضًا بناءً

قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] فَمَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَلَّا لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ: كَانَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَنْصَارِ كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158]. 1902 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اعْتَمَرَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ». فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ قَالَ: لَا. === على أن المخاطب يتوهم فيه الإثم فيخاطب بنفي الإثم، وإن كان الفعل في نفسه واجبًا وفيما نحن فيه كذلك، فلو كان المقصود في هذا المقام الدلالة على عدم الوجوب علينا لكان الكلام اللائق بهذه الدلالة هو أن يقال: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وقوله: "حذو وقديد" موضع معروف بين الحرمين "وكانوا" أي يومئذ "يخرجون" على الوضع الجاهلي. 1902 - قوله: "أدخل رسول الله صلى الله تعالى عيه وسلم الكعبة" أي يومئذ أو في تلك العمرة، ويحتمل أن جوابه بقوله: "لا" لأنه ما علم بالدخول أصلا والله تعالى أعلم.

باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

1903 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى بِهَذَا الْحَدِيثِ زَادَ ثُمَّ أَتَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فَسَعَى بَيْنَهُمَا سَبْعًا ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ. 1904 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنِّي أَرَاكَ تَمْشِي وَالنَّاسُ يَسْعَوْنَ قَالَ: «إِنْ أَمْشِ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي وَإِنْ أَسْعَ فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْعَى وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ». بَابُ صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1905 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيَّانِ، وَرُبَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ === 1904 - قوله: (جمهان) بضم الجيم (¬1). بَابُ صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 1905 - قوله "فأهوى بيده إلى رأسي" أي مدها إليه "فنزع زرِّي" هو بكسر الزاء المعجمة وتشديد الراء واحد إزار القميص فعل ذلك إظهارًا للمحبة وإعلامًا بالمودة لأصل بيت النبوة، "في نساجة" بكسر نون وسين وجيم ضرب من ¬

_ (¬1) كثير بن جمهان السلمي، أبو جعفر، مقبول، من الثالثة. تقريب التهذيب 2/ 131.

مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهِ، سَأَلَ عَنِ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى، ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ، وَأَهْلًا يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى وَجَاءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا يَعْنِي ثَوْبًا مُلَفَّقًا كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا، فَصَلَّى بِنَا وَرِدَاؤُهُ === الملاحف منسوج كأنها سميت بالمصدر، يقال: نسجت نسجًا ونساجة (¬1) وروي "ساجة" بحذف النون وهي الطيلسان قيل: هو الصحيح، وليس كذلك بل كلاهما صحيح. قوله: "يعني ثوْبًا ملفقًا" تفسير للنساجة "على المشجب" بميم مسكورة فشين معجمة ساكنة فجيم فموحدة أعواد تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب (¬2)، و"الحجة" بكسر الحاء وفتحها وجهان، "فقال بيده" أي أشار بيده. "مكث تسع سنين" بعد الهجرة "ثم أذن" بالتشديد أي نادى والمراد أمر بالنداء، أو بالتخفيف ومد الهمزة أي أعلم وأظهر، "حاج" (¬3) أي إلى الحج، "يلتمس" أي يطلب ويقصد، "يأتم" بتشديد الميم أي يقتدي، وقوله: "يعمل بمثل عمله" تفسير له "اغتسلي" أي للتنظيف لا للصلاة والتطهير، "واستذفري" الاستذفار بالذال المعجمة هو الإستثفار بالثاء المثلثة، قيل تقلب الثاء ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 5/ 46. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 2/ 445. (¬3) في الأصل [خارج].

إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْمَلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «اغْتَسِلِي وَاسْتَذْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي»، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، قَالَ: جَابِرٌ نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ === ذالًا وهو أنَّه تشد فرجها بخرقه ليمنع سيلان الدم، ثم "ركب القصواء" بفتح القاف والمد، قال القاضي عياض وروي بضم القاف وهو خطأ (¬1)، وهي لغة الناقة التي قطع طرف أذنها، وهاهنا اسم لناقته صلى الله تعالى عليه وسلم بلا قطع أذن، وقيل: بل للقطع (¬2)، "حتَّى إذا استوت به ناقته" أي علت به أو قامت مستوية على قوائمها، والمراد أنَّه بعد تمام طلوع البيداء لا في أثناء طلوعه، و"البيداء" المفازة وهاهنا اسم موضع قريب من مسجد ذي الحليفة وجوابه إذا. قوله: "فأهل" والفاء زائدة مثل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (¬3) في ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 173. ط دار الكب العلمية. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 4/ 75. (¬3) سورة النصر: (3).

مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ، وَهُوَ يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ فَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ» وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلْبِيَتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا === جواب: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ} (¬1) وجملة: "قال جابر نظرت" إلخ معترضة إلى "مد بصري" أي منتهى بصري وأنكر بعض أهل اللغة ذلك، وقال: الصواب "مدى بصري" بفتح الميم قال النووي: ليس بمنكر بل هما لغتان والمد أشهر (¬2) قوله: من "بين يديه" أي قدامه "من راكب وماشي"، أي فرأيت من راكب وماشي ما لا يحصى "وعن يمينه مثل ذلك"، أي ورأيت عن يمينه مثل ذلك أو كان عن يمينه مثل ذلك، وعلى الأول مثل ذلك بالنصب وعلى الثاني بالرفع، و"عليه ينزل القرآن" إلخ وهو حث على التصد بما أخبر به عن فعله، "فأهل بالتوحيد" قيل: بالإفراد وهو غير صحيح بل المراد بتوحيد الله، أي لا تلبية أهل الجاهلية المشتملة على الشرك، و"لبيك" إلخ تفسير له بتقدير قال بهذا الَّذي يهلون به، قال القاضي: كقول عمر لبيك ذا النعماء والفضل لبيك مرهوبًا منك ومرغوبًا إليك وعن ابن عمر: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك ¬

_ (¬1) سورة النصر: (1). (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 173.

نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ. قَالَ: فَكَانَ أَبِي يَقُولُ قَالَ: ابْنُ نُفَيْلٍ، وَعُثْمَانُ وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ سُلَيْمَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، === والعمل، وكقول أنس: لبيك حقًّا تعبدًا ورقًا (¬1). قلت: وكقول القائل: لبيك عدد الرمال والتراب ونحو ذلك، "فلم يرد" أي فهو منه تقرير للزيادة فلا كراهة فيها، نعم حيث لزم تلبيته فهي أفضل "لسنا ننوي" أي غالبنا وإلا ففيهم من أعتمر كعائشة على ما سبق في حديث جابر نفسه أو قارن "فقرأ {وَاتْخِذُوْا} (¬2) " أي ليعلم تفسيره بالفعل الَّذي يباشره، "قال" أي جابر فكان أبي هو الأب المضاف إلى ياء المتكلم في الحج وهذا من كلام جعفر بن محمد يقول: إن محمدًا ذكر السورتين من قراءة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا من قراءة جابر، "ولا أعلمه" إلخ قال النووي: ليس شكا في رفعه لأن ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 8/ 741. (¬2) سورة البقرة آية (125).

يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَقَالَ: مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إِذَا صَعَدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَصَنَعَ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ، قَالَ: «إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً» فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === لفظة العلم تنافي الشك بل هو جزم برفعه (¬1)، وقد روى البيهقي بإسناد صحيح (¬2) بصيغة الجزم بـ {قُلْ هُوَ اللهُ} (¬3) أي في الركعة الأولى، بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬4) وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة، "نبدأ بما بدأ الله به" يفيد أن بداية الله ذكرًا يقتضي اليداية عملًا، والظاهر أنه يقتضي ندب البداية عملًا لا وجوبها، والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر، "فرقي" بكسر القاف، "ثم دعا بين ذلك" أي بين مرات هذا الذكر بما شاء وقال: هذا الذكر ثلاث مرات "انصبت قدماه" بتشديد الباء أي انحدرت بالسهولة حتَّى وصلت إلى بطن الوادي إذا صعد أي خرج من البطن إلى طرفه الأعلى، "مشى" أي سار على السكون "لو استقبلت" إلخ، أي لو كان سفري بعد ما ظهر لي عزم فسخ الحج ¬

_ (¬1) صحيح مسلم شرح النووي 8/ 176. (¬2) البيهقي في السنن في الحج: 5/ 7، 8، 9. (¬3) سورة الإخلاص: آية (1). (¬4) سورة الكافرون: آية (1).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَهُ فِي الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ» هَكَذَا مَرَّتَيْنِ «لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ، لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ» قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِمَّنْ حَلَّ، وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا، فَقَالَتْ: أَبِي، فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ: بِالْعِرَاقِ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي صَنَعَتْهُ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ فَأَخْبَرْتُهُ، أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ === وجعله عمرة؛ أراد تطييب قلوبهم بالفسخ وعدم الوفاق معه صلى الله تعالى عليه وسلم. "جعشم" بفتح الجيم وضم الشين المعجمة وفتحها كذا ضبطه السيوطي في حاشية مسلم (¬1)، وضبط في المفاتيح بضم الجيم والشين (¬2)، "هذا" أي التمتع عند الجمهور والفسخ عند أحمد والظاهرية، فعلى الأول دخلت العمرة في الحج، أي في أشهر الحج وصحت، وعلى الثاني: دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة "لا" لا في هذا العام وحده بل لا بد بديل إلى آخر الدهر، "ببدن" بضم فسكون أو بضمتين جمع بدنة، "محرشًا" من التحريش وهو الغراء، قيل: أريد به هاهنا ذكر ما يوجب عتابه لها، ¬

_ (¬1) سراقة بن جعشم الكنعاني ثم المدلجي، أبو سفيان صحابي مشهور من مسلمة الفتح، مات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل: بعدها. تقريب التهذيب: 1/ 284. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 179.

عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، فَقَالَ: «صَدَقَتْ، صَدَقَتْ مَاذَا، قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ» قَالَ: قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحْلِلْ» قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ مِائَةً فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === "حين فرضت الحج" أي ألزمته نفسك بالإحرام، "ووجهوا" بتشديد الجيم أي توجهوا كما في رواية مسلم (¬1) أي وجهوا وجوههم أو رواحلهم، "بنمرة" بفتح النون وكسر الميم، "المشعر الحرام" جبل بمزدلفة، "فأجاز" أي جاوز مزدلفة، "زاغت الشمس" أي زالت، "فرحلت" بتخفيف الحاء أي جعل عليها الرحل، "بطن الوادي" هو وادي عرنة بضم العين وفتح الراء ونون، "إن دماءكم وأموالكم" قيل تقديره. سفك دماءكم وأخذ أموالكم؛ إذ الزوات لا توصف بتحليل ولا تحريم فيقدر في كل ما يناسبه. قلت: يمكن أن يقدر واحد عام فيحمل بالنظر إلى كل على ما يليق به كتناول دمائكم وتعرضها، ثم ليس الكلام من مقابلة الجمع للجمع لإفادة التوزيع حتَّى يصير المعنى أن دم كل أحد وماله حرام عليه، بل الأول لإفادة العموم أي دم كل أحد حرام عليه وعلى غيره، والثاني لإفادة أن مال كل أحد حرام على غيره، ويمكن أن يقال: المعنى فيهما أن دم كل أحد وماله حرام على غيره، وأما حرمة الدم على نفسه فليس بمقصودة في هذا الحديث وإنما هو معلوم من خارج، وذلك لأن تعرض المرء دم نفسه ممنوع طبعًا فلا حاجه إلى ذكره إلا نادرًا. ¬

_ (¬1) مسلم في الحج (1218).

وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى أَهَلُّوا بِالْحَجِّ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِمِنًى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ لَهُ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ بِنَمِرَةٍ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةٍ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَرَكِبَ === "كحرمة يومكم" تأكيد للتحريم وتوضيح له بناء على زعمهم، "تحت قدمي" إبطال الأمور الجاهلية بمعنى أنَّه لا مؤاخذة بعد الإسلام بما فعله في الجاهلية ولا قصاص ولا دية ولا كفارة بما وقع في الجاهلية من القتل، ولا يؤاخذ الزائد على رأس المال بما وقع في الجاهلية من عقد الربا، "بأمانة الله" أي أن الله ائتمنكم عليهن فيجب حفظ أمانته وصيانتها عن الضياع بمراعاة الحقوق، "بكلمة الله" أي بإباحته وحكمه، قيل: المراد بها الإيجاب والقبول أي بالكلمة التي أمر الله تعالى بها، وقيل: بالإباحة المذكورة في قوله: {فَانْكِحُوا} (¬1) أو قيل: كلمة التوحيد؛ إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم، وقيل: كلمه الله هي قوله تعالى: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحْسَانْ} (¬2) "ألا يوطئن" إلخ صيغة جمع الإناث من الإيطاء، قال ابن جرير في تفسيره معناه: أن لا يمكن من أنفسهن أحدًا ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (3). (¬2) سورة البققرة: آية (229).

حَتَّى أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دِمَاؤُنَا: دَمُ". قَالَ عُثْمَانُ: دَمُ ابْنُ رَبِيعَةَ " وَقَالَ سُلَيْمَانُ: دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وقَالَ: بَعْضُ هَؤُلَاءِ كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَانَا: رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، === سواكم، ورد بأنه لا معنى حينئذ لا شتراط الكراهة؛ لأن الزنا حرام على الوجوه كلها (¬1). قلت: يمكن الجواب بأن الكراهة في جماعهن يشمل عادة في الكل سوى الزوج، ولذلك قال ابن جرير: أحدًا سواكم. نعم لا يناسبه. قوله: "ضربًا غير مبرح" وقال الخطابي: معناه أن لا يأذنّ لأحد من الرجال (¬2) لا النساء، وقوله: "تكرهونه" أي تكرهون دخوله سواء أكرهتموه في نفسه أم لا، وقال النووي: المختار لا يأذنّ لأحد تكرهون دخوله في بيوتكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًّا أو امرأة أو أحدًا من محارم الزوجة (¬3)، و"مبرح" بكسر الراء المشددة بعدها حاء مهملة أي غير شديد ولا شاق، "وينكبها" بموحدة في آخره أي يميلها إليهم يريد بذلك أن يشهد الله عليهم ¬

_ (¬1) ابن جرير 5/ 39. (¬2) معالم السنن: 2/ 200، 201. (¬3) صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 184.

وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ، أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللَّهِ وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ " قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ، ثُمَّ قَالَ: بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُبُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ»، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا === تعالى؛ يقال: نكبت الإناء نكبًا ونكبته تنكيبًا، إذا أماله، وكبه جاء بمثناة من فوق موضع موحدة لكنه بعيد معنى، و"حبل المشاة" روي بمهملة مفتوحة وسكون باء موحدة أصله لما طال من الرمل وضخم، قيل: وهو المراد أضيف إلى المشاة لاجتماعهم هناك توقيًا عن مواقف الركاب، وقيل: بل المراد صف المشاة ومجتمعهم تشبيهًا له بحبل الرمل، وروي بجيم وباء مفتوحتين وأضيف إلى المشاة لأنهم يقدرون الصعود عيه دون الراكب، "وقد شنق" بفتح نون خفيفة من حد ضرب أي ضم وضيق "مورك رحله" بفتح ميم وكسر راء وفتحها؛ والرحل بالحاء المهملة معروف "وموركه" مقدمه، "السكينة" بالنصب أي الزموها "حبلا"

لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ» كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، قَالَ عُثْمَانُ: وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اتَّفَقُوا ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، قَالَ سُلَيْمَانُ: بِنِدَاءٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَرَقِيَ عَلَيْهِ، قَالَ عُثْمَانُ وَسُلَيْمَانُ: فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ، زَادَ عُثْمَانُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظُّعُنُ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، وَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، وَصَرَفَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ حَتَّى أَتَى مُحَسِّرًا، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّذِي يُخْرِجُكَ إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا بِمِثْلِ حَصَى === بمهملة فساكنة، والحبال في الرمال كالجبال في الحجر، "حتى أسفر" الضمير للفجر، "وسيما" أي حسنًا، "الظعن" بضم الظاء المعجمة والعين المهملة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج، "مُحسرًا" بكسر السين المشددة موضع معلوم،

الْخَذْفِ فَرَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَأَمَرَ عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ يَقُولُ: مَا بَقِيَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا، مِنْ مَرَقِهَا قَالَ سُلَيْمَانُ: ثُمَّ رَكِبَ، ثُمَّ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: «انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ»، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ. 1906 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَإِقَامَتَيْنِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ، وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ أَسْنَدَهُ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، وَوَافَقَ حَاتِمَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْنَادِهِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: === "بمثل حصى الخذف" بخاء وذال معجمتين هو الرمي بالأصابع، والمقصود بيان صغر الحصى، "ما غبر" بغين ثم باء، و"أشركه في هديه" ظاهره أنه جعل الهدي مشتركًا بينه وبين علي، فهو هن أدلة جواز المشتركة في الهدايا "وبضعة" بفتح الباء لا غير القطعة من اللحم، "لولا أن يغلبكم الناس" تبركًا بفعله واتباعًا له أو لعدهم ذلك من المناسك والله تعالى أعلم.

باب الوقوف بعرفة

فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعَتَمَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. 1907 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ نَحَرْتُ هَا هُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: «قَدْ وَقَفْتُ هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» وَوَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ: «قَدْ وَقَفْتُ هَا هُنَا وَمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ». 1908 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، بِإِسْنَادِهِ زَادَ «فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ». 1909 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرٍ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَدْرَجَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ قَوْلِهِ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، قَالَ: فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقَالَ فِيهِ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْكُوفَةِ، قَالَ أَبِي: هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِرٌ: فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا، وَذَكَرَ قِصَّةَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1910 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ === بَابُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1910 - قوله: "الحُمْس" بضم حاء وسكون ميم جمع أحمس؛ لأنهم

باب الخروج إلى منى

عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمُسَ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ قَالَتْ: فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ فَيَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضُ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199]. بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى 1911 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ الضَّبِّىُّ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى». 1912 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رَفِيعٍ، قَالَ: سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ: «بِمِنًى» قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ ، قَالَ: === تحمسوا في دينهم أي تشددوا، فذلك قوله تعالى {ثُمَّ أَفِيضُوا} أي ادفعوا إنفسكم أو مطاياكم أيها القريش {مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (¬1) أي غيركم وهو عرفات والمقصود: أي ارجعوا عن ذلك المكان، ولا شك أن الرجوع من ذلك المكان يستلزم الوقوف فيه لأنه مسبوق بالوقوف فلزم من ذلك الأمر بالوقوف من حيث وقف الناس وهو عرفة. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (199).

باب الخروج إلى عرفة

«بِالْأَبْطَحِ»، ثُمَّ قَالَ: «افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ». بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ 1913 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «غَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ، وَهِيَ مَنْزِلُ الْإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَةَ». === بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى عَرَفَةَ 1913 - قوله: "مهجرًا" من التهجير أي مبكرًا مبادرًا، "ثم خطب الناس" يدل على أن الخطبة كانت بعد الصلاة، وحديث جابر الطويل المتقدم يدل على خلافه وعليه عمل العلماء، قال ابن حزم: روايه ابن عمر لا تخلو عن أحد وجهين لا ثالث لهما؛ إما أن يكون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خطب كما روى جابر ثم جمع بين الصلاتين، ثم كلم صلى الله تعالى عليه وسلم الناس ببعض ما يأمرهم به ويعظهم فيه فسمي ذلك الكلام خطبة، فيتفق الحديثان بذلك وهذا أحسن لمن فعله فإن لم يكن هذا فحديث ابن عمر والله تعالى أعلم، وهم من بين أحمد بن حنبل وابن نافع والله تعالى أعلم.

باب الرواح إلى عرفة

بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ 1914 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا أَنْ قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ أَيَّةُ سَاعَةٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُوحُ فِي هَذَا الْيَوْمِ قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ رُحْنَا» فَلَمَّا أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَنْ يَرُوحَ، قَالُوا: لَمْ تَزِغِ الشَّمْسُ، قَالَ: «أَزَاغَتْ»، قَالُوا: لَمْ تَزِغْ أَوْ زَاغَتْ، قَالَ: " فَلَمَّا قَالُوا: قَدْ زَاغَتْ ارْتَحَلَ. بَابُ الْخُطْبَةِ [عَلَى الْمِنْبَرِ] بِعَرَفَةَ 1915 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَمِّهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِعَرَفَةَ». === بَابُ الرَّوَاحِ إِلَى عَرَفَةَ 1914 - قوله: "لما أن قتل" بفتح الهمزة زائدة بعد لما، وقوله: "إذا كان ذلك" أي ذلك الوقت. بَابُ الْخُطْبَةِ [عَلَى الْمِنْبَرِ] بِعَرَفَةَ 1915 - وقوله: "على المنبر بعرفة" قيل: لم يكن بعرفات منبر في وقته صلى الله تعالى عليه وسلم بلا شك وخطبته كانت على ناقته كما في حديث جابر وسيجيء، فقوله: "وهو على المنبر" إما أن يكون كناية عن كونه في الخطبة أو سهوًا والله تعالى أعلم.

باب موضع الوقوف بعرفة

1916 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْحَيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُبَيْطٍ، أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ أَحْمَرَ يَخْطُبُ». 1917 - حَدَّثَنَا هنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ - قَالَ: هَنَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبِي عَمْرٍو - قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ الْعَدَّاءِ بْنِ هَوْذَةَ - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ قَائِمٌ فِي الرِّكَابَيْنِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ وَكِيعٍ كَمَا قَالَ: هَنَّادٌ. 1918 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ أَبُو عَمْرٍو، عَنِ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ بِمَعْنَاهُ. بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1919 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ: أَتَانَا ابْنُ مِرْبَعٍ === 1917 - "قائم في الركابين" لعله صلى الله عليه وسلم قام في الركابين في بعض ما يهتم في تبليغه من جملة الخطبة ليبلغهم، وأما القيام كذلك في تمام الخطبة فلا يخلو عن مشقة والله تعالى أعلم. بَابُ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ 1919 - قوله: "في مكان يباعده عمرو عن الإمام" من باعد بمعنى بعد

باب الدفعة من عرفة

الْأَنْصَارِيُّ وَنَحْنُ بِعَرَفَةَ فِي مَكَانٍ يُبَاعِدُهُ عَمْرُو عَنِ الْإِمَامِ فَقَالَ: أَمَا إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ يَقُولُ لَكُمْ: «قِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ، فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ». بَابُ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ 1920 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ الْمَعْنَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَدِيفُهُ أُسَامَةُ، وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ» قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا عَادِيَةً === مشددًا، وعمرو هو المخاطب بهذا الكلام أي مكانًا تبعده أنت أقوله تعده بعيدًا والمقصود تقرير بعده، وأنه مسلم مسند المخاطب، ويحتمل أن هذا من كلام الراوي من عمرو بمنزلة؛ قال عمرو؛ وكان ذلك الموقف بعيدًا عن الإمام أو من كلام عمرو، وإرساله صلى الله عليه وسلم الرسول بذلك لتطيب قلوبهم؛ لئلا يحزنوا ببعدهم عن موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروا ذلك نقصًا في الحج، أو يظنوا أن ذلك المكان الذي هم فيه ليس بموقف، ويحتمل أن المراد: بيان أن هذا خير مما كان عليه قريش من الوقوف بمزدلفة، وأنه شيء اخترعوه من أنفسهم والذي أورثه إبراهيم هو الوقوف بعرفة والله تعالى أعلم. بَابُ الدَّفْعَةِ مِنْ عَرَفَةَ 1920 - قوله: "ليس بإيجاف الخيل" هو الإسراع في السير، "فما رأيتها"

حَتَّى أَتَى جَمْعًا، زَادَ وَهْبٌ ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» قَالَ: فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنًى. 1921 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، أَنَّهُ سَأَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ فَعَلْتُمْ أَوْ صَنَعْتُمْ عَشِيَّةَ رَدِفْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: جِئْنَا الشِّعْبَ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ لِلْمُعَرَّسِ فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَتَهُ، ثُمَّ بَالَ، وَمَا قَالَ: زُهَيْرٌ أَهْرَاقَ الْمَاءَ، ثُمَّ دَعَا بِالْوَضُوءِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا لَيْسَ بِالْبَالِغِ جِدًّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الصَّلَاةُ، قَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» قَالَ: فَرَكِبَ حَتَّى === أي ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، "رافعة يديها" أي مشرعة يديها في المشي وضعًا ورفعًا من رفع دابته أسرع بها، وعادية من العدو. 1921 - قوله: "ردفت" أي ركبت خلفه، "جئنا الشعب" بكسر معجمة وسكون مهملة: الطريق المعهود للحاج، نزل فيه صلى الله عليه وسلم وتوضأ بماء زمزم كما ثبت عند أحمد (¬1)، وأصل الشعب ما انفرج بين الجبلين، وقيل؛ الطريق، والمراد "بالذي" المكان ولذلك أضيف إليه الشعب، "والمعرس" بفتح الراء التعريس أو موضعه، التعريس نزول المسافر آخر الليل للاستراحة، و "ما ¬

_ (¬1) أحمد في المسند: 5/ 199، 206، 208 بمعناه.

قَدِمْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ النَّاسُ فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَمْ يَحِلُّوا، حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاءَ، وَصَلَّى، ثُمَّ حَلَّ النَّاسُ، زَادَ مُحَمَّدٌ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ: رَدِفَهُ الْفَضْلُ وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سُبَّاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيَّ. 1922 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: ثُمَّ أَرْدَفَ أُسَامَةَ فَجَعَلَ يُعْنِقُ عَلَى نَاقَتِهِ وَالنَّاسُ يَضْرِبُونَ الْإِبِلَ يَمِينًا، وَشِمَالًا، لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ وَيَقُولُ: «السَّكِينَةَ أَيُّهَا النَّاسُ» وَدَفَعَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ. === قال أهراق الماء" (¬1) يريد أن من الناس من يكره التصريح بنسبة البول فيكني بإهراق الماء، لكن أسامة ما رأى بتصريح النسبة بأسًا، "ليس بالبالغ جدًّا" يعني خفف ذلك الوضوء، "الصلاة" أي صلّ الصلاة، و"لم يحلو" أي يفكوا ما على الجمال من الأدوات. 1922 - قوله: "يعنق" من أعنق أي يسير سيرًا وسطًا، وأصله العنق بفتحتين وهو سير سريع معتدل، وقوله: "لا يلتفت إليهم" أي لا يلتفت إلى مشيهم ولا يشاركهم في فعلهم، وفي رواية الترمذي: يلتفت، بدون كلمة: لا، وهي أقرب (¬2). ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع: "وما قال [زهير] أهراق الماء"، فالقائل: "أهراق الماء" هو زهير أحد رجال سند هذا الحديث. (¬2) الترمذي في الحج (885) وقال حديث على حديث حسن صحيح.

1923 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا جَالِسٌ، كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ ، قَالَ: «كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ». قَالَ هِشَامٌ: النَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. 1924 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ: «كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1925 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ، نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ، وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ، قُلْتُ لَهُ: الصَّلَاةُ، فَقَالَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى === 1923 - قوله: "فجوة" بفتح الفاء وسكون الجيم الموضع المتسع بين الشيئين، "نصّ" أي حرك الناقة ليستخرج أقصى سيرها. 1924 - قوله: "دفع رسول الله على الله تعالى عليه وسلم" وهو متعد لكن شاع استعماله بلا ذكر المقعول في موضع رجع لظهوره، أي دفع نفسه أو مطيته حتى أنه يفهم من معنى اللازم، وقيل: سمي الرجوع من عرفات ومزدلفة دفعًا؛ لأن الناس في سيرهم ذلك مدفوعون يدفع بعضهم بعضًا.

باب الصلاة بجمع

الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. بَابُ الصَّلَاةِ بِجَمْعٍ 1926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا». 1927 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَقَالَ: بِإِقَامَةٍ إِقَامَةِ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَحْمَدُ، قَالَ وَكِيعٌ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ بِإِقَامَةٍ. 1928 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، ح، وحَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الْمَعْنَى، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِ ابْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ حَمَّادٍ، وَمَعْنَاهُ قَالَ: بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَمْ يُنَادِ فِي === بَابُ الصَّلَاةِ بِجَمْعٍ 1928 - قوله: "لم يناد في الأولى" ففي الثانية بالأولى وهذا خلاف ما يقتضيه حديث جابر والاعتماد عليه؛ إذ ما ذكره ابن عمر في ترك الأذان أيضًا، والحاصل أن المثبت مقدم على النافي ثم هذه الروايات تفيد تعدد الإقامة، وأن تكون كل صلاة بإقامة وهو الموافق لحديث جابر، والروايات التي تأتي تفيد وحدة الإقامة للصلاتين فحصل التعارض في روايات حديث ابن عمر، فالوجه الأخذ

الْأُولَى، وَلَمْ يُسَبِّحْ عَلَى إِثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، قَالَ مَخْلَدٌ: لَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. 1929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: «صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ، بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ». 1930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَا: صَلَّيْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ، بِالْمُزْدَلِفَةِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ كَثِيرٍ. 1931 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَفَضْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَلَمَّا بَلَغْنَا جَمْعًا «صَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، وَاثْنَتَيْنِ» فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لَنَا ابْنُ عُمَرَ: هَكَذَا صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَكَانِ. 1932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَقَامَ بِجَمْعٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ === بحديث جابر، ولذلك (¬1) أخذ الجمهور واختاره الطحاوي وغيره من علمائنا. ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل - والأنسب أن تكون [وبذلك].

رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ صَنَعَ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِثْلَ هَذَا، وَقَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا فِي هَذَا الْمَكَانِ». 1933 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ فَلَمْ يَكُنْ يَفْتُرُ، مِنَ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ، حَتَّى أَتَيْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، أَوْ أَمَرَ إِنْسَانًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: «الصَّلَاةُ» فَصَلَّى بِنَا الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ. قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عِلَاجُ بْنُ عَمْرٍو بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا. 1934 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيَادٍ، وَأَبَا عَوَانَةَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، === 1934 - قوله: "ما رأيت رسول الله على الله عليه وسلم على صلاة ألا لوقتها إلا بجمع" استثناء مما بقي من الاستثناء الأول أي ما صلى لغير وقتها، واستدل به من ينفي جمع السفر كعلمائنا الحنفية، لكلن الاستدلال به فرع تصور معناه، ومعناه خفي؛ إذ ظاهره يفيد أنه صلى الفجر قبل وقته وهو مخالف للإجماع، وقد جاء خلافه في روايات حديث ابن مسعود أيضًا وفي حديث جابر، أجيب بأن المراد أنه صلى قبل الوقت المعتاد بأن غلس، ورد بأن هذا يقتضي أن المعتاد الإسفار وهو خلف ما يفيده تتبع الأحاديث الصحاح الواردة في صلاة الفجر، أجيب بأن المراد التغليس الشديد، والحاصل أنه صلى يومئذ أول ما طلع الفجر، والمعتاد أنه كان يصلي بعد ذلك بشيء، فلا يراد أنها صارت حينئذ

حَدَّثُوهُمْ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عِمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِوَقْتِهَا إِلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنَ الْغَدِ === لوقتها، فكيف يصح عدها لغير وقتها حتى تستثنى من قوله: "ما رأيت" إلخ، أجيب بأن المراد بقوله: لغير وقتها المعاد. قلت: فيلزم من اعتبار العموم في الحديث أنه ما صلى صلاة في غير الوقت المعتاد أبدًا لا بتقديم شيء ولا بتأخيره لا سفرًا ولا حضرًا سوى هاتين (¬1) الصلاتين، بل كان دائمًا يصلي في وقت واحد، وهذا خلاف ما يعرفه كل أحد بالبديهة وخلاف ما يفيده تتبع الأحاديث: وخلاف ما أول به علماؤنا (¬2) جمع السفر من الجمع فعلًا؛ فإنه لا يكون إلا بتأخير الصلاة الأولى إلى آخر الوقت فيلزم كونها في الوقت لغير المعتاد، ثم هو مشكل بجمع عرفة أيضًا وحينئذ فلا بد من القول بخصوص هنا الكللام بذلك السفر مثلًا، وبقي بعض جمع عرفة قيقال: لعله ما حضر ذلك الجمع فما رأي فلا ينافي قوله ما رأيت، أو يقال: لعله ما رأى صلاة خارجة عن الوقت المعتاد غير هذين الصلاتين فأخبر حسب ما رأى ولا اعتراض عليه، ولا حجة للقائلين بنفي الجمع، والأحسن منه ما يشير كلام بعض وهو أن مراده بقوله: "ما رأيت" هو أنه ما رأي صلى صلاة لغير وقتها المعتاد؛ يقصد تحويلها عن وقتها المعتاد وتقريرها في غير وقتها المعتاد لما في صحيح البخاري من روايته أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وصلم قال: "إن هاتين ¬

_ (¬1) في الأصل [هذين]. (¬2) في الأصل [علمائنا].

قَبْلَ وَقْتِهَا». 1935 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ فَقَالَ: «هَذَا قُزَحُ وَهُوَ الْمَوْقِفُ، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَنَحَرْتُ هَا هُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ». 1936 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَقَفْتُ هَا هُنَا بِعَرَفَةَ وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَا هُنَا بِجَمْعٍ وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَنَحَرْتُ هَا هُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ». === حولتا عن وقتهما في هذا المكان" (¬1) وهذا معنى وجيه لا يرد عليه شيء إلا الجمع بعرفة ولعله كان يرى ذلك للسفر. والله تعالى أعلم. 1935 - قوله: "هذا قزح" كعمر غير متصرف للعدل والعلمية، رسم لموقف الإمام بمزدلفة، وقوله: "وهو الموقف" أي الموقف الأكمل وجمع بفتح قسكون اسم مزدلفة "كلها موقف" دفع لما يتوهم من خصوص الوقوف بموقفه صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الحج: (1683).

باب التعجيل من جمع

1937 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ». 1938 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ حَتَّى يَرَوُا الشَّمْسَ عَلَى ثَبِيرٍ، فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ». بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ 1939 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعْفَةِ أَهْلِهِ». 1940 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ === 1937 - قوله: "كل فجاج مكة" بكسر الفاء جمع فج وهو الطريق الواسع. 1938 - قوله: "ثبير" بفتح المثلثة وكسر الموحدة جبل بالمزدلفة على يسار المذاهب إلى منى. بَابُ التَّعْجِيلِ مِنْ جَمْعٍ 1940 - قوله: "أغليمة " تصغير أغلمة، والمراد بها الصبيان، ولذلك

كُهَيْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَلَى حُمُرَاتٍ فَجَعَلَ يَلْطَخُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ: «أُبَيْنِيَّ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اللَّطْخُ: الضَّرْبُ اللَّيِّنُ. 1941 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَدِّمُ ضُعَفَاءَ أَهْلِهِ بِغَلَسٍ، وَيَأْمُرُهُمْ يَعْنِي لَا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». 1942 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ «فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْيَوْمَ، الَّذِي يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ === صغرهم ونصبه على الاختصاص، "على حُمُرات" جمع حمر جمع تصحيح، "يلطخ" بالحاء المهملة الضرب الخفيف "أبيني" بضم الهمزة ثم موحدة مفتوحة ثم ياء ساكنة ثم نون مكسورة ثم ياء مشدده قيل: هو تصغير ابني كأعمى وأعيمى وهو اسم مفرد يدل على الجميع أو جمع ابن مقصورًا كما جاء ممدودًا، بقي أن القياس حينئذ عند الإضافة إلى ياء المتكلم ابنياي فكأنه رد الألف إلى الواو على خلف القياس ثم قلب الواو ياء ثم أدغم الياء في الياء وكسر ما قبله ويحتمل أن يكون مقصور الآخر لا مشددة، فالأمر أظهر والله تعالى أعلم.

باب يوم الحج الأكبر

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْنِي - عِنْدَهَا». 1943 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا رَمَتِ الْجَمْرَةَ، قُلْتُ: إِنَّا رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ بِلَيْلٍ، قَالَتْ: «إِنَّا كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 1944 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَأَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ». بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ 1945 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ الْغَازِ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، فَقَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ » قَالُوا: يَوْمُ النَّحْرِ، قَالَ: «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ». 1946 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَنْ يُؤَذِّنُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى «أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا === 1944 - قوله: "وأوضع" أي أجرى جملة و "محسر" بكسر السين المشددة. بَابُ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ 1946 - قوله: "أن لا يحج" أو أن تفسيرية لما في التأذين من معنى القول؛

باب الأشهر الحرم

يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَيَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، يَوْمُ النَّحْرِ وَالْحَجُّ الْأَكْبَرُ الْحَجُّ». بَابُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ 1947 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ. 1948 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَيَّاضٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ سَمَّاهُ ابْنُ عَوْنٍ، فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ. === لأنه النداء، وعلى هذا لا يحج مرفوع وعلى الأول منصوب بَابُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ 1947 - قوله: "إن الزمان استدار" أي صار، "كهيئته" أي على هيئته وحسابه القديم، وكان العرب يقدمون شهرًا ويؤخرون آخر ويسمون ذلك نسيئًا، فبين صلى الله تعالى عليه وسلم أن ذلك الوضع وضع جاهلي باطل والمعتبر في المناسك وغيره هو الوضع السابق الإلهي، وإضافة رجب إلى مضر؛ لأنهم كانوا يحافظون عليه أشد المحافظة، ثم بين ذلك توضيحًا وتأكيدًا فقال: "الذي بين جمادى" إلخ بضم الجيم.

باب من لم يدرك عرفة

بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ 1949 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِعَرَفَةَ فَجَاءَ نَاسٌ أَوْ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ فَأَمَرُوا رَجُلًا فَنَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ الْحَجُّ؟ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَنَادَى «الْحَجُّ، الْحَجُّ، يَوْمُ عَرَفَةَ، مَنْ جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ فَتَمَّ حَجُّهُ أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، قَالَ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَجُلًا خَلْفَهُ فَجَعَلَ يُنَادِي بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: «الْحَجُّ، الْحَجُّ» مَرَّتَيْنِ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: «الْحَجُّ» مَرَّةً. === بَابُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ 1949 - قوله: "فأمروا" أي أمروا مناديا فنادى ذلك المنادي وقال: يا رسول الله، كيف الحج؟ وقوله: "الحج يوم عرفة" قيل: التقدير معظم الحج وقوف يوم عرفة، وقيل: إدراك يوم الحج إدراك وقوف يوم عرفة والمقصود أن الحج يتوقف على إدراك الوقوف بعرفة، "فتم حجه" أي أمن الفوات وإلا فلا بد من الطواف، "أيام منى ثلاثة" أي سوى يوم النحر وإنما لم يعد يوم النحر من أيام منى؛ لأنه ليس مخصوص بمنى بل فيه مناسك كثيرة.

باب النزول بمنى

1950 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُضَرِّسٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَوْقِفِ يَعْنِي بِجَمْعٍ قُلْتُ: جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ جَبَلِ طَيِّئٍ أَكْلَلْتُ مَطِيَّتِي وَأَتْعَبْتُ نَفْسِي وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْلٍ إِلَّا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِي مِنْ حَجٍّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتَ، قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ». بَابُ النُّزُولِ بِمِنًى 1951 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === 1950 - قوله: "من حبل" (¬1) بحاء مهملة مفتوحة وموحدة ساكنة، وقوله: "ليلًا أو نهارًا" يدل على أن الجمع بين جزء من النهار وجزء من الليل ليس بشرط بل لو أدرك جزءًا من النهار وحده لكفى في حصول الحج، وقوله: "فقد تم" أي أمن من الفوات على أحسن وجهه وأكمله وإلا فاصل التمام وبهذا المعنى بوقوف بعرفة كما هو صريح الحديث السابق، وأيضًا شهود الصلاة مع الإمام ليس بشرط للتمام عند أحمد، وقضاء تفثه أي أتم مدة إبقاء التفث من الوسخ وغيره مما يناسب المحرم فحل له أن يزيل عنه التفث بحلق الرأس وقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة وإزالة الشعث والدرن والوسخ مطلقًا. ¬

_ (¬1) في نسخة لأبي داود "من جبل" بالجيم المعجمة، وهو واحد الجبال.

باب أي يوم يخطب بمنى؟

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ بِمِنًى وَنَزَّلَهُمْ مَنَازِلَهُمْ فَقَالَ: «لِيَنْزِلِ الْمُهَاجِرُونَ هَا هُنَا» وَأَشَارَ إِلَى مَيْمَنَةِ الْقِبْلَةِ «وَالْأَنْصَارُ هَا هُنَا» وَأَشَارَ إِلَى مَيْسَرَةِ الْقِبْلَةِ «ثُمَّ لِيَنْزِلِ النَّاسُ حَوْلَهُمْ». بَابُ أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى؟ 1952 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلَيْنِ، مِنْ بَنِي بَكْرٍ، قَالَا: رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَخْطُبُ بَيْنَ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَنَحْنُ عِنْدَ رَاحِلَتِهِ وَهِيَ خُطْبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي خَطَبَ بِمِنًى». 1953 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُصَيْنٍ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي سَرَّاءُ بِنْتُ نَبْهَانَ، وَكَانَتْ رَبَّةُ بَيْتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَتْ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الرُّءُوسِ، فَقَالَ: «أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ »، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ: عَمُّ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، إِنَّهُ خَطَبَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. === بَابُ أَيِّ يَوْمٍ يَخْطُبُ بِمِنًى؟ 1952 - قوله: "بين أوسط أيام الشريق" أي في وسط النهار من أوسط أيام التشريق وهو يوم النفر الأول، والله تعالى أعلم. 1953 - قوله: "ربة بيت" بتشديد باء أي مالكة بيت وصاحبته.

باب من قال: خطب يوم النحر

بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ 1954 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي الْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ يَوْمَ الْأَضْحَى بِمِنًى». 1955 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيَّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ الْكَلَاعِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ». بَابُ أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ 1956 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ الْمُزْنِيِّ، حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ عَمْرٍو الْمُزْنِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُعَبِّرُ عَنْهُ وَالنَّاسُ بَيْنَ قَاعِدٍ وَقَائِمٍ». === بَابُ مَنْ قَالَ: خَطَبَ يَوْمَ النَّحْرِ 1954 - قوله: "ناقته العضباء" قيل: هي ناقته القصوى وهما اسمان لم وقيل: غيرها. بَابُ أَيِّ وَقْتٍ يَخْطُبُ يَوْمَ النَّحْرِ 1956 - قوله: "بغلة شهباء" هي التي غلب بياضها سوادها.

باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى

بَابُ مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى 1957 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاذٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ بِمِنًى فَفُتِحَتْ أَسْمَاعُنَا، حَتَّى كُنَّا نَسْمَعُ مَا يَقُولُ: وَنَحْنُ فِي مَنَازِلِنَا فَطَفِقَ يُعَلِّمُهُمْ مَنَاسِكَهُمْ حَتَّى بَلَغَ الْجِمَارَ فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «بِحَصَى الْخَذْفِ» ثُمَّ أَمَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَزَلُوا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، وَأَمَرَ الْأَنْصَارَ فَنَزَلُوا مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ نَزَلَ النَّاسَ بَعْدَ ذَلِكَ. بَابُ يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى 1958 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي حَرِيزٌ أَوْ أَبُو حَرِيزٍ الشَّكّ مِنْ يَحْيَى، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ فَرُّوخٍ يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّا نَتَبَايَعُ بِأَمْوَالِ النَّاسِ فَيَأْتِي أَحَدُنَا مَكَّةَ فَيَبِيتُ عَلَى الْمَالِ، فَقَالَ: «أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاتَ بِمِنًى وَظَلَّ». === بَابُ مَا يَذْكُرُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ بِمِنًى 1958 - قوله: "أما رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فبات بمنى وظل" فكان في الليل بمنى وفي النهار كذلك يريد ففعلكم يخالف سنته صلى الله تعالى عليه وسلم، ومقتضى حديث ابن عباس من الآتي أنه لا إساءة للمعذور في ترك المبيت بمنى والله تعالى أعلم.

باب الصلاة بمنى

1959 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ». بَابُ الصَّلَاةِ بِمِنًى 1960 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ، وَحَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، حَدَّثَاهُ وَحَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَتَمُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ»، زَادَ، عَنْ حَفْصٍ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ، ثُمَّ أَتَمَّهَا زَادَ مِنْ هَا هُنَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فَلَوَدِدْتُ أَنْ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ. قَالَ: الْأَعْمَشُ، فَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةَ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتُ أَرْبَعًا، قَالَ: «الْخِلَافُ شَرٌّ». 1961 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ إِنَّمَا صَلَّى بِمِنًى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَى الْإِقَامَةِ بَعْدَ الْحَجِّ. 1962 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: إِنَّ عُثْمَانَ، صَلَّى أَرْبَعًا لِأَنَّهُ اتَّخَذَهَا وَطَنًا.

باب القصر لأهل مكة

1963 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ عُثْمَانُ الْأَمْوَالَ بِالطَّائِفِ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا صَلَّى أَرْبَعًا، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ بِهِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ. 1964 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمِنًى مِنْ أَجْلِ الْأَعْرَابِ لِأَنَّهُمْ كَثُرُوا عَامَئِذٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ أَرْبَعًا لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعٌ. بَابُ الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ 1965 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ عُمَرَ فَوَلَدَتْ لَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، === باب الصلاة بمنى 1964 - قوله: "لأنهم كثروا عامئذ" قيل: وقد بلغه عن بعضهم أنه صلى طول السنة ركعتين بعد أن صلى معه في الحج السابق ركعتين فرأى أن الإتمام أقرب. بَابُ الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ 1965 - قوله: "والناس أكثر ما كانوا" أي وجود الناس معه صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك السفر أكثر ما وجدوا معه صلى الله تعالى عليه وسلم في أسفاره أي أكثر وجود رآه، على أن ما مصدرية ونسبته الكثرة إلى الوجود مجاز مشهور، وإلا فالمطلوب أن الناس يومئذ أكثرهم في سائر الأسفار والغرض أنه لم يكن هناك خوف فيتقيد القصر بالخوف في قوله تعالى: {وإذَا ضرَبْتم في

باب في رمي الجمار

قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَالنَّاسُ أَكْثَرُ مَا كَانُوا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَارِثَةُ بْنُ خُزَاعَةَ: وَدَارُهُمْ بِمَكَّةَ. بَابٌ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ 1966 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَهُوَ رَاكِبٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَرَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ يَسْتُرُهُ، فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ، فَقَالُوا: الْفَضْلُ بْنُ === الأرْضِ فَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (¬1) إنما وقع على المعتاد في ذلك الزمان لا لأن القصر لا يجوز بلا خوف، وأما فهم المصنف القصر لأهل مكة فمعني على أن الراوي وهو حارثة مكي فقصره يدل على جواز القصر لأهل مكة؛ لكن قد يقال: لادلالة في الحديث على أنهم قصروا، إنما يدل الحديث على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صلى به ركعتين فيجوز أنه صلى معه صلى الله تعالى عليه وسلم ركعتين وأتم لنفسه بعد ذلك ركعتين كما هو شأن كل مقيم يصلي خلف مسافر، فإن الإمام المسافر يصلي به ركعتين ثم يقوم فيتم لنفسه فيكون الإمام قد قصر والمقتدي قد أتم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ 1966 - قوله: "لا يقتل بعضكم بعضًا" أي بالزحام وبالرمي بالحصى ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (101).

الْعَبَّاسِ، وَازْدَحَمَ النَّاسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ». 1967 - حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ رَاكِبًا وَرَأَيْتُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ حَجَرًا فَرَمَى، وَرَمَى النَّاسُ. 1968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، بِإِسْنَادِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ زَادَ، وَلَمْ يَقُمْ عِنْدَهَا. 1969 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ «يَأْتِي الْجِمَارَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا ذَاهِبًا === الكبيرة. 1967 - قوله: "ورأيت بين أصابعه حجرًا" أي حصى كما يدل عليه بين أصابعه. 1969 - قوله: "كان يفعل ذلك" فهذا الحديث مع حديث ركوبه يوم العيد يدل على أن الركوب أفضل يوم العيد والمشي في غيره، وقيل: بل الركوب كان يوم العيد اتفاقيًّا تبعًا لركوبه للإفاضة (¬1) من مزدلفة، والذي وقع قصد رمي ¬

_ (¬1) في الأصل [للإضافة].

وَرَاجِعًا، وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ». 1970 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ يَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ». 1971 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَبَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ». 1972 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَبَرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، مَتَى أَرْمِي الْجِمَارَ، قَالَ: «إِذَا رَمَى إِمَامُكَ فَارْمِ»، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ، فَقَالَ: «كُنَّا نَتَحَيَّنُ زَوَالَ الشَّمْسِ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ رَمَيْنَا». 1973 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا === الجمار، وهو المشي في باقي الأيام فهو أفضل مطلقًا. 1972 - قوله: "كنا نتحين" أي يفر يوم النحر. 1973 - قوله: "أفاض رسول الله صلى الله تعالى عليه ومسلم من آخر يوم" أي فرغ من طواف الإفاضة من آخر يوم النحر حين صلى الظهر بمكة ولابد من

أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمْرَةَ، إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ فَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا». 1974 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَرَمَى الْجَمْرَةَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ»، وَقَالَ: «هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ». 1975 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === هذا التأويل، وإلا يصير الحديث مخالف للمعلوم أنه أفاض من منى في أول النهار حتى قد اختلف أنه صلى الظهر بمكة أو بمنى بعد أن رجع. 1975 - قوله: "في البيتوتة" أي في شأن البيتوتة بمنى وأيام البيتوتة بمنى، أو رخص في البيتوتة خارج منى أو في ترك البيتوتة بمنى، "يرمون" أي قال فيهم

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ بِيَوْمَيْنِ وَيَرْمُونَ، يَوْمَ النَّفْرِ». 1976 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ ابْنَيْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَخَّصَ لِلرِّعَاءِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمًا، وَيَدَعُوا يَوْمًا». 1977 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مِجْلَزٍ، يَقُولُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجِمَارِ، قَالَ: «مَا أَدْرِي أَرَمَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِتٍّ أَوْ بِسَبْعٍ». 1978 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا النِّسَاءَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ الْحَجَّاجُ لَمْ يَرَ الزُّهْرِيَّ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. === يرمون. 1976 - قوله: "ويدعوا يوما" أي يرموا لذلك اليوم في يوم قبله.

باب الحلق والتقصير

بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ 1979 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالْمُقَصِّرِينَ؟ قَالَ: «وَالْمُقَصِّرِينَ». 1980 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي الْإِسْكَنْدَرَانِيَّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ». 1981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فَدَعَا بِذِبْحٍ، فَذُبِحَ، ثُمَّ دَعَا بِالْحَلَّاقِ، فَأَخَذَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ فَحَلَقَهُ فَجَعَلَ يَقْسِمُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ قَالَ: «هَا هُنَا أَبُو طَلْحَةَ» فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ. === بَابُ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ 1979 - قوله: "ارحم المحلقين" خصهم بزيادة الدعاء لاتباعهم سُنة نبيهم صلى الله تعالى عليه وسلم. 1981 - قوله: "فدعا بذبح" بكسر أوله ما يذبح من الغنم.

1982 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا قَالَ فِيهِ: قَالَ لِلْحَالِقِ: «ابْدَأْ بِشِقِّي الْأَيْمَنِ فَاحْلِقْهُ». 1983 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْأَلُ يَوْمَ مِنًى فَيَقُولُ: «لَا حَرَجَ» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: إِنِّي أَمْسَيْتُ وَلَمْ أَرْمِ، قَالَ: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ». 1984 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: بَلَغَنِي، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ». === 1983 - قوله: "كان يسأل" على بناء المفعول أي عن تقديم مناسك ذلك اليوم وتأخيره فيقول في الجواب: "لا حرج" أي لا إثم ولا دم وبه أخذ الجمهور، وقال: بعض عليه الدم فحملوا "لا حرج" على رفع الإثم وهو بعيد؛ إذ ظاهر نفي الحرج عمومه لحرج الدنيا والآخرة؛ لأن لا لنفي الجنس وهي تفيد عموم النفي، وأيضًا لو كان عليه دم نبينه النبي صلى الله تعالى عليه ومسلم؛ إذ ترك البيان أو تأخره عن وقت الحاجة لا يجوز في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم. 1984 - قوله: "إِنما على اننساء التقصير" أي التقصير هو الواجب في حقهن فلا يجوز لهن الحلق؛ لأنه مُثلة.

باب العمرة

1985 - حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الْبَغْدَادِيُّ، ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الْحَلْقُ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ». بَابُ الْعُمْرَةِ 1986 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا [ص: 204]، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ». 1987 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " وَاللَّهِ مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ كَانُوا === بَابُ الْعُمْرَةِ 1986 - قوله: "قبل أن يحج" ولا دلالة على جواز تقديم العمرة على الحج بعد افتراض الحج؛ إلا أن يثبت أن تقديمه صلى الله تعالى عليه وسلم العمرة كان بعد افتراض الحج. 1987 - قوله: "ليقطع بذلك" أمر أهل الشرك، أي في عدم جواز العمرة بعد الحج إلى صفر، "إذا عفا الوبر" أي أكثر وبر الإبل الذي قلعته رحال الحج،

يَقُولُونَ: إِذَا عَفَا الْوَبَرْ وَبَرَأَ الدَّبَرْ وَدَخَلَ صَفَرْ فَقَدْ، حَلَّتِ الْعُمْرَةُ لِمَنِ اعْتَمَرْ فَكَانُوا يُحَرِّمُونَ الْعُمْرَةَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ. 1988 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنِي رَسُولُ مَرْوَانَ، الَّذِي أُرْسِلَ إِلَى أُمِّ مَعْقَلٍ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو مَعْقَلٍ حَاجًّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَتْ أُمُّ مَعْقَلٍ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ عَلَيَّ حَجَّةً فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ حَتَّى دَخَلَا عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لِأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا، قَالَ أَبُو مَعْقَلٍ: صَدَقَتْ، جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فَأَعْطَاهَا الْبَكْرَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === "وبرأ الدبر" بفتحتين وهمزة وتخفيف، والدبر بفتحتين: الجرح الذي يكون في ظهر البعير، أي زال عنها الجروح التي حصلت بسبب سفر الحج عليها، "ودخل صفر" قال النووي: هذه الألفاظ كلها تقرأ ساكنة الآخر ويوقف عليها؛ لأن مرادهم: السجع (¬1). 1988 - قوله "قد كبرت" بكسر الباء، و "سقمت" بكسر القاف، أي مرضت، وكأنها أرادت أن التأخير لا يليق بشأنها، فهل يمكن لها عمل تعجل في تحصيلها، ولم ترد إزالة ما في الحج من التعب على الكبير المريض إذا العمرة لا تناسب ذلك؛ إذ تعب العمرة قريب من تعب الحج والله تعالى أعلم. ولا يخفى أن هذه الرواية تدل على إجزاء العمرة في رمضان عن الحج وأنه ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي ت 8/ 225، 226.

إِنِّي امْرَأَةٌ قَدْ كَبِرْتُ وَسَقِمْتُ فَهَلْ مِنْ عَمَلٍ يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حَجَّتِي، قَالَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تُجْزِئُ حَجَّةً». 1989 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْقَلِ بْنِ أُمِّ مَعْقَلٍ الْأَسَدِيِّ أَسَدِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ مَعْقَلٍ، قَالَتْ: لَمَّا حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ، فَجَعَلَهُ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَصَابَنَا مَرَضٌ وَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ جِئْتُهُ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ مَعْقِلٍ مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا؟ »، قَالَتْ: لَقَدْ تَهَيَّأْنَا فَهَلَكَ أَبُو مَعْقِلٍ وَكَانَ لَنَا جَمَلٌ هُوَ الَّذِي نَحُجُّ عَلَيْهِ فَأَوْصَى بِهِ أَبُو مَعْقِلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: «فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَجَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَّا إِذْ فَاتَتْكِ هَذِهِ الْحَجَّةُ مَعَنَا فَاعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهَا كَحَجَّةٍ» فَكَانَتْ تَقُولُ: الْحَجُّ حَجَّةٌ، وَالْعُمْرَةُ عُمْرَةٌ، وَقَدْ قَالَ: هَذَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَدْرِي أَلِيَ خَاصَّةً. 1990 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَّ فَقَالَتْ: امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى === يسقط بها الفرض عن الذمة؛ لأن العمرة ثوابها كثواب الحج فقط، فلعلهم يعتذرون عن هذا بما في الحديث من الاضطرابات والله تعالى أعلم.

جَمَلِكَ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ، قَالَ: ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي تَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَإِنَّهَا سَأَلَتْنِي الْحَجَّ مَعَكَ، قَالَتْ: أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِكَ فُلَانٍ، فَقُلْتُ: ذَاكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ » قَالَ: وَإِنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْرِئْهَا السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ، وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي» - يَعْنِي عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ -. 1991 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اعْتَمَرَ عُمْرَتَيْنِ عُمْرَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً فِي شَوَّالٍ». 1992 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ كَمِ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ، فَقَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ === 1992 - قوله: "فقال مرتين" ولعله رضي الله تعالى عنه أراد أنه خرج من المدينة للعمرة مرتين: مرة للعمرة الحديبية، ومرة للعمرة القضاء، وأما عمرة الجعرانة وعمرة الحج فلم يكن الخروج لهما بل في الأولى لفتح مكة وفي الثانية للحج والله تعالى أعلم.

باب المهلة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتهل بالحج هل تقضي عمرتها؟

«اعْتَمَرَ ثَلَاثًا سِوَى الَّتِي قَرَنَهَا بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ». 1993 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ، قَالَا: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ: عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَة، وَالثَّانِيَةَ حِينَ تَوَاطَئُوا عَلَى عُمْرَةٍ مَنْ قَابِلٍ، وَالثَّالِثَةَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، وَالرَّابِعَةَ الَّتِي قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ. 1994 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلَّهُنَّ فِي ذِي الْقِعْدَةِ إِلَّا الَّتِي مَعَ حَجَّتِهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَتْقَنْتُ مِنْ هَا هُنَا مِنْ هُدْبَةَ وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَلَمْ أَضْبِطْهُ عُمْرَةً زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ أَوْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فَتَنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا؟ 1995 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ === 1993 - قوله: "حين تواطؤا" أي توافقوا وصالحوا في الحديبية.

باب المهلة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتهل بالحج هل تقضي عمرتها؟

لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَرْدِفْ أُخْتَكَ عَائِشَةَ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ فَإِذَا هَبَطْتَ بِهَا مِنَ الأَكَمَةِ فَلْتُحْرِمْ فَإِنَّهَا عُمْرَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ». 1996 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُزَاحِمِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي مُزَاحِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ، عَنْ مُحَرِّشٍ الْكَعْبِيِّ، قَالَ: «دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِعْرَانَةِ فَجَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرَكَعَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ فَاسْتَقْبَلَ بَطْنَ سَرِفَ حَتَّى لَقِيَ طَرِيقَ الْمَدِينَةِ فَأَصْبَحَ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ» === بَابُ الْمُهِلَّةِ بِالْعُمْرَةِ تَحِيضُ فَيُدْرِكُهَا الْحَجُّ فَتَنْقُضُ عُمْرَتَهَا وَتُهِلُّ بِالْحَجِّ هَلْ تَقْضِي عُمْرَتَهَا؟ 1996 - قوله: "دخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الجعرانة" إلى قوله: "فأصبح بمكة كبائت" ظاهر هذا أنه كان بمكة إلا أنه جاء الجعرانة ليلًا ثم رجع إلى مكة فأصبح بها حيث ما علم بخروجه منها وهو خلاف المشهور، والمشهور أنه كان بالجعرانة يقسم بها غنائم حنين فحين فرغ وأراد السفر إلى المدينة خرج إلى مكة ليلًا ثم رجع إلى الجعرانة فأصبح فيها كبايت بها، فالظاهر أن بعض الرواة الكتاب أخطأ في النقل، والصواب رواية الترمذي والنسائي عن محرش الكعبي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: "خرج من الجعرانة ليلًا معتمرًا فدخل مكلة ليلًا فقضى عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبايت فلما زالت الشمس من الغد خرج من بطن سرف حتى جاء مع الطريق جمع ببطن سرف" (¬1) فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) النسائي في الحج (2863)، والترمذي في الحج (935) وقال: هذا حديث غريب ولا نعرف لمحرش الكعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث ويقال: جاء من الطريق موصول.

باب المقام في العمرة

بَابُ الْمَقَامِ فِي الْعُمْرَةِ 1997 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [ص: 207]، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَقَامَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ثَلَاثًا». بَابُ الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ 1998 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ === بَابُ الْإِفَاضَةِ فِي الْحَجِّ 1998 - قوله: "صلى الظهر بمنى" يعني راجعًا، هكذا رواه ابن عمر أنه صلى الظهر بمنى والذي رواه جابر في الحديث الطويل (¬1)، وعاثشة هو أنه صلى الظهر بمكة ثم رجع إلى منى فتوقف فيه بعضهم لصحة الحديثين، ورجح آخرون كون الظهر بمكة بموافقة حديث جابر وعائشة على ذلك، وآخرون بكون عائشة أخص به عليه الصلاة والسلام من غيرها، فهي تعلم من أحواله صلى الله تعالى عليه وسلم ما لم يعلم غيرها، ومنهم من رجح حديث جابر مطلقًا في حجة الوداع بأنه أحسن الصحابة سياقًا لرواية حديث حجة الوداع؛ فإنه ذكرها من حين خروجه صلى الله تعالى عليه من المدينة إلى آخرها فهو أضبط لها من غيره، ورجح ابن حزم ذلك بأن حجه صلى الله تعالى عليه وسلم كان وقت تساوي الليل والنهار، وقد دفع صلى الله تعالى عليه وسلم من مزدلفة قبل طلوع ¬

_ (¬1) مسلم في الحج (1218).

صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى يَعْنِي رَاجِعًا». 1999 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، يُحَدِّثَانِهِ جَمِيعًا ذَاكَ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي يَصِيرُ إِلَيَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ فَصَارَ إِلَيَّ وَدَخَلَ عَلَيَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِي أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَهْبٍ: «هَلْ أَفَضْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ » قَالَ: لَا وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْزِعْ عَنْكَ الْقَمِيصَ» قَالَ: فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ وَنَزَعَ صَاحِبُهُ قَمِيصَهُ مِنْ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا» - يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ -، «فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا === الشمس إلى منى وخطب بها الناس ونحر بها عظيمة، وتردد بها على الخلق ورمى الجمرة، وتطيب ثم أفاض إلى مكة، وطاف بالبيت سبعًا وشرب من زمزم السقاية، وهذه أعمال يظهر أنها قد تنقضي مي مقدار يمكن معه الرجوع من مكة إلى منى قبل الظهر ويدرك بها صلاة الظهر في تلك الأيام والله تعالى أعلم. 1999 - "رُخص لكم" إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا أي أن الحل بعد الرمي رخصة بشرط أن يطوف يوم النحر فإن طاف وإلا يصير محرمًا، ولعل من لا يقول به يحمله على التغليظ والتشديد في تأخير الطواف من يوم النحر والتأكيد

الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ». 2000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَخَّرَ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى اللَّيْلِ». 2001 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ». === في إتيانه في يوم النحر، وظاهر الحديث يأبى مثل هذا الحمل جدًّا والله تعالى أعلم. 2000 - قوله: "طواف يوم النحر" ولفظ الترمذي عنهما بهذا السند أخر طواف الزيارة (¬1)، ولا يخفي أن الثابت من فعله أنه قدم طواف الإفاضة على الليل، فلعل المراد بهذا الحديث: أنه رخص في تأخيره إلى الليل، والمراد بطواف الزيارة غير طواف الإفاضة الفرض، أي أنه كان يقصد زيارة البيت أيام منى بعد طواف الإفاضة فإذا زاره طاف أيضًا، وكان يؤخر تلك الزيارة إلى الليل ولا يذهب إلى مكة لأجلها في النهار بعد العصر، فصار مؤخرا طوافها إلى الليل، والله تعالى أعلم. 2001 - قوله: "لم يرمل" بضم الميم من حد نصر. ¬

_ (¬1) الترمذي في الحج (920) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

باب الوداع

بَابُ الْوَدَاعِ 2002 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ». بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ 2003 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَقِيلَ: إِنَّهَا قَدْ حَاضَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّهَا حَابِسَتُنَا»، === بَابُ الْوَدَاعِ 2002 - قوله: "حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت" يفيد أن طواف الوداع يجب تأخيره إلى أن يصير آخر عهد الإنسان بالبيت، ومذهب علمائنا الحنفية يخالف ذلك؛ فإنهم جعلوا تأخيره مستحب وقالوا بإجزاء المقدم والله تعالى أعلم. بَابُ الْحَائِضِ تَخْرُجُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ 2003 - قوله: "بنت حيي" بضم ففتح ثم مشددة "لعلها حابستنا" أي لعلها ما طافت طواف الإفاضة، فيلزمنا أن نقيم لأجلها حتى تطوف بعد الفراغ عن الحيض فتصير حابسة لنا عن الخروج إلى المدينة، "فلا إذا" أي فلا تحبسنا إذا؛ لأنه

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ، فَقَالَ: «فَلَا إِذًا». 2004 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ تَحِيضُ، قَالَ: «لِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ» قَالَ: فَقَالَ الْحَارِثُ: كَذَلِكَ أَفْتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === يجوز لها ترك طواف الصدر للعذر. 2004 - قوله: "كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم" في الفتح: واستدل الطحاوي بحديث عائشة وبحديث أم سليم على نسخ حديث الحارث في حق الحائض (¬1). وقلت: هذا مبني على أن حديث الحارث ليس بمخصوص بالحائض كما هو مقتضى ظاهر رواية الكتاب، بل هو عام؛ فإن لفظه كما في الترمذي: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: هن حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت" (¬2) اهـ. وقول الحارث": "كذلك أفتاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم" كما في الكتاب مبني على اندراج الحائض في عموم الحديث، فحينئذ اللازم التخصيص في حديث الحائض على أصول الجمهور، والنسخ في خط الحائض فقط كما على أصول علمائنا مع بقاء الحديث معمول في الباقي، ويلزم عليهم أن يبينوا التاريخ كما لا يخفى والله تعالى أعلم. وقول عمر "أربت عن يديك" بكسر الراء: سقطت من أجل مكروه يصيب ¬

_ (¬1) فتح الباري: ابن حجر العسقلاني: 3/ 587. (¬2) االترمذي في الحج (946) وقال: حديث الحارث بن عبد الله بن أوس حديث غريب.

باب طواف الوداع

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَرِبْتَ عَنْ يَدَيْكَ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتَ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِكَيْ مَا أُخَالِفَ. بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ 2005 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَفْلَحَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «أَحْرَمْتُ مِنَ التَّنْعِيمِ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلْتُ فَقَضَيْتُ عُمْرَتِي وَانْتَظَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْطَحِ حَتَّى فَرَغْتُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ»، قَالَتْ: «وَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ». 2006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «خَرَجْتُ مَعَهُ تَعْنِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّفْرِ الْآخِرِ فَنَزَلَ الْمُحَصَّبَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ بَشَّارٍ قِصَّةَ بَعْثِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَتْ: " ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرٍ فَأَذَّنَ فِي أَصْحَابِهِ بِالرَّحِيلِ فَارْتَحَلَ فَمَرَّ بِالْبَيْتِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَطَافَ بِهِ حِينَ خَرَجَ، ثُمَّ انْصَرَفَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ. === يديك من قطع أو وجع أو سقطت بسبب يديك أي من خبايتهما؛ قيل: هو كناية عن الخجالة والأظهر أنه دعا عليه لكن ليس المقصود حقيقته وإنما المقصود نسبة الخطأ إليه والله تعالى أعلم.

باب التحصيب

2007 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ طَارِقٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا جَازَ مَكَانًا مِنْ دَارِ يَعْلَى نَسِيَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ فَدَعَا». بَابُ التَّحْصِيبِ 2008 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِنَّمَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَصَّبَ لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ فَمَنْ شَاءَ نَزَلَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَنْزِلْهُ». 2009 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ: «لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنْزِلَهُ === بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ 2007 - قوله: "كان إذا جاز مكانًا" إلخ ولعله الموضع المعلوم بموضع استجابة الدعاء في السوق إلى جهة المعلى والله تعالى أعلم. بَابُ التَّحْصِيبِ 2008 - قوله: "أسمح لخروجه" أي أسهل فليس ذلك بقصد النسك حتى يكون سنة. 2009 - قوله: "فنزله" فصار النزول اتفاقيًّا لا قصديًّا فضلا عن أن يكون من

وَلَكِنْ ضَرَبْتُ قُبَّتَهُ، فَنَزَلَهُ». قَالَ مُسَدَّدٌ: وَكَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عُثْمَانُ: يَعْنِي فِي الْأَبْطَحِ. 2010 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا؟ فِي حَجَّتِهِ، قَالَ، «هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيْلٌ مَنْزِلًا»، ثُمَّ قَالَ: «نَحْنُ نَازِلُونَ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ قَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ» - يَعْنِي الْمُحَصَّبَ -، وَذَلِكَ أَنْ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، وَلَا يُؤْوُوهُمْ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْخَيْفُ: الْوَادِي. 2011 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى «نَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا» فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلَهُ وَلَا ذَكَرَ الْخَيْفَ الْوَادِي. === النسك، "ثقل" بفتحتين، أي المتاع وأدوات السفر. 2010 - قوله: "حيث قاسمت قريش" إلخ فهذا يدل على أنه كان يقصد النزول هناك فيظهر فيه عز الإسلام بعد أن كان فيه الكفر ظاهرًا فيشكر الله تعالى هنالك على نعمة الإسلام ونصرته تعالى إياه عليه الصلاة والسلام، "حالفت قريشًا على بني هاشم" أي بموافقتهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على نشر الإسلام والذعوة إليه وانتصارهم له وإن كان فيهم من لم يؤمن.

باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه

2012 - حَدَّثَنَا مُوسَى أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ «يَهْجَعُ هَجْعَةً بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ وَيَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ». 2013 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ هَجَعَ بِهَا هَجْعَةً، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. بَابٌ فِيمَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ 2014 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» وَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ» قَالَ: فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ إِلَّا، قَالَ: «اصْنَعْ وَلَا حَرَجَ». === 2012 - قوله: "كان يهجع" أي ينام.

باب في مكة

2015 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا فَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَهُ، فَمَنْ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ أَوْ قَدَّمْتُ شَيْئًا أَوْ أَخَّرْتُ شَيْئًا فَكَانَ يَقُولُ: «لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ، إِلَّا عَلَى رَجُلٍ اقْتَرَضَ عِرْضَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ ظَالِمٌ، فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ». بَابٌ فِي مَكَّةَ 2016 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وِدَاعَةَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَابَ بَنِي سَهْمٍ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ». قَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ سُتْرَةٌ. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنَا عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كُثَيْرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ أَبِي سَمِعْتُهُ وَلَكِنْ مِنْ بَعْضِ أَهْلِي عَنْ جَدِّي. === بَابٌ فِيمَنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ فِي حَجِّهِ 2015 - قوله: "اقترض عرض رجل" أي قطع إنسان رجلا كان أو امرأة. بَابٌ فِي مَكَّةَ 2016 - قوله: "والناس يمرون بين يديه" أي قدامه قيل: فالمرور في مكة عفو لهذا الحديث، وقيل: بل يحمل أنهم كانوا يرون وراء موضع السجود أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع على اختلاف المذاهب والله تعالى أعلم.

باب تحريم حرم مكة

بَابُ تَحْرِيمِ حَرَمِ مَكَّةَ 2017 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقْطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ "، فَقَالَ عَبَّاسٌ: - أَوْ قَالَ: - قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَزَادَنَا فِيهِ ابْنُ الْمُصَفَّى، عَنِ الْوَلِيدِ فَقَامَ أَبُو شَاهٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبُوا لِي، فَقَالَ === بَابُ تَحْرِيمِ حَرَمِ مَكَّةَ 2017 - قوله: "وإنما أحلت لي ساعة من النهار" مقتضاه أنه ليس لأحد بعده أن يقاتل بمكة ابتداء مع استحقاق أهلها القتال وعليه بعض الفقهاء، إذ خصوص الحرمة بمكة وخصوص حل القتال به صلى الله تعالى عليه وسلم إنما يظهر حينئذ، وإلا فبدون استحقاق الأهل لا يحل القتال في غير مكة أيضًا، ومع الاستحقاق لو جوزنا في مكة لغيره صلى الله عليه وسلم لم يبق للاختصاصين معنى، وزعم الطحاوي أن المراد بقوله: "إنما أحلت لي" إلخ هو جواز دخولها بلا إحرام لا

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ». قُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ مَا قَوْلُهُ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ؟ » قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةُ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2018 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: «وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا». === تحريم القتال والقتل (¬1)، ولا يخفى ما فيه من إخراج الكلام عن الانتظام، والا يعضد" على بناء المفعول، أي لا يقطع وهو نفي بمعنى النهي وكذا قوله: "ولا ينفر" وهو بتشديد الفاء، و"المنشد" المعرِّف قيل: أي المعرف على الدوام لتظهر فائدة التخصيص وهو مذهب الشافعي وأحمد، ولعل من يقول: المراد بالمنشد: المعرف سنة كما في سائر البلاد؛ يجيب عن التخصيص بأنه كتخصيص الإحرام في قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (¬2) مع أنه الفسوق حرام منهي عنه بلا إحرام أيضًا وحاصله زيادة الاهتمام بأمر الإحرام وبيان أن الاجتناب عن الفسوق في الإحرام آكد، فكذلك ها هنا التخصيص لزيادة الاهتمام بأمر الحرم والله تعالى أعلم. و"الإذخر" بكسر الهمزة وإعجام الذال حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب. 2018 - قوله: "ولا يختلى خلاها" هو بالقصر النبات الدقيق ما دام رطبًا، واختلاءه قطعه، وإذا يبس فهو حشيش. ¬

_ (¬1) فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 3/ 450. (¬2) سورة البقرة: آية (197).

باب في نبيذ السقاية

2019 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي لَكَ بِمِنًى بَيْتًا أَوْ بِنَاءً يُظِلُّكَ مِنَ الشَّمْسِ؟ ، فَقَالَ: «لَا، إِنَّمَا هُوَ مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ». 2020 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ، أَخْبَرَنِي عِمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ بَاذَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «احْتِكَارُ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ إِلْحَادٌ فِيهِ». بَابٌ فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ 2021 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ === 2019 - قوله: "مناخ" بضم الميم موضع الإفاضة أي ومثله لا يصلح لبناء أحد بعينه، بل لو بنى فلا فائدة، فيه إذ قد يسبقه الآخر. 2020 - قوله: "احتكار الطعام" أي حبسه إلى وقت شدة الغلاء، والإلحاد والميل إلى الباطل، والمراد: أنه داخل في قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} (¬1) والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي نَبِيذِ السِّقَايَةِ 2021 - قوله: "ما بال أهل هذا البيت" أي أهل سقاية الكعبة. ¬

_ (¬1) سورة الحج: آية (25).

باب الإقامة بمكة

عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا بَالُ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ يَسْقُونَ النَّبِيذَ، وَبَنُو عَمِّهِمْ يَسْقُونَ اللَّبَنَ وَالْعَسَلَ وَالسَّوِيقَ أَبُخْلٌ بِهِمْ أَمْ حَاجَةٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بِنَا مِنْ بُخْلٍ وَلَا بِنَا مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَخَلْفَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَدَفَعَ فَضْلَهُ إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، كَذَلِكَ فَافْعَلُوا» فَنَحْنُ هَكَذَا لَا نُرِيدُ أَنْ نُغَيِّرَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ 2022 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ، هَلْ سَمِعْتَ فِي الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ شَيْئًا قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلْمُهَاجِرِينَ: «إِقَامَةٌ بَعْدَ الصَّدْرِ ثَلَاثًا». === بَابُ الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ 2022 - قوله: "للمهاجرين إقامة" أي بمكة بعد قضاء النسك، والمراد أن له مكث هذه المدة لقضاء حوائجه، وليس له أزيد منها؛ لأنها بلدة تركها لله فلا يقيم فيها أكثر من هذه المدة لشيبه العود إلى ما تركه والله تعالى أعلم.

باب في دخول الكعبة

بَابُ فِي دُخولِ الْكَعْبَةِ 2023 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، وَبِلَالٌ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ فَمَكَثَ فِيهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَسَأَلْتُ بِلَالًا، حِينَ خَرَجَ مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ، وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ، ثُمَّ صَلَّى». 2024 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَذْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرِ السَّوَارِيَ قَالَ: ثُمَّ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. 2025 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الْقَعْنَبِيِّ، قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى؟ === بَابُ فِي دُخولِ الْكَعْبَةِ 2023 - قوله: "فأغلقها" أي أغلق عثمان الكعبة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خوفًا من زحام الناس. 2024 - قوله: "بينه وبين القبلة" أي وبين الجدار الذي استقبله واتخذه قبلة له وإلا فالبيت كله قبلة.

2026 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَفْوَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ؟ قَالَ: «صَلَّى رَكْعَتَيْنِ». 2027 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، قَالَ: فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَفِي أَيْدِيهِمَا الْأَزْلَامُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَاتَلَهُمُ اللَّهُ وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ»، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَفِي زَوَايَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ. === 2027 - قوله: "الأزلام" أي السهام، وكانوا يستقسمون بها، أي يطلبون معرفة ما قسم لهم بالأزلام، وذلك أنهم لو (¬1) قصدوا فعلًا ضربوا ثلاثة أزلام مكتوب على أحدها: أمرني ربي، وعلى الثاني: نهاني ربي، والثالث بلا كتابة، فإن خرج الذي بلا كتابة رجالوها مرة أخرى. ¬

_ (¬1) [لو] غير موجودة بالأصل، ووضعت لمناسبة السياق.

باب الصلاة في الحجر

بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ 2028 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّيَ فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: «صَلِّي فِي الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ، فَإِنَّمَا هُوَ قَطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ». 2029 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَهُوَ مَسْرُورٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ وَهُوَ كَئِيبٌ، فَقَالَ: «إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي، مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا دَخَلْتُهَا إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي». === بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ 2028 - قوله: "فأدخلني في الحجر" بكسر المهملة وحكي فتحها فسكون المعجمة رسم حائط مستدير إلى جانب الكعبة، وقوله: "اقتصروا" أي اقتصروا في إتمام بناء البيت فما تمموا بناءه بل أخرجوا منه هذه القطعة لقلة النفقة. 2029 - قوله: "وهو كئيب" هو حزين وزنًا ومعنى، "ولو استقبلت" أي لو ظهر لي قبل الدخول ما ظهر بعهده ما دخلتها "قد شققت على أمتي" أي فعلت ما صار سببًا لوقوعهم في المشقة والتعب لقصدهم الاتباع بي في دخول الكعبة وذلك لا يتيسر لغالبهم إلا بتعب.

باب في مال الكعبة

2030 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ الْحَجَبِيِّ، حَدَّثَنِي خَالِي، عَنْ أُمِّي صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ الَأسْلَمِيَّةَ، تَقُولُ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَعَاكَ؟ قَالَ: قَالَ: «إِنِّي نَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَ الْقَرْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ». قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: خَالِي مُسَافِعُ بْنُ شَيْبَةَ. بَابٌ فِي مَالِ الْكَعْبَةِ 2031 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ شَيْبَةَ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، قَالَ: قَعَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَقْعَدِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَقْسِمَ مَالَ الْكَعْبَةِ قَالَ: قُلْتُ: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، قَالَ: بَلَى، لَأَفْعَلَنَّ قَالَ: قُلْتُ: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، قَالَ: لِمَ؟ ، قُلْتُ: «لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 2030 - قوله: "أن تخمر القرنين" أي تغطي قرني الكبش الذي فدى الله به إسماعيل عن أعين الناس "يشغل" كيمنع والتشديد لغة رديئة. بَابٌ فِي مَالِ الْكَعْبَةِ 2031 - قوله: "قلت: لأن رسول الله على الله تعالى عليه وسلم رأى مكانه" إلخ استدل بتركه صلى الله تعالى عليه وسلم وترك أبي بكر رضي الله عنه التعرض لمال الكعبة مع علمها به وحاجتها على أنه لا يجوز إخراجه والتعرض له، ووافقه عمر رضي الله عنه على ذلك لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يراعي حدثان

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَأَى مَكَانَهُ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُمَا أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَى الْمَالِ فَلَمْ يُخْرِجَاهُ» فَقَامَ فَخَرَجَ. 2032 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِنْسَانٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لِيَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا عِنْدَ السِّدْرَةِ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَرَفِ الْقَرْنِ الْأَسْوَدِ حَذْوَهَا، فَاسْتَقْبَلَ نَخِبًا بِبَصَرِهِ، وقَالَ: مَرَّةً وَادِيَهُ، وَوَقَفَ حَتَّى اتَّقَفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ» وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ === عهدهم بالجاهلية وأبو بكر لم يفرغ لأمثال هذه الأمور والله تعالى أعلم. 2032 - وقوله: "من لية" ضبط وبكسر اللام قال السيوطي: بتشديد المثناة التحتية غير منصرف اسم موضع بالحجاز (¬1)، و"القرن" جبل صغير هناك حذوها أي حذو السدرة و"نخبًا" بفتح النون وسكون المعجمة وموحدة اسم موضع هناك "حتى اتقف الناس"، أي حتى وقفوا، "صَيْدوجّ" بفتح الواو وتشديد الجيم موضع لناحية الطائف، وهو اسم جامع لحصونها، وقيل: اسم واحد، و"عضاهه" العضاه بكسر العين: كل شجر له شوك كالطلح والسلم والعوسج والسدر "حَرَمَ" (¬2) بفتحتين أي حرام، وهما لغتان كحل وحلال و"محرم" تأكيد له و"لله" متعلق بمحرم أي حرمه الله، قيل: يحتمل أن حرمه ليصير حمى للمسلمين أي مرعى لأفراس الغزاة لا يرعاها غيرهم، ويحتمل أنه حرمه في ¬

_ (¬1) النهاية: 4/ 287. (¬2) في السنن المطبوع "حرام".

باب في إتيان المدينة

الطَّائِفَ وَحِصَارِهِ لِثَقِيفٍ. بَابٌ فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ 2033 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. بَابٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ 2034 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === وقت معلوم ثم نسخ والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ 2033 - قوله: "لا تشد الرحال" أي لا ينبغي شد الرحال والسفر من بين المساجد إلا إلى ثلاثة مساجد، وأما سفر للعلم وزيارة العلماء والصلحاء وللتجارة ونحو ذلك فغير داخل في حيز المنع، وكذا زيارة المساجد الأخر بلا سفر كزيارة مسجد قباء لأهل المدينة غير داخل في حيز النهي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ 2034 - قوله: "بين عائر إلى ثور" ذكر المتقدمون أن عائر (¬1) جبل معلوم ¬

_ (¬1) في الأصل: [عيرًا].

إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَا كَتَبْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْقُرْآنَ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَائِرَ إِلَى ثَوْرٍ فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ === بالمدينة وبمكة، وأما ثور فغير معلوم بالمدينة وإنما هو بمكة فقط، فثور في هذا الحديث إما غلط من بعض الراوة والصواب أحد كما جاء في بعض الروايات النادرة وأما المراد: بالعير والثور جميعًا جبلا مكة، والمراد: أنه حرم من المدينة قدر ما بين (¬1) عير وثور من مكة أو حرم المدينة تحريمًا مثل تحريم ما بين عير وثور على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف، وقال النووي: يحتمل أن ثورًا كان اسما لجبل هناك، أما أحد وغيره فخفي اسمه (¬2) لكن المتأخرين كالمحب الطبري، وقطب الدين الحلبى شارح البخاري، وصاحب القاموس وغيرهم، قالوا: بل ثور جبل صغير مدور خلف أحد، وقالوا: إنهم حققوا ذلك من طوائف من العرب العارفين بتلك الأراضى وما فيها من الجبال، وقالوا: إنما خفي على الأكابر العلماء لعدم شهرته وعدم بحثهم عنه (¬3)، "فمن أحدث حدثًا" إلخ رتب على كونها حرمًا تغليظ ما لا ينبغي فعله فيها، قيل: معناه من أتى فيها إثمًا أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه، و"آوى" جاء بالمد والقصر والمد في المتعدي ¬

_ (¬1) ليست بالأصل. (¬2) صحيح مسلم شرح النووي 9/ 143. (¬3) القاموس المحيط: ص 459، ومعجم البلدان: الحموي: 2/ 86. ولسان العرب: 4/ 112. وفتح الباري لابن حجر العسقلاني: 4/ 82.

أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ، وَمَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ». 2035 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ === والقصر في اللازم أفصح، و"محدثًا" بالكسر وقيل: الحدث الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة، والمحدث: يصح بكسر الدال وفتحها بمعنى الكسر، من نصر جانيًا وآواه وأجاره من خصمه وجال بينه وبين أن يقتص منه، وبالفتح هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء: الرضى به والصبر عليه، فإنه إذا رضي به وأقر فاعله ولم ينكر عليه فقد آواه، وقوله: "لا يقبل عنه عدل" إلخ قيل: "العدل" الفدية أو الفريضة، و"الصرف" التوبة أو النافلة "وذمَّة المسلمين" هي عقدهم عقد الأمان لحربي، وقوله: "يسعى بها" أي يجوز لأدناهم عددًا وهو الواحد أو أحقرهم رتبة وهو العبد أن يسعى بالذمة فيعقد لحربي عقد أمان، و"أخفر" بالخاء المعجمة، أي نقض عهده و"والى قومًا" هو أنه ادعى أنه موليهم ومقتصهم، وقال الخطابي. لا مفهوم لقوله: "بغير إذن مواليه" حتى يلزم جواز ذلك بإذنهم وإنما هو تأكيد لتحريم (¬1). 2035 - قوله: "أشاد بها" أي رفع صوته بالتعريف بها. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 224.

لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا، وَلَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا السِّلَاحَ لِقِتَالٍ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُقْطَعَ مِنْهَا شَجَرَةٌ إِلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ». 2036 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ، مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: حَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ بَرِيدًا بَرِيدًا: لَا يُخْبَطُ شَجَرُهُ، وَلَا يُعْضَدُ، إِلَّا مَا يُسَاقُ بِهِ الْجَمَلُ. 2037 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ، حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ فَكَلَّمُوهُ فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ، وَقَالَ: «مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ ثِيَابَهُ» فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ ثَمَنَهُ. 2038 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ === 2036 - قوله: "ما يساق به الجمل" أي ما يكون علفًا له على قدر الضرورة. 2037 - قوله: "فليسلبه" ولعل المراد ليسلبه: زجرًا له وتوبيخًا عليه: بما فعل ليتوب، ثم يرده إليه إذا تاب، أو لعله كان جائزًا حين كان التعزير بالأموال جائز ثم نسخ والله تعالى أعلم.

باب زيارة القبور

أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ مَوْلًى، لِسَعْدٍ، أَنَّ سَعْدًا، وَجَدَ عَبِيدًا مِنْ عَبِيدِ الْمَدِينَةِ يَقْطَعُونَ مِنْ شَجَرِ الْمَدِينَةِ فَأَخَذَ مَتَاعَهُمْ، وَقَالَ: يَعْنِي لِمَوَالِيهِمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ يُقْطَعَ مِنْ شَجَرِ الْمَدِينَةِ شَيْءٌ، وَقَالَ: «مَنْ قَطَعَ مِنْهُ شَيْئًا فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ». 2039 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْجُهَنِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ حِمَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ يُهَشُّ هَشًّا رَفِيقًا». 2040 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَأْتِي قِبَاءَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا». زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ 2041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، عَنْ === 2039 - قوله: "ولكن يهش" أي ينشر برفق ولين. بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ 2041 - قوله: "ما من أحد يسلم عليّ" ظاهر عموم "ما من أحد" يشمل من كان قريبًا وقت السلام أو بعيدًا وكذا إطلاق. قوله: "يسلم عليّ" بظاهره يشمل حال الحياة وبعد الممات لكن رد الروح لا يناسب حال الحياة فيجب تخصيصه بما

أَبِي صَخْرٍ حُمَيْدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ === بعد الممات، وأما تخصيصه بالقريب الزائر فكأن المصنف أخذه من أن السلام إذا لم يسمع لا يحتاج إلى رده، فمقتضى أنه يباشر بالرد أنه يسمعه، والسماع عادة يكون في القريب دون البعيد فيخص الحديث بالقريب الزائر فيؤخذ منه جواز الزيارة، ويحتمل أنه أخذ جواز الزيارة من إطلاق "ما من أحد" لأنه يشمل القريب كما يشمل البعيد، وشموله للقريب يكفي في المطلوب، ولا حاجة إلى التخصيص والله تعالى أعلم. قوله: "إلا رد الله عليّ روحي" من قبيل حذف المعلول وإقامة العلة مقامه، وهذا فن في الكلام شائع في الجزاء والخبر مثل: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ} (¬1)، أي فلا تحزن فقد كذب فحذف الجزاء وأقيم علته مقامه، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ} (¬2) أي نجزيهم ولا نضيع عملهم؛ لأنا لا نضيع فكذلك ها هنا الخبر المحذوف بإقامة العلة مقامه، أي إلا رد - عليه السلام -، فقد رد الله عليَّ روحي بعد الموت فأنا حي أقدر على رد السلام، وقوله: "حتى أرد عليه" أي فبسبب ذلك أرد عليه، فحتى ها هنا حرف ابتداء تفيد السببية مثل مرض فلان حتى لا يرجونه، لا بمعنى كي، فإن أفعاله تعالى لا تعلل بأغراض وإنما يترتب عليه حكم ومصالح، وبهذا اتضح معنى الحديث وضوحًا بينًا، وظهر أن الحديث لا يخالف ما ثبت من حياة الأنبياء ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية (184). (¬2) سورة الكهف: آية (30).

عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ». 2042 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ». 2043 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ الْمَدَنِيُّ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَبِيعَةَ يَعْنِي ابْنَ الْهُدَيْرِ، === عليهم السلام أصلًا، وللحافظ السيوطي ها هنا أجوبة كثيرة لا تخلو عن نوع تكلف مع عدم الحاجة إليها فتركتها لذلك ولما فيه من تطويل الكلام والله تعالى أعلم. 2042 - قوله: "ولا تجعلوا قبري عيدًا" أي محلًا لاجتماعكم بالزينة كما تجتمعون في العيد أو محلًا لاعتبار المجيء إليه متكررًا تكررًا يؤدي إلى سوء الأدب، فإن العيد اسم من الاعتياد وعلى الوجهين قوله: "فإن صلاتكم" إلخ ظاهر، وقيل: بل المعنى، لا تجعلوا كالعيد الذي لا يأتيه الناس في تمام السنة إلا مرتين، فالمقصود الحث على كثرة الزيارة ورد بأنه لا يناسبه. قوله: "فإن صلاتكم"، إلخ ويمكن الجواب بأنه متعلق بمحذوف، والتقدير: فإن لم يتيسر لكم المجيء كما هو المطلوب أولًا، فلا تتركوا الصلاة لأجله، بل صلوا حيث كنتم، فإن صلاتكم إلخ والله تعالى أعلم. 2043 - قوله: "على حرَةِ واقم" بالإضافة، وقوله: "بمحنية" أي بمحل

قَالَ: مَا سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَ حَدِيثٍ وَاحِدٍ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى حَرَّةِ وَاقِمٍ فَلَمَّا تَدَلَّيْنَا مِنْهَا، وَإِذَا قُبُورٌ بِمَحْنِيَّةٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُبُورُ إِخْوَانِنَا هَذِهِ؟ قَالَ: «قُبُورُ أَصْحَابِنَا» فَلَمَّا جِئْنَا قُبُورَ الشُّهَدَاءِ، قَالَ: «هَذِهِ قُبُورُ إِخْوَانِنَا». 2044 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَصَلَّى بِهَا». فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. 2045 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَاوِزَ الْمُعَرَّسِ إِذَا قَفَلَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ، لِأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ بِهِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيَّ، قَالَ: الْمُعَرَّسُ: عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ. "آخر كتاب المناسك" * * * === انعطاف الوادي، ومحاني الوادي معاطفه.

6 - كتاب النكاح

كِتَاب النِّكَاحِ بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ 2046 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ فَاسْتَخْلَاهُ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ، أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ لِي: تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ فَجِئْتُ فَقَالَ لَهُ: عُثْمَانُ أَلَا نُزَوِّجُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِجَارِيَةٍ بِكْرٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ === كِتَاب النِّكَاحِ بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى النِّكَاحِ 2046 - قوله: "فاستخلاه" أي طلب منه الخلوة ليعرض عليه فيها الزواج فعرض عليه ذلك "حاجة" أي في النكاح فلا حاجة إلى بقاء الخلوة بسببه "فقال له عثمان": أي في الخلوة لا بعد المجيء فهو عطف على استخلاه وما بينهما اعتراض، فلعل ابن مسعود حدث علقمة بذلك، ويحتمل أنه قال له بعد المجيء على أنه كان تتمة لما ذكره في الخلوة، "جارية" أي صغيرة، "ما كنت تعهد" أي من القوة والشهوة "لئن قلت ذاك لقد سمعت" إلخ يحتمل أنه تحسين لكلام عثمان، أي أن ما حضضتني عليه فهو مما حضنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا، ويحتمل أنه رد عليه بناء على أن الخطاب في الحديث للشباب (¬1) كما في روايات الحديث، فالمعنى إنما يخص على ذلك من هو في سن الشباب و"الباءة" بالمد والهاء على ¬

_ (¬1) في الأصل [بالشباب].

باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين

لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ 2047 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " تُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، === الأفصح، يطلق على الجماع والعقد، ويصح في الحديث كل منهما بتقدير المضاف، أي مؤنه وأسبابه أو المراد: ها هنا بلفظ الباءة هي المؤن والأسباب إطلاقًا للاسم على ما يلازم مسماه، وقوله: "فليتزوج" أمر ندب عند الجمهور، "أغض" أحبس و"أحصن" أحفظ، "فإنه" أي الصوم، "له" أي للفرج "وجاء" بكسر الواو والمد أي كسر شديد يذهب بشهوته. بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ 2047 - قوله: "لأربع" أي الناس يراعون هذه الخصال في المرأة ويرغبون، لأجلها يرد الأمر بمراعاتها، و"الحسب" شرف الآباء أو حسن الأفعال، "فاظفر" أي فاطلب أيها المسترشد ذات الدين حتى تفوز بها وتكون محصلًا بها غاية المطلوب، "تربت" بكسر الراء من ترب إذا افتقر فلصق بالتراب، وهذه كلمة تجري على لسان العرب مقام المدح والذم، ولا يراد بها الدعاء على المخاطب دائمًا وقد يراد الدعاء أيضًا والمراد ها هنا، إما المدح أي اطلب ذات الدين أيها

باب في تزويج الأبكار

فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ. بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ 2048 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَزَوَّجْتَ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا» فَقُلْتُ: ثَيِّبًا قَالَ: «أَفَلَا بِكْرٌ تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ». بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يَلِدْ مِنَ النِّسَاءِ 2049 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَتَبَ إِلَيَّ حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا === العاقل الذي كيد عليك لكمال عقلك فيقول الحاسد حسدا: تربت يداك؛ أو الذم أو الدعاء عليه بتقدير إن خالفت هذا الأمر. بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ 2048 - قوله: "أفلا بكرًا" (¬1) أي أفلا تزوجت بكرًا، وقوله: "تلاعبها وتلاعبك" تعليل للترغيب في البكر سواء كانت الجملة مستأنفة كما هو الظاهر أو صفة لبكر، أي ليكون بينكما كمال التآلف والتآنس؛ فإن الثيب قد تكون معلقة القلب بالسابق. بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يَلِدْ مِنَ النِّسَاءِ 2049 - قوله: "لا تمنع يد لامس" أي إنها مطاوعة لمن أرادها وهذا كناية عن ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع "أفلا بكرٌ".

الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ قَالَ: «غَرِّبْهَا» قَالَ: أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي، === الفجور، وقيل: بل هو كناية عن بذلها الطعام وقيل: وهو الأشبه، وقال أحمد: لم يكن ليأمره بإمساكها وهي تفجر، ورد بأنه لو كان المراد السخاء لقيل: لا ترد يد ملتمس، إذ السائل يقال له: الملتمس لا اللامس وأما اللمس فهو الجماع أو بعض مقدماته، وأيضًا السخاء مندوب إليه فلا تكون المرأة معاقبة لأجله مستحقة للفراق، فإنها إما أن تعطي مالها أو مال الزوج، وعلى الثاني على الزوج صونه وحفظه وعدم تمكينها منه فلم يتعين الأمر بتطليقها، وقيل: المراد أنها تتلذذ بمن يلمسها فلا ترد يده ولم يرد الفاحشة العظمى وإلا لكان بذلك قاذفًا، وقيل: الأقرب أن الزوج علم منها أن أحدًا لو أراد منها السوء لما كانت هي ترده لا أنه تحقق وقوع ذلك منها، بل ظهر له ذلك بقرائن فأرشده الشارع إلى مفارقتها احتياطًا، فلما علم أنه لا يقدر على فراقها لمحبته لها وأنه لا يصبر على ذلك، رخص له في إثباتها؛ لأن مجبته لها محققة ووقوع الفاحشة منها متوهم، "غرّبها" أمر من التغريب بالغين المعجمة أي بعدها يريد الطلاق كما في رواية النسائي وغيره (¬1)، وقوله: "أن تتبعها نفسي" أي لا أصبر عنها لغلبة المحبة لها، قيل: خاف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقع في الحرام إن طلقها فأمره بإبقائها، قيل هذا الحديث موضوع، ورد بأنه حسن صحيح ورجال سنده رجال ¬

_ (¬1) النسائي في الطلاق (3465) والبيهقي في السنن في النكاح: 7/ 155.

باب في قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية}

قَالَ: «فَاسْتَمْتِعْ بِهَا». 2050 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ ابْنَ أُخْتِ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا، قَالَ: «لَا» ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ». بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} 2051 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ === الصحيحين فلا يلتفت إلى قول من حكم عليه بالوضع. 2050 - قوله: "وإنها لا تلد" كأنه علم ذلك بأنها لا تحض، "الودود" أي كثرة المحبة للزوج كأن المراد بها: البكر أو يعرف ذلك بحال قرابتها وكذا معرفة "الولود" أي كثيرة الولادة يعرف بذلك في البكر واعتبار كونها ودودًا مع [أنها] (¬1) أن المطلوب كثرة الأولاد كما يدل عليه التعليل؛ لأن المحبة هي الوسيلة إلى ما يكون سببًا للأولاد، "مكاثر بكم" أي الأنبياء "يوم القيامة" كما في رواية ابن حبان (¬2). بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} 2051 - قوله: "بغي" أي زانية، "لا تنكحها" قيل: هو نهي تنزيه أو هو ¬

_ (¬1) كلمة غير واضحة بالأصل. (¬2) أحمد في مسنده: 3/ 158، 245، وابن حبان في صحيحه (4017)، والبزار في مسنده "كشف الأستار" 2/ 149، والبيهقي في السنن: 7/ 81 وذكره الهيثمي في المجمع 4/ 258 وقال: رواه أحمد والطبراني في الأوسط وقال: إسناده حسن.

باب في الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها

بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا: عَنَاقُ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، فَنَزَلَتْ: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَالَ: «لَا تَنْكِحْهَا». 2052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو مَعْمَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حَبِيبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ». وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنِي حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا 2053 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ === منسوخ بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (¬1) وعليه الجمهور. 2052 - قوله: "لا ينكح الزاني" المجلود أي الذي جلد في حد الزنى "إلا مثله" أي عادة، إذ الشركة في الخصال داعية إلى التآلف وخلافها إلى التنفر. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا 2053 - قوله: "كان له أجران" أي أن تزوجه إحسان ثان إليها فيستحق به الأجر أيضًا كما يستحق بالإعتاق وليس هو من باب العود إلى ما أخرجه لله حتى ¬

_ (¬1) سورة النور: آية (32).

باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا كَانَ لَهُ أَجْرَانِ». 2054 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا». بَابُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ 2055 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ». === يكون منقصًا للأجر الأول والله تعالى أعلم. 2054 - قوله: "وجعل عتقها صداقها"، قيل: يجوز ذلك لكل من يريد أن يفعل كذلك، وقيل: بل هو مخصوص به، إذ يجوز له النكاح بلا مهر وليس لغيره ذلك سواء، قلنا: معناه أنه أعتقها في مقابلة العقد، أو أنه أعتقها من غير شرط ثم تزوجها بلا مهر، و"الصداق" بكسر الصاد أفصح من فتحها والله تعالى أعلم. بَابُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ 2055 - قوله: "من الرضاعة" بفتح الراء وكسرها.

باب في لبن الفحل

2056 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي؟ قَالَ: «فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ »، قَالَتْ: فَتَنْكِحُهَا، قَالَ: «أُخْتَكِ؟ »، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ »، قَالَتْ: لَسْتُ بِمُخْلِيَةٍ بِكَ وَأَحَبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ: «فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي»، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ دُرَّةَ - أَوْ ذُرَّةَ - شَكَّ زُهَيْرٌ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: «بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ »، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي، مَا حَلَّتْ لِي إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَة عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ». بَابٌ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ 2057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَفْلَحُ بْنُ أَبِي الْقُعَيْسِ فَاسْتَتَرْتُ مِنْهُ، قَالَ: تَسْتَتِرِينَ مِنِّي وَأَنَا عَمُّكِ، قَالَتْ: قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: === 2056 - قوله: "هل لك في أختي" أي رغبة في نكاحها، "لست بمخلية بك". اسم فاعل من الإخلاء أي لست بمنفردة بك ولا خالية من ضرة. "شركني" بكسر الراء. "فلا تعرضن" من العرض. بَابٌ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ 2057 - قوله: "إنما أرضعتني المرأة" أي امرأة أخيك، "الرجل" أي أخوك فالمرأة صارت أمي وأما أخوك فلا يصير بذلك اللبن أبي، زعمت أن اللبن

باب في رضاعة الكبير

أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِي، قَالَتْ: إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ». بَابٌ فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ 2058 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، قَالَ حَفْصٌ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، ثُمَّ اتَّفَقَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ === للمرضعة قاصرة عليه موجبة للأحكام بالنسبة إليها دون زوجها، "إنه عمك" أي اللبن لأخيه فهو باللبن أبوك وهذا عمك، فعلم أن اللبن يعتبر للفحل فثبت به الحرمة منه. بَابٌ فِي رِضَاعَةِ الْكَبِيرِ 2058 - قوله: "فإنما الرضاعة من المجاعة" أي الرضاعة المحرمة في الصغر حين يسد اللبن الجوع، فإن الكبير لا يشبعه إلا الخبز، وهو علة لوجوب النظر والتأمل، وقيل: يريد أن المصة والمصتين لا تسد الجوع فلا تثبت بذلك الحرمة، و"المجاعة" مفعلة من الجوع. قلت: فإن كان كناية عن كون الرضاعة المحرمة لا تثبت بالمصة والمصتين فلا مخالفة بينه وبين ما كانت (¬1) عليه عائشة من ثبوت الرضاعة في الكبير وإن كان ¬

_ (¬1) في الأصل [كان].

أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». 2059 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَا رِضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ»، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: «لَا تَسْأَلُونَا وَهَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ». 2060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: أَنْشَزَ الْعَظْمَ. === كناية عن كون الرضاعة المحرمة لا تثبت في الكبير فلا بد من القول بأن عائشة كانت عالمة بالتاريخ فرأت أن هذا الحديث منسوخ بحديث سهلة (¬1) والله تعالى أعلم. 2059 - قوله: "ما شد العظم" أي أحكمه وقواه وقيمه. 2060 - قوله: "أنشر" بالراء المهملة أي أنماه وشده وقواه، وروي بالمعجمة أي رفعه وأعلاه وكبر حجمه. ¬

_ (¬1) مالك في الموطأ كتاب الرضاع (2/ 605، 606)، وعند الشافعي في الأم (5/ 28)، ومسلم في الرضاع (1453) والنسائي في الكبرى في النكاح (5474، 5475، 5476)، وابن ماجه في النكاح (1943).

باب فيمن حرم به

بَابٌ فِيمَنْ حَرَّمَ بِهِ 2061 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، كَانَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوُرِّثَ مِيرَاثَهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] إِلَى قَوْلِهِ {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ، ثُمَّ الْعَامِرِيِّ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَكَانَ يَأْوِي مَعِي وَمَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ، فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَيَرَانِي فُضْلًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْضِعِيهِ» فَأَرْضَعَتْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَبِذَلِكَ === بَابٌ فِيمَنْ حَرَّمَ بِهِ 2061 - قوله "يتبنى سالمًا" أي اتخذه ابنًا له وأضافه إلى نفسه، "ويراني فُضلا"بضم فاء وضاد معجمة أي متبذلة في ثياب المهنة أو في ثوب واحد، لعلها أي الحرمة بالرضاعة في الكبير أو الرضاعة في الكبر رخصة أي خصوصية، فقد كان له أن يخص وبه قال الجمهور، ولو كان الأمر إلينا لقلنا: إنها تثبت في الكبير

باب هل يحرم ما دون خمس رضعات

كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَأْمُرُ بَنَاتِ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِ إِخْوَتِهَا أَنْ يُرْضِعْنَ مَنْ أَحَبَّتْ عَائِشَةُ أَنْ يَرَاهَا وَيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا خَمْسَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَأَبَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، حَتَّى يَرْضَعَ فِي الْمَهْدِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ وَاللَّهِ مَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ دُونَ النَّاسِ. بَابُ هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ 2062 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ === عند الضرورة كما في المورد، وأما القول بالثبوت مطلقًا كما تقول عائشة فلا يعد، ودعوى الخصوص لا بد من إثباتها. بَابُ هَلْ يُحَرِّمُ مَا دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ 2062 - قوله: "بخمس معلومات" وصفها بذلك للتحرز عما شك وصوله إلى الجوف، "وهن مما يقرأ" ظاهره يوجب القول بتغيير القرآن فلا بد (¬1) من تأويله فقيل: إنها أيضًا منسوخة تلاوة، إلا أن نسخهما كان في قرب وفاته صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يبلغ بعض الناس فكانوا يقرأونه حين توفي صلى الله تعالى عليه وسلم، ثم تركوا تلاوته حين بلغهم النسخ، فالحاصل أن كلا من العشر والخمس منسوخ تلاوة، بقي الخلاف في بقاء الخمس حكمًا والجمهور ¬

_ (¬1) ليست [بد] في الأصل.

عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ». 2063 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ». === على عدمه، إذ لا استدلال بالمنسوخ تلاوة؛ لأنه ليس بقرآن بعد النسخ ولا هو سنة ولا إجماع ولا قياس، ولا استدلال بما وراء المذكورات فلا يصح الاستدلال به مطلقا فضلًا في مقابلة إطلاق النص، ويكفي للجمهور أن يقول: لا يترك إطلاق النص إلا بدليل، ولا نسلم أن المنسوخ تلاوة دليل، فلا بد لمن يدعي خلاف الإطلاق إثباته أنه دليل، ودونه خرط القتاد، ولا يخفي أن المنسوخ تلاوة لو كان دليلًا لوجب نقله ولم يقل أحد بذلك، وأما فيما بقي فيه الحكم بعد النسخ فإن ثبت فبقاء الحكم فيه دليل آخر؛ لأن المنسوخ دليل فافهم والله تعالى أعلم. قوله: "لا تحرم المصة ولا المصتان" تخصيص المصة والمصتين يجوز أن يكون لموافقة السؤال كما يقتضيه روايات الحديث، فلا يدل على أن الثلاث محرمة عند القائل بالمفهوم، ثم هذا الحديث يجوز أن يكون حين كان المحرم العشر أو الخمس فلا ينافي كون الحكم بعد النسخ هو الإطلاق الموافق لظاهر القرآن والله تعالى أعلم.

باب في الرضخ عند الفصال

بَابٌ فِي الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ 2064 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعَةِ؟ ، قَالَ: «الْغُرَّةُ الْعَبْدُ أَوِ الْأَمَةُ». قَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْأَسْلَمِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُ. بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ 2065 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ === بَابٌ فِي الرَّضْخِ عِنْدَ الْفِصَالِ الرضخ: بخاء معجمة في آخره: العطية القليلة، وكان العرب يستحسنون أن يرضخوا للظئر عند فصال الصبي بشيء سوى الأجرة، ففي ترجمة المصنف تنبيه على أنه المسئول عنه في الحديث. 2064 - قوله: "مذمة الرضاعة" بكسر الذال وفتحها ذمام الرضاع وحقه، أي أنها قد خدمتك وأنت طفل فكافئها بخادم يكفها المهنة قضاء لحقها ليكون الجزاء من جنس العمل، وقيل: بالكسر من الذمة والذمام وبالفتح من الذم فها هنا يجب الكسر، وقيل: بل بالفتح، والكسر هو الحق، والحرمة التي يذم مضيعها و"الغرة" بضم المعجمة وتشديد مهملة هو المملوك. بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ 2065 - قوله: "لا تنكح" على بناء المفعول من الإنكاح أو من النكاح أو على

أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى». 2066 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ === بناء الفاعل منهما على تعميم الخطاب بالكل (¬1) من يصلح له، ويجوز جعله من النكاح، وإسناده إلى المرأة وإسناد النكاح إلى المرأة غير غريب، وعلى كل تقدير يحتمل أن يكون نفيًا بمعنى النهي أو نهيًا صريحًا على الوجوه يمكن أن يكون لا تنكح بالتاء الفوقانية أو الياء التحتانية، نعم لا يصح الخطاب على التحتانية، لكن يجعل مقامه ضمير الغيبة إلى الولي أو المنكح على تقدير بناء الفاعل من الإنكاح وإلى الزوج أو النكاح على تقدير أن يكون من النكاح وهي عشرون احتمالات صحيحة لفظًا معنى إلا ما فيه الإسناد إلى المرأة، فإنه لا يصلح فيه التحتانية فافهم، ولا تكرار في قوله: "على عمتها ولا العمة" إلخ، إذ اللاحقة هي المنكوحة على السابقة، ومعنى "الصغرى" أي الصغرى منها، منهمم سنًّا أيتهما كانت، في هذا مفهوم الكلام لا أنه لبيان دخل (¬2) للصغر والكبر في الحل والحرمة، وقيل: أراد بالصغرى بنت أخت المرأة مثلًا؛ لأن صغرها هو الغالب أو لكونها صغيرة الرتبة، والكلام تأكيد لما تقدم والله تعالى أعلم. 2066 - قوله: "أن يجمع" أي في النكاح في عقد واحد أو عقدين، ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل ولعلها [لكل]. (¬2) العبارة في الأصل [والكلام أنه لا لبيان دخل. .].

شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا». 2067 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ === "وخالتها" أي وإن علت كأخت الجدة وكذا عمتها تشمل أخت الجدة وإطلاق اسم العمة والخالة عليهما بالمجاز أو بالاشتراك، قيل: تخصيص العمة والخالة إما اتفاقي لوقوع السؤال عنهما أو لأن الأختين مذكورتان في نص القرآن، فالأختان كذلك. قلت: وللتنبيه بالأدنى على الأعلى والله تعالى أعلم. 2067 - قوله: "كره أن يجمع بين العمة والخالة" أي وبين من هما عمة وخالة لها، فالظرف الثاني من مدخول بين متروك في الكلام لظهوره، وكذا قوله: "وبين الخالتين" أي بين من هما خالتان لها. والمراد بالخالتين: الصغيرة ممن هي خالة لها والكبيرة منها أو الأبوية وهي أخت الأم من أب، والأموية وهي أخت الأم من أم وعلى هذا قياس "والعمتين"، ويحتمل أن يكون المراد بالخالتين: الخالة من هي خالة لها أطلق عليها اسم الخاله تغليبًا وكذا العمتين، والكلام لمجرد التأكيد وهذا الذي ذكرنا هو الموافق لأحاديث الباب كما لا يخفى، وقال السيوطي نقلًا عن الكمال الدميري: قد أشكل هذا على بعض العلماء حتى حمله على المجاز، وإنما المراد: النهي عن الجمع بن امرأتين إحداهما عمة والأخرى خالة أو كل منهما عمة للأخرى أو جمل منهما خالة للأخرى، تصوير الأولى أن يكون رجل وابنه فتزوجا امرأة وبنتها، فتزوج الأب البنت والابن الأم فولدت لكل منهما ابنة من هاتين الزوجتين فابنة الأب عمة بنت الابن وابنة الابن

«كَرِهَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ وَالْعَمَّتَيْنِ». 2068 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا فَتُشَارِكُهُ فِي مَالِهِ، فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِيهِنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ، قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا === خالتها، وتصوير العمتين أن يتزوج رجل أم رجل ويتزوج الآخر أمه فيولد لكل منهما ابنة فابنة كل واحد منهما خالة للأخرى اهـ. 2068 - قوله: "عن قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ} (¬1) إلخ، إذ نكاح ما طاب ليس سببًا للعدل في الظاهر حتى يؤمر من يخاف به، بل قد يكون النكاح سببًا للجور للحاجة إلى الأموال بغير أن يقسط في صداقها أي يعدل فيه فيبلغ به سنة مهر مثلها، وقوله: "فيعطيها" تفسير "أن يقسط" لا تفسير "أن يتزوجها"، أي ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية (3).

تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ، أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] قَالَتْ: وَالَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْهِمْ فِي الْكِتَابِ الْآيَةُ الْأُولَى الَّتِي قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهَا {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الْآخِرَةِ {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] هِيَ رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حِجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ. قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} [النساء: 3] قَالَ: يَقُولُ: «اتْرُكُوهُنَّ إِنْ خِفْتُمْ فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَرْبَعًا». 2069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيْلِيُّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لَقِيَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَيَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: لَا، قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ === يتزوجها بغير أن يعطيها مثل ما يعطيها غيره، ثم في هذا الحديث دلالة على النهي عن تزوج امرأة يخاف في شأنها الجور منفردة أو مجتمعة مع غيرها، ولذلك ذكره المصنف في هذا الباب والله تعالى أعلم. 2069 - قوله: "فأحسن" أي في الثناء ولعله - صلى الله عليه وسلم - ذكر هذا الثناء تعريضًا

يَغْلِبَكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ وَايْمُ اللَّهِ لَئِنْ أَعْطَيْتَنِيهِ لَا يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَدًا حَتَّى يُبْلَغَ إِلَى نَفْسِي، إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا» قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَّى لِي وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا، وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا. 2070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فَسَكَتَ عَلِيٌّ عَنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ. 2071 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَعْنَى - قَالَ أَحْمَدُ - حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: «إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ، - ثُمَّ لَا آذَنُ -، ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ === لعلي. 2071 - قوله: "بضعة مني" بفتح الباء وقد تكسر، أي إنها جزء كما أن

باب في نكاح المتعة

يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا». وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ. بَابٌ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ 2072 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَذَاكَرْنَا مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يُقَالُ لَهُ رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ». === البضعة جزء من اللحم. بَابٌ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ 2072 - قوله: "فتذاكرنا متعة النساء" هي النكاح لأجل معلوم أو مجهول كقدوم زيد، سمي بذلك لأن الغرض منها مجرد الاستمتاع دون التوكيد وغيره من أغراض النكاح وهي حرام بالكتاب والسنة، وأما السنة فما ذكره المصنف وغيره (¬1)، وأما الكتاب فقوله تعالى: {إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ} (¬2)، والمتمتع بها ليست واحدة منهما بالاتفاق، فلا تحل والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مالك في الموطأ في النكاح (41)، أحمد 1/ 79، والبخاري في المغازي (4216)، وفي الذبائح والصيد (5523)، ومسلم في النكاح (1407/ 30)، والترمذي في النكاح (1121) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في النكاح (1961). (¬2) سورة المؤمنون: آية (6)، سورة المعارج: آية (30).

باب في الشغار

2073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ». بَابٌ فِي الشِّغَارِ 2074 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، كِلَاهُمَا، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الشِّغَارِ». زَادَ مُسَدَّد، فِي حَدِيثِهِ قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ، وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ، === بَابٌ فِي الشِّغَارِ 2074 - قوله: "نهي عن الشغاره بكسر الشين وبالغين المعجمة (¬1). وقوله: "بغير صداق" بل يجعل كل منهما بنية صداق زوجته، والنهي عنه محمول على عدم المشروعية بالاتفاق لما جاء، "ولا شغار في الإسلام" رواه الترمذي من حديث عمران بن حصين، وقال: حديث حسن صحيح (¬2) نعم عند الجمهور لا ينعقد أصلًا وعندنا لا يبقى شغارًا، بل يلزم فيه مهر المثل وبه يخرج عن كونه شغارًا؛ لأنه مأخوذ فيه عدم الصداق، والظاهر أن عدم مشروعية الشغار تفيد بطلانه وأنه لا ينعقد، لا أنه ينعقد نكاحًا آخر، فقول الجمهور أقرب والله تعالى ¬

_ (¬1) الشغار: هو نكاح معروف في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل: زوجني أختك أو بنتك أو من تلي أمرها حتى أزوجك أختي أو ابنتي أو من يلي أمرها ولا يكون بينهما مهر ويكون بضع كل واحد منهما في مقابلة بضع الأخرى. النهاية في غريب الحديث والأثر. ابن الأثير: 2/ 482. (¬2) الترمذي في النكاح (1123)، والنسائي في النكاح (2335).

باب في التحليل

وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ. 2075 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ، أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، أَنْكَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ، وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَتَهُ وَكَانَا جَعَلَا صَدَاقًا فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: «هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي التَّحْلِيلِ 2076 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: وَأُرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ === أعلم. بَابٌ فِي التَّحْلِيلِ قوله: "لعن الله المحلل والمحلل له" (¬1) الأول: من الإحلال والثاني من التحليل وهما بمعنى واحد، ولذا روي المحل والمحل له بلام واحدة مشددة والمحلل والمحلل له، بلامين أولها مشددة ثم المحل من تزوج مطلقة الغير ثلاثًا لتحل له، "والمحلل له" هو المطلق. والجمهور على أن النكاح بنية التحليل باطل؛ لأن اللعن يقتضي النهي والحرمة في باب النكاح تقتضي عدم الصحة، وأجاب من يقول بصحته أن النهي قد يكون لخسة الفعل، فلعل اللعن ها هنا؛ لأنه هتك ¬

_ (¬1) بالأصل [لعن المحلل والمحلل له].

باب في نكاح العبد بغير إذن سيده

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ». 2077 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَرَأَيْنَا أَنَّهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. بَابٌ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ 2078 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَذَا لَفْظُ إِسْنَادِهِ، وَكِلَاهُمَا، عَنْ وَكِيعٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَهُوَ عَاهِرٌ». === مروءة وقلة حمية وخسة نفس، أما بالنسبة إلى المحلل فظاهر، وأما المحلل له فإنه كالتيس يعير نفسه بالوطء لغرض الغير، وتسميته محللًا يؤيد القول بالصحة ومن لا يقول بها يقول أنه قصد التحليل وإن كانت لا تحل. بَابٌ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ 2078 - قوله: "عاهر" أي زان، فإن قلت: المتبادر من التزوج هو العقد دون الوطء فكيف يكون العبد زانيًا بالعقد وإن أريد الوطء مجازًا يلزم أن يكون الإذن شرطًا للوطء وليس كذلك. قلت: المراد العقد، ومعنى كونه زانيًا أنه مباشر بمقدماته، فإن العقد للوطء ووطئه لهذه الزوجة زنا وظاهره عدم جواز العقد أصلًا لا كونه جائرًا موقوفًا والله تعالى أعلم.

باب في كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

2079 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَكَحَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ 2080 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ». 2081 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، إِلَّا بِإِذْنِهِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا 2082 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ === بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ 2080 - قوله: "لا يخطب" من الخطبة بكسر الخاء: بمعنى التماس النكاح من حد نصر وهو يحتمل النفي بمعنى النهي، والنهي إذا تراضيا ولم يبق بينهما إلا العقد ولا يمنع قبل ذلك. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا 2082 - قوله: "إلى ما يدعوه إلى نكاحها" طبعًا من الجمال ضرورة أن

باب في الولي

إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ»، قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. بَابٌ فِي الْوَلِيِّ 2083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا، فَنِكَاحُهَا === الجمال يحمله ويشوقه إلى نكاحها عادة وإن كان ذلك بعد الدين لمن يريد حفظ الدين، ومعنى "أتخبأ" اختفي. بَابٌ فِي الْوَلِيِّ 2083 - قوله: "فإن تشاجروا" أي تنازعوا واختلفوا بحيث أدى ذلك إلى المنع عن النكاح يفوض الأمر إلى السلطان ويجعل الأولياء كالمعدومين، ومن لا يقول باشتراط الولي في النكاح يقول في إسناد الحديثين مقال أشار إلى بعضه الترمذي وغيره (¬1)، وقالوا: على تقدير الصحة يحمل عموم أيما امرأة على امرأة ¬

_ (¬1) الترمذي في النكاح (1102) وقال: قد تكلم بعض أصحاب الحديث في حديث الزهري عن عائشة، المستدرك: 2/ 168. والنسائي في النكاح في الكبرى (5394/ 2) وابن ماجه في النكاح (1879) وأحمد في مسنده 6/ 47، 165، والدارمي 2/ 185 (2184) والدارقطني (381) والبيهقي في سننه 7/ 105.

بَاطِلٌ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ لَهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ». 2084 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ رَبِيعَةَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: جَعْفَرٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ كَتَبَ إِلَيْهِ. 2085 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ يُونُسَ، وَإِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ يُونُسُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، وَإِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ. 2086 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِ جَحْشٍ فَهَلَكَ عَنْهَا وَكَانَ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ === تحت ولي بصغر أو جنون والله تعالى أعلم. 2085 - قوله: "لا نكاح إلا بولي" أي بإذنه كما في الحديث السابق ولا دليل فيهما على عدم صحة النكاح بعبارة النساء كما لا يخفى. 2086 - قوله-: "فزوجها النجاشي" أي ساق المهر إليها فأضيف إليه التزويج، وإلا فالذي عقد عمرو بن أمية بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه بذلك، ولعل من يشترط الولي يجيب بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - له ولاية عامة على المؤمنين

باب في العضل

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عِنْدَهُمْ. بَابٌ فِي الْعَضْلِ 2087 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ فَأَتَانِي ابْنُ عَمٍّ لِي فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَهُ رَجْعَةٌ، ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلَمَّا خُطِبَتْ إِلَيَّ أَتَانِي يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ: «لَا، وَاللَّهِ لَا أُنْكِحُهَا أَبَدًا»، قَالَ: فَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] الْآيَةَ، قَالَ: «فَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ». بَابٌ إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ 2088 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الْمَعْنَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَهُوَ === كلهم، فأمره يكفي عن إذن ولي آخر والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ 2088 - قوله: "زوجها وليّان" أي من رجلين وضمير "منهما" في قوله: "الأول منهما" راجح إلى هذا المقدر لا إلى وليّيَن، ويمكن أن يقال: معنى أنها للأول منهما أنه نفد فيها تزويجه، فالضمير للوليين أو معنى للأول أي على

باب قوله تعالى {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن}

لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا». بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} 2089 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الشَّيْبَانِيُّ، وَذَكَرَهُ عَطَاءٌ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِيُّ، وَلَا أَظُنُّهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ مِنْ وَلِيِّ نَفْسِهَا: إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ زَوَّجَهَا أَوْ زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ. 2090 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا === تزويج الأول منهما. بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} 2089 - قوله: "أحق بامرأته من ولي نفسها" أي كان أولياء الزوج أحق من ولي المرأة بحكم الإرث. 2090 - قوله "فيعضلها" أي يمنعها عن الزوج، وقوله: "فأحكم الله عن

باب في الاستئمار

آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] «وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَرِثُ امْرَأَةَ ذِي قَرَابَتِهِ فَيَعْضُلُهَا حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا، فَأَحْكَمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ». 2091 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، مَوْلَى عُمَرَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بِمَعْنَاهُ قَالَ: فَوَعَظَ اللَّهُ ذَلِكَ. بَابٌ فِي الِاسْتِئْمَارِ 2092 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا الْبِكْرُ إِلَّا بِإِذْنِهَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِذْنُهَا قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ». 2093 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى === ذلك" أي منع عنه. بَابٌ فِي الِاسْتِئْمَارِ 2092 - قوله: "لا تنكح الثيب" على بناء المفعول حتى تستأمر أي يطلب منها الأمر صريحًا، بخلاف البكر، فإن إذنها بالسكوت يكفي. 2093 - قوله: "فلا جواز عليها" أي لا سبيل عليها أو لا ولاية عليها، وهذا يدل على أنه ليس على الصغيرة ولاية الإجبار لغير الأب، وما سبق من حديث

بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الْمَعْنَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إِذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا». وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو خَالِدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، وُمُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو. 2094 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ زَادَ فِيهِ قَالَ: «فَإِنْ بَكَتْ أَوْ سَكَتَتْ». زَادَ بَكَتْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَيْسَ بَكَتْ بِمَحْفُوظٍ وَهُوَ وَهْمٌ فِي الْحَدِيثِ الْوَهْمُ مِنْ ابْنِ إِدْرِيسَ أَوْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو ذَكْوَانُ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي أَنْ تَتَكَلَّمَ؟ قَالَ: === عائشة (¬1) في تفسير قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} (¬2) يفيد أن لهم ولاية عليها إلا أن يمنع دلالته على ولاية الإجبار، ويقال: يكفي فيه ثبوت أصل الولاية والله تعالى أعلم. ثم الحديث مشكل عند الشافعي، إذ لا فائدة عنده لأمرها، ولذلك حمل بعضهم اليتيمة على البالغة وتسميتها يتيمة باعتبار ما كان لكن لا يخفى أن البالغة ذات الأب أيضًا كذلك، فلا فائدة لذكر اليتيمة حينئذ والله تعالى أعلم. 2094 - قوله: "سكاتها" بضم السين هو طول السكوت. ¬

_ (¬1) أبو داود في النكاح (2068). (¬2) سورة النساء: آية (3).

باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها

«سُكَاتُهَا إِقْرَارُهَا». 2095 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ». بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا 2096 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ «أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === 2095 - قوله: "آمروا النساء" بمد الهمزة وكسر الميم، أي شاوروهن استطابة لأنفسهن، وهو ادعى للألفة وخوفًا من وقوع الوحشة بينهما إذا كانت الأم غير راضية؛ إذ البنات إلى الأمهات أميل، وفي سماع قولهن أرغب، ولأن المرأة ربما علمت من حال ابنتها أمرًا لا يصلح معه النكاح من علة تكون بها أو سبب يمنع من وفاء حقوق النكاح، وقد يقال: أو مروا بالواو وليس بفصيح. بَابٌ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا وَلَا يَسْتَأْمِرُهَا 2096 - قوله: "إن جارية بكرًا" ظاهره أنها كانت غير بالغة لكن يمكن حملها على البالغة فيوافق المذهب.

باب في الثيب

2097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّاسُ مُرْسَلًا مَعْرُوفٌ. بَابٌ فِي الثَّيِّبِ 2098 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا». وَهَذَا لَفْظُ الْقَعْنَبِيِّ. 2099 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُوهَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. === بَابٌ فِي الثَّيِّبِ 2098 - قوله: "الأيم" بفتح فتشديد تحتية مكسورة في الأصل من لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا والمراد ها هنا: الثيب لرواية "الثيب" ولمقابلتها بالبكر، وقيل: وهو الأكثر استعمالًا "أحق" هو يقتضي المشاركة فيفيد أن لها حقًّا في نكاح نفسها ولوليها حقًّا وحقها أوكد من حقه، فإنها لا تجبر لأجل الولى وهو يجبر لأجلها فإن أبى زوجها القاضي، فلدينا في هذا الحديث حديث "لا نكاح إلا: بولي" و"الصمات" بالضم السكوت.

2100 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ، وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ، وَصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا». 2101 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ ابْنَيْ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ، «أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَرَدَّ نِكَاحَهَا». === 2100 - قوله: "ليس للولي مع الثيب أمر" هذا صريح في أنه لا حاجة إلى الولي في نكاح الثيب، كما هو مذهب علماؤنا الحنفية إلا أن يقول من يخالفهم في ذلك: أن راوي ليس للولي" وراوى "الأيم أحق" واحدًا وهو نافع من ابن عباس، وهذا دليل على أن الحديث واحد وإنما الاختلاف في الألفاظ من الرواة بناء على أن بعضهم قصد النقل بالمعنى فنقل على حسب ما فهم ولا حجر في مثله والله تعالى أعلم. قوله: (بنت خذام) (¬1) بكسر الخاء المعجمة. ¬

_ (¬1) خنساء بنت خذام الأنصارية الأوسية، زوج أبي لبابة، صحابية معروفة. تقريب التهذيب: 2/ 596.

باب في الأكفاء

بَابٌ فِي الْأَكْفَاءِ 2102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا هِنْدٍ، حَجَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَافُوخِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَنِي بَيَاضَةَ أَنْكِحُوا أَبَا هِنْدٍ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِ» وَقَالَ: «وَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوُونَ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ». بَابٌ فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ 2103 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مِقْسَمٍ الثَّقَفِيُّ، مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، حَدَّثَتْنِي سَارَةُ بِنْتُ مِقْسَمٍ، أَنَّهَا سَمِعَتْ مَيْمُونَةَ بِنْتَ كَرْدَمٍ، قَالَتْ: خَرَجْتُ === بَابٌ فِي الْأَكْفَاءِ 2102 - قوله: "في اليافوخ" هو الذي يتحرك في وسط رأس الطفل، ومعنى "أنكحوا إليه" اخطبوا إليه بناته، أي لا تخرجوه منكم للحجامة، وقوله "إن كان" إلخ ليس للشك بل للتحقيق والتأكيد ضروره تحقق الخير في دواء ما، فإذا علقنا تحقق الخير في الحجامة على تحقق الخير في دواء ما يلزم ثبوت الخير في الحجامة بالضرورة. بَابٌ فِي تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ 2103 - قوله: "فدنا إليه" أي قرب إليه و "الدرة" بكسر دال وتشديد راء آلة ضرب, "الطبطبية" بفتح المهملتين وسكون الموحدة الأولى وكسر الثانية وبعدها

مَعَ أَبِي فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ فَوَقَفَ لَهُ وَاسْتَمَعَ مِنْهُ وَمَعَهُ دِرَّةٌ كَدِرَّةِ الْكُتَّابِ فَسَمِعْتُ الْأَعْرَابَ وَالنَّاسَ وَهُمْ يَقُولُونَ: الطَّبْطَبِيَّةَ الطَّبْطَبِيَّةَ الطَّبْطَبِيَّةَ، فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي، فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ، فَأَقَرَّ لَهُ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ، وَاسْتَمَعَ مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي حَضَرْتُ جَيْشَ، عِثْرَانَ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: جَيْشَ غِثْرَانَ، فَقَالَ طَارِقُ بْنُ الْمُرَقَّعِ: مَنْ يُعْطِينِي رُمْحًا، بِثَوَابِهِ؟ قُلْتُ: وَمَا ثَوَابُهُ؟ قَالَ: أُزَوِّجُهُ أَوَّلَ بِنْتٍ تَكُونُ لِي، فَأَعْطَيْتُهُ رُمْحِي، ثُمَّ غِبْتُ عَنْهُ، حَتَّى عَلِمْتُ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَهُ جَارِيَةٌ وَبَلَغَتْ، ثُمَّ جِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَهْلِي جَهِّزْهُنَّ إِلَيَّ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ حَتَّى أُصْدِقَهُ صَدَاقًا جَدِيدًا غَيْرَ الَّذِي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَحَلَفْتُ لَا أُصْدِقُ غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَبِقَرْنِ أَيِّ النِّسَاءِ === ياء مشددة، وقيل: هي حكاية وقع الأقدام، أي يقولون بأرجلهم على الأرض طب طب، أي أن الناس يسعون ولأقدامهم صوت طب طب، أو كناية عن الدِّرة؛ فإنها إذا ضرب بها حكت صوت طب طب، وهي بالنصب على التحذير أي احذروها، "فأقرَّ له" أي اعترف برسالته "أهلي" أي هي أهلي، يعني البنت، وضمير "جهزهن" هن للتعظيم ورعاية جمعية لفظ الأهل، معنى "وأصدق" يضم الهمزة صيغة المتكلم من أصيدقها إذا سمى لها صداقا أو أعطاها, "بقرن أي النساء" أي سن أيهن، وقرن كفلس، يقال: هو على قرنه أي على سنه، "فراعن" أي أهمني وغيرني، لعله أمره بتركها لأن عقد النكاح على معدوم العين فاسد، ولأن ذلك كان وعدًا من أبيها، فلما رأى أن الأب لا يفي بما وعد وأن هذا لا يقلع عما قال أشار عليه بتركها لما يخاف عليهما من الإثم إذا تنازعا

باب الصداق

هِيَ الْيَوْمَ» قَالَ: " قَدْ رَأَتِ الْقَتِيرَ، قَالَ: «أَرَى أَنْ تَتْرُكَهَا» قَالَ: فَرَاعَنِي ذَلِكَ، وَنَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنِّي قَالَ: «لَا تَأْثَمُ، وَلَا يَأْثَمُ صَاحِبُكَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْقَتِيرُ الشَّيْبُ. 2104 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، أَنَّ خَالَتَهُ أَخْبَرَتْهُ عَنِ امْرَأَةٍ، قَالَتْ: هِيَ مُصَدَّقَةٌ امْرَأَةُ صِدْقٍ، قَالَتْ: بَيْنَا أَبِي فِي غَزَاةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذْ رَمِضُوا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ يُعْطِينِي نَعْلَيْهِ وَأُنْكِحُهُ أَوَّلَ بِنْتٍ تُولَدُ لِي؟ فَخَلَعَ أَبِي نَعْلَيْهِ فَأَلْقَاهُمَا إِلَيْهِ، فَوُلِدَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَبَلَغَتْ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ، لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْقَتِيرِ. بَابُ الصَّدَاقِ 2105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: === وتخاصما، وتلطف صلى الله تعالى عليه وسلم في صرفه عنها بالسؤال عن سنها حتى يقرر عنده أنها لا حظ فيها. 2104 - قوله: "رمضوا" بكسر الميم أي وجدوا أثر الحر في أقدامهم. بَابُ الصَّدَاقِ 2105 - قوله: "صداق رسول الله على الله تعالى عليه وسلم" الصداق بالفتح والكسر المهر والكسر أفصح و"الأوقية" بضم الهمزة فسكون الواو وتشديد الياء بعد القاف المكسورة أربعون درهمًا، و"النش" بفتح نون وتشديد

سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ صَدَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «ثِنْتَا عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشٌّ»، فَقُلْتُ: وَمَا نَشٌّ؟ قَالَتْ: «نِصْفُ أُوقِيَّةٍ». 2106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: «أَلَا لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً». 2107 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ فَمَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ «فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى === شين معجمة اسم لعشرين درهم أو هو بمعنى النصف من كل شيء، والمعنى أنه إذا كان يتولى تقرير الصداق فلا يزيد على هذا القدر وهذا هو المراد في حديث عمر فلا يرد زيادة مهر أم حبيبة؛ لأن ذلك قد قرره النجاشي أعطاه من عنده والله تعالى أعلم. 2106 - قوله: "بصُدُق النساء" بضمتين (¬1) أي بمهورهن، و"مكرمة" بفتح الميم وضم الراء بمعنى الكرامة وكأنه ترك النش لكونه كسرًا. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [بصُدْق].

باب قلة المهر

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَسَنَةُ هِيَ أُمُّهُ. 2108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، «أَنَّ النَّجَاشِيَّ، زَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَدَاقِ أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَ». بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ 2109 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَحُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَعَلَيْهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، قَالَ: «مَا أَصْدَقْتَهَا؟ » قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، === بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ 2109 - قوله: "ردع زعفران" الردع بمفتوحة فساكنة وعين؛ كلها مهملات، وروي إعجام العين: الأثر، قيل: أنه تعلق به من طيب العروس ولم يقصده، وقيل: بل يجوز للعروس، "مهيم" بمفتوحة فساكنة فتحتية مفتوحة أي ما شأنك وهي كلمة يمانية، قيل: يحتمل أنه إنكار ويحتمل أنه سؤال، وقوله: "وزن نواة" الظاهر أنه كان وزنًا مقررًا بينهم، قيل: هي ثلاثة دراهم، فإن أراد به أن المهر كان ثلاثة دراهم فقوله: "من ذهب" يأبى ذلك، وإن أراد أنه وزن ثلاثة دراهم وهو قدر من ذهب قيمته ثلاثة دراهم فهو محتمل، "ولو بشاة" يفيد أنها قليلة

باب في التزويج على العمل يعمل

قَالَ: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ». 2110 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ جِبْرَائِيلَ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمِ بْنِ رُومَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَةٍ مِلْءَ كَفَّيْهِ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا فَقَدْ اسْتَحَلَّ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُومَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، مَوْقُوفًا. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُومَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَمْتِعُ بِالْقُبْضَةِ، مِنَ الطَّعَامِ عَلَى مَعْنَى الْمُتْعَةِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَلَى مَعْنَى أَبِي عَاصِمٍ. بَابٌ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ 2111 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا === المعنى. 2110 - قوله: "على معنى المتعة" أي فليس الحديث نصًّا في المهر، بل رواياته مختلفة فلا استدلال به. بَابٌ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يَعْمَلُ 2111 - قوله: "إني قد وهبت نفسي" هبة الحرة لا يجوز، فالمراد به التزويج

رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إِيَّاهُ؟ »، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِزَارَكَ جَلَسْتَ وَلَا إِزَارَ لَكَ فَالْتَمِسْ شَيْئًا»، قَالَ: لَا أَجِدُ شَيْئًا، قَالَ: «فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ؟ »، قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». === بلا مهر مجازًا أو تفويض الأمر إليه، والثاني أنسب لتزويجه صلى الله تعالى عليه وسلم إياها من غيره، و"إن لم يكن لك" إلخ من حسن أدبه "تصدقها" من الإصداق، "فالتمس شيئًا" أي اطلب شيئًا آخر "ولو خاتما من حديد" من يقول بتقدير المهر يحتمل أمثال هذا على المعجل، وقوله: "بما معك" أي بتعليمها كما يدل عليه بعض الروايات، ومن لم يأخذ بظاهر هذا الحديث يدعي الخصوص بما عن أبي النعمان قال: "زوج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن، وقال: لا يكون لأحد بعدك مهرًا" (¬1) رواه سعيد بن منصور، وقيل: بل "الباء" في "بما معك" ليست لمقابلة حتى يلزم أن يكون القرآن مهرًا بل للسببية أي أكرمتك بالزواج بسبب القرآن، وأما المهر فهو ثابت على الذمة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سنن سعيد بن منصور: باب تزويج الجارية الصغيرة: 1/ 642 ص 176.

باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات

2112 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عِسْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَمْ يَذْكُرِ الْإِزَارَ وَالْخَاتَمَ، فَقَالَ: «مَا تَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ؟ » قَالَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ أَوِ الَّتِي تَلِيهَا، قَالَ: فَقُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرِينَ آيَةً، وَهِيَ امْرَأَتُكَ. 2113 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، نَحْوَ خَبَرِ سَهْلٍ، قَالَ: وَكَانَ مَكْحُولٌ يَقُولُ: لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ 2114 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الصَّدَاقَ، فَقَالَ: لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ، فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ === بَابٌ فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ 2114 - قوله: "ولم يفرض" أي ولم يعين لها في المهر شيئًا، "معقل" (¬1) بفتح الميم وكسر القاف، "بروع" بكسر الباء وجوز فتحتها قيل: الكسر عند أهل ¬

_ (¬1) معقل بن سنان بن مطهر الأشجعي، صحابي نزل بالمدينة ثم الكوفة, واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين. تقريب التهذيب: 2/ 264.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَضَى بِهِ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ». 2115 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَاقَ عُثْمَانُ، مِثْلَهُ. 2116 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، وَأَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أُتِيَ فِي رَجُلٍ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ، شَهْرًا - أَوْ قَالَ: - مَرَّاتٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ فِيهَا إِنَّ لَهَا صَدَاقًا كَصَدَاقِ نِسَائِهَا، لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ، وَإِنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا، فَمِنَ اللَّهِ وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ، فَقَامَ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ فِيهِمُ الْجَرَّاحُ، وَأَبُو سِنَانٍ فَقَالُوا: يَا ابْنَ مَسْعُودٍ نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاهَا فِينَا فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ وَإِنَّ === الحديث والفتح عند اللغة أشهر (¬1). 2116 - قوله: "قال فإني أقول" القائل ابن مسعود، "كالصداق نسائها" أي مهر المثل "لا وكس" بفتح فسكون أي لا نقصان منه، "ولا شطط" بفتحتين: لا زيادة عليه وأصله الجور والعدوان, "فمن الله" أي فمن توفيقه, "فمني" أي من ¬

_ (¬1) بروع بنت واشق الرواسية الكلابية أو الأشجاعية زوج هلال بن مرة لها ذكر في حديث معقل الأشجعي وغيره، الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر العسقلاني: 4/ 251 (174).

زَوْجَهَا هِلَالُ بْنُ مُرَّةَ الْأَشْجَعِيُّ كَمَا قَضَيْتَ قَالَ: فَفَرِحَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَرَحًا شَدِيدًا حِينَ وَافَقَ قَضَاؤُهُ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَصْبَغِ الْجَزَرِيُّ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ خَالِدِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلَانَةَ؟ »، قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «أَتَرْضَيْنَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟ »، قَالَتْ: نَعَمْ، فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَنِي فُلَانَةَ، وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ، فَأَخَذَتْ سَهْمًا فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَزَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَحَدِيثُهُ أَتَمُّ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ»، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مُلْزَقًا لِأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا. === قصور علمي ومن تسويل الشيطان وتلبيسه وجه الحق فيه.

باب في خطبة النكاح

بَابٌ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ 2118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، ح، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، الْمَعْنَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71]، لَمْ يَقُلْ === بَابٌ فِي خُطْبَةِ النِّكَاحِ 2118 - قوله: "خطبة الحاجة" الظاهر عموم الحاجة للنكاح وغيره ويؤيده الرواية السابقة، فيأتي الإنسان بهذا يستعين به على قضائها وتمامها، ولذا قال الشافعي: الخطبة سنة في أول العقود مثل البيع والنكاح وغيرهما و"الحاجة" إشارة إليها، ويحتمل أن المراد بالحاجة: النكاح؛ إذ هو الذي تعارف فيه الخطبة دون سائر الحاجات والعموم في الرواية السابقة لعله من فهم بعض الرواة لعموم

باب في تزويج الصغار

مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ "أَنْ". 2119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ ذَكَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ: بَعْدَ قَوْلِهِ: «وَرَسُولُهُ»: «أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا». 2120 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ ابْنَ أَخِي شُعَيْبٍ الرَّازِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَالَ: «خَطَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَأَنْكَحَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَشَهَّدَ». بَابٌ فِي تَزْوِيجِ الصِّغَارِ 2121 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سَبْعٍ». قَالَ سُلَيْمَانُ: أَوْ سِتٍّ وَدَخَلَ بِي وَأَنَا === اللفظ والله تعالى أعلم. 2119 - قوله: "كان إذا تشهد" أي أتى بالشهادة في (¬1) النكاح. 2120 - قوله: "من غير أن يتشهد" لعله كان لبيان الجواز. ¬

_ (¬1) [في] ليست بالأصل.

باب في المقام عند البكر

بِنْتُ تِسْعٍ. بَابٌ فِي الْمُقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ 2122 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي». 2123 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «لَمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا». زَادَ عُثْمَانُ: وَكَانَتْ ثَيِّبًا وَقَالَ: حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، أَخْبَرَنَا أَنَسٌ. === بَابٌ فِي الْمُقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ 2122 - قوله: "ليس بك على أهلك" أراد بالأهل نفسه الكريمة صلى الله تعالى عليه وسلم قاله تمهيدًا للعذر في الاقتصار على التثليث بها، وقوله: "إن شئت سبَّعت" تشديد الباء أي أقمت عندك سبعًا إشارة إلى أن الزيادة على التثليث مما يسقط الاختصاص بالثلث أيضًا، وإنما ذكر المصنف هذا الحديث (¬1) إشارة إلى أن التسبيع مخصوص بالبكر وليس بالثيب ذلك حتى إذا طلبت السبعة يسقط حقها في الثلاث أيضًا والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أبو داود في النكاح (2122).

باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها [شيئا]

2124 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، وَلَوْ قُلْتُ إِنَّهُ رَفَعَهُ لَصَدَقْتُ وَلَكِنَّهُ قَالَ السُّنَّةُ كَذَلِكَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا [شَيْئًا] 2125 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطِهَا شَيْئًا»، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: «أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟ ». === 2124 - قوله: "ولو قلت" قاله أبو قلابة (¬1) "إنه" أي أن أنسًا "رفعه" أي رفع الحديث إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم "لصدقت"؛ لأن قول أنس من السنة عندهم رفع للحديث، فكأنه احترز عن التصريح بالرفع احتياطًا ومراعاة لعين اللفظ المسموع. ومن لا يقول به يعتذر بأنه معارض بالعدل الواجب بالكتاب فيؤخذ بالكتاب ويترك حديث الآحاد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا [شَيْئًا] 2125 - قوله: "درعك الحطمية" أي التي تحطم السيوف أي تكسرها, وقيل: هي العريضة الثقيلة، وقيل: هي منسوبة إلى قبيلة يقال لها: حطمة كانوا يعملون الدروع وهذا أشبه الأقوال. ¬

_ (¬1) أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي تقريب التهذيب: 2/ 464.

2126 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي غَيْلَانُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطِهَا دِرْعَكَ»، فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا. 2127 - حَدَّثَنَا كَثِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ. 2128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَخَيْثَمَةُ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. 2129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ === 2129 - قوله "أو حباء" بالكسر والمد أي عطية وهي ما يعطيه الزوج سوى الصداق بطريق الهبة، "أوعدة" بالكسر ما يعد الزوج أنه يعطيها، "في عصمة

باب ما يقال للمتزوج

أَوْ عِدَةٍ، قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ». بَابُ مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ 2130 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ، قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ». === النكاح" أي قبل عقد النكاح، والعصمة هي ما يعتصم به من عقد وسبب، "فهو لمن أعطيه" على بناء المفعول، أي لمن أعطاه الزوج، أي ما يقبضه الولي قبل العقد فهو للمرأة وما يقبضه بعد فله، قال الخطابي: هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر (¬1). بَابُ مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّجِ 2130 - قوله: "رفأ الإنسان" بتشديد الفاء وهمزة هذا هو المشهور رواية، وروي بالقصر وترك الهمزة قيل: أي إذا أراد أن يدعو له بالوفاء والبنين فنهي عنه، "بارك الله لك" أي بارك فيها لأجلك، و "بارك عليك" ويجوز أن يقدر الكلام على طريق الاحتياك، أي بارك الله عليها لأجلك، وبارك عليك لأجلها. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 216.

باب [في] الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى

بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى 2131 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْمَعْنَى، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَمْ يَقُلْ: مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ اتَّفَقُوا، يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ، فَإِذَا وَلَدَتْ» قَالَ الْحَسَنُ: «فَاجْلِدْهَا» وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: " فَاجْلِدُوهَا - أَوْ قَالَ -: فَحُدُّوهَا " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، === بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى 2131 - قوله: "والولد عبد لك" أي أحسن إليه كما يحسن الإنسان إلى عبده، وإن كان ولدًا لغيره، وكأنه أمره بذلك بناء على احتمال أن يكون الولد من مائه؛ إذ الأمر غيب، وسماه عبدًا ليهون عليه الأمر ولا يتوهم أنه كذب في قوله ذلك، وأما الجلد أو الحد فقد قال به مالك وعند غيره: يحمل على التعزير والتأديب أو على أنها أقرت بالزنا والله تعالى أعلم. قال الخطابي: هذا الحديث لا أعلم أحدًا من الفقهاء قاله، ولا أعلم أحد من العلماء اختلف في أن ولد الزنا حرّ إذا كان من حرة فكيف يستعبده. قال: ويشبه

أَرْسَلُوهُ كُلُّهُمْ وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ بَصْرَةَ بْنَ أَكْثَمَ نَكَحَ امْرَأَةً وَكُلُّهُمْ، قَالَ: فِي حَدِيثِهِ جَعَلَ الْوَلَدَ عَبْدًا لَهُ. 2132 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ بْنُ أَكْثَمَ، نَكَحَ امْرَأَةً، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ زَادَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ أَتَمُّ. === أن يكون معناه إن ثبت الخبر أنه أوصاه به خيرًا أو أمره أن يعتنى بتربيته لينتفع بخدمته، إذا بلغ فيكون كالعبد له في الطاعة مكافأة له على إحسانه وجزاءً لمعروفه (¬1) اهـ. 2132 - قوله: "من كانت له امرأتان"، الظاهر أن الحكم غير مقصور على امرأتين، بل هو اقتصار على الأدنى, فمن له ثلاث أو أربع كان كذلك "فمال" أي فعلًا لا قلبًا, والميل فعلًا هو المنهي عنه لقوله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيلِ} (¬2) أي بضم الميل فعلا إلى الميل قلبًا, "شقه" بالكسر النصف, أي يجيء يوم القيامة غير مستوي الطرفين بل يكون أحدهما كالراجح وزنًا كما كان في الدنيا غير مستوي الطرفين بالنظر إلى المرأتين، بل كان يرجح إحداهما والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 217, 218. (¬2) سورة النساء: آية (129).

باب في القسم بين النساء

بَابٌ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ 2133 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ». 2134 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي، فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي، فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا أَمْلِكُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْنِي الْقَلْبَ. 2135 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ، مِنْ === 2134 - قوله: "هذا قسمي" بفتح قاف وسكون سين يعني القلب أي المحبة به، فإن قلت: بمثله: لا يؤاخذ ولا يلام غيره صلى الله تعالى عليه وسلم فضلًا أن يلام هو؛ إذ لا تكليف بمثله، فما معنى هذا الدعاء؟ قلت: لعله مبني على جواز التكليف بمثله، وأن رفع التكليف تفضل منه تعالى فينبغي للإنسان أن يتضرع في حضرته تعالى ليديم هذا الإحسان، أو المقصود إظهار افتقار العبودية، وفي مثله لا التفات إلى مثل هذه الأبحاث والله تعالى أعلم. 2135 - قوله: "في القسم" بكسر القاف فسكون سين: النصيب والجزء من

مُكْثِهِ عِنْدَنَا، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا» وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ: حِينَ أَسَنَّتْ وَفَرِقَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، قَالَتْ: نَقُولُ فِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي أَشْبَاهِهَا أُرَاهُ قَالَ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]. 2136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُنَا إِذَا كَانَ فِي يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَمَا نَزَلَتْ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] قَالَتْ مَعَاذَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: «مَا كُنْتِ تَقُولِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ » قَالَتْ: كُنْتُ أَقُولُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيَّ لَمْ أُوثِرْ أَحَدًا عَلَى نَفْسِي. 2137 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الشيء المقسوم، و"المكث" بضم ميم اسم من المكث بالمعنى المصدري، من "غير مسيس" أي من غير جماع، "أسنت" أي كبرت سنا "وفرقت" بكسر الراء: خافت. 2136 - قوله: "يستأذننا" أي يستأذن صاحبة النوبة في قربان غيرها بعد أن رفع عنه وجوب القسم تطييبًا لخاطرها.

باب في الرجل يشترط لها دارها

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ، - تَعْنِي فِي مَرَضِهِ - فَاجْتَمَعْنَ، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَإِنْ رَأَيْتُنَّ أَنْ تَأْذَنَّ لِي فَأَكُونَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَعَلْتُنَّ فَأَذِنَّ لَهُ». 2138 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا، وَلَيْلَتَهَا غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا 2139 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، === 2138 - قوله: "أقرع بين نسائه" القرعة واجبة عند الجمهور مستحبة عندنا لمن وجب عليه القسم، وأما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فالقسم غير واجب عليه فليست قرعته إلا للتطييب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا أي يشترط في العقد الإقامة معها في بلدها، فهل يجوز له أن يخرجها من بلدها أم لا؟ وظاهر الحديث أنه ليس له ذلك وكأنه المختار عند المصنف والله تعالى أعلم. 2139 - قوله: "إن أحق الشروط" إلخ خبر إن، "أن توفوا به ما استحللتم

باب في حق الزوج على المرأة

عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ». بَابٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ 2140 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَقُلْتُ: رَسُولُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَتَيْتُ الْحِيرَةَ فَرَأَيْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِمَرْزُبَانٍ لَهُمْ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَرْتَ بِقَبْرِي أَكُنْتَ تَسْجُدُ لَهُ؟ » قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا، لَوْ كُنْتُ آمِرًا === به" بتقدير بأن توفوا به متعلق بأحق أي أليق الشروط بالإيفاء شروط النكاح، والظاهر أن المراد به: كل ما شرطه الزوج ترغيبًا للمرأة في النكاح ما لم يكن محظورًا، ومن لا يقول بالعموم يحمله على المهر؛ فإنه مشروط شرعًا في مقابلة البضع أو على جميع ما تستحقه المرأة بمقتضى الزواج من المهر والنفقة وحسن المعاشرة؛ فإنها كأنها التزمها الزوج بالعقد. بَابٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ 2140 - قوله: "أتيت الحيرة" بكسر حاء مهملة وسكون مثناة تحتية: البلد القديم بظهر الكوفة، "والمرزبان" بفتح الميم وضم الزاي: الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك وأهل اللغة يضمون ميمه، "أرأيت لو مروت بقبري" أشار إلى أن الموت كما يمنع عن استحقاق السجود لصاحبه بعد تحققه كذلك يمنع عنه

باب في حق المرأة على زوجها

أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْحَقِّ». 2141 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ». بَابٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا 2142 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو قَزَعَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === قبله، فلا يليق السجود إلا لحي لا يموت: "أن يسجد لأحد لأمرت النساء" تعظيم لحقوق الزوج على الزوجة. 2141 - قوله: "إلى فراشه" المراد: أنه أراد منها المطاوعة للجماع، وقوله: "حتى تصبح" هذا بناء على أن المعتاد في ذلك أن يدعوها ليلًا، وأنها بعد الصبح ترجع إلى الوفاق وتترك الخلاف فينتهي اللعن بالصبح والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا 2142 - قوله: "ولا تضرب الوجه" أي إن احتيجت إلى الضرب للتأديب أو لتركها فرضًا، "ولا تقبح" أي صورتها بضرب الوجه، أو لا تنسب شيئًا من أفعالها وأقوالها إلى القبح، أو لا تقل لها: قبح الله وجهك أو قبحك الله من غير حق، "ولا تهجر إلا في البيت" أي لا تهجرها إلا في المضجع ولا تتحول عنها أو

مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ ، قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ: قَبَّحَكِ اللَّهُ. 2143 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نِسَاؤُنَا مَا نَأْتِي مِنْهُنَّ وَمَا نَذَرُ، قَالَ: «ائْتِ حَرْثَكَ أَنَّى شِئْتَ، وَأَطْعِمْهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَاكْسُهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تُقَبِّحِ الْوَجْهَ، وَلَا تَضْرِبْ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى شُعْبَةُ «تُطْعِمُهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ». 2144 - أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُهَلَّبِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَزِينٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ دَاوُدَ الْوَرَّاقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ: فِي نِسَائِنَا قَالَ: «أَطْعِمُوهُنَّ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُنَّ مِمَّا تَكْتَسُونَ، وَلَا تَضْرِبُوهُنَّ، وَلَا تُقَبِّحُوهُنَّ». === لا تحولها إلى دار أخرى، ولعل ذلك فيما يعتاد وقوعه من الهجر بين الزوج والزوجة، وإلا فيجوز هجرهن إذا عظمت المعصية في بيت آخر، كهجر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياهن شهرًا، واعتزالهن في المشربة والله تعالى أعلم. 2143 - قوله: "أنى شئت" أي كيف شئت أو من أين شئت في موضع واحد وهو موضع الحرث.

باب في ضرب النساء

بَابٌ فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ 2145 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ خِفْتُمْ نُشُوزَهُنَّ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ»، قَالَ حَمَّادٌ: يَعْنِي النِّكَاحَ. 2146 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ السَّرْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللَّهِ» فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَئِرْنَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ === بَابٌ فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ 2145 - قوله: "نشوزهن" أي خروجهن عن الطاعة. قوله: "يعني النكاح" أي الجماع. 2146 - قوله: "إماء الله" أي النساء، "ذئرن النساء" من ذئر كفرح أي اجترأ وغضب، وذئرت المرأة على بعلها نشزت وهو من قبيل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬1) "فأطاف" أي ألمّ ونزل، "ليس أولئك" أي الذين يبالغون في الضرب ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: آية (3).

باب ما يؤمر به من غض البصر

كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ». 2147 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُسْلِيِّ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُسْأَلُ الرَّجُلُ فِيمَا ضَرَبَ امْرَأَتَهُ». بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ 2148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ». === ويكثرون منه والله تعالى أعلم. 2147 - قوله: "فيما ضرب امرأته" قيل: هو عبارة عن النشوز أي فلا يسأل الرجل فيه ولا يعاقب؛ لكن إذا راعى شرائطه وحدوده، قلت: ويحتمل أن تكون "ما" استفهامية، والمعنى: لا يقال للرجل في أي شيء ضربت امرأتك؛ فقد يكون شيئًا لا يحسن ذكره. بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ 2148 - قوله: "عن نظرة الفجاءة" بضم ففتح ممدودًا أو فتح فسكون مقصورًا، والمراد: أنه إذا وقعت النظرة بلا قصد على ما لا يحل النظر إليه، "اصرف بصرك" أي لا تدم عليها، يريد أنه لا إثم فيها إذا لم يدم عليها.

2149 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ الْإِيَادِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ». 2150 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، لِتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا». 2151 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ === 2149 - قوله: "لا تتبع النظرة" أي متصلة إحداهما بالأخرى أو منفصلة فشمل المداومة والمراد: النظر أبي ما لا يحل: "فإن لك الأولى" أي هي ليست عليك لعدم الاختيار فيها لا أنه يجوز له أن يأتي بالأولى اختيارًا. 2150 - قوله "لا تباشر" أصل المباشرة لمس البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان، ولعل المراد هاهنا. المصاحبة وهو نهي أو نفي بمعناه وعلى التقديرين فالمقصود بالنهي هو قوله: "لتنعتها" والمباشرة بلا نعت جائزة وكذا بنعت قليل إذا كان لغرض صالح. 2151 - قوله: "في صورة شيطان" الصورة قد تطلق على معنى الصفة وهو المراد هاهنا كما ذكره القرطبي (¬1) أي أنها توسوس في صدور الرجال كالشيطان ¬

_ (¬1) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة: القرطبي: 1/ 49.

تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّهُ يُضْمِرُ مَا فِي نَفْسِهِ». 2152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ». 2153 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا» بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ». 2154 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَالْأُذُنُ زِنَاهَا الِاسْتِمَاعُ». === يوسوس في صدور الناس، "يضمر ما في نفسه" أي يضعفه ويق لله من الضمور وهو الهزال والضعف. 2152 - قوله: "شيئًا" أي مما اسمه اسم الكبيرة "أشبه باللمم" أي بالصغائر من الذنوب، "حظه" أي نصيبه الذي قدر الله عليه أن يصيبه النظر إلى ما لا يحل "بصدق ذلك" أي يحقق ويقرر ما يدعو إليه تلك الأفعال ويأتي بمقتضاها.

باب في وطء السبايا

بَابٌ فِي وَطْءِ السَّبَايَا 2155 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْثًا إِلَى أَوْطَاسَ فَلَقُوا عَدُوَّهُمْ فَقَاتَلُوهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا فَكَأَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَرَّجُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] أَيْ: فَهُنَّ لَهُمْ حَلَالٌ إِذَا === بَابٌ فِي وَطْءِ السَّبَايَا 2155 - قوله: "فظهروا عليهم" أي غلبوا، "سبايا" جمع سبية وهي المرأة المنهوبة، و"السبى" النهب وأخذ الناس عبيدًا أو إماء, "فكان أناسًا" لفظة كأن بتشديد النون من حروف التشبيه أو الظن {إلا مَا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} (¬1) أي حدث ملك أيمانكم بالسبي, وأما المملوكة بالشراء فلا تحل للمشتري عند غالب أهل العلم إذا كان لها زوج. "محجًا" بضم ميم وكسر جيم وتشديد حاء مهملة هي القريبة من الولادة وترك التاء؛ لأنه من صفات النساء هي كحائض، "ألمّ بها" من الإلمام أي جامعها "كيف يورثه" أي كيف يجعل ما في بطنها وارثًا له، ربما تأتي بولد في مدة يشتبه أن الولد له أو للزوج السابق وحينئذ لا يحل التوريث لاحتمال ألا يكون منه ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (24).

انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ. 2156 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى امْرَأَةً مُجِحًّا فَقَالَ: «لَعَلَّ صَاحِبَهَا أَلَمَّ بِهَا؟ » قَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنَةً تَدْخُلُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ وَكَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ » 2157 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَرَفَعَهُ، أَنَّهُ قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً». 2158 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَامَ فِينَا خَطِيبًا، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَالَ: «لَا يَحِلُّ === فكيف يورث، ولا الاستخدام لاحتمال أنه منه، والحاصل أنه إذا اشتبه الأمر فلا يحل له أن يدعوه ابنًا ولا عبدًا. 2157 - "حيضة" بالفتح للمرة. 2158 - "يسقي" بفتح الياء ويجوز الضم لكنه خلاف المشهور، "ماؤه زرع غيره" بنصب الاسمين لتعديته إلى المفعولين، وهل بنزع الخافض أي بمائه، وهو

باب في جامع النكاح

لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» - يَعْنِي: إِتْيَانَ الْحَبَالَى - «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ». 2159 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ» زَادَ فِيهِ «بِحَيْضَةٍ». وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ. زَادَ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْحَيْضَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. بَابٌ فِي جَامِعِ النِّكَاحِ 2160 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ === كناية عن إتيان الحبلى "حتى يستبرئها" بحيضة أو وضع حمل. بَابٌ فِي جَامِعِ النِّكَاحِ 2160 - "اشترى خادمًا" يشمل الذكر والأنثى؛ فإنه يطلق "فليقل" أي حين دخولها عليه بعد أن يأخذ بناصيتها كما جاءت به الرواية "وخير ما جبلتها عليه" أي خلقتها وطبعتها عليه من الصفات والأفعال والأوضاع

أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً أَوِ اشْتَرَى خَادِمًا، فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَإِذَا اشْتَرَى بَعِيرًا فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ أَبُو سَعِيدٍ، ثُمَّ لِيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخَادِمِ. 2161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، ثُمَّ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ === والأطوار، والحاصل أنه سؤال بخيرها ذاتًا وصفة، وكذلك في جانب الاستعاذة وهو: إما للمبالغة أو لكون خيرها ذاتًا غير خيرها صفة فذكرا ليشمل السؤال الكل، "بذروة سنامه" بفتح السين وذروة الشيء بالضم والكسر أعلاه. 2161 - قوله: "جنبنا" من جنب بتشديد النون والمراد "بما رزقتنا" الولد وصيغة الماضي للتفاؤل وتحقيق الرجاء "ثم قدر أن" أجري ذلك التقدير، أي أنه تعالى قدر لهما ولدًا في الأزل فيجري ذلك التقدير بينهما بخلق الولد، فلا يرد أن التقدير أزلي فكيف يقال: ثم قدر "لم يضره شيطان"، لم يحمل أحد هذا الحديث على عموم الضرر لعموم ضرر الوسوسة للكل، وقد جاء "كل مولود يمسه الشيطان إلا مريم وابنها"، فقيل: لا يضره بالإغواء والإضلال بالكفر. وقيل: بالكبائر. وقيل: بالصرف عن التوبة إذا عصى، وقيل: أي يأمن مما يصيب الصبيان من جهة الجان, وقيل: بل لا يكون للشيطان عليه سلطان فيكون

شَيْطَانٌ أَبَدًا. 2162 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا». 2163 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ: إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ === من المحفوظين، قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِمْ سُلْطَانٌ} (¬1) والله تعالى أعلم. 2163 - قوله "فأنزل الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ} أي ترخيصًا لكم في الإتيان في القبل من الدبر لا في الإتيان في الدبر ونبه تعالى على ذلك بقوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وبقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} (¬2) فلا بد من مراعاة موضع الحرث والله تعالى أعلم. قوله: "أوهم" قال السيوطي قال الخطابي: هكذا وقع في الرواية والصواب "وهم" غير ألف يقال: وهم الرجل بالكسر إذا غلط في المشي، ووهم بالفتح إذا ذهب وهمه إلى الشيء، وأوهم بالألف إذا سقط من قراءته أو كلامه شيئًا، قال: ويشبه أن يكون قد بلغ ابن عباس من ابن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كان يذهب إليه ابن عباس (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الحجر: آية (42)، سورة الإسراء: آية (65). (¬2) سورة البقرة: آية (223). (¬3) معالم السنن: 3/ 227.

أَهْلَهُ فِي فَرْجِهَا مِنْ وَرَائِهَا كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223]. 2164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ أَوْهَمَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ يَهُودَ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا مُنْكَرًا، وَيَتَلَذَّذُونَ مِنْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ === قلت: كان ابن عمر يقول: إن الآية أنزلت في إتيان المرأة في دبرها، هكذا أخرجه ابن جرير وغيره (¬1) , وفي صحيح البخاري بلفظ: "يأتيها على الاكتفاء" (¬2) اهـ، أي لم يقل: في دبرها اكتفاء بما يقارب الكناية لكون التصريح بمثله شنيعًا, "شرحًا" هو وطء المرأة مبسوطة على قفاها. قلت: فالتوصيف بقوله "منكرًا" لما فيه من الزيادة والكشف، "حتى شري أمرهما" بالشين المعجمة وكسر الراء كرضى أي عظم وتفاخم ولحّوا فيه. ¬

_ (¬1) ابن جرير في التفسير 2/ 334، الطبراني في الكبير (11097) , وصححه الحاكم 2/ 195 على شرط مسلم ووافقه الذهبي وسكت عنه 2/ 279 ورمز الذهبي لصحته على شرط مسلم, والبيهقي في النكاح 7/ 195، البخاري في التفسير (4526). (¬2) فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 8/ 190.

باب في إتيان الحائض ومباشرتها

وَمُسْتَلْقِيَاتٍ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي، حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] أَيْ: مُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَوْضِعَ الْوَلَدِ. بَابٌ فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا 2165 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُمُ امْرَأَةٌ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ، قُلْ: هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ، وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ» فَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ، فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ === بَابٌ فِي إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا 2165 - قوله "ولم يجامعوها في البيت" أي لم يصاحبوها فيه، "جامعوهن في البيوت" أي صاحبوهن فيها، وليس المراد: الوطء؛ إذ لا يساعده قوله: "في البيوت"، ولا قوله: "غير النكاح"؛ فإن المراد بالنكاح الوطء لا العقد وهو

إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، أَفَلَا نَنْكِحُهُنَّ فِي الْمَحِيضِ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا، فَاسْتَقْبَلَتْهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمَا، فَظَنَنَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا. 2166 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ صُبْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خِلَاسًا الْهَجَرِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: «كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيتُ فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ وَأَنَا حَائِضٌ طَامِثٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ، وَلَمْ يَعْدُهُ، وَإِنْ أَصَابَ تَعْنِي ثَوْبَهُ مِنْهُ شَيْءٌ غَسَلَ مَكَانَهُ وَلَمْ يَعْدُهُ وَصَلَّى فِيهِ». 2167 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === ظاهر، والحديث تفسير للآية وبيان أن ليس المراد بالاعتزال مطلق المجانبة بل المجانبة المخصوصة، "أفلا ننكحهن" طلب للرخصة في الوطء تتميمًا لمخالفة الأعداء، "فتمعر" أي تغير، "فبعث في أثارهما" أي رسولًا ليحضرهما عنده. 2166 - قوله: "في الشعار الواحد" بكسر الشين المعجمة هو الثوب اللاصق بالبدن، "طامث" تأكيد حائض، "لم يعده" من عدى يعدو أي لم يجاوز ذلك المحل في الغسل ولم يزد عليه. 2167 - قوله: "أن تتزر" المشهور رواية تشديد التاء الثانية والمعنى تلبس

باب في كفارة من أتى حائضا

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا». بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا 2168 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، غَيْرُهُ، عَنْ سَعِيد، حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ». 2169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا أَصَابَهَا فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ، وَإِذَا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاعِ الدَّمِ فَنِصْفُ دِينَارٍ». === الإزار، وقيل: الصحيح رواية "تأتزر بالثياب" بالهمزة؛ إذ إدغامها في التاء غير ثابت، قلت: وهو منقوض باتخذ من أخذ فلا وجه للعدول عن المشهور والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا 2169 - قوله: "في الذم" أي في حال قوته و"في انقطاع الدم" أي حال ضعفه أو في حال سيلانه وحال انقطاعه قبل الاغتسال، وهذا الحديث كالتفسير للحديث السابق والتوفيق بين الدينار ونصفه مع أن التخيير بين الشيء وبعضه لا يصح، وعند كثير من العلماء هذه الصدقة مندوبة، والواجب هو التوبة والاستغفار والله تعالى أعلم.

باب ما جاء في العزل

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ 2170 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، ذُكِرَ ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي الْعَزْلَ قَالَ: «فَلِمَ يَفْعَلُ أَحَدُكُمْ؟ ، وَلَمْ يَقُلْ فَلَا يَفْعَلْ أَحَدُكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَتْ مِنْ نَفْسٍ مَخْلُوقَةٍ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَزَعَةُ: مَوْلَى زِيَادٍ. 2171 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ رِفَاعَةَ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، === بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ هو الإنزال خارج الفرج. 2170 - قوله: "فلم يفعل" هي ما الاستفهامية دخلت عليها اللام الجارة فسقطت ألفها وهذا شائع عند دخول الجار على ما الاستفهامية، تقول: بم ولم قال تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (¬1) أي أي داع له إلى هذا الفعل ولا يستحسن فعل بلا داع، والحاصل أنه كرهه ولم يحرمه بصريح النهي، وقوله: "فإنه" إلخ تعليل للإنكار بنفي ما يتوهم أن يكون داعيًا، ومعنى "مخلوقة" مراد خلقها تعالى له. 2171 - قوله: "موؤدة الصغرى" من إضافة الموصوف إلى الصفة، أي الموؤدة الصغرى في مقابله الكبرى المذكورة في قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ ¬

_ (¬1) سورة النبأ: آية (1).

وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ، وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ مَوْءُودَةُ الصُّغْرَى قَالَ: «كَذَبَتْ يَهُودُ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ». 2172 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ العَزْلِ؟ ، فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ، ثُمَّ قُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ === سُئِلَت} (¬1) وهي المدفونة حيًّا، والمقصود تشبيه العزل بدفن الولد حيًّا حتى يموت. 2172 - قوله: "بني المصطلق" بضم ميم وسكون مهملة وفتح طاء وكسر لام، "والعُزبة" بضم عين مهملة وسكون زاء معجمة فقد الأزواج والنكاح "والفداء" أي مبادلتهن بالمال بيعًا أو كتابة، "ما عليكم ألا تفعلوا" أي ما عليكم ضرر في الترك فأشار إلى أن ترك العزل أحسن، وهذا المعنى أليق بقوله: "ما من نسمة كائنة" أي بحسب إرادته تعالى "إلا وهي كائنة" بحسب الوجود، وقيل: المعنى: لا بأس عليكم إن فعلتم، فكلمة "لا" في قوله: "ألا تفعلوا" زائدة. ¬

_ (¬1) سورة التكوير: آية (8).

باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله

نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ». 2173 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، فَقَالَ: «اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» قَالَ: فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَمَلَتْ، قَالَ: «قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ 2174 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، ح وحَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، حَدَّثَنِي [ص: 253] شَيْخٌ مِنْ طُفَاوَةَ قَالَ: تَثَوَّيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ تَشْمِيرًا، وَلَا أَقْوَمَ عَلَى ضَيْفٍ مِنْهُ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ يَوْمًا، وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ، وَمَعَهُ كِيسٌ فِيهِ حَصًى أَوْ نَوًى، وَأَسْفَلَ مِنْهُ جَارِيَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ وَهُوَ يُسَبِّحُ بِهَا، حَتَّى إِذَا أَنْفَدَ مَا فِي الْكِيسِ أَلْقَاهُ إِلَيْهَا، فَجَمَعَتْهُ فَأَعَادَتْهُ فِي الْكِيسِ، فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: === وقيل: غير ذلك والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُلِ مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ 2174 - "تثويت أبا هريرة" بالمثلثة وتشديد الواو بعدها ياء أي جئته ضيفًا

بَيْنَا أَنَا أُوعَكُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: «مَنْ أَحَسَّ الْفَتَى الدَّوْسِيَّ؟ » ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ ذَا يُوعَكُ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي مَعْرُوفًا: فَنَهَضْتُ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي حَتَّى أَتَى مَقَامَهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُ صَفَّانِ مِنْ رِجَالٍ، وَصَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ، أَوْ صَفَّانِ مِنْ نِسَاءٍ وَصَفٌّ مِنْ رِجَالٍ، فَقَالَ: «إِنْ أَنْسَانِي الشَّيْطَانُ شَيْئًا، مِنْ صَلَاتِي فَلْيُسَبِّحِ الْقَوْمُ وَلْيُصَفِّقِ النِّسَاءُ» قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْسَ مِنْ صَلَاتِهِ شَيْئًا، فَقَالَ «مَجَالِسَكُمْ، مَجَالِسَكُمْ». زَادَ مُوسَى «هَا هُنَا» ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ» ثُمَّ اتَّفَقُوا: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ: «هَلْ مِنْكُمُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهِ سِتْرَهُ وَاسْتَتَرَ بِسِتْرِ اللَّهِ» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ثُمَّ يَجْلِسُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلْتُ كَذَا» قَالَ: فَسَكَتُوا، قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «هَلْ مِنْكُنَّ مَنْ تُحَدِّثُ؟ » فَسَكَتْنَ فَجَثَتْ فَتَاةٌ قَالَ مُؤَمَّلٌ، فِي حَدِيثِهِ فَتَاةٌ === والثوى الضيف، "أشد تشميرًا" أي أكثر اجتهادًا في العبادة، وقوله: "بينا أنا أوعك" على بناء المفعول، والمراد: بينا أنا محموم في المسجد "إن أنساني" بتشديد السين "فليُسبح القوم" الرجال، قال السيوطي: هو خاص بالرجال لغة، وقال زهير: قوم آل حصن أم نساء اهـ. قلت: ومنه قوله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} إلى قوله: {وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} (¬1) وقوله: "فأغلق عليه بابه". هو ¬

_ (¬1) سورة الحجرات: آية (11).

كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا وَتَطَاوَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَرَاهَا وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ لَيَتَحَدَّثُونَ، وَإِنَّهُنَّ لَيَتَحَدَّثْنَهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا مَثَلُ ذَلِكَ؟ » فَقَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ، لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، أَلَا وَإِنَّ طِيبَ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَوْنُهُ أَلَا إِنَّ طِيبَ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ رِيحُهُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَمِنْ هَا هُنَا حَفِظْتُهُ عَنْ مُؤَمَّلٍ، وَمُوسَى أَلَا لَا يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ إِلَّا إِلَى وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ. وَذَكَرَ ثَالِثَةً فَأُنْسِيتُهَا وَهُوَ فِي حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَلَكِنِّي لَمْ أُتْقِنْهُ كَمَا أُحِبُّ. وقَالَ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنِ الطُّفَاوِيِّ. "آخر كتاب النكاح" * * * === جواب "إذا" وألف زائدة، "والناس ينظرون إليه" أي إظهار ما جرى سرًّا كإعلانه، وقوله: "لا يفضين" من الإفضاء بمعنى الوصول، قالوا: هو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين وإن كان بينهما حائل فتنزيه والله تعالى أعلم. * * *

7 - كتاب الطلاق

كِتَاب الطَّلَاقِ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ بَابٌ فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا 2175 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ». بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَسْأَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ 2176 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا === كِتَاب الطَّلَاقِ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الطَّلَاقِ بَابٌ فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا 2175 - قوله: "من خبب" بخاء معجمة وموحدتين أولهما مشددة، أي أفسد بأن يزين إليها عداوة الزوج ومخالفته، ومعنى "ليس منا" أي ليس من أهل طريقتنا، أو هو تغليظ أو هو بيان خروجه عن أهل كمال الإيمان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَسْأَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ 2176 - قوله: "لا تسأل المرأة" قيل: هو نهي للمخطوبة عن أن تسأل

باب في كراهية الطلاق

لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا وَلِتَنْكِحَ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ 2177 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعَرِّفٌ، عَنْ مُحَارِبٍ قَالَ: قَالَ === الخاطب طلاق التي في نكاحه، وقيل: بل ويشمل نهي المرأة عن أن تسأل طلاق الضرة أيضًا، المراد: الأخت في الدين، وفي التعبير باسم الأخت تشنيع لفعلها وتأكيد للنهي عنه وتحريض لها على تركه، وقوله: "لتستفرغ" علة للسؤال، و"الصحفة" بفتح فسكون إناء معروف، أي لتجعلها فارغة خالية عما فيها من الخير، والمراد: صرف مالها من النفقة والكسوة عنها، قال السيوطي: هذا مثل يريد بذلك الاستيثار عليها بحظها فتكون كمن أفرغ صحفة غيره وكفأ ما في إنائه في (¬1) إناء نفسه، وهذا يدل على أنه استفعال من أفرغ والمشهور بناؤه من فرغ والله تعالى أعلم. و"لتنكح" بالجزم عطف على "لا تسأل" وهو على بناء الفاعل أي ولتنكح زوجًا آخر أو هو بالنصب عطف على "لتستفرغ"، وهو على بناء الفاعل أي لتنكح هذا الزوج، أو على بناء المفعول، أي لينكحها هذا الزوج، هذا إذا كان النهي للمخطوبة فقط، وإن كان لها وللضرة يتعين النصب فيكون قوله: "لتستفرغ" علة لسؤال الضرة، وقوله "لتنكح" علة لسؤال المخطوبة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ 2177 - قوله: "ما أحل الله" أي أنه شرع ورفع عنه الإثم لمصالح الناس, ¬

_ (¬1) بالأصل [من] ولعل ما أثبتناه هو الصواب.

باب [في] طلاق السنة

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ». 2178 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ». بَابٌ [فِي] طَلَاقِ السُّنَّةِ 2179 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ === وإن كان في ذاته بغض لما فيه من قطع الوصلة وإيقاع العداوة، وربما يفضي إلى وقوع الطرفين في الحرام، ولذلك هو أحب الأشياء إلى الشيطان، فينبغي للإنسان ترك الإكثار منه والاقتصار على قدر الحاجة. بَابٌ [فِي] طَلَاقِ السُّنَّةِ بمعنى أن السنة قد وردت بإباحتها لمن احتاج إليه لا بمعنى أنها من الأفعال المسنونة التي يكون الفاعل مأجورًا بإتيانها، نعم إذ كف المرء نفسه عن غيره عند الحاجة، وآثر هذا النوع من الطلاق لكونه مباحًا، فله أجر على ذلك لا على نفس الطلاق، فلا يرد أنها كيف تكون سنة وهي من بعض المباحات والله تعالى أعلم. 2179 - قوله: "فليراجعها" إمحاء للأثر المكروه في الجملة.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». 2180 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً، بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ. 2181 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طْلَحَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إِذَا طَهُرَتْ، أَوْ وَهِيَ حَامِلٌ». 2182 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَذَلِكَ الطَّلَاقُ، لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». === 2181 - قوله: "إذا طهرت" ظاهره من الحيض الأول ويمكن حمله على الطهر من الحيض الثاني توفيقًا بين روايات الحديث.

2183 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: كَمْ طَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: وَاحِدَةً. 2184 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: أَتَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا فِي قُبُلِ عِدَّتِهَا»، قَالَ: === 2184 - قوله: "قلت: فيعتد بها" (¬1) أي أتعد تلك الطلقة وتحسب في الطلقات الثلاث أم لا لعدم مصادفتها وقتها والشيء يبطل قبل أوانه؛ سيما وقد لحقه الرجعة المبطلة لأثره "فمه" أي اسكت، قاله ردعًا له وزجرًا عن التكلم بمثله؛ إذ كونها تحسب أمر ظاهر لا يحتاج إلى سؤال سيما بعد الأمر بمراجعته؛ إذ لا رجعة إلا عن طلاق، ويحتمل أنه استفهام بمعنى التقرير، أي فما يكون إن لم تحسب بتلك الطلقة، فأصله "فما" أي فماذا يكون ثم قلبت الألف هاء "إِن عجز" أي عن الرجعة أي فلم تحسب حينئذ فإذا حسبت فتحسب بعد الرجعة أيضًا؛ إذ لا أثر للرجعة في إبطال الطلاق نفسه، "واستحمق" أي فعل فعل الجاهل الأحمق بأن أبي عن الرجعة بلا عجز؛ قال النووي (¬2) في شرح مسلم: ¬

_ (¬1) هكذا في السنن المطبوع، وفي الأصل [يعتد بها]. (¬2) في الأصل [الأبي].

قُلْتُ: فَيَعْتَدُّ بِهَا؟ ، قَالَ: فَمَهْ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ. 2185 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَيْمَنَ، مَوْلَى عُرْوَةَ، يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ يَسْمَعُ، قَالَ: كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا؟ قَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَرَدَّهَا عَلَيَّ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا، وَقَالَ: «إِذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ»، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ، === ظاهر أن فاعل "عجز واستحمق" ابن عمر (¬1) والله تعالى أعلم. 2185 - قوله: "حتى تطهر" وظاهره تطهر عن الحيض الأول وحمله (¬2) على الطهر عن الحيض الثاني بعيد كما لا يخفي، لكن قد يرتكب توفيقًا كما سبق. قوله: "أما رواية الزهري" مبتدأ خبره قوله: "إن النبي صلى الله عليه وسلم" بتقدير: فهي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله: "على خلاف ما قال أبو الزبير" أي في قوله: "لم يرها شيئًا" فإنه يدل على عدم وقوع الطلاق أصلًا، وبقية الأحاديث كلها على الوقوع وإن كان ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي: 10/ 66. (¬2) ليست بالأصل، ووضعت لمناسبة الكلام.

باب الرجل يراجع، ولا يشهد

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُوالزُّبَيْرِ، وَمَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مَعْنَاهُمْ كُلُّهُمْ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَرُوِيَ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ رِوَايَةِ نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، " وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ: أَبُو الزُّبَيْرِ. بَابُ الرَّجُلِ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ 2186 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَهُمْ، عَنْ يَزِيدَ === بينها اختلاف في كون الطلاق بعد الرجعة أهو في الطهر الأول أو الثاني, لكن يمكن تأويل رواية أبي الزبير بحيث يرتفع الحلاف بأن ضمير ردها للطلقة أي أنكر الطلقه شرعًا علي ولم يرها شيئًا مشروعًا وهذا لا يخالف لزوم الطلاق، أو بأن ضمير ردها للزوجة وضمير لم يرها للطلقة أي لم يرها شيئًا مانعًا عن الرجعة، قال الخطابي: قال أهل الحديث: لم يره أبو الزبير حديثًا أنكر من هذا، ويحتمل أن يكون معناه أنه لم يره شيئًا جائزًا في السنن وإن كان لازمًا (¬1). بَابُ الرَّجُلِ يُرَاجِعُ، وَلَا يُشْهِدُ 2186 - قوله: "ولا تعد" نهي عن العود إلى ترك الإشهاد. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 235.

باب في سنة طلاق العبد

الرِّشْكِ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ يَقَعُ بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَلَا عَلَى رَجْعَتِهَا، فَقَالَ: «طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلَاقِهَا، وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلَا تَعُدْ». بَابٌ فِي سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ 2187 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُعَتِّبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا حَسَنٍ مَوْلَى بَنِي نَوْفَلٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، اسْتَفْتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فِي مَمْلُوكٍ كَانَتْ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، ثُمَّ عُتِقَا بَعْدَ ذَلِكَ، هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَخْطُبَهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، قَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === بَابٌ فِي سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ 2187 - قوله: "قال نعم" إلى ظاهره أن العبد إذا عتق صار له ثلاث طلقات فيمكن له الرجوع بعد طلقتين لبقاء الثالث الحاصل بالعتق؛ لكن العمل على خلافه فيمكن أن يقال أن هذا حين كانت الطلقات الثلاث واحدة كما رواه ابن عباس (¬1)، فالطلقتان للعبد حينئذ كانت واحدة أيضًا، وهذا أمر قد تقرر أنه منسوخ الآن فلا إشكال والله تعالى أعلم. قوله "طلاق الأمة" يدل على أن الطلاق والعدة باعتباره المرأة وعليه أبو حنيفة ¬

_ (¬1) سنن أبو داود: (2200)، ومسلم في الطلاق (1472)، والنسائي (3406).

باب في الطلاق قبل النكاح

2188 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ بِلَا إِخْبَارٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بَقِيَتْ لَكَ وَاحِدَةٌ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، لِمَعْمَرٍ: «مَنْ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا؟ لَقَدْ تَحَمَّلَ صَخْرَةً عَظِيمَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْحَسَنِ هَذَا رَوَى، عَنْهُ الزُّهْرِيُّ»، قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَكَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ رَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَحَادِيثَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْحَسَنِ مَعْرُوفٌ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ». 2189 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُظَاهِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وَقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ»، قَالَ أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنِي مُظَاهِرٌ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ حَدِيثٌ مَجْهُولٌ». بَابٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ 2190 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الصَّبَّاحِ، === رحمه الله تعالى خلافًا للأئمة الثلاثة. بَابٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ 2190 - قوله "لا طلاق إلا فيما تملك" من يقول بصحة التعليق قبل النكاح

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا طَلَاقَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ»، زَادَ ابْنُ الصَّبَّاحِ، «وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ». 2191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَلَا يَمِينَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَلَا يَمِينَ لَهُ». 2192 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذَا الْخَبَرِ زَادَ: «وَلَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى» ذِكْرُهُ. === يجيب عن الحديث بأنا نقول بموجب هذا الحديث؛ لأن الذي دلَّ عليه إنما هو انتفاء وقوع الطلاق قبل النكاح ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في التزامه قبل النكاح. وقالوا: التعليق لا يسمى تطليقًا ولا يوصف الرجل به بأنه طلق والله تعالى أعلم. 2191 - "فلا يمين له" ظاهره أن يمينه لا تنعقد لا تلزمه الكفارة وإن خالفها، لكنهم قالوا: معناه فليس يمينه موجبًا البر بل يجب عليه أن يحنث ويكفر.

باب في الطلاق على غلط

بَابٌ فِي الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ 2193 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الْحِمْصِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ إِيلِيَا، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عَدِيِّ بْنِ عَدَيٍّ الْكِنْدِيِّ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، فَبَعَثَنِي إِلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، وَكَانَتْ قَدْ حَفِظَتْ مِنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى === بَابٌ فِي الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ أي في حالة الغضب وهكذا في كثير من النسخ وفي بعض النسخ "على غلط"، فالمعنى: في حالة يخاف عليه فيها الغلط وهي حالة الغضب والأقرب أنه غلط والصواب غيظ والله تعالى أعلم، ثم الطلاق في غيظ واقع عند الجمهور وفي رواية عن الحنابلة أنه لا يقع, والظاهر أنه مختار المصنف رحمه الله تعالى. 2193 - قوله: "لا طلاق ولا عتاق في غلاق" المشهور: في إغلاق بالألف لكن وقع عند المصنف بغير الألف كذا ذكره العيني، وقال: وحكى البيهقي أنه روى بالوجهين (¬1) وفسره المصنف بالغضب وهو موافق لما في الجامع (¬2) غلق: إذا غضب غضبًا شديدًا لكن غالب أهل الغريب فسروه بالإكراه، وقالوا: كأن المكره أغلق عليه الباب حتى يفعل (¬3) بل رد في مجمع الغرائب تفسيره بالغضب، وقالوا أنه غلط؛ لأن أكثر طلاق الناس في الغضب كما ظنه قال: وإنما هو ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن 7/ 357. (¬2) سنن أبو داود في الطلاق (2193) قال أبو داود: الفلاق أظنه في الغضب. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر: لابن الأثير: 3/ 279، 280.

باب في الطلاق على الهزل

اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا طَلَاقَ، وَلَا عَتَاقَ فِي غِلَاقٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغِلَاقُ: أَظُنُّهُ فِي الْغَضَبِ. بَابٌ فِي الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ 2194 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: === الإكراه (¬1)، وفي التفتيح، وقد فسر الإغلاق بالغضب كما ظنه أبو داود ونص عليه الإمام أحمد (¬2)، قال شيخنا: إنه يعم الغضب والجنون وكل أمر أغلق على صاحبه وعلمه وقصده؛ مأخوذ من غلق الباب بخلاف من علم ما يتكلم به وقصده وأراده فإنه انفتح له بابه ولم يغلق عليه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ 2194 - قوله: "وهزلهن جد" الهزل: اللعب. والجد: بكسر الجيم ضده وقد استدل به من يقول بطلاق المكره ورد بأن الهازل يتكلم بالطلاق عن: قصد واختيار كامل للمتكلم به، وبذلك يقع طلاقه ويلزمه حكمه ولا يلتفت إلى عدم رضاه بحكمه، بخلاف المكره فإنه ملجأ إلى الاختيار في التكلم بالطلاق (¬3) فكان في اختياره التكلم بإطلاق قصور يفارق الطابع به والله تعالى أعلم، والحكم في جميع العقود كالبيع والهبة مساواة الجد والهزل وإنما خص هذه الثلاثة لتأكيد أمر ¬

_ (¬1) غريب الحديث ابن الجوزي: 2/ 161. (¬2) أبو داود في الطلاق (2193)، أحمد في مسنده 6/ 276. (¬3) في الأصل [بإطلاق].

باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ. بَابُ نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ 2195 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] الْآيَةَ، " وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَنُسِخَ ذَلِكَ، وَقَالَ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]. 2196 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ بَنِي أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: طَلَّقَ عَبْدُ يَزِيدَ أَبُو رُكَانَةَ، وَإِخْوَتِهِ أُمَّ === الفروج والاهتمام به. بَابُ نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ 2195 - قوله "فقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (¬1) " أي المعقب للرجعة ثنتان ولا رجعة بعدهما. 2196 - قوله: (أبو ركانه) بضم الراء (¬2) "فجاءت" أي المرأة المزنية، "فقالت: ما يغني عني" تريد أنه لا يقدر على الجماع، "حمية" بفتح حاء وكسر ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (229). (¬2) أبو ركانة: هو نافع بن عجير بمهملة وجيم مصغرًا، ابن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المطلبي المكي، قيل: له صحبة، وذكره ابن حبان وغيره في التابعين. تقريب التهذيب 1/ 296.

رُكَانَةَ، وَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: مَا يُغْنِي عَنِّي إِلَّا كَمَا تُغْنِي هَذِهِ الشَّعْرَةُ، لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْهَا مِنْ رَأْسِهَا، فَفَرِّقْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَخَذَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِيَّةٌ، فَدَعَا بِرُكَانَةَ، وَإِخْوَتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَجُلَسَائِهِ: «أَتَرَوْنَ فُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ ، مِنْ عَبْدِ يَزِيدَ، وَفُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ » قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ يَزِيدَ: «طَلِّقْهَا» فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: «رَاجِعِ امْرَأَتَكَ أُمَّ رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ؟ » قَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ رَاجِعْهَا» وَتَلَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1]، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رُكَانَةَ، طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَصَحُّ، لِأَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ، وَأَهْلَهُ أَعْلَمُ بِهِ، إِنَّ رُكَانَةَ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً». === ميم وتشديد تحتية الأنفة من الشيء "فلانًا" كركانه مثلًا "يشبه منه" أي من عبد يزيد، وقوله: "من عبد يزيد" تفسيرًا له، "وكذا وكذا" أي بوجوه والمطلوب تقرير أنه ابنه لظهور المشابهة وكونه ابنه دليل على كذب المرأة القائلة أنه لا يقدر على الجماع، وتلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} (¬1) للإفادة أن من فوائد السورة أنه يراجع فيها من يريد وهذا إن صح فهو إما مخصوص أو منسوخ عند الجمهور والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الطلاق: آية (1).

2197 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ، فَيَرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]، وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللَّهَ فَلَمْ أَجِدْ لَكَ مَخْرَجًا، عَصَيْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ ". قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَيُّوبُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، جَمِيعًا عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَوَاهُ الْأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كُلُّهُمْ قَالُوا: فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ أَجَازَهَا، قَالَ: وَبَانَتْ مِنْكَ نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذَا قَالَ: «أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِفَمٍ وَاحِدٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ»، وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، هَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ، === 2197 - قوله: "فيركب الحموقة" بفتح حاء أي الخصلة التي هي ذات حمق، "عصيت" بإيقاع الطلقات الثلاث دفعة. قوله: "إِنه أجازها" أي أمضاها

وَجَعَلَهُ قَوْلَ عِكْرِمَةَ. 2198 - وَصَارَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَهَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ - قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، سُئِلُوا عَنِ الْبِكْرِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا؟ فَكُلُّهُمْ قَالُوا: «لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، أَنَّهُ شَهِدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ حِينَ جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ، إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَا: اذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْخَبَرَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ: أَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ تَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا مَدْخُولًا بِهَا، وَغَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، هَذَا مِثْلُ خَبَرِ الصَّرْفِ، قَالَ فِيهِ: ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ. 2199 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ رَجُلًا، يُقَالُ لَهُ: أَبُو الصَّهْبَاءِ كَانَ كَثِيرَ السُّؤَالِ لِابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ === ولم يقل: إنها واحدة. 2199 - قوله: (عن أيوب عن غير واحد عن طاوس) قيل: هذه الرواية

إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى، كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، جَعَلُوهَا وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا === ضعيفة؛ فإن أيوب السختياني رواها عن قوم مجهولين فلا يحتج بها، قلت: قد جاء تعيين بعضهم في مسلم (¬1) ففيه عن أيوب السختياني عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس وفيه كفاية، على أن الحديث برواية الآخرين ثابت فلا تضر الجهالة في بعض طرقه والله تعالى أعلم، ثم في مسلم قال عمر: "إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم"، فأمضى عليهم (¬2)، قال المحقق في فتح القدير: لم ينقل عن أحد منهم أنه خالف عمر حين أمضى الثلاث وهو يكفي في الإجماع، إلا أنه يرد أنهم كيف خالفوا ما تركهم عليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؟ والجواب: أنه لا يتأتى منهم ذلك إلا وقد اطلعوا في الزمان المتأخر على وجود ناسخ، أو لأنهم علموا بانتهاء الحكم بانتهاء. علته اهـ. قلت: لكن كلام عمر المذكور وهو أن الناس قد استعجلوا في أمر -لا يقتضي أنه كان لاطلاعه على الناسخ أو على انتهاء الحكم بل ظاهره أنه كان رأيا منه وهو مشكل جدًّا، إلا أن يقال: إنه كان في الواقع أحد الأمرين من الناسخ أو انتهاء الحكم بانتهاء علته بأن علموا من الشارع بأنه سينتهي بانتهاء علته، ولم يكن ذلك ¬

_ (¬1) مسلم في الطلاق (1472/ 17). (¬2) مسلم في الطلاق (1472).

باب فيما عني به الطلاق والنيات

رَأَى النَّاسَ قَدْ تَتَابَعُوا فِيهَا، قَالَ: أَجِيزُوهُنَّ عَلَيْهِمْ. 2200 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَتَعْلَمُ أَنَّمَا كَانَتِ الثَّلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَثَلَاثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «نَعَمْ». بَابٌ فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ 2201 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، === معلومًا لعمر رضي الله عنه ابتداء إلا أنه لكونه موفقا للصواب ومؤيدًا من الله تعالى بإلهامه كما هو معلوم من حاله، أي في الباب ما هو الصواب وألهم به من الله تعالى فقال رأيا ما روى عنه ابن عباس من غير إمضاء ذلك، ثم لعله شاور الصحابة في ذلك كما كان دأبه رضي الله لعالى عنه في المشكلات فظهر له في أثنائه ناسخ أو انتهاء الحكم على وفق ذلك، وأما ابن عباس فلعله ما اطلع على المشاورة أو على اطلاع عمر على ما اطلع عليه، على إنه ما نفى ذلك صريحا أيضًا فهذا سر إمضاء عمر ذلك الحكم وموافقة الصحابة لعمر على ذلك إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم. وقوله: "قد تتابعوا" هو بمثناة من تحت بعد الألف، وعند بعض موحدة وهما بمعنى أي أكثروا فيها وأسرعوا إليها، لكن بالمثناة تستعمل في الشر واللجاج. بَابٌ فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ وَالنِّيَّاتُ 2201 - قوله: "إنما الأعمال" إلخ تكلموا على هذا الحديث في أوراق

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». 2202 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَسَاقَ قِصَّتَهُ فِي تَبُوكَ، قَالَ: حَتَّى " إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي، فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ»، === والذي عندي في معناه هو أن الأعمال أي الأفعال الاختيارية لا توجد ولا تحقق إلا بالنية، وليس للفاعل من فعله "إلا ما نوى" أي نيته على أن ما مصدرية أي الذي يرجع إليه من عمله نفعًا أو ضررًا هي النية؛ فإن العمل يحسب بحسبها خيرًا أو شرًّا ويجزى المرء بحسبها على العمل ثوابًا وعقابًا، وإذا تقرر المقدمتان ترتب عليهما. قولها "فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله" أي قصدًا ونية "فهجرته إلى الله وإلى رسوله" أجرًا وثوابًا إلخ وقوله: "إنما امرئ" من قبيل عموم النكرة في النفي؛ لأن المعتبر أولًا في كلمة "إنما" هو النفي، ولعل المتأمل في مباني هذا الحديث وقد أوضحت عن هذا المعنى في بعض تعليقاتنا، والذي

باب في الخيار

قَالَ: فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ ، قَالَ: «لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلَا تَقْرَبَنَّهَا»، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ. بَابٌ فِي الْخِيَارِ 2203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَرْنَاهُ فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ شَيْئًا». بَابٌ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ 2204 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَيُّوبَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِقَوْلِ الْحَسَنِ فِي «أَمْرُكِ بِيَدِكِ»، قَالَ: لَا، إِلَّا شَيْئًا حَدَّثَنَاهُ قَتَادَةُ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، قَالَ أَيُّوبُ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا كَثِيرٌ === قصد المصنف هاهنا بهذا الحديث والحديث الآتي أن ما يصلح كناية عن الطلاق إذا لم يقصد به الطلاق لا يقع والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَمْرُكِ بِيَدِكِ 2204 - قوله: "لا إِلا شيء" الظاهر أن تقدير الكلام: ولا أعلم أحدًا قال بقول الحسن: "إلا شيء" فشيء مستثنى عن أحد والاستثناء منقطع، فينبغي أن يكون منصوبًا، بل لو فرض متصلا لكان حقه النصب، فالظاهر أن يقرأ منصوبًا ولا عبرة بترك الألف كتابة، فإن السلف كثيرًا ما يتركون الألف كتابة في

باب في البتة

فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: مَا حَدَّثْتُ بِهَذَا قَطُّ، فَذَكَرْتُهُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ. 2205 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي: «أَمْرُكِ بِيَدِكِ»، قَالَ: ثَلَاثٌ. بَابٌ فِي الْبَتَّةِ 2206 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْكَلْبِيُّ أَبُو ثَوْرٍ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، أَنَّ رُكَانَةَ بْنَ عَبْدِ يَزِيدَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ سُهَيْمَةَ الْبَتَّةَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ إِلَّا وَاحِدَةً؟ »، فَقَالَ رُكَانَةُ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ إِلَّا وَاحِدَةً، فَرَدَّهَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَلَّقَهَا الثَّانِيَةَ فِي زَمَانِ عُمَرَ، وَالثَّالِثَةَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَوَّلُهُ لَفْظُ إِبْرَاهِيمَ، وَآخِرُهُ لَفْظُ ابْنِ السَّرْحِ». === المنصوب، صرح في النووي في شرح مسلم وغيره. بَابٌ فِي الْبَتَّةِ 2206 - قوله: "سهيمة" بالتصغير، و"البتة" مفعول مطلق للنوع، وظاهر الحديث أن المعتبر في البتة النية لا كما يقول مالك أنها ثلاث، إلا أنه إذا نوى واحدة فعند الشافعي رجعية وعندنا بائنة، فالرد عند الشافعي محمول على الرجعة وعندنا على تجديد النكاح والله تعالى أعلم.

باب في الوسوسة بالطلاق

2207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُمْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عَنْ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. 2208 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا أَرَدْتَ، قَالَ: وَاحِدَةً، قَالَ: «آللَّهِ؟ »، قَالَ: آللَّهِ، قَالَ: «هُوَ عَلَى مَا أَرَدْتَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ رَوَاهُ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ». بَابٌ فِي الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ 2209 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ === 2208 - قوله: "آلله" بمد الهمزة على حد {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} (¬1) يستعمل في القسم. بَابٌ فِي الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ 2209 - وقوله: "وبما حدثت به نفسها" عطف على "عما لم تتكلم به" ¬

_ (¬1) سورة يونس: آية (59).

باب في الرجل يقول لامرأته: يا أختي

أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، أَوْ تَعْمَلْ بِهِ، وَبِمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي 2210 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ، الْمَعْنَى كُلُّهُمْ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخَيَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُخْتُكَ هِيَ؟ »، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ. 2211 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخَيَّةُ، «فَنَهَاهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === بحسب المعنى؛ فإن معناه: إن الله تعالى لا يؤاخذ أمتي بما لم يتعلق به تكلم ولا عمل منهم، و"أنفسها" يحتمل الرفع على الفاعلية والنصب على المفعولية والثاني أظهر معنى، وعلى الأول يجعل كناية عما لم تحدث به ألسنتهم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتِي 2210 - قوله: "أختك" هي على سبيل الإنكار بتقدير حرف الاستفهام.

2212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ، إِلَّا ثَلَاثًا: ثِنْتَانِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ فِي أَرْضِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَأُتِيَ الْجَبَّارُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ نَزَلَ هَاهُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ هِيَ أَحْسَنُ النَّاسِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: إِنَّهَا أُخْتِي، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا، قَالَ: إِنَّ هَذَا سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، وَإِنَّهُ لَيْسَ الْيَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، وَإِنَّكِ أُخْتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلَا تُكَذِّبِينِي عِنْدَهُ، وَسَاقَ === 2212 - قوله: "إن إبراهيم لم يكذب قط إلا ثلاث" أي فسمى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. قوله: "أختي" كذبًا وإن قاله (¬1) على سبيل التأويل عند الضرورة؛ فعلم أنه لا ينبغي ذلك بلا ضرورة، ثم قالوا: معنى لم يكذب قط أي لم يتكلم بما ظاهره الكذب إلا ثلاث، وأما بالنظر إلى التأويل والنية فالثلاث أيضًا ليس بكذب، فقد قال: "أختي", أي في الإسلام كما في الحديث، و {سَقِيمٌ} (¬2) يحتمل أن يراد به أنه في معرض السقم كحال الإنسان, وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} (¬3) أي على ما يليق بزعمكم أنها آلهه؛ فإن الإله الكبير لا يقدر أحد أن يفعل هذا الفعل بحضرته بدون إذنه ورضاه، فإذن إن كان هو إلهًا حقًّا فهو فعله بالمباشرة أو بالإذن والرضا، ولعله قال: "أختي" لئلا يحمله الجبار ¬

_ (¬1) في الأصل [عاقله]. (¬2) سورة الصافات: آية (89). (¬3) سورة الأنبياء: آية (63).

باب في الظهار

الْحَدِيثَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. بَابٌ فِي الظِّهَارِ 2213 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، - قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: ابْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَيَّاشٍ - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: ابْنُ الْعَلَاءِ الْبَيَاضِيُّ قَالَ: كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لَا يُصِيبُ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ، فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَبَيْنَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيْءٌ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === على التطليق. وتخصيص الاثنين بأنهما في الله؛ إذ ليس فيهما تعلق بالنفس أصلًا بخلاف الثالث، وقوله: "ليس اليوم" أي في هذا المكان من بني آدم، فلا إشكال بلوط ولا بالملائكة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الظِّهَارِ 2213 - قوله: "أصيب من النساء" إلخ كناية عن كثرة شهوته في النساء وفور قوته "يتابع بي" بمثناة تحتية قبل العين المهملة أي يلازمني ملازمة شر، "أن نزوت عليها" أي وقعت عليها ووثبت كناية عن الجماع، "أنت بذلك" أي أنت ملتبس بذلك الفعل أو الباء زائدة أي أنت فاعل ذلك الفعل.

وَسَلَّمَ، قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ؟ »، قُلْتُ: أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَاحْكُمْ فِيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: «حَرِّرْ رَقَبَةً»، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا، وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي، قَالَ: «فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: وَهَلْ أَصَبْتُ الَّذِي أَصَبْتُ إِلَّا مِنَ الصِّيَامِ، قَالَ: «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ، قَالَ: «فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ، فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا»، فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي، فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ، وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَةَ، وَحُسْنَ الرَّأْيِ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَوْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ، زَادَ ابْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: بَيَاضَةُ بَطْنٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ. 2214 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ خُوَيْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي زَوْجِي === قوله: "وسقًا من تمر" بسكون السين ستون صاعًا، "بين ستين" إما متعلق بـ "بأطعم" على تضمين معنى اقسم أو حال أي قاسمًا أو مقسومًا "وحشين" تثنية وحش بالسكون بمعنى الجائع الذي لا طعام له، "فيدفعها" أي الصدقة. 2214 - قوله: "يجادلني فيه" أي لأجله وفي شأنه، "فما برحت" بكسر

أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْكُو إِلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَادِلُنِي فِيهِ، وَيَقُولُ: «اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّكِ»، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]، إِلَى الْفَرْضِ، فَقَالَ: «يُعْتِقُ رَقَبَةً» قَالَتْ: لَا يَجِدُ، قَالَ: «فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا»، قَالَتْ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَتْ: فَأُتِيَ سَاعَتَئِذٍ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَالَ: «قَدْ أَحْسَنْتِ، اذْهَبِي فَأَطْعِمِي بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ»، قَالَ: وَالْعَرَقُ: سِتُّونَ صَاعًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «فِي هَذَا إِنَّهَا كَفَّرَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَأْمِرَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. 2215 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ. 2216 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَعْنِي بِالْعَرَقِ: زِنْبِيلًا يَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. === الراء "إلى الفرض" أي إلى ما فرض الله من الكفارة، والغاية داخلة في المعنى "ساعتئذ" من إضافة الساعة إلى كلمة إذ كما في يومئذ وحينئذ، "بعرق" بفتحتين مكتل كبير.

2217 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ خَمْسَةِ عَشَرَ صَاعًا، قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِي؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُكَ». 2218 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَزِيرٍ الْمِصْرِيِّ، قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ أَوْسٍ، أَخِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَعَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَدِيمُ الْمَوْتِ، وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ»، وَإِنَّمَا رَوَوْهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ أَوْسًا. 2219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، «أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ رَجُلًا بِهِ لَمَمٌ، فَكَانَ إِذَا اشْتَدَّ === 2219 - قوله: "وكان رجلًا به لمم" خبل "فكان إذا اشتد" إلخ أي فأكثر من الظهار في حالة غلبة الخبل عليه حتى جرى على لسانه حالة الإفاقة، قيل: أريد باللمم هاهنا الإلمام بالنساء وغلبة الشهوة وليس بمعنى الخبل والجنون الذي يعتري الإنسان كما في غير هذا الحديث؛ فإنه لو ظاهر في تلك الحالة لم يلزمه شيء, ورده السيوطي بما في المستدرك وسنن البيهقي عن عائشة قالت: "وكان امرءًا به

لَمَمُهُ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ». 2220 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ. 2221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنَّ يُكَفِّرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ »، قَالَ: رَأَيْتُ بَيَاضَ سَاقِهَا فِي الْقَمَرِ، قَالَ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ عَنْكَ». === لمم فإذا اشتد لممه وظاهر" (¬1)، وبما في طبقات ابن سعد عن عمران عن أنس: "أن أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت وكان به لمم وكان يفيق أحيانًا فلاحى امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته فظاهر (¬2) ثم ندم"، فعرف بهذا أن اللمم هاهنا الخبل وأن الظهار وقع في زمن إفاقته منه اهـ. قلت: ما ذكر عن المستدرك هو حديث الكتاب بعينه وليس فيه إلا زيادة عائشة وقد ذكره المصنف أيضًا فافهمه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معرفة السنن والآثار- البيهقي كتاب الخلع والطلاق 11/ 115 (14968) والحاكم في المستدرك: 2/ 481 وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. والبيهقي في السنن في الظهار: 7/ 382. (¬2) فتح القدير سورة المجادلة، طبقات ابن سعد؟ ؟ ؟ .

باب في الخلع

2222 - حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَجُلًا ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَرَأَى بَرِيقَ سَاقِهَا فِي الْقَمَرِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّرَ». 2223 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ السَّاقَ. 2224 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْمُخْتَارِ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ حَدِيثِ سُفْيَانَ. 2225 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى يُحَدِّثُ بِهِ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَتَبَ إِلَيَّ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي الْخُلْعِ 2226 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي === بَابٌ فِي الْخُلْعِ 2226 - قوله: "في غير ما بأس" ما زائدة والبأس الشدة أي التي تطلب

قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ». 2227 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذِهِ؟ »، فَقَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، قَالَ: «مَا شَأْنُكِ؟ »، قَالَتْ: لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ»، وَذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ، وَقَالَتْ حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: «خُذْ مِنْهَا»، فَأَخَذَ مِنْهَا، وَجَلَسَتْ هِيَ فِي أَهْلِهَا. === الطلاق في غير حال شدة ملجئة إليه، وقوله: "فحرام" إلخ تغليظ أو المراد: أنها تستحق ألا تدخل الجنة مع من يدخلها أولًا. 2227 - قوله: "في الغلس" بفتحتين أي في ظلمة آخر الليل "لا أنا ولا ثابت" يحتمل أن لا الثانية مزيدة والخبر محذوف بعدهما أي مجتمعان. أي لا يمكن لنا اجتماع، ويحتمل أنها غير زائدة وأن خبر "كلّ" محذوف أي لا أنا مجتمعة مع ثابت ولا ثابت مجتمع معي.

2228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ الْمَدِينِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ، كَانَتْ عِنْدَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ بَعْضَهَا، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الصُّبْحِ، فَاشْتَكَتْهُ إِلَيْهِ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتًا، فَقَالَ: «خُذْ بَعْضَ مَالِهَا، وَفَارِقْهَا»، فَقَالَ: وَيَصْلُحُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَإِنِّي أَصْدَقْتُهَا حَدِيقَتَيْنِ، وَهُمَا بِيَدِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْهُمَا وَفَارِقْهَا»، فَفَعَلَ. === 2228 - قوله: "فضربها فكسر بعضها" هذا لا يوافق ظاهرًا، ما في الصحيحين (¬1) من قولها: "لا أعيب عليه في خلق" أو نحو ذلك والله تعالى أعلم. قوله "عدَّتَها حيضة" من لا يقول به يقول: إن الواجب في العدة ثلاثة قروء بالنص، فلا يترك النص بخبر الآحاد، وقد يقال: هذا مبني على أن الخلع طلاق وهو ممنوع، والحديث دليل لمن يقول: ليس بطلاق، على أنه لو سلم أنه طلاق؛ فالنص مخصوص، فيجوز تخصيصه ثانيًا بالاتفاق، أما عند من يقول بالتخصيص بخبر الآحاد مطلقًا فظاهر، وأما عند غيره فلمكان التخصيص أولًا، والمخصوص أولًا يجوز تخصيصه بخبر الآحاد والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في النكاح (5273، 5275).

باب [في] المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد

2229 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّتَهَا حَيْضَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا. 2230 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ». بَابٌ [فِي] الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ 2231 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مُغِيثًا كَانَ عَبْدًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‍‍ اشْفَعْ لِي إِلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَرِيرَةُ اتَّقِي اللَّهَ، فَإِنَّهُ زَوْجُكِ وَأَبُو وَلَدِكِ»، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْمُرُنِي بِذَلِكَ، قَالَ: «لَا، إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ فَكَانَ دُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّهِ»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ: «أَلَا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَبُغْضِهَا إِيَّاهُ». === بَابٌ [فِي] الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ 2231 - قوله: "إنما أنا شافع" أي فلم تقبل، وفيه أنه لا إثم في رد شفاعة الصالحين.

باب من قال: كان حرا

2232 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثًا» فَخَيَّرَهَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ. 2233 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ، قَالَتْ: «كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا». 2234 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ بَرِيرَةَ خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا». بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا 2235 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ، وَأَنَّهَا خُيِّرَتْ، فَقَالَتْ: === 2233 - قوله: "كان عبدًا فخيرها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" قال الخطابي: كان الشافعي يقول: حديث بريدة هو الأصل في باب الكفاءة في النكاح (¬1). بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا قوله "كان حرًّا حين أعتقت" قيل: حديث عائشة قد اختلف فيه وحديث ابن ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 256.

باب حتى متى يكون لها الخيار؟

مَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَعَهُ، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا. بَابُ حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ؟ 2236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ بَرِيرَةَ أُعْتِقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ عَبْدٍ لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهَا: «إِنْ قَرِبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ». بَابٌ فِي الْمَمْلُوكَيْنِ يُعْتَقَانِ مَعًا هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ؟ 2237 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا === عباس لا اختلاف فيه فالأخذ به أحسن، وقيل: بل كان في الأصل عبدًا ثم أعتق فلعل من قال: عبد، لم يطلع عن إعتاقه؛ فاعتمد على الأصل فقال: عبد، بخلاف من قال: إنه معتق، فمعه زيادة علم، ولعل عائشة اطلعت على ذلك بعد فوقع الاختلاف في خبرها، فالتوفيق ممكن بهذا الوجه، فالأخذ به أحسن والله تعالى أعلم. بَابُ حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ؟ 2236 - قوله: "إن قربك" بكسر الراء كعلم أي جامعك. بَابٌ فِي الْمَمْلُوكَيْنِ يُعْتَقَانِ مَعًا هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ؟ 2237 - قوله: "لها زوج" قيل: ضمير "لها" لعائشة وزوج خبر محذوف أي

باب إذا أسلم أحد الزوجين

عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا زَوْجٌ، قَالَ: فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، «فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ، قَبْلَ الْمَرْأَةِ»، قَالَ نَصْرٌ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ. بَابٌ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ 2238 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ مُسْلِمًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَتِ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً بَعْدَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَسْلَمَتْ مَعِي، فَرُدَّهَا عَلَيَّ. 2239 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ === أحدهما زوج للآخر أو خبره محذوف أي بينهما ازدواج بمعنى الازدواج، وقيل: للجارية المفهومة من قوله: "مملوكين"، وقيل: يطلق الزوج على اثنين كما يطلق على واحد. قلت: وهذا يحتاج إلى أن يقال: هو منصوب لفظًا لكن ترك الألف خطًّا مسامحة كما علم من دأب أهل الحديث؛ صرح به النووي وغيره (¬1)، "فأمرها أن تبدأ بالرجل" قيل: أمر بذلك لئلا تختار الزوجة نفسها إن بدأ بإعتاقها، قلت: وهذا لا يمنع إعتاقهما معًا فيمكن أن يقال: بدأ بالرجل لشرفه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) لسان العرب مادة زوج 2/ 291، 292.

باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟

سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْلَمْتُ، وَعَلِمَتْ بِإِسْلَامِي، «فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَوْجِهَا الْآخَرِ، وَرَدَّهَا إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ». بَابٌ إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا؟ 2240 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، ح وحَدَّثَنَا === بَابٌ إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا؟ 2240 - قوله: "بالنكاح الأول" جاء من حديث عبد الله بن عمرو أنه رد بمهر جديد ونكاح جديد رواه الترمذي وقال: في إسناده مقال (¬1) والعمل عليه عند أهل العلم، يريد أنه لا بد من تجديد النكاح عندهم إذا كان الرد بعد انقضاء العدة، فقيل: معنى "النكاح الأول" أي بسبب مراعاته أي أنه رد بنكاح جديد مراعاة لما بينهما من النكاح السابق، وقوله: "لم يحدث شيئًا" أي من زيادة مهر بل جعل المهر الثاني كالأول، وهذا المعنى لا يناسب رواية الترمذي (¬2) وهي (¬3): "لم يحدث نكاحًا، إلا أن يقال: ذاك مما ذكره الراوي على حسب فهمه اعتمادًا على ¬

_ (¬1) الترمذي في النكاح (1143) وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس، ولكن لا نعرف وجه هذا الحديث, ولعله قد جاء هذا من قبيل داود بن حصين من قبل حفظه. وابن ماجه في النكاح (2009). (¬2) الحديث سبق تخريجه. (¬3) في الأصل [هو].

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، الْمَعْنَى، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ»، لَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، فِي حَدِيثِهِ: بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: بَعْدَ سَنَتَيْنِ. === نقل الحديث بالمعنى، وقال البيهقي في معرفة السنن: لو صح الحديثان لقلنا بحديث عبد الله بن عمرو؛ لأنه زائد لكنه لم يثبت فقلنا بحديث ابن عباس، فإن قيل: حديثه أنه - صلى الله عليه وسلم - ردها عليه بعد ست سنين؛ والعدة لا تبقى إلى هذه المدة غالبًا، قلنا: لم يؤثر إسلامها وبقاءه على الكفر في قطع النكاح إلا بعد نزول الآية في الممتحنة، وذلك بعد صلح الحديبية فيوقف نكاحها على انقضاء العدة من حين النزول، وكان إسلام أبي العاص بعد الحديبية بزمان يسير بحيث يمكن أن تكون عدتها لم تنقض في الغالب فيشبه أن يكون الرد بالنكاح الأول لأجل ذلك اهـ (¬1). قلت: "آية الممتحنة هي قوله تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (¬2) وما قيل الفرقة وقعت من حين نزلت: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (¬3) وهي مكية باطل؛ فإنها لإفادة تحريم النكاح ابتداء لا تحريم البقاء عليه، فأي دلالة على الفرقة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معرفة السنن والآثار- البيهقي كتاب النكاح 10/ 145، 146 (14003، 14004) ط دار الوفاء. (¬2) سورة الممتحنة: آية (10). (¬3) سورة البقرة: آية (221).

باب في من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع [أو أختان]

بَابٌ فِي مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ [أَوْ أُخْتَانِ] 2241 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، ح وحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ مُسَدَّدٌ: ابْنِ عُمَيْرَةَ وَقَالَ وَهْبٌ: الْأَسَدِيِّ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانُ نِسْوَةٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وحَدَّثَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ، مَكَانَ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: «هَذَا هُوَ الصَّوَابُ يَعْنِي قَيْسَ بْنَ الْحَارِثِ». === بَابٌ فِي مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ [أَوْ أُخْتَانِ] 2241 - قوله: (عن حميضة) (¬1) بالحاء المهملة بالتصغير، قوله: "اختر منهن أربعًا"، فهذا يدل على أن قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (¬2) في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬3) الآية للتقييد لا للتعميم كما في قوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (¬4) والتكرار بالنظر إلى واحد الرجال لا بالنظر إلى واحد، والواو بمعنى أو لإفادة حل هذه الأعداد كلها لواحد، فالحاصل أنه إذا جاء الحديث وجب حمل الآية على ما يوافق الحديث والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) حميضة بن الشمردل، الأسدي الكوفي، مقبول من الثالثة ووقع عند ابن ماجه: حميضة بنت شمردل. تقريب التهذيب ابن حجر: 1/ 205. (¬2) سورة النساء: آية (3). (¬3) سورة النساء: آية (3). (¬4) سورة فاطر: آية (1).

باب إذا أسلم أحد الأبوين، مع من يكون الولد؟

2242 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَاضِي الْكُوفَةِ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُمَيْضَةَ بْنِ الشَّمَرْدَلِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ بِمَعْنَاهُ. 2243 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي أُخْتَانِ؟ ، قَالَ: «طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ». بَابٌ إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ، مَعَ مَنْ يَكُونُ الْوَلَدُ؟ 2244 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي رَافِعِ بْنِ سِنَانٍ، أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: ابْنَتِي وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شَبَهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْعُدْ نَاحِيَةً»، وَقَالَ لَهَا: «اقْعُدِي نَاحِيَةً»، قَالَ: «وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَيْنَهُمَا»، ثُمَّ قَالَ «ادْعُوَاهَا»، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اهْدِهَا»، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى === 2343 - قوله: "طلق أيتهما شئت" ظاهره أن الجمع بقاء حرام، فإذا جمع بين الأختين يجب عليه تفريق إحداهما لا أنه إذا جمعهما في العقد لا يصح العقد أصلًا، وإذا تقدم نكاح إحداهما كانت في نكاحهما ولم يحكم بخروجها عن

باب في اللعان

أَبِيهَا، فَأَخَذَهَا. بَابٌ فِي اللِّعَانِ 2245 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ الْعَجْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ === نكاحه بمجرد الإسلام بسبب أنه جمع والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي اللِّعَانِ 2245 - قوله: "فتقتلونه" الخطاب مع المسلمين، أي يقتلوته قصاصًا إن لم يأت بالشهود وإن كان له ذلك فيما بينه وبين الله عند بعض, لكن لا يصدق بمجرد الدعوى في القضاء "فكره" كأنه ما اطلع على وقوع الواقعة، فرأي البحث عن الضروري والله تعالى أعلم. "كذبت عليها إِن أمسكتها" أي مقتضى ما جرى من اللعان ألا أمسكها إن كنت صادقًا فيما قلت؛ فإن أمسكتها فكأني كنت كاذبًا فيما قلت, فلا يليق

عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ لَا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ قُرْآنٌ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا». قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا عُوَيْمِرٌ ثَلَاثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ. 2246 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ: «أَمْسِكِ الْمَرْأَةَ عِنْدَكَ حَتَّى تَلِدَ». 2247 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: حَضَرْتُ لِعَانَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، قَالَ === الإمساك، وظاهره أنه لا يقع التفريق بمجرد اللعان، بل يلزم أن يفرق الحاكم بينهما أو الزوج يفرق بنفسه، ومن يقول بخلافه يعتذر بأن عويمر ما كان عالمًا بالحكم، وفيه أنه لو كان عن جهل كيف قرره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك؛ والله تعالى أعلم.

فِيهِ: ثُمَّ خَرَجَتْ حَامِلًا فَكَانَ الْوَلَدُ يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ. 2248 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فِي خَبَرِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ الْعَيْنَيْنِ عَظِيمَ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلَا أُرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا»، قَالَ: فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ. 2249 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فَكَانَ يُدْعَى يَعْنِي الْوَلَدَ لِأُمِّهِ. 2250 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ، وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَطَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَا صُنِعَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم سُنَّةٌ، قَالَ سَهْلٌ: حَضَرْتُ هَذَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا === 2248 - قوله: "ادعج العينين" من الدعج بفتحتين شدة سواد العين وقيل: مع سعتها، "عظيم الإليتين" تثنينة إلية بفتح الهمزة وسكون اللام العجيزة "أحيمر" تصغير أحمر "وحرة" بفتحات وبمهملتين دويبة حمراء تلزق بالأرض.

يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. 2251 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ: شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ «فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَلَاعَنَا»، وَتَمَّ حَدِيثُ مُسَدَّدٍ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِنَّهُ شَهِدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ عَلَيْهَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يُتَابِعْ ابْنَ عُيَيْنَةَ أَحَدٌ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ». 2252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَانَتْ حَامِلًا، فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا، فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي الْمِيرَاثِ: أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا. 2253 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّا لَلَيْلَةُ جُمُعَةٍ فِي === 2251 - قوله: "ففرق" أي قرر تفريق الرجل ليوافق رواية "فأنفذه"، وقوله: "فقال الرجل" كالتفسير للتفريق والله تعالى أعلم. 2253 - قوله: "اللهم افتح" أي احكم أو بين الحكم. قوله: "مه" أي

الْمَسْجِدِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ بِهِ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ؟ فَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ، وَاللَّهِ لَأَسْأَلَنَّ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ بِهِ جَلَدْتُمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ؟ ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ افْتَحْ»، وَجَعَلَ يَدْعُو، فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ هَذِهِ الْآيَةَ، فَابْتُلِيَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاعَنَا: فَشَهِدَ الرَّجُلُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ لَعَنَ الْخَامِسَةَ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، قَالَ: فَذَهَبَتْ لِتَلْتَعِنَ، فَقَالَ لَهَا: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَهْ»، فَأَبَتْ، فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا أَدْبَرَا، قَالَ: «لَعَلَّهَا أَنْ تَجِيءَ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا» فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا. 2254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ === اسكتي إن كنت كاذبة فإن عذاب الآخرة أشد "جعدًا" بفتح فسكون هو أن يكون شعره منقبضا غير منسبط. 2254 - قوله: (بشريك بن سحماء) (¬1) سحماء كحمراء بسين مهملة: ¬

_ (¬1) شريك بن سحماء: بفتح السين وسكون الحاء المهملتين وهي أمه واسم أبيه عبدة بن مغيث بن الجد بن العجلان البلوي حليف الأنصار الإصابة: ابن حجر: 2/ 150 (3898).

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا رَجُلًا عَلَى امْرَأَتِهِ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ». فَقَالَ هِلَالٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا، إِنِّي لَصَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ فِي أَمْرِي مَا يُبْرِئُ بِهِ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ. فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا، فَجَاءَا، فَقَامَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ === "البينة أوحد" ظاهر الكتاب رفعها، أي الواجب البينة أوحد وقيل: بنصبهما، أي أقم البينة أو يثبت ويجب حد (¬1). وأما قوله: "البينة وإلا فحد" فالمشهور نصب الأول ورفع الثاني "ما يبرئ" بالتشديد من التبرئة، "إنها موجبة" أي للعذاب في حق الكاذب، "فتلكأت" أي توقفت أن تقول، و "نكصت" أي رجعت القهقري، "سائر اليوم" قيل: أيقصد باليوم الجنس أي جميع الأيام أو بقيتها، والمراد: مدة عمرهم، "أكحل العينين" هو من يظهر في عينيه كأنه اكتحل وإن لم يكتحل "سابغ الإليتين" أي تامهما وعظيمها. قوله: "خدلج الساقين" بفتح الحاء المعجمة والدال المهملة واللام المشددة ¬

_ (¬1) هذا المثال غير موافق لقول المصنف [وقيل بنصبهما] فـ[حد] في المثال الذي ذكره مرفوع وتصحيح ذلك أن يقال: أقم البينة أو نقم عليك حدًّا.

أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا مِنْ تَائِبٍ؟ »، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَقَالُوا لَهَا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا سَتَرْجِعُ، فَقَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ»، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثُ ابْنِ بَشَّارٍ حَدِيثُ هِلَالٍ». 2255 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشُّعَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا حِينَ === وجيم أي غليظهما. قوله: "من كتاب الله" أي من حكمه بدرء الحد عمن لاعن، أو من اللعان المذكور في كتابه تعالى (¬1)، أو من حكمه الذي هو اللعان. قوله: "لكان لي ولها شأن" في إقامة الحد عليها كذا قالوا، ويلزم أن يقام الحد بالأمارات على من لم يلاعن، فالأقرب أن يقال: لولا حكمه تعالى بدرء الحدود بلا تحقيق لكان لي ولها شأن، لكن رواية "لولا الأيمان" يقتضي أن يقدر لولا اللعان ونحوه، وكأن المراد: أنه لولا الأيمان منها بعد أيمان الزوج لحدث، ومقتضاه أنه يجب عليها الحد بعد لعان الزوج إن لم تلاعن، وعند الحنفية لا يجب بذلك حد. ¬

_ (¬1) سورة النور: آيات (6 - 9).

أَمَرَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، أَنْ يَتَلَاعَنَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ، يَقُولُ: «إِنَّهَا مُوجِبَةٌ». 2256 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ، الَّذِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عَشِيًّا فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنِهِ وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ، فَلَمْ يَهِجْهُ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً، فَوَجَدْتُ عِنْدَهُمْ رَجُلًا، فَرَأَيْتُ بِعَيْنَيَّ، وَسَمِعْتُ بِأُذُنَيَّ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] الْآيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا»، قَالَ هِلَالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسِلُوا إِلَيْهَا»، فَجَاءَتْ، فَتَلَاهَا عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَّرَهُمَا وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عَذَابَ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ === 2256 - قوله: "فلم يهجه" من هاج، أي فلم يزعجه ولم ينفره، "فسري" بتشديد الراء على بناء المفعول، أي كشف، "أصيهب" تصغير أصهب وهو الذي في شعره حمرة يعلوها سواد، وحمل هاهنا على لونه كذلك أو يصح تصغيرًا "أريصح" براء وصاد وحاء مهملات وهو الخفيف الإليتين، يقال: أرسخ بالسين والصاد بدل منها وأرصع بالعين والحاء بدل منه، "أثيبج" تصغير أثبج بمثلثة ثم

الدُّنْيَا، فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: قَدْ كَذَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا»، فَقِيلَ لِهِلَالٍ: اشْهَدْ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهُ يَا هِلَالُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا كَمَا لَمْ يُجَلِّدْنِي عَلَيْهَا، فَشَهِدَ الْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: اشْهَدِي، فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ، إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمُوجِبَةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكِ الْعَذَابَ، فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي، فَشَهِدَتِ الْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَنْ لَا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ، وَلَا تُرْمَى، وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَضَى أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوَفَّى عَنْهَا، وَقَالَ: «إِنْ جَاءَتْ بِهِ أُصَيْهِبَ أُرَيْصِحَ أُثُيْبِجَ حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ === موحدة وجيم، في الصحاح الثبج ما بين الكاهل إلى الظهر أي وسطه والأثبج العريض الثبيج، ويقال: الناتئ الثبج وهو الذي جاء تصغيره في الحديث (¬1)، "خمش الساقين" بالشين المعجمة أي دقيقها، "أورق" أي أسمر أو أسود، "جعدًا أأي ليس بسبط الشعر، "جماليا" بضم الجيم وتخفيف الميم وكسر اللام ¬

_ (¬1) المختار الصحاح: ص 82 مادة ثيج.

لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جُمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ»، فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جَمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ»، قَالَ عِكْرِمَةُ: «فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مُضَرَ وَمَا يُدْعَى لِأَبٍ». 2257 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو، سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي؟ قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ أَبْعَدُ لَكَ». 2258 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، قَالَ: فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلَانِ، وَقَالَ: «اللَّهُ يَعْلَمُ === وتشديد المثناة التحتية أي عظيم الخلق ضخم الأعضاء تام الأوصال؛ شبه خلقه بخلق الجمل. 2257 - قوله: "مالي" أي ما شأن مالي أو التقدير: أيذهب مالي أي المهر الذي أعطيته. 2258 - قوله: "بين أخوي بني العجلان" أي بين الرجل والمرأة منهم

باب إذا شك في الولد

أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ »، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَبَيَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. 2259 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا «فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مَالِكٌ قَوْلُهُ: «وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ»، وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا. بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ 2260 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي جَاءَتْ بِوَلَدٍ أَسْوَدَ، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ »، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا أَلْوَانُهَا؟ »، قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: «فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ »، قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَالَ: فَأَنَّى تُرَاهُ؟ ، قَالَ: «عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ»، قَالَ: «وَهَذَا عَسَى أَنْ === وتسميتها أخوي بني العجلان تغليب الذكر على الأنثى والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ 2260 - قوله: "أورق" أي أسود والورق سواد في غيره وجمعه وُرق بضم

باب التغليظ في الانتفاء

يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ». 2261 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بِأَنْ يَنْفِيَهُ. 2262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ وَإِنِّي أُنْكِرُهُ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ 2263 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ، فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ، وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ، وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ». === واو فسكون راء، "نزعه عرق" يقال: نزع إليه في الشبه إذا أشبهه. بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الِانْتِفَاءِ 2263 - قوله: "فليست من الله" أي من دينه أو رحمته وهو تغليظ لفعلها ومعنى "لن يدخلها الله جنته" أي لا تستحق أن يدخلها الله جنته مع الأولين "وهو ينظر إليه" أي الرجل ينظر إلى ولده وهو كناية عن العلم بأنه والده أو الولد ينظر إلى الرجل فهو تقبيح لفعله، والله تعالى أعلم.

باب في ادعاء ولد الزنا

بَابٌ فِي ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا 2264 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ سَلْمٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزَّيَّادِ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنِ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ». 2265 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، ح وحَدَّثَنَا === بَابٌ فِي ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا 2264 - قوله: "لا مساعاة في الإسلام" والمساعاة قيل: الزنا وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الإماء دون الحرائر؛ فإن الإماء كن يسعين لمواليهن فيكسين لهم الغرائب كانت عليهن، يقال: ساعت الأمة إذا فجرت وساعاها فلان إذا فجر بها وهو مفاعلة من السعي؛ لأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول غرضه، فأبطل صلى الله تعالى عليه وسلم المساعاة في الإسلام، وأن يلحق النسب بها أي بالمساعاة وعما كان منها في الجاهلية وإلحاق النسب بها، فمعنى لا مساعاة: لا يثبت بها حكم النسب، وقد يقال: ظاهر النفي يشمل حكم المصاهرة أيضًا، وإن كان سوق الكلام لنفي النسب فقط، والله تعالى أعلم. "ومن ادعى ولدًا" أي في الإسلام إلخ، يقال: هذا ولد رشدة بالكسر والفتح؛ إذا كان النكاح صحيحًا، وضده ولد زينة. 2265 - قوله: "أن كل مستلحق" بفتح الحاء الذي طلب الورثة إلحاقه بهم،

الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ أَشْبَعُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ اسْتُلْحِقَ بَعْدَ أَبِيهِ الَّذِي يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ، فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا، فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ، وَمَا أَدْرَكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلَا يَلْحَقُ إِذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ، === استحلق على بناء المفعول والجملة كالصفة الكاشفة لمتسلحق "بعد أبيه" أي بعد موت أبيه، وإضافة الأب إليه باعتبار الادعاء والاستلحاق ولذلك قال: "الذي يدعى له"، قوله: "ادعاه ورثته" قيل: خبر أن ولعله بتقدير هو الذي ادعاه, ولا يخفي أنه لا فائدة في هذا الخبر لدلالة عنوان المبتدأ عليه، فالوجه أنه وصف ثان لمستلحق لزيادة الكشف وخبر أن ما يفهم من قوله: "أن كل من كان" إلخ تقديره إن كل مستلحق حكمه أن من كان من أمة، "فقضى" تكرير للأول لبعد العهد أو المراد: أني يقضي فقضى، وقد يقال: إذا كان "فقضى" تكريرًا للبعد يجوز أن يجعل أن الثانية مع اسمها بدلًا من أن الأولى مع اسمها، فيكون الخبر للأولى هو قوله: "فقد لحق بمن استلحقه" ومعنى استلحقه ادعاه، وضميره المرفوع لـ "من" الموصول والمراد به: الوارث وهو (¬1) أعم من أن يكون كل الورثة أو بعضهم، فلا يلحق إلا بالوارث الذي يدعيه فيصير وارثًا في حقه دون الوارث الذي لا يدعيه، فهو في حقه أجنبي "ولا يلحق" في الموضعين على بناء الفاعل من اللحوق أو على بناء المفعول من الإلحاق على معنى: لا يجوز إلحاقه والأول ¬

_ (¬1) [وهو] ليست بالأصل.

وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ، كَانَ أَوْ أَمَةٍ». === أظهر، وقوله: "إن كان أبوه" (¬1) إلخ كلمة إن (1) فيه وصلية وهو تأكيد لما قبله من عدم حصول اللحوق، وقوله: "فهو ولد زنية" تعليل لذلك وحاصل معنى الحديث: أن المستلحق إن كان من أمة للميت ملكها يوم جامعها فتعد لحق بالوارث الذي ادعاه فصار وارثًا في حقه مشاركًا معه في الإرث؛ لكن فيما يقسم من الميراث بعد الاستلحاق ولا نصيب له فيما قسم قبل، وأما الوارث الذي لم يدع فلا يشاركه ولا يرث منه، وهذا إذا لم يكن الرجل الذي يدعي له قد أنكره في حياته وإن أنكره لا يصح الاستلحاق، وأما إن كان من أمة لم يملكها يوم جامعها بأن زنا بأمة غيره أو من حرة زنا بها فلا يصح لحوقه أصلًا وإن ادعاه أبوه الذي يدعى لي في حياته؛ لأنه ولد زنية قطعًا، ولا يثبت النسب بالزنا والله تعالى أعلم. قال الخطابي: هذه حكاية وقعت في أول الإسلام وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام (¬2)، ولذلك جعل حكم الميراث السابق على الاستلحاق حكم ما مضى في الجاهلية فعفا عنه ولم يرد إلى حكم الإسلام، وذكر في سببه أن أهل الجاهلية يطأ أحدهم أمته ويطأها غيره بالزنا, فربما يدعي ولدها السيد أو ورثته بعد موته وربما يدعيه الزاني فشرع لهم هذه الأحكام. قلت: وتدل الرواية الثانية على ما ذكره الخطابي كما لا يخفى والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [إذا]. (¬2) معالم السنن: 3/ 273.

باب في القافة

2266 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ، «وَهُوَ وَلَدُ زِنَا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَذَلِكَ فِيمَا اسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَمَا اقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى». بَابٌ فِي الْقَافَةِ 2267 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، الْمَعْنَى، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، - قَالَ مُسَدَّدٌ: وَابْنُ السَّرْحِ - يَوْمًا مَسْرُورًا، - وَقَالَ عُثْمَانُ: - تُعْرَفُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، فَقَالَ: " أَيْ عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ رَأَى === بَابٌ فِي الْقَافَةِ جمع قائف وهو من يستدل بالخلقة على النسب ويلحق الفروع بالأصول بالشبه والعلامات. 2267 - قوله: "أسارير وجهه" خطوط تجتمع في الجبهة وتنكسر، "ألم تري" بفتح الراء وسكون الياء على خطاب المرأة "مجزَّزا" بجيم وزائين معجمتين أولها مشددة مكسورة "المدلجي" بضم ميم وسكون دال وكسر لام (¬1)، ووجه سرووه أن الناس كانوا يطعنون في نسب أسامة بن زيد لكونه أسودًا وزيد أبيض وهم كانوا يعتمدون على قول القائف، فبشهادة هذا القائف يندفع طعنهم، وقد أخذ بعضهم من هذا الحديث القول بالقيافة في إثبات النسب؛ لأن سرووه بهذا القول دليل صحته؛ لأنه لا يسر بالباطل بل ينكره، ومن لا يقول بذلك يقول: ¬

_ (¬1) مجزر المدلجي: هو ابن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عثوارة بن عمرو بن مدلج الكناني كان عارفًا بالقيافة. الإصابة. ابن حجر 3/ 365 وتهذيب التهذيب: 10/ 64.

باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد

زَيْدًا، وَأُسَامَةَ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا بِقَطِيفَةٍ، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ، وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ». 2268 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. قَالَ: قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَأَسَارِيرُ وَجْهِهِ لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَسَارِيرُ وَجْهِهِ هُوَ تَدْلِيسٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ إِنَّمَا سَمِعَ الْأَسَارِيرَ مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ: وَالْأَسَارِيرُ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَغَيْرِهِ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ، يَقُولُ: «كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ مِثْلَ الْقَارِ، وَكَانَ زَيْدٌ أَبْيَضَ مِثْلَ الْقُطْنِ». بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا فِي الْوَلَدِ 2269 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْخَلِيلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: إِنَّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَتَوْا عَلِيًّا، يَخْتَصِمُونَ إِلَيْهِ فِي وَلَدٍ، وَقَدْ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: لِاثْنَيْنِ === وجه السرور هو أن الكفرة الطاعنين كانوا يعتقدون القيافة فصار قول القائف حجة عليهم وهو يكفي في السرور. بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا فِي الْوَلَدِ 2269 - قوله: "طيبًا بالولد" بكسر الطاء من طابت نفسه بالشيء إذا سمحت به من غير كراهه ولا غضب، وقوله "فغليا" بالباء الموحدة أي بالكلام أو

مِنْهُمَا طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا، ثُمَّ قَالَ: لِاثْنَيْنِ طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا، ثُمَّ قَالَ: لِاثْنَيْنِ طِيبَا بِالْوَلَدِ لِهَذَا فَغَلَيَا، فَقَالَ: أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ، إِنِّي مُقْرِعٌ بَيْنَكُمْ فَمَنْ قَرَعَ فَلَهُ الْوَلَدُ، وَعَلَيْهِ لِصَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَجَعَلَهُ لِمَنْ قَرَعَ، «فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَضْرَاسُهُ أَوْ نَوَاجِذُهُ». 2270 - حَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِثَلَاثَةٍ، وَهُوَ بِالْيَمَنِ وَقَعُوا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ اثْنَيْنِ: أَتُقِرَّانِ لِهَذَا بِالْوَلَدِ؟ قَالَا: لَا، حَتَّى سَأَلَهُمْ جَمِيعًا، فَجَعَلَ كُلَّمَا سَأَلَ اثْنَيْنِ، قَالَا: لَا، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالَّذِي صَارَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ، قَالَ: «فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ». 2271 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ، === بالمثناة من غلت القدر أي صاحًا، "متشاكسون" أي مختلفون متنازعون، "فمن قرع" أي أصابه القرع "ثلث الدية" أي القيمة، والمراد: قيمة الدم؛ فإنها انتقلت إليه من يوم وقع عليها بالقيمة، وهذا الحديث يدل على ثبوت القضاء بالقرعة وعلى أن الولد لا يلحق بأكثر من واحد، بل عند الاشتباه يفصل بينهم بالمسامحة أو بالقرعة لا بالقيافة، ولعل من يقول بالقيافة: يحمل الحديث على ما إذا لم يوجد القائف وقد أخذ بعضهم بالقرعة عند الاشتباه والله تعالى أعلم.

باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، عَنِ الْخَلِيلِ أَوْ ابْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ مِنْ ثَلَاثَةٍ، نَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرِ الْيَمَنَ، وَلَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا قَوْلَهُ طِيبَا بِالْوَلَدِ. بَابٌ فِي وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ 2272 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، " أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَكَانَ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ فَيُصْدِقُهَا، ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ === بَابٌ فِي وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ 2272 - قوله "من طمثها" حيضها، "فاستبضعي منه" أي اطلبي منه الجماع؛ كان الرجل يقول لامرأته وأمته ذلك في بعض رؤسائهم طلبا بنجابة الولد، "فتسمي" بكسر الميم أي المرأة، "فالتاطه" افتعال من لاط أي فالتاط به

باب الولد للفراش

رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ، فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ يَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ فَالْتَاطَهُ، وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ. بَابُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ 2273 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَوْصَانِي أَخِي عُتْبَةُ إِذَا قَدِمْتُ مَكَّةَ أَنْ أَنْظُرَ إِلَى ابْنِ أَمَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبِضَهُ فَإِنَّهُ ابْنُهُ، وَقَالَ === أي التصق به بين الناس، يعني أن القائف إذا ألحق الولد بأحد التصق به بين الناس، ودعي بينهم ابنه. بَابُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ 2273 - قوله: "أن انظر" أن تفسيرية لما في الإيصاء من معنى القول أي قال لي: انظر، ويحتمل أنها مصدرية وما بعده فعل مضارع "شبهًا" بفتحتين،

عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي ابْنُ أَمَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي عَنْهُ يَا سَوْدَةُ»، زَادَ مُسَدَّد فِي حَدِيثِهِ، وَقَالَ: «هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ». 2274 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانًا ابْنِي عَاهَرْتُ بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ». 2275 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، مَوْلَى === "للفراش" أي لصاحب الفراش أي لمن كانت المرأة فراشًا له، "احتجبي عنه" مراعاة للشبه، فكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أرشد إلى أنه مع إلحاق الولد بالفراش يؤخذ في الأحكام (¬1) بالأحوط. 2274 - قوله: "لا دعوة في الإسلام" بكسر الدال هي ادعاء الولد والمراد أن يدعي الزاني الولد، "للعاهر" أي الزاني "الحجر" أي الحرمان وقيل: كنى به عن الرجم وفيه أن ليس كل زان يرجم، وقد يقال: يكفي في صدق هذا الكلام ثبوت الرجم أحيانًا، والله تعالى أعلم. 2275 - قوله: "ثم طبن لها" بفتح الباء أي أفسدها أو بكسرها من الطبانة ¬

_ (¬1) في الأصل [بالأحكام].

باب من أحق بالولد

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَبَاحٍ قَالَ: زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً، فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ مِثْلِي فَسَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ مِثْلِي، فَسَمَّيْتُهُ عُبَيْدَ اللَّهِ، ثُمَّ طَبِنَ لَهَا غُلَامٌ لِأَهْلِي رُومِيٌّ، يُقَالُ لَهُ: يُوحَنَّهْ فَرَاطَنَهَا بِلِسَانِهِ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ مِنَ الوَزَغَاتِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: هَذَا لِيُوحَنَّهْ، فَرَفَعْنَا إِلَى عُثْمَانَ أَحْسَبُهُ، قَالَ مَهْدِيٌّ قَالَ: فَسَأَلَهُمَا فَاعْتَرَفَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ» وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فَجَلَدَهَا وَجَلَدَهُ وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ. بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ 2276 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا === بمعنى الفطنة، أي هجم على باطنها وهي وافقته على المراودة (يُوْحنّة) ضُبط بضم المثناة من تحت وسكون واو وفتح مهملة وتشديد نون، "فراطنها" أي كلمها كلامًا لا يفهمه غيرهما "وزغة" بفتحات دابة معروفة. بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ 2276 - قوله: "وعاء" بكسر أوله والمد وكذا الباقين أي مقرًا و"حجري"

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي». 2277 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُوعَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ سَلْمَى مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجُلَ صِدْقٍ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا فَادَّعَيَاهُ، وَقَدْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَرَطَنَتْ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ، زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ وَرَطَنَ لَهَا بِذَلِكَ، فَجَاءَ زَوْجُهَا، فَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ === بكسر المهملة وفتحها (¬1)، "والحواء" المكان الذي يحوي الشيء، أي يضمه ويجمعه "أحق به" أي مدة الحضانة. 2277 - قوله: "فادعياه" أي هي وزوجها، أي تخاصما يريد كل منهما أن يأخذ الولد، "فقال من يحاقني" بضم حرف المضارعة وتشديد القاف، أي من يخاصمني ويطلب مني الحق، "من بئر أبي عنبة" ضبط بكسر العين وفتح النون "أظهرت حاجتها" إلى الولد ولعل محمل الحديث بعد مدة الحضانة مع ظهور ¬

_ (¬1) الحجر بالفتح والكسر: الثوب والحِضْن: النهاية في غريب الحديث والأثر. ابن الأثير 1/ 342.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَهِمَا عَلَيْهِ، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي فِي وَلَدِي؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ»، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ. 2278 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمَ بِابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا آخُذُهَا أَنَا أَحَقُّ بِهَا، ابْنَةُ عَمِّي، وَعِنْدِي خَالَتُهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، ابْنَةُ عَمِّي، وَعِنْدِي ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا، فَقَالَ زَيْدٌ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، أَنَا خَرَجْتُ إِلَيْهَا، وَسَافَرْتُ وَقَدِمْتُ بِهَا، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا، قَالَ: «وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ تَكُونُ مَعَ خَالَتِهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ». 2279 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، بِهَذَا الْخَبَرِ، وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ، قَالَ: وَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ، === حاجة الأم إلى الولد واستغناء الأب عنه مع عدم إرادته إصلاح الولد والله تعالى أعلم. 2278 - قوله: "فقدم بابنة حمزة" المشهور أن عليًّا حملها من مكة إلى المدينة، وقال زيد: ابنة أخي من الرضاع وهو الموافق للرواية الآتية والله تعالى أعلم.

باب في عدة المطلقة

وَقَالَ: إِنَّ خَالَتَهَا عِنْدَهُ. 2280 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئٍ، وَهُبَيْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ تَبِعَتْنَا بِنْتُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمُّ يَا عَمُّ فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ: دُونَكِ بِنْتَ عَمِّكِ، فَحَمَلَتْهَا، فَقَصَّ الْخَبَرَ، قَالَ: وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ». بَابٌ فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ 2281 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّهَا «طُلِّقَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ طُلِّقَتْ أَسْمَاءُ بِالْعِدَّةِ لِلطَّلَاقِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ أُنْزِلَتْ فِيهَا الْعِدَّةُ لِلْمُطَلَّقَاتِ». بَابٌ فِي نَسْخِ مَا اسْتَثْنَى بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ 2282 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ === 2280 - قوله: "وقال: دونك" أي لفاطمة خذيها وقوله: "حملتها" من كلام علي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي نَسْخِ مَا اسْتَثْنَى بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ 2282 - قوله "فنسخ من ذلك" أي الكلام الثاني نسخ من الكلام الأول

باب في المراجعة

حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، وَقَالَ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4]، فَنُسِخَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49]. بَابٌ فِي الْمُرَاجَعَةِ 2283 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ، ثُمَّ رَاجَعَهَا». بَابٌ فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ 2284 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو === بعض صور المطلقات وهي صورة الإياس ووجب فيها ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء، وقوله: "وقال" أي قال ناسخًا من الأول بعض الصور أيضًا، وهي إذا ما كان الطلاق قبل الدخول فلا عدة هناك أصلًا. بَابٌ فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ 2284 - قوله: "طلقها البتة أي ثلاثا تقطع وصلة النكاح، والبت القطع

بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَتَسَخَّطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَهَا لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ تِلْكَ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى، تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، وَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي»، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»، قَالَتْ: فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ === "فتسخطته" أي ما رضيت به "من شيء" أي لازم وإنما كان الشعير من باب الإحسان، "يغشاها أصحابي" أي يدخلون عليها؛ فإنها كانت كريمة يزورها الناس ويأكلون عندها، "فإنه رجل أعمى" لا يراك في أي حال كنت "تضعين ثيابك"؛ إذ ليس هناك من تخافين نظره وهو خبر بمعنى الأمر أي ضعي ثياب الزنية ولا تلبسيها حال العدة، وليس فيه إذن لها في النظر إلى الأجنبي وإنما فيه أنها آمنة من نظر الغير إليها، "فإذا حللت" أي خرجت من العدة، "فلا يضع عصاه" أي كثير السفر، وقيل: كثير الجماع والعصا كناية عن العضو وهذا أبعد الوجوه، و "صعلوك" كعصفور أي فقير، وقوله: "لا مال له" صفة كاشفة، وفيه أن كشف الحال وقت المشورة ليس من الغيبة، و "اغتبطت" بلفظ المعلوم من الاغتباط، أي كانت النساء تغبطني لوفور حظي منه من غبطه فاغتبط، وظاهر الحديث أنه لا نفقة ولا كسوة للمطلقة ثلاثًا، ومن لا يقول به يعتذر بقول عمر: "لا ندع كتاب الله وسنة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بقول امرأة لا ندري

قَالَ: «انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ»، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ. 2285 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ، طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ فِيهِ: وَأَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَنَفَرًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً يَسِيرَةً، فَقَالَ: «لَا نَفَقَةَ لَهَا»، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَتَمُّ. 2286 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ، طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَخَبَرَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَال: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَتْ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا مَسْكَنٌ»، قَالَ فِيهِ: وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ». 2287 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَطَلَّقَنِي الْبَتَّةَ، ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، قَالَ فِيهِ: «وَلَا تُفَوِّتِينِي === أحفظت أم نسيت" (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مسلم في الطلاق (1480)، أبو داود في الطلاق (2291).

بِنَفْسِكِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، وَالْبَهِيُّ وَعَطَاءٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَاصِمٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ، كُلُّهُمْ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا. 2288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، «أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَقَةً وَلَا سُكْنَى». 2289 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَنَّ أَبَا حَفْصِ بْنَ الْمُغِيرَةِ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَتْهُ فِي خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى "، فَأَبَى مَرْوَانُ أَنْ يُصَدِّقَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا، قَالَ عُرْوَةُ: وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَاسْمُ أَبِي حَمْزَةَ دِينَارٌ وَهُوَ مَوْلَى زِيَادٍ». 2290 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ === 2290 - قوله: "أمَر" من التأمير أي جعله أميرًا "بيني وبينكم كتاب الله"

الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ، إِلَى فَاطِمَةَ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَعْنِي عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ، فَخَرَجَ مَعَهُ زَوْجُهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ، كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا، وَأَمَرَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهَا، فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا لَهَا نَفَقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا نَفَقَةَ لَكِ إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا»، وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ، فَأَذِنَ لَهَا، فَقَالَتْ: أَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ: «عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»، وَكَانَ أَعْمَى، تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ، وَلَا يُبْصِرُهَا، فَلَمْ تَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ فَرَجَعَ قَبِيصَةُ إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنَ امْرَأَةٍ، فَسَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: حِينَ بَلَغَهَا ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] حَتَّى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1]، قَالَتْ: فَأَيُّ أَمْرٍ يُحْدِثُ بَعْدَ الثَّلَاثِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَمَّا الزُّبَيْدِيُّ، فَرَوَى الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ، بِمَعْنَى مَعْمَرٍ، وَحَدِيثَ أَبِي سَلَمَة بِمَعْنَى === هذا يدل على أنها كانت فقيهة جليلة قادرة على استنباط المعاني الخفية من نصوص الكتاب التي تعجز عنها الفحول، ويدل على جلالتها رغبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها لأسامة، وأنها من المهاجرات الأول، ولعل ما روي من سوء خلقها أو طول لسانها فذلك من الأمور التي تشتهر بين الناس من غير أصل يعتمد عليه فيأخذ به

باب من أنكر ذلك على فاطمة

عُقَيْلٍ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ حَدَّثَهُ بِمَعْنًى دَلَّ عَلَى خَبَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حِينَ قَالَ: فَرَجَعَ قَبِيصَةُ، إِلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ 2291 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: أَتَتْ === بعض الناس ومعاذ الله أن تكون كذلك، ولو كانت كذلك لما رغب فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأسامة الذي هو حبُ رسول الله وابن حبه والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ 2291 - قوله: "ما كنا ندع كتاب ربنا" مذهب عمر ثبوت السكنى والنفقة جميعًا كما صرح به في مسلم والترمذي (¬1)، قيل: أما السكنى فهي مذكورة في كتاب الله، قال الله تعالى: {لا تُخْرجوهُن منْ بُيُوتِهن} (¬2) الآية، وأما النفقة فإنما هي لأولات الأحمال فحسب قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (¬3) قلت: فلعل عمر أخذ النفقة لغير الحبلى من دلالة سكنى لها وهو الموافق لاستدلال عمر بقوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} الآية على لأمرين جميعا، لكن القائلين بالمفهوم أخذوا من مفهوم {وإن كُنَّ ¬

_ (¬1) مسلم في الطلاق (1480/ 41) والترمذي في الطلاق (1180) والنسائي في الطلاق (3405)، وابن ماجه في الطلاق (2024)، (2036)، كلهم من حديث الشعبيِ عن فاطمة. (¬2) سورة الطلاق: آية (1). (¬3) سورة الطلاق: آية (6).

فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ ذَلِكَ أَمْ لَا». 2292 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَشَدَّ الْعَيْبِ - يَعْنِي حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - وَقَالَتْ: «إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ رَخَّصَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === أُوْلاتِ حَمْلٍ} أن غير الحبلى لا نفقة لها، وأما قوله "سنة نبينا" فلو ثبت من قول عمر لكان فيه حجة قوية؛ لأنه بمنزلة نقل سنة إجمالا، لكن قال الدارقطني: غير محفوظ لم يذكرها جماعة من الثقات (¬1). نعم قد يقال: إذا ذكرها بعض الثقات يكفي لتمام الحجة لقولهم: إن زيادة الثقة مقبولة وهذه زيادة صحيحة أخرجها مسلم وغيره (¬2) والله تعالى أعلم. 2292 - قوله: "يعني حديث فاطمة" أي من حيث إنها كانت تروي على وجه يفهم أن المطلقة ثلاثًا لانفقة لها ولا سكنى من غير علة، "وحش" بفتح فسكون، أي خال عن الأنيس مخيف، "على ناحيتها" أي جانبها تريد نفسها. ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني في الطلاق 40/ 27. (¬2) سبق تخريجه.

2293 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قِيلَ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ. 2294 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، فِي خُرُوجِ فَاطِمَةَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ. 2295 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُمَا يَذْكُرَانِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ الْبَتَّةَ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَقَالَتْ لَهُ: «اتَّقِ اللَّهَ، وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا»، فَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ -: === 2293 - قوله: "لا خير لها" فإنها تذكره على وجه يوقع (¬1) الناس في الخطأ. 2294 - قوله: "ذلك" أي انتقالها من سكنى الزوج من سوء خلقها فكانت تؤذي فأمرت بالخروج. 2295 - قوله: "فانتقلها" أي نقلها، "لا يضرك ألا تذكر" أي في معرض الاحتجاج؛ لأن الخروج كان هناك لعلة "إِن كان بك الشر" أي إن كان في علمك ¬

_ (¬1) في الأصل [يقع].

باب في المبتوتة تخرج بالنهار

إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي، وَقَالَ مَرْوَانُ - فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ -: أَوَ مَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ»، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. 2296 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طُلِّقَتْ فَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: «تِلْكَ امْرَأَةٌ فَتَنَتِ النَّاسَ، إِنَّهَا كَانَتْ لَسِنَةً، فَوُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى». بَابٌ فِي الْمَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ 2297 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا، فَخَرَجَتْ تَجُدُّ === الشر في قضية فاطمة كان ذلك الشر سبيًا لانتقالها عن منزل الزوج. 2296 - قوله: "فتنت الناس" أي يذكر هذا الحديث على وجه أوقع الناس في الخطأ، "إنها كانت لسنة" بفتح لام وكسر سين أي كانت تأخذ الناس وتجرحهم بلسانها "فوضعت" أي فأخرجت من بيت زوجها وجعلت كالوديعة عند ابن أم مكتوم. بَابٌ فِي الْمَبْتُوتَةِ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ 2297 - قوله: "تجد" بضم الجيم وتشديد الدال أي تقطع ثمرتها، "أو

باب نسخ متاع المتوفى عنها زوجها بما فرض لها من الميراث

نَخْلًا لَهَا، فَلَقِيَهَا رَجُلٌ، فَنَهَاهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: «اخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَكِ، لَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا». بَابُ نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِمَا فَرَضَ لَهَا مِنَ الْمِيرَاثِ 2298 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240]، «فَنُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ بِمَا فَرَضَ لَهُنَّ مِنَ الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ، وَنُسِخَ أَجَلُ الْحَوْلِ بِأَنْ جُعِلَ أَجَلُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». بَابُ إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا 2299 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ، قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ، فَدَعَتْ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: === تفعلي" قيل: للشك أو التنويع بأن يراد بالتصدق الفرض وبالمعروف التطوع. باب إحداد المتوفى عنها زوجها الإحداد: ترك الزينة للعدة. 2299 - قوله: "خلوق" بفتح الخاء المعجمة آخره قاف طيب مخلوط، وجره

وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَالَتْ زَيْنَبُ: وَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا». قَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنَكْحَلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا»، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ، يَقُولُ: «لَا»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ === على الوصف أو على الإضافة، "فدهنت" بدال مهملة، "جارية" بالنصب كأنها فعلت ذلك لتقليل ما في يديها، والمراد: "بعارضيها" بنواصيها، "أن تحد" من الإحداد وهو المشهور، وقيل: جاء حد من باب نصر، ثم مقتضى الحديث ألا تترك الزينة والطيب فوق ثلاث ليال لقصد الإحداد، ولا يلزم منه أن يستعمل الطيب والزينة بعد ثلاث ليال، فكأن مراد الأزواج المطهرات من استعمال الطيب البعد عن شبهة الإحداد ظاهرًا؛ لأن (¬1) الحديث يقتضي الطيب أو الزينة والله ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل ولعل الصواب [لا أن الحديث يقتضي استعمال الطيب أو الزينة] وذلك ليتناسب مع كلام المؤلف السابق.

الْحَوْلِ»، قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: «كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلَا شَيْئًا، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعْرَةً فَتَرْمِي === تعالى أعلم. ونصب"أربعة أشهر وعشرًا"، وقوله: "وقد اشتكت عينها" بالرفع أو النصب، وعلى الثاني فاعل اشتكت ضمير البنت، "أفتكحلها" بالنون والتاء من باب منع ونصر "مرتين أو ثلاثًا"، المتبادر إلى الفهم أنه متعلق بـ "قال" فيكون قوله: "كل ذلك يقول: لا" تأكيدًا له ويحتمل أن يتعلق بـ"قالت" فيكون ذلك القول تأسيسًا، وكل ذلك بالنصب أي في كل مرة من تلك، المرات "إنما هي" أي العدة {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} بنصب الجزئين على حكاية لفظ القرآن، وقيل: برفع الأول على الأصل وجاء برفعهما على الأصل، قوله: "بالبعرة" بفتح الباء وسكون العين أو فتحها، "حفشًا" بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء: البيت الصغير الضيق (¬1) فتفتض" بتشديد الضاد المعجمة فسره مالك بقوله: "تمسح" (¬2) أي وقد جاء الإسلام على خلاف ما عليه الجاهلية في التخفيف، قال الخطابي: هو من فضضت الشيء إذا كسرته أو فرقته (¬3)، والمراد أنها تكسر ما كانت فيه من عدة الزوج بالدابة، ومعنى رميها بالبعرة أي كأنها تقول: كان جلوسها في البيت ¬

_ (¬1) النهاية لابن الأثير: 1/ 407. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي: 11510. (¬3) معالم السنن: 3/ 286.

باب في المتوفى عنها تنتقل

بِهَا، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الْحِفْشُ: بَيْتٌ صَغِيرٌ. بَابٌ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ 2300 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ، عَنْ عَمَّتِهِ زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عَجْرَةَ، أَنَّ الْفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، فَإِنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِطَرَفِ الْقَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنِّي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ، وَلَا نَفَقَةٍ؟ قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، دَعَانِي، أَوْ أَمَرَ بِي، فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ قُلْتِ؟ »، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ === وحبسها نفسها سنة كالرمية بالبعرة في جنب ما كان يجب عيها عن حق الزوج. بَابٌ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتَقِلُ 2300 - قوله: "الفريعة" بضم الفاء وفتح الراء، "في بني خدرة" بضم الخاء المعجمة وسكون الدال (¬1)، "أعبد" بضم الباء جمع عبد، "القدوم" بفتح القاف ¬

_ (¬1) بني خدرة: بطن من الخزرج من الأد من القحطانية. وهم بنو خدرة بن عوف بن الحارث -الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو من بقياء. معجم قبائل العرب القديمة والحديثة- عمر رضا كحالة: 1/ 333.

باب من رأى التحول

الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَتْ: فَقَالَ: «امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ»، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ، وَقَضَى بِهِ. بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ 2301 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: غَيْرَ إِخْرَاجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: إِنْ شَاءَتْ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ، وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ}، قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ، فَنَسَخَ السُّكْنَى تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ. === وتخفيف الدال وتشديدها موضع على ستة أميال من المدينة حتى يبلغ الكتاب أجله، أي تنتهي العدة المكتوبة ويبلغ آخرها والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ 2301 - "نسخت هذه الآية" إلخ ما سبق من النسخ قوله تعالى: {وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (¬1)، والحول هو نسخ للمدة، والنسخ المذكور هاهنا هو نسخ المكان، فلا يرد أنه قد سبق أنها منسوخة فكيف تجعل ناسخة بجواز كونها منسوخة من جهة ناسخة من أخرى. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (234).

باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها

بَابٌ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا 2302 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهِسْتَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ، عَنْ هِشَامٍ - وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْجَرَّاحِ - عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إِلَّا أَدْنَى طُهْرَتِهَا إِذَا طَهُرَتْ مِنْ مَحِيضِهَا بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ، أَوْ أَظْفَارٍ» - قَالَ يَعْقُوبُ: - «مَكَانَ عَصْبٍ إِلَّا مَغْسُولًا» - وَزَادَ يَعْقُوبُ: - «وَلَا تَخْتَضِبُ». === بَابٌ فِيمَا تَجْتَنِبُهُ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا 2302 - "إلا ثوب عصب" بفتح عين وسكون صاد مهملتين هو برود يمنية يعصب غزلها أي يربط ثم يصبغ وينسج فيأتي مخططًا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ، يقال: برد عصب؛ بالإضافة والتنوين، وقيل: برود مخططة، قيل: على الأول، فيكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسخ. قلت: والأقرب أن النهي عما صبغ كله؛ فإن الإضافة إلى العصب يقتضي ذلك فإن عمله منع الكل عن الصبغ فتأمل والله تعالى أعلم، "إِلا أدنى طهرتها" أي عند طهرتها، وقيل: أي أول طهرتها فيكون أدنى بمعنى أول، "بنذة" بضم النون وسكون الباء الموحدة وذال معجمة هو القليل من الشيء، و "قسط" بفم القاف وسكون السين، قال النووي: القسط والأظفار نوعان معروفان من البخور رخص فيهما لإزالة الرائحة الكريهة لا للتطيب (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي: 10/ 119.

2303 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِي تَمَامِ حَدِيثِهِمَا. قَالَ الْمِسْمَعِيُّ: قَالَ يَزِيدُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ فِيهِ: «وَلَا تَخْتَضِبُ»، وَزَادَ فِيهِ هَارُونُ، «وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ». 2304 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِي بُدَيْلٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ». === 2304 - "المعصفر" أي المصبوغ بالعصفر، و"الممشقة" على لفظ اسم مفعول من التفعيل المصبوغ بطين أحمر يسمى مشقًا بكسر الميم والتأنيث باعتبار موصوفها الثياب. "بالجلاء" بالكسر والمد الإثمد، وقيل: بالفتح والمد والقصر ضرب من الكحل، "صبرًا" بفتح فكسر أو سكون وقد تكسر الصاد عصارة شجر- مُر، "إنه يشب الوجه"بضم الشين المعجمة من شب النار أوقدها فتلألات ضياء ونورًا أي يلونه ويحسنه، "وتنزعينه بالنهار" بحذف نونه تخفيف وهو خبر بمعنى الأمر، "تغلفين به رأسك"من التغليف، أي تغطين وتجعلينه كالغلاف لرأسك والمراد: تكثرين منه على شعرك.

باب في عدة الحامل

2305 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ الضَّحَّاكِ، يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ أَسِيدٍ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ زَوْجَهَا، تُوُفِّيَ وَكَانَتْ تَشْتَكِي عَيْنَيْهَا فَتَكْتَحِلُ بِالْجِلَاءِ، - قَالَ أَحْمَدُ: الصَّوَابُ بِكُحْلِ الْجِلَاءِ - فَأَرْسَلَتْ مَوْلَاةً لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجِلَاءِ؟ ، فَقَالَتْ: لَا تَكْتَحِلِي بِهِ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ، فَتَكْتَحِلِينَ بِاللَّيْلِ، وَتَمْسَحِينَهُ بِالنَّهَارِ، ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِي صَبْرًا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ » فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، قَالَ: «إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ، وَتَنْزَعِينَهُ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ وَلَا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خِضَابٌ»، قَالَتْ: قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ». بَابٌ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ 2306 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، كَتَبَ === بَابٌ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ 2306 - "سبيعة" بضم السين المهملة وفتح الموحدة وإسكان التحتية (¬1)، ¬

_ (¬1) سبيعة بنت الحارث الأسلمية، زوج سعد بن خولة، لها صحبة، : حديث في عدة المتوفى عنها زوجها، ويقال: إنها هي سبيعة التي روى عنها ابن عمر حديثًا في فضل المدينة وفرق بينهما العقيلي تقريب التهذيب 2/ 601.

إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ، يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا، عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَمَّا قَالَ لَهَا: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَهُوَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْتَجِينَ النِّكَاحَ؟ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي بِأَنِّي «قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ، إِنْ بَدَا لِي»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ». === "فلم تنشب" بفتح أوله وثالثه أي فلم يتأخر وضعها الحمل عن موت الزوج، "تعلّت" بتشديد اللام من تعلى إذا ارتفع أو برأ أي إذا ارتفعت وطهرت أو خرجت من نفاسها وسلمت "بأني قد حللت" بضم التاء للمتكلم أو كسرها الخطاب و "حين وضعتُ" بالضم لا غير وهو متعلق بأفتاني على تقدير الخطاب وبحللت على تقدير المتكلم.

باب في عدة أم الولد

2307 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرًا». بَابٌ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ 2308 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ ح، وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «لَا تُلَبِّسُوا عَلَيْنَا سُنَّةً»، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: «سُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ === 2307 - "من شاء لاعنته" أي من يخالفني، فإن شاء فليجتمع معي حتى نلعن (¬1) المخالف للحق، وهذا كناية عن قطعه وجزمه بما يقول من غير وهو بخلافه، "لأنزلت" إلخ يريد أن قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} (¬2) بعد {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (¬3) فالعمل على المتأخرة لأنها ناسخة للمتقدمة. بَابٌ فِي عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ 2308 - "لا تلبسوا" بفتح حرف المضارعة وكسر الباء المخففة أي لا ¬

_ (¬1) بالأصل [تلعن]. (¬2) سورة الطلاق: آية (4). (¬3) سورة البقرة: آية (234).

باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجا غيره

وَعَشْرٌ يَعْنِي أُمَّ الْوَلَدِ». بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ 2309 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ - يَعْنِي ثَلَاثًا - فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَهَا أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ؟ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى تَذُوقَ عُسَيْلَةَ الْآخَرِ، وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا». بَابٌ فِي تَعْظِيمِ الزِّنَا 2310 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، قَالَ: فَقُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ»، قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === تخلطوا، ويجوز التشديد وظاهره أن عنده سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال. بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ 2309 - "عسيلة الآخر، تصغير العسل، والتاء لأن العسل يذكر ويؤنث، وقيل: على إرادة اللذة والمراد: لذة الجماع لا لذة إنزال الماء، فإن التصغير يقتضي الاكتفاء بالقليل فيكتفي بلذة الجماع.

باب في تعظيم الزنا

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ. 2311 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: " جَاءَتْ مِسْكِينَةٌ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدِي يُكْرِهُنِي عَلَى الْبِغَاءِ فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ ": {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33]. 2312 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، {وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ «غَفُورٌ لَهُنَّ الْمُكْرَهَاتِ». "آخر كتاب الطلاق" * * * === باب في تعظيم الزنا 2311 - " مسكينة" بضم ميم وفتح سين ثم ياء التصغير. * * *

8 - كتاب الصوم

كِتَاب الصَّوْمِ بَابُ مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ 2313 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، " فَكَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّوُا الْعَتَمَةَ حَرُمَ عَلَيْهِمُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالنِّسَاءُ، وَصَامُوا إِلَى الْقَابِلَةِ، فَاخْتَانَ رَجُلٌ نَفْسَهُ، فَجَامَعَ امْرَأَتَهُ، === كِتَاب الصَّوْمِ بَابُ مَبْدَإِ فَرْضِ الصِّيَامِ مبدأ فرض الصيام كأن مراده بالصيام الصيام المعهود من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وبمبدأ افتراضه سبب كونه فرض على هذا الوجه وبه توافق الترجمة حديثي الباب والله تعالى أعلم. 2313 - " فكان الناس" إلخ، مقتضى الفاء أن مفاد الآية تحريم الطعام والشراب والجماع من صلاة العشاء، ولعل وجهه أن قوله تعالى: {كمَا كتب عَلى الذين مِن قَبْلِكُم} (¬1) معناه على الوجه الذي كتب عيهم وعلى وفق صيامهم، وكان صيامهم كذلك، فصارت الآية مفيدة تحريم الأكل وغيره من صلاة العشاء مثلًا، وإليه يشير ما نقل عن السدي أنه كتب عليهم ألا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا بعد النوم وكتب على المسلمين أولًا مثل ذلك حتى أقبل رجل ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (183).

وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَلَمْ يُفْطِرْ، فَأَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ يُسْرًا لِمَنْ بَقِيَ وَرُخْصَةً وَمَنْفَعَةً، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187] الْآيَةَ، وَكَانَ هَذَا مِمَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ وَرَخَّصَ لَهُمْ وَيَسَّرَ. 2314 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: " كَانَ الرَّجُلُ إِذَا صَامَ، فَنَامَ لَمْ يَأْكُلْ إِلَى مِثْلِهَا، وَإِنَّ صِرْمَةَ بْنَ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّ أَتَى امْرَأَتَهُ، وَكَانَ صَائِمًا، === من الأنصار فذكر القصة (¬1). قلت حديث "فضل (¬2) ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" أو نحوه يفيد ذلك أيضًا (¬3) والله تعالى أعلم، "فاختان" أي خان نفسه بتنقيص أجرها "ولم يفطر" أي ومضى على صومه فنام. 2314 - قوله: "فنام" أي في ليلة الصيام، قوله: "لم يأكل" إلى مثلها أي إلى الليلة الأخرى، ولا يخفي أن هذا الحديث يفيد أن المنع مقيد بالنوم وما سبق من حديث أبن عباس يفيد أن المنع مقيد بصلاة العشاء، وقد يقال: لا منافاة بينهما فيجوز تقييد المنع بكل منهما فأيهما تحقق أولًا تحقق المنع، وقيل: يحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء في حديث أبن عباس لكون ما بعدها مظنة النوم غالبًا، والتقييد في الحقيقة بالنوم، (وإن صرمة بن قيس) بكسر الصاد وسكون ¬

_ (¬1) تفسير السدي الكبير. جمع وتوثيق ودراسة د. محمد عطا يوسف ص 139، 141 ط. دار الوفاء. (¬2) هكذا بالأصل، ولعلها [فصل] بالصاد المهملة. (¬3) أبو داود في سننه في الصيام (2343).

باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية}

فَقَالَ: عِنْدَكِ شَيْءٌ، قَالَتْ: لَا، لَعَلِّي أَذْهَبُ فَأَطْلُبُ لَكَ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ وَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ فَلَمْ يَنْتَصِفِ النَّهَارُ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَعْمَلُ يَوْمَهُ فِي أَرْضِهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ ": {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] قَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. بَابُ نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} 2315 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو === الراء (¬1) وفي رواية البخاري (قيس بن صرمة) فقال بعص: الصواب ما في الكتاب، وفي رواية الصحيح قلب (¬2) "فقال عندك شيء" على تقدير حرف الاستفهام، "خيبة" أي وما ذلك ونصبه على أنه مصدر لفعل مقدر، "فلم ينتصف النهار" أي فمضى على صومه فلم يبلغ النهار إلى النصف حتى غشي عليه "وكان يعمل يومه" بالنصب أي تمام النهار، ثم التحقيق أن الآية بتمامها نزلت في السببين جميعًا فلا تعارض بين الحديثين، لكنه تعالى قدم ذكر الجماع لمعنى ما، فتقديم المصنف بسببية الجماع أوفق بالقرآن، وقيل: تقديم الجماع في القرآن لأجل أن فاعله كان عمر فقدم ما يتعلق بفعله تشريفًا له والله تعالى أعلم. بَابُ نَسْخِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} 2315 - قوله: "لما نزلت هذه الآية" إلخ سببها أنه شق عليهم رمضان ¬

_ (¬1) صرمة بن قيس الأنصاري: ذكره بن هشام وابن قانع في الصحابة. وقد قيل: فيه أنه أبو قيس بن صرمة. فمن قال فيه قيس بن صرمة قلبه وإنما اسمه صرمة. الإصابة: 2/ 183، 184. (¬2) البخاري في الصيام (1915).

بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، «كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ فَعَلَ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا». 2316 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرَمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، «فَكَانَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَدِيَ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ افْتَدَى وَتَمَّ لَهُ صَوْمُهُ»، فَقَالَ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184]، === فرخص لهم في الإفطار مع القدرة على الصوم، فكان يصوم بعض ويفتدي بعض حتى نزل قوله تعالى: {فَمن شهدَ منكُمُ الشهْرَ فَليصمْهُ} (¬1) وهذه الآية هي المرادة بقوله: "حتى نزلت الآية التي بعدها"، وقيل: الناسخة قوله تعالى: {وأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} (¬2) وفيه أنه يدل على أن الصوم خير من الافتداء فهذا يدل على جواز الافتداء، فلا يصلح أن يكون ناسخًا له، بل هو من جملة المنسوخ والله تعالى أعلم. "وتم له صومه" أي أجرًا، وإلا فهو مفطر، وقوله: "فقال: (فمن تطوع) " إلخ أي رغب الله تعالى إياهم في الصوم أولًا وندبهم إليه بقوله: {وأَن تصُومُوا خير لكُمْ} ليعتادوا الصوم، فحين اعتادوا ذلك أوجب عليهم، ولم يرد أن قوله: {وَأَن تصُومُوا} ناسخ للفدية من أصلها فلعل من قال أنه ناسخ للفدية أراد هذا القدر والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (185). (¬2) سورة البقرة: آية (184).

باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى

وَقَالَ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى 2317 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّ عِكْرِمَةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ». 2318 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، قَالَ: «كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا، وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ سْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا». === بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى 2317 - "أثبتت للحبلى" أي أثبتت آية: {وَعَلي الذينَ يطيقُونهُ فدْيَة} (¬1) لهما ونسخت في الباقي فالنسخ الباقي أراد به نسخ العموم، والحاصل أن من يطيق الصوم لكن له عذر يناسب الإفطار أو عليه فيه زيادة تعب كالشيخ الكبير، فالآية بقيت فيه معمولة ونسخت في غيره، وعلى هذا لا حاجة في بناء هذا الإثبات إلى تقدير "لا" في قوله: {وعلى الذِينَ يُطيقُونهُ فدْية} أي لا يطيقونه كما قيل والله تعالى أعلم. 2318 - "كانت رخصة" أي بقيت رخصة. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (184).

باب الشهر يكون تسعا وعشرين

بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ 2319 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ، وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا»، وَخَنَسَ سُلَيْمَانُ أُصْبُعَهُ فِي الثَّالِثَةِ، يَعْنِي تِسْعًا === بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ 2319 - "أمية" أي منسوبة إلى الأم باعتبار البقاء على الحالة التي خرجنا عليها مع بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب، فلذلك ما كلفنا الله بحساب أهل النجوم ولا بالشهور الشمسية الخفية، بل كلفنا بالشهور القمرية الجلية لكنها مختلفة، وقوله: "الشهر هكذا" إلى آخره إشارة إلى بيان اختلافها على معنى وقد يكون الشهر ناقصًا كما يكون وافيًا وهو الأصل، ولذلك ما ذكره أي فإذن مدار أمرنا على رؤية الهلال، و"خنس" بفتح الخاء المعجمة والنون المخففة آخره مهملة أي قبض أصبعه فأخرها عن مقام أخواتها، ويحتمل أنه بحاء مهملة ثم باء موحدة، وقول المصنف: "يعني تسعًا وعشرين، وثلاثين" إشارة إلى أن المراد بهكذا إلخ، أي إنه قد يكون تسعًا وعشرين لا أنه يكون دائمًا كذلك، فيلزم منه أنه قد يكون ثلاثين فصار كان المراد إفادة مجموع الأمرين وهو أنه يكون تسعًا وعشرين أحيانًا وثلاثين أحيانًا، والأقرب أن في هذا المتنن اختصارًا وتمامه كما رواه مسلم (¬1): أنه مرة أشار ثلاثًا وقبض في المرة الثالثة ¬

_ (¬1) مسلم في الصيام (1080).

وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ. 2320 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ»، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، إِذَا كَانَ شَعْبَانُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَظَرَ لَهُ، فَإِنْ رُئِيَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُرَ، وَلَمْ يَحُلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، وَلَا قَتَرَةٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ، أَوْ قَتَرَةٌ أَصْبَحَ صَائِمًا، قَالَ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ، وَلَا يَأْخُذُ بِهَذَا الْحِسَابِ. === ومرة لم يقبض، وهذا التفسير بالنظر إلى المرتين والله تعالى أعلم. 2320 - "فلا تصوموا حتى تروه" أي الهلال ولعل المراد: النهي عن الصوم بنِية رمضان أو الصوم على اعتقاد الافتراض وإلا فلا نهي عن الصوم قبل رؤية هلال رمضان على إطلاقه، ويجوز أن يكون المراد: لا يجب عليكم الصوم حتى تروه، وقوله: "لا تفطروا" أي من غير عذر مبيح، وقوله: "حتى تروه" أي حتى يرى من يثبت برؤيته الحكم، "فإن غم" بضم وتشديد ميم، أي حال بينكم وبين الهلال غيم رقيق "فاقدروا له" بضم الدال وجوز كسرها أي قدروا له تمام العدد ثلاثين، وقد جاء به الرواية فلا التفات إلى تفسير آخر، نعم فعل ابن عمر الآتي يقتضي أن معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب نظرًا له على بناء المفعول، أي الناس كانوا ينظرون الهلال لأجل أمره بذلك، "ولم يحل" من حال يحول، و"لا قترة" هي بفتحات الغبرة في الهوى الحائلة بين الإبصار ورؤية الهلال.

2321 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بَلَغَنَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ، ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ، وَإِنَّ أَحْسَنَ مَا يُقْدَرُ لَهُ أَنَّا إِذَا رَأَيْنَا هِلَالَ شَعْبَانَ لِكَذَا وَكَذَا، فَالصَّوْمُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِكَذَا وَكَذَا، إِلَّا أَنْ تَرَوُا الْهِلَالَ قَبْلَ ذَلِكَ. 2322 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَمَا صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا مَعَهُ ثَلَاثِينَ». === 3321 - قوله: "أن أحسن ما يقدر" إلى آخره أي أحسن ما يقدر له هو إكمال عده شعبان ثلاثين. 2322 - "لما صمنا" هو بفتح لام الابتداء وتخفيف ما، وكلمة ما مصدرية في الموضعين، أي صومنا تسعًا وعشرين أكثر من صومنا ثلاثين، أو موصولة والعايد محذوف أي ما صمناه، والمعنى الأشهر التي صمناها تسعًا وعشرين أكثر من الأشهر التي صمناها ثلاثين، وعلى هذا "فتنصب تسعًا وعشرين"، وكذا "ثلاثين" أما على الحالية من المفعول المقدر أو على المفعولية والضمير المقدر ظرف، صمنا فيها تسعًا وعشرين، وظرف الزمان يجوز أن تذكر معه كلمة في أولًا، فالقدر بحسب ذلك يحتمل وجهين، وقوله أكثر على الوجهين مرفوع على الخبرية، والمقصود أن الأشهر الناقصة أكثر من الوافية والله تعالى أعلم.

باب إذا أخطأ القوم الهلال

2323 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ، وَذُو الْحِجَّةِ». بَابٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ 2324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، فِي حَدِيثِ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ === 2323 - "شهرا عيد لا ينقصان"، قيل: المراد أنهما لا يوصفان بالنقص لما فيهما من العيد الذي هو يوم عظيم، وقيل: معناه أنهما غالبًا لا يجتمعان في ستة واحدة على النقص، بل إن كان أحدهما ناقصًا كان الأخر وافيًا، وهذا أكثري لا كلي فقد قيل: بوجودهما ناقصين، وقد يقال: شهرًا عيد لا ينقصان عند الله أجرًا وثوابًا، بل الأجر والثواب فيهما على الأعمال دائمًا على حدة واحد لا يتفاوت ذلك بالسنين والأعوام، مثلًا رمضان أحيانا يكون في التاء، وأحيانًا يكون في الصيف، وكذا الحج أحيانا يكون سهلًا وأحيانًا يكون صعبًا، مبينين أن الأجر في الكل سواء والله تعالى أعلم، بقى رمضان شهر عيد مع أن العيد بعده، فالجواب أن المقارنة مجوزة للإضافة والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَوْمُ الْهِلَالَ 2324 - قوله: "فطركم يوم تفطرون، وفي رواية الترمذي قبل هذا: "الصوم يوم تصومون" (¬1)، والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليست للآحاد وفيها ¬

_ (¬1) الترمذي في الصيام (697) وقال: هذا حديث حسن غريب.

باب إذا أغمي الشهر

قَالَ: «وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ، وَكُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ، وَكُلُّ جَمْعٍ مَوْقِفٌ». بَابٌ إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ 2325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ === دخل وليس لهم التفرق فيها، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة، ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلى هذا فإذا رأى أحد الهلال ورد الإمام شهادته ينبغي ألا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور، ويجب أن يتبع الجماعة في ذلك والله تعالى أعلم. وقال الخطابي: معنى الحديث أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قومًا اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر تسعًا وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماض ولا عتب عليهم، وكذا في الحج: إذا أخطأوا يوم عرفة فإنه ليس عليهم إعادة ويجزئهم أضحاهم، وهذا تخفيف من الله سبحانه وتعالى ورفق بعباده اهـ (¬1). قلت: ويلزم على رواية الترمذي أنهم إذا أخطاوا في هلال رمضان ألا يجب عليهم قضاء وهذا مشكل والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ 2325 - قوله: "يتحفظ من شعبان" أي من عدد لياليه. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 95، 96.

باب من قال: فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين

عَنْهَا تَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ». 2326 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ، ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ، أَوْ تُكْمِلُوا الْعِدَّةَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ سُفْيَانُ، وَغَيْرُهُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُسَمِّ حُذَيْفَةَ. بَابُ مَنْ قَالَ: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ 2327 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقَدِّمُوا الشَّهْرَ بِصِيَامِ يَوْمٍ، وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ، وَلَا === 2326 - "لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال" الأقرب معنى أنه من التقديم، أي لا تحكموا بالشهر قبل أوانه ولا تقدموه عن وقته بل اصبروا حتى تروا الهلال والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ قَالَ: فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ 2327 - "لا تقدموا الشهر بصيام" إلخ هو من التقدم بحذف إحدى التائين، أي لا تستقبلوه بصوم يوم أو يومين، وحمله كثير من العلماء على أن يكون بنية

باب في التقدم

تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، ثُمَّ صُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ حَالَ دُونَهُ غَمَامَةٌ، فَأَتِمُّوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ أَفْطِرُوا وَالشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، وَشُعْبَةُ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكٍ بِمَعْنَاهُ لَمْ يَقُولُوا: «ثُمَّ أَفْطِرُوا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ حَاتِمُ بْنُ مُسْلِمٍ ابْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، وَأَبُو صَغِيرَةَ زَوْجُ أُمِّهِ». بَابٌ فِي التَّقَدُّمِ 2328 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، === رمضان، أو لتكثير عدد صيامه أو لزيادة احتياطه بأمر رمضان أو على صوم يوم الشك، ولا يخفى أن قوله "ولا يومين" لا يناسب الحمل على صوم الشك؛ إذ لا يقع الشك عادة في يومين، والاستثناء بقوله: "إلا أن يكون لشيء" إلخ لا يناسب التأويلات الأول؛ إذ لازمه جواز صوم يوم أو يومين قبل رمضان لمن يعتاده بنية رمضان مثلًا، وهذا فاسد والوجه أن يحمل النهي على الدوام؛ أي لا تدوموا على التقدم، ولما فيه من إيهام لحوق هذا الصوم رمضان إلا لمن يعتاد المداومة على صوم آخر الشهر فإنه لو داوم عليه لا يتوهم في صومه اللحوق برمضان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّقَدُّمِ 2328 - "من سرر (¬1) شعبان شيئًا" إلخ بكسر السين وفتحها وحكي الضم أيضًا أي آخره وهو المراد بالسرّ بكسر فتشديد، يقال: سر الشهر وسرره لآخره ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [من شهر شعبان شيئًا].

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَسَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ شَيْئًا؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمًا»، وَقَالَ: أَحَدُهُمَا يَوْمَيْنِ. 2329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ، مِنْ كِتَابِهِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ الْمُغِيرَةِ بْنِ فَرْوَةَ، قَالَ: قَامَ مُعَاوِيَةُ فِي النَّاسِ بِدَيْرِ مِسْحَلٍ الَّذِي عَلَى بَابِ حِمْصَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْهِلَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَا مُتَقَدِّمٌ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلْيَفْعَلْهُ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَئِيُّ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ === لاستتار القمر فيه، وتفسيره بالأول والوسط غلط عند أهل اللغة (¬1)، والظاهر أن هذا الرجل كان يعتاد صوم آخر الشهر فبلغه النهي في حديث: "لا تقدموا" فترك بذلك، فأرشده - صلى الله عليه وسلم - إلى عدم الكراهة في حقه للاعتياد والله تعالى أعلم. 2329 - قوله: "صوموا الشهر وسره" يحتمل أن المراد بالشهر: رمضان وسره: أي آخره لتأكيد الاستيعاب، أو المراد بآخره: آخر شعبان وإضافته إلى رمضان للاتصال أي لآخره المتصل به، والخطاب لمن يعتاد أو لبيان الجواز والنهي للتنزيه أو غير ذلك، ويحتمل أن المراد بالشهر: كل شهر، والمراد: صوموا أول ¬

_ (¬1) لسان العرب: 4/ 357، مختار الصحاح: ص 295، المصباح المنير: ص 274 والقاموس المحيط 2/ 48. وكلهم مادة (سرر).

باب إذا رئي الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ شَيْءٌ مِنْ رَأْيِكَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ». 2330 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ، يَقُولُ: سِرُّهُ أَوَّلُهُ. 2331 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُ: سِرُّهُ أَوَّلُهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سِرُّهُ وَسَطُهُ، وَقَالُوا: آخِرُهُ. بَابٌ إِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ فِي بَلَدٍ قَبْلَ الْآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ 2332 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ ابْنَةَ الْحَارِثِ، بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، بِالشَّامِ، قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا فَاسْتَهَلَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْنَا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ === كل شهر وآخره والمقصود بيان الإباحة وأنه لا حرج في ذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا رُئِيَ الْهِلَالُ فِي بَلَدٍ قَبْلَ الْآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ 2332 - قوله: "فاستهل رمضان" على بناء الفاعل أي تبين هلاله أو المفعول أي رؤي هلاله كذا ذكر الوجهين في الصحاح (¬1)، وقوله: "هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يحتمل أن المراد به أنه أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد في حق ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: ص 697 مادة (هلل).

باب كراهية صوم يوم الشك

الشَّهْرَ، فَسَأَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ الثَّلَاثِينَ، أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَفَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ، قَالَ: لَا، «هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 2333 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي رَجُلٍ كَانَ بِمِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ، فَصَامَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، فَقَالَ: «لَا يَقْضِي ذَلِكَ الْيَوْمَ الرَّجُلُ، وَلَا أَهْلُ مِصْرِهِ، إِلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ صَامُوا يَوْمَ الْأَحَدِ فَيَقْضُونَهُ». بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ 2334 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارٍ فِي الْيَوْمِ === الإفطار، وأمرنا بأن نعتمد على رؤية أهل بلدنا ولا نعتمد على رؤية غيرهم، وإلى المعنى الثاني تميل ترجمة المصنف لكن المعنى الأول محتمل، فلا يستقيم الاستدلال؛ إذ الاحتمال يفسد الاستدلال. بَابُ كَرَاهِيَةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ 2334 - "الذي يشك فيه" أي إنه في رمضان أو من شعبان بأن يتحدث

باب فيمن يصل شعبان برمضان

الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَأَتَى بِشَاةٍ فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ عَمَّارٌ: «مَنْ صَامَ هَذَا الْيَوْمَ، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ 2335 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُقَدِّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ، وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمٌ يَصُومُهُ رَجُلٌ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ». 2336 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلَّا === الناس برؤية الهلال فيه بلا تثبت، "بشاة" أي مصلية كما في رواية الترمذي (1)، "فتنحى" أي احترز عن أكله وقال اعتذارًا عن ذلك: "إني صائم" كما في رواية الترمذي (¬1)، وحمل الحديث علماؤنا على أن يصوم بنية رمضان شكًّا أو جزمًا، وأما إذا جزم بأنه نفل فلا كراهة وبعضهم قالوا بالكراهة مطلقًا والحكم بأنه عصى تغليظ على تقدير القول بالكراهة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ 2336 - قوله: "شهرًا تامًّا" أي غير رمضان أو نفلًا، ومقتضى الأحاديث أنه ¬

_ (¬1) الترمذي في الصيام (686)، النسائي في الصيام (2188).

باب في كراهية ذلك

شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ 2337 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَدِمَ [ص: 301] عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَدِينَةَ، فَمَالَ إِلَى مَجْلِسِ الْعَلَاءِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَأَقَامَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلَا تَصُومُوا»، فَقَالَ الْعَلَاءُ: اللَّهُمَّ إِنَّ أَبِي، حَدَّثَنِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشِبْلُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَأَبُو عُمَيْسٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، لَا يُحَدِّثُ بِهِ، قُلْتُ لِأَحْمَدَ: لِمَ قَالَ؟ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ، وَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَهُ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي خِلَافُهُ، وَلَمْ يَجِئْ بِهِ غَيْرُ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ». === محمول على الغالب لا الاستيعاب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ 2337 - "فلا تصوموا" قيل: هذا النهي فيمن يريد التكثير في عدد رمضان ونحوه، وقيل: بل الحديث غير صحيح كما روي عن أحمد (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قال أبو داود: قال: أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به. في سنن البيهقي. [معرفة السنن والآثار: البيهقي: 6/ 240 (8595).

باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ 2338 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ الْجَدَلِيُّ، مِنْ جَدِيلَةَ قَيْسٍ، أَنَّ أَمِيرَ مَكَّةَ خَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْسُكَ لِلرُّؤْيَةِ، فَإِنْ لَمْ نَرَهُ، وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا»، فَسَأَلْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَارِثِ مَنْ أَمِيرُ مَكَّةَ، قَالَ: لَا أَدْرِي، ثُمَّ لَقِيَنِي بَعْدُ، فَقَالَ: هُوَ الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، ثُمَّ قَالَ الْأَمِيرُ: إِنَّ فِيكُمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنِّي، وَشَهِدَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَجُلٍ، قَالَ الْحُسَيْنُ: فَقُلْتُ لِشَيْخٍ إِلَى جَنْبِي مَنْ هَذَا الَّذِي أَوْمَأَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ؟ قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَصَدَقَ كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ مِنْهُ، فَقَالَ: «بِذَلِكَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 2339 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْمُقْرِئُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ، فَشَهِدَا === بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ 2338 - "أن ننسك" من باب نصر أي نحج، واستدل المصنف بجواز الحج بشهادة رجلين على ثبوت هلال شوال أيضًا لاشتراكهما في العيد والله تعالى أعلم. 2339 - "لأهلا الهلال" أي رأيا الهلال، والظاهر أن الحلف مما تتوقف عليه

باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان

عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّهِ لَأَهَلَّا الْهِلَالَ أَمْسِ عَشِيَّةً، «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا»، زَادَ خَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ، : «وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ». بَابٌ فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ 2340 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرَّيَّانِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَوْرٍ، ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ يَعْنِي الْجُعْفِيَّ، عَنْ زَائِدَةَ، الْمَعْنَى، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ، قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ »، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «يَا بِلَالُ، أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا». 2341 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُمْ شَكُّوا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ مَرَّةً، فَأَرَادُوا أَنْ لَا يَقُومُوا، وَلَا يَصُومُوا، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنَ الْحَرَّةِ، فَشَهِدَ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ » قَالَ: === الشهادة، وإنما هو منهما على وفق ما جرت به ألسنتهم. بَابٌ فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ 2340 - "أذن في الناس" من التأذين أو الإيذان، والمراد به مطلق النداء والإعلام.

باب في توكيد السحور

نَعَمْ، وَشَهِدَ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنْ يَقُومُوا وَأَنْ يَصُومُوا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِيَامَ أَحَدٌ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ». 2342 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمْرَقَنْدِيُّ، وَأَنَا لِحَدِيثِهِ، أَتْقَنُ قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «تَرَائِى النَّاسُ الْهِلَالَ، » فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ. بَابٌ فِي تَوْكِيدِ السُّحُورِ 2343 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ === 2342 - "تراءى الناس" هو تفاعل من الرؤية، والمعنى: طلبوا أن يروا الهلال وقبول خبر الواحد محمول على ما إذا كان بالسماء علة تمنع إبصار الهلال والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَوْكِيدِ السُّحُورِ 2343 - "إن فصل ما بين صيامنا" الفصل بمعنى الفاصل و"ما" موصولة وإضافته من إضافة الموصوف إلى الصفة، أي الفارق الذي بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر، والأكلة بضم الهمزة: اللقمة وبالفتح للمرة وإن كثر

باب من سمى السحور الغداء

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ». بَابُ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ 2344 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّحُورِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ». 2345 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ أَبُو الْمُطَرِّفِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، === المأكول كالغذاء والعشاء، قيل: والرواية في الحديث بالضم والفتح صحيح. والسحر بفتحتين آخر الليل، والأكلة بالضم لا تخلو عن إشارة إلى أنه تكفي اللقمة في حصول الفرق، قيل: فذلك لحرمة الطعام والشراب والجماع عليهم إذا ناموا كما كان علينا في بدء الإسلام، ثم نسخ فصار السحور فارقًا فلا ينبغي تركه. بَابُ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ الْغَدَاءَ 2344 - "إِلى السحور" بفتح السين ما يتسحر به من الطعام والشراب وبالضم أكله، والوجهان جائزان هاهنا وتوصيف الطعام بالبركة باعتبار ما في أكله من الأجور والثواب، والتقوية على الصوم وما يتضمنه من الذكر والدعاء في ذلك الوقت.

باب وقت السحور

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ». بَابُ وَقْتِ السُّحُورِ 2346 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، يَخْطُبُ، وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَمْنَعَنَّ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَا بَيَاضُ الْأُفْقِ الَّذِي هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ». 2347 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ === بَابُ وَقْتِ السُّحُورِ 2346 - قوله: "من سحوركم" ضم السين أقرب معنى والفتح يحتاج إلى تقدير مضاف "يستطير" أي ينتشر ضوءه في الأفق، ويعترض كأنه طار فيه. 2347 - قوله: "ليرجع قائمكم" هو من الرجع فيتعدى إلى مفعول مثل قوله تعالى: {فَإنْ رَجَّعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} (¬1) وقوله: {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} (¬2) ويجوز أن يكون من الرجوع فيكون "قائمكم" بالرفع على الفاعلية من الإرجاع، لكن الأول هو الأشهر رواية، والحاصل أن فيهم من قام ومن نام، فيحتاج القائم إلى أن يخبره أحد بقرب الفجر ليرجع إلى بعض حوائجه, وكذا النائم ليستعد ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (83). (¬2) سورة الملك: آية (3).

بِلَالٍ مِنْ سُحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ: يُنَادِي - لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ، وَيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ، وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا قَالَ مُسَدَّدٌ وَجَمَعَ يَحْيَى كَفَّيْهِ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا، وَمَدَّ يَحْيَى بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ. 2348 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَلَا يَهِيدَنَّكُمُ السَّاطِعُ الْمُصْعِدُ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الْأَحْمَرُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْيَمَامَةِ». 2349 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ === إلى صلاة؛ لأنهم كانوا يصلون بغلس، فجعل أذان بلال قبل طلوع الفجر لذلك، وفي الحديث دليل على أنَّه كان أذانًا شرعيًّا لا نداء بوجه آخر، وإلا لما كان مانعًا من السحور، وقوله: "وليس الفجر أن يقول هكذا" أي ليس الفجر الَّذي عليه مدار الصوم يحصل في وقت ظهور النور على هذا الوجه، ومن هذا التقرير انحل إشكال إعرابه فتأمل. 2348 - "ولا يهيدنكم" من الهيد وهو الزجر أي لا يمنعنكم الفجر الكاذب، "والساطع" المرتفع وسطوعه ارتفاعه "مصعدًا" قبل أن يعترض، والمراد "بالأحمر" البياض المعترض معه أوائل الحمرة وذلك أن البياض إذا تم طلوعه ظهرت أوائل الحمرة، والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل لما فيه من بياض وحمرة. 2349 - "أخذت عقالا" بكسر العين أي خيطًا، "فلم أتبين" أي فلم أميز بين

باب [في] الرجل يسمع النداء والإناء على يده

أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، الْمَعْنَى، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: 187] مِنَ الخَيْطِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: أَخَذْتُ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ، فَوَضَعْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَتَبَيَّنْ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَحِكَ فَقَالَ: «إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ طَوِيلٌ، إِنَّمَا هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ»، وَقَالَ عُثْمَانُ: «إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ 2350 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الأبيض منهما والأسود، "إن وسادك لعريض" أي إن كان وسادتك مما يمكن وضع الخيطين المذكورين في القرآن تحتهما فهر عريض؛ فإن المراد في القرآن: هو الليل والنهار ولا يمكن وضعهما تحت وسادة، إلا وأن يكون عريضًا والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ 2350 - قوله: "إذا سمع أحدكم النداء" قال الخطابي: أي نداء بلال؛ لأنه كان يؤذن بليل فقيل لهم: كلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم (¬1)، وقال البيهقي: إن صح هذا يحمل عند الجمهور على أنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال حين كان المنادي ¬

_ (¬1) معالم السنن: 4/ 106.

باب وقت فطر الصائم

وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ». بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ 2351 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامٍ الْمَعْنَى، قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ === ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر (¬1). قلت: من يتأمل في هذا الحديث وكذا حديث "كلوا واشربوا حتَّى يؤذن ابن أم مكتوم" فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر, وكذا ظاهر قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (¬2) يرى أن المدار هو تبين الفجر وهو يتأخر عن أوائل الفجر بشيء، والمؤذن لانتظاره يصادف أوائل الفجر فيجوز الشرب حينئذ إلى أن يتبين لكن هذا خلاف المشهور بين العلماء؛ فلا اعتماد عليه عندهم والله تعالى أعلم. بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ 2351 - "إذا جاء الليل من هاهنا" أي من جهة المشرق, "وذهب النهار من هاهنا" أي من جانب المغرب، "وغابت الشمس" تصريح وتحقيق للمطلوب؛ "فقد أفطر الصائم" قيل: أي دخل في وقت الفطر أي في وقت يحل له الفطر فيه؛ كأصبح الرجل إذا دخل في وقت الصبح، وقيل: معناه أنَّه صار مفطرًا ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن: 4/ 218. (¬2) سورة البقرة: آية (187).

أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَذَهَبَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا»، - زَادَ مُسَدَّدٌ - «وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». 2352 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، === حكمًا، وإن لم يأكل وقد أفتى بعض مشايخ الشافعية بعدم الطلاق لمن قال: لامرأته: إن أفطرت على حار أو بارد فأنت طالق فغربت الشمس، وقال: لأنه أفطر بالغروب كما في الحديث فقد أفطر على غير هذين، وتعقب بأن المراد بهذه العبارة عرف التعميم ومطلق الفطر، فينبغي أن يقع الطلاق، وأجيب أن عمومهما بالنسبه إلى ما يدخل الجوف من المفطرات وليس الغروب وإن حصل به الفطر الشرعي من ذلك اهـ. قلت: وعلى هذا ينبغي ألا يقع الإفطار أبدًا لا على حار ولا على بارد ولا على طعام ولا على شراب، ولا يبقى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من وجد تمرًا فليفطر عليه ومن لا فليفطر على ماء" كثير معنى، وكذا ما جاء في تعجيل الإفطار ونحوه، وكذا ينبغي ألا يتحقق الوصال أصلًا، وإن قلنا: يطلق الإفطار على الأكل والشرب سواء قلنا أنَّه يطلق مع ذلك على ما يحصل بغروب الشمس أو لا ينبغي أن يحمل كلام من قال: إن أفطرت على حار أو بارد، وعلى هذا المعنى بقرينة قوله: على حار أو بارد وضرورة أنَّه يدل على أنَّه أراد إفطارًا بالمذوقات وحينئذ يلزم أن يفتي بالطلاق إن أكل أو شرب كما أفتى غيره من الشافعية والله تعالى أعلم. 2352 - قوله: "فاجدح لنا" بهمزة وصل وسكون جيم وفتح دال مهملة ثم

باب ما يستحب من تعجيل الفطر

قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: «يَا بِلَالُ، انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا»، فَنَزَلَ فَجَدَحَ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ 2353 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، لِأَنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ». === حاء مهملة أمر من الجدح وهو الخلط، أي اخلط السويق بالماء أو اللبن بالماء للمفطر عليه، "لو أمسيت" أي أخرت الفطر حتَّى دخلت في المساء؛ أي لأصبت وقت الفطر، ويمكن أن يكون "لو" للتمني فلا جواب، وقال ذلك بناء على ظنه وأنه اشتبه عليه ضوء الشمس ببقاء نفس الشمس. بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ 2353 - "ظاهرًا" أي شعائره أو غالبًا منصورًا وعدوه مقهورًا، "ما عجل الناس" أي مدة تعجيلهم، فما ظرفية والمراد ما لم يؤخروا عن أول وقته بعد تحقق الوقت. وقوله: "لأن اليهود" إلخ تعليل لما ذكر بأن فيه مخالطة لأعداء الله، فما دام الناس يراعون مخالفة أعداء الله تعالى ينصرهم الله ويظهر دينهم والله تعالى أعلم.

باب ما يفطر عليه

2354 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَا وَمَسْرُوقٌ، فَقُلْنَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ، وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ، وَالْآخَرُ يُؤَخِّرُ الْإِفْطَارَ، وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، قَالَتْ: أَيُّهُمَا يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ، وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ؟ قُلْنَا: عَبْدُ اللَّهِ، قَالَتْ: «كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابُ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ 2355 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَمِّهَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا، فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ التَّمْرَ، فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ». 2356 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ === بَابُ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ 2355 - قوله: "فليفطر على التمر" قيل: لأنه يقوي البصر ويدفع الضعف الحاصل فيه بالصوم، وقوله: "فإن الماء طهور" أي فهو أحق ما يستعمل في الإفطار والذي هو قربة وتتميم لقربة والله تعالى أعلم. 2356 - "حسوات" جمع حسوة بفتح فسكون مرة من الحساء والحسوة

باب القول عند الإفطار

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ». بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ 2357 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَبُو مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ سَالِمٍ الْمُقَفَّعَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَيَقْطَعُ مَا زَادَ عَلَى الْكَفِّ» وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». 2358 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ، أَنَّهُ بَلَغَهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ». === بالضم الجرعة من الشراب. بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْإِفْطَارِ 2357 - قوله: "ذهب الظمأ" هو بفتحتين شدة العطش و"ابتلت العروق" أي زالت يبوسية العروق التي حصلت من غاية العطش، والمقصود أنَّه زال التعب "وثبت الأجر" وهو تسهيل للصوم على النفس وتشجيعها عليه ولتحريض الناس عليه و "إن شاء الله" إما للتبرك أو لأن المدار على القبول وهو خفي عن العبد وإنما هو في حيز الرجاء.

[باب] الفطر قبل غروب الشمس

[بَابُ] الْفِطْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ 2359 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «أَفْطَرْنَا يَوْمًا فِي رَمَضَانَ فِي غَيْمٍ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ»، قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: قُلْتُ لِهِشَامٍ: أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ، قَالَ: وَبُدٌّ مِنْ ذَلِكَ. [بَابٌ] فِي الْوِصَالِ 2360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الوِصَالِ، قَالُوا: فَإِنَّكَ === [بَابُ] الْفِطْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ 2359 - قوله: "قال: وبد من ذلك" بتقدير حرف للاستفهام للإنكار أي أريد من ذلك أي لا بد أنهم أمروا بالقضاء لكنه قال ذلك برأيه ولذلك روي معمر عنه أنَّه قال: لا أدري قضوا أم لا فرجع عن الجزم إلى الشك، لكن العلماء على القضاء والله تعالى أعلم. [بَابٌ] فِي الْوِصَالِ 2360 - قوله: "نهى عن الوصال" وصل الصيام بعضها ببعض من غير حلول إفطار بينها. قوله: "لست كهيئتكم" أي لست على حالكم "أطعم وأسقى" على بناء

[باب] الغيبة للصائم

تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى». 2361 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ مُضَرَ، حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرَ» قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ، قَالَ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنَّ لِي مُطْعِمًا يُطْعِمُنِي، وَسَاقِيًا يَسْقِينِي». [بَابُ] الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ 2362 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ === المفعول أي طعامًا لا يخل بالوصال ولا يوجب الإفطار، أو المراد: أني واصل صورة بالنظر إلى طعام الدنيا ولست بواصل حقيقة، أو المراد: أن الله تعالى خلق فيَّ من القوة والصبر ما يغني عن الطعام والشراب والله تعالى أعلم. [بَابُ] الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ 2362 - قوله: "من لم يدع" لم يترك، "قول الزور" أي الكذب "والعمل به" أي بقول الزور، قيل: يحتمل أن المراد: من لم يدع ذلك مطلقًا غير مقيد بصوم، أي من لم يترك المعاصي ماذا يصنع بطاعته، ويحتمل أن المراد: من لم يترك حالة الصوم وهو الموافق لرواية النسائي (¬1) ثم يحتمل أن المراد: شهادة الزور والحكم بها مع العلم، فالحديث لا يناسب الترجمة لا صريحًا ولا مقايسة؛ لأن الغيبة ¬

_ (¬1) النسائي في الصيام (2216).

قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، وَقَالَ أَحْمَدُ: «فَهِمْتُ إِسْنَادَهُ مِنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَأَفْهَمَنِي الْحَدِيثَ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ أُرَاهُ ابْنَ أَخِيهِ». 2363 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الصِّيَامُ جُنَّةٌ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ، أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ. === أدنى من شهادة الزور فلا يتم قياسها بها، ويحتمل مطلق الكذب، فالغيبة وإن لم تندرج في الكذب صريحا لأنها: ذكرك أخاك بما فيه مما يكرهه، لكن يمكن إلحاقها به قياسًا أو دلالة، ويمكن اندراجها حينئذ في العمل به؛ لأنها عمل بوسوسة الشيطان وتحسينه وتزيينه وهو من قول الزور فصار عملًا بقول الزور، على هذا فالعمل بقول الزور يشمل المعاصي كلها، ويحتمل أن يراد بالزور هاهنا مطلق الإثم فالأمر ظاهر، قوله: "فليس لله حاجة" إلخ كناية عن عدم القبول. 2363 - "فلا يرفث" بتثليث الفاء لا يفحش في الكلام، و"لا يجهل" أي لا يعمل بالجهل، "فإن امرؤ" إلخ أي إن خاصمه أحد قولًا أو فعلًا وتسبب لمخاصمته بأحد الوجهين، "فليقل" أي فليذكر بالقلب صومه ليرتدع به عن المقابلة بمثله أو ليقل باللسان تثبيتًا لما في التقلب وتوكيدًا، أو ليدفع خصمه بهذا الكلام ويعتذر عنده عن المقابلة بأن حاله لا يناسب المقابلة اليوم والله تعالى أعلم.

باب السواك للصائم

بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ 2364 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ»، زَادَ مُسَدَّدٌ مَا لَا أَعُدُّ، وَلَا أُحْصِي. بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ 2365 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ، وَقَالَ: «تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ»، وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ: الَّذِي حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ، وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ. 2366 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ: قَالَ === بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ 2365 - قوله: "بالعرج" بفتح فسكون قرية جامعة على أيام من المدينة، قوله: "يصب على" يدل على أن أمثاله لا يكره، فالقول بالكراهة خفي.

[باب] في الصائم يحتجم

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا». [بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ 2367 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ يَعْنِي الرَّحَبِيَّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، قَالَ شَيْبَانُ: أَخْبَرَنِي أَبُو قِلَابَةَ، أَنَّ أَبَا أَسْمَاءَ الرَّحَبِيَّ، حَدَّثَهُ، أَنَّ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2368 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ، بَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 2369 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي === [بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يَحْتَجِمُ 2367 - قوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" من لا يقول بظاهره يؤوله بأنهما تعرضا للإفطار بعروض الضعف للمحجوم ووصول شيء إلى الجوف بسن القارورة للحاجم، وقيل: هو على التغليط لهما والدعاء عليهما، وقيل: بل المراد بذلك رجلان بعينهما كانا مشتغلين بالغيبة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك على معنى ذهب أجرهما.

[باب] في الرخصة في ذلك

قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ، وَهُوَ يَحْتَجِمُ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، بِإِسْنَادِ أَيُّوبَ، مِثْلَهُ. 2370 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مَكْحُولٌ، أَنَّ شَيْخًا مِنَ الْحَيِّ قَالَ عُثْمَانُ: فِي حَدِيثِهِ مُصَدَّقٌ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ». 2371 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. [بَابٌ] فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 2372 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === [بَابٌ] فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 2372 - قوله: "احتجم وهو صائم" قد يقال: هذا الحديث لا يدل على بقاء

احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَجَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. 2373 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ». 2374 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ» فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، فَقَالَ: «إِنِّي أُوَاصِلُ إِلَى السَّحَرِ، وَرَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي». 2375 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: «مَا كُنَّا نَدَعُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ، إِلَّا كَرَاهِيَةَ الْجَهْدِ». === الصوم بعد الحجامة؛ لجواز أنَّه كان في سفر أو كان الصوم صوم تطوع يحل له فيه الإفطار فأفطر بالحجامة، بل قد جاء ما يدل على أنَّه كان في حجة الوداع وحينئذ كان في صومه أمران: التطوع والسفر والله تعالى أعلم. 2374 - قوله "نهي" أي في الصوم عن الحجامة والمواصلة؛ نهي تنزيه "إبقاء" متعلق بنهي أي شفقة عليهم.

[باب] في الصائم يحتلم نهارا في [شهر] رمضان

[بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يَحْتَلِمُ نَهَارًا فِي [شَهْرِ] رَمَضَانَ 2376 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُفْطِرُ مَنْ قَاءَ، وَلَا مَنْ احْتَلَمَ، وَلَا مَنْ احْتَجَمَ». بَابٌ فِي الْكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ لِلصَّائِمِ 2377 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ "، وَقَالَ: «لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَعْنِي حَدِيثَ الْكُحْلِ. === [بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يَحْتَلِمُ نَهَارًا فِي [شَهْرِ] رَمَضَانَ 2376 - قوله "لا يفطر من قاء" قال البيهقي هذا محمول إن ثبت على ما لو ذرعه القيء (¬1). بَابٌ فِي الْكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ لِلصَّائِمِ 2377 - قوله: "إنه أمر" أي رخص وأذن، "بالإثمد" بكسر همزة وميم حجر يكتحل به "المروح" أي المطيب بالمسك كأنه جعل له رائحة تفوح بعد أن لم تكن له رائحة "بالصبر" بفتح فكسر قيل: هو اسم نوع من الكحل، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى في الصيام: 4/ 220.

باب الصائم يستقيء عامدا

2378 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُتْبَةَ أَبِي مُعَاذٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ». 2379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا يَكْرَهُ الْكُحْلَ لِلصَّائِمِ». «وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُرَخِّصُ أَنْ يَكْتَحِلَ الصَّائِمُ بِالصَّبِرِ». بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا 2380 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ»، === بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا 2380 - "من ذرعه قيء" بالذال المعجمة أي سبقه وغلبه في الخروج قاء فأفطر، قال الترمذي: كان صلى الله تعالى عليه وسلم صائمًا متطوعًا فقاء فضعف فأفطر لذلك. هكذا روي في بعض روايات الحديث مفسرًا (¬1)، وقال البيهقي: هذا حديث مختلف في إسناده فإن صح فهو محمول على من تقيَّأ ¬

_ (¬1) الترمذي في الصيام (720) قد روي ذلك عن أبي الدرداء وثبوان وفضالة بن عبيد بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر وما قاله الترمذي بمعناه، وأضاف فقال: والعمل عند أهل العلم على وحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه. وإذا استقاء عمدًا فليقض. وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق.

باب القبلة للصائم

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَيْضًا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ مِثْلَهُ. 2381 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَعِيشَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ، حَدَّثَنِي مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، حَدَّثَهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ»، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَقُلْتُ إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَاءَ فَأَفْطَرَ»، قَالَ: صَدَقَ، وَأَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ 2382 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ === عامدا. يريد أنَّه احتاج إلى ذلك فقاء عمدًا (¬1) والله تعالى أعلم. 2381 - "أنا صببت له وضوءه" بفتح الواو: الماء، واستدل به من يقول يأن القيء ينقض الوضوء، أجيب بأنه غير لازم لجواز أنَّه توضأ لسبب آخر، أو توضأ استحبابًا أو صببه لغسل الفم واليد. بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ 2382 - "يباشره" أي يمس بشرة المرأة ببشرته كوضع الخد على الخد ونحوه، "لإربه" أكثرهم يرويه بفتحتين بمعنى الحاجة وبعضهم بكسر فسكون وهو يحتمل معنى الحاجة والعضو أي الذكر ورد تفسيره بالعضو بأنه خارج عن سنن الأدب، ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى في الصيام 4/ 220.

الْأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ». 2383 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ فِي شَهْرِ الصَّوْمِ». 2384 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ الْقُرَشِيَّ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ، وَأَنَا صَائِمَةٌ». 2385 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، ح وحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: هَشَشْتُ، فَقَبَّلْتُ === قيل: معناه أنَّه مع ذلك يأمن الإنزال والوقاع فليس لغيره ذلك، فهذا إشارة إلى علة عدم إلحاق الغيرية في ذلك، ومن يجرها للغير يجعل قولها إشارة إلى أن غيره له ذلك بالأولى، فإنه إذا كان أملك الناس لأربه ويباشر فكيف لا يباح لغيره والله تعالى أعلم. 2385 - "هششت" بكسر الشين الأولى من هش للأمر إذا فرح به واستبشر وارتاح له وخف، وكأن المراد: نظرت إلى امرأتي فقل إمساكي للنفس، "قال: فمه" قيل: كلمة تقال للكف والزجر أي فاسكت. وقيل: للاستفهام، وأصله

باب الصائم يبلع الريق

وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ، وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنَ الْمَاءِ، وَأَنْتَ صَائِمٌ»، - قَالَ عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ فِي حَدِيثِهِ - قُلْتُ: لَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، قَالَ: «فَمَهْ» بَابُ الصَّائِمِ يَبْلَعُ الرِّيقَ 2386 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ، وَيَمُصُّ لِسَانَهَا»، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: «هَذَا الْإِسْنَادُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ». [بَابُ] كَرَاهِيَتِهِ لِلشَّابِّ 2387 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ، أَخْبَرَنَا === ماذا فأبدل الألف هاء للوقف، أي إذا علمت أن المضمضة لا تفسد أي إفساد في القبلة، وهي أبعد من المضمضة والله تعالى أعلم. بَابُ الصَّائِمِ يَبْلَعُ الرِّيقَ 2386 - و"يمص لسانها" إن صح يحمل على غير حالة الصوم؛ لان قيد المعطوف عليه يلزم أن يكون قيدًا للمعطوف أو على أنَّه يخرج ذلك الريق؛ لأنه يبلعه والله تعالى أعلم. [بَابُ] كَرَاهِيَتِهِ لِلشَّابِّ 2387 - "فإذا الَّذي" إلخ فالحاصل أن المباشرة ليست منهيًّا عنها لعينها بل

[باب] فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان

إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ، «فَرَخَّصَ لَهُ»، وَأَتَاهُ آخَرُ، فَسَأَلَهُ، «فَنَهَاهُ»، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ. [بَابٌ] فِيمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ 2388 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَذْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَتَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا»، - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَذْرَمِيُّ فِي حَدِيثِهِ - فِي رَمَضَانَ مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَمَا أَقَلَّ مَنْ يَقُولُ: === للإفضاء إلى الجماع، فإن قوي خوف الإفضاء يظهر الكراهة وإلا فلا من غير احتلام، المقصود أن الجنابة كانت اختيارية لا اضطرارية ليكون نصًّا في محل الخلاف، وقالوا في الكتاب إشارة إلى ذلك؛ لأن قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} إلى قوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ} (¬1) يقتضي حل الجماع إلى طلوع الفجر، فمن كان يجامع إلى ذلك الحد فبالضرورة يصبح جنبًا، وما جاء من حديث أبي هريرة: "من أدركه الفجر جنبا فلا يصم" فلعل الجنابة فيه كناية عن الجماع على ما هو دأب القرآن والسنة في الكناية عن أمثال هذه الأشياء فلا تنافي والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (187).

[باب] فيمن أصبح جنبا في شهر رمضان

هَذِهِ الْكَلِمَةَ يَعْنِي يُصْبِحُ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا وَهُوَ صَائِمٌ. 2389 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ يَعْنِي الْقَعْنَبِيَّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، === [بَابٌ] فِيمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ 2389 - " والله إني لأرجو" ولعل استعماله الرجاء من جملة الخشية وإلا فكونه أخشى وأعلم متحقق قطعًا، وهذة الخشية خشية تعظيم وإجلال تنشأ عن معرفة المرء بعظمة الله تعالى وجلاله وغناه (¬1) واحتياج الغير إليه وافتقاره له كل حين، وهي تكون على قدر العلم والقرب. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (¬2) وما قيل: إن الخشية تنشأ عن احتمال لحوق العذاب بالخلق ولا احتمال هاهنا، فكيف تتصور خشيته؟ ففيه أنَّه لو سلم ذلك فعذاب كل شخص على قدره؛ فعذاب أهل القرب بنقصان ما فيه أشد من عذاب غيرهم والله تعالى ¬

_ (¬1) في الأصل [غنائه]. (¬2) سورة فاطر: آية (28).

[باب] كفارة من أتى أهله في رمضان

وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّبِعُ». [بَابُ] كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ 2390 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟ »، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ »، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ »، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ »، قَالَ: لَا، قَالَ: «اجْلِسْ»، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ === أعلم، "بما اتبع" (¬1) بتشديد التاء أي بما عمل أي بوظائف العبودية. [بَابُ] كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ 2390 - قوله: "وقعت على امرأتي" كناية عن الجماع؛ "فهل تجد ما تعتق رقبة" كلمة "ما" مصدرية أي هل تجد إعتاق رقية؛ أو موصولة أي هل تجد ما تعتق منه أو به رقبة، أو موصوفة، و"رقبة" بدل عنها أي هل تجد شيئًا تعتقه رقبة، وجعل "رقبة" بدلا من "ما" على تفسير كونها موصولة يستلزم إبدال نكرة من معرفة، وقد أنكره النحاة "بعرق" بفتحتين وروي سكون الراء ورده كثير، مكتل كبير يسع نحو خمسة عشر صاعًا إلى عشرين، "ما بين لابتيها" لابتي المدينة يريد الحرتين، "فضحك": أي تعجبًا من حاله؛ حيث جاء خائفًا على نفسه راغبًا في ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [أتبع] بهمزة قطع.

أَفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ، قَالَ: «فَأَطْعِمْهُ إِيَّاهُمْ»، وَقَالَ مُسَدَّدٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْيَابُهُ. 2391 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ زَادَ الزُّهْرِيُّ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنَ التَّكْفِيرِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، عَلَى مَعْنَى ابْنِ عُيَيْنَةَ زَادَ فِيهِ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ. 2392 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، قَالَ: لَا أَجِدُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ»، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحَدٌ أَحْوَجُ مِنِّي، فَضَحِكَ === فدائها ما أمكن، فلما وجد الرخصة، طمع أن يأكل الكفارة. 2391 - "خاصة"، قيل: بل الكفارة كانت دينًا على ذمته، وقوله: "استغفر الله" (¬1) يأبى ذلك، وقيل: كان هذا منسوخًا أو خاصًّا به كما قال الزهري، وكل ذلك يحتاج إلى دليل، وقيل: هو الحكم في كل محتاج والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قوله: "استغفرِ الله" في الحديث رقم "2393".

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، وَقَالَ لَهُ: كُلْهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَلَى لَفْظِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ وَقَالَ فِيهِ: «أَوْ تُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ، أَوْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». 2393 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَقَالَ فِيهِ: «كُلْهُ أَنْتَ، وَأَهْلُ بَيْتِكَ، وَصُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ». 2394 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْتَرَقْتُ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَأْنُهُ؟ »، قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي، قَالَ: «تَصَدَّقْ»، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي شَيْءٌ، وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ: «اجْلِسْ» فَجَلَسَ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا عَلَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ === 2394 - "احترقت" أي بنار الندامة والتأسف على ما وقع من المعصية؛ وقيل: أي عصيت؛ لأن العصيان سبب للاحتراق بالنيران، فأريد ذلك بعلاقة السببية، وقيل: يحتمل أنَّه خبر عن احتراقه بالنار فيما بعد؛ عبر بالماضي تنبيهًا

باب التغليظ في من أفطر عمدا

آنِفًا؟ »، فَقَامَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَلَى غَيْرِنَا؟ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَجِيَاعٌ مَا لَنَا شَيْءٌ، قَالَ: «كُلُوهُ». 2395 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَأُتِيَ بِعَرَقٍ فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا. بَابُ التَّغْلِيظِ فِي مَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا 2396 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مُطَوِّسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: عَنْ أَبِي الْمُطَوِّسِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي === على تحقق وقوعه حتَّى كأنه وقع، وهذا بعيد والله تعالى أعلم. بَابُ التَّغْلِيظِ فِي مَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا 2396 - (عن أبي المطوس) بضم الميم وفتح الطاء وتشديد الواو المفتوحة آخره سين مهملة (¬1)، "لم يقض عنه" أي لم يكف عنه ولا يكون مثلًا له من كل وجه لبقاء إثم التعمد، ولا تحصل به فضيلة صوم رمضان، ولا يلزم منه عند ¬

_ (¬1) أبو المطوس، هو يزيد، وقيل: عبد الله بن المطوس، لين الحديث من السادسة. تقريب التهذيب 2/ 473.

باب من أكل ناسيا

غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ». 2397 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ ابْنِ الْمُطَوِّسِ، قَالَ: فَلَقِيتُ ابْنَ الْمُطَوِّسِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَسُلَيْمَانَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَاخْتُلِفَ عَلَى سُفْيَانَ، وَشُعْبَةَ، عَنْهُمَا ابْنُ الْمُطَوِّسِ، وَأَبُو الْمُطَوِّسِ». بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا 2398 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَكَلْتُ وَشَرِبْتُ نَاسِيًا، وَأَنَا صَائِمٌ؟ فَقَالَ: «اللَّهُ أَطْعَمَكَ وَسَقَاكَ». === الجمهور أنَّه لا قضاء عليه والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا 2398 - "أطعمك الله وسقاك" كان المراد قطع نسبة ذلك الفعل إلى العبد بواسطة النسيان، فلا يعد فعله جناية منه على صومه مفسدًا له، وإلا فهذا القدر موجود في كل طعام وشراب يأكله الإنسان أكله عمدًا وسهوًا والله تعالى أعلم.

باب تأخير قضاء رمضان

بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ 2399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: «إِنْ كَانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ». بَابٌ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ 2400 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ === بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ 2399 - قوله: "إن كان" إن مخففة واسم كان ضمير الشأن واللام في "ليكون" مفتوحة للفرق بين المخففة والنافية، قال البخاري: زاد يحيى "نشغل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -" (¬1) أي يمنعني الشغل؛ لأنها كانت مهيئة نفسها لاستمتاعه بها في جميع أوقاتها، "إن أراد ذلك" ولا تعلم متى يريد ولا تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن مع الحاجة وهذا من الأدب، وأما شعبان فكان يصومه فتفرغ فيه لقضاء صومها، ولأنه إذا ضاق الوقت لا يجوز التأخير عنه، ولا إشكال بأنه يمكن لها القضاء في أيام القسم؛ إذ كل واحد من الأزواج الطاهرات يومها بعد ثمانية أيام فيمكن لكل واحدة أن تقضي في تلك الأيام؛ لأن القسم لم يكن واجبًا عليه، فهن يتوقعن حاجة في كل الأوقات؛ ذكره القرطبي. بَابٌ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ 2400 - "وعليه صيام" إطلاقه يشمل الفرض والنذر، وخصه أحمد بالنذر ¬

_ (¬1) البخاري في الصيام (1950).

باب الصوم في السفر

الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا فِي النَّذْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ». 2401 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «إِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ». بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ 2402 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ === كما سيجيء عن ابن عباس (¬1)، وقد أخذ بعض أهل العلم بإطلاقه منهم طاوس وقتادة والحسن والزهري وأبو ثور في رواية، وداود وهو قول الشافعي القديم قال النووي: وهو المختار (¬2) ورجحه البيهقي، وقال: لو اطلع الشافعي على جميع طرق الحديث لم يخالف إن شاء الله تعالى (¬3)، ومن لا يقوت به يدعي النسخ بأدلة غير تامة والله تعالى أعلم. بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ 2402 - قوله: "أسرد الصوم" بضم الراء وهو صيغة المتكلم أتى به نظرًا إلى ¬

_ (¬1) أبو داود في الصيام (2401) موقوفًا على ابن عباس. والبيهقي في السنن 4/ 255، 256 مسلم في الصيام (1148) وأحمد في مسنده 1/ 224. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 26. (¬3) البيهقي في السنن الكبرى: 4/ 257.

بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: «صُمْ إِنْ شِئْتَ، وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ». 2403 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ، يَذْكُرُ أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ، وَأَكْرِيهِ، وَإِنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ، وَأَنَا أَجِدُ الْقُوَّةَ، وَأَنَا شَابٌّ، وَأَجِدُ بِأَنْ أَصُومَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ أُؤَخِّرَهُ، فَيَكُونُ دَيْنًا، أَفَأَصُومُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْظَمُ لِأَجْرِي، أَوْ أُفْطِرُ؟ قَالَ: «أَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَةُ». 2404 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى === المعنى وإلا فالظاهر يسرد؛ لأنه صفة رجل وليس بخبر آخر، وإلا لم يبق في قوله: "رجل" فائدة فتأمل. 2403 - "أعالجه" أي استعمله و"أكريه" بضم الهمزة. 2404 - "حتَّى بلغ عُسفان" بضم فسكون قرية قريبة من مكة، "ثم دعا بإناء" بعد العصر كما في مسلم (¬1) ففيه دليل على جواز الفطر للمسافر بعد الشروع في الصوم، ومن يقول بخلافه فلا يخلو قوله عن إشكال، "ليريه الناس" ¬

_ (¬1) مسلم في الصيام (1113).

مَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى فِيهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ»، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «قَدْ صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ». 2405 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ بَعْضُنَا، وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ». 2406 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ قَزَعَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَهُوَ يُفْتِي النَّاسَ، وَهُمْ مُكِبُّونَ عَلَيْهِ، فَانْتَظَرْتُ خَلْوَتَهُ، فَلَمَّا خَلَا سَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ عَامَ الْفَتْحِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ، وَنَصُومُ حَتَّى بَلَغَ مَنْزِلًا مِنَ المَنَازِلِ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ === من الرؤية؛ فالناس مرفوع على الفاعلية أو من الإراة فهو منصوب والفاعل ضمير له - صلى الله عليه وسلم -. 2405 - "فلم يعب" من العيب أي لم ينكر الصائم على المفطر إفطاره دينًا ولا المفطر على الصائم صومه فهما جائزان. 2406 - "مكبون" بتشديد الباء من أكب أي مزدحمون عليه، "قد دنوتم" من الدنو وهو الأقرب، وهو ندب إلى الفطر بلا إيجاب؛ إنكم تُصبِّحون" بضم

باب اختيار الفطر

عَدُوِّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ»، فَأَصْبَحْنَا مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ، قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُصَبِّحُونَ عَدُوَّكُمْ، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا، فَكَانَتْ عَزِيمَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «ثُمَّ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَصُومُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ». بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ 2407 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَسَنٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى رَجُلًا يُظَلَّلُ عَلَيْهِ، === حرف المضارع وتشديد الباء الموحدة أي تلقونهم في الصباح وهو كناية عن شدة القرب. بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ 2407 - قوله: "يظلل عليه" بتشديد اللام الأولى على بناء المفعول أي يجعل علية شيء، يظله من الشمس لغلبة العطش وحر الضوم والزحام أي ازدحام الناس عليه، "ليس من البر" بكسر الباء، أي من الطاعة والعبادة، وظاهره أن ترك الصوم أولى ضرورة، إن الصوم مشروع فإذا خرج عن كونه طاعة فينبغي ألا يجوز ولا أقل من كون الأولى تركه، ومن يقول أن الصيام هو الأولى في السفر يستعمل الحديث في مورده، أي ليس من البر إذا بلغ الصائم هذا المبلغ من المشقة، وكأنه مبني على أن تعريف الصوم للعهد والإشارة إلى مثل صوم ذلك الصائم، نعم الأصل هو عموم اللفظ لا خصوص المورد لكن إذا أدى عموم

وَالزِّحَامُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ». 2408 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَوَادَةَ الْقُشَيْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ إِخْوَةِ بَنِي قُشَيْرٍ، قَالَ: أَغَارَتْ عَلَيْنَا خَيْلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَهَيْتُ، أَوْ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: «اجْلِسْ فَأَصِبْ مِنْ طَعَامِنَا هَذَا»، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: «اجْلِسْ أُحَدِّثْكَ عَنِ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الصِّيَامِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ شَطْرَ الصَّلَاةِ، أَوْ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ عَنِ الْمُسَافِرِ، وَعَنِ الْمُرْضِعِ، أَوِ الْحُبْلَى»، وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَهُمَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدَهُمَا، قَالَ: فَتَلَهَّفَتْ نَفْسِي أَنْ لَا أَكُونَ أَكَلْتُ مِنْ طَعَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === اللفظ إلى تعارض الأدلة يحمل على خصوص المورد كما هاهنا، وقيل: "من" في قوله: "ليس من البر" زائدة؛ والمعنى: ليس هو البر، بل قد يكون الإفطار أبر منه إذا كان في حج أو جهاد ليقوى عليه، والحاصل أن المعنى على القصر لتعريف الطرفين، وقيل: محمل الحديث على من يصوم ولا يقبل الرخص. 2408 - "أغارت علينا" الإغارة: النهب والوقوع على العدو بسرعة وعلى الفعلة، ولعل سبب إغارتهم أنهم ما علموا بمن في القرية من أهل الإسلام وزعموا أن أهل القرية كلهم كفرة، "لقد قالهما" أي ذكر المرضع والحبلى "فتلهفت" بسكون للتأنيث يريد أنَّه تحسر على ما فاته من (¬1) الكل. ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل ولعلها [الأكل]. والمعنى الَّذي ذكره المؤلف غير صحيح، فالتلهف حدث في نفسه من مجرد تصوره أنَّه لم يأكل وقتذاك وأن هذا الشرف العظيم كان يمكن أن يفوته.

باب من اختار الصيام

بَابُ مَنِ اخْتَارَ الصِّيَامَ 2409 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ كَفَّهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، مَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ». 2410 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ح وحَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ سِنَانَ بْنَ === بَابُ مَنِ اخْتَارَ الصِّيَامَ 2409 - "إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصوم النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر مع ذلك الحر دليل على أنَّه الأفضل. 2410 - "من كانت له حمولة" قيل: بضم الحاء الأحمال أي من كان صاحب أحمال يسافر بها، والأقرب الفتح بمعنى المركوب و"الشبع" بكسر ففتح محدر وبسكون اسم ما يشبع، ومعنى "تأوي (¬1) إلى شبع" أي إلى مقام يشبع فيه، والجملة حال إن كان "يأوي" بالياء التحتية، وصفة حمولة إن كان بالفوقية، وهو كناية عن قصر السفر بحيث يبلغ إلى المنزل أو وجود زاد معه وهو أقرب، والمعنى على الأول: من كان راكبًا في سفر قصير فلا يضطر، وعلى الثاني: من ¬

_ (¬1) الترمذي في الصوم (799، 800).

باب متى يفطر المسافر إذا خرج

سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ الْهُذَلِيِّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ حَمُولَةٌ تَأْوِي إِلَى شِبَعٍ، فَلْيَصُمْ رَمَضَانَ حَيْثُ أَدْرَكَهُ». 2411 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ فِي السَّفَرِ» فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. بَابُ مَتَى يُفْطِرُ الْمُسَافِرُ إِذَا خَرَجَ 2412 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ح وحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، الْمَعْنَى حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي === لا تلحقه المشقة في سفره لركوبه وزاده فالأولى له الصوم. بَابُ مَتَى يُفْطِرُ الْمُسَافِرُ إِذَا خَرَجَ 2412 - قوله: "من الفسطاط" بضم فاء وكسرها فسكون سين: المدينة التي فيها مجمع الناس، ويقال: المصر والبصرة الفسطاط والجار والمجرور صفة "سفينة" أي خرجت من الفسطاط، "فرفع" أي وفع ما يرفع في السفينة لتمشي "ثم قرب" بتشديد الراء على بناء المفعول، "والغدا" اسم لطعام يؤكل أول النهار أي قرب إليه الطعام، وهذا الحديث يدل على أن المسافر يحل له الفطر بمجرد الخروج، وقد جاء ما هو أوسع من ذلك، فروى الترمذي عن كعب أنَّه قال: "أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرًا وقد رحلت له راحلته ولبس

باب [قدر] مسيرة ما يفطر فيه

أَيُّوبَ، وَزَادَ جَعْفَرٌ، وَاللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ كُلَيْبَ بْنَ ذُهْلٍ الْحَضْرَمِيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُبَيْدٍ، قَالَ: جَعْفَرٌ ابْنُ جَبْرٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنَ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَرُفِعَ ثُمَّ قُرِّبَ غَدَاهُ، قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَلَمْ يُجَاوِزِ الْبُيُوتَ حَتَّى دَعَا بِالسُّفْرَةِ، قَالَ: اقْتَرِبْ قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ، قَالَ أَبُو بَصْرَةَ «أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ جَعْفَرٌ فِي حَدِيثِهِ: فَأَكَلَ. بَابُ [قَدْرِ] مَسِيرَةِ مَا يُفْطَرُ فِيهِ 2413 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ مَنْصُورٍ الْكَلْبِيِّ، أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ مَرَّةً إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ، مِنَ الْفُسْطَاطِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ === ثياب السفر فدعا بطعام فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة. ثم ركب" قال الترمذي هذا حديث حسن (¬1) وزاد في التنقيح: "وقد تقارب غروب الشمس"، وقد أخذ بهذا الحديث إسحاق والجمهور على خلافه، وبالجملة فمذهب عن قال: لا يجوز للمسافر أن يفطر بعد أن شرع في الصوم مشكل جدًّا والأحاديث والآثار تدل على خلافه ولعله يستدل على مذهبه بقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالكُمْ} (¬2) ولا يخلو عن نظر والله تعالى أعلم. بَابُ [قَدْرِ] مَسِيرَةِ مَا يُفْطَرُ فِيهِ 2413 - "ثم إنه أفطر" ولعله حمل السفر المرخص للإفطار على إطلاقه والله ¬

_ (¬1) الترمذي في الصوم. (¬2) سورة محمد: آية (33).

باب من يقول: صمت رمضان كله

أَمْيَالٍ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ، وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ، قَالَ: «وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَرَاهُ، إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عَنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ»، يَقُولُ: ذَلِكَ لِلَّذِينَ صَامُوا، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «اللَّهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ». 2414 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْغَابَةِ فَلَا يُفْطِرُ وَلَا يَقْصِرُ». بَابُ مَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ 2415 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنِّي صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَقُمْتُهُ كُلَّهُ»، فَلَا أَدْرِي أَكَرِهَ التَّزْكِيَةَ، أَوْ قَالَ: === تعالى أعلم. "عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، يحتمل أن يكون بفتح فسكون أي سنة أو بضم ففتح أي دينه. 2414 - "فلا يفطر" هذا لا يدل على أنَّه يرى عدم جواز الفطر؛ إذ يجوز أنَّه يراه جائزًا لكن الصوم أفضل عنده، نعم الجمهور على عدم الجواز والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ 2415 - قوله: "لا بد من نومة" لا يخفى أن النوم لا ينافي الصوم، فهذا التعليل يفيد منع أن يقال: صمته وقمته جميعًا لا أن يقول: صمته، ويمكن أن

باب في صوم العيدين

«لَا بُدَّ مِنْ نَوْمَةٍ أَوْ رَقْدَةٍ». بَابٌ فِي صَوْمِ الْعِيدَيْنِ 2416 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَهَذَا حَدِيثُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ، أَمَّا يَوْمُ الْأَضْحَى فَتَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ، وَأَمَّا يَوْمُ الْفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ». 2417 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ فِي سَاعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ === يكون وجه المنع أن مدار الصيام والقيام على القبول وهو مجهول والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ الْعِيدَيْنِ 2416 - "عن صيام هذين اليومين" جمع بينهما في الإشارة تغليبًا للحاضر على الغائب وكان تخصيص اليومين بالنهي؛ لأن النهي عنهما أصالة، وعن سائر أيام التشريق تبعًا "نسككم" بضمتين أي ذبائحكم. 2417 - "لبستين" بكسر اللام أي نوعين من اللبس، و"الصماء" عند كثير أن يلف الثوب ببدنه بحيث لم تبق فرجة تخرج منها اليد.

باب صيام أيام التشريق

الْعَصْرِ». بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ 2418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ، «فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا»، قَالَ مَالِكٌ: «وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ». 2419 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، وَالْإِخْبَارُ، فِي حَدِيثِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي أَنَّهُ، سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ». === بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ 1419 - "عيدنا أهل الإسلام" بالنصب على الاختصاص أو الجر على البدل ولعله قاله في حجته، والمراد بأهل الإسلام: الحاضرون هناك فلا يشكل عد يوم عرفة عيدًا أو أنَّه من أيام أكل وشرب؛ لأنه في حق الحاج كذلك، وبالجملة فيوم عرفة عيد ويوم أكل في حق الحاج لا غير، فأما أن يكون محمل الحديث ما ذكرنا أو ضمير "هي" لأيام التشريق فقط، أو المراد: إنها أيام أكل وشرب ولو في الجملة وفي حق بعض المسلمين والله تعالى أعلم.

باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ 2420 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ أَوْ بَعْدَهُ». بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ 2421 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، ح وحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ قُبَيْسٍ، مِنْ أَهْلِ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ جَمِيعًا، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ === بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ 2420 - قوله: "لا يصم أحدكم يوم الجمعة" يدل على كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم، ويعضده أحاديث كحديث جويرية الآتي وغيره، وبه قال كثير من أهل العلم وخلافه غير قوي والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ 2421 - "إلا فيما افترض عليكم" على بناء المفعول أو الفاعل وضميره لله تعالى للعلم به "لحاء عنبة" بكسر اللام وبالحاء المهملة والمد قشر الشجرة أريد قشر العنبة "فليمضغه" بضم الضاد المعجمة أو فتحها، وفي رواية ابن ماجة "فليمصه" (¬1)، قال أبو داود: هذا الحديث منسوخ (¬2) نسخه حديث جويرية، ¬

_ (¬1) ابن ماجة في الصيام (1726). (¬2) في السنن المطبوع عبارة أبي داود إلى كلمة [منسوخ] وجملة [نسخة حديث جويرية] ليست موجودة.

باب الرخصة في ذلك

خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ السُّلَمِيِّ، عَنْ أُخْتِهِ، - وَقَالَ يَزِيدُ: الصَّمَّاءِ - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِي مَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضَغْهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ». بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 2422 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وحَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، - قَالَ: حَفْصٌ الْعَتَكِيُّ - عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟ » قَالَتْ: لَا، قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ »، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «فَأَفْطِرِي». === قال الترمذي: الكراهة إذا خص الرجل بصيام يوم السبت؛ لأن اليهود يعظمون يوم السبت (¬1). قلت: وهذا أولى من دعوى النسخ وعلى هذا فمعنى: "لا تصوموا يوم السبت" أي وحده، وقوله: "إلا فيما افترض" أي بالنذر إذ افتراض يوم السبت وحده لا تظهر إلا هناك أو يحمل على من بلغ أو أسلم أو طهرت هي من الحيض أو النفاس وبقي له من رمضان يوم واحد، وذاك يوم سبت مثلًا والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في الصيام (744) وقال: هذا حديث حسن وبين معنى كراهته في هذا.

باب في صوم الدهر [تطوعا]

2423 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ» يَقُولُ ابْنُ شِهَابٍ: هَذَا حَدِيثٌ حِمْصِيٌّ. 2424 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: مَا زِلْتُ لَهُ كَاتِمًا حَتَّى رَأَيْتُهُ انْتَشَرَ يَعْنِي حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ هَذَا فِي صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَالِكٌ: «هَذَا كَذِبٌ». بَابٌ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ [تَطَوُّعًا] 2425 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَصُومُ؟ ، فَغَضِبَ === باب الرخصة في ذلك 2423 - " حديث حمصي" كأنه يريد تضعيفه، وقول مالك: هذا كذب. أصرح في ذلك وأبلغ لكن قال الترمذي: حديث حسن (¬1)، والظاهر أن سبب ما ذكروا عدم ظهور المعنى حتَّى قال بعضهم: منسوخ، وبعضهم: ضعيف والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ [تَطَوُّعًا] 2425 - "فغضب" يحتمل أنَّه ما أراد إظهار ما خفي من عبادته بنفسه فكره لذلك سؤاله، أو أنَّه خاف على السائل في أن يتكلف في الاقتداء بحيث لا يبقى ¬

_ (¬1) الترمذي في الصيام (746).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ قَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَمِنْ غَضَبِ رَسُولِهِ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَدِّدُهَا حَتَّى سَكَنَ غَضَبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ ، قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ»، قَالَ مُسَدَّدٌ: «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ»، أَوْ «مَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» - شَكَّ غَيْلَانُ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ ، قَالَ: «أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟ »، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ ، قَالَ: «ذَلِكَ صَوْمُ دَاوُدَ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَصِيَامُ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي === له الإخلاص في النية، أو أنَّه يعجز بعد ذلك، "لا صام ولا أفطر" أي ما صام لقلة أجر، وما أفطر لتحمله مشقة الجوع والعطش، وقيل: دعا عليه زجرًا له عن ذلك، وقيل: بل لا يبقى له حظ من الصوم، لكونه يصير عادة له، ولا هو مفطر حقيقة فلا حظ له من الإفطار، وقيل: النهي إنما هو إذا صام أيام الكراهة ولا نهي له بدون ذلك أو لطيق ذلك أحد كأنه كرهه؛ لأنه مما يعجز عنه في الغالب فلا يرغب فيه في دين سهل سمح. "وذلك صوم داود" أي وصوم داود أفضل الصيام وكأنه تركه لتقريره ذلك مرارًا، "وددت أني طوقت ذلك" بتشديد الواو وعلى بناء المفعول أي جعل داخلًا

بَعْدَهُ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». 2426 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. زَادَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمِ الْخَمِيسِ قَالَ فِيهِ: «وُلِدْتُ وَفِيهِ === في قدرتي وكان قادرًا ولكن خاف فوات حقوق نسائه؛ فإن إدامة الصوم تخل بحظوظهن منه، وكان يطيق أكثر منه فإنه كان يواصل، "ثلاثٌ من كل شهر"، أي يكفي ثلاث من كل شهر ورمضان مضمومًا إلى رمضان أو التقدير هي كافية، وقوله: "فهذا صيام الدهر كله" تعليل له، أي هو صيام الدهر أجرًا وجزاء؛ لأن صوم الثلاث من كل شهر تساوي تمام الشهر لقوله: {مَنْ جَاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (¬1) وفي الترمذي عن أبي ذر: أن هذه الآية نزلت تصديقًا له (¬2) - صلى الله عليه وسلم - في هذا المقام، "أحتسب" أي أطمع وأرجو في (¬3) فضله تعالى، وقيل: أعتدُّ عليه تعالى والله أعلم. 2426 - "فيه ولدت" الضمير ليوم الاثنين أي فصومه خير لي أولي ولكم اتباعًا بي أو بسبب أنَّه سبب هدايتكم وهذا الجواب يتعلق بيوم الاثنين لا بيوم الخميس، فلعله ترك بعض الرواة ما يتعلق بيوم الخميس من الجواب بسببه (¬4) ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية (160). (¬2) الترمذي في الصيام (762) وقال: حديث حسن صحيح. ابن ماجة (1708). (¬3) في الأصل [من]. (¬4) في الأصل [بسبب].

باب في صوم أشهر الحرم

أُنْزِلَ عَلَيَّ الْقُرْآنُ». 2427 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَقُولُ: لَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ، وَلَأَصُومَنَّ النَّهَارَ؟ "، قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ قُلْتُ ذَاكَ، قَالَ: «قُمْ وَنَمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَذَاكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا، وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَهُوَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ، وَهُوَ صِيَامُ دَاوُدَ»، قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ». بَابٌ فِي صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ 2428 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ === والله تعالى أعلم. 2427 - "ألم أحدَّث" على بناء المفعول والاستفهام للتقرير "لا أفضل من ذلك" ظاهره أنَّه أفضل من صوم يومين وإفطار يوم ومن صيام الدهر بلا صيام أيام الكراهة وبه قال بعض أهل العلم، وهو أشد الصيام على النفس؛ فإنه لا يعتاد الصوم ولا الإفطار فيصعب عليه كل منهما والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ 2428 - "صوم شهر الصبر" قال الخطابي: هو شهر رمضان وأصل الصبر

باب في صوم المحرم

عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيَّةِ، عَنْ أَبِيهَا، أَوْ عَمِّهَا، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُنِي، قَالَ: «وَمَنْ أَنْتَ؟ » قَالَ: أَنَا الْبَاهِلِيُّ، الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ، قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟ »، قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا إِلَّا بِلَيْلٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ "، وَقَالَ: بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا. بَابٌ فِي صَوْمِ الْمُحَرَّمِ 2429 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ === الحبس فسمي الصيام صبر بما فيه من حبس النفس عن الطعام (¬1) وغيره في النهار، "من الحرم" بضمتين أي الأشهر أي صم منها ما شئت وأشار بالأصابع الثلاثة إلى أنَّه لا يزيد على الثلاث وبعد الثلاث يترك ثلاثًا أو يومًا أو يومين، والأقرب أن الإشارة لإفادة أنَّه يصوم ثلاثًا ويترك ثلاثًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ الْمُحَرَّمِ 2429 - "شهر الله" أي صيام شهر الله، والإضافة إلى الله للتشريف، وقيل: ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 130.

باب في صوم شعبان

أَبِي بِشْرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَفْرُوضَةِ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ»، لَمْ يَقُلْ قُتَيْبَةُ: «شَهْرٌ»، قَالَ «رَمَضَانُ». 2430 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ». بَابٌ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ 2431 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَ أَحَبَّ === والمراد: يوم عاشوراء. قلت: في الترمذي عن علي مرفوعًا (¬1) ما يفيد أن المراد تمام الشهر والله تعالى أعلم. 2430 - "كان يصوم" أي من غير خصوص شهر، فرجب كسائر الشهور والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ 2431 - "أن يصومه" أي غالبه. ¬

_ (¬1) الترمذي في الصوم (741).

باب في صوم شوال

الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَهُ: شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ. بَابٌ فِي صَوْمِ شَوَّالٍ 2432 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَلْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَوْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ: «إِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، صُمْ رَمَضَانَ وَالَّذِي يَلِيهِ، وَكُلَّ أَرْبِعَاءَ وَخَمِيسٍ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ صُمْتَ الدَّهْرَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَافَقَهُ زَيْدٌ الْعُكْلِيُّ، وَخَالَفَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ». === بَابٌ فِي صَوْمِ شَوَّالٍ 2432 - "إن لأهلك عليك حقًّا" أي والصوم يضعف الإنسان فلا يقدر على أداء حق الأهل لا أنَّه لا يبقى معه وقت لأدائه؛ فإن الليل يكفي لأداء الحق، "والذي يليه" أي شعبان كما تشير إليه ترجمة المصنف، وهو الَّذي كان عادته صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصومه أو غالبه، ويحتمل أن المراد: شوال أي وستة من الَّذي يليه كما ورد أو شيئًا منه أو تمامه، "صمت الدهر" أي أجرًا والبحث بأن صوم الدهر على حساب من جاء بالحسنة يحصل بدون هذا القدر مدفوع بجواز أن المراد هاهنا: حصول أجر صوم الدهر تحقيقًا، والأمر إلى الله لا بمجرد الحساب، والذي بحساب الحسنات أنقص من الحقيقي بتسعة أعشار كما لا يخفى والله تعالى أعلم.

باب في صوم ستة أيام من شوال

بَابٌ فِي صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ 2433 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ». بَابُ كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2434 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، مَوْلَى === بَابٌ فِي صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ 2433 - "بست من شوال" أي بعد يوم العيد، وقد اختار بعضهم المتوالية وجوز بعضهم التفرق وهذا الحديث صريح في ندب صيام ست من شوال، وعامة المتأخرين من أصحابنا الحنفية أخذوا به، ولعل القائل بالكراهة يؤول هذا الحديث بأن المراد هو كصوم الدهر في الكراهة، فقد جاء: "لا صيام لمن صام الأبد" ونحوه مما يفيد كراهة صوم الدهر، لكن هذا التأويل مردود بما ورد في صوم ثلاث من كل شهر أنَّه صوم الدهر، ونحوه، والظن أن صوم الدهر تحقيقًا مكروه، وما ليس بصوم الدهر إذا ورد فيه أنَّه صوم الدهر فهو محبوب وجاء في الباب أحاديث كثيرة (¬1)، وقد جوز أبن عبد البر أن قول مالك بالكراهة لعدم بلوغ الحديث له والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مسلم في الصيام (204) وابن ماجة في الصيام (1716) والترمذي (759) وقال: حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح.

باب في صوم الاثنين والخميس

عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. 2435 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ زَادَ» كَانَ يَصُومُهُ إِلَّا قَلِيلًا بَلْ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ. بَابٌ فِي صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ 2436 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ مَوْلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، عَنْ مَوْلَى أُسَامَةَ بْنِ === بَابُ كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2435 - " بل كان يصومه كله" أي يصوم بحيث يصح أن يقال فيه أنَّه يصومه كله لغاية قلة المتروك بحيث يمكن ألا يعتد به من غاية قلته. بَابٌ فِي صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ 2436 - "تعرض يوم الاثنين" إلخ قد جاء في الصحيحين "يرفع إليه عمل الليل في عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل" (¬1) فيحتمل أنَّه يعرض ¬

_ (¬1) مسلم في الإيمان (293، 295)، وابن ماجة في المقدمة (195) وأحمد في مسنده: 4/ 395، 405.

باب في صوم العشر

زَيْدٍ، أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ أُسَامَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى فِي طَلَبِ مَالٍ لَهُ، فَكَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: لِمَ تَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَأَنْتَ شَيْخٌ كَبِيرٌ؟ ، فَقَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا قَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْحَكَم. بَابٌ فِي صَوْمِ الْعَشْرِ 2437 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ، عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ، أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: === عليه تعالى أعمال العباد كل يوم ثم يعرض أعمال الجمعة (¬1) في يوم الاثنين والخميس، ثم أعمال السنة في شعبان، ولكل عرض حكمة ويحتمل أنها تعرض كل يوم تفصيلا وفي الجمعة إجمالا وبالعكس، ورد بأن الرفع غير العرض؛ فالأعمال تجمع بعد الرفع في الأسبوع، وتعرض يوم الاثنين والخميس، والعرض على الله أو على ملك وكله على جمع الأعمال لكن في رواية النسائي (¬2) تصريح بأن العرض على رب العالمين والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَوْمِ الْعَشْرِ 2437 - "أول اثنين" هكذا في نسختنا بلا عطف، والظاهر أنَّه بتقدير ¬

_ (¬1) [أي الأسبوع]. من هامش الأصل. (¬2) النسائي في الصيام (2358).

«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ». 2438 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا === العاطف أي وأول اثنين، وقد قالوا بتقدير العاطف في قوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ} (¬1) أي وقلت، ويحتمل أنَّه بدل من ثلاثة أيام إلا أن في الرواية اختصار من بعض الرواة، أي وثاني الاثنين وسيجيء ما يؤيده في باب من قال: الاثنين والخميس. والله تعالى أعلم. 2438 - "ما من أيام" كلمة "من" زائدة لاستغراق النفي وجملة "العمل الصالح" صفة أيام والخبر محذوف أي موجودب أو خبر وهو الأوجه "من هذه الأيام" متعلقة بأحب، والمعنى على حذف المضاف أي من عمل هذه الأيام ليكون المفضل والمفضل عليه من جنس واحد، ثم المتبادر من هذا عرفًا أن كل عمل صالح إذا وقع فهو أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها، وهذا من باب تفضيل الشيء على نفسه باعتبارين وهو شايع، وأصل اللغة في مثل هذا الكلام لا تفيد الأحبية بل تكفي فيه المساواة؛ لأن نفي الأحبية يصدق مع المساواة وهذا واضح، وعلى الوجهين لا يظهر لاستبعادهم المذكور بلفظ: ولا الجهاد" وجه؛ إذ لا يستبعد أن يكون الجهاد في هذه الأيام أحب منه في غيرها أو مساويًا للجهاد ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (92).

[باب] في فطر العشر

الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». [بَابٌ] فِي فِطْرِ الْعَشْرِ 2439 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا الْعَشْرَ قَطُّ». === في غيرها، نعم لو كان المراد أن العمل الصالح في هذه الأيام مطلقًا أي عمل كان حتَّى أن أدنى الأعمال في هذه الأيام أحب من أعظم الأعمال في غيرها لكان الاستبعاد موجهًا؛ لكون ذلك مراد بعيد لفظًا ومعنى، فلعل وجه استبعادهم أن الجهاد في هذه الأيام يخل بالحج فينبغي أن يكون في غيرها أحب منه فيها وحينئذ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا رجل" أي جهاد رجل بيان لفخامة جهاده وتعظيم له بأنه قد بلغ مبلغًا لا يكاد يتفاده بشرف الزمان وعدمه والله تعالى أعلم. [بَابٌ] فِي فِطْرِ الْعَشْرِ 2439 - "صائمًا العشر" يحتمل أن المراد أنَّه ما يصومها غالبًا وإنما كان يصومها أحيانًا ذكرت النفي على العموم مبالغة في إفادة ندرة صومه ويحتمل أنَّه ما (¬1) المراد إن كان يصوم العشر وإنما كان يصوم التسع؛ لأن اليوم العاشر يوم العيد وعلى الوجهين لا يعارض هذا الحديث السابق والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) ليست بالأصل ويقتضيها المعنى.

[باب] في صوم يوم عرفة بعرفة

[بَابٌ] فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ 2440 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ، عَنْ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثَنَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ». 2441 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ، أَنَّ نَاسًا، تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ «فَشَرِبَ». بَابٌ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ 2442 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فِي === [بَابٌ] فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ 2440 - "بعرفة" فهو منهي عنه لمن يعرفة مندوب لغيرهم. 2441 - "تماروا" أي اختلفوا "فشرب" فتبين أنَّه غير صائم. بَابٌ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ 2442 - "وأمر بصيامه" ظاهره أمر إيجاب: ومن لا يقول به يقول: إنه أكد

الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةُ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ». 2443 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا نَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ». 2444 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ === ندبه ثم نسخ تأكد ندبه فبقي مندوبًا في الجملة. 2444 - "أظهر" نصره، "أولى بموسى" يدل على أنَّه قصد موافقة موسى لقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدْهِ} (¬1) لا موافقة اليهود حتَّى يقال: اللائق مخالفتهم على أنَّه كان أول الأمر يحب موافقتهم؛ لتألفهم ثم لما علم منهم أن التألف لا يفيد فيهم مال إلى مخالفتهم، وكأنه لهذا عزم في آخر الأمر على ضم اليوم الثاني إلى يوم عاشوراء تحقيقًا للمخالفة، ثم لعل الخبر بلغ مبلغ التواتر أو ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية (90).

[باب] ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. [بَابُ] مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ 2445 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: حِينَ صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَنَا بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا يَوْمَ التَّاسِعِ»، فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === علم صدقهم بأمارة أو بوحي، وإلا فاليهود كفرة وخبر الكافر مردود، ثم لعل سبب الصوم والأمر كان مجموع الأمرين من صوم موسى وما سبق من فعله - صلى الله عليه وسلم - قديمًا ووقع الاقتصار على آخرهما من بعض الرواة والله تعالى أعلم. [بَابُ] مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ 2445 - كأنه أخذه من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: "صمنا يوم التاسع" على أن معناه: صمناه فقط دون العاشر مخالفة لليهود لا صمناه مضمونًا إلى العاشر، وحينئذ ينبغي أن يكون. عاشوراء للمسلمين أي اليوم الَّذي ينبغي لهم صومه التاسع، وإن كان عاشوراء سابقًا هو العاشر لكن المشهور في معنى "صمنا التاسع" هو الضم إلى العاشر، وقد جاء في بعض الروايات صريحًا والله تعالى أعلم.

باب في فضل صومه

2446 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ غَلَّابٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي حَاجِبُ بْنُ عُمَرَ، جَمِيعًا الْمَعْنَى عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ، فَاعْدُدْ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّاسِعِ، فَأَصْبِحْ صَائِمًا، فَقُلْتُ: كَذَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ، فَقَالَ: «كَذَلِكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ». بَابٌ فِي فَضْلِ صَوْمِهِ 2447 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّ أَسْلَمَ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ وَاقْضُوهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ». === 2446 - "فقال كذلك كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصومه" لعله أراد أنَّه عزم على ذلك آخرًا وكأنه صام، الله تعالى أعلم. بَابٌ فِي فَضْلِ صَوْمِهِ 2447 - "هذا" أي عاشوراء والظن أن هذا حين كان أمره مؤكدًا قبل افتراض رمضان والله تعالى أعلم.

باب في صوم يوم، وفطر يوم

بَابٌ فِي صَوْمِ يَوْمٍ، وَفِطْرِ يَوْمٍ 2448 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَمُسَدَّدٌ، وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ أَحْمَدَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرًا قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ، سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَهُ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يُفْطِرُ يَوْمًا، وَيَصُومُ يَوْمًا». بَابٌ فِي صَوْمِ الثَّلَاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ 2449 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَخِي مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ «هُنَّ كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ». 2450 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ يَعْنِي مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ». === بَابٌ فِي صَوْمِ الثَّلَاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ 2449 - "أن نصوم البيض" أي الليالى البيض التي يكون القمر فيها من المغرب إلى الصبح، "من أي الشهر" أي من أيامه أو من أي أطرافه من الطرف الأول أو الأوسط أو الآخر.

باب من قال الاثنين والخميس

بَابُ مَنْ قَالَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ 2451 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ سَوَاءٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ، وَالِاثْنَيْنِ مِنَ الْجُمْعَةِ الْأُخْرَى». 2452 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ هُنَيْدَةَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنِ الصِّيَامِ، فَقَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلُهَا الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ». بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُبَالِي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ 2453 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَتْ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَهْرٍ كَانَ يَصُومُ، قَالَتْ: «مَا كَانَ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ». بَابُ النِّيَّةِ فِي الصِّيَامِ 2454 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ === بَابُ النِّيَّةِ فِي الصِّيَامِ 2454 - "من لم يجمع الصيام" من الإجماع أي من لم ينو، وقد رجح

باب في الرخصة في ذلك

لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ، أَيْضًا جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، مِثْلَهُ، وَوَقَفَهُ عَلَى حَفْصَةَ مَعْمَرٌ، وَالزُّبَيْدِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَيُونُسُ الْأَيْلِيُّ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ. بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 2455 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، جَمِيعًا عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ قَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ طَعَامٌ؟ »، فَإِذَا قُلْنَا: لَا، قَالَ: «إِنِّي صَائِمٌ»، زَادَ === الترمذي (¬1) وقفه، وعلى تقدير الرفع فالإطلاق غير مراد، فحمله كثير على صيام الفرض لأنه المتبادر، وبعضهم على غير المتعين شرعًا كالقضاء والكفارة والنذر الغير المعين والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ 2455 - "أدنيه" أمر من الأدنى أي قربيه وهذا يدل على جواز الفطر للصيام تطوعًا بلا عذر، وعليه كثير من محققي علمائنا الحنيفية لكنهم أوجبوا القضاء ¬

_ (¬1) الترمذي في الصوم (730).

باب من رأى عليه القضاء

وَكِيعٌ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَحَبَسْنَاهُ لَكَ، فَقَالَ: «أَدْنِيهِ»، قَالَ طَلْحَةُ: فَأَصْبَحَ صَائِمًا وَأَفْطَرَ. 2456 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ، جَاءَتْ فَاطِمَةُ، فَجَلَسَتْ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَتْ: فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ، فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ أَفْطَرْتُ، وَكُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ لَهَا: «أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟ »، قَالَتْ: لَا، قَالَ: «فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا». بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ 2457 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ زُمَيْلٍ، مَوْلَى عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُهْدِيَ لِي وَلِحَفْصَةَ طَعَامٌ، وَكُنَّا صَائِمَتَيْنِ فَأَفْطَرْنَا، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أُهْدِيَتْ لَنَا === كما يدل عليه حديث صوم يوم مكانه، وهذا الحديث وكذا حديث أم هانيء لا يدل على عدم القضاء فهذا القول أقرب دليلًا والله تعالى أعلم. 2456 - "فلا يضرك" أي الإفطار ولا يلزم منه عدم القضاء نعم قد يقال: لو كان لبين. لكن قد يقال: لعله كان معلومًا لها أو بينَ فما روي إذ عدم الرواية ليس دليلًا للعدم جزمًا، فإذا ثبت ينبغي الأخذ به.

باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

هَدِيَّةٌ، فَاشْتَهَيْنَاهَا فَأَفْطَرْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَلَيْكُمَا صُومَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ». بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا 2458 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ، إِلَّا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ». 2459 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ، يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ، قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا، قَالَ: فَقَالَ: «لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ»، وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، فَلَا أَصْبِرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: «لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا»، وَأَمَّا قَوْلُهَا: إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، === بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا 2458 - "وبعلها شاهد" أي زوجها حاضر عندها مقيم في بلدها. 2459 - "فإنها تقرأ بسورتي" أي بالسورة التي أقرؤها وفي بعض النسخ: "سورتين" بصيغة التثنية "لو كانت" أي سورتك أي سورة واحدة أي لا ثانية معها

[باب] في الصائم يدعى إلى وليمة

فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، أَوْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ. [بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَلِيمَةٍ 2460 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ»، قَالَ هِشَامٌ: " وَالصَّلَاةُ: الدُّعَاءُ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، أَيْضًا عَنْ هِشَامٍ. بَابُ مَا يَقُولُ الصَّائِمُ إِذَا دُعِيَ إِلَى الطَّعَامِ 2461 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ === أو لو كان القرآن والتأنيث لتأنيث الخبر "تنطلق" أي تستمر والله تعالى أعلم. [بَابٌ] فِي الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَلِيمَةٍ 2460 - "والصلاة الدعاء" أي أريد بالصلاة معناها لغة وهو الدعاء لا معناها شرعًا، أي فليدع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة، وقيل: فليشتغل بالصلاة الشرعية ليحصل له فضلها وليتبرك أهل المكان بها، قيل: ليصل ركعتين في ناحية البيت، وإن تأذى المضيف بترك الأكل أفطر. بَابُ مَا يَقُولُ الصَّائِمُ إِذَا دُعِيَ إِلَى الطَّعَامِ 2461 - "فليقل: إني صائم" أي لئلا يكرهوه على الأكل أو لئلا تضيق

باب الاعتكاف

أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ. بَابُ الِاعْتِكَافِ 2462 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ». 2463 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ لَيْلَةً». 2464 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، === صدورهم بامتناعه عنه، وقيل: فليقل اعتذارًا له؛ فإن سامحوه بترك حضوره أو ترك أكله دام على صومه وإلا أكل، وفيه إظهار النفل للحاجة والله تعالى أعلم. بَابُ الِاعْتِكَافِ 2462 - "كان يعتكف العشر الأواخر" أي يديم على اعتكافها أداء أو قضاء وذلك لما علم أنَّه فاتته أحيانًا لمانع، وإن حمل على الأداء فهو من باب إجراء الغالب مجرى الدوام، أو المراد يديم عليه بلا مانع على أن دلالة كان يعتكف على الدوام ممنوعة عند كثير من المحققين، فلا إشكال والله تعالى أعلم. 2464 - "صلى الفجر ثم دخل معتكفه" ظاهره أن المعتكف يشرع في

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ» قَالَتْ: وَإِنَّهُ أَرَادَ مَرَّةً أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَتْ: فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ بِبِنَائِي فَضُرِبَ، قَالَتْ: وَأَمَرَ غَيْرِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم بِبِنَائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ نَظَرَ إِلَى === الاعتكاف بعد صلاة الصبح، ومذهب الجمهور أنَّه يشرع من ليلة الحادي وعشرين، وقد أخذ بظاهر الحديث قوم، إلا أنهم حملوه على أنَّه يشرع من صبح الحادي وعشرين، فرد عليهم الجمهور بأن المعلوم أنَّه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر ويحث أصحابه عليه، وعدد العشر عدد الليالي فيدخل الليلة الأولى وإلا لا يتم هذا العدد أصلًا وأيضًا من أعظم ما يطلب بالاعتكاف إدراك ليلة القدر وهي قد تكون ليلة الحادي وعشرين كلما جاء في حديث أبي سعيد (¬1) فينبغي له أن يكون معتكفًا فيها لا أن يعتكف بعدها، وأجاب النووي عن الجمهور: بتأويل الحديث أنَّه دخل معتكفه وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح؛ لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، بل كان قبل المغرب معتكفًا لابثًا في جملة المسجد، فلما صلى الصبح انفرد اهـ (¬2)، ولا يخفى أن قولها: "كان إذا أراد أن يعتكف" يفيد أنَّه كان يدخل المعتكف حن يريد الاعتكاف لا أنَّه يدخل فيه بعد الشروع في الاعتكاف في الليل، وأيضًا المتبادر من لفظ الحديث أنَّه بيان لكيفية الشروع، ثم لازم هذا التأويل أن يقال: السنة ¬

_ (¬1) في الاعتكاف (1173) وعند المصنف في الاعتكاف (2464). (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي: 8/ 68، 69.

الْأَبْنِيَةِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ؟ » قَالَتْ: فَأَمَرَ بِبِنَائِهِ فَقُوِّضَ، وَأَمَرَ أَزْوَاجُهُ بِأَبْنِيَتِهِنَّ فَقُوِّضَتْ، ثُمَّ أَخَّرَ الِاعْتِكَافَ إِلَى الْعَشْرِ الْأُوَلِ يَعْنِي مِنْ شَوَّالٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، === للمعتكف أن يلبث أول ليلة في المسجد ولا يدخل في المعتكف، وإنما يدخل فيه من الصبح وإلا يلزم ترك العمل بالحديث وعند تركه لا حاجة إلى التأويل، والجمهور لا يقول: هذه السنة فيلزم عليهم ترك العمل بالحديث، وأجاب الضاضي أبو يعلى من الحنابلة: بحمل الحديث على أنَّه كان يفعل ذلك في العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل يوم العشر. قلت: وهذا الجواب هو الَّذي يفيده النظر في أحاديث الباب، فهو أولى بالاعتماد أحرى. باقي أنَّه يلزم منه أن يكون السنة: الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارًا باليوم الأول، ولا بعد في التزامه، وكلام الجمهور لا ينافيه؛ فإنهم ما تعرضوا له لا إثباتًا ولا نفيًا وإنما تعرضوا للدخول ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل، غاية الأمر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الأمر سنة عندهم، فلنقل به وعدم التعرض ليس دليلًا على العدم، ومثل هذا الإيراد يرد على جواب النووي مع ظهور مخالفته للحديث والله تعالى أعلم. "آلبر يردن" (¬1) بمد الهمزة مثل {آللهُ أَذِنَ لَكُمْ} (¬2) والاستفهام للإنكار، و"البر" بالنصب مفعول "يردن" أي ما أردن البرد وإنما أردن قضاء مقتضى الغيرة والله تعالى أعلم، "فأمر ببنائه" أي خبائه "فقوض" على بناء المفعول بتشديد الواو ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [تردن] بالتاء. (¬2) سورة يونس: آية (59).

باب أين يكون الاعتكاف؟

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: اعْتَكَفَ عِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ. بَابُ أَيْنَ يَكُونُ الِاعْتِكَافُ؟ 2465 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ»، قَالَ نَافِعٌ: وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ، الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ. 2466 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ كُلَّ رَمَضَانَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا». بَابُ الْمُعْتَكِفِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ لِحَاجَتِهِ 2467 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ === أي أزيل وقلع. بَابُ أَيْنَ يَكُونُ الِاعْتِكَافُ؟ 2465 - "من المسجد"، ففيه دليل على أن الاعتكاف يكون في المسجد فلذلك ذكر الحديث في الباب. بَابُ الْمُعْتَكِفِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ لِحَاجَتِهِ 2467 - "يدني" من الأدنى أي يقرب، "فأرجله" من الترجيل أي أصلحه،

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ». 2468 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يُتَابِعْ أَحَدٌ مَالِكًا عَلَى عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. 2469 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مُعْتَكِفًا فِي الْمَسْجِدِ، فَيُنَاوِلُنِي رَأْسَهُ مِنْ خَلَلِ الْحُجْرَةِ، فَأَغْسِلُ رَأْسَهُ، » وَقَالَ مُسَدَّدٌ: «فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ». 2470 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ === "البيت إلا لحاجة الإنسان" أي المعلومة المعهودة بين الناس بأنها حاجته ولا يخلو نوع الإنسان عنه من البول ونحوه. 2469 - "من خلل الحجرة" والخلل بفتحتين الفرجة بين الشيئين ولعل المراد الباب. 2470 - "ليقلبني" أي يردني إلى بيتي، "على رسلكما" أي كونا مكانكما،

[باب] المعتكف يعود المريض

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ»، قَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، فَخَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا»، أَوْ قَالَ: «شَرًّا». 2471 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا، قَالَتْ: حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلَانِ، وَسَاقَ مَعْنَاهُ. [بَابُ] الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ 2472 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - قَالَ النُّفَيْلِيُّ - قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === "سبحان الله" كأنه عظم عليهما أن يخاف عليهما اتهام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بشيء لا يليق، فأشار صلى الله تعالى عليه وسلم إلى أن إلقاء ذلك من الشيطان لا يستبعد. [بَابُ] الْمُعْتَكِفِ يَعُودُ الْمَرِيضَ 2472 - "ولا يعرج" من التعريج على الشيء بمعنى الإقامة عليه، قال

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ بِالْمَرِيضِ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَيَمُرُّ كَمَا هُوَ، وَلَا يُعَرِّجُ يَسْأَلُ عَنْهُ»، وَقَالَ ابْنُ عِيسَى: قَالَتْ: «إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ». 2473 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ: أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً، وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ، إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَا يَقُولُ فِيهِ: قَالَتْ: السُّنَّةُ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «جَعَلَهُ قَوْلَ عَائِشَةَ». 2474 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، جَعَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَيْلَةً، أَوْ يَوْمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اعْتَكِفْ وَصُمْ». 2475 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْعَنْقَزِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُدَيْلٍ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ مُعْتَكِفٌ إِذْ كَبَّرَ النَّاسُ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: سَبْيُ === الطيبي: أي يمر مرورًا مثل هيئة هو عليها فلا يعرج أي لا يميل عن الطريق إلى الجوانب "يسأل عنه" أي عن المريض والله تعالى أعلم.

باب [في] المستحاضة تعتكف

هَوَازِنَ أَعْتَقَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَتِلْكَ الْجَارِيَةُ، فَأَرْسَلَهَا مَعَهُمْ. بَابٌ [فِي] الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ 2476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَكَانَتْ تَرَى الصُّفْرَةَ وَالْحُمْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا، وَهِيَ تُصَلِّي». "آخر كتاب الصيام والاعتكاف" * * *

جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للناشر والمؤلف الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م الناشر مكتبة لينَة السعودية: تليفاكس: 0096625544877 مصر: تليفاكس: 00202453320849 جوال: 0504898542 - 0598894495 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]

فَتح الْوَدُوْد في شَرْح سُنَن أبي دَاوُد [3]

9 - كتاب الجهاد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أول كِتَاب الْجِهَادِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهِجْرَةِ [وَسُكْنَى الْبَدْوِ] 2477 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْهِجْرَةِ؟ ، فَقَالَ: «وَيْحَكَ إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَهَلْ تُؤَدِّي صَدَقَتَهَا؟ » === أول كِتَاب الْجِهَادِ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْهِجْرَةِ [وَسُكْنَى الْبَدْوِ] 2477 - قوله: "عن الهجرة" هي ترك الوطن والانتقال إلى المدينة تأييدًا وتقوية للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمين وإعانة لهم على قتال الكفرة، وكانت فرضًا في أول الأمر ثم صارت مندوبة، فلعل السؤال في آخر الأمر أو لعله صلى الله تعالى عليه وسلم خاف عليه لما كان عليه الأعراب من الضعف، حتَّى إن أحدهم ليقول إن حصل له مرض في المدينة: أقلني ببيعتك ونحو ذلك، ولذلك فإن أمر الهجرة شديد و"ويحك" للترحم، "فاعمل من وراء البحار" أي فأت الخيرات فيها وإن كنت وراء البحار ولا يضرك بعدك عن المسلمين، "لن يترك" قال السيوطي بكسر التاء المثناة من فوق أي لن ينقصك وإن أقمت من وراء البحار وسكنت أقصى الأرض، يريد أنَّه من الترة كالعدة، والكاف مفعول به قلت: إنه من الترك فالكاف من الكلمة أي لا يترك شيئًا من عملك مهملًا بل

باب في الهجرة هل انقطعت؟

قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا». 2478 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ البَدَاوَةِ، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو إِلَى هَذِهِ التِّلَاعِ، وَإِنَّهُ أَرَادَ الْبَدَاوَةَ مَرَّةً، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ نَاقَةً مُحَرَّمَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا عَائِشَةُ، ارْفُقِي فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ، إِلَّا شَانَهُ». بَابٌ فِي الْهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ؟ 2479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ حَرِيزِ بْنِ === يجازيك على جميع أعمالك في أي محل فعلت والله تعالى أعلم. 2478 - "عن البداوة" في الصحاح بدا القوم بدوًا، أي خرجوا إلى باديتهم مثل قتل قتلا والبداوة يفتح ويكسر الإقامة في البادية وهو خلاف الحضارة، قال ثعلب: لا أعرف البداوة بالفتح إلا عن أبي زيد وحده (¬1) "يبدو" أي يخرج إلى البادية، قيل: ليخلو بنفسه ويبعد عن الناس، و"التلاع" بكسر؛ مجاري الماء من أعلى الأرض إلى بطون الأودية، واحدتها تلعة بفتح فسكون، وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الأرض وما ارتفع منها، "ناقة محرمة" على وزن اسم المفعول من التحريم هي التي لم يعتد الركوب عليها. بَابٌ فِي الْهِجْرَةِ هَلِ انْقَطَعَتْ؟ 2479 - "لا تنقطع الهجرة" من بلاد الكفر أو مواضع الفسق أو بطلب العلم ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: مادة (بدا) ص 45.

عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». 2480 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا». 2481 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَعِنْدَهُ الْقَوْمُ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: === ونحوه. 2480 - قوله: "لا هجرة" أي من مكة لصيرورتها دار إسلام، أو المدينة من أي موضع كانت لظهور عزة الإسلام فما بقيت هذه الهجرة فرضًا، وأما الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ونحوها فهي واجبة على الدوام، فلا تعارض بين الحديثين، وقيل: الافتراض منقطع والندب باق فيحمل النفي على الافتراض والإثبات على الندب "ولكن جهاد" كلمة "لكن" تفيد مخالفة ما بعدها لما قبلها، فالمعنى: فما بقيت فضائل في معنى الهجرة، فالجهاد ونية الخير في كل عمل يصلح لها، وإذا استنفرتم" على بناء المفعول أي طلب الإمام منكم الخروج إلى الجهاد، "فانفروا" أي فاخرجوا. 2481 - "من سلم المسلمون" أي لا يؤذيهم باليد ولا باللسان، وهذا لا يمنع الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر بأي وجه كان لأنه صلاح لا إيذاء ما كان على

باب في سكنى الشام

أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». بَابٌ فِي سُكْنَى الشَّامِ 2482 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ === إفساد، و"المهاجر" أي الكامل "من هجر" أي ترك؛ فإن ترك الوطن مع ارتكاب المحرم لا ينفع وترك المحرم نافع في أي مكان كان. بَابٌ فِي سُكْنَى الشَّامِ 2482 - "ستكون هجرة بعد هجرة" أي سيكون تفرق في العباد والبلاد وترك الأوطان والانتقال إلى بلاد الغربة، فالمراد التكرير وقيل: المعنى: ستكون هجرة إلى الشام بعد هجرة كانت إلى المدينة، وعلى هذا فحق الثانية التعريف وإنما نكرت لموافقة الأولى، "مهاجر إبراهيم" بضم ميم وفتح الجيم أي موضع هاجر إليه وهو الشام، ولعل المراد به ما يشمل المدينة أيضًا والله تعالى أعلم، قيل: ونصبه على الظرفية لأن اسم التفضيل لا يعمل في المفعول به. قلت: يمكن أن يكون نصبه بمحذوف أي يلزمون مهاجر إبراهيم كما قالوا في قوله تعالى: {أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ} (¬1) فتأمل. "تلفظهم" بكسر الفاء ترميهم، "أرضوهم" بفتح الراء جمع أرض بالواو والنون كأنها تستنكف عنهم؛ "تقذرهم ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية (117).

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ === بفتح الذال المعجمة من قذرت الشيء بكسر الذال إذا كرهته "نفس الله" بسكون الفاء أي ذاته، وهذا من إطلاق النفس على الله بلا مشاكلة ومن قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ} (¬1) وفي الحديث: "أنت كما أثنيت على نفسك (¬2) " وفيه "ذكرته في نفسي" (¬3) قال الخطابي: إن الله تعالى يكره خروجهم إلى الشام ومقامهم بها فلا يوفقهم لذلك فصاروا بالرد وترك القبول في معنى الشيء الذي يقذره نفس الإنسان فلا يقبله فهو في معنى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} (¬4)، "وتحشرهم النار" أي نار جهنم مع من مسخهم الله من الأقوام فجعلهم قردة وخنازير، أي إنهم في جهنم في طبقة هؤلاء الممسوخين أو المراد النار التي تحشر الناس، والمعنى أن تلك النار تحشر هؤلاء مع من يناسبهم ويماثلهم في الأخلاق، وقيل: المراد: نار الفتنة التي هي نتيجة أفعالهم القبيحة والله تعالى أعلم. "ابن حوالة" بفتح الحاء المهملة مخففًا (¬5)، "إلى أن تكونوا" بالخطاب أو الغيبة أي المسلمون أو الناس، "مجندة" بضم الميم وتشديد النون، والمرد: ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية (30). (¬2) مسلم في الصلاة (486)، أحمد في مسنده 1/ 96؛ 118، 150 - 6/ 58، والترمذي في الدعوات (3493) وقال: هذا حديث حسن قد روي من غير وجه عن عائشة؛ وابن ماجة في الدعوات (3841). وموطأ مالك في القرآن (31). (¬3) متفق عيه: البخاري في التوحيد (7405)، مسلم في الذكر والدعاء (2675). والنسائي في الكبرى في النعوت (7730/ 1). (¬4) معالم السنن: 2/ 236. والآية في سورة التوبة: آية (46). (¬5) ابن حوالة الأزدي، هو عبد الله. تقريب التهذيب 2/ 502.

الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ». === مختلفة وقيل: مجتمعة والمراد سيصيرون فرقًا ثلاثة، "خر لي" أمر من خار أصله الخير ضد الشر، أي اختر لي خير تلك الأماكن، والخيرة بكسر الخاء المعجمة وفتح الياء وقد تسكر أي مختارة، "يجتبي" افتعال من جبى جيم ثم موحدة، قيل: يجوز أن يكون متعديًا بمعنى يجمع ففيه ضمير فاعله و"خيرته" بالنصب مفعوله، ويحتمل أنَّه لازم بمعنى يجتمع و"خيرته" بالرفع فاعله أي يجتمع إليها المختارون من عباده، قلت: يقال: "اجتباه: اصطفاه، "أبيتم" أي امتنعتم عن (¬1) ما اختاره الله أيها العرب واخترتم بلادكم فالزموا يمنكم، وأضيف اليمن إليهم لأن الكلام مع العرب واليمن من بلادهم، و"الغدُر" كصُرُد جمع غدير، وهو الحوض وإضافة الغُدر إليهم كإضافة اليمن؛ تفيد أن المراد: غدر اليمن والمراد ترغيبهم في اليمن وترك البادية بأن اليمن من بلادكم القديمة وماءها من قديم مياهكم، فلو انتقلتم إليها من البادية كان أحسن لكم يومئذ، وقيل: قوله: "واسقوا من غدركم" راجع إلى قوله: "عليك بالشام" وما بينهما كلام معترض أي ليسق كل من غديره الَّذي اختص به، فلا يزاحم غيره. لاسيما أهل الثغور؛ لئلا يكون سببا للاختلاف وتهييج الفق، وقيل: يمكن جعله متعلقا بالكل وهذا مما يحتاج إلى مراعاته الكل "توكل" قيل: هو سهو والصواب: تكفل لكن الرواية ليست إلا "توكل"، فالوجه أن المراد بالتوكل: التكفل فإن الوكيل يتكفل القيام به، والمعنى أنَّه ضمن لي حفظها وعهد إليّ بذلك والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) ليست بالأصل.

باب في دوام الجهاد

2483 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بَحِيرٌ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي قُتَيْلَةَ، عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ»، قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ». بَابٌ فِي دَوَامِ الْجِهَادِ 2484 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ، حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ». === بَابٌ فِي دَوَامِ الْجِهَادِ 2484 - "ظاهرين على من ناوأهم" أي غالبين على من عاداهم، و"المناوأة" المعاداة، والأصل فيه الهمزة لأنه من النوء وهو النهوض، وربما ترك الهجرة وإنما استعمل ذلك في المعاداة؛ لأن كل واحد من المتعادين ينهض إلى قتال صاحبه، وقوله: "حتَّى يقاتل" يفيد أن تلك الطائفة المنصورة تبقى إلى أن يقاتل آخرهم الدجال إلى قيام الساعة، فإن خروج الدجال من أقوى أشراطها.

باب في ثواب الجهاد

بَابٌ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ 2485 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ: «رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ يَعْبُدُ اللَّهَ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ قَدْ كُفِيَ النَّاسُ شَرَّهُ». بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ السِّيَاحَةِ 2486 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِي السِّيَاحَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى». === بَابٌ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ 2485 - قوله: "شعب" بكسر فسكون والشعاب بكسر "قد كُفي الناس" أي وقاهم شره فيه تنبيه على أن المعتزل ينبغي له أن ينوي في اعتزاله وقاية الناس عن شره لا اتقاءه عن شرهم؛ فإنه يؤدي إلى تحقيرهم وتعظيم النفس. بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ السِّيَاحَةِ 2486 - "بالسياحة" بكسر السين مصدر ساح في الأرض إذا ذهب فيها؛ من السيح وهو الماء الجاري المنسبط على وجه الأرض؛ أراد المفارقة الأنصار وسكنى البوادي، نهيه عنه لما فيه من ترك الجمعة والجماعات وتعليم العلم وغير ذلك.

باب في فضل القفل في سبيل الله تعالى

بَابٌ فِي فَضْلِ الْقَفْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، عَنِ ابْنِ شُفَيٍّ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ». بَابُ فَضْلِ قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ 2488 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ عَبْدِ الْخَبِيرِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ خَلَّادٍ === بَابٌ فِي فَضْلِ الْقَفْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2487 - "قفلة" بفتح قاف وسكون فاء مرة من القفول وهو الرجوع، يعني أن أجره في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله إلى الجهاد، قالوا: كذلك الرجوع في كل عبادة لأنه من تتمة الذهاب إليها، قيل: هو أرجح الاحتمالات لكن لا يخفى أن التنكير وبناء المرة لا يناسب هذا المعنى، فالظاهر أن المراد: أن الرجوع أحيانًا يكون كالغزوة إذا كانت المصلحة مقضية لذلك ويكون فيه حفظ أهل الإسلام، وعلى هذا فوقوع النكرة مبتدأ لما في بناء المرة من التخصيص والله تعالى أعلم. بَابُ فَضْلِ قِتَالِ الرُّومِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ 2488 - "وهي منتقبة" أي لابسة نقابًا علي الوجه، "أرزأ" بتقديم المهملة على المعجمة على بناء المفعول آخره همزة من الرزء وهي المصيبة بفقد الأعزة أي إن

باب في ركوب البحر في الغزو

وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ، تَسْأَلُ عَنِ ابْنِهَا، وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ وَأَنْتِ مُنْتَقِبَةٌ؟ فَقَالَتْ: إِنْ أُرْزَأَ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ حَيَائِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنُكِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ»، قَالَتْ: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ». بَابٌ فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي الْغَزْوِ 2489 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ بِشْرٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ، أَوْ مُعْتَمِرٌ، أَوْ === أصبت به وفقدته فلم أصب بحيائي. بَابٌ فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي الْغَزْوِ 2489 - "بل لا يركب البحر إلا حاج" هو نفي أو نهي وليس المراد به: تحريم الركوب بل المراد أن العاقل لا ينبغي له أن يلقي نفسه إلى المهالك ويوقعها (¬1) مواقع الأخطار، إلا لأمر ديني يتقرب به إلى الله تعالى ويحسن بذل النفس فيه وإيثاره على الحياة، وقوله: "إلا حاج" بالرفع وفي النسخ بالنصب على أن "لا يركب" فيه ضمير راجع إلى أحد أو راكب، و"إلا حاجًّا" استثناء من أعم الأحوال، ويؤخذ من الحديث: أن البحر لا يمنع وجوب الحج على من لا طريق له بدون ركوبه، "فإِن تحت البحر نارًا" إلخ قيل: لم يرد به الحقيقة بل أراد تهويل شأن البحر وتعظيم الخطر في ركوبه، فإن راكبه معترض للآفات والمهالك ¬

_ (¬1) في الأصل [يوقعه].

باب فضل الغزو في البحر

غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا». بَابُ فَضْلِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ 2490 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ، أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عِنْدَهُمْ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ قَوْمًا مِمَّنْ يَرْكَبُ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ»، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: «فَإِنَّكِ مِنْهُمْ»، قَالَتْ: ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَضْحَكَكَ؟ ، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي === المتراكمة بعضها فوق بعض لا يأمن الهلاك عليه ولا يرجى خلاصه، فإن أخطأته ورطة منها جذبته أخرى بمخالبها، وقيل: هو على ظاهره وهو على كل شيء قدير. قلت: ولعل معنى التعليل حينئذ هو أن في ركوبه دنو لآلة العذاب المعدة لأعداء الله وليس كل شأن العاقل الدنو منها لأمر خسيس والله تعالى أعلم. بَابُ فَضْلِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ 2490 - (بنت ملحان) بكسر ميم وسكون لام (¬1)، "على الأسرة" بفتح فكسر فتشديد راء جمع سرير كالأعزة والأذلة جمع عزيز وذليل، "قربت لها ¬

_ (¬1) أم حزام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية، خالة أنس، صحابية مشهورة، ماتت في خلافة عثمان. التقريب: 2/ 620.

مِنْهُمْ، قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ»، قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَغَزَا فِي الْبَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَصَرَعَتْهَا فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا، فَمَاتَتْ. 2491 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَلَسَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ، وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَمَاتَتْ بِنْتُ مِلْحَانَ بِقُبْرُصَ». 2492 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُخْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ الرُّمَيْصَاءِ قَالَتْ: نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَيْقَظَ وَكَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَهَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَضْحَكُ مِنْ رَأْسِي؟ قَالَ: «لَا» وَسَاقَ هَذَا الْخَبَرَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الرُّمَيْصَاءُ أُخْتُ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ». 2493 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْعَيْشِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ === بغلة" حين خرجت إلى البر، "فصرعتها" أسقطتها. 2491 - "تفلي" بفتح التاء وسكون الفاء وكسر اللام أي تفرق شعر رأسه وتفتش القمل منه، قيل: كانت محرمًا منه - صلى الله عليه وسلم - بواسطة أن أمه من بني النجار، وقيل: بل هو من خصائصه. 2493 - "المائد" من الميد وهو التحرك والاضطراب أي الَّذي يدور رأسه من

بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْجَوْبَرِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الْمَعْنَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، أَخْبَرَنَا هِلَالُ بْنُ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أُمِّ حَرَامٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَالْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ». 2494 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ سَمَاعَةَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا === اضطراب السفينة بالأمواج، و"الغرِق" بكسر الراء الَّذي يموت بالغرق ويقال: الغريق أيضًا ولا فرق بينهما على الصحيح (¬1)، وقيل: الغرق من غلبه الماء بلا غرق فإذا غرق فهو غريق وهو مردود، قالوا: هذا إذا كان ركوبه للغزو أو الحج أو طلب العلم أو صلة الرحم أو للتجارة إن كانت لتحصيل القوة ولا طريق سواه. 2494 - كلهم ضامن" أي ذو ضمان وقياد: أي مضمون على أنَّه فاعل بمعنى مفعول وإفراده لمراعاة لفظ كل، وقيل: لتأويله بمعنى كل واحد منهم، والمعنى أن ما لهم من الأجر في ضمان الله كالواجب على الضامن فلا يفوته أصلًا ¬

_ (¬1) المختار: مادة (غرق) ص 472.

باب في فضل من قتل كافرا

نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا 2495 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْتَمِعُ فِي النَّارِ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ أَبَدًا». بَابٌ فِي حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ [عَلَى الْقَاعِدِينَ] 2496 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ === وهذا تعظيم لأمره وإلا فكل ما وعده الله على عمل فهو كذلك. "من أجر وغنيمة" أي إن كانت وإلا فبأجر فقط والغنيمة للمصلي ما يتفق له أحيانًا من الفتوح في المسجد أو الطريق، وقوله "بسلام" أي سلم حين دخل لقوله تعالى: {فَإذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (¬1) أو أنَّه لزم بيته ليسلم من الفتن فهو ترغيب في العزلة وأمر بالإقلال من الخلطة. بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ قَتَلَ كَافِرًا 2495 - "كافر وقاتله" أي الَّذي يقتله في سبيل الله فلا إشكال بكافر ونحوه قتل كافرًا، ثم هو بشارة عظيمة لمن قتل كافرًا في سبيل الله بالموت على الإيمان رزقنا الله، ويحتمل أن المراد أنَّه مات على الإيمان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي حُرْمَةِ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ [عَلَى الْقَاعِدِينَ] 2496 - "كحرمة أمهاتكم" تغليظ وتشديد أو إشارة إلى وجوب توقيرهن؛ ¬

_ (¬1) سورة النور: آية (61).

باب [في] السرية تخفق

بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا قَدْ خَلَفَكَ فِي أَهْلِكَ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ "، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا ظَنُّكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " كَانَ قَعْنَبٌ رَجُلًا صَالِحًا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، أَرَادَ قَعْنَبًا عَلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَنَا أُرِيدُ الْحَاجَةَ بِدِرْهَمٍ فَأَسْتَعِينُ عَلَيْهَا بِرَجُلٍ، قَالَ: وَأَيُّنَا لَا يَسْتَعِينُ فِي حَاجَتِهِ، قَالَ: أَخْرِجُونِي حَتَّى أَنْظُرَ فَأُخْرِجَ، فَتَوَارَى، قَالَ سُفْيَانُ: بَيْنَمَا هُوَ مُتَوَارٍ إِذْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ، فَمَاتَ. بَابٌ [فِي] السَّرِيَّةِ تَخْفِقُ 2497 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === وإلا فحرمة الأمهات مؤبدة دون حرمة نساء المجاهدين، وقوله: "يخلف رجلًا من المجاهدين في أهله" يحتمل أنَّه من خلفه إذا نابه أو من خلافه أي جاء بعده وهما من حد نصر، والمراد: أنَّه خانه في الأهل فإن الخائن في الأهل كالنائب للأصل وقد جاء بعده في الأهل والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] السَّرِيَّةِ تَخْفِقُ 2497 - "ما من غازية" أي جماعة أو طائفة أو سرية غازية، "إلا تعجلوا" إلخ

باب في تضعيف الذكر في سبيل الله تعالى

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ غَنِيمَةً إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ». بَابٌ فِي تَضْعِيفِ الذِّكْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2498 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ زَبَّانَ بْنِ فَائِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالذِّكْرَ تُضَاعَفُ عَلَى النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ». بَابٌ فِيمَنْ مَاتَ غَازِيًا 2499 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، يَرُدُّ إِلَى مَكْحُولٍ، إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ أَبَا === هذا فيما لم ينو الغنيمة بغزوه، وأما من نوى فقد استوفى أجره كله. بَابٌ فِي تَضْعِيفِ الذِّكْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2498 - "إن الصلاة والصيام" إلخ مقتضى كلام المصنف أن المراد: من الصلاة وغيرها ما كان في سبيل الله، وظاهر الحديث الإطلاق، وإنما التقييد معتبر في النفقة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ مَاتَ غَازِيًا 2499 - "مَنَ فَضَلَ" أي خرج من بيته و"وَقصَه" هو كوعد، أي صرعه وألقاه

باب في فضل الرباط

مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ، أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ، أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ، أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَوْ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ». بَابٌ فِي فَضْلِ الرِّبَاطِ 2500 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === على الأرض فمات منه وهذا معنى قولهم: دق عنقه، "أو لدغته" بداك مملة وغين معجمة، "هامة" بتشديد الميم إحدى الهوام وهي ذوات السموم القاتلة كالحية "بأى حتف" بفتح حاء مهملة وسكون تاء مثناة من فوق وفاء هو الهلاك [ ... ] (¬1). بَابٌ فِي فَضْلِ الرِّبَاطِ 2500 - "كل الميت" قيل: الصواب: كل ميت بالتنكير كما في رواية الترمذي (¬2) ولعل تعريفه وقع من بعض الرواة تحريفًا لأن كلمة كل إذا أضيفت إلى مفرد معرفة فهي لاستغراق أجزاء الشيء نحو: كل الرمان أكلت، ولا معنى له هاهنا بخلاف ما إذا أضيفت إلى نكرة نحو: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ} (¬3) أو جمع معرفة نحو: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} (¬4)، فهي لاستغراق الآحاد ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين كلمة غير واضحة بالأصل. (¬2) الترمذي في كتاب فضائل الجهاد (1621)، وقال: حديث فضالة حديث حسن صحيح. (¬3) سورة آل عمران: آية (185). (¬4) سورة: مريم: آية (95).

باب [في] فضل الحرس في سبيل الله تعالى

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ الْمَيِّتِ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيُؤَمَّنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ». بَابٌ [فِي] فَضْلِ الْحَرْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2501 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي === "يختم على عمله" قيل: المراد: على صحيفته وأن لا يكتب له بعد موته عمل، قلت: لعل المراد أنَّه لا يزاد له العمل السابق من انقطاعه كما في المرابط وإلا فقد يبقى عمله كالصدقة الجارية فلا ينافي هذا الحديث حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة (¬1) "فإن العمل هناك باق وهاهنا منقطع إلا أنَّه يكتب له بمجرد فضله تعالى، فلا منافاة "إلا المرابط" هو الملازم للثغر للجهاد "ينمو" أي يزيد "ويؤمن" تشديد الميم على بناء المفعول من "فتان القبر" قيل: بضم فتشديد جمع فاتن، وقيل: بفتح فتشديد للمبالغة، وفسر على الثاني بالشيطان ونحوه مما يوقع الإنسان في الفتة، "القبر" أي عذابه أو بملك العذاب، وعلى الأول بالمنكر النكير؛ والمراد أنهما لا يجيئان إليه للسؤال، بل يكفي موته مرابطًا في سبيل الله شاهدًا على صحة إيمانه أو أنهما لا يضرانه ولا يزعجانه والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] فَضْلِ الْحَرْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى 2501 - "فأطنبوا السير" أي بالغوا فيه من أطنب في الكلام إذا بالغ، ¬

_ (¬1) مسلم في كتاب الوصية (14)، وأبو داود في الوصايا (2880)، والنسائي في فضل الصدقة على الميت (3651)، الترمذي في الاحكام (1376) وقال: هذا حسن صحيح كلهم بلفظ: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ... ".

ابْنَ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي السَّلُولِيُّ أَبُو كَبْشَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ، حَتَّى كَانَتْ عَشِيَّةً فَحَضَرْتُ الصَّلَاةَ، عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَارِسٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي انْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ حَتَّى طَلَعْتُ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ آبَائِهِمْ بِظُعُنِهِمْ، وَنَعَمِهِمْ، وَشَائِهِمْ، اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «تِلْكَ غَنِيمَةُ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، ثُمَّ، قَالَ: «مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ؟ »، قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَارْكَبْ»، فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ، وَلَا نُغَرَّنَّ مِنْ قِبَلِكَ اللَّيْلَةَ»، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، خَرَجَ === "ونصب السير على نزع الخافض، "حتى كان عشية" (¬1) بالرفع على أن كان تامة أو بالنصب على أن فيه ضمير الوقت فحضرت على صيغة المتكلم "على بكرة آبائهم" بفتح الموحدة وسكون الكاف، كلمة للعرب يريدون بها الكثرة والوفور في العدد، وأنهم جاءوا جميعًا لم يتخلف منهم أحد (¬2)، وليس هناك بكرة في الحقيقة؛ وهي التي يستقى عليها الماء، وكلمة: "على" بمعنى مع، "بظعنهم" بضمتين أو سكون الثاني جمع ظعينة أي بنسائهم، "من يحرسنا" كينصر، "هذا الشعب" بكشر فسكون ما انفرج بين الجبلين "ولا نغرن" على بناء المفعول من الغرور في آخره نون ثقيلة، أي لا يجيئنا العدو من قبلك على غافلة، "هل ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [كانت]. (¬2) ليست بالأصل.

باب كراهية ترك الغزو

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُصَلَّاهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ أَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَسْنَاهُ فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ»، فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلَالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اطَّلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا فَنَظَرْتُ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ؟ » قَالَ: لَا، إِلَّا مُصَلِّيًا أَوْ قَاضِيًا حَاجَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَوْجَبْتَ فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَعْمَلَ بَعْدَهَا». بَابُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ الْغَزْوِ 2502 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا === أحسستم" من الإحساس، أي هل رأيتم فارسكم الَّذي راح حارسًا، "فثوب" من التثويب أي أقيمت الصلاة، "قد أوجبت" أي الجنّة أو النجاة لنفسك، "ألا تعمل بعدها" أي نحوها المندوبات من الأعمال، وأما الفرائض فلا بد منها أو إظهار لكمال الرضا وقبول عمله وتعظيمه، ولا يراد به الحقيقة والله تعالى أعلم. بَابُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ الْغَزْوِ 2502 - "ولم يحدث نفسه" قيل: بأن يقول في نفسه يا ليتني كنت غازيا أو

وُهَيْبٌ، - قَالَ عَبْدَةُ: يَعْنِي ابْنَ الْوَرْدِ - أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ». 2503 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَقَرَأْتُهُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْجُرْجُسِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَغْزُ أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ»، قَالَ: يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فِي حَدِيثِهِ: «قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ». 2504 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ === المراد: ينو الجهاد وعلامته إعداد الآلات قال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} (¬1)، "شعبة" بضم فسكون قيل: شبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في وصف التخلف ولعله مخصوص بوقته - صلى الله عليه وسلم - كما روي عن ابن المبارك والله تعالى أعلم. 2503 - "أو يجهز" من التجهيز وهو بالجزم عطف على المجزوم، وتجهيز الغازي تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في الغزو، "أو يخلف" بضم اللام الخفيفة عطف على المجزوم أي لم يقم مقامه بعده في خدمة أمله بأن يصير خليفة له أو نائبًا عنه في قضاء حوائج أهله، "بخير" احتراز عن الخيانة "بقارعة" بداهية ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (46).

باب في نسخ نفير العامة بالخاصة

وَأَلْسِنَتِكُمْ». بَابٌ فِي نَسْخِ نَفِيرِ الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ 2505 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] وَ {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة: 120]، إِلَى قَوْلِهِ: {يَعْمَلُونَ} [التوبة: 121] نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122]. 2506 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ الْحَنَفِيِّ، حَدَّثَنِي نَجْدَةُ بْنُ نُفَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] قَالَ: «فَأُمْسِكَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ وَكَانَ، عَذَابَهُمْ». === مهلكة. يقال: قرعه أمر إذا أتاه فجأه وجمعها قوارع. بَابٌ فِي نَسْخِ نَفِيرِ الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ 2505 - "لينفروا" (1) أي إلى الجهاد "كافة" (¬1) أي جميعًا، فانتسخ به عموم الخروج له وصار مخصوصًا بطائفة خاصة، أي صار فرض كفاية وانتسخ كونه فرض عين والله تعالى أعلم. 2506 - "فأمسك" على بناء المفعول أو الفاعل وضميره لله، أي أمسك عن أولئك الذين تركوا الجهاد حين كان فرضًا - المطر فعذبهم. ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (122).

باب في الرخصة في القعود من العذر

بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْقُعُودِ مِنَ الْعُذْرِ 2507 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَمَا وَجَدْتُ ثِقْلَ شَيْءٍ أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: «اكْتُبْ» فَكَتَبْتُ فِي كَتِفٍ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 95] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَامَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَمَّا سَمِعَ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا قَضَى كَلَامَهُ غَشِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِينَةُ فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي وَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، كَمَا وَجَدْتُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْقُعُودِ مِنَ الْعُذْرِ 2507 - "فغشيته السكينة" أراد الحالة التي تطرأ عليه حين نزول الوحي إليه؛ أي أدركته تلك الحالة وأحاطته "ثقل شيء أثقل" كأنه حدث في أعضائه ثقل محسوس من ثقل القول النازل عليه لقوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} (¬1) "سُري" على بناء المفعول أي كشف وأزيل، {أُولِي الضَّرَرِ} (¬2) دليل على جواز تأخير التخصيص بغير المستقل لمصلحة ولازمه جواز الاستثناء ¬

_ (¬1) سورة المزمل: آية (5). (¬2) سورة النساء: آية (95).

باب ما يجزئ من الغزو

وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اقْرَأْ يَا زَيْدُ» فَقَرَأْتُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] الْآيَةَ كُلَّهَا، قَالَ زَيْدٌ: فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا، فَأَلْحَقْتُهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ فِي كَتِفٍ. 2508 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ، وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ، إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَكُونُونَ مَعَنَا، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ فَقَالَ: «حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْغَزْوِ 2509 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». === المتأخر، والجمهور على منعه "مُلحقِها" بضم الميم أو فتحها أي موضع الإلحاق أو اللحوق، "عند صدع" أي شق وكان الكتف كأن فيه شق والله تعالى أعلم. 2508 - "حبسهم العذر" أي وإلا فنيتهم الجهاد وعادتهم الخروج إليه والمعذور يكتب له العمل الَّذي يعتاده إذا منعه العذر عن ذلك.

باب في الجرأة والجبن

2510 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى بَنِي لَحْيَانَ وَقَالَ: : «لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ»، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: «أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ». بَابٌ فِي الْجُرْأَةِ وَالْجُبْنِ 2511 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «شَرُّ مَا فِي رَجُلٍ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ». بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} 2512 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ === بَابٌ فِي الْجُرْأَةِ وَالْجُبْنِ 2511 - "شح" بضم فتشديد أي بخل "هالع" موقع في الجزع إن أراد إعطاء شيء من المال، قال الخطابي: هالع أي ذو هلع وهو الجزع (¬1) و"جبن" بضم فسكون مصدر الجبان "خالع" شديد كأنه يخلع فؤاده من شدته. بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬2) 2512 - " القسطنطينية" بضم قاف فسكون سين وبضم طاء فسكون نون ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 241. (¬2) سورة البقرة: آية (195).

باب في الرمي

بْنِ شُرَيْحٍ، وَابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: " إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ، وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا: هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا "، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ "، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: «فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ». بَابٌ فِي الرَّمْيِ 2513 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَّامٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ === وبعده نسبة إلى طين مع زيادة تاء التأنيث اسم مدينة في بلاد الروم وهي المراد بقوله: "بحائط المدينة""، "مه، مه" أي اكفف نفسك عنه، "هلم" تعالوا وهو اسم فعل يستوي فيه الواحد والجمع وهذا خطاب من بعضهم لبعض، و"نقيم" بالرفع على الاستئناف ولو قصد الجواب لكان مجزومًا وهو من الإقامة. بَابٌ فِي الرَّمْيِ 2513 - "يحتسب" أي ينوي "في صنعته" بفتح فسكون أي عمله، و"منبله"

وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ، صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ. وَارْمُوا، وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. لَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثٌ: تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ، وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا «، أَوْ قَالَ» === اسم فاعل من أنبله بالتشديد أو أنبله إذا ناوله النبل ليرمي به، والمراد: من يقوم بجنب الرامي أو خلافه يناوله النبل واحدًا بعد واحد أو يرد عليه النبل المرمي به، ويحتمل أن المراد: من يعطي النبل من ماله تجهيزًا للغازي وإمدادًا له. "وأن ترموا" مثل: (وَأَنْ تَصُومُوا} (¬1) "ليس من اللهو" أي الله والمشروع أو المباح أو المندوب أو نحو ذلك، فهي على حذف الصفة مثل: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ} (¬2) أي صالحة أو التعريف، وقال الخطابي: أي ليس المباح من اللهو إلا ثلاث (¬3) ورده السيوطي بأن فيه حذف اسم ليس ولم يجوزه النحاة. قلت: ويلزم أيضًا أن يكون "ثلاث" بالنصب ويمكن الجواب بأن مراده بيان لحاصل المعنى، وأما التقدير فكما ذكرنا، واختار السيوطي أن لفظ الحديث كما في رواية الترمذي وهو: "كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رميه (¬4) بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبة امرأته فإنهن من الحق" (¬5) ورواية الكتاب من تصرفات ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (184). (¬2) سورة الكهف: آية (79). (¬3) معالم السنن: 2/ 242. (¬4) بالأصل (رمية). (¬5) الترمذي في فضائل الجهاد (1637) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

باب في من يغزو [و] يلتمس الدنيا

كَفَرَهَا. 2514 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ». بَابٌ فِي مَنْ يَغْزُو [وَ] يَلْتَمِسُ الدُّنْيَا 2515 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بَحِيرٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَأَمَّا مَنْ ابْتَغَى وَجْهَ اللَّهِ، وَأَطَاعَ الْإِمَامَ، وَأَنْفَقَ الْكَرِيمَةَ، وَيَاسَرَ الشَّرِيكَ، وَاجْتَنَبَ الْفَسَادَ، فَإِنَّ نَوْمَهُ وَنُبْهَهُ أَجْرٌ كُلُّهُ، === الرواة، ثم نقل السيوطي عن بعض مثل ما ذكرنا من التقدير والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مَنْ يَغْزُو [وَ] يَلْتَمِسُ الدُّنْيَا 2515 - "وأنفق الكريمة" أي الأموال الغزيرة عليه "وياسر الشريك" أي عامله باليسر والسهولة والمعاونة له، "ونبهه" فتح نون وسكون موحدة ضد النوم كذا ذكره السيوطي، وظاهر القاموس أنه بالضم والسكون بمعنى القيام من النوم (¬1) "وسمعة" بضم السين أن يفعل شخص ليسمع الناس به، "والكفاف" ¬

_ (¬1) القاموس المحيط: 4/ 295 مادة (النبه).

باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

وَأَمَّا مَنْ غَزَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَسُمْعَةً، وَعَصَى الْإِمَامَ، وَأَفْسَدَ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْكَفَافِ. 2516 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ مِكْرَزٍ، رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَجْرَ لَهُ». فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِّمْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، فَقَالَ: «لَا أَجْرَ لَهُ». فَقَالُوا: لِلرَّجُلِ عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: الثَّالِثَةَ. فَقَالَ لَهُ: «لَا أَجْرَ لَهُ». بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا 2517 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ === بالفتح ما كان على قدر الحاجة والمراد: أن يرجع مثل ما كان. 2516 - و"هو يبتغي" يطلب، "عرضًا" بمهملتين مفتوحتين أي متاعًا، "عد" أمر من العود أي ارجع إليه والأقرب: "أعد" من الإعادة، "لم تفهمه" من التفهيم. بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا 2517 - "للذكر" أي ليذكره الناس ويصفوه بالشجاعة "هي أعلى" في

أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَيُقَاتِلُ لِيُحْمَدَ، وَيُقَاتِلُ لِيَغْنَمَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرِيَ مَكَانَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ حَتَّى تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». 2518 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ، حَدِيثًا أَعْجَبَنِي فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 2519 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ حَاتِمٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ حَنَانِ بْنِ خَارِجَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْجِهَادِ وَالْغَزْوِ؟ فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، إِنْ قَاتَلْتَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، بَعَثَكَ اللَّهُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، وَإِنْ قَاتَلْتَ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا بَعَثَكَ اللَّهُ مُرَائِيًا مُكَاثِرًا، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، عَلَى أَيِّ حَالٍ قَاتَلْتَ، أَوْ قُتِلْتَ بَعَثَكَ اللَّهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ». === الترمذي "هي العليا" وهي أظهر (¬1)، وأما "أعلى" فلتأويل كلمة الله بدينه وحكمه، أو لأن المراد: أعلى من كلمة الكفر واسم التفضيل إذا استعمل بـ "مَن" يستوى فيه التذكير والتأيث، والمراد: أن من قاتل لإعزاز دينه فقتاله في سبيل الله والله تعالى أعلم. 2519 - "مكاثرًا" أي طالبًا للغنيمة مكثرًا للمال بها أو مفاخرًا. ¬

_ (¬1) الترمذي في فضائل الجهاد (1646) وقال: وهذا حديث حسن صحيح. والنسائي في الجهاد (20).

باب في فضل الشهادة

بَابٌ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ 2520 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا === بَابٌ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ 2520 - "جعل الله أرواحهم" إلخ المراد: بـ "طير" الجنس، ولذا وصف بالجمع أعني "خضر" فالمراد بالجوف: الأجواف، فالمعنى أن روح كل واحد في جوف طير لا أن الكل مجتمعة في جوف طير واحد؛ ويؤيده رواية: "أجواف طير" (¬1) أو "حواصل طير"، وأورد على هذا الحديث أنه لا يخلو إما أن يحصل بتلك الأرواح (¬2) أو لا، والأول هو القول بالتناسخ ويلزم منه تنقيص كلهم وتنزيل إلى أسفل أيضًا؛ حيث أخرجوا من الأبدان. أجيب باختيار الشق الثاني ومنع كونه حبسًا وسجنًا لجواز أن يقدر الله تعالى في تلك الأجواف من السرور والنعيم ما لا تجده في الفضاء الواسع، وقيل: إيداعها في أجواف تلك الطيور كوضع الدرر في الصناديق تكريمًا وتشريفًا لها. قلت: وظاهر أن إدخالها في أجواف الطيور؛ لأن التنعم والتلذذ الجسماني لا يوجد أو لا يتم إلا بواسطة البدن. والجسم وليس للروح منه نصيب وقد ¬

_ (¬1) مسلم في الإمارة (1887)، وأحمد في مسنده 1/ 266، 6/ 386 والدارمي 2/ 206. (¬2) في هكذا بالأصل ولعل في العبارة سقطًا.

وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ، وَمَقِيلِهِمْ، قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا، أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ، فَقَالَ === تعلق إرادته تعالى بحياة الشهداء وتلذذهم بالنعم الجسمانية، فلذلك تدخل أرواحهم في أبدان الطيور؛ لينالوا من تلك اللذات الجسمانية ويصيبوا منها على الوجه المعهود، فإن قلنا: يكفي في ذلك وضعها في أبدان ووجودها فيها وإن لم تكن متعلقة بهذه الأبدان مدبرة فيها تدبير الأرواح في الأبدان كما كانت في الأبدان الدنيوية كما قيل، فالجواب باختيار الشق الثاني، وإن قلنا: لا يكفي ذلك، بل لا بد من التعلق المعهود بالبدن فلا بد من اختيار الشق الأول ومنع لزوم القول بالتناسخ؛ لأن ذلك هو أن الروح دائمًا تنتقل من جسم إلى جسم آخر على وجه ينفي الحشر والنشر، ويكون انتقال الروح إلى صورة حسنة هو الثواب الموعود، وانتقالها إِلى صورة قبيحة هو العقاب، ونحن لا نقول به على هذا الوجه بل نقول: إِنها في مدة بقائهم في الجنة قبل قيام القيامة ووجود الحشر في هذه الأبدان، ثم يرجع كل روح إلى الجسد الأول ويبعثهم الله فيها كما جاءت به الأحاديث، بل صار أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، وكذا لا يلزم التنقيص لجواز أن تبقى الأرواح على صفاتها السابقة الإنسانية من العلوم والكمالات، ولا يكون على صفات الطير، وأما مجرد الصور والأشكال فلا اعتداد بها، ويحتمل أن المراد كونها في أجواف طير أنها في بدن له قوة الطيران وإن كان هو من جنس الأبدان وأجملها والله تعالى أعلم، ومن هاهنا ظهر الفرق بين الشهداء وغيرهم حتى وصفهم الله تعالى في كتابه بالحياة وأنهم يرزقون (¬1) بخلاف غيرهم، مع أن بقاء الروح مشترك بين الكل وكذا خراب البدن الأصلي عدم عود ¬

_ (¬1) الآيات في سورة آل عمران: الآيات (169: 171).

باب في الشهيد يشفع

اللَّهُ سُبْحَانَهُ: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ "، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 169] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. 2521 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، حَدَّثَتْنَا حَسْنَاءُ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ الصَّرِيمِيَّةُ، قَالَتْ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: «النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ». بَابٌ فِي الشَّهِيدِ يُشَفَّعُ 2522 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ الذِّمَارِيُّ، حَدَّثَنِي عَمِّي نِمْرَانُ بْنُ عُتْبَةَ الذِّمَارِيُّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ أَيْتَامٌ، فَقَالَتْ: أَبْشِرُوا، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ»، === الأرواح إلا عند البعث هذا ثم توصيفها بالخضر، يحتمل أن يكون لأجل أن لونها كذلك ويحتمل أن المراد أنها غضة ناعمة، "ولا ينكلوا" بضم الكاف أي يجبنبوا. 2521 - "النبي في الجنة" يريد كل من كان نبيًّا وليس المراد نبيًّا بعينه، ومثله الشهيد وغيره "والمولود" الطفل الصغير والسقط ولم يدرك الحنث ومات قبل ذلك، قاله الخطابي (¬1)، "والوئيد" المدفون حيًّا في الأرض، وكانوا يئدون البنات. قيل: وكذا البنين عند المجاعة والضيق، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 243.

باب في النور يرى عند قبر الشهيد

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «صَوَابُهُ رَبَاحُ بْنُ الْوَلِيدِ». بَابٌ فِي النُّورِ يُرَى عِنْدَ قَبْرِ الشَّهِيدِ 2523 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ نُورٌ». 2524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُبَيِّعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا، وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِجُمُعَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي النُّورِ يُرَى عِنْدَ قَبْرِ الشَّهِيدِ 3523 - "كنا نتحدث" على بناء المفعول، والظاهر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يحدثهم بذلك، أو أن أناسًا من طرف النجاشي جاءوا فحدثوهم بذلك، ثم لعل النجاشي كان شهيدًا بوجه من الوجوه، فلذلك ذكر الحديث في هذا الباب، أو لأن النجاشي لما كان كذلك كان الشهيد أولى بذلك والله تعالى أعلم. 2524 - "ما قلتم" أي في صلاتكم "فأين صلاته" إذا كان اللحوق بصاحبه مطلوبًا في حقه ولم يكن محققًا فينبني (¬1) إن ما عمل بعده ضايعًا ثم بين لهم (¬2) ¬

_ (¬1) بالأصل [فينبغي]. (¬2) بالأصل [له].

باب في الجعائل في الغزو

وَسَلَّمَ: «مَا قُلْتُمْ؟ » فَقُلْنَا: دَعَوْنَا لَهُ، وَقُلْنَا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَصَوْمُهُ بَعْدَ صَوْمِهِ؟ - شَكَّ شُعْبَةُ - فِي صَوْمِهِ، وَعَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ، إِنَّ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ». بَابٌ فِي الْجَعَائِلِ فِي الْغَزْوِ 2525 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى، - وَأَنَا لِحَدِيثِهِ أَتْقَنُ - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ === أنه فوق صاحبه بكثير. بَابٌ فِي الْجَعَائِلِ فِي الْغَزْوِ الجعُل بالضم ما يجعل للإنسان على عمله ويشترط له، وكذا الجعيلة والجعالة مثلثة والغالب الفتح، والجعائل جمع لأحد الأخيرين. 2525 - "ستكون جنود مجندة" أي مجموعة كما يقال: ألوف مؤلفة، والمراد: أنهم سيكونون للفتح يحتاج إلى العساكر أو بعده لحفظ البلاد التي فتحت، "يقطع (¬1) عليكم" أي يقرر عليكم في تلك الجيوش جيوش أي يلزم كل قبيلة أن يخرج منهم البعض في تلك الجيوش فيكره الرجل أي بلا أجر، "فيتخلص" أي يخرج من قومه طلبًا للخلاص من أن يبعث بلا أجر، "ثم يتصفح" أي بعد أن خرج منهم يتتبع القبائل عارضًا نفسه عليهم، قائلا: ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [تقطع].

باب الرخصة في أخذ الجعائل

الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمُ الْأَمْصَارُ، وَسَتَكُونُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، تُقْطَعُ عَلَيْكُمْ فِيهَا بُعُوثٌ فَيَكْرَهُ الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْبَعْثَ فِيهَا، فَيَتَخَلَّصُ مِنْ قَوْمِهِ، ثُمَّ يَتَصَفَّحُ الْقَبَائِلَ، يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ: مَنْ أَكْفِيهِ بَعْثَ كَذَا، مَنْ أَكْفِيهِ بَعْثَ كَذَا؟ أَلَا وَذَلِكَ الْأَجِيرُ إِلَى آخِرِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ. بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْجَعَائِلِ 2526 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ شُفَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ === "يقول: من أكفيه" بإثبات الياء و"من" استفهامية وهو الظاهر الموافق لنسخ المشكاة والمصابيح، والمراد: من أكفيه بأجر وأخرج بدله، وفي بعض النسخ "أكفه" بحذف الياء وكأنه على أن "من" شرطية شرطها محذوف أي من يرد أكفه أو الجزاء محذوف، أي من أكفه بعث كذا بأمره فعليه لي كذا "ألا" حرف تنبيه "وذلك" أي الذي يرغب في الآخرة ولا يرغب في الجهاد لله "الأجير" إلخ أي إن قتل فهو أجير لا غاز ولا شهيد. بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَخْذِ الْجَعَائِلِ 2526 - "وللجاعل أجره" أي الذي يدفع جعلا إلى الغازي ليغزو أجره أي أجر إنفاق ماله وأجر الغازي حيث تسبب لغزوه، وهذا الحديث محمول على ما إذا لم يكن الجعل لطلب من الغازي فلا منافاة بينه وبين الحديث السابق، وقيل:

باب في الرجل يغزو بأجير ليخدم

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ، وَأَجْرُ الْغَازِي». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو بِأَجْيرِ ليخدم 2527 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، أَنَّ يَعْلَى ابْنَ مُنْيَةَ، قَالَ: آذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ فَالْتَمَسْتُ أَجِيرًا يَكْفِينِي، وَأُجْرِي لَهُ سَهْمَهُ، فَوَجَدْتُ رَجُلًا، فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا السُّهْمَانِ، وَمَا يَبْلُغُ سَهْمِي؟ فَسَمِّ لِي شَيْئًا كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَتُهُ أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ لَهُ سَهْمَهُ، فَذَكَرْتُ الدَّنَانِيرَ، فَجِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُ، فَقَالَ: «مَا أَجِدُ لَهُ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي سَمَّى». === المراد بالجاعل: المجهز الذي يعين الغازي من غير اشتراط وفيه إخراج للفظ الجاعل عن معناه من غير حاجة. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو بِأَجْيرِ ليخدم أي يخرج للغزو بأجر الخدمة. 2527 - "آذن" بالمد أي أعلم ويمكن أن يكون بالتشديد بمعنى نادى والمراد: بعث مناديًا نادى "يكفيني" الظاهر يخدمني، وقيل: يدفع عني الخروج إلى الغزو "وأجري" بضم الهمزة من الأجر، أي أسعى له في تحصيل سهم كسهام الغازين "ما السُهْمان" بضم السين وسكون الهاء جمع سهم.

باب في الرجل يغزو، وأبواه كارهان

بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو، وَأَبَوَاهُ كَارِهَانِ 2528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: جِئْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ، فَقَالَ: «ارْجِعْ عَلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا». 2529 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُجَاهِدُ؟ قَالَ: «أَلَكَ أَبَوَانِ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَبُو الْعَبَّاس هَذَا الشَّاعِرُ: اسْمُهُ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ. === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو، وَأَبَوَاهُ كَارِهَانِ 2528 - "قال: ارجع إليهما فأضحكهما" من الإضحاك ولعل هذا حين سقط افتراض الهجرة. 2529 - "ففيهما فجاهد" أي جاهد نفسك أو الشيطان في تحصيل رضاهما وإيثار هواهما على هواك، وقيل: المعنى فاجتهد في خدمتهما وإطلاق الجهاد للمشاكلة والفاء الأولى فصيحة، والثانية زائدة وزيادتها في مثل هذا شائع، ومنه قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة المطففين: آية (26).

باب في النساء يغزون

2530 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ: «هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ؟ »، قَالَ: أَبَوَايَ، قَالَ: «أَذِنَا لَكَ؟ » قَالَ: «لَا»، قَالَ: «ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ، وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا». بَابٌ فِي النِّسَاءِ يَغْزُونَ 2531 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهِّرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ، وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لِيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى». بَابٌ [فِي] الْغَزْوِ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ 2532 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ === 2530 - "فبرهما" صيغة أمر من بر بتشديد الراء من حد سمع. بَابٌ فِي النِّسَاءِ يَغْزُونَ 2531 - "ليسقين" (¬1) قال النووي: فيه خرجة النساء في الغزو والانتفاع بهن في السقي والمداواة وهذه المداواة، لمحارمهن وأزواجهن ولغيرهم (¬2) بلا مس بشرة إلا لحاجة (¬3). بَابٌ [فِي] الْغَزْوِ مَعَ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ 2532 - (يزيد بن أبي نشبة) بضم نون وسكون شين معجمة بعدها موحدة ¬

_ (¬1) في نسخة السنن المطبوع [ليستقين]. (¬2) صحيح مسلم شرح النووي 12/ 188، 189. (¬3) بالأصل [لغيرهن].

بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي نُشْبَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلَا نُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ. 2533 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ، بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَالصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْكُمْ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، === وتاء تأنيث (¬1)، "من أصل الإيمان" قيل: أصل الشيء قاعدته التي لو ارتفعت ارتفع ذلك الشيء، و"لا تكفره" من التكفير والإكفار والثاني أكثر في معنى النسبة إلى الكفر واعتقاده كافر، أو المراد بذنب لا يكون فيه إنكار ما ثبت من الدين بالضرورة، وقوله: "والجهاد ماض" لا يصلح لعده من الثلاثة فيقال: المعدود منهما متروك وهذا بمنزلة التعليل لعده، أي والمداومة على الجهاد مع كل إمام؛ لأن الجهاد ماض أي نافذ إلخ. 2533 - "والصلاة واجبة على كل مسلم" الظاهر لفظًا تعلق على بالوجوب فالمراد: الصلوات الخمس ولكن الأقرب معنى تعلقها بالصلاة أي الصلاة على ¬

_ (¬1) يزيد بن أبي شيبة، بضم النون وسكون المعجمة، السلمي؛ مجهول، من الخامسة. تقريب التهذيب: 2/ 371.

باب الرجل يتحمل بمال غيره يغزو

وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ، وَالصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا، وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ». بَابُ الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ بِمَالِ غَيْرِهِ يَغْزُو 2534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، إِنَّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ وَلَا عَشِيرَةٌ، فَلْيَضُمَّ أَحَدُكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ أَوِ الثَّلَاثَةِ، فَمَا لِأَحَدِنَا مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ»، يَعْنِي أَحَدِهِمْ، قَالَ: فَضَمَمْتُ إِلَيَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، قَالَ: مَا لِي إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ جَمَلِي. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالْغَنِيمَةَ 2535 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ === كل ميت واجبة على الأحياء. بَابُ الرَّجُلِ يَتَحَمَّلُ بِمَالِ غَيْرِهِ يَغْزُو 2534 - "إِلا عقبة" بضم فسكون أي نوبة "كعقبة" يعني أحدهم أي كنوبة أحدهم، فأحدهم بالجر لأنه بيان لما أضيف إليه "كعقبة" والمراد: أن صاحب الجمل قسم الركوب بينه وبين من ضم إليه بالسوية. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَغْزُو يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالْغَنِيمَةَ 2535 - و"عرف الجهد" فتح الجيم أي المشقة التعب "فيعجزوا عنها"

باب في الرجل [يشري] نفسه

بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي ضَمْرَةُ، أَنَّ ابْنَ زُغْبٍ الْإِيَادِيَّ، حَدَّثَهُ قَالَ: نَزَلَ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ، فَقَالَ لِي: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَغْنَمَ عَلَى أَقْدَامِنَا فَرَجَعْنَا، فَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا، وَعَرَفَ الْجَهْدَ فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ، فَأَضْعُفَ عَنْهُمْ، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ» ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، أَوْ قَالَ: عَلَى هَامَتِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا ابْنَ حَوَالَةَ، إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ أَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ، وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنَ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ حِمْصِيٌّ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ [يَشْرِي] نَفْسَهُ 2536 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ === المناسب بما سبق، فتعجز أي أنفسهم عنهم، لكن لما كان نفس الشيء عينه رجع حاصل إخبارين إلى أمر واحد؛ فإن هذه العبارة مقام تلك "أو على هامتي" بتخفيف الميم أي على رأسي أو هي الناصية "والبلابل" هي الهموم والأحزان. بَابٌ فِي الرَّجُلِ [يَشْرِي] نَفْسَهُ أي يبيع ويخرجها عن يده، وقيل: بل يشتري حظوظها الباقية ويترك الفانية. 2536 - "عجب ربنا" قيل: أي عظم ذلك عنده وكبر لديه كما يعظم موقع

باب فيمن يسلم ويقتل مكانه في سبيل الله عز وجل

السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ - يَعْنِي أَصْحَابَهُ - فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ. بَابٌ فِيمَنْ يُسْلِمُ وَيُقْتَلُ مَكَانَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 2537 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، " أَنْ عَمْرَو بْنَ أُقَيْشٍ، كَانَ لَهُ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ، فَجَاءَ يَوْمُ أُحُدٍ، فَقَالَ: أَيْنَ بَنُو عَمِّي؟ === الشيء عند من يتعجب منه، وقيل: رضي أو أثاب، وقوله: "فعلم ما عليه" أي ما عليه الأمر من ثواب المطيع أو المجاهد وعقاب العاصي أو الفار من الحرب "رغبة فيما عندي" من الثواب و"شفقة" أي خوفًا مما عندي من العقاب. بَابٌ فِيمَنْ يُسْلِمُ وَيُقْتَلُ مَكَانَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 2537 - (ابن أقيش) بضم الهمزة وفتح القاف وسكون المثناة التحتية وشين معجمة (¬1)؛ "كان له ربًا" بكسر الراء وتخفيف الباء بعدها ألف مقصور، "حتى يأخذه" الظاهر أن من عندهم كانوا كفرة فخاف أن يمنعوه إن أسلم فأخر الإسلام ¬

_ (¬1) عمرو بن ثابت بن قيس ويقال: أقيس بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصاري وقد ينسب إلى جده فيقال: عمرو بن أقيس بنت اليمان أخت حذيفة وكان يلقب أصيرم واستشهد بأحد. الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر العسقلاني: 2/ 526.

باب في الرجل يموت بسلاحه

قَالُوا بِأُحُدٍ، قَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالُوا بِأُحُدٍ، قَالَ: فَأَيْنَ فُلَانٌ؟ قَالُوا: بِأُحُدٍ، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ وَرَكِبَ فَرَسَهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو، قَالَ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ، فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ جَرِيحًا، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ: سَلِيهِ حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ، أَوْ غَضَبًا لَهُمْ أَمْ غَضَبًا لِلَّهِ؟ فَقَالَ: بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ بِسِلَاحِهِ 2538 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ: كَذَا قَالَ: هُوَ يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ، وَعَنْبَسَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، جَمِيعًا عَنْ يُونُسَ، قَالَ أَحْمَدُ، وَالصَّوَابُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ قَاتَلَ أَخِي قِتَالًا شَدِيدًا، فَارْتَدَّ === لذلك، ويحتمل أنه رأى أن الإسلام يمنعه من أخذ الربا؛ لأنه لا يجوز للمسلم أخذه، وهو جيد؛ لأن نسخ الربا لم يكن في أول الهجرة والله تعالى أعلم، "فلبس لأمته" بفتح اللام وسكون همزة وقد تخفف الهمزة؛ الدرع أو السلاح، "قبلهم" بكسر قاف وفتح موحدة "حميه" بفتح مهملة وكسر ميم وتشديد ياء أي تأنقًا من أن يغلبوا. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ بِسِلَاحِهِ 2538 - "فارتد" بتشديد الدال أي رجع، و"شكوا" من الشك، "رجل مات" أي قائلين: رجل مات "جاهدًا" أي مرتكبًا للمشقة في عبادة مولاه وطاعته أو

باب الدعاء عند اللقاء

عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ: وَشَكُّوا فِيهِ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلَاحِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا»، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ سَأَلْتُ ابْنًا لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَبُوا مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا، فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ». 2539 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَغَرْنَا عَلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ فَطَلَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَضَرَبَهُ، فَأَخْطَأَهُ وَأَصَابَ نَفْسَهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخُوكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ» فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوهُ قَدْ مَاتَ، فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابِهِ وَدِمَائِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَشَهِيدٌ هُوَ؟ ، قَالَ: «نَعَمْ وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ». بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2540 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ === صارفًا للطاقة فيها مجاهدًا في سبيله تعالى. 2539 - "أغرنا" من الإغارة أي وقعنا عليهم. بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2540 - "ثنتان" أي دعوتان، "وقلما" الظاهر أنه شك من بعض الرواة،

باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة

يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»، قَالَ مُوسَى، وَحَدَّثَنِي رِزْقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَوَقْتُ الْمَطَرِ». بَابٌ فِيمَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ 2541 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مَرْوَانَ، وَابْنُ الْمُصَفَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، يُرَدُّ إِلَى مَكْحُولٍ، إِلَى مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ مِنْ === "وعند البأس والدعاء" عند الحرب، "حين يلحم" يحتمل أنه بالحاء المهملة من لحم كسمع إذا قتل أو ألحم، ويحتمل أنه بالجيم من ألجمه إذا حبسه كأنه ألبسه اللجام وأنكر بعضهم الجيم رواية، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ 2541 - "فُواق ناقة" بضم الفاء وفتحها قدر ما بين الحلبتين من الراحلة؛ لأنها تحلب ثم تترك سويعة ترضع الفصيل لتدر ثم تحلب، وقيل: ما بين الغداة إلى المساء أو ما بين أن يحلب في ظرف فامتلأ ثم يحلب في ظرف آخر أو ما بين جر الضرع إلى جره مرة أخرى وهو أليق بالترغيب في الجهاد ونصبه على الظرف بتقدير: وقت فواق ناقة؛ أي وقت مقدرًا بذلك أو على إجرائه مجرى المصدر أي

باب في كراهية جز نواصي الخيل وأذنابها

نَفْسِهِ صَادِقًا، ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ» زَادَ ابْنُ الْمُصَفَّى مِنْ هُنَا: وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً، فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ: لَوْنُهَا لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا رِيحُ الْمِسْكِ، وَمَنْ خَرَجَ بِهِ خُرَاجٌ فِي سَبِيلِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَلَيْهِ طَابَعَ الشُّهَدَاءِ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ جَزِّ نَوَاصِي الْخَيْلِ وَأَذْنَابِهَا 2542 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ حُمَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، جَمِيعًا عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ نَصْرٍ الْكِنَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، وَقَالَ: أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ === قتالًا قليلًا. "القتل من نفسه" أي من قلبه "صدقا ثم مات" كيف ما كان ولو على فراشه "جرح" على بناء المفعول، وكذا "نكب ونكبة" بفتح نون؛ مثل العشرة تدمى الرجل فيها، "كأغزر" تقديم المعجمة على المهملة أي أكثر دمًا، "خراج" بضم الخاء المعجمة مخففًا ما يخرج في البدن من القروح، "طابع" بفتح الباء وكسرها: الخاتم بختم به على الشيء. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ جَزِّ نَوَاصِي الْخَيْلِ وَأَذْنَابِهَا 2542 - "لا تقصوا" من القص وهو القطع "ولا معارفها" بكسر الراء جمع معرفة بفتحها الموضع الذي ينبت عليه عرف الفرس من رقبته، وعرف الفرس بضم فسكون شعر عنقه وهو المراد هاهنا مجازًا. وقيل: جمع عرف على خلاف القياس كمحاسن جمع حسن، "مذابها" بفتح ميم فذال معجمة بعده ألف ثم

باب فيما يستحب من ألوان الخيل

السُّلَمِيِّ، وَهَذَا لَفْظُهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَقُصُّوا نَوَاصِي الْخَيْلِ، وَلَا مَعَارِفَهَا، وَلَا أَذْنَابَهَا، فَإِنَّ أَذْنَابَهَا مَذَابُّهَا، وَمَعَارِفَهَا دِفَاؤُهَا، وَنَوَاصِيَهَا مَعْقُودٌ فِيهَا الْخَيْرُ». بَابٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ أَلْوَانِ الْخَيْلِ 2543 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي عَقِيلُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِكُلِّ كُمَيْتٍ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ أَوْ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ، أَوْ أَدْهَمَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ». === موحدة مشددة جمع مذبة بكسر ميم وهي ما يذب به الذباب وغيره والخيل تدفع بأذنابها ما يقع عليه من ذباب وغيره، "دفاؤها" قيل: الدفيء بكسر دال وهمزة في آخره الذي يدفئك أي يدفع البرد عنك، والجمع الأدفاء، وأما الدفاء بكسر أوله والمد فلا أعرفه فيحتمل أنه جمع كثرة للدفيء نحو زف وزفان. بَابٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ أَلْوَانِ الْخَيْلِ 2543 - "بكل كميت" بضم الكاف مصغر، هو الذي لونه بين السواد والحمرة، يستوي فيه المذكر والمؤنث "أغر" الذي في وجهه غرة أي بياض "محجل" اسم مفعول من التحجيل بتقديم المهملة على الجيم وهو الذي في قوائمه بياض، "أشقر" الشقرة في الخيل في الحمرة الصافية و"أدهم"، الأسود.

باب هل تسمى الأنثى من الخيل فرسا

2544 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِكُلِّ أَشْقَرَ أَغَرَّ مُحَجَّلٍ، أَوْ كُمَيْتٍ أَغَرَّ» فَذَكَرَ نَحْوَهُ. قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ مُهَاجِرٍ: وَسَأَلْتُهُ لِمَ فُضِّلَ الْأَشْقَرُ؟ قَالَ: «لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَاءَ بِالْفَتْحِ صَاحِبُ أَشْقَرَ». 2545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُمْنُ الْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا». بَابُ هَلْ تُسَمَّى الْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ فَرَسًا 2546 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو زَرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَمِّي الْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ فَرَسًا». بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ 2547 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلْمٍ هُوَ ابْنُ === 2545 - "يمن الخيل" اليمن بالضم البركة و"الشقِر" بضم فسكون جمع أشقر. بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخَيْلِ 2547 - "يكره الشكال" بكسر الشين.

باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ» وَالشِّكَالُ: «يَكُونُ الْفَرَسُ فِي رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِي يَدِهِ الْيُسْرَى بَيَاضٌ، أَوْ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى وَفِي رِجْلِهِ الْيُسْرَى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَيْ مُخَالِفٌ. بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ 2548 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ يَعْنِي بْنَ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ، عَنْ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ، فَقَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوهَا صَالِحَةً». 2549 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَسَرَّ إِلَيَّ === بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ 2548 - "المعجمة" التي لا تقدر على كلام، "فاركبوها" أي سواء كانت معدة للركوب أو للأكل فاحفظوها ولا تضيعوها. 2549 - "هدفًا" بفتحتين كل بناء مرتفع مشرف " أو حائش" نخل بحاء مهملة وشين معجمة هو النخل الملتف المجتمع "حنَّ" أي رجع صوته وبكى، "ذرفت"

حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا النَّاسِ، وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ هَدَفًا، أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ، قَالَ: فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: «مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ، لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ؟ »، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا؟ ، فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ». 2550 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَنِي فَنَزَلَ === بإعجام الذال وفتح الراء، سألت "ذفراه" بكسر ذال معجمة وسكون فاء وراء مهملة مقصور، قال الخطابي: الذفرى من البعير مؤخر رأسه (¬1) وقيل: أصل أذنه وهما ذفريان وألفها للتأنيث، و"تدئبه" تتعبه وزنًا ومعنى من أدأب بهمزة بعد دال. 2550 - "فوجد بئرًا" الفاء زائدة وبينهما متعلق به أو باشتد ويكون الفاء فيه زائدة، "يلهث" بفتح هاء أي يخرج لسانه من شدة العطش والحر، " يأكل الثرى" ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 248.

باب في نزول المنازل

الْبِئْرَ، فَمَلَأَ خُفَّهُ فَأَمْسَكَهُ بِفِيهِ، حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا؟ فَقَالَ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ». بَابٌ فِي نُزُولِ الْمَنَازِلِ 2551 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَمْزَةَ الضَّبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: «كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا مَنْزِلًا لَا نُسَبِّحُ حَتَّى تُحَلَّ الرِّحَالُ». بَابٌ فِي تَقْلِيدِ الْخَيْلِ بِالْأَوْتَارِ 2552 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ === هو بفتح وقصر التراب الندى، "كبد" بفتح فكسر رطبة أي فيها رطوبة الحياة. بَابٌ فِي نُزُولِ الْمَنَازِلِ 2551 - "لا نسبّح" قال السيوطي: لا نصلي سبحة الضحى حتى نحط الرحال ونطعم المطي، و"نحل" ضم الحاء أي نفك. بَابٌ فِي تَقْلِيدِ الْخَيْلِ بِالْأَوْتَارِ 2552 - "لا يبقين" على بناء المفعول مع نون ثقيلة، "قلادة" بالكسر، "وتر" بفتحتين واحد أوتار القوس، "ولا قلادة" من عطف العام على الخاص "إلا

باب إكرام الخيل وارتباطها والمسح على أكفالها

أَسْفَارِهِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ: «لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، وَلَا قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ» قَالَ مَالِكٌ: «أَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْعَيْنِ». بَابُ إِكْرَامِ الْخَيْلِ وَارْتِبَاطِهَا وَالْمَسْحِ عَلَى أَكْفَالِهَا 2553 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّالْقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ارْتَبِطُوا الْخَيْلَ، وَامْسَحُوا بِنَوَاصِيهَا وَأَعْجَازِهَا - أَوْ قَالَ: «أَكْفَالِهَا» - وَقَلِّدُوهَا وَلَا === قطعت" هذا الاستثناء من باب تأكيد النهي؛ إذ لا بقاء لها إذا قطعت، "أن ذلك" النهي من أجل أنهم كانوا يفعلون ذلك لدفع العين وهو من شعار الجاهلية فكره ذلك؛ لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجرار. بَابُ إِكْرَامِ الْخَيْلِ وَارْتِبَاطِهَا وَالْمَسْحِ عَلَى أَكْفَالِهَا 2553 - "ارتبطوا الخيل" قيل: هو كناية عن تسمينها للغزو "أعجازها" جمع عجز وهو الكفل والمقصود من المسح تنظيفها من الغبار وتعرف حال سمنها، وقد يحصل به الإنس للفرس بصاحبه، "وقلدوها" أي طلب إعلاء الدين والدفاع عن المسلمين، أي أجعلوا طلب إعلاء الدين لازمًا لها كلزوم القلائد للأعناق "ولا تقلدوها الأوتار" قيل: جمع وتر بالكسر وهو الدم، والمعنى لا (¬1) تقلدوها طلب دماء الجاهلية، أي اقصدوا بها الخير ولا تقصدوا بها الشر، وقيل: جمع وتر ¬

_ (¬1) ليست بالأصل.

باب في تعليق الأجراس

تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ. بَابٌ فِي تَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ 2554 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ». 2555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ». === القوس كما تقدم. بَابٌ فِي تَعْلِيقِ الْأَجْرَاسِ 2554 - "لا تصحب الملائكة" أي ملائكة الرحمة والكرامة، "رفقة" بضم الراء وكسرها الجماعة المرافقون في السفر، "جرس" بجيم وراء مفتوحتين وهو الجلجل الذي يعلق على عنق الدواب؛ قيل: إنما كره لأنه على أصحابه بصوته وكان عليه الصلاة والسلام يحب ألا يعلم العدو به حتى يأتيهم (¬1) فجأة. 2555 - "كلب" قيل: لأنه لما نهي عن اتخاذه عوقب متخذوه بتجنب الملائكة من صحبتهم. ¬

_ (¬1) أرى -والله تعالى أعلم- أن هذا التأويل غير صحيح؛ لأن الجرس ورد في بيان سبب كراهة نص صريح في الحديث التالي وهو تسميته "مزمار الشيطان"، كما أن الحديث لا يساعد هذا التأويل؛ لأن ظاهره لا علاقة له بالغزو، كما أنه ورد عامًا في أي سفر ولم يرد ما يخصصه بإرادة مفاجأة العدو.

باب في ركوب الجلالة

2556 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي الْجَرَسِ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ». بَابٌ فِي رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ 2557 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نُهِيَ عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ» 2558 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتَيَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الجَلَّالَةِ فِي الْإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا». === "مزمار" بكسر الميم أي غناءه؛ أضيف إلى الشيطان لأنه الحامل على تعليقه. بَابٌ فِي رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ 2557 - "عن ركوب الجلالة" بفتح جيم وتشديد لام وهي من الحيوان ما تأكل العذرة، قيل: هذا إذا كان غالب علفها منها حتى ظهر الأثر في لحمها ولبنها وعرقها، قال الخطابي: كره ركوبها كما كره أكل لحمها؛ لأن ريح عرقها منتن كلحمها (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 250.

باب في الرجل يسمي دابته

بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسَمِّي دَابَّتَهُ 2559 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مُعَاذٍ، قَالَ: «كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ». بَابٌ فِي النِّدَاءِ عِنْدَ النَّفِيرِ يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي 2560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسَمِّي دَابَّتَهُ 2559 - "عفير" قيل: هو تصغير ترخيم لأعفر من العفرة، وهي الغبرة ولون التراب كما قالوا في: أسود سويد وتصغيره غير مرخم أعيفر كأسيود. بَابٌ فِي النِّدَاءِ عِنْدَ النَّفِيرِ يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي أي الخروج إلى الغزو، "يا خيل الله اركبي" يل: على حذف المضاف، أي يا فرسان خيل الله اركبي، قيل: بل هو من المجاز وهو من أحسن المجازات وألطفها (¬1)، وقال الراغب: الخيل تطلق على الأفراس والفرسان جميعًا (¬2) وجعل هذا اللفظ من إطلاق على الفرسان قاله السيوطي، قلت: يشير بهذه الترجمة إلى ما أخرج العسكرى في الأمثال عن أنس أن حارثة بن النعمان قال: يا نبي الله؛ ادع الله لي بالشهادة فدعا له، قال: فنودي يومًا يا خيل الله اركبي؛ فكان أول فارس ركب وأول فارس استشهد (¬3). ¬

_ (¬1) النهاية لابن الأثير: 2/ 94. (¬2) لسان العرب: مادة "خيل" 11/ 231. (¬3) فتح الباري- ابن حجر: 7/ 413، وابن جرير الطبري: 6/ 133، وابن كثير في التفسير: 3/ 92. ولكن بمعناه.

باب النهي عن لعن البهيمة

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى خَيْلَنَا خَيْلَ اللَّهِ إِذَا فَزِعْنَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا فَزِعْنَا بِالْجَمَاعَةِ وَالصَّبْرِ وَالسَّكِينَةِ، وَإِذَا قَاتَلْنَا». بَابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الْبَهِيمَةِ 2561 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَسَمِعَ لَعْنَةً، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟ » قَالُوا: هَذِهِ فُلَانَةُ لَعَنَتْ رَاحِلَتَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَعُوا عَنْهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» فَوَضَعُوا عَنْهَا قَالَ عِمْرَانُ: «فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهَا نَاقَةٌ وَرْقَاءُ». === 2560 - "فزعنا" بكسر الزاي من الفزع قيل: بمعنى الخوف أو بمعنى الإغاثة والحمل على المعنى الأخير لا يأباه قوله: "وإذا قاتلنا"؛ إذ لا يلزم من الإغاثة المقاتلة. بَابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الْبَهِيمَةِ 2561 - "ضعوا عنها" أي ما عليها واجعلوها عارية لئلا يركبها أحد، قيل: أمر بذلك؛ لأنه قد استجيب بها الدعاء عليها باللعن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنها ملعونة" وقيل: فعل ذلك عقوبة لصاحبتها؛ لئلا تعود إلى مثل قولها، "ورقاء" كحمراء أي مائلة إلى السواد.

باب في التحريش بين البهائم

بَابٌ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ 2562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ». بَابٌ فِي وَسْمِ الدَّوَابِّ 2563 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخٍ لِي حِينَ وُلِدَ لِيُحَنِّكَهُ، === بَابٌ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ 2562 - "عن التحريش بين البهائم" قال في النهاية: هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الكباش والديوك وغيرها (¬1). بَابٌ فِي وَسْمِ الدَّوَابِّ 2563 - قوله "ليحنكه" هو بالتشديد أشهر يقال: حنك الصبي بالتخفيف والتشديد إذا مضغ تمرًا ودلّك به داخل الفم "في مربد" بكسر الميم وفتح الباء، المكان الذي تحبس فيه الإبل والغنم؛ من ربد بالمكان أقام به، "يسم" من الوسم بمهملة على "الصحيح وجوز الإعجام هو الكية، ولا ينبغي أن يكون في الوجه لما سيجيء من النهي؛ بل ينبغي أن يكون في الأذن وغيره إن احتيج إليه للتعريف ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير: 1/ 368.

باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه

فَإِذَا هُوَ فِي مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَمًا» أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي آذَانِهَا. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الوَسْمِ فِي الْوَجْهِ وَالضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ 2564 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِحِمَارٍ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَمَا بَلَغَكُمْ أَنِّي قَدْ لَعَنْتُ مَنْ وَسَمَ الْبَهِيمَةَ فِي وَجْهِهَا أَوْ ضَرَبَهَا فِي وَجْهِهَا؟ » فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحُمُرِ تُنْزَى عَلَى الْخَيْلِ 2565 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنِ ابْنِ زُرَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: === والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحُمُرِ تُنْزَى عَلَى الْخَيْلِ من الإنزاء على بناء المفعول؛ والمصنف أخذ من الحديث كراهية إنزاء الحمر على الخيل؛ لأنه المذكور في هذا الحديث؛ وكذا هو المذكور في حديث ابن عباس (¬1)؛ وأما العكس فليس النهي عنه بصريح وإنما يؤخذ بالقياس، وقد يمنع صحة القياس بأن هاهنا قطعًا لنسل الخيل بخلاف العكس والله تعالى أعلم. 2565 - "لو حملنا" أي أنزينا "فكانت لنا" عطف على "حملنا"، وجواب "لو" محذوف وليس هو جوابها فإن الفاء لا تدخل في جواب لو؛ هذا إن جعل ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 234، 249. والترمذي في الجهاد (1701) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في الطهارة (141).

باب في ركوب ثلاثة على دابة

أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ فَرَكِبَهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ فَكَانَتْ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ». بَابٌ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ 2566 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوَرِّقٍ يَعْنِي الْعِجْلِيَّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ اسْتُقْبِلَ بِنَا، فَأَيُّنَا اسْتُقْبِلَ أَوَّلًا جَعَلَهُ أَمَامَهُ، فَاسْتُقْبِلَ بِي فَحَمَلَنِي أَمَامَهُ، ثُمَّ اسْتُقْبِلَ بِحَسَنٍ أَوْ حُسَيْنٍ فَجَعَلَهُ خَلْفَهُ فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ وَإِنَّا لَكَذَلِكَ. === لو شرطية، وإن جعلت للتمني فلا يحتاج إلى جواب، "الذين لا يعلمون" أحكام الشريعة أو ما هو الأولى والأنسب بالحكمة، أو هو منزل منزلة الازم (¬1)، أي من ليسوا من أهل المعرفة أصلا، قيل: سبب الكراهة: استبدال الأدنى بالذي هو خير، واستدل على جواز اتخاذ البغال بركوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبامتنان الله تعالى على الناس بها بقوله: {وَالْخَيلَ وَالْبِغَال} (¬2)، أجيب بجواز أن يكون البغال كالصوَر فإن عملها حرام واستعمالها في الفرس مباح والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ 2566 - "استقبل" على بناء المفعول وكذا فيما بعد، أي استقبله أهل بيته وأهل المدينة "فأينا" من صغاء أهل البيت. ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل ولعلها [الذم]. (¬2) سورة النحل: آية (8).

باب في الوقوف على الدابة

بَابٌ فِي الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ 2567 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ». بَابٌ فِي الْجَنَائِبِ 2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ === بَابٌ فِي الْوُقُوفِ عَلَى الدَّابَّةِ 2567 - "إياي أن تتخذوا" (¬1) الشايع في التحذير الخطاب، وقد يكون بصيغة التكلم مثل: إياي أن تحذف الأرنب أي نحني عن حذفه، ونح حذف الأرنب عن حضرتي، كذا ذكره بعض النحاة، ثم قد جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب على راحلته (¬2) فدل على أن النهي عند عدم الحاجة "وجعل لكم الأرض" أي خلقها لكم فاتخذوا فيها منابر ونحوها. بَابٌ فِي الْجَنَائِبِ جمع جنيبة بجيم فنون، والجنيبة التي تقاد، والمراد: التي ليس عليها راكب. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [إياكم]. (¬2) أحمد في مسنده: 4/ 186، 187، 238، البخاري في العلم (112)، أبو داود في المناسك (1954)، والترمذي في الوصايا (2121)، وابن ماجه في إقامة الصلاة (1284 - 1286).

باب في سرعة السير [والنهي عن التعريس في الطريق]

بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «تَكُونُ إِبِلٌ لِلشَّيَاطِينِ، وَبُيُوتٌ لِلشَّيَاطِينِ، فَأَمَّا إِبِلُ الشَّيَاطِينِ فَقَدْ رَأَيْتُهَا يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ بِجُنَيْبَاتٍ مَعَهُ قَدْ أَسْمَنَهَا فَلَا يَعْلُو بَعِيرًا مِنْهَا، وَيَمُرُّ بِأَخِيهِ قَدِ انْقَطَعَ بِهِ فَلَا يَحْمِلُهُ، وَأَمَّا بُيُوتُ الشَّيَاطِينِ فَلَمْ أَرَهَا» كَانَ سَعِيدٌ يَقُولُ: «لَا أُرَاهَا إِلَّا هَذِهِ الْأَقْفَاصُ الَّتِي يَسْتُرُ النَّاسُ بِالدِّيبَاجِ». بَابٌ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ [وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعْرِيسِ فِي الطَّرِيقِ] 2569 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: === 2568 - "بنجيبات" (¬1) بتقديم النون على الجيم جمع نجيب، والنجيب من الإبل القوي السريع يريد بها ما تعد للتفاخر يسوقها الرجل في سفره، "فلا يعلوها" (¬2) أي لا يركبها لعدم الحاجة ولا يعين أخاه الذي يمر به و"قد انقطع به" على بناء المفعول أي انقطع عن الرفقة لضعفه وعجزه، "هذه الأقفاص" أي الهوادج التي يتخذها المترفهون. بَابٌ فِي سُرْعَةِ السَّيْرِ [وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعْرِيسِ فِي الطَّرِيقِ] 2569 - "في الخصب" هو بكسر الخاء كثرة العشب والمرعى؛ "حقها" نصيبها من نبات الأرض، أي دعوها ساعة فساعة حتى ترعى، "في الجدب" ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [بجنيبات]. (¬2) في السنن المطبوع [فلا يعلو بعيرًا منها].

باب في الدلجة

«إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الْإِبِلَ حَقَّهَا، وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَأَسْرِعُوا السَّيْرَ، فَإِذَا أَرَدْتُمُ التَّعْرِيسَ فَتَنَكَّبُوا عَنِ الطَّرِيقِ». 2570 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَ هَذَا قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: «حَقَّهَا»، «وَلَا تَعْدُوا الْمَنَازِلَ». بَابٌ فِي الدُّلْجَةِ 2571 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === القحط "فأسرعوا" إلخ أي لا تتوقفوا في الطريق لتبلغكم المقصد، قبل أن تضعف، "التعريس" النزول آخر الليل للاستراحة "فتنكبوا عن الطريق" أي اعدلوا عنه لأن السباع وغيرها تطرق في الليل على الطريق لتلقط ما سقط من المارة من مأكول ونحوه. 2570 - "ولا تعدوا المنازل" أي انزلوا في كل منزل لتستريحوا أو تستريح الدواب، ولا تجاوزوا منزلًا إلى آخر. بَابٌ فِي الدُّلْجَةِ 2571 - "بالدلجة" بالضم والفتح سير الليل أو آخره، يقال: أدلج بالتخفيف إذا سار من أول الليل، وادّلج بالتشديد إذا سار من آخره، والاسم: الدلجة ومنهم من فسر الإدلاج بسير الليل كله، وهو المناسب بقوله: "فإن الأرض تطوى

باب رب الدابة أحق بصدرها

وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ». بَابُ رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا 2572 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي جَاءَ رَجُلٌ وَمَعَهُ حِمَارٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ارْكَبْ وَتَأَخَّرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي إِلَّا أَنْ تَجْعَلَهُ لِي». قَالَ: فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ لَكَ، فَرَكِبَ. بَابٌ فِي الدَّابَّةِ تُعَرْقَبُ فِي الْحَرْبِ 2573 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ === بالليل" من غير فرق بين أول الليل وآخره. بَابُ رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا 2572 - "لا؛ أنت أحق" إلخ فإن قلت: قد جعله له حيث تأخر، قلت: لعله تأخر بزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق بالصدر فأعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن صاحب الدابة أحق لا أن يجعل لغيره يستوي فيه الرسول، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الدَّابَّةِ تُعَرْقَبُ فِي الْحَرْبِ من عرقب كدحرج أي يقطع عرقوبها، والعرقوب بالضم هو عصب خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع وهو من الإنسان فويق الكعب.

باب في السبق

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ يَحْيَى بْن عَبَّادٍ - حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي وَهُوَ أَحَدُ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ غَزَاةِ مُؤْتَةَ قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ حِينَ «اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ». بَابٌ فِي السَّبَقِ 2574 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا سَبَقَ إِلَّا === 2573 - "غزوة مؤتة" بضم ميم وهمزة موضع بالشام؛ "اقتحم عن فرس" أي رمى نفسه من غير رؤية وتثبت، "فعقرها" أصل العقر: ضرب قوائم الحيوان بالسيف وهو قائم، وهذا يفعله الناس في الحرب إذا أيقن بالموت لئلا يظفر به العدو فيقوى على قتال المسلمين. بَابٌ فِي السَّبَقِ 2574 - "لا سبق" هو بفتح الباء ما يجعل للسابق على سبقه من المال، وبالسكون مصدر سبقت وقال الخطابي: الصحيح رواية الفتح، أي لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة؛ وهي: الإبل، والخيل، والسهام، وقد ألحق بها ما بمعناها من آلة الحرب؛ لأن في الجعل عليها ترغيبًا في الجهاد وتحريضًا عليه (¬1) ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 255.

فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» 2575 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ» وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ مِمَّنْ سَابَقَ بِهَا. 2576 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَمِّرُ الْخَيْلَ» يُسَابِقُ بِهَا. 2577 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَن === والله تعالى أعلم. 2575 - "قد أضمرت" (¬1) إضمار الفرس وتضميرها تقليل علفها مدة وإدخالها بيت وتجليلها، لتعرق ويجف عرقها فيخف لحمها وتقوى على الجرى، وقيل: هو تسميتها أولًا ثم ردها إلى القوة، "والحفياء" بفتح حاء مهملة وسكون فاء ممدود ويقصر: موضع على أميال من المدينة، وقد يقال بتقديم الياء على الفاء، "أمدُها" غايتها، "بني زريق" بضم معجمة ففتح مهملة. "سبق" ضبطه بالتشديد وكذا "فضل". و"القرح" بضم قاف وتشديد راء مفتوحة جمع قارح، وهو من الخيل ما دخل في السنة الخامسة، "في الغاية" أي غاية السير. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [ضمرت].

باب في السبق على الرجل

نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَفَضَّلَ الْقُرَّحَ فِي الْغَايَةِ». بَابٌ فِي السَّبَقِ عَلَى الرِّجْلِ 2578 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ». بَابٌ فِي الْمُحَلِّلِ 2579 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْمَعْنَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ - يَعْنِي وَهُوَ لَا يُؤْمَنُ أَنْ === بَابٌ فِي الْمُحَلِّلِ 2579 - "من أدخل فرسًا بين فرسين" هذا في صورة التحليل، وتفصيله أنه قد يشترط في المسابقه ما للسابق، فإن كان من جهة الإمام أو من غيره من آحاد الناس، أو من أحد الفارسين دون الآخر وكان مالًا معلومًا فجائز، وإن كان منهما فلا يجوز إلا بمحلل يدخل بينهما بشرط أنه إن سبق المحلل فله السبقان وإن سبق فلا شيء عليه فهذا المحلل إن كان فرسه مما يمكن أن يكون سابقًا أو مسبوقًا

باب [في] الجلب على الخيل في السباق

يَسْبِقَ - فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أُمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ». 2580 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِإِسْنَادِ عَبَّادٍ وَمَعْنَاه. قال أبو داود: رَوَاهُ مَعْمَرٌ، وَشُعَيْبٌ، وَعَقِيلٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعَلْمِ، «وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَنَا». بَابٌ [فِي] الْجَلَبِ عَلَى الْخَيْلِ فِي السِّبَاقِ 2581 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، جَمِيعًا عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» زَادَ يَحْيَى فِي حَدِيثِهِ: «فِي الرِّهَانِ». 2582 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ === فجائز، وإن تعين سابقًا وكان مأمونًا من كونه مسبوقًا فلا يجوز. "لا يؤمن" على بناء المفعول من الأمن وكذا "أن يسبق" والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْجَلَبِ عَلَى الْخَيْلِ فِي السِّبَاقِ 2581 - "لا جلب ولا جنب" كلاهما بفتحتين، والجلب في السبق أن يتبع رجلا فرسه فيزجره ويجلب عليه ويصيح حثًّا له على الجري، والجنب فيه أن بجنب فرسًا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب يتحول إلى المجنوب،

باب [في] السيف يحلى

قَالَ: «الْجَلَبُ وَالْجَنَبُ فِي الرِّهَانِ». بَابٌ [فِي] السَّيْفِ يُحَلَّى 2583 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً». 2584 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ [ص: 31]، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِضَّةً» قَالَ قَتَادَةُ: «وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ». 2585 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ أَبُو غَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ فَذَكَرَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَقْوَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، وَالْبَاقِيَةُ ضِعَافٌ». بَابٌ فِي النَّبْلِ يَدْخُلُ بِهِ الْمَسْجِدَ 2586 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، === "في الرِهان" بكسر الراء من راهنته إذا خاطرته على شيء. بَابٌ [فِي] السَّيْفِ يُحَلَّى 2583 - "قبيعة سيف" قبيعة السيف كسفينة؛ ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد. بَابٌ فِي النَّبْلِ يَدْخُلُ بِهِ الْمَسْجِدَ 2586 - "بنصولها" بضمتين جمع نصل بفتح فسكون؛ حديدة السهم

باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولا

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «أَمَرَ رَجُلًا كَانَ يَتَصَدَّقُ بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يَمُرَّ بِهَا إِلَّا وَهُوَ آخِذٌ بِنُصُولِهَا». 2587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا» أَوْ قَالَ: «فَلْيَقْبِضْ كَفَّهُ». أَوْ قَالَ: «فَلْيَقْبِضْ بِكَفِّهِ أَنْ تُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ». بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا 2588 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا». === والرمح والسيف. 2587 - "على نصالها" جمع نصل، "أن تصيب" (¬1) أي خوفًا من أن تصيب أو كراهة، وقيل: بتقدير لا، أي لئلا تصيب. بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا 2588 - "يُتعاطى السيف" على بناء المفعول أي أن يأخذ البعض من البعض مكشوفًا؛ لأنه ربما سقط من اليد عند الأخذ فيؤذى الآخذ أو المعطي. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [أن يصيب].

باب في النهي أن يقد السير بين إصبعين

بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ 2589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ». بَابٌ فِي لُبْسِ الدُّرُوعِ 2590 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَسِبْتُ أَنِّي سَمِعْتُ يَزِيدَ [ص: 32] بْنَ خُصَيْفَةَ يَذْكُرُ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ، أَوْ لَبِسَ دِرْعَيْنِ». === بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ 2589 - "أن يقد" على بناء المفعول بتشديد الدال، "والسير" بفتح فسكون مما يعد من الجلد؛ أي نهي أن يقطع ويشق قطعة من الجلد بين أصبعين لئلا تعقره الحديدة، وهو يشبه نهيه عن تعاطي السيف مسلولا. بَابٌ فِي لُبْسِ الدُّرُوعِ في الصحاح بالضم مصدر قولك: لبست المثوب، واللباس ما يلبس، وكذلك اللبس بالكسر، والدرع بكسر فسكون قميص المرأة ودرع الحديد، والأول مذكر والثاني مؤنث. 2590 - "ظاهر" أي جمع بينهما ولبس أحدحما فوق الأخرى، وكأنه من التظاهر بمعنى التعاون والتساعد، أو كأنه جعل أحدهما ظهارة والأخرى بطانة، ومنه يعلم أن مباشرة الأسباب لا تنافي التوكل.

باب في الرايات والألوية

بَابٌ فِي الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ 2591 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ إِلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاهى؟ فَقَالَ: «كَانَتْ سَوْدَاءَ مُرَبَّعَةً مِنْ نَمِرَةٍ». 2592 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ وَهُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي الرَّايَاتِ وَالْأَلْوِيَةِ قيل: الراية واللواء مترادفان لا فرق بينهما، وقيل: بينهما فرق بأن اللواء هو العلم الصغير والراية الكبير، ومقتضى حديث الترمذي وأحمد عن ابن عباس (¬1): "كانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوداء ولواءه أبيض" ثبوت الفرق بينهما، وذكر ابن إسحاق عن عروة أن أول ما حدثت الرايات يوم خيبر وما كانوا يعرفون قبل ذلك إلا الألوية (¬2)، وبالجملة فكلام المصنف مبني على الفرق. 2591 - "من تمرة" بفتح فكسر، هي بردة مخططة من صوف تلبسها الأعراب، فالمراد بـ "سوداء" ما غلبه السواد. ¬

_ (¬1) الترمذي في الجهاد (6181) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس، ابن ماجه في الجهاد باب الرايات والألوية (2818) والبيهقي في السنن الكبرى في قسم الفيء والغنيمة 6/ 362، 363، مجمع الزوائد للهيثمي: 5/ 321 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني وفيه حيان بن عبيد الله. قال الذهبي: بيض له ابن أبي حاتم وبقية رجال أبي يعلى ثقات. ولم يرو الإمام أحمد هذا الحديث. (¬2) ابن حجر في الفتح: 7/ 477.

باب في الانتصار برذل الخيل والضعفة

يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «كَانَ لِوَاؤُهُ يَوْمَ دَخَلَ مَكَّةَ أَبْيَضَ». 2593 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ الشَّعِيرِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، عَنْ آخَرَ مِنْهُمْ قَالَ: رَأَيْتُ «رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفْرَاءَ». بَابٌ فِي الِانْتِصَارِ بِرُذُلِ الْخَيْلِ وَالضَّعَفَةِ 2594 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَاةَ الْفَزَارِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ابْغُونِي الضُّعَفَاءَ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «زَيْدُ بْنُ أَرْطَاةَ أَخُو عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُنَادِي بِالشِّعَارِ 2595 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْحَجَّاجِ === 2593 - "صفراء" أي أحيانًا، أو بعضها كانت سوداء وبعضها صفراء والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الِانْتِصَارِ بِرُذُلِ الْخَيْلِ وَالضَّعَفَةِ 2594 - "ابغوني الضعفاء" بهمزة وصل؛ من بغيتك الشيء طلبته لك، أو بهمزة قطع من أبغيته الشيء طلبنه له وأعنته على طلبته أو جعلته طالبًا له. طلبته بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُنَادِي بِالشِّعَارِ 2595 - "شعار المهاجرين" الشعار بكسر الشين العلامة، والمراد هاهنا: ما

عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: «كَانَ شِعَارُ الْمُهَاجِرِينَ عَبْدَ اللَّهِ، وَشِعَارُ الْأَنْصَارِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». 2596 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ شِعَارُنَا: أَمِتْ أَمِتْ. 2597 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنْ بُيِّتُّمْ فَلْيَكُنْ شِعَارُكُمْ حم لَا يُنْصَرُونَ». === يجعل في الحرب علامة بينهم من الكلمات لأجل ظلمة الليل - يعرف الرجل بها رفقاءه. 2596 - "أمت أمت" صيغة أمر من إماتة والمخاطب هو الله تعالى، فهو مع كونه شعارًا دعاء على الأعداء أو المخاطب كل أحد من المقاتلين فهو حث لهم على القتال. 2597 - "بيتم" على بناء المفعول أي بيتكم العدو ووقع يكم ليلا "حم، لا ينصرون" معناه اللهم لا ينصرون أو الله لا ينصرون، وهذا مبني على ما روي عن ابن عباس أن "حم" اسم من أسمائه تعالى (¬1) وقوله: "لا ينصرون" على الإخبار ولو كان دعاءً لكان بالجزم، وقيل: الشعار هو "حم" فقط وقوله: "لا ينصرون" بيان لفائدة هذا القول كأنه قيل: ما الفائدة إذا قلنا: حم فقيل: لا ينصرون؟ أي إنهم لا ينصرون عليكم إذا قلتموها والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) ابن جرير: 24/ 26، فتح القدير للشوكاني: 4/ 465. ط دار الوفاء.

باب ما يقول الرجل إذا سافر

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ 2598 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ، وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ، اللَّهُمَّ اطْوِ لَنَا الْأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ». === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ 2598 - "أنت الصاحب" المعين، و"الخليفة" الكافي، "من وعثاء السفر" بفتح واو وسكون عين مهملة ومثلثة ومد أي شدته ومشقته "وكآبة المنقلب" بفتح كاف وهمزة ممدودة أو ساكنة كرآفة ورأفة، في القاموس هي: الغم وسوء الحال والانكسار من حزن (¬1)، و"المنقلب" مصدر بمعنى الانقلاب أو اسم مكان، قال الخطابي: معناه أن ينقلب إلى أهله كئيبًا حزينًا لعدم قضاء حاجته أو إصابة آفة له أو يجدهم مرضى أو مات منهم بعضهم (¬2)، والمراد: "بسوء المنظر": كل منظر يعقب النظر إليه سوءًا "اطو لنا الأرض" صيغه أمر من الطي، أي قربها لنا وسهل السير فيها حتى لا يطول علينا، فكأنه قد طويت كذا قيل، ولا يعد في الحمل على الطي حقيقة لكن المطلوب التسهيل لا ذلك الطي ولو مع التشديد، نعم ذلك عادة من أسباب التسهيل فطلبه غير مستبعد والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) القاموس المحيط: 1/ 125 مادة (الكاب). (¬2) معالم السنن: 2/ 258.

2599 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَلِيًّا الْأَزَدِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَلَّمَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بِعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: " {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14]، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنِ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، اللَّهُمَّ اطْوِ لَنَا الْبُعْدَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ ". وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ: === 2599 - {سَخَّرَ لَنَا هَذَا} (1) المركب {مُقْرِنِينَ} (1) مطيقين، {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} (¬1) فيه تنبيه على أن حق الراكب أن يتذكر السفر إلى الله ولا يقصر نظره على سفره الذي هو فيه فقط، ويمكن أن يكون تنبيهًا على حسن النية في سفره حتى يكون بسفره ذلك متقربًا إلى الله، فيصير كأنه سفر إليه، "البرّ" بكسر فتشديد فسر بالعمل الصالح والخلق الحسن والثاني أوجه لقوله: "ومن العمل ما ترضى"، و "إذا رجع" أي وأشرف على المدينة كما جاء عن أنس في الصحيح: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أشرف على المدينة قال: آيبون" (¬2) إلخ جمع آيب اسم فاعل من آب إذا رجع، والتقدير: نحن آيبون وليس المراد: الإخبار بالرجوع فإنه قليل الجدوى سيما إذا كان الخطاب مع الله تعالى، بل إظهار النعمة للشكر "علوا الثنايا" جمع ثنية وهي العقبة، أي إذا ارتفعوا العقبات كبروا إحضارًا: لعظمة ¬

_ (¬1) سورة الزخرف: آية (13). (¬2) مسلم في الحج: 1345.

باب في الدعاء عند الوداع

«آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ». وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُيُوشُهُ إِذَا عَلَوْا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإِذَا هَبَطُوا سَبَّحُوا، فَوُضِعَتِ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ. بَابٌ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوَدَاعِ 2600 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ قَزَعَةَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ هَلُمَّ أُوَدِّعْكَ كَمَا وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ». 2601 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْخَطْمِيِّ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ الْجَيْشَ قَالَ: «أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكُمْ وَأَمَانَتَكُمْ وَخَوَاتِيمَ أَعْمَالِكُمْ». === خالقها وعلوه، و "إِذا هبطوا" أي نزلوا واديًا سبحوا تنزيهًا للخالق تعالى عن الانخفاض، "فوضعت الصلاة على ذلك"؛ حيث وضع فيها التسبيح حال الركوع والسجود والتكبير وقت الرفع من السجود والقعود والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوَدَاعِ 2600 - "استودع الله" استحفظه، "أمانتك" أي ما وضع عندك من الأمانات من الله تعالى أو من أحد من خلقه، أو ما وضعت أنت من الأمانات عند أحد أو ما يتعلق بك من الأمانات فيشمل القسمين والله تعالى أعلم.

باب ما يقول الرجل إذا ركب

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا رَكِبَ 2602 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ»، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ»، ثُمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14]، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ قَالَ: «سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ». ثُمَّ ضَحِكَ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ». ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ؟ قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا نَزَلَ الْمَنْزِلَ 2603 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ، قَالَ: كَانَ === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا نَزَلَ الْمَنْزِلَ 2603 - "فأقبل الليل" لا دلالة فيه على أنه يقول إذا نزل ذلك المكان فكأنه أخذ النزول من مناسبة الدعاء أو من أن الظاهر من حال المسافر النزول وقت الغروب، "وربك" بكسر الكاف خطاب للأرض إما اتساعًا أو لأنه تعالى خلق فيها سماعًا، "من شرك" أي مما ليس لخصوصه صفة مدخل فيه "وشر ما فيك" أي

باب في كراهية السير في أول الليل

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ اللَّيْلُ قَالَ: «يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ، وَمِنِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ الْبَلَدِ، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ السَّيْرِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ 2604 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ === مما لغلبة بعض أوصافها مدخل كاليبوسة والبرودة، و "ما خلق" منك من الحشرات والبهائم و "أسود" كأفعل هو الحية العظيمة التي فيها سواد وهي أخبث الحيات، فلذلك خصت بالذكر كالأسد، والمراد بساكني البلد: الجن الذين هم سكان الأرض، والبلد من الأرض ما كان مأوى لحي وإن لم يكن فيه بناء ومنازل وفسروا "والد وما ولد" بإبليس والشياطين، قلت: ويحتمل أن المراد كل والد ومولود على عموم النكرة في الإثبات كما في قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} (¬1) والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ السَّيْرِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ 2604 - "لا ترسلوا فواشيكم" جمع فاشية وهي ما يرسل من الدواب في المرعى ونحوه فتنتشر وتفشو كالإبل والبقر والغنم، "فحمة العشاء" بفتخ الفاء ¬

_ (¬1) سورة التكوير: آية (14) سورة الانفطار: آية (5).

باب في أي يوم يستحب السفر

تَعِيثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْفَوَاشِي: «مَا يَفْشُو مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». بَابٌ فِي أَيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ 2605 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ فِي سَفَرٍ إِلَّا يَوْمَ الْخَمِيسِ». بَابٌ فِي الِابْتِكَارِ فِي السَّفَرِ 2606 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ حَدِيدٍ، عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ === وسكون الحاء المهملة هي إقبال الليل وأول سواده تشبيهًا بالفحم. "تعبث" بفتح التاء أي تفسد. بَابٌ فِي أَيِّ يَوْمٍ يُسْتَحَبُّ السَّفَرُ 2605 - "إلا يوم الخميس" قيل: تفاؤلًا بالغنيمة التي يخرج منها الخمس. بَابٌ فِي الِابْتِكَارِ فِي السَّفَرِ 2606 - "في بكورها" بضمتين مصدر بكرة أي فيما يأتون بها أول النهار

باب في الرجل يسافر وحده

مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ «وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ صَخْرُ بْنُ وَدَاعَةَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسَافِرُ وَحْدَهُ 2607 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ». بَابٌ فِي الْقَوْمِ يُسَافِرُونَ يُؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ 2608 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ». === "فأثرى" أي كثر ماله فعطف قوله: "وكثر ماله" للتفسير. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسَافِرُ وَحْدَهُ 2607 - "الراكب شيطان" أي سفر ما دون الثلاثة منهي عنه؛ ففاعله مطيع للشيطان وآت للمعصية التي هي من أفعاله. بَابٌ فِي الْقَوْمِ يُسَافِرُونَ يُؤَمِّرُونَ أَحَدَهُمْ 2608 - "فليؤمر" من التأمير، أي ليجعلوا أحدهم أميرًا دفعًا للاختلاف في المنزل وغيره، والتقييد بثلاثة لأنهم أقل المراتب، فإذا احتاجوا إلى أمير فالأكثر بالأولى.

باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو

2609 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ» قَالَ نَافِعٌ: فَقُلْنَا لِأَبِي سَلَمَةَ: فَأَنْتَ أَمِيرُنَا. بَابٌ فِي الْمُصْحَفِ يُسَافَرُ بِهِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ 2610 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ» قَالَ مَالِكٌ: «أُرَاهُ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ». بَابٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْجُيُوشِ وَالرُّفَقَاءِ وَالسَّرَايَا 2611 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ === بَابٌ فِي الْمُصْحَفِ يُسَافَرُ بِهِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ 2610 - "بالقرآن" بالمصحف. بَابٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْجُيُوشِ وَالرُّفَقَاءِ وَالسَّرَايَا 2611 - "خير الصحابة" أي خير الرفقاء، وخيرية هذه الأعداد بالنسبة إلى ما دونها، وقوله: "ولن يغلب" على بناء المفعول ترغيب لهم في الصبر وأنه ليس

باب في دعاء المشركين

أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ». بَابٌ فِي دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ 2612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى سَرِيَّةٍ أَوْ جَيْشٍ أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَقَالَ: " إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ: ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ === لهم أن يروا أنفسهم قليلين فيفروا لذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ 2612 - "على سرية" بفتح فكسر فتشديد: قطعة من الجيش الكبير، "وبمن" الباء بمعنى في وهو عطف على "في خاصة نفسه"، و"خيرًا" منصوب بنزع الخافض أي بخير، أي أوصاه في معاملته مع الله بالتقوى والشدة على النفس، وفي معاملته مع الخلق بالرفق والمسامحة، "وإذا لقيت" خطاب للأمير لأن غيره تبع له، "أو خلال" شك من الراوي، والخلال جمع خلة بالفتح وهي الخصلة، "وكف" بضم وتشديد أمر من الكف، وهو يكون لازمًا بمعنى الامتناع ومتعديًا بمعنى المنع، فإن جعل هاهنا متعديًا يقدر له مفعوله أي امنع القتال واحبسه عنهم، "ادعهم إلى الإِسلام" قالوا: هذا لمن لم تبلغه الدعوة قبل وإلا فهو مندوب لا واجب "إلى التحول" أي الهجرة، "أن لهم ما للمهاجرين" من الثواب

عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يُجْرَى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تُنْزِلْهُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ مَا يَحْكُمُ اللَّهُ فِيهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ اقْضُوا فِيهِمْ بَعْدُ مَا شِئْتُمْ " قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ عَلْقَمَة: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ قَالَ: قَالَ === واستحقاق مال الفيء والغنيمة وإن لم يجاهدوا فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينفق عليهم من الفيء والغنيمة بلا جهاد. "وأن عليهم" قيل: ما على المهاجرين من الخروج إلى الجهاد إذا أمرهم بذلك سواء كان بإزاء العدو من به الكفاية أو لم يكن، بخلاف غير المهاجرين؛ فإنه لا يجب عليهم الخروج إذا كان بإزاء العدو من به الكفاية. كذا قيل. ثم ظاهر الحديث أن الخصال الثلاث هي: الإسلام والهجرة والجزية، ولا يخفى أنه لا مقابلة بين الهجرة والاسلام؛ فلذلك قيل: هي الإسلام والجزية والمقاتلة، ولا يخفى أن عد المقاتلة منها لا يناسبه قوله: "فإن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم"، إلا أن يقال: ليس معنى "كف عنهم" لا تفاتلهم؛ بل

أَبُو دَاوُدَ: «هُوَ ابْنُ هَيْصَمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَة». 2613 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الأَنْطَاكِيُّ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا». 2614 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْفِزْرِ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ». === معناه: لا تطلب منهم الثانية، وقيل: هي الإسلام مع الهجرة، أو الإسلام بدونها أو الجزية، "فأرادوك" على نزع الخافض؛ أي أرادوا منك أن تنزل من الإنزال أو التنزيل. 2613 - "اغزوا" خطاب لجميع الجيش "اغزوا" تأكيد للأول، "ولا تغدروا" بكسر الدال أي تنقضوا العهد إن وجد بينكم، و "لا تغلوا" بضم الغين المعجمة، "ولا تمثلوا" بضم المثلثة المخففة وضبط من باب التفعيل أيضًا لكن التفعيل للمبالغة ولا يناسبه النهي، نعم هو مشهور رواية. و"وليدًا": الطفل.

باب في الحرق في بلاد العدو

بَابٌ فِي الْحَرْقِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ 2615 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ البُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} [الحشر: 5]. 2616 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَةُ، فَحَدَّثَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا وَحَرِّقْ». 2617 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ قِيلَ لَهُ أُبْنَى؟ قَالَ: نَحْنُ أَعْلَمُ هِيَ: يُبْنَى فِلَسْطِينَ. === بَابٌ فِي الْحَرْقِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ 2615 - "بني النضير" كأمير، "والبويرة" بضم ففتح موضع كان به نخل بني النضير، "فأنزل الله" إلخ وذلك أنه حين قطع نادوه؛ يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بالك تقطع النخل وتحرقها، قال السهيلي: قال أهل التأويل: وقع في نفوس المسلمين من هذا الكلام شيء حتى أنزل الله الآية، واللينة: ألوان التمر ما عدا العجوة. 2616 - "عهد" يكسرها أي أمره "أغر" أمر من الإغارة "أبنى" بضم همزة وسكون باء مقصور اسم موضع ويقال له: يبني.

باب بعث العيون

بَابٌ بَعْثِ الْعُيُونِ 2618 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «بَعَثَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُسْبَسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ». بَابٌ فِي ابْنِ السَّبِيلِ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ، وَيَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ إِذَا مَرَّ بِهِ 2619 - حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى مَاشِيَةٍ فَإِنْ كَانَ فِيهَا صَاحِبُهَا فَلْيَسْتَأْذِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَلْيُصَوِّتْ ثَلَاثًا، === بَابٌ بَعْثِ الْعُيُونِ 2618 - "بُسيَسة" (¬1) بضم الباء وفتح السين ثم ياء تصغير ثم عين، "عينًا" أي جاسوسًا. بَابٌ فِي ابْنِ السَّبِيلِ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ، وَيَشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ إِذَا مَرَّ بِهِ 2619 - "إني أتى أحدكم على ماشيته" الحديث، قال الخطابي: هذا في المضطر الذي لا يجد طعامًا وهو يخاف على نفسه التلف (¬2)، وقال البيهقي في سننه: أحاديث الحسن عن سمرة لا يثبتها بعض الحفاظ، ويزعم أنه من كتاب غير ¬

_ (¬1) في هامش السنن المطبوع ["بسبسة" بضم الباء الموحدة بعدها سين مهملة ساكنة وبعدها باء موحدة مفتوحة فسين مهملة - اسم رجل وهو بسبسة بن عمرو. ويقال: ابن بشر كما يقال في اسمه: بسيسة بالتصغير. (¬2) معالم السنن: 2/ 264.

فَإِنْ أَجَابَهُ فَلْيَسْتَأْذِنْهُ وَإِلَّا فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلْ». 2620 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: أَصَابَتْنِي سَنَةٌ فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَفَرَكْتُ سُنْبُلًا فَأَكَلْتُ، وَحَمَلْتُ فِي ثَوْبِي، فَجَاءَ صَاحِبُهُ فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: «مَا عَلَّمْتَ إِذْ كَانَ جَاهِلًا، وَلَا أَطْعَمْتَ إِذْ كَانَ جَائِعًا» - أَوْ قَالَ: «سَاغِبًا» - وَأَمَرَهُ === حديث العقيقة، فإن صح فهو مجهول على حال الضرورة اهـ (¬1). قلت: أحاديث الحسن عن سمرة محمولة على السماع عند المحققين وقد استدل الترمذي في كتابه على سماع الحسن عن سمرة في غير ما موضع (¬2)، وأما الحمل على حال الضرورة فيأباه قوله: "أتى أحدكم" على عموم الخطاب، وقوله: "فليستأذنه فإن أذن له"؛ إذ المضطر يحل له بلا إذن والله تعالى أعلم. "فليصوت" بلام الأمر من التصويت. 2620 - "أصابتني سنة" أي جوع وقحط، "ففركت" من فركت السنبل بيدي أفرك من باب نصر إذا أخرجت ما فيه من الحبوب، "ما علمت" من التعليم، أي أنه كان جاهلًا جائعًا، فاللائق بك تعليمه أولًا بأن لك ما سقط، وإطعامه بالمسامحة عما أخذ ثانيا، وأنت ما فعلت شيئًا من ذلك، "ساغبًا" أي ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن في البيوع: 9/ 359. (¬2) على سبيل المثال الحديث (1583) فيه روى الحسن عن سمرة، (1522).

باب من قال إنه يأكل مما سقط

فَرَدَّ عَلَيَّ ثَوْبِي وَأَعْطَانِي وَسْقًا أَوْ نِصْفَ وَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ. 2621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ شُرَحْبِيلَ رَجُلًا مِنَّا مِنْ بَنِي غُبَرَ بِمَعْنَاهُ. بَابُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا سَقَطَ 2622 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَهَذَا لَفْظُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَكَمٍ الْغِفَارِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، عَنْ عَمِّ أَبِي رَافِعِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا أَرْمِي نَخْلَ الْأَنْصَارِ فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، لِمَ تَرْمِي النَّخْلَ؟ » قَالَ: آكُلُ. قَالَ: «فَلَا تَرْمِ النَّخْلَ، وَكُلْ مِمَّا يَسْقُطُ فِي أَسْفَلِهَا»، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ». === جائعًا. بَابُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَأْكُلُ مِمَّا سَقَطَ 2622 - "وكل مما سقط" (¬1) قيل: هذا دليل على أنه لم يكن مضطرًا، وإلا لما خصه بما سقط، وكذا الدعاء بقوله: "أشبع بطنه" فمقتضاه ألا يخص ما جاء من حديث "من دخل حائطًا فليأكل" (¬2) أي ما سقط ولا يتخذ حبته بحالة الاضطرار كما قالوا: والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [مما يسقط]. (¬2) الترمذي في البيوع (1287) وقال: حديث ابن عمر حديث غريب، وابن ماجه في التجارات (2301) والبيهقي في البيوع 9/ 359.

باب فيمن قال: لا يحلب

بَابٌ فِيمَنْ قَالَ: لَا يَحْلِبُ 2623 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَثَلَ طَعَامُهُ؟ فَإِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلَا يَحْلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ». بَابٌ فِي الطَّاعَةِ 2624 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ «بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ» أَخْبَرَنِيهِ === بَابٌ فِيمَنْ قَالَ: لَا يَحْلِبُ 2623 - "مشربته" بفتح ميم وضم راء الغرفة، "خزانته" بكسر الخاء، "فينتثل" بنون بعد حرف المضارعة ثم تاء مثناة من فوق ثم مثلثة، أي يستخرج، "تخزن" من خزن المال حفظه من نصر. بَابٌ فِي الطَّاعَةِ 2624 - "في سرية" وروى الترمذي سرية بدون كلمة في (¬1) وهي الأظهر؛ لأن المقصود بيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه وحده سرية، فيجب من بعثه الإمام وحده ¬

_ (¬1) الترمذي في الجهاد (1672) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن جريج.

يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. 2625 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا، فَأَجَّجَ نَارًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْتَحِمُوا فِيهَا، فَأَبَى قَوْمٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنَ النَّارِ، وَأَرَادَ قَوْمٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا أَوْ دَخَلُوا فِيهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا». === سرية أن يطيعه والله تعالى أعلم. 2625 - "وأمر" من التأمير وأمرهم من الأمر، "أجج نارًا" بجيمين أولاهما مشددة؛ أوقدها "إنما الطاعة في المعروف" قال الخطابي: هذا يدل على أن طاعة الولاة لا تجب إلا في المعروف، وأما غيره فلا طاعة لهم فيه؛ فإن أمر بمندوب ندبت طاعته فيه ولم تجب، وإن أمر بمباح لم يجب ولم يندب، أو بمكروه كرهت طاعته فيه، أو بحرام حرمت، ومن الجهال الآن من يظن أن طاعة السلطان واجبة في كل شيء يأمر به، وهذا جهل يؤدي إلى الكفر، فإن من رأي تقديم أمر السلطان على أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر الشرع كفر (¬1). وقلت: نصوص القرآن والسنة تفيد أنها في المعروف واجبة. والمراد بالمعروف: غير المعصية وإلا لم يبق لقوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (¬2) كبير فائدة وعليه يدل أول كلام الخطابي وعلى هذا يلزم أنه لو أمر بمندوب أو مباح يجب على الإنسان طاعته فيه، وأما ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 266. (¬2) سورة النساء: آية (59).

وَقَالَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ». 2626 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ». 2627 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ رَهْطِهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَسَلَحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سَيْفًا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: لَوْ رَأَيْتَ مَا لَامَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَعَجَزْتُمْ إِذْ بَعَثْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ فَلَمْ يَمْضِ === آخر كلام الخطابي وهو أنها في المباح مباحة وفي المندوب مندوبة فيدل على خلافه، ففي كلامه تناقض والله تعالى أعلم. 3637 - "فسلحت رجلا منهم سيفًا" على صيغه المتكلم، في المجمع: أي جعلته سلاحه وهو ما أعددته للحرب من آلة الحديد، والسيف وحده يسمى سلاحًا، سلحته: أعطيته سلاحًا وإن شددته فللتكثير اهـ (¬1)، والتكثير هاهنا غير مناسب، فينبغي أن يكون بالتخفيف: "ما لامنا" من اللوم، "قال" بيان للومه صلى الله تعالى عليه وسلم، "إذا بغت رجلا" (¬2)، أي أميرًا، وحاصله أن الأمير ¬

_ (¬1) النهاية: ابن الأثير: 2/ 388. (¬2) في السنن المطبوع [إذا بعثت].

باب ما يؤمر من انضمام العسكر [وسعته]

لِأَمْرِي، أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ مَنْ يَمْضِي لِأَمْرِي؟ ». بَابُ مَا يُؤْمَرُ مِنَ انْضِمَامِ الْعَسْكَرِ [وَسَعَتِهِ] 2628 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ قُبَيْسٍ - مِنْ أَهْلِ جَبَلَةَ سَاحِلِ حِمْصَ، وَهَذَا لَفْظُ يَزِيدَ - قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُسْلِمَ بْنَ مِشْكَمٍ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا - قَالَ عَمْرٌو: كَانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا - تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ، إِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ». فَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى يُقَالَ: لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ ثَوْبٌ لَعَمَّهُمْ. 2629 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ اللَّخْمِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ كَذَا وَكَذَا، فَضَيَّقَ النَّاسُ الْمَنَازِلَ وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ، فَبَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ === إذا خالف الأمر ينبغي للناس أن يعزلوه ويقيموا آخر مكانه، قالوا هذا إذا لم يكن الأمر مفضيًا إلى الفتنة. بَابُ مَا يُؤْمَرُ مِنَ انْضِمَامِ الْعَسْكَرِ [وَسَعَتِهِ] 2628 - "إنما ذلكم من الشيطان"، أي إنه يحملكم عليه.

باب في كراهية تمني لقاء العدو

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي النَّاسِ «أَنَّ مَنْ ضَيَّقَ مَنْزِلًا أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا فَلَا جِهَادَ لَهُ». 2630 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ 2631 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَعْمَرٍ وَكَانَ كَاتِبًا لَهُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى حِينَ خَرَجَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ». ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِي السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». === بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ 2631 - "إِن الجنة تحت ظلال السيوف" كناية عن حصول الجنة لمن تحت ظلال السيوف، بحيث كأنه حال كونه تحت الظلال داخل في الجنة وظلال دنوه من المضاربة في الجهاد حتى تعلوه السيوف ويصير ظلالها عليه.

باب ما يدعى عند اللقاء

بَابُ مَا يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ 2632 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ». بَابٌ فِي دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ 2633 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الْقِتَالِ، فَكَتَبَ إِلَيَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ «أَغَارَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا حَدِيثٌ نَبِيلٌ، رَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَلَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ أَحَدٌ». === بَابُ مَا يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ 2632 - "أحول" أحتال أو أدفع وأمنع، "أصول"، أغلب. بَابٌ فِي دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ 2633 - "إِن ذلك" أي وجوب الدعاء إلى الإسلام قبل للقتال. "وهم غارون" بتشديد الراء أي غافلون، "مقاتلتهم" المقاتلة الجماعة الصالحة للقتال، والصالح له من يكون عاقلا بالغا "كان يغير" بضم حرف المضارعة.

باب المكر في الحرب

2634 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يُغِيرُ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَانَ يَتَسَمَّعُ، فَإِذَا سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ». 2635 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ مُسَاحِقٍ، عَنِ ابْنِ عِصَامٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ مَسْجِدًا أَوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّنًا فَلَا تَقْتُلُوا أَحَدًا». بَابُ الْمَكْرِ فِي الْحَرْبِ 2636 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ === 2635 - "فلا تقتلوا أحدًا" حذرًا عن الوقوع في قتل مسلم. بَابُ الْمَكْرِ فِي الْحَرْبِ 2636 - "الحرب خدعة" روي بفتح فسكون للمرة أي إن الحرب ينقضي أمرها بمرة واحدة من الخداع فبمرة من الخداع تنهزم الجيوش وتفتح البلاد، وهذا الوجه أصح رواية، وروي بضم فسكون وهو اسم من الخداع أي معظم الحرب المكر والخديعة، وبضم ففتح أي هي خداعة للإنسان تظهر له أولًا الخير فإذا لابسها وجد الأمر خلافها، قال الخطابي: المقصود إباحة الخداع في الحرب وإن كان محظورًا في غيرها من الأمور وهذا المقصود لا يتم علي جميع الوجوه (¬1) ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 269.

باب في البيات

جَابِرًا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْحَرْبُ خُدَعَةٌ». 2637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى غَيْرَهَا وَكَانَ يَقُولُ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَجِئْ بِهِ إِلَّا مَعْمَرٌ يُرِيدُ قَوْلَهُ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ» بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. بَابٌ فِي الْبَيَاتِ 2638 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، وَأَبُو عَامِرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَغَزَوْنَا نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَبَيَّتْنَاهُمْ نَقْتُلُهُمْ، وَكَانَ شِعَارُنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَمِتْ أَمِتْ» قَالَ سَلَمَةُ: «فَقَتَلْتُ === والله تعالى أعلم. 2637 - "ورَي" من التورية وغيرها بنزع الخافض أي بغيرها، أي أخفاها وسترها بذكر غيرها وذلك بالبحث عن موضع آخر والسؤال عنه بأن يقول: نريد الذهاب إلى موضع كذا فإنه كذب صريح والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْبَيَاتِ 2638 - "أمر" من التأمير، "فغزونا" أي معه، "فبيتنا" بتشديد الياء أي وقعنا

باب [في] لزوم الساقة

بِيَدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ سَبْعَةَ أَهْلِ أَبْيَاتٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» بَابٌ [فِي] لُزُومِ السَّاقَةِ 2639 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ شَوْكَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّفُ فِي الْمَسِيرِ فَيُزْجِي الضَّعِيفَ، وَيُرْدِفُ وَيَدْعُو لَهُمْ». بَابٌ عَلَى مَا يُقَاتَلُ الْمُشْرِكُونَ 2640 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا مَنَعُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا === عليهم ليلا، والبيات الهجوم على العدو ليلا. بَابٌ [فِي] لُزُومِ السَّاقَةِ 2639 - "يتخلف" أي يتأخر، "فيزجي" بضم ياء ثم زاي معجمة وجيم مكسورة أي يسوق. "ويردف" من أردفه أي جعله رديفه. [باب على ما يقاتل المشركون] 2640 - " حتى يقولوا: لا إله إلا الله" أي حتى يظهروا الإسلام، فدخل فيه الشهادتان وغيرهما مما لا يتم إظهار الإسلام بدونه، أو المراد: حتى ينقادوا لحكم الإسلام ولو بالجزية، وعلى الثاني فلا إشكال بأن القتال كما ينقطع بالإسلام ينقطع بالجزية، وعلى الأول فلا بد من القول بأن الكلام في مشركي العرب

بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى». 2641 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلُوا قِبْلَتَنَا، وَأَنْ يَأْكُلُوا ذَبِيحَتَنَا، وَأَنْ يُصَلُّوا صَلَاتَنَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ». 2642 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ الْمُشْرِكِينَ» بِمَعْنَاهُ. 2643 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إِلَى الْحُرَقَاتِ فَنَذِرُوا بِنَا فَهَرَبُوا فَأَدْرَكْنَا رَجُلًا، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَضَرَبْنَاهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ === والجزية لا تقل منهم، أو الحديث كان قبل شرع الجزية والله تعالى أعلم. 2643 - "إلى الحرقات" بالحاء والراء مهملتين أولهما مضمومة والثانية مفتوحة ثم قاف اسم لقبائل من جهينة، "فنذِروا" بكسر الذال المعجمة أي علموا، "فهربوا" أي فروا من حد نصر "غشيناه" بكسر الشين، "من لك" أي

فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا قَالَهَا مَخَافَةَ السِّلَاحِ. قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَهَا أَمْ لَا؟ مَنْ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ » فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أُسْلِمْ إِلَّا يَوْمَئِذٍ. 2644 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْكُفَّارِ، فَقَاتَلَنِي فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْتُلْهُ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ يَدِي. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ». === من يشفع لك في مقابلة لا إله إلا الله، "لم أسلم إلا يومئذ" أي ليكون الإسلام يجب تلك الخطيئة (¬1) والله تعالى أعلم. 2644 - "ثم لاذ" بذال معجمة أي اعتصم "فإنه بمنزلتك" أي في عصمة الإسلام وأنت بمنزلته في إباحة الدم. ¬

_ (¬1) هذا التأويل لا يساعده ظاهر قوله: (لم أسلم إلا يومئذ): بل المقصود -والله تعالى أعلم- أنه تمنى أن يكون إسلامه من هذه الساعة لتكون صحيفة إسلامه خالية من ذلك العمل الذي عاتبه فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عتابًا شديدًا.

باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود

بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ مَنِ اعْتَصَمَ بِالسُّجُودِ 2645 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ، فَأَسْرَعَ فِيهِمُ الْقَتْلَ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَالَ: «لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ هُشَيْمٌ، وَمَعْمَرٌ، وَخَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ، وَجَمَاعَةٌ === بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ مَنِ اعْتَصَمَ بِالسُّجُودِ 2645 - "بالسجود" أي سجدوا ليكون السجود عاصمًا لهم بأن يظهر به إسلامهم للناس فيتركوهم، "فأسرع" على بناء المفعول أي أسرعوا القتل بحيث ما تميز المسلم من الكافر، "بنصف العقل" بفتح فسكون، أي بنصف الدية؛ لأنهم أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين الكفرة فكانوا كمن هلك بعقل نفسه وفعل غيره فسقط حصة جنايته، "بريء من كل مسلم" أي من حفظه وموالاته لإيقاعه نفسه في التهلكة، أو بريء من دمه إن قتل وديته "لا تراءى ناراهما" أصله تتراءى بتائين حذفت أحدهما تخفيفًا؛ فإنه تفاعل من الرؤية، قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} (¬1) أي رأى كل جمع الجمع المقابل له، والمعنى: يجب على كل مسلم أن يتباعد عن منزل مشرك ولا ينزل بموضع يظهر فيه نار كل منهما لنار صاحبه، وإسناد الترائى إلى النارين مجاز؛ إذ النار تظهر من بعيد ففيه مبالغة في التباعد ¬

_ (¬1) سورة الشعراء: آية (61).

باب في التولي يوم الزحف

لَمْ يَذْكُرُوا جَرِيرًا». بَابٌ فِي التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ 2646 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حِينَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ تَخْفِيفٌ فَقَالَ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66]، قَرَأَ أَبُو تَوْبَةَ إِلَى قَوْلِهِ {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} ". قَالَ: «فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مِنَ العِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خَفَّفَ عَنْهُمْ». 2647 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ مِنْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَحَاصَ النَّاسُ حَيْصَةً، فَكُنْتُ فِيمَنْ حَاصَ قَالَ: فَلَمَّا بَرَزْنَا قُلْنَا: كَيْفَ نَصْنَعُ وَقَدْ فَرَرْنَا مِنَ الزَّحْفِ === بينهما والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ 2647 - "فحاص الناس حيصة" بحاء وصاد مهملتين، أي جالوا جولة يطلبون الفرار، ويروى بجيم وضاد معجمة من جاض في القتال إذا فروا أصل الجيض الميل على الشيء، "وبؤنا" من باء بالغضب رجع به قال تعالى: {وَمَنْ

باب في الأسير يكره على الكفر

وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ؟ فَقُلْنَا: نَدْخُلُ الْمَدِينَةَ فَنَتَثَبَّتُ فِيهَا وَنَذْهَبُ وَلَا يَرَانَا أَحَدٌ. قَالَ: فَدَخَلْنَا فَقُلْنَا: لَوْ عَرَضْنَا أَنْفُسَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَتْ لَنَا تَوْبَةٌ أَقَمْنَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ ذَهَبْنَا. قَالَ: فَجَلَسْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: نَحْنُ الْفَرَّارُونَ فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «لَا. بَلْ أَنْتُمُ الْعَكَّارُونَ». قَالَ: فَدَنَوْنَا فَقَبَّلْنَا يَدَهُ، فَقَالَ: «إِنَّا فِئَةُ الْمُسْلِمِينَ». 2648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16]. بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ 2649 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ === يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} (¬1) "فنذهب" (¬2) أي إلى الغزو مرة ثانية، "بل أنتم العكارون" العائدون إلى القتال والعاطفون عليه "فئة المسلمين" أي ملجأهم وناصرهم، والفئة: الجماعة التي تكون وراء الجيش يلتجيء إليها الجيش إن وقع فيهم هزيمة، قال الخطابي: مهد لهم بذلك عذرهم وهو تأويل قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} (¬3). بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُكْرَهُ عَلَى الْكُفْرِ 2649 - (عن خباب) كعلام، "محمرًا وجهه" أي من الغضب، "بالمنشار" ¬

_ (¬1) سورة الأنفال: آية (16). (¬2) في نسخة [لنذهب ولا يرانا أحد]- من هامش السنن المطبوع. (¬3) معالم السنن: 2/ 273.

باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما

قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ فَقَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمِنْشَارِ فَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ فِرْقَتَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ عَظْمِهِ مِنْ لَحْمٍ وَعَصَبٍ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَحَضْرَمُوتَ مَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ». بَابٌ فِي حُكْمِ الْجَاسُوسِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا 2650 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، حَدَّثَهُ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، وَكَانَ كَاتِبًا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، === بكسر ميم وسكون نون، وفي نسخة الحافظ السيوطي "المنشار" بمهمزة موضع نون وهما بمعنى يقال: أنشرت الخشبة ونشرتها إذا شققتها والمنشار اسم للآلة و"يمشط" على بناء المفعول "بأمشاط" جمع مشط بضم ميم وهو معروف، "ليتمن" من الإتمام بنون الثقيلة. بَابٌ فِي حُكْمِ الْجَاسُوسِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا 2650 - "أنا والزبير" ضمير أنا مرفوع مستعار للمنصوب لأنه تأكيد للمنصوب في "بعثني"، "روضة خاخ" بخائين معجمتين بينهما ألف موضع بين الحرمين، "ظعينة" امرأة، "تتعادى" تجري، "هلمى" أعطي، "لتُخرِجِنَّ" من

قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرُ، وَالْمِقْدَادُ، فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا». فَانْطَلَقْنَا تَتَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا: هَلُمِّي الْكِتَابَ. قَالَتْ: مَا عِنْدِي مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْتُ: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا === الإخراج بنون ثقيلة والخطاب للمرأة "أو لتلقين" (¬1) من الإلقاء على خطاب المرأة بنون ثقيلة، قالوا: الصواب في العربية حذف الياء، أي لتلقن، بلا ياء لأن النون الثقيلة إذا اجتمعت مع الياء الساكنة حذفت الياء لالتقاء الساكنين، أجاب الكرماني وتبعه غيره بأن الرواية إذا صحت تؤول إبقاء الياء مع الكسرة بأنها لمشاكلة "لتخرجن" وباب المشاكلة واسع، "من عقاصها" بكسر العين الشعر المضفور (¬2) "فإذا هو" أي الكتاب "من حاطب" بحاء مهملة وطاء مهملة مكسورة، (ابن أبي بلتعة) بموحدة مفتوحة ولام ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة. قيل: لفظ الكتاب: أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده فانظروا لا نفس والسلام (¬3). "ملصقًا" بفتح الصاد، أي مضاف إليهم لا نسب لي فيهم، "وإن قريشًا" أي من كان معك من قريش، "لهم بها": بمكة، أي بمن في مكة من ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [لنلقين] بنون المتكلمين. (¬2) في الأصل [المظفور]. (¬3) هكذا حكاه السهيلي في الروض الأنف 4/ 97. ط. الكليات الأزهرية: ذكره ابن حجر في فتح الباري: 7/ 521.

حَاطِبُ؟ » فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ فَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَهُمْ بِهَا قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي بِهَا، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلَا ارْتِدَادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ؟ » فَقَالَ: «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ». === قريش "صدقكم" بتخفيف الدال أي تكلم معكم كلام صدق. "هذا المنافق" كأنه أراد المنافق عملًا لا اعتقادًا وإلا فهذا الإطلاق ينافي قوله: "صدقكم" فلا يحل بعد ذلك وأما قوله: "فقال: اعملوا" إلخ فلعل المراد به: أنه تعالى علم منهم أنه لا يجيء منهم ما ينافي المغفرة فقال لهم ذلك: "إظهارًا لكمال الرضى عنهم وأنه لا يتوقع منهم بحسب الأعم الأغلب إلا الخير، وأن المعصية إن وقعت من أحدهم فهي نادرة مغفورة بكثرة الحسنات {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬1)، فهذا كناية عن كمال الرضى عنهم وعن كمال صلاح حالهم وتوفيقهم غالبًا للخير، وليس المقصود به الإذن في المعاصي كيف شاءوا، وهذا كما يقول أحد لخادمه أو امرأته إذا رأى الخير منهما: افعل ما شئت في المال أو البيت، والله تعالى أعلم. والمقصود أن حاطب صار بإرسال الكتاب إليهم جاسوسًا لهم وقد عفا عنه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يقتله. ¬

_ (¬1) سورة هود: آية (114).

باب في الجاسوس الذمي

2651 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: انْطَلَقَ حَاطِبٌ فَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَارَ إِلَيْكُمْ، وَقَالَ فِيهِ: قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ فَانْتَحَيْنَاهَا فَمَا وَجَدْنَا مَعَهَا كِتَابًا، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَأَقْتُلَنَّكِ أَوْ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابٌ فِي الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ 2652 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَكَانَ عَيْنًا لِأَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَ حَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَمَرَّ بِحَلَقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَقُولُ: إِنَّى مُسْلِمٌ، فَقَالَ === 2651 - "فانتحيناها" (¬1) قال السيوطي: بالحاء المهملة أي فصدناها وعرضناها، قلت: في بعض النسخ ألفاظ أخر إلا أن معانيها قريبة من هذا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ 2652 - "نكلهم إلى إيمانهم" أي إلى ما يظهرون من الإيمان فلا نقتلهم لذلك، وعلم من الحديث أن الجاسوس للمشركين الذمي يحل قتله إذا لم يسلم؛ لأنه نقض العهد بالتجسس لهم. ¬

_ (¬1) في بعض النسخ [فأتحناها]. هامش السنن المطبوع.

باب في الجاسوس المستأمن

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إِلَى إِيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ». بَابٌ فِي الْجَاسُوسِ الْمُسْتَأْمَنِ 2653 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ انْسَلَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ». قَالَ: فَسَبَقْتُهُمْ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ، فَنَفَّلَنِي إِيَّاهُ. 2654 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ هَاشِمَ بْنَ الْقَاسِمِ، وَهِشَامًا حَدَّثَاهُمْ، قَالَا: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوَازِنَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ === بَابٌ فِي الْجَاسُوسِ الْمُسْتَأْمَنِ 2653 - "عين" جاسوس، "ثم انسل" بتشديد اللام أي بتأن وتدريج، "سلبه" بفتحتين: ما كان عليه من الثياب والسلاح، "فنفلني" من التنفيل أي أعطاني. 2654 - "هوازن" اسم قبيلة والمراد غزوة حنين، "نتضحى" نتغذى يقال: تضحى فلان، أي أكل وقت الضحى، "وعامتنا" أي غالبنا "مشاة" بضم الميم جمع ماش. "ضعفة" بفتح فسكون، أي ضعف أو بفتحتين جمع ضعيف أي.

باب في أي وقت يستحب اللقاء

نَتَضَحَّى وَعَامَّتُنَا مُشَاةٌ وَفِينَا ضَعَفَةٌ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقْوِ الْبَعِيرِ فَقَيَّدَ بِهِ جَمَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ يَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى ضَعَفَتَهُمْ وَرِقَّةَ ظَهْرِهِمْ خَرَجَ يَعْدُو إِلَى جَمَلِهِ فَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ أَنَاخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُهُ، وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ هِيَ أَمْثَلُ ظَهْرِ الْقَوْمِ قَالَ: فَخَرَجْتُ أَعْدُو، فَأَدْرَكْتُهُ وَرَأْسُ النَّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ، وَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ فَأَنَخْتُهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَهُ بِالْأَرْضِ اخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَأَضْرِبُ رَأْسَهُ فَنَدَرَ، فَجِئْتُ بِرَاحِلَتِهِ وَمَا عَلَيْهَا أَقُودُهَا، فَاسْتَقْبَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ مُقْبِلًا فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟ » فَقَالُوا: سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ. فَقَالَ: «لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ» قَالَ هَارُونُ: «هَذَا لَفْظُ هَاشِمٍ». بَابٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُسْتَحَبُّ اللِّقَاءُ 2655 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِمْرَانَ === ضعفاء، "طلقا" بفتحتين هو سير يقيد به البعير "من حقو البعير" مؤخره، "ورقة ظهرهم" بكسر الراء وتشديد القاف، والظهر: المركوب، أي قلة الركوب، "يعدو" أي يجري، "يركضه"، أي يضربه برجله ليسرع في العدو، و "بخطام" بكسر الخاء المعجمة، "اخترطت سيفي" أي أخرجته من غمده، "فندر" بنون ثم دال وراء مهملتين طار رأسه عن بدنه أو سقط الرجل. بَابٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُسْتَحَبُّ اللِّقَاءُ 2655 - "وتهب الرياح" هو بتشديد الباء وقد أجرى الله تعالى العادة أن

باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء

الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ النُّعْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُقَرِّنٍ، قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ». بَابٌ فِيمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الصَّمْتِ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2656 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عِنْدَ الْقِتَالِ». 2657 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنِي مَطَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِثْلِ ذَلِكَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَرَجَّلُ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2658 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ === الرياح تهب من جانب المنصور فهي علامة النصر. بَابٌ فِيمَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الصَّمْتِ عِنْدَ اللِّقَاءِ بفتح فسكون أي السكوت. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَرَجَّلُ عِنْدَ اللِّقَاءِ بالجيم أي يمشي على الرجل.

باب في الخيلاء في الحرب

أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «لَمَّا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَانْكَشَفُوا نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ فَتَرَجَّلَ». بَابٌ فِي الْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ 2659 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَتِيك، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، وَإِنَّ مِنَ الخُيَلَاءِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ، فَأَمَّا الْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ === بَابٌ فِي الْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ "الخيلاء" بضم خاء معجمة والكسر وفتح ياء ممدود: الاختيال. 2659 - "من الغيرة" بفتح الغين المعجمة، "في الريبة" بكسر الراء، أي مواضع التهمة والتردد فيظهر فائدتها وهي الرهبة، وإلا من جاد، وإن لم يكن ريبة؛ تورث البغض والفتن "اختيال الرجل عند اللقاء" هكذا في بعض النسخ، وهو الظاهر وفي بعض النسخ: "اختيال الرجل نفسه" بنصب نفسه، ولعله على نزع الخافض، أي في نفسه على معنى يظهر الاختيال والتكبر في نفسه بأن يمشي مشي المتكبرين، قال الخطابي: هو أن يقدم في الحرب بنشاط نفس وقوة قلب (¬1) "واختياله عند الصدقة" قيل: هو بأن تهزه سجية السخاء فيعطيها طيبة بها نفسه ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 276.

باب في الرجل يستأسر

فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَأَمَّا الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ فَاخْتِيَالُهُ فِي الْبَغْيِ» قَالَ مُوسَى: «وَالْفَخْرِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسْتَأْسَرُ 2660 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ فَنَفَرُوا لَهُمْ هُذَيْلٌ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ لَجَئُوا إِلَى قَرْدَدٍ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ === من غير من ولا استكثار، وإن كان كثير أهل كلما يعطي فلا يعطيه إلا وهو له مستقل. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُسْتَأْسَرُ أي يسلم نفسه للأسر. 2660 - "عينًا" قيل: بدل من عشرة، قلت: والأقرب أنه حال أو مفعول ثان فتأمل، "وأمر" من التأمير، "فنفروا" بتخفيف الفاء أي خرجوا والكلام من قبيل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬1)، "إلى قردد" بقاف وراء ودالين مهملتين بوزن جعفر: الموضع المرتفع من الأرض كأنهم تحصنوا به، "بالنبل" بفتح فسكون أي السهام ونزلوا أي البقية، "ثلاثة نفر" منصوب على الحال ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: آية (3).

عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ: مِنْهُمْ خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً، فَجَرُّوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَقَتَلُوهُ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ لِيَقْتُلُوهُ قَالَ لَهُمْ: خُبَيْبٌ دَعُونِي أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَحْسَبُوا مَا بِي جَزَعًا لَزِدْتُ. === ويحتمل الرفع على أنه من قبيل {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} وفي نسخة "نزل" وهو أظهر. (خبيب) بضم خاء معجمة وفتح موحدة مصغر، (ابن الدثنة) بفتح دال وكسر مثلثة أو فتحها، "بهؤلاء" القتلى، "لأسوة" بضم الهمزة أو كسرها أي اقتداء، "فجروه" بفتح الجيم وتشديد الراء أي جذبوه "فلبث خبيب أسيرًا" فيه اختصار وبأنهم باعوهما من أهل مكة "فلبث خبيب أسيرًا" عند أهل مكة؛ كما في رواية صحيح البخاري (¬1)، "حتى أجمعوا" بهمزة قطع أي عزموا عليه، "موسى" اختلفوا في أنه على وزن فُعلى فلا ينصرف أو مفعل فينصرف، "يستحد بها" يحلق بها شعر عانتة لئلا يظهر عند قتله "ولولا إن تحسبون" بثبوت النون فإن مخففة أو بحذفها كما في نسخة فهي مصدرية "وجزعًا" بالنصب مفعول ثان لتحسبون. ¬

_ (¬1) البخاري في الجهاد (3045).

باب في الكمناء

2661 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. بَابٌ فِي الْكُمَنَاءِ 2662 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَقَالَ: === 2661 - (ابن أسيد بن جارية) هو بفتح همزة وكسر سين (¬1). بَابٌ فِي الْكُمَنَاءِ هو جمع كمين ككرماء جمع كريم والكمين المختفي، والمراد من يختفي في الحرب للأعداء. 2662 - "تخطفنا الطير" كناية عن الهزيمة أي إن رأيتمونا وقد أسرعنا مولين فاثبتوا أنتم ولا تبرحوا كذا قال الخطابي (¬2)، والظاهر أنه كناية عن القتل؛ إذ الطير تقع علي القتيل، "النساء" أي نساء الكفرة "يتشددن" شين معجمة وتاء مثناة من فوق، أي يسرعن في الصعود على الجبل، وقيل هو بسين مهملة ونون من أسند الرجل الجبل إذا صعد فيه، "فصرفت وجوههم" أي وجوه المسلمين على المقصد ¬

_ (¬1) عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية، الثقفي، المدني، حليف بني زهرة، وقد ينسب إلى جده، ويقال: عمر، ثقة، من الثالثة. تقريب التهذيب: 2/ 71. (¬2) معالم السنن: 2/ 278.

باب في الصفوف

«إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطِفُنَا الطَّيْرُ، فَلَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ لَكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ». قَالَ: فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ. قَالَ: فَأَنَا وَاللَّهِ رَأَيْتُ النِّسَاءَ يُسْنِدْنَ عَلَى الْجَبَلِ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ الْغَنِيمَةَ - أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ -: ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنِيمَةِ، فَأَتَوْهُمْ فَصُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ. بَابٌ فِي الصُّفُوفِ 2663 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْغَسِيلِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اصْطَفَفْنَا يَوْمَ بَدْرٍ: إِذَا أَكْثَبُوكُمْ - يَعْنِي: إِذَا غَشُوكُمْ - فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ. === أو صرفت وجوه الكفرة إليهم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الصُّفُوفِ 2663 - "إذا أكثبوكم" في رواية كثبوكم يقال: كثب وأكثب بالمثلثة إذا قارب، "واستبقوا" أي أبقوا لوقت الحاجة، "ولا ترموا" بها حال بعدهم عنكم جدًّا؛ لئلا تضييع النبل بلا فائدة.

باب في سل السيوف عند اللقاء

بَابٌ فِي سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2664 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَجِيحٍ، - وَلَيْسَ بِالْمَلْطِيِّ - عَنْ مَالِكِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ بِالنَّبْلِ، وَلَا تَسُلُّوا السُّيُوفَ حَتَّى يَغْشَوْكُمْ». بَابٌ فِي الْمُبَارَزَةِ 2665 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: تَقَدَّمَ - يَعْنِي عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ - وَتَبِعَهُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ فَنَادَى مَنْ يُبَارِز؟ فَانْتَدَبَ لَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيكُمْ إِنَّمَا أَرَدْنَا بَنِي عَمِّنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ، قُمْ يَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ». فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ مِلْنَا عَلَى الْوَلِيدِ === بَابٌ فِي سَلِّ السُّيُوفِ عِنْدَ اللِّقَاءِ 2664 - "حتى يغشوكم" أي يقاربوكم جدًّا. بَابٌ فِي الْمُبَارَزَةِ 2665 - "شباب" بفتح الشين جمع شاب، "بني عمنا" أي المهاجرين، "واختلف" أي تردد وجرى بأن ضرب كل منهما صاحبه ضربة، "فأثخن" أي

باب في النهي عن المثلة

فَقَتَلْنَاهُ، وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَة. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ المُثْلَةِ 2666 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُنَيِّ بْنِ نُوَيْرَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ». 2667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْهَيَّاجِ بْنِ عِمْرَانَ، أَنَّ عِمْرَانَ أَبَقَ لَهُ غُلَامٌ، فَجَعَلَ لِلَّهِ عَلَيْهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَيَقْطَعَنَّ يَدَهُ، فَأَرْسَلَنِي لِأَسْأَلَ لَهُ فَأَتَيْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ، === أثقل وضعف "ثم ملنا" بكسر الميم من الميل. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ المُثْلَةِ 2666 - "عن شباك" بكسر الشين وتخفيف الموحدة (¬1)، "أعفُّ الناس" هو بتشديد الفاء اسم التفضيل من العفة وهي الكف عما لا ينبغي أي الذين هم أعف من حيث المثلثين وبملاحظتها أهل الإيمان. 2667 - "لئن قدر عليه ليقطعن يده" هو مفعول "جعل" معنى، وفسر "المثلة" بتعذيب الحيوان بقطع أعضائه وتشويه خلقه قبل أن يقتل أو بعده بأن ¬

_ (¬1) شباك العنبي الكوفي الأعمى؛ ثقة له ذكر في صحيح مسلم وكان يدلس، من السادسة. تقريب التهذيب: 1/ 345.

باب في قتل النساء

وَيَنْهَانَا عَنِ المُثْلَةِ». فَأَتَيْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنِ المُثْلَةِ». بَابٌ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ 2668 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَقُتَيْبَةُ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ». 2669 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّهِ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ فَبَعَثَ رَجُلًا، فَقَالَ: «انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ؟ » فَجَاءَ فَقَالَ: عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ. فَقَالَ: «مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ» قَالَ: وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَبَعَثَ رَجُلًا. === يجذع أنفه أو أذنه أو يفقأ عينه ونحو ذلك. بَابٌ فِي قَتْلِ النِّسَاءِ 2668 - "فأنكر" أي نهى عنه. 2669 - "ما كانت هذه" أخذ منه أن المبيح للقتل هو الحرب لا الكفر، والأول مذهب الحنفية والثاني نسب إلى الشافعي، "ولا عسيفًا" أي أجيرًا وكأن المراد الأجير على حفظ الدواب ونحوه لا الأجير على القتال والله تعالى أعلم.

فَقَالَ: «قُلْ لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا». 2670 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ». 2671 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَمْ يُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ - تَعْنِي بَنِي قُرَيْظَةَ - إِلَّا امْرَأَةٌ، إِنَّهَا لَعِنْدِي تُحَدِّثُ تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّيُوفِ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا أَيْنَ فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: أَنَا. قُلْتُ: «وَمَا شَأْنُكِ؟ » قَالَتْ: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ. قَالَتْ: «فَانْطَلَقَ بِهَا فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا، فَمَا أَنْسَى عَجَبًا مِنْهَا أَنَّهَا تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ». === 2670 - "اقتلوا شيوخ المشركين" أريد بالشيوخ الرجال الذين لهم قوة على القتال، أو لَهم رأي فيه لا الهرمي، فلا ينافي ما جاء من النهي عن قتل الشيخ الفاني، "واستبقوا شرخهم" بفتح فسكون آخره خاء معجمة الصغار الذين لم يدركوا، أي اتركوهم أحياء. 2671 - "من بني قريظة" بضم ففتح "تحدث" بضم حرف المضارعة من التحديث، وضبط بفتح التاء على أن أصله تتحدث بتائين، "تضحك ظهرًا وبطنًا" كناية عن المبالغة في الضحك، "إِذ هتف هاتف" أي صاح أحد من العسكر الذين كانوا على القتل.

باب في كراهية حرق العدو بالنار

2672 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ ابْنِ جَثَّامَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُمْ مِنْهُمْ» وَكَانَ عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: «ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ حَرْقِ الْعَدُوِّ بِالنَّارِ 2673 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ === 2672 - (الصعب) بفتح فسكون (ابن جثامة) بفتح جيم وتشديد مثلثه (¬1) "عن الدار" أي القرية والمحلة، "يبيتون" علي بناه المفعول وتشديد الياء والضمير للدار باعتبار أن المراد أهلها، أي يقع عليهم المسلمون "هم منهم" أي من المشركين في حكم جواز القتل في تلك الحالة المسئول عنها وفي ذلك القتل الغير قصدي، وأما القصدي فقد نهي عنه، فلا معارضة بين هذا الحديث وحديث النهي، والزهري يجعله منسوخًا بحديث النهي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ حَرْقِ الْعَدُوِّ بِالنَّارِ 2673 - "فاقتلوه ولا تحرقوه" فقد نسخ ثانيًا ما أباحه الله من التحريق والله ¬

_ (¬1) الصعب بن خثامة، الليثي، صحابي، مات في خلافة الصديق، على ما قيل، والأصح أنه عاش إلى خلافة عثمان. تقريب التهذيب: 1/ 367.

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ قَالَ: فَخَرَجْتُ فِيهَا، وَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ». فَوَلَّيْتُ فَنَادَانِي فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُحْرِقُوهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ». 2674 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةُ، أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْثٍ فَقَالَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا»، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 2675 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سَعْدٍ - قَالَ: غَيْرُ أَبِي صَالِحٍ - عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا». وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ » قُلْنَا: نَحْنُ. قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ === تعالى أعلم. 2675 - "حمرة" بضم حاء مهملة وفتح ميم مشددة طائر، "فرخان" فرخ الطائر ولده، "فجعلت تفرش" بفاء وعين مهملة وتشديد راء، والأول من فرش الجناح وبسطه والتعريش أن ترتفع فوقهما وتظلل عليهما، ومنه التعريش المتعارف، "من فجع" أي أوجع "بولدها" أي بأخذ ولدها، "لا ينبغي أن يعذب بالنار" ظاهره أن المنع من جهة التعذيب بالنار، ولا منع في قتل النمل والله

باب [في] الرجل يكري دابته على النصف أو السهم

إِلَّا رَبُّ النَّارِ». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَكْرِي دَابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ 2676 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو زَرْعَةَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَخَرَجْتُ إِلَى أَهْلِي فَأَقْبَلْتُ، وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَطَفِقْتُ فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي أَلَا مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ سَهْمُهُ؟ فَنَادَى شَيْخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عَقَبَةً وَطَعَامُهُ مَعَنَا. قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا، فَأَصَابَنِي قَلَائِصُ فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَخَرَجَ فَقَعَدَ عَلَى حَقِيبَةٍ مِنْ حَقَائِبِ إِبِلِهِ، ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُدْبِرَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُقْهُنَّ مُقْبِلَاتٍ فَقَالَ: مَا أَرَى قَلَائِصَكَ إِلَّا كِرَامًا. قَالَ: إِنَّمَا هِيَ === تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَكْرِي دَابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ أَوِ السَّهْمِ 2676 - "فطفقت" بكسر فاء، أي شرعت "ألا" بالتخفيف حرف تنبيه واستفتاح، "عقبة" بضم فسكون أي نوبة "حتى أفاء الله علينا" أي رد علينا من أموال الكفرة أي حصل لنا الغنيمة، "قلائص" جمع قلوص بفتح القاف وهي من النوق الشابة بمنزلة الجارية من النساء، قال العدوي: القلوص أول ما يركب من إناث الإبل إلى أن تثنى، فإذا اثنيت فهي ناقة، "على حقيبة" هي الزيادة التي

باب في الأسير يوثق

غَنِيمَتُكَ الَّتِي شَرَطْتُ لَكَ. قَالَ: خُذْ قَلَائِصَكَ يَا ابْنَ أَخِي فَغَيْرَ سَهْمِكَ أَرَدْنَا. بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُوثَقُ 2677 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى === تجعل في مؤخر القتب، "قال: إنما هي غنيمتك" الظاهر "قلت" فكأنه وقع التكلم بضمير الغيبة وهو كثير، "فغَيْر سهمك" أي غَير هذا السهم -وهو سهم الأجر- أردنا، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُوثَقُ 2677 - "لقد عجب ربنا" قيل: العجب وأمثاله مما هو من قبيل الانفعال إذا نسب إلى الله تعالى يراد به غايته، فغاية العجب بالشيء استعظامه، فالمعنى: عظيم شأن هؤلاء عند الله، وقيل: بل المراد بالعجب في مثله التعجيب، ففيه إظهار أن هذا الأمر عجيب؛ فإن الجنة من حقها أن يتحمل المكاره والمشاق لنيلها رغبة فيها، وهؤلاء يرغبون عنها أشد الرغبة ويأبونها أشد الإباء، ثم يقادون إليها بالسلاسل، وقيل بل: العجب صفه سمعية يلزم إثباتها مع نفي التشبيه وكمال التنزيه كما هو مذهب أهل التحقيق في أمثاله، وقد سئل مالك عن الاستواء فقال: الاستواء معلوم والكيف غير معلوم والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. وأما قودهم إلى الجنة بالسلاسل فالمراد به: قودهم إلى الإسلام أو إلى دار

الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ». 2678 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ مَكِيثٍ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ غَالِبٍ اللَّيْثِيَّ فِي سَرِيَّةٍ وَكُنْتُ فِيهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشُنُّوا الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْمُلَوِّحِ بِالْكَدِيدِ». فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْكَدِيدِ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ الْبَرْصَاءِ اللَّيْثِيَّ، فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ أُرِيدُ الْإِسْلَامَ، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: إِنْ تَكُنْ مُسْلِمًا لَمْ يَضُرَّكَ رِبَاطُنَا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِنْ تَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقُ مِنْكَ، فَشَدَدْنَاهُ وِثَاقًا. 2679 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، وَقُتَيْبَةُ - قَالَ قُتَيْبَةُ: - حَدَّثَنَا === الإسلام التي دخولهم فيها سبب لدخولهم في الإسلام والله تعالى أعلم. 2678 - "أن يشنوا الغارة" أشن بشين معجمة ونون مشددة صب الماء متفرقًا، و "الغارة" النهب، و"الملوح" بوزن اسم فاعل من التلويح، و"والكديد" بفتح الكاف والمعنى: أمرهم أن يفرقوا الغارة عليهم من جميع جهاتهم، "البرصاء" كحمراء، "رباطنا" بكسر الراء قيل: هو لغة الحبس وهو المراد هاهنا، "يومًا وليلة" هما بالنصب على الظرفية ولا عبرة بالخط في كلام أهل الحديث، ويحتمل الرفع على البدلية من "رباطنا"، وفي كثير من النسخ كتب بالألف فلا إشكال، و"ثاقا" بفتح الواو -والكسر لغة فيه- ما يوثق به. 2679 - "خيلا" أي جيشًا، "فجاءت" أي الخيل (ثمامة) بضم

اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ » قَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ » فَأَعَادَ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَذَكَرَ مِثْلَ هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ». فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ فِيهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، === المثلثة (¬1)، "وأثال" بضم الهمزة وخفة المثلثة، "ماذا عندك" أي أي كلام عندك "إن تقتل"، كلمة "إن" شرطية والفعلان مجزومان بها، "ذا دم" المشهور الدال المهملة والمعنى ذا دم عظيم لا يهدر بل يؤخذ ثأره، ففيه إشارة إلى رياسته في قومه، وقيل: من أصاب دمًا فاستحق به القتل، أي إن قتلت فلا عليك لاستحقاقي القتل، وإن تركت فهو منك إحسان وشكر، وقيل: بالذال المعجمة وتشديد الجيم وجعله بعضهم رواية أبي داود أي ذا ذمام وحرمة في قومه، ولعله أراد الرواية التي سجعوا "وإن تنعم" من الإنعام، "أطلِقوا" من الإطلاق أي خلو ¬

_ (¬1) ثمامة بن أثال بن النعمان بن سلمة بن عتيبة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل حنيفة أبو أمامة اليماني. الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر 1/ 203.

باب في الأسير ينال منه ويضرب [ويقرن]

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَاقَ الْحَدِيثَ، قَالَ عِيسَى: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ وَقَالَ: «ذَا ذِمٍّ». 2680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: قُدِمَ بِالْأُسَارَى حِينَ قُدِمَ بِهِمْ وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ عِنْدَ آلِ عَفْرَاءَ فِي مَنَاحَتِهِمْ عَلَى عَوْفٍ، وَمُعَوِّذٍ ابْنَيْ عَفْرَاءَ - قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ - قَالَ: تَقُولُ سَوْدَةُ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَعِنْدَهُمْ إِذْ أَتَيْتُ فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى قَدْ أُتِيَ بِهِمْ فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَإِذَا أَبُو يَزِيدَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي نَاحِيَةِ الْحُجْرَةِ مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ "، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُمَا قَتَلَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَكَانَا انْتَدَبَا لَهُ وَلَمْ يَعْرِفَاهُ، وَقُتِلَا يَوْمَ بَدْرٍ». بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُنَالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ [وَيُقرن] 2681 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ === سبيله. 2680 - "قُدم بالأسارى" على بناء المفعول، (عفراء) كحمراء، "مناخهم" بضم ميم، "على (عوف) " أي عند عوف، و (معوذ) وفي بيتهما "إِذ أتيت" على بناء المفعول أي أتاني آت. بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُنَالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ [وَيُقرن] 2681 - "ندب أصحابه" أي دعاهم، "بروايا قريش" أي بإبلهم جمع

أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ أَصْحَابَهُ فَانْطَلَقُوا إِلَى بَدْرٍ، فَإِذَا هُمْ بِرَوَايَا قُرَيْشٍ فِيهَا عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ أَيْنَ أَبُو سُفْيَانَ؟ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَالِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَإِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ. فَيَقُولُ: دَعُونِي، دَعُونِي أُخْبِرْكُمْ، فَإِذَا تَرَكُوهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَالِي بِأَبِي سُفْيَانَ مِنْ عِلْمٍ، وَلَكِنْ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ قَدْ أَقْبَلُوا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ يَسْمَعُ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ، وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ، هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ لِتَمْنَعَ أَبَا سُفْيَانَ». قَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا». وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، «وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا». وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، «وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا». وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ ". فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا جَاوَزَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخِذَ بِأَرْجُلِهِمْ فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِي قَلِيبِ بَدْرٍ. === راوية، "مصرع فلان" أي محل موته، "سحبوا" جروا، "في قليب بدر" القليب: البئر التي لم تطو إنما هي حفرة قلب ترابها.

باب في الأسير يكره على الإسلام

بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ 2682 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي السِّجِسْتَانِيَّ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ - وَهَذَا لَفْظُهُ - ح وحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مِقْلَاتًا فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} [البقرة: 256] " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الْمِقْلَاتُ: الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ. بَابُ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَلَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ 2683 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: === بَابٌ فِي الْأَسِيرِ يُكْرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ 2682 - "تكون مقلاتًا" بكسر الميم وسكون القاف وسيذكر المصنف معناه، "أن تهوده" بضم حرف المضارع أي تجعله يهوديًّا، "أجليت" على بناء المفعول من الإجلاء أي أخرجت. بَابُ قَتْلِ الْأَسِيرِ وَلَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ 2683 - "أمن" من التأمين و (ابن أبي سرح) (¬1) عطف على "أربعة نفر"، ¬

_ (¬1) ابن أبي سرح: هو عياض بن عبد الله. تقريب التهذيب: 2/ 510.

حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ. - وَابْنُ أَبِي سَرْحٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ: وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟ » فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا فِي نَفْسِكَ أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ. قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ أَخَا عُثْمَانَ مِنَ الرِّضَاعَةِ، وَكَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ أَخَا عُثْمَانَ لِأُمِّهِ، وَضَرَبَهُ عُثْمَانُ الْحَدَّ إِذْ شَرِبَ الْخَمْرَ». 2684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ الْمَخْزُومِيُّ، === "اختبأ" بهمزة أي اختفى "رشيد" أي فطن لصواب الحكم، "خائنة الأعين" قال الخطابي: هو أن يضمر بقلبه غير ما يظهر للناس، فإذا كف لسانه وأومأ بعينه إلى خلاف ذلك فقد خان وكان ظهور تلك الخيانة من قبيل الأعين (¬1). 2684 - "وقينتين" بفتح قاف أي جاريتين مغنيتين، فقتلت على بناء المفعول ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 287.

باب في قتل الأسير صبرا

قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «أَرْبَعَةٌ لَا أُؤَمِّنُهُمْ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ فَسَمَّاهُمْ». قَالَ: «وَقَيْنَتَيْنِ كَانَتَا لِمِقْيَسٍ، فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَأَفْلَتَتِ الْأُخْرَى فَأَسْلَمَتْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ أَفْهَمْ إِسْنَادَهُ مِنْ ابْنِ الْعَلَاءِ كَمَا أُحِبُّ». 2685 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «ابْنُ خَطَلٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ قَتَلَهُ». بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَسِيرِ صَبْرًا 2686 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَرَادَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْس أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَسْرُوقًا فَقَالَ لَهُ === وكذا "أفلتت". 2685 - "المغفر" بكسر ميم زرد ينسج على قدر الرأس وقاية له، قيل: كان هذا أول دخوله ثم أزاله ووضع العمامة فلا ينافي حديث العمامة، (ابن خطل) بفتحتين وكان من أولئك الذين أذن في قتلهم. بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَسِيرِ صَبْرًا 2686 - "قتل أبيك" عقبة، "قال" أي عقبة، "مَنْ للصبية" بكسر الصاد

باب في قتل الأسير بالنبل

عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ: أَتَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَكَانَ فِي أَنْفُسِنَا مَوْثُوقَ الْحَدِيثِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ أَبِيكَ قَالَ: «مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ » قَالَ: النَّارُ، فَقَدْ رَضِيتُ لَكَ مَا رَضِيَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَسِيرِ بِالنَّبْلِ 2687 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ تِعْلَى، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، «فَأُتِيَ بِأَرْبِعَةِ أَعْلَاجٍ مِنَ الْعَدُوِّ فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا صَبْرًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ لَنَا غَيْرُ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «بِالنَّبْلِ صَبْرًا»، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ: === وسكون الباء جمع صبي أي من يتصدى لكفالة أطفالي. بعد أن قتلت، "النار" يحتمل أنه كناية عن الضياع على معنى أن صلحت النار أن تكون كافلة فهي هي، ويحتمل أنه جواب من قبيل أسلوب الحكيم؛ أي لك النار أو اذكر النار؛ يعني اهتم بشأن نفسك وما يهيئ لك من النار، ودع أمر الصبية، فإن كافلهم هو الله الذي عليه رزق كل دابة بوعده الكريم. بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَسِيرِ بِالنَّبْلِ 2687 - "أربعة أعلاج" جمع علج بكسر فسكون يريد به الرجل من كفار العجم وغيرهم، "فقتلوا صبرًا" أصل الصبر الحبس، والقتل صبرًا يطلق على أن يمسك حيًّا ويرمى حتى يموت، وكذا يطلق على قتل في غير حرب ولا خطأ،

باب في المن على الأسير بغير فداء

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَنْهَى عَنْ قَتْلِ الصَّبْرِ»، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ دَجَاجَةٌ مَا صَبَرْتُهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَأَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ. بَابٌ فِي الْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ بِغَيْرِ فِدَاءٍ 2688 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ جِبَالِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِلْمًا، فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ === والمراد هاهنا الأول وهو المراد في الحديث، وإلا فيجوز القصاص وغيره وبه يندفع التعارض بين هذا الحديث وحديث الباب السابق والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَنِّ عَلَى الْأَسِيرِ بِغَيْرِ فِدَاءٍ 2688 - "سلمًا" روي بكسر السين أو فتحها وسكون اللام أي صلحًا وفتحتين أي استسلامًا وإذعانًا كما في قوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَيكُمُ السَّلَمَ} (¬1) أي الانقياد، وعلى الثاني فالمراد، أنه أخذهم أسرًا وهو مصدر فيطلق على الواحد والكثير، ورجح الوجه الثاني بأنه أشبه بالقضية؛ فإنهم لم يؤخذوا عن صلح بل أخذوا قهرًا وأسلموا أنفسهم عجزًا، وللأول وجه، وذلك أنه لم يجر معهم حرب، وإنما لما عجزوا عن دفعهم والنجاة منهم رضوا أن يؤخذوا أسرًا، ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (90).

باب في فداء الأسير بالمال

عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. 2689 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَأَطْلَقْتُهُمْ لَهُ». بَابٌ فِي فِدَاءِ الْأَسِيرِ بِالْمَالِ 2690 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ فَأَخَذَ - يَعْنِي النَّبِيَّ === و"لا تقيلوا" فكأنهم قد صالحوا على ذلك فسمى الانقياد صلحا. 2689 - (عن أبيه) جبير وقد سمع هذا الحديث وهو كافر وحدث به وهو مسلم، ومطعم كان له يد عنده - صلى الله عليه وسلم - فإنه أجاره مرجعه من الطائف وذب عنه، فأحب أنه لو كان حيًّا لكافأه عليها لئلا يكون لمشرك عنده يد، ويحتمل أنه قاله تأليفًا لابنه على الإسلام، "النتنى" جمع نتن بكسر التاء كزمنى جمع زمن سماهم نتنى لكفرهم، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (¬1). بَابٌ فِي فِدَاءِ الْأَسِيرِ بِالْمَالِ 2690 - "الفداء" عن أسارى بدر، {حَتَّى يُثْخِنَ} (¬2) أي يبالغ في القتل ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (28). (¬2) سورة الأنفال: آية (67).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفِدَاءَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] إِلَى قَوْلِهِ: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 68] مِنَ الفِدَاءِ، ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمُ اللَّهُ الْغَنَائِمَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُسْأَلُ عَنِ اسْمِ أَبِي نُوحٍ، فَقَالَ: «إِيشْ تَصْنَعُ بِاسْمِهِ؟ اسْمُهُ اسْمٌ شَنِيعٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «اسْمُ أَبِي نُوحٍ قُرَادٌ، وَالصَّحِيحُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ». 2691 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَ مِائَةٍ». 2692 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا === ويكثر فيه من أثخنه المرض إذا أثقله وأصله الثخانة وهي الغلظ. 2692 - "بعثت زينت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فداء أبي العاص" زوجها، "بقلادة" بكسر القاف، "رق لها" أي لأجل القلادة أو لزينب، "إن رأيتم" جزاءه محذوف أي لكان حسنًا و"أن تطلقوا" من الإطلاق "أخذ عليه" على أبي العاص العهد والميثاق أن يخلي سبيل زينب لم يرد الطلاق بل الإرسال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والهجرة إلى المدينة، وكان حكم المناكحة بين المسلمات والكفار يعد باقيًا، (زيد بن حارثة) إلخ قيل: هذا مخصوص بما ورد لمكان الأمن، وكان ممن

عَلَى أَبِي الْعَاصِ قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا». فَقَالُوا: نَعَمْ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَيْهِ أَوْ وَعَدَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «كُونَا بِبَطْنِ يَأْجِجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا». 2693 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَمِّي يَعْنِي سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: وَذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَرْوَانَ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ === يوثق بهما، قلت: ويمكن أن يقال أن حكم التبني كان ثابتًا يومئذ؛ فعله - صلى الله عليه وسلم - اعتمد على ذلك في زيد، "يأجج" بياء تحتانية وجيمين (¬1) كيسمع وينصر ويضرب. 2693 - "وفد هوازان" طائفة من هوازن وهم الذين حاربوا يوم حنين ثم هزمهم الله، فصارت أموالهم وأولادهم غنيمة للمسلمين، فحين جاءوا مسلمين طلبوا ذلك، "معي مَن ترون" أي والغنيمة حقهم، "أن يطيّب" بتشديد الياء ذلك ¬

_ (¬1) يأجج: اسم مكان من مكة على ثمانية أميال وكان من منازل عبد الله بن الزبير قاله الأصمعي، وقال غيره: يأجج موضع صلب فيه خيلب بن عدي الأنصاري. معجم البلدان: ياقوت الحموي: 5/ 424.

الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا الْمَالَ». فَقَالُوا: نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ هَؤُلَاءِ جَاءُوا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ». فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ وَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. 2694 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُدُّوا عَلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ، فَمَنْ مَسَكَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ، فَإِنَّ لَهُ بِهِ عَلَيْنَا سِتَّ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ شَيْءٍ يُفِيئُهُ اللَّهُ عَلَيْنَا»، ثُمَّ دَنَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعِيرٍ، فَأَخَذَ === أي رد السبي، "على حظه" أي نصيبه بأن يأخذ مني عوض ذلك، "يفيء" من أفاء، "إنا لا ندري" أي لكثرة الزحام "عرفاؤكم" أي من يقوم بأموركم. 2694 - "فمن مسك بشيء من هذا" أي أراد ألا يعطيه بلا عوض أي فليعطه، و"علينا" في كل رقبة "ست فرائض" أي ست نوق، و"الفريضة" الناقة، "من أول ما يفيئه الله" (¬1) قيل: يريد الخمس الذي جعله الله تعالى له من ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [من أول شيء يفيئه الله].

باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم

وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ، وَلَا هَذَا - وَرَفَعَ أُصْبُعَيْهِ - إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ». فَقَامَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ كُبَّةٌ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ: أَخَذْتُ هَذِهِ لِأُصْلِحَ بِهَا بَرْذَعَةً لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ لَكَ». فَقَالَ: أَمَّا إِذْ بَلَغَتْ مَا أَرَى فَلَا أَرَبَ لِي فِيها وَنَبَذَهَا. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يُقِيمُ عِنْدَ الظُّهُورِ عَلَى الْعَدُوِّ بِعَرْصَتِهِمْ 2695 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَلَبَ عَلَى قَوْمٍ === الفيء، "وبرة" بفتحتين شعره "من سنامه" بفتح السين ما ارتفع من ظهر الجمل "الخياط والمخيط" هما بالكسر الإبرة فيحمل أحدهما على الكبيرة فيندفع التكرار، "كُبّة" بضم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض، "بوذعة" بفتح باء موحدة وسكون مهملة وفتح معجمة أو مهملة وجهان، هي الحلس وهي بالكسر كساء يلقى تحت الرحل على ظهر البعير، "أما ما كان لي" أي من الكبة، "بلغت" أي الكبة، "فلا أرب" بفتحتين أي فلا حاجة. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يُقِيمُ عِنْدَ الظُّهُورِ عَلَى الْعَدُوِّ بِعَرْصَتِهِمْ أي الغلبة. 2693 - "أقام بالعرصة" لعل ذلك لإظهار أحكام الله تعالى فيهم وتعليم

باب [في] التفريق بين السبي

أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثًا» قَالَ ابْنُ المُثَنَّى: «إِذَا غَلَبَ قَوْمًا أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَطْعَنُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَدِيمِ حَدِيثِ سَعِيدٍ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، وَلَمْ يُخْرِجْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا بِأَخَرَةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يُقَالُ إِنَّ وَكِيعًا حَمَلَ عَنْهُ فِي تَغَيُّرِهِ». بَابٌ [فِي] التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ 2696 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا «فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَرَدَّ الْبَيْعَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَمَيْمُونٌ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا قُتِلَ بِالْجَمَاجِمِ، وَالْجَمَاجِمُ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَالْحَرَّةُ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ». === الجاهل وغير ذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ 2696 - "فرق بين جارية وولدها" وفي رواية الترمذي: "وهب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين فبعت أحدهما فقال: رده رده" (¬1) فمعنى رد البيع أمر برده وظاهره عدم صحة البيع والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي (1284) وقال: حديث حسن غريب. وابن ماجه في التجارات (2249).

باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُدْرِكِينَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ 2697 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ فَشَنَنَّا الْغَارَةَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَقَامُوا، فَجِئْتُ بِهِمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ، وَعَلَيْهَا قِشْعٌ مَنْ أَدَمٍ مَعَهَا بِنْتٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِي الْمَرْأَةَ». فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَسَكَتَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ». فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا وَهِيَ لَكَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي أَيْدِيهِمْ أَسْرَى === بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمُدْرِكِينَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ بفتح الراء أسيرين أخذا معًا أو بكسر الراء بمعنى البالغين وهو أقرب، "فشننا الغارة" أي فرقنا النهب عليهم من جميع الجهات، "عنق" بضمتين جماعة من الناس، "قشع" بكسر القاف وفتحها وسكون الشين أي جلد يابس، "فنفلني" بتشديد الفاء أي أعطاني زيادة على السهم، "لله أبوك" قال أبو البقاء: هو في حكم القسم، و"ما كشفت لها ثوبًا" كناية عن عدم الجماع، "أسرى" من

باب في المال يصيبه العدو من المسلمين، ثم يدركه صاحبه في الغنيمة

فَفَادَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ. بَابٌ فِي الْمَالِ يُصِيبُهُ الْعَدُوُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ صَاحِبُهُ فِي الْغَنِيمَةِ 2698 - حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سُهَيْلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ غُلَامًا لِابْنِ عُمَرَ أَبَقَ إِلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، «فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَقْسِمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَقَالَ غَيْرُهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ». 2699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === المسلمين. بَابٌ فِي الْمَالِ يُصِيبُهُ الْعَدُوُّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ يُدْرِكُهُ صَاحِبُهُ فِي الْغَنِيمَةِ 2698 - "فظهر عليه المسلمون" غلبوا على العدد، ثم الرد قبل القسمة مما اتفقوا عليه وبعدها مما اختلفوا فيه، ولا دلالة للحديث على الرد بعدها.

باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون

بَابٌ فِي عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ يَلْحَقُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فَيُسْلِمُونَ 2700 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: خَرَجَ عِبْدَانٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ - فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَوَالِيهُمْ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا خَرَجُوا إِلَيْكَ رَغْبَةً فِي دِينِكَ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنَ الرِّقِّ. فَقَالَ نَاسٌ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «مَا أُرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا». وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ وَقَالَ: «هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». بَابٌ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2701 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، === بَابٌ فِي عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ يَلْحَقُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فَيُسْلِمُونَ 2700 - "عبدان" (¬1) بكسر العين والباء وتشديد الدال، لكن قيل: الرواية في الحديث بالتخفيف، "فغضب" قيل ذلك: لأنهم عارضوا حكم الشرع فيهم وهو أنهم عتقاء الله بالظن والتخمين وشهدوا للكفرة في دعواهم، "على هذا أي" على مثل هذا الحكم أعني الرد. بَابٌ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2701 - "طعامًا وعسلا" محملة عند الجمهور ما أكلوه في دار الحرب على ¬

_ (¬1) ضبطها الشيخ محمد محيي الدين محقق سنن أبي داود على أنها مثنى [عَبْدَان].

باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو

عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا وَعَسَلًا فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمُ الْخُمُسُ». 2702 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَالْقَعْنَبِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: دُلِّيَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَالْتَزَمْتُهُ قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: لَا أُعْطِي مِنْ هَذَا أَحَدًا الْيَوْمَ شَيْئًا. قَالَ: فَالْتَفَتُّ، «فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَسَّمُ إِلَيَّ». بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَى إِذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ قِلَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2703 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ بِكَابُلَ === قدر الحاجة وإلا فما أخرجوه إلى دار الإسلام فهو غنيمة. 2702 - "دُلّي" تشديد اللام على بناء المفعول أي نزل من علو القلعة "جراب" بكسر جيم، وعاء من جلد والعامة تفتحه وقيل بهما "من شحم" أي مملوء منه، "فالتزمته" أي ضممته إلى نفسي "لا أعطي" كأنه كان مضطرًا إليه فبلغ من الاضطرار إلى ذلك ولأجل ذلك تبسم - صلى الله عليه وسلم -. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَى إِذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ قِلَّةٌ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2703 - "ينهى عن النُهبى" بضم نون وسكون هاء كالعمرى اسم ما ينهب،

فَأَصَابَ النَّاسُ غَنِيمَةً فَانْتَهَبُوهَا فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النُّهْبَى» فَرَدُّوا مَا أَخَذُوا فَقَسَمَهُ بَيْنَهُمْ. 2704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: قُلْتُ: " هَلْ كُنْتُمْ تُخَمِّسُونَ - يَعْنِي الطَّعَامَ - فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: «أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَكَانَ الرَّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ». 2705 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَاصِمٍ يَعْنِي ابْنَ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ النَّاسَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ، وَأَصَابُوا غَنَمًا فَانْتَهَبُوهَا، فَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي عَلَى قَوْسِهِ، فَأَكْفَأَ قُدُورَنَا بِقَوْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يُرَمِّلُ اللَّحْمَ بِالتُّرَابِ، ثُمَّ === وقد وقع في بعض النسخ ممدودًا لكن في كتب الغريب (¬1) واللغه بالقصر (¬2) والله تعالى أعلم. 2704 - "تخمسون" من خمسه يخمسه كينصر أخذ خمسه. 2705 - "وجَهد" بفتح الجيم أي تعب ومشقة، "لتغلي" كترمي أي على النار، "يغليان" شدة اضطراب الماء ونحوه على النار، "على قوسه" أي في يده ¬

_ (¬1) النهاية لابن الأثير: 5/ 133. (¬2) المصباح المنير ص 627، لسان العرب 1/ 773، 774، القاموس المحيط 1/ 140.

باب في حمل الطعام من أرض العدو

قَالَ: «إِنَّ النُّهْبَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ الْمَيْتَةِ» أَوْ «إِنَّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ النُّهْبَةِ» الشَّكُّ مِنْ هَنَّادٍ. بَابٌ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ 2706 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ ابْنَ حَرْشَفٍ الْأَزْدِيَّ حَدَّثَهُ، عَنِ الْقَاسِمِ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنَّا «نَأْكُلُ الْجَزَرَ فِي الْغَزْوِ وَلَا نَقْسِمُهُ حَتَّى إِنْ كُنَّا لَنَرْجِعُ إِلَى رِحَالِنَا، وَأَخْرِجَتُنَا مِنْهُ مُمْلَأَةٌ». بَابٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ إِذَا فَضَلَ عَنِ النَّاسِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2707 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ === قوس يعتمد عليه في المشي، "يرمل" بتشديد الميم أي يلطخ، "النهبة" بضم نون فسكون هاء أي المال المنهوب. بَابٌ فِي حَمْلِ الطَّعَامِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ 2706 - "الجُزُر" بضمتين جمع جزور، و "أخرجتنا" أي جوالقنا من لحم الجزور، والأخرجة بفتح همزة وسكون خاء معجمة جمع خرج بضم خاء وسكون راء وقياسه خرجة بكسر خاء وفتح راء. بَابٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ إِذَا فَضَلَ عَنِ النَّاسِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ 2707 - "وجعل بقيتها في المغنم" أي في الغنيمة ففيه أنه لا ينبغي البيع بل

باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء

يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْعَزِيزِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْأُرْدُنِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، قَالَ: رَابَطْنَا مَدِينَةَ قِنَّسْرِينَ مَعَ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ، فَلَمَّا فَتَحَهَا أَصَابَ فِيهَا غَنَمًا وَبَقَرًا، فَقَسَمَ فِينَا طَائِفَةً مِنْهَا وَجَعَلَ بَقِيَّتَهَا فِي الْمَغْنَمِ، فَلَقِيتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ مُعَاذٌ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَأَصَبْنَا فِيهَا غَنَمًا، فَقَسَمَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَائِفَةً، وَجَعَلَ بَقِيَّتَهَا فِي الْمَغْنَمِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْتَفِعُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالشَّيْءِ 2708 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَنَا لِحَدِيثِهِ أَتْقَنُ - قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبْ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ». === ينبغي رد ما فضل من حاجة الناس إلى المغنم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْتَفِعُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالشَّيْءِ 2708 - "حتى إذا أعجفها" أضعفها وفيه إشارة إلى أنه لا بأس بالركوب إذا لم يؤد إلى الضعف، أو قال ذلك باعتبار العادة والله تعالى أعلم.

باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة

بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي السِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ 2709 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، قَالَ: - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيُّ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السُّبَيْعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَرْتُ فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ صَرِيعٌ قَدْ ضُرِبَتْ رِجْلُهُ فَقُلْتُ: «يَا عَدُوَّ اللَّهِ، يَا أَبَا جَهْلٍ قَدْ أَخْزَى اللَّهُ الْأَخِرَ». قَالَ: وَلَا أَهَابُهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَبْعَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، فَضَرَبْتُهُ بِسَيْفٍ غَيْرِ طَائِلٍ، فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا حَتَّى سَقَطَ سَيْفُهُ مِنْ يَدِهِ، فَضَرَبْتُهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ. === بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي السِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِ فِي الْمَعْرَكَةِ 2709 - "أخزى الله الآخر" بوزن الكبد هو الأبعد المتأخر عن الخير، والمراد: أخزاك الله يا آخر. "قال: ولا أهابه عند ذلك" أي قال ابن مسعود: ما كنت أخافه في تلك الحالة، "فقال أبعد من رجل" قيل: تقديره أنك استبعدت قتلي وهل هو أي قتلي: "أبعد" من قتل رجل قتله قومه أو التقدير: هل أنا أبعد أي أعظم من رجل، لأن العظيم يعد بعيدًا، وعلى التقديرين هو تهوين للقتل على نفسه. وقيل: "أبعد" غلط وإنما الصحيح "أعمد" بالميم بعد العين بمعنى أزيد، أي هل هو أي قتلي أزيد من قتل رجل؟ أي ليس قتلي إلا هذا وهو غير مستبعد، وقيل: أعمد بمعنى أعجب والله تعالى أعلم. "غير طائل" أي غير ماض ولا ذي فائدة وأصل الطائل النفع "حتى برد" أي مات.

باب في تعظيم الغلول

بَابٌ فِي تَعْظِيمِ الْغُلُولِ 2710 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، وَبِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَاهُمْ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ. 2711 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدَّيْلِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا إِلَّا الثِّيَابَ وَالْمَتَاعَ وَالْأَمْوَالَ قَالَ: فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ وَادِي الْقُرَى === بَابٌ فِي تَعْظِيمِ الْغُلُولِ 2710 - "خرزًا" بفتحتين مع تقديم المهملة على المعجمة الجوهر وما ينتظم. 2711 - "إلا الثياب" استثناء منقطع "فوجه" أي توجه أو وجه (¬1) وجهه، "مدعم" بكسر الميم وسكون الدال وفتح العين المهملتين، "هنيئا له الجنة" لأنه مات شهيدًا في خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - "الشملة" بفتح فسكون كساء يشتمل به، "لم تصبها المقاسم" أي أخذها قيل القسمة غلولا، "بشراك" بكسر شين معجمة أحد سيور النعل التي على وجهها، "شراك من نار" أي لولا رددت أو هو رد في وقت ¬

_ (¬1) في الأصل [أي توجه أوجه وجهه].

باب في الغلول إذا كان يسيرا يتركه الإمام ولا يحرق رحله

وَقَدْ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَا مِدْعَمٌ يحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ» أَوْ قَالَ: «شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ». بَابٌ فِي الْغُلُولِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا يَتْرُكُهُ الْإِمَامُ وَلَا يُحَرِّقُ رَحْلَهُ 2712 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === ما أمكن فيه قسمته. أنه يحتمل أن تكون تأكيدًا أو مبتدأ ما بعده خبره، والجملة الاسمية خبر كان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْغُلُولِ إِذَا كَانَ يَسِيرًا يَتْرُكُهُ الْإِمَامُ وَلَا يُحَرِّقُ رَحْلَهُ 2712 - "فيخمسه" بتخفيف الميم من خمسه يخمسه كنصر أي يأخذ

باب في عقوبة الغال

وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ فَيَخْمُسُهُ وَيُقَسِّمُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَاهُ مِنَ الغَنِيمَةِ. فَقَالَ: «أَسَمِعْتَ بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ » قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ » فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ عَنْكَ». بَابٌ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ 2713 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: النُّفَيْلِيُّ الْأَنْدَرَاوَرْدِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَصَالِحٌ هَذَا أَبُو وَاقِدٍ» - قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ أَرْضَ الرُّومِ فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَلَّ فَسَأَلَ سَالِمًا عَنْهُ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَجَدْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ غَلَّ فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ === خمسه، "فاعتذر" أي في التأخير، "كن أنت" (¬1) إلخ وفيه تغليظ وتشديد في تأخيره، حتى قسمت الغنيمة وتعذر إيصاله إلى الغانمين كلهم، وليس المراد أن التوبة غير مقبولة ولا أنه إن استحل لا يسقط الإثم. بَابٌ فِي عُقُوبَةِ الْغَالِّ 2713 - "فأحرِقوا متاعه" أخذ بظاهره طائفة منهم أحمد، وحمله الجمهور على التغليظ؛ إذ لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر بحرق متاع أحد ممن وجد ¬

_ (¬1) في الأصل [كنت أنت]. وما أثبتاه من السنن المطبوع.

وَاضْرِبُوهُ» قَالَ: فَوَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ مُصْحَفًا، فَسَأَلَ سَالِمًا عَنْهُ فَقَالَ: «بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ». 2714 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ وَمَعَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَغَلَّ رَجُلٌ مَتَاعًا فَأَمَرَ الْوَلِيدُ بِمَتَاعِهِ فَأُحْرِقَ وَطِيفَ بِهِ وَلَمْ يُعْطِهِ سَهْمَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ: الْوَلِيدَ بْنَ هِشَامٍ أَحْرَقَ رَحْلَ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَانَ قَدْ غَلَّ وَضَرَبَهُ. 2715 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ حَرَّقُوا مَتَاعَ الْغَالّ وَضَرَبُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَزَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ» وَمَنَعُوهُ سَهْمَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وحَدَّثَنَا بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَوْلَهُ، «وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ» مَنْعَ سَهْمِهِ. === الغلول عندهم (¬1) في وقته كما ذكره البخاري (¬2) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في الأصل [ ... صَاع أحد مما وجد الغلول عنهم]. (¬2) البخاري في الجهاد (3074).

باب النهي عن الستر على من غل

بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّتْرِ عَلَى مَنْ غَلَّ 2716 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: أَمَّا بَعْدُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَتَمَ غَالًّا فَإِنَّهُ مِثْلُهُ». بَابٌ فِي السَّلَبِ يُعْطَى الْقَاتِلَ 2717 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَامِ حُنَيْنٍ، === بَابُ النَّهْيِ عَنِ السَّتْرِ عَلَى مَنْ غَلَّ 2716 - "من كتم" سره ولم يظهر أمره عند الأمير: بَابٌ فِي السَّلَبِ يُعْطَى الْقَاتِلَ هو بفتحتين ما على المقتول من ملبوس وغيره وفي شموله الدابة اختلاف. 2717 - "جولة" أي حركة واضطراب وتقدم وتأخر قيل: كنى بها عن الهزيمة وكأنه كره التصريح بالهزيمة فاستعمل الكناية، وقيل: بل أراد اختلاط المسلمين بالكفرة في المحاربة، وقال السيوطي: أي غلبة من جال في الحرب على قرنه يجول، على "حبل عاتقه" هو ما بين العنق والكتف، "فضمني" عصرني، "ريح

فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». قَالَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّانِيَةَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ». قَالَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ: ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ » قَالَ: فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ إِذًا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: «فَأَعْطَانِيهِ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا === الموت" أي أثره وشدته، "ما بال الناس" أي كيف انهزموا؟ "أمر الله" أي قضاءه، "له عليه" على قتله، "بينة" قيل: يكفي فيه الواحد وقيل: بل لا بد من اثنين، "فأرضه" من الإرضاء منه أي يبدله "لا" أي لا يفعل ما قالت، "ها الله" كلمة "ها" بدل من واو القسم وما بعدها مجرور يقال: "ها الله" موضع "والله" بقطع الهمزة مع إثبات ألفها وحذفها، "إِذن" إلخ أي إن فعل ذلك فقد عمد إلى أسد شجاع من عساكر دين الله الذين يحاربون لإعلاء دينه، و "أسد" بضم وسكون والمراد بهذا

باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى والفرس والسلاح من السلب

فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ». 2718 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي يَوْمَ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ». فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ، وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَمَعَهَا خِنْجَرٌ فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا مَعَكِ؟ قَالَتْ: أَرَدْتُ وَاللَّهِ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُهُمْ أَبْعَجُ بِهِ بَطْنَهُ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَرَدْنَا بِهَذَا الْخِنْجَرَ وَكَانَ سِلَاحَ الْعَجَمِ يَوْمَئِذٍ الْخِنْجَرُ». بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَمْنَعُ الْقَاتِلَ السَّلَبَ إِنْ رَأَى وَالْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ مِنَ السَّلَبِ 2719 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، === الأسد: أبو قتادة، "فابتعت" أي اشتريت، "مخرفًا" بفتح الميم والراء، أي بستانًا في بني سلمة بكسر اللام، "ثأثلته" أي تملكته وجعلته أصل مالي. 2718 - "خنجر" سكين كبير كجعفر ويكسر خاءه، "أبعج به" أي أشق من بعجه كمنعه شقه. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَمْنَعُ الْقَاتِلَ السَّلَبَ إِنْ رَأَى وَالْفَرَسُ وَالسِّلَاحُ مِنَ السَّلَبِ 2719 - (مؤتة) بهمزة وبدونها موضع بناحية الشام، "مَدديٌ" بفتحتين

قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ فَرَافَقَنِي مَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، فَاتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرْقِ وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذْهَبٌ وَسِلَاحٌ مُذْهَبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ، فَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ فَخَرَّ وَعَلَاهُ فَقَتَلَهُ وَحَازَ فَرَسَهُ وَسِلَاحَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُسْلِمِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَخَذَ مِنَ السَّلَبِ. قَالَ عَوْفٌ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ. قُلْتُ: لَتَرُدَّنَّهُ عَلَيْهِ أَوْ لَأُعَرِّفَنَّكَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَالَ عَوْفٌ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === نسبة إلى المدد أي مَن ينتمي لمدد العسكر، "طائفة" قطعة، "الدَّرق" بفتحتين ترس من جلد ليس فيه خشب ولا عصب، "أشقر" أحمر، "سَرْج" بفتح فسكون، "مُذهّب" بضم فسكون بفتح هاء مطلي بذهب، "يفري بالمسلمين" هو بالفاء والراء كيرمي أي يبالغ في النكاية والقتل كذا ضبطه السيوطي وأهل الغريب (¬1)، وفي بعض النسخ "يغري" بالغين من الإغرار؛ أي يسلط الكفرة على المسلمين ويحثهم على قتالهم، "لأعرفنكها" من التعريف مع نون الثقيلة؛ أي أجعلنك ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والآثار- ابن الأثير: 3/ 442.

باب في السلب لا يخمس

فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّةَ الْمَدَدِيِّ وَمَا فَعَلَ خَالِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا خَالِدُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ » قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَكْثَرْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا خَالِدُ رُدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ». قَالَ عَوْفٌ: فَقُلْتُ لَهُ: دُونَكَ يَا خَالِدُ، أَلَمْ أَفِ لَكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَلِكَ؟ » فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا خَالِدُ لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ». 2720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: سَأَلْتُ ثَوْرًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، نَحْوَهُ. بَابٌ فِي السَّلَبِ لَا يُخَمَّسُ 2721 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ». === عارفًا بجزائها، قال السيوطي: أي لأجازينك بها حتى تعرف سوء صنيعك، "صفوة أمرهم" بكسر الصاد أي خياره وما صفا منه، وظاهر هذا الحديث أن السلب للقاتل أذن فيه الإمام أم لا، لكن للإمام حق الأخذ منه وجعله للغير للتأديب والله تعالى أعلم.

باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه

بَابُ مَنْ أَجَازَ عَلَى جَرِيحٍ مُثْخَنٍ يُنَفَّلُ مِنْ سَلَبِهِ 2722 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «نَفَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ سَيْفَ أَبِي جَهْلٍ كَانَ قَتَلَهُ». بَابٌ فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ لَا سَهْمَ لَهُ 2723 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ === بَابُ مَنْ أَجَازَ عَلَى جَرِيحٍ مُثْخَنٍ يُنَفَّلُ مِنْ سَلَبِهِ أي أتم قتله. 2722 - "نفلني" بالتشديد أي أعطاني. 2723 - "حُزُم" بضمتين جمع حزام "أنت بها" قال الخطابي: فيه اختصار وإضمار والتقدير: أنت متكلم بهذه الكلمة (¬1)، قلت: يحتمل أن المعنى أنت بهذه البقعة، "يا وبر" بفتح فسكون هي دويبة على قدر السنور شبه به تحقيرًا له أو ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 305.

أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: لَا تَقْسِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبَانُ: أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسِ ضَالٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْلِسْ يَا أَبَانُ»، وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2724 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، فَحَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ الْقُرَشِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحَهَا فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُسْهِمَ لِي، فَتَكَلَّمَ بَعْضُ وُلْدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: «يَا عَجَبًا لِوَبْرٍ قَدْ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَالٍ يُعَيِّرُنِي بِقَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَؤُلَاءِ كَانُوا نَحْوَ عَشَرَةٍ فَقُتِلَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ وَرَجَعَ مَنْ بَقِيَ». 2725 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ === بفتحتين من وبر الإبل وفيه تحقير أيضًا، قيل: والصحيح الأول "ضال" بالتخفيف مكان أو جبل بعينه ويروى بالنون وهو اسم جبل في أرض دوس وقيل: أراد به الضأن من الغنم فتكون ألفه همزة. 2724 - "أن يسهم" من الإسهام، "قاتل بن قوقل" رجل من المسلمين قتله أبان -وهو المراد بـ"بعض ولد سعيد" - في بعض المغازي قبل أن يسلم، "من قدوم ضال" بفتح قاف فضم دال مخففة أراد رأسه. 2725 - "فأعطانا منها" إما من خمسه أو من الغنيمة بإذن الغانمين والله

باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة

أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: " قَدِمْنَا فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا - أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا - وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إِلَّا أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ فَأَسْهَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ. 2726 - حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ هَانِئِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ - يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ - فَقَالَ: «إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَإِنِّي أُبَايِعُ لَهُ». فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمٍ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرَهُ. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يُحْذَيَانِ مِنَ الغَنِيمَةِ 2727 - حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ === تعالى أعلم. 2726 - "انطلق" إلخ فإنه كان يخدم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضها. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يُحْذَيَانِ مِنَ الغَنِيمَةِ بضم الياء وسكون المهملة وفتح الذال المعجمة، أي يعطيان عطيته دون السهم. 2727 - "أله في الفييء" أي الغنيمة، "لولا أن يأتي أحموقة" بضم همزة

الْفَزَارِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ وَعَنِ الْمَمْلُوكِ أَلَهُ فِي الْفَيْءِ شَيْءٌ؟ وَعَنِ النِّسَاءِ هَلْ كُنَّ يَخْرُجْنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهَلْ لَهُنَّ نَصِيبٌ "؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَوْلَا أَنْ يَأْتِيَ أُحْمُوقَةً مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَكَانَ يُحْذَى، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَقَدْ كُنَّ يُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيَسْقِينَ الْمَاءَ». 2728 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الْوَهْبِيَّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَالزُّهْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ النِّسَاءِ هَلْ كُنَّ يَشْهَدْنَ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ قَالَ: فَأَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى نَجْدَةَ: «قَدْ كُنَّ يَحْضُرْنَ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَنْ يُضْرَبَ لَهُنَّ بِسَهْمٍ فَلَا، وَقَدْ كَانَ يُرْضَخُ لَهُنَّ». 2729 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ قَالَا: أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، === وميم، أي لولا أن يفعل فعل الحمقاء ويروي رأيًا كرأيهم، "يحذى" على بناء المفعول كما تقدم أي يعطى دون السهم، "يداوين" من المداواة بضم الياء وكسر الواو، بمعنى كان المقصود من خروجهن مداواة الجرحى، لا القتال. 2728 - "يرضخ" من الرضخ بضاد وخاء معجمتين، وهي العطية القليلة. 2729 - "سادس ست نسوة" الظاهر سادسة بالتاء، قوله: "قالت تمرًا"

قَالَ: حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي حَشْرَجُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ أَبِيهِ أَنَّهَا خَرَجَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ سَادِسَ سِتِّ نِسْوَةٍ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا فَجِئْنَا فَرَأَيْنَا فِيهِ الْغَضَبَ فَقَالَ: «مَعَ مَنْ خَرَجْتُنَّ، وَبِإِذْنِ مَنْ خَرَجْتُنَّ؟ » فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْنَا نَغْزِلُ الشَّعَرَ وَنُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَعَنَا دَوَاءُ الْجَرْحَى، وَنُنَاوِلُ السِّهَامَ وَنَسْقِي السَّوِيقَ. فَقَالَ: «قُمْنَ». حَتَّى إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ «أَسْهَمَ لَنَا كَمَا أَسْهَمَ لِلرِّجَالِ». قَالَ: قُلْتُ لَهَا: يَا جَدَّةُ وَمَا كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: تَمْرًا. 2730 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرٌ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: «شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي، فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ سَيْفًا، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ فَأُخْبِرَ أَنِّي مَمْلُوكٌ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «كَانَ حَرَّمَ اللَّحْمَ عَلَى نَفْسِهِ فَسُمِّيَ آبِي اللَّحْمِ». === ظاهره أنه قسم شيئًا من التمر بينهم فسوى بينهم بالقسمة والله تعالى أعلم. 2730 - "مولى آبى اللَحْم" بمد الهمزة "فكلموا فيّ" أي في شأني، "فأمر بي" أي أمرني بأن أحمل السلاح وأكون مع المجاهدين لأتعلم المحاربة "أجره" بتشديد الراء؛ أجر السيف على الأرض من قصر قامتي لصغر سني، ويمكن أنه كنى بذلك عن كونه لا يحسن تقليد السيف ولم يكن من أهله، "عن خرثي المتاع" بضم الخاء المعجمة وسكون الراء المهملة وكسر الثاء المثلثة وتشديد الياء أثاث البيت ومتاعه.

باب في المشرك يسهم له

2731 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنْتُ أَمِيحُ أَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ». بَابٌ فِي الْمُشْرِكِ يُسْهَمُ لَهُ 2732 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - قَالَ يَحْيَى: - إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ فَقَالَ: «ارْجِعْ». ثُمَّ اتَّفَقَا فَقَالَ: «إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ». بَابٌ فِي سُهْمَانِ الْخَيْلِ 2733 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ === 2731 - "أميح" بمثناة تحتية وحاء مهملة مضارع ماح يميح ميحًا إذا أنزل في ماء قليل فملأ الدلو بيده. بَابٌ فِي الْمُشْرِكِ يُسْهَمُ لَهُ 2732 - "إنا لا نستعين بمشرك" فإذا لم يستعن به لا يسهم له، قالوا: قد ثبت أنه استعان بصفوان قبل إسلامه فيحمل الأمر أنه على حالة الحاجة وعدمها والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي سُهْمَانِ الْخَيْلِ بضم سين وسكون هاء جمع سهم. 2733 - "سهما له" إلخ؛ قيل: اللام فيه للتمليك، وفي قوله: "لفرسه"

باب فيمن أسهم له سهما

نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ. 2734 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، وَمَعَنَا فَرَسٌ فَأَعْطَى كُلَّ إِنْسَانٍ مِنَّا سَهْمًا، وَأَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ». 2735 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةُ نَفَرٍ» زَادَ «فَكَانَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ». بَابٌ فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا 2736 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعٍ، يَذْكُرُ عَنْ عَمِّهِ === للسببية، وبهذا الحديث أخذ الجمهور فقالوا: للفارس ثلاثة أسهم. ومن لا يقول به يعتذر عنه بأنه قد روي خلافه أيضًا، فحين تعارض روايتا حديث ابن عمر تركناه وأخذنا برواية غيره، وسيجيء من رواية غيره أن للفارس سهمان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمًا 2736 - (مجمع) اسم فاعل من تجميع، "يهزون" بتشديد الزاي،

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: شَهِدْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذَا النَّاسُ يَهُزُّونَ الْأَبَاعِرَ، فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: مَا لِلنَّاسِ قَالُوا: أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْنَا مَعَ النَّاسِ نُوجِفُ، فَوَجَدْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى رَاحِلَتِهِ عِنْدَ كُرَاعِ الْغَمِيمِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفَتْحٌ». فَقُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ فِيهِمْ ثَلَاثُ مِائَةِ فَارِسٍ فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، «وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " حَدِيثُ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَصَحُّ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ، وَأَرَى الْوَهْمَ فِي حَدِيثِ مُجَمِّعٍ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَ مِائَةِ فَارِسٍ». وَكَانُوا مِائَتَيْ فَارِسٍ. === و"الأباعر" جمع بعير، أي يحركون رواحلهم لتجتمع في مكان واحد، "نوجف" من أوجف أي نسرع ونركض "عند كراع الغميم" بضم الكاف وفتح غين معجمة موضع بين مكة والمدينة، "على ثمانية عشر" أعطى ستة منها للفرسان على أن يكون لكل مائة سهمان وأعطى البقية وهي اثنا عشر للراجلين وهم ألف ومائتان، فيكون الكل مائة سهم، فيكون للراجل سهم وللفارس سهمان وهذا معنى قوله: "فأعطى الفارس" وبهذا الحديث قال أبو حنيفة، واعتذورا عن حديث ابن عمر بما سيق والله تعالى أعلم.

باب في النفل

بَابٌ فِي النَّفَلِ 2737 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ: «مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ مِنَ النَّفَلِ كَذَا وَكَذَا». قَالَ: فَتَقَدَّمَ الْفِتْيَانُ وَلَزِمَ الْمَشْيَخَةُ الرَّايَاتِ فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَ الْمَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ لَوِ انْهَزَمْتُمْ لَفِئْتُمْ إِلَيْنَا، فَلَا تَذْهَبُوا بِالْمَغْنَمِ وَنَبْقَى، فَأَبَى الْفِتْيَانُ وَقَالُوا: جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ، وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] يَقُولُ: «فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَأَطِيعُونِي فَإِنِّي أَعْلَمُ بِعَاقِبَةِ هَذَا مِنْكُمْ». 2738 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بَابٌ فِي النَّفَلِ 2737 - "فله من النفل" بفتحتين على المشهور وقد تسكن الفاء واحد الأنفال، وهي زيادة يزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة، وقد يطلق على الغنيمة، "فتقدم الفتيان" بكسر الفاء وسكون المثتاة من فوق جمع فتى، "ردءًا لكم" بكسر الراء وسكون الدال وهمزة وهو العون والناصر، "فئتم" (¬1) بكسر الفاء أي رجعتم، "يقول" أي الله تعالى. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [لفئتم].

قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا» ثُمَّ سَاقَ نَحْوَهُ. «وَحَدِيثُ خَالِدٍ أَتَمُّ». 2739 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي دَاوُدُ: بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: «فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّوَاءِ». «وَحَدِيثُ خَالِدٍ أَتَمُّ». 2740 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ شَفَى صَدْرِي الْيَوْمَ مِنَ الْعَدُوِّ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. قَالَ: «إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لِي وَلَا لَكَ». فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَقُولُ يُعْطَاهُ الْيَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلَائِي، فَبَيْنَمَا أَنَا إِذْ جَاءَنِي الرَّسُولُ فَقَالَ: «أَجِبْ». فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ بِكَلَامِي فَجِئْتُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ سَأَلْتَنِي هَذَا السَّيْفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلَا لَكَ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُ لِي فَهُوَ لَكَ». ثُمَّ قَرَأَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: «يَسْأَلُونَكَ النَّفْلَ». === 2740 - "شفى صدرى اليوم" أي لما وقع بهم من الهزيمة والقتل والأسر، "فهب" من الهبة، "من لم يبل بلائي" أي لم يعمل مثل عملي في الحرب، كأنه أراد أن في الحرب يختبر الرجل فيظهر حاله، وقد اختبرت فظهر مني ما ظهر فإني أحق بهذا السيف من الذي لم يختبر مثل اختباري، "إِذ جاءني الرسول" أي الرسول منه - صلى الله عليه وسلم -.

باب في نفل السرية تخرج من العسكر

بَابٌ فِي نَفْلِ السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنَ الْعَسْكَرِ 2741 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَشَّرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُمُ الْمَعْنَى، كُلُّهُمْ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشٍ قِبَلَ نَجْدٍ، وَانْبَعَثَتْ سَرِيَّةٌ مِنَ الْجَيْشِ، فَكَانَ سُهْمَانُ الْجَيْشِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَ أَهْلَ السَّرِيَّةِ بَعِيرًا بَعِيرًا، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، ثَلَاثَةَ عَشَرَ». 2742 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، حَدَّثْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قُلْتُ: وَكَذَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَا تَعْدِلُ مَنْ سَمَّيْتَ بِمَالِكٍ، هَكَذَا، أَوْ نَحْوَهُ يَعْنِي مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ. 2743 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابٌ فِي نَفْلِ السَّرِيَّةِ تَخْرُجُ مِنَ الْعَسْكَرِ 2741 - "وانبعثت سرية" أي قطعة من الجيش إلى العدو، "فكان سهمان" بضم السين، "ونقل" بتشديد الفاء أي أعطوا زيادة على سهمهم من الغنيمة. 2743 - "اثنا عشر بعيرًا بعد الخمس" إلخ ظاهره أن النفل كان من تمام

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً إِلَى نَجْدٍ فَخَرَجْتُ مَعَهَا، فَأَصَبْنَا نَعَمًا كَثِيرًا، فَنَفَّلَنَا أَمِيرُنَا بَعِيرًا بَعِيرًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ، ثُمَّ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَسَمَ بَيْنَنَا غَنِيمَتَنَا، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا بَعْدَ الْخُمُسِ» وَمَا حَاسَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي أَعْطَانَا صَاحِبُنَا، وَلَا عَابَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَّا ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا بِنَفْلِهِ. 2744 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ الْمَعْنَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا» زَادَ ابْنُ مَوْهَبٍ: «فَلَمْ يُغَيِّرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 2745 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا === الغنيمة قبل إفراز الخمس منها ثم إفراز الخمس من الباقي وقسم بين الغانمين، وفيه خلاف بين العلماء فقيل كذلك، وقيل: بل يؤخذ الخمس أولًا من تمام الغنيمة، ثم يعطى النفل من الأخماس الأربعة، ثم تقسم البقية بين الغانمين، وقيل: بل النفل من خمس الخمس الذي هو سهمه صلى الله عليه وسلم، وقالوا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيهم من ذلك والله تعالى أعلم.

بَعِيرًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ، مِثْلَ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا» لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2746 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، ح وحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُجَيْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةَ النَّفَلِ سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ، وَالْخُمُسُ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ كُلُّهُ». 2747 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا حُيَيٌّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي ثَلَاثِ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ». فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَانْقَلَبُوا حِينَ انْقَلَبُوا، وَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ جَمَلَيْنِ وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا. === 2746 - "والخمس في ذلك" إلخ يفيد أن الخمس يؤخذ أولًا من الغنيمة، ثم ينفل من الباقي ثم يقسم ما بقي.

باب فيمن قال الخمس قبل النفل

بَابٌ فِيمَنْ قَالَ الْخُمُسُ قَبْلَ النَّفْلِ 2748 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ الشَّامِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ». 2749 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنِ ابْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ إِذَا قَفَلَ». 2750 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ ذَكْوَانَ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيَّانِ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَهْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا، يَقُولُ: كُنْتُ عَبْدًا بِمِصْرَ لِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي هُذَيْلٍ فَأَعْتَقَتْنِي، فَمَا خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ وَبِهَا عِلْمٌ إِلَّا حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِجَازَ فَمَا خَرَجْتُ مِنْهَا وَبِهَا عِلْمٌ إِلَّا حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الْعِرَاقَ فَمَا خَرَجْتُ مِنْهَا وَبِهَا عِلْمٌ إِلَّا === بَابٌ فِيمَنْ قَالَ الْخُمُسُ قَبْلَ النَّفْلِ 2750 - "وبها علم" أي بمصر "علم، إِلا حويت" أي جمعت عليه مكبًا ساقطًا عليه في تحصيله، "فغربليتها" أي كشفت حال من بها كأنه جعلهم في غربال ففرق بين الجيد والرديء، "نفّل" بتشديد الفاء أي أعطى في النفل "الربع في البدأة" أي ابتداء الغزو وذلك بأن نهضت سرية من العسكر وابتدروا إلى

باب في السرية [ترد على أهل العسكر]

حَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيمَا أُرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ فَغَرْبَلْتُهَا كُلُّ ذَلِكَ أَسْأَلُ عَنِ النَّفَلِ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُخْبِرُنِي فِيهِ بِشَيْءٍ، حَتَّى لَقِيتُ شَيْخًا يُقَالُ لَه زِيَادُ بْنُ جَارِيَةَ التَّمِيمِيُّ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ سَمِعْتَ فِي النَّفَلِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ يَقُولُ: «شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي الْبَدْأَةِ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» بَابٌ فِي السَّرِيَّةِ [تَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ] 2751 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هُوَ مُحَمَّدٌ بِبَعْضِ هَذَا، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ، === العدو في أول الغزو، فما غنموا كان يعطيهم منها الربع، وإن فعل طائفة مثل ذلك حين رجوع العسكر يعطيهم ثلث ما غنموا لأن فعلهم ذلك حين رجوع العسكر أشق لضعف الظهر والعدة، والفتور، وزيادة الشهوة إلى الأوطان، فزاد لذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي السَّرِيَّةِ [تَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ] أي الغنيمة على أهل العسكر الذين لم يحاربوا، وفيه بيان لمجمل الحديث وتنبيه على شرحه؛ بأن السرية لا ترد الغنيمة على كل قاعد وإنما تردها على من كان معهم في الغزو من أهل العسكر، وإن قعدوا عن الحرب. 2751 - "تتكافأ" بهمزة في آخره من الكفؤ وهو المثل، أي تتساوى في القصاص والديات لا يفضل شريف على وضيع، "يسعى بذمتهم" أي عهدهم

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ. يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ إِسْحَاقَ: الْقَوَدَ وَالتَّكَافُؤَ. === وأمانهم يريد كان أمانهم في يد "أدناهم"، أي اقلهم عددًا وهو الواحد أو أحضرهم رتبة وهو العبد، فهو يمشي به بين الناس يعطيه من يشاء، والحاصل أن أدنى المؤمنين، إذا أمن لزم ذلك الكل وليس لأحد نقضه "ويجير" من أجار أي يؤمن أي إذا عقد لكافر أماتًا من كان أبعد دارًا للكافر لزم ذلك الأمان من هو أقرب دارًا لذلك الكافر، "وهم يد" أي متعاونون "على من سواهم" أي يجب عليهم أن يعاون بعضهم بعضًا، إذا حاربوا من سواهم من الكفرة لا إذا حارب بعضهم بعضًا، "مُشِدهم" اسم فاعل من شد، و "مضعفهم" من ضعف قيل: الأول من قوي دابته والثاني: من ضعف دابته؛ والمعنى أن القوي من الغزاة ليساويه الضعيف فيما اكتسبه كان الغنيمة، أو أن من قوى دابته يجب عليه أن يعاهد من ضعف دابته ويراعيه ويرد دابته عليه، ويتوقف لأجله ولا يسير قبله، "ومتسرعهم" أي الذي يخرج في السرية يرد الغنيمة على القاعد من أهل العسكر لا على القاعد في وطنه كما أشار إليه المصنف في الترجمة، "بكافر" أي في مقابلته، قيل: بعمومه وقيل: مخصوص بالحربي المستأمن، وأما الذمي فليس كذلك، لحديث "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، "ولا ذو عهد" أي كافر ذو ذمة أو ذو أمان، قيل: ذكره تأكيدًا لتحريم دمه؛ إذ قوله "ولا يقتل" ربما يوهم ضعفًا في أمره.

2752 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَ رَاعِيَهَا، فَخَرَجَ يَطْرُدُهَا هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ فِي خَيْلٍ، فَجَعَلْتُ وَجْهِي قِبَلَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ نَادَيْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَا صَبَاحَاهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ فَجَعَلْتُ أَرْمِي، وَأَعْقِرُهُمْ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ جَلَسْتُ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا جَعَلْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَحَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا وَثَلَاثِينَ بُرْدَةً يَسْتَخِفُّونَ مِنْهَا، ثُمَّ أَتَاهُمْ عُيَيْنَةُ مَدَدًا، فَقَالَ: لِيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ، فَقَامَ إِلَيَّ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ فَصَعِدُوا الْجَبَلَ، فَلَمَّا أَسْمَعْتُهُمْ قُلْتُ: أَتَعْرِفُونِي؟ قَالُوا: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكُنِي، وَلَا أَطْلُبُهُ فَيَفُوتُنِي، فَمَا بَرِحْتُ حَتَّى نَظَرْتُ === 2752 - "يا صباحاه" كلمة يقولها المستغيث؛ لسبب أن دأبهم القتال وقت الصباح، فكأنه يقول: جاء وقته فتأهبوا له، "وأعقِرُهم" أي أعقر دوابهم؛ وعقرها ضرب قوائمها، "جلست في أصل شجرة" مختفيًا عنه، "من ظهر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" أي إبله الذي أخذوه؛ يريد أن جميع ما أخذوه من إبله صلى الله تعالى عليه وسلم أخذتهم عنهم وتركته وراء ظهري، "يستخفون منها" أي يطلبون الخفة منها؛ ليكون أسرع في الفرار، "أسمعتهم" أي قدرت علي إسماعهم لقربهم مني، "فيلحق" أي فلحق وصيغة المضارع لإحضار تلك الحاله العجيبة، كأنه يوم يحكي ينظر إليها، وفيه تنبيه على أن حديثه كان عن حفظ عظيم يقارب المشاهدة، "فعقر بأبي قتادة" أي قتل دابته، "الذي حليتهم

باب [في] النفل من الذهب والفضة ومن أول مغنم

إِلَى فَوَارِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ: أَوَّلُهُمُ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ، فَيَلْحَقُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ الْأَخْرَمُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَتَلَهُ فَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ فَيَلْحَقُ أَبُو قَتَادَةَ، بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ، وَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ، فَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ، عَلَى فَرَسِ الْأَخْرَمِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي جَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ، «فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسِ مِائَةٍ فَأَعْطَانِي سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ». بَابٌ [فِي] النَّفْلِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ 2753 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ === عنه" (¬1) بحاء مهملة قيل: هكذا جاءت الرواية غير مهموز والأصل: "حلأتهم" بالهمزة أي منعتهم، وروده؛ فقلبت الهمزة ياء على خلاف القياس؛ إذ القياس قلبها ياء إذا انكسر ما قبلها، "ذو قرد" بفتح القاف، والراء اسم لذلك المكان، قالوا: هو على ميلين من المدينة بينهما وبين [] (¬2)، "سهم الفارس والرجل" قيل: كان راجلًا فأعطاه سهمه، ونفله سهم فارس لحسن سعيه، وللإمام التنفيل لمثله ترغيبا للناس في الجهاد والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] النَّفْلِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ 2753 - (أبي الجويرية) بضم جيم وفتح الواو، (الجرمي) بفتح الجيم ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [جلّيتهم .. ] بالجيم المعجمة وتشديد اللام. (¬2) ما بين المعقوفتين كلمة غير واضحة بالأصل.

باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه

الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ الْجَرْمِيِّ، قَالَ: أَصَبْتُ بِأَرْضِ الرُّومِ جَرَّةً حَمْرَاءَ فِيهَا دَنَانِيرُ فِي إِمْرَةِ مُعَاوِيَةَ وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَانِي مِنْهَا مِثْلَ مَا أَعْطَى رَجُلًا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ» لَأَعْطَيْتُكَ، ثُمَّ أَخَذَ يَعْرِضُ عَلَيَّ مِنْ نَصِيبِهِ فَأَبَيْتُ. 2754 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَسْتَأْثِرُ بِشَيْءٍ مِنَ الفَيْءِ لِنَفْسِهِ 2755 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ === وسكون الراء (¬1)، "جرَّة" بفتح جيم وتشديد راء، إناء معروف "إمرة" بكسر الهمزة وسكون الميم أي إمارة، "إلا بعد الخمس" هاهنا؛ لأنه ليس بغنيمة أخذت عنوة ليجب فيها الخمس فلا نفل منه أيضًا، يريد أن الحديث يدل على أن النفل يكون من الغنيمة؛ لأنه محل خمس، وهذا ليس بغنيمة. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَسْتَأْثِرُ بِشَيْءٍ مِنَ الفَيْءِ لِنَفْسِهِ أراد بالفيء وهي ما أخذ عنوة بقرينة حديث الباب لا المعنى المتعارف وهو ما يحصل بمصالحة أهله عليه مثلًا. 2755 - "وبرة" بفتحتين واحد من صوف الإبل "مردود فيكم" أي ¬

_ (¬1) أبي الجويرية الجرمي: حطان بن خفان بن زهير بن عبد الله بن رمح ابن عرعرة أبو الجويرة الجرمي، كوني، ثقة. تهذيب التهذيب: 2/ 396.

باب في الوفاء بالعهد

الْعَلَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ الْأَسْوَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَعِيرٍ مِنَ المَغْنَمِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخَذَ وَبَرَةً مِنْ جَنْبِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ قَالَ: «وَلَا يَحِلُّ لِي مِنْ غَنَائِمِكُمْ مِثْلُ هَذَا إِلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ». بَابٌ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ 2756 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يُسْتَجَنُّ بِهِ فِي الْعُهُودِ 2757 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === مصروف في مصالحكم. بَابٌ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ 2756 - "ينصب له لواء" بكسر اللام الراية، ولعل المقصود بذلك تشهيره بالغدر يوم القيامة على رؤوس الأشهاد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يُسْتَجَنُّ بِهِ فِي الْعُهُودِ 2757 - "جُنَّة" أي وقاية وعصمة، "يقاتل به" أي برأيه وأمره فإذا ترك القتال

باب [في] الإمام يكون بينه، وبين العدو عهد فيسير إليه

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ بِهِ». 2758 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ أَبَا رَافِعٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: بَعَثَتْنِي قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ، وَلَكِنِ ارْجِعْ فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِكَ الَّذِي فِي نَفْسِكَ الْآنَ فَارْجِعْ». قَالَ: فَذَهَبْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمْتُ قَالَ: بُكَيْرٌ وَأَخْبَرَنِي: «أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا يَصْلُحُ». بَابٌ [فِي] الْإِمَامِ يَكُونُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْعَدُوِّ عَهْدٌ فَيَسِيرُ إِلَيْهِ 2759 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ === وصالح لزم صلحه للناس وليس لأحد رده. 2758 - "لا أخيس بالعهد" بخاء معجمة ثم مثناة تحتية وسين مهملة أي لا أنقضه، "ولا أخيس" بحاء وسين مهملتين بينهما موحدة من الحبس، "البُرُد " بضمتين وقد سكن جمع بريد وهو الرسول. بَابٌ [فِي] الْإِمَامِ يَكُونُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْعَدُوِّ عَهْدٌ فَيَسِيرُ إِلَيْهِ 2759 - "وكان يسير" أي أيام العهد، "حتى إذا" إلخ أي لأجل أن يغير

باب في الوفاء للمعاهد وحرمة ذمته

أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ حَتَّى إِذَا انْقَضَى الْعَهْدُ غَزَاهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَفَاءٌ لَا غَدَرَ، فَنَظَرُوا فَإِذَا عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ» فَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ. بَابٌ فِي الْوَفَاءِ لِلْمُعَاهِدِ وَحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ 2760 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ === عليم، متصلًا بانقضاء العهد، "على فرس" أي عربي "أو برذون" بكسر الباء وسكون الراء وفتح الذال المعجمة أي الفرس الغير العربي، "وفاء لا غدر" أي يجب عليك وفاء لا غدر معه، أي لكن منك وفاء لا غدر، وهذا الوفاء يتضمن نوع غدر، لأنهم لا يتوقعون خروجه إلا بعد أيام مدة الصلح فلا يستعدون إلا حسب ذلك، "فلا يشد عقدة ولا يحملها" بضم الحاء من الحل بمعنى تنقض العهد، والشد ضده، والظاهر أن المجموع كناية عن حفظ العهد وعدم التعرض له، "أو ينبذ" بكسر الباء، أي يطرح العهد إليهم طرحًا واقعًا على الاستواء من حيث العلم يعلمه الكل على السوية، أي أو ينقضه ويعلمهم بالنقض بحيث يظهر الأمر على الكل. بَابٌ فِي الْوَفَاءِ لِلْمُعَاهِدِ وَحُرْمَةِ ذِمَّتِهِ 2760 - "في غير كنهه" بضم كاف وسكون نون أي، غير وقته أو غاية أمره

باب في الرسل

عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ». بَابٌ فِي الرُّسُلِ 2761 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مُسَيْلِمَةُ كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَأَ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ: «مَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا؟ » قَالَا: نَقُولُ كَمَا قَالَ. قَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا». 2762 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ === الذي يجوز فيه قتله، {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ} أي يستحق ألا يدخل أولًا ثم أمره إلى الله تعالى لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ} (¬1) الآية. بَابٌ فِي الرُّسُلِ 2761 - "نقول كما قال" أي إنَّه رسول ليس وهذا كفر وارتداد منهما بحضرته صلى الله تَّعالى عليه وسلم ولذلك قال فيهما ما قال. 2762 - "جِنَة"، أي عداوة. ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية 48، 116.

باب في أمان المرأة

حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ فَقَالَ: مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ حِنَةٌ، وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ لِبَنِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ فَجِيءَ بِهِمْ فَاسْتَتَابَهُمْ، غَيْرَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَالَ لَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ» فَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ "، فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ». بَابٌ فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ 2763 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهَا أَجَارَتْ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ، وَأَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ». 2764 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ === (ابن النوّاحة) بفتح نون وتشديد واو. بَابٌ فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ 2763 - "قد أجرنا" بفتح الهمزة والقصر من الإجاره بمعنى الأمان، "وأمنا " بمد الهمزة بمعناه. 2764 - "لتجير" من الإجارة.

باب في صلح العدو

مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيَجُوزُ». بَابٌ فِي صُلْحِ الْعَدُوِّ 2765 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ ثَوْرٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ - قَالَ: وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ، حَلْ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ مَرَّتَيْنِ، === بَابٌ فِي صُلْحِ الْعَدُوِّ 2765 - "زمن الحديبية" بالتصغير في آخره ياء مخففة وجوز تشديدها ثم تاء التأنيث، "في بضع عشرة مائة" هو بكسر الياء وقد تفتح، ما بين الثلاث إلى عشر، وهاهنا قد ركب مع عشرة كما يركب أربع عشرة أو خمس عشرة مثلًا، ومائة تميز للمجموع والمعنى أنه خرج مع ألف ومائة، وقد جاء أنهم ألف وأربعمائة أو خمسمائة وذكروا في التوفيق أنهم أول ما خرجوا كانوا ألف وأربعمائة ثم زادوا والله تعالى أعلم. "عليهم" على أهل مكة من تلك الثنية، "بركت" قعدت، "راحلته" ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم، "حل حل" بفتح المهملة وسكون اللام كلمة تقال في زجر البعير "خلأت القصواء" بخاء معجمة وهمزة ساء خلقها "حبسها حابس

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا خَلَأَتْ، وَمَا ذَلِكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ». ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونِي الْيَوْمَ خُطَّةً يُعَظِّمُونَ بِهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا»، ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ، فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ، فَجَاءَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، ثُمَّ أَتَاهُ - يَعْنِي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ - فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، والْمُغِيَرةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَتِهِ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ أَوَ لَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي === الفيل" أي منعها من السير إلى مكة مَنْ منع الفيل من مكة وهو الله تعالى. "خُطَّة" بضم خاء وتشديد طاء أي خصلة أو أمرًا والمراد أن كل ما يتعلق بتعظيم الحرم إذا طلبوا مني أعطيهم وأقبله كالمصالحة، "زجرها" أي الناقة (فعدل عنهم" مال إلى غير جانبهم، "على ثَمَدٍ" بمثلثة وميم مفتوحتين، الماء القليل، والمراد هاهنا، البئر بعلاقة أنه محل له فلذلك وصف بقوله: قليل الماء. (بُديل) بلفظ التصغير (ابن ورقاء) كحمراء "أخذ بلحيته" أي بلحية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على عادة العرب في التكلم، سيما عند الملاطفة، "وعليه المِغفر" بكسر الميم، "فضرب يده" أي يد عروة حين أخذ بلحية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إجلالا له؛ لأن هذا إنما يصنعه النظير بالنظير وكان عروة عم المغيرة، "أي غُدَر" بضم ففتح معدول عنْ غادر كعمر عن عامر، "في

الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأَمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» وَقَصَّ الْخَبَرَ - فَقَالَ سُهَيْلٌ: وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا». ثُمَّ جَاءَ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ مُهَاجِرَاتٌ - الْآيَةَ - فَنَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَرُدُّوهُنَّ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا الصَّدَاقَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَه أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَعْنِي، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى إِذْ بَلَغَا ذَا الْحُلَيْفَةِ نَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا، === غَدْرتك" بفتح فسكون "أولست أسعى" في إطفاء شر خبايتك ببذل المال، "فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اكتب" أي قال على حين تقرر الأمر على الصلح، "قاضى" صالح "وعلى أنه لا يأتك" إلخ أي فقبله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما كان فيه من المصلحة وإن كان كثير من المؤمنين ما رضوا به أولًا، لكن ثم ظهرت المصلحة حتى صار الشرط للمسلمين عليهم ولله الحمد. "فنهاهم الله أن يردرهن" إما نسخًا لعموم الشرط أو لأن عبارة الشرط كانت مخصوصة بالرجال غير متناولة للنساء، "فجاءه" أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، (أبو بصير) مسلمًا "فدفعه" أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جريًا على مقتضى العهد الذي كان الصلح، "فاستله" أي أخرجه من غمده، "يعدو"

فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ: أَجَلْ قَدْ جَرَّبْتُ بِهِ. فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسجِدَ يَعْدُو فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا». فَقَالَ: قَدْ قُتِلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي، وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ: قَدْ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ فَقَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ نَجَّانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلَ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سَيْفَ الْبَحْرِ وَيَنْفَلِتُ أَبُو جَنْدَلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ. 2766 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ === يسرع في المشي خوفًا من أن يلحقه أبو بصير فيقتله، "ذُعرًا" بضم الذال المعجمة أي خوفا "وأني لمقتول" أي قريب من أن يقتلني، "فقال" أي أبو بصير للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم "ثم نجَّانى" بالتشديد، "ويل أمه" كلمة تعجب، "مِسْعَرُ حرب" بكسر ميم وسكون سين وفتح عين مهملة، هو ما يحرك به النار من آلة الحديد، يقال: فلان مسعر حرب، "لو كان له" أي لأبي بصير أحد يعينه على ذلك أو يقوم في مقابلته، "سِيف البحر" بكسر السين المهملة وسكون مثناة من تحت؛ أي ساحله، و"ينفلت" أي انفلت وخرج من مكة فهو مضارع موضع الماضي، "منهم" من المؤمنين الذين خرجوا من مكة، "عِصابة" بكسر العين أي جماعة، وصار الأمر بسبب ذلك منقلبًا على قريش والله تعالى أعلم. 2766 - "وعلى أن بيننا عيبة" بفتح مهملة وتحتية ساكنة فموحدة، ما يجعل

باب في العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم

إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، «أَنَّهُمْ اصْطَلَحُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهِنَّ النَّاسُ وَعَلَى أَنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَأَنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَلَا إِغْلَالَ». 2767 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: مَالَ مَكْحُولٌ، وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَمِلْتُ مَعَهُمَا فَحَدَّثَنَا، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: قَالَ جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَاهُ، فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنِ الْهُدْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ». بَابٌ فِي الْعَدُوِّ يُؤْتَى عَلَى غِرَّةٍ وَيُتَشَبَّهُ بِهِمْ 2768 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ === فيه فضل الثياب، ومن الرجل موضع سره، و "مكفوفة" مشدودة ممنوعة عما لا يوافق الصلح، والمعنى بيننا قلوبًا صافية كأنها كفت عما لا يوافق الصلح، "وأنه لا إسلال" الغارة الظاهرة، "ولا إغلال" الخيانة؛ أي على ألا يأخذ بعضنا مال بعض لا في السر ولا في العلانية. 2767 - "عن الهُدْنة" بضم فسكون الصلح، "وهم عدوًا" يستوي فيه الواحد وغيره قالي تعالى: {إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكمْ فِتْنَةٌ} (¬1). بَابٌ فِي الْعَدُوِّ يُؤْتَى عَلَى غِرَّةٍ وَيُتَشَبَّهُ بِهِمْ بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء أي على غفلة، و"يتشبه" أي يلبس ¬

(¬1) سورة التغابن: الآية (15).

جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ » فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ: «نَعَمْ، قُلْ». فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَنَا الصَّدَقَةَ وَقَدْ عَنَّانَا قَالَ: وَأَيْضًا لَتَمَلُّنَّهُ قَالَ: اتَّبَعْنَاهُ فَنَحْنُ نَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقًا أَوْ وَسْقَيْنِ، قَالَ كَعْبٌ: أَيَّ شَيْءٍ تَرْهَنُونِي؟ قَالَ: وَمَا تُرِيدُ مِنَّا؟ قَالَ: نِسَاءَكُمْ. قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا فَيَكُونُ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْنَا. قَالَ: فَتَرْهَنُونِي أَوْلَادَكُمْ. قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا. فَيُقَالُ: رُهِنْتَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ. قَالُوا: نَرْهَنُكَ للَّأْمَةَ - يُرِيدُ السِّلَاحَ - قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا أَتَاهُ نَادَاهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُتَطَيِّبٌ يَنْضَحُ رَأْسُهُ، فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ وَقَدْ كَانَ جَاءَ مَعَهُ بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَذَكَرُوا لَهُ قَالَ: عِنْدِي فُلَانَةُ وَهِيَ أَعْطَرُ نِسَاءِ النَّاسِ. قَالَ: تَأْذَنُ لِي فَأَشُمَّ. قَالَ: نَعَمْ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ فَشَمَّهُ قَالَ: أَعُودُ؟ === عليهم. 2768 - "من لكعب" أي من يقوم، لقتله "أن أقول شيئًا" مما ظاهره غير مراد، "وقد عَنَّانا" بفتح عين وتشديد النون الأولى، أي أتعبنا وكلفنا بما فيه من المشقة وأيضًا يزيد فيما يتعبكم، "لتَمَلُّنه" بفتح الفوقية والميم وضم اللام وتشديد النون، أي لتزيدن ملالتكم منه، "يصير أمره" أي يغلب الناس أو يغلبه الناس، "أن تسلفنا" من السلف أي تعطينا قرضًا، "وَسْقًا" بفتح فسكون حمل بعير، "أنت أجمل العرب" أي والنساء تميل إلى مثلك، "يُسَبُ" على بناء المفعول وكذا.

باب في التكبير على كل شرف في المسير

قَالَ: نَعَمْ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي رَأْسِهِ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ قَالَ: دُونَكُمْ فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ. 2769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُزَابَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْإِيمَانُ قَيَّدَ الْفَتْكَ لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ». بَابٌ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ فِي الْمَسِيرِ 2770 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ === "نرهنك اللأمة" بفتح اللام وسكون الهمزة وقد تبدل الهمزة ألفًا، "ينضح رأسه" أي يفوح منه ريح الطيب، "فذكروا له" أي في الطيب، "أعود" أشم ثانيًا. 2769 - "قيّد الفَتْك" بفتح فاء وسكون تاء هو أن يأتي صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله، والمراد: أن الإيمان يمنع المؤمن عن أنه يفتك وهذا معنى قوله: "لا يفتك مؤمن" على بناء الفاعل بضم التاء وكسرها والخبر في معنى النهي ويجوز جزمه على النهي، وقتل كعب وغيره كان قبل النهي أو هو مخصوص والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ فِي الْمَسِيرِ 2770 - "شَرَف" بفتحتين هو المكان المرتفع.

باب في الإذن في القفول بعد النهي

عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ». بَابٌ فِي الْإِذْنِ فِي الْقُفُولِ بَعْدَ النَّهْيِ 2771 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 44]، الْآيَةَ نَسَخَتْهَا الَّتِي فِي النُّورِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النور: 62]، إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]. بَابٌ فِي بِعْثَةِ الْبُشَرَاءِ 2772 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ؟ » فَأَتَاهَا فَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ أَحْمَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُهُ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ. بَابٌ فِي إِعْطَاءِ الْبَشِيرِ 2773 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ === بَابٌ فِي بِعْثَةِ الْبُشَرَاءِ 2772 - "من ذي الخلصة" بفتحات بيت كان فيه صنم لدوس وخثعم وغيرهم. بَابٌ فِي إِعْطَاءِ الْبَشِيرِ 2773 - "عن كلامنا" لتخلفهم عن غزوة تبوك وفيهم نزل قوله تعالى:

باب في سجود الشكر

شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ» - وَقَصَّ ابْنُ السَّرْحِ الْحَدِيثَ - قَالَ: «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ». حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، ثُمَّ صَلَّيْتُ الصُّبْحَ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَسَمِعْتُ صَارِخًا يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى إِذَا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي. بَابٌ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ 2774 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ بَكَّارِ === {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (¬1) الآية "طال" أي انقطاع الناس، "تسورت" أي طلعت، "جدار حائط أبي قتادة" أي جدار بشانه، "أبشر" من الإبشار، "يبشرني" من التبشير، "يهرول" يسرع في المشي، "وهنأني" بهمزة في آخره أي قال لي: هنيئًا لك توبة الله عليك أو نحوه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ 2774 - "أمر سرور" أي أمر يكون سببًا لسرور عظيم كما يدل عليه التنكير ¬

_ (¬1) سورة التوبة: الآية (118).

بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ «إِذَا جَاءَهُ أَمْرُ سُرُورٍ أَوْ بُشِّرَ بِهِ خَرَّ سَاجِدًا شَاكِرًا لِلَّهِ». 2775 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ - عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا كُنَّا قَرِيبًا مِنْ عَزْوَرَا نَزَلَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَامَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا - ذَكَرَهُ أَحْمَدُ ثَلَاثًا - قَالَ: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي، فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي، فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَشْعَثُ بْنُ إِسْحَاقَ أَسْقَطَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حِينَ حَدَّثَنَا بِهِ، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ». === كفتح بلدة كبيرة أو إسلام قوم، وليست سجدة الشكر مشروعة لكل نعمة حتى يقال: نعم الله تعالى على العبد دائمة فينبغي أن يكون السجود على الدوام؛ بل لنعمة عظيمة لا يتجدد مثلها كل وقت والله تعالى أعلم.

باب في الطروق

بَابٌ فِي الطُّرُوقِ 2776 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا». 2777 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ». 2778 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: الطُّرُوقُ: «بَعْدَ الْعِشَاءِ» قَالَ === بَابٌ فِي الطُّرُوقِ 2776 - "طُرُوقًا" بضمتين أي ليلًا، وكل آت بالليل طارق، وقيل: أصله من الطرق وهو الدق لأن الآتي ليلًا يحتاج إلى دق الباب. 2778 - "الشعثة" بفتح فكسر أي التي شعر رأسها متفرق، "المغيبة" بضم ميم من أغابت إذا غاب عنها زوجها، ومعنى "تستحد" أي تحلق شعر عانتها، "الطروق" أي المنهي، "بعد العشاء" وبه يحصل التوفيق، ويمكن أن يقال: المراد: هو أن لا يدخل على الأهل فجأة، بل يدخل عليهم بعد الإخبار بالمجيء

باب في التلقي

أَبُو دَاوُدَ: «وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ لَا بَأْسَ بِهِ». بَابٌ فِي التَّلَقِّي 2779 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَلَقِيتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ». بَابٌ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنْ إِنْفَادِ الزَّادِ فِي الْغَزْوِ إِذَا قَفَلَ 2780 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ وَلَيْسَ لِي مَالٌ أَتَجَهَّزُ بِهِ، قَالَ: «اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ، فَقُلْ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ ادْفَعْ إِلَيَّ مَا تَجَهَّزْتَ بِهِ». فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: ذَلِكَ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا فُلَانَةُ، ادْفَعِي لَهُ مَا جَهَّزْتِنِي بِهِ وَلَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَوَاللَّهِ لَا تَحْبِسِينَ مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارِكَ اللَّهُ فِيهِ. بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ 2781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، === ليستعدوا كما يدل عليه التعليل بقوله: "لكي تمتشط" إلخ.

باب في كراء المقاسم

وَعَمِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِمَا كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا - قَالَ الْحَسَنُ: فِي الضُّحَى - فَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ. 2782 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَقْبَلَ مِنْ حَجَّتِهِ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَأَنَاخَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِهِ، ثُمَّ دَخَلَهُ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ» قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ كَذَلِكَ يَصْنَعُ. بَابٌ فِي كِرَاءِ الْمَقَاسِمِ 2783 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا الزَّمْعِيُّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةَ». قَالَ: فَقُلْنَا: وَمَا الْقُسَامَةُ؟ === بَابٌ فِي كِرَاءِ الْمَقَاسِمِ 2783 - "والقسامة" بالضم ما يأخذه القسام من رأس المال، قال الخطابي: ليس في هذا تحريم أجرة القسام، وإنما هو في أمر من ولي أمر قوم عريفًا لهم أو نقيبا فإذا قسم بينهم سهامهم أمسك شيئًا لنفسه نصيبًا، أما إذا أخذ الأجرة بإذن المقسوم لهم فلا يحرم وهو مبين في الحديث الذي يليه (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 339.

باب في التجارة في الغزو

قَالَ: «الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَجِيءُ فَيَنْتَقِصُ مِنْهُ». 2784 - دَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ شَرِيكٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، قَالَ: «الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الْفِئَامِ مِنَ النَّاسِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَظِّ هَذَا وَحَظِّ هَذَا». بَابٌ فِي التِّجَارَةِ فِي الْغَزْوِ 2785 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَلْمَانَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا فَتَحْنَا خَيْبَرَ أَخْرَجُوا غَنَائِمَهُمْ مِنَ الْمَتَاعِ وَالسَّبْيِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ غَنَائِمَهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَبِحْتُ رِبْحًا مَا رَبِحَ الْيَوْمَ مِثْلَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَادِي قَالَ: «وَيْحَكَ، وَمَا رَبِحْتَ؟ » قَالَ: مَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَبْتَاعُ حَتَّى رَبِحْتُ ثَلَاثَ مِائَةِ أُوقِيَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أُنَبِّئُكَ بِخَيْرِ رَجُلٍ رَبِحَ». قَالَ: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ». بَابٌ فِي حَمْلِ السِّلَاحِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ 2786 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ === 2784 - "على الفئام" بكسر ألف وهمزة أي الجماعة الكثيرة. بَابٌ فِي حَمْلِ السِّلَاحِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ 2786 - "أقيضك به" أي أبدلك وأعوضك منه من المقايضة "بغُرَّة" بضم

باب في الإقامة بأرض الشرك

أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ ذِي الْجَوْشَنِ رَجُلٍ مِنَ الضِّبَابِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ بِابْنِ فَرَسٍ لِي يُقَالُ لَهَا: الْقَرْحَاءُ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ جِئْتُكَ بِابْنِ الْقَرْحَاءِ لِتَتَّخِذَهُ. قَالَ: «لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أَقِيضَكَ بِهِ الْمُخْتَارَةَ مِنْ دُرُوعِ بَدْرٍ فَعَلْتُ». قُلْتُ: مَا كُنْتُ أَقِيضُهُ الْيَوْمَ بِغُرَّةٍ قَالَ: «فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ». بَابٌ فِي الْإِقَامَةِ بِأَرْضِ الشِّرْكِ 2787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَمَّا بَعْدُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ». "آخر كتاب الجهاد" * * === معجمة وتشديد راء بفرس، قال الخطابي: وأكثر ما جاء ذكر الغرة في الحديثِ العبد أو الأمة (¬1). بَابٌ فِي الْإِقَامَةِ بِأَرْضِ الشِّرْكِ 2787 - "فإنه مثله" أي يقارب أن يصير مثله له؛ لتأثير الجوار والصحبة ويحتمل بأنه تغليظ والله تعالى أعلم. * * * ¬

_ (¬1) المرجع السابق: 2/ 340.

10 - كتاب الضحايا

أول كِتَاب الضَّحَايَا بَابُ مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ الْأَضَاحِيِّ 2788 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، ح وحَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ عَامِرٍ أَبِي رَمْلَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مِخْنَفُ بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: وَنَحْنُ وُقُوفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ قَالَ: «يَا أَيُّهَا === أول كِتَاب الضَّحَايَا بَابُ مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ الْأَضَاحِيِّ فيها أربع لغات أُضحية بضم الهمزة وكسرها وجمعها الأضاحي بتشديد الياء وتخفيفها، واللغة الثالثة ضحية وجمعها ضحايا كعطية وعطايا، والرابعة أُضحاة بضم الهمزة والجمع أضحى كارطاة وأرطى وبها سمي يوم الأضحى. 2788 - "إن على كل أهل بيت" مقتضاه أن الأضحية الواحدة تكفي عن تمام أهل البيت، ويوافقه ما رواه الترمذي عن أبي أيوب "كان الرجل يضحي بشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصارت كما ترى" (¬1)، وقال هذا حديث حسن صحيح قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول: أحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم (¬2): لا تجزى الشاة الواحدة إلا عن نفس واحدة؛ وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره من أهل العلم، وقال ابن ¬

_ (¬1) الترمذي في الأضاحي (1505). (¬2) قول الترمذي على حديث (1505).

النَّاسُ، إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً، أَتَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ هَذِهِ؟ الَّتِي يَقُولُ النَّاسُ الرَّجَبِيَّةُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْعَتِيرَةُ مَنْسُوخَةٌ هَذَا خَبَرٌ مَنْسُوخٌ». 2789 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ بِيَوْمِ الْأَضْحَى عِيدًا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ». قَالَ الرَّجُلُ: === العربي في شرحه في القول الثاني: والآثار [] (¬1) ترد عليه والله تعالى أعلم، "وعَتِيرة" هي شاة تذبح في رجب وهي منسوخة عند الجمهور كما روى المصنف في بعض النسخ، ولعل ناسخه ما رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فرع ولا عَتِيرة" لكن دعوى النسخ لا تتم إلا بمعرفة التاريخ سيما هذا الحديمث كان في حجة الوداع وهي كانت في آخر العمر قطعًا والله تعالى أعلم. 2789 - "أمرت بيوم الأضحى" أي بالتضحية في يوم الأضحى حال كونه عيدًا أو بيوم الأضحى أن أتخذه عيدًا، والمعنى الأول أقرب إلى قول الرجل. "إلا منيحة" (¬2) أصل المنيحة: ما يعطيه الرجل غيره ليشرب لبنها ثم يردها عليه، ثم تقع على شاة لا من شأنها أن يمنح بها وهو المراد هاهنا، وإنما منعه لأنه لم يكن عنده غيرها ينتفع به. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين كلمة غير واضحة بالأصل. (¬2) في السنن المطبوع [إلا أضحية].

باب الأضحية عن الميت

أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أُضْحِيَّةً أُنْثَى أَفَأُضَحِّي بِهَا؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ تَأْخُذُ مِنْ شَعْرِكَ وَأَظْفَارِكَ وَتَقُصُّ شَارِبَكَ وَتَحْلِقُ عَانَتَكَ، فَتِلْكَ تَمَامُ أُضْحِيَّتِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ الْأُضْحِيَّةِ عَنِ الْمَيِّتِ 2790 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي الْحَسْنَاءِ، === قلت: ويحتمل أن المراد هاهنا ما أعطيه غيره ليشرب اللبن، ومنعه لأنه ملك الغير، وقول الرجل لزعمه أن المنحة لا ترد ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "المنيحة مردودة " والله تعالى أعلم. "ولكن تأخذ" إلخ كأنه أرشده إلى أن يشارك المسلمين في العيد والسرور وإزالة الوسخ فذلك يكفيه إذا لم يجد الأضحية والله تعالى أعلم. بَابُ الْأُضْحِيَّةِ عَنِ الْمَيِّتِ 2790 - "فأنا أضحي عنه" قال الترمذي: قد رخص بعض أهل العلم في التضحية عن الميت ولم ير بعضهم ذلك، وقال ابن المبارك: أحب إلى أن يتصدق عنه ولا يضحي وإن ضحى فلا يأكل منها شيئًا ويتصدق بها كلها (¬1)، قال ابن العربي: اتفقوا على أنه يتصدق عنه، والضحية ضرب من الصدقة لأنها عبادة مالية ليست كالصلاة والصوم، فالصدقة والأضحية سواء في الأجر عن الميت، وإنما قال: لا يأكل منها شيئًا؛ لأن الذابح لم يتقرب بها عن نفسه، وإنما تقرب بها ¬

_ (¬1) قال الترمذي في كتاب الأضاحي عند حديث (1495). وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك.

باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي

عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ». بَابُ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ 2791 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «اخْتَلَفُوا عَلَى مَالِكٍ، وَعَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، فِي عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُهُمْ عُمَرُ، وَأَكْثَرُهُمْ قَالَ عَمْرٌو» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيُّ الْجُنْدُعِيُّ». === عن غيره فلم يجز له أن يأكل من حق الغير شيئًا. اهـ. قلت: كأن ابن المبارك فرق بين الأضحية والتصدق بأن الأضحية تحصل بإهراق الدم والتصدق باللحم غير لازم فيها، ثم لا يخفى أن الأكل من أضحية الغير جائز فلا يظهر ما ذكره ابن العربي في وجه المنع من الأكل إلا أن يقال: ذلك يتوقف على الإذن ولا إذن هاهنا وأما الإذن في التصدق باللحم فضروري فيجوز التصدق الله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ 2791 - "ذِبح" بكسر الذال اسم ما يذبح "فلا يأخذن" حمله كثير على التنزيه والله تعالى أعلم.

باب ما يستحب من الضحايا

بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا 2792 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ فَضَحَّى بِهِ». فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ». ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ». فَفَعَلَتْ فَأَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ، فَأَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ». ثُمَّ ضَحَّى بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2793 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ سَبْعَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، === بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا 2792 - "أقرن" ذي قرنين، "يطأ" يمشي، "في سواد" أي في رجليه سواد "وينظر في سواد" أي حول عينيه سواد، "ويبرك" أي يضطجع، "في سواد" أي في بطنه سواد وباقيه أبيض وهو أجمل، "هلمي المُدْية" بضم ميم وسكون دال أي أعطيني السكين، "اشحذيها" حديها، وهوبشين معجمة وحاء مهملة وذال معجمة، وروي مكان الذال تاء مثلثة. 2793 - "سبع بَدَنات" بفتحتين، "أملحين" قال العراقي: في الأملح خمسة أقوال: أصحها أنه الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر، وقيل: هو الأبيض الخالص وقيل: هو الذي فيه بياض وسواد، وقيل: هو الأسود تعلوه حمرة. اهـ،

وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ». 2794 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ يَذْبَحُ وَيُكَبِّرُ وَيُسَمِّي وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا». 2795 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مُوجَأَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ ذَبَحَ. === قلت: وهذه أربعة. 2794 - "على صفحتهما" أي على صفحة العنق وهي جانبه فعل ذلك ليكون أثبت وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعه من كمال الذبح أو تؤذيه كذا ذكروا. 2795 - "يوم الذبح" بكسر الذال أي يوم الأضحية أو بفحتها أي يوم تذبح ضحايا. "موجئين" موجوء مفعول من وجأ مهموز اللام وروى بإثبات الهمزة وقلبها ياء ثم قلب الواو ياء وإدغامها فيها مكرمي، أي منزوعي الأنثيين قد رضت أنثياهما وذلك أسمن لهما.

باب ما يجوز من السن في الضحايا

2796 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُضَحِّي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحِيلٍ، يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ». بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ السِّنِّ فِي الضَّحَايَا 2797 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ». 2798 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طُعْمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ ضَحَايَا، فَأَعْطَانِي عَتُودًا جَذَعًا. قَالَ: فَرَجَعْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَقُلْتُ === 2796 - "فحيل" أي كامل الخلقة لم تقطع أنثياه ولا اختلاف بين هذه الرواية والرواية السابقة لحملها على حالين وكل منهما فيه صفة مرغوبة. بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ السِّنِّ فِي الضَّحَايَا 2797 - "إلا مسنة" اسم فاعل من أسنت إذا طلع سنها وذلك بعد السنتين لا من أسن الرجل إذا كبر، "جذعة" قيل: هي من الضأن ما تم له سنة، وقيل: دون ذلك. 2798 - "عَتُودًا" بفتح فضم، وهو الذي قوي على الجري واستقل بنفسه عن

لَهُ: إِنَّهُ جَذَعٌ. قَالَ: «ضَحِّ بِهِ» فَضَحَّيْتُ بِهِ. 2799 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: مُجَاشِعٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَعَزَّتِ الْغَنَمُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ الْجَذَعَ يُوَفِّي مِمَّا يُوَفِّي مِنْهُ الثَّنِيُّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ». 2800 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَتَعَجَّلْتُ فَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ». فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي عَنَاقًا جَذَعَةً وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ، فَهَلْ تُجْزِئُ عَنِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». === الأم "جَذَعا" بفتحتين. 2799 - "يوفي" من أوفى إذا أعطى الحق وافيًا، والمراد: يجزئ ويكفي، والثني وهو المسن. 2800 - "عَناقًا" بفتح العين المهملة أنثى من أولاد المعز دون المسنة، "خير" أي أطيب وأنفع لسمنها.

باب ما يكره من الضحايا

2801 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ؟ » فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ فَقَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ». بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الضَّحَايَا 2802 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمِرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ. فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ فَقَالَ: " أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ - فَقَالَ -: === 2801 - "داجنًا" هي التي تلازم البيت. بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الضَّحَايَا 2802 - "العوراء" بالمد تأنيث الأعور، "بين عورها" بالتنكير بدل من العوراء والعور بفتحتين ذهاب بصر إحدى العينين، أي العوراء عورها يكون ظاهرًا بينًا "بين ظلعها" والمشهور على ألسنة أهل الحديث فتح الظاء واللام، وضبطه أهل اللغة بفتح الظاء وسكون اللام وهو العرج (¬1)، قلت: كأن أهل الحديث راعوا مشاكلة العور والمرض والله تعالى أعلم، "والكسير" فسر بالمنكسرة الرجل التي لا تقدر على المشي، فعيل يمعنى مفعول وفي رواية الترمذي بدلها العجفاء (¬2) ¬

_ (¬1) القاموس المحيط: مادة (ظلع) ص 962، لسان العرب 11/ 155. (¬2) لسان العرب: 9/ 234.

الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى. قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ. قَالَ: «مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَيْسَ لَهَا مُخٌّ». 2803 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِيٍّ، حَدَّثَنَا عِيسَى الْمَعْنَى، عَنْ ثَوْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ ذُو مِصْر، قَالَ: أَتَيْتُ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ، إِنِّي خَرَجْتُ أَلْتَمِسُ الضَّحَايَا فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا يُعْجِبُنِي غَيْرَ ثَرْمَاءَ فَكَرِهْتُهَا فَمَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَفَلَا جِئْتَنِي بِهَا. قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَجُوزُ عَنْكَ وَلَا تَجُوزُ عَنِّي. قَالَ: نَعَمْ، إِنَّكَ تَشُكُّ وَلَا أَشُكُّ، إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُصْفَرَّةِ، وَالْمُسْتَأْصَلَةِ، وَالْبَخْقَاءِ وَالْمُشَيَّعَةِ، وَكِسَرَا، وَالْمُصْفَرَّةُ: الَّتِي === وهي المهزولة وهذه الرواية أظهر معنى، "لا تنقي" من أنقى إذا صار ذا نقى أي مخ فالمعنى التي ما بقي لها مخ من غاية العجف. 2803 - "غير ثرماء" بمثلثة ومد والثرم سقوط الثنية من الأسنان، وقيل: الثنية والرباعية وقيل: أن تنقلع السن من أصلها مطلقًا، "عن المصفرة" ضبط على بناء المفعول من أصفر بالفاء وفسر بالمستأصلة أذنها؛ لأن صماخها صفر عن الأذن -بكسر الصاد- أي خال، وإن روي المصفرة بالتشديد يكون للتكثير، وقيل: هي المهزولة لخلوها من السمن، وروي بغين موضع الفاء وفسر كما مر ولم يعرف كذا في المجمع. و"المسْتأصلة" اسم مفعول من استأصله أخذه من أصله، والمراد: أن يؤخذ قرنها من الأصل مما سيذكره المصنف "والبخقاء" بموحدة وخاء معجمة وقاف وهي التي تبخق عينها: أي من البخق وهو ذهاب البصر مع بقاء

تُسْتَأْصَلُ أُذُنُهَا حَتَّى يَبْدُوَ سِمَاخُهَا " وَالْمُسْتَأْصَلَةُ: الَّتِي اسْتُؤْصِلَ قَرْنُهَا مِنْ أَصْلِهِ، وَالْبَخْقَاءُ: الَّتِي تُبْخَقُ عَيْنُهَا، وَالْمُشَيَّعَةُ: الَّتِي لَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ عَجَفًا وَضَعْفًا، وَالْكَسْرَاءُ: الْكَسِيرَةُ. 2804 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ النُّعْمَانِ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَيْنِ، وَلَا نُضَحِّي بِعَوْرَاءَ، وَلَا مُقَابَلَةٍ، وَلَا مُدَابَرَةٍ، وَلَا خَرْقَاءَ، وَلَا شَرْقَاءَ» قَالَ زُهَيْرٌ: فَقُلْتُ لِأَبِي === العين، قائمة منفتحة "والمشيعة" اسم فاعل من شيع بالتشديد، وحى لا تزال تتبع غيرها، "عجفاء" أي لا تلحقها فتمشي وراءها، وإن فتحت الياء فالمعنى أنها تحتاج إلى من يشيعها أي يمشي وراءها يسوقها لتأخرها عن الغنم، "عجفاء" بفتحتين. 2804 - "أن نستشرف العين والأذن" أي نبحث فيها ونتأمل في حالها لئلا يكون فيها عيب، قال السيوطي في حاشية الترمذي: اختلف في المراد به: هل هو [] (¬1) إذا نظر من مكان مرتفع فإنه أمكن في النظر والتأمل، أو هو تحري الإشراف بألا يكون في عينه ولا أذنه نقص، وقيل: المراد به كبر العضوين المذكورين؛ لأنه يدل على كونه أصيلًا في جنسه، قال الجوهري (¬2): أذن شرف أي طويلة. والقول الأول هو المشهور. "ولا نضحِّي" بتشديد الحاء "ولا مقابلة" بفتح الباء وكذا "مدابرة" الأولى ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين غير واضح بالأصل. (¬2) الترمذي في الأضاحي (1497) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

باب [في] البقر والجزور عن كم تجزئ؟

إِسْحَاقَ: أَذَكَرَ عَضْبَاءَ؟ قَالَ: «لَا». قُلْتُ: فَمَا الْمُقَابَلَةُ؟ قَال: «يُقْطَعُ طَرَفُ الْأُذُنِ». قُلْتُ: فَمَا الْمُدَابَرَةُ؟ ، قَالَ: «يُقْطَعُ مِنْ مُؤَخَّرِ الْأُذُنِ». قُلْتُ: فَمَا الشَّرْقَاءُ؟ قَالَ: «تُشَقُّ الْأُذُنُ». قُلْتُ: فَمَا الْخَرْقَاءُ؟ قَالَ: «تُخْرَقُ أُذُنُهَا لِلسِّمَةِ». 2805 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ هِشَامُ بْنُ سَنْبَرٍ - عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جُرَيِّ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الْأُذُنِ وَالْقَرْنِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " جُرَيٌّ: سَدُوسِيٌّ بَصْرِيٌّ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ إِلَّا قَتَادَةُ. 2806 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: " مَا الْأَعْضَبُ؟ قَالَ: «النِّصْفُ فَمَا فَوْقَهُ». بَابٌ [فِي] الْبَقَرِ وَالْجَزُورِ عَنْ كَمْ تُجْزِئُ؟ 2807 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كُنَّا نَتَمَتَّعُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ نَشْتَرِكُ فِيهَا». 2808 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ». === التي قطع مقدم أذنها والثانية التي قطع مؤخر أذنها، "وشرقاء" مشقوقة الأذن، "والخرقاء" التي في أذنها ثقب مستدير كذا ذكروا، "للسمة" أي وسمت وسمًا نفذ إلى الجانب الآخر، النصف أي قطع النصف من الأذن أو كسر من القرن.

باب في الشاة يضحى بها [عن] جماعة

2809 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَّةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ». بَابٌ فِي الشَّاةِ يُضَحَّى بِهَا [عَنْ] جَمَاعَةٍ 2810 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي الْإِسْكَنْدَرَانِيَّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، === بَابٌ [فِي] الْبَقَرِ وَالْجَزُورِ عَنْ كَمْ تُجْزِئُ؟ 2809 - " البَدَنة" بفتحتين وظاهر الحديث أن البدنة مخصوصة بالإبل ولا تكون من البقر. بَابٌ فِي الشَّاةِ يُضَحَّى بِهَا عَنْ جَمَاعَةٍ 2810 - "وعمن لم يضح من أمتي" أستدل به من يقول: الشاة الواحدة إذا ضحى بها واحد من أهل بيت تأدى الشعار والسنة لجميعهم، وعلى هذا تكون التضحية سنة كفاية لأهل البيت، وهو محمل الحديث، ومن لا يقول به يحمل الحديث على الاشتراك في الثواب، قيل: وهو الأوجه في الحديث عند الكل لقوله: "وعمن لم يضح من أمتي". ولم يقل من يقول أنها سنة كفاية؛ أنها تكفي على أهل بيتين أو ثلاثة وإنما قالوا: إنها تكفي عن أهل بيت واحد والله

باب الإمام يذبح بالمصلى

وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي، وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي». بَابُ الْإِمَامِ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى 2811 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْبَحُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى» وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. بَابٌ [فِي] حَبْسِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ 2812 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادَّخِرُوا الثُّلُثَ، وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ». قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ ذَلِكَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا ذَاكَ؟ » - أَوْ كَمَا قَالَ - قَالُوا: يَا === تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] حَبْسِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ 2812 - "دَفَّ ناس" بفتح دال مهملة وتشديد فاء أي أقبلوا من البادية، والدف سير سريع وتقارب في الخطا "حضرة الأضحى" بفتح حاء وضمها وكسرها والضاد ساكنة "ويجملون" بالجيم من جمل كضرب ونصر، "والودك"

رَسُولَ اللَّهِ نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا». 2813 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ نُبَيْشَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا كُنَّا نَهَيْنَاكُمْ عَنْ لُحُومِهَا أَنْ تَأْكُلُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ لِكَيْ تَسَعَكُمْ، فَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالسَّعَةِ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَاتَّجِرُوا، أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». === بفتحتين دسم اللحم أي يذيبون الشحم ويستخرجون دهنه، "وما ذاك" أي ما سبب هذا السؤال مع ظهور أنه جائز، "الدافَّة" بتشديد الفاء الجماعة التي دفت. 2813 - "واتجروا" قال الخطابي: هو بالإدغام أصله اتجروا بوزن افتعلوا ثم أدغم كما في اتخذ أي تصدقوا ابتغاء الأجر (¬1)، وقال في النهاية: إنما هو "ائتجروا" بالهمزة وتخفيف التاءِ ولا يجوز "اتجروا" با لإدغام؛ لأن الهمزة لا تدغم في التاء، فإنما هو من الأجر لا من التجارة، وقد أجازه الهروي واستدل عليه بقوله في الحديث الآخر: "من يتجر على هذا فيصلي معه". والرواية إنما حي "يأتجر" وإن صح فيها "يتجر" فيكون من التجارة لا من الأجر كأنه بصلاته معه قد حصل لنفسه تجارة أي مكسبًا (¬2). اهـ. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 2/ 232، 398. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: 1/ 25.

باب في المسافر يضحي

بَابٌ فِي الْمُسَافِرِ يُضَحِّي 2814 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَنَا لَحْمَ هَذِهِ الشَّاةِ». قَالَ: فَمَا زِلْتُ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ. بَابٌ فِي [النَّهْيِ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ، وَ] الرِّفْقِ بِالذَّبِيحَةِ 2815 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: خَصْلَتَانِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا === قلت: ومثل هذا يذكرون ائتزر -مع أن المشهور الإدغام- فيقولون: الصحيح ائتزر بلا إدغام، والأقرب صحة الإدغام كما في اتخذ والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُسَافِرِ يُضَحِّي 2814 - "ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي في حجة الوداع وكان مسافرًا فعلم أن المسافر يضحي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي [النَّهْيِ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ، وَ] الرِّفْقِ بِالذَّبِيحَةِ 2815 - "إِن الله كتب الإحسان على كل شيء" أي أوجب عليكم الإحسان في كل شيء فكلمة "على" بمعنى في، ومتعلق الكتابة محذوف والمراد بالإيجاب: الندب المؤكد، "والقِتلة" بكسر القاف للنوع، وإحسان القتلة ألا يمثل ولا يزيد في الضرب أن يبدأ بالضرب في غير المقتل من غير حاجة ونحو ذلك،

باب في ذبائح أهل الكتاب

قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا - قَالَ غَيْرُ مُسْلِمٍ يَقُولُ: «فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» - وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ. 2816 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَنَسٍ، عَلَى الْحَكَمِ بْنِ أَيُّوبَ فَرَأَى فِتْيَانًا - أَوْ غِلْمَانًا - قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَالَ أَنَسٌ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ». بَابٌ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ 2817 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118]، {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، فَنُسِخَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5]. 2818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ === "الذبح" بفتح الذال، "ويحد" من الإحداد، "شفرته" بفتح الشين: السكين العظيم؛ أي ليجعله حادًّا سريع القطع، "وليرح" من الإراحة. 2816 - "أن تصبر البهائم" أي تمسك وتجعل هدفًا يرمى إليه حتى يموت، ففيه تعذيب لها وتصير ميتة لا يحل أكلها ويخرج جلدها عن الانتفاع به. بَابٌ فِي ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ 2818 - "يقولون: ما ذبح الله" أي يوسوسون إلى أوليائهم ويوقعون في

باب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب

عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] يَقُولُونَ: «مَا ذَبَحَ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُوا وَمَا ذَبَحْتُمْ أَنْتُمْ فَكُلُوا». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]. 2819 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلْنَا، وَلَا نَأْكُلُ مِمَّا قَتَلَ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. بَابُ مَا جَاءَ فِي أَكْلِ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ 2820 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «اسْمُ أَبِي رَيْحَانَةَ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَطَرٍ، وَغُنْدَرٌ === قلوبهم هذا الكلام تشكيكًا في الدين واستهزاءً، يريدون أن هذا دين المسلمين وهو شيء بعيد فكيف يكون حقًّا، "فأنزل الله تعالى" (¬1) دفعًا لهذه الشبهة، إنما حلت الذبيحة؛ لأنه قد ذكر عليها اسم الله والميتة لم يذكر عليها اسم الله حرمت بذلك والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي أَكْلِ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ 2820 - "عن معاقرة الأعراب" هو عقرهم الإبل، كانوا يفتخرون في السخاء فيعقر هذا إبلًا وهذا إبلًا حتى يعجز أحدهما الآخر، وكانوا يفعلونه رياء ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [فأنزل الله عزَّ وجلَّ].

باب [في] الذبيحة بالمروة

أَوْقَفَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ». بَابٌ [فِي] الذَّبِيحَةِ بِالْمَرْوَةِ 2821 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَشِقَّةِ الْعَصَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرِنْ - أَوْ» أَعْجِلْ " - مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ سِنًّا أَوْ ظُفْرًا، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا السِّنُّ: فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ ". وَتَقَدَّمَ بِهِ سَرْعَانٌ مِنَ النَّاسِ فَتَعَجَّلُوا فَأَصَابُوا مِنَ الغَنَائِمِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَنَصَبُوا قُدُورًا، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === وسمعة وتفاخرًا لا لوجه الله فشبه بما ذبح لغير الله. بَابٌ [فِي] الذَّبِيحَةِ بِالْمَرْوَةِ 2821 - "إِنا نلقى العدو غدًا" أي فلو استعملنا السيوف في الذبائح لكلت فتعجز عن المقاتلة وليست معنا "مُدى" بضم الميم مقصورًا جمع مُدية بضم ميم وكسرها، وقيل: بتثليث الميم وسكون ذال معجمة السكين، "أَرن" بفتح الهىمزة وكسر راء وسكون نون أزهق نفسها واذبحها بما تيسر "أو أعجل" بفتح الجيم أي لئلا تموت خناقًا. "ما أنهر" بالراء المهملة أي أجراه، "وذُكر" إلخ الجملة حالية، "فكلوا" أي ذبيحته، "فعظم" صريح في أن العلة كونه عظمًا، فكل ما صدق اسم العظم لا يجوز الذكاة به، وفيه اختلاف بين العلماء، "مدي الحبشة" أي وهم

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُدُورِ فَأَمَرَ بِهَا فَأُكْفِئَتْ، وَقَسَمَ بَيْنَهُمْ فَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ، وَنَدَّ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الْقَوْمِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ خَيْلٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا فَعَلَ مِنْهَا هَذَا فَافْعَلُوا بِهِ مِثْلَ هَذَا». 2822 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، وَحَمَّادًا حَدَّثَاهُمْ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَفْوَانَ أَوْ صَفْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: «اصَّدْتُ أَرْنَبَيْنِ فَذَبَحْتُهُمَا بِمَرْوَةٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا» فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهِمَا. 2823 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ أَنَّهُ كَانَ يَرْعَى لِقْحَةً بِشِعْبٍ مِنْ === كفار، فلا يجوز التشبه بهم فيما هو من شعارهم، "وتقدم به" أي تقدم عليه - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره "سرعان من الناس" هو بفتحتين أوائلهم الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عله بسرعة، ويجوز سكون الراء وضبطه بعضهم بضم فسكون جمع سريع، "فأُكفِئت" بضم الهمزة وكسر الفاء، أي قلبت وأريق ما فيها، "وندَّ" بتشديد الدال، أي شرد ونفر، "إِنَّ لهذه البهائم" أي في هذه البهائم، "أوابد" أي التي تتوحش وتنفر. 2822 - "أصّدت" أصله اصطدت قلبت الطاء صادًا، وأدغمت "بمَرْوة" بفتح ميم وسكون راء، حجر أبيضٌ براقٌ يجعل منه كالسكين. 2823 - "لقحة" بفتح وكسر: الناقة القريبة العهد بالنتاج، "بشعب" بكسر

باب ما جاء في ذبيحة المتردية

شِعَابِ أُحُدٍ، فَأَخَذَهَا الْمَوْتُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَنْحَرُهَا بِهِ، فَأَخَذَ وَتِدًا فَوَجَأَ بِهِ فِي لَبَّتِهَا حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهَا، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ «فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا». 2824 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرَيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أَحَدُنَا أَصَابَ صَيْدًا وَلَيْسَ مَعَهُ سِكِّينٌ أَيَذْبَحُ بِالْمَرْوَةِ وَشِقَّةِ الْعَصَا؟ فَقَالَ: «أَمْرِرِ الدَّمَ بِمَا شِئْتَ، وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَبِيحَةِ الْمُتَرَدِّيَةِ 2825 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ، === الشين وكذا شعاب، "والوتد" بكسر التاء، "فوجًا" بالتخفيف آخره همزة وقد تقلب الفاء أي ضرب وطعن، "في لَبَّتها" بفتح لام فموحدة مشددة موضع القلادة من الصدر، والمراد: منحر الابل. 2824 - "وشِقَّة العصا" بكسر وتشديد أي قطعة تشق من العصا، "أمرر" بإظهار الرائين أمر من الإمرار، وقرر صاحب جامع الأصول أنها الرواية في سنن أبي داود أي جعل الدم يمر أي يذهب. بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَبِيحَةِ الْمُتَرَدِّيَةِ 2825 - "أبي العُشَراء" (¬1) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة والمد، ¬

_ (¬1) أبو العشراء: بضم أوله وفتح المعجمة والراء والمد الدارمي قيل: اسمه أسامة بن مالك بن قهطيم. وقيل: عطارد، وقيل: يسار، وقيل: سنان بن برز أو بلز وقيل: اسمه بلال بن يسار وهو أعرابي مجهول من الرابعة. تقريب التهذيب ابن حجر العسقلاني: 2/ 451.

باب [في] المبالغة في الذبح

عَنْ أَبِيه، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا تَكُونُ الذِّكَاةُ إِلَّا مِنَ اللَّبَّةِ، أَوِ الْحَلْقِ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا فِي الْمُتَرَدِّيَةِ وَالْمُتَوَحِّشِ». بَابٌ [فِي] الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّبْحِ 2826 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عِيسَى مَوْلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ زَادَ ابْنُ عِيسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ» زَادَ ابْنُ عِيسَى فِي حَدِيثِهِ: «وَهِيَ الَّتِي تُذْبَحُ فَيُقْطَعُ الْجِلْدُ === "إما تكون" الهمزة للاستفهام وما نافية "واللَبَّة" بفتح فتشديد موحدة، سأل أن الذكاة منحصرة فيهما دائمًا إلا في الضرورة (¬1). "في المتردية" أي الساقطة في البئر والمراد: في حال الضرورة. بَابٌ [فِي] الْمُبَالَغَةِ فِي الذَّبْحِ 2826 - "عن شريطة الشيطان" من شرط الحجام إذا ضرب على موضع الحجامة، ولا يحصل به إلا شق الجلد، فالشريطة: ما يقطع جلدها، وإضافتها إلى الشيطان لكونه الحامل على ذلك، "ولا يفرى" (¬2) على بناء المفعول أي لا ¬

_ (¬1) في العبارة اضطراب، ولعلها [سأل؛ هل الذكاة منحصرة فيهما دائمًا؟ ] بحذف: [إلا في الضرورة]. (¬2) في السنن المطبوع [لا تفرى].

باب ما جاء في ذكاة الجنين

وَلَا تُفْرَى الْأَوْدَاجُ، ثُمَّ تُتْرَكُ حَتَّى تَمُوتَ». بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَكَاةِ الْجَنِينِ 2827 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَنِينِ فَقَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ». وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ، وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ؟ قَالَ: «كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ». 2828 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ الْمَكِّيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === يقطع الأوداج أي العروق التي أحاطت بالعنق. بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَكَاةِ الْجَنِينِ 2828 - "ذكاة الجنين ذكاة أمه" الوجه رفع الطرفين وقيل: بجواز نصب الثاني بتكلف؛ كأن يقال: أصله كذكاة أمه ثم حذف ونصب ما بعده، لكن قال في (المغرب): والنصب في مثله خطأ ذكره في (المفاتيح شرح المصابيح) ثم قيل: هو على الحقيقة؛ بمعنى أن ما طيب أمه من الذبح طيبه، فهو إذا خرج من بطن أمه ميتًا يؤكل إذا ذبح أمه وهو مذهب الجمهور والصاحبين من علمائنا، وقيل: على التشبيه أي كما أن أمه تحتاج إلى ذبح جديد يحتاج الجنين إليه، فإذا خرج ميتًا لا يؤكل وإن خرج حيًّا فذبح يؤكل وإليه ذهب من علمائنا أبو حنيفة، ورد بأنه

باب [ما جاء في] أكل اللحم لا يدرى أذكر اسم الله عليه أم لا؟

وَسَلَّمَ، قَالَ: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] أَكْلِ اللَّحْمِ لَا يُدْرَى أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ 2829 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، وَمُحَاضِرٌ الْمَعْنَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَلَمْ يَذْكُرَا عَنْ حَمَّادٍ، وَمَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ يَأْتُونَ بِلُحْمَانٍ لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرُوا، أَفَنَأْكُلُ مِنْهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَمُّوا اللَّهَ وَكُلُوا». === عدول عن الحقيقة وبأن رواية أبي سعيد لا تساعده، وذلك لأنه لا يشكل على الصحابة إلا ما خرج ميتًا، فقوله - صلى الله عليه وسلم - في جوابهم: "كلوه إن شئتم" (¬1) ظاهر في حل مثله والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] أَكْلِ اللَّحْمِ لَا يُدْرَى أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ 2829 - "بلُحْمان" بضم لام فسكون جمع لحم، "دسموا وكلوا" (¬2) أرشدهم بذلك إلى حمل حال المؤمن على الصلاح، وإن كان جاهلًا وأن الشك بلا دليل لا يضر، وأمرهم بالتسمية عند الأكل استحبابًا، ولم يرد أن تسمية الأكل تنوب عن تسمية الذبائح؛ فلم يقل أحد بالنيابة، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) انظر الحديث السابق في أبي داود رقم (2827). (¬2) في السنن المطبوع [سموا الله وكلوا].

باب في العتيرة

بَابٌ فِي الْعَتِيرَةِ 2830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْمَعْنَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: قَالَ نُبَيْشَةُ: نَادَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَطْعِمُوا». قَالَ: إِنَّا كُنَّا نُفْرِعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ تَغْذُوهُ مَاشِيَتَكَ حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ» قَالَ نَصْرٌ: «اسْتَحْمَلَ لِلْحَجِيجِ ذَبَحْتَهُ فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ». قَالَ خَالِدٌ: أَحْسَبَهُ قَالَ: «عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ». قَالَ خَالِدٌ: قُلْتُ لِأَبِي قِلَابَةَ: كَمِ السَّائِمَةُ؟ قَالَ: «مِائَةٌ». === بَابٌ فِي الْعَتِيرَةِ 2830 - "نعتر" كيضرب أبي نذبح، "نفرع" من أفرع والفرع بفتحتين أي نذبحه "تغذوه" أي تعلفه، "ماشيتك" فاعل تغذوه، ويحتمل أن يكون تغذوه للخطاب، وماشيتك منصوب بتقدير مثل ماشيتك أو مع ماشيتك، "استحمل" أي قوي للحمل، قال البيهقي في قوله: "اذبحوا لله" في سننه: أي اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح في رجب وغيره سواء. وقيل: كان الفرع والعتيرة في الجاهلية ويفعلها المسلمون أول الإسلام ثم نسخ، وقيل: المشهور أنه لا كراهة فيهما ثم هما مستجبان والمراد بلا فرع ولا عتيرة نفي وجوبها أو نفي التقرب بالإراقة كالأضحية، وأما التقرب باللحم وتفريقه على المساكين فبر وصدقة.

باب في العقيقة

2831 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ». 2832 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: «الْفَرَعُ أَوَّلُ النَّتَاجِ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ فَيَذْبَحُونَهُ». 2833 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ خَمْسِينَ شَاةً شَاةٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْفَرَعُ أَوَّلُ مَا تُنْتِجُ الْإِبِلُ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، ثُمَّ يَأْكُلُونَهُ وَيُلْقَى جِلْدُهُ عَلَى الشَّجَرِ. وَالْعَتِيرَةُ: فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ رَجَبٍ. بَابٌ فِي الْعَقِيقَةِ 2834 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» قَالَ === 2833 - "لطواغيتهم" أي أصنامهم، "ثم يأكله" (¬1) أي الذابح. بَابٌ فِي الْعَقِيقَةِ 2834 - "عن الغلام" أي يجزئ في حقيقته شاتان، "مكافئتان" بالهمزة أي ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [يأكلونه].

أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ قَالَ: مُكَافِئَتَانِ: «أَيْ مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُقَارِبَتَانِ». 2835 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا». قَالَتْ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «عَنِ === مساويتان في السن؛ بمعنى ألا ينزل سنهما عن سن أدنى ما يجزئ في الأضحية، وقيل: مساويتان أو متقاربتان وهو بكسر الفاء من كافأه إذا ساواه، قال الخطابي: والمحدثون يفتحون الفاء وهو أولى لأنه يريد شاتين قد سوى بينهما أي مساوي بينهما، وأما بالكسر فمعناه مساويان فيحتاج إلى شيء آخر يساويانه، وأما لو قيل: متكافئتان لكان الكسر أولى، وقال الزمخشري: لا فرق بين الفتح والكسر لأن كل واحدة إذا كافأت أختها فقد كوفئت فهي مكافئة ومكافأة. أو يكون معناه معادلتان لما يجب في الأضحية من الأسنان (¬1)، ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان من كافأ الرجل بين بعيرين إذا نحر هذا ثم هذا معًا من غير تفريق؛ كأنه يريد شاتين يذبحهما معًا. 2835 - "أقروا الطير على مكناتها" بفتح الميم وكسر الكاف وقد تفتح جمع مكنة، وهي في الأصل بيضة الضب، فقيل: أريد هاهنا مطلق بيض الطير، وقيل: بمعنى الأمكنة يقال: الناس على مكناتهم وسكناتهم أي أمكنتهم ومساكنهم، وقيل: يروى بضم الميم والكاف مُكُن جمع مكان نحو حمر وحمرات، والمراد: إما المنع عن زجر الطيور وإزعاجها عن أماكنها وبيوضها، وإما كراهة صيد الطير ليلًا لأن الغالب أن يكون في مكانه حية وأما النهي عن ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي في الضحايا: 9/ 312، 313.

الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ لَا يَضُرُّكُمْ أَذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا». 2836 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، مِثْلَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا هُوَ الْحَدِيثُ، وَحَدِيثُ سُفْيَانَ وَهْمٌ». 2837 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدَمَّى» فَكَانَ قَتَادَةُ إِذَا === التطير، فإن أحدهم كان إذا أراد حاجة أتى طيرًا فطيره فإن أخذ ذات اليمين مضى لها وإن أخذ ذات الشمال رجع فنهوا عنه، أو المعنى: أقروها على مواضعها ومراتبها التي وضعها الله لها وجعلها الله بها من أنها لا تنفع ولا تضر، وهذا من جملة وجوه الحمل على معنى النهي عن الطير. "أذكرانا كن" أي الشاء وقيل: أي الأولاد وهو بعيد لفظًا ومعنى. 2837 - (عن الحسن عن سمرة) قيل: يسمع الحسن عن سمرة إلا هذا الحديث وبقية أحاديث الحسن عن سمرة مرسلة الله تعالى أعلم. "كل غلام" أريد به مطلق المولود ذكرًا كان أو أنثى، "رهينة" أي مرهون والتاء للمبالغة، قال الخطابي: تكلم الناس في هذا وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال: هذا في الشفاعة يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلًا لم

سُئِلَ عَنِ الدَّمِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «إِذَا ذَبَحْتَ الْعَقِيقَةَ أَخَذْتَ مِنْهَا صُوفَةً، وَاسْتَقْبَلْتَ بِهِ أَوْدَاجَهَا، ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَسِيلَ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلَ الْخَيْطِ، ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ» === يشفع في والديه (¬1)، وقال في النهاية: المعنى أن العقيقة لازمة له لا بد منها فشبه المولود في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن (¬2)، وقال النورشتي: أي إنه كالشيء المرهون لا يتم الاتتفاع به دون فكه، والنعمة إنما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر، ووظيفة الشكر في هذه النعمة ما سنه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أن يعق عن المولود شكرًا لله تعالى وطلبًا لسلامة المولود، ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشوه على النعت المحمود رهينة بالعقيقة، وقال: وما ذكره أحمد فلا يفهم من لفظه الحديث إلا أن يكون التقدير: شفاعة الغلام لأبويه مرهونة بعقيقته وذاك بعيد، ورده الطيبي [إنما ذكره] (¬3) بقوله: لا يتم الانتفاع به دون فكه يقتضي عمومه في الأمور الأخروية والدنيوية، ونظر الأولياء مقصور على الأول وأولى الانتفاع بالأولاد في الدار الآخرة شفاعة الوالدين، أي فحمله أحمد على ذلك وقال ما ذكره أحمد مروى عن قتادة أيضًا (¬4)، وقال ابن القيم: اختلف في معنى الارتهان؛ فقالت طائفة: هو محبوس مرتهن عن الشفاعة لوالديه، قاله عطاء وتبعه عليه أحمد وفيه نظر لا يخفى؛ إذ لا يقال: من لا يشفع لغيره أنه مرتهن ولا في اللفظ ما يدل على ذلك، والأولى أن يقال أن العقيقة ¬

_ (¬1) معالم السنن: 4/ 256، فتح الباري لابن حجر العسقلاني: 98/ 594؛ والنهاية: 2/ 285. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: 2/ 285. (¬3) هكذا بالأصل ولعلها [بأن ما ذكره]. (¬4) أحمد في مسنده: 5/ 8، 17، 22.

وَيُدَمَّى قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " خُولِفَ هَمَّامٌ فِي هَذَا الْكَلَامِ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ وَإِنَّمَا، قَالُوا: «يُسَمَّى»، فَقَالَ هَمَّامٌ: «يُدَمَّى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَيْسَ يُؤْخَذُ بِهَذَا». 2838 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَيُسَمَّى» أَصَحُّ كَذَا قَالَ: سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَإِيَاسُ ابْنُ دَغْفَلٍ، === سبب لفك رهانه من الشيطان الذي تعلق به من حين خروجه إلى الدنيا وطعنه في خاصرته، ومراده بذلك أن يجعله في قبضه وتحت أسره وجملة أوليائه، فشرع للوالدين العقيقة فداء له وتخليصًا له من حبس الشيطان له ومنعه من السعي في مصالح آخرته، فإن ذبح فذاك وإلا بقي مرتهنا، ولذلك أمر بإراقة الدم عنه فإنه يخلص عن الارتهان، ولو كان الارتهان معلقًا بالأبويبن لقال: فأريقوا عنكم الدم لتخلص عنكم شفاعته (¬1) الله تعالى أعلم. "ويُدْمَى" بلفظ المجهول من التدمية أي يلطخ رأسه بالدم وقيل به والجمهور على المنع عنه، وقالوا: إنه من عمل الجاهلية وما روي عن قتادة محمول عليه وهو منسوخ، والصحيح في الرواية "يسمى" لا "يدمى" وإليه أشار المصنف وذلك لأنه أمرهم بإزالة ما خف من الأذى، وهو الشعر عن رأس الصبي فكيف يأمرهم بتدمية رأسة والدم نجس؟ وقيل: المراد بقوله: "يدمى" أنه يختن، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) تحفة المودود بأحكام المولود: لابن القيم ص: 57، 58، 59. ط دار الكتاب العربي- بيروت. لبنان.

وَأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «وَيُسَمَّى». وَرَوَاهُ أَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيُسَمَّى». 2839 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنِ الرَّبَابِ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى». 2840 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «إِمَاطَةُ الْأَذَى حَلْقُ الرَّأْسِ». 2841 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنِ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا». 2842 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا === 2839 - "أميطوا" أي أزيلوا بحلق رأسه، وقيل: هو نهي عما يفعلونه من تلطيخ رأس المولود بالدم، وقيل: المراد: الختان. 2841 - "كبشًا" فعلم أن الاكتفاء بواحد جائز وأن الأمر بالاثنين محمول على الندب. 2842 - "كأنه كره الاسم" يريد أنه ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لوجوبها وإنما استبشع الاسم وأحب أن يسميه بأحسن منه كالنسك أو الذبيحة،

عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أُرَاهُ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ العَقِيقَةِ؟ فَقَالَ: «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ». كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ وَقَالَ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ === ولذا قال: "فأحب أن ينسك عنه" بضم السين، قال النورشتي: هذا الكلام وقوله أنه كره الاسم غير سديد، أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدرى من هو وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب، والظاهر أنه ها هنا خطأ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر العقيقة في عدة أحاديث ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره ومن سننه تغير الاسم إذا كرهه، والأوجه أن يقال: يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها؛ فأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الذي كرهه الله من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة، ويحتمل أن العقوق ها هنا مستعار للوالد يترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كما لا يجب أن يترك الولد حق والده الذي هو الحقيقة العقوق (¬1) أهـ، أجيب بأنه يمكن أطلق الاسم أولًا ثم كرهه إما بالتفات منه - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك أو بوحي أو إلهام منه تعالى إليه والله تعالى أعلم. "عن الغلام شاتان" مبتدأ وخبر والجملة جواب لما يقال: ماذا ينسك؟ أو ماذا يجزيء؟ أو يحسن ونحوه، "عن الفَرَع" بفتحتين، "حق" قال الشافعي معناه أنه ليس بباطل، وقد جاء على وفق كلام السائل ولا يعارضه حديث، "لا فْرَع" فإن معناه أنه ليس بواجب وأن تتركوه، مثل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} (¬2) ويحتمل كسر "أن" على أنها شرطية و"خير" جوابها بتقدير: فهو خير. لكنه بعيد، "بكرًا" بفتح فسكون هو الفتي من الإبل بمنزلة الغلام من الناس، "شغزبا" بضم شين ¬

_ (¬1) انظر تحفة المودود بأحكام المولود: ابن القيم: 48. (¬2) سورة البقرة: الآية (184).

عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ». وَسُئِلَ عَنِ الفَرَعِ؟ قَالَ: «وَالْفَرَعُ حَقٌّ وَأَنْ تَتْرُكُوهُ حَتَّى يَكُونَ بَكْرًا شُغْزُبًّا ابْنَ مَخَاضٍ، أَوْ ابْنَ لَبُونٍ فَتُعْطِيَهُ أَرْمَلَةً أَوْ تَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ فَيَلْزَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ، وَتَكْفَأَ إِنَاءَكَ، وَتُولِهُ نَاقَتَكَ». 2843 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ، يَقُولُ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا «نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ». "آخر كتاب الأضاحي" * * * === وسكون غين وضم زاي -معجمات- وتشديد باء موحدة هكذا رواه أبو داود في السنن وهو خطأ والصواب: "زخربًا" بزاي معجمة مضمومة وخاء معجمة ساكنة ثم راء مهملة مضمومة ثم باء مشددة، يعني الغليظ، يقال: صار ولا الناقة زخربًا إذا غلظ جسمه واشتد لحمه، قال الخطابي: يحتمل أن الزاي أبدلت شينًا والخاء غينًا أي لقرب المخرج فصحف وهذا من غريب الإبدال (¬1) "خير من أن تذبحه" أي من حين يولد؛ كما كان عادتهم، "فيلزق" أي يلصق لحمه، "بوبره" بفتحتين أي بصوفه؛ لكونه قليلًا غير سمين، "وتكافأ" كتمنع آخره همزة أي تقلبه وترده، يريد أنك إذا ذبحته حين يولد يذهب اللبن فصار كأنك كفأت إناءك أي المحلب، "وتولّه" بتشديد اللام أي تفجعها بوالدها. * * * ¬

_ (¬1) معالم السنن: 4/ 288، 404.

11 - كتاب الصيد

كِتَاب الصَّيْدِ بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ 2844 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ». 2845 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنَّ === كِتَاب الصَّيْدِ بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ 2844 - "قيراط" هو قدر محدود عند الله. 2845 - "لولا أن الكلاب أمه من الأمم" أمة خلقت لمنافع أو أمة تسبح وهو إشارة إلى قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} (¬1) إلى قوله: {إلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في الدلالة على الصانع والتسبيح والمعنى (¬2) أنه كره إفناء أمة من الأم بحيث لا تبقى منها باقية؛ لأنه ما خلق الله عَزَّ وَجَلَّ خلقًا إلا وفيه نوع من الحكمة، أي إذا ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: الآية (38). (¬2) [والمعنى] ليست بالأصل، زيدت لإتمام السياق.

باب في الصيد

الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ». 2846 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «أَمَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ». حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَقْدَمُ مِنَ الْبَادِيَةِ يَعْنِي بِالْكَلْبِ فَنَقْتُلُهُ، ثُمَّ نَهَانَا عَنْ قَتْلِهَا وَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ». بَابٌ فِي الصَّيْدِ 2847 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ إِنِّى أُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ فَتُمْسِكُ عَلَىَّ أَفَآكُلُ قَالَ «إِذَا أَرْسَلْتَ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ». قُلْتُ وَإِنْ قَتَلْنَ قَالَ «وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا». قُلْتُ أَرْمِى بِالْمِعْرَاضِ فَأُصِيبُ أَفَآكُلُ === كان الأمر على هذا فلا سبيل إلى قتل كلهن فاقتلوا شرارهن وهي السود، "والبهيم" الأسود الخالص أي أبقوا ما سواها لتنتفعوا يها في الحراسة، ويقال: أن السود من الكلاب شرارها. بَابٌ فِي الصَّيْدِ 2847 - "ما لم يشركها كلب ليس منها" أي ليس من كلابك، وفي رواية: "فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" وبهذه الرواية يتبين أن المراد بكلب ليس منها هو ما لم يسم عليه، وأما الذي يسمي عليه فهو كلبه، "بالمعراض" بكسر ميم وسكون عين آخره ضاد معجمة خشبة ثقيلة أو عصى في

قَالَ «إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَصَابَ فَخَزَقَ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْ». 2848 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بَيَانٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: إِنَّا نَصِيدُ بِهَذِهِ الْكِلَابِ. فَقَالَ لِي: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، وَإِنْ قَتَلَ إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ فَإِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَى نَفْسِهِ». 2849 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَوَجَدْتَهُ مِنَ الْغَدِ، وَلَمْ تَجِدْهُ فِي مَاءٍ وَلَا فِيهِ أَثَرٌ غَيْرُ سَهْمِكَ فَكُلْ، وَإِذَا اخْتَلَطَ بِكِلَابِكَ كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَأْكُلْ لَا تَدْرِي لَعَلَّهُ قَتَلَهُ الَّذِي لَيْسَ مِنْهَا». === طرفها حديدة أو سهم لا ريش له. "فخرق" بخاء وزاي معجمتين أي جرح ونفذ وقتل بحَده شيئًا من الجلد، "فلا تأكل" وبه أخذ الجمهور. 2848 - "إنما أمسكه على نفسه" أي لأجل نفسه لا لك، وشرط الحل أن يمسك عليك كما في الكتاب (¬1)، والأصل التحريم. 2849 - "رَميّتك" بفتح الراء وتشديد الياء، أي مرميك. ¬

_ (¬1) أي القرآن الكريم.

2850 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَقَعَتْ رَمِيَّتُكَ فِي مَاءٍ فَغَرِقَ فَمَاتَ فَلَا تَأْكُلْ». 2851 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ، ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ». قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ؟ قَالَ: «إِذَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْبَازُ إِذَا أَكَلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَالْكَلْبُ إِذَا أَكَلَ كُرِهَ، وَإِنْ شَرِبَ الدَّمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ». 2852 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَيْدِ الْكَلْبِ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ يَدَاكَ». === 2852 - "وإِن أكل منه" أخذ به جماعة، وأجاب الجمهور بأن حديث الحرمة أصح، وأن العمل بالحرمة عند التعارض أرجح، وقيل: المعنى وإن أكل من الصيد فيما مضى من الزمان إذا لم يكن قد أكل منه في هذه الحالة، وقوله: "يداك" (¬1) أي لرميك بها أي الذي رجع عليك بعد أن شرد منك بواسطة الرمي. ¬

_ (¬1) في الأصل [يدك] وما أثبتناه من السنن المطبوع.

2853 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ خُلَيْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدُنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَقْتَفِي أَثَرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، ثُمَّ يَجِدُهُ مَيِّتًا وَفِيهِ سَهْمُهُ أَيَأْكُلُ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِنْ شَاءَ» أَوْ قَالَ: «يَأْكُلُ إِنْ شَاءَ». 2854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمِعْرَاضِ؟ فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّهُ وَقِيذٌ». قُلْتُ: أُرْسِلُ كَلْبِي؟ قَالَ: «إِذَا سَمَّيْتَ فَكُلْ وَإِلَّا فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا أَمْسَكَ لِنَفْسِهِ». فَقَالَ: أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ عَلَيْهِ كَلْبًا آخَرَ؟ فَقَالَ: «لَا تَأْكُلْ لِأَنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ». 2855 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ === 2853 - "فيقتفي" أي يتبع. 2854 - "بعرضه" هو بفتح العين أي بغير المحدد منه، "وقِيذ" بالذال المعجمة فعيل بمعنى مفعول أي حرام؛ لعده تعالى الموقوذة من الحرمات والوقيذ والموقوذ المقتول بغير محدود من عصي أو حجر أو غيرهما، وإلا فلا تأكل. هذا الحديث وأمثاله ظاهرة في أن متروك التسمية في الصيد حرام والله تعالى أعلم. 2855 - "ما صدت" بكسر الصاد من صاد وفي بعض النسخ "ما اصدت"

عَائِذُ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ؟ قَالَ: «مَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكُلْ، وَمَا أَصَّدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ». 2856 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ سَيْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ وَكَلْبُكَ» زَادَ عَنْ ابْنِ حَرْبٍ: «الْمُعَلَّمُ وَيَدُكَ فَكُلْ ذَكِيًّا وَغَيْرَ ذَكِيٍّ». 2857 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا يُقَالُ لَهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي كِلَابًا مُكَلَّبَةً فَأَفْتِنِي فِي صَيْدِهَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ لَكَ كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ === بهمزة وصل وتشديد الصاد أصله اصطدت. 2856 - "ذكيا وغير ذكي" يحتمل أن المراد بالذكي ما أدركه حيًّا فذكاه، وبغيره ما مات قبل أن يدركه، ويحتمل أن المراد: ما جرح الكلب بسنه مثلًا، وما لم يجرحه. 2857 - "مكلبة" بفتح اللام المشددة أي معلمة، "فأفتني" من الإفتاء. "ما لم

باب في صيد قطع منه قطعة

عَلَيْكَ». قَالَ: ذَكِيًّا أَوْ غَيْرَ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: «وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنِي فِي قَوْسِي؟ قَالَ: «كُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْكَ قَوْسُكَ». قَالَ: ذَكِيًّا أَوْ غَيْرَ ذَكِيٍّ؟ قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: «وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْكَ مَا لَمْ يَضِلَّ أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِكَ». قَالَ: أَفْتِنِي فِي آنِيَةِ الْمَجُوسِ إِنِ اضْطُرِرْنَا إِلَيْهَا. قَالَ: «اغْسِلْهَا وَكُلْ فِيهَا». بَابٌ فِي صَيْدٍ قُطِعَ مِنْهُ قِطْعَةٌ 2858 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهِيَ مَيْتَةٌ». بَابٌ فِي اتِّبَاعِ الصَّيْدِ 2859 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ مَرَّةً === يضلّ" بشديد اللام أي ما لم ينتن ولم تغير ريحه، يقال. ضَلّ اللحم وأضل لغتان، وهذا على سبيل الاستحباب وإلا فالنتن لا يحرم وقد جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - أكل ما تغير ريحه ولعله أكل تعليمًا لجواز. بَابٌ فِي صَيْدٍ قُطِعَ مِنْهُ قِطْعَةٌ 2858 - "فهي" أي فتلك القطعة المقطوعة، "ميتة" حرام. بَابٌ فِي اتِّبَاعِ الصَّيْدِ 2859 - "جفا" أي غلظ طبعة لقلة مخالطة العلماء، "غفل" أي يستولي عليه

سُفْيَانُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ». 2860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى مُسَدَّدٍ، قَالَ: «وَمَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» زَادَ: «وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنَ السُّلْطَانِ دُنُوًّا إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا». 2861 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَأَدْرَكْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ وَسَهْمُكَ فِيهِ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ». "آخر كتاب الصيد" * * * === حبه حتى يصير غافلا عن غيره، "افتتن" ضبطه السيوطي بالبناء للمفعول وقال: المراد: ذهاب الدين، وكلام الصحاح يفيد جواز البناء للفاعل أيضًا (¬1)، ثم ذكر السيوطي: أنه جمع رسالة في عدم المجيء إلى السلاطين ذكر فيها أحاديث وآثار كثيرة، وفي المجمع: "افتتن" لأنه إن وافقه فيما يأتي ويذر فقد خاطر بدينه، وإن خالفه خاطر بروحه، وهذا لمن دخل مداهنة ومن دخل آمرا وناهيًا وناصحًا كان دخوله أفضل. 2861 - "ما لم ينتن" إذا صار ذا نتن. * * * ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: 490 مادة (فتن).

12 - كتاب الوصايا

كِتَاب الْوَصَايَا بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ 2862 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». === كِتَاب الْوَصَايَا بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ 2862 - "ما حق المرء" أي ما اللائق به، "يوصى فيه" صفة شيء، أي يصلح أن يوصى فيه أو يلزمه أن يوصى فيه، "يبيت ليلتين" هو بمعنى المصدر خبر عن الحق بتقدير أن أو بدونها ومثله في كون المضارع بمعنى المصدر قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} (¬1) وهذا هو الوجه الذي يساعده المعنى ويوافقه رواية أن يبيت وقد ذكره المحقوق منهم السيوطي في حاشية موطأ مالك، إلا أنه قال في حاشية الكتاب: صفة ثالثة (¬2). وكذا قال غير واحد؛ والنظر في المعنى يرده؛ إذ لا يظهر معنى لتقييد المسلم بالباتت ليلتين، وأيضًا قوله: "إلا ووصيته" بالواو فلا يصلح أن يكون خبرًا بل هو حال فيبقى الكلام بلا خبر، أي ليس البيتوتة في حال الحال كون الوصية مكتوبة عنده. ¬

_ (¬1) سورة الروم: الآية (24). (¬2) تنوير الحوالك شرح على موطأ الإمام مالك، السيوطي، 2/ 228 ط دار الندوة الجديدة- بيروت.

باب [ما جاء في] ما لا يجوز للموصي في ماله؟

2863 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا بَعِيرًا وَلَا شَاةً وَلَا أَوْصَى بِشَيْءٍ». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُوصِي فِي مَالِهِ؟ 2864 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرِضَ مَرَضًا - قَالَ ابْنُ أَبِي خَلَفٍ - بِمَكَّةَ، ثُمَّ اتَّفَقَا أَشْفَى فِيهِ فَعَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَتِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ: فَبِالشَّطْرِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ === 2863 - "ولا أوصى بشيء" أي في المال لعدمه، وإن أوصى بالكتاب والسنة ونحوهما. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُوصِي فِي مَالِهِ؟ 2864 - "أشفى فيه" أي قارب الموت فيه، "وليس يرثني" أي ليس أحد يرثني "إلا ابنتي" قيل: المراد: أحد من أصحاب الفرائض أو من الولد ومن النساء أو ممن يخاف عليه الضياع، وإلا فقد كان له عصبات وهو الموافق لقوله: "أن تذر ورثتك"، "فبالشطر" أي النصف، "قال: الثلث" قيل: بالنصب على الإغراء أو بتقدير: أعط أو بالرفع بتقدير: يكفيك، "والثلث كثير" أي كاف في المطلوب أو هو كثير أيضًا، والنقصان عنه أولى وإلى الثاني مال كثير، "أن تترك"

تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكِ». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي؟ قَالَ: «إِنَّكَ إِنْ تُخَلَّفْ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ لَا تَزْدَادُ بِهِ إِلَّا رِفْعَةً وَدَرَجَةً لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ». ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بفتح الهمزة من قبيل {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} (¬1) وجوز الكسر على أنها شرطية. "وخير" بتقدير: فهو خير. جوابها، وحذف الفاء مع المبتدأ مما جوزه البعض وإن منعه الأكثر، "عالة" أي فقراء جمع عائل "يتكففون الناس" أي يسألونهم بأكفهم، "وإنك لن تنفق" إلخ. يعني أن الأجر لا يتوقف على صرف المال في الفقراء بل الصرف في الورثة وغيرهم مما يفيد الأجر المطلوب حتى الصرف في قضاء الشهوات إذا كان بنية. "أتخلّف" بتشديد اللام أي أتأخر عن ثوابها، بردها علي؛ يريد خوف الموت بمكة وأن فيه نقصًا لأجر الهجرة؛ لأنها دار تركوها لله فيروا موتهم فيها رجوعًا عن الهجرة، و"لعلك أن تخلف" أي تؤخر من بعد موتي بتطويل العمر ولا تموت بمكة في هذا المرض. "أمض" من الإمضاء أي أتمم لهم أجر الهجرة بألا يموتوا بمكة ولا تردهم بالردة، "لكن البائس" أي شديد الفقر، "يرثى له" قيل: هذا الكلام من كلام ¬

_ (¬1) سورة البقرة: الآية (184).

باب [ما جاء في] كراهية الإضرار في الوصية

وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] كَرَاهِيَةِ الْإِضْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ 2865 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ». 2866 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ === الزهري ذكره تفسيرًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن البائس" إلخ، "أن مات" أي لأجل موته بها. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] كَرَاهِيَةِ الْإِضْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ 2865 - "أن تصدق" أي تتصدق، "تأمل البقاء" أي ترجوه، "ولا تمهل" نهي عن الإمهال، "بلغت" أي النفس، "وقد كان لفلان" وقد صار للوارث أي قارب أن يصير له إن لم توص به فليس في التصدق به كثير فضل والله تعالى أعلم. 2866 - "لأن يتصدق" بفتح اللام مبتدأ خبره "خير".

باب ما جاء في الدخول في الوصايا

دِرْهَمٍ عِنْدَ مَوْتِهِ». 2867 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْصَّمَدِ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُدَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ» قَالَ: وَقَرَأَ عَلَيَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ هَا هُنَا {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] حَتَّى بَلَغَ: {ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: 13] قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا يَعْنِي الْأَشْعَثَ بْنَ جَابِرٍ جَدَّ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ فِي الْوَصَايَا 2868 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 2867 - "فيضاران" أي من المضارة وهي إيصال الضرر بالحرمان أو بما يعد في الشرع نقصانًا إلى بعض من يستحق لولا هذه الوصية. بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ فِي الْوَصَايَا 2868 - "ضعيفًا" أي غير قادر على تحصيل مصالح الإمارة ودرء مفاسدها، "ما أحب لنفسي" أي من السلامة عن الوقوع في المحذور، وقيل: تقديره أي لو كان حالي كحالك في الضعف، وإلا فقد كان - صلى الله عليه وسلم - متوليًا على أمور المسلمين حاكمًا عليهم فكيف يصح: "أحب لك ما أحب لنفسي". قلت: وفيما ذكرنا

باب [ما جاء في] نسخ الوصية للوالدين والأقربين

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي فَلَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ مِصْرَ». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ 2869 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ 2870 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ === غنى عن ذلك فتأمل، "فلا تأمّرن" بتشديد الميم والنون الثقيلة أي فلا تسلطن ولا تصيرن أميرًا. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ 2869 - {إِنْ تَرَكَ خَيرًا} (¬1) أي مالا، وكان المال لا يرثه غير الولد فأمروا بالوصية لباقي الأقارب، ثم حين شرع الله تعالى الإرث للأقارب نسخ ذلك وهذا معنى "نسختها آية الميراث" أي نسخ الله عندها، فأضيف النسخ إلى آية الميراث؛ وإلا فدلالة آية الميراث على النسخ خفية. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ 2870 - "أعطى" شرع الإرث. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: الآية (180).

باب مخالطة اليتيم في الطعام

بْنِ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». بَابُ مُخَالَطَةِ الْيَتِيمِ فِي الطَّعَامِ 2871 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152] وَ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]، الْآيَةَ انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، فَجَعَلَ يَفْضُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسُدَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220]، فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِ. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ 2872 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى === بَابُ مُخَالَطَةِ الْيَتِيمِ فِي الطَّعَامِ 2871 - "يفضل" كيسمع أي يبقى. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] مَا لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ 2872 - "كل من مال يتيمك" حملوه على ما يستحقه من الأجرة بسبب ما يعمل فيه ويصلح له، "ولا مبادر" قيل: ولا مسرف، فهو تأكيد وتكرار لا يبعده،

باب [ما جاء] متى ينقطع اليتم

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي فَقِيرٌ لَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِي يَتِيمٌ. قَالَ: فَقَالَ: «كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ، وَلَا مُبَادِرٍ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ». بَابُ [مَا جَاءَ] مَتَى يَنْقَطِعُ الْيُتْمُ 2873 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُقَيْشٍ، أَنَّهُ سَمِعَ شُيُوخًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَمِنْ خَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ، وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ». === وقيل: "ولا مبادر" بلوغ اليتيم بإنفاق ماله، "ولا متأثل" ولا متخذ منه أصل مال. بَابُ [مَا جَاءَ] مَتَى يَنْقَطِعُ الْيُتْمُ 2873 - "لا يتم بعد احتلام" أي إذا احتلم لم يبق يتيمًا فيجري عليه من الأحكام ما يجري على سائر البالغين، "ولا صمات" بضم صاد؛ السكوت، قيل: كان الصمات من عبادة أهل الجاهلية فنهوا عن ذلك وأمروا بالنطق والذكر بالخير وقال النووي نقلا عن الشافعية: يكره صمت يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة، قيل: من الناس من يصمت إذا كان صائمًا وليس له أصل في شرعنا، نعم له أصل في شرع من قلبا (¬1). ¬

_ (¬1) قال ابن قدامة في المغني: ليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام، وظاهر الأخبار تحريمه، واحتج بهذا الحديث: قال: فإن نذر ذلك لم يلزمه الوفاء به، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي. والمغني: ابن قدامة 4/ 481، 482.كذا وذكره ابن حجر في الفتح: 7/ 150، 151.

باب [ما جاء في] التشديد في أكل مال اليتيم

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] التَّشْدِيدِ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ 2874 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْغَيْثِ سَالِمٌ مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ». 2875 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوْزَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: «هُنَّ تِسْعٌ»، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ زَادَ: «وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] التَّشْدِيدِ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ 2874 - "الموبقات" أي المهلكات "الشرك" هو وما عطف عليه بالرفع، وضبطه بعضٌ النصب، ولا يظهر له كثير وجه والله تعالى أعلم، "يوم الزحف" أي يوم الجهاد ولقاء العدو في الحرب، وأصل الزحف الجيش يزحفون إلى العدو أي يمشون. 2875 - "واستحلال البيت الحرام" فسر بأن يفعل في حرم مكة ما لا يحل له فعله من الاصطياد وقطع الشجر وغير ذلك، "قبلتكم" بالجر بدل من البيت،

باب [ما جاء في] الدليل على أن الكفن من جميع المال

الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ 2876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ». بَابٌ [ما جاء فِي] الرَّجُلِ يَهَبُ الْهِبَةَ، ثُمَّ يُوصَى لَهُ بِهَا أَوْ يَرِثُهَا 2877 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بَنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === "وأمواتًا" بأن يصلى على الأموات إليها ويوجه في القبور وجوههم إليها. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ 2876 - "إلا نمرة" بفتح فكسر بردة مخططة وتكفينه فيها مع أنه لم يكن له شيء سواها، دليل على أن الكفن من جميع المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال، "من الإذخر" بكسر همزة وسكون ذال وكسر خاء معجمتين حشيشة طيب الرائحة. بَابٌ [ما جاء فِي] الرَّجُلِ يَهَبُ الْهِبَةَ، ثُمَّ يُوصَى لَهُ بِهَا أَوْ يَرِثُهَا 2877 - "وجب أجرك" أي ثبت ولزم أجرك بالتصدق بمقتضى الوعد، وإلا

باب [ما جاء] في الرجل يوقف الوقف

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ قَالَ: «قَدْ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ». قَالَتْ: وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَيُجْزِئُ أَوْ يَقْضِي عَنْهَا أَنْ أَصُومَ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَتْ: وَإِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ أَفَيُجْزِئُ أَوْ يَقْضِي عَنْهَا أَنْ أَحُجَّ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرَّجُلِ يُوقِفُ الْوَقْفَ 2878 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا». فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُوَرَّثُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ وَزَادَ عَنْ بِشْرٍ: «وَالضَّيْفِ»، ثُمَّ اتَّفَقُوا: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. زَادَ عَنْ بِشْرٍ قَالَ: وَقَالَ === فلا يجب على الله شيء، أو أمن من الزوال في الميراث وهو ليس باختيارك حتى يخاف منه ضرر في الأجر فيقاس عليه الوصية والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرَّجُلِ يُوقِفُ الْوَقْفَ 2878 - "فكيف تأمرني به" أي ما أفعل فيه من الخير، "وتصدقت بها" أي بثمرها للفقراء متعلق بتصدقت، "وليها" بكسر اللام المخففة، "غير متمول

مُحَمَّدٌ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا. 2879 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بِنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، " عَنْ صَدَقَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَسَخَهَا لِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ فِي ثَمْغٍ، فَقَصَّ مِنْ خَبَرِهِ نَحْوَ حَدِيثِ نَافِعٍ، قَالَ: «غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا، فَمَا عَفَا عَنْهُ مِنْ ثَمَرِهِ فَهُوَ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ». قَالَ: وَسَاقَ الْقِصَّةَ قَالَ: وَإِنْ شَاءَ وَلِيُّ ثَمْغٍ اشْتَرَى مِنْ ثَمَرِهِ رَقِيقًا لِعَمَلِهِ. وَكَتَبَ مُعَيْقِيبٌ، وَشَهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ أَنَّ ثَمْغًا وَصِرْمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَالْعَبْدَ الَّذِي فِيهِ وَالْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ وَرَقِيقَهُ الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَةَ الَّتِي أَطْعَمَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَادِي تَلِيهِ حَفْصَةُ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ لَا يُبَاعَ وَلَا يُشْتَرَى يُنْفِقُهُ حَيْثُ رَأَى مِنَ السَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَذَوِي الْقُرْبَى، وَلَا حَرَجَ === فيه" أي غير متحصل مالا بذلك الفعل. 2879 - "في ثمغ" بفتح المثلثة وسكون ميم وغين معجمة مال بالمدينة معروف، "فما عفا عنه" أي بقي وفضل عنه؛ عن الولي "ولي ثمغ" بتشديد الياء، "أن ثمغًا وصرمة بن الأكوع" ضبط بكسر صاد وسكون راء قيل: هما مالان معروفان بالمدينة كانا لعمر بن الخطاب فوقفهما، وقيل: المراد في حديث عمر بالصرمة القطعة الخفيفة من النخل، وقيل: من الإبل والله تعالى أعلم،

باب [ما جاء في] الصدقة عن الميت

عَلَى مَنْ وَلِيَهُ إِنْ أَكَلَ أَوْ آكَلَ أَوِ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْهُ. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ 2880 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أُرَاهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. بَابُ [مَا جَاءَ] فِيمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ 2881 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ === "والعبد الذي فيه" المراد به الجنس وفي بعض النسخ "والعُبُد التي فيه" فهو بالضمتين أو سكون الثاني جمع عبد "أو آكل" بمد الهمزة. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ 2880 - "انقطع" أي ثواب عمله من كل عمل إلا من ثلاثة أعمال، وقيل: بل الاستثناء متعلق بالمفهوم أي ينقطع ابن آدم من كل عمل إلا من ثلاثة أعمال، والحاصل أن الاستثناء في الظاهر مشكل، وبأحد الوجهين المذكورين يندفع الإشكال والله تعالى أعلم، وقوله: "جارية" أي غير منقطعة كالوقف أو ما يديم الولي أجرها عنه وإليه تميل ترجمة المصنف. بَابُ [مَا جَاءَ] فِيمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ 2881 - "افتلتت نفسها" على بناء المفعول افتعال من فلت بالفاء، أي ماتت

باب [ما جاء في] وصية الحربي يسلم وليه أيلزمه أن ينفذها؟

عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَصَدَّقَتْ وَأَعْطَتْ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ فَتَصَدَّقِي عَنْهَا». 2882 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ أَفَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَإِنَّ لِي مَخْرَفًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ وَلِيُّهُ أَيُلْزِمُهُ أَنْ يُنْفِذَهَا؟ 2883 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، === فجأة وأخذت نفسها فلتة، يقال: أفتلته إذا سلبه، وافتلت فلان -بكذا- على بناء المفعول -أي فوجئ به قبل أن يستعد له، ويروى بنصب النفس بمعني افتلتها الله نفسها؛ يعدى إلى مفعولين كاختلسه الشيء واستلبه، إياه فبني الفعل للمفعول فصار الأول مضمرًا وبقي الثاني منصوبًا، وبرفع النفس على أنه متعد إلى واحد نائب عن الفاعل أي أخذت نفسها فلتة. 2882 - "أن تصدقت" بفتح أن على أنها مع ما بعدها فاعل ينفع وضبط بعضهم بالكسر على أنها شرطية والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ وَلِيُّهُ أَيُلْزِمُهُ أَنْ يُنْفِذَهَا؟ 2883 - "لو كان مسلمًا" أي لكن الكافر لا فائدة له فيه والله تعالى أعلم.

باب [ما جاء في] الرجل يموت وعليه دين وله وفاء يستنظر غرماؤه ويرفق بالوارث

أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ أَوْصَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ مِائَةُ رَقَبَةٍ، فَأَعْتَقَ ابْنُهُ هِشَامٌ خَمْسِينَ رَقَبَةً، فَأَرَادَ ابْنُهُ عَمْرٌو أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِعَتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ، وَإِنَّ هِشَامًا أَعْتَقَ عَنْهُ خَمْسِينَ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رَقَبَةً، أَفَأُعْتِقُ عَنْهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ وَفَاءٌ يُسْتَنْظَرُ غُرَمَاؤُهُ وَيُرْفَقُ بِالْوَارِثِ 2884 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ شُعَيْبَ بْنَ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنْ يَهُودَ فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ فَأَبَى، فَكَلَّمَ جَابِرٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ، «فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ ثَمَرَ نَخْلِهِ بِالَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَكَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْظِرَهُ فَأَبَى» وَسَاقَ الْحَدِيثَ. "آخر كتاب الوصايا" * * * === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ وَفَاءٌ يُسْتَنْظَرُ غُرَمَاؤُهُ وَيُرْفَقُ بِالْوَارِثِ 2884 - "وسقًا" بفتح فسكون.

13 - كتاب الفرائض

كِتَاب الْفَرَائِضِ بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ 2885 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْروِ بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ، === كِتَاب الْفَرَائِضِ بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ 2885 - "العلم ثلاثة" أي أصل علوم الدين ثلاثة: "فضل" الفضل: الزائد، يعني كل علم سوى هذه العلوم الثلاثة وما يتعلق بها مما تتوقف هذه الثلاثة عليه، أو يستخرج منها فهو زائد لا ضرووة في معرفته "آية محكمة" أي كل آية محكمة غير منسوخة، أي علمها فالنكرة عام في الإثبات كقوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} (¬1) والمضاف مقدر قبلها وكذا قوله: "سنة قائمة" أي ثابتة إسنادًا بأن تكون صحيحة أو حكمًا بألا تكون منسوخة "أو فريضة عادلة" في القسمة، والمراد بالفريضة: كل حكم من أحكام الفرائض يحصل به العدل في قسمة التركات بين الورثة، وقيل: المراد بالفريضة: كل ما يجب العمل به وبالعادلة المساوية لما يؤخذ من القرآن والسنة في وجوب العمل، فهذا إشارة إلى الإجماع ¬

_ (¬1) سورة التكوير: الآية (41)، سورة الانفطار: الآية (5).

باب في الكلالة

وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَضْل: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ، أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ. بَابٌ فِي الْكَلَالَةِ 2886 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَاشِيَيْنِ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَلَمْ أُكَلِّمْهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّهُ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي وَلِي أَخَوَاتٌ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمَوَارِيثِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. === والقياس وكلام المصنف مبني على المعنى الأول والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْكَلَالَةِ 28860 - {يَسْتَفْتُونَكَ} (¬1) وفي بعض الروايات: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} (¬2) قال ابن العربي في شرح الترمذي: {يَسْتَفْتُونَكَ} الآية وهمٌ من الراوي فإنها آخر آية نزلت أهـ، قلت: لعل معنى آخر آية أنها آخر آية من آيات الميراث بل مما نزل في الكلالة كما سيجيء، ولا يخفى أن [] (¬3) النزول هي الأخوات الأبوية، وحكمها مذكور في هذه الآية، فالظاهر صحة هذه الرواية والوهم إنما هو في رواية {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية (176). (¬2) سورة النساء: الآية (11). (¬3) ما بين المعقوفتين كلمة غير واضحة وقد تكون [شأن].

باب من كان ليس له ولد وله أخوات

بَابُ مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَاتٌ 2887 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ يَعْنِي الدَّسْتُوَائِيَّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: اشْتَكَيْتُ وَعِنْدِي سَبْعُ أَخَوَاتٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَفَخَ فِي وَجْهِي، فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أُوصِي لِأَخَوَاتِي بِالثُّلُثِ؟ قَالَ: «أَحْسِنْ»، قُلْتُ: الشَّطْرُ؟ قَالَ: «أَحْسِنْ» ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَنِي، فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، لَا أُرَاكَ مَيِّتًا مِنْ وَجَعِكَ هَذَا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ فَبَيَّنَ الَّذِي لِأَخَوَاتِكَ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ»، قَالَ: فَكَانَ جَابِرٌ يَقُولُ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيَّ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. 2888 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْكَلَالَةِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. 2889 - حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَسْتَفْتُونَكَ فِي الْكَلَالَةِ فَمَا الْكَلَالَةُ؟ قَالَ: «تُجْزِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ» === 2889 - "تجزئك" أي تكفيك وآية الصيف هي قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} (¬1) الآية، وهي نزلت في الصيف وهي أوضح من آية الشتاء التي ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية (176).

باب ما جاء في [ميراث] الصلب

فَقُلْتُ لِأَبِي إِسْحَاقَ: هُوَ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا؟ قَالَ: «كَذَلِكَ ظَنُّوا أَنَّهُ كَذَلِكَ». بَابُ مَا جَاءَ فِي [مِيرَاثِ] الصُّلْبِ 2890 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ فَسَأَلَهُمَا، عَنِ ابْنَةٍ، وَابْنَةِ ابْنٍ، وَأُخْتٍ لِأَبٍّ وَأُمٍّ، فَقَالَا: وَلِلْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ، وَالْأُمِّ النِّصْفُ، وَلَمْ يُوَرِّثَا ابْنَةَ الِابْنِ شَيْئًا، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنَا، فَأَتَاهُ الرَّجُلُ فَسَأَلَهُ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمَا، فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ، وَلَكِنِّي سَأَقْضِي فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِابْنَتِهِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ سَهْمٌ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ». 2891 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ === هي في أول سورة النساء والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي [مِيرَاثِ] الصُّلْبِ 2890 - "سيتابعنا" من المتابعة أي يوافقنا فيما قلنا، "لقد ضللت إِذًا" أي إن وافقتهما في هذه الفتوى بعد أن علمت بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف فتواهما، نعم هما فعذوران لعدم علمهما بذلك، "سهم" تكملة الثلثين بالإضافة، أي السدس فيه يكمل الثلثين اللذين هما حق البنات. 2891 - "في الأسواق" قال الحافظ السيوطي: هو بالفاء وهو اسم لحرم

مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جِئْنَا امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فِي الْأَسْوَاقِ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِابْنَتَيْنِ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَاتَانِ بِنْتَا ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدْ اسْتَفَاءَ عَمُّهُمَا مَالَهُمَا وَمِيرَاثَهُمَا كُلَّهُ، فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالًا إِلَّا أَخَذَهُ، فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ لَا تُنْكَحَانِ أَبَدًا إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ»، قَالَ: وَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا لِي الْمَرْأَةَ وَصَاحِبَهَا» فَقَالَ لِعَمِّهِمَا: «أَعْطِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِيَ فَلَكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَخْطَأَ بِشْرٌ فِيهِ إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ». 2892 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ امْرَأَةَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَعْدًا هَلَكَ وَتَرَكَ ابْنَتَيْنِ، وَسَاقَ نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا هُوَ أَصَحُّ» === المدينة الذي حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي بعض النسخ بالقاف، قتل معك" مستقر أي كائنًا معك لا ظرف لغو متعلق بقتل لاقتضائه المشاركة في القتل "استفاء" بالمد أي استرجع حقهما من الميراث وجعله فيئًا له، استفعال من الفيء، "لا تنكحان" على بناء المفعول "أعطهما الثلثين" وهذا دليل على أن حكم البنتين حكم البنات، وهو قول جمهور الصحابة خلافًا لابن عباس رضي الله عنهما.

باب في الجدة

2893 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، «وَرَّثَ أُخْتًا وَابْنَةً، فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ وَهُوَ بِالْيَمَنِ»، وَنَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ. بَابٌ فِي الْجَدَّةِ 2894 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا؟ فَقَالَ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا السُّدُسَ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَتِ === 2893 - "لكل واحدة منهما النصف" للبنت بالفرض وللأخت لأنها عصبة مع البنت. بَابٌ فِي الْجَدَّةِ 2894 - "الجدة الأخرى" في رواية الترمذي "التي تخالفهما" (¬1) المراد أنها على خلاف صفة التي جاءت إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه بأنها أم الأب ¬

_ (¬1) الترمذي في الفرائض (2100).

باب [ما جاء] في ميراث الجد

الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ: «مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ إِلَّا لِغَيْرِكِ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ، وَلَكِنْ هُوَ ذَلِكَ السُّدُسُ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَهُوَ بَيْنَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا». 2895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ أَبُو الْمُنِيبِ الْعَتَكِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ 2896 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنً، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ ابْنِي مَاتَ، فَمَا لِي مِنْ مِيرَاثِهِ؟ فَقَالَ: «لَكَ السُّدُسُ» فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ، فَقَالَ: «لَكَ سُدُسٌ آخَرُ» فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ، فَقَالَ: «إِنَّ السُّدُسَ الْآخَرَ طُعْمَةٌ» قَالَ قَتَادَةُ: «فَلَا === وهذه أم الأم أو بالعكس، "ما خلت به" ما زائدة، أي انفردت به. 2895 - "دونها" أي معها، "أم" أو قدامها لأن الحاجب بمنزلة من يكون قدام المحجوب. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ 2896 - "لك السدس" أي بالفرض، "طعمه" بالضم أي زيادة على الحق المقدر استحقه بالتعصيب ولم يضمه إلى السدس الأول لئلا يتوهم أن الكل

باب في ميراث العصبة

يَدْرُونَ مَعَ أَيِّ شَيْءٍ وَرَّثَهُ»، قَالَ: قَتَادَةُ: «أَقَلُّ شَيْءٍ وَرِثَ الْجَدُّ السُّدُسُ». 2897 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنْ عُمَرَ قَالَ: أَيُّكُمْ يَعْلَمُ مَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَدَّ؟ فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: أَنَا، «وَرَّثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّدُسَ»، قَالَ: مَعَ مَنْ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ: لَا دَرَيْتَ، فَمَا تُغْنِي إِذًا؟ بَابٌ فِي مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ 2898 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَمخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ - وَهَذَا حَدِيثُ مَخْلَدٍ وَهُوَ الْأَشْبَعُ - قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْسِمُ الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ، عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى ذَكَرٍ». بَابٌ فِي مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ 2899 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي === فريضة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ 2898 - "فلأولى ذكر" أي أقرب إلى الميت من ذكر فالإضافة للبيان، وأولى بمعنى: أقرب نسبًا لا أحق إرثًا، وإلا لم يفهم بيان الحكم؛ إذ لا يدرى من الأحق بالإرث والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ 2899 - "كلا" بفتح فتشديد لام، أي عيالا ودينًا مما يثقل على صحابه،

طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لُحَيٍّ، عَنِ الْمِقْدَامِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيَّ» وَرُبَّمَا قَالَ: «إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَعْقِلُ لَهُ وَأَرِثُهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ وَيَرِثُهُ». 2900 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ بُدَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === "فإليّ" مرجعه أو أمره، يريد أنه يتحمل ذلك، وينفق على من يحتاج إلى الإنفاق، "وأنا وارث من لا وراث له" يريد أنه يضعه في بيت المال أو يصرفه في مصارفه، "والخال وارث من لا وارث له"، أي من أصحاب الفروض والعصبات، وهذا دليل على توريث ذوي الأرحام كما هو مذهب أبي حنيفة، ومن لا يقول بإرثه يقول: يحتمل أنه على وجه السلب والنفي كما يقال: الجوع زاد من لا زاد له والصبر حيلة من لا حيلة له، ويحتمل أنه يريد به إذا كان عصبة ويحتمل إنما يريد به السلطان فإنه يسمى خالًا، والأول باطل لقوله: "يرثه" (¬1) والثاني كذلك لقوله: "من لا وارث له"، والثالث بعده لا يخفى والله تعالى أعلم. 2900 - "أولى" إلخ معنى الأولوية النصرة، والتولية أي أتولى أمورهم بعد وفاتهم. وأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا، "أو ضيعة" بفتح أي عيالا وأصله ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [يرث].

وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً فَإِلَيَّ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَأَنَا مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ أَرِثُ مَالَهُ وَأَفُكُّ عَانَهُ، وَالْخَالُ مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ يَرِثُ مَالَهُ وَيَفُكُّ عَانَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ، وَرَوَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَقُولُ الضَّيْعَةُ مَعْنَاهُ عِيَالٌ». 2901 - حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَتِيقٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حُجْرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، أَفُكُّ عَانِيَهُ، وَأَرِثُ مَالَهُ، وَالْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، يَفُكُّ عَانِيَهُ وَيَرِثُ مَالَهُ». 2902 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ === المرة من الضياع، أريد به الصغار الذين يضيعون بمرة لو لم يتقيد بحالهم أحد "وأفك عانه" أصله عاينه بالياء فحذفت تخفيفًا، أي أسيره يريد أنه يخلص أسيره بالفداء عنه. 2901 - "عُنَيّه" بضم عين فكسر نون فتشديد ياء في الأصل مصدر عني أريد به الأسير كما في الحديث السابق أو الأسر نفسه أريد به الدين، أو ما يلزمه من الجنايات ونحوها مما يجعله كالأسير. 2902 - "ولا حميمًا" أي قريبًا، وقيل: وإنما وضع ماله في رجل من أهل

أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ سُفْيَانَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم مَاتَ، وَتَرَكَ شَيْئًا وَلَمْ يَدَعْ وَلَدًا، وَلَا حَمِيمًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطُوا مِيرَاثَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ سُفْيَانَ أَتَمُّ» وَقَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَاهُنَا أَحَدٌ مَنْ أَهْلِ أَرْضِهِ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَعْطُوهُ مِيرَاثَهُ». 2903 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جِبْرِيلَ بْنِ أَحْمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِيرَاثَ رَجُلٍ مِنَ الْأَزْدِ، وَلَسْتُ أَجِدُ أَزْدِيًّا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: «اذْهَبْ فَالْتَمِسْ أَزْدِيًّا حَوْلًا» قَالَ: فَأَتَاهُ بَعْدَ الْحَوْلِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَجِدْ أَزْدِيًّا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَانْظُرْ أَوَّلَ خُزَاعِيٍّ تَلْقَاهُ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ» فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «عَلَيَّ الرَّجُلُ» فَلَمَّا جَاءَهُ، قَالَ: «انْظُرْ كُبْرَ خُزَاعَةَ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ». 2904 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَسْوَدَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا === قريته؛ لأنه كان لبيت المال، ومصالحه مصالح المسلمين فوضعه في أهل قريته لقربهم. 2903 - "كبر خزاعة" بضم الكاف وسكون الباء، أقرب القوم إلى الجد الأعلى الذي ينسبون إليه.

باب ميراث ابن الملاعنة

شَرِيكٌ، عَنْ جِبْرِيلَ بْنِ أَحْمَرَ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَاتَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِيرَاثِهِ، فَقَالَ: «الْتَمِسُوا لَهُ وَارِثًا، أَوْ ذَا رَحِمٍ»، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ وَارِثًا وَلَا ذَا رَحِمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطُوهُ الْكُبْرَ مِنْ خُزَاعَةَ» وَقَالَ يَحْيَى: قَدْ سَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «انْظُرُوا أَكْبَرَ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ». 2905 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا غُلَامًا لَهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ لَهُ أَحَدٌ؟ » قَالُوا: لَا، إِلَّا غُلَامًا لَهُ كَانَ أَعْتَقَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَهُ لَهُ. بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ 2906 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الْمَرْأَةُ تُحْرِزُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ: عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَنْهُ. === بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ 2906 - "تحرز" من الإحراز، أي تجمع، و"لقيطها" أي الذي التقطته من الطريق "لورثتها" قالوا: إذا لم يترك وارثًا فماله لبيت المال وهذه المرأة أولى بأن يصرف إليها من غيرها من آحاد المسلمين، وبهذا المعنى قيل: إنها ترثه والله تعالى أعلم.

باب هل يرث المسلم الكافر؟

2907 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَمُوسَى بْنُ عَامِرٍ، قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا مَكْحُولٌ، قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ، وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا». 2908 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي عِيسَى أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. بَابُ هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ؟ 2909 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ». 2910 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ تَنْزِلُ غَدًا فِي حِجَّتِهِ؟ قَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا؟ » ثُمَّ قَالَ: " نَحْنُ نَازِلُونَ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْكُفْرِ - يَعْنِي الْمُحَصَّبِ - وَذَاكَ أَنَّ بَنِي كِنَانَةَ حَالَفَتْ قُرَيْشًا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ: أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلَا يُبَايِعُوهُمْ، وَلَا يُؤْوُوهُمْ "، قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَالْخَيْفُ الْوَادِي». === بَابُ هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ؟ 2910 - "وهل ترك لنا عقيل منزلًا" أي لسبب إنه ورث منازل أبي طالب؛

2911 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى». 2912 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْوَاسِطِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، أَنَّ أَخَوَيْنِ، اخْتَصَمَا إِلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، يَهُودِيٌّ وَمُسْلِمٌ، فَوَرَّثَ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا، وَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّ رَجُلًا، حَدَّثَهُ أَنَّ مُعَاذًا، حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، فَوَرَّثَ الْمُسْلِمَ». 2913 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، أَنَّ مُعَاذًا، أُتِيَ بِمِيرَاثِ يَهُودِيٍّ وَارِثُهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === لأنه ما آمن يؤمئذ بخلاف علي وجعفر فما ورثاه بإيمانهما. 2911 - "شتى" فتشديد ياء جمع شتيت صفة أهل، أي مختلفون دينًا. 2912 - "فورث المسلم" أي معاذ ورث المسلم من الكافر تمسكًا بأن الإسلام يزيد ولا ينقص، والجمهور على خلافه للأحاديث السابقة، وأما حديث الإسلام يزيد ونحوه فلم يرد به الإرث يل أراد فضل الإسلام، وأنه الدين الفاضل على الأديان كلها فلا يدانيه دين فضلًا أن يساويه أو يزيد عليه، والله تعالى أعلم.

باب فيمن أسلم على ميراث

بَابٌ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ 2914 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ قَسْمٍ، قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ لَهُ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» بَابٌ فِي الْوَلَاءِ 2915 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى مَالِكٍ، وَأَنَا حَاضِرٌ، قَالَ مَالِكٌ: عَرَضَ عَلَيَّ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تَعْتِقُهَا، فَقَالَ: أَهْلُهَا نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَاكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ». 2916 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ === بَابٌ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ 2914 - "كل قسم" بفتح فسكون مصدر أريد به المال المقسوم. بَابٌ فِي الْوَلَاءِ 2915 - "لا يمنعك" عن البيع الاشتراط منهم، بقي أنه يفسد البيع عند كثير فكيف جوزه؟ أجيب بأنه مخصوص لمصلحة ويجوز للشارع مثله لمصلحة والله تعالى أعلم. 2916 - "وولي النعمة" أي نعمة العتق.

باب [في] الرجل يسلم على يد [ي] الرجل

سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ». 2917 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رِئَابَ بْنَ حُذَيْفَةَ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لَهُ ثَلَاثَةَ غِلْمَةٍ، فَمَاتَتْ أُمُّهُمْ فَوَرَّثُوهَا رِبَاعَهَا، وَوَلَاءَ مَوَالِيهَا، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَصَبَةَ بَنِيهَا، فَأَخْرَجَهُمْ إِلَى الشَّامِ فَمَاتُوا، فَقَدَّم عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَمَاتَ مَوْلًى لَهَا وَتَرَكَ مَالًا لَهُ، فَخَاصَمَهُ إِخْوَتُهَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحْرَزَ الْوَلَدُ أَوِ الْوَالِدُ، فَهُوَ لِعَصَبَتِهِ مَنْ كَانَ» قَالَ: فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ شَهَادَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَرَجُلٍ آخَرَ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ الْمَلِكِ اخْتَصَمُوا إِلَى هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ - أَوْ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامٍ - فَرَفَعَهُمْ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: هَذَا مِنَ الْقَضَاءِ الَّذِي مَا كُنْتُ أَرَاهُ، قَالَ: فَقَضَى لَنَا بِكِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَنَحْنُ فِيهِ إِلَى السَّاعَةِ. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَ [يِ] الرَّجُلِ 2918 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَا: === 2917 - "رباعها" بكسر الراء دورها عصبة بينها، أي بني المرأة، "فأخرجهم" أي البنين "مولى لها" للمرأة، "فخاصمه" أي عمرًا. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَ [يِ] الرَّجُلِ 2918 - "ما السنة" إلخ أي ما حكم الشرع فيه، "أولى الناس" أي هو أقرب

باب في بيع الولاء

حَدَّثَنَا يَحْيَى - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ابْنُ حَمْزَةَ - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَوْهَبٍ، يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، قَالَ هِشَامٌ: عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ يَزِيدُ: إِنَّ تَمِيمًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا السُّنَّةُ فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: «هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ». بَابٌ فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ 2919 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ». بَابٌ فِي الْمَوْلُودِ يَسْتَهِلُّ ثُمَّ يَمُوتُ 2920 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي === الناس إليه في حياته فيحسن ما دام حيًّا وحال موته فيرث منه، قيل: هذا هو ظاهر الحديث لكن الجمهور يقولون بنسخه، وقيل: بل معناه هو أولى بالنصرة حال الحياة بالصلاة عليه بعد الموت. قلت: لكن ليس هذا مذهب من لا يقول بالإرث أنه أولى بالصلاة فلا ينفعهم هذا التأويل فتأمل. بَابٌ فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ 2919 - "عن بيع الولاء" بفتح الواو أريد به بيع مجرد الاستحقاق الحاصل بالإعتاق لا بيع ما حصل من المال بسبب ذلك الاستحقاق فإن بيعه بعد حصوله جائز، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَوْلُودِ يَسْتَهِلُّ ثُمَّ يَمُوتُ 2920 - "استهل المولود" أي صاح، وحمله الجمهور على أن المراد منه أمارة

باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم

ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ». بَابُ نَسْخِ مِيرَاثِ الْعَقْدِ بِمِيرَاثِ الرَّحِمِ 2921 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ، فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَنَسَخَ ذَلِكَ الْأَنْفَالُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6]. 2922 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) قَالَ: «كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ تُوَرَّثُ الْأَنْصَارَ، دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ»، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 33] قَالَ: نَسَخَتْهَا: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ === الحياة أي وجد منه أمارة الحياة، وعبر بالاستهلال؛ لأنه المعتاد وهو الذي يعرف به الحياة عادة والله تعالى أعلم. بَابُ نَسْخِ مِيرَاثِ الْعَقْدِ بِمِيرَاثِ الرَّحِمِ 2921 - "يحالف الرجل" أي يعاهده على الأخوة والنصرة.

فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] مِنَ النَّصْرِ وَالنَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ، وَيُوصِي لَهُ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ. 2923 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَعْنَى - قَالَ أَحْمَدُ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ الرَّبِيعِ - وَكَانَتْ يَتِيمَةً فِي حِجْرِ أَبِي بَكْرٍ - فَقَرَأْتُ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33]، فَقَالَتْ: لَا تَقْرَأْ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33]، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حِينَ أَبَى الْإِسْلَامَ، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَلَّا يُوَرِّثَهُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ يُؤْتِيَهُ نَصِيبَهُ "، زَادَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَمَا أَسْلَمَ حَتَّى حُمِلَ عَلَى [ص: 129] الْإِسْلَامِ بِالسَّيْفِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مَنْ قَالَ: {عَقَدَتْ} [النساء: 33]: جَعَلَهُ حِلْفًا، وَمَنْ قَالَ: عَاقَدَتْ جَعَلَهُ حَالِفًا، قَالَ: وَالصَّوَابُ حَدِيثُ طَلْحَةَ عَاقَدَتْ. 2924 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} [الأنفال: 74] {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] فَكَانَ الْأَعْرَابِيُّ لَا يَرِثُ الْمُهَاجِرَ، وَلَا يَرِثُهُ الْمُهَاجِرُ، فَنَسَخَتْهَا فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6]. === 2923 - "فحلف أبو بكر" فمعنى عاقدت أيمانكم، أي تحققت أيمانكم، أي حلفكم على ألا تورثوهم.

باب في الحلف

بَابٌ فِي الْحِلْفِ 2925 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً». 2926 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ»، فَقَالَ: «حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي الْحِلْفِ 2925 - "لا حلف" بكسر الحاء وسكون اللام أصله العهد وكانوا يتعاهدون ويتعاقدون على أمور، فما كان في الجاهلية على الفتن والقتال والغارات فهو المراد بقوله: "لا حلف في الإسلام" وما كان فيها على نصر المظلوم وصلة الأرحام ونحوه فهو محمل قوله: "وأيما حلف كان في الجاهلية" إلخ، قلت: والأقرب أن النهي عن إحداثه والأمر ببقاء ما كان سابقًا، فلعل النهي عن إحداث الجديد لما أنه قد يفضي إلى نصر الظالم ونحوه والله تعالى أعلم. 2926 - "حالف" قيل: المعنى أي آخى، "ولا حلف في الإِسلام" وهذا الإخاء كان في الأول الإسلام مما كان سببًا للإرث ونحوه حتى نسخ كما سبق فهو معنى زائد على ما يفيد الإِسلام من الأخوة، وقيل: بل هو مبالغة وتأكيد لذلك

باب في المرأة ترث من دية زوجها

وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا». بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرِثُ مَنْ دِيَةِ زَوْجِهَا 2927 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَقُولُ: الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ، وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا، حَتَّى قَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ: كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ، مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا» فَرَجَعَ عُمَرُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَقَالَ فِيهِ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَعْرَابِ. "آخر كتاب الفرائض" * * * === المعنى بواسطة العهد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرِثُ مَنْ دِيَةِ زَوْجِهَا 2927 - "أن أورث" من التوريث، و"أن" تفسيرية للكتاب. * * *

14 - كتاب الخراج والإمارة والفيء

كِتَاب الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ مِنْ حَقِّ الرَّعِيَّةِ 2928 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». === كِتَاب الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ الإمارة بكسر الهمزة. بَابُ مَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ مِنْ حَقِّ الرَّعِيَّةِ 2928 - "إلا كلكم راع" الراعي ها هنا من يجب عليه حفظ شيء وحسن تعهد به، "والرعية" فعلية بمعنى مفعول من يجب حفظهم والقيام بأمرهم على الغير في مختصر النهاية: الرعية من شمله حفظ الراعى ونظره (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر. ابن الأثير: 2/ 236.

باب ما جاء في طلب الإمارة

بَابُ مَا جَاءَ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ 2929 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِذَا أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ فِيهَا إِلَى نَفْسِكَ، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا». 2930 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ قُرَّةَ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ رَجُلَيْنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَشَهَّدَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: جِئْنَا لِتَسْتَعِينَ بِنَا عَلَى عَمَلِكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: مِثْلَ قَوْلِ صَاحِبِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَخْوَنَكُمْ عِنْدَنَا مَنْ طَلَبَهُ» فَاعْتَذَرَ أَبُو مُوسَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === بَابُ مَا جَاءَ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ 2929 - "لا تسأل الإمارة" بالكسر، "إن أعطيتها" على بناء المفعول، "وكلت" على بناء المفعول مشددًا ومخففًا، وقيل: الرواية بالتخفيف أي فوضت، وهو كناية عن عدم العون من الله؛ لأنه حيث سأله اعتمد على نفسه، "فيخلي بيننه وبينها" ولم يعن، ولا شك أن الإمارة لا تتم بدون العون والنصر فيشكل أمرها عند عدم العون منه تعالى. 2930 - "إن أخونكم" أي أكثركم خيانة من طلبه، أي العمل وذلك لأنه مشقة وتعب ويخاف من الاختلال في الدين فلا يتصور من العاقل طلب مثله،

باب في الضرير يولى

وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ لِمَا جَاءَا لَهُ، فَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ حَتَّى مَاتَ. بَابٌ فِي الضَّرِيرِ يُوَلَّى 2931 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرَّمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ». بَابٌ فِي اتِّخَاذِ الْوَزِيرِ 2932 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ الْمُرِّيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ، إِنْ === إلا أن يكون من قصده الخيانة ولا شك أن من أخذه لقصد الخيانة يكون أشد خيانة عادة. بَابٌ فِي الضَّرِيرِ يُوَلَّى 2931 - "استخلف ابن أم مكتوم قال الخطابي: إنما ولاه الصلاة دون القضايا والأحكام، وفعل ذلك إكرامًا له فيما عاتبه الله تعالى عليه من أمره (¬1). بَابٌ فِي اتِّخَاذِ الْوَزِيرِ 2932 - "وزير صدق" الوزير المعين من الوزر بالكسر، وهو الثقل؛ لأنه يحمل ثقل الملك أو من الورز بالفتح بمعنى الملجأ والمعتصم، فإنه ملجأ الملك ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 3.

باب في العرافة

نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ، إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ». بَابٌ فِي الْعِرَافَةِ 2933 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ جَدِّهِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَفْلَحْتَ يَا قُدَيْمُ إِنْ مُتَّ وَلَمْ تَكُنْ أَمِيرًا، وَلَا كَاتِبًا وَلَا عَرِيفًا». === يعتصم برأيه والصدق والكذب أصلهما في القول ويستعملان في كل ما يحق ويحصل في الاعتقاد نحو صدق قلبي وكذب، وفي أفعال الجوارح فيقال: صدق في القتال إذا أوفى حقه، وكذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك. قيل: ويعبر بكل فعل فاضل ظاهر أو باطن بالصدق، وأصل قوله: وزير صدق: وزير صادق أي فاعل للخير، ثم قيل: وزير صدق بالإضافة لمزيد الاختصاص -كذا قيل ومثله وزير سوء، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْعِرَافَةِ 2933 - "يا قديم" تصغير المقدام بحذف الزوائد، "ولا عريفًا" هو القائم بأمر القبيلة والمحلة يلي أمرهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم لمعرفته بها، "والعرافة" بالكسر عين وبالفتح كونه عريفًا وهو فعيل بمعنى فاعل، وفي الحديث تحذير من التعرض للرياسة والتأمر على الناس لما فيه من الفتنة ولأنه إذا لم يحقه ولم يؤد أمانة فيه أثم واستحق من الله العقوبة، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "العرفاء في النار".

2934 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا غَالِبٌ الْقَطَّانُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَنْهَلٍ مِنَ المَنَاهِلِ، فَلَمَّا بَلَغَهُمُ الْإِسْلَامُ جَعَلَ صَاحِبُ الْمَاءِ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا، وَقَسَمَ الْإِبِلَ بَيْنَهُمْ وَبَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ، فَأَرْسَلَ ابْنَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: ائْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْ لَهُ: أَبِي يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَإِنَّهُ جَعَلَ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا، وَقَسَمَ الْإِبِلَ بَيْنَهُمْ، وَبَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ، أَفَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ هُمْ؟ فَإِنْ قَالَ لَكَ: نَعَمْ، أَوْ لَا، فَقُلْ لَهُ: أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ عَرِيفُ الْمَاءِ، وَإِنَّهُ يَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي الْعِرَافَةَ بَعْدَهُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: أَبِي يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيكَ السَّلَامُ»، فَقَالَ: أَبِي جَعَلَ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ، أَفَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ هُمْ؟ فَقَالَ: «إِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُسْلِمَهَا لَهُمْ فَلْيُسْلِمْهَا، وَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَسْلَمُوا فَلَهُمْ إِسْلَامُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قُوتِلُوا عَلَى الْإِسْلَامِ»، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهُوَ عَرِيفُ الْمَاءِ، وَإِنَّهُ يَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي الْعِرَافَةَ بَعْدَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ الْعِرَافَةَ حَقٌّ، وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنَ العُرَفَاءِ، وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ === 2934 - "على منهل" أي ماء المنهل، يقال: لكل ماء علي الطريق، ويقال: منهل بني فلان، أي مشربهم، "فهو أحق بها منهم" أي أنه شرط لهم على الإسلام، والإسلام حق الله لازم عليهم بلا شرط فلا يلزم ما شرط عليه حق، ووقع موقع المصلحة والأمر يدعو إليه الضرورة وفيه رفق للناس في أمورهم

باب في اتخاذ الكاتب

فِي النَّارِ». بَابٌ فِي اتِّخَاذِ الْكَاتِبِ 2935 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «السِّجِلُّ كَاتِبٌ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === وأحوالهم، "من العرفاء" بضم العين جمع عريف. بَابٌ فِي اتِّخَاذِ الْكَاتِبِ 2935 - "السجل" المذكور في قوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (¬1) قال ابن حجر في الإصابة: أخرجه أيضًا النسائي (¬2) وابن مردويه، وروى النسائي عن ابن عباس أنه قال في الآية: "السجل" هو الرجل. وزاد ابن مردويه: هو الرجل بالحبشية. وجاء عن ابن عمر كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له: السجل فأنزل الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} وقال بعد تحقيق سنده: أنه حديث صحيح، وغفل عن زعم أنه موضوع، نعم قد جاء في تفسير السجل أنه ملك أو هو الصحفة (¬3). قلت: فالمراد بالكتاب المكتوب؛ فإن المكتوب لما كان طيه تابعًا لطي الصحيفة فكأن الصحيفة تطويه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: الآية (104). (¬2) النساء في السنن الكبرى في التفسير (11336/ 2). (¬3) ابن حجر في الإصابة 2/ 15، 16.

باب في السعاية على الصدقة

بَابٌ فِي السِّعَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ 2936 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَسْبَاطِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ». 2937 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ». 2938 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ مَغْرَاءَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «الَّذِي يَعْشُرُ النَّاسَ» يَعْنِي صَاحِبَ الْمَكْسِ. === بَابٌ فِي السِّعَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ 2937 - "صاحب مكس" بفتح ميم فسكون كاف وهو الظلم ونقص ونحوه، وقد جاء تفسيره من رواي الحديث بالذي يأخذ العشر من الناس، فيحمل على أنه يأخذ ممن لا يستحق أن يؤخذ العشر منه، أو أنه يتعدى في أخذه بوجه من الوجوه والله تعالى أعلم. 2938 - "الذي يعشر" بالتخفيف ويسمى العاشر.

باب في الخليفة يستخلف

بَابٌ فِي الْخَلِيفَةِ يَسْتَخْلِفُ 2939 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، وَسَلَمَةُ، قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: إِنِّي إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ، «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ، قَدِ اسْتَخْلَفَ»، قَالَ: «فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْبَيْعَةِ 2940 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كُنَّا نُبَايِعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَيُلَقِّنُنَا فِيمَا اسْتَطَعْتَ». === بَابٌ فِي الْخَلِيفَةِ يَسْتَخْلِفُ 2936 - "ما هو" أي الشأن، وقد جوز بعض النحاة وقوع الفعل مع أن خبرًا عن ضمير الشأن، وعليه يخرج هذا الحديث والحق أنه كثير في الأحاديث والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْبَيْعَةِ 2940 - "ويلقننا" من التلقين، أي يقول لنا: قولوا فيما استطعتم ولا تطلقوا السمع والطاعة؛ لئلا يدخل في إطلاقه ما لا يستطاع مع أنه لا سمع ولا طاعة فيه.

باب في أرزاق العمال

2941 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ عَنْ بَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ، قَالَتْ: مَا مَسَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا فَإِذَا أَخَذَ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ، قَالَ: «اذْهَبِي فَقَدْ بَايَعْتُكِ». 2942 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زَهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ صَغِيرٌ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ». بَابٌ فِي أَرْزَاقِ الْعُمَّالِ 2943 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ أَبُو طَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ === 2941 - "يد امرأة قط" أي أجنبية، "إلا أن يأخذ عليها" استثناء منقطع، لكن أخذ العهد عليها كان واقعًا ثابتًا، فإن مع الفعل مبتدأ خبره محذوف والجملة استثناء منقطع. بَابٌ فِي أَرْزَاقِ الْعُمَّالِ 2943 - "فما أخذ بعد ذلك" أي سوى ذلك زيادة عليه سواء أخذه قبل أو

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ». 2944 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا لِلَّهِ، قَالَ: «خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي قَدْ عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمَّلَنِي». 2945 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَلْيَكْتَسِبْ زَوْجَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا»، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ أَوْ سَارِقٌ». === بعد "غلول" بالضم أي خيانة. 2944 - "بعمالة" بضم العين هي أجرة العمل، "فعملني" بتشديد الميم، أي أعطاني العمالة. 2945 - "فليكتسب زوجة" أي يجل للعامل أن يأخذ من بيت المال الذي في يدة قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتها، وما يحصل به خادمًا ومسكنًا، كل ذلك على قدر ما لا بد منه من غير تنعم وإسراف، وما زاد على ذلك فهو حرام.

باب في هدايا العمال

بَابٌ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ 2946 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، لَفْظَهُ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ - قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: ابْنُ الْأُتْبِيَّةِ - عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَ، فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَجِيءُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ لَا يَأْتِي أَحَدٌ مِنْكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا فَلَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً فَلَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ»، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ === بَابٌ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ 2946 - "ابن اللتبية" بضم لام وفتح تاء مثناة من فوق ثم ياء موحدة نسبة إلى قبيلة، وأم هذا الرجل منها واشتهر هذا الرجل بالإضافة إلى الأم، "فقال: هذا لكم" أي قال لبعض ما معه: أنه مال الصدقة، ولبعض آخر أنه أهدي إليه وليس من مال الصدقة، "هلا جلس" إلخ أي الهدية هي ما يهدى إليه، وإن لم يكن عاملا، وأما ما جاءه من جهة العمل فهو من الصدقة وإن سماه المعطي باسم الهدية، "لا يأتي أحدكم بشيء من ذلك" أي ولا يرده إلى مال الصدقة، "رغاء" بضم راء مهملة وغين معجمة ومد، صوت الإبل، "خوار" بضم خاء معجمة، صوت البقر، "تيعر" بفتح المثناة الفوقية وسكون المثناة التحتية وكسر العين المهملة وراء أي تصيح ليحصل له فضيحة على رؤوس الأشهاد، "غفرة

باب في غلول الصدقة

إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». بَابٌ فِي غُلُولِ الصَّدَقَةِ 2947 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا، ثُمَّ قَالَ: «انْطَلِقْ أَبَا مَسْعُودٍ، وَلَا أُلْفِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ وَعَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لَهُ رُغَاءٌ، قَدْ غَلَلْتَهُ» قَالَ: إِذًا لَا أَنْطَلِقُ قَالَ: «إِذًا لَا أُكْرِهُكَ». بَابٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْإِمَامُ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ [وَالْحَجَبَةِ عَنْهُ] 2948 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا مَرْيَمَ === إبطيه" بضم عين مهملة وسكون خاء، أي بياضهما الخالص. بَابٌ فِي غُلُولِ الصَّدَقَةِ 2947 - "لا ألفينك" بضم الهمزة وكسر الفاء بنون ثقيلة، أي لا أجدنك، والمطلوب نهيه عن الخيانة فإنه إذا خان يجيء يوم القيامة كذلك فيجده النبي - صلى الله عليه وسلم - على تلك الحالة، ولعله رضي الله تعالى عنه لما رأي وضع اليد على المال قد يفضي إلى الخيانة بمعونة النفس والشيطان ترك العمل من أصله. بَابٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْإِمَامُ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ [وَالْحَجَبَةِ عَنْهُ] 2948 - "ما أنعمنا بك" صيغت تعجب، والمقصود إظهار الفرح والسرور بقدومه، "حديثًا" نصبه على الإضمار على شرط التفسير، "وخلتهم" بفتح خاء

الْأَزْدِيَّ، أَخْبَرَهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: مَا أَنْعَمَنَا بِكَ أَبَا فُلَانٍ - وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ - فَقُلْتُ: حَدِيثًا سَمِعْتُهُ أُخْبِرُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ، وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ، وَفَقْرِهِ» قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلًا عَلَى حَوَائِجِ النَّاسِ. 2949 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُوتِيكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا أَمْنَعُكُمُوهُ، إِنْ أَنَا إِلَّا خَازِنٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ». === معجمة وتشديد لام، الحاجة الشديدة، والمعنى منع أرباب الحوائج أن يدخلوا عليه ويعرضوا حوائجهم، قيل: الحاجة والخلة والفقر متقاربة المعنى كررها تأكيدًا، وبعضهم فرق بينهما بحمل الحاجة على ما لم يبلغ حال الضرورة، و"الخلة" على ما هو أشد منه بحيث يختل به أمر المعاش؛ لكونها من الخلل والفقر أشد من الخلة حملًا له على عدم معنى التملك أصلًا, فيكون ذلك على سبيل الترقي، وقوله: "احتجب الله" أي عامله بمثل فعله يوم القيامة، وقيل: منعه عما يطلبه ويسأله ويخيب دعوته. 2949 - "ما أوتيكم" بضم الهمزة، أي ما أعطي أحدًا شيئًا بميل نفسي وشهواتها ولا أمنع بذلك؛ بل أفعل كل ذلك بأمر الله أي فلا اعتراض عليّ, وقوله: "إن أنا" كلمة إن نافية.

2950 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، يَوْمًا الْفَيْءَ، فَقَالَ: «مَا أَنَا بِأَحَقَّ، بِهَذَا الْفَيْءِ مِنْكُمْ، وَمَا أَحَدٌ مِنَّا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا أَنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ، وَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ، وَالرَّجُلُ وَعِيَالُهُ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ». === 2950 - "الفيء" هو ما جعل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد كذا في النهاية (¬1)، وفي المغرب: هو ما نيل من الكفار ما تضع الحرب أوزارها، تصير الدار دار الإسلام، وذكروا في حكمه أنه لعامة المسلمين لا مزية لأحد منهم على آخر في أصل الاستحقاق، إلا أن تفاوت المراتب والمنازل باق كالمذكورين في قوله تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} (¬2) الآيتان، وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (¬3)، وكما كان يقيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مراعاة التمييز بين أهل بدر وأصحاب بيعة الرضوان ونحو ذلك، "فالرجل وقدمه" أي سابقته في الإسلام، وهما بالنصب أي نراعي الرجل وقدمه أو بالرفع أي يراعى، وقيل: بالرفع على الابتداء الخبر مقدر أي معتبران ومقرونان؛ مثل: كل رجل وضيعته، "وبلاؤه" أي وحسن سعيه في سبيل الله وزيادة مشقته. ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر: ابن الأثير: 3/ 482. (¬2) سورة الحشر: الآية (8). (¬3) سورة التوبة: الآية (100).

باب في قسم الفيء

بَابٌ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ 2951 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: حَاجَتَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: عَطَاءُ الْمُحَرَّرِينَ، فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا جَاءَهُ شَيْءٌ، بَدَأَ بِالْمُحَرَّرِينَ». 2952 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِظَبْيَةٍ فِيهَا خَرَزٌ، فَقَسَمَهَا لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ أَبِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ». === بَابٌ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ 2951 - "حاجتك" أي اذكر حاجتك أي ما هي, "أول" منصوب, ظرف لـ "بدأ" وهو مفعول ثان لـ "رأيت", والمحررون قيل: المعتقون وذلك لأنهم قوم لا ديوان لهم, إنما يدخلون في جملة مواليهم تبعًا, وقيل: هم المكاتبون, وقيل: المنفردون لطاعة الله خلوص والله تعالى أعلم. 2952 - "أتي بظبية" بفتح الظاء المعجمة وسكون الباء, الجراب الصغير, وقيل: هي شبه الخريطة والكيس, "خرز" بخاء معجمة وراء مهملة مفتوحتين ثم زاي معجمة, "للحرة والأمة" خص النساء؛ لأن الخرز من شأن النساء لا أنه حق لهن خاصة, ولهذا كان أبو بكر يقسمها للحر والعبد. وقيل: معني "وكان أبي يقسم" أي الفيء لا خصوص الخرز والله تعالى أعلم.

باب في أرزاق الذرية

2953 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، جَمِيعًا، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ قَسَمَهُ فِي يَوْمِهِ، فَأَعْطَى الْآهِلَ حَظَّيْنِ، وَأَعْطَى الْعَزَبَ حَظًّا» - زَادَ ابْنُ الْمُصَفَّى - فَدُعِينَا وَكُنْتُ أُدْعَى قَبْلَ عَمَّارٍ، فَدُعِيتُ فَأَعْطَانِي حَظَّيْنِ، وَكَانَ لِي أَهْلٌ ثُمَّ دُعِيَ بَعْدِي عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، فَأَعْطَى لَهُ حَظًّا وَاحِدًا. بَابٌ فِي أَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ 2954 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى === 2933 - "فأعطى الآهل" بالمد وكسر الهاء المتأهل الذي له زوجة، "والعزب" بعين مهملة ثم زاي معجمة مفتوحتين، من لا زوجة له، "فدعينا" على بناء المفعول وكذا "أدعى" وكذا "فدعيت" وكذا "دعي". بَابٌ فِي أَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ 2954 - "أولى بالمؤمنين" قيل: أحق بهم وأقرب إليهم، وقيل: معنى الأولوية النصرة والتولية, أي أنا أتولى أمورهم بعد وفاتهم، وأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا، "ضياعًا" هو بالفتح مصدر ضاع إذا هلك يطلق على العيال تسمية للفاعل بالمصدر؛ لأنها إذا لم تتعهد ضاعت، وقد يروى بكسر الضاد جمع ضايع كجياع جمع جائع, وقيل: الضياع اسم ما هو في معرض أن يضيع إن لم

باب متى يفرض للرجل في المقاتلة؟

بِالْمُؤْمِنِينَ مِن أَنْفُسِهِمْ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». 2955 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا». 2956 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ دَيْنًا فَإِلَيَّ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ». بَابُ مَتَى يُفْرَضُ لِلرَّجُلِ فِي الْمُقَاتَلَةِ؟ 2957 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعُرِضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً === يتعهد كالذرية الصغار والزمنى، "فإِليَّ" أي أمره "وعليَّ" أي قضاء دينه ومؤنة صغاره. 2955 - "كلًّا" بالفتح وتشديد اللام العيال، وقيل: يشمل الدين والعيال. بَابُ مَتَى يُفْرَضُ لِلرَّجُلِ فِي الْمُقَاتَلَةِ؟ 2957 - "عرضه" أي طلب أن يعرض عليه "وهو ابن أربع عشرة" أي والحال

باب في كراهية الاقتراض في آخر الزمان

فَأَجَازَهُ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الِاقْتِرَاضِ فِي آخَرِ الزَّمَانِ 2958 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مُطَيْرٍ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ وَادِي الْقُرَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِى مُطَيْرٌ أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِالسُّوَيْدَاءِ إِذَا بِرَجُلٍ قَدْ جَاءَ كَأَنَّهُ يَطْلُبُ دَوَاءً، وَحُضُضًا، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا الْعَطَاءَ مَا كَانَ عَطَاءً، فَإِذَا تَجَاحَفَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْمُلْكِ وَكَانَ عَنْ دِينِ أَحَدِكُمْ فَدَعُوهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ مُطَيْرٍ. 2959 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مُطَيْرٍ، مِنْ أَهْلِ وَادِي === أنه ابن أربع, "فلم يجزه" أي لم يأذن له في الخروج إلى القتال. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الِاقْتِرَاضِ فِي آخَرِ الزَّمَانِ 2958 - "أو حُضُضا" ضبط بضم حاء مهملة وضاد أولى وفتحهما في الصحاح دواء معروف (¬1) وهو صمغٌ مرٌّ كالصبر، "فإِذا تجاحفت" بتقديم الجيم على الخاء المهملة، أي تناول بعضهم بعضًا بالسيوف يريد أذاه، تقاتلوا على الملك، "وكان" أي العطاء "عن دين أحدكم" أي في مقابلة الدين صادرًا عن صرفه. 2959 - "رشا" بضم راء وكسرها جمع رشوة بالضم والكسر أيضًا، قال ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: مادة (حضض) ص 142.

باب في تدوين العطاء

الْقُرَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَمَرَ النَّاسَ، وَنَهَاهُمْ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا تَجَاحَفَتْ قُرَيْشٌ عَلَى الْمُلْكِ فِيمَا بَيْنَهَا، وَعَادَ الْعَطَاءُ أَوْ كَانَ رِشًا فَدَعُوهُ» فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: «هَذَا ذُو الزَّوَائِدِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي تَدْوِينِ الْعَطَاءِ 2960 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ جَيْشًا مِنَ === الخطابي: هو أن يصرف عن المستحقين ويعطى من له الجاه والمنزلة (¬1) والأقرب أنه يصير في مقابلة الدين كما في الرواية السابقة والله تعالى أعلم. (ذو الزوائد) قال الحافظ السيوطي هو صحابي لا يعرف اسمه سكن المدينة. بَابٌ فِي تَدْوِينِ الْعَطَاءِ 2960 - "يعقب" من الإعقاب. قال الخطابي: أعقاب الجيوش: هو أن يبعث الإمام في أثر المقيمين بالثغر جيشًا يقيمون مقامهم وينصرف أولئك؛ فإنه إذا طالت عليهم الغيبة والغربة تأذوا بذلك وأضر بأهليهم (¬2) "فشغل عنهم" ولعله شغلة كان بجهة تدوين العطايا ونحوه. فلذلك ذكر المصنف هذا الحديث ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 12. (¬2) المرجع السابق: 3/ 12.

الْأَنْصَارِ كَانُوا بِأَرْضِ فَارِسَ مَعَ أَمِيرِهِمْ، وَكَانَ عُمَرُ يُعْقِبُ الْجُيُوشَ فِي كُلِّ عَامٍ، فَشُغِلَ عَنْهُمْ عُمَرُ، فَلَمَّا مَرَّ الْأَجَلُ قَفَلَ أَهْلُ ذَلِكَ الثَّغْرِ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ وَتَوَاعَدَهُمْ وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا عُمَرُ، إِنَّكَ غَفَلْتَ عَنَّا، وَتَرَكْتَ فِينَا الَّذِي «أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِعْقَابِ بَعْضِ الْغَزِيَّةِ بَعْضًا». 2961 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنِي فِيمَا حَدَّثَهُ ابْنٌ لِعَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِنَّ مَنْ سَأَلَ عَنْ مَوَاضِعِ الْفَيْءِ، فَهُوَ مَا حَكَمَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَآهُ الْمُؤْمِنُونَ عَدْلًا مُوَافِقًا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَعَلَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» فَرَضَ الْأَعْطِيَةَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَقَدَ لِأَهْلِ الْأَدْيَانِ ذِمَّةً بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الجِزْيَةِ، لَمْ يَضْرِبْ فِيهَا بِخُمُسٍ وَلَا مَغْنَمٍ. === في الباب والله تعالى أعلم. "الثغر" بفتح مثلثة وسكون غين معجمة وهو موضع يكون حدًّا فاصلًا بين بلاد المسلمين والكفار وهو موضع المخافة من أطراف البلاد, فلذلك اشتد رجوع أهل الثغر على عمر وأصحابه وأوعدهم على ذلك, "الغزية" الطائفة الغازية. 2961 - "فرض الأعطية" أي قررها من الفيء والخراج والجزية، "والأعطية" بفتح الهمزة جمع عطاء والله تعالى أعلم.

باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال

2962 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ يَقُولُ بِهِ». بَابٌ فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْوَالِ 2963 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ، فَجِئْتُهُ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ، فَقَالَ: حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ: يَا مَالِ، إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِشَيْءٍ فَأَقْسِمْ فِيهِمْ، قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ غَيْرِي بِذَلِكَ، فَقَالَ: خُذْهُ فَجَاءَهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، === بَابٌ فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْوَالِ الصفايا جمع صفية وهي ما يصفيه الإمام، أي يختاره لنفسه من الغنيمة، والمراد هاهنا: الأموال؛ كان التصرف فيها له ولم يكن لأحد فيهما شركة، والله تعالى أعلم. 2963 - (ابن حدثان) بفتحتين (¬1). "حين تعالى النهار" أي ارتفع، "مفضيًا إلى رماله" بكسر الراء وقد تضم، ما ¬

_ (¬1) مالك بن أوس بن الحدثان بفتح المهملة والمثلثة النصري، بالنون أبو سعيد المدني، له رؤية، وروى عن عمر، مات سنة اثنتين وتسعين، وقيل سنة إحدى. تقريب التهذيب (2/ 23).

هَلْ لَكَ فِي الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا - يَعْنِي عَلِيًّا - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْهُمَا - قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا قَدَّمَا أُولَئِكَ النَّفَرَ لِذَلِكَ - فَقَالَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: اتَّئِدَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَقَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6] وَكَانَ اللَّهُ أَفَاءَ عَلَى رَسُولِهِ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ، وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ، - أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ === ينسج من سعف النخل ونحوه، والمراد: أنه جالس عليه بلا فراش يحول بينه وبين الرمال، "يا مال" "بكسر اللام على الترخيم أو بضمها على أنه جعل اسمًا مستقلا بعد الترخيم، "دف أهل أبيات" أي أقبلوا مسرعين، "يرفأ" بفتح تحتية

سَنَةً - وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ أَنْتَ مِيرَاثَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ، رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَوَلِيتُهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلِيَهَا، فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ، وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فَسَأَلْتُمَانِيهَا، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ أَنْ تَلِيَاهَا بِالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ === وسكون راء وفتح فاء بعدها همزة وقد تقلب الفاء، وكان من موالي عمر، "هل لك في عثمان" أي رغبة في دخولهم، "فأذن لهم" لعلي والعباس، والجمع في التثنية، "وارحمهما" أي اجعلهما في راحة من تعب الاختصام، "اتئدا" بتشديد الفوقية المفتوحة وهمزة مكسورة، أي لا تعجلا، والخطاب لعلي والعباس، "لا نورث" على بناء المفعول والمراد: معشر الأنبياء، فإن الله تعالى خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا مذهب الجمهور فلا يقسم الفيء عندهم قسمة الغنائم، بل الأمر فيه كان مفوضًا إليه - صلى الله عليه وسلم - يضعه حيث يشاء، وعند الشافعي: يقسم الفيء خمسة أقسام فأربعة عنها له والخامس منه له أيضًا الخمس، والأربعة الباقية لذي

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلِيهَا فَأَخَذْتُمَاهَا مِنِّي عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: إِنَّمَا سَأَلَاهُ أَنْ يَكُونَ يُصَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لَا أَنَّهُمَا جَهِلَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَإِنَّهُمَا كَانَا لَا يَطْلُبَانِ إِلَّا الصَّوَابَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أُوقِعُ عَلَيْهِ اسْمَ الْقَسْمِ أَدَعُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. 2964 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: وَهُمَا يَعْنِي عَلِيًّا، وَالْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُوقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ قَسْمٍ». === القربى واليتامى وغيرهما فيحمل قول عمر على الغالب {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} (¬1) أي جعله فيئًا له خاصة {فَمَا أَوْجَفْتُمْ} أجريتم عليه على تحصيله {وَلَا رِكَابٍ} إبل، "ما استأثر" ما تفرد، "أسوة المال" أي على طريقة مال الله بأن يصرفه في مصارفه "فجئت أنت" يا عباس، "وهذا" أي على. 2964 - "أراد" أي عمر "ألا يوقع عليه" أي على ماله - صلى الله عليه وسلم -، "اسم قسم" أي لئلا يتوهم أنه ملك فإن القسم إنما يقع في الأملاك. ¬

_ (¬1) سورة الحشر: الآية (6).

2965 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْمَعْنَى، أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ، كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصًا، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ - قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ - قُوتَ سَنَةٍ، فَمَا بَقِيَ جَعَلَ فِي الْكُرَاعِ، وَعُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ. 2966 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: هَذِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً قُرَى عُرَيْنَةَ، فَدَكَ، وَكَذَا وَكَذَا مَا {أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، وَلِذِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]، وَلَلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ، وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}، فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسَ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ فِيهَا حَقٌّ - قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ حَظٌّ - إِلَّا بَعْضَ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. === 2966 - "فاستوعبت هذه الآية الناس" أي هي عامة للمسلمين، أي فالفيء لهم عمومًا لا يخمس، ولكن يكون جملة تعد لمصالح المسلمين، وهو مذهب عامة أهل اللغة خلافًا للشافعي، فعنده يقسم كما تقدم.

2967 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، وَهَذَا، لَفْظُ حَدِيثِهِ كُلُّهُمْ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، قَالَ: فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثُ صَفَايَا بَنُو النَّضِيرِ، وَخَيْبَرُ، وَفَدَكُ، فَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَكَانَتْ حُبُسًا لِنَوَائِبِهِ، وَأَمَّا فَدَكُ فَكَانَتْ حُبُسًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَأَمَّا خَيْبَرُ فَجَزَّأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، جُزْأَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُزْءًا نَفَقَةً لِأَهْلِهِ، فَمَا فَضُلَ عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ جَعَلَهُ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ. 2968 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ === 2967 - "كان فيما احتج به عمر" أي على علي والعباس، "بنو النضير" أي أموالهم التي كانت فيئًا عند إجلائهم، "وخيبر" كانت بخيبر قرى كثيرة أخذ بعضها عن غير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب وكان فيئًا خاصًّا له - صلى الله عليه وسلم -، كذا سهمه عن خمس خيبر وهذا هو المراد هاهنا، "وفدك" قيل: هي قرية من قري خيبر كان له نصف أرضها صالح أهلها بعد فتح خيبر على نصف أرضها كان خاصًّا له, "حبسًا" بضم حاء مهملة وسكون باء موحدة، أي محبوسًا محفوظًا، "لنوائبه" أي حوائجه وحوادثه، "لأبناء السبيل" أي موقوفة لهم ومعدة لوقت حاجتهم إليها.

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ»، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام، مِنْهَا شَيْئًا. 2969 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَفَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ» يَعْنِي مَالَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ. 2970 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ === 2970 - "التي تعروه" أي تغشاه وتعرضه.

سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ: أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ، فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَغَلَبَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهَا، وَأَمَّا خَيْبَرُ، وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ، وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الْأَمْرَ، قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ. 2971 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]، قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ فَدَكَ، وَقُرًى قَدْ سَمَّاهَا لَا أَحْفَظُهَا، وَهُوَ مُحَاصِرٌ قَوْمًا آخَرِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بِالصُّلْحِ، قَالَ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]، يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَتْ «بَنُو النَّضِيرِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِصًا لَمْ يَفْتَحُوهَا عَنْوَةً، افْتَتَحُوهَا عَلَى صُلْحٍ، فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، لَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا رَجُلَيْنِ كَانَتْ === 2971 - "بين المهاجرين" قيل: روي في أموال بني النضير أنه قال - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "إن شئتم أعطيتكم منها وإن شئتم أعطيته للمهاجرين, ويردون عليكم ما عندهم مما استأثرتموهم من الأموال" قال الأنصار: أعط المهاجرين ولا

بِهِمَا حَاجَةٌ». 2972 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَنِي مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ لَهُ فَدَكُ، فَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ، وَيُزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى»، فَكَانَتْ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَيَاتِهِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وُلِّيَ عُمَرُ عَمِلَ فِيهَا بِمِثْلِ مَا عَمِلَا حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام، لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، وَأَنَا أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ يَعْنِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === نرد منهم ما استأثرناهم به، ففرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة ودعا لهم بخير. 2972 - "ويعود" أي يحسن وينفق "أيّمهم" بفتح همزة وتشديد، المرأة التي لا زوج لها، وقد يطلق على الرجل أيضًا، والأول أكثر، "ثم أقطعها مروان" على بناء المفعول، أي جعلت له، أو على بناء الفاعل أي جعلها لنفسه، قيل: في زمن عثمان -والإقطاع أن يجعل السلطان أرضًا لمن يريد إما رقبتها أو خراجها- ففي نسبة الإقطاع إلى مروان تأدب وإشارة إلى أنه الحامل لعثمان على ذلك، ولولا ذلك لما جمع عثمان لأحد بعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاها لفاطمة رضي الله

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخِلَافَةَ، وَغَلَّتُهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَتُوُفِّيَ وَغَلَّتُهُ أَرْبَعُ مِائَةِ دِينَارٍ وَلَوْ بَقِيَ لَكَانَ أَقَلَّ». 2973 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً، فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ». 2974 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي، وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُؤْنَةُ عَامِلِي: يَعْنِي أَكَرَةَ الْأَرْضِ. 2975 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ === عنها، وكذا أبو بكر. 2973 - "فهي للذي يقوم بعده" أي يتصرف فيه بما تصرف فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أنه يملكه، والحاصل أن تركة النبي لا تورث بل تصرف في مصارف الخير التي كان النبي يصرف فيها. "مذبَرا" أي واضح الكتابة بحيث تسهل قراءته.

أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ اكْتُبْهُ لِي فَأَتَى بِهِ مَكْتُوبًا مُذَبَّرًا، دَخَلَ الْعَبَّاسُ، وَعَلِيٌّ، عَلَى عُمَرَ، وَعِنْدَهُ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٌ، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ، فَقَالَ عُمَرُ لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٍ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مَالِ النَّبِيِّ صَدَقَةٌ، إِلَّا مَا أَطْعَمَهُ أَهْلَهُ، وَكَسَاهُمْ إِنَّا لَا نُورَثُ»؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَهْلِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ يَصْنَعُ الَّذِي كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ. 2976 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَيَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ». 2977 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، قُلْتُ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ؟ أَلَمْ تَسْمَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِآلِ مُحَمَّدٍ لِنَائِبَتِهِمْ وَلِضَيْفِهِمْ، === 2976 - "ثُمُنهن" أي ثمنهن الذي هو الثمن بضمتين.

باب في بيان مواضع قسم الخمس، وسهم ذي القربى

فَإِذَا مُتُّ فَهُوَ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِي»؟ . بَابٌ فِي بَيَانِ مَوَاضِعِ قَسْمِ الْخُمُسِ، وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى 2978 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، === بَابٌ فِي بَيَانِ مَوَاضِعِ قَسْمِ الْخُمُسِ، وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى 3978 - "وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة" وذلك لأن هاشمًا والمطلب ونوفلا وعبد شمس: هم أبناء عبد مناف الذي هو الجد الرابع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أولاد هاشم وأولاد المطلب من ذوي القربى فأعطاهم من الخمس، ولم يعط أولاد عبد شمس ونوفل شيئًا منه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: في الجواب "شيء واحد" أي كالشيء الواحد في الكفر والإسلام ولم يكن بينهم مخالفة، وأما أولاد عبد شمس. ونوفل فكان بينهم وبين أولاد هاشم مخالفة، وقيل: أراد به: الحلف الذي كان بين بني هاشم وبني المطلب في الجاهلية، وذلك أن قريشًا وبني كنانة حالفت علي بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم حت يسلموا إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، "غير إنه لم يكن يعطي قربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" هذا إما مبني على عدم علمه بإعطاء أبو بكر إياهم وسيجيء عن علي ما يدل على أنه كات يعطي، فلعله كان يعطي ولم يطلع عليه جبير والإثبات مقدم علي النفي، إلا أن الحافظ المنذري قال: إن حديث جبير صحيح، وحديث علي ضعيف، وظاهر كلامه يدل على أنه ضعفه، لأنه معارض لحديث جبير؛ فإن ضعفه لذلك فهو غير لازم لإمكان التوفيق بما ذكرنا فتأمل، وإما مبني على أن الأصناف المذكورة في قوله تعالى:

يُكَلِّمَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَسَمَ مِنَ الْخُمُسِ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَسَمْتَ لِإِخْوَانِنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ، وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا وَقَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُمْ مِنْكَ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ، مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسِ كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ «يَقْسِمُ الْخُمُسَ، نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ} (¬1) الآية مصارف للخمس لا مستحقوه كمصارف الزكاة، فكما لا يجب في الزكاة القسمة بين المصارف بل يجوز الصرف إلى بعضها كذلك هاهنا، وهذا هو الصحيح في مذهبنا وهو مذهب مالك رحمه الله تعالى، قال في التحفة -من كتب علمائنا الحنفية: هذه مصارف للخمس عندنا لا على سيل الاستحقاق، حتى لو صرف إلى صنف واحد منهم جاز كما في الصدقات، فأمر الخمس إلى الإمام إن شاء قسم بينهم بما يرى، وإن شاء أعطى بعضًا دون بعض كما يرى. فلعله رضي الله تعالى عنه رآهم أغنياء في وقته ورأى غيرهم أحوج إليه منهم فصرف في أحوج المصارف وأحقها, وأما بناء ذلك على نسخ استحقاق ذوي القربى كما قيل فبعيد جدًّا، كيف وفي هذا الحديث أن عمر ومن بعده كانوا يعطونهم، وأما ما جاء أن الخلفاء قسموه على ثلاثة أسهم فرواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، والكلبي ضعيف عند أهل الحديث بل متروك كذاب، ثم كل ما جاء عن عدم الإعطاء فهو محمول على ¬

_ (¬1) سورة الأنفال: الآية (41).

مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهِمْ»، قَالَ: «وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ، وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ». 2979 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، حَدَّثَنَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ مِنَ الخُمُسِ شَيْئًا، كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ» قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ «يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا كَانَ يُعْطِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، «وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ، وَمَنْ كَانَ بَعْدَهُ مِنْهُمْ». 2980 - حَدَّثَنَا مُسَدِّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَتَرَكَ بَنِي نَوْفَلٍ، وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، فَمَا بَالُ إِخْوَانِنَا === عدم الاطلاع، أو على عدم الإعطاء أحيانًا، بناء على أنهم من المصارف غير لازم، بل إلي الإمام والله تعالى أعلم. 2980 - "وضعك الله به" أي فيه وهو العائد إلى الموصول، و"منهم" متعلق بوضع والأقرب أنه حال عن مفعول وضع الضمير به، "وشك" بالتشديد، أي

بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لَا نَفْتَرِقُ فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا إِسْلَامٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2981 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، فِي ذِي الْقُرْبَى، قَالَ: «هُمْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ». 2982 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ، حِينَ حَجَّ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَقُولُ: لِمَنْ تَرَاهُ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لِقُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَهُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَدْ كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ عَرْضًا رَأَيْنَاهُ دُونَ حَقِّنَا، فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِ وَأَبَيْنَا أَنْ نَقْبَلَهُ. 2983 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، === أدخل بعضها في بعض لبيان، أن بني هاشم وبني المطلب كانوا في الجاهلية والإسلام على هذه الكيفية من الموافقة والالتئام. 2982 - "رأيناه دون حقنا" لعله مبني على أن عمر رآهم مصارف، وابن عباس رآهم مستحقين لخمس الخمس كما يقول الشافعي، فقال بناء على ذلك أنه عرض دون حقهما والله تعالى أعلم. 2983 - "فأتي بمال" أي أتي عمر بمال، وهذا دليل على موافقة عليٍّ عمر

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًا، يَقُولُ: «وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمُسَ الْخُمُسِ»، فَوَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ، وَحَيَاةَ عُمَرَ، فَأُتِيَ بِمَالٍ فَدَعَانِي فَقَالَ: خُذْهُ، فَقُلْتُ: لَا أُرِيدُهُ، قَالَ: خُذْهُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ، قُلْتُ: قَدِ اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ فَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. 2984 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْبَرِيدِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام، يَقُولُ: اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالْعَبَّاسُ، وَفَاطِمَةُ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ «أَنْ تُوَلِّيَنِي حَقَّنَا مِنْ هَذَا الْخُمُسِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَأَقْسِمْهُ حَيَاتَكَ كَيْ لَا يُنَازِعَنِي أَحَدٌ بَعْدَكَ»، فَافْعَلْ؟ قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَقَسَمْتُهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَلَّانِيهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى إِذَا كَانَتْ آخِرُ سَنَةٍ مِنْ سِنِي عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ كَثِيرٌ فَعَزَلَ حَقَّنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: بِنَا عَنْهُ الْعَامَ غِنًى وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ فَارْدُدْهُ عَلَيْهِمْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَمْ يَدْعُنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ، فَلَقِيتُ الْعَبَّاسَ بَعْدَمَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، حَرَمْتَنَا الْغَدَاةَ شَيْئًا لَا يُرَدُّ عَلَيْنَا أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا دَاهِيًا. === على أن ذوي القربي مصارف للخمس لا مستحقوه كما لا يخفى. 2984 - "فأقسمه" صيغة المتكلم بالنصب عطف على "توليني"، وقوله "فافعل" على صيغة الأمر، "وكان رجلًا داهيًا" أي فطنًا ذا رأي في الأمور.

2985 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: ائْتِيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُولَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَغْنَا مِنَ السِّنِّ مَا تَرَى، وَأَحْبَبْنَا أَنْ نَتَزَوَّجَ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبَرُّ النَّاسِ، وَأَوْصَلُهُمْ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَبَوَيْنَا مَا يُصْدِقَانِ عَنَّا، فَاسْتَعْمِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَلْنُؤَدِّ إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي الْعُمَّالُ، وَلْنُصِبْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَرْفَقٍ، قَالَ: فَأَتَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَنَحْنُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ لَنَا: رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا، وَاللَّهِ لَا نَسْتَعْمِلُ مِنْكُمْ أَحَدًا عَلَى الصَّدَقَةِ» فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ، هَذَا مِنْ أَمْرِكَ قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نَحْسُدْكَ === 2985 - و "ما تري" أي سن الشباب والنكاح، "ما يصدقان" من أصدق، أي ما يؤديان به المهر عنا إن تزوجنا، "ولنصب" من أصاب، "مرفق" بكسر الميم وفتحها هو من الأمر ما انتفعت به، "هذا من أمرك" في رواية الطبراني "إِن هذه من حسدك وبغيك" (¬1) "نلت" بكسر النون عن النيل أي بلغت "أنا أبو حسن القوم" قال الخطابي: هو في أكثر الروايات بالواو وهذا لا معنى له، "وإِنما هو القرم" بالراء يريد في لك أنه المقدم في الرأي والمعرفة وتجارت الأمور، فهو فيهم بمنزلة القرم في الإبل (¬2) أهـ. ¬

_ (¬1) الطبراني في المعجم الكبير (4566) 5/ 54. (¬2) معالم السنن: 3/ 24.

عَلَيْهِ، فَأَلْقَى عَلِيٌّ رِدَاءَهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ، وَاللَّهِ لَا أَرِيمُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْكُمَا ابْنَايَ بِجَوَابِ مَا بَعَثْتُمَا بِهِ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا، وَالْفَضْلُ إِلَى بَابِ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى نُوَافِقَ صَلَاةَ الظُّهْرِ قَدْ قَامَتْ فَصَلَّيْنَا مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ أَسْرَعْتُ أَنَا، وَالْفَضْلُ إِلَى بَابِ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقُمْنَا بِالْبَابِ حَتَّى أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِأُذُنِي وَأُذُنِ الْفَضْلِ، ثُمَّ قَالَ: «أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ»، ثُمَّ دَخَلَ فَأَذِنَ لِي وَلِلْفَضْلِ، فَدَخَلْنَا فَتَوَاكَلْنَا الْكَلَامَ قَلِيلًا، ثُمَّ كَلَّمْتُهُ - أَوْ كَلَّمَهُ الْفَضْلُ، قَدْ شَكَّ فِي ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ - قَالَ: كَلَّمَهُ بِالْأَمْرِ الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ أَبَوَانَا، فَسَكَتَ === "القرم" بفتح فسكون البعير المكرم الذي لا يحمل عليه ويذلل ولكن يكون للقحلة منه، قيل: للسيد قرم تشيبهًا بذلك. قيل: إن كانت الرواية القرم بالراء فهو مرفوع صفة "أبو حسن"، وإن كانت القوم بالواو فيحتمل أن يكون مجرورًا بإضافة حسن إليه، أي عالم القوم أو مرفوعًا بتقدير حرف النداء، أي أنا من علمتم رأيه أيها القوم. قلت: ويمكن أن يكون هو من إطلاق القوم على الواحد؛ لكونه قد جمع فضائلهم المتفرقة فيهم، قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} (¬1) وله في كلامهم أمثال. "لا أريم" لا أبرح، "بحور ما بعثتما به" (¬2) لفتح حاء فسكون واو، أي ¬

_ (¬1) سورة النحل: آية (120). (¬2) هكذا بالأصل وفي السنن المطبوع [بجواب].

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً، وَرَفَعَ بَصَرَهُ قِبَلَ سَقْفِ الْبَيْتِ، حَتَّى طَالَ عَلَيْنَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْنَا شَيْئًا، حَتَّى رَأَيْنَا زَيْنَبَ تَلْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ بِيَدِهَا، تُرِيدُ أَنْ لَا تَعْجَلَا، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِنَا، ثُمَّ خَفَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَنَا: «إِنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، ادْعُوا لِي نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ»، فَدُعِيَ لَهُ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَالَ: «يَا نَوْفَلُ، أَنْكِحْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ»، فَأَنْكَحَنِي نَوْفَلٌ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْعُوا لِي مَحْمِئَةَ بْنَ جَزْءٍ» وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَخْمَاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَحْمِئَةَ: «أَنْكِحْ الْفَضْلَ» فَأَنْكَحَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَأَصْدِقْ === بجوابه وأصل الحور الرجوع، وقيل: أراد به الخيبة، "ما تصرران" بصاد مهملة ورائين الأولى مشددة؛ قال الخطابي: يريد ما قلتمان أو ما تضمران من الكلام، وأصله من الصر وهو الشد والإحكام (¬1)، "فتواكلنا للكلام" أي وكل كلٌّ منا الكلام إلى صاحبه، يريد أن يبتدأ به صاحبه دونه، "تلمع" بضم التاء من ألمع أو بفتحها مع فتح الميم من لمع إذا أشار بيده أو ثوبه، "أو ساخ الناس" أي تطهير إلى أموالهم ونفوسهم فهي كغسالة الأوساخ، "محمية" بميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة. (ابن جزء) بجيم مفتوحة ثم زاي ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 24.

عَنْهُمَا مِنَ الخُمُسِ كَذَا وَكَذَا» لَمْ يُسَمِّهِ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ. 2986 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الخُمُسِ يَوْمَئِذٍ»، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجَمْعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَقْبَلْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا بِشَارِفَيَّ قَدِ اجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا، === معجمة ساكنة ثم همزة (¬1). 2986 - "شارف" هي الناقة المسنة، "أبتني (¬2) بفاطمة" أي أدخل بها "صواغا" بفتح الصاد المهملة وتشديد الواو، "من بني قينقاع" بفتح القاف وضم النون وقد تفتح وتكسر، قبيلة اليهود وهو غير منصرف ويجوز صرفه، "بإذخر" بكسر الهمزة وذال معجمة حشيشة طيبة الرائحة، "فأستعين به" بالنصيب، و"به" أي بثمنه، "وليمة عرسي" قيل: بالضم طعام الوليمة والكسر امرأة الرجل؛ ¬

_ (¬1) ابن جَزْء: هو عبد الله بن الحارث بن جزء: بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة، الزبيدي: بضم الزاي، صحابي، أبو الحارث، سكن مصر، وهو آخر من مات بها من الصحابة، سنة خمس أو ست أو سبع أو ثمان وثمانين والثاني أصح. تقريب التهذيب: 1/ 407. (¬2) في السنن المطبوع (أبني).

وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الْأَنْصَارِ غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ: فِي غِنَائِهَا: أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَوَثَبَ إِلَى السَّيْفِ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ؟ » قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ، فَدَعَا === فينبغي كسر العين هاهنا وإلا فسد المعنى، "من الأقتاب" جمع قتب وهو للجمل كالإكاف لغيره، "والغرائر" بغين معجمة والراء المكررة جمع غرارة وهي ما يوضع فيها الشيء من التبن وغيره، "والحبال" بكسر الحاء جمع حبل، "مناخان" مبروكتان، "قد اجتبت" بضم التاء الأول وتشديد والباء الموحدة على بناء المفعول، أي قطعت، "وبقرت" أي شقت، "فلم أملك عيني" من البكاء قيل: إنما بكى خوفًا من تقصيره في حق فاطمة رضي الله عنها أو في تأخير الابتناء بها لا لمجرد فوات الناقتين، "في شرب" بفتح الشين المعجمة وسكون الراء المهملة، جماعة يجتمعون على شرب الخمر، "قينة" بفتح القاف أمة، "للشُّرُف" بضمتين، وتسكن الراء تخفيفًا جمع شارف، "والنواء" بكسر النون وخفة الواو، ومد جمع ناوية بمعنى السمينة، أي انهض إلى النوق السمان وانحرها لأضيافك, "عدا" بالعين والدال المهملتين، "ثمل" بفتح المثلثة وكسر الميم آخره لام أي

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَاهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ، ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ثَمِلٌ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. 2987 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ أُمَّ الْحَكَمِ، أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَيِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَدَّثَتْهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا، أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ === سكران "إلا عبيد لأبي" أي فلا لوم علي بالتصرف في مالكم، ولكونه وقع منه في حالة السكر من غير قصد عفي عنه وإلا فهو مشكل يقتضي ظاهرًا التنقيص، وقيل: أراد كعبيد له لكونه ينبغي الخضوع لحرمته، والجد يدعى سيدًا "أنه قد ثمل" (¬1) كسمع، "القهقرى" خشية أن يزداد عبثه فينتقل من القول إلى الفعل. 2987 - "يتامى بدر" أي من مات أباؤهم في بدر فصاروا يتامى، أو المراد فقراء بدر، أطلق عليه اسم اليتيم تشبيهًا، "سأدلكن" من الدلالة، قيل: فإن ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [أنه ثمل].

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ، لَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ مِنْ ذَلِكَ: تُكَبِّرْنَ اللَّهَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "، قَالَ عَيَّاشٌ: وَهُمَا ابْنَتَا عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2988 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي الْجُرَيرِيَّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنِ ابْنِ أَعْبُدَ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي، وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: إِنَّهَا جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَ فِي يَدِهَا، وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ فِي نَحْرِهَا، وَكَنَسَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدَمٌ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِيهِ خَادِمًا، === قلت: لا شك أن التسييح وغيره خير من حيث الثواب، لكن كيف يكون خيرًا بالنظر إلى مطلوبهن وهو الاستخدام، قلت: لعله الله يعطي المسبح قوة يقدر بها على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه، أو يسهل عليه الأمور بحيث يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك، أو معناه: إن نفع التسبيح ونحوه في الآخرة ونفع الخادم في الدنيا؛ والآخرة خير وأبقى. 2988 - (ابن أعبد) (¬1) ضبطه بعضهم بفتح الهمزة وضم الباء وبعضهم ¬

_ (¬1) ابن أعبد: اسمه علي. تقريب التهذيب 2/ 494.

فَأَتَتْهُ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثًا فَرَجَعَتْ، فَأَتَاهَا مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا كَانَ حَاجَتُكِ؟ » فَسَكَتَتْ، فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا، وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا، فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمًا يَقِيهَا حَرَّ مَا هِيَ فِيهِ، قَالَ: «اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةُ، وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ، وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ، فَإِذَا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ فَسَبِّحِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرِي أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ مِائَةٌ، فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ» قَالَتْ: رَضِيتُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2989 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: وَلَمْ يُخْدِمْهَا. 2990 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ عِيسَى، كُنَّا نَقُولُ إِنَّه مِنَ الأَبْدَالِ قَبْلَ أَنْ نَسْمَعَ أَنَّ الْأَبْدَالَ مِنَ المَوَالِي، قَالَ: حَدَّثَنِي الدَّخِيلُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ نُوحِ بْنِ مُجَّاعَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ سِرَاجِ بْنِ مُجَّاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُجَّاعَةَ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبُ دِيَةَ أَخِيهِ قَتَلَتْهُ بَنُو سَدُوسٍ مِنْ بَنِي ذُهْلٍ، === بفتحها, وقد قيل: إنه غير منصرف للعلمية ووزن الفعل. "جرت" ضبط بتشديد الراء, "خدم" بفتحتين جمع خادم يطلق علي الذكر والأنثي, "حدّاثا" ضبط كحكام, أي جماعة يتحدثون. 2990 - "لمشرك" أي حربي أو المراد كدية المسلم, "سأعطيك منه" أي

باب ما جاء في سهم الصفي

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ جَاعِلًا لِمُشْرِكٍ دِيَةً جَعَلْتُ لِأَخِيكَ، وَلَكِنْ سَأُعْطِيكَ مِنْهُ عُقْبَى» فَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، مِنْ أَوَّلِ خُمُسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكِي بَنِي ذُهْلٍ، فَأَخَذَ طَائِفَةً مِنْهَا، وَأَسْلَمَتْ بَنُو ذُهْلٍ فَطَلَبَهَا بَعْدُ مُجَّاعَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَتَاهُ بِكِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ صَاعٍ مِنْ صَدَقَةِ الْيَمَامَةِ، أَرْبَعَةِ آلَافٍ بُرًّا، وَأَرْبَعَةِ آلَافٍ شَعِيرًا، وَأَرْبَعَةِ آلَافٍ تَمْرًا، وَكَانَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجَّاعَةَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لِمُجَّاعَةَ بْنِ مَرَارَةَ مِنْ بَنِي سُلْمَى، إِنِّي أَعْطَيْتُهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ مِنْ أَوَّلِ خُمُسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكِي بَنِي ذُهْلٍ عُقْبَةً مِنْ أَخِيهِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ 2991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمٌ يُدْعَى الصَّفِيَّ، إِنْ شَاءَ عَبْدًا، وَإِنْ شَاءَ أَمَةً، وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ». 2992 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَأَزْهَرُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا، عَنْ سَهْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفِيِّ؟ قَالَ: === عوضًا وبدلًا منه وفي مقابلته والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ 2992 - "من الخمس" ظاهرة أن الصفي يكون من الخمس وظاهر ما سبق أنه

«كَانَ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ وَالصَّفِيُّ يُؤْخَذُ لَهُ رَأْسٌ مِنَ الخُمُسِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ». 2993 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا غَزَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ صَافٍ، يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَهُ، فَكَانَتْ صَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ، وَكَانَ إِذَا لَمْ يَغْزُ بِنَفْسِهِ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَلَمْ يُخَيَّرْ». 2994 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ». 2995 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، «فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سُدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا». === من تمام الغنيمة في الخمس إلا أن يقال معنى فبل الخمس في أن يقسم فيرجع إلى هذا الحديث والله تعالى أعلم. 2993 - "ولم يخير" من التخيير ظاهره أن الفيء كان له إذا غزا، وإلا كان له سهم بلا صفي والله تعالى أعلم. 2995 - "حُييّ" بضم الحاء وفتح الياء الأولى وتشديد الثانية، "سد الصهباء" ضبط بضم سين وتشديد دال.

2996 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 2997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: وَقَعَ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَصْنَعُهَا، وَتُهَيِّئُهَا - قَالَ حَمَّادٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا - صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. 2998 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جُمِعَ السَّبْيُ - يَعْنِي بِخَيْبَرَ - فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ، قَالَ: «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً»، فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ، قَالَ يَعْقُوبُ: صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ، وَالنَّضِيرِ، ثُمَّ اتَّفَقَا مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ، قَالَ: «ادْعُوهُ بِهَا» فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: «خُذْ جَارِيَةً مِنَ === 2997 - "اشتراها" استردها منه وأرضاه بإعطاء سبعة، "تصنعها" تزينها، "وتعتد" تستبرئ. 2998 - "أعطيت دحية" كأنه - صلى الله عليه وسلم - خاف عليهم الفتنة من ذلك فدفعها

باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة؟

السَّبْيِ غَيْرَهَا» وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا». 2999 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا بِالْمِرْبَدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ أَشْعَثُ الرَّأْسِ بِيَدِهِ قِطْعَةُ أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَقُلْنَا: كَأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ؟ فَقَالَ: أَجَلْ، قُلْنَا: نَاوِلْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَدِيمَ الَّتِي فِي يَدِكَ، فَنَاوَلَنَاهَا، فَقَرَأْنَاهَا، فَإِذَا فِيهَا: «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَدَّيْتُمُ الْخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفِيَّ، أَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» فَقُلْنَا: مَنْ كَتَبَ لَكَ هَذَا الْكِتَابَ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ 3000 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ يَهْجُو النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، === بالاسترداد والله تعالى أعلم. بَابُ كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ 3000 - "ويحرض" من التحريض، أي يبعثهم على أن يقاتلوا معه، "وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة وأهلها أخلاط"، الظاهر أن خبر كان محذوف وجملة

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَأَهْلُهَا أَخْلَاطٌ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَالْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَالْيَهُودُ وَكَانُوا يُؤْذُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ بِالصَّبْرِ وَالْعَفْوِ، فَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [آل عمران: 186] الْآيَةَ، فَلَمَّا أَبَى كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَبْعَثَ رَهْطًا يَقْتُلُونَهُ، فَبَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ، فَلَمَّا قَتَلُوهُ، فَزَعَتِ الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ فَغَدَوْا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: طُرِقَ صَاحِبُنَا فَقُتِلَ، «فَذَكَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ، وَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ كِتَابًا، يَنْتَهُونَ إِلَى مَا فِيهِ فَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً صَحِيفَةً». 3001 - حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْأَيَامِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ === وأهلها حال، أي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة دخل بها والحال أن أهلها أخلاط؛ أنواع شتى مختلطون، "فزعت" بكسر الزاي أي خافت، "طُرق" علي بناء المفعول أي دخل عليه ناس ليلًا. "إلى ما فيه" أي من الكتاب. 3001 - "أغمارًا" جمع غمر بالضم الجاهل الذي لم يجرب الأمور.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا»، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، لَا يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا، لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ، إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] قَرَأَ مُصَرِّفٌ إِلَى قَوْلِهِ {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 13] بِبَدْرٍ {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13]. 3002 - حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَوْلًى لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ مُحَيْصَةَ، عَنْ أَبِيهَا مُحَيْصَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ظَفِرْتُمْ بِهِ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ فَاقْتُلُوهُ» فَوَثَبَ مُحَيْصَةُ عَلَى شَبِيبَةَ رَجُلٍ مِنْ تُجَّارِ يَهُودَ، كَانَ يُلَابِسُهُمْ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ حُوَيْصَةُ إِذْ ذَاكَ لَمْ يُسْلِمْ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ مُحَيْصَة، فَلَمَّا قَتَلَهُ جَعَلَ حُوَيْصَةُ يَضْرِبُهُ، وَيَقُولُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَرُبَّ شَحْمٍ فِي بَطْنِكَ مِنْ مَالِهِ. 3003 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ === 3002 - "بنت محيصة" بتشديد الياء مصغر وكذا محيصة (¬1). 3003 - "أسلِموا" من الإسلام، "تسلَموا" من السلامة عن القتل وعذاب ¬

_ (¬1) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد التحتانية وقد تسكن، ابن مسعود بن كعب, الخزرجي، أبو مسعيد، المدني، صحابي معروف. تقريب التهذيب 2/ 233.

باب في خبر النضير

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ» فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَاهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَاهُمْ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا» فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا»، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ أُرِيدُ» ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ: «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي خَبَرِ النَّضِيرِ 3004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَتَبُوا إِلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مَعَهُ الْأَوْثَانَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ: إِنَّكُمْ آوَيْتُمْ صَاحِبَنَا، وَإِنَّا نُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقَاتِلُنَّهُ، أَوْ لَتُخْرِجُنَّهُ أَوْ لَنَسِيرَنَّ إِلَيْكُمْ بِأَجْمَعِنَا حَتَّى نَقْتُلَ مُقَاتِلَتَكُمْ، === الآخرة وغير ذلك، "ذلك أريد" أي تقرير البلاغ وإتمام الحجة من الله تعالى عليكم، "أن أجليكم" من الإجلاء بمعنى الإخراج، "آويتم" بمد الألف أي أنزلتموه في المنازل. بَابٌ فِي خَبَرِ النَّضِيرِ 3004 - "نُقسم" من الإقسام، "لتقاتله" هو وما بعده بالخطاب للجمع بنون

وَنَسْتَبِيحَ نِسَاءَكُمْ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، اجْتَمَعُوا لِقِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُمْ، فَقَالَ: «لَقَدْ بَلَغَ وَعِيدُ قُرَيْشٍ مِنْكُمُ الْمَبَالِغَ، مَا كَانَتْ تَكِيدُكُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَنْ تَكِيدُوا بِهِ أَنْفُسَكُمْ، تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا أَبْنَاءَكُمْ، وَإِخْوَانَكُمْ» فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَرَّقُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَكَتَبَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ إِلَى الْيَهُودِ: إِنَّكُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ، وَإِنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا، أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسَائِكُمْ شَيْءٌ، وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ، فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ بِالْغَدْرِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ، وَلْيَخْرُجْ مِنَّا ثَلَاثُونَ حَبْرًا، حَتَّى نَلْتَقِيَ بِمَكَانِ الْمَنْصَفِ فَيَسْمَعُوا === الثقيلة، وقوله: "ولنسيرَنَّ" للمتكلم مع الغير بنون الثقيلة "مقاتلتَكم"، أي الرجال منكم الذين يصلحون منكم للقال، "ونستبيح" أي نسبي، "المبالغ" أي الغايات "ما كانت" أي قريش "تكيدكم" تضركم، "أهل الحلقة" بفتح فسكون السلاح كله أو الدروع "وبين خدم نسائكم" بخاء معجمة ودال مهملة مفتوحتين جمع خدمة بفتحتين وهي الخلخال "ثلاثون حبرًا" بفتح أو كسر فسكون هو العالم "بمكان المنصف" بفتح الميم الموضع الوسط بين الموضعين، "فقص خبرهم" أي أخبر به الناس "بالكتايب" (¬1)، أي الجيوش المجتمعة جمع (¬2) كتيبة بمثناة ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [بالكتائب]. (¬2) ليست بالأصل.

مِنْكَ، فَإِنْ صَدَّقُوكَ وَآمَنُوا بِكَ آمَنَّا بِكَ، فَقَصَّ خَبَرَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَتَائِبِ فَحَصَرَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ وَاللَّهِ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونِي عَلَيْهِ» فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ غَدَا الْغَدُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْكَتَائِبِ، وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ، فَعَاهَدُوهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ، وَغَدَا عَلَى بَنِي النَّضِيرِ بِالْكَتَائِبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ، فَجَلَتْ بَنُو النَّضِيرِ، وَاحْتَمَلُوا مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ، وَأَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَخَشَبِهَا، فَكَانَ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا وَخَصَّهُ بِهَا، فَقَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ، فَأَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَهَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ وَقَسَمَ مِنْهَا لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكَانَا ذَوِي حَاجَةٍ لَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْصَارِ غَيْرِهِمَا، وَبَقِيَ مِنْهَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي فِي أَيْدِي بَنِي فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. 3005 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ يَهُودَ النَّضِيرِ، === فوقية ثم مثناة تحتية ثم موحدة، "لا تأمنون" من أمن كسمع يجيء من الأمن والأمان، وهاهنا يحتملها، "على الجلاء" الخروج عن البلاد، "ما أقلت" بتشديد اللام أي رفعت أي وتركوا الأراضي والبساتين. 3005 - "فأمنهم" بتشديد الميم أو بمد الألف بلا تشديد، أي أعطاهم

باب [ما جاء] في حكم أرض خيبر

وَقُرَيْظَةَ، حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ، بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَرَ 3006 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ، فَغَلَبَ عَلَى النَّخْلِ وَالْأَرْضِ، وَأَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفْرَاءَ، وَالْبَيْضَاءَ، وَالْحَلْقَةَ، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمُوا، وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ، وَلَا عَهْدَ فَغَيَّبُوا مَسْكًا لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ === الأمان. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَرَ 3006 - "الصفراء" الذهب "والبيضاء" الفضة، "والحلقة" بفتح فسكون، السلاح أو الدروع "ركابهم" جمالهم أي لا الأراضي والبساتين، "مسكًا" بفتح ميم وسكون سين الجلد والمراد هاهنا جلد كان فيه ذخيرة من صامت وحلي قومت بعشرة آلاف دينار كانت أولًا في مسك جمل ثم في مسك ثور ثم مسك جمل-

كَانَ قُتِلَ قَبْلَ خَيْبَرَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ يَوْمَ بَنِي النَّضِيرِ حِينَ أُجْلِيَتْ النَّضِيرُ فِيهِ حُلِيُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْيَةَ: «أَيْنَ مَسْكُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ »، قَالَ: أَذْهَبَتْهُ الْحُرُوبُ وَالنَّفَقَاتُ، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ، فَقَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، دَعْنَا نَعْمَلْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَلَنَا الشَّطْرُ مَا بَدَا لَكَ، وَلَكُمُ الشَّطْرُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ، وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ. 3007 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ»، فَأَخْرَجَهُمْ. 3008 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي === ذكره في الجمع وغيره، "لُحيي" بصيغة التصغير، "أذهبته" أي أفنته (ابن أبي الحقيق)، بضم الحاء المهملة وفتح القاف. 3007 - "فليلحق به" أي بماله، يريد من كان له بستان أو زرع بخيبر في أيدي اليهود فليأخذه منهم ويحفظه. 3008 - "ما شئنا" ظاهره عقد المساقاة مع جهالة المدة إلا أن يقال: كانت

أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ، سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يُقِرَّهُمْ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ التَّمْرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ، وَيَأْخُذُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُمُسَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْعَمَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنَ الخُمُسِ مِائَةَ وَسْقٍ تَمْرًا، وَعِشْرِينَ وَسْقًا شَعِيرًا، فَلَمَّا أَرَادَ عُمَرُ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُنَّ: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُنَّ أَنْ أَقْسِمَ لَهَا نَخْلًا بِخَرْصِهَا مِائَةَ وَسْقٍ، فَيَكُونَ لَهَا أَصْلُهَا وَأَرْضُهَا وَمَاؤُهَا، وَمِنَ الزَّرْعِ === معينة لكن لما كان تعيينها بمشيئة عبر عنها بذلك، وقد علم عمر تلك المدة فأجلاهم عند انتهائها، "على السهمان" بضم سين وسكون هاء جمع سهام، "مائة وسق" بفتح فسكون، وتقدم "ثمانين" ولعل بعضهم قال بالتخمين والتقريب فحصل منه الخلاف في التعبير، وإلا فالحديث واحد من صحابي واحد والله تعالى أعلم. "نخرِصَها" ظاهر كلام القاموس وغيره أنه بفتح معجمة وسكون راء (¬1)، وضبط في المجمع وغيره بضم معجمة وقد تكسر والاسم الخرص بالكسر (¬2)، ¬

_ (¬1) القاموس المحيط مادة (الخرص) ص 795, مختار الصحاح ص 173، لسان العرب: 7/ 21. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/ 22، غريب الحديث لابن الجوزي: 1/ 272.

مَزْرَعَةَ خَرْصٍ عِشْرِينَ وَسْقًا فَعَلْنَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ نَعْزِلَ الَّذِي لَهَا فِي الْخُمُسِ كَمَا هُوَ فَعَلْنَا». 3009 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا خَيْبَرَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ السَّبْيُ». 3010 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ وَحَاجَتِهِ، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا». 3011 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ آدَمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي شِهَابٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: فَكَانَ النِّصْفُ سِهَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَسَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ لِلْمُسْلِمِينَ لِمَا يَنُوبُهُ مِنَ الْأُمُورِ وَالنَّوَائِبِ. 3012 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ === أي تقدير ثمرها.

سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ رِجَالٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ، قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ، وَالْأُمُورِ، وَنَوَائِبِ النَّاسِ». 3013 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، قَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَعَزَلَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ، الْوَطِيحَةَ وَالْكُتَيْبَةَ، وَمَا أُحِيزَ مَعَهُمَا، وَعَزَلَ النِّصْفَ الْآخَرَ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ، وَمَا أُحِيزَ مَعَهُمَا، وَكَانَ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أُحِيزَ مَعَهُمَا». 3014 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ، قَسَمَهَا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمْعُ فَعَزَلَ لِلْمُسْلِمِينَ الشَّطْرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، يَجْمَعُ كُلُّ === 3013 - "على ستة وثلاثين" أي قسم الكل على هذه السهام فصار نصف المؤمنين على ثمانية عشر سهمًا كما سبق وهو المراد بما سبق فلا تناقض "الوطيحة" اسم لبعض قرى خيبر، وكذا "الكُتيبة" مصغر. 3014 - "السلالم" بضم السين أو بفتحها حصن من حصون خيبر ويقال له

سَهْمٍ مِائَةً، النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ لَهُ سَهْمٌ، كَسَهْمِ أَحَدِهِمْ، وَعَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَهُوَ الشَّطْرُ لِنَوَائِبِهِ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَطِيحَ، وَالْكُتَيْبَةَ، وَالسَّلَالِمَ وَتَوَابِعَهَا، فَلَمَّا صَارَتِ الْأَمْوَالُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُمَّالٌ يَكْفُونَهُمْ عَمَلَهَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ فَعَامَلَهُمْ». 3015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَعْقُوبَ بْنَ مُجَمِّعٍ، يَذْكُرُ لِي عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: «قُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ، فِيهِمْ ثَلَاثُ مِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ، وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا». 3016 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَجْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْضِ وَلَدِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالُوا: بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ تَحَصَّنُوا، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ، وَيُسَيِّرَهُمْ، فَفَعَلَ، === أيضًا: السلاليم بالياء "دعا" كحكى. 3016 - "أن يحقن" كينصر، أي يمنعها عن الإهراق.

فَسَمِعَ بِذَلِكَ أَهْلُ فَدَكَ، فَنَزَلُوا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، «فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ». 3017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ عَنْوَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، أَخْبَرَكُمْ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ خَيْبَرَ كَانَ بَعْضُهَا عَنْوَةً، وَبَعْضُهَا صُلْحًا وَالْكَتِيبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً، وَفِيهَا صُلْحٌ، قُلْتُ لِمَالِكٍ: وَمَا الْكَتِيبَةُ؟ قَالَ: «أَرْضُ خَيْبَرَ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ». 3018 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: بَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، افْتَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً بَعْدَ الْقِتَالِ، وَنَزَلَ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَى الْجَلَاءِ بَعْدَ الْقِتَالِ». 3019 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: «خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، ثُمَّ قَسَمَ سَائِرَهَا عَلَى مَنْ شَهِدَهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ». === 3017 - "أربعون ألف عذق" بفتح العين وسكون الذال المعجمة، أي النخلة. 3018 - "عنوة" أي قهرًا.

باب ما جاء في خبر مكة

3020 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ [ص: 162] زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «لَوْلَا آخِرُ الْمُسْلِمِينَ مَا فُتِحَتْ قَرْيَةٌ، إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ». بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ مَكَّةَ 3021 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ، جَاءَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَأَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرِ، فَلَوْ جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ». 3022 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ: قُلْتُ وَاللَّهِ، لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَنْوَةً، قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ، فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَعَلِّي: أَجِدُ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي أَهْلَ مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْرُجُوا إِلَيْهِ، فَيَسْتَأْمِنُوهُ فَإِنِّي

باب ما جاء في خبر مكة

لَأَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ، وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ صَوْتِي، فَقَالَ: أَبُو الْفَضْلِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قُلْتُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّاسُ، قَالَ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالَ: فَرَكِبَ خَلْفِي، وَرَجَعَ صَاحِبُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَوْتُ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا، قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ: فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دُورِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ. 3023 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا: هَلْ غَنِمُوا يَوْمَ الْفَتْحِ شَيْئًا؟ قَالَ: «لَا». 3024 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ سَرَّحَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْخَيْلِ، وَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، اهْتِفْ بِالْأَنْصَارِ» قَالَ: «اسْلُكُوا === بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ مَكَّةَ 3023 - " هل غنموا يوم الفتح" فهذا دليل على أنه أخذت صلحًا لا عنوة, وكذا غالب أحاديث الباب والله تعالى أعلم. 3024 - "اهتف بالأنصار" بكسر التاء, أي نادهم وادعهم لي "فلا يُشرفنَّ"

باب ما جاء في خبر الطائف

هَذَا الطَّرِيقَ فَلَا يَشْرُفَنَّ لَكُمْ أَحَدٌ، إِلَّا أَنَمْتُمُوهُ» فَنَادَى مُنَادٍ: لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَخَلَ دَارًا فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ»، وَعَمَدَ صَنَادِيدُ قُرَيْشٍ، فَدَخَلُوا الْكَعْبَةَ فَغَصَّ بِهِمْ، وَطَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ، ثُمَّ أَخَذَ بِجَنْبَتَيِ الْبَابِ فَخَرَجُوا فَبَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: مَكَّةُ عَنْوَةً هِيَ؟ قَالَ: «إِيشْ يَضُرُّكَ مَا كَانَتْ؟ » قَالَ: فَصُلْحٌ؟ قَالَ: «لَا». بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ الطَّائِفِ 3025 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ عَقِيلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إِذْ بَايَعَتْ؟ قَالَ: اشْتَرَطَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا، وَلَا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: «سَيَتَصَدَّقُونَ، وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا». === من أشرف أي لا يطلع عليكم أحد من أتباع قريش ممن قدمهم قريش فإنهم قدموا أتباعًا، وقالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا كما في صحيح مسلم (¬1) "إلا أنمتموه" من أنام أي قتلتموه "فنادى مناد"، هو أبو سفيان، كما في رواية مسلم (¬2)، "صناديد قريش"، أي رؤسائهم "فغص" بغين معجمة وصاد مهملة مشددة، أي امتلأ بهم. ¬

_ (¬1) و (¬2) في الجهاد والسير (1780).

باب ما جاء في خبر الطائف

3026 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ مَنْجُوفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْزَلَهُمُ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُحْشَرُوا، وَلَا يُعْشَرُوا، === بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ الطَّائِفِ 3026 - " ألا يحشروا" هو وما بعده على بناء المفعول، قال الخطابي: معناه الجهاد (¬1) وفي النهاية أي يذبون المغازي، أي لا يدعون إليها ولا تضرب عليهم البعوث (¬2)، "ولا يعشروا" بالتخفيف، قال الخطابي: معناه الصدقة، أي لا يؤخذ منهم عشر أموالهم (¬3)، قلت: أراد عشر الأراضي، "ولا يُجبَّوا" من التجبية بالجيم وهذا على بناء الفاعل وهو مثل لا يصلوا وزنًا ومعنى، وأصل التجبية أن يقوم مقام الراكع، وقيل: أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم، وقيل: السجود وأرادوا أن لا يصلوا. "فقال: لكم" إلخ قال الخطابي: يشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سمح بالجهاد والصدقة؛ لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل؛ لأن الصدقة إنما تجب بتمام الحول، والجهاد إنما يجب بحضور العدو، وأما الصلاة فهي واجبة في كل يوم وليلة فلم يجز أن يشترطوا تركها اهـ (¬4). وقيل: المراد بقولهم: "لا يحشروا" إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم بل يأخذها في أماكنها وبقوله: "لا ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 34. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/ 389. (¬3) معالم السنن: 3/ 34. (¬4) معالم السنن: 3/ 34.

باب [ما جاء] في حكم أرض اليمن

وَلَا يُجَبَّوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا، وَلَا تُعْشَرُوا، وَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي حُكْمِ أَرْضِ الْيَمَنِ 3027 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لِي هَمْدَانُ: هَلْ أَنْتَ آتٍ هَذَا الرَّجُلَ؟ وَمُرْتَادٌ لَنَا، فَإِنْ رَضِيتَ لَنَا شَيْئًا قَبِلْنَاهُ، وَإِنْ كَرِهْتَ شَيْئًا كَرِهْنَاهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، فَجِئْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضِيتُ أَمْرَهُ وَأَسْلَمَ قَوْمِي، وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكِتَابَ إِلَى عُمَيْرٍ ذِي مَرَّانٍ، قَالَ: وَبَعَثَ مَالِكَ بْنَ مِرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ إِلَى الْيَمَنِ جَمِيعًا، فَأَسْلَمَ عَكٌّ ذُو خَيْوَانَ، قَالَ: فَقِيلَ لِعَكٍّ: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخُذْ مِنْهُ الْأَمَانَ عَلَى قَرْيَتِكَ، وَمَالِكَ، فَقَدِمَ وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ === يعشروا" لا تؤخذ عشور أموالهم مكسبًا ولا يزيدون الصدقة الواجبة؛ حكاه في النهاية (¬1) وحديث جابر يرده فإنه صريح في أن المراد الجهاد والصدقة، كذا ذكره الحافظ السيوطي. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي حُكْمِ أَرْضِ الْيَمَنِ 3027 - "خرج" أي ظهر، "همدان" بسكون ميم دال مهملة، "هذا الرجل" يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ومرتاد لنا" هو طالب الكلأ ثم نقل إلى كل متطلب أمرًا، ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/ 239.

مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِعَكٍّ ذِي خَيْوَانَ، إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَرْضِهِ، وَمَالِهِ، وَرَقِيقِهِ، فَلَهُ الْأَمَانُ وَذِمَّةُ اللَّهِ، وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ». 3028 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرَشِيُّ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي ثَابِتُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبْيَضَ، عَنْ جَدِّهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ، أَنَّهُ كَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ حِينَ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَخَا سَبَأٍ لَا بُدَّ مِنْ صَدَقَةٍ»، فَقَالَ: إِنَّمَا زَرَعْنَا الْقُطْنَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ تَبَدَّدَتْ سَبَأٌ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ بِمَأْرِبَ، فَصَالَحَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبْعِينَ حُلَّةً بَزٍّ مِنْ قِيمَةِ وَفَاءِ بَزِّ الْمَعَافِرِ كُلَّ سَنَةٍ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ سَبَأٍ بِمَأْرِبَ فَلَمْ يَزَالُوا يَؤُدُّونَهَا، حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْعُمَّالَ انْتَقَضُوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا صَالَحَ أَبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُلَلِ السَّبْعِينَ، فَرَدَّ === "فإن رضيت" بالخطاب. 3028 - "أخا سبأ" هي السبأ المذكور في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ} (¬1) "تبددت سبأ" أي تفرقوا، "بمأرب" بفتح فسكون همزة وكسر راء؛ مدينة ياليمن كانت بها بلقيس، "والمعافر" بلد باليمن ينسب إليه الثياب من جزيرة العرب، قيل: المراد بها مكة والمدينة وما حولهما وقيل: الحجاز دون ¬

_ (¬1) سورة سبأ: الآية (15).

باب [في] إخراج اليهود من جزيرة العرب

ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَا وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ انْتَقَضَ ذَلِكَ، وَصَارَتْ عَلَى الصَّدَقَةِ. بَابٌ [فِي] إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ 3029 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بِثَلَاثَةٍ، فَقَالَ: «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَأُنْسِيتُهَا، وَقَالَ الْحُمَيْدِيُّ: عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ سُلَيْمَانُ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ سَعِيدٌ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا أَوْ سَكَتَ عَنْهَا. 3030 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَا: === اليمن وغيره. بَابٌ [فِي] إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ 3029 - "وأجيزوا" من الجائزة، وهي العطية والتحفة، قال السيوطي: هو بالجيم والزاي أعطوهم، "والوفد" القوم الذين يجتمعون ويقصدون الأكابر لزيارة الشرفاء وغير ذلك، والواحد وافد، "وسكت عن الثالثة" قيل: لعله هو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتخذوا قبري وثنًا يعبد". 3030 - "لأخرجن اليهود والنصارى" قيل: المراد: لئن عشت -كما في

أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَلَا أَتْرُكُ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا». 3031 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ. 3032 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكُونُ قِبْلَتَانِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ». 3033 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ: === رواية (¬1)، أو لعل المراد يأمر بإخراجهم أو يخرجهم هو أو من يقوم مقامه والله تعالى أعلم. 3032 - "لا تكون قبلتان في بلد واحد" الظاهر أنه نفي بمعنى النهي، والمراد: نهي المؤمن عن الإقامة بأرض الكفر، ونهي الحكام عن أن يمكنوا أهل الذمة من إظهار شعار الكفر في بلاد المسلمين، وقيل: المراد: إخراج أهل الكتاب من أرض العرب فقط وهو بعيد لا يناسبه عموم البلد والله تعالى أعلم. 3033 - "ما بين الوادي" أي وادي القرى، "إلى تخوم العراق" أي حدوده ¬

_ (¬1) الترمذي في السير (1606).

باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة

قَالَ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ إِلَى تُخُومِ الْعِرَاقِ، إِلَى الْبَحْرِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، أَخْبَرَكَ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «عُمَرُ أَجْلَى أَهْلَ نَجْرَانَ، وَلَمْ يُجْلَوْا مِنْ تَيْمَاءَ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ، فَأَمَّا الْوَادِي فَإِنِّي أَرَى أَنَّمَا لَمْ يُجْلَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْيَهُودِ، أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ». 3034 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: " وَقَدْ أَجْلَى عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَهُودَ نَجْرَانَ، وَفَدَكَ. بَابٌ فِي إِيقَافِ أَرْضِ السَّوَادِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ 3035 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، === ومعالمه، "من تيماء" كحمراء بتقديم المثناة الفوقية على التحتية من أمهات القرى على البحر، وهي بلاد طيء ومنها يخرج إلى الشام، وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي إِيقَافِ أَرْضِ السَّوَادِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ 3035 - "منعت العراق قفيزها" مكيال لأهل العراق "والمدي" كقفل مكيال كذلك لأهل الشام "والإردب" بهمزة مكسورة زائدة في أوله مكيال كبير لأهل مصر، قال الخطابي: معنى الحديث أن ذلك كائن لا محالة، وأن هذه البلاد تفتح

باب في أخذ الجزية

وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، ثُمَّ عُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ»، قَالَهَا زُهَيْرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. 3036 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا، وَأَقَمْتُمْ فِيهَا، فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ». بَابٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ 3037 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا === للمسلمين ويوضع عليها الخراج شيئًا مقدرًا، ثم سيمنع في آخر الزمان. (¬1) وقد ظهر أول الأمر في وقت عمر كذلك، وفي المجمعِ: هذا إخبار بالغيب بلفظ الماضي لتحققه ومنعهم إما بإسلامهم فتسقط عنهم الجزية أو بخروجهم عن الطاعة وعصيانهم الإمام. 3036 - "وأقمتم فيها" أي دخلتموها بلا قتال، "فسهمكم فيها" أي حقكم من العطاء، كما يصرف الفيء لا كما تصرف الغنيمة، "وأيما قرية عصت الله ورسوله" أي أخذتموها عنوة ففيها الخمس. بَابٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ 3037 - (أن أكيدر) بضم همزة وفتح كاف وسكون مثناة من تحت وكسر ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 35.

يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ فَأُخِذَ فَأَتَوْهُ بِهِ، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ». 3038 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ - يَعْنِي مُحْتَلِمًا - دِينَارًا، أَوْ عَدْلَهُ مِنَ المُعَافِرِيِّ ثِيَابٌ تَكُونُ بِالْيَمَنِ». === دال مهملة، فراء؛ اسم ملك، "دومة": ضم الدال وقد تفتح من بلاد الشام قرية من تبوك -كان نصرانيًّا، "فأخذوه" (¬1) أي الصحابة الذين كانوا مع خالد، وكان - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن قتله، وقال: ابعثوه. فبعثوا به إليه - صلى الله عليه وسلم -، "فحقن له دمه" أي عن الإهراق, أي لم يقتله ثم إنه أسلم وحسن إسلامه كذا ذكروا والله تعالى أعلم. 3038 - "كل حالم" أي ذكر بالغ "أو عدله" بالفتح والكسر، أي ما يساويه في القيمة والعدل: الفتح والكسر: المثل، وقيل بالفتح: ما عادله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه وقيل: بالعكس، "والمعافري" بميم مفتوحة وعين مهملة وكسر فاء؛ نوع من الثياب يكون باليمن ينسب إلى معافر بلد أو أبو قبيلة من همدان، وفي بعض النسخ معافر بلا نسبة وهو على حذف المضاف، أي ثياب معافر، وظاهر الحديث لمن يقول: لا يزاد في الجزية على دينار كالشافعي ومن يقول بجواز الزيادة في الغني يرى أن أهل اليمن كانوا فقراء، إلا فقد زاد عمر وغيره على أهل العراق والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [فأخذ].

3039 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 3040 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هَانِئٍ أَبُو نُعَيمٍ النَّخَعِيُّ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: لَئِنْ بَقِيتُ لِنَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، لَأَقْتُلَنَّ الْمُقَاتِلَةَ وَلَأَسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ، فَإِنِّي كَتَبْتُ الْكِتَابَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى «أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَبْنَاءَهُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّه كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِنْكَارًا شَدِيدًا»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: «وَلَمْ يَقْرَأْهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْعَرْضَةِ الثَّانِيَةِ». 3041 - حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْيَامِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى === 3040 - "لنصارى بني تغلب" أي لحربهم, "ألا يُنصِّروا" بتشديد الصاد، أي لا تجعلوهم نصارى، ولا تعلموهم دينهم فهذا يدل على أنهم إذا خالفوا الشرط انتقض ذمتهم، "في العرضة الثانية" أي يوم عرض سننه على الناس مرة ثانية. 3041 - "على ألفي حُلّة" أي وضع عليهم ألفي حلة يعطون المسلمين من الجزية، وكذا وضع عليهم عارية السلاح أي وضع عليهم أنهم يعطون السلاح المذكور للمسلمين عارية, والمسلمون يردون تلك العارية عليهم, لكن إعادة

باب في أخذ الجزية من المجوس

أَلْفَيْ حُلَّةٍ، النِّصْفُ فِي صَفَرٍ، وَالْبَقِيَّةُ فِي رَجَبٍ، يُؤَدُّونَهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَوَرِ ثَلَاثِينَ دِرْعًا، وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَثَلَاثِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ السِّلَاحِ، يَغْزُونَ بِهَا، وَالْمُسْلِمُونَ ضَامِنُونَ لَهَا حَتَّى يَرُدُّوهَا عَلَيْهِمْ، إِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ كَيْدٌ أَوْ غَدْرَةٌ عَلَى أَنْ لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَةٌ، وَلَا يُخْرَجَ لَهُمْ قَسٌّ، وَلَا يُفْتَنُوا عَنْ دِينِهِمْ مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا، أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا»، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَقَدْ أَكَلُوا الرِّبَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا نَقَضُوا بَعْضَ مَا اشْتُرِطَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ أَحْدَثُوا». بَابٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ 3042 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ فَارِسَ لَمَّا مَاتَ نَبِيُّهُمْ كَتَبَ لَهُمْ إِبْلِيسُ الْمَجُوسِيَّةَ». 3043 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، === السلاح، "إن كان باليمن كيد" أي حرب، ولذا أنث صفه فقيل: ذات غدر، فقوله: "وعارية ثلاثين، بالإضافة عطف على "ألفي حلة"، وقوله: "على ألا يهدم" (¬1) أي صالحهم على هذا الشرط، و"القَسَ" بفتح قاف وتشديد سين مهملة، رئيس من رؤساء النصارى في الدين والعلم، "وقُس" بضم قاف هو ابن ساعدة الإيادي؛ أسقف نجران وكان أحد حكماء العرب، والظاهر أن المراد هاهنا الأول والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ 3043 - "عن الزمزمة" بزائين معجمتين هي كلام يقولونه عند أكلهم ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [تهدم].

سَمِعَ بَجَالَةَ، يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، وَأَبَا الشَّعْثَاءِ، قَالَ: كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ إِذْ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي مَحْرَمٍ، مِنَ الْمَجُوسِ وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ، فَقَتَلْنَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثَةَ سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَحَرِيمِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا فَدَعَاهُمْ فَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخْذِهِ، فَأَكَلُوا وَلَمْ يُزَمْزِمُوا، وَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنَ الوَرِقِ، وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». 3044 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ === بصوت، خفي، "وألقوا وقر بغل" الوقر: بكسر الواو الحمل، وأكثر ما يستعمل في حمل البغل والحمار- يريد حمل بغل أو بغلين أصله من الفضة كانوا يأكلون بها الطعام فأعطوها ليمكنوا من عادتهم في الزمزمة. 3044 - "من الأسبذيّين" بفتح همزة فسكون سين، هما ملوك عمان بالبحرين، الكلمة فارسية معناها: عبدة الفَرس، لأنهم كانوا يعبدون فرسا فيما قيل، واسم الفرس (¬1) بالفارسية "الأسب", "أهل هجر" بفتحتين مدينة على ¬

_ (¬1) اسم الفرس بالفارسية [مادْيان]. أما [أسب] فهي اسم الحصان، وفي هامش السنن المطبوع أنه قيل: إنهم منسوبون إلى (أسبذ) بوزن (أحمد) وهي بلدة بهجر بالبحرين أو قرية بها لأنهم نزلوها.

باب [في] التشديد في جباية الجزية

عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَسْبَذِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُمْ مَجُوسُ أَهْلِ هَجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَكَثَ عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَسَأَلْتُهُ مَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيكُمْ، قَالَ: شَرٌّ، قُلْتُ: مَهْ؟ قَالَ: «الْإِسْلَامُ، أَوِ الْقَتْلُ»، قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: «قَبِلَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخَذَ النَّاسُ، بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: وَتَرَكُوا مَا سَمِعْتُ أَنَا مِنَ الْأَسْبَذِيِّ. بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ 3045 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَجَدَ رَجُلًا وَهُوَ عَلَى حِمْصَ يُشَمِّسُ نَاسًا مِنَ الْقِبْطِ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَقَالَ: مَا هَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا». بَابٌ فِي تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَاتِ 3046 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ === قاعدة البحرين، "وتركوا ما سمعت" لعل وجهه أن في سنده مجوسي لا يقبل قوله. بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ 3045 - "يشمس" من التشميس، وهو بسط الشيء في الشمس. بَابٌ فِي تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَاتِ أي أخذ العشر عنهم، يقال: عشر كنصر وبالتشديد أيضًا إذا أخذ عشر

حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عُشُورٌ». 3047 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: «خَرَاجٌ مَكَانَ الْعُشُورِ». 3048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ خَالِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُعَشِّرُ قَوْمِي؟ ، قَالَ: «إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى». 3049 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ حَرْبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ، رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ وَعَلَّمَنِي الْإِسْلَامَ، وَعَلَّمَنِي كَيْفَ آخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْ قَوْمِي مِمَّنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ مَا عَلَّمْتَنِي قَدْ حَفِظْتُهُ إِلَّا الصَّدَقَةَ، أَفَأُعَشِّرُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّمَا الْعُشُورُ عَلَى النَّصَارَى، وَالْيَهُودِ». === أموالهم والتخفيف أشهر والله تعالى أعلم. 3046 - "إِنما العشور" جمع عشر، "على اليهود والنصارى" أي يؤخذ مما كان من أموالهم للتجارات.

3050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ شُعْبَةَ، حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ عُمَيْرٍ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلًا مَارِدًا مُنْكَرًا، فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا، وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا، وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا، فَغَضِبَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: " يَا ابْنَ عَوْفٍ ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ: أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ، وَأَنِ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ "، قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: «أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، أَلَا وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَعَظْتُ، وَأَمَرْتُ، وَنَهَيْتُ، عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ، أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ، وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ، إِذَا أَعْطَوْكُمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ». 3051 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ === 3050 - "رجلا ماردًا" أي عاتيًا شديدًا، يقال: مرد إذا خرج عن الطاعة، "وأن اجتمعوا" صيغة أمر أي ناد بالأمرين، "متكئًا على أريكته" على سريره إشارة إلى أن منشأ جهله وعدم اطلاعه على السنن ورده -هو قلة نظره ودوام غفلته بتعهده الاتكاء والرقاد والله تعالى أعلم. 3051 - "فيتقونَكم بأموالهم" أي يجعلون أموالهم وقاية لأنفسهم عن

باب في الذمي يسلم في بعض السنة هل عليه جزية؟

مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ ثَقِيفٍ عَنْ رَجُلٍ، مِنْ جُهَيْنَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّكُمْ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا، فَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، فَيَتَّقُونَكُمْ بِأَمْوَالِهِمْ دُونَ أَنْفُسِهِمْ، وَأَبْنَائِهِمْ»، قَالَ سَعِيدٌ فِي حَدِيثِهِ: «فَيُصَالِحُونَكُمْ عَلَى صُلْحٍ، ثُمَّ اتَّفَقَا، فَلَا تُصِيبُوا مِنْهُمْ شَيْئًا فَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لَكُمْ». 3052 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ، مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». بَابٌ فِي الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ؟ 3053 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ === سيوفكم. 3052 - "دِنيَة" بكسر دال مهملة وسكون نون وفتح مثناة تحتية مصدر وقع حالا، والمعنى لاصقي النسب، "انتقصه" قيل: أي عابه من غير نقيصة فيه، وقيل: يحتمل أن يكون بمعجمة أي نقض الأجل المضروب لأمانه، أو بمهملة أي نقص حقه، وقوله: "حجيجه" أي خصيمه. بَابٌ فِي الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ؟ 3053 - "ليس على مسلم جزية" قيل: المراد به: خراج الأرض، فلو أسلم يهودي سقط عن أرضه الخراج كما سقط عن نفسه الجزية، والمراد أن الذمي إذا

باب في الإمام يقبل هدايا المشركين

ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ». 3054 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذَا فَقَالَ: «إِذَا أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ». بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ 3055 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَلَبَ، فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ، كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الْإِنْسَانُ مُسْلِمًا، فَرَآهُ عَارِيًا، يَأْمُرُنِي فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِي لَهُ الْبُرْدَةَ فَأَكْسُوهُ، وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: يَا بِلَالُ، إِنَّ عِنْدِي سَعَةً، فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ قُمْتُ === أسلم وقد مر بعض الحول لا يطالب بحصة ما مضى من السنة. بَابٌ فِي الْإِمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ 3055 - "ألي" من الولاية "ذلك" أي أمر النفقة، "إذا أتاه مسلما" (¬1) كذا في بعض النسخ بالنصب، والظاهر الرفع على أنه فاعل أتى، ولعل وجه النصب أن ¬

_ (¬1) في السنن المطبوع [ .. الإنسان مسلمًا].

لِأُؤَذِّنَ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا أَنْ رَآنِي، قَالَ: يَا حَبَشِيُّ، قُلْتُ: يَا لَبَّاهُ فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ لِي قَوْلًا غَلِيظًا، وَقَالَ لِي: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: قُلْتُ قَرِيبٌ، قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي عَلَيْكَ، فَأَرُدُّكَ تَرْعَى الْغَنَمَ، كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفُسِ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ، رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ، قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِي عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آبَقَ إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا، حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا أَتَيْتُ مَنْزِلِي، فَجَعَلْتُ سَيْفِي وَجِرَابِي وَنَعْلِي وَمِجَنِّي عِنْدَ رَأْسِي، حَتَّى إِذَا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الْأَوَّلِ أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَالُ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَاسْتَأْذَنْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْشِرْ فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ === فاعله ضمير الأتي، و"مسلمًا" حال عنه، أي أتاه الآتي مسلمًا، "في عصابة" بكسر العين، قيل: هي جماعة من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها، "من التجار" بكسر التاء بالتخفيف أو بضمها بالتشديد، "فتجَهَّمني" أي تلقاني بالغلظة والوجه الكريه، "أربع" أي ليال، "فآخذك" أي على رأس الشهر الذي عليك أي في مقابلة ما عليك من المال، واتخذك عبدًا في مقابلة ذلك المال, "ومجنَي" بكسر الميم وتشديد النون: الترس "ما فعل ما قبلك" بكسر القاف

بِقَضَائِكَ» ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ تَرَ الرَّكَائِبَ الْمُنَاخَاتِ الْأَرْبَعَ» فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: «إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ، فَإِنَّ عَلَيْهِنَّ كِسْوَةً وَطَعَامًا أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ فَاقْبِضْهُنَّ، وَاقْضِ دَيْنَكَ» فَفَعَلْتُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا فَعَلَ مَا قِبَلَكَ؟ » قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ، قَالَ: «أَفَضَلَ شَيْءٍ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُ، فَإِنِّي لَسْتُ بِدَاخِلٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْهُ» فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَتَمَةَ دَعَانِي، فَقَالَ: «مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟ » قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَبَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْمَسْجِدِ، وَقَصَّ الْحَدِيثَ حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ - يَعْنِي - مِنَ الْغَدِ دَعَانِي، قَالَ: «مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلَكَ؟ » قَالَ: قُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللَّهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اللَّهَ شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ، وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ، امْرَأَةٍ حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ. 3056 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ === وفتح الياء، والمراد: ما حقيقة ما عندك، أو المراد: ما فعل ما عندك من المال هل قضى الدين أم لا؟ لكن مواضع الاستعمال تفيد أن المراد هو المعنى الأول، "انظر أن تريحني منه" أي اسع في إراحتي منه وانظر في أسبابه. 3056 - "فاغتمزتها" أي ما رضيت تلك الحالة وكرهتها وثقلت عليّ.

بِمَعْنَى إِسْنَادِ أَبِي تَوْبَةَ وَحَدِيثِهِ، قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ مَا يَقْضِي عَنِّي، فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْتَمَزْتُهَا. 3057 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً، فَقَالَ: «أَسْلَمْتَ؟ »، فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ». === 3057 - "نهيت عن زبد المشركين" بفتح زاي معجمة وسكون ياء: العطاء، قيل: هذا لا ينافي ما ثبت من قبوله هدايا الكفرة؛ لأن الذين قبل هداياهم أهل كتاب لا شرك, فيمكن أن يجوز قبول هدايا أهل الكتاب دون المشركين، كما أبيح نكاح الكتابيات وطعام أهل الكتاب دون المشركين, وقيل: أن يكون النهي منسوخًا أو أنه رد هدية ذلك الرجل بخصوصه ليحمله على الإسلام. قلت: الوجه ترجيح دليل التحريم عند تعارض دليل الإباحة والتحريم كما تقرر في أصول علمائنا الحنفية، وقد قالوا: إن حمل النهي على أنه منسوخ يستلزم القول بتعدد النسخ؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالنهي ناسخ لتلك الإباحة، ثم إن الإباحة ناسخ للنهي، فالقول بنسخ دليل الإباحة أولى، ثم رأيت الترمذي قال: يحتمل أن يكون النهي بعدما كان يقبل منهم، ثم نهي عن هداياهم (¬1)، وأما قولهم: إنه رد ليحمله على الإسلام فلا يساعده لفظ الحديث لقوله: "نهيت عن زبد المشركين" على الإطلاق إلا أن يقال: من يمكن حملهم على الإسلام والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في السير عند حديث (1577). وقال عن الحديث: هذا حديث حسن صحيح.

باب [في] إقطاع الأرضين

بَابٌ [فِي] إِقْطَاعِ الْأَرَضِينَ 3058 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَهُ أَرْضًا بِحَضْرَمُوتَ». 3059 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 3060 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ فِطْرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: خَطَّ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ بِقَوْسٍ، وَقَالَ: «أَزِيدُكَ أَزِيدُكَ». 3061 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرْعِ»، فَتِلْكَ الْمَعَادِنُ لَا === بَابٌ [فِي] إِقْطَاعِ الْأَرَضِينَ هي قطعة من أرض يقطعها الإمام لأحد. 3058 - "أقطعه أرضًا" أي أعطاه أرضًا يقال: قطع الإمام أرضًا له وأقطعه إياها إذا أعطاه، وهو أعم من التمليك؛ فإنه يكون تمليكًا وغيره. 3060 - "أزيدك" يحتمل أنه استفهام، أي يكفيك هذا القدر أم أزيدك فيه، ويحتمل أنه خبر بمعنى قد زتدك، أي فلا تطلب الزيادة والله تعالى أعلم. 3061 - "معادن القبلية" بفتح قاف وياء نسبة إلى قبَل، "وهي من ناحية

يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ. 3062 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ، قَالَ الْعَبَّاسُ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا - وَقَالَ غَيْرُهُ: جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا - وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ، وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ، أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا» وَقَالَ غَيْرُهُ: «جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ» قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، مَوْلَى بَنِي الدِّيْلِ بْنِ بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ. === الفُرع" بضم فاء وسكون راء موضع بين الحرمين، "إلا الزكاة" لا الخمس. 3062 - "جلسيَها وغورِيَها" الأول بفتح الجيم فسكون اللام نسبة إلى جلس، بمعنى المرتفع والثاني بفتح الغين وسكون الواو نسبة إلى غور، بمعنى المنخفض، والمراد: أعطيها ما ارتفع منها وما انخفض والأقرب ترك النسبة، "من قُدس" هو بضم القاف وسكون الدال جبل معروف، وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة، ولم يعطه "حَقّ مسلم" استثناء لما سبقه, يد مسلم عما أعطي أو هو بيان لعله صحة إعطائه بأنه ما سبقه يد مسلم.

3063 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُنَيْنِيَّ، قَالَ: قَرَأْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ - يَعْنِي كِتَابَ قَطِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وحَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا، قَالَ ابْنُ النَّضْرِ: وَجَرْسَهَا، وَذَاتَ النُّصُبِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ، وَلَمْ يُعْطِ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ حَقَّ مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ، أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ، جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ»، قَالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، زَادَ ابْنُ النَّضْرِ: وَكَتَبَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ. 3064 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيَّ، حَدَّثَهُمْ === 3063 - "كتاب قطيعة" القطيعة هي قطعة من أرض يقطعها الإمام لأحد. "وجرسها" ضبط بفتح جيم وسكون راء، و"النصب" بضمتين وما اطلعت على تعيين المراد بذلك، نعم الذي يظهر أنهما قسمان من الأرض. 3064 - (عن أبيض) بلفط ضد الأسود، (ابن حمال) بالحاء المهملة وضبط بتشديد الميم الماربي بميم بعدها همزة ساكنة ويجوز قبلها ألفا بعدها راء مهملة نسبة إلى مأرب بلدة بلقيس باليمن. "فاستقطعه" أي طلب منه أن يجعله

أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شُمَيْرٍ قَالَ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ: ابْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ، عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ، أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ - قَالَ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ: الَّذِي بِمَأْرِبَ فَقَطَعَهُ لَهُ - فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَانْتَزَعَ مِنْهُ، قَالَ: وَسَأَلَهُ عَمَّا يُحْمَى مِنَ الأَرَاكِ، قَالَ: «مَا لَمْ تَنَلْهُ خِفَافٌ» === له خالصًا يتملكه أو يستبد به، "فقطعه له" أي أعطاه إياه، قيل: ظنًّا بأن القطيعة معدن يصلح منه الملح بعمل وكد فلما ظهر خلافه رجع، "ولّى" بالتشديد أي أدبر، "العبد" بكسر العين وتشديد الدال المهملتين، الماء الدائم الذي لا انقطاع لمادته أو الكثير أو القديم، قال السيوطي: هو الكثير الدائم الذي لا ينقطع ولا يحتاج إلى عمل، وأصله ماء يأتي لأوقات معلومة فشبه الملح به، والمراد أنه: كالماء العدّ في حضور النفع بلا عمل ولا كد وفيه دليل على أن إقطاع المعادن إنما يجوز إذَا كانت باطنة لا ينال منها شيء إلا بتعب ومؤنة, وإذا كانت ظاهرة يحصل المقصود منها من غير كد ولا تعب، لا يجوز إقطاعها بل الناس فيه سواء كالمياه والكلأ، "فانتزع منه" قيل: إنما قطعه على ظاهرها سمعه منه كمن استفتى في مسألة وصورت له على خلاف ما هي عليه فأفتى ثم بانت له بخلاف ما صورت عنده فأفتى بخلاف ما سبق لا يكون خطأ؛ وذلك كحكم ترتب على حجة الخصم فتبين خلافها وليس ذلك من الخطأ في شيء، وقيل: يحتمل أنه أنشأ تحريم إقطاع المعادن الظاهرة النماء لمصلحة رأي، ويكون إقطاعه قبل ذلك إما جائزًا فنسخ أو على حكم الأصل، ويحتمل أن يكون الإقطع كان مشروطًا بصفة فتبين خلافها ويرشد إليه قوله في بعض الروايات: "فلا إذن" فإنه يبين إنه على خلاف الصفة المشروطة في الإقطاع، وقوله "يحمى من الأراك" بفتح: شجر،

وَقَالَ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ: «أَخْفَافُ الْإِبِلِ». 3065 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ: «مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الْإِبِلِ» يَعْنِي أَنَّ الْإِبِلَ تَأْكُلُ مُنْتَهَى رُءُوسِهَا، وَيُحْمَى مَا فَوْقَهُ. 3066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي ثَابِتُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حِمَى الْأَرَاكِ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِمَى فِي الْأَرَاكِ» فَقَالَ: أَرَاكَةٌ فِي حِظَارِي، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِمَى فِي الْأَرَاكِ» قَالَ فَرَجٌ: «يَعْنِي === والمراد: سأله عن الأراك الذي يحمى كأنه قال: أي أراك يجوز أن يحمى يا رسول الله؟ فأجاب بأنه ما لم تنله أخفاف الإبل، فقيل: معناه إنما يحمى من الإراك ما بعد عن الإمارة فلا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في الرعي، وقيل: معناه: ما نقله أبو داود وحاصله أن ذاك هو ما لم تبلغه أفواهها حال مشيها على أخفافها، قيل: المراد: بالحمى الإحياء لا الحمى؛ لأنه لا يجوز لأحد ذلك، والمراد بقوله: "ما لم تنله أخفاف الإبل" البعيدة عن المرعي، ففيه دليل على أن الإحياء بقرب البلد لا يجوز لاحتياج الناس إلى ذلك الموضع والله تعالى أعلم. 3066 - "أراكة في حظاري" بفتح الحاء وتكسر، أراد الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها كالحظيرة، وكانت تلك الأراك قائمة في أرض أحياها يوم أحياها فلم يملكها وملك الأرض فقط، فأما الأراك إذا نبتت في ملك رجل فإنه يحميه

بِحِظَارِي الْأَرْضَ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ الْمُحَاطُ عَلَيْهَا». 3067 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ عُمَرُ: وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ صَخْرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا ثَقِيفًا، فَلَمَّا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ صَخْرٌ رَكِبَ فِي خَيْلٍ يُمِدُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ نَبِيَّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَدِ انْصَرَفَ، وَلَمْ يَفْتَحْ فَجَعَلَ صَخْرٌ يَوْمَئِذٍ عَهْدَ اللَّهِ وَذِمَّتَهُ: أَنْ لَا يُفَارِقَ هَذَا الْقَصْرَ حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَخْرٌ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ ثَقِيفًا قَدْ نَزَلَتْ عَلَى حُكْمِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَا مُقْبِلٌ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي خَيْلٍ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً، فَدَعَا لِأَحْمَسَ عَشْرَ دَعَوَاتٍ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأَحْمَسَ، فِي خَيْلِهَا وَرِجَالِهَا» وَأَتَاهُ الْقَوْمُ فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ صَخْرًا أَخَذَ عَمَّتِي، وَدَخَلَتْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: «يَا صَخْرُ، إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا، أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، فَادْفَعْ إِلَى الْمُغِيرَةِ عَمَّتَهُ» فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَسَأَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === ويمنع غيره عنه. 3067 - "يُمد" من الأمداد، أي يعين و"سأل" أي صخر (¬1). ¬

_ (¬1) هكذا بلأصل, والصواب [صخرًا].

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لِبَنِي سُلَيْمٍ قَدْ هَرَبُوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَتَرَكُوا ذَلِكَ الْمَاءَ؟ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَنْزِلْنِيهِ أَنَا وَقَوْمِي، قَالَ: «نَعَمْ» فَأَنْزَلَهُ وَأَسْلَمَ - يَعْنِي السُّلَمِيِّينَ - فَأَتَوْا صَخْرًا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمُ الْمَاءَ، فَأَبَى، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ أَسْلَمْنَا وَأَتَيْنَا صَخْرًا لِيَدْفَعَ إِلَيْنَا مَاءَنَا فَأَبَى عَلَيْنَا، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: «يَا صَخْرُ، إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، فَادْفَعْ إِلَى الْقَوْمِ مَاءَهُمْ»، قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ عِنْدَ ذَلِكَ حُمْرَةً حَيَاءً مِنْ أَخْذِهِ الْجَارِيَةَ، وَأَخْذِهِ الْمَاءَ. 3068 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي سَبْرَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ دَوْمَةٍ، فَأَقَامَ ثَلَاثًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَإِنَّ جُهَيْنَةَ لَحِقُوهُ بِالرَّحْبَةِ، فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ أَهْلُ ذِي الْمَرْوَةِ؟ » فَقَالُوا: بَنُو رِفَاعَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقَالَ: «قَدْ أَقْطَعْتُهَا لِبَنِي رِفَاعَةَ» فَاقْتَسَمُوهَا فَمِنْهُمْ مَنْ بَاعَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَمْسَكَ فَعَمِلَ، «ثُمَّ سَأَلْتُ أَبَاهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِي بِبَعْضِهِ، وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ كُلِّهِ». 3069 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ === 3068 - "في موضع المسجد" أي من بلاد جهينة، "تحت دومة" بفتح الدال واحدة الدوم وهي الضخام الشجر، وقيل: شجرة المقل والله تعالى أعلم. 3069 - "أقطع الزبير نخلًا" قيل: لعله أعطاه ذلك من خمسه؛ لأن النخل

بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلًا». 3070 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتَايَ صَفِيَّةُ، وَدُحَيْبَةُ، ابْنَتَا عُلَيْبَةَ، وَكَانَتَا رَبِيبَتَيْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ، وَكَانَتْ جَدَّةَ أَبِيهِمَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُمَا، قَالَتْ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: تَقَدَّمَ صَاحِبِي - تَعْنِي حُرَيْثَ بْنَ حَسَّانَ - وَافِدَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ، أَنْ لَا يُجَاوِزَهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، إِلَّا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِرٌ، فَقَالَ: «اكْتُبْ لَهُ يَا غُلَامُ === مال ظاهر العين حاضر النفع فلا يجوز إقطاعه. 3070 - "بالدهناء" موضع معروف ببلاد بني تميم (¬1)، "شُخص بي" على بناء المفعول. يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه: قد شخص به كأنه رفع من الأرض لقلقه وانزعاجه، "مُقيد الجمل" على وزن اسم المفعول بالتشديد، أي مرعى الجمل ومسرحه فهو لا يبرح منه، ولا يتجاوزه في طلب المرعى كأنه مقيد هناك, "أخو المسلم" قيل: خبر بمعنى الأمر. قلت: أو هو خبر عما شرع الله لهم ورضي به، "يسعهما الماء والشجر" قال ¬

_ (¬1) الدهناء: قال الهيثم بن عدي: الوادي الذي في بلاد تميم ببادية البصرة في أرض بني سعد يسمونه الدهناء, يمر في بلاد بني أسد فيسمونه منعج ثم في غطفان فيسمونه الدمة وهو بطن الدمة الذي في طريق فيد إلى المدينة. معجم البلدان: ياقوت الحموي: 2/ 493.

بِالدَّهْنَاءِ» فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَمَرَ لَهُ بِهَا، شُخِصَ بِي وَهِيَ وَطَنِي وَدَارِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمْ يَسْأَلْكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الْأَرْضِ إِذْ سَأَلَكَ، إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَكَ مُقَيَّدُ الْجَمَلِ، وَمَرْعَى الْغَنَمِ، وَنِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ وَأَبْنَاؤُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «أَمْسِكْ يَا غُلَامُ، صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ، وَالشَّجَرُ، وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفَتَّانِ». 3071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ جَنُوبٍ بِنْتُ نُمَيْلَةَ، عَنْ أُمِّهَا سُوَيْدَةَ بِنْتِ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّهَا عَقِيلَةَ بِنْتِ أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ، عَنْ أَبِيهَا أَسْمَرَ بْنِ مُضَرِّسٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ سَبَقَ إِلَى مَاءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ» قَالَ: فَخَرَجَ النَّاسُ يَتَعَادَوْنَ يَتَخَاطُّونَ. 3072 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === الخطابي: يأمرهما بحسن المجاورة وينهاهما سوء المشاركة (¬1)، والحاصل أنه خبر بمعنى الأمر أو في بعض النسخ، "يسعهم" أي المسلمين، "ويتعاونان على الفتان" يروى بفتح الفاء صيغة مبالغة من الفتنة أي الشيطان الذي يفتن الناس عن دينهم ويضلهم، وبضمها جمع فاتن أي يعاون أحدهما الآخر على الذين يضلون الناس عن الحق، ويفتنونهم. 3071 - "يتخاطون" كل منهم يسبق صاحبه في الخط وإعلام مائه بعلامة. 3072 - "حُضْرَ فرسه" بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة، أي عَدْوه ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 46.

باب في إحياء الموات

عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ، فَأَجْرَى فَرَسَهُ حَتَّى قَامَ، ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ، فَقَالَ: «أَعْطُوهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ السَّوْطُ». بَابٌ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ 3073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === والمراد: قَدر عَدْوه. على حذف المضاف. بَابٌ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ الموات بالفتح أرض لا مالك لها من الآدميين ولا ينتفع بها، وإحياءها مباشرة عمارتها. 3073 - "أرضًا ميتة" قال السيوطي في حاشية الترمذي: بالتشديد، قال العراقي: ولا يقال بالتخفيف؛ لأنه إذا خفف تحذف منه تاء التأنيث. قلت: وهذا عجيب بل التخفيف أشهر ومنه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيتَةُ} (¬1) و {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ} (¬2)، "فهي له" أي بمجرد الإحياء وهو المتبادر، ولذا قال به الجمهور أو إذا كان بإذن السلطان، وبه قال أبو حنيفة، قيل: منشأ الخلاف أن هذا الحكم هل هو حكم حكم به من جهة كونه إمامًا أو فتوى أفتى به من جهة كونه نبيًّا. والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة يس: الآية (33). (¬2) سورة المائدة: الآية (3).

قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ». 3074 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» وَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَالَ: فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عُمٌّ، حَتَّى أُخْرِجَتْ مِنْهَا. 3075 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ مَكَانَ الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَأَنَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَضْرِبُ فِي أُصُولِ النَّخْلِ. === "لعرقِ ظالم" بالتوصيف على الاتساع بإعطاء صفة صاحبه له وإجرائه بمنزلة صاحبه، أو بالإضافة على الحقيقة، والعرق بكسر العين، وسكون الراء، أحد عروق الشجرة، أي ليس لفرص الغاصب وزرعه حق إبقاء في ملك الغير، بل للمالك أن يقلعه مجانا، وقيل: معناه ليسن لغيره أن يتصرف فيها. 3074 - "بالفئوس" هو بفاء وهمزة مضمومتين ثم واو؛ جمع فأس بهمزة، آلة حديد معروفة، "عُمٌّ" بضم عين مهملة وتشديد ميم قيل: أي طوال والواحد عميم، وقيل: كأنها في طولها والتفافها عمت الأرض وواحدهما عميمة.

3076 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْآمُلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: أَشْهَدُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ، وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ، وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ»، جَاءَنَا بِهَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالصَّلَوَاتِ عَنْهُ. 3077 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ». 3078 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، قَالَ هِشَامٌ: " الْعِرْقُ الظَّالِمُ: أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، فَيَسْتَحِقَّهَا بِذَلِكَ " قَالَ مَالِكٌ: «وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ كُلُّ مَا أُخِذَ وَاحْتُفِرَ وَغُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ». === 3077 - "مَن أحاط" ظاهر الحديث يدل على أن الإحاطة بحائط كافية في التملك، وإليه ذهب أحمد في أشهر الروايات عنه، لكن بشرط أن يكون الحائط منيعًا مما تحري به العادة بمثله، وأكثر العلماء على أن التملك إنما هو الإحياء والتحجير ليس من الإحياء في شيء والحديث محمول على كون الإحياء للسكون، كذا ذكروا. قلت: كون الملك بالإحياء لا ينافي ثبوت الملك بالتحجير بجواز أن يثبت بأسباب على أن المعتبر هو ما يعده الشارع إحياءًا، ويجوز أن الشارع يعتبر بعض مقدمات الإحياء إحياءًا، والله تعالى أعلم.

3079 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ السَّاعِدِيِّ يَعْنِي ابْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبُوكَ فَلَمَّا أَتَى وَادِي الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا» فَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا» فَأَتَيْنَا تَبُوكَ فَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدَةً وَكَتَبَ لَهُ - يَعْنِي - بِبَحْرِهِ، قَالَ: فَلَمَّا أَتَيْنَا وَادِي الْقُرَى، قَالَ لِلْمَرْأَةِ: «كَمْ كَانَ فِي حَدِيقَتِكِ؟ » قَالَتْ: عَشْرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ». 3080 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ زَيْنَبَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَفْلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَنِسَاءٌ === 3079 - "أُخرُصُوا" من حد نصر، "وكساه" أي كسى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ملك أيلة بردة، "ببحره": بموحدة وحاء مهملة ساكنة، أي بأرضه وبلده وأقره عليه بالجزية. 3080 - "تفْلي" عن حد ضرب أي تفتش شعر رأسه لإخراج القمل، "أنها تُضيق عليهن" أي إذا مات زوج واحدة، فالدار يأخذهما الورثة وتُخرج المرأة منها

باب [ما جاء] في الدخول في أرض الخراج

مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ وَهُنَّ يَشْتَكِينَ مَنَازِلَهُنَّ أَنَّهَا تَضِيقُ عَلَيْهِنَّ، وَيُخْرَجْنَ مِنْهَا «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَنْ تُوَرَّثَ دُورَ الْمُهَاجِرِينَ النِّسَاءُ»، فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَوُرِّثَتْهُ امْرَأَتُهُ دَارًا بِالْمَدِينَةِ. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ 3081 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ سُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ عَقَدَ الْجِزْيَةَ فِي عُنُقِهِ، فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 3082 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ === وهي غريبة في دار الغربة، فلا تجد مكانًا آخر فتتعب لذلك، "أن تُورَّث" من التوريث، قيل: هذه خصوصية لهن لغربتهن في المدينة. وهذه المسألة مما يلغز بها فيقال: أيُّ ميت مات فترث المرأة داره وحدها ولا تقسم لبقية الورثة بخلاف سائر أمواله؟ بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ 3081 - "مَن عقدَ الجزية" أي إذا اشترى أرضًا خراجية من كافر لزمه خراجها، والخراج قسم من الجزية فصار كأنه عقد الجزية في عنقه، ولا شك أن إلزام الجزية ليس من طريق السنة، فلعل ذلك هو المعنى بالبراءة والله تعالى أعلم. 3082 - "بجزيتها" أي بخراجها، والمقصود أن الخراج يلزم بشراء الأرض

باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل

ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي شَبِيبُ بْنُ نُعَيْمٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا، فَقَدْ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ، وَمَنْ نَزَعَ صَغَارَ كَافِرٍ مِنْ عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ فَقَدْ وَلَّى الْإِسْلَامَ ظَهْرَهُ» قَالَ: فَسَمِعَ مِنِّي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ لِي: أَشُبَيْبٌ حَدَّثَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا قَدِمْتَ فَسَلْهُ فَلْيَكْتُبْ إِلَيَّ بِالْحَدِيثِ، قَالَ: فَكَتَبَهُ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلَنِي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ الْقِرْطَاسَ، فَأَعْطَيْتُهُ، فَلَمَّا قَرَأَهُ تَرَكَ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْأَرْضِينَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ الْيَزَنِيُّ، لَيْسَ هُوَ صَاحِبَ شُعْبَةَ». بَابٌ فِي الْأَرْضِ يَحْمِيهَا الْإِمَامُ أَوِ الرَّجُلُ 3083 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» قَالَ ابْنُ === الخراجية وقوله: "فقد استقال" تغليظ وتشديد، "صغارَ كافر" بفتح الصاد أي هوانه وذلة؛ تكرير وتأكيد للأول والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْأَرْضِ يَحْمِيهَا الْإِمَامُ أَوِ الرَّجُلُ 3083 - "لا حمى" بكسر مهملة وفتح ميم وألف مقصور: الموضع الذي يمنع منه الغير، وقوله: "لا حمى" بلا تنوين، وكات أحدهم في الجاهلية يجعل بعض المواضع حمى له فلا يرعى فيه إلا ماشيته ويمنع غيره عن الرعي فيه فنهوا في ذلك، واستثنى منه ما يحمى لخيل الجهاد وإبله الزكاة والله تعالى

باب ما جاء في الركاز [وما فيه]

شِهَابٍ: وَبَلَغَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَى النَّقِيعَ». 3084 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَى النَّقِيعَ، وَقَالَ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الرِّكَازِ [وَمَا فِيهِ] 3085 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ». 3086 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الرِّكَازُ: الْكَنْزُ الْعَادِيُّ. === أعلم. "حمى النقيع" بالنون موضع قريب من المدينة. باب ما جاء في الركاز [وما فيه؟ ] 3085 - "في الركاز" بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاي معجمة، من الركزة إذا دفنه، والمراد: الكنز الجاهلي المدفون في الأرض، وقيل: يشمل المعدن أيضًا، وإنما وجب فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه والله تعالى أعلم.

3087 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنَا الزَّمْعِيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ، عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا قَالَتْ: ذَهَبَ الْمِقْدَادُ لِحَاجَتِهِ بِبَقِيعِ الْخَبْخَبَةِ فَإِذَا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُخْرِجُ دِينَارًا دِينَارًا، حَتَّى أَخْرَجَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْرَاءَ - يَعْنِي - فِيهَا دِينَارٌ، فَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ لَهُ: خُذْ صَدَقَتَهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ هَوَيْتَ إِلَى الْجُحْرِ؟ » قَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا». === 3087 - "ببقيع الخبخبة" هو بفتح الخائين المعجمتين وسكون الباء الأولى موضع بنواحي المدينة، "جُرذ" بضم جيم وفتح راء مهمبة في آخره ذال معجمة، الذكر الكبير من الفأر، "جحر" بفتح الجيم المضمومة على الحاء المهملة، وهي (¬1) حجرة الفأرة والحية ونحوهما معروف، "هل أهويت إلى الجحر" من أهوى بالألف إذا مد يده إلى الشيء لا من هوى بدون الألف إذا سقط، قال الخطابي: يدل على أنه لو أخذها من الحجر لكان ركازًا يجب فيه الخمس (¬2)، وقوله: "بارك الله لك فيها" لا يدل على أنه جعلها له في الحال فإنه محمول على ما هو المعود في اللقطة التي إذا عرفت سنة ولم تعرف كانت لآخذها. ¬

_ (¬1) ليست بالأصل. (¬2) معالم السنن: 3/ 50.

باب نبش القبور [العادية يكون فيها المال]

بَابُ نَبْشِ الْقُبُورِ [الْعَادِيَّةِ يَكُونُ فِيهَا الْمَالُ] 3088 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ بُجَيْرِ بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَى الطَّائِفِ، فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ، وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ، فَدُفِنَ فِيهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، إِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ»، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْنَ. "آخر كتاب الخراج والإمارة والفيء" * * * === بَابُ نَبْشِ الْقُبُورِ [الْعَادِيَّةِ يَكُونُ فِيهَا الْمَالُ] نسبة إلى عاد والمراد: القديمة، ومن عادتهم أنهم ينسبون الشيء القديم إلى عاد. 3088 - "قبر أبي رغال" بكسر الراء وغين معجمة، قيل: هو أبو ثقيف وكان من ثمود، "النقمة" بفتح فكسر أو بكسر فسكون، العقوبة، وعلى الثاني فهي كالنعمة وزنًا وضدها معنى، "غصن من ذهب" ولعل المراد قطعة منه كالغصن للشجرة والله تعالى أعلم. * * *

15 - كتاب الجنائز

كِتَاب الْجَنَائِزِ بَابُ الْأَمْرَاضِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ 3089 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَنْظُورٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ عَامِرٍ الرَّامِ، أَخِي الْخَضِرِ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ النُّفَيْلِيُّ: هُوَ الْخَضِرُ، وَلَكِنْ كَذَا قَالَ - قَالَ: إِنِّي لَبِبِلَادِنَا إِذْ رُفِعَتْ لَنَا رَايَاتٌ وَأَلْوِيَةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا لِوَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ === كِتَاب الْجَنَائِزِ بَابُ الْأَمْرَاضِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ 3089 - قوله: "عامر الرام" تخفيف الرامي مثله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬1) قال في الإصابة: كان راميًا حسن الرمي، فلذلك قيل له: الرام، "أخي الخضر" بفتح خاء وإسكان ضاد وهو الصواب، وهو جمع خضر سمي به قبيلة لشدة أرمتهم (¬2). "أصابه السقم" بفتحتين أو بضم فسكون المرض، "ثم أعفاه الله" أي عافاه من ذلك المرض؛ من العافية وهي السلامة من الأسقام والبلايا، وهي الصحة وضدها المرض، "وموعظة له" إما لأنه يرى أن مبدأ المرض المعاصي فيتركها فيما ¬

_ (¬1) سورة البقرة: الآية (186). (¬2) ابن حجر في الإصابة: 2/ 261.

وَهُوَ تَحْتَ شَجَرَةٍ قَدْ بُسِطَ لَهُ كِسَاءٌ، وَهُوَ جَالِسٌ عَلَيْهِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَسْقَامَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَصَابَهُ السَّقَمُ، ثُمَّ أَعْفَاهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمَوْعِظَةً لَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَانَ كَالْبَعِيرِ، عَقَلَهُ أَهْلُهُ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوهُ، وَلَمْ يَدْرِ لِمَ أَرْسَلُوهُ» فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ حَوْلَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْأَسْقَامُ؟ وَاللَّهِ مَا مَرِضْتُ قَطُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ عَنَّا، فَلَسْتَ مِنَّا»، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ كِسَاءٌ، وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ قَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُكَ أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَمَرَرْتُ بِغَيْضَةِ شَجَرٍ فَسَمِعْتُ فِيهَا أَصْوَاتَ فِرَاخِ طَائِرٍ، فَأَخَذْتُهُنَّ فَوَضَعْتُهُنَّ فِي كِسَائِي، فَجَاءَتْ أُمُّهُنَّ فَاسْتَدَارَتْ عَلَى رَأْسِي، === بعد قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ} (¬1) أو لأنه يشاهد به قربه إلى المرض والموت فيعمل لما بعد الموت، أو لأنه يرى العافية نعمة من الله فيصرفها في خير مصرف بخلاف المنافق في ذلك كله، فلذا شبه ببعير عقل فلا يدري لماذا عقل ولماذا أرسل، "فلست منا" أي من أهل أصحابنا وقربنا، وفيه تنبيه على أن تمام القرب يحصل بالمجانسة في الأعمال والأحوال جميعًا، وأن الاختيار للمرء فيه قد ينحط به منزله بمعنى أنه علامة على انحطاطه منزلة عند الله؛ إذ لو كان له منزلة عظيمة عند الله لما حرم من تلك الحال الشريفة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الشورى: الآية (30).

فَكَشَفْتُ لَهَا عَنْهُنَّ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِنَّ، مَعَهُنَّ فَلَفَفْتُهُنَّ بِكِسَائِي فَهُنَّ أُولَاءِ مَعِي، قَالَ: «ضَعْهُنَّ عَنْكَ» فَوَضَعْتُهُنَّ، وَأَبَتْ أُمُّهُنَّ إِلَّا لُزُومَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «أَتَعْجَبُونَ لِرُحْمِ أُمِّ الْأَفْرَاخِ فِرَاخَهَا؟ » قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ أُمِّ الْأَفْرَاخِ بِفِرَاخِهَا، ارْجِعْ بِهِنَّ حَتَّى تَضَعَهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُنَّ وَأُمُّهُنَّ مَعَهُنَّ» فَرَجَعَ بِهِنَّ. 3090 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ السَّلَمِيُّ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ، لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ، أَوْ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي وَلَدِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ ابْنُ نُفَيْلٍ: «ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ - ثُمَّ اتَّفَقَا - حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى». === "بغيطة شجرة" (¬1) أي بمجمع شجر، والغيطة هي الشجر الملتف، "أصوات فراخ"، بكسر الفاء جمع فرخ، وهو ولد الطائر ويجمع على أفراخ أيضًا، "لرحم أمّ" بضم الراء هي الرحمة. ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل وفي السنن المطبوع [بغيضة شجر].

باب إذا كان الرجل يعمل عملا صالحا فشغله عنه مرض أو سفر

بَابٌ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ 3091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَا مَرَّتَيْنِ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ، أَوْ سَفَرٌ، كُتِبَ لَهُ كَصَالِحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ». بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ 3092 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، === بَابٌ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ 3091 - "كتب له كصالح" الظاهر أن الكاف اسم بمعنى المثل، وهو نائب الفاعل، ويحتمل أن نائب الفاعل الجار والمجرور، ثم مفاد هذا الحديث أن من كان يعتاد عملًا فإذا فاته لعذر مرض أو سفر فلا ينقص من أجره، وهذا لا ينافي حديث: "صلاة القاعد على نصف صلاة القائم" لجواز أن تكون صلاة القاعد ولو لعذر أنقص أجرًا من صلاة القائم، ثم إنه تعالى يتم أجر من يعتاد القيام في الصلاة قبل المرض لفضله (¬1) دون من لا يعتاد، كمن كان تاركًا للصلاة قبل المرض، ثم صلى قاعدًا حالة المرض ثم لا بد من تقييد الفوت بما إذا كان مباحًا له للمرض أو السفر فتأمل والله تعالى أعلم. بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاءِ 3092 - "خبث الذهب" هو بفتحتين أو بضم فسكون، والمراد ما تلقيه النار ¬

_ (¬1) يشبه أن تكون [بفضله] والأصل غير واضح.

عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ، قَالَتْ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضَةٌ، فَقَالَ: «أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْعَلَاءِ، فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ، كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ». 3093 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ بَشَّارٍ - عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ أَشَدَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: «أَيَّةُ آيَةٍ يَا عَائِشَةُ؟ »، قَالَتْ: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، قَالَ: «أَمَا عَلِمْتِ يَا عَائِشَةُ، أَنَّ الْمُؤْمِنَ تُصِيبُهُ النَّكْبَةُ، أَوِ الشَّوْكَةُ === من وسخ الذهب والفضة ونحوهما إذا أذيبت. 3093 - "النكبة" بفتح نون وسكون كاف، قيل: هي ما يصيب الإنسان من الحوادث، وقيل: في جراحة بحجر يصيب الإنسان، "فيكافأ" بالهمزة "ذا كم العرض" كأنه أشار بجمع الخطاب إلى أن معرفة مثله لا ينبغي أن يختص بأحد دون أحد، بل اللائق بحال الكل أن يعرفوا مثل هذه الفوائد واللطائف، والمراد أن الحساب اليسير ليس من باب الحساب، وإتما هو من باب العرض، أي عرض أفعال العباد عليهم مع التبشير بالغفران والحساب لا يكون إلا مع نوع مناقشة ومن حوسب كذلك يعذب، وعلى هذا فليس حاصل الجواب بيان التجوز في قوله: "من حوسب عذب" بأن المراد بالحساب في هذا الكلام المناقشة في الحساب حتى يرد أن قوله: "ذا كم العرض" لا يحتاج إليه في تمام الجواب، بل حاصل الجواب حمل الحساب اليسير في القرآن على العرض، وأن مطلق احساب لا يخلو عن

باب في العيادة

فَيُكَافَأُ بِأَسْوَإِ عَمَلِهِ وَمَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ» قَالَتْ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]، قَالَ: «ذَاكُمُ الْعَرْضُ، يَا عَائِشَةُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ عُذِّبَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ. بَابٌ فِي الْعِيَادَةِ 3094 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَرَفَ فِيهِ الْمَوْتَ، قَالَ: «قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبِّ يَهُودَ» قَالَ: فَقَدْ أَبْغَضَهُمْ سَعْدُ بْنُ زُرَارَةَ فَمَهْ فَلَمَّا مَاتَ أَتَاهُ ابْنُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، قَدْ مَاتَ فَأَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، فَنَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === مناقشة, والمناقشة حالة الحساب تفضي إلي الهلاك, فصح قوله: "من حوسب عذب" ولا يكون منافيًا للآية والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْعِيَادَةِ 3094 - (عبد الله بن أبي) رأس المنافقين، "فمَهْ" أي فماذا حصل له ببغضهم؛ فالهاء منقلبة عن الألف وأصله "فما" أو هو اسم فعل أي فاسكت، وكأنه يريد أنه لا يضر حبهم ولا ينفع بغضهم، ولو نفع بغضهم لما مات أسعد بن زرارة، وهذا من قلة فهمه وقصور نظره على أن الضرر والنفع هو الموت أو الخلاص عنه، "أتاه ابنه" وكان مخلصًا وقد أعطى أبوه قميصًا للعباس فأراد - صلى الله عليه وسلم -

باب في عيادة الذمي

وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ. بَابٌ فِي عِيَادَةِ الذِّمِّيِّ 3095 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ غُلَامًا، مِنَ الْيَهُودِ كَانَ مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ، وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ: === أن يكافئ ذلك اليد، ويراعي الابن المخلص فأعطاه - صلى الله عليه وسلم - لذلك والله تعالى أعَلم. بَابٌ فِي عِيَادَةِ الذِّمِّيِّ 3095 - "كان مرض" وكان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية البخاري، "فقال له: أسلم" (¬1)، وفيه عرض الإسلام على الصبي، وهو دليل على صحته من الصبي، إذا لو لم يصح لما عرض عليه، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنقذه بي من النار" دلالة على أنه صح إسلامه، وعلى أن الصبي إذا عقل الكافر ومات عليه فهو يعذب، كذا قال ابن حجر: في شرح صحيح البخاري (¬2). قلت: ويحتمل أن يقال: إنما يعذب على ذلك إذا عرض عليه الإسلام وأبي لا مطلقًا، فإن قلت: فحينئذ لم عرض عليه الإسلام مع أنه لو أبي بعد العرض لاستحق العذاب؟ قلت: لعله يموت مسلمًا وينال فضيلة الإسلام؛ إذ لو فرض ¬

_ (¬1) البخاري في الجنائز (1356). (¬2) فتح الباري لابن حجر: 3/ 221.

باب المشي في العيادة

«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ». بَابُ الْمَشْيِ فِي الْعِيَادَةِ 3096 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي لَيْسَ بِرَاكِبِ بَغْلٍ وَلَا بِرْذَوْنٍ». بَابٌ فِي فَضْلِ الْعِيَادَةِ عَلَى [وُضُوءٍ] 3097 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خُلَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ === نجاة أولاد الكفرة فهم محرمون عن نيل فضيلة الإسلام قطعًا، ويحتمل أن يقال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنقذه بي من النار" مبني على احتمال أن يموت بالغًا في مرض آخر أو في هذا المرض بأن كان قريب البلوغ، فيحتمل أن يموت بعده في هذا المرض، على أنه لا يستبعد إطلاق الغلام على البالغ القريب العهد بالبلوغ، فيمكن أن هذا الولد كذلك، وعلى هذا فلا دلالة في هذا الحديث على عذاب الصبي إذا مات ولم يسلم. بَابُ الْمَشْيِ فِي الْعِيَادَةِ 3096 - "ولا بِرْذَون" بكسر الباء وفتح الذال المعجمة الفرس الغيرالي والمراد هاهنا: مطلق الفرس والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي فَضْلِ الْعِيَادَةِ عَلَى [وُضُوءٍ] 3097 - "من توضأ" يحتمل أن المراد من جمع بين هذين العملين وهو

الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، وَعَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مُحْتَسِبًا بُوعِدَ مِنْ جَهَنَّمَ، مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا» قُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، وَمَا الْخَرِيفُ؟ قَالَ: «الْعَامُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَالَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ الْبَصْرِيُّونَ مِنْهُ الْعِيَادَةُ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ». 3098 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا مُمْسِيًا، إِلَّا خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَتَاهُ مُصْبِحًا، خَرَجَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ». 3099 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ لَمْ يَذْكُرِ الْخَرِيفَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَكَمِ، كَمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ. 3100 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ === إحسان الوضوء حين يتوضأ ونحوها، وعيادة المريض المسلم طلبًا للأجر، ويحتمل أن المراد: من عاد متوضيًا ويكون فائدة الوضوء أنه ربما يطلب المريض الدعاء منه فيدعو له، وعلى الثاني فينبغي أن يكون الوضوء مستحبًا للعيادة، محتسبا" أي طلبًا للأجر، "بُوعد" على بناء المفعول من باعد والله تعالى أعلم. 3098 - و"إلا خرج معه" أي من محل ما خرج منه للعيادة أو من حين خرج من بيت المريض بعد الفراغ من العيادة "وكان له خريف" أي بستان.

باب في العيادة مرارا

الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ غُلَامُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: جَاءَ أَبُو مُوسَى، إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، يَعُودُهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَاقَ مَعْنَى حَدِيثِ، شُعْبَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أُسْنِدَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ». بَابٌ فِي الْعِيَادَةِ مِرَارًا 3101 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ فِي الْأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ». بَابٌ [فِي] الْعِيَادَةِ مِنَ الرَّمَدِ 3102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: «عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِي». بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الطَّاعُونِ 3103 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ === بَابٌ فِي الْعِيَادَةِ مِرَارًا 3101 - "في الأكحل" بفتح الهمزة والحاء، هو عرق في وسط الذراع، يسمى ميزاب "خيمة" بفتح الخاء. بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الطَّاعُونِ أي من مكان الطاعون أو لأجل الطاعون، وهو غدة كغدة تخرج من الأباط

باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا تُقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» يَعْنِي الطَّاعُونَ. بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَرِيضِ بِالشِّفَاءِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ 3104 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَاهَا، قَالَ: اشْتَكَيْتُ بِمَكَّةَ فَجَاءَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِي، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ». 3105 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، === وغيرها. 3103 - "إذا سمعتم به" أي بالطاعون، "فلا تقدموا" بفتح دال مخففة أو مشددة وتاء، وعلى الثاني أصله تتقدموا بالتائين، وروي من الإقدام وهو أظهر معنى، قيل: ولم ينه عنه حذرًا من الموت؛ إذ هو لا يتقدم بل حذرًا من الفتنة ظن السبب. بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَرِيضِ بِالشِّفَاءِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ 3104 - "اشف سعدًا" كارْمِ، "وأتمم" من الإتمام أي بأنه لا يرتد ولا يموت بمكة. 3105 - "الأسير" أي المسلم فهو أمر بالسعي فك الأسير المسلم بأيدي الكفرة

باب الدعاء للمريض عند العيادة

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ» قَالَ سُفْيَانُ: وَالْعَانِي الْأَسِيرُ. بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَرِيضِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ 3106 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ عَادَ مَرِيضًا، لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ === أو المحبوس ظلمًا والله تعالى أعلم. بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَرِيضِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ 3106 - "إلا عافاه الله" كان ذكر كلمة "إلا" مبني على التقدير فلم يقل ذلك إلا عافاه الله أو أن كلمة "من" للاستفهام الإنكاري فيرجع إلى معنى النفي، مثله: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إلا الْإِحْسَانُ} (¬1)، وقوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} (¬2) وقال الحافظ السيوطي: دخول "إلا" هاهنا من تحريف الرواة؛ فإنه ليس محل دخولها؛ لأنها في جواب الشرط لا يقال: من جاءني إلا أكرمته، وكأن ذلك من الربيع بن يحيى الراوي عن شعبة، فاقد رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق محمد بن جعفر عن شعبة بلفظ: "ما من مسلم يعود مريضًا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ¬

_ (¬1) سورة الرحمن: الآية (60). (¬2) سورة البقرة: الآية (255).

باب [في] كراهية تمني الموت

الْمَرَضِ. 3107 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى جَنَازَةٍ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ ابْنُ السَّرْحِ: إِلَى صَلَاةٍ. بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ 3108 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْعُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِالْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي". === أن يشفيك إلا عوفي" (¬1) وهذا محل دخول "إلا". 3107 - "ينكأ لك عدوًا" من نكيت العدو إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل فوهنوا لذلك، وقد يهمز لغة فيكون من باب منع. بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ 3108 - "لا يدعون" نهي بالنون الثقيلة من الدعاء، والمراد أي على نفسه، "لضر" ظاهره عموم الضر الديني والدنيوي، وهو ظاهر الدعاء، والحاصل أن عاقبة الأمر مجهولة فلا ينبغي للعبد إلا الدعاء بالخير والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) النسائي في الكبرى، عمل اليوم والليلة 6/ 259 برقم (10887/ 6).

باب موت الفجأة

3109 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ يَعْنِي الطَّيَالِسِيَّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا، يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ» فَذَكَرَ مِثْلَهُ. بَابُ مَوْتُ الْفَجْأَةِ 3110 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، أَوْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ مَرَّةً: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ مَرَّةً: عَنْ عُبَيْدٍ، قَالَ: «مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ». بَابٌ [فِي] فَضْلِ مَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ 3111 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرِ === بَابُ مَوْتُ الْفَجْأَةِ 3110 - "موت الفجاءة" بضم الفاء والمد أو بفتح الفاء وسكون الجيم بلا مد، أي الموت بغتة من غير تقدم سبب، "أخذة أسف" بفتح سين أي غضب أو بكسرها أي غضبان، والمراد: أنه أثر غضبه تعالى؛ حيث لم يتركه للتوبة وإعداد زاد الآخرة ولم يمرضه ليكفر ذنوبه، ولذلك تعوذ - صلى الله عليه وسلم - من موت الفجاءة، لكن قد جاء أنه في حق الكافر كذلك وفي حق المؤمن رحمة؛ لأن المؤمن غالبًا مستعد لحلوله فيريحه من نصب الدنيا. بَابٌ [فِي] فَضْلِ مَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ 3111 - "فاسترجع" أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، "غُلبنا" على بناء

بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ، وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو أُمِّهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمَّهُ جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَصَاحَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ، فَصَاحَ النِّسْوَةُ، وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ ابْنُ عَتِيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُنَّ، فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الْمَوْتُ» قَالَتِ ابْنَتُهُ: وَاللَّهِ === المفعول أي إنا نريد حياتك لكن تقدير الله غلب علينا بخلاف ذلك؛ "يُسكتهن" بتشديد الكاف أي يأمرهن بالسكوت؛ "فإذا وجب" أي مات من الوجوب وهو السقوط، قال تعالى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (¬1)، "فلا تبكين باكية" أي نفس باكية أو امرأة باكية فأفاد - صلى الله عليه وسلم - أن النهي عن البكاء بالصياح بعد الموت لا قبله، "إن كنت" إن مخففة من المثقلة، "قضيت جهازك" بفتح جيم وكسرها ما يحتاج إليه في السفر، والمراد هاهنا: أنك أستعددت للآخرة وتوجهت إليها على قدر نيته، أي كان من نيته أن يموت شهيدًا صادقًا فاجره على طِبق تلك النية، "المطعون" الميتة بالطاعون، "والغَرِق" بفتح فكسر، الذي يموت غريقًا في الماء؛ "وذات الجنب" مرض معلوم، "والمبطون" هو الذي يموت يمرض بطنه كالإسهال والاستسقا، "وصاحب الحرق" أي النار المحرقة، وفي بعض النسخ، "وصاحب الحرق" بفتحتين النار والمراد من مات بالنار, "تحت الهدم" بفتحتين البناء المنهدم أي الذي سقط عله بيت أو جدار فمات تحته، "تموت بجمع" قال الخطابي: هو ¬

_ (¬1) سورة الحج: الآية (36).

باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته

إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟ » قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ. بَابُ الْمَرِيضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَعَانَتِهِ 3112 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ، حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " ابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، خُبَيْبًا، === أن تموت وفي بطنها ولد (¬1) زاد في النهاية: وقيل: أو تموت بكرًا، قيل: والجُمع بالضم بمعنى المجموع، "كالذخر" بمعنى المذخور وكسر الكسائي الجيم, والمعنى أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة (¬2). بَابُ الْمَرِيضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَعَانَتِهِ 3112 - "ابتاع" أي اشترى, (خبيبًا) بضم خاء معجمة وفتح باء موحدة بعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم موحدة, صحابي أنصاري أسره بعض الكفرة ¬

_ (¬1) معالم السنن: 1/ 301. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/ 296.

باب [ما يستحب من] حسن الظن بالله عند الموت

وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا لِقَتْلِهِ، فَاسْتَعَارَ مِنَ ابْنَة الْحَارِثِ، مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ، حَتَّى أَتَتْهُ فَوَجَدَتْهُ مُخْلِيًا وَهُوَ عَلَى فَخْذِهِ، وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَهَا فِيهَا، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ، أَنَّ ابْنَةَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا - يَعْنِي - لِقَتْلِهِ اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ. بَابُ [مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ] حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ 3113 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ === وباعوه من أهل مكة، "مَوْسَى" بفتح سين وقصر: هي آلة معروفة واختلفوا في صرْفه، "يستحد" يحلق عانته، "فدرج" أي ذهب إليه، "بُني" تصغير ابن، "مُخليًا" اسم فاعل من أخلى: منفردًا بالولد ليس معه غيره، "فزعت" بكسر الزاي أي خافت. بَابُ [مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ] حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ 3113 - "بثلاث" بثلاث ليال، "يحسن الظن" بأنه يعفو ويغفر إنه هو الغفور الرحيم، وهو حث على الرجاء عند الخاتمة؛ لحديث: "أنا عند ظن عبدي بي" (¬1) وفي حالة الصحة يكون بين الخوف والرجاء؛ ليجتنب المعاصي والمعاصي ¬

_ (¬1) أحمد: 2/ 251، 413، 524, البخاري في التوحيد (7505، 7405)، مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: (2675)، الترمذي في الزهد (2388)، وفي الدعوات (3603). وابن ماجه في الأدب (3822).

باب [ما يستحب من] تطهير ثياب الميت [عند الموت]

أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: قَالَ: «لَا يَمُوتُ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ». بَابُ [مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ] تَطْهِيرِ ثِيَابِ الْمَيِّتِ [عِنْدَ الْمَوْتِ] 3114 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي === متعذرة عند الموت فيحسن الظن للافتقار إليه والإذعان إليه، ولحديث: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" (¬1)، وحديث: "ثم يبعثون على نياتهم" (¬2) وقيل: هو كناية عن حسن العمل، وقيل: عن التوبة؛ لأن من حسن عمله أو تاب فقد حسن ظنه، ومن ساء عمله أو أصر ساء ظنه والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ] تَطْهِيرِ ثِيَابِ الْمَيِّتِ [عِنْدَ الْمَوْتِ] 3114 - "يبعث في ثيابه" أوّل الخطابي الثياب بالعمل أي أنه يبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيئ والعرب تقول: فلان طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب، ودنس الثياب إذا كان بخلاف ذلك (¬3)، وقد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (¬4) أي عملك فأصلح واستدل ¬

_ (¬1) مسلم في الجنة (2878) والحاكم في المستدرك 1/ 340 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه البخاري. (¬2) أحمد في مسنده 2/ 40، البخاري في الفتن (7108). ومسلم في الجنة (2878). (¬3) معالم السنن: 1/ 301. (¬4) سورة المدثر: الآية (4).

باب ما [يستحب أن] يقال عند الميت من الكلام

يَمُوتُ فِيهَا». بَابُ مَا [يُسْتَحَبُّ أَنْ] يُقَالَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنَ الْكَلَامِ 3115 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «قُولِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَأَعْقِبْنَا عُقْبَى صَالِحَةً» قَالَتْ: فَأَعْقَبَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي التَّلْقِينِ 3116 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ === على ذلك بحديث: "يحشر الناس حفاة عراة" (¬1) وقيل: يجوز أن يكون أوّل ما يبعث مع الثياب، ثم يحشر بلا ثياب والله تعالى أعلم. بَابُ مَا [يُسْتَحَبُّ أَنْ] يُقَالَ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنَ الْكَلَامِ 3115 - "فقولوا خيرًا" أي لا تقولوا شرًّا، ويحتمل أن الأمر للندب، "وأعقبنا" من الإعقاب أي أبدلنا وعوضنا منه، "عقبي" كبشرى أي بدلا صالحًا. بَابٌ فِي التَّلْقِينِ 3116 - "مَن كان آخر كلامه" إلخ الظاهر أن المراد بقوله: "دخل الجنة" ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 5/ 3، البخاري في الأنبياء (3349) وفي التفسير (4625)، في الرقاق (6527 , 6527)، ومسلم في الجنة (2860)، والترمذي في القيامة (2423) وقال هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في الجنائز (2087) 40/ 117.

باب تغميض الميت

مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ». 3117 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ». بَابُ تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ 3118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ أَبُو مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ === دخول الجنة ابتداء والمعنى أن إجراء الله تعالى هذه الكلمة السعيدة على لسانه في هذه الحالة من علامات أنه سبقت له المغفرة من الله تعالى والرحمة، فيكون أهل هذه الكرامة من الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (¬1) والله تعالى أعلم. 3117 - "لقنوا موتاكم" المراد من حضره الموت لا من مات، والتلقين بعد الموت قد جزم كثيرٌ أنه حادث، والله تعالى أعلم، والمقصود من هذا التلقين أن يكون آخر كلامه: لا إله إلا الله، ولذلك قيل: إنه إذا قال مرة فلا يعاد عليه إلا إن تكلم بكلام آخر. بَابُ تَغْمِيضِ الْمَيِّتِ 3118 - "وقد شق بصره" بفتح الشين أي انفتح وانضم غير مختار, ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء: الآية (101).

باب [في] الاسترجاع

يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ شَقَّ بَصَرَهُ، فَأَغْمَضَهُ، فَصَيَّحَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَتَغْمِيضُ الْمَيِّتِ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الْمُقْرِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَيْسَرَةَ رَجُلًا عَابِدًا يَقُولُ: غَمَّضْتُ جَعْفَرًا الْمُعَلِّمَ وَكَانَ رَجُلًا عَابِدًا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ، فَرَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي لَيْلَةَ مَاتَ، يَقُولُ: أَعْظَمُ مَا كَانَ عَلَيَّ تَغْمِيضُكَ لِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ. بَابٌ [فِي] الِاسْتِرْجَاعِ 3119 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنِ ابْنِ === "فضج" (¬1) بضاد معجمة، وجيم مشددة أي صاح ورفع الصوت بالبكاء، "لا تدعوا" إلخ أي بالويل والثبور ونحوهما، "في المهديين" أولئك الذين هداهم الله سبحانه إلى الحق، "واخلفه" بهمزة وصل وضم اللام أي كن له خليفة في إصلاح أحوال من يعقبه ويتأخر عنه من أولاده، حال كونهم "في"جملة "الغابرين" أي الباقين بعده عندك. بَابٌ [فِي] الِاسْتِرْجَاعِ 3119 - "أحتسب مصيبتي" أي أدخر أجرها أو أطلبه من عندك "فأجرني" ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل وفي السنن المطبوع [فصيّح].

باب [في] الميت يسجى

عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَصَابَتْ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي، فَآجِرْنِي فِيهَا، وَأَبْدِلْ لِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا. بَابٌ [فِي] الْمَيِّتِ يُسَجَّى 3120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُجِّيَ فِي ثَوْبِ حِبَرَةٍ». بَابُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَيِّتِ 3121 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيٍّ الْمَرْوَزِيُّ الْمَعْنَى، === بسكون همزة وضم جيم ويجوز مد الهمزة على أنه من باب الأفعال، ويقال: أجره وآجره بالقصر والمد إذا أثابه واعطاه الأجر، "وأبدل لي بها خيرًا منها" أي اجعل لي بدلا مما فات عني في هذه المصيية خيرًا من الغاية فيها، ففي الكلام تجوز أو تقدير والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْمَيِّتِ يُسَجَّى 3120 - "سُجي" (¬1) كغطي وزنًا ومعنى، "حبرة" بكسر ففتح برد مخطط يمان، والكلام يحتمل الإضافة والتوصف. بَابُ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمَيِّتِ 3121 - "على موتاكم" أي من حضره الموت أيضًا، وقيل: بل المراد الأول؛ ¬

_ (¬1) سجى: أي غطي, والمستجى: المتغطي من الليل الساجي؛ لأنه يغطي بظلامه وسكونه النهاية: 2/ 344.

باب الجلوس عند المصيبة

قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَلَيْسَ بِالنَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ» وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْعَلَاءِ. بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 3122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَمَّا قُتِلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ» وَذَكَرَ الْقِصَّةَ. بَابٌ [فِي] التَّعْزِيَةِ 3123 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا === لأن الميت لا يقرأ عليه، وقيل: لأن سورة يس مشتملة على أصول العقائد من البعث والقيامة فيتقوى بسماعها التصديق والإيمان حتى الموت والله تعالى أعلم. بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ 3122 - "في المسجد" قيل: لا دلالة في الحديث على أن جلوسه كان لأجل أن يأتيه الناس فيعزوه، بل لعله كان اتفاقًا فلا يصح الاستدلال به على عدم كراهة الجلوس لأجل أن يأتيه الناس، وقد عده كثير من العلماء مكروهًا تنزيهًا إن لم يكن معه شيء آخر، وإلا فقد يصير حرامًا والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] التَّعْزِيَةِ 3123 - فرَّحمتُ" أي رحمت ميتهم مفضيا ذلك إليهم ليفرحوا به،

باب الصبر عند الصدمة

الْمُفَضَّلُ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَبَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي - مَيِّتًا فَلَمَّا فَرَغْنَا، انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْصَرَفْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا حَاذَى بَابَهُ وَقَفَ، فَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ مُقْبِلَةٍ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَرَفَهَا فَلَمَّا ذَهَبَتْ، إِذَا هِيَ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَام، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَخْرَجَكِ يَا فَاطِمَةُ مِنْ بَيْتِكِ؟ »، فَقَالَتْ: أَتَيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ فَرَحَّمْتُ إِلَيْهِمْ مَيِّتَهُمْ أَوْ عَزَّيْتُهُمْ بِهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى؟ »، قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ، وَقَدْ سَمِعْتُكَ تَذْكُرُ فِيهَا مَا تَذْكُرُ، قَالَ: «لَوْ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى» فَذَكَرَ تَشْدِيدًا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلْتُ رَبِيعَةَ عَنِ الكُدَى؟ فَقَالَ: «الْقُبُورُ فِيمَا أَحْسَبُ». بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ 3124 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، === "عزيتهم" من التعزية، أي أمرتهم بالصبر عليه بنحو: عظم اللهُ أجركم، "والكدُى" بضم ففتح مقصورًا جمع كدية (¬1) بضم فسكون، وهي الأرض الصلبة، قالوا: أراد المقابر؛ لأنها كانت في مواضع صلبة، قلت: والحال شاهدة بخلاف ذلك والله تعالى أعلم. والحديث يدل على مشروعية التعزية وعلى جواز خروج النساء لها. بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ 3124 - فأتته"، وكأنها تخيلته عظيمًا كعظماء الدنيا، فلذلك قيل: "فلم ¬

_ (¬1) الكدية: قطعة غليظة صلبة لا تعمل فيها الفأس. النهاية 4/ 156.

باب [في] البكاء على الميت

عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ، وَاصْبِرِي، فَقَالَتْ: وَمَا تُبَالِي أَنْتَ بِمُصِيبَتِي، فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْهُ، فَلَمْ تَجِدْ عَلَى بَابِهِ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى - أَوْ: عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ -. بَابٌ [فِي] الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ 3125 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ، وَسَعْدٌ، وَأَحْسَبُ أُبَيًّا: أَنَّ ابْنِي - أَوْ بِنْتِي - قَدْ حُضِرَ === تجد على بابه بوابين". "إنما الصبر عند الصدمة" الصدم ضرب الشيء الصلب بمثله، والصدمة مرة منه، ثم استعمل في كل مكروه حصل بغتة، والمعنى: الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ويثاب عليه فاعله بجزيل الأجر ما كان منه عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو، والجواب قد جاء على أسلوب الحكيم كأنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: أنت معذورة في ذلك بسبب أنك ما عرفتني، لكن ينبغي لك التأسف على ما فات من الأجر لعدم الصبر منك عند الصدمة الأولى والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ 3125 - "قد حُضر" على بناء المفعول، أي حضره الموت، "فاشهدنا" أي فاحضرنا، "لله ما أخذ" أي فلا حيلة إلا الصبر، "تقسم" من الإقسام، "في

فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ، فَقَالَ: «قُلْ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَمَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ، إِلَى أَجَلٍ» فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَأَتَاهَا فَوُضِعَ الصَّبِيُّ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا؟ قَالَ: «إِنَّهَا رَحْمَةٌ، وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ يَشَاءُ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ». 3126 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ أَنَسٌ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ === حجر" بتقديم الحاء المهملة المفتوحة أو المكسورة على الجيم الساكنة، "تقعقع" أي تضطرب وتتحرك، "ما هذا" البكاء، "والرحماء" كالعلماء، أي من يرحمون وهو بالنصب على أنه مفعول يرحم وهو الظاهر, وبالرفع على أنه خبر "إن" في قوله: "إنما" وما موصولة. 3126 - "فسميته" يدل على أنه سماه أول ليلة الولادة وكذلك جاءت التسمية في الأحاديث غالبًا فيحتمل ما جاء من التسمية اليوم السابع على أنه يجوز التأخير إليه لا أنه يستحب، بل المستحب أول ليلة والله تعالى أعلم، "يكيد بنفسه" أي يجود بها النزع، والمراد: أنه يخرجها ويدفعها فكأنه يكيد بنفسه وكأنه يجود بها، "إِلا ما يرضي" أي يرضاه من الرضا، ويحتمل أنه من الإرضاء, "وربنا" بالنصب، "إنَّا بك" أي بفراقك والمراد بهذا: الحزن الجبلي, وهو لا ينافي

باب في النوح

إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا، إِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ». بَابٌ فِي النَّوْحِ 3127 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ». 3128 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ». 3129 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ الْمَعْنَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ: وَهِلَ تَعْنِي ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: «إِنَّ === الرضا بالقضاء ولا محذور فيه. بَابٌ فِي النَّوْحِ 3118 - "والمستمعة" لرضاها بالمنكر أو لإعانتها عليه؛ لأنها لو لم تستمع أولًا يستمع أحد لما ناحت النائحة والله تعالى أعلم. 3129 - "وهل" بكسر الهاء، أي غلط وسهى، وإنكار عائشة لعدم بلوغ الخبر لها من وجه آخر فحملت الخبر على الخبر المعلوم عندها بواسطة ما ظهر لها من استبعاد أن يعذب أحد بذنب آخر، وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ

صَاحِبَ هَذَا لَيُعَذَّبُ وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ» ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] قَالَ: عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَلَى قَبْرِ يَهُودِيٍّ. 3130 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى وَهُوَ ثَقِيلٌ، فَذَهَبَتِ امْرَأَتُهُ لِتَبْكِيَ، أَوْ تَهُمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهَا أَبُو مُوسَى: أَمَا سَمِعْتِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَسَكَتَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو مُوسَى، قَالَ يَزِيدُ: لَقِيتُ الْمَرْأَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا قَوْلُ أَبِي مُوسَى لَكِ أَمَا سَمِعْتِ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَكَتِّ؟ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَمَنْ سَلَقَ وَمَنْ خَرَقَ». 3131 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَامِلٌ === أُخْرَى} (¬1) لكن الحديث ثابت بوجوه كثيرة وله معنى صحيح، وهو حمله على ما إذا رضي الميت ببكائهم أو أوصى به، أو علم من دأبهم أنهم يبكون عليه، ولم يمنعهم من ذلك، فلا وجه للإنكار ولا إشكال في الحديث والله تعالى أعلم. 3130 - "أو تَهمُّ به" بتشديد الميم أي لتقصد البكاء وتستعد له، "ليس منا"، أي من أهل سنتنا أو قربنا، أو هو تغليظ، "من حلق" أي شعره عند المصيبة لأجلها، "سلق" بالتخفيف أي رفع الصوت عند المصيبة، وقيل: أن تصك المرأة الوجه، "خرق" بالتخفيف أيضًا شق الثياب. 3131 - "فيما أخذ" أي شرط في البيعة، وقولها: "ألا نخمش" هو من باب ¬

_ (¬1) سورة الإسراء: الآية (15).

باب صنعة الطعام لأهل الميت

لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الرَّبَذَةِ، حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ، عَنِ امْرَأَةٍ، مِنَ الْمُبَايِعَاتِ، قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْرُوفِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَعْصِيَهُ فِيهِ: «أَنْ لَا نَخْمُشَ وَجْهًا، وَلَا نَدْعُوَ وَيْلًا، وَلَا نَشُقَّ جَيْبًا، وَأَنْ لَا نَنْشُرَ شَعَرًا». بَابُ صَنْعَةِ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ 3132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ شَغَلَهُمْ». بَابٌ فِي الشَّهِيدِ يُغَسَّلُ 3133 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ - أَوْ فِي حَلْقِهِ - فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ، قَالَ: وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === ضرب ونصر، أي لا نقشر الوجه ولا نأخذه بالأظافير. بَابُ صَنْعَةِ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ 3132 - "أمر يشغلهم" من باب منع. بَابٌ فِي الشَّهِيدِ يُغَسَّلُ 3133 - "فأدرج" أي أدخل ولف الحديد والسلاح والدرع والجلود التي

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3134 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ». 3135 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَهَذَا، لَفْظُهُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، «أَنَّ شُهَدَاءَ، أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ». 3136 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحُبَابِ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ يَعْنِي الْمَرْوَانِيَّ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَعْنَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ === لبسوها للبرد والحرب. 3136 - "وقد مثل به" بضم فكسر مع التخفيف أو التشديد للمبالغة، والاسم المثلة وهي تعذيب الحيوان أو المقتول بقطع أعضائه وتشويه خلقه، قبل أن يقتل أو بعده بأن يقطع أنفه أو أذنه أو نحو ذلك. "لولا أن تجد صفية" أي تحزن وتجزع، "العافية" كل طالب رزق من أنواع الحيوان، والمراد السباع والطيور التي تأكل الأموات والجمع العوافي وكان ذلك ليتم به الأجر له لكمل، ويكون كل البدن مصروفًا في سبيله تعالى، أو كأنه لبيان

عَلَى حَمْزَةَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: «لَوْلَا أَنْ تَجِدَ صَفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا لَتَرَكْتُهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الْعَافِيَةُ، حَتَّى يُحْشَرَ مِنْ بُطُونِهَا»، وَقَلَّتِ الثِّيَابُ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَكَانَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ يُكَفَّنُونَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ - زَادَ قُتَيْبَةُ: ثُمَّ يُدْفَنُونَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ - فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ. 3137 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَمْزَةَ، وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ غَيْرِهِ». === ليس عليه فيما فعلوا به من المثلة تعذيب حتى أن دفنه وتركه سواء، "يكفنون في الثوب الواحد" قال المظهر في شرح المصابيح: المراد بالثوب الواحد: القبر الواحد؛ إذ لا يجوز تجريدهما بحيث تتلاقى بشرتهما. اهـ، ونقله غير واحد وأقروه عليه لكن النظر في الحديث يرده قطعًا، بقي أنه ما معنى ذلك؟ والشهيد يدفن بثيابه التي عليه؟ فكأن هذا فيمن قطع ثوبه ولم يبق على بدنه أو بقي منه قليل لكثرة الجروح، وعلى تقدير بقاء شيء من الثوب السابق لا إشكال لكونه فاصلا عن ملاقاة البشىرة، وأيضًا قد اعتذر عنه بعضهم: بالضرورة، وقال بعضهم: جمعهما في ثوب واحد هو أن يقطع الثوب الواحد بينهما والله تعالى أعلم. 3137 - وقوله: "ولم يصل على أحد من الشهداء" من يقول بالصلاة على الشهيد يرى أن معناه: أنه ما صلى على أحلى كصلاته على حمزة؛ حيث صلى عليه مرارًا وصلى على غيره مرة والله تعالى أعلم.

باب في ستر الميت عند غسله

3138 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ، أَنَّ اللَّيْثَ، حَدَّثَهُمْ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ وَيَقُولُ: «أَيُّهُمَا أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ » فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا. 3139 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ اللَّيْثِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. بَابٌ فِي سَتْرِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ 3140 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ وَلَا تَنْظُرَنَّ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا === 3138 - "أنا شهيد على هؤلاء" تحمل كلمة على في مثله على معنى اللام، أي الشهيد لهم بأنهم بذلوا أرواحهم لله تعالى، وفيه تشريف لهم وتعظيم، وإلا فالأمر معلوم عنده تعالى والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي سَتْرِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ 3140 - "لا تبرز" من الإبراز، أي لا تظهر لمن لا يحل لك النظر إليه، وكذا قوله: "فخذ حي ولاميت" أي من ممن لا يحل لك النظر إلى فخذه والله

باب كيف غسل الميت

مَيِّتٍ». 3141 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا، أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: «أَنْ اغْسِلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ»، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: «لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ». بَابُ كَيْفَ غُسْلُ الْمَيِّتِ 3142 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ الْمَعْنَى، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا === تعالى أعلم. 3141 - "لو استقبلت من أمري" إلخ كأنها تفكرت بعد أن مضى. بَابُ كَيْفَ غُسْلُ الْمَيِّتِ 3142 - "فقال" أي للنساء الحاضرات وكانت فيهم أم عطية أيضًا "أكثر من ذلك" بكسر الكاف، قيل: خطاب لأم عطية، قلت: بيّن لرئيستهن سواء كانت

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حَقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» قَالَ: عَنْ مَالِكٍ، يَعْنِي إِزَارَهُ، وَلَمْ يَقُلْ مُسَدَّدٌ، دَخَلَ عَلَيْنَا. 3143 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَأَبُو كَامِلٍ، بِمَعْنَى الْإِسْنَادِ: أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ حَفْصَةَ أُخْتِهِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: مَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. 3144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: وَضَفَّرْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، ثُمَّ === هي أو غيرها، ويدل الحديث على أنه لا تحديد في غسل الميت، بل المطلوب التنظيف لكن لا بد من مراعاة الإيتار، "فآذنني" بمد الهمزة وتشديد النون الأولى من الإيذان، ويحتمل أن يجعل من التأذين والمشهور الأول، "حقوه" بفتح الحاء والكسر لغة في الأصل معقد الإزار، ثم يراد به الإزار للمجاورة، "أشعرنها" من الإشعار. أي اجعلنه شعارًا لها وهو الثوب الذي يلي الجسد إنما أمر بذلك تبركًا به. 3143 - "مشطناها" أي شعرها. 3144 - "ثلاثة قرون" ثلاثة ضفائر؛ ضفيرتان من القرنين وواحدة من

باب في الكفن

أَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا مُقَدَّمَ رَأْسِهَا وَقَرْنَيْهَا. 3145 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُنَّ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا». 3146 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ، زَادَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، بِنَحْوِ هَذَا وَزَادَتْ فِيهِ أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّهُ. 3147 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْغُسْلَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، «يَغْسِلُ بِالسِّدْرِ مَرَّتَيْنِ، وَالثَّالِثَةَ بِالْمَاءِ وَالْكَافُورِ». بَابٌ فِي الْكَفَنِ 3148 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الناحية. 3147 - "يأخذ الغسل" أي يتعلم. بَابٌ فِي الْكَفَنِ 3148 - "حتى يصلي" على بناء الفاعل، أي يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، "فليحسن كفنه" قيل: بسكون الفاء مصدر، أي تكفينه فيشمل الثوب وهيئته وعمله،

وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ، حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ». 3149 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أُدْرِجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ ثُمَّ أُخِّرَ عَنْهُ». 3150 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَعيِلُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ يَعْنِي ابْنَ مُنَبِّهٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تُوُفِّيَ === والمعروف الفتح؛ قال النووي في شرح المهذب: هو الصحيح، قال أصحابنا: والمراد بتحسينه بياضه ونظافته وسبوغه وكثافته لا كونه ثمينًا؛ لحديث النهي عن المغالاة (¬1). 3149 - "في ثوب حبرة" بكسو حاء وفتح ياء، برد مخططة يمان، واللفظ من باب الإضافة أو التوصيف، "ثم أخر" من التأخير. 3150 - "فوجد" أي أهله على حذف المضاف أو التجوز في النسبة وكذا ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 7/ 11. والمجموع في شرح المهذب: النووي 5/ 196، 197. طبعة دار الفكر.

أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ». 3151 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، قَالَتْ: «كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ». 3152 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ زَادَ: مِنْ كُرْسُفٍ، قَالَ: فَذُكِرَ لِعَائِشَةَ قَوْلُهُمْ: فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدٍ حِبَرَةٍ، فَقَالَتْ: قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ. === قوله: "فليكفن" والأقرب فيه البناء للمفعول. 3151 - "يمانية" بالتخفيف، أي أصله يمنية بالتشديد نسبة إلى اليمن؛ لكن قدمت إحدى اليائين، ثم قلبت ألفًا أو حذفت، وعوض منها بألف على خلاف القياس ويؤخذ من الحديث استحباب بياض الكفن، لأن الله تعالى لم يكن يختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - إلا الأفضل، ولعل حديث: "فليكفن في ثوب حبرة" محمول على قلة الثياب البيض عندهم يومئذ والله تعالى أعلم. "ليس فيها قميص" إلخ الجمهور على أنه لم يكن في الثياب التي كفن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصر ولا عمامة أصلًا، وقيل: ما كان القميص والعمامة من الثلاثة بل كانا زائدين على الثلاثة، قال العراقي: وهو خلاف الظاهر (¬1)، قلت: يرده حديث أبي بكر: "في كم كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فقالت عائشة: في ثلاثة أثواب، فقال أبو بكر لثوب عليه: كفنوني فيه مع ثوبين" (¬2) وهو حديث صحيح. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده 6/ 45 بلفظ: "كفنوني في ثوبي هذين واشتروا ثوبًا آخر". (¬2) سنن النسائي بشرح السيوطي: 4/ 35.

باب كراهية المغالاة في الكفن

3153 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ نَجْرَانِيَّةٍ: الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ، وَقَمِيصُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عُثْمَانُ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ: حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، وَقَمِيصِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُغَالَاةِ فِي الْكَفَنِ 3154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ أَبُو مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَا تُغَالِ لِي فِي كَفَنٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === 3153 - "عن ابن عباس قال: كفن" إلخ قال النووي: هذا الحديث ضعيف لا يصلح الاحتجاج به؛ لأن يزيد بن زياد مجمع على ضعفه؛ لا سيما وقد خالف روايته رواية الثقات (¬1)، ولا يخفى أن التكفين في القميص الذي مات فيه وغسل فيه مستبعد عادة أيضًا؛ لكونه يبلل الأكفان والله تعالى أعلم. بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُغَالَاةِ فِي الْكَفَنِ 3154 - "لا تغال" على بناء المفعول من المغالاة، وهو نفي بمعنى النهي، "فإنه يسلبه" على بناء المفعول ونائب الفاعل ضمير الميت والمنصوب للكفن، وسلبه عن الميت سريعًا هو تمزيق الأرض إياه عن قريب وتقطيعه، وقال السيوطي: للحاكم عن حذيفة أنه قال عند موته: اشتروا لي ثوبين أبيضين ولا ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي: 7/ 8.

يَقُولُ: «لَا تَغَالَوْا فِي الْكَفَنِ، فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سَلْبًا سَرِيعًا». 3155 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: إِنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الإِذْخِرِ». 3156 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ، وَخَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ الْكَبْشُ الْأَقْرَنُ». === عليكم أن تغالوا فإنهما لم يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خير منها أو شر منهما (¬1). 3155 - "إلا نمرة" بفتح فكسر، بردة مخططة من صوف أو غيره. 3156 - "الحلة" هي واحدة الحلل، وهي برود اليمن ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد، ولعل المراد أنها من خير الكفن، والمطلوب بيان وفائها في التكفين والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) بمعناه عند الحاكم في المستدرك في الجنائز: 1/ 354.

باب في كفن المرأة

بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَرْأَةِ 3157 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ حَكِيمٍ الثَّقَفِيُّ - وَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، يُقَالُ لَهُ: دَاوُدُ، قَدْ وَلَّدَتْهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ لَيْلَى بِنْتَ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِقَاءَ، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخَرِ»، قَالَتْ: «وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا». بَابٌ [فِي] الْمِسْكِ لِلْمَيِّتِ 3158 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمُسْتَمِرُ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْيَبُ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ». === بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَرْأَةِ 3157 - "الحقاء" ضبط بكسر الحاء قال السيوطي: جمع حقو. قلت: فالمراد هاهنا الجنس بناء على ما قالوا لام التعريف إذا كان يبطل معنى الجمعية والله تعالى أعلم. "ثم الدرع" بكسر الدال قميص المرأة.

باب التعجيل بالجنازة وكراهية حبسها

بَابُ التَّعْجِيلِ بِالْجَنَازَةِ وَكَرَاهِيَةِ حَبْسِهَا 3159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّؤَاسِيُّ أَبُو سُفْيَانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هُوَ ابْنُ يُونُسَ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُثْمَانَ الْبَلَوِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ، أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ، مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَرَى طَلْحَةَ إِلَّا قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُوا فَإِنَّهُ، لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ». بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ 3160 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الجَنَابَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَة، وَمِنَ الحِجَامَةِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ. 3161 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ === بَابٌ فِي الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ 3161 - "فليغتسل" حمله كثير على أنه مندوب احتياطًا لدفع ما يتوهم من إصابة نجاسة بالبدن بواسطة أن بدن الميت لا يخلو عنها غالبًا؛ وقيل: مسنون أو

باب في تقبيل الميت

فَلْيَتَوَضَّأْ». 3162 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْحَاقَ، مَوْلَى زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا مَنْسُوخٌ، وسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَسُئِلَ عَنِ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: «يُجْزِيهِ الْوُضُوءُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَدْخَلَ أَبُو صَالِحٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ، قَالَ: وَحَدِيثُ مُصْعَبٍ ضَعِيفٌ فِيهِ خِصَالٌ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ. بَابٌ فِي تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ 3163 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حَتَّى رَأَيْتُ الدُّمُوعَ تَسِيلُ». بَابٌ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ 3164 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ === واجب، وأما الوضوء للحمل، فالمراد أن الحامل عادة يصلي على الميت فليكن على وضوء لذلك. بَابٌ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ 3164 - "الذي كان يرفع" إلخ قال السيوطي: هو عبد الله ذو البجادين.

باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض [وكراهة ذلك]

عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ، فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ» فَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ. بَابٌ فِي الْمَيِّتِ يُحْمَلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ [وَكَرَاهَةِ ذَلِكَ] 3165 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا حَمَلْنَا الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ، فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ» فَرَدَدْنَاهُمْ. بَابٌ فِي الصُّفُوفِ عَلَى الْجَنَازَةِ 3166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَوْجَبَ»، قَالَ: فَكَانَ مَالِكٌ «إِذَا اسْتَقَلَّ أَهْلَ الْجَنَازَةِ جَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ صُفُوفٍ لِلْحَدِيثِ». === بَابٌ فِي الصُّفُوفِ عَلَى الْجَنَازَةِ 3166 - "أوجب" أي أستحق الجنة، "إذا استقل" أي عدهم قليلين لا يبلغون ثلاثة صفوف لو تركوا على حالهم، "جزأهم" بتشديد والهمزة من التجزئة، أي قسمهم ثلاثة صفوف.

باب اتباع النساء الجنائز

بَابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ 3167 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «نُهِينَا أَنْ نَتَّبِعَ الْجَنَائِزَ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا». بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ [وَتَشْيِيعِهَا] 3168 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْوِيهِ، قَالَ: «مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ - أَوْ أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ -». 3169 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُسَيْنٍ الْهَرَوِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ وَهُوَ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ دَاوُدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، === بَابُ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ 3167 - "ولم يعزم" على بناء المفعول، أي ولم يقطع علينا بالنهي ليكون مكروهًا تنزيهًا. بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ [وَتَشْيِيعِهَا] 3168 - "فله قيراط" وعبارة عن ثواب معلوم عند الله تعالى، عبر عنه ببعض أسماء المقادير وفسر بجبل عظيم تعظيمًا له، "مثل أحد" بضمتين ويحتمل أن ذلك أحمل يتجسم على قدر جرم الجبل المذكور وتثقيلا للميزان. 3169 - "فأرسل ابن عمر إلى عائشة" أي تحقيقًا وتثبتًا للحديث لا شكًّا في

باب في النار يتبع بها الميت

حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ الْمَقْصُورَةِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا» فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيث سُفْيَان، فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ. 3170 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ». بَابٌ فِي النَّارِ يُتْبَعُ بِهَا الْمَيِّتُ 3171 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ === أبي هريرة. 3170 - "إلا شفعوا" بالتشديد أي قبلت شفاعتهم فيه. بَابٌ فِي النَّارِ يُتْبَعُ بِهَا الْمَيِّتُ 3171 - "لا تتبع" على بناء المفعول، والمراد بالصوت إما البكاء أو مطلق الصوت فيشمل رفع الصوت بلا إله إلا الله، ونحوه خلف الجنازة، "ولا يمشى بين يديها" قال البيهقي في سننه: يريد (¬1) والله تعالى أعلم: ولا يمشى بين يديها ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبري في الجنائز: 3/ 394, 395.

باب القيام للجنازة

الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَرْبٌ يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنِي بَابُ بْنُ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُتْبَعُ الْجَنَازَةُ بِصَوْتٍ، وَلَا نَارٍ» زَادَ هَارُونُ: «وَلَا يُمْشَى بَيْنَ يَدَيْهَا». بَابُ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ 3172 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا، حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ». 3173 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَبِعْتُمُ الْجَنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ فِيهِ: «حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ»، وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ». === بنار كما لا تتبع بنار، قلت: لا وجه لتخصيص النار، بل الظاهر: لا يمشى بين يدينها بصوت ولا بنار كما لا تتبع بها والله تعالى أعلم. بَابُ الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ 3173 - "تخلفكم" بضم وتشديد لام، أي تتجاوزكم وتجعلكم خلفها، ونسبة التخليف إلى الجنازة مجازية، والمراد تخليف حاملها والله تعالى أعلم.

3174 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّتْ بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا، فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَحْمِلَ إِذَا هِيَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هِيَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ جَنَازَةً فَقُومُوا». 3175 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِي الْجَنَائِزِ ثُمَّ قَعَدَ بَعْدُ». 3176 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ بَهْرَامَ الْمَدَائِنِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْبَاطِ الْحَارِثِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 3174 - "فقوموا" أي تعظيمًا لهول الموت وفزعه لا تعظيمًا للميت، فلا يختص القيام بميت دون ميت. 3175 - "ثم قعد بعد" أي ترك القيام لها بعد، فهو منسوخ وعليه الجمهور، أو ثم قعد من ذلك القيام بعد أن غابت تلك الجنازة، أو المراد أنه ما تبعها وهذا هو المتبادر من اللفظ، وبالجملة فهذا اللفظ محتمل، فالاستدلال به وحده على النسخ لا يخلو عن خفاء، والله تعالى أعلم. 3176 - "يقوم في الجنازة" أي لأجلها إذا تبعها كما تدل عليه الغاية فلا يلزم

باب الركوب في الجنازة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ فِي الْجَنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَمَرَّ بِهِ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ». بَابُ الرُّكُوبِ فِي الْجَنَازَةِ 3177 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجَنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي، فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ». 3178 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: «صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ الدَّحْدَاحِ وَنَحْنُ شُهُودٌ، ثُمَّ أُتِيَ بِفَرَسٍ فَعُقِلَ حَتَّى رَكِبَهُ، فَجَعَلَ يَتَوَقَّصُ بِهِ === من هذا الحديث نسخ القيام لها إذا مرت به "خبر" بفتح أوله: عالم. بَابُ الرُّكُوبِ فِي الْجَنَازَةِ 3178 - "على ابن الدحداح" (¬1) بدالين وحائين مهملات، "يتوقص به" بالقاف المشددة والصاد المهملة أي يتوثب به, وفي مصنف ابن أبي شيبة "يتوقس" ¬

_ (¬1) أبو الدحداح الأنصاري حليف لهم. قال أبو عمر: لم أقف على اسمه ولا نسبه أكثر من أنه حليف لهم. وقال البغوي: أبو الدحداح الأنصاري ولم يزد. الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: 4/ 59.

باب المشي أمام الجنازة

وَنَحْنُ نَسْعَى حَوْلَهُ». بَابُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ 3179 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ». 3180 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَأَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ زِيَادٍ أَخْبَرُونِي أَنَّهُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا، وَأَمَامَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ». === بالسين المهملة (¬1) وهما لغتان ذكره السيوطي في حاشية الترمذي. بَابُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ 3180 - "قريب منها" هكذا في بعض النسخ، لكن يقرأ بالنصب كما في بعض النسخ، وقد مر أن أهل الحديث يسامحون في كتابة الألف في المنصوب، لكن العبرة للفظ لا للخط. "والسقط" بكسر السين أكثر من الضم والفتح، ولا يسقط من بطن أمه قبل تمامه، وأخذ بهذا الحديث أحمد وغيره، لكن الجمهور أخذوا بحديث جابر: "الطفل لا يصلى عليه حتى يستهل" ترجيحًا للحرمة على الحل عند التعارض والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) ابن أبي شيبة: 3/ 729. كتاب الجنائز، من رخص في الركوب أمام الجنازة.

باب الإسراع بالجنازة

بَابُ الْإِسْرَاعِ بِالْجَنَازَةِ 3181 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». 3182 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَكُنَّا نَمْشِي مَشْيًا خَفِيفًا، فَلَحِقَنَا أَبُو بَكْرَةَ فَرَفَعَ سَوْطَهُ، فَقَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابُ الْإِسْرَاعِ بِالْجَنَازَةِ 3181 - "أسرِعوا بالجنازة" ظاهره الأمر للحملة بالإسراع في المشي، ويحتمل الأمر بالإسراع في التجهيز، وقال النووي: الأول هو المتعين لقوله: "فشرٌّ تضعونه عن رقابكم" (¬1) ولا يخفى أنه يمكن تصحيحه على المعنى الثاني بأن يجعل الوضع عن الرقاب كناية عن التبعيد عنه وترك التلبس به، "فخير تقدمونها إليه" الظاهر أن التقدير: فهي خير، أي الجنازة بمعنى الميت لمقابلته بقوله: "فشر" وحينئذ لا بد من اعتبار الاستخدام في ضمير "إليه" الراجع إلى الخير، ويمكن أن يقدر: فلها خير أو فهناك خير، لكن لا يساعده المقابلة والله تعالى أعلم. 3182 - "فرفع سوطه" أي علينا ليسوقنا به، "نرمل" من باب نصر، "رملًا" ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي 7/ 13.

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرْمُلُ رَمَلًا». 3183 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنْ عُيَيْنَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَا: فِي جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَقَالَ: فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ بَغْلَتَهُ وَأَهْوَى بِالسَّوْطِ. 3184 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَحْيَى الْمُجَبِّرِ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مَاجِدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَشْيِ مَعَ الْجَنَازَةِ، فَقَالَ: «مَا دُونَ === بفتحتين، أي نسرع في المشي. 3183 - "وأهوى" أي مد يده. 3183 - "ما دون الخبب" أي أسرع دون الخبب، وهو بفتحتين سرعة المشي مع متقارب الخطا، "فبعدًا لأهل النار" دعاء عليهم بالهلاك مثل قوله تعالى: {وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (¬1) وهو مصدر بَعِد بالكسر، أي هلك، ويحتمل أن المراد: فأبعدوه عنكم بسرعة المشي لكونه من أهل النار، "ولا تتبع" على بناء الفاعل بالتخفيف، أي وليست بتابعة وفائدة بيان أنها متبوعة محضة لا تكون تابعة أصلا؛ لا أنها متبوعة من وجه تابعة من وجه، "ليس معها" أي ليس المتقدم تابعًا لها فلا يثاب، وقد ضعف الترمذي وغيره هذا الحديث بجهالة أبي ماجدة (¬2)، وقد وجد تضعيف الحديث بذلك في بعض نسخ أبي داود ¬

_ (¬1) سورة هود: الآية (44). (¬2) الترمذي في الجنائز عند حديث رقم (1011).

باب الإمام لا يصلي على من قتل نفسه

الْخَبَبِ إِنْ يَكُنْ خَيْرًا تَعَجَّلَ إِلَيْهِ، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَبُعْدًا لِأَهْلِ النَّارِ، وَالْجَنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ، وَلَا تُتْبَعُ لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَحْيَى الْجَابِرُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا كُوفِيٌّ وَأَبُو مَاجِدَةَ بَصْرِيٌّ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَبُو مَاجِدَةَ، هَذَا لَا يُعْرَفُ. بَابُ الْإِمَامِ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ 3185 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، قَالَ: مَرِضَ رَجُلٌ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ جَارُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، قَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ؟ » قَالَ: أَنَا رَأَيْتُهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ» قَالَ: فَرَجَعَ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ» فَرَجَعَ فَصِيحَ عَلَيْهِ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبِرْهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ الرَّجُلُ فَرَآهُ قَدْ نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === أيضًا, قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يضعف أبا ماجدة هذا، وقال محمد: قال الحميدي: قال ابن عيينة: قيل ليحيي مَن أبو ماجدة هذا؟ قال: طائر طار فحدثنا (¬1) اهـ. بَابُ الْإِمَامِ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ 3185 - "بمشقص معه" بكسر ميم وفتح قاف, نصل السهم إذا كان طويلا ¬

_ (¬1) المرجع السابق (1011).

باب الصلاة على من قتلته الحدود

فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ؟ » قَالَ: رَأَيْتُهُ يَنْحَرُ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ مَعَهُ، قَالَ: «أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «إِذًا لَا أُصَلِّيَ عَلَيْهِ». بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَتْهُ الْحُدُودُ 3186 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، حَدَّثَنِي نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ». بَابٌ [فِي] الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ 3187 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ === غير عريض. بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَتْهُ الْحُدُودُ 3186 - "على ما عز بن مالك" رجم حدًّا. بَابٌ [فِي] الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ 3187 - "فلم يصل عليه" قال الخطابي قال بعض أهل العلم: استغني إبراهيم عن الصلاة عليه بنبوة أبيه، كما استغنى الشهيد عن الصلاة عليه بقربة الشهادة (¬1)، وقال الزركشي: ذكروا في ذلك وجوهًا منها ألا يصلي نبي علي ¬

_ (¬1) معالم السنن: 1/ 311.

بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 3188 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَهِيَّ، قَالَ: «لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَقَاعِدِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيِّ، قِيلَ لَهُ: حَدَّثَكُمْ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ لَيْلَةً. === نبي، وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيًّا، ومنها أنه شغل بصلاة الكسوف، وقيل المعنى: أنه لم يصل عليه بنفسه وصلى عليه غيره، وقيل: إنه لم يصل عليه في جماعة. وقد ورد أنه صلى عليه، رواه ابن ماجه عن ابن عباس (¬1) وأحمد عن البراء (¬2) وأبو يعلى عن أنس (¬3) والبزار عن أبي سعيد (¬4) وأسانيدها ضعيفة، وحديث أبي داود أقوى وصححه ابن حزم. ¬

_ (¬1) ابن ماجه في الجنائز (1511). (¬2) أحمد في مسنده 4/ 283. (¬3) مسند أبي يعلى 6/ 335 (3660). (¬4) كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتاب والسنة: 1/ 386 في الجنائز باب التبكير في الجنازة: (816).

باب الصلاة على الجنازة في المسجد

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ 3189 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عَجْلَانَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «وَاللَّهِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ». 3190 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ: سُهَيْلٍ، وَأَخِيهِ. 3191 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثَنِي صَالِحٌ، === بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ 3191 - "فلا شيء عليه" ظاهره فلا أجر له كما في رواية، وسلب الأجر من الفعل الموضوع للأجر، يقتضي عدم الصحة، ولذا جاء في رواية ابن أبي شيبة في مصنفه: فلا صلاة له (¬1) لكن يشكل بأن الصلاة صحيحة إجماعًا فيحمل على أنه ليس له أجر كامل، وأجاب النووي: بأن الحديث ضعيف تفرد به صالح مولى التؤمة وهو ضعيف (¬2)، وأيضًا قد جاء في نسخ أبي داود فلا شيء عليه: فلا حجة فيه. ورده المحقق ابن الهمام في الفتح بأن مولى التؤمة ثقة لكنه ¬

_ (¬1) ابن أبي شيبة في مصنفه: في الجنائز. من كره الصلاة على الجنائز في المسجد 34/ 365. (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي: 7/ 40.

باب الدفن عند طلوع الشمس و [عند] غروبها

مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي الْمَسْجِد، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ». بَابُ الدَّفْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ [عِنْدَ] غُرُوبِهَا 3192 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ === اختلط في آخر عمره في سمع قبل ذلك فهو حجة (¬1)، وكلهم على أن ابن أبي ذئب راوي الحديث روى عنه قبل الاختلاط فوجب قبوله، ورواية "فلا شيء عليه" لا تعارض على المشهور اهـ. ويمكن أن يقال معنى: "فلا شيء له" فلا أجر له، لأجل كونه في المسجد، فالحديث لبيان أن صلاة الجنازة في المسجد ليس لها أجر لأجل كونها في المسجد، كما في المكتوبات، فأجر أصل الصلاة باق، وإنما الحديث لإفادة سلب الأجر بواسطة ما يتوهم من إيقاعها في المسجد، فيكون الحديث مفيدًا لإباحة الصلاة في المسجد من غير أن يكون لها بذلك فضيلة زائدة على كونها خارجة، وينبغي أن يتعين هذا الاحتمال دفعًا للتعارض وتوفيقًا بين الأدلة بحسب الإمكان، وعلى هذا فالقول بكراهة الصلاة في المسجد مشكل، نعم ينبغي أن يكون الأفضل خارج المسجد بناء على أن الغالب أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي خارج المسجد، وفعله في المسجد كان مرة أو مرتين والله تعالى أعلم. بَابُ الدَّفْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ [عِنْدَ] غُرُوبِهَا 3192 - "أو نقبر" من باب نصر وضرب لغة، ثم حمله كثير على صلاة ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن حجر: إنه صدوق، اختلط بآخره، فقال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج وقد أخطأ من زعم أن البخاري أخرج له. تقريب التهذيب: 1/ 363.

باب إذا حضر جنائز رجال ونساء من يقدم

عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، قَالَ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ أَوْ كَمَا، قَالَ. بَابٌ إِذَا حَضَرَ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ مَنْ يُقَدَّمُ 3193 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ صَبِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارٌ، مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَنَّهُ شَهِدَ جَنَازَةَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَابْنِهَا، فَجُعِلَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، === الجنازة، ولعله من باب الكناية للملازمة بينهما، ولا يخفى له أنه معنى بعيد لا ينساق إليه الذهن من لفظ الحديث، قال بعضهم: يقال: قبره إذا دفنه، ولا يقال: قبره إذا صلى عليه، والأقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد وغيره أن الدفن مكروه في هذه الأوقات، "بازغة" أي طالعة ظاهرة لا يخفى طلوعها، "وحين يقوم قائم الظهيرة" أي يقف ويستقر الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسب ما يبدو فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له سرعة حركة حتى يظهر بمرأى العين أنه واقف وهو سائر حقيقة، في المجمع إذا بلغ الشمس وسط السماء أبطأت حركته إلى أن تزول فيحسب أنها وقفت وهي سائرة، ولا شك أن الظل تابع له، والحاصل أن المراد عند الاستواء، "وحين تضيّف" بتشديد الياء المثناة بعد الضاد المعجمة المفتوحة وضم الفاء صيغة المضارع، أصله تتضيف بالتاءين حذفت إحداهما وفي بعض النسخ بهما أيضًا أي تميل.

باب أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه

وَفِي الْقَوْمِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالُوا: «هَذِهِ السُّنَّةُ». بَابُ أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ مِنَ الْمَيِّتِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ 3194 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ، فَمَرَّتْ جَنَازَةٌ مَعَهَا نَاسٌ كَثِيرٌ قَالُوا: جَنَازَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَتَبِعْتُهَا فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ كِسَاءٌ رَقِيقٌ عَلَى بُرَيْذِينَتِهِ، وَعَلَى رَأْسِهِ خِرْقَةٌ تَقِيهِ مِنَ الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا الدِّهْقَانُ؟ قَالُوا: هَذَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ قَامَ أَنَسٌ فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَأَنَا خَلْفَهُ لَا يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، لَمْ يُطِلْ وَلَمْ يُسْرِعْ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقْعُدُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ الْمَرْأَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ. فَقَرَّبُوهَا وَعَلَيْهَا نَعْشٌ أَخْضَرُ، فَقَامَ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلَاتِهِ عَلَى الرَّجُلِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ، يَا أَبَا حَمْزَةَ، «هَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، عَلَى الْجَنَازَةِ كَصَلَاتِكَ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ»، قَالَ: نَعَمْ قَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْتُ مَعَهُ حُنَيْنًا، فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ === بَابُ أَيْنَ يَقُومُ الْإِمَامُ مِنَ الْمَيِّتِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ 3194 - "في سكة المِربَد" بكسر ميم وفتح باء، موضع بالبصرة "على بريذينة" تصغير برذون أي فرس صغير، "هذا الدهقان" بكسر الدال وضمها، وقيل: ضم الدال أشهر الثلاثة، رئيس القرية ومقدم أصحاب الزراعة، "فصلى

فَحَمَلُوا عَلَيْنَا، حَتَّى رَأَيْنَا خَيْلَنَا وَرَاءَ ظُهُورِنَا، وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ يَحْمِلُ عَلَيْنَا فَيَدُقُّنَا، وَيَحْطِمُنَا، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ، وَجَعَلَ يُجَاءُ بِهِمْ فَيُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَلَيَّ نَذْرًا: إِنْ جَاءَ اللَّهُ بِالرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مُنْذُ الْيَوْمَ يَحْطِمُنَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجِيءَ بِالرَّجُلِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُبْتُ إِلَى اللَّهِ، فَأَمْسَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُبَايِعُهُ، لِيَفِيَ الْآخَرُ بِنَذْرِهِ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَأْمُرَهُ بِقَتْلِهِ، وَجَعَلَ يَهَابُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا بَايَعَهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَذْرِي؟ فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أُمْسِكْ عَنْهُ مُنْذُ الْيَوْمَ إِلَّا لِتُوفِيَ بِنَذْرِكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ» قَالَ أَبُو غَالِبٍ: «فَسَأَلْتُ عَنْ صَنِيعِ أَنَسٍ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ عِنْدَ عَجِيزَتِهَا، فَحَدَّثُونِي أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ النُّعُوشُ، فَكَانَ الْإِمَامُ يَقُومُ حِيَالَ عَجِيزَتِهَا يَسْتُرُهَا مِنَ الْقَوْمِ»، قَالَ === عليها" أي على الجنازة، "عند عجيزتها" عجيزة المرأة عجزها وعجز مؤخر الشيء، وفي رواية الترمذي: فقام حيال وسط السرير (¬1)، فكأن المراد، أنه تأخر عن الوسط أدنى شيء، "حتى رأينا خيلنا" إلخ كناية عن الفرار "ويحلمنا" يكسرنا، "وجعل" أي شرع الأمر، "يجاء" على بناء المفعول، "يهاب" يخاف، ¬

_ (¬1) الترمذي في الجنائز: (1034).

باب التكبير على الجنازة

أَبُو دَاوُدَ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» نُسِخَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ فِي قَتْلِهِ، بِقَوْلِهِ إِنِّي قَدْ تُبْتُ. 3195 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا لِلصَّلَاةِ وَسَطَهَا». بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ 3196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَبْرٍ رَطْبٍ فَصَفُّوا عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا»، فَقُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: الثِّقَةُ مَنْ شَهِدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ. === "أومضت" بالضاد المعجمة، أي رمزت بعينك. 3195 - "فقام وسطها" بسكون السين أي صلى محاذيًا لوسطها بفتح السين سم، وبسكونها ظرف. بَابُ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ 3196 - "رطب" أي جديد، وهذا الحديث وأمثاله لا يمكن حملها على عدم الصلاة على صاحب القبر قبل، كما لا يخفى، فلا مخلص لمن لا يقول به، إلا القول بالخصوص، وفي الأحاديث ما يمكن أن يكن إشارة إلى ذلك أيضًا والله تعالى أعلم.

باب ما يقرأ على الجنازة

3197 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ زَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ أَرْقَمَ، يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا، وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ خَمْسًا، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَأَنَا لِحَدِيثِ ابْنِ الْمُثَنَّى أَتْقَنُ». بَابُ مَا يَقْرَأُ عَلَى الْجَنَازَةِ 3198 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقَالَ: «إِنَّهَا مِنَ السُّنَّةِ». === 3197 - "يكبرها" أي الخمس أحيانًا، وثبوت الزيادة على أربع لا مرد له من حيث الرواية، إلا أن الجمهور على أن آخر الأمر كان أربعًا، وهو ناسخ لما تقدم والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَقْرَأُ عَلَى الْجَنَازَةِ 3198 - "إنها من السنة" هذه الصيغة عندهم حكمها الرفع، لكن في إفادته الافتراض بحث، نعم ينبغي أن تكون الفاتحة أولى وأحسن من غيرها من الأدعية، ولا وجه للمنع عنها، وعلى هذا كثير من محققي علمائنا، إلا أنهم قالوا: يقرأ بنية الدعاء والثناء لا بنية القراءة والله تعالى أعلم.

باب الدعاء للميت

بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ 3199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ». 3200 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجُلَاسِ عُقْبَةُ بْنُ سَيَّارٍ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ شَمَّاخٍ، قَالَ: شَهِدْتُ مَرْوَانَ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ؟ قَالَ: أَمَعَ الَّذِي قُلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَلَامٌ كَانَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبُّهَا، وَأَنْتَ خَلَقْتَهَا، وَأَنْتَ هَدَيْتَهَا لِلْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِسِرِّهَا وَعَلَانِيَتِهَا، جِئْنَاكَ شُفَعَاءَ فَاغْفِرْ لَهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَخْطَأَ شُعْبَةُ فِي اسْمِ عَلِيِّ بْنِ شَمَّاخٍ، قَالَ فِيهِ: عُثْمَانُ بْنُ شَمَّاسٍ، وَسَمِعْتُ === بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ 3200 - "قال: أمع الذي" إلخ، أي قال أبو هريرة ذلك، وقوله: "قال: كلام" أي قال على ابن شماخ (¬1) في بيان كلام أبي هريرة ومروان أنه كلام كان بينهما قبل ذلك، "قال أبو هريرة" أي في جواب كيف: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) علي بن شماخ: بمعجمة وتشديد وآخره معجمة، مقبول، من الثالثة. تقريب التهذيب: 2/ 38.

أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، الْمُوصِلِيَّ يُحَدِّثُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي جَلَسْتُ مِنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَجْلِسًا إِلَّا نَهَى فِيهِ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَجَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ. 3201 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا، وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا، وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ === إلخ، "ربها" أبي رب الجنازة، والمراد: الميت، فهذا الدعاء يعم الذكر والأنثى. 3201 - وقوله: "وصغيرنا" إلخ، المقصود في مثله تعميم المغفرة، فلا إشكال بأن المغفرة مسبوقة بالذنوب فكيف تتعلق بالصغير، ولا ذنب له، "فأحيه على الإيمان" المشهور الموجود في رواية الترمذي وغيره: "فأحيه على الإسلام" (¬1) وتوفه على الإيمان، وهو الظاهر المناسب؛ لأن الإسلام هو التمسك بالأركان الظاهرية، وهذا لا يتأتى إلا في حالة الحياة، وأما الإيمان فهو التصديق الباطني، وهو الذي المطلوب عليه الوفاة، فتخصيص الأول بالإحياء، والثاني بالإماتة. هو الوجه والله تعالى أعلم. "لا تحرمنا" من باب ضرب أو من باب أفعل، قال السيوطي: بفتح التاء وضمها لغتان فصيحتان والفتح أفصح، يقال: حرمه وأحرمه، والمراد: أجر ¬

_ (¬1) الترمذي في الجنائز (1024) وقال: حديث والد أبي إبراهيم حديث حسن صحيح، وابن ماجه في الجنائز (1498).

باب الصلاة على القبر

مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ». 3202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ - وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَمُّ - حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ، فَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مِنْ ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ - وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَمْدِ، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَنْ مَرْوَانَ بْنِ جَنَاحٍ. بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ 3203 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، === موته، فإن المؤمن أخو المؤمن، فموته مصيبة عليه يطلب فيها الأجر والله تعالى أعلم. 3202 - "في ذمتك" في حفظك، "فقه" صيغة الأمر من الوقاية، والفاء لتفريع، والضمير للميت. بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ 3203 - "يقم" بضم القاف وتشديد الميم أي يكنسه، "آذنتموني به" بمد

باب [في] الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك

عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ - أَوْ رَجُلًا - كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: مَاتَ، فَقَالَ: «أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ » قَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ؟ » فَدَلُّوهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. بَابٌ [فِي] الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ 3204 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ». 3205 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى أَرْضِ النَّجَاشِيِّ - فَذَكَرَ حَدِيثَهُ - قَالَ النَّجَاشِيُّ: === الهمزة من الإيذان، أي أعلمتموني به أي بموته حين مات، ومن لا يقول بذلك فقد سبق جوابهم عن الحديث. بَابٌ [فِي] الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ 3204 - "نعي للناس" أي أخبرهم بموته، "والنجاشي" بفتح النون وتخفيف الياء أشهر، "وخرج بهم" دليل على أن الأفضل الصلاة خارج المسجد، وإن لم تكن الجنازة حاضرة، ومن لا يقول بالصلاة على الغائب يحمل الحديث على الخصوص، أو على حضور الجنازة عنده - صلى الله عليه وسلم -، ومن يقول بها ينازعه بأن كلًّا منهما محتاج إلى دليل والله تعالى أعلم.

باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم

أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَلَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ حَتَّى أَحْمِلَ نَعْلَيْهِ. بَابٌ فِي جَمْعِ الْمَوْتَى فِي قَبْرٍ وَالْقَبْرُ يُعَلَّمُ 3206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، بِمَعْنَاهُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ كَثِيرٌ: قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: «أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي». بَابٌ فِي الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ هَلْ يَتَنَكَّبُ ذَلِكَ الْمَكَانَ؟ 3207 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدٍ يَعْنِي === بَابٌ فِي جَمْعِ الْمَوْتَى فِي قَبْرٍ وَالْقَبْرُ يُعَلَّمُ 3206 - "والقبر يُعلّم" أي يجعل له علامة يعرف بها أنه قبر، والمراد بقوله: "في قبر" أي في مكان قبر ومحله، فإنه المناسب للحديث، "وحسر" أي كشف، وتأنيث ضمائر حجر الكشف باعتبار أنه علامة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قبر أخي" إما الأخوة الإسلام، أو لأنه أخوه من الرضاعة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ هَلْ يَتَنَكَّبُ ذَلِكَ الْمَكَانَ؟ 3207 - "كسر عظم الميت" قال السيوطي في بيان سبب الحديث: عن جابر

باب في اللحد

ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا». بَابٌ فِي اللَّحْدِ 3208 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا». بَابُ كَمْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ 3209 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي === "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - على شفير القبر وجلسنا معه، فأخرج الحفار عظمًا ساقًا أو عضدًا فذهب ليكسره، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تكسرها، فإِن كسرك إياه ميتًا ككسرك إِياه حيًّا، ولكن دسه في جانب القبر". بَابٌ فِي اللَّحْدِ 3208 - "والشق لغيرنا" في المجمع أي لأهل الكتاب، والمراد تفضيل اللحد، وقيل: قوله: "لنا" أي لي، والجمع للتعظيم، فصار كما قال، ففيه معجزة له - صلى الله عليه وسلم -، أو المعنى اختيارنا، فيكون تفضيله له وليس فيه نهي عن الشق، فقد ثبت أن في المدينة رجلين: أحدهما يلحد، والآخر لا، ولو كان الشق منهيًا عنه لمنع صاحبه. قلت: لكن في رواية أحمد: والشق لأهل الكتاب والله تعالى أعلم. بَابُ كَمْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ 3209 - "إِنما يلي الرجلَ أهلهُ" الرجل بالنصب وأهله بالرفع، وهو بمنزلة

باب في الميت يدخل من رجليه

خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُمْ أَدْخَلُوهُ قَبْرَهُ»، قَالَ: حَدَّثَنَا مُرَحَّبٌ أَوْ أَبُو مُرَحَّبٍ، أَنَّهُمْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ قَالَ: «إِنَّمَا يَلِي الرَّجُلَ أَهْلُهُ». 3210 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي مُرَحَّبٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ نَزَلَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَرْبَعَةً. بَابٌ فِي الْمَيِّتِ يُدْخَلُ مِنْ رِجْلَيْهِ 3211 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَوْصَى الْحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، فَصَلَّى === الاعتذار عن تولية أمره - صلى الله عليه وسلم -، وعدم دخول سائر الصحابة فيه مع كونهم أكبر منه سنًّا وأعلى منه درجة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَيِّتِ يُدْخَلُ مِنْ رِجْلَيْهِ 3211 - "من قبل رجلي القبر" بأن وضع السرير في مؤخر القبر، وحمل منه الميت ووضع في اللحد، وهذا هو المعمول اليوم وهو الأسهل، وقول الراوي: وهذا من السنة، يفيد أنه مرفوع، وعن أصحابنا الحنفية أنه يدخل الميت القبر من قبل القبلة، وذلك بأن توضع الجنازة في جانب القبلة من التكبر، ويحمل الميت منه فيوضع في اللحد فيكون الأخذ له مستقبل القبلة حال الأخذ والخلاف في الأفضل، ودليلهم ما رواه الترمذي عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل قبرًا ليلا

باب الجلوس عند القبر

عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ. بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْقَبْرِ 3212 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمْ يُلْحَدْ بَعْدُ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَجَلَسْنَا مَعَهُ». بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ 3213 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، كَانَ إِذَا وَضَعَ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ. === فأسرج له فأخذه من قبل القبلة"، وقال: حديث حسن (¬1)، والعمل على الأول والله تعالى أعلم. بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْقَبْرِ 3212 - "فلم يلحد" من ألحد، أو لحد كمنع على بناء المفعول أو الفاعل أن عمك هو أبو طالب. ¬

_ (¬1) الترمذي في الجنائز (1057).

باب الرجل يموت له قرابة مشرك

بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ مُشْرِكٌ 3214 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا، حَتَّى تَأْتِيَنِي» فَذَهَبْتُ فَوَارَيْتُهُ وَجِئْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ وَدَعَا لِي. بَابٌ فِي تَعْمِيقِ الْقَبْرِ 3215 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَهُمْ عَنْ حُمَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: جَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالُوا: أَصَابَنَا قَرْحٌ وَجَهْدٌ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا، قَالَ: «احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا، وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ» قِيلَ: فَأَيُّهُمْ === بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ مُشْرِكٌ 3214 - "ثم لا تحدثن" نهي من الإحداث، أي لا تفعلن، "فاغتسلت" مبني على أنه غسل، وأن من يغسل الميت ينبغي له أن يغتسل، ويحتمل أن يخص ذلك بالكافر لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (¬1)، لكن الأحاديث كما سبقت تقتضي العموم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَعْمِيقِ الْقَبْرِ 3215 - "قرح" هو بالفتح والضم، الجرح، وقيل: بالضم اسم وبالفتح ¬

_ (¬1) سورة التوبة: الآية (28).

باب في تسوية القبر

يُقَدَّمُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: أُصِيبَ أَبِي يَوْمَئِذٍ عَامِرٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ قَالَ وَاحِدٌ. 3216 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ يَعْنِي الْأَنْطَاكِيَّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ فِيهِ: وَأَعْمِقُوا. 3217 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. بَابٌ فِي تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ 3218 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي هَيَّاجٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ لِي: أَبْعَثُكَ عَلَى مَا === مصدر، "وجهد" بالفتح مشقة وتعب. بَابٌ فِي تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ 3218 - "عن أبي هياج" بفتح الهاء وتشديد الياء المثناة من تحت وآخره جيم، اسمه حيان بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة من تحت، ليس له في الكتب إلا هذا الحديث الواحد، كذا ذكره السيوطي في حاشية النسائي (¬1)، "مشرفًا" بكسر الراء، من أشرف إذا ارتفع، والمراد هو الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصا والحجر لجرف، فلا يوطأ، ولا فائدة في البناء عليه فلذا نهي عنه، وذهب كثير إلى أن الارتفاع المأمور إزالته ليس هو التسنيم على وجه يعلم به أنه قبر، والظاهر أن التسوية لا تناسب التسنيم، "والتمثال" بكسر التاء صورة ذي ¬

_ (¬1) سنن النسائي بشرح السيوطي: 4/ 89.

بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتُهُ، وَلَا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتُهُ». 3219 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ حَدَّثَهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِرُودِسَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَتُوُفِّيَ صَاحِبٌ لَنَا، فَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرِهِ فَسُوِّيَ، ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رُودِسُ جَزِيرَةٌ فِي الْبَحْرِ». 3220 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ هَانِئٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّهِ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ === الروح وطمسها هو إمحاؤها قطع رأسها وتغيير وجهها ونحو ذلك والله تعالى أعلم. 3219 - "برودِس" بضم الراء وكسر الذال المعجمة، جزيرة للروم تجاه الأسكندرية على ليلة منها، غزاها معاوية رضي الله عنه، وقيل: هو بالذال المعجمة في رواية أبي داود، وبالمهملة رواية مسلم (¬1). 3220 - "ولا لاطئة" بالهمز، يقال: لطأ بالأرض أي لصق بها، "مبطوحة" مفروشة، والمراد مفروش عليها على نزع الخافض، وهذا يدل على عدم التسنيم ¬

_ (¬1) مسلم في الجنائز: (968).

باب الاستغفار عند القبر للميت [في وقت الانصراف]

عَنْهُمَا، «فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ، وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: يُقَالُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمٌ وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَعُمَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ [فِي وَقْتِ الِانْصِرَافِ] 3221 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ، عَنْ هَانِئٍ، مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «بَحِيرٌ ابْنُ رَيْسَانَ». بَابُ كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ 3222 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ»، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً». === والله تعالى أعلم. بَابُ الِاسْتِغْفَارِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ [فِي وَقْتِ الِانْصِرَافِ] 3221 - "بالتثبيت" أي بأن يثبته الله تعالى في الجواب. بَابُ كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ 3222 - "لا عقر" بفتح العين.

باب الميت يصلى على قبره بعد حين

بَابُ الْمَيِّتِ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ حِينٍ 3223 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ، صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ». 3224 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ - بِهَذَا الْحَدِيثِ - قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ». بَابٌ [فِي] الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ 3225 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، === بَابُ الْمَيِّتِ يُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ حِينٍ 3223 - "خرج يومًا" هذا يحمل على الخصوص عند الكل، وحمله على الدعاء تأويل بعيد بحيث يقرب أن يسمى تحريفًا لا تأويلًا والله تعالى أعلم. 3224 - "كالمودَع" وليس المراد أنه صلى كالمودع للأحياء، إذ لا يتصور أن تكون الصلاة توديعًا بالنسبة إلى الأحياء. بَابٌ [فِي] الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ 3225 - "أن يقعد على القبر" قيل: أراد القعود لقضاء الحاجة أو للإحداد والأحزان بأن يلازمه ولا يرجع عنه، أو أراد احترام الميت وتهويل الأمر في القعود عليه تهاونًا بالميت والموت، أقوال، وروي أنه رأى رجلًا متكئًا على قبر

أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يَقْعُدَ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْ يُقَصَّصَ وَيُبْنَى عَلَيْهِ». 3226 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عُثْمَانُ: أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ، وَزَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: === فقال: "لا تؤذ صاحب القبر" (¬1)، قال الطيبي: هو نهي عن الجلوس عليه لما فيه من الاستخفاف بحق أخيه. اهـ، وحمله مالك على الجلوس عليه لما روي: أن عليًّا كان يقعد عليه، وحرمه أصحابنا، وكذا الاستناد والاتكاء كذا في المجمع، قلت: ويؤيد الحمل على ظاهره ما جاء من النهي عن وطنه "وأن يقصص" أي يجصص، قال العراقي: ذكر بعضهم أن الحكمة في النهي عن تجصيص القبور كون الجص أحرق بالنار، وحينئذ فلا بأس بالتطيين كما نص عليه الشافعي (¬2). قلت: التطيين لا يناسب ما ورد من تسوية القبور المرتفعة كما سبق، وكذا لا يناسب بقوله وأن يبنى عليه، والظاهر أن المراد النهي عن الارتفاع والبناء مطلقًا، وإفراد التجصيص لأنه أتم في إحكام البناء فخص بالنهي، مبالغة وأن يبنى عليه، يحتمل أن المراد البناء على نفس القبر ليرفع عن أن ينال بالوطء كما يفعله كثير من الناس أو البناء حوله. 3226 - "وأن يكتب" يحتمل النهي عن الكتابة مطلقًا ككتابة اسم صاحب القبر وتاريخ وفاته أو كتابة شيء من القرآن أو أسماء الله تعالى ونحو ذلك ¬

_ (¬1) الحاكم في المستدرك: 3/ 590، كنز العمال المتقي الهندي: 42990. وعزاه إلى ابن عساكر. (¬2) سنن النسائي بشرح السيوطي: 4/ 86، 87.

باب [في] كراهية القعود على القبر

أَوْ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ: أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «خَفِيَ عَلَيَّ مِنْ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ حَرْفُ وَأَنْ». 3227 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ 3228 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، === للتبرك، لاحتمال أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيصير تحت الأرجل، قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك: الإسناد صحيح، وليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب يكتبون على قبورهم، وهو شيء أخذه الخلف عن السلف. وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه محدث ولم يبلغهم النهي (¬1) والله تعالى أعلم. 3227 - "قاتل الله" قالوا: هو بمعنى قتل مثل مسافر بمعنى سفر أو لعن، "مساجد" أي قبلة للصلاة يصلون إليها أو بنوا مساجد عليها يصلون فيها، وإلى الثاني يميل كلام المصنف حيث ذكره في باب البناء على القبر، ولعل وجه الكراهة أنه قد يفضي إلى عبادة نفس القبر. بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ عَلَى الْقَبْرِ 3228 - "لأن يجلس" بفتح اللام مبتدأ، خبره: "خير"، "حتى تخلص" أي ¬

_ (¬1) الحاكم في المستدرك: 1/ 370. وتعقبه الذهبي فقال: لا نعلم صحابيًّا فعل ذلك وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم ولم يبلغهم النهي.

باب المشي في النعل بين القبور

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ». 3229 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ، وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا». بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ بَيْنَ الْقُبُورِ 3230 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ السَّدُوسِيِّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ بَشِيرٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ === تصل. بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ بَيْنَ الْقُبُورِ 3230 - "سبق هؤلاء" أي ما أدركوه، بل فاتهم بسبب تقدمهم عليه، "عليه نعلان" أي على رجليه نعلان "يا صاحب السبتين" بكسر السين نسبة إلى السبتة وهي جلود البقر المدبوغة بالقرط يتخذ منها النعال؛ لأنه سبت شعرها أي حلق وأزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت وأريد بهما النعلان المتخذان من السبت، وأمره بالخلع احترامًا للمقابر عن المشي بينها بهما أو تعزر بهما أو لاختياله في مشيه، قيل: وفي الحديث كراهة المشي بالنعال بين القبور، قلت:

باب [في] تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث

صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟ » قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ، أَنْتَ بَشِيرٌ»، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ، فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ» فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا. 3231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي ابْنَ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ». بَابٌ [فِي] تَحْوِيلِ الْمَيِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 3232 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ === لا يتم ذلك إلى على بعض الوجوه المذكورة أنه ليسمع قرع نعالهم، فهذا يدل على جواز المشي في المقابر بالنعل، إذ لا يسمع قرع النعل إلا إذا مشوا بها، لكن قد يقال: لا يلزم من ذلك جواز مشيهم بها، فإنه يجوز أنه ذكر ذلك - صلى الله عليه وسلم - على عادات الناس، ولا يلزم من مثل هذه الحكاية من غير إنكار تقرير مشيهم بها سيما إذا سبق منه النهي الذي تقدم، فعلى تقدير تسليم دلالة الحديث المتقدم على النهي لا يعارض هذا الحديث، ولا يدل على خلافه والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] تَحْوِيلِ الْمَيِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِلْأَمْرِ يَحْدُثُ 3232 - "حاجة" أي إلى إخراجه أو انكسار.

باب [في] الثناء على الميت

يَزِيدَ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ، فَكَانَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ حَاجَةٌ، فَأَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَمَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئًا، إِلَّا شُعَيْرَاتٍ كُنَّ فِي لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ». بَابٌ [فِي] الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ 3233 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَرُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: «وَجَبَتْ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ شُهَدَاءُ». بَابٌ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ 3234 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ === بَابٌ [فِي] الثَّنَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ 3233 - "وجبت" أي الجنة أو المغفرة، وفي الثاني النار أو العقوبة "وأثنوا شرًّا" من باب المشاكلة، إذ الثناء لا يتعلق بالشر، وظاهر الحديث أن شهادة الناس علامة على ما سبق له من خير أو شر سواء طابق الواقع أو قارب المطابقة، ورد بأنه لا فائدة حينئذ في الشهادة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ 3234 - "فبكى وأبكى من حوله" لا يلزم من البكاء عند الحضور في ذلك المحل العذاب أو الكفر، بل يمكن تحققه مع النجاة والإسلام أيضًا، بقي الكلام في النهي عن الاستغفار لها، فنقول: من يقول بنجاة والديه - صلى الله عليه وسلم - لهم ثلاث

يَزِيدَ بْنِ كَيَسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي تَعَالَى عَلَى أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَاسْتَأْذَنْتُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْتِ». 3235 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === مسالك في ذلك: مسلك أنهما ما بلغتهما الدعوة ولا عذاب على من لم تبلغه الدعوة لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1) فلعل من سلك هذا المسلك يقول في تأويل الحديث أن الاستغفار فرع تصوير الذنب وذلك في أوان التكليف، ولا يعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة، فلا حاجة إلى الاستغفار لهم، فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لاهل الدعوة لا لغيرهم وإن كانوا ناجين، وأما من يقول بأنهما أحييا له - صلى الله عليه وسلم - فآمنا به، فيحمل هذا الحديث على أنه كان قبل الإحياء، وأما من يقول بأنه تعالى يوفقهما للخير عند الامتحان يوم القيامة فهو يقول بمنع الاستغفار لهما قطعًا، فلا حاجة له إلى تأويل، فاتضح وجه الحديث على جميع المسالك والله تعالى أعلم. وقوله: "على أن أستغفر" أي لأن أستغفر تذكر بالموت، الباء زائدة أن تذكر الموت. 3235 - "نهكيتكم. . ." إلخ، في الحديث جمع بين الناسخ والمنسوخ والإذن بقوله: "فزوروها" قيل: يعم الرجال والنساء، وقيل: مخصوص بالرجال كما ¬

_ (¬1) سورة الإسراء: الآية (15).

باب في زيارة النساء القبور

«نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً». بَابٌ فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ 3236 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ». بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا زَارَ الْقُبُورَ أَوْ مَرَّ بِهَا 3237 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، === هو ظاهر الخطاب، لكن عموم العلة قد يؤيد عموم الحكم إلا أن يمنع كونه تذكرة في حق النساء، لكثرة غفلتهن والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ 3236 - "زائرات القبور" قيل: كان ذاك حين النهي ثم أذن لهن حين نسخ النهي، وقيل: بقين تحت النهي لقلة صبرهن وكثرة جزعهن. قلت: وهو الأقرب إلى تخصيصهن بالذكر واتخاذ المسجد عليها، قبل أن يجعلها قبلة يسجد إليها كالوثن، وأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح أو صلى في مقبرة من قصد التوجه نحوه فلا حرج فيه، وقال جماعة بالكراهة مطلقًا، "السرج" جمع سراج، والنهي عنه لأنه تضييع مال بلا نفع ويشبه تعظيم القبور كاتخاذها مساجد. بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا زَارَ الْقُبُورَ أَوْ مَرَّ بِهَا 3237 - "دار قوم" أي أهل دار وهو بالنصب بتقدير حرف النداء أو على

باب المحرم يموت كيف يصنع به

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ». بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ 3238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، فَمَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: «كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: خَمْسُ سُنَنٍ، كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ: أَيْ يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ: أَيْ إِنَّ فِي الْغَسْلَاتِ كُلِّهَا سِدْرًا، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، وَكَانَ الْكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. 3239 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا === الاختصاص "وإن شاء الله" للتبرك للموت على الإيمان في حق غيره - صلى الله عليه وسلم - وأما هو فهو مقطوع له ذلك زاده الله جاهًا وقدرًا لديه. بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ 3238 - "وقصته راحلته" أي كسرت عنقه وبظاهر هذا الحديث قال قوم، ومن لا يقول يعتذر بالخصوص ويأتي بحديث "من مات فقد انقطع منه عمله" ولا دلالة على ذلك والله تعالى أعلم.

حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرٍو، وَأَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ قَالَ: وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ سُلَيْمَانُ: قَالَ أَيُّوبُ: ثَوْبَيْهِ، وَقَالَ عَمْرٌ: وثَوْبَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: قَالَ أَيُّوبُ: فِي ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ عَمْرٌو: فِي ثَوْبَيْهِ، زَادَ سُلَيْمَانُ: وَحْدَهُ وَلَا تُحَنِّطُوهُ. 3240 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمَعْنَى سُلَيْمَانَ فِي ثَوْبَيْنِ. 3241 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ، فَقَتَلَتْهُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ، وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ». "آخر كتاب الجنائز" * * *

16 - كتاب الأيمان والنذور

كِتَاب الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ 3242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ بِوَجْهِهِ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». بَابٌ فِيمَنْ حَلَفَ يَمِينًا لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا لِأَحَدٍ 3243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا === كِتَاب الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ 3242 - "على يمين مصبورة" أي التي التزم بها وحبس عليها، وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: مصبورة، وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور، أي المحبوس؛ لأنه من أجلها صبر، أي حبس فوصفت بالصبر مجازًا، "فليتبوأ" فليهيئ، "بوجهه" أي لوجهه، يريد به الذات أو خصوص الوجه، وعلى الثاني فالمراد بالمقعد المحل والموضع، أو المراد بقوله: "بوجهه" باختياره والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ حَلَفَ يَمِينًا لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا لِأَحَدٍ 3243 - "على يمين" أريد به المحلوف عليه مجازًا، "فاجر" أي كاذب.

أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» فَقَالَ الْأَشْعَثُ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَنِي فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قُلْتُ: لَا، قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفُ وَيَذْهَبُ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. 3244 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي كُرْدُوسٌ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ، وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْضٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضِي اغْتَصَبَنِيهَا أَبُو هَذَا، وَهِيَ فِي يَدِهِ، قَالَ: «هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي اغْتَصَبَنِيهَا أَبُوهُ، فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ لِلْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْتَطِعُ أَحَدٌ مَالًا بِيَمِينٍ، إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ أَجْذَمُ» فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضُهُ. 3245 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ، === 3244 - "اغتصبنيها" أي أخذها مني غصبًا، "وهو أجذم" أي مقطوع اليد أو الخير، وهذا الحديث يدل على أنه ينبغي للحاكم أن يعظ من يراه كاذبًا. 3245 - "إِنه فاجر" أي دأبه الكذب، أو دأبه المعاصي فيجترئ على الحلف

باب [ما جاء] في تعظيم اليمين عند منبر النبي

وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي، أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، لَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ»، فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ لَهُ، فَلَمَّا أَدْبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالٍ لِيَأْكُلَهُ ظَالِمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي تَعْظِيمِ الْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ 3246 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نِسْطَاسٍ، مِنْ آلِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا، عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ، وَلَوْ عَلَى سِوَاكٍ أَخْضَرَ، إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ - أَوْ === الكاذب، "ليس يتورع" يحترز أي لا يميز بين الحلال والحرام. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي تَعْظِيمِ الْيَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ 3246 - "آثمة" أي آثم صاحبها فيها أي كاذب "ولو على سواك" إشارة إلى أن هذا الجزاء لا يتفاوت المال قلة وكثرة، وتوصيفه بأخضر إشارة إلى أنه وإن كان شيئًا لا بقاء للونه وصورته كالسواك الأخضر الذي يتغير اخضراره في يوم أو يومين، ثم لا يخفى أن هذا الجزاء قد جاء في مطلق اليمين الكاذبة التي يقطع بها

باب الحلف بالأنداد

وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ -». بَابُ الْحَلْفِ بِالْأَنْدَادِ 3247 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ فِي حَلْفِهِ وَاللَّاتِ، فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ. === المال، فليس في الحديث دلالة على تغليظ اليمين عند المنبر إلا أن يؤخذ التغليظ من تعميم المال للكثير والقليل في هذا الحديث أو من الحصر والله تعالى أعلم. بَابُ الْحَلْفِ بِالْأَنْدَادِ 3247 - "واللات" أي بلا قصد بل على طريق جري العادة بينهم؛ لأنهم كانوا قريبي العهد بالجاهلية، وقوله: "لا إله إلا الله" استدراك لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله، ونفي لما تعاطى من تعظيم الأصنام صورة، وأما من قصد الحلف بالأصنام تعظيمًا لها فهو كافر نعوذ بالله منه، وقوله: "أقامرك" بالجزم جواب الأمر والمقامرة، مصدر قامره إذا طلب كل منهما أن يغلب على صاحبه في فعل أو قول ليأخذ مالا جعلاه للغالب، وهذا حرام بالإجماع، إلا أنه استثنى منه سباق الخيل، كذا في شرح الترمذي للقاضي أبي بكر، "فيلتصدق بشيء" ظاهره بما تيسر، وقيل بما قصد أن يقامر به من المال والأمر للندب والله. تعالى أعلم.

باب في كراهية الحلف بالآباء

بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْآبَاءِ 3248 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ». 3249 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَدْرَكَهُ وَهُوَ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ». 3250 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَ مَعْنَاهُ إِلَى بِآبَائِكُمْ، زَادَ قَالَ عُمَرُ: «فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَذَا ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا». 3251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ، رَجُلًا يَحْلِفُ: لَا === بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْآبَاءِ 3249 - "فمن كان حالفًا" مريدًا للحلف، "أو ليسكت" عن الحلف أصلًا ويترك المشي على وفق الإرادة.

باب [في] كراهية الحلف بالأمانة

وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ». 3252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَعْنِي فِي حَدِيثِ قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ، إِنْ صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ». باب [فِي] كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْأَمَانَةِ 3253 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ === باب [فِي] كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالْأَمَانَةِ 3253 - "من حلف بالأمانة" قيل: أريد بالأمانة: الفرائض كالصلاة وغيرها، وقيل: الأمانة: كلمة التوحيد كما قال كثير في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} (¬1) الآية، وعلى التقديرين فهو حلف بغير الله وصفاته، فلا يجوز ولا ينعقد فلذلك قال: "فليس منا" أي من أهل طريقتنا وسنتنا، وقيل: إذا قال بأمانة الله بالإضافة فالمراد به صفته تعالى فينعقد؛ لأن من أسمائه تعالى الأمين، وعليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى وهو المشهور في مذهب مالك، وقوله: "فليس منا" محمول على ما إذا لم يضف إلى الله، أو على أنه مكروه للتشبه بأهل الكتاب، ومعنى "ليس منا" أي ممن يقتدي بطريقتنا، بل هو ممن تشبه بغيرنا، ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب: الآية (72).

باب لغو اليمين

حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا». بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ 3254 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي الصَّائِغَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ، كَلَّا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ رَجُلًا صَالِحًا، قَتَلَهُ أَبُو مُسْلِمٍ بِعَرَنْدَسَ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا رَفَعَ الْمِطْرَقَةَ فَسَمِعَ النِّدَاءَ سَيَّبَهَا "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، مَوْقُوفًا عَلَى عَائِشَةَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَكُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا. بَابُ الْمَعَارِيضِ فِي الْيَمِينِ 3255 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهَا صَاحِبُكَ»، === والكراهة للتشبه لا تمنع انعقاد اليمين والله تعالى أعلم. بَابُ الْمَعَارِيضِ فِي الْيَمِينِ 3255 - "على ما يصدقك عليها" خبر المبتدأ، والمعنى يمينك واقع على نية يصدقك المستحلف على تلك النية، ولا تؤثر التورية فيه، وهذا إذا كان للمستحلف حق استحلاف، وإلا فالتورية نافعة قطعًا وعليه يحمل حديث "إِنه

باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام

قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هُمَا وَاحِدٌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبَّادُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ». 3256 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ أَبِيهَا سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَنَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَتَحَرَّجَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْلِفُوا، وَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي فَخَلَّى سَبِيلَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ الْقَوْمَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَحْلِفُوا، وَحَلَفْتُ أَنَّهُ أَخِي، قَالَ: «صَدَقْتَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ وَبِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ 3257 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو قِلَابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، === أخي"، ولذلك ذكره بعد هذا الحديث تنبيهًا على المراد والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ وَبِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ 3257 - "من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال" هذا الحديث ساقط من بعض نسخ الكتاب موجود في بعضها، وظاهره أنه في اليمين على الماضي؛ إذ الكذب حال اليمين يظهر فيه، ويمكن أن يقال: كاذبًا حال مقدرة، أي مقدرة أي مقدرًا كذبه فينطبق على اليمين على المستقبل، وقوله: "فهو كما

باب الرجل يحلف أن لا يتأدم

وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ». 3258 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي ابْنَ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا. بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ 3259 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ تَمْرَةً عَلَى كِسْرَةٍ، فَقَالَ: «هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ». 3260 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ الْأَعْوَرِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، مِثْلَهُ. === قال" بظاهره يفيد أنه يصير كافرًا، وقد أوَّل بضعفه في دينه وخروجه عن الكمال فيه، والأقرب أن يقال ذلك إذا قال كذلك راضيًا بالدخول تلك الملة والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ 3259 - "هذه إدام هذه" فهذا الحديث يدل على أن الحلف بالإدام يشمل التمر أيضًا؛ لأنه مندرج في الإدام بالحديث والله تعالى أعلم.

باب الاستثناء في اليمين

بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ 3261 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى. 3262 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَمُسَدَّدٌ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حِنْثٍ». بَابُ مَا جَاءَ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَتْ 3263 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ: «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». 3264 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ شُمَيْخٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الْيَمِينِ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ». === بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ 3261 - "فقال إن شاء الله" أي متصلًا به، كما عليه الجمهور فقد استثنى، أي ومن استثنى فلا حنث عليه كما في رواية الترمذي (¬1). ¬

_ (¬1) الترمذي في النذور: الأيمان (1531).

باب في القسم هل يكون يمينا

3265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: كَانَتْ يَمِينُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا حَلَفَ يَقُولُ: «لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ». 3266 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَيَّاشٍ السَّمَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاجِبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ دَلْهَمٌ: وَحَدَّثَنِيهِ أَيْضًا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ، أَنَّ لَقِيطَ بْنَ عَامِرٍ، خَرَجَ وَافِدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَقِيطٌ: فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَمْرُ إِلَهِكَ». بَابٌ فِي الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا 3267 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، أَقْسَمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا 3267 - "لا تقسم" فظاهره أنه قسم في حق أبي بكر، فلذلك نهاه عنه والله تعالى أعلم. "بلى قد فعلت" الظاهر أنه ألزمه بالدعوى وبطلان اليمين بوحي أو إلهام، وهذا دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحيانًا يقضي بالوحي ونحوه أيضًا، وقوله: "ولكن غفر الله لك" أي إثم الحلف الكاذب، ففيه دليل على أن الكبائر تغفر بكلمة

باب فيمن حلف على طعام لا يأكله

وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْسِمْ». 3268 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ابْنُ يَحْيَى كَتَبْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ فَذَكَرَ رُؤْيَا فَعَبَّرَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَبْتَ بَعْضًا، وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا» فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ لَتُحَدِّثَنِّي، مَا الَّذِي أَخْطَأْتُ؟ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْسِمْ». 3269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرِ الْقَسَمَ زَادَ فِيهِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ. بَابٌ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَا يَأْكُلُهُ 3270 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَوْ عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: نَزَلَ بِنَا أَضْيَافٌ لَنَا، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَتَحَدَّثُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === التوحيد والله تعالى أعلم. قال أنس: "فحزرته" بتقديم الزاي المعجمة على المهملة، أي خمنته. "فعظم" بالتخفيف أو التشديد، وعلى الثاني لفظ عليّ بتشديد الياء أيضًا، "أين الله" أي أين حكمه وقضاؤه، والمقصود معرفة أنها تعتقد عظمة الله وجلاله ووجوده أم لا، وبهذا علم أنها عالمة بذلك والله تعالى أعلم.

باب اليمين في قطيعة الرحم

وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا أَرْجِعَنَّ إِلَيْكَ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ ضِيَافَةِ هَؤُلَاءِ، وَمِنْ قِرَاهُمْ، فَأَتَاهُمْ بِقِرَاهُمْ، فَقَالُوا: لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَضْيَافُكُمْ؟ أَفَرَغْتُمْ مِنْ قِرَاهُمْ؟ قَالُوا: لَا، قُلْتُ: قَدْ أَتَيْتُهُمْ بِقِرَاهُمْ فَأَبَوْا، وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى يَجِيءَ، فَقَالُوا: صَدَقَ، قَدْ أَتَانَا بِهِ فَأَبَيْنَا، حَتَّى تَجِيءَ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكُمْ؟ قَالُوا: مَكَانَكَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، قَالَ: فَقَالُوا: وَنَحْنُ وَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي الشَّرِّ كَاللَّيْلَةِ قَطُّ، قَالَ: قَرِّبُوا طَعَامَكُمْ، قَالَ: فَقَرَّبَ طَعَامَهُمْ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَطَعِمَ وَطَعِمُوا، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَصْبَحَ فَغَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ وَصَنَعُوا، قَالَ: «بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَصْدَقُهُمْ». 3271 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَهُ زَادَ عَنْ سَالِمٍ، فِي حَدِيثِهِ قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي كَفَّارَةٌ. بَابُ الْيَمِينِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ 3272 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ، فَقَالَ: إِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْقِسْمَةِ فَكُلُّ مَالٍ لِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَكَلِّمْ أَخَاكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

باب فيمن يحلف كاذبا متعمدا

وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَفِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَفِيمَا لَا تَمْلِكُ». 3273 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، وَلَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ». 3274 - حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَدَعْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ إِلَّا فِيمَا لَا يَعْبَأُ بِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ، رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ مَنَاكِيرُ، وَأَبُوهُ لَا يُعْرَفُ. بَابٌ فِيمَنْ يَحْلِفُ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا 3275 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلَيْنِ، اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ

باب الرجل يكفر قبل أن يحنث

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّالِبَ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلَى، قَدْ فَعَلْتَ وَلَكِنْ قَدْ غُفِرَ لَكَ بِإِخْلَاصِ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَفَّارَةِ. بَابُ الرَّجُلِ يُكَفِّرُ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ 3276 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، أَوْ قَالَ: «إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ يَمِينِي». 3277 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَمَنْصُورٌ يَعْنِي ابْنَ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ، إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ يَمِينَكَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ، يُرَخِّصُ فِيهَا الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ. 3278 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ === بَابُ الرَّجُلِ يُكَفِّرُ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ 3278 - "ثم ائت الذي هو خير" كلمة (ثم) محمولة على معنى الواو توفيقًا

باب كم الصاع في الكفارة

قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، نَحْوَهُ قَالَ: فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ رُوِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ الْحِنْثُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ. بَابُ كَمِ الصَّاعُ فِي الْكَفَّارَةِ 3279 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبٍ بِنْتِ ذُؤَيْبِ بْنِ قَيْسٍ الْمُزَنِيَّةِ، - وَكَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَسْلَمَ، ثُمَّ كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَخٍ لِصَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ ابْنُ حَرْمَلَةَ: «فَوَهَبَتْ لَنَا أُمُّ حَبِيبٍ صَاعًا، حَدَّثَتْنَا عَنِ ابْنِ أَخِي صَفِيَّةَ، عَنْ صَفِيَّةَ أَنَّهُ صَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ أَنَسٌ: فَجَرَّبْتُهُ، أَوْ قَالَ: فَحَزَرْتُهُ فَوَجَدْتُهُ مُدَّيْنِ وَنِصْفًا بِمُدِّ هِشَامٍ. 3280 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ أَبُو عُمَرَ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا === بين الروايات، ولو حمل على ظاهرها لوجب تأخير الحنث عن الكافارة ولم يقل به أحد، وأما تقديم الكفارة لفظًا أو تأخيرها فلا دلالة فيه، إذ المراد فليفعل مجموع الأمرين، فلا دلالة فيه على الترتيب، كيف ولو قصد الدلالة على الترتيب لتعارضت الروايات لدلالة بعضها على وجوب تقديم الحنث وبعضها على وجوب الكفارة، نعم يستدل بأن الأمر بفعل مجموع الأمرين، بإطلاقه يشمل جواز تقديم كل على آخر تأخيره عنه، فلا بد لمن يقول بخلافه من دليل يدل على خلاف هذا الإطلاق ويعارضه والله تعالى أعلم.

باب في الرقبة المؤمنة

مَكُّوكٌ يُقَالُ لَهُ: مَكُّوكُ خَالِدٍ وَكَانَ كَيْلَجَتَيْنِ بِكَيْلَجَةِ هَارُونَ قَالَ مُحَمَّدٌ: «صَاعُ خَالِدٍ صَاعُ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ». 3281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ أَبُو عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: «لَمَّا وُلِّيَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ أَضْعَفَ الصَّاعَ، فَصَارَ الصَّاعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ، قَتَلَهُ الزِّنْجُ صَبْرًا، فَقَالَ بِيَدِهِ: هَكَذَا وَمَدَّ أَبُو دَاوُدَ: يَدَهُ وَجَعَلَ بُطُونَ كَفَّيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، قَالَ: وَرَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: أَدْخَلَنِي الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: فَلَمْ يَضُرَّكَ الْوَقْفُ. بَابٌ فِي الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ 3282 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَارِيَةٌ لِي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا»، قَالَ: فَجِئْتُ بِهَا، قَالَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟ » قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: «مَنْ أَنَا؟ » قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». 3283 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الشَّرِيدِ أَنَّ أُمَّهُ أَوْصَتْهُ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهَا رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمِّي أَوْصَتْ أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَعِنْدِي جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ نُوبِيَّةٌ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَرْسَلَهُ لَمْ يَذْكُرِ الشَّرِيدَ.

باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت

3284 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ اللَّهُ؟ » فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ بِأُصْبُعِهَا، فَقَالَ لَهَا: «فَمَنْ أَنَا؟ » فَأَشَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى السَّمَاءِ يَعْنِي أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بَعْدَ السُّكُوتِ 3285 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا»، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ أَسْنَدَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَسْنَدَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: عَنْ شَرِيكٍ، ثُمَّ لَمْ يَغْزُهُمْ. 3286 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا»، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا» ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: زَادَ فِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ شَرِيكٍ قَالَ: «ثُمَّ لَمْ يَغْزُهُمْ».

باب النهي عن النذر

بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ 3287 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ عُثْمَانُ الْهَمْدَانِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَنْهَى عَنِ النَّذْرِ» ثُمَّ اتَّفَقَا وَيَقُولُ: - «لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّذْرُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا». 3288 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، أَخْبَرَكُمْ ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَأْتِي ابْنَ آدَمَ النَّذْرُ الْقَدَرَ بِشَيْءٍ لَمْ أَكُنْ قَدَّرْتُهُ لَهُ، وَلَكِنْ يُلْقِيهِ النَّذْرُ الْقَدَرَ قَدَّرْتُهُ، يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَخِيلِ يُؤْتِي عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي مِنْ قَبْلُ». === بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ 3287 - "ينهى عن النذر" أي يظن أنه يفيد في حصول المطلوب والخلاص عن المكروه، وإنما يستخرج به من البخيل الذي لا يأتي بهذه الطاعة إلا في مقابلة شفاء مريض ونحوه، مما علق النذر عليه، وقال الخطابي: نهي عن النذر تأكيدًا لأمره وتحذيرًا للتهاون به بعد إيجابه (¬1) وليس النهي لإفادة أنه معصية وإلا لما وجب الوفاء به بعد كونه معصية والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 4/ 53.

باب [ما جاء في] النذر في المعصية

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ 3289 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ». بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ كَفَّارَةً إِذَا كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ 3290 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ». 3291 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِمَعْنَاهُ وَإِسْنَادِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ، يَقُولُ: «قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، يَعْنِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَ أَبُو سَلَمَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ، لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «وَتَصْدِيقُ ذَلِك مَا حَدَّثَنَا أَيُّوبُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: أَفْسَدُوا عَلَيْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، قِيلَ لَهُ وَصَحَّ إِفْسَادُهُ عِنْدَكَ وَهَلْ رَوَاهُ غَيْرُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ أَيُّوبُ: كَانَ أَمْثَلَ مِنْهُ يَعْنِي أَيُّوبَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوبُ. === بَابُ [مَا جَاءَ فِي] النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ 3289 - "ومن نذر أن يعص الله. . ." إلخ، ظاهره أنه لا ينعقد ولا يجب الوفاء به ولا الكفارة، لكن لا ينفي وجوب الكفارة إن ثبت بدليله، وكذا حديث أبي إسرائيل والله تعالى أعلم.

باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية

3292 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتيِقٍ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، إِنَّمَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ أَرْقَمَ وَهِمَ فِيهِ وَحَمَلَهُ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَأَرْسَلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى بَقِيَّةُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ، بِإِسْنَادِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، مِثْلَهُ. === بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ كَفَّارَةً إِذَا كَانَ فِي مَعْصِيَةٍ 3292 - " لا نذر في معصية" ليس معناه أنه لا ينعقد أصلًا، إذ لا يناسب ذلك. قوله: "وكفارته" إلخ بل معناه ليس فيه وفاء، وهذا هو صريح بعض الروايات الصحيحة (¬1)، فإن فيها لا وفاء لنذر في معصية، وقوله: "وكفارته" إلخ، معناه أنه ينعقد يمينًا، يجب فيه الحنث، وهذا هو مذهب أبي حنيفة، ولا يخفى أن حديث "ومن نذر أن يعصى الله" وأمثاله لا ينفي ذلك فلا حجة للمخالفة فيه، نعم هم يضعفون حديث: "وكفارته كفارة يمين" ويقولون: إن في سنده سليمان بن أرقم وهو ضعيف، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مسلم في النذر (1641) والحاكم في المستدرك: 4/ 305.

3293 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُخْتٍ لَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَقَالَ: «مُرُوهَا فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ». 3294 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ، مَوْلًى لِبَنِي ضَمْرَةَ وَكَانَ أَيَّمَا رَجُلٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيَّ، أَخْبَرَهُ بِإِسْنَادِ يَحْيَى وَمَعْنَاهُ. 3295 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: === 3293 - "غير مختمرة" أي غير ساترة رأسها بالخمار، وقد أمرها بالاختمار والاستتار؛ لأن تركه معصية لا نذر فيه، وأما المشي حافيًا فيصح النذر فيه، فلعلها عجزت عن المشي، واللازم حينئذ الهدي، فلعله تركه الراوي اختصارًا، وأما الأمر بالصوم فمبني على أن كفارة النذر بمعصية كفارة اليمين، وقيل: عجزت عن الهدي فأمرها بالصوم لذلك والله تعالى أعلم. "لتمش ما قدرت ولتركب إذا عجزت" قالوا: وعليها الهدي لذلك كما جاءت به الرواية والله تعالى أعلم. 3295 - "بشقاء أختك" أي بتعبها، وهو بفتح الشين والمد، ومعنى "لا يصنع" إلخ، أن التعب إذا كثر فلا قبول له عند الله؛ لأنه أمر بالتوسط، وقوله:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ يَعْنِي أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، فَلْتَحُجَّ رَاكِبَةً، وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا». 3296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ، إِلَى الْبَيْتِ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا. 3297 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ نَذْرِهَا مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، نَحْوَهُ وَخَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 3298 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِمَعْنَى هِشَامٍ وَلَمْ يَذْكُرِ الْهَدْيَ وَقَالَ: فِيهِ «مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَرْكَبْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ بِمَعْنَى هِشَامٍ. 3299 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، === "يمينها" أي نذرها بالهدي، "يهادى" على بناء المفعول، أي يمشي بينهما معتمدًا عليهما من ضعف به.

أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ». 3300 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ، وَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلَّ، وَلَا يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، قَالَ: «مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ». 3301 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 3302 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ يَقُودُهُ بِخِزَامَةٍ فِي أَنْفِهِ، فَقَطَعَهَا

باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس

النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُودَهُ بِيَدِهِ». 3303 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ طَهْمَانَ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، وَأَنَّهَا لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِ أُخْتِكَ، فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً». 3304 - حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِمَشْيِ أُخْتِكَ إِلَى الْبَيْتِ شَيْئًا». بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ 3305 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ، أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «صَلِّ هَاهُنَا»، ثُمَّ أَعَادَ === بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ 3305 - "صل ها هنا" فيه دليل على أنه إذا نذر الصلاة في موضع فاضل يلزمه ويتأدى بأدائها في موضع هو أفضل منه "شأنك" أي الزم شأنك إذًا، أي إذا

باب في قضاء النذر عن الميت

عَلَيْهِ، فَقَالَ: «شَأْنُكَ إِذَنْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3306 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ح وحَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، الْمَعْنَى حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ حَفْصَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَمْرو - وَقَالَ عَبَّاسٌ: ابْنُ حَنَّةَ - أَخْبَرَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ زَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، لَوْ صَلَّيْتَ هَاهُنَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ صَلَاةً فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عُمَرَ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ حَيَّةَ: وَقَالَ أَخْبَرَاهُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعْنْ رِجَالٍ مَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ 3307 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْضِهِ عَنْهَا». === ما رضيت أن تصلي في غير موضع النذر.

باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه

3308 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً رَكِبَتِ الْبَحْرَ فَنَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ أَنْ تَصُومَ شَهْرًا، فَنَجَّاهَا اللَّهُ، فَلَمْ تَصُمْ حَتَّى مَاتَتْ فَجَاءَتْ، ابْنَتُهَا أَوْ أُخْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَمَرَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْهَا». 3309 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِوَلِيدَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الْوَلِيدَةَ؟ قَالَ: «قَدْ وَجَبَ أَجْرُكِ، وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ فِي الْمِيرَاثِ»، قَالَتْ: وَإِنَّهَا مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ - فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرٍو. بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ 3310 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ الْمَعْنَى، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ عَلَى أُمِّهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى === 3308 - "فأمرها" أن تصوم عنها من لا يرى الصوم جائز، يؤول الحديث بأن المراد الافتداء، فإنها إذا افتدت فقد أدت الصوم عنها، وهو تأويل بعيد، "وأحمد" جوز الصوم في النذر وقال: هو المراد، والقول القديم للشافعي جوازه مطلقًا، ورجحه محققو أصحابه بأنه الأوفق للدليل والله تعالى أعلم.

باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر

أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ » قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». 3311 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ 3312 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ امْرَأَةً، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ، قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ» قَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَذْبَحَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، مَكَانٌ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ «لِصَنَمٍ»: قَالَتْ: لَا، قَالَ: «لِوَثَنٍ»، قَالَتْ: لَا، === بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ 3312 - "أن أضرب على رأسك" أي بحضرتك، والدُّف بالضم أشهر وأفصح، وجاء بالفتح أيضًا، وفيه دليل على لزوم المباح بالنذر، فإن ضرب الدف مباح في الجملة، وقيل: ضرب الدف، وإن لم يكن من القربات التي وجب على الناذر الوفاء بها، بل أحسن حاله أن يكون من المباحات كأكل الأطعمة اللذيذة ولبس الثياب الناعمة، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالوفاء نظرًا إلى مقصدها الصحيح الذي هو إظهار الفرح والسرور بمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سالمًا

قَالَ: «أَوْفِي بِنَذْرِكِ». 3313 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ، قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟ »، قَالُوا: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ». 3314 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مِقْسَمٍ الثَّقَفِيُّ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي سَارَّةُ بِنْتُ مِقْسَمٍ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهَا سَمِعَتْ مَيْمُونَةَ بِنْتَ كَرْدَمٍ، قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي حِجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعْتُ النَّاسَ، يَقُولُونَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلْتُ أُبِدُّهُ بَصَرِي فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ مَعَهُ دِرَّةٌ كَدِرَّةِ الْكُتَّابِ فَسَمِعْتُ === غانمًا، وكان فيه مساءة الكفار والمنافقين فالتحق بذلك بالقربات. 3313 - "ببُوانة" بضم الموحدة وتخفيف الواو اسم موضع بأسفل مكة أو وراء ينبع، وفي الحديث أن من نذر أن يضحي في مكان لزمه الوفاء به، ومثله أن ينذر التصدق على أهل بلد، وكل ذلك إذا لم يكن فيه معصية.

باب في النذر فيما لا يملك

الْأَعْرَابَ وَالنَّاسَ يَقُولُونَ، الطَّبْطَبِيَّةَ الطَّبْطَبِيَّةَ فَدَنَا إِلَيْهِ أَبِي فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ، قَالَتْ: فَأَقَرَّ لَهُ وَوَقَفَ فَاسْتَمَعَ مِنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ وُلِدَ لِي وَلَدٌ ذَكَرٌ أَنْ أَنْحَرَ عَلَى رَأْسِ بُوَانَةَ فِي عَقَبَةٍ مِنَ الثَّنَايَا عِدَّةً مِنَ الْغَنَمِ، قَالَ: لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهَا قَالَتْ: خَمْسِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ بِهَا مِنَ الأَوْثَانِ شَيْءٌ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَأَوْفِ بِمَا نَذَرْتَ بِهِ لِلَّهِ» قَالَتْ: فَجَمَعَهَا فَجَعَلَ يَذْبَحُهَا، فَانْفَلَتَتْ مِنْهَا شَاةٌ، فَطَلَبَهَا وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَوْفِ عَنِّي نَذْرِي فَظَفِرَهَا فَذَبَحَهَا». 3315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيهَا نَحْوَهُ مُخْتَصَرٌ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: «هَلْ بِهَا وَثَنٌ، أَوْ عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ » قَالَ: لَا، قُلْتُ: إِنَّ أُمِّي هَذِهِ عَلَيْهَا نَذْرٌ، وَمَشْيٌ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا، وَرُبَّمَا، قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ، أَنَقْضِيهِ عَنْهَا، قَالَ: «نَعَمْ». بَابٌ فِي النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ 3316 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ الْحَاجِّ، قَالَ: فَأُسِرَ فَأَتَى === بَابٌ فِي النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ 3316 - "من سوابق الحاج" أي من النوق التي تسبق الحجاج، "لو قلتها وأنت تملك أمرك" قيل: يريد إن أسلمت قبل الإسراء، "فلحت الفلاح" التام

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي وَثَاقٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عَلَامَ تَأْخُذُنِي، وَتَأْخُذُ سَابِقَةَ الْحَاجِّ قَالَ: «نَأْخُذُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ» قَالَ: وَكَانَ ثَقِيفُ قَدْ أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ: فِيمَا قَالَ: وَأَنَا مُسْلِمٌ - أَوْ قَالَ: وَقَدْ أَسْلَمْتُ - فَلَمَّا مَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " فَهِمْتُ هَذَا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى نَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟ » قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ " قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، إِنِّي ظَمْآنٌ فَاسْقِنِي، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ» أَوْ قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُهُ»، فَفُودِيَ الرَّجُلُ بَعْدُ بِالرَّجُلَيْنِ، قَالَ: وَحَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَضْبَاءَ لِرَحْلِهِ، قَالَ: فَأَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ فَذَهَبُوا بِالْعَضْبَاءِ، قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهَا، وَأَسَرُوا امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ فَكَانُوا إِذَا === بأن تكون سلمًا حرًّا؛ لأنه إذا أسلم بعده كان عبدًا مسلمًا، والظاهر أن المراد أنه عجز عن تعب الأسر بحيث ما بقي مالكًا لنفسه حتى قال قصدًا للتخلص منه ولم يرد به الإسلام، فالمعنى أنك لو قلت عن اختيار للدخول في دين الإسلام كان معتبرًا، ويؤيده قوله: "هذه حاجتك" فيما يعد، نعم فيه دليل على أنه كان أحيانًا يقضي بالبوطن أيضًا ولا بعد في التزامه، وقد سبق مثله فيمن حلف فقال له: بلى فعلت والله تعالى أعلم.

باب فيمن نذر أن يتصدق بماله

كَانَ اللَّيْلُ يُرِيحُونَ إِبِلَهُمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ، قَالَ: فَنُوِّمُوا لَيْلَةً، وَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَجَعَلَتْ تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَعِيرٍ إِلَّا رَغَا حَتَّى أَتَتْ عَلَى الْعَضْبَاءِ، قَالَ: فَأَتَتْ عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّسَةٍ، قَالَ: فَرَكِبَتْهَا ثُمَّ جَعَلَتْ لِلَّهِ عَلَيْهَا إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ لَتَنْحَرَنَّهَا، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةُ نَاقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَجِيءَ بِهَا وَأُخْبِرَ بِنَذْرِهَا فَقَالَ: «بِئْسَ مَا جَزَيْتِيهَا - أَوْ جَزَتْهَا - إِنِ اللَّهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَالْمَرْأَةُ هَذِهِ امْرَأَةُ أَبِي ذَرٍّ». بَابٌ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ 3317 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، - وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ - === "على سرح المدينة" بفتح فسكون المال السائم "فنوّموا" بتشديد الواو على بناء المفعول، أي ألقي عليهم النوم ليلة، "فجرسته" بجيم وراء وسين مهملة أي مجربة مدربة في الركوب والسير. بَابٌ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ 3317 - "أن أنخلع من مالي" أي أخرجه كله وأتجرد منه كما يتجرد الإنسان وينخلع من ثيابه، وكان ذلك حين قبلت توبته من تخلفه من غزوة تبوك، قيل: هذا الانخلاع ليس بظاهر في معنى النذر، وإنما هو كفارة أو شكر، فلعله ذكره

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قَالَ: فَقُلْتُ: إِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الَّذِي بِخَيْبَرَ. 3318 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تِيبَ عَلَيْهِ إِنِّي أَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي، فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَى «خَيْرٌ لَكَ». 3319 - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ: قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً؟ قَالَ: «يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ». 3320 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو لُبَابَةَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَالْقِصَّةُ، لِأَبِي لُبَابَةَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ بَعْضِ === في الباب لمشابهته بالنذر في إيجابه على نفسه ما ليس بواجب، لحدوث أمر. إ هـ، قلت: لو ظهر الإيجاب لما خفي كونه نذرًا والله تعالى أعلم.

باب من نذر نذرا لا يطيقه

بَنِي السَّائِبِ ابْنِ أَبِي لُبَابَةَ، وَرَوَاهُ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ مِثْلَهُ. 3321 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ فِي قِصَّتِهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي إِلَى اللَّهِ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَدَقَةً؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَنِصْفُهُ؟ قَالَ: «لَا» قُلْتُ: فَثُلُثُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: فَإِنِّي سَأُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ خَيْبَرَ. بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ 3322 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْهِنْدِ، أَوْقَفُوهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ».

باب من نذر نذرا لم يسمه

بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ 3323 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، مَوْلَى الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ === بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ 3323 - "كفارة النذر" أي إذا قال: لله على نذر ولم يسم فكفارته كفارة يمين، وقد جاء "ولم يسمّ" في رواية الترمذي (¬1) والله تعالى أعلم. "هو كلام الرجل في بيته" أي اللغو ما لم يكن صادرًا عن عقد قلب، وإنما جرى به اللسان على سبيل العادة، وللفقهاء في تفسيره اختلاف، لكن الرجوع إلى القول المرفوع هو اللائق والله تعالى أعلم. "ومن قِراهم" بكسر القاف أي ضيافتهم، "قالوا مكانك" أي منزلتك وقربك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو كونك رئيس البيت، فالمراد بالمكان: المكانة والمنزلة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في البيت، ويحتمل أن المراد به: الوجود أي طلبنا وجودك وحضورك معنا، فمعنا ذاك عن الأكل قبلك "فأخبره" أي أخبر أبو بكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حلف وأبا "فأبوا" أي الأضياف، قال: ولم تبلغني كفارة لا يلزم من ذلك عدمها، ولو فرض العدم لكان ذاك لتنزيل حلفه منزلة اللغو كما هو الغالب على ألسنة العرب والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده: 4/ 199، 204، 205، ومسلم في الإيمان: (121).

الْيَمِينِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ عُقْبَةَ. 3324 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَهُمْ أَخْبَرَنَا يَحْيَى يَعْنِي بْنَ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِمَاسَةَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. === "في رتاج الكعبة" رتاج كتاب، الباب العظيم، والمراد في الحديث: نفس الكعبة، فإنه أراد أن ماله هدي إلى الكعبة، وإنما ذكر الباب تعظيمًا، ولهذا قال عمران: الكعبة غنية في مالك، "لا يمين عليك" أي ليس عليك وفاء نذرك الذي هو في المعنى يمين، وقوله: "سمعته" أي سمعت ما معناه ذلك والله تعالى أعلم، "ثم قال إن شاء الله تعالى بعد سكوت" كما في رواية، وهو مقتضى كلمة ثم، أيضًا لكونها للتراخي ولهذا يقول ابن عباس في الاستثناء المنفصل، والجمهور على اشتراط الاتصال وحمل هذا الحديث على أن سكوته كان لمانع وإلا فكيف يسكت وقد قال تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (¬1) والله تعالى أعلم. "فإِن تركها كفارتهما" ظاهره أنه لا حاجة إلى الكفارة لكن المشهور بين العلماء الموجود في غالب الحديث هو الكفارة، فيمكن أن يقال في الكلام طي، والتقدير فليكفر فإن تركها موجب كفارتها. ¬

_ (¬1) سورة الكهف: الآية (23، 24).

باب من نذر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام

بَابُ مَنْ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ 3325 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ». "آخر كتاب الأيمان والنذور" * * * === بَابُ مَنْ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ 3325 - "أوف بنذرك" لا مانع من القول بأن نذر الكافر ينعقد موقوفًا على إسلامه، فإن أسلم لزمه الوفاء به في الخير والكفر، وإن كان يمنع عن انعقاده منجزًا، لكن لا نسلم أنه يمنع عنه موقوفًا، وحديث "الإِسلام يجب ما قبله من الخطايا" (¬1) لا ينافيه؛ لأنه في الخطايا لا في النذور وليس النظر منها والله تعالى أعلم. * * * ¬

_ (¬1) الترمذي في النذور والأيمان (1528) وقال: هذا حديث حسن صحيح مسلم.

17 - كتاب البيوع

كِتَاب الْبُيُوعِ بَابٌ فِي التِّجَارَةِ يُخَالِطُهَا الْحَلْفُ وَاللَّغْوُ 3326 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، قَالَ: كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلْفُ، === كِتَاب الْبُيُوعِ بَابٌ فِي التِّجَارَةِ يُخَالِطُهَا الْحَلْفُ وَاللَّغْوُ 3326 - "كنا" أي معشر التجار "نسمي" على بناء المفعول ويحتمل أنه على بناء الفاعل بتقدير نسمي أنفسنا "السماسرة" بفتح السين الأولى وكسر الثانية جمع سمسار بكسر السين، هو القيم بأمر البيع والحافظ له، قال الخطابي: هو اسم أعجمي وكان كثير ممن يعالج البيع والشراء فيهم العجم، فتلقوا هذا الاسم عنهم فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتجار الذي هو من الأسماء العربية (¬1)، "يا معشر التجار" هو بضم وتشديد أو كسر وتخفيف، "والحلف" بفتح الحاء المهملة وكسر اللام، اليمين الكاذبة كذا ذكره السيوطي. قلت: ويجوز سكون اللام أيضًا ذكره في المجمع وغيره، (¬2) "فشوبوه" بضم الشين أمر من الشرب بمعنى الخلط، أمرهم بذلك، ليكون كفارة لما يجري بينهم ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 53. (¬2) القاموس المحيط: 1035، المختار الصحاح: ص 149 مادة (حلف).

باب في استخراج المعادن

فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ». 3327 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى الْبِسْطَامِيُّ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، وَعَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ، بِمَعْنَاهُ، قَالَ: يَحْضُرُهُ الْكَذِبُ، وَالْحَلْفُ، وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ: اللَّغْوُ وَالْكَذِبُ. بَابٌ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ 3328 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا لَزِمَ غَرِيمًا لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ أُفَارِقُكَ حَتَّى تَقْضِيَنِي، أَوْ تَأْتِيَنِي بِحَمِيلٍ فَتَحَمَّلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ بِقَدْرِ مَا وَعَدَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَ هَذَا الذَّهَبَ؟ » قَالَ: مِنْ مَعْدِنٍ، قَالَ: «لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا، وَلَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ» فَقَضَاهَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === من الكذب وغيره، والمراد بها: صدقة غير معينة حسب تضاعيف الآثام. بَابٌ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ 3328 - "بحميل" بالحاء المهملة، أي كفيل "ليس فيها خير" قيل: يحتمل أن ذلك بسبب ما علم في خصوص ذلك المحل، وإلا فالذهب المستخرج من المعدن يباح تملكه.

باب في اجتناب الشبهات

بَابٌ فِي اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ 3329 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَلَا أَسْمَعُ أَحَدًا بَعْدَهُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ»، وَأَحْيَانًا يَقُولُ: «مُشْتَبِهَةٌ» وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا، إِنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَا حَرَّمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَى حَوْلَ === بَابٌ فِي اجْتِنَابِ الشُّبُهَاتِ 3329 - "إن الحلال" إلخ، ليس المعنى أن كل ما هو حلال عند الله تعالى فهو بين، بوصف الحل يعرف كل أحد بهذا الوصف، وإن ما هو حرام عند الله تعالى فهو كذلك، وإلا لم تبق المتشابهات، وإنما معناه الحلال من حيث الحكم بين بأنه لا يضر تناوله، وكذا الحرام بأنه يضر تناوله، أي هما بينان يعرف الناس حكمها، لكن ينبغي أن يعلم الناس حكم ما بينهما من المتشابهات، بأن تناوله يخرج من الورع ويقرب إلى تناول الحرام، وعلى هذا فقوله: "الحلال بين والحرام بين" اعتذار لترك ذكر حكمها و"بينهما أمور متشابهات" بسبب تجاذب الأصول المبني عليها أمر الحل والحرمة فيها، "وساء" ضرب مثل، أي لإيضاح تلك الأمور، "والحمى" بكسر الحاء والقصر، أرض يحميها الملوك ويمنعون الناس عن الدخول فيها، فمن دخله أوقع به العقوبة ومن احتاط لتفسه لا يقرب ذلك الحمى خوفًا من الوقوع فيه، والمحارم كذلك يعاقب الله تعالى على ارتكابها، فمن احتاط لنفسه لم يقاربها بالوقوع في المتشابهات، وقوله: "يوشك" بضم الياء وكسر الشين، أي يقرب؛ لأنه يتعاهد به التساهل، ويتمرن عليه ويجسر على

الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُخَالِطَهُ، وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطُ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ. 3330 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ عِرْضَهُ وَدِينَهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ». 3331 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي خَيْرَةَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ح وحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي هِنْدٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي خَيْرَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا أَكَلَ الرِّبَا، فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ بُخَارِهِ» قَالَ ابْنُ عِيسَى: «أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ». === شبه أخرى أغلظ منها، وهكذا حتى يقع في الحرام والله تعالى أعلم. 3330 - "استبراء دينه وعرضه" أصله استبرأ لدينه ثم حذف الخافض ونصب ما بعده، أي احتاط وطلب البراءة لدينه من النقصان ولعرضه من العيب والطعن. 3331 - "لا يبقى أحد إِلا أكل الربا" قلت: هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له - صلى الله عليه وسلم -.

3332 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْقَبْرِ يُوصِي الْحَافِرَ: «أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ»، فَلَمَّا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ دَاعِي امْرَأَةٍ فَجَاءَ وَجِيءَ بِالطَّعَامِ فَوَضَعَ يَدَهُ، ثُمَّ وَضَعَ الْقَوْمُ، فَأَكَلُوا، فَنَظَرَ آبَاؤُنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُوكُ لُقْمَةً فِي فَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَجِدُ لَحْمَ شَاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهَا»، فَأَرْسَلَتِ الْمَرْأَةُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَى الْبَقِيعِ يَشْتَرِي لِي شَاةً، فَلَمْ أَجِدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى جَارٍ لِي قَدِ اشْتَرَى شَاةً، أَنْ أَرْسِلْ إِلَيَّ بِهَا بِثَمَنِهَا، فَلَمْ يُوجَدْ، فَأَرْسَلْتُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْعِمِيهِ الْأُسَارَى». === 3332 - "يوصى الحافر" أي الذي يحفر القبر "أوسع" بتقدير القول بيان للوصية، أي يقول له: أوسع القبر من قبل رجليه، "داعي امرأة" أي استقبله رجل أرسلته امرأة، ليدعوه - صلى الله عليه وسلم - إلى بيتها وطعامها. "فنظر آباؤنا" كان هذا مما لم يشاهده هو وإنما شاهده آباؤه، إما لعدم حضور المجلس، أو لأمر آخر والله تعالى أعلم. "يلوك" أي يمضغهما فأرسلت إلى بها "اعتمادًا" على رضى زوجها بذلك دلالة، وقد استدل به من يقول الغاصب يملك بالتصرف المغصوب، ويجب الزمان عليه للمغصوب منه، وقد يقال: الإذن دلالة ها هنا، يخرج الشاة عن كونها غصبًا فكان القول منه - صلى الله عليه وسلم - للتنزه، كيف ولو كان عصبًا لما جاز التصرف فيه قبل أداء الضمان، ولم يجب التصدق بعده والله تعالى أعلم.

باب في آكل الربا وموكله

بَابٌ فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ 3333 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ». بَابٌ فِي وَضْعِ الرِّبَا 3334 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ: «أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُءُوسُ === بَابٌ فِي آكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ 3333 - "آكل الربا" أي آخذه، سواء أكل بعد ذلك أم لا، وعبر عنه بالأكلِ؛ لأن المطلوب الأصلي هو الأكل، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا} (¬1)، والمراد يأخذون، "وموكله" أي معطيه، فقد خسر الدنيا والآخرة واستحقاق اللعن، وكذا الشاهد وغيره لأجل الإعانة على الباطل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي وَضْعِ الرِّبَا 3334 - "موضوع" لا يطلب به صاحبه "دم الحارث" قال الخطابي: هكذا روى أبو داود وإنما هو في سائر الروايات، "دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب" وقال أبو عبيدة: أخبرني ابن الكلبي أن ربيعة بن الحارث لم يقتل، وقد عاش بعد ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية (10).

باب في كراهية اليمين في البيع

أَمْوَالِكُمْ، لَا تَظْلِمُونَ، وَلَا تُظْلَمُونَ، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ دَمٍ مِنْ دَمِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ مِنْهَا، دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ» قَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»، قَالُوا: نَعَمْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ 3335 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ === رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى زمن عمر، وقد قتل له ابن صغير في الجاهلية فأهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه فيما أهدر ونسب الدم إليه؛ لأنه ولي الدم (¬1). بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ 3335 - "الحلف" بفتح فكسر أو سكون، قال السيوطي: اليمين الكاذبة، قلت: يمكن إبقاؤه على إطلاقه؛ لأن الصادق لترويج أمر الدنيا وتحصيله يتضمن ذكر الله تعالى للدنيا، وهو لا يخلو عن كراهة ما والله تعالى أعلم. "منفقة" هو وما بعده مفعلة بفتح ميم وعين، أي موضع لنفاقها وزواجها وفطنة له في الحال، "وممحقة" أي موضع لنقصان البركة، ومظنة له في المآل، قال الشيخ عز الدين: قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} (¬2) معناه لا يقبل منه صدقة، ولا يجيز سائر التصرفات الواقعة به، فهو محق لا محالة، وأما ثمن السلعة والربح ها هنا فحلال والتصرفات فيه جائزة، غاية ما في الباب أنه عصى بالحلف ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 60. (¬2) سورة البقرة: الآية (276).

باب في الرجحان في الوزن [والوزن بالأجر]

الْمُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ»، قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: «لِلْكَسْبِ»، وَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ [وَالْوَزْنِ بِالْأَجْرِ] 3336 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَفَةُ الْعَبْدِيُّ، بَزًّا مِنْ === وهذا لا يقدح في حل المال، فما معنى المحق ولم يذكر له جوابًا. قلت: إن كان حلفًا كاذبًا تضمن تصديقه ففي الحل نظر والله تعالى أعلم. وأجاب السيوطي بأن البركعة سر عن شرطها الأمانة وعدم الخانة، فإذا فقد شرطها أبطلها الله، كما أخبر به الصادق الأمين على وحيه - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان المال حلالا بأن يسلط الله تعالى عليه وجوهًا يتلف فيها إما سرقًا أو حرقًا أو غصبًا أو نهبًا أو عوارض ينفق فيها عن أمراض وقحط وغير ذلك مما شاء الله والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ [وَالْوَزْنِ بِالْأَجْرِ] 3336 - "من هجر" بفتحتين اسم بلد، قال السيوطي: ذكر بعضهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى السراويل ولم يلبسها. إ هـ، وفي الهدي لابن قيم الجوزية إنه لبسها (¬1). فقيل: إنه سبق قلم. لكن في مسند أبي يعلى والأوسط للطبراني بسند ضعيف ¬

_ (¬1) زاد المعاد: ابن القيم: 1/ 139 ط. مؤسسة الرسالة. فقال: "إنما اشتراط ليلبسها وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل".

هَجَرَ فَأَتَيْنَا بِهِ مَكَّةَ فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فَسَاوَمَنَا بِسَرَاوِيلَ، فَبِعْنَاهُ، وَثَمَّ رَجُلٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زِنْ وَأَرْجِحْ». 3337 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنَى قَرِيبٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي صَفْوَانَ بْنِ عُمَيْرَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ يَزِنُ بِأَجْرٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ قَيْسٌ كَمَا قَالَ سُفْيَانُ، " وَالْقَوْلُ قَوْلُ: سُفْيَانَ. 3338 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: قَالَ: رَجُلٌ لِشُعْبَةَ، خَالَفَكَ سُفْيَانَ، قَالَ: دَمَغْتَنِي وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، قَالَ: كُلُّ مَنْ خَالَفَ سُفْيَانَ، فَالْقَوْلُ: قَوْلُ سُفْيَانَ. === عن أبي هريرة قال: دخلت يومًا إلى السوق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس إلى النبرازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم، وكان لأهل السوق وزان فقال له: "زن وأرجح" فوزن وأرجح وأخذ السراويل، فذهبت لأحمله عه فقال: "صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله إِلا أن يكون ضعيفًا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم" قلت: يا رسول الله: وإنك لتلبس السراويل؟ فقال: "أجل، في السفر والحضر وبالليل والنهار، فإِني أمرت بالستر فلم أجد شيئًا أستر منه" (¬1). ¬

_ (¬1) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: الهيثمي: 5/ 124، 123. وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن زياد البصري وهو ضعيف.

باب [في] قول النبي صلى الله عليه وسلم المكيال مكيال المدينة

3339 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: «كَانَ سُفْيَانُ أَحْفَظَ مِنِّي». بَابٌ [فِي] قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ 3340 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا رَوَاهُ الْفِرْيَابِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَافَقَهُمَا فِي الْمَتْنِ، وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَكَانَ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، قَالَ: «وَزْنُ الْمَدِينَةِ وَمِكْيَالُ مَكَّةَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَاخْتُلِفَ فِي الْمَتْنِ فِي حَدِيثِ === بَابٌ [فِي] قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ 3340 - "الوزن" وزن أهل مكة، قال الخطابي: يريد وزن الذهب والفضة فقط، والمراد أن الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة، وهي الدراهم التي العشرة منها بسبعة مثاقيل، وكانت الدراهم مختلفة الأوزان في البلاد (¬1) وكانت دراهم أهل مكة في الدراهم المعتبرة في باب الزكاة، فأرشد - صلى الله عليه وسلم -، إلى ذلك بهذا الكلام، وكذا قوله: "والمكيال مكيال أهل المدينة" أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات ويجب إخراج صدقة الفطر بصاع المدينة، وكانت الصيعان مختلفة في البلاد، وقيل: إن أهل المدينة أهل زراعات فهم أعلم بأحوال المكيال، ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 61.

باب في التشديد في الدين

مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا». بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ 3341 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سَمْعَانَ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هَاهُنَا أَحَدٌ، مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ » فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: «هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ » فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: «هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؟ » فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؟ أَمَا إِنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكُمْ إِلَّا خَيْرًا، إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ»، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَدَّى عَنْهُ حَتَّى مَا بَقِيَ أَحَدٌ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سَمْعَانُ بْنُ مُشَنِّجٍ». 3342 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي === وأهل مكة أصحاب تجارات فهم أعلم بالموازين والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ 3341 - "إن لم أنوه بكم إلا خيرًا" هو صيغة المضارع للمتكلم من نوهته تنويهًا، إذا رفعته، والمعنى: لا أرفع لكم ولا أذكر لكم إلا خيرًا، "إِن صاحبكم" أي ميتكم "مأسور" أي محبوس ممنوع عن دخول الجنة، أو الاستراحة ونحو ذلك، "أدى" أي ذلك الرجل "عنه" عن صاحبه. 3342 - "أن يلقاه" أي الله تعالى، "بها" بالذنوب، "عبد" فاعل "يلقاه"

سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، يَقُولُ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا عَبْدٌ بَعْدَ الْكَبَائِرِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا، أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، لَا يَدَعُ لَهُ قَضَاءً». 3343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأُتِيَ بِمَيِّتٍ، فَقَالَ: «أَعَلَيْهِ دَيْنٌ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، دِينَارَانِ، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، فَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ». === وهو بدل من "الذنوب" "بعد الكبائر"، قال ذلك لأن الدين ليس من الكبائر، قيل: الدين ليس من الذنوب وإنما عده من الذنوب تشديدًا لأمره كيلا يضيع حقوق الناس بالتساهل فيها، ولذلك كان لا يصلي على المديون الذي ما ترك وفاء دينه والله تعالى أعلم. 3343 - "هما على ما قيل" هو دليل على جواز الضمان عن الميت، ومن لم يجوزه يحمله على أنه وعد (¬1)، وظاهر لفظ (علي) بصيغة الإيجاب يفيد ¬

_ (¬1) في الأصل [وعدًا].

باب في المطل

3344 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، رَفَعَهُ، قَالَ عُثْمَانُ: وحَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، قَالَ: اشْتَرَى مِنْ عِيرٍ تَبِيعًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ ثَمَنُهُ فَأُرْبِحَ فِيهِ فَبَاعَهُ فَتَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ عَلَى أَرَامِلِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَالَ: «لَا أَشْتَرِي بَعْدَهَا شَيْئًا إِلَّا وَعِنْدِي ثَمَنُهُ». بَابٌ فِي الْمَطْلِ 3345 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَطْلُ === الضمان والله تعالى أعلم. 3344 - "من عير" بكسر عين، إبل تحمل الطعام وغيره تطلق على القافلة، "فاربح" على بناء المفعول، "وقال: لا أشتري" كراهة للدين وربحه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَطْلِ 3345 - "مطل الغني" أراد بالغني القادر على أداء ما عليه ولو كان فقيرًا، ومطله منعه أداءه وتأخيره القاضي، والمطل منع قضاء ما استحق أداءه، زاد القرطبي: مع التمكن من ذلك، وطلب صاحب الحق حقه. قلت: التمكن من ذلك معتبر في الغني فلا حاجة إلى زيادته والإضافة إلى الفاعل، وقيل: إلى المفعول، أي أن يمنع الغني عن إيصال الحق إليه ظلم، فكيف منع الفقير عن إيصال الحق إليه، والمعنى يجب وفاء الدين وإن كان صاحبه

باب في حسن القضاء

الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ». بَابٌ فِي حُسْنِ الْقَضَاءِ 3346 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكْرًا فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَقُلْتُ: لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إِلَّا === غنيًّا فالفقير بالأولى، والظلم وضع الشيء، في غير محله، والماطل وضع المنع موضع القضاء "وإذا اتبع" بضم فسكون فكسر مخفف أي أصيل "ومليء" بالهمز ككريم، أو هو كغني لفظًا ومعنى والأول هو الأصل، لكن قد اشتهر الثاني على الألسنة، "فليبتع" بإسكان الفوقية على المشهور، "من تبع" أي فليقبل الحوالة، وقيل: شيدها، والجمهور على أن الأمر للندب وحمله بعضهم على الوجوب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي حُسْنِ الْقَضَاءِ 3346 - "استسلف" أي استقرض "بكرًا" بفتح فسكون الفتي من الإبل كالغلام من الإنسان خيارًا مختارًا "باعيًا" كثمانيًا وهو ما دخل في السنة السابقة؛ لأنها سن ظهور رباعيته، والرباعية بوزن ثمانية، ولعله أدى من الصدقة بالشراء منها، وقيل: يمكن أن استقراضه إنما كان لواحد من أهل الصدقة، وكان هذا الرجل الذي استقرض منه أهلًا للصدقة أيضًا، بأن كان من الغارمين فيكون الفضل صدقة عليه فلا يرد أنه كيف قضى من إبل الصدقة أجود مما يستحقه الغريم، وليس لناظر الصدقات التسرع منها، وكذا الدفع أن الصدقة لا تحل له - صلى الله عليه وسلم -، فكيف قضى منها، قيل: وفيه أن رد القرض بالأجود من غير شرط من

باب في الصرف

جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ، فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً». 3347 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ فَقَضَانِي وَزَادَنِي». بَابٌ فِي الصَّرْفِ 3348 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، === السنة ومكارم الأخلاق، وكذا فيه جواز قرض الحيوان، وعليه الجمهور، وعند أبي حنيفة لا يجوز، وقالوا: هذا الحديث منسوخ، ورده النووي بأنه دعوى بلا دليل، قلت: بل دليله حديث سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وسيجيء. قال الترمذي: حديث حسن صحيح (¬1)، وذلك لأن الاستقراض في الحيوان بخلافه في الدراهم؛ لأنها لا تتعين فيكون رد المثل في الدراهم كرد العين، والحيوان يتعين فرد المثل فيه رد للبدل وهو بيع فلا يجوز للنهي، ومرجعه إلى أنه قد اجتمع المبيع والمحرم فيقدم المحرم، بقى أن هذا مبني على قواعدهم، ولا بعد في ذلك ويؤيد قول أبي حنيفة في الجملة، أن استقراض الجارية للوطء ثم ردها بعينها مما لا يقول به أحد، مغ أنه ينبغي أن يكون جائزًا على أصل من يقول باستقراض الحيوان فتأمل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الصَّرْفِ 3348 - "إلا هاء وهاء" هو كجاء أي هاك، وأهل الحديث يقولون. ¬

_ (¬1) الترمذي في البيوع (1237).

عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ». 3349 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مُدْيٌ بِمُدْيٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ، بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ، وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، بِإِسْنَادِهِ. === بالقصر (¬1)، وقال الخطابي: الصواب المد (¬2)، وقال غيره: الوجهان جائزان والمد أشهر وهو حال، أي إلا مقولا منهما أي من المتعاقدين فيه خذ وخذ يدًا بيد. 3349 - "ترها وعينها" أي سواء "مدي" كقفل مكيال لأهل الشام، "فقد أربى" أي أتى بالربا والفضة أكثرهما الجملة حال، وهذا القيد بناءً على المتعارف والعادة إلا فقد جاء، وإذا اختلفت هذه الأصناف. ¬

_ (¬1) النهاية. ابن الأثير: 5/ 237. (¬2) معالم السنن: 3/ 68.

باب في حلية السيف تباع بالدراهم

3350 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ يَزِيدُ، وَيَنْقُصُ وَزَادَ قَالَ: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا، كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ. بَابٌ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ تُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ 3351 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ مَنِيعٍ فِيهَا خَرَزٌ مُعَلَّقَةٌ بِذَهَبٍ ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ»، فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ الْحِجَارَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا»، قَالَ: فَرَدَّهُ حَتَّى مُيِّزَ بَيْنَهُمَا وقَالَ ابْنُ عِيسَى: أَرَدْتُ التِّجَارَةَ، قَالَ === 3350 - "فبعيوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" وفي الحديث دلالة على أن البر والشعير جنسان كما عليه الجمهور خلافًا لمالك. بَابٌ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ تُبَاعُ بِالدَّرَاهِمِ 3351 - "حتى تميز بينه وبينه" أي بين الذهب والخرز، إنما أردت الحجارة أي المقصود الأصلي. "وليست هي من أموال الربا" أو الذهب، إنما هو بالتبع والأقرب التجارة

باب في اقتضاء الذهب من الورق

أَبُو دَاوُدَ: وَكَانَ فِي كِتَابِهِ الْحِجَارَةُ فَغَيَّرَهُ، فَقَالَ: التِّجَارَةُ. 3352 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي شُجَاعٍ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فِيهَا ذَهَبٌ، وَخَرَزٌ فَفَصَّلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ». 3353 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الْجُلَاحِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ نُبَايِعُ الْيَهُودَ الْأُوقِيَّةَ مِنَ الذَّهَبِ بِالدِّينَارِ، قَالَ: غَيْرُ قُتَيْبَةَ بِالدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، - ثُمَّ اتَّفَقَا -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ». بَابٌ فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الوَرِقِ 3354 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، === والله تعالى أعلم. 3352 - "حتى تفصل" أي تميز بين الذهب والخرز كما تقدم، "بالنقيع" قيل: بالنون موضع قريب بالمدينة أو بالباء مراد به بقيع الغرقد (¬1). بَابٌ فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الوَرِقِ 3354 - "وأعطى هذه" أي إذا اشتريت مثلًا، "رويدك" أي أمهلني، لا بأس ¬

_ (¬1) معجم البلدان: 5/ 301، 302. دار صادر بيروت.

قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ». 3355 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ لَمْ يَذْكُرْ بِسِعْرِ يَوْمِهَا. === أن يأخذها، يحتمل فتح همزة أن على أنها ناصبة أو كسرها على أنها شرطية جازمة أي لا بأس أن تأخذ بدل الدنانير الدراهم وبالعكس بشرط التقابض في المجلس والتقييد بسعر اليوم على طريق الاستحباب، "وبينكما شيء" حال، أي لا بأس، "ما لم تفترقا"، والحال أنه بقي بينكما شيء غير مقبوض، قيل: وذلك لأنه لو استبدل عن الدين شيئًا مؤجلًا لا يجوز لأنه بيع الكالئ وقد نهي عنه، قلت: وعلى هذا لو استبدل بعض الدين وأبقى بعضه على حاله ثم استبدله عند قبض البدل فينبغي ألا يكون به بأس أيضًا والله تعالى أعلم.

باب في الحيوان بالحيوان نسيئة

بَابٌ فِي الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً 3356 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً». بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ [فِي ذَلِكَ] 3357 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حَرِيشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً 3356 - "نهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة" أي من الطرفين أو أحدهما، وبه قال علماؤنا الحنفية ترجيحًا للمحرم على ما سيجيء من المبيح، ومن لا يقول به يحمله على النسيئة من الطرفين جمعًا بينه وبين ما سيجيء من حديث الإباحة، ولا يخفى أن النسيئة إذا كانت من الطرفين فلا يجوز لأنه بيع الكالئ بالكالئ. بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ [فِي ذَلِكَ] 3357 - "فنفدت الإبل" بكسر الفاء، أي فنيت، "أن يأخذ" أي يشتري، "على قلاص الصدقة" بكسر القاف جمع قلص بضمتين وحر جمع قلوص بالفتح الناقه الشابة بمنزلة الجارية من النساء، ولعل المراد ها هنا: الإبل كما يظهر من قوله: "إلى إبل الصدقة" كذا قيل، قلت: والذي في الصدقات النوق لا الجمال

باب في ذلك إذا كان يدا بيد

وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي قِلَاصِ الصَّدَقَةِ»، فَكَانَ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ. بَابٌ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ 3358 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، أَنَّ اللَّيْثَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدَيْنِ». بَابٌ فِي التَّمْرِ بِالتَّمْرِ 3359 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ === فلا حاجة إلى ما ذكر بل آخر الحديث أحوج إلى التأويل والله تعالى أعلم. قيل: فيه إشكال لجهالة الأجل، ويمكن أن يجاب بأن وقت إتيان إبل الصدقة كان معلومًا إذ ذاك، أو كان هذا الحديث منسوخًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ 3358 - "اشترى عبدًا بعبدين" سببه أن عبدًا جاء فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة بلا علم من النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فجاء سيده فاشتراه منه بعبدين كراهة أن يرد العبد خائبًا مما قصده من الهجرة وملازمة الصحبة، وفيه ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكارم الأخلاق والإحسان العام، ومن هذا الحديث حكم أهل العلم بجواز بيع الحيوان بحيوانين نقدًا سواء كان الجنس متحدًا أو مختلفًا وإنما اختلفوا في النسيئة. بَابٌ فِي التَّمْرِ بِالتَّمْرِ 3359 - "عن البيضاء" أي الشعير كما ورد بوجه آخر، "والبيضاء" عند

زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ البَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، قَالَ: الْبَيْضَاءُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ » قَالُوا نَعَمْ، فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ === العرب الشعير "والسمر" البر، "والسلت" بضم السنن وسكون اللام، حب بين الحنطة والشعير لا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملاستة، وكالشعير في طبعه وبرودته والتقارب، والشعير والسلت يعدان جنسًا واحدًا كما عدها الجوهري جنسًا واحدًا، فلذلك منع سعيد عن بيع أحدهما بالآخر مع فضل أحدهما، وفسر مالك الفضل بالكثرة في الكيل، "يسأل" على بناء المفعول، "أينقص" تنبيه على علة المنع بعدى اتحاد الجنس، فيجري المنع في كل ما يجري فيه هذه العلة، ولذلك حكم سعد بالمنع في الشعير والسلت لما رأى من وجود العلة فيهما، قال القاضي: في شرح المصابيح: ليس المراد من الاستفهام في قوله: "أينقص" استعلام القضية، فإنها جلية مستغنية عن الاستكشاف، بل التنبيه على أن المطلوب تحقق المماثلة حال اليبوسة، فلا يكفي تماثل الرطب والتمر على رطوبته ولا على فرض اليبوسة لأنه تخمين فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر وبه قال أكثر أهل العلم، وجوزه أبو حنيفة إذا تساويا كيلًا حملًا للحديث على النسيئة، لما روى هذا الراوي أنه - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن بيع الرطب والتمر نسيئة" وضعفه بين؛ لأن النهي عن بيعه نسيئة لا يستدعي الإذن في بيعه يدًا بيد إلا من طريق المفهوم، وهو عنده غير منظور إليه فضلا عن أن يسلط على المنطوق، ليبطل إطلاقه، ثم هذا التقييد يفيد السؤاك والجواب، وترتيب النهي عليهما بالكلية، إذ كونه نسيئة

باب في المزابنة

إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، نَحْوَ مَالِكٍ. 3360 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنَّ أَبَا عَيَّاشٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ مَوْلًى لِبَنِي مَخْزُومٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. بَابٌ فِي الْمُزَابَنَةِ 3361 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا، وَعَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلًا». === يكفي في عدم الجواز ولا دخل معه للجفاف. قلت: المشهور عند الحنفية في الجواب جهالة زيد أبي عياش، ورده الجمهور بأن عدم معرفة البعض لا تضر في معرفة غيره، فالأقرب قول الجمهور، ولذلك خالف الإمام صاحباه وذهبا إلى قول الجمهور والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُزَابَنَةِ 3361 - "بيع الثمر بالتمر" الأول بفتح المثلثة والميم، الرطب على النخل، والثاني: بالمثناة الفوقية وسكون الميم، ومثل هذا البيع يسمى مزابنة من الزبن بمعنى الدفع، وهذا البيع قد يفضي إلى التدافع.

باب في بيع العرايا

بَابٌ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا 3362 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ». 3363 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا». === بَابٌ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا 3362 - "في بيع العرايا" جمع عرية فعيلة وهي عند كثر نخلة أو نخلتان يشتريها من يريد أكل الرطبة، ولا نقد بيده يشتريها به فيشتريها بتمر بقي من قوته فرخص له في ذلك دفعًا للحاجة فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة شك من الراوي، وقد اختلفوا في تفسيرها اختلافًا كثيرًا، وسيجيء ما ذكره المصنف والله تعالى أعلم. 3363 - "بخرصها" قيل: بكسر فسكون، اسم بمعنى المخروص، أي القدر الذي يعرف بالتخمين، وبفتح فسكون مصدر بمعنى التخمين، ويمكن أن يراد به المخروص أيضًا كالخلق بمعنى المخلوق، والمراد ها هنا: المخروص فيصح الوجهان. "يعرى" من أعرى أي يعطى عن بيع الثمار، أي على الأشجار.

باب في مقدار العرية

بَابٌ فِي مِقْدَارِ الْعَرِيَّةِ 3364 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَينِ، عَنْ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، قَال أَبُو دَاوُدَ: وَقَال لَنَا الْقَعْنَبِيُّ: فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُهُ قُزْمَانُ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ" شَكَّ دَاوُدُ بْنُ الْحُصَينِ، قَال أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُ جَابِرٍ، إِلَى أَرْبَعَةِ أَوْسُقٍ. بَابُ تَفْسِيرِ الْعَرَايَا 3365 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَال: "الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي النَّخْلَةَ، أَو الرَّجُلُ يَسْتَثْنِي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ، أَو الاثْنَتَينِ يَأْكُلُهَا فَيَبِيعُهَا بِتَمْرٍ". 3366 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَال: "الْعَرَايَا أَنْ يَهَبَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ النَّخَلَاتِ، فَيَشُقُّ عَلَيهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيهَا فَيَبِيعُهَا، بِمِثْلِ خَرْصِهَا". بَابٌ فِي بَيعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا 3367 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيعِ الثِّمَارِ

باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ». 3368 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ، وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ». 3369 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَنَائِمِ، حَتَّى تُقَسَّمَ، وَعَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تُحْرَزَ مِنْ كُلِّ عَارِضٍ، وَأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ حِزَامٍ». === بَابٌ فِي بَيعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا 3368 - " بيع النخل" أي ما عليها من الثمار منفردة عن النخل، "حتى تزهو" بالواو من زهى يزهو إذا ظهرت الثمرة، أي ظهر صلاحها، وفي رواية: تزهي بضم التاء الفوقانية من أزهى يزهي والمعنى قريب وهما لغتان، "وبيع السنبل" أي ما فيه من الحب "يبيض" بتشديد الضاد أي يشتد حبه، "والعاهة" الآفة التي تصيب الزرع أو الثمر فتفسده. 3369 - "وأن يصلي الرجل بغير حزام" أي إذا خيف عليه كشف العورة بلا حزام.

3370 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ الثَّمَرَةُ، حَتَّى تُشْقِحَ» قِيلَ وَمَا تُشْقِحُ، قَالَ: «تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا». 3371 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ». 3372 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الزِّنَادِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَمَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الثِّمَارَ، قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، فَإِذَا جَدَّ النَّاسُ وَحَضَرَ تَقَاضِيهِمْ، قَالَ الْمُبْتَاعُ: قَدْ أَصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَانُ وَأَصَابَهُ قُشَامٌ وَأَصَابَهُ مُرَاضٌ عَاهَاتٌ يَحْتَجُّونَ بِهَا فَلَمَّا كَثُرَتْ خُصُومَتُهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 3370 - "حتى تشقح" يقال: أشقح وشقح تشقيحًا بالتشديد. 3372 - "فإذا جد الناس" أي قطع الناس الثمار، "وحضر تقاضيهم" أي وقت قضاء الثمور وطلبه، "قال المبتاع" أي المشتري، "الدّمانُ" قيل بفتح وخفة فساد الثمن وتعفنه قبل إدراكه حتى يسود من الدمن وهو الرقين، ويقال: الدمال باللام بمعناه وضبطه الخطابي بالضم وهو أشبه؛ لأن ما كان الأدواء والفاءات فهو بالضم كالسعال والزكام، وقد جاء في هذا الحديث "القشام والمراض" وهما من

باب في بيع السنين

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَالْمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا فَإِمَّا لَا فَلَا تَتَبَايَعُوا الثَّمَرَةَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا»، لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ. 3373 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا يُبَاعُ إِلَّا بِالدِّينَارِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ إِلَّا الْعَرَايَا». بَابٌ فِي بَيْعِ السِّنِينَ 3374 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ === آفات التمر ولا خلاف في ضمها وقيل: هما لغتان ويروى: "الدمار" بالراء ولا معنى له. قشام؛ هو أن ينقص ثمر النخل قبل أن يصير بلحًا "والمراض" بالضم ما يقع في الثمر فيهلكها، "فإمالا" أي فإن كنتم لا تتركون الاختصام فلا تبتاعوا. مقتضاه أن النهي ليس للتحريم، وليس كل ما يؤدي إلى الاختصام فهو حرام، فهو دليل لأبي حنيفة على جواز البيع قبل بدء الصلاح على وجه لا يقع النزاع كان يشترط القطع مثلًا على تلك الحالة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي بَيْعِ السِّنِينَ 3374 - "نهى عن بيع السنين" هو أن يبيع ثمره نخلة أو نخلات بأعيانها سنتين أو ثلاث فإنه بيع شيء لا وجود له حال العقد، "ووضع الحوائج" وفي رواية الشافعي وأمر بوضع الجوائح (¬1) وفي جمع حائحة، وهي آفة تهلك ¬

_ (¬1) مسند الإمام الشافعي: 2/ 151، 152. حديث رقم (522) ط. دار الكتب العلمية -بيروت- لبنان. 1951 م.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ، وَوَضَعَ الْجَوَائِحَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثُّلُثِ شَيْءٌ، وَهُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ». 3375 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُعَاوَمَةِ» وَقَالَ: أَحَدُهُمَا: بَيْعُ السِّنِينَ. === الثمرة، قال الخطابي: والأمر بوضعها عند الفقهاء للندب من طريق المعروف والإحسان، لا على سبيل الوجوب والإلزام (¬1)، وقال أحمد وجماعة من أصحاب الحديث: هو لازم بقدر ما هلك، وقيل: الحديث محمول على ما هلك قبل تسليم المبيع إلى المشتري فإنه في ضمان البايع بخلاف ما هلك بعد التسليم، لأن المبيع قد خرج عن عهدة البايع بالتسليم إلى المشتري فلا يلزمه ضمان ما يعتريه بعده، واستدل على ذلك بما روى أبو سعيد الخدري أن رجلًا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال - صلى الله عليه وسلم -: "تصدقوا عليه" (¬2)، ولو كانت الحوائج موضوعة لم يصر مديونًا بسببها والله تعالى أعلم. 3375 - "عن المعاومة" أي بيع السنين. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 86. (¬2) أحمد في مسنده: 3/ 58، ومسلم في المساقاة (1556)، والترمذي في الزكاة (655) وقال: حسن صحيح، والنسائي في البيوع (4530) وابن ماجه في الأحكام (2356).

باب في بيع الغرر

بَابٌ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ 3376 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» زَادَ عُثْمَانُ وَالْحَصَاةِ. 3377 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَهَذَا === بَابٌ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ 3376 - "عن بيع الغرر" هو ما كان له ظاهر يغري المشتري وباطن مجهول، الأزهرى ما كان بغير عهد ولا ثقة ويدخل فيه بيوع كثيرة من كل مجهول (¬1)، "وبيع الآبق والمعدوم وغير مقدور التسليم" وأفردت بعضها بالنهي لكونه من مشاهير بيوع الجاهلية، وقد ذكروا أن الغرر القليل أو الضروري مستثنى من الحديث كما في الإجارة على الأشهر مع تفاوت الأشهر في الأيام، وكما في الدخول في الحمام مع تفاوت الناس في صب الماء والمكث فيه ونحو ذلك، "والحصاة" هو أن يقول أحد العاقدين: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع، وقيل ذلك في الخيار فهذا يتضمن إثبات خيار إلى أجل مجهول، أو هو أن يرمي حصاة في قطيع غنم فأي شاة أصابها كانت مبيعة وهو يتضمن جهالة المبيع، وقيل: أن يجعل الرمي عين العقد، وهو عقد مخالف لعقود الشرع فإنه بالإيجاب والقبول أو التعاطي لا بالرمي. 3377 - "نهى عن بيعتين" المشهور فتح الباء، وفي لبستين كسر اللام ¬

_ (¬1) النهاية: ابن الأثير: 3/ 355، لسان العرب مادة (غرر) 5/ 14.

لَفْظُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ، وَعَنْ لِبْسَتَيْنِ، أَمَّا الْبَيْعَتَانِ: فَالْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ، وَأَمَّا اللِّبْسَتَانِ: فَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ، أَوْ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ. 3378 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ زَادَ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ: أَنْ يَشْتَمِلَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَضَعُ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، وَيُبْرِزُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ يَقُولَ: إِذَا نَبَذْتُ إِلَيْكَ هَذَا الثَّوْبَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَالْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَمَسَّهُ بِيَدِهِ وَلَا يَنْشُرُهُ وَلَا يُقَلِّبُهُ، فَإِذَا مَسَّهُ وَجَبَ الْبَيْعُ. === والأقرب الكسر فيهما على أنهما للنوع، والملامسة، أن يجعل العقد نفس اللمس، أو يجعل اللمس قاطعًا للخيار بعد البيع قاطعًا لكل خيار، أقوال، والمنابذة أن يجعل نبذ المبيع كذلك، واشتمال الصماء عند كثير هو أن يلف الثوب على أعضائه بحيث ما يبقى له منفذًا يخرج منه اليد عند الحاجة إليه، وسبجيء لها تفاسير في الكتاب أيضًا. 3378 - "ولا يقلبه" من القلب أو التقليب، وقوله: "فقد وجب البيع" ظاهره أنه يجعله نفس العقد والله تعالى أعلم.

3379 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ جَمِيعًا. 3380 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ. 3381 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: «وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ، أَنْ === 3380 - "حبل" الحبلة هما بفتحتين، ومعناهما محبول المحبولة في الحال على أنهما مصدران أريد بهما المفعول، والتاء في الثاني للإشارة إلى الأنوثة، وفي تفسيره اختلاف، فقيل: هو بيع ولد ولد الناقة، أي الحامل في الحال بأن يقول: إذا ولدت الناقة ثم ولدت التي في بطنها فقد بعتك ولدها، وهذا هو الظاهر من اللفظ لإضافة البيع إلى "حبل الحبلة" وفساد هذا البيع؛ لأنه بيع ما ليس عنده ولا يقدر على تسليمه فهو غرر، والمروي عن ابن عمر أن المراد به: أن يباع شيء ما يجعل أجل ثمنه إلى أن تنتج الناقة، ثم ينتج ما في بطنها، ففساد البيع لجهالة الأجل، وإضافة البيع حينئذ للأدنى ملابسة. قلت: والأقرب على تقدير الحمل على التأجيل أن الأول مصدر، والثاني بمعنى المحبولة أي إلى أن تحبل المحبولة، التي في بطن أمها في الحال، وعلى تقدير الحمل على أن الحبل هو المبيع أن الأول بمعنى المحمول والثاني بمعنى المحمولة أي بيع ولد التي في بطن أمها والله تعالى أعلم.

باب في بيع المضطر

تُنْتَجَ النَّاقَةُ بَطْنَهَا، ثُمَّ تَحْمِلُ الَّتِي نُتِجَتْ». بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُضْطَرِّ 3382 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ عَامِرٍ، - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ - حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، - أَوْ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ ابْنُ عِيسَى: هَكَذَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ - قَالَ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ الْمُوسِرُ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] وَيُبَايِعُ الْمُضْطَرُّونَ «وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ، وَبَيْعِ الْغَرَرِ، وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ». === بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُضْطَرِّ 3382 - "زمان عضوض" بفتح العين من أبنية المبالغة، من العض وهو أخذ الشيء بالسن، أي زمان يعض الناس فيه بعضهم بعضًا ظلمًا وقهرًا وفسادًا وغلبة، أو يعض الناس فيه على قبيح أفعالهم وعاداتهم وأحوالهم وأموالهم، على ما يريه، أي بخلًا ولم يؤمر بذلك بل أمر بالجود بالآية المذكورة، "ويبايع المضطرون" أي مكرهون بأن يكره بعضهم بعضًا على العضد، أو المحتاجون بدين بألا يعاونهم أحد فيضطرون إلى البيع بما تيسر مع أن اللائق بأخوة الإسلام أن يعاون مثله، ويعرض إلى الميسرة أو يشتري منه السلعة بقيمتها، فإن عقد البيع على هذا الوجه لا يخلو من نوع كراهة والله تعالى أعلم.

باب في الشركة

بَابٌ فِي الشَّرِكَةِ 3383 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا. بَابٌ فِي الْمُضَارِبِ يُخَالِفُ 3384 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، حَدَّثَنِي الْحَيُّ، عَنْ عُرْوَةَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيَّ، قَالَ: «أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === بَابٌ فِي الشَّرِكَةِ 3383 - "أنا ثالث الشريكين" فكما أن كلا منهما يعين صاحبه كذلك الله تعالى يعينيهما، "فاشترى شاتين" لا يخفي أنه كان وكيلا فمخالفته من باب مخالفة الوكيل إلى خير لا من باب مخالفه المضارب، فكأنه أخذ منه حكم مخالفة المضارب إلى خير أيضًا من حيث إنه بمنزلة الوكيل فباع إحداهما، استدل به من يجوز بيع الفضولي ويقول أنه موقوف على أنه أجازه المالك، ومن لا يجوز يعتذر بأنه كان وكيلًا مطلقًا فتصرف بحكم إطلاق الوكالة، ولا يخفى بعد الجواب عن الصواب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُضَارِبِ يُخَالِفُ 3384 - "فكان لو اشترى ترابًا يربح فيه" مبالغة في ربحه أو محمول على حقيقته، فإن بعض أنواع التراب يباع ويشترى كذا قيل والأول هو الوجه، إذ

باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَّةً، أَوْ شَاةً فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ كَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ». 3385 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، هُوَ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ، بِهَذَا الْخَبَرِ وَلَفْظُهُ مُخْتَلِفٌ. 3386 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَاهَا بِدِينَارٍ، وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ، فَرَجَعَ فَاشْتَرَى لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ، وَجَاءَ بِدِينَارٍ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَصَدَّقَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا لَهُ أَنْ يُبَارَكَ لَهُ فِي تِجَارَتِهِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَّجِرُ فِي مَالِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ 3387 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الاستبعاد في ربح أحد في بيع ذلك النوع من التراب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَّجِرُ فِي مَالِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ 3387 - يريد تصرف الفضولي وهو مما أجازه البعض موقوفًا وأبطله الآخرون، "صاحب فرق الأرز" الفرق بفتحتين مكيال يسع ثلاثه أصع، "حين

باب في الشركة على غير رأس مال

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صَاحِبِ فَرْقِ الْأَرُزِّ، فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ» قَالُوا: وَمَنْ صَاحِبُ فَرْقِ الْأَرُزِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْغَارِ حِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلُ، فَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اذْكُرُوا أَحْسَنَ عَمَلِكُمْ، قَالَ: وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرْقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ عَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُهُ لَهُ حَتَّى جَمَعْتُ لَهُ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا، فَلَقِيَنِي، فَقَالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرِعَائِهَا فَخُذْهَا فَذَهَبَ فَاسْتَاقَهَا. بَابٌ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ 3388 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ، وَسَعْدٌ، فِيمَا === سقط عليهم" أي على أصحاب الغار الثلاثة، "فثمرته له" من التثمير أي زدته بالزراعة وفي دلالة هذا الحديث على تصرف الفضولي بحث لا يخفى، إذ الظاهر أن حق الأجير لم يكن فرقًا معينًا، فما دام لا يأخذ لا يتعين حقه، بل يكون ذلك الفرق حقًّا للمستأجر الذي ثمره فتصرفه فيه من تصرف المالك، نعم صار إحسانًا إليه حيث أعطاه بعد التثمير ولو كان هذا الحديث في تصرف الفضولي لدل على أنه نافذ من غير توقف على إجازة المالك، وهذا مما لم يقل به أحد فتأمل. بَابٌ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ مَالٍ 3388 - "اشتركت أنا" إلخ يدل على جواز الشركة في المباح الذي يتملكه

باب في المزارعة

نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ. بَابٌ فِي الْمُزَارَعَةِ 3389 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: مَا كُنَّا نَرَى بِالْمُزَارَعَةِ بَأْسًا، حَتَّى سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا، فَذَكَرْتُهُ لِطَاوُسٍ، فَقَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا وَلَكِنْ قَالَ: «لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَرْضَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرَاجًا مَعْلُومًا». 3390 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ الْمَعْنَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا أَتَاهُ === الإنسان بالإحراز كالصيد والحطب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُزَارَعَةِ 3389 - "ليمنح" بفتح اللام والفعل مبتدأ بتقدير أن وخبره خير أي إعطاؤه الأرض من غير أجر خير، وقوله: "خراجًا" أي أجرًا، "فلا تكروا" من الإكراء، "كنا نكري" بضم النون بما على السواقي أي بما ينبت على أطراف الجداول.

رَجُلَانِ، قَالَ مُسَدَّدٌ: مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، قَدِ اقْتَتَلَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ»، زَادَ مُسَدَّدٌ، فَسَمِعَ قَوْلَهُ: «لَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ». 3391 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: «كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِي مِنَ الزَّرْعِ وَمَا سَعِدَ بِالْمَاءِ مِنْهَا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَنَا أَنْ نُكْرِيَهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ». 3392 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، كِلَاهُمَا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، - وَاللَّفْظُ لِلْأَوْزَاعِيِّ - حَدَّثَنِي حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقَالَ: «لَا بَأْسَ بِهَا إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ فَيَهْلَكُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، === 3392 - "وما جرى بالماء منها" أي من السواقي يريد أنا نجعل ما جرى عليه الماء من الزرع بلا طلب لصاحب الأرض والباقي لصاحب الزرع، "بما على الماذيانات" بالذال المعجمة. قال الخطابي: هي الأنهار وهي من كلام العجم صارت دخيلا في كلامهم، و"إِقبال الجداول" بالموحدة. قال في النهاية: وهي

باب [في] التشديد في ذلك

وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَهْلَكُ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ، فَأَمَّا شَيْءٌ مَضْمُونٌ مَعْلُومٌ، فَلَا بَأْسَ بِهِ»، وَحَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ أَتَمُّ، وَقَالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ رَافِعٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ نَحْوَهُ. 3393 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ، فَقَالَ: أَبِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، فَقَالَ: أَمَّا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 3394 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَكْرِي أَرْضَهُ حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ خَدِيجٍ، مَاذَا تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي، كِرَاءِ الْأَرْضِ؟ ، قَالَ رَافِعٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ عَمَّيَّ وَكَانَا قَدْ === في الأوائل والروس؛ جمع، قيل بالضم، والقبل أيضًا رأس الجبل زجر عنه نهي. بَابٌ [فِي] التَّشْدِيدِ فِي ذَلِكَ 3394 - "فترك كراء الأرض" أي احترازًا الشبهة وأخذًا بالأحوط في

شَهِدَا بَدْرًا يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَرْضَ تُكْرَى» «ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ فَتَرَكَ كِرَاءَ الْأَرْضِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَيُّوبُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ، وَمَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عِنَانٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَتَى رَافِعًا، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَذَا قَالَ: عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي النَّجَاشِيِّ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو النَّجَاشِيِّ، عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ». 3395 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ === الورع. 3395 - "نخابر" المخابرة هي المزارعة على نصيب معلوم كالربع والثلث،

عُمُومَتِهِ أَتَاهُ، فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَوَاعِيَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا، وَأَنْفَعُ، قَالَ: قُلْنَا وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ، وَلَا يُكَارِيهَا بِثُلُثٍ وَلَا بِرُبُعٍ وَلَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى». 3396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، أَنِّي سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، بِمَعْنَى إِسْنَادِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَحَدِيثِهِ. 3397 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَنَا أَبُو رَافِعٍ، مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنْ أَمْرٍ كَانَ يَرْفُقُ بِنَا، وَطَاعَةُ اللَّهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِهِ أَرْفَقُ بِنَا، «نَهَانَا أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُنَا، إِلَّا أَرْضًا يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا أَوْ مَنِيحَةً يَمْنَحُهَا رَجُلٌ». 3398 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ ظُهَيْرٍ، قَالَ: جَاءَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٍ كَانَ لَكُمْ نَافِعًا، وَطَاعَةُ اللَّهِ، وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ === و"طواعية الله" أي طاعته، "فليزرعها" بفتح الياء أي ليزرعها بنفسه أو ليزرعها بضم الياء، أي ليمكن أخاه من الزرع فيه ويعطيه بلا بدل. 3398 - "عن الحقل" الزرع والمراد كراء المزارع.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْفَعُ لَكُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْهَاكُمْ عَنِ الحَقْلِ، وَقَالَ: مَنِ اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ لِيَدَعْ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَمُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ شُعْبَةُ: «أُسَيْدٌ ابْنُ أَخِي رَافِعِ بْنِ خَديِجٍ». 3399 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْخَطْمِيُّ، قَالَ: بَعَثَنِي عَمِّي أَنَا وَغُلَامًا لَهُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ شَيْءٌ بَلَغَنَا عَنْكَ فِي الْمُزَارَعَةِ؟ ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا حَتَّى بَلَغَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، حَدِيثٌ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ رَافِعٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بَنِي حَارِثَةَ فَرَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظُهَيْرٍ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ زَرْعَ ظُهَيْرٍ، قَالُوا: لَيْسَ لِظُهَيْرٍ، قَالَ: أَلَيْسَ أَرْضُ ظُهَيْرٍ؟ ، قَالُوا: بَلَى، وَلَكِنَّهُ زَرْعُ فُلَانٍ، قَالَ: «فَخُذُوا زَرْعَكُمْ وَرُدُّوا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ»، قَالَ رَافِعٌ: «فَأَخَذْنَا زَرْعَنَا وَرَدَدْنَا إِلَيْهِ النَّفَقَةَ»، قَالَ سَعِيدٌ: «أَفْقِرْ أَخَاكَ أَوْ أَكْرِهِ بِالدَّرَاهِمِ». 3400 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، === 3399 - "فخذوا زرعكم" قاله لصاحب الأرض أي جعل الزرع له ووضع عليه ما أنفقه صاحب الزرع، ولعل محمله على الزرع بغير إذن المالك كما سيجيء في الحديث الآخر. "أفقر أخاكم" بتقديم الفاء على القاف أي أعره أرضك للزراعة. 3400 - "عن المحاقلة" أي كراء الأراضي المزراعة، و"المزابنة" بيع الرطب

عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ»، وَقَالَ: إِنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا، وَرَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ، وَرَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. 3401 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيِّ، قُلْتُ لَهُ: حَدَّثَكُمْ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ أَبِي شُجَاعٍ، حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: إِنِّي لَيَتِيمٌ فِي حِجْرِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ فَجَاءَهُ أَخِي عِمْرَانُ بْنُ سَهْلٍ، فَقَالَ: أَكْرَيْنَا أَرْضَنَا فُلَانَةَ، بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: «دَعْهُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ». 3402 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا بُكَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، حَدَّثَنِي رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، أَنَّهُ زَرَعَ أَرْضًا فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْقِيهَا فَسَأَلَهُ «لِمَنِ الزَّرْعُ؟ وَلِمَنِ === بالتمر أو نحوه، "ورجل منح" على بناء المفعول أعطاه أخاه أرضًا وكذا الثاني. 3402 - قوله: "أربيتما" أي أتيتما بالربا أي بالعقد الغير الجائز، وهذا الحديث يقتضي أن الزرع بالعقد الفاسد ملحق بالزرع في أرض الغير بغير إذن والله تعالى أعلم، ثم قيل أن حديث رافع بن خديج مضطرب فيجب تركه والرجوع إلى حديث خيبر، وقد جاء أنه عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، وهو يدل على جواز المزارعة وبه قال أحمد والصاحبان من علمائنا الحنفية، وكثير من العلماء أخذوا بالمنع مطلقًا أو فيما إذا لم تكن المزارعة تبعًا

باب في زرع الأرض بغير إذن صاحبها

الْأَرْضُ؟ » فَقَالَ: زَرْعِي بِبَذْرِي وَعَمَلِي لِي الشَّطْرُ وَلِبَنِي فُلَانٍ الشَّطْرُ، فَقَالَ: «أَرْبَيْتُمَا، فَرُدَّ الْأَرْضَ عَلَى أَهْلِهَا وَخُذْ نَفَقَتَكَ». بَابٌ فِي زَرْعِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا 3403 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَلَهُ نَفَقَتُهُ». بَابٌ فِي الْمُخَابَرَةِ 3404 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ حَمَّادًا، وَعَبْدَ الْوَارِثِ، حَدَّثَاهُمْ كُلُّهُمْ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: عَنْ حَمَّادٍ، وَسَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ»، قَالَ: عَنْ حَمَّادٍ، وَقَالَ: أَحَدُهُمَا وَالْمُعَاوَمَةِ وَقَالَ: الْآخَرُ بَيْعُ السِّنِينَ، ثُمَّ اتَّفَقُوا، وَعَنِ الثُّنْيَا وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا. === للمساقاة كمالك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمُخَابَرَةِ 3404 - قوله: "وعن الثنيا" هي كالدنيا وزنًا الاستثناء والمراد: أنه لا يجوز الاستثناء المجهول لأنه يؤدي إلى النزاع والله تعالى أعلم.

3405 - حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ». 3406 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَجَاءٍ يَعْنِي الْمَكِّيَّ، قَالَ ابْنُ خُثَيْمٍ: حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ لَمْ يَذَرْ الْمُخَابَرَةَ فَلْيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ». 3407 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُخَابَرَةِ، قُلْتُ: وَمَا الْمُخَابَرَةُ، قَالَ: أَنْ تَأْخُذَ الْأَرْضَ بِنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ. === 3406 - "من لم يذر" بفتحتين أي من لم يترك، "فليؤذن" على بناء الفاعل أي فليعلم، ومثله قوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ} (¬1) أي فاعلموا، ويحتمل أنه على بناء المفعول من الإيذان بمعنى الإعلام، أي فليعلمه غيره، وفيه تشديد وتغليظ في النهي عن المزارعة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: الآية (279).

باب في المساقاة

بَابٌ فِي الْمُسَاقَاةِ 3408 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ». 3409 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ غَنَجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأَرْضَهَا، عَلَى أَنْ يَعْتَمِلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَأَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَطْرَ ثَمَرَتِهَا». 3410 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي الْمُسَاقَاةِ 3408 - "عامل أهل خيبر" وكانت المعاملة مساقات ومزارعة مستقلتين عند قوم، و"مساقاة" متضمنة للمزارعة عند آخرين لا مزارعة فقط، والمساقاة إجارة على العمل في الأشجار بجزء من الخارج، والمزارعة كراء الأرض بما يخرج منها وبينهما فرق، والمساقاة قد تتضمن المزارعة بأن تكون في البستان أرض بياض فيشترط الزرع فيها أيضًا تبعًا للمساقاة، وهذا الحديث يحتمل ذلك كما يحتمل المساقاة والمزارعة استقلالًا، وقد جوز المزارعة تبعًا للمساقاة بعض من لم يجوزها استقلالًا، فلا يتم به استدلال من يستدل به على جواز المزارعة استقلالًا، فافهم والله تعالى أعلم. 3410 - "حين يصرم النخل" على بناء المفعول أي يقطع ثمرها، وروي

جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ وَاشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ الْأَرْضَ، وَكُلَّ صَفْرَاءَ، وَبَيْضَاءَ، قَالَ: أَهْلُ خَيْبَرَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْأَرْضِ مِنْكُمْ، فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنَّ لَكُمْ نِصْفَ الثَّمَرَةِ، وَلَنَا نِصْفٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ حِينَ يُصْرَمُ النَّخْلُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ عَلَيْهِمُ النَّخْلَ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرْصَ، فَقَالَ: فِي ذِهْ كَذَا وَكَذَا قَالُوا: أَكْثَرْتَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: فَأَنَا أَلِي حَزْرَ النَّخْلِ، وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْتُ: قَالُوا: هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ قَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَهُ بِالَّذِي قُلْتَ. 3411 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ بِإِسْنَادِهِ، وَمَعْنَاهُ، قَالَ فَحَزَرَ: وَقَالَ: عِنْدَ قَوْلِهِ وَكُلَّ صَفْرَاءَ، وَبَيْضَاءَ، يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَهُ. 3412 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا كَثِيرٌ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ، عَنْ مِقْسَمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ زَيْدٍ، قَالَ: فَحَزَرَ النَّخْلَ، وَقَالَ: === بكسر الراء من أصرم النخل إذا دخل في وقت الصرام بكسر صاد مهملة وخفة راء القطع، "فَحَزَر" بخاء مهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي خرص وخمن، وقوله: "الخرص" بالفتح مصدر وهو المراد ها هنا، "في ذه" أي في هذه النخلات "كذا" "فأنا ألى" صيغة المتكلم من الولاية. 3412 - قوله: "جذاذ النخل" بفتح الجيم وكسرها وبذال مكررة معجمة أو

باب في الخرص

فَأَنَا أَلِي جُذَاذَ النَّخْلِ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْتُ. بَابٌ فِي الْخَرْصِ 3413 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ النَّخْلَ، حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ يَأْخُذُونَهُ بِذَلِكَ الْخَرْصِ، أَوْ يَدْفَعُونَهُ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ الْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ». 3414 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ خَيْبَرَ فَأَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا كَانُوا وَجَعَلَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا عَلَيْهِمْ». 3415 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: خَرَصَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ، أَرْبَعِينَ أَلْفَ وَسْقٍ وَزَعَمَ أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا خَيَّرَهُمْ ابْنُ رَوَاحَةَ أَخَذُوا الثَّمَرَ وَعَلَيْهِمْ عِشْرُونَ أَلْفَ وَسْقٍ. "آخر كتاب البيوع" * * * === مهملة القطع. بَابٌ فِي الْخَرْصِ 3414 - "أفاء الله" أي رد عليه - صلى الله عليه وسلم - من مال الكفرة. 3415 - "أربعين ألف وسق" بفتح واو وسكون سين. * * *

18 - كتاب الإجارة

كتابُ الْإِجَارَةِ فِي كَسْبِ الْمُعَلِّمِ 3416 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّوَاسِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَ، وَالْقُرْآنَ فَأَهْدَى === كتابُ الْإِجَارَةِ فِي كَسْبِ الْمُعَلِّمِ 3416 - "علمت" من التعليم "ليست" أي القوس "بمال" أي لم يتعهد في العرف عدّ القوس من الأجرة فأخذها لا يضر، "إن كنت تحب" إلخ دليل لمن يحرم أخذ الأجرة على القرآن أو يكرهه وهو مذهب أبي حنفية ورخص فيه المتأخرون من أهل مذهبه كذا قيل، والأقرب أنه هدية وليس بأجرة مشروطة في التعليم فهو مباح عند الأكل وحرمته لا تستقيم على مذهب، ولا يتم قول من يقول أنه دليل لأبي حنيفة رحمه الله تعالى، وقال السيوطي: أخذ بظاهره قوم وتأوله الآخرون، وقالوا: هو معارض بحديث: "زوجتكها على ما معك من القرآن" (¬1)، وحديث ابن عباس: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" (¬2)، ¬

_ (¬1) البخاري في فضائل القرآن (5029) وفي النكاح (5149)، وأبو داود في النكاح (2111)، والترمذي في النكاح (1114) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه في النكاح (1889)، والدارمي في النكاح: 2/ 142. (¬2) البخاري في الطب (5737).

إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا فَقُلْتُ: لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَأَسْأَلَنَّهُ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَجُلٌ أَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا». === وقال البيهقي: رجال إسناده كلهم معروفون إلا الأسود بن ثعلبة، فإنا لا نحفظ عنه إلا هذا الحديث وهو حديث مختلف فيه على عُبادة وحديث ابن عباس وأبي سعيد أصح إسنادًا منه (¬1) إ هـ. قلت: المشهور عند المعارضة تقديم المحرم، ولعلهم يقولون ذلك عند التساوي، لكن كلام أبي داود يشير إلى دفع المعارضة بأن حديث ابن عباس وغيره في الطب وحديث عبادة في التعليم، فيجوز أن يكون أخذ الأجر جائزًا في الطب دون التعليم، وأجاب آخرون بأن عبادة كان متبرعًا بالتعليم حسبة لله تعالى، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضيع أجره ويبطل حسبته بما يأخذ به، وذلك لا يمنع أن يقصد به، الأجرة ابتداء ويشترط عليه، وقيل: هذا تهديد على فوت العزيمة والإخلاص، وحديث ابن عباس: "من كان" لبيان الرخصة كذا قالوا. قلت: لفظ الحديث لا يوافق شيئًا من ذلك عند التأمل، والأقرب أن يقال أن الخلاف في الأجرة، وأما الهدية فلا خلاف لأحد في جوازها، فالحديث متروك بالإجماع أو نحو ذلك، لكن ظاهر"كلام أبي داود أنه معمول عنده إلا أن يقال: إنه رآه معمولًا على ظن أنه في الأجزة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن في الإجازة: 6/ 125.

باب في كسب الأطباء

3417 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ - قَالَ عَمْرٌو: وحَدَّثَنِي - عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ، فَقُلْتُ: مَا تَرَى فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «جَمْرَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْكَ تَقَلَّدْتَهَا» أَوْ «تَعَلَّقْتَهَا». بَابٌ فِي كَسْبِ الْأَطِبَّاءِ 3418 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا فَنَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، قَالَ: فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَشَفَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا بِكُمْ لَعَلَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ يَنْفَعُ صَاحِبَكُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَشَفَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ يَشْفِي صَاحِبَنَا؟ ، يَعْنِي رُقْيَةً، فَقَالَ رَجُلٌ: مِنَ الْقَوْمِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنِ اسْتَضَفْنَاكُمْ === بَابٌ فِي كَسْبِ الْأَطِبَّاءِ 3418 - "بِحيّ" أي بقبيلة، "فاستضافوهم" أي طلبوا منهم الضيافة على عادة ذلك، "فأبوا أن يضيفوهم" بتشديد الياء أو بتخفيفها من ضيفه وأضافه أنزله وجعله ضيفًا، "فشفوا" عالجوه بكل شيء مما يستشفى به، والعرب تضع الشقاء موضع العلاج ذكره (¬1) الخطابي، "جعلا" بضم الجيم، "كأنما أنشط من عقال" ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 101.

فَأَبَيْتُمْ أَنْ تُضَيِّفُونَا مَا أَنَا بِرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لِي جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَأَتَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِأُمِّ الْكِتَابِ، وَيَتْفِلُ حَتَّى بَرِئَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَأَوْفَاهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: اقْتَسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسْتَأْمِرَهُ، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَحْسَنْتُمْ وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ». 3419 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَخِيهِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. 3420 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ === قال الخطابي: أي حل من وثاق يقال: نشطت الشيء إذا شددته وأنشطته إذا فككته (¬1) في النهاية، وكثير ما يجبى في الروايات كأنما نشط من عقال وليس بصحيح، يقال: نشطت العقدة إذا عقدتها وأنشطتها إذا حللتها (¬2)، واضربوا لي معكم بسهم، قاله تطييبًا لقلوبهم ولبيان أنه حلال طيب، والله تعالى أعلم. 3420 - "معتوه" أي ناقص العقل يكون تارة وصحيحًا أخرى، "جمع بُزاقة" ¬

_ (¬1) المرجع السابق: 3/ 102. (¬2) النهاية: ابن الأثير: 5/ 57.

باب في كسب الحجام

فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَكُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ، ثُمَّ تَفَلَ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلْ فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ، لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ». بَابٌ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ 3421 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ === المتبرك بقراءة الفاتحة، "فلعمري" قيل: بتقدير خالق عمري ونحوه، إذ لا يجوز الحلف بغير الله، وصفاته، وقيل: بل هذه كلمة جارية على لسانهم من غير قصد للقسم، وقيل: بل كان قبل النهي عن الحلف بغير الله، وقيل: هو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لأن الله تعالى أقسم بعمره كرامة له فقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (¬1) فيجوز أن يقسم هو أيضًا به لمن هي شرطيه أي أي أحد برقية باطل، "فأنت أكلت برقية حق" أي فأنت بريء من فعله وفعلك هذا ليس كفعله، فإنك أكلت برقية حق والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ 3421 - "كسب الحجامة خبيث" الجمهور على أنه محمول على التنزه لمباشرته بالشيء النجس، وحمله أحمد على ظاهره وقال: لا يحل إلا للعبد ونحوه، وبه يحصل التوفيق بين أحاديث الباب ويصير كل حديث معمولًا به في ¬

_ (¬1) سورة الحجر: الآية (72).

بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ». 3422 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَارَةِ الْحَجَّامِ «فَنَهَاهُ عَنْهَا فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ، حَتَّى أَمَرَهُ أَنْ أَعْلِفْهُ === مورده؛ لأن الذي حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - أجره كان عبدًا اسمه أبو طيبة، والفرق قد جاء صريحًا في حديث محيصة والله تعالى أعلم. "وثمن الكلب" ظاهره عدم جواز بيعه وعليه الجمهور، وجوزه الحنفية، وحملوا الحديث على غير المأذون به في الاتخاذ، أما المنتفع به حراسة أو اصطياد فيجوز عندهم، "والبغيّ" بفتح فكسر فتشديد ياء الزانية فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث. "ومهرها" ما تعطى على الزنا. 3422 - "عن ابن محيصة" (¬1) بضم ميم وفتح حاء مهملة وسكون الياء أو بتشديد المكسورة. "في إجارة الحجام" في الموطأ في أجرة الحجام وهو أظهر فيحمل هذا على أن المراد في أجرة إجارته وذلك لأن غلامه كان حجامًا، وقد جعل عليه خراجًا فكان يستأذن في استعماله فنهاه عنها، "الناضح" الجمل الذي يسقى عليه الماء أي ¬

_ (¬1) ابن محيصة: حرام بن سعد، أو ابن ساعدة، ابن محيصة بن سعود الأنصاري وقد ينسب إلى جده، ثقة، من الثالثة. تقريب التهذيب: 1/ 157.

باب في كسب الإماء

نَاضِحَكَ وَرَقِيقَكَ». 3423 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ». 3424 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ». بَابٌ فِي كَسْبِ الْإِمَاءِ 3425 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ === اجعله علفًا له "ورَقِيَقكَ" أي أطعم رقيِقكَ كما في رواية الترمذي (¬1) فهو من قبيل علفته تبنًا وماءً باردًا. 3424 - "وأمر أهله" أي سيده من خراجه بفتح الخاء المعجمة وهي ما يقرره السيد على عبده أن يؤديه إليه كل يوم أو كل شهر أو نحو ذلك، ومن تبعيضية والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَسْبِ الْإِمَاءِ 3425 - "عن كسب الإماء" المراد به الكسب المعهود بينهم يومئذ، فإنهم ¬

_ (¬1) الترمذي في البيوع (1277) وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه في التجارات (2166).

باب في حلوان الكاهن

بْنِ جُحَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْإِمَاءِ». 3426 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: جَاءَ رَافِعُ بْنُ رِفَاعَةَ إِلَى مَجْلِسِ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: لَقَدْ نَهَانَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ، فَذَكَرَ أَشْيَاءَ وَنَهَى عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ إِلَّا مَا عَمِلَتْ بِيَدِهَا، وَقَالَ: هَكَذَا بِأَصَابِعِهِ نَحْوَ الْخَبْزِ وَالْغَزْلِ وَالنَّفْشِ. 3427 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ هُرَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعٍ هُوَ ابْنُ خَدِيجٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْأَمَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ أَيْنَ هُوَ». بَابٌ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ 3428 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ». === كانوا يكرهون الإماء على البغاء فقال تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (¬1) الآية، والنفس هو نتف الصوف أو ندفه، وقيل: ندف القطن والصوف، والحاصل أن محل النهي هو ذلك الكسب وإن كسبت بوجه آخر خال عن الحرام فلا بأس به. ¬

_ (¬1) سورة النور: الآية (33).

باب في عسب الفحل

بَابٌ فِي عَسْبِ الْفَحْلِ 3429 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ». بَابٌ فِي الصَّائِغِ 3430 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَاجِدَةَ، قَالَ: قَطَعْتُ مِنْ أُذُنِ غُلَامٍ، أَوْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِي فَقَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ حَاجًّا فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَرَفَعَنَا === بَابٌ فِي عَسْبِ الْفَحْلِ 3429 - "عن عسب الفحل" عسبه بفتح فسكون ماؤه فرسًا كان أو بعيرًا أو غيرهما، وضرابه أيضًا، ولم ينه عن واحد منها بل عن كراء يؤخذ عليه فإن إعارته مندوب إليها الأحاديث وفي المنع عن إعارته قطع النسل فهو بحذف المضاف أي كراء عسبه، وقيل: يقال لكرائه عسب أيضًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الصَّائِغِ 3430 - "فرفعنا" بفتح العين أظهر من سكونه، "وهبت لخالتي" قال الحافظ السيوطي: سئلت عن هذه الخالة من هي فلم يحضرني إذ ذلك، ثم رأيت الطبراني ذكر في المعجم الكبير فاختة بنت عمرو، وأخرجه من طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "وهبت لخالتي فاختة بنت عمرو غلامًا وأمرتها ألا تجعله جازرًا ولا صانعًا

إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذَا قَدْ بَلَغَ الْقِصَاصَ ادْعُوا لِي حَجَّامًا لِيَقْتَصَّ مِنْهُ فَلَمَّا دُعِيَ الْحَجَّامُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنِّي وَهَبْتُ لِخَالَتِي غُلَامًا، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُبَارَكَ لَهَا فِيهِ، فَقُلْتُ لَهَا: «لَا تُسَلِّمِيهِ حَجَّامًا وَلَا صَائِغًا وَلَا قَصَّابًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ ابْنُ مَاجِدَةَ، رَجُلٌ مَنْ بَنِي سَهْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. === ولا حجامًا" (¬1) وفي الإصابة للحافظ فاختة بنت عمرو الزهرية خالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأورد الحديث المذكور (¬2)، "لا تسلميه" من أسلم أي لا تعطيه لمن يعلمه إحدى هذه الصنايع، وإنما كره الحجام والقصاب لأحل النجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز، وأما الصايغ فلما يدخل في صنعته من الغش ولأنه يصوغ الذهب والفضة، وربما كان منه آنية أو حلي للرجال وهو حرام، أو لكثرة الوعد والكذب في كلامه، وله مال هي إضافة مجازية عند غالب العلماء كإضافة السرج إلى الفرس؛ لأن العبد لا يملك، ولذلك أضيف المال إلى البايع في قوله: "فماله للبائع" ولا يمكن مثله مع كون الإضافة حقيقية في المحلين، وقيل المال للعبد لكن للسيد حق النزع منه والمبتاع المشترى، مؤبرًا اسم مفعول من التأبير وهو التلقيح، وهو أن يشق طلع الإناث ويؤخذ من طلع الذكور فيوضع فيها ليكون الثمر بإذن الله أجود مما لم يؤبر. ¬

_ (¬1) مجمع الزوائد: الهيثمي باب كسب الحجام (4/ 96). وقال: روااه الطبراني في الكبير وفيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاص متروك. (¬2) الإصابة: ابن حجر: 4/ 374.

باب في العبد يباع وله مال

3431 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُرَقِيِّ، عَنِ ابْنِ مَاجِدَةَ السَّهْمِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 3432 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُرَقِيُّ، عَنِ ابْنِ مَاجِدَةَ السَّهْمِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. بَابٌ فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ وَلَهُ مَالٌ 3433 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». 3434 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِصَّةِ الْعَبْدِ. وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِصَّةِ النَّخْلِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَاخْتَلَفَ الزُّهْرِيُّ، وَنَافِعٌ، فِي أَرْبَعَةِ أَحَادِيثَ هَذَا أَحَدُهَا». 3435 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

باب في التلقي

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ». بَابٌ فِي التَّلَقِّي 3436 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الْأَسْوَاقَ». 3437 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو الرَّقِّيَّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ، فَإِنْ تَلَقَّاهُ مُتَلَقٍّ مُشْتَرٍ فَاشْتَرَاهُ، فَصَاحِبُ === بَابٌ فِي التَّلَقِّي 3436 - "لا بيع بعضكم على بيع بعض" بصيغة النهي، وقد جاء بصيغة النفي في بعض الروايات، لكن يجب حمله على النهي، ثم قيل: المراد بالبيع السوم والنهي للمشتري دون البائع؛ لأن البايع لا يكاد يدخل على البايع، وإنما المشهور على المشتري وقيل: يحتمل الحمل على ظاهره فيمنع البائع أن يبيع على بيع أخيه، وهو أن يعرض سلعته على المشتري الراكن إلى شىراء سلعة غيره، وهي أرخص أو أجود ليزهده في شراء سلعة الغير، قال عياض وهو الأولى، "ولا تلقوا السلع" بكسر السين جمع سلعة وهي متاع التجارة، وتلقيها استقبالها والمراد ها هنا المتاع المجلوب الذي يأتي به الركبان إلى البلدة ليبيعوا فيها، وفي استقبالها تضييق على أهل السوق وغدر بالجالبين عادة فلا ينبغي. 3437 - "عن تلقي الجلب" هو بفتح اللام وسكونها مصدر بمعنى المجلوب

باب في النهي عن النجش

السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إِذَا وَرَدَتِ السُّوقَ»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ: يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ أَنْ، يَقُولَ: إِنَّ عِنْدِي خَيْرًا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ 3438 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنَاجَشُوا». بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ 3439 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ === من محل إلى غيره ليباع فيه. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ النَّجْشِ 3438 - "لا تناجشوا" النجش بفتح فسكون هو أن يمدح السلعة ليروجها أو يزيد في الثمن ولا يريد شراءها ليغتر بذلك غيره، ويجيء بالتغافل لأن التجار يتعارضون فيفعل هذا بصاحبه على أن يكافى بمثل ما فعلوا فنهوا عن أن يفعلوا معارضة، فضلًا عن أن يفعل بداءً والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي النَّهْيِ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ 3439 - "أن يبيع حاضر" هو المقيم بالبلدة "والبادي" البدوي وهو أن يبيع الحاضر مالًا لبادي نفعًا له بأن يكون دلالًا له وذلك يتضمن الضرر في حق

طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ» فَقُلْتُ: مَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: «لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا». 3440 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الزِّبْرِقَانِ أَبَا هَمَّامٍ، حَدَّثَهُمْ قَالَ زُهَيْرٌ وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ، أَوْ أَبَاهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت حَفْصَ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو هِلَالٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَهِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لَا يَبِيعُ لَهُ شَيْئًا، === الحاضرين؛ فإنه لو ترك البادي لكان عادة باعه رخيصًا، وقيل: هو ألا يبيع الحاضر متاعه من أهل البلد، بل يبيعه من أهل البادية طمعًا في غلاء ثمن متاعه؛ لأن أحل البادية مع قلة معرفتهم يقضون حوائجهم على استعجال فيأخذون الشيء غاليًا، وعلى هذا فاللام في قوله: لبادي بمعنى من؛ أي يبيع الحاضر من البادي ولا يخفى بعده، ولا يبتاع له شيئًا أي ولا يشترى هذا بظاهره، لا يتم إلا على القول باستعمال المشترك في المعنيين وهو غير مشهور من مذهب مالك، فكأنه نبأه على أن المراد بالبيع مطلق العقد مجازًا فهو من عموم المجاز أو على أن اللفظ -وإن كان المراد به البيع- لكن يثبت الحكم في الشراء مقايسة قسما اللفظ جامعًا لهما، بمعنى أنه يثبت الحكم فيهما في البيع بدلالة اللفظ وفي الشراء بالقياس والله تعالى أعلم. "بحلوبة" في النهاية للذي قرأناه في سنن أبي داود بالحاء المهملة وهي الناقة التي تحلب (¬1)، وضبطه أبو موسى المديني بالجيم وهي يجلب للبيع من كل ¬

_ (¬1) النهاية: 1/ 422.

باب من اشترى مصراة فكرهها

وَلَا يَبْتَاعُ لَهُ شَيْئًا. 3441 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَالِمٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، قَدِمَ بِحَلُوبَةٍ لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَلَكِنِ اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ فَانْظُرْ مَنْ يُبَايِعُكَ، فَشَاوِرْنِي حَتَّى آمُرَكَ أَوْ أَنْهَاكَ. 3442 - حَدَّثَنَا عُبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ». بَابُ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَكَرِهَهَا 3443 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ === شيء (¬1). بَابُ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً فَكَرِهَهَا 3443 - "لا تلقوا الركبان" من التلقي أي لا تستقبلوا القافلة الجالبة للطعام قبل أن يقدموا الأسواق، "ولا تصروا الإبل والغنم" هو من التصرية عند كثير، وقد روي عن بعض المشائخ أنه كان يقول لتلامذته: متى أشكل عليكم ضبطه ¬

_ (¬1) النهاية: 1/ 282.

الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، === فاذكروا قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} (¬1) واضبطوه على هذا المثال فيرتفع الإشكال، وجوز بعضهم أنه بفتح التاء وضم الصاد وتشديد الراء من الصرِّ بمعنى الشد والربط، والتصرية حبس اللبن في ضروع الإبل والغنم تغريرًا للمشتري، والصر هو شد الضرع وربطه لذلك، فمن ابتاعيا اشتراها بعد ذلك أي بعد أن فعل بها التصرية بعد أن يحلبها من ضرب أو نصر "وصاعا من تمر" أي صاعًا مما هو غالب عيش أهل البلد، وخص التمر لأنه كان يومئذ غالب عيش أهل المدينة، وأخذ بظاهر هذا الحديث غالب أهل العلم. قال ابن عبد البر: إن لبن التصرية اختلط باللبن الطارئ في ملك المشتري فلم يتهيأ تقويم ما للبائع منه لأن ما لا يعرف غير ممكن تقويمه فحكم - صلى الله عليه وسلم - بصاع من تمر قطعًا للنزاع، والحاصل أن الطعام بدل للبن الموجود في الضرع حال البيع، وأما الحادث بعد ذلك فقد حدث على ملك المشتري لأنه في ضمانه، وقد أخذ الجمهور بالحديث، ومن لا يأخذ به يعتذر عنه بأن المعلوم من قواعد الدين هو الضمان بالقيمة أو المثل أو الثمن، وهذا الضمان ليس شيئًا من ذلك فلا يثبت بحديث الآحاد على خلاف ذلك المعلوم قطعًا، وقالوا: الحديث من رواية أبي هريرة وهو غير فقيه، وأجاب الجمهور بأن له نظائر كالدية، فإنها مائة بعير ولا تختلف باختلاف حال القتيل، "والغرة" في الجناية على الجنين وكل ذلك شرع ¬

_ (¬1) سورة النجم: الآية (32).

وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا، وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ». 3444 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٌ، وَحَبِيبٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، إِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ». === قطعًا للنزاع، وأما الحديث فقد جاء من رواية ابن عمر رواه أبو داود بوجه والطبراني بآخر (¬1)، ومن رواية أنس أخرجه أبو يعلى (¬2)، ومن رواية عمرو بن عوف أخرجه البيهقي في الخلافيات (¬3)، وقد رواه ابن مسعود موقوفًا كما في صحيح البخاري (¬4)، والموقوف له حكم الرفع لتصريحهم أنه مخالف للأقيسة، والموقوف المخالف مرفوع حكمًا، وابن مسعود من أجلاء الفقهاء بالاتفاق، وقولهم: أبو هريرة غير فقيه ضعيف أيضًا، فقد ذكره في الإصابة من فقهاء الصحابة، وذكر أنه كان يفتي (¬5)، ومن تتبع كتب الحديث يجده حقًّا بلا ريب والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مجمع الزوائد: قلت: لابن عمر في الصحيح النهي عن النجس والتلقي، وله عند أبي داود وابن ماجه حديث في المطرة إلا أنه قال: فيه رد مثلي أو مثل لبنها، فمما بدل التمر، رواه الطبراني في الكبير، وفيه بيث ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح: 4/ 83. (¬2) مجمع الزوائد الهيثمي 4/ 81، وقال: رواه أبو يعلى وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، أبو يعلى: 10/ 451 (6065). (¬3) البيهقي في السنن: 5/ 318، 319. (¬4) البخاري في البيوع: (2149). (¬5) الإصابة: ابن حجر: 4/ 202 - 210.

باب في النهي عن الحكرة

3445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَخْلَدٍ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً، احْتَلَبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ». 3446 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ابْتَاعَ مُحَفَّلَةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا مِثْلَ، أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا». بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الحُكْرَةِ 3447 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ === 3445 - "مصراة" اسم مفعول من التصرية كمزكاة من التزكية لا سمرًا أي لا يتعين السمراء بعينها للرد، بل الصاع من الطعام الذي هو غالب قوت البلد يكفي، أو المعنى أن الصاع لا بد أن يكون من غير السمراء والأول أقرب والله تعالى أعلم. 3446 - "محفَّلة" بتشديد الفاء اسم مفعول أي مصراة قمحًا برًّا، ولعل هذا كان في أول الأمر ثم جاء التحديد قطعًا للنزاع، ولذلك أخذ الناس بالتحديد. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الحُكْرَةِ قيل: الحكرة بضم فساكن ما جمع من الطعام يتربص به الغلاء، "والحكر"

مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبِي مَعْمَرٍ، أَحَدِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ» فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: «فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ»، قَالَ وَمَعْمَرٌ: «كَانَ يَحْتَكِرُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ مَا الْحُكْرَةُ، قَالَ: «مَا فِيهِ عَيْشُ النَّاسِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: الْمُحْتَكِرُ: مَنْ يَعْتَرِضُ السُّوقَ. 3448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَيَّاضٍ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَيَّاضِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: «لَيْسَ فِي التَّمْرِ === بفتحتين مثله، وفي الصحاح احتكار الكلام جمعه وحبسه يتربص به الغلاء وهو الحكرة بالضم (¬1). 3447 - "لا يحتكر" هو حبس الطعام لانتظار الغلاء به "وخاطئ" بمعنى آثم بالهمزة، "لا يجترئ" على هذا الفعل الشنيع إلا من اعتاد المعصية، ففيه دلالة على أنها معصية عظيمة لا يرتكبها الإنسان أولًا، وإنما يرتكبها بعد الاعتياد وبالتدريج، وقد اشتهر الاحتكار في الطعام بحيث لا يفهم عند الإطلاق غيره، ولذلك لما قيل لسعيد: فإنك تحتكر قال: ومعمر كان يحتكر أي أن معمرًا الذي هو شيخي في هذا الحديث كان يحتكر مثل احتكاري، يريد أن فعله مما لا يشمله الاحتكار المنهي عنه في الحديث، وإلا لما فعله من أخذت عنه هذا الحديث، إذ المسلم لا يخالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد علمه به، وإنما الاحتكار مخصوص بالقوت، وكان احتكار سعيد ومعمر في غيره والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) مختار الصحاح: مادة (حكر) ص 148.

باب في كسر الدراهم

حُكْرَةٌ»، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قَالَ: عَنِ الْحَسَنِ، فَقُلْنَا لَهُ: «لَا تَقُلْ عَنِ الْحَسَنِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا بَاطِلٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَحْتَكِرُ النَّوَى، وَالْخَبَطَ وَالْبِزْرَ» وسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ، عَنْ كَبْسِ الْقَتِّ فَقَالَ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ الْحُكْرَةَ» وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ فَقَالَ: «اكْبِسْهُ». بَابٌ فِي كَسْرِ الدَّرَاهِمِ 3449 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ فَضَاءٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُكْسَرَ سِكَّةُ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةُ بَيْنَهُمْ إِلَّا مِنْ بَأْسٍ». بَابٌ فِي التَّسْعِيرِ 3450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ، === بَابٌ فِي كَسْرِ الدَّرَاهِمِ 3449 - "أن تكسر سكة المسلمين" قيل: أراد الدراهم والدنانير المضروبة، يسمى كل واحد منهما سكة؛ لأنه طبع سكة الحديد، أي لا تكسر إلا من مقتضى كرواتها أو شك في صحة نقدها، وإنما كره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى، أو لأن فيه إضاعة المال، وقيل: إنما نهى عن أن تعاد تبرًا، وأما للمنفعة فلا، وقيل: كان بعضهم يقص أطرافها حين كانت المعاملة عدد الأوزان فنهوا عن ذلك. بَابٌ فِي التَّسْعِيرِ 3450 - "سَعِّر" بالتشديد أي عين السعر وهي بالكسر الذي يقوم عليه

حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ، فَقَالَ: «بَلْ أَدْعُو» ثُمَّ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَعِّرْ، فَقَالَ: «بَلِ اللَّهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلَمَةٌ». 3451 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ». === الثمن، "بل ادعوا" أي ادعوا الله ليرفع عنكم القحط. "التسعير" مني يخفض أي ما يشاء ويرخصه ويرفع ما يشاء ويغليها فالتجئوا إليه، أي ولا اعتراض عليه لأحد، "والمظلمة" بكسر اللام هي ما تطلبه من عند الظالم مما أخذه منك، وقد تفتح اللام وتضم، وفيه إشارة إلى أن التسعير تصرف في أموال الناس بغير إذن أهلها فيكون ظلمًا والنصيحة، فليس للإمام أن يسعر لكن يأمرهم بالإنصاف والشفقة على الخلق والنصحية لهم والله تعالى أعلم. 3451 - "هو المسعر" هو الذي يرخص الأشياء ويغليها، أي فمن سعر فاقد نازعه فيما له تعالى وليس للنازع والله تعالى أعلم.

باب في النهي عن الغش

بَابُ في النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ 3452 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَسَأَلَهُ كَيْفَ تَبِيعُ؟ فَأَخْبَرَهُ فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ أَدْخِلْ يَدَكَ فِيهِ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ فَإِذَا هُوَ مَبْلُولٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ». 3453 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ، يَكْرَهُ هَذَا التَّفْسِيرَ «لَيْسَ مِنَّا» لَيْسَ مِثْلَنَا. بَابٌ [فِي] خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ 3454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === بَابُ في النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ 3452 - "ليس منا من غش" من الغش بالكسر وهو ضد النصح من الغشش وهو المشروب الكدر، أي ليس على خلقنا وسنتنا. بَابٌ [فِي] خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ 3454 - "المتبايعان" اللذين (¬1) جرى العبد بينهما فإنهما لا يسميان متبايعان إلا (ح) بالخيار أي لكل منهما خيار فسخ البيع ما لم يفترقا عن المجلس بالأبدان وعليه الجمهور، وهو ظاهر اللفظ، وقيل: المراد بالمتبايعين المتساومان اللذان ¬

_ (¬1) هكذا بالأصل، والصواب [اللذان].

عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ». 3455 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ. === جرى بينهما كلام البيع وإن لم يتم البيع بينهما بالإيجاب والقبول، وهما بالخيار، إذ يجوز لكل منهما أن يرجع عن العقد، ما لم يتفرقا بالأقوال وهو الفراغ عن العقد، فصار حاصلة لهما الخيار قبل تمام العقد، ولا يخفى أن الخيار قبل تمام العقد ضروري لا فائدة في بيانه مع ما فيه من حمل البيع على السوم وحمل التفرق بالأقوال، وكل ذلك لا يخلو عن بعد، إلا أن يجاب عن الأول بأنه لدفع أن الموجب لا خيار له لأنه أوجب، ثم بعض روايات الحديث في الصحيحين (¬1) ينفي هذا الحمل قطعًا والله تعالى أعلم. 3455 - "إلا بيع الخيار"، قيل: استثناء من مفهوم الغاية أي فإن تفرقا فلا خيار إلا في بيع شرط فيه الخيار فيمتد فيه الخيار إلى الأمد المشروط، وقيل: من نفس الحكم أي إلا أن يكون بيعًا جرى فيه التخاير بأن قال أحدهما للآخر في المجلس: اختر، فقال: اخترت، فلا خيار قبل التفرق، أو إلا أن يكون بيعًا شرط فيه عدم الخيار أي شرط فيه ألا خيار لهما في المجلس فيلزم البيع بنفس العقد، ولا يكون فيه خيار أصلًا، والوجه الأول يعم المذهبين، مذهب من يقول بخيار المجلس ومن ينفيه، والأخيران يختصان بمذهب القائل به. ¬

_ (¬1) البخاري في البيوع (2107 - 2109)، ومسلم في البيوع (1531، 1532).

3456 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ». 3457 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ، قَالَ: غَزَوْنَا غَزْوَةً لَنَا، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا فَرَسًا بِغُلَامٍ، ثُمَّ أَقَامَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا فَلَمَّا أَصْبَحَا مِنَ الْغَدِ حَضَرَ الرَّحِيلُ، فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ يُسْرِجُهُ فَنَدِمَ، فَأَتَى الرَّجُلَ وَأَخَذَهُ بِالْبَيْعِ فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيَا أَبَا بَرْزَةَ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ فَقَالَا لَهُ: هَذِهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»، قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: حَدَّثَ جَمِيلٌ أَنَّهُ، قَالَ: مَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا. === 3456 - "خشية أن يستقيله" أي يبطل البيع لسبب ماله من الخيار فهذا يفيد وجود خيار المجلس وإلا فلا خشية، وقيل: بل ينفيه لأن طلب الإقاله إنما يتصور إذا لم يكن له خيار وإلا فيكفيه ماله من الخيار في إبطال البيع عن طلب الإقالة من صاحبه والله تعالى أعلم. 3457 - "حضر الرحيل" أي وقت الانتقال من ذلك المكان، وهو بدل من أصبحنا وجواب لما، "قام إلى فرسه" أي صاحب الفرس قام إليه قال الرجل أي صاحبه جاء إليه.

باب في فضل الإقالة

3458 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، قَالَ: مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: كَانَ أَبُو زُرْعَةَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا خَيَّرَهُ، قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: خَيِّرْنِي، وَيَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْتَرِقَنَّ اثْنَانِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ». 3459 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مِنْ بَيْعِهِمَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَحَمَّادٌ، وَأَمَّا هَمَّامٌ، فَقَالَ: «حَتَّى يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَخْتَارَا» ثَلَاثَ مِرَارٍ. بَابٌ فِي فَضْلِ الْإِقَالَةِ 3460 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي === 3458 - "لا يفترقن اثنان إلا عن تراض" أي وقت الافتراق فهذا يؤيد خيار المجلس والله تعالى أعلم. 3459 - "فإن صدقا" أي صدق البايع في صفة البيع وبين ما فيه من عيب وغيره وكذا المشترى في الثمن محقت أي محيت وذهبت بركة بيعهما والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي فَضْلِ الْإِقَالَةِ 3460 - "من أقال مسلمًا" أي وافقه على نقض البيع والإقالة تجري في البيعة

باب فيمن باع بيعتين في بيعة

صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ». بَابٌ فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ 3461 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === والعهد أيضًا، أقاله الله عثرته أي يزيل عنه ذنبه ويغفر له خطيئته والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ 3461 - "من باع بيعتين" إلخ رواه الترمذي وغيره عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة (¬1)، وفسروه على وجهين: أحدهما: أن يقول: بعتك هذا الثوب بعشرة نقدًا وبعشرين نسيئة إلى شهر فهو فاسد، إلا إذا فارقه على أحدهما لجهالة الثمن، والثاني: أن يقول: بعتك عبيدى بعشرة على أن تبيعني جارية بكذا فهو فاسد؛ لأنه جعل ثمن العبد عشرة مع شرط بيع الجارية، وذلك شرط لا يلزم ذلك بطل بعض الثمن فيصير ما بقي من المبيع في مقابلة الثاني مجهولًا، وأما رواية أبي داود فقال الخطابي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بظاهر الحديث وصحح البيع بأوكس الثمنين، إلا شيء يحكى عن الأوزاعي، فيشبه أن يكون هذا الحكم في بيع بعينه كأنه أسلف دينارًا في قفيز حنطة إلى شهر فحل الأجل فطالبه فقال له: ¬

_ (¬1) الترمذي في البيوع (1231)، النسائي في البيوع.

باب [في] النهي عن العينة

وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا». بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ العِينَةِ 3462 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، ح وحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الْبُرُلُّسِيُّ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ إِسْحَاقَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيِّ، أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْإِخْبَارُ لِجَعْفَرٍ وَهَذَا لَفْظُهُ». === بعتي القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول، فصار بيعتان في بيعة فيرد إلى أوكسهما، وهو الأصل، فإن تبايعا البيع الثاني قبل فسخ الأول كان قد دخلا في الربا. اهـ (¬1). بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ العِينَةِ 3462 - "إِذا تبايعتم بالعينة" بفتح عين وسكون ياء، وهو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الأول، "وأخذتم أذناب البقر" قيل: يريد به اشتغالهم بالزرع عن الجهاد حتى ترجعوا إلى دينكم، فيه إشارة إلى أن من فعل العينة وترك الجهاد فقد خرج من الدين. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 122، 123.

باب في السلف

بَابٌ فِي السَّلَفِ 3463 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي التَّمْرِ السَّنَةَ، وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». === بَابٌ فِي السَّلَفِ 3463 - "وهم يسلفون" يقال: سلّف تسليفًا وأسلف إسلافًا، والاسم السلف وهو على وجهين: أحدهما: قرض لا منفعة قيه للمقرِض غير الأجر والشكر، والثاني: أن يعطي مالًا في سلعة إلى أجل معلوم، ونصب السنة والسنتين إما على نزع الخافض أي إلي السنة أو على المصدر أي إسلاف السنة، وقوله: ووزن معلوم بالواو في الأصول، فقيل: الواو للتقسيم بمعنى أو أي كيل فيما يكال ووزن فيما يوزن، وقيل بتقدير الشرط أي في كيل معلوم إن كان كيليًا ووزن معلوم إن كان وزنيًا، أو من أسلف في مكيل فليسلف في كيل معلوم، ومن أسلف في موزون فليسلف في وزن معلوم، وقوله: "إِلى أجل معلوم" قيل: ظاهره اشتراط الأجل، في السلم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والصحيح من مذهب أحمد، وقال الشافعي: لا يشترط الأجل والمراد في الحديث أنه إن أجل اشترط أن يكون الأجل معلومًا كما في قرينته والله تعالى أعلم.

3464 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدٌ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُجَالِدٍ، قَالَ: اخْتَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ، فِي السَّلَفِ فَبَعَثُونِي، إِلَى ابْنِ أَبِي أَوْفَى، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «إِنْ كُنَّا نُسْلِفُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فِي الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ» زَادَ ابْنُ كَثِيرٍ، إِلَى قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ اتَّفَقَا، وَسَأَلْتُ ابْنَ أَبْزَي، فَقَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ. 3465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: عَنْ ابْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: عِنْدَ قَوْمٍ مَا هُوَ عِنْدَهُمْ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الصَّوَابُ ابْنُ أَبِي الْمُجَالِدِ، وَشُعْبَةُ أَخْطَأَ فِيهِ». 3466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الشَّامَ فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ فَنُسْلِفُهُمْ فِي الْبُرِّ وَالزَّيْتِ سِعْرًا، مَعْلُومًا وَأَجَلًا مَعْلُومًا»، فَقِيلَ لَهُ: === 3466 - "أنباط" جمع نبطي (¬1)، "ممن له ذلك" أي من الذي كان عنده ذلك المتاع في ثمار قرية معينة بعد بدو صلاحها، وقد منعه علماؤنا الحنفية ولعلهم ¬

_ (¬1) النبيط قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين، والجمع أنباط، يقال: رجل نبطي مثل يمني. مختار الصحاح ص 643، والقاموس المحيط ص (890).

باب في السلم في ثمرة بعينها

مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ. بَابٌ فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا 3467 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ رَجُلٍ، نَجْرَانِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، أَسْلَفَ رَجُلًا فِي نَخْلٍ فَلَمْ تُخْرِجْ تِلْكَ السَّنَةَ شَيْئًا فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بِمَ تَسْتَحِلُّ مَالَهُ ارْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «لَا تُسْلِفُوا فِي النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ». بَابُ السَّلَفِ [لَا] يُحَوَّلُ 3468 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ، عَنْ سَعْدٍ يَعْنِي الطَّائِيَّ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ». بَابٌ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ 3469 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ === يعتذرون بعدم اعتبار دلالة المفهوم، لكن المشهور اعتبار مفهوم الغاية والله تعالى أعلم. بَابُ السَّلَفِ [لَا] يُحَوَّلُ 3468 - "فلا يصرفه" أي ذلك الشيء، "إلى غيره" إلى غير ذلك الشيء بأن يبدل المبيع قبل القبض بغيره، وقيل: ضمير غيره لمن، أي لا يبيعه من غيره والمال واحد وهو النهي عن التصرف في المسلم فيه قبل قبضه. بَابٌ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ 3469 - "وليس لكم إلا ذلك" ظاهره أنه وضع الجائحة بمعنى أنه لا يؤخذ

عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ» فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ». 3470 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ الْمَعْنَى، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ الْمَكِّيَّ، أَخْبَرَهُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ». === عنه ما عجز عنه، ويحتمل أن المعنى ليس لكم في الحال إلا ذلك لوجوب الانتظار في غيره، لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} (¬1) وحينئذ فلا وضع أصلًا، وبالجملة فهذا الحديث دليل لمن يقول بعدم الوضع والله تعالى أعلم. 3470 - "فلا يحل" ظاهره وضع الحاجة مطلقًا ومن يقول به يقول على ما إذا كان التلف قبل تسليم الثمار إلى المشتري فيكون في ضمان البائع فلا يحل له أن يأخذ شيئًا من الثمن بلا خلاف، وإن حمل على ما بعد التسليم يحمل على التهديد، أي فلا يحل لك في الورع والتقوى أن تأخذ الثمن إذا تلف الثمار والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: الآية (280).

باب في تفسير الجائحة

بَابٌ فِي تَفْسِيرِ الْجَائِحَةِ 3471 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: الْجَوَائِحُ: كُلُّ ظَاهِرٍ مُفْسِدٍ مِنْ مَطَرٍ، أَوْ بَرَدٍ، أَوْ جَرَادٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ حَرِيقٍ. 3472 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا جَائِحَةَ فِيمَا أُصِيبَ دُونَ ثُلُثِ رَأْسِ الْمَالِ»، قَالَ يَحْيَى: «وَذَلِكَ فِي سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ». بَابٌ فِي مَنْعِ الْمَاءِ 3473 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا === 3471 - "كل" ظاهر احتراز عما لا يعلم بوجوده. 3472 - "لا جائحة" أي لا يوضع بذاك شيء بدعوى الجائحة وذاك في سنة المسلمين أي علم ذاك بعلمهم. بَابٌ فِي مَنْعِ الْمَاءِ 3473 - "لا يمنع فضل الماء" يمنع هنا على بناء الفاعل أي أحد أو على بناء المفعول، "والكلأ" كجبل العشب رطبه ويابسه كذا في القاموس (¬1)، يريد أنه بفتحتين بلا مد، وهو عام يشمل الرطب واليابس بخلاف الحشيش فإنه اليابس ¬

_ (¬1) القاموس المحيط: مادة (كلأ) ص 64.

يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ». 3474 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَجُلٌ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ فَضْلَ مَاءٍ عِنْدَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ يَعْنِي كَاذِبًا، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا فَإِنْ أَعْطَاهُ وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ». 3475 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقَالَ فِي السِّلْعَةِ بِاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ الْآخَرُ فَأَخَذَهَا. === والعشب فإنه الرطب من النبات، والمعنى أن من حفر بئرًا في موات فيملكهما بالإحياء ويقرب البير موات فيه كلأ ولا يمكن الناس أن يراعوه إلا بأن يبدل لهم ماءه، فليس له أن يمنع ماشيته غيره أن ترد ماءه الذي زاد على حاجة ماشيته ليمنع فضل الكلأ، قيل: ومفهوم الحديث يقتضي ألا يحرم إذا لم يمنع به الكلأ فلا يجب بذله للزرع ويجب للماشية والله تعالى أعلم. 3474 - "لا يكلمهم الله" كناية عن الغضب، "فضل ماء" بالمد والتنوين، هذا الحديث يفيد ذم منع ابن السبيل، فلا يدخل فيه منع زرع الغير، ولا يلزمه البذل فيه بعد العصر للمبالغة في الذم؛ لأنه وقت يتوب فيه المقصر تمام النهار، ويشتغل فيه الموفق بالذكر ونحوه، فالمعصية في مثله أقبح، "وفي "أي ما عليه من الطاعة مع أن الوفاء واجب عليه مطلقًا.

3476 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ مَنْظُورٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا بُهَيْسَةُ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ أَبِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَمِيصِهِ فَجَعَلَ يُقَبِّلُ وَيَلْتَزِمُ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ ، قَالَ: «الْمَاءُ»، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ ، قَالَ: «الْمِلْحُ»، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ ، قَالَ: «أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ». 3477 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ اللُّؤْلُؤِيُّ، أَخْبَرَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ حِبَّانَ بْنِ زَيْدٍ الشَّرْعَبِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ قَرْنٍ ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو خِدَاشٍ، وَهَذَا لَفْظُ عَلِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ === 3476 - "الماء" كأن المراد مثل الماء والملح من الأشياء المحفرة لا ينبغي للإنسان منعها عن المحتاج والجار، وقال الخطابي: المراد أن الملح إذا كان في معدنه في أرض أو جبل غير مملوك، فإن أحدًا لا يمنع من أخذه، فأما إذا صار في حيز مالكه فله منعه (¬1) والله تعالى أعلم. 3477 - "المسلمون شركاء" إلخ، ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فقالوا: إن هذه الأمور الثلاثة لا تملك ولا يصح بيعها مطلقًا، والمشهور بين العلماء أن المراد بالكلأ الكلأ المباح الذي لا يختص بأحد، وبالماء ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها، وبالنار الشجر الذي يحتطبه الناس من المباح فيوقدونه، فالماء ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 129.

باب في بيع فضل الماء

النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا أَسْمَعُهُ، يَقُولُ: الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ. بَابٌ فِي بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ 3478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ». === إذا أحرزه إنسان في إنائه وملكه يجوز بيعه وكذا غيره، وقال الخطابي: الكلأ هو الذي ينبت في موات الأرض يرعاه للناس وليس لأحد أن يختص به (¬1)، والنار فسره بعضهم بالحجارة التي توري النار، فليس لأحد أن يمنع من يأخذ حجرًا منها يقدح به النار، فأما التي يوقدها إنسان فله أن يمنع غيره من أخذها، وقال بعضهم: له منع من أخذ جمرة أو جذوة وليس له منع من أراد أن يستصبح منها مصباحًا أو أدنى منها فينتفع بضوئها؛ لأن ذلك لا ينقص من عينها شيئًا. بَابٌ فِي بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ 3478 - "عن بيع فضل الماء" وفي رواية (¬2) الترمذي "عن بيع الماء"، قال الخطابي: معنى فضل الماء ما فضل عن حاجته وحاجة عياله وماشيته (¬3) وزرعه. ¬

_ (¬1) معالم السنن: 3/ 129. (¬2) الترمذي في البيوع (1271). (¬3) معالم السنن (3/ 128).

باب في ثمن السنور

بَابٌ فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ 3479 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، ح وحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عِيسَى، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَخْبَرَنَا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى === بَابٌ فِي ثَمَنِ السِّنَّوْرِ 3479 - "عن ثمن الكلب والسنور" قال السيوطي: الأول للتحريم والثاني للتنزيه، وقال البيهقي: الحديث صحيح على شرط مسلم دون البخاري، فإن البخاري لا يحتج برواية أبي سفيان ولا برواية أبي الزبير، ولعل مسلمًا إنما لم يخرجه في الصحيح لأن وكيعًا رواه عن الأعمش شك في وصل الحديث فصار رواية أبي سفيان بذلك ضعيفة (¬1). قلت: وقد أخرجه مسلم برواية أبي الزبير قال: سألت جابرًا عن ثمن الكلب والسنور قال: زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (¬2)، فكان مراد البيهقي أنه لم يخرجه برواية أبي سفيان والله تعالى أعلم. ثم قال: وقد حمله بعض أهل العلم على الهر إذا توحش فلا يقدر على تسليمه، وزعم أن النهي كان في ابتداء الإسلام حين كان محكومًا بنجاسته، ثم حين صار محكومًا بطهارة سؤره حل ثمنه ولا دليل على القولين، ثم ذكر عن عطاء أنه قال: لا بأس بثمن السنور، وقال: إذا ثبت الحديث ولم يثبت نسخه لا ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى (6/ 11). (¬2) مسلم في المساقاة (1569).

باب في أثمان الكلاب

عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ». 3480 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ زَيْدٍ الصَّنْعَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْهِرَّةِ». بَابٌ فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ 3481 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ: عَنْ «النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ». 3482 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ حَبْتَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ === يعارضه قول عطاء. بَابٌ فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ 3481 - "وحلوان الكاهن " بضم الحاء وسكون اللام مصدر حلوته إذا أعطيته، والمراد ما يعطى على أنه تكهين، قال أبو عبيد: وأصله من الحلاوة شبه ما يعطى الكاهن بشيء حلو لأخذه إياه سهلًا دون كلفة، يقال: حلوت الرجل إذا أطعمته الحلو، ويقال للرشوة: حلوان فاملأ كفه ترابًا، قيل: أريد به الحرمان والخيبة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وللعاهر الحجر".

باب في ثمن الخمر والميتة

الْكَلْبِ فَامْلَأْ كَفَّهُ تُرَابًا». 3483 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَوْنُ ابْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، أَنَّ أَبَاهُ، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ». 3484 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَعْرُوفُ بْنُ سُوَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، أَنَّ عُلَيَّ بْنَ رَبَاحٍ اللَّخْمِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ، وَلَا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ، وَلَا مَهْرُ الْبَغِيِّ». بَابٌ فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ 3485 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا، وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا، وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ». 3486 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابٌ فِي ثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ 3486 - "ويستصبح بها الناس" أي ينور به مصابيحهم، "هو حرام" أي بيع الشحوم أو الانتفاع بها، "قاتل" أي لعنهم أو قتلهم وصيغة المفاعلة للمبالغة،

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةَ، وَالْخِنْزِيرَ، وَالْأَصْنَامَ» فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: «لَا هُوَ حَرَامٌ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ». 3487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ لَمْ يَقُلْ هُوَ حَرَامٌ. 3488 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ بِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ، وَخَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَاهُمُ الْمَعْنَى، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ بَرَكَةَ، قَالَ مُسَدَّدٌ: فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَرَكَةَ أَبِي الْوَلِيدِ، ثُمَّ اتَّفَقَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا عِنْدَ الرُّكْنِ، قَالَ: فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَضَحِكَ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، ثَلَاثًا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَبَاعُوهَا === "أجملوه" من أجمل الشحم أذابه واستخرج دهنه، قال الخطابي: معناه أذابوها حتى تصير ودكًا فيزول عنها اسم الشحم، وفي هذا إبطال كل حيلة يتوصل بها إلى محرم وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه (¬1). 3488 - "أكل شيء" أي مما يصلح للأكل، والمراد بالأكل تناوله أكلًا أو شربًا ليشمل نحو الخمر، والحديث يدل على حرمة بيع كل نجس، والفقهاء جوزوا ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 133).

وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» وَلَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانِ: «رَأَيْتُ» وَقَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ». 3489 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، وَوَكِيعٌ، عَنْ طُعْمَةَ بْنِ عَمْرٍو الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ بَيَانٍ التَّغْلِبِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ». 3490 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ الْأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: «حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ». === بعض ذلك والله تعالى أعلم. 3489 - "فليشقص" من التشقيص إما بمعنى الذبح بالمشقص وهو نصل عريض أو بمعنى التجزئة والتبعيض، كما يفصل أجزاء الشاة بعد الذبح، قال الخطابي: هو كناية عن استحلال أكلها والمقصود توكيد التحريم والتغليظ فيه، يقول: من استحل بيع الخمر فليستحل أكل الخنزير؛ فإنهما في الحرمة والإثم سواء، أي إذا كنت لا تستحل أكل الخنزير فلا تستحل بيع الخمر (¬1)، وقيل: هو أمر معناه النهي تقدير من باع الخمر فليكن للخنازير قصابًا. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 134).

باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي

3491 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ: الْآيَاتُ الْأَوَاخِرُ فِي الرِّبَا. بَابٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ 3492 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». 3493 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، === 3491 - "الآيات الأواخر لتحريم الربا" وقال: حرمت تنبيهًا على أنها في الحرمة سواء، وقال السيوطي: جاء عن عائشة في بعض الروايات: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فهذا يدل على أنه كان في الآيات المذكورة تحريم ذلك وكأنه نسخت تلاوته (¬1). بَابٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ 3492 - "من ابتاع" أي اشترى، "حتى يستوفيه" قال الخطابي: أجمع أهل العلم على أن الطعام لا يجوز بيعه قبل القبض، وإنما اختلفوا فيما عداه، قيل: فقال مالك هو في الطعام فقط. وقال الشافعي ومحمد: بل في كل شيء، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وهو ظاهر مذهب أحمد: إنه فيما سوى العقار والله تعالى أعلم. 3493 - "من يأمرنا" قال السيوطي: هذا أصل في إقامة المحتسب على أهل ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 135).

أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ، قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ يَعْنِي جُزَافًا». 3494 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا بِأَعْلَى السُّوقِ «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ». 3495 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْمَدِينِيِّ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ». 3496 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === السوق إلى مكان سواه أي ليتم القبض على آكد وجه، "جزافًا" مثلث الجيم والكسر أفصح هو المجهول القدر مكيلًا كان أو موزونًا، والطعام مرجاء هو بتخفيف الجيم اسم مفعول من أرجى إذا أخر أو بتشديدها من رجّاء وآخره همزة، وقد تترك تخفيفًا أي مؤجل مؤخر، وهذا إشارة إلى علة النهي، وذلك بأن يشتري من أحد طعامًا إلى أجل بدينار ثم يبيعه منه أو من غيره قبل قبضه بدينار مثلًا، يلزم الربا لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام غائب فهو ربا، ولأنه بيع غائب بناجز ولا يصح.

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» زَادَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ؟ قَالَ: «أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالذَّهَبِ وَالطَّعَامُ مُرَجًّى». 3497 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، - وَهَذَا لَفْظُ مُسَدَّدٍ - عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اشْتَرَى أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»، قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، زَادَ مُسَدَّدٌ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَأَحْسِبُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَ الطَّعَامِ». 3498 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّاسَ يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَوُا الطَّعَامَ جُزَافًا أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ إِلَى رَحْلِهِ». 3499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لِنَفْسِي، لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا === 3498 - "رأيت الناس يضربون" هذا أصل في ضرب المحتسب أهل الأسواق إذا خالفوا الحكم الشرعي في مبايعاتهم ومعاملاتهم حتى يجوزها التجار إلى رحالهم، هذا دليل على عموم الحكم في المنقولات كما هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى والله تعالى أعلم.

باب في الرجل يقول في البيع لا خلابة

زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ، حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، «فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ فِي الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ 3500 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ يَقُولُ: لَا خِلَابَة. 3501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُرُزِّيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو ثَوْرٍ الْكَلْبِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: مُحَمَّدٌ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ فِي الْبَيْعِ لَا خِلَابَةَ 3500 - فقل: "لا خلابة" أي لا خداعة. قيل: إنما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليطلع به على صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر فيراعيه، ويري له كما يري لنفسه، وكان الناس في ذلك الزمان كالإخوان ينظر بعضهم لبعض أكثر مما ينظرون لأنفسهم، وروي في آخر هذا الحديث: "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ثلاث ليال" قال أكثر أهل العلم: وهذا خاص بهذا الرجل وحده ولا يثبت لغيره الخيار بهذه الكلمة. 3501 - "وفي عقدته" بضم فسكون أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه

باب في العربان

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَأَتَى أَهْلُهُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، احْجُرْ عَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يَبْتَاعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ كُنْتَ غَيْرَ تَارِكٍ الْبَيْعَ، فَقُلْ: هَاءَ وَهَاءَ، وَلَا خِلَابَةَ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ. بَابٌ فِي الْعُرْبَانِ 3502 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ»، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ، أَوْ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ، ثُمَّ يَقُولُ: أُعْطِيكَ دِينَارًا عَلَى أَنِّي إِنْ تَرَكْتُ السِّلْعَةَ أَوِ الْكِرَاءَ فَمَا أَعْطَيْتُكَ لَكَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ 3503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ === وعقله، "أحجر" بتقديم المهملة على الجيم أي أمنعه. بَابٌ فِي الْعُرْبَانِ 3502 - "عن بيع العربان" بضم العين المهملة وسكون الراء، ويقال فيه: عربون بالضم أيضًا، سمي بذلك لأن فيه إعرابًا لعقد البيع أي إصلاحًا وإزالة فساد لئلا يملكه باشترائه. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ 3503 - "يريد منى البيع" أي المبيع كالصيد، بمعنى المصيد، ليس عندي

مَاهَكَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». 3504 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي === حال منه، "لا تبع ما ليس عندك" قيل: هو كبيع الآبق ومال الغير، والمبيع قبل القبض، والجمهور على جواز بيع مال الغير موقوفًا، وتقدم دليلهم ومنعه الشافعي لظاهر الحديث، قال الخطابي: يريد بيع العين دون بيع الصفة وهذا جائز فيما ليس عند الإنسان بالإجماع (¬1) والله تعالى أعلم. 3504 - "لا يحل سلف" بفتحتين الغرض ويطلق على السلم، والمراد هاهنا القرض أي لا يحل بيع بشرط قرض بأن يقول: بعتك هذا العبد على أن تسلفني ألفًا، وقيل: هو أن تقرضه ثم تبتع منه شيئًا بأكثر من قيمته؛ فإنه حرام لأنه قرض جر نفعًا، أو المراد السلم بأن يسلف إليه في شيء فيقول: فإن لم يتهيأ عندك فهو بيع عليك، وشرطان في بيع مثل بعتك هذا الثوب نقدًا بدينار ونسيئة بدينارين، وهذا هو بيعان في بيع، وهذا عند من لا يجوز الشرط في البيع أصلًا كالجمهور، وأما من يجوز الشرط الواحد دون اثنين يقول: هو أن يقول: أبيعك هذا الثوب وعلى خياطته وقصارته، وهذا لا يجوز، ولا قال أبيعكه وعلى خياطته فلا بأس به بربح ما لم يتضمن هو ربح مبيع اشتراه فباعه شبل أن ينتقل من ضمان البايع ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 140).

باب في شرط في بيع

بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». بَابٌ فِي شَرْطٍ فِي بَيْعٍ 3505 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا عَامِرٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بِعْتُهُ يَعْنِي بَعِيرَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَرَطْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، قَالَ فِي آخِرِهِ: «تُرَانِي إِنَّمَا مَاكَسْتُكَ لِأَذْهَبَ بِجَمَلِكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَثَمَنَهُ فَهُمَا لَكَ». بَابٌ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ 3506 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ === الأول إلى ضمانه بالقبض. بَابٌ فِي شَرْطٍ فِي بَيْعٍ 3505 - "حملانه" بضم الحاء وسكون الميم ركوبه وبظاهره جوز أحمد اشتراط ركوب الدابة في بيعها مطلقًا، وقال مالك بجوازه إن كانت المسافة قريبة كما كانت في قصة جابر، ومن لا يجوز ذلك مطلقًا، يقول: ما كان ذاك شرطًا بل أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - تكرمًا وسماه بعض الرواة شرطًا وبعض روايات الحديث يفيد أنه كان إعارة، "ما كستك" قللت في ثمن جملك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ 3506 - "عهدة الرقيق ثلاثة أيام" هذا قول أهل المدينة كابن المسيب والزهري وبه أخذ مالك وضعف أحمد بن حنبل الحديث وقال: لا يثبت في

باب فيمن اشترى عبدا فاستعمله ثم وجد به عيبا

عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُهْدَةُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ». 3507 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ «إِنْ وَجَدَ دَاءً فِي الثَّلَاثِ لَيَالِي رُدَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَإِنْ وَجَدَ دَاءً بَعْدَ الثَّلَاثِ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ، وَبِهِ هَذَا الدَّاءُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ كَلَامِ قَتَادَةَ». بَابٌ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا 3508 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ === العهدة حديث، وقالوا: لم يسمع الحسن من عقبة شيئًا والحديث مشكوك فيه، فمرة قال: من سمرة، ومرة قال: عن عقبة. بَابٌ فِيمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا 3508 - "مخلد بن خفاف (¬1) " مخلد بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة وخفاف بضم الخاء مخففًا. "الخراج بالضمان" الخراج بالفتح أريد به ما يخرج ويحصل من غلة العين المشتراة عبدًا كان أو غيره، وذلك بأن يشتريه فيستغله زمانًا ثم يعثر منه على عيب كان فيه عندما بيع، فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكوت للمشتري ما استغله لأن المبيع لو تلف في يده لكان في ضمانه ولم يكن له على البايع شيء، والباء في قوله: بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أي بسببه أي ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: مقبول. انظر: تقريب التهذيب (2/ 235).

خُفَافٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === ضمان الأصل سبب لملك خراجه، وقيل: الباء للمقابلة، والمضاف محذوف والتقدير: بقاء الخراج في مقابلة الضمان أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان الملازم عليه بتلف المبيع، ومن هذا القبيل الغنم بالغرم. وقال الخطابي: لفظ هذا الحديث مبهم يحتمل أن يكون معناه أن ملك الخراج بضمان الأصل، ويحتمل أن يكون المعنى أن ضمان الخراج بضمان الأصل، واقتضاء العموم من اللفظ المبهم ليس بالبين الجواز، والحديث في نفسه ليس بالقوي، إلا أن العلماء قد استعملوه في البيوع، والأحوط أن يتوقف عنه فيما سواه (¬1). قلت: قد جاء الحديث مبين السبب وهو أنه كان في البيع فيجب حمله على معنى يناسبه، وهو المعنى الأول، فلذلك استعمله العلماء فيه، وأما المعنى الثاني فإنما يناسب الغصب على مذهب من يقول بضمان الغاصب منافع الغصب والحمل عليه بعيد، وقوله: "واقتضاء العموم" أي طلب المعنى العام الشامل للمعنيين والله تعالى أعلم. وقال الزركشي في القواعد: معناه ما خرج من الشيء من عين أو منفعة أو غلة فهو للمشتري عوض ما كان عليه من ضمان الملك، فإنه لو تلف المبيع كان في ضمانه فالغلة له ليكون الغنم في مقابلة الغرم، وأورد عليه أنه لو كان الخراج في مقابلة الضمان لكان الزوائد قبل القبض للبايع ثم العقد أو الفسخ؛ إذ لا ضمان ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 148، 149).

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ». 3509 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أُنَاسٍ شَرِكَةٌ فِي عَبْدٍ فَاقْتَوَيْتُهُ وَبَعْضُنَا غَائِبٌ، فَأَغَلَّ عَلَيَّ غَلَّةً فَخَاصَمَنِي فِي نَصِيبِهِ إِلَى بَعْضِ الْقُضَاةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَرُدَّ الْغَلَّةَ فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَحَدَّثْتُهُ فَأَتَاهُ عُرْوَةُ، فَحَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === للمشتري حينئذٍ، ولم يقل أحد بذلك، أجيب: بأن الخراج معلل قبل القبض بالملك وبعده بالضمان والملك جميعًا، واقتصر في الحديث على التعليل بالضمان لأنه أظهر عند البايع وأقطع لطلبه واستعارة أن الخراج للمشتري، واستدل به على أن زوائد الغصب ومنافعه للغاصب لأن المغصوب في ضمانه، فلا ينبغي أن يضمن الغاصب منافع المغصوب كما يقول به أبو حنيفة، أجيب بأن الكلام في ضمان الملك كضمان المشتري والغاصب لا يملك المغصوب فضماته ليس ضمان ملك، وبأن الكلام في أن المنافع لمن عليه الضمان، ولا خلاف أن الغاصب لا يملك المنافع، وإنما الخلاف في ضمانها عليه إذا تلفها، وأما إنها له فلا يقول به قائل، فلا مساس للحديث بموضع الخلاف، وأما الحديث فقد صححه الترمذي والحاكم وابن القطان والمنذري والذهبي وضعفه البخاري وأبو حاتم وابن حزم، والله تعالى أعلم. 3509 - "فاقتويته" بالقاف المثناة الفوقية أي استخدمته، ويحتمل أن المعنى فاستعملت حصة الشريك بالكراء من اقتويت من فلان الغلام إذا كان مشتركًا بينك وبين فلان، وقد اشتريت حصته منه إن أراد الغلة أي إلى ذلك الشريك

باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم

قَالَ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ». 3510 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَجُلًا، ابْتَاعَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُقِيمَ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدِ اسْتَغَلَّ غُلَامِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا إِسْنَادٌ لَيْسَ بِذَاكَ». بَابٌ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ 3511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: اشْتَرَى الْأَشْعَثُ رَقِيقًا مِنْ رَقِيقِ الْخُمْسِ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَيْهِ فِي ثَمَنِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّمَا === فحدثه أي ذلك الشريك ليمتنع عن أخذ الغلة عن مخلد لكون الغلام كان في ضمان مخلد والله تعالى أعلم. بَابٌ إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ 3511 - "إِذا اختلف البيعان" بفتح الباء وكسر الياء المشددة أي إذا اختلفا في قدر الثمن أو شرط الخيار مثلًا يحلف البايع على ما أنكر ثم يتخير المشتري بين أن يرضى بما حلف عليه البايع وبين أن يحلف على ما أنكر، فإذا تخالفا فإما أن

باب في الشفعة

أَخَذْتُهُمْ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاخْتَرْ رَجُلًا يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، قَالَ الْأَشْعَثُ: أَنْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِكَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ، أَوْ يَتَتَارَكَانِ». 3512 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، بَاعَ مِنَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، رَقِيقًا فَذَكَرَ مَعْنَاهُ وَالْكَلَامُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ. بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ 3513 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ، حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ بَاعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ». === يرضى أحدهما على ما يدعي الآخر أو يفسخ البيع هذا إذا كانت السلعة قائمة كما في بعض الروايات، وقوله: "يتتاركا" أي يتقاسما العقد. بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ 3513 - "في كل شرك" بكسر أوله وسكون الراء أي كل مشترك، "ربعة" بفتح الراء وسكون الباء المسكن والدار بدل من شرك، "أو حائط" أي بستان لا يصلح أن يبيع أي يكره له البيع لأن البيع حرام كذا قرره من كثير من العلماء، وإن كان ظاهر الأحاديث يقتضي الحرمة.

3514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ». 3515 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَوْ عَنْهُمَا جَمِيعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قُسِّمَتِ الْأَرْضُ وَحُدَّتْ، فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا». 3516 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ، سَمِعَ أَبَا رَافِعٍ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ». === 3514 - "في كل مال لم يقسم" أي باق على اشتراكه فالشفعة إنما هي ما دامت الأرض مشتركة بينهم، وأما إذا قسمت وعين لكل منهم سهمه وجعل لكل قطعة طريقًا مفردة فلا شفعة، وظاهره أنه لا شفعة للجار وإنما الشفعة للشريك وبه قال مالك والشافعي، ومن يقول بها يحمل النفي على نفي شفعة الشركة، لأن الشريك أولى بها من الجار، فإذا قسمت الأرض وعين لكل سهمه وطريقه فما بقي له الأولوية، فهذا محمل الحديث عندهم، "أحق بسقبه" بفتحتين القرب، وباء بسقبه صلة أحق لا للسبب أي الجار أحق بالدار الساقية أي القريبة ومن لا يقول بشفعة الجار يحمل الجار على الشريك فإنه يسمى جارًا، أو يحمل الباء على السببية أي أحق بالبر والمعونة بسبب قربه من جاره.

باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه [عنده]

3517 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ أَوِ الْأَرْضِ». 3518 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ [عِنْدَهُ] 3519 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ الْمَعْنَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو === 3518 - "ينتظر بها" قيل: ليس المراد أن البايع ينتظره ولا يبيع، وإنما معناه أن المشتري ينتظر في قطع حق الشفعة ويحتاج إلى إذنه في ذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ [عِنْدَهُ] 3519 - " أيما رجل" كلمة ما زائدة لزيادة الإبهام ورجل مجرور بالإضافة، "أفلس" يقال: أفلس الرجل إذا صار إلى حال لا فلوس له، أو صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير، وحتق الانتقال من اليسر إلى العسى، قيل: المفلس لغة من لا عين له ولا عرض وشرعًا من اقتصر ما بيده عما عليه من الديون، "فأدركه رجل" أي بعد أن باعها منه ولم يقبض من ثمنه شيئًا كما شي رواية الموطأ عند مالك، "فهو أحق به" أي يجوز له أن يأخذه بعينه ولا يكون مشتركًا بينه وبين

بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». 3520 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ، الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ». 3521 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي === سائر الغرماء وبهذا يقول الجمهور خلافًا للحنفية، فقالوا إنه كالغرماء لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ} (¬1) ويحملون الحديث على ما إذا أخذه على الشراء مثلًا أو على البيع بشرط الخيار للبايع، أي إذا كان الخيار للبايع والمشتري مفلس فالأنسب له أن يختار الفاسخ وهو تأويل بعيد، وقولهم: "إن الله تعالى لم يشرع للدائن عند الإفلاس إلا الانتظار" فجوابه أن الانتظار فيما لا يوجد عند المفلس ولا كلام فيه وإنما الكلام فيما وجد عند المفلس، ولابد أن الدائنين يأخذون ذلك الموجود عنده والحديث يبين أن الذي يأخذ هذا الموجود هو صاحب المتاع ولا يجعل مقسومًا بين تمام الدائنين، وهذا لا يخالف القرآن ولا يقتضي القرآن خلافه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (280).

باب فيمن أحيا حسيرا

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَال: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ، زَادَ وَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى مِنْ ثَمَنِهَا شَيئًا فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهَا. 3522 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ يَعْنِي الْخَبَايِرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنِ الزُّبَيدِيِّ، قَال أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْهُذَيلِ الْحِمْصِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ قَال: "فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيئًا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَأَيُّمَا امْرِئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئٍ بِعَينِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ"، قَال أَبُو دَاوُدَ: حَدِيثُ مَالِكٍ أَصَحُّ. 3523 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ، قَال: أَتَينَا أَبَا هُرَيرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَفْلَسَ، فَقَال: لَأَقْضِيَنَّ فِيكُمْ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، "مَنْ أَفْلَسَ، أَوْ مَاتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَينِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ". بَابٌ فِيمَنْ أَحْيَا حَسِيرًا 3524 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَقَال عَنْ أَبَانَ: أَنَّ عَامِرًا الشَّعْبِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ

باب في الرهن

قَالَ: «مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا أَنْ يَعْلِفُوهَا فَسَيَّبُوهَا، فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ»، قَالَ: فِي حَدِيثِ أَبَانَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ: عَمَّنْ، قَالَ: عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا حَدِيثُ حَمَّادٍ وَهُوَ أَبْيَنُ وَأَتَمُّ. 3525 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكٍ فَأَحْيَاهَا رَجُلٌ فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا». بَابٌ فِي الرَّهْنِ 3526 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَبَنُ الدَّرِّ يُحْلَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَالظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ === بَابٌ فِيمَنْ أَحْيَا حَسِيرًا " الحسير" العاجز عن المشي من الدواب من حسر إذا أعيى وتعب. 3525 - "بمهلك" هو موضع الهلاك. بَابٌ فِي الرَّهْنِ 3526 - "لبن الدر" أي لبن ذات اللبن يحلب، قال الجمهور: يحلبه المالك وعليه النفقة، والمقصود من الحديث أن الرهن لا يهمل ولا تعطل منافعه، وقيل:

باب [في] الرجل يأكل من مال ولده

وَيَحْلِبُ النَّفَقَةُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ عِنْدَنَا صَحِيحٌ. 3527 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ» وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ 3528 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي === يحلبه المرتهن وعليه النفقة ليكون بدلًا عن الانتفاع بالمرهون، ولا يكون انتفاعًا بمال الغير من غير شيء، وبه قال أحمد وهو ظاهر الحديث والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ 3528 - "إن من أطيب" من تبعيضية اسم إن، وخبرها من كسبه، ويحتمل أن يكون من زائدة في أحد الموضعين على مذهب من يجوز الزيادة في الإثبات، ويؤيده روايه الترمذي: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم" (¬1)، والطيب الحلال ¬

_ (¬1) الترمذي في الأحكام (1358).

حِجْرِي يَتِيمٌ أَفَآكُلُ مِنْ مَالِهِ؟ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَطْيَبِ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ». 3529 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، زَادَ فِيهِ «إِذَا احْتَجْتُمْ» وَهُوَ مُنْكَرٌ. 3530 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا، وَإِنَّ وَالِدِي يَحْتَاجُ مَالِي؟ === والتفضيل فيه بناه على بعده عن الشبهات ومظانها، والكسب السعي في تحصيل الرزق وغيره والمراد المكسوب الحاصل بالطلب والجد في تحصيله بالوجه المشروع، وولد الإنسان من كسبه أي من المكسوب الحاصل بالجد والطلب ومباشرة أسبابه ومال الولد من كسب الولد فصار من كسب الإنسان بواسطة فجاز له أكله. 3530 - "وإن والدي يجتاح" بجيم ثم حاء مهملة أي يستأصله، قال الخطابي: يشبه أن ذلك في النفقة عليه بأن يكون مقدار ما يحتاج إليه للنفقة عليه كثيرًا لا يسعه فضل المال والصرف من رأس المال يجتاح أصله ويأتي عليه، فلم يعذره النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرخص له في ترك النفقة، وقال له: "أنت ومالك لوالدك"

باب في الرجل يجد عين ماله عند رجل

قَالَ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ 3531 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ السَّائِبِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَتَّبِعُ الْبَيِّعُ مَنْ بَاعَهُ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ حَقَّهُ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ 3532 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ === على معنى إذا احتاج إلى مالك أخذ منه قدر الحاجة كما يأخذ من مال نفسه، فأما أن يكون أراد به إباحة ماله حتى يجتاحه يأتي عليه لا على هذا الوجه، فلا أعلم أحدًا ذهب إليه من الفقهاء (¬1). بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ رَجُلٍ 3531 - "من وجد عين مال" إلخ. قال الخطابي: هذا في المغصوب والمسروق ونحوهما (¬2). "والبيّع" بالتشديد يطلق على البايع والمشتري، والمراد هاهنا المشتري. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ حَقَّهُ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ 3532 - "شحيح" أي بخيل. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 166). (¬2) معالم السنن (3/ 166).

عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ هِنْدًا أُمَّ مُعَاوِيَةَ، جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ، رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا؟ قَالَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ». 3533 - حَدَّثَنَا خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُنْفِقِي بِالْمَعْرُوفِ». 3534 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ يَعْنِي الطَّوِيلَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ الْمَكِّيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِفُلَانٍ نَفَقَةَ أَيْتَامٍ كَانَ وَلِيَّهُمْ فَغَالَطُوهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدَّاهَا إِلَيْهِمْ فَأَدْرَكْتُ لَهُمْ مِنْ مَالِهِمْ مِثْلَيْهَا، قَالَ: قُلْتُ: أَقْبِضُ الْأَلْفَ الَّذِي ذَهَبُوا بِهِ مِنْكَ؟ ، قَالَ: لَا، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ === "أي إِثم أن آخذ" أي في أن آخذ بالمعروف أي بالقدر الذي يتحمل في العرف أخذه. 3533 - "ممسك" أي بخيل. 3534 - "كان" أي فلان، "وليّهم" وليّ أولئك الأيتام فغالطوه أي الأيتام

باب في قبول الهدايا

خَانَكَ». 3535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا: حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، عَنْ شَرِيكٍ - قَالَ: ابْنُ الْعَلَاءِ، وَقَيْسٌ - عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». بَابٌ فِي قَبُولِ الْهَدَايَا 3536 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّؤَاسِيُّ، قَالَا: === حين بلغوا وأخذوا مالهم فأوكت لهم الأيتام. 3535 - "أد الأمانة" حاصله أن الأمانة لا تخان أبدًا لأن صاحبها إما أمين أو خائن، وعلى التقديرين لا تخان، وبه قال قوم، وجوز آخرون فيما هو من جنس ماله أن يأخذ منه حقه بأن كان له على آخر دراهم فوقع عنده له دراهم يجوز له أن يأخذ منه حقه لا إذا وقع عنده دنانير، ونقل عن الشافعي أنه قال: قد أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزوجة أبي سفيان حين اشتكت إليه أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، فكذا الرجل يكون له على آخر حق فيمنع إياه فله أن يأخذ من ماله حيث وجده بوزنه أو بكيله أو بالقيمة حتى يجوز له أن يبيع ويستوفي حقه من ثمنه، وحديث أداء الأمانة قيل: إنه ليس بثابت، وإن ثبت لم تكن الخيانة ما أذن بأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما الخيانة أن يأخذ له درهمًا بعد استيفاء دراهمه. بَابٌ فِي قَبُولِ الْهَدَايَا 3536 - "ويثيب عليها" يجزي صاحبها في مقابلتها ويعطيه أكثر منها غالبًا،

باب الرجوع في الهبة

حَدَّثَنَا عِيسَى وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا». 3537 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَايْمُ اللَّهِ، لَا أَقْبَلُ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا مِنْ أَحَدٍ هَدِيَّةً، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُهَاجِرًا قُرَشِيًّا، أَوْ أَنْصَارِيًّا، أَوْ دَوْسِيًّا، أَوْ ثَقَفِيًّا». بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ 3538 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، وَهَمَّامٌ، وَشُعْبَةُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» قَالَ هَمَّامٌ: وَقَالَ قَتَادَةُ: «وَلَا نَعْلَمُ الْقَيْءَ إِلَّا حَرَامًا». === "لا أقبل بعد يومي" قاله حين أهدى إليه أعرابي فأثابه فلم يرض، فقد جاء أنه أهدى بكرة واحدة إليه - صلى الله عليه وسلم - ما قال. بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ 3538 - "كالعائد في قيئه" قيل: هو تحريم للرجوع كما يشير إليه كلام قتادة، وقيل: تقبيح وتشنيع له لأنه شبهه بكلب يعود في قيئه وعود الكلب في قيئه لا يوصف بحرمة والله تعالى أعلم.

3539 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ». 3540 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَسْتَرِدُّ مَا وَهَبَ كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ فَيَأْكُلُ قَيْئَهُ، فَإِذَا اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ فَلْيُوَقَّفْ فَلْيُعَرَّفْ بِمَا اسْتَرَدَّ ثُمَّ لِيُدْفَعْ إِلَيْهِ مَا وَهَبَ». === 3539 - "لا يحل" ذكر النووي وغيره أن نفي الحل ليس بصريح في إفادة الحرمة، لأن الحل هو استواء الطرفين، فالمكروه يصدق عليه أنه ليس بحلال (¬1)، وعلى هذا فهذا الحديث يحتمل الحرمة والكراهة، وأما قوله: "إلا الولد" فحمله من لا يجوز الرجوع للوالد على أنه يجوز للوالد أن يأخذه عنه ويصرفه في نفقته عند الحاجة كسائر أمواله والله تعالى أعلم. 3540 - "فإذا استرد الواهب" أي إذا رجع في هبته فيسأل عن سببه ثم يرد عليه هبته لعله وهب ليثاب عليه فلم يثب عليه فيرجع لذلك، فيمكن حينئذٍ أن يثاب حتى لا يرجع والله تعالى أعلم، وهذا الحديث ظاهر في أنه إذا رجع يرد عليه هبته كما هو مذهب أبي حنيفة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 174).

باب في الهدية لقضاء الحاجة

بَابٌ فِي الْهَدِيَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ 3541 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ بِشَفَاعَةٍ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً عَلَيْهَا فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ فِي النُّحْلِ 3542 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، وَأَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ، وَأَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَأَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ أَنْحَلَنِي: أَبِي نُحْلًا، قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ: مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ نِحْلَةً غُلَامًا لَهُ، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ: أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بَابٌ فِي الْهَدِيَّةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ 3541 - "فقد أتى بابًا" وذلك لأن الشفاعة الحسنة مندوب إليها، وقد تكون واجبة، فأخذ الهدية عليها يضيع أجرها، كما أن الربا يضيع الحلال والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ فِي النُّحْلِ بضم فسكون مصدر نحلته أي أعطيته، والنحلة بكسر فسكون بمعنى العطية. 3542 - "فأشهده" من الإشهاد، "تلجئه" بالجيم تفعلة من الإلجاء كأنه قد

فَأَشْهِدْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشْهَدَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي النُّعْمَانَ نُحْلًا وَإِنَّ عَمْرَةَ سَأَلَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ: «أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ » قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ النُّعْمَانَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: فَقَالَ: بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ، " هَذَا جَوْرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «هَذَا تَلْجِئَةٌ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» قَالَ مُغِيرَةُ: فِي حَدِيثِهِ «أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ سَوَاءٌ» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي» وَذَكَرَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ «إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: «أَكُلَّ بَنِيكَ»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «وَلَدِكَ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فِيهِ: «أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ»، وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: «أَلَكَ وَلَدٌ غَيْرُهُ». 3543 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: أَعْطَاهُ أَبُوهُ غُلَامًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ » قَالَ: غُلَامِي أَعْطَانِيهِ أَبِي، قَالَ: «فَكُلَّ === ألجأك إلى أن تفعل المكروه الذي لا يليق بك فعله لولا الإلجاء، "فأشهد على هذا غيري" كناية عن تركة قبل لفظ الولد يشمل الذكر والأنثى، فمقتضى الحديث التسوية بينهما، ورواية: "كل بنيك" محول على التغليب إن كان له إناث، قل في قوله: "فأشهد" إلخ من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن لا يشهد على جور، قلت: هذا بالعموم أشبه، فقد جاء اللعن في شاهد الربا لأنه معين، ومعنى الحديث قد تقدم على وجه آخر والله تعالى أعلم.

باب في عطية المرأة بغير إذن زوجها

إِخْوَتِكَ أَعْطَى كَمَا أَعْطَاكَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْدُدْهُ». 3544 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَاجِبِ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمُ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ». 3545 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ انْحَلْ ابْنِي غُلَامَكَ وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَةَ فُلَانٍ، سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلَامًا، وَقَالَتْ لِي: أَشْهِدْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَهُ إِخْوَةٌ؟ »، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَكُلَّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ». بَابٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا 3546 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، وَحَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا». 3547 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، === بَابٌ فِي عَطِيَّةِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا 3547 - "لامرأة" أمر في مالها، قال الخطابي: أخذ به مالك. قلت: ما أخذ بإطلاقه، ولكن أخذ به فيما زاد على الثلث، وهو عند أكثر العلماء على معنى

باب في العمرى

عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ، إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا». بَابٌ فِي الْعُمْرَى 3548 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === حسن العشرة واستطابة نفس الزوج (¬1)، ونقل عن الشافعي أن الحديث ليس بثابت، وكيف نقول به والقرآن يدل على خلافه، ثم السند ثم الأثر ثم المعقول، ويمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار، مثل: ليس لها أن تصوم وزوجها حاضر إلا بإذنه، فإن فعلت جاز صومها وإن خرجت بغير إذنه فباعت جاز بيعها، وقد أعتقت ميمونة قبل أن يعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب ذلك عليها، فدل هذا مع غيره على أن الحديث إن ثبت فهو محمول على الأدب والاختيار، وقال البيهقي: إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح، فمن أثبت أحاديث عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا، إلا أن الأحاديث المعارضة له أصح إسنادًا، وفي الآيات التي احتج بها الشافعي دلالة على نفوذ تصرفها في مالها دون الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولًا على الأدب والاختيار كما أشار إليه الشافعي (¬2). بَابٌ فِي الْعُمْرَى 3548 - "العمرى" هي كحبلى اسم من أعمرتك الدار أي جعلت سكناها لك مدة عمرك، قالوا: هي على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يقول: أعمرتها لك ¬

_ (¬1) المجموع للنووي (15/ 383)، وشرح النووي على صحح مسلم (11/ 66، 67). (¬2) البيهقي في السنن الكبرى (6/ 61).

وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ». 3549 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 3550 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ». 3551 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى فَهِيَ لَهُ، وَلِعَقِبِهِ يَرِثُهَا مَنْ يَرِثُهُ مِنْ عَقِبِهِ». 3552 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعُرْوَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === مطلقًا، والثالث: أن يضم إليه فإذا مت عادت إلي، وفيها خلاف مذهب الحنفية، والصحيح من مذهب الشافعي الجواز وبطلان الشرط لإطلاق الأحاديث والله تعالى أعلم. 3551 - "من أعمر" على بناء المفعول، و "عقب الإِنسان" بكسر القاف وإسكانها مع فتح العين وكسرها أولاده، قوله: "إنما العمرى التي" إلخ قالوا: هذا اجتهاد من جابر ولعله أخذ من مفهوم حديث: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه" والمفهوم لا يعارض المنطوق ولا حجة في الاجتهاد فلا يخص به الأحاديث المطلقة والله تعالى أعلم.

باب من قال فيه ولعقبه

بِمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ. بَابُ مَنْ قَالَ فِيهِ وَلِعَقِبِهِ 3553 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ، وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي يُعْطَاهَا لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا، لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ». 3554 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَاخْتُلِفَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ، فِي لَفْظِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَوَاهُ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ. 3555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقُولَ: «هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ» فَأَمَّا إِذَا قَالَ: «هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ» فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى صَاحِبِهَا. 3556 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ === بَابُ مَنْ قَالَ فِيهِ وَلِعَقِبِهِ 3556 - "لا ترقبوا" بضم التاء وسكون الراء وكسر القاف من الرقبى على

باب في الرقبى

عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُرْقِبُوا وَلَا تُعْمِرُوا فَمَنْ أُرْقِبَ شَيْئًا أَوْ أُعْمِرَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ». 3557 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاِويَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ طَارِقٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْطَاهَا ابْنُهَا حَدِيقَةً مِنْ نَخْلٍ، فَمَاتَتْ، فَقَالَ ابْنُهَا: إِنَّمَا أَعْطَيْتُهَا حَيَاتَهَا وَلَهُ إِخْوَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ لَهَا حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا»، قَالَ: كُنْتُ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهَا، قَالَ: «ذَلِكَ أَبْعَدُ لَكَ». بَابٌ فِي الرُّقْبَى 3558 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي === وزن العمرى، وصورتها أن يقول جعلت لك هذه الدار سكنى فإن مت قبلك فهي لك، وإن مت قبلي عادت إلي من المراقبة؛ لأن كلًّا منهما يراقب: موت صاحبه، فهذا الحديث نهى عن الرقبى والعمرى، وعلله بأن من أرقب على بناء المفعول في الفعلين أي فلا تضيعوا أموالكم ولا تخرجوها من أملاككم بالرقبى والعمرى، فالنهي بمعنى أنه لا يليق بالمصلحة وإن فعلتم يكون صحيحًا، وقيل: النهي قبل التجويز فهو منسوخ بأدلة الجواز والله تعالى أعلم. 3557 - "ذاك أبعد" أي الرجوع في الصدقة أبعد من الرجوع في الهبة، من أعمر على بناء الفاعل فهو لمعمره بفتح الميم؛ هو للآخر بكسر الخاء المعجمة أي للمتأخر موتًا من الاثنين أي أيهما يتأخر موتًا فهي له.

باب في تضمين العارية

الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا، وَالرُّقْبَى جَائِزَةٌ لِأَهْلِهَا». 3559 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَعْقِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ حُجْرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا فَهُوَ لِمُعْمَرِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ، وَلَا تُرْقِبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُهُ». 3560 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْعُمْرَى أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لِلرَّجُلِ هُوَ لَكَ مَا عِشْتَ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ وَالرُّقْبَى هُوَ أَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ هُوَ لِلْآخِرِ مِنِّي وَمِنْكَ. بَابٌ فِي تَضْمِينِ الْعَارِية 3561 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى === بَابٌ فِي تَضْمِينِ الْعَارِية 3561 - "على اليد" ما أخذت أي على صاحبها، يشمل العارية والغصب والسرقة ويلزم منه أن السارق يضمن المسروق وإن قطع يده، أغصب، أي المأخوذ قاله قبل أن يسلم مضمونة دليل على أن العارية مضمونة ومن لا يقول: بالضمان يقول معنى مضمونة مزودة إن بقيت وهو تأويل بعيد، يرده قوله: "هل

الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ»، ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ، فَقَالَ: «هُوَ أَمِينُكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ». 3562 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرَاعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ: أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «لَا، بَلْ عَمَقٌ مَضْمُونَةٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذِهِ رِوَايَةُ يَزِيدَ بِبَغْدَادَ وَفِي رِوَايَتِهِ بِوَاسِطٍ تَغَيُّرٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا». 3563 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أُنَاسٍ، مِنْ آلِ عَبدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا صَفْوَانُ، هَلْ عِنْدَكَ مِنْ سِلَاحٍ؟ »، قَالَ: عَوَرً أَمْ غَصْبًا، قَالَ: «لَا، بَلْ عَوَرً» فَأَعَارَهُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ دِرْعًا، وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا، فَلَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ جُمِعَتْ دُرُوعُ صَفْوَانَ فَفَقَدَ مِنْهَا أَدْرَاعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَفْوَانَ: «إِنَّا قَدْ فَقَدْنَا مِنْ أَدْرَاعِكَ أَدْرَاعًا، فَهَلْ نَغْرَمُ لَكَ؟ » قَالَ: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِأَنَّ فِي قَلْبِي الْيَوْمَ مَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَكَانَ أَعَارَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ». 3564 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، === نغرم لك" والله تعالى أعلم. 3562 - "عارية" بتشديد الياء وتخفف بالنصب بتقدير أتأخذ عارية.

عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ نَاسٍ، مِنْ آلِ صَفْوَانَ قَالَ: اسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. 3565 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، وَلَا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الطَّعَامَ، قَالَ: «ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» ثُمَّ قَالَ: «الْعَوَرُ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِم». 3566 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُسْتَمِرِّ الْعُصْفُرِيُّ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ === 3565 - "مؤداة" أي موجب رد عينها إن بقيت، وقيل: مضمونة يجب أداؤها برد عينها أو قيمتها لو تلفت وهو الظاهر، و "المنحة" في الأصل العطية، ويقال لما يعطي الرجل صاحبه للانتفاع به كأرض يعطيها للزرع، وشاة للبن أو شجرة لأكل الثمر ومرجع الكل إلى تمليك المنفعة دون الرقبة فيجب رد عينها إلى المالك بعد الفراغ من الانتفاع بها والله تعالى أعلم. "مقضي" أي يجب قضاؤه ولا يسوغ الإمهال والتسامح في أمره، و"الزعيم" أي الكفيل، غارم أي ضامن، واستدل به من ينكر الكفالة بالنفس لعدم تصور الضمان فيه: والله تعالى أعلم.

باب فيمن أفسد شيئا يغرم مثله

ثَلَاثِينَ دِرْعًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا» قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعَوَرٌ مَضْمُونَةٌ، أَوْ عَوَرٌ مُؤَدَّاةٌ، قَالَ: «بَلْ مُؤَدَّاةٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَبَّانُ خَالُ هِلَالٍ الرَّائِيِّ». بَابٌ فِيمَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلَهُ 3567 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمِهَا قَصْعَةً فِيهَا طَعَامٌ، قَالَ: فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ، وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ» زَادَ ابْنُ الْمُثَنَّى «كُلُوا» فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَتُهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى لَفْظِ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ قَالَ «كُلُوا» وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ. === بَابٌ فِيمَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلَهُ 3567 - "بقصعة" بفتح القاف إناء معروف، "فضربت" أي صاحبة البيت بيدها أي يد الخادم يطلق على الذكر والأنثى، والضمير يدل على أنها كانت أنثى، "غارت أمكم" اعتذار من قبل الضاربة إلى الرسول أي الخادم، ولعل القصعتين كانتا في القيمة سواء أو أنهما كانتا ملكًا له - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أراد بما فعل جبر الخاطر، فلا يضر التفاوت بينهما والله تعالى أعلم.

باب المواشي تفسد زرع قوم

3568 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي فُلَيْتٌ الْعَامِرِيُّ، عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا رَأَيْتُ صَانِعًا طَعَامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ، صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَبَعَثَتْ بِهِ، فَأَخَذَنِي أَفْكَلٌ، فَكَسَرْتُ الْإِنَاءَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ؟ قَالَ: «إِنَاءٌ مِثْلُ إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ». بَابُ الْمَوَاشِي تُفْسِدُ زَرْعَ قَوْمٍ 3569 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْهُ عَلَيْهِمْ، «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظَهَا بِاللَّيْلِ». === 3568 - "أفكل" بالفتح أي رعدة من برد أو خوف، "حائط رجل" أي بستانه، "على أهل الأموال" أي البساتين يريد أنها إن تلفت في النهار فالتقصير من صاحب البستان فلا ضمان، وإن تلفت بالليل فالتقصير من صاحبها فعليه الضمان، وبه قال الجمهور، وقيل: إذا لم يكن معها صاحبيا فلا ضمان لا ليلًا ولا نهارًا والله تعالى أعلم.

باب المواشي تفسد زرع قوم

3570 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا: «فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ». "آخر كتاب البيوع" * * * === بَابُ الْمَوَاشِي تُفْسِدُ زَرْعَ قَوْمٍ 3570 - " ضاربة" الضاربة المعتادة برعي زرع الناس. * * *

19 - كتاب الأقضية

كِتَاب الْأَقْضِيَةِ بَابٌ فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ 3571 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === [كتاب القضاء] (¬1) بَابٌ فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ 3571 - "من ولي القضاء" هو بناء الفاعل بالتخفيف أي تصدى للقضاء وتولاه، أو على بناء المفعول بالتشديد وهو المناسب لرواية: " [من] (¬2) جعل قاضيًا بين الناس فقد ذبح بغير سكين" (¬3) أريد أنه ذبح أشد الذبح؛ لأن الذبح بالسكين أريح للذبيحة بخلافه لغيره، أو المراد أنه ذبح لا ذبح يقتله بل ذبحًا يبقى فيه لا حيًّا ولا ميتًا؛ لأنه ليس ذبحًا بسكين حتى يموت ولا هو سالم عن الذبح حتى يكون حيًّا، وقيل: أراد الذبح الغير المتعارف الذي هو عبارة عن هلاك بدنه، وذلك أنه ابتلي بالعناء الدائم والداء المعضل الذي تعقبه الندامة إلى يوم القيامة، والجمهور حمله على ذم التولي للقضاء والترغيب عنه لما فيه من الخطر، وحمله ابن القاص على الترغيب فيه لما فيه من المجاهدة، وقال بعضهم: معنى ¬

_ (¬1) في نسخة: كتاب الأقضية. (¬2) في المخطوطة من غير [من] وهو خطأ والصحيح ما أثبتناه. (¬3) الترمذي في الأحكام (1325)، وابن ماجه في الأحكام (2308)، أحمد في مسنده (2/ 230، 365). قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.

باب في القاضي يخطئ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ». 3572 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، وَالْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ». بَابٌ فِي الْقَاضِي يُخْطِئُ 3573 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، === ذبح أنه ينبغي له أن، يميت دواعيه الخبيثة وشهواته الردية، وعلى هذا؛ فالخبر بمنزلة الأمر والحديث إرشاد له إلى ما يليق بحاله لا يتعلق بمدح ولا ذم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْقَاضِي يُخْطِئُ 3573 - "ورجل عرف" إلخ، قيل: تقديره وأما الذي في النار فرجل كذا فهو قرين لقوله: فأما الذي في الجنة لكن ترك أداة التفضيل ظاهرًا لئلا يسلك في سلك واحد لبعد ما بينهما، وقيل خص التصريح بكلمة إما الدالة على توكيد الحكم وتقريره بالقسم الأول ترجيحًا لجانب البشارة على الإنذار وتوسعة للرحمة والله تعالى أعلم.

وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِيهِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ بُرَيْدَةَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ. 3574 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، فَقَالَ: هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. 3575 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ نَجْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ طَلَبَ === "رجل ينفذ" من التنفيذ أي يقضي ويمضي حكمًا بيننا (¬1). 3574 - "إذا حكم الحاكم" أي أراد الحكم، والحاصل أن اللازم عليه الاجتهاد في إدراك الصواب، وأما الوصول إليه فليس بقدرته فهو معذور إن لم يصل إليه، نعم إن وفق للصواب فله أجران: أجر الاجتهاد وأجر الحكم الموفق، وإلا فله أجر الاجتهاد فقط، بقي أن هذا هل هو اجتهاد في معرفة الحكم من أدلته أو اجتهاد في معرفة حقيقة الحادثة ليقضي على وفق ما عليه الأمر في نفسه، والأول أنسب بحديث معاذ، وعليه حمله غالب العلماء والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) المصنف (3577).

باب في طلب القضاء والتسرع إليه

قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ، ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ، فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ». 3576 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي يَحْيَى الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، إِلَى قَوْلِهِ: {الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] «هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ خَاصَّةً فِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ». بَابٌ فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ وَالتَّسَرُّعِ إِلَيْهِ 3577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ رَجَاءٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيِّ الْأَزْرَقِ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَبْوَابِ كِنْدَةَ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، جَالِسٌ فِي حَلْقَةٍ، فَقَالَا: أَلَا رَجُلٌ يُنَفِّذُ بَيْنَنَا، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْحَلْقَةِ أَنَا فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ كَفًّا مِنْ حَصًى فَرَمَاهُ بِهِ، وَقَالَ: «مَهْ إِنَّهُ كَانَ يُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إِلَى الْحُكْمِ». 3578 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: === بَابٌ فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ وَالتَّسَرُّعِ إِلَيْهِ 3578 - "واستعان عليه" أي بالشفعاء، فالتمس منهم أن يشفعوا له في

«مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إِلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ». وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالَ أَبُو عَوَانَةَ: عَنْ === ذلك، و"وكل إلى نفسه" فوض إليها، وهذا كناية عن عدم العون من الله تعالى في معرفة الحق والتوفيق للعمل به، يسدده أي يرشده ويهديه طريق السداد أي الصواب العدل. "من طلب قضاء" إلخ أي وجه القضاء بينهم أي طلب الحكم الذي يقضي به بالاجتهاد فيه ثم حكم به فله الجنة، و "إلا فله النار" سواء اجتهد أم لا، فإنه لا ينفعه الاجتهاد في طلب الحق إذا لم يعمل به وعدل عنه بل صار حجة عليه، وعلى هذا فلا يتوهم منافاة هذا الحديث لحديث: "من طلب القضاء وكل إلى نفسه" (¬1) بأن يقال الموكل كيف يغلب عدله، وقيل في دفع المنافاة الطلب هاهنا ما يكون للحق واثقًا من نفسه إقامته وطالبًا لتوفيقه والتأييد من الله، ومثله لا يكون موكولًا إلى نفسه وهو الذي غلب عدله جوره. وقوله: "من غلب جوره" إشارة إلى من لا يكون حاله كذلك وهو أن يكون موكولًا إلى نفسه، ثم معنى غلب عدله: أي قوى بحيث منعه عن الجور (¬2) أصلًا وغلب جوره أي قوي بحيث مال إلى مقتضاه ولو أحيانًا وليس معناه أن يزيد ما عدل فيه على ما جار وبالعكس كما يسبق إلى فهم من لا تحقيق له، وقيل: يمكن أن يكون الحكم للغالب مع وجود الآخر في الجملة والله تعالى أعلم. "نزلت في يهود" أي فليس معناه أن المسلم بالجور يصير كافرًا. ¬

_ (¬1) الترمذي في الأحكام (1323)، وابن ماجه (2309)، أحمد في مسند (3/ 118، 220). (¬2) الجور: الظلم. النهاية (1/ 313).

باب [في] كراهية الرشوة

عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. 3579 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ نَسْتَعْمِلَ، أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ». بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ الرَّشْوَةِ 3580 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي». بَابٌ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ 3581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، حَدَّثَنِي === "من أراده" لما سبق أنه يوكل إلى نفسه (¬1). بَابٌ [فِي] كَرَاهِيَةِ الرَّشْوَةِ 3580 - "الراشي" هو المعطي للرشوة، و "المرتشي" هو الآخذ لها، "والرشوة" بالكسر والضم وصلة إلى حاجة بالمصانعة من الرشا المتوصل به إلى الماء، قيل هذا إذا كان لباطل وأما من يعطي دفعًا لظلم أو توصلًا به إلى حق فغير داخل فيه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي هَدَايَا الْعُمَّالِ 3581 - "عدي بن عمرة" (¬2) بفتح العين وكسر الميم. ¬

_ (¬1) راجع شرح الحديث رقم (3575). (¬2) في سنن أبي داود "عميرة" الكندي وهو الصواب. تقريب التهذيب 2/ 17.

باب كيف القضاء

قَيْسٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَدِيُّ بْنُ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عُمِّلَ مِنْكُمْ لَنَا عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِنْهُ مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ فَهُوَ غُلٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْوَدُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟ »، قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ: ذَلِكَ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَأْتِ بِقَلِيلِهِ، وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَهُ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى. بَابُ كَيْفَ الْقَضَاءُ 3582 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ حَنَشٍ، === "من عمّل" على بناء المفعول بالتشديد أي جعل عاملًا فكتمنا بالضمير المنصوب مخيطًا هو بالكسر الإبرة فما فوقه أي زاد عليه في المقدار أو زاد في الحقارة، ومثله قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (¬1)، "فهو غل" (¬2) بالضم واحد الأغلال، يقال: في رقبته غل من حديد، "اقبل عني عملك" أي أقلني منه، "وما ذاك" ما سبب هذا القول، "وأنا أقول ذلك" أي الذي سمعت، "من استعملنا" تكرار له بدل من ذلك، أوتي على بناء المفعول. بَابُ كَيْفَ الْقَضَاءُ 3582 - "ولا علم لي بالقضاء" لم يرد نفي العلم بالقضاء مطلقًا وإنما أراد ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية: 26. (¬2) قيل: معنى الغلول: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة. النهاية (3/ 380).

باب في قضاء القاضي إذا أخطأ

عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَكَ، وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ، كَمَا سَمِعْتَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ»، قَالَ: «فَمَا زِلْتُ قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ». بَابٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ 3583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === نفي التجربة بكيفية فصل الخصومات وكيفية دفع كل من المتخاصمين كلام الآخر ومكر أحدهما بالآخر، أي إني ما جربت ذلك قبل هذا وإلا فهو كامل العلم بأحكام الدين وقضايا الشرع، "أن يتبين لك القضاء" أي وجهه. بَابٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي إِذَا أَخْطَأَ 3583 - "إنما أنا بشر" أي لا أعلم من الغيب إلاما اطلع الله تعالى عليه، كما هو شأن البشر "أن يكون" أن زائدة دخلت في خبر لعل تشبهًا لها بعسى، "ألحن" أي أفطن لها، وأعرف بها أو أقدر على بيان كلامه، "أقطع له قطعة" أي أقطع له ما هو حرام عليه "يفضيه إلى النار" قال السيوطي: هذا في أول الأمر لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحكم بالظاهر ويكل سرائر الخلق إلى الله تعالى كسائر الأنبياء عليهم السلام، ثم خص - صلى الله عليه وسلم - بأن أذن له أن يحكم بالباطن أيضًا وأن يقتل بعلمه

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». 3584 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أُسَامَةَ === خصوصية انفرد بها عن سائر الخلق بالإجماع (¬1)، قال القرطبي: اجتمعت الأمة على أنه ليس لأحد أن يقتل بعلمه إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ. قلت: كلام القرطبي محمول على هذه الأمة وألا يشكل الأمر بقتل خضر فتأمل، فإن قيل: هذا يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قد يقرر على الخطأ، وقد اتفق الأصوليون على أنه لا يقرر عليه، أجيب بأنه في ما حكم بالاجتهاد وهذا في فصل الخصومات بالبينة والإقرار والنكول. قال السبكي: هذه قضية شرطية لا تستدعي وجودها بل معناها، بيان أن ذلك جائز ولم يثبت لنا قط أنه - صلى الله عليه وسلم - حكم بحكم ثم بان خلافه بوجه من الوجوه، وقد صان الله تعالى أحكام نبيه عن ذلك مع أنه لو وقع لم يكن في ذلك محذور. قلت: الحكم بالظاهر واجب عليه في مثل ذلك ولا خطأ منه أصلًا في ذلك، وإنما الخطأ ممن أقام الحجة الباطلة ولو سلم فمن أين علم أن يقرر عليه حتى يتوهم التنافي بين هذا وبين القاعدة الأصولية، فيحتاج إلى الجواب؛ إذ ليس في الحديث أزيد من إمكان القضاء فلعله لا يقرر على ذلك القضاء فالأخذ بذلك القضاء مفضيًا إلى النار في حق من يأخذ من مال الغير والله تعالى أعلم. 3584 - "ألا دعوتهما" استثناء منقطع أو هو من باب التعليق بالمحال؛ إذ ¬

_ (¬1) تنوير الحوالك بشرح موطأ مالك (2/ 197).

بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ لَهُمَا، لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ إِلَّا دَعْوَاهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ، فَبَكَى الرَّجُلَانِ، وَقَالَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِّي لَكَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا إِذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، ثُمَّ اسْتَهَمَا، ثُمَّ تَحَالَّا». 3585 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ، فَقَالَ: «إِنِّي إِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِرَأْيِي فِيمَا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهِ». === الدعوى ليست ببينة وتوخيا الحق أي طلباه. واقصداه فيما تصغابه من القسمة أو أعدلا في القسمة، "ثم استهما" أي اقترعا لطهر سهم كل واحد منكما ثم تحالا يجعل كل منكما صاحبه في حل. 3585 - "برأي" كأنه أراد بالرائي استخراج الأحكام الجزئية من القواعد الكلية للقضاء، وفيه إشارة إلى أنه كان يقضي بالوحي أحيانًا إذا أوحي إليه فيِ خصوص جزئي والله تعالى أعلم، كأنه يريد قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (¬1) والتكلف أي المشقة في استخراج ذلك الظن ولم يرد به التحكم بلا دليل، وفيه دليل على أن المجتنهد يخطئ ويصيب. ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (105).

باب كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي

3586 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الرَّأْيَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصِيبًا لِأَنَّ اللَّهَ كَانَ يُرِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ». 3587 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ الشَّامِيُّ: «وَلَا إِخَالُنِي رَأَيْتُ شَأْمِيًّا أَفْضَلَ مِنْهُ يَعْنِي حُرَيْزَ بْنَ عُثْمَانَ». بَابُ كَيْفَ يَجْلِسُ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي 3588 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ يَقْعُدَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَكَمِ». بَابُ الْقَاضِي يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ 3589 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِهِ، قَالَ: === بَابُ كَيْفَ يَجْلِسُ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي 3588 - "بين يدي الحكم" بفتحتين، أي قدام الحاكم، "لا يقضي" نفي بمعنى النهي أو نهي وذلك؛ لأن الغضب يفسد الفكر ويغير الحال فلا يؤمن عليه في الحكم، وقالوا: وكذا الجوع والعطش وأمثال ذلك.

باب الحكم بين أهل الذمة

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْضِي الْحَكَمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ». بَابُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ 3590 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}، فَنُسِخَتْ، قَالَ: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 48]. 3591 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الْآيَةُ، قَالَ: كَانَ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا قَتَلُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَدَّوْا نِصْفَ الدِّيَةِ، وَإِذَا قَتَلَ بَنُو قُرَيْظَةَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ أَدَّوْا إِلَيْهِمُ الدِّيَةَ كَامِلَةً، فَسَوَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ. بَابُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْقَضَاءِ 3592 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرِو ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، مِنْ أَصْحَابِ === بَابُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْقَضَاءِ 3592 - قوله: "اجتهد" رأي الاجتهاد بذل الوسع والطاقة، ويتعدى بفي، يقال: اجتهد في الأمر والرأي الفكر، فقوله: "برأي" منصوب بتقدير في أي

مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟ »، قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ »، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ » === اجتهد في إصابة رأي الحق واستخراج الحكم به من أصول الشرع المعلومة من الكتاب والسنة، ويمكن أن نصبه بتقدير الباء لأن الرائي آلة للاجتهاد واستخراج الحكم، وأما محله فأصول الكتاب والسنة أي اجتهد برأي في الأصول المعلومة من الكتاب والسنة لرد القضية الواقعة إليها وإثبات حكم مثل حكم تلك الأصول في هذه القضية بعد معرفة المشاركة بينهما في معنى النص وعلة الحكم، ويمكن أن يكون منصوبًا على المصدر على أن الرئي بمعنى الاجتهاد أي أجتهد اجتهادي، أو على المفعولة على أن أجتهد بمعى أبذل، أي أبذل رأيي في معرفة الحق "ولا آلو" أي لا أقصر في ذلك الاجتهاد، وأما الحديث فقد قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا وليس إسناده عندي بمتصل وضعفه غير واحد لجهالة إسناده (¬1). وقال السيوطي أورده الجوزجاني في الموضوعات وقال: هذا حديث باطل رواه جماعة وقد تصحفت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار من تعيث من أهل العلم فلم أجد له طريقًا غير هذا، والحارث بن عمر وهذا مجهول وكذا أصحاب معاذ وأهل حمص لا يعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة، ولا حجة في ذكر الفقياء إياه في كتبهم لأنه من باب تقليد خلفهم وسلفهم، وليس لهم طريق غير هذا، نعم، إن أتوا بطريق هذا ينظر ¬

_ (¬1) الترمذي في الأحكام (1327).

باب في الصلح

قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَلَا آلُو فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ، وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ، رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ». 3593 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَوْنٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. بَابٌ فِي الصُّلْحِ 3594 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ شَكَّ الشَّيْخُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» زَادَ أَحْمَدُ، «إِلَّا === فيه وأنى لهم ذلك. قلت: لكن له شواهد موقوفة عن جملة من الصحابة ذكرها البيهقي في سننه عقيب ذكر هذا الحديث تقوية له، اهـ كلام السيوطي. بَابٌ فِي الصُّلْحِ 3594 - "إلا صلحًا حرم حلالًا" كأن يصالح امرأته على ألا يطأ جاريته، "أو أحل حرامًا كأن يصالح من درهم على أكثر منها؛ فإنه لا يحل للربا "المسلمون على شروطهم" زاد الترمذي والحاكم "إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا"

صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا» وَزَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ». 3595 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ: «يَا كَعْبُ»، === وللبيهقي "ما وافق الحق منها" (¬1). 3595 - "تقاضى" أي طلب منه قضاء ما عليه من الدين، "سجف" (¬2) بكسر السين المهملة وسكون الجيم الستران، "ضع الشطر" أي النصف وهو تفسير للإشارة وفيه الصلح على النصف الذي يأتي بشهادته، قيل: محمول على من عنده شهادة إنسان لا علم له بها فيخبره بأنه شاهد له أو على شهادة الحسبة في غير حقوق الآدميين كالطلاق والعتق والوقف والوصايا العامة والحدود ونحو ذلك، فمن علم شيئًا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به أو محمول على المبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها، كما يقال: الجواد يعطي قبل السؤال أي ¬

_ (¬1) الترمذي في الأحكام (1352) والمستدرك (2/ 50)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 79 - 7/ 249). (¬2) سجف حجرته: قيل: يكون في مقدم البيت، ولا يسمى سجفًا حتى يكون مشقوق الوسط كالمصراعين. النهاية (2/ 343).

باب في الشهادات

فَقَالَ: لَبَّيْكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ لَهُ بِيَدِهِ، أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُمْ فَاقْضِهِ». بَابٌ فِي الشَّهَادَاتِ 3596 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمَدَانِيُّ، وأَحْمَدُ بْنُ السَّرْحِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ، أَوْ يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ، قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا»، شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيَّتَهُمَا قَالَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَالِكٌ: «الَّذِي يُخْبِرُ بِشَهَادَتِهِ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا الَّذِي هِيَ لَهُ»، قَالَ الْهَمَدَانِيُّ: وَيَرْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ، قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: «أَوْ يَأْتِي بِهَا الْإِمَامَ» وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ الْهَمَدَانِيِّ قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: «ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ لَمْ يَقُلْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ». بَابٌ فِيمَنْ يُعِينُ عَلَى خُصُومَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَمْرَهَا 3597 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ === يعطي سريعًا عقب السؤال، كأن كان مهيئًا للإعطاء قبل. وأما ما جاء في شر الشهداء الذين يشهدون ولا يستشهدون فمحمول على من عنده شهادة إنسان وهو عالم بها، وقيل: إنه كناية عن شهادة الزور، وقيل: هو الذي انتصب شاهدًا وليس هو من أهل الشهادة. بَابٌ فِيمَنْ يُعِينُ عَلَى خُصُومَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَمْرَهَا 3597 - "حالت شفاعتة" أي من شفع في رفع الحد قبلت شفاعته ورفع

يَحْيَى بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: جَلَسْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَجَلَسَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ». === الحد فصارت شفاعته حائلة عن الحد، "ضاد الله" أي حاربه وعانده وسعى في ضد ما أمر الله به من إقامة الحد، "حتى ينزع" أي يترك تلك عن الخصومة في الباطل. "ردغة الحبال" بفتح الراء وسكون الدال المهملة طين ووحل كثير، والخبال بالفتح الفساد، وجاء تفسير كل منهما في الحديث بعصارة أهل النار (¬1)، قال السيوطي: فالإضافة في الحديث للبيان. قلت: والأقرب أن يراد بالخبال العصارة وبالردغة المضاف إليه العصارة لكونه سببًا لفساد العقل والله تعالى أعلم. بقي أن قوله: "حتى يخرج" مما قال لا يناسب ذلك؛ إذ عصارة أهل النار تكون في الآخرة، ولا توبة حتى يكون غاية فيحتمل أن المراد حتى يخرج عن عهدة ما كان بإثبات أنه كان كما قال ففيه تغليظ وتهديد في حق الكاذب؛ إذ لا يمكن له إثبات ذلك أو حتى يخرج عن إثم ما قال، فالنار وسائر العقوبات تطهير للآثام للمؤمن أو هو غاية لقوله في الدنيا أي أسكنه مدة ما قال حتى يخرج، ويحتمل أن يكون قوله: أسكنه إلخ كناية عن طرده وتبعيده، وقوله: "حتى ¬

_ (¬1) النهاية (2/ 215).

باب في شهادة الزور

3598 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ، حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ يَزِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: «وَمَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». بَابٌ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ 3599 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ يَعْنِي الْعُصْفُرِيَّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، === يخرج" أريد به التوبة كما هو الظاهر والله تعالى أعلم. 3598 - "باء" أي صار ملتبسًا بغضب عظيم من الله العظيم. بَابٌ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ 3599 - "عن خريم" (¬1) بضم خاء معجمة وفتح راء مهملة (ابن فاتك) بفاء ثم تاء مثناة من فوق مكسورة، قام قائمًا أي قيامًا فهو مصدر على وزن الفاعل، "عدلت" بلفظ المجهول مخففًا، أي جعلت عديلة له لفظًا لما بينهما من المناسبة معنى، وذلك لأن الإشراك من باب الشهادة بالعبارة لغير أهلها فهي شهادة بالزور كالشهادة بالمال لغير أهله، رد شهادة الخائن يحتمل أن يراد الخيانة في أمانات الناس وأن يراد الأعم الشامل للخيانة في أحكام الله تعالى، قال ¬

_ (¬1) هو "خريم" بالتصغير، ابن فاتك الأسدي، نسب لجد جده وشهد الحديبية" مات في خلافة معاوية. تقريب التهذيب 1/ 223، وتهذيب التهذيب 3/ 139.

باب من ترد شهادته

فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا، فَقَالَ: «عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ» ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قَرَأَ {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 31]. بَابُ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ 3600 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ شَهَادَةَ الْخَائِنِ، وَالْخَائِنَةِ وَذِي الْغِمْرِ عَلَى أَخِيهِ، وَرَدَّ شَهَادَةَ === أبو عبيدة: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترضه الله تعالى على عباده وائتمنهم عليه، وقد جمع الكل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونُوا الله وَالرَّسُول وتَخونوا أمانَاتِكُمْ} (¬1) فدخل فيه كل من ضيع شيئًا مما أمر الله به أو ركب شيئًا مما نهى عنه، وعلى هذا فعطف نحو الزاني عليه من عطف الخاص على العام، قيل: حقيقة الخيانة لا يعلمها إلا الله، لكن قد يغلب الظن بها بالأمارات وهذا يكفي في رد الشهادة، قيل التعميم هو الوجه لئلا يخرج كثير من أنواع الفسق. بَابُ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ 3600 - "وذى الغمر" (¬2) ضبطه غير واحد بكسر الغين المعجمة وسكون الميم وهو الحاقد والعداوة، أي رد شهادة عدو على عدو مقتضى سواء كان أخاه نسبًا أو ¬

_ (¬1) سورة الأنفال: آية (27). (¬2) قال أبو داود: الغمر: "الجنةُ والشحناء" والمعنى واحد.

باب شهادة البدوي على أهل الأمصار

الْقَانِعِ لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَجَازَهَا لِغَيْرِهِمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغِمْرُ: الْحِنَةُ، وَالشَّحْنَاءُ، وَالْقَانِعُ: الْأَجِيرُ التَّابِعُ مِثْلُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ. 3601 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ طَارِقٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا زَانٍ وَلَا زَانِيَةٍ، وَلَا ذِي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ». بَابُ شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ 3602 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمَدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي === أجنبيًّا، فالمراد بقوله: لأخيه أي مثله ولا يخص بأخوة الاسم لئلا يخرج حكم الذمي، ومقتضى كلام القاموس أنه بفتحتين وإن كسر الغين لغة القانع (¬1) التابع والخادم فشهادته لمن في بيته مردودة ولغيرهم جائزة. إذا اجتمعت شروطها. بَابُ شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ 3602 - "لا تجوز شهادة بدوي" قال الخطابي: إنما لا تقبل شهادة البدوي لجهالتهم بأحكام الشرع وبكيفية تحمل الشهادة وأدائها وغلبة النسيان عليه، فمن علم بكيفية تحمل الشهادة وأدائها بغير زيادة ولا نقصان وكان عدلًا من أهل قبول الشهادة جازت شهادته خلافًا لمالك، قيل: إن كانت العلة جهالتهم لزم ألا يكون ¬

_ (¬1) القانع: أصله السائل المصطبر الراضي بأدنى قوت، والمراد به في هذا الموضع: من كانت نفقته على أهل البيت كالخادم والتابع.

باب الشهادة في الرضاع

يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَنَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَدَوِيٍّ عَلَى صَاحِبِ قَرْيَةٍ». بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الرَّضَاعِ 3603 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ - وَحَدَّثَنِيهِ صَاحِبٌ لِي عَنْهُ وَأَنَا لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ - قَالَ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا جَمِيعًا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا لَكَاذِبَةٌ، قَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ؟ وَقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ دَعْهَا عَنْكَ». === لتخصيص قوله على صاحب قربة، فائدة (¬1). وقيل: معنى لا تجوز عند من يرى الجواز لا تحسن لحصول التهمة لبعد ما بين الرجلين، ويؤيد ذلك تعديتها بعلى، فلو شهد له يقبل وقيل: لا تجوز أي لا يحسن أن يحمل مصلحة؛ لأنه يتعذر طلبه عند الحاجة إلى أداء الشهادة، وقيل: يحتمل أن يكون ورد في الشهادة على الإعسار، وفيها يعتبر أن يكون الشاهد من أهل الخبرة الباطنة والله تعالى أعلم. بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الرَّضَاعِ 3603 - "فأعرض عني" أي استبعاد المقصدي وظاهره ثبوت الرضاع بشهادة ¬

_ (¬1) معالم السنن: 4/ 170.

باب شهادة أهل الذمة و [في] الوصية في السفر

3604 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ الْبَصْرِيُّ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمُانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ كِلَاهُمَا، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ - وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ وَلَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ - فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: نَظَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَقَالَ: «هَذَا مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِ أَيُّوبَ». بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ [فِي] الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ 3605 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَاءَ هَذِهِ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدِمَا الْكُوفَةَ فَأَتَيَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، فَأَخْبَرَاهُ وَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، فَقَالَ الْأَشْعَرِيُّ: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا خَانَا وَلَا كَذَبَا وَلَا بَدَّلَا، وَلَا كَتَمَا، وَلَا غَيَّرَا وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَتَرِكَتُهُ فَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا. === المرضعة وبه قال أحمد، وغيره حمل الحديث على الورع والله تعالى أعلم.

باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به

3606 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعُدَيِّ بْنِ بَدَّاءٍ، فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعُدَيٍّ فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] الْآيَةَ. بَابٌ إِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ 3607 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُمْ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، أَنَّ عَمَّهُ، حَدَّثَهُ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَ === بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَ [فِي] الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ 3606 - " وعدي بن بداء" بفتح موحدة وتشديد دال مهملة ومد، "مخوّصًا"بخاء معجمة وتشديد واو مفتوحة وبصاد مهملة، أي عليه صفايح من الذهب وقيل: أي مخططا بخطوط طوال دقاق من ذهب. بَابٌ إِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ 3607 - "فاستتبعه" أي طلب منه أن يتبعه، فنادى الأعرابي أي حين زاد

فَرَسًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ، فَاسْتَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَقْضِيَهُ ثَمَنَ فَرَسِهِ، فَأَسْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشْيَ وَأَبْطَأَ الْأَعْرَابِيُّ، فَطَفِقَ رِجَالٌ يَعْتَرِضُونَ الْأَعْرَابِيَّ، فَيُسَاوِمُونَهُ بِالْفَرَسِ وَلَا يَشْعُرُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَاعَهُ، فَنَادَى الْأَعْرَابِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا هَذَا الْفَرَسِ وَإِلَّا بِعْتُهُ؟ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ نِدَاءَ الْأَعْرَابِيِّ، فَقَالَ: «أَوْ لَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ » فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لَا، وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلَى، قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ» فَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ، يَقُولُ هَلُمَّ شَهِيدًا، فَقَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَايَعْتَهُ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُزَيْمَةَ فَقَالَ: «بِمَ تَشْهَدُ؟ »، فَقَالَ: بِتَصْدِيقِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ. === بعض الناس في السوم على الثمن الذي اشتراه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في طبقات ابن سعد، بلى قد ابتعته منك، زاد ابن مسعد فطفق الناس يلوذون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالأعرابي وهما يتواجعان، فمن جاء من المسلمين يقول للأعرابي: ويلك إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليقول إلا حقًّا، "بم تشهد" أي ولم تكن معنا كما في رواية ابن سعد بتصديقك، زاد ابن سعد: إنا نصدقك بخبر السماء. "ولا أصدقك بما تقول"، وفي رواية: "اعلم أنك لا تقول إلا حقا قد أمناك على أفضل من ذلك على ديننا" (¬1). ¬

_ (¬1) علق الإمام الخطابي على هذا الحديث فقال: إن هذا الحديث يضعه كثير من الناس غير موضعه وقد تزرع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عنده بالصدق على كل شيء وادعاه معالم السنن (4/ 173).

باب القضاء باليمين والشاهد

بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ 3608 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا سَيْفٌ الْمَكَّيُّ، قَالَ: عُثْمَانُ سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ». 3609 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ سَلَمَةُ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ عَمْرٌو: فِي الْحُقُوقِ. 3610 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا === بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ 3608 - "قضى بيمين وشاهد" وفي بعض الروايات باليمين مع الشاهد والجمهور على أن معناه أنه كان للمدعي شاهد واحد فحلف على مدعاه بدلا عن الشاهد الآخر، "فقضى له بهما" وهذا هو ظاهر رواية قضي بشاهد ويمين" ولعل تأويله عند من لا يقول به إنه قضى بيمين المدعى عليه مع وجود شاهد واحد للمدعي لعدم تمام الحجة بذلك، ويشكل عليه وقضى بيمين وشاهد فإنه صريح في أن الشاهد قد قضى به لا أنه ترك الشاهد الواحد وقضى باليمين، ولعله يقول: المراد بالشاهد الجنس والمعنى قضى بشاهد المدعي تارة وبيمين المدعى عليه أخرى، وهذا معنى بعيد جدًّا ثم الحديث الذي سيذكره المصنف مبطل لهذا التأويل قطعًا والله تعالى أعلم.

الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَزَادَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ أَنِّي حَدَّثْتُهُ إِيَّاهُ وَلَا أَحْفَظُهُ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: «وَقَدْ كَانَ أَصَابَتْ سُهَيْلًا عِلَّةٌ أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ وَنَسِيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ فَكَانَ سُهَيْلٌ، بَعْدُ يُحَدِّثُهُ عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ». 3611 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ، بِإِسْنَادِ أَبِي مُصْعَبٍ، وَمَعْنَاهُ قَالَ سُلَيْمَانُ: فَلَقِيتُ سُهَيْلًا فَسَأَلْتُهُ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا أَعْرِفُهُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَنِي بِهِ عَنْكَ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ رَبِيعَةُ أَخْبَرَكَ عَنِّي فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِّي. 3612 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ شُعَيْثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === 3612 - "بركة" بضم الراء وسكون الكاف وفتح الموحدة موضع بين عمرة وذات عرق. "وخضر هنا آذان النعم" قال الخطابي: يقول: قطعنا أطراف آذانها وكان ذلك في الأموال علامة بين من أسلم وبين من لم يسلم (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 175) وقال الخطابي: المخضرمون: قوم أدركوا الجاهلية وبقوا إلى أن أسلموا.

الزُّبَيْبِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي الزُّبَيْبَ، يَقُولُ بَعَثَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا إِلَى بَنِي الْعَنْبَرِ فَأَخَذُوهُمْ بِرُكْبَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الطَّائِفِ فَاسْتَاقُوهُمْ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَكِبْتُ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَتَانَا جُنْدُكَ فَأَخَذُونَا وَقَدْ كُنَّا أَسْلَمْنَا وَخَضْرَمْنَا آذَانَ النَّعَمِ، فَلَمَّا قَدِمَ بَلْعَنْبَرِ، قَالَ لِي نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ لَكُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّكُمْ أَسْلَمْتُمْ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذُوا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَنْ بَيِّنَتُكَ؟ » قُلْتُ: سَمُرَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ وَرَجُلٌ آخَرُ سَمَّاهُ لَهُ فَشَهِدَ الرَّجُلُ، وَأَبَى سَمُرَةُ أَنْ يَشْهَدَ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبَى أَنْ يَشْهَدَ لَكَ، فَتَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِكَ الْآخَرِ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، فَاسْتَحْلَفَنِي، فَحَلَفْتُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْنَا === "فلما قدم بلعنبر" أي بنوا العنبر لكنه خفف فقيل: بلعنبر، قيل أن تؤخذوا على بناء المفعول، اذهبوا. الظاهر أن الخطاب للجيش، فقوله: "فقاسموهم" أنصاف الأموال يدل على أنه جعل اليمين مع الشاهد سببًا للصلح والأخذ بالوسط بين المدعي والمدعى عليه لا أنه قضى بالدعوى بهما ضلالة العمل، أي بطلانه وضياعه والظاهر أن المراد عمل الجيش، "ما رزيناكم" (¬1) بتقديم المهملة على المعجمة، قال الخطابي.: اللغة الفصيحة رزأناكم بالهمز أي ما أصبنا حسن أموالكم (¬2) عقالا، والظاهر أن هذا الخطاب لبني العنبر، "زربيتي" (¬3) بكسب ¬

_ (¬1) ما رزيناكم: ما نقصناكم. (¬2) معالم السنن (4/ 175). (¬3) زربيتي: بتثليث الزاي وسكون الراء وكسر الباء وتشديد الياء مفرد، جمعها زرابي.

باب الرجلين يدعيان شيئا وليست لهما بينة

يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَخَضْرَمْنَا آذَانَ النَّعَمِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبُوا فَقَاسِمُوهُمْ أَنْصَافَ الْأَمْوَالِ، وَلَا تَمَسُّوا ذَرَارِيَّهُمْ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ ضَلَالَةَ نَمَل مَا رَزَيْنَاكُمْ عِقَالًا» قَالَ الزُّبَيْبُ: فَدَعَتْنِي أُمِّي، فَقَالَتْ: هَذَا الرَّجُلُ أَخَذَ زِرْبِيَّتِي فَانْصَرَفْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ لِي: «احْبِسْهُ» فَأَخَذْتُ بِتَلْبِيبِهِ، وَقُمْتُ مَعَهُ مَكَانَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمَيْنِ، فَقَالَ: «مَا تُرِيدُ بِأَسِيرِكَ؟ » فَأَرْسَلْتُهُ مِنْ يَدِي، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: «رُدَّ عَلَى هَذَا زِرْبِيَّةَ أُمِّهِ الَّتِي أَخَذْتَ مِنْهَا»، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ يَدِي، قَالَ: فَاخْتَلَعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَ الرَّجُلِ فَأَعْطَانِيهِ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «اذْهَبْ فَزِدْهُ آصُعًا مِنْ طَعَامٍ»، قَالَ: فَزَادَنِي آصُعًا مِنْ شَعِيرٍ. بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَلَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ 3613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا أَوْ دَابَّةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === معجمة وتفتح وتضم ثم مهملة ساكنة ثم موحدة مكسورة ثم مثناة تحتية مشددة مفتوحة ثم تاء تأنيث الطنفسة وقيل: البساط ذو الخمل، "فاختلع صالح بينهما على ذلك ولعل الأصح كانت معلومة والله تعالى أعلم. بَابُ الرَّجُلَيْنِ يَدَّعِيَانِ شَيْئًا وَلَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ 3613 - "ليست لواحد منهما بينة" أي بعينه بل لهما أولًا بينة أصلًا، قيل:

وَسَلَّمَ لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا». 3614 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. 3615 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ بِمَعْنَى إِسْنَادِهِ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا بَعِيرًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ فَقَسَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. 3616 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَتَاعٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ مَا كَانَ أَحَبَّا ذَلِكَ أَوْ كَرِهَا». 3617 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَرِهَ الِاثْنَانِ الْيَمِينَ، أَوِ اسْتَحَبَّاهَا فَلْيَسْتَهِمَا عَلَيْهَا»، قَالَ سَلَمَةُ: قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَقَالَ: إِذَا أُكْرِهَ الِاثْنَانِ عَلَى === والدابة في يد غيرهما أو في يديهما حتى لا يترجح أحد الجانبين باليد. 3617 - "إذا كره الاثنان" أي نقلا اليمين أو حلف جميعًا والمتاع في يديهما أو

باب اليمين على المدعى عليه

الْيَمِينِ. 3618 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، بِإِسْنَادِ ابْنِ مِنْهَالٍ، مِثْلَهُ قَالَ: فِي دَابَّةٍ، وَلَيْسَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ. بَابُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ 3619 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». بَابُ كَيْفَ الْيَمِينُ؟ 3620 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَعْنِي لِرَجُلٍ حَلَّفَهُ «احْلِفْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، مَا لَهُ عِنْدَكَ شَيْءٌ» يَعْنِي لِلْمُدَّعِي، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو يَحْيَى: اسْمُهُ زِيَادٌ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. بَابٌ إِذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذِمِّيًّا أَيَحْلِفُ؟ 3621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ === في يد ثالث. بَابُ كَيْفَ الْيَمِينُ؟ 3620 - "احلف بالله الذي لا إله إلا هو" أي تغلظ اليمين بذكر بعض الصفات.

باب الرجل يحلف على علمه فيما غاب عنه

عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قُلْتُ: لَا، قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: «احْلِفْ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفُ وَيَذْهَبُ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى عِلْمِهِ فِيمَا غَابَ عَنْهُ 3622 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفَرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي كُرْدُوسٌ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي أَرْضٍ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَرْضِي اغْتَصَبَنِيهَا أَبُو هَذَا، وَهِيَ فِي يَدِهِ، قَالَ: «هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قَالَ: لَا وَلَكِنْ أُحَلِّفُهُ، وَاللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَرْضِي اغْتَصَبَنِيهَا أَبُوهُ فَتَهَيَّأَ الْكِنْدِيُّ يَعْنِي لِلْيَمِينِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 3623 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الْحَضْرَمِيُّ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ كَانَتْ لِأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ:

باب كيف يحلف الذمي؟

«أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ » قَالَ لَا، قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ فَاجِرٌ لَيْسَ يُبَالِي مَا حَلَفَ، لَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ». بَابُ كَيْفَ يَحْلِفُ الذِّمِّيُّ؟ 3624 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ، مِنْ مُزَيْنَةَ وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لِلْيَهُودِ: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى؟ » - وَسَاقَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الرَّجْمِ -. 3625 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِإِسْنَادِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ مُزْيَنَةَ مِمَّنْ كَانَ يَتَّبِعُ الْعِلْمَ وَيَعِيهِ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ. 3626 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ === بَابُ كَيْفَ يَحْلِفُ الذِّمِّيُّ؟ 3624 - "أنشدكم بالله" الظاهر أنه سؤال لا حلف لكن كثيرًا ما يذكر مثل هذا الكلام في موضع الحلف، فلذلك ذكر المصنف والله تعالى أعلم. "ما تجدون" الظاهر أن ما استفهامية ويحتمل أنها نافية ومنفعول تجدون محذوف أي ما تجدون الرجم والله تعالى أعلم. 3626 - "أذكرك " من التذكير.

باب الرجل يحلف على حقه

قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: يَعْنِي لِابْنِ صُورِيَا: «أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي نَجَّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَأَقْطَعَكُمُ الْبَحْرَ، وَظَلَّلَ عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْمَنَّ، وَالسَّلْوَى، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَتَجِدُونَ فِي كِتَابِكُمُ الرَّجْمَ؟ »، قَالَ: ذَكَّرْتَنِي بِعَظِيمٍ، وَلَا يَسَعُنِي أَنْ أَكْذِبَكَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى حَقِّهِ 3627 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، وَمُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ: لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ، فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». === بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى حَقِّهِ 3627 - حسبي الله ونعم الوكيل" أشار به إلى أن المدعي أخذ ماله باطلًا يلوم على العجز أي لا يرضى بالعجز، والمراد بالمعجز ها هنا ضد الكيس بفتح الكاف وهو التيقظ في الأمور والاهتداء إلى التدبير والمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر في العاقبة، يعني كان ينبغي لك أن تتيقظ في معاملتك، فإذا غلبك الخصم قلت: حسبي الله، وأما ذكر حسبي الله بلا تيقظ كما فعلت فهو من الضعف فلا ينبغي والله تعالى أعلم.

باب في الحبس في الدين وغيره

بَابٌ فِي الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ 3628 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ وَبْرِ بْنِ أَبِي دُلَيْلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ» قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «يُحِلُّ عِرْضُهُ يُغَلَّظُ لَهُ، وَعُقُوبَتَهُ يُحْبَسُ لَهُ». 3629 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا هِرْمَاسُ بْنُ حَبِيبٍ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدَّهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَرِيمٍ لِي، فَقَالَ لِي: «الْزَمْهُ»، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ بِأَسِيرِكَ؟ ». 3630 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ». 3631 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ - قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ - === بَابٌ فِي الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ 3628 - "ليّ الواجد" بفتح اللام وتشديد الياء أي مطله والواجد القادر، و"يحل" من أحل. 3630 - "في تهمة" بأن ادعى عليه رجل دينًا فحبسه ليعلم صدق الدعوى. 3631 - "جيراني "بم أخذوا على بناء الفاعل.

باب في الوكالة

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، - قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ إِنَّ أَخَاهُ أَوْ عَمَّهُ، وَقَالَ مُؤَمَّلٌ -: إِنَّهُ قَامَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: جِيرَانِي بِمَا أُخِذُوا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلُّوا لَهُ عَنْ جِيرَانِهِ» لَمْ يَذْكُرْ مُؤَمَّلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ. بَابٌ فِي الْوَكَالَةِ 3632 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ قَالَ: أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ: «إِذَا أَتَيْتَ وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنِ ابْتَغَى مِنْكَ آيَةً، فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ». أبوابٌ مِنَ الْقَضَاءِ 3633 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، === "وسقا "بفتح فسكون، "آية" أي علامة على صدقك، "على ترقوته" بالفتح عظم بين ثغرة النحر والعاتق. أبوابٌ مِنَ الْقَضَاءِ 3633 - "إِذا تدارأتم تنازعتم" أي إذا كان أرض لقوم وأرادرا إحياءها

عَنْ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَدَارَأْتُمْ فِي طَرِيقٍ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ». 3634 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ، فَلَا يَمْنَعُهُ» فَنَكَّسُوا، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ قَدْ أَعْرَضْتُمْ؟ لَأُلْقِيَنَّهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا حَدِيثُ ابْنُ أَبِي خَلَفٍ وَهُوَ أَتَمُّ. === وعمارتها فإن اتفقوا في الطريق على شيء فذاك، وإلا فيجعل عرض طريقهم سبعة أذرع لدخول الأحمال والأثقال وخروجهما. 3634 - "خشبة" بالإضافة إلى الضمير أو بتاء الموحدة روايتان وبينهما فرق لأن الواحدة تخف على الجار أن يسمح بها بخلاف الخشب الكثير، قيل: المراد بالوحدة الجنس فيتحد معنى الروايتين فلا يمنعه بالجزم أو الرفع، الجمهور أنه محمول على الندب، وقال أحمد وأهل الحديث أنه محمول على الوجوب (¬1). "قد أعرضتم" أي عما ذكرت لكم، "لالقت" أي هذه المقالة، "بين أكتافكم" بالتاء جمع كتف أو بالنون جمع كنف بمعنى الجانب أي لا يشيعن هذه المقالة فيكم، فلا يمكن لكم أن تغفلوا عنها، أو الضمير للخشبة والمعنى: إن رضيتم بهذا الحكم وإلا لأجعلن الخشبة بين رقابكم كارهن، والمراد المبالغة في إجراء الحكم فيهم أن تقل عليهم. قيل: قاله حين كان أميرًا على المدينة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قال ذلك الأستاذ / أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (12/ 274). حديث رقم (7276).

3635 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ، - قَالَ: غَيْرَ قُتَيْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي صِرْمَةَ - صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ». 3636 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: وَمَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ، قَالَ: فَكَانَ سَمُرَةُ يَدْخُلُ إِلَى نَخْلِهِ فَيَتَأَذَّى بِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ === 3635 - "من ضار" أي قصد إيقاع الضرر بأحد بلاحق، وأنه كانت له عضد من نخل" (¬1) بالعين والضاد المعجمة أراد به طريق من النخل، ورد بأنه لو كان له نخل كثير لم يأمر الأنصاري بقطعها لدخول الضرر عليه أكثر مما يدخل على الأنصاري من دخوله وأيضًا إفراد ضمير يناقله وغيره يدل على كونه واحدًا، فالوجه ما قيل الصحيح عضيد وهي نخلة يتناول منها باليد "أن يناقله" أي يبادله بنخل من موضع آخر، فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق الشفاعة لا بطريق الإيجاب وإلا لما توقف سمرة في الامتثال، أنت مضار أي تريد إضرار الناس، ومن يريد إضرار الناس جاز دفع ضرره ودفع ضررك أن تقطع شجرك والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) عضد من نخل: بفتح العين وضم الضاد -قال الخطابي: هو هكذا في رواية أبي داود وصوابه عضيد، يريد: نخلًا لم تنسق ولم تطل قال الأصمعي: إذا صار للنخلة جزعة يتناول منه المتناول فتلك النخلة العضيد وجمعه عضيدات. انظر معالم السنن (4/ 181).

إِلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَطَلَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى، قَالَ: «فَهِبْهُ لَهُ وَلَكَ كَذَا وَكَذَا» أَمْرًا رَغَّبَهُ فِيهِ فَأَبَى، فَقَالَ: «أَنْتَ مُضَارٌّ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِيِّ: «اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ». 3637 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ»، === 3637 - "في شراج (¬1) الحرة" بكسر الشين المعجمة آخره جيم، "شرجة" بفتح فسكون وهي مسائل بالحرة بفتح فتشديد وهي أرض ذات حجارة سود، "سرح" أمر من التسريح أي أرسله، أسق يحتمل قطع الهمزة ووصلها، إن كان بفتح الهمزة حرف مصدري أو مخفف أن واللام، أي حكمت به لكونه ابن عمتك، وروي بكسر الهمزة على أنه مخفف أن، والجملة اسقيا فيه في موضع التعليل، "فتلون" أي تغير وظهر فيه آثار الغضب، "إلى لجدر" بفتح الجيم وكسرها وسكون الدال المهملة وهو الجدار قيل: المراد به ما رفع حول المزرعة (¬2) كالجدار، وقيل: أصول الشجرة، أمره - صلى الله عليه وسلم - أولًا بالمسامحة والإيثار بأن يسقي ¬

_ (¬1) شراج الحرة: "وهي مجاري الماء، الذي يسيل منها. واحدة، شرْج. انظر معالم السنن (4/ 181). (¬2) انظر: النهاية (1/ 246).

قَالَ: فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» فَقَالَ الزُّبَيْرُ: «فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ، الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ» {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء: 65] الْآيَةَ. 3638 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ يَعْنِي ابْنَ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أَبِيهِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ كُبَرَاءَهُمْ، يَذْكُرُونَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانَ لَهُ سَهْمٌ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَخَاصَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَهْزُورٍ يَعْنِي السَّيْلَ الَّذِي يَقْتَسِمُونَ مَاءَهُ: «فَقَضَى بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَاءَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ لَا يَحْبِسُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ». === شيئًا يسيرًا ثم يرسله إلى جاره، فلما قال الأنصاري ما قال وجهل موضع حقه، أمره أن يأخذ تمام حقه ويستوفيه فإن أصلح له وفي الزجر أبلغ، وقال الأنصاري: ما قال زلة من الشيطان بالغضب إن كان مسلمًا، ويحتمل أنه كان منافقًا وقيل له: أنصاري لاتحاد القبيلة والله تعالى أعلم. 3638 - "في مهزور" (¬1) بتقديم المعجمة على المهملة إسم واد لبني قريظة لا يحبس لا على أي بعد، "إن بلغ الكعبين" يريد أن الأعلى يسقى منه إلى الكعبين ثم يرسله على ما هو أسفل منه. ¬

_ (¬1) مهزور: وادي بني قريظة بالحجاز، وأما بتقديم الراء على الزاي فموضع سوق المدينة تصدق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين (5/ 262).

3639 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي السَّيْلِ الْمَهْزُورِ أَنْ يُمْسَكَ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ». 3640 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ، حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: اخْتَصَمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا، «فَأَمَرَ بِهَا فَذُرِعَتْ، فَوُجِدَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَفِي حَدِيثِ الْآخَرِ، فَوُجِدَتْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَقَضَى بِذَلِكَ» قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: «فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرِيدِهَا فَذُرِعَتْ». "آخر كتاب الأقضية" * * *

20 - كتاب العلم

كِتَاب الْعِلْمِ بَابُ الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ 3641 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ: إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ === كِتَاب الْعِلْمِ بَابُ الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ 3649 - قوله: "في مسجد دمشق" بكسر دال وفتح ميم قال: فإني سمعت يحتمل أن هذا الحديث هو المطلوب للرجل أو غيره ذكره تبشيرًا له وترغيبًا في مثل ما فعل. "سلك الله به" يحتمل أن الباء للتعدية وضمير به إلى من، أي جعله الله سالكًا طريق الجنة، ويحتمل أن سلك بمعنى سهل، والباء سببية والضمير للعلم والعائد إلى من محذوف، أي سهل الله له بسبب العلم وهو إما كناية عن التوفيق للخيرات في الدنيا أو عن إدخال الجنة بلا تعب في الآخرة. "وأن الملائكة" إلخ جملة معطوفة على الجملة الشرطية كذا الجمل بعدها، "لتضع أجنحتها" يحتمل أن يكون على حقيقته وإن لم يشاهد أي تضع لتكون وطأ له إذا مشى أو تكف أجنحتها عن الطيران وتنزل لسماع العلم، وأن يكون

بَلَغَنِي، أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ، قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ». 3642 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: لَقِيتُ === مجازًا عن التواضع تعظيمًا لحقه وتوقيرًا للعلم، "رضا" مفعول وليس فعلًا لفاعل المعلل فيقدر مضاف أي أراد رضي يستغفر له أداء لحقه ومجازاة على حسن صنيعه بإلهام من الله تعالى إياهم، ذلك وذلك لعموم نفع العلم فإن مصالح كل شيء ومنافعه منوطة به والله تعالى أعلم. "والحيتان" جمع حوت كفضل القمر، فإن كمال العلم يتعدى آثاره إلى الغير، وكمال العبادة غير متعد فشابه الأول بنور القمر والثاني بنور سائر الكواكب، وفيه تنبيه على أن كمال العلم ليس للعالم من ذاته بل تلقاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كنور القمر، فإنه مستفاد من نور الشمس، ثم المراد بالعالم من غلب عليه الاشتغال بالعلم مع الأعمال الضرورية، "وبالعابد" من غلب عليه العبادة مع اطلاعه على العلم الضروري، وأما غيرهما فمعزول عن الفضل، "لم يورثوا" من التوريث أخذ بحظ نصيب وافر تام كثير، ومن أبطأ به للتعدية يقال: بطأ به بالتشديد وأبطأ به بمعنى، أي من آخره محمله السيئ أو تفريطه في العمل

باب رواية حديث أهل الكتاب

شَبِيبَ بْنَ شَيْبَةَ، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَعْنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ. 3643 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا، إِلَّا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ». بَابُ رِوَايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ 3644 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ، مِنَ الْيَهُودِ مُرَّ بِجَنَازَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجَنَازَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب، وقيل: يريد التقرب إلى الله لا يحصل بالنسب وكثرة العشائر بل بالعمل الصالح فمن لم يتقرب بذلك لا يتقرب بعلو النسب. بَابُ رِوَايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ 3644 - "مُرَّ بجنازة" على بناء المفعول، الله أعلم يحتمل أنه توقف قبل أن يعلم بسؤال الملكين في القبر أم أنه توقف في خصوص ذلك الميت لأن اليهودي فرض الكلام في خصوص ما حدثكم أي به، فلا تصدقوهم أي فيه وقال: "إني والله" إلخ عطف على أمرني لبيان علة الأمر حتى حذفته بذال معجمة وقاف أي

باب في كتاب العلم

وَسَلَّمَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ»، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: «إِنَّهَا تَتَكَلَّمُ»، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ. 3645 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ يَعْنِي ابْنَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَعَلَّمْتُ لَهُ كِتَابَ يَهُودَ، وَقَالَ: «إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي» فَتَعَلَّمْتُهُ، فَلَمْ يَمُرَّ بِي إِلَّا نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ، فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِذَا كَتَبَ وَأَقْرَأُ لَهُ، إِذَا كُتِبَ إِلَيْهِ. بَابٌ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ 3646 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُغِيثٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ، وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، === عرفته وأيقنه من ضرب وعلم، يقال. حذق الصبي القرآن والعمل إذا مهر فيه، وحذق بالكسر ولغة كذا في الصحاح، ما يخرج أي حالة الرضى والغضب، أمرنا ألا نكتب لعله كان في أول الأمر، أمر بذلك خوفًا من أن يشتبه الحديث بالقرآن ثم حين تقرر القرآن بالحفظ رخص لهم في كتابه الحديث والله تعالى أعلم.

فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ». 3647 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، قَالَ: دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيثٍ فَأَمَرَ إِنْسَانًا يَكْتُبُهُ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ» فَمَحَاهُ. 3648 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «مَا كُنَّا نَكْتُبُ غَيْرَ التَّشَهُّدِ، وَالْقُرْآنِ». 3649 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، ح وحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْخُطْبَةَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاهَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبُوا لِي، فَقَالَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهَ». 3650 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرٍو مَا يَكْتُبُوهُ، قَالَ: «الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا يَوْمَئِذٍ مِنْهُ».

باب في التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 3651 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْمَعْنَى، عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: مُسَدَّدٌ أَبُو بِشْرٍ: عَنْ وَبَرَةُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُ وَجْهٌ وَمَنْزِلَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». بَابُ الْكَلَامِ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ 3652 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ === بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 3651 - "لقد كان لي منه وجه ومنزلة" أي قرب وقرابة فكثر بذلك مجالستي معه وسماعي منه - صلى الله عليه وسلم - فليس سبب ذلك قلة السماع، بل سببه خوف الوقوع في الكتاب عليه سهوًا بواسطة الإكثار في التحديث، إذ لا يؤمن مع الإكثار ذلك وهو بواسطة التعمد في السبب يخاف أن يعد كذبًا تعمدًا والله تعالى أعلم. بَابُ الْكَلَامِ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ 3652 - "من قال في كتاب الله" يحتمل أن المراد أنه قال في نظمه وحركاته وسكناته بالرأي مع أنه أمر يحتاج إلى الرواية أو تكلم في معناه بمجرد الرأي من غير استناده إلى العلوم التي يتوقف عليها القول في القرآن، فأصاب فيما قال فقد

باب تكرير الحديث

الْمُقْرِئُ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ مِهْرَانَ، أَخِي حَزْمٍ الْقُطَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ، عَنْ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ: فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ، فَقَدْ أَخْطَأَ. بَابُ تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ 3653 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ هَاشِمِ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سَابِقِ بْنِ نَاجِيَةَ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ رَجُلٍ، خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا، أَعَادَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ». بَابٌ فِي سَرْدِ الْحَدِيثِ 3654 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ === أخطأ في نفس القول، إذا لم يجوز له أن يقول كذلك، وقيل: المراد بالرأي هو مراد نفسه وهواه أي من قال الترجيح رأيه وترويج مذهبه فيصرفه إلى هواه فهو مخطئ؛ إذ المقصود أن ينظر في معنى القرآن إليه والله تعالى أعلم. بَابُ تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ 3653 - "أعاده ثلاث مرات" محمول على الحديث المهتم بشأنه، وإلا لما كان لقول الصحابة في بعض الأحاديث قاله مرتين أو ثلاث مرات كثير وجه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي سَرْدِ الْحَدِيثِ 3654 - "إن كان" مخففة من المثقلة أي إن الشأن والقصود أنه يسرع في

الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: جَلَسَ أَبُو هُرَيْرَةَ، إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُصَلِّي، فَجَعَلَ يَقُولُ: اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ، مَرَّتَيْنِ فَلَمَّا قَضَتْ صَلَاتَهَا، قَالَتْ: أَلَا تَعْجَبُ إِلَى هَذَا، وَحَدِيثِهِ إِنْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُحَدِّثُ الْحَدِيثَ لَوْ شَاءَ الْعَادُّ أَنْ يُحْصِيَهُ أَحْصَاهُ». 3655 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ، قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ مِثْلَ سَرْدِكُمْ». === الحديث وهو خلاف ما كان عليه - صلى الله عليه وسلم -. 3655 - "لرددت عليه" أي في إسراعه لم يكن يسرد الحديث أي يتابعه ويستعجل فيه عن الغلوطات بفتح، قيل: وأصله الأغلوطات كما في رواية فترك منها الهمزة، وقيل: يقال: مسئلة غلوطة إذا كان يغلط فيها، وأراد المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيهيج بذلك شر وفتنة، وإنما نهي عنها لأنها غير نافعة في الدين ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع، وأما الأغلوطة فهي أفعولة من الغلط كالأحدوثة والأعجوبة، والغلوطة من (¬1) الغلط كالحلوبة من الحلب. ¬

_ (¬1) الغلوطات: جمع غلوطة بالفتح هي بفتح الغين وضم اللام: المسائل التي يغالط بها العلماء ليزيلوا فيها فينتشر بذلك شر وفتنة. انظر: النهاية (3/ 378).

باب التوقي في الفتيا

بَابُ التَّوَقِّي فِي الْفُتْيَا 3656 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ الصُّنَابِحِيّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الغُلُوطَاتِ». 3657 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْتَى» ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نُعَيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ، رَضِيعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ» زَادَ سُلَيْمَانُ الْمَهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ، «وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ» وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ. === بَابُ التَّوَقِّي فِي الْفُتْيَا 3657 - "من أفتي" على بناء المفعول أي من وقع في خطأ بفتوى عالم فالإثم على ذلك العالم، وهذا إذا لم يكن الخطأ في محل الاجتهاد أو كان إلا أنه وقع فيه لعدم بلوغه في الاجتهاد حق والله تعالى أعلم.

باب كراهية منع العلم

بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ 3658 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». بَابُ فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ 3659 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ». === بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ 3658 - "عن علم" في رواية الترمذي عن علم علمه وهو مراد معنى، وكأنه اكتفى عنه بالكتمان؛ إذ لا يوصف بالكتمان إلا فيما عنده، ثم لعل هذا مخصوص بما إذا كان السائل أهلًا ذلك العلم، ويكون العلم نافعًا، وقال الخطابي: هو في العلم اللازم لا في نوافل العلم التي لا ضرورة بالناس إلى معرفتها (¬1). بَابُ فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ 3659 - "ويسمع منكم" خبر بمعنى الأمر أو بمعناه، والمراد فينبغي لكم حفظه وأداؤه كما ينبغي والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 185).

3660 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ». 3661 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِهُدَاكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ». === 3660 - "نضر الله" قال الخطابي: دعا له بالنضارة وهي النعمة (¬1)، يقال: نضر بالتشديد والتخفيف من النضارة وهو في الأصل حسن الوجه والبريق وأراد حسن قدره، وقيل: روي مخففًا، وأكثر المحدثين يقولونه بالتثقيل والأول الصواب، والمراد: ألبسه الله النضرة وهي الحسن وخلوص اللون أي جمله وزينه أو أوصله الله إلى نضرة الجنة أي نعيمها ونضارتها، وقال ابن عيينة: ما من أحد يطلب الحديث إلا في وجهه نضرة لهذا الحديث، وقال القاضي أبو الطيب الطبري: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقلت: يا رسول الله؛ أنت قلت: نضر الله امرءًا، وتلوت عليه الحديث جميعة ووجهه يتهلل، فقال لي: "نعم أنا قلته إلى من هو أفقه" (¬2) أي هو فقيه أيضًا، لكنه يحمل الفقه إلى أفقه منه بأنه كان الذي يسمع منه أفقه منه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 187). (¬2) عون المعبود (10/ 68).

باب الحديث عن بني إسرائيل

بَابُ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ 3662 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ». 3663 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى يُصْبِحَ مَا يَقُومُ إِلَّا إِلَى عُظْمِ صَلَاةٍ». === بَابُ الْحَدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ 3662 - "عن بني إسرائيل ولا حرج" الحرج الضيق والإثم أي لا إثم عليكم في التحديث فيه، بين أن الأمر للرخصة لا للوجوب، فهذا رخصة في التحديث عن بني إسرائيل وإن لم يعلموا صحة إسناده لبعد الزمان بينهم، بخلاف الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذاك لا يجوز إلا بعد تحقيق الإسناد، وأما ما جاء في النهي عن علومهم فذاك نهى عن الاغتناء بعلومهم واتخاذها دينًا، وقيل: "ولا حرج": حال؛ ومعناه حدثوا ما لم يكن، ثم حرج والجرح ها هنا الكذب، سمي حرجًا لأدائه إلى عذاب الله الذي هو حرج، فكان المراد: إن لم يظهر لكم كذب الحديث يجوز لكم التحديث والله تعالى أعلم. 3663 - "حتى يصبح" يدل أنه كان يحدثهم ليلًا - صلى الله عليه وسلم -، "عظم صلاة" بضم عين فسكون ظاء معجمة، في النهاية عظم الشيء أكبره، كأنه أراد ما يقوم إلا لفريضة (¬1). ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 260).

باب في طلب العلم لغير الله تعالى

بَابٌ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى 3664 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي رِيحَهَا. بَابٌ فِي الْقَصَصِ 3665 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ === بَابٌ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى 3664 - "مما ينبغي به وجه الله" بيان للعلم أي العلم الذي يطلب به رضي الله وهو العلم الديني ولو طلب الدنيا بعلم الفلسفة ونحوه فهو داخل في أهل هذا الوعيد، "عرضًا" بفتحتين أي متاعًا، وفيه دلالة على أن الوعيد المذكور لمن لا يقصد بالعلم إلا الدنيا، وأما من طلب بعلمه رضي المولى ومع ذلك ميل ما إلى الدنيا فخارج عن هذا الوعيد، "عرف الجنة" بفتح عين مهملة وسكون واء مهملة، "الرائحة" مبالغة في تحريم الجنة لأن من لا يجد ريح الشيء لا يتناوله قطعًا، وهذا محمول على أنه لا يستحق ألا يدخل أولًا ثم أمره إلى الله تعالى كأمر أصحاب الذنوب كلهم إذا مات على الإيمان والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْقَصَصِ 3665 - "لا يقص" القص التحدث بالقصص، ويستعمل في الوعظ،

عَبَّادٍ الْخَوَّاصُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: : «لَا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ، أَوْ مُخْتَالٌ». 3666 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَلَسْتُ فِي عِصَابَةٍ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنَ العُرْيِ، وَقَارِئٌ يَقْرَأُ عَلَيْنَا إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ الْقَارِئُ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ » قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ كَانَ قَارِئٌ لَنَا يَقْرَأُ عَلَيْنَا، فَكُنَّا نَسْتَمِعُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَهُمْ» قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ === و"المختال" هو المتكبر، قيل: هذا في الخطبة والخطبة من وظيفة الإمام، فإن شاء خطب بنفسه وإن شاء نصب نائبًا يخطب عنه، وأما من ليس بإمام ولا نائب عنه إذا تصدى للخطبة فهو ممن نصب نفسه في هذا المحل تكبرًا ورياسة، وقيل: بل القصاص والوعاظ لا ينبغي لهم الوعظ والقصص إلا بأمر الإمام، وإلا لدخلا في المتكبر وذلك لأن الإمام أدرى بمصالح الخلق فلا ينصب إلا من لا يكون ضره أكثر من نفعه، بخلاف من نصب نفسه فقد يكون ضرره أكثر، فقد فعله تكبرًا ورياسة ليرتدع عنه والله تعالى أعلم. 3666 - "أن أصبر" أن مصدرية وأصبر صيغة المتكلم أي بأن أصبر، وضبطه بعضهم بصيغة أمر على أنّ أنْ تفسيرية، وهذا بعيد أو غلط يظهر بأدنى تأمل،

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَنَا لِيَعْدِلَ بِنَفْسِهِ فِينَا، ثُمَّ قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا، فَتَحَلَّقُوا وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ، لَهُ قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَدًا غَيْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ صَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَاءِ النَّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَذَاكَ خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ». 3667 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلَامِ يَعْنِي ابْنَ مُطَهَّرٍ أَبُو ظَفَرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ الْعَمِّىُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ، مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى، أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً». 3668 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةَ النِّسَاءِ» قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: «إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي»، قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء: 41] الْآيَةَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا عَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ. "آخر كتاب العلم" * * * === "تهملان" من نصر وضرب أي تغيضان بالدمع وتسيلان. * * *

21 - كتاب الأشربة

كِتَاب الْأَشْرِبَةِ بَابٌ [فِي] تَحْرِيمِ الْخَمْرِ 3669 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ، حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: " نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ، مَا خَامَرَ الْعَقْلَ "، وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: «الْجَدُّ، وَالْكَلَالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا». 3670 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ === كِتَاب الْأَشْرِبَةِ بَابٌ [فِي] تَحْرِيمِ الْخَمْرِ 3669 - "وهي" أي الخمر الموجودة بين الناس المستعملة بينهم، والمراد بيان تناول الآية والحرمة لجميع تلك الأقسام الخمسة لا مقتصرًا عليها، بل يعمها ويعم كل ما خامر العقل لأن حقيقة الخمر هي ما خامر العقك، "يعهد إلينا" أي يبين لنا، "تنتهي إِليه" أي نقف عنده ونرجع إليه، "الجد" أي سهم الجد في الميراث. 3670 - "لما نزل تحريم الحمر" أي لما أراد الله تعالى أن ينزل تحريمًا، أو لما

جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة: 219] الْآيَةَ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: «أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ»، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا. === قارب أن ينزل وفق عمر لطلبه حتى أنزله بالتدريج المذكور في الحديث، فالتحريم إنما حصل بآية المائدة، ودعاء عمر كان قبل ذلك فلا بد من تأويل ظاهر الحديث بما ذكرنا، وأما الإثم في قوله تعالى: {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} (¬1) فالمراد به والله تعالى أعلم. "الضرار" كما يدل عليه مقابلة بالمنافع ولذلك ما فهم الصحابة منها الحرمة، وأما قوله: {لا تَقْرَبُوا الصلاةَ وَأَنتُم سكارى} (¬2) فلعل المراد به نهي من له معرفة من السكران في الجملة، أو المراد به النهي عن مباشرة أسباب السكر عند قرب الصلاة (¬3) لا نهي السكران؛ لأنه لا يفهم فكيف ينهى. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية: (219). (¬2) سورة النساء: آية: (43). (¬3) أفعال السكران فيها اختلاف كثير عند الفقهاء تراجع فيها كتب الفقه.

3671 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام: أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ دَعَاهُ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَسَقَاهُمَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَأَمَّهُمْ عَلِيٌّ فِي الْمَغْرِبِ فَقَرَأَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فَخَلَطَ فِيهَا، فَنَزَلَتْ {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]. 3672 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] وَ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 219] نَسَخَتْهُمَا الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} [المائدة: 90] الْآيَةَ. 3673 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ حَيْثُ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا شَرَابُنَا يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْفَضِيخُ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، === 3671 - "فخلط" بالتخفيف وضبطه بعضهم بالتشديد أي بإسقاط لا عن بعض المواضع وإدخالها في المواضع الأخر والله تعالى أعلم. 3673 - "إلا الفضيخ" بفتح فاء وخفة معجمة وإعجام خاء شراب يتخذ من البسر (¬1) ومن غير أن يمسه نار، وقيل: يتخذ من بسر أي مكسور، ومراد أنس أن ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 453).

باب العنب يعصر للخمر

وَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: هَذَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ الْعِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ 3674 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، مَوْلَاهُمْ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْخَمْرِ تُخَلَّلُ 3675 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الفضيخ هو محل نزول الآية فتناول الآية له أولي. بَابُ الْعِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ 3674 - "لعن الله الخمر" لعن كل شيء على حسبه فلعن الخمر هو تحريم تناولها وتبعيدها عن الإباحة والحكم بنجاستها، "والعاصر"، مطلقًا "والمعتصر" من عصرها النفسه. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْخَمْرِ تُخَلَّلُ 3675 - "قال: لا" ظاهره أن الخل المتخذ من الخمر حرم، ويحتمل أنه قال

باب الخمر مما هو؟

وَسَلَّمَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: «أَهْرِقْهَا» قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: «لَا». بَابُ الْخَمْرِ مِمَّا هُوَ؟ 3676 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْعِنَبِ خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ التَّمْرِ خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعَسَلِ خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ البُرِّ خَمْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشَّعِيرِ خَمْرًا». 3677 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ، أَنَّ عَامِرًا، حَدَّثَهُ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْخَمْرَ مِنَ الْعَصِيرِ وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالذُّرَةِ، وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ». 3678 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْخَمْرُ مِنْ === ذلك لما فيه من إبقاء الخمر قبل أن يتخلل وذلك غير جائز للمؤمن. بَابُ الْخَمْرِ مِمَّا هُوَ؟ 3677 - "والذرة" ضبط بضم معجمة وخفة راء. 3678 - "الخمر من هاتين" لا على وجه القصر عليهما؛ بل على معنى أنه منهما، ولا يقتصر على العنب، وقيل: المقصود بيان ذلك لأهل المدينة ولم يكن

باب النهي عن المسكر

هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ، وَالْعِنَبَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اسْمُ أَبِي كَثِيرٍ الْغُبَرِيِّ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُفَيْلَةَ السَّحْمِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُذَيْنَةُ وَالصَّوَابُ غُفَيْلَةُ. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْكِرِ 3679 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، فِي آخَرِينَ قَالُوا: === عندهم مشروب إلا من هذين النوعين، وقيل أن معظم ما يتخذ من الخمر أو أشد ما يكون في معنى المخامرة والإسكار إنما هو من هاتين فلا ينافي هذا الحديث ما تقدم. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْمُسْكِرِ 3679 - "كل مسكر خمر" يحتمل أن المراد أن الخمر اسم لكل ما يوجد فيه السكر من الأشربة، ومن ذهب إلى هذا قال: إن للشريعة أن تحدث الأسماء بعد أن لم تكن، كما أن لها أن تضع الأحكام، ويحتمل أن معناه أن كل مسكر سوى الخمر كالخمر في الحرمة والحد، وعلى هذا فقوله: وكل مسكر حرام تأكيد له. "وهو يشرب الخمر" أي يعتاد شربها لا أنه يشرب حال الموت، "يدمنها" من أدمن أي يلازمها، والمراد أنه لم يتب منها كما في رواية مالك (¬1)، "لم يشربها في الآخرة" قيل: كناية عن عدم دخوله الجنة؛ لأن من يدخل الجنة يشرب الخمر في الآخرة، وقال ابن العربي: شارب الخمر لا يخلو أن يتوب منها أو يموت بلا توبة، فإن تاب فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإن لم يتب فالذي عند أهل ¬

_ (¬1) الموطأ في الأشربة. باب تحريم الخمر 2/ 645 (11).

حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ === السنة أن أمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه، فإن عاقبه لم يكن مخلدًا في النار أبدًا بل لا بد له من الخروج من النار بما معه من التوحيد ومن دخول الجنة، فإن دخل الجنة فمذهب بعض الصحابة وأهل السنة أنه لا يشرب الخمر في الجنة لأنه استعجل ما أمر بتأخيره ووعد به، فحرمه عند ميقاته وهو موضع إشكال، وعندي الأمر كذلك اهـ. قلت: وهذا كما يقال: من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، ومحل الإشكال هو أنه كيف يكون كذلك مع قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} (¬1) والجواب أنه يجوز أن الله تعالى يصرف شهائه منها في الآخره، بل تفاوت المراتب في الجنة لا يجتمع مع قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أنْفُسُكُمْ} إلا بهذا، وعلى هذا لا حاجه إلى تأويل هذا الحديث، وقال السيوطي: أكثرهم يؤول مثل هذا الحديث على معنى ألا يدخل الجنة مع السابقين الأولين. قلت: هذا لا يصح لجواز أن يغفر له ابتداء فيدخل مع السابقين، فالوجه أن يقال: إذا احتيج إلى التأويل أنه لا يستحق الدخول مع السابقين، ثم قال السيوطي: وعندي فيه تأويل آخر وهو أنه قد يكون إشارة إلى ما ذكره العلماء أن من أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله إدمان الخمر اهـ. ¬

_ (¬1) سورة فصلت: آية (31).

يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ». 3680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ، يَقُولُ: عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»، قِيلَ: وَمَا === قلت: الوجه هو أنه يصرف شهائه منها، فقد جاء مثله في لبس الحرير والله تعالى أعلم. 3680 - "كل مخمر" من التخمير بمعنى التغطية أي كل ما يغطي العقل ويستره ويطفئ نوره فهو خمر، "بخست صلاته" قال الباجى هو بضم الباء كذا في بعض نسخ أبي داود، وفي بعضها نجس صلاته بفتح الباء وهما بالباء والحاء المعجمة من البخس وهو النقص، وقد يصحف بالنون والجيم اهـ. قلت: ويؤيده رواية الترمذي: "لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا" (¬1) قال السيوطي في حاشية الترمذي: ذكر في حكمة ذلك: أنها تبقى في عروقه وأعضائه أربعين يومًا نقله ابن القيم (¬2). "كان حقًّا على الله أن يسقيه" قيل: مقيد بعدم المغفرة أي إن لم يغفر له لقوله تعالى {إنّ الله لا يغفر أن يشرك به} (¬3) "والخبال" بفتح الخاء الفساد. ¬

_ (¬1) الترمذي في الأشربة (1862) وقال: حديث حسن. (¬2) الحديث ذكره ابن القيم في زاد المعاد (5/ 747). (¬3) سورة النساء: الآيتين (48، 116).

طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ مِنْ حَرَامِهِ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ». 3681 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ». 3682 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِتْعِ فَقَالَ: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْجُرْجُسِيِّ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ، زَادَ: وَالْبِتْعُ نَبِيذُ الْعَسَلِ، كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا كَانَ أَثْبَتَهُ مَا كَانَ فِيهِمْ مِثْلُهُ يَعْنِي فِي أَهْلِ حِمْصٍ يَعْنِي الْجُرْجُسِيَّ. 3683 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ دَيْلَمٍ الْحِمْيَرِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === 3682 - "عن البتع" بكسر الباء الموحدة وبسكون المثناة من فوق وعين مهملة نبيذ العسل. 3683 - "نعالج" أي نأتي به على وجه المداومة، "القمح" بفتح القاف

إِنَّا بِأَرْضٍ بَارِدَةٍ نُعَالِجُ فِيهَا عَمَلًا شَدِيدًا، وَإِنَّا نَتَّخِذُ شَرَابًا مِنْ هَذَا الْقَمْحِ نَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أَعْمَالِنَا وَعَلَى بَرْدِ بِلَادِنَا، قَالَ: «هَلْ يُسْكِرُ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَنِبُوهُ» قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ النَّاسَ غَيْرُ تَارِكِيهِ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُوهُ فَقَاتِلُوهُمْ». 3684 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ مِنَ الْعَسَلِ، فَقَالَ: «ذَاكَ الْبِتْعُ» قُلْتُ: وَيُنْتَبَذُ مِنَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، فَقَالَ: «ذَلِكَ الْمِزْرُ» ثُمَّ قَالَ: «أَخْبِرْ قَوْمَكَ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ». 3685 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ === وسكون الميم: البر. 3684 - "ذاك المزر" هو بكسر ميم وسكون زاي معجمة، و"الميسر" هو القمار، "والكوبة" بضم الكاف هي: النرد أو الطبل أو البريط أقوال، "والغبيراء" ضبط بضم غين معجمة وفتح باء موحدة بعدها ياء مثناة من تحت هو ضرب من الشراب يتخذه الحبش (¬1) من الذرة، "ومفتر" اسم فاعل من أفتر وهو ما يحدث به الفتور في الأعضاء والانكسار، قال الطيبي: لا يبعد أن يستدل به على حرمة البنج ونحوه مما يفتر ويزيل العقل (¬2)، وقد استدل به بعضهم على حرمة الحشيشة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) يعني: أهل الحبشة. (¬2) عون المعبود: (10/ 91).

باب في الداذي

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ، وَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " قَالَ ابْنُ سَلَامٍ أَبُو عُبَيْدٍ: الْغُبَيْرَاءُ: السُّكْرُكَةُ تُعْمَلُ مِنَ الذُّرَةِ، شَرَابٌ يَعْمَلُهُ الْحَبَشَةُ. 3686 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ». 3687 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: مُوسَى وَهُوَ عَمْرُو بْنُ سَلْمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ». بَابٌ فِي الدَّاذِيِّ 3688 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ === 3687 - "الفرق" بفتح الفاء وسكون الراء ثلاثة آصع، وقال ابن قتيبة: هو ثمانية وعشرون رطلا، وبفتح الراء ستة عشر. بَابٌ فِي الدَّاذِيِّ الداذى: حب يطرح في النبيذ فيشتد حتى يسكر (¬1). ¬

_ (¬1) الفساق. انظر القاموس المحيط (425) مادة ديذ.

باب في الأوعية

بْنُ صَالِحٍ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ، فَتَذَاكَرْنَا الطِّلَاءَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا». 3689 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، مِنْ أَهْلِ وَاسِطٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْحَارِثُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَسُئِلَ، عَنِ الدَّاذِيِّ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الدَّاذِيُّ: شَرَابُ الْفَاسِقِينَ. بَابٌ فِي الْأَوْعِيَةِ 3690 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ === 3688 - "فتذكرنا الطلاء" بكسر الطاء والمد ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه. "نهى عن الدباء" أي عن الانتباذ في الطرف المتخذ من الدباء، "والحنتم" أي وعن الانتباذ في الحنتم، وهي جرار مدهونة تحمل الخمر فيها إلى المدينة، و"المزفت" بضم الميم وتشديد الفاء المفتوحة وهو المطلي بالزفت، "والنقير" ظرف يتخذ من أصل شجرة بالنقر، والنهي في الكل عن الانتباذ وذلك لإسراع الشدة إليه في هذه الظروف. بَابٌ فِي الْأَوْعِيَةِ 3690 - "نبيذ الجر" بفتح الجيم وتشديد الراء واحدها جرة، وهي إناء

حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ». 3691 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْنِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَعْلَى يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ» فَخَرَجْتُ فَزِعًا مِنْ قَوْلِهِ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ، قَالَ: صَدَقَ، «حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ» قُلْتُ: وَمَا الْجَرُّ؟ قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ يُصْنَعُ مِنْ مَدَرٍ». 3692 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: وَقَالَ مُسَدَّدٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، - وَهَذَا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ - قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا هَذَا الْحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلَيْسَ نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِشَيْءٍ نَأْخُذُ بِهِ وَنَدْعُو إِلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، وَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «وَعَقَدَ بِيَدِهِ وَاحِدَةً، === معروف من آنية الفخار، وأراد المدهونة لأنها أسرع في الشدة والتخمير، "هذا لحيي" بالنصب على الاختصاص.

وَقَالَ مُسَدَّدٌ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ، ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ» شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا الْخُمُسَ مِمَّا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالْمُقَيَّرِ وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: النَّقِيرُ مَكَانَ الْمُقَيَّرِ، وَقَالَ مُسَدَّدٌ: وَالنَّقِيرُ وَالْمُقَيَّرُ، لَمْ يَذْكُرِ الْمُزَفَّتَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو جَمْرَةَ: نَصْرُ بْنُ عِمْرَانَ الضُّبَعِيُّ. 3693 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: «أَنْهَاكُمْ عَنِ النَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالدُّبَّاءِ، وَالْمُزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ وَلَكِنِ اشْرَبْ فِي سِقَائِكَ وَأَوْكِهْ». 3694 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا: فِيمَ نَشْرَبُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِأَسْقِيَةِ الْأَدَمِ الَّتِي يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا». === 3693 - "المزادة المجبوبة" بجيم وموحدة مكررة هي التي يخاط بعضها إلى بعض فقد يتغير فيها النبيذ ولا يدري به صاحبها، بخلاف السقاء المتعارف فإنه يظهر فيه ما اشتد من غيره لأنها تنشق بالاشتداد القوي غالبًا، "وأوكه" أي اربطه. 3694 - "التي يلاث" أي يشد ويربط.

3695 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الْقَمُوصِ زَيدِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي - رَجُلٌ، كَانَ مِنَ الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يَحْسَبُ عَوْفٌ أَنَّ اسْمَهُ - قَيْسُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَقَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي نَقِيرٍ، وَلَا مُزَفَّتٍ، وَلَا دُبَّاءٍ، وَلَا حَنْتَمٍ وَاشْرَبُوا فِي الْجِلْدِ الْمُوكَى عَلَيْهِ فَإِنِ اشْتَدَّ فَاكْسِرُوهُ بِالْمَاءِ فَإِنْ أَعْيَاكُمْ فَأَهْرِيقُوهُ». 3696 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ النَّهْشَلِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَ نَشْرَبُ؟ قَالَ: «لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ، وَلَا فِي الْمُزَفَّتِ، وَلَا فِي النَّقِيرِ، وَانْتَبِذُوا فِي الْأَسْقِيَةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ؟ قَالَ: «فَصُبُّوا عَلَيْهِ الْمَاءَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ «أَهْرِيقُوهُ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيَّ، أَوْ حُرِّمَ الْخَمْرُ، وَالْمَيْسِرُ، وَالْكُوبَةُ» قَالَ: «وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالَ سُفْيَانُ: فَسَأَلْتُ عَلِيَّ بْنَ بَذِيمَةَ عَنِ الكُوبَةِ، قَالَ: «الطَّبْلُ». 3697 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرِ، وَالْجِعَةِ». === 3697 - "والجعة" بكسر الجيم وفتح العين المهملة المخففة، قال أبو عبيد: هي النبيذ المتخذ من الشعير.

3698 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعْرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ، وَأَنَا آمُرُكُمْ بِهِنَّ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا، فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ أَنْ تَشْرَبُوا إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ تَأْكُلُوهَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَكُلُوا وَاسْتَمْتِعُوا بِهَا فِي أَسْفَارِكُمْ. 3699 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْأَوْعِيَةِ، قَالَ: قَالَتْ: الْأَنْصَارُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَنَا قَالَ: «فَلَا إِذَنْ». 3700 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَوْعِيَةَ الدُّبَّاءَ، وَالْحَنْتَمَ، وَالْمُزَفَّتَ، وَالنَّقِيرَ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّهُ لَا ظُرُوفَ لَنَا فَقَالَ: «اشْرَبُوا مَا حَلَّ». 3701 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي ابْنَ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، بِإِسْنَادِهِ قَالَ: «اجْتَنِبُوا مَا أَسْكَرَ». 3702 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «كَانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ، فَإِذَا لَمْ يَجِدُوا سِقَاءً نُبِذَ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ». === 3702 - "تور" بالمثناة المفتوحة إناء كالإجانة، "الزبيب والتمر جميعًا" لإسراع الاشتداد عند الخلط فربما يقع بذلك في شرب المسكر.

باب في الخليطين

3703 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ الزَّبِيبُ، وَالتَّمْرُ جَمِيعًا، وَنَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا». 3704 - حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَلِيطِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الزَّهْوِ، وَالرُّطَبِ، وَقَالَ، انْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِدَةٍ» قَالَ: وحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. 3705 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: حَفْصٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَهَى عَنِ الْبَلَحِ وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ». بَابٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ 3706 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ، حَدَّثَتْنِي رَيْطَةُ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === بَابٌ فِي الْخَلِيطَيْنِ 3706 - "أن نعجم النوى" من عجمه إذا لاكه في الفم أي نهانا أن نبالغ في نضجه حتى يتفتت وتفسد قوته التي يصلح معها للغنم، وقيل: إن التمر إذا طبخ

باب في نبيذ البسر

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَنْهَانَا أَنْ نَعْجُمَ النَّوَى طَبْخًا، أَوْ نَخْلِطَ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ». 3707 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوَدَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ امْرَأَةٍ، مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْبَذُ لَهُ زَبِيبٌ فَيُلْقَى فِيهِ تَمْرٌ، وَتَمْرٌ فَيُلْقَى فِيهِ الزَّبِيبُ». 3708 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: دَخَلْتُ مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلْنَاهَا عَنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، فَقَالَتْ: «كُنْتُ آخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ، فَأُلْقِيهِ فِي إِنَاءٍ، فَأَمْرُسُهُ، ثُمَّ أَسْقِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي نَبِيذِ الْبُسْرِ 3709 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ === لتؤخذ حلاوته فلا يطبخ بحيث يبلغ الطبخ النوى، لأنه يفسد طعم الحلاوة أو لأنه يذهب قوته فلا يصلح علفًا للدواجن. 3707 - "فيلقى فيه تمر" يفيد أن النهي عن الجمع إنما هو للخوف من الوقوع في الإسكار، فعند الأمن من ذلك لا نهي فاهرسه من نصر أي ادلكه بالأصابع، وقال ابن عباس: أحسن إلخ هذا كلام آخر لا يتعلق بكراهة نبيذ البسر وحده. بَابٌ فِي نَبِيذِ الْبُسْرِ 3709 - "والمزاء" بضم الميم وتشديد الزاي والمد، قال في النهاية: هي الخمر

باب في صفة النبيذ

قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعِكْرِمَةَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَكْرَهَانِ الْبُسْرَ وَحْدَهُ، وَيَأْخُذَانِ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْمُزَّاءُ الَّذِي نُهِيَتْ عَنْهُ عَبْدُ القَيْسِ، فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ: مَا الْمُزَّاءُ؟ قَالَ: «النَّبِيذُ فِي الْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ». بَابٌ فِي صِفَةِ النَّبِيذِ 3710 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ضَمُرَةُ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَنْ نَحْنُ وَمِنْ أَيْنَ نَحْنُ فَإِلَى مَنْ نَحْنُ؟ قَالَ: «إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ» فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لَنَا أَعْنَابًا مَا نَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: «زَبِّبُوهَا» قُلْنَا: مَا نَصْنَعُ بِالزَّبِيبِ؟ قَالَ: «انْبِذُوهُ عَلَى غَدَائِكُمْ وَاشْرَبُوهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَانْبِذُوهُ عَلَى عَشَائِكُمْ وَاشْرَبُوهُ عَلَى غَدَائِكُمْ، وَانْبِذُوهُ فِي الشِّنَانِ، وَلَا تَنْبِذُوهُ فِي الْقُلَلِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ عَصْرِهِ صَارَ خَلًّا». === التي فيها حموضة وقيل: هي من خلط البسر والتمر (¬1). بَابٌ فِي صِفَةِ النَّبِيذِ 3710 - "في الشنان" بكسر الشين المعجمة جمع شن بفتحهما، قال السيوطي: الشنان هي الأسقية من الأدم وغيوها واحدها شن، وأكثر ما يقال ذلك في الجلد الرقق أو البالي من الجلود (¬2)، "في القلل" بضم القاف وفتح اللام هي الجرار الكبار واحدها قلة. ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 324). (¬2) لعل السيوطي نقل هذه الجملة من الإمام الخطابي، انظر: معالم السنن (4/ 271).

3711 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ يُوكَأُ أَعْلَاهُ، وَلَهُ عَزْلَاءُ يُنْبَذُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً، وَيُنْبَذُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً». 3712 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ شَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، يُحَدِّثُ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا كَانَتْ «تَنْبِذُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُدْوَةً، فَإِذَا كَانَ مِنَ العَشِيِّ فَتَعَشَّى شَرِبَ عَلَى عَشَائِهِ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ صَبَبْتُهُ، أَوْ فَرَّغْتُهُ، ثُمَّ تَنْبِذُ لَهُ بِاللَّيْلِ فَإِذَا أَصْبَحَ تَغَدَّى فَشَرِبَ عَلَى غَدَائِهِ»، قَالَتْ: يُغْسَلُ السِّقَاءُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَقَالَ لَهَا أَبِي: مَرَّتَيْنِ فِي يَوْمٍ قَالَتْ: نَعَمْ. 3713 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === 3711 - "في سقاء" بكسر السين القربة، "يوكى" على بناء المفعول آخره ألف لا همزة أي يشد ويربط، "عزلاء" هو بفتح مهملة ومعكون معجمة، ممدود فمه الذي يفرغ منه الماء والمراد فمه الأسفل، "عشاء" بكسر العين الوقت. 3712 - "على عشائه" بفتح العين الطعام أي شرب عقبه فيشربه اليوم والغد، وقيل: لعل هذا في الأيام الباردة التي يؤمن فيها التغيير، وما جاء في حديث عائشة السابق ففي الأيام الحارة، "فيسقى الخدم" بفتحتين جمع خادم هذا إذا لم يبلغ حد الإسكار وإن بلغ يهراق. 3713 - "يبادر به الفساد" أي يسقيهم لئلا يفسد بمكثه فيرديه أي يصرفه قبل

باب في شراب العسل

أَبِي عُمَرَ يَحْيَى الْبَهْرَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ يُنْبَذُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّبِيبُ فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيُسْقَى الْخَدَمُ، أَوْ يُهَرَاقُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَعْنَى يُسْقَى الْخَدَمُ يُبَادَرُ بِه الْفَسَادَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو عُمَرَ: يَحْيَى بْنُ عُبَيْدٍ الْبَهْرَانِيُّ. بَابٌ فِي شَرَابِ الْعَسَلِ 3714 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَيَّتُنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُنَّ، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ» فَنَزَلَتْ: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي} [التحريم: 1] إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم: 4] لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} [التحريم: 3] لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الفساد. بَابٌ فِي شَرَابِ الْعَسَلِ 3714 - "فتواصيت" أي كل واحدة منا وصَّت صاحبتها، "أيّتنا" بتشديد الياء، "ما دخل" كلمة (ما) زائدة، "ريح مغافير" هو صمغ حلو يتولد من العرفط

وَسَلَّمَ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا». 3715 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ»، فَذَكَرَ بَعْضَ هَذَا الْخَبَرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ: سَوْدَةُ: بَلْ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، قَالَ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا سَقَتْنِي حَفْصَةُ» فَقُلْتُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، نَبْتٌ مِنْ نَبْتِ النَّحْلِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْمَغَافِيرُ: مُقْلَةٌ، وَهِيَ صَمْغَةٌ، وَجَرَسَتْ: رَعَتْ، وَالْعُرْفُطُ: نَبْتٌ مِنْ نَبْتِ النَّحْلِ. === ريحه كريهة، "جرست" بالجيم والراء والسين المهملة أي أكلت. 3715 - "العرفط" بضم العين المهملة والفاء بينهما راء ساكنة وآخره طاء مهملة شجر له شوك، "نيش" (¬1) بكسر النون وتشديد المعجمة أي يغلي، "نهى أن يشرب" قد جاء شربه قائمًا فقيل: ذاك مخصوص بمحله كماء زمزم، وقيل: بل كان ذاك عند الضرورة وربما يقال: إنه من باب تعارض القول والفعل وفي مثله يقدم القول، وقيل: النهي بمعنى طبي لا يرجع إلى الدين، وهو أن الشرب قاعدًا أهنأ وأنفع للبدن، فالنهي للتنزيه، والفعل لبيان الجواز وهو الأوفق بفعل الصحابة رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) في سنن أبي داود (ينس) بالياء والنون والسين.

باب في النبيذ إذا غلى

بَابٌ فِي النَّبِيذِ إِذَا غَلَى 3716 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ، فَتَحَيَّنْتُ فِطْرَهُ بِنَبِيذٍ صَنَعْتُهُ فِي دُبَّاءٍ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ فَإِذَا هُوَ يَنِشُّ، فَقَالَ: «اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطِ، فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ». بَابٌ فِي الشُّرْبِ قَائِمًا 3717 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا». 3718 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبُرَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، «دَعَا بِمَاءٍ فَشَرِبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ» ثُمَّ، قَالَ: إِنَّ رِجَالًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ مِثْلَ مَا رَأَيْتُمُونِي أَفْعَلُهُ». بَابُ الشَّرَابِ مِنْ فِي السِّقَاءِ 3719 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ === بَابُ الشَّرَابِ مِنْ فِي السِّقَاءِ 3719 - "من في السقاء" لأنه ربما يكون فيه شيء يدخل في الجوف، فالأولى أن يشرب في إناء ظاهر يبصره، "وعن ركوب الجلالة"، بتشديد اللام

باب في اختناث الأسقية

الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ، وَعَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْجَلَّالَةُ: الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذْرَةَ. بَابٌ فِي اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ 3720 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ». 3721 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === قيل: هذا إذا ظهر في عرقها الرائحة الكريهة، و"عن المجثمة" أي عن أكلها وهي بفتح المثلثة المشددة، "كل حيوان" ينصب ويرمى ليقتل. بَابٌ فِي اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ 3720 - "عن اختناث الأسقية" بسكون الخاء المعجمة وكسر تاء مثناة من فوق ثم نون وبعد الألف ثاء مثلثة مصدر اختنث السقاء أي طوى فمه ليشرب منه، قيل: وما جاء على خلافه فمحمول على بيان الجواز أو كان لضرورة، وقيل: يحتمل أن يكون النهي في غير المعلقة والرخصة في المعلقة لأن المعلقة أبعد من أن يدخل فيه هوام الأرض. وقيل: النهي لخوف تغير الماء بما يصيبه من بخار المعدة ونحوه، وذاك محذور مأمون في شربه - صلى الله عليه وسلم -، فإن نكهته الشريفة - صلى الله عليه وسلم - أطيب من كل طيب فلا يخشى منه تغير السقاء ونتنه والله تعالى أعلم.

باب [في] الشرب من ثلمة القدح

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعَا بِإِدَاوَةٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: «اخْنِثْ فَمَ الْإِدَاوَةِ ثُمَّ شَرِبَ مِنْ فِيهَا». بَابٌ [فِي] الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ 3722 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ، وَأَنْ يُنْفَخَ فِي الشَّرَابِ». بَابٌ [فِي] الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ 3723 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَرَمَاهُ بِهِ، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ بِهِ إِلَّا أَنِّي قَدْ نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابٌ [فِي] الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ 3722 - "من ثلمة القدح" بضم الثاء المثلثة وسكون اللام موضع الانكسار لأنه ربما ينصب منه على الثوب أو البدن ولا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء، "وأن ينفخ" لما يخاف من خروج شيء من فمه. بَابٌ [فِي] الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ 3723 - "فقال إني" إلخ ذكره اعتذار عما فعله عند الحاضرين، "والديباج بكسر الدال على المشهور ما غلظ من الحرير، وقيل: ما كان منقوشًا منه وهو من

باب في الكرع

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَالَ: «هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ». بَابٌ فِي الْكَرْعِ 3724 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي فُلَيْحٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنٍّ، وَإِلَّا كَرَعْنَا» قَالَ: بَلْ عِنْدِي مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ. === عطف الخاص على العام، "هي" أي آنية الذهب والفضة "لهم" أي للكفرة بقرينة المقابلة بلكم، وليس المراد بذلك أنها تباح لهم، وإنما المراد أنهم ينتفعون بها. بَابٌ فِي الْكَرْعِ 3724 - "رجل من أصحابه" قيل: هو أبو بكر رضي الله تعالى عنه، على رجل من الأنصار قيل: هو أبو الهيتم، "يحول الماء" أي يجريه من جانب إلى جانب في بستانه، وقيل: ينقله من عمق البير إلى ظاهرها، "في شن" بفتح شين وتشديد نون القربة الخلقة وهي أشد تبريدًا للماء من الجديدة، "وإلا" أي إن لم يكن، "كرعنا" الكرع تناول الماء بفيه من موضعه، قيل: أويد به هاهنا الاغتراف باليدين، أو يحمل على أنه كان الشرب باليدين في ذلك الوقت متعذرًا فأدى الضرووة إلى الكرع وقيل: لا يبعد من عدم تكلفه - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل أحيانا مثل ذلك.

باب في الساقي متى يشرب

بَابٌ فِي السَّاقِي مَتَى يَشْرَبُ 3725 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْمُخْتَارِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا». 3726 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ، ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ وَقَالَ: «الْأَيْمَنَ فَالْأَيْمَنَ». 3727 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي عِصَامٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ: إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: === بَابٌ فِي السَّاقِي مَتَى يَشْرَبُ 3725 - "آخرهم" أي اللائق به التأخير، "شيب" بكسر الشين وسكون الباء أي خلط، "الأيمن" بالنصب أي أعط الأيمن، وبالرفع أي هو أحق وأولى. 3727 - "تنفس ثلاثًا" قيل: أريد به ألا يشربه في نفس واحدة ولكنه يقطعه ويفصل الإناء عن فيه ويتنفس بين ذلك، وما سيجيء من النهي عن التنفس في الإناء فمعناه أن يتنفس من غير إبانة عن الفم فلا تعارض، وقيل: النهي إنما هو نهي أدب لما يخاف على الماء من التغير بواسطة بخار المعدة أو بخروج الريق من الفم، وتلك العلة عدمت في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن ريقه كان ألذ من الماء وأعطر من المسك، قالوا: الشراب بثلاث دفعات أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل

باب في النفخ في الشراب [والتنفس فيه]

هُوَ أَهْنَأُ، وَأَمْرَأُ، وَأَبْرَأُ. بَابٌ فِي النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ [وَالتَّنَفُّسِ فِيهِ] 3728 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ، أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ». 3729 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي فَنَزَلَ عَلَيْهِ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ طَعَامًا فَذَكَرَ حَيْسًا أَتَاهُ بِهِ، ثُمَّ أَتَاهُ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ فَنَاوَلَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ، وَأَكَلَ تَمْرًا فَجَعَلَ يُلْقِي النَّوَى عَلَى ظَهْرِ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةُ وَالْوُسْطَى، فَلَمَّا قَامَ قَامَ أَبِي فَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ === أثرًا في برد المعدة وضعف الأعصاب وهذا معنى (أهنأ، وأمرأ) من هنأني الطعام ومراني إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبًا، "وأبرأ" من البرأ أي أكثر تبرأ أي صحة للبدن. باب في النفخ في الشراب [والتنفس فيه] 3729 - " حيس" طعام يتخذ من التمر وغيره "يلقي النوى على ظهر أصبعيه" أي لقلته ولم يلقه في إناء التمر لئلا يختلط بالتمر، وقيل: كان يجمعه على ظهر الأصبعين ثم يرمي به، قال السيوطي: قلت لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجعل الآكل النوى على الطبق، رواه البيهقي في شعب الإيمان (¬1)، وعلله الحكيم الترمذي بأنه قد ¬

_ (¬1) البيهقي في شعب الإيمان (5878).

باب ما يقول إذا شرب اللبن

لِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ». بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ 3730 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَجَاءُوا بِضَبَّيْنِ مَشْوِيَّيْنِ عَلَى ثُمَامَتَيْنِ، فَتَبَزَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَالِدٌ: إِخَالُكَ تَقْذُرُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ «أَجَلْ» ثُمَّ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَإِذَا سُقِيَ لَبَنًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَزِدْنَا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا اللَّبَنُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا لَفْظُ مُسَدَّدٍ». === يخالط الريق ورطوبة الفم، فإذا خالط ما في الطبق عافه الأنفس (¬1). بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا شَرِبَ اللَّبَنَ 3730 - "على ثمامتين" بالمثلثة المضمومة أي عودين الصغيرين، والثمام والثمامة شجرة دقيق العود ضعيفة، "لا يطول" هذا لفظ مسدد يريد أن الحديث باللفظ المذكور من رواية سدد لا من رواية موسى، ولم يرد أن قواء: (فإنه ليس شيء) موقوف على مسدد وليس بمرفوع كما فهمه الطيبي. ¬

_ (¬1) الترمذي في الدعوات (3576) وقال: حسن صحيح.

باب [في] إيكاء الآنية

بَابٌ [فِي] إِيكَاءِ الْآنِيَةِ 3731 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَغْلِقْ بَابَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَطْفِ مِصْبَاحَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ». 3732 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْخَبَرِ، وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ، قَالَ: «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا غَلَقًا، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً، وَلَا يَكْشِفُ إِنَاءً، وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى النَّاسِ بَيْتَهُمْ» أَوْ «بُيُوتَهُمْ». 3733 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَفُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ السُّكَّرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا === بَابٌ [فِي] إِيكَاءِ الْآنِيَةِ 3731 - "وخمر" من التخمير أي غطه تعرضه المشهور كسر الراء، وكان الأصمعي يرويه بضم الراء، ذكره الخطابي (¬1)، "لا يفتح غلقًا" بفتحتين أي بابًا مغلقًا، "ولا يحل" بفتح الياء وضم الحاء، "وكاء" بكسر الواو أي خيطًا ربط به فم القربة وكل ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى كما يفيده الأحاديث، "وأن الفويسقة" أراد بها الفارة، "تضرم" بضم التاء وكسر الراء أي توقد. 3733 - "واكفئوا" بفاء مكسورة ومثناة فوقية أي ضموهم إليكم وأدخلوهم ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 276).

حَمَّادٌ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْظِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ قَالَ: وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ - وَقَالَ مُسَدَّدٌ: عِنْدَ الْمَسَاءِ - فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً. 3734 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟ قَالَ: «بَلَى» قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَشْتَدُّ فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: تَعْرِضُهُ عَلَيْهِ. 3735 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا»، قَالَ قُتَيْبَةُ: «هِيَ عَيْنٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ». "آخر كتاب الأشربة" * * * === البيوت وخطفة أي سلبًا بسرعة. 3735 - "يستعذب" أي يحفر له منها الماء، العذب وهو الطيب الذي لا ملوحة فيه، والسقيا منزل بين مكة والمدينة وقيل: على يومين. * * *

22 - كتاب الأطعمة

كِتَاب الْأَطْعِمَةِ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ 3736 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا». 3737 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَعْنَاهُ زَادَ «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ». 3738 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا === كِتَاب الْأَطْعِمَةِ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ 3736 - "إِلى الوليمة" قيل: الوليمة كل دعوة تتخذ لسرور حادث من نكاح أو ختان أو غيرهما، لكن اشتهر استعمالها في دعوة النكاح "فليأتها" ظاهر الأمر يفيد الوجوب وهو مذهب البعض في الإجابة إلى وليمة النكاح، وحمله بعضهم على الندب في كل دعوة، ثم الواجب إجابة الدعوة، وأما الأكل فمندوب غير واجب إن لم يكن صائمًا كما تفيده زيادة (إن كان صائمًا)، "فليدع" أي ليدع لأهل الطعام بالمغفرة والبركة. 3738 - "عرسًا كان أو نحوه" قيل: العرس بضمتين طعام وليمة النكاح،

دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ نَحْوَهُ». 3739 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، بِإِسْنَادِ أَيُّوبَ وَمَعْنَاهُ. 3740 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ». 3741 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقًا وَخَرَجَ مُغِيرًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبَانُ بْنُ طَارِقٍ مَجْهُولٌ». === وظاهر الحديث يفيد وجوب الدعوة مطلقًا، لكن ذهب كثير إلى الوجوب في الوليمة والندب في غيرها، فيكون الأمر لمطلق الطلب وبعضهم إلى الندب فيكون الأمر للندب والله تعالى أعلم. 3740 - "فليجب" أي فليحضر، "فقد عصى الله ورسوله" من لا يقول بالوجوب أصلًا يحمله على تأكيد الاستحباب، ومن يقول بوجوب دعوة الوليمة يحمله عليه. 3741 - "دخل سارقًا" لدخوله بغير إذن صاحب البيت خفية، فدخوله كدخول السارق، "مغيرًا" بالغين المعجمة من الإغارة بمعنى النهب هذا إن أكل أو حمل شيئًا معه؛ لأنه لما كان بغير إذن المالك كان في حكم الغصب الغارة.

باب في استحباب الوليمة عند النكاح

3742 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». بَابٌ فِي اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكَاحِ 3743 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا أَوْلَمَ بِشَاةٍ». === 3742 - "شر الطعام" قيل: يريد من شر الطعام لأن من الطعام ما يكون شرًّا منه، "يدعى" إشارة إلى علة كونها شرًّا بتاء على ما هو كعادة فهي جملة مستأنفة، فلفظ "شر الطعام" إلخ وإن كان مطلقًا فالمراد به التقييد بما ذكره بعده، وكيف يريد به الإطلاق وقد أمر باتخاذ الوليمة وإجابة الداعي إليها، وقيل: يحتمل أن تكون الجملة صفة الوليمة، قلت: كأنه بناء على أن تعريف الوليمة للعهد الذهني، فيكون في المعنى كالنكرة كما صرحوا في أمثاله، وقال السيوطي: قال الفقهاء: (يدعى لها) جملة حالية مقيدة بسببها. بَابٌ فِي اسْتِحْبَابِ الْوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكَاحِ 3743 - "ما أو لم عليها" أي مثل ما أو لم على زينب آو قدر ما أو لم على حذف المضاف" أو لم بشاة" يدل على أن الوليمة بشاة كانت كثيرة في ذلك الزمان، "بسويق وتمر" جاء في بعض الروايات (بتمر أقط وسمن) وفي بعضها: (بحيس) ولا منافاة بينها.

باب في كم تستحب الوليمة

3744 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا وَائِلُ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ ابْنِهِ، بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزَّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِسَوِيقٍ، وَتَمْرٍ». بَابٌ فِي كَمْ تُسْتَحَبُّ الْوَلِيمَةُ 3745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ، عَنْ - رَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفٍ كَانَ يُقَالُ لَهُ مَعْرُوفًا أَيْ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ - زُهَيْرُ بْنُ عُثْمَانَ فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِيَ مَعْرُوفٌ، وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ سُمْعَةٌ وَرِيَاءٌ» قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ دُعِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ فَأَجَابَ، وَدُعِيَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ فَأَجَابَ، وَدُعِيَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَلَمْ يُجِبْ، وَقَالَ: «أَهْلُ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ». 3746 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فَدُعِيَ الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَلَمْ يُجِبْ، وَحَصَبَ الرَّسُولَ. بَابُ الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ 3747 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ === بَابُ الْإِطْعَامِ عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ 3747 - "نحر جزورًا" شكرًا على النعمة والسلامة ولقاء الأحبة.

باب ما جاء في الضيافة

مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً». بَابُ مَا جَاءَ فِي الضِّيَافَةِ 3748 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى === بَابُ مَا جَاءَ فِي الضِّيَافَةِ 3748 - "فليكرم ضيفه" بطلاقة الوجه والترحيب والقيام للخدمة وتعجيل القرى، والتكلف منهي عنه، "إلا للضيف جائزته" بالرفع مبتدأ خبره بعده والجملة مستأنفة والجائزة العطية والتحفة، والمعنى زمان جائزته أي بره وإلطافه، "يوم وليلة" أي ليتكلف في اليوم الأول بما اتسع له من بر إلطاف وفي اليوم الثاني والثالث يكفي الطعام المعتاد، وقل: الجائزة ما يعطيه بعد الضيافة، والمعنى جائزته كفاية يوم وليلة أي ينبغي له أن يعطيه ما يكفيه يومًا ولية بعد الأيام الثلاثة ورواية الترمذي: "فليكرم ضيفه، جائزته" قالوا: وما جائزته قال: "يوم وليلة" (¬1)، ومقتضاها نصب جائزته على البدلية ونصب ما بعده على الظرفية، "صدقة" أي فإن شاء فعل فإن شاء ترك، "أن يثوي" من ثوى بالمكان إذا أقام من حد ضرب، "يحرج" من الإحراج أو التحريج أي لا يحل للضيف ¬

_ (¬1) الترمذي في البر والصلة (1967) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمْ أَشْهَبُ قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ» قَالَ: يُكْرِمُهُ وَيُتْحِفُهُ، وَيَحْفَظُهُ، يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ضِيَافَةً. 3749 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ». 3750 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، إِنْ شَاءَ === أن يقيم عنده بعد الثلاث من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره، قيل: ظاهر هذا الحديث وغيره وجوب الضيافة وقد أوجبها ليلة واحدة والجمهور على الندب، ثم قال قوم: هي على أهل البادية فقط؛ لأن المسافر في الحضر يجد منزلًا، وقال آخرون بالعموم والله تعالى أعلم. "كان يقال له: معروف" الظاهر معروف بالرفع أي يقال في شأنه كلام معروف، "حق" ظاهره الوجوب وحملوه على التأكد، "معروف" أي فضل وزيادة في الاشتهار المطلوب من الوليمة بمنزلة للتأكيد، "سمعة" أي رياء واشتهار لا لفائدة دينية. "وحصب الرسول" أي رجمه بالحصباء (¬1). ¬

_ (¬1) حديث رقم (3746).

اقْتَضَى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ». 3751 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْجُودِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنِ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا، فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا، فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَةٍ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ». 3752 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تَبْعَثُنَا === 3750 - "ليلة الضيف حق" قال السيوطي: أمثال هذا الحديث كانت في أول الإسلام حين كانت الضيافة واجبة وقد نسخ وجوبها، وأشار إليه أبو داود بالباب التي (¬1) عقده بعد هذا (¬2)، "فمن أصبح" ضميره للضيف لا لمن إن شاء أي الضيف، "اقتضى" أي طلب دينه. 3751 - "أيما رجل أضاف قومًا" الصحيح ضاف قومًا بلا ألف أي نزل عليهم ضيفًا كما في المشكاة وغيره والله تعالى أعلم. وقد قيل: أضاف يجئ بمعنى ضياف أيضًا فإن صح رواية أضاف يبنى على ذلك من مزرعه توحيد الضمير باعتبار لفظ القوم أو لفظ المضيف. 3752 - "فلا يقرونا" من قرى من باب ضرب، وفيه حدث نون الرفع لمجرد التخفيف وهو كثير شائع بلا ضرورة، "فخذوا" قيل: يحمل على حالة ¬

_ (¬1) هكذا في الأصل، والصواب [الذي]. (¬2) عون المعبود (10/ 154).

باب نسخ الضيف يأكل من مال غيره

فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَمَا يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِلرَّجُلِ يَأْخُذُ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَهُ حَقًّا». بَابُ نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مَنْ مَالِ غَيْرِهِ 3753 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] " فَكَانَ الرَّجُلُ يَحْرَجُ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَنَسَخَ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي فِي النُّورِ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ {أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} [النور: 61] إِلَى قَوْلِهِ {أَشْتَاتًا} [النور: 61] كَانَ الرَّجُلُ الْغَنِيُّ يَدْعُو الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى الطَّعَامِ، قَالَ: إِنِّي لَأَجَّنَّحُ أَنْ آكُلَ مِنْهُ، وَالتَّجَنُّحُ: الْحَرَجُ، وَيَقُولُ: الْمِسْكِينُ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي، فَأُحِلَّ فِي === الاضطرار، أو المعنى لكم أن تأخذوا من أعراضهم وتذكروا للناس لومهم، وقيل: كان في أول الإسلام، وقد مر نقله من السيوطي، وقيل: هذا فيمن مر على أهل الذمة الذين شرط عليهم ضيافة من مر بهم من المسلمين. بَابُ نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مَنْ مَالِ غَيْرِهِ 3753 - "يحرج" كيسمع أي يضيق صدره أو يتألم، "لا جنّح" بتشديد الجيم والنون أصله أتجنح أي أرى الأكل منه صباحًا ثم لا يخفى أن دلالة هذا الحديث على أكل الضيف غير ظاهرة والله تعالى أعلم.

باب في طعام المتباريين

ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأُحِلَّ طَعَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ. بَابٌ فِي طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ 3754 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَكْثَرُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ جَرِيرٍ لَا يَذْكُرُ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ»، وَهَارُونُ النَّحْوِيُّ، ذَكَرَ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَيْضًا وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ. بَابُ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا حَضَرَهَا مَكْرُوهٌ 3755 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ رَجُلًا، أَضَافَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَصَنَعَ لَهُ === بَابٌ فِي طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ 3754 - "عن طعام المتباريين" قال الخطابي: هما المتعارضان يفعل كل واحد مثل فعل صاحبه ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما كره ذلك لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهي عنه من أكل المال بالباطل (¬1). بَابُ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا حَضَرَهَا مَكْرُوهٌ 3755 - "إن رجلًا أضاف علي بن أبي طالب" أي نزل على علي ضيفًا فهو بلا ألف ويفهم من كلام بعض الشراح أنه بالألف كما في بعض النسخ، فهو إما ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 240).

باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق

طَعَامًا فَقَالَتْ: فَاطِمَةُ لَوْ دَعَوْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ مَعَنَا فَدَعُوهُ فَجَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عِضَادَتَيِ الْبَابِ فَرَأَى الْقِرَامَ قَدْ ضُرِبَ بِهِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَرَجَعَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: لِعَلِيٍّ الْحَقْهُ فَانْظُرْ مَا رَجَعَهُ فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَدَّكَ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ لِي أَوْ لِنَبِيٍّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا». بَابٌ إِذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَيُّهُمَا أَحَقُّ 3756 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اجْتَمَعَ الدَّاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا، فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَأَجِبِ الَّذِي سَبَقَ». === بمعنى ضاف أو بمعنى صنع طعامًا وأهدى إلى علي، وليس معناه أنه دعا عليًّا إلى بيته، ويحتمل أن يكون تقديره أضافه ثم حذف المفعول، "القرام" بكسر القاف الستر الرقيق ما رجعه من الرجع المتعدي لا من الرجوع اللازم، ومثله: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} (¬1)، وله أمثال في القرآن، "مزوقًا" أي مزينًا (¬2). بَابٌ إِذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ أَيُّهُمَا أَحَقُّ 3756 - "وإذا اجتمع الداعيان" أي إذا دعاك اثنان معًا فالترجيح بقرب الباب، وإن سبق أحدهما فالترجيح بالسبق، قيل: هذا في الجوار، وأما في غيرهم فالترجيح يكون بأمر آخر كالصلاح والمعرفة ونحوهما والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة التوبة: الآية (83). (¬2) النهاية (2/ 319).

باب إذا حضرت الصلاة والعشاء

بَابٌ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ 3757 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى - قَالَ أَحْمَدُ - حَدَّثَنِي يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا يَقُومُ حَتَّى يَفْرُغَ» زَادَ مُسَدَّدٌ: «وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا وُضِعَ عَشَاؤُهُ، أَوْ حَضَرَ عَشَاؤُهُ، لَمْ يَقُمْ حَتَّى يَفْرُغَ، وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ، وَإِنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ». 3758 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ لِطَعَامٍ وَلَا لِغَيْرِهِ». 3759 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي زَمَانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === بَابٌ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَالْعَشَاءُ 3757 - "عشاء أحدكم" بالفتح طعام آخر النهار. 3758 - "لا تؤخر الصلاة" أي عن وقتها، فإخراج الصلاة عن الوقت لا يجوز للطعام، وأما ترك الجماعة جائز، وقيل: الأول محمول على المحتاج إلى الطعام والثاني على غيره.

باب في غسل اليدين عند الطعام

الزُّبَيْرِ: إِنَّا سَمِعْنَا أَنَّهُ، يُبْدَأُ بِالْعَشَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: «وَيْحَكَ مَا كَانَ عَشَاؤُهُمْ أَتُرَاهُ كَانَ مِثْلَ عَشَاءِ أَبِيكَ». بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعَامِ 3760 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالُوا: أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ فَقَالَ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ». بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدِ قَبْلَ الطَّعَامِ 3761 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ بَرَكَةَ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «بَرَكَةُ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ، وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ»، وَكَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ الْوُضُوءَ قَبْلَ الطَّعَامِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. === بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعَامِ 3760 - "بوضوء" بفتح الواو بالوضوء بضم الواو والظاهر أن المراد وضوء الصلاة، والمراد الأعم بالأمر أعم من أمر الوجوب والندب والقصر إضافي، أي ما أمرت بالوضوء عند الطعام لا أمر ندب ولا أمر وجوب فلا يشكل الحديث بالوضوء لطواف أو لمس المصحف بركة الطعام، الضوء أريد به غسل اليدين فقط، والمراد بالبركة حصول الزيادة فيه أو نفع البدن به.

باب في طعام الفجاءة

بَابٌ فِي طَعَامِ الْفُجَاءَةِ 3762 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَمِّي يَعْنِي سَعَيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ قَالَ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِعْبٍ مِنَ الْجَبَلِ وَقَدْ قَضَى حَاجَتَهُ، وَبَيْنَ أَيْدِينَا تَمْرٌ عَلَى تُرْسٍ أَوْ حَجَفَةٍ، فَدَعَوْنَاهُ، فَأَكَلَ مَعَنَا وَمَا مَسَّ مَاءً». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَمِّ الطَّعَامِ 3763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا قَطُّ إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ». بَابٌ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ 3764 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: === بَابٌ فِي طَعَامِ الْفُجَاءَةِ 3762 - "شعب" بكشر الشين أو "حجفة" بتقديم الحاء المهملة المفتوحة على الجيم المفتوحة هي الترس وهو شك من الراوي. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ ذَمِّ الطَّعَامِ 3763 - "ما عاب" هو أن يقول: هذا مالح أو قليل الملح ونحوه، وأما إظهار الكراهة الطبيعية كما في الضب فليس من العيب والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ 3764 - "فاجتمعوا" إلخ، فبالاجتماع تنزل البركات في الأقوات وبذكر

باب التسمية على الطعام

حَدَّثَنِي وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ: «فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا كُنْتَ فِي وَلِيمَةٍ فَوُضِعَ الْعَشَاءُ فَلَا تَأْكُلْ حَتَّى يَأْذَنَ لَكَ صَاحِبُ الدَّارِ». بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ 3765 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يُذْكَرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ. 3766 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === اسم الله تعالى يمتنع الشيطان عن الوصول فتدوم بركته لهم. بَابُ التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعَامِ 3765 - "قال الشيطان" أي لإخوانه وأعوانه من الشياطين أو لأهل البيت غصبًا ودعاءً عليهم في الصورة الأولى ورضاء عنهم ودعا لهم في الصورة الثانية والله تعالى أعلم. 3766 - "كنا إذا حضرنا" إلخ فيه بيان أن الأدب أن يبدأ الكبير والفاضل في

خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا لَمْ يَضَعْ أَحَدُنَا يَدَهُ حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ طَعَامًا، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فَذَهَبَ لِيَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّمَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا، وَقَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ يَسْتَحِلُّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَجَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ يَسْتَحِلُّ بِهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا». 3767 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ === غسل اليد للطعام وفي الأكل، كأنما يدفع على بناء المفعول أي كأنه من شدة سرعته مدفوع، "يستحل الطعام" أي يتمكن من كله لأجل ترك ذكر الله تعالى، "مع أيديهما" بتثنية الضمير لرجوعه إلى الجارية والأعرابي، "فليذكر اسم الله" أي في أوله كما يقتضيه قوله: "فإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى في أوله" أي أول الأكل فليقل أي حين يتذكر أي في أثناء الأكل أو لو في آخره: "بسم الله أوله وآخره" أي آكل متبركًا باسمه تعالى في أول الأكل وآخره، فقوله: أوله وآخره منصوبان على الظرفية والتبرك بسم الله في أول الأكل مع أنه لم يذكره إلا في الوسط غير مستبعد بطريق الإنشاء وإن كان الإخبار به لا يصح والله تعالى أعلم.

أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيَّ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ - امْرَأَةٍ، مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا - أُمُّ كُلْثُومٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ». 3768 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ، عَنْ عَمِّهِ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ - وَكَانَ مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَرَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلَّا لُقْمَةٌ فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «جَابِرُ بْنُ صُبْحٍ جَدُّ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ». === 3768 - (أمية بن مخشى) (¬1) بفتح ميم وسكون خاء معجمة وشين بعدها ياء النسبة. "استقاء" أي الشيطان استفعال من القيء وهو محمول على حقيقته، والمطلوب صون الطعام أن يكون فيه نصيب للشيطان والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) صحابي يكنى أبا عبد الله "تقريب التهذيب" (1/ 84).

باب [ما جاء] في الأكل متكئا

بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْأَكْلِ مُتَّكِئًا 3769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا آكُلُ مُتَّكِئًا». 3770 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ، وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلَانِ». 3771 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ === بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْأَكْلِ مُتَّكِئًا 3769 - "لا آكل متكئًا"، الاتكاء هو أن يتمكن في الجلوس متربعًا أو يستوي قاعدًا على وطاء، أو يسند ظهره إلى شيء أو يضع إحدى يديه على الأرض، وكل ذلك خلاف الأدب المطلوب حال الأكل، وبعضه فعل المتكبرين وبعضه فعل المكثرين من الطعام، قال الكرماني: وليس المراد بالاتكاء الميل والاعتماد على أحد جانبيه كما يحسبه العامة، ومن حمل عليه تأول على مذهب الطب فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلًا ولا يسيغه هنيئًا وربما يتأذى به. 3771 - "مُقْعٍ" أي واضع إليتيه على الأرض ناصب ساقيه كأكل المستعجل المتعلق قلبه بشغل فيأكل قليلًا ليتفرغ لشغله، قيل: هذه الهيئة من أحسن هيئات الأكل وكذا نصب الرجل اليمنى والجلوس على اليسرى وكذا الجلوس على الركبتين والله تعالى أعلم.

باب [ما جاء] في الأكل من أعلى الصحفة

سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ «يَأْكُلُ تَمْرًا وَهُوَ مُقْعٍ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْأَكْلِ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ 3772 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَأْكُلْ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ، وَلَكِنْ لِيَأْكُلْ مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ مِنْ أَعْلَاهَا». === "ولا يطأ عقبه رجلان" ألا يطأ الأرض خلفه أي لا يمشي رجلان خلفه فضلًا عن الزيادة يعني أنه من غاية التواضع لا يتقدم أصحابه في المشي بل إما أن يمشي خلفهم كما جاء ويسوق أصحابه أو يمشي فيهم، وحاصل الحديث أنه لم يكن على طريق الملوك والجبابرة في الأكل والمشي صلى الله تعالى عليه وسلم وبارك وكرم، "والرجلان" بفتح الراء وضم الجيم هو المشهور ويحتمل كسر الراء وسكون الجيم القدمان، والمعنى: لا يمشي خلفه أحد ذو رجلين والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْأَكْلِ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ 3772 - "من أعلى الصفحة" أريد به الوسط وأريد بالأسفل الأطراف، والبركة هي النماء والزيادة ومحلها الوسط، فاللائق إبقاؤه إلى آخر الطعام لبقاء البركة واستمرارها، ولا يحسن إنفاؤه وإزالته، وهذا هو الموافق لرواية الترمذي "البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه" (¬1). ¬

_ (¬1) الترمذي في الأطعمة (1805) وقال: حسن صحيح، وأحمد في مسنده (1/ 270، 343، 364) وسنن الدارمي (2/ 100) أيضًا.

باب [ما جاء في] الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره

3773 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِرْقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا الْغَرَّاءُ يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، فَلَمَّا أَضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ - يَعْنِي وَقَدْ ثُرِدَ فِيهَا - فَالْتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثَرُوا جَثَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا مِنْ حَوَالَيْهَا، وَدَعُوا ذِرْوَتَهَا، يُبَارَكْ فِيهَا». بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ عَلَيْهَا بَعْضُ مَا يُكْرَهُ 3774 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَطْعَمَيْنِ: عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَأَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى بَطْنِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَسْمَعْهُ === 3773 - "الغراء" بمعنى البيضاء، "أضحوا" أي دخلوا في وقت الضحى، "وسجدوا الضحى" أي صلوا صلاة الضحى، وفيه دليك على أنهم كانوا يصلون الضحى في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، "ثرد" على بناء المفعول من ثردت الخبر كسرته والثريد طعام معلوم. "فالتفوا" أي اجتمعوا عليها للأكل، "جثى" جلس على الركبة، "ذروتها" بالكسر والضم أي أعلاها وهو الوسط.

باب الأكل باليمين

جَعْفَرٌ، مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ مُنْكَرٌ. 3775 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ. بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ 3776 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ». 3777 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُ بُنَيَّ فَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». بَابٌ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ 3778 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، === بَابٌ فِي أَكْلِ اللَّحْمِ 3778 - "لا تقطعوا اللحم" قيل: أي إذا لم يحتج إلى ذلك بأن تكامل نضجه وما جاء عن فعله - صلى الله عليه وسلم - يحمل على الحاجة، وقيل: هذا إرشاد إلى الأولى والأفضل والأطيب كما يدل عليه التعليل، وما جاء فهو بيان للجواز، وقيل: معنى لا تقطعوا أي لا تتخذوه عادة لكم كالأعاجم، بل أنهسوه تارة واقطعوا

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ فَإِنَّهُ مِنْ صَنِيعِ الْأَعَاجِمِ، وَانْهَسُوهُ فَإِنَّهُ أَهْنَأُ === بالسكين أخرى، يفيده قوله: "من صنيع الأعاجم" من عادتهم وعملهم، "الدائمي إذا يضيع" يقال للعمل: الدائمي أي فلا تجعلوا أنتم عادة لكم، "وانهسوه" بفتح السين المهملة وهو أخذه بمقدم الأسنان أهنأ وأمرأ كلاهما بالهمزة، يقال: هنأ الطعام صار هنيئًا ومراءً، صار مريئًا وهو ألا يثقل على المعدة وينهضم عنها طيبًا، وقيل: المراد أنه اللذيذ الموافق للغرض، وقد جاء هذا الحديث عن صفوان بن أمية كما سيذكره المصنف وعن أم سلمة أخرجه الطبراني، فالحكم عليه بالوضع كما فعله ابن الجوزي غير سديد (¬1)، نعم قد تفرد أبو معشر برواية عائشة وليس بالقوي لكن لا يلزم بذلك الوضع سيما إذا ثبت معناه، وأما دعوى المخالفه بفعله - صلى الله عليه وسلم - فقد عرفت جوابه والله تعالى أعلم. "عن مطعمين" يحتمل أنه مصدر أو مكان، وقوله: "عن الجلوس" وما عطف عليه يدل عنه، "والجلوس على تلك المائدة" كناية عن الأكل عليها فيكون البدل على الأول بدل العين، وعلى الثاني بدل الاشتمال، "منبطح" بتقديم النون على الموحدة أي مفترش ملتصق بالبطحاء، فإن الشيطان يأكل أي فينبغي للمسلم أن يخالف فعله، والحديث على حقيقته؛ إذ لا بعد في أكل الشيطان وشربه وأن يكون له يدان، وقيل: المراد يحمل أولياؤه على ذلك، والتيامن مطلوب في كل ما كان من جنس الأكل والشرب، فتخصيصهما بالذكر لغاية الاهتمام بهما أو لوقوع التقريب في ذكرهما، "ادن العظم" أمر من الإدناء. ¬

_ (¬1) قال الهيثمي (5/ 40): أورده الطبراني برواية: "لا تقطعوا الخبز كما تقطعه الأعاجم"، وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو ضعيف.

باب في أكل الدباء

وَأَمْرَأُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ. 3779 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: كُنْتُ آكُلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآخُذُ اللَّحْمَ بِيَدِي مِنَ الْعَظْمِ، فَقَالَ: «أَدْنِ الْعَظْمَ مِنْ فِيكَ فَإِنَّهُ أَهْنَأُ وَأَمْرَأُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «عُثْمَانُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَفْوَانَ وَهُوَ مُرْسَلٌ». 3780 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ أَحَبُّ الْعُرَاقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرَاقَ الشَّاةِ». 3781 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الذِّرَاعُ» قَالَ: «وَسُمَّ فِي الذِّرَاعِ وَكَانَ يَرَى أَنَّ الْيَهُودَ هُمْ سَمُّوهُ». بَابٌ فِي أَكْلِ الدُّبَّاءِ 3782 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي === 3780 - "العراق" بضم العين جمع عرق بفتح فسكون وهو العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم (¬1)، "يعجبه الزراع"؛ لأنه أسرع نضجًا وألذ لحمًا وأبعد عن موضع الأذى. 3781 - "وسم" على بناء المفعول. بَابٌ فِي أَكْلِ الدُّبَّاءِ 3782 - "ومرقًا" بفتح ميم. ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 220).

باب في أكل الثريد

طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقُرِّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الصَّحْفَةِ، فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ يَوْمَئِذٍ». بَابٌ فِي أَكْلِ الثَّرِيدِ 3783 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ، مَنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّرِيدُ مِنَ الْخُبْزِ، وَالثَّرِيدُ مِنَ الحَيْسِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ 3784 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ === "وراديًا" بضم دال وتشديد ياء ممدود وقد يقصر، "القرع" بفتح فسكون واحدة "دباءة حوالي الصحفة" بفتح اللام أي جوانبه، بعد يومئذ يحتمل أن يكون بعد مضاف إلى ما بعده وأن يكون مقطوعًا عن الإضافة، قيل: وما جاء من النهي عن مثله فهو إذا كرهه الجليس، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانوا يحبون عنه ذلك ويتلذذون به حتى كانوا يتبركون بنخامته - صلى الله عليه وسلم -. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّقَذُّرِ لِلطَّعَامِ 3784 - "وسأله رجل" قيل: هو عدي بن حاتم ذكره في بعض شروح المشكاة والمجمع، قلت: ورواية الترمذي تفيد أن هلبًا هو السائل، ففيها: سمعت قبيصة

بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ هُلْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى === ابن هلب يحدث عن أبيه قال سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طعام النصارى فقال: "لا يتخلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية" ثم ذكر بسند آخر عن عدي بن حاتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله (¬1)، فهذا يفيد تعدد الواقعة وأن السائل في حديث هلب هو هلب والله تعالى أعلم. "إِن من الطعام طعامًا " هو الطعام النصاري؛ كما يدل عليه رواية الترمذي المتقدمة، "أتحرّج منه" الحرج وهو الضيق ويطلق الإثم ومعنى أتحرج أجتنب وأمتنع كتأثم. "اجتنب عن الإثم" فقال: يتخلجن قد اختلف في روايته مادة وهيئة، أما الأول فقال العراقي: المشهور أنه بتقديم الخاء المعجمة على الجيم، وروي بتقديم الحاء المهملة على الجيم، وأما الثاني: فهل هو من الافتعال أو من التفعل، والمعنى على التقادير واحد أي لا يقع في نفسك شك منه وريبة، "شيء" أي طعام كما في رواية الترمذي وظاهر هذا الكلام أنه نظيف، فالجواب لإفادة إباحته والإذن فيه وهو المشهور بين الجمهور لحديث: "الإثم ما حاك في صدرك" (¬2). لكن قوله: "ضارعت" بسكون العين وفتح التاء على صيغة الخطاب أي شابهت به الملة النصرانية أي أهلها، يفيد أن سوق الجواب لإفادة المنع عنه كما ذهب إليه أبو موسى المديني، فقال: إنه منع منه، وذلك أنه سأله عن طعام ¬

_ (¬1) الترمذي في السير (1565). (¬2) أحمد في مسنده (4/ 227) وهو حديث صحيح. وقال الهيثمي في الزوائد (1/ 180): رواه أحمد والبزار وفيه أبو عبد الله السلمي.

اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ مِنَ الطَّعَامِ طَعَامًا أَتَحَرَّجُ مِنْهُ، فَقَالَ: «لَا === النصارى فكأنه أراد ألا يتحرك في ذلك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه، لكن قد يقال: إذا كان سوق الجواب للمنع فالتردد بين كونه حرامًا أو مكروهًا موجود فلا يستقيم نفي التردد، إلا أن يقال: نفى التردد بين كونه مباحًا أو ممنوعًا، وأثبت فيه المنع والتردد بعد ذلك بين أقسام الممنوع لا ينافيه، ولذلك جزم في المجمع أن سياق الحديث لا يناسب الإذن وإنما يناسب المنع، وقد يقال: إنه للإذن ومحط الكلام هو الطعام، والمعنى: لا يختلج في صدرك طعام تشتبه فيه النصارى وإنما يختلج دين أو خلق، "تشبه فيه النصاري" يعني أن التشبه الممنوع إنما هو في الدين والعادات والأخلاق لا في الطعام الذي يحتاج إليه كل أحد، والتشبه فيه لازم لاتحاد جنس مأكول الفريقين، وقد أذن الله تعالى فيه قوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (¬1)، فالتشبه في مثله لا عبرة به ولا يختلج في الصدر حتى يسأل عنه، وأجاب الطيبي بأن جملة "ضارعت"جواب شرط محذوف أي إن شككت شابهت فيه الرهبانية والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي، والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنفية السهلة السمحة، فإذا شككت وشددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية (¬2). وأجاب بعضهم على رواية: "لا يتخلجن في نفسك شيء" بأن المراد بشيء: شيء من الشك والريبة لا شيء من الطعام، وجملة: "ضارعت" صفة له ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية (5). (¬2) عون المعبود (10/ 184).

باب النهي عن أكل الجلالة [وألبانها]

يَتَخَلَّجَنَّ فِي صَدْرِكَ شَيْءٌ ضَارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانِيَّةَ». بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ [وَأَلْبَانِهَا] 3785 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا». 3786 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ». 3787 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَهْمٍ، حَدَّثَنَا عُمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى === أي لا يدخل هي قلبك شيء من الشك ضارعت فيه الرهبانية، وهذا المعنى وجيه لكن لا يوافق رواية الترمذي، وبالجملة فأول الحديث إلى الأذن أقرب وآخره بالمنع أنسب فاختلف كلمات القوم في ذلك، والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ [وَأَلْبَانِهَا] 3785 - "عن أكل الجلالة" بفتح الجيم وتشديد اللام ما تأكل من العذرة من الدواب والمراد: ما ظهر في لحمها ولبنها نتن، فينبغي أن تحبس أيامًا ثم تذبح، وكذا يظهر النتن عرقها، فلذا منع عن الركوب عليها والله تعالى أعلم.

باب في أكل لحوم الخيل

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الجَلَّالَةِ فِي الْإِبِلِ: أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا، أَوْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا. بَابٌ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ 3788 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَأَذِنَ لَنَا فِي لُحُومِ الْخَيْلِ». 3789 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ، وَالْبِغَالَ، وَالْحَمِيرَ، «فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِغَالِ، وَالْحَمِيرِ، وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ الْخَيْلِ». 3790 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ شَبِيبٍ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ حَيْوَةُ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ 3788 - "وأذن لنا" إلخ يدل على حل لحوم الخيل وعليه الجمهور. 3790 - "نهى عن أكل لحوم الخيل" اتفق العلماء على أنه حديث ضعيف ذكره النووي (¬1)، وذكر بعضهم أنه منسوخ وقال بعضهم: لو ثبت لا يعارض ¬

_ (¬1) المجموع للنووي (4/ 9).

باب في أكل الأرنب

وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ»، زَادَ حَيْوَةُ: «وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَا بَأْسَ بِلُحُومِ الْخَيْلِ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَهَذَا مَنْسُوخٌ قَدْ أَكَلَ لُحُومَ الْخَيْلِ جَمَاعَةٌ مَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ: ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وسُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، وَعَلْقَمَةُ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْبَحُهَا. بَابٌ فِي أَكْلِ الْأَرْنَبِ 3791 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا حَزَوَّرًا فَصِدْتُ أَرْنَبًا فَشَوَيْتُهَا، فَبَعَثَ مَعِي أَبُو طَلْحَةَ بِعَجُزِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَبِلَهَا». 3792 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي خَالِدَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ، يَقُولُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ بِالصِّفَاحِ قَالَ: مُحَمَّدٌ مَكَانٌ بِمَكَّةَ وَإِنَّ رَجُلًا جَاءَ بِأَرْنَبٍ قَدْ صَادَهَا فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَا تَقُولُ: قَالَ: «قَدْ جِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === حديث جابر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَكْلِ الْأَرْنَبِ 3791 - "جزورًا" بفتح الحاء المهملة والزاي المعجمة والواو المشددة وراء مهملة هو الغلام إذا شتد وقوي، "فاصّدت" بتشديد الصاد أي اصطدت فأدغم الطاء في الصاد.

باب في أكل الضب

وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ فَلَمْ يَأْكُلْهَا، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ أَكْلِهَا، وَزَعَمَ أَنَّهَا تَحِيضُ». بَابٌ فِي أَكْلِ الضَّبِّ 3793 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ خَالَتَهُ، أَهْدَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمْنًا، وَأَضُبًّا، وَأَقِطًا، «فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ، وَمِنَ الأَقِطِ، وَتَرَكَ الْأَضُبَّ، تَقَذُّرًا» وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3794 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَقَالَ: بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، === بَابٌ فِي أَكْلِ الضَّبِّ 3793 - "وأقطا" بفتح فكسر. "وأضبا" بفتح فضم جمع ضب "تقذرًا" أي كراهة طبعًا لا دينًا؛ لأنه ذكر - صلى الله عليه وسلم - في وجه الكراهة أنه لم يكن بأرض قومي والله تعالى أعلم. 3794 - "محنوذ" أي مشوي (¬1)، "فأهوى" مدوًا مال يتناول أعافه بفتح ¬

_ (¬1) محنوذ: قيل: ما شوي بالرضف خاصة وهي الحجارة المحماة. النهاية (1/ 450).

فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ» قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ، فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ. 3795 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ ثَابِتٍ بْنِ وَدِيعَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي جَيْشٍ فَأَصَبْنَا ضِبَابًا، قَالَ: فَشَوَيْتُ مِنْهَا ضَبًّا، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَ عُودًا فَعَدَّ بِهِ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ قَالَ «إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ فِي الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَا أَدْرِي أَيُّ الدَّوَابِّ هِيَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَنْهَ. 3796 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثَهُمْ حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === الهمزة أي أكرهه، "ضبايا" بالكسر جمع ضب. 3795 - "مسخت" يحتمل أنه قال ذلك قبل العلم بأن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام، أو امتنع عن الأكل بمجرد المجانسة للممسوخ، والحاصل أن حديث أن الممسوخ لا يبقى أكثر من ثلاثة أيام صحيح، وهذا الحديث غير صريح في البقاء كما لا يخفى، وعلى تقدير أنه يقتضي البقاء يجب حمله على أنه قبل العلم والله تعالى أعلم. 3796 - "نهي" أي نهي تنزيه لما سبق في علة المسخ واستدل به الحنفية على

باب في أكل [لحم] الحبارى

نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبِّ». بَابٌ فِي أَكْلِ [لَحْمِ] الْحُبَارَى 3797 - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي بُرَيْهُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَفِينَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «أَكَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمَ حُبَارَى». بَابٌ فِي أَكْلِ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ 3798 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ حَجْرَةَ، حَدَّثَنِي مِلْقَامُ بْنُ التَّلِبِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ === الحرمة لتقدم النهي على الإباحة عند التعارض والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَكْلِ [لَحْمِ] الْحُبَارَى 3797 - "لحم حبارى" بضم الحاء المهملة وتخفيف الباء الموحدة وفتح الراء مقصور طاير معروف. بَابٌ فِي أَكْلِ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ 3798 - "فلم أسمع لحشرات الأرض" بفتحات، قال الخطابي: هي صغار دواب الأرض كاليرابيع والضباب والقنافذ ونحوها، قال: وليس في قوله دليل على أنها مباحة لجواز أن يكون غيره قد سمعه (¬1). قلت: من يقول بحرمتها يستدل بقوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ} (¬2) ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 247). (¬2) سورة الأعراف: آية (157).

باب ما لم يذكر تحريمه

أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا». 3799 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الْكَلْبِيُّ أَبُو ثَوْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْقُنْفُذِ، فَتَلَا {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الْآيَةَ، قَالَ: قَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «خَبِيثَةٌ مِنَ الْخَبَائِثِ» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِنْ كَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فَهُوَ كَمَا قَالَ مَا لَمْ نَدْرِ». بَابُ مَا لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ 3800 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ صَبِيحٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ شَرِيكٍ الْمَكِّيَّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا، » فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ، وَأَحَلَّ حَلَالَهُ، === ويقول: الحشرات خبائث والله تعالى. أعلم. 3799 - "القنفذ" بضم القاف والفاء بينهما نون ساكنة آخره ذال معجمة وهو صيد لا يلزم من كونه صيدًا الحل، لكن قد جاء الحل صريحًا عن جابر في رواية الترمذي، ففيها: قلت لجابر: الضبع أصيد هي قال: نعم، قلت: آكلها، قال: نعم قلت: قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم والله تعالى أعلم (¬1). ¬

_ (¬1) الترمذي (1791) وقال: حسن صحيح.

باب في أكل الضبع

وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. بَابٌ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ 3801 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنِ الضَّبُعِ، فَقَالَ: «هُوَ صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إِذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ». بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ السِّبَاعِ 3802 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ». 3803 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ». === بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ السِّبَاعِ 3802 - "كل ذي ناب" كالأسد والذئب والكلب وأمثالها مما يعدو على الناس بأنيابه، "وكل ذي مخلب" بكسر الميم وفتح اللام كالنسر والصقر والبازي ونجوما مما تصطاد من الطيور بمخلبها، "والناب": السن الذي خلف الرباعية والمخلب للطير والسباع بمنزلة الظفر من الإنسان.

3804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ رُؤْبَةَ التَّغْلِبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ ضَافَ قَوْمًا فَلَمْ يَقْرُوهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ». 3805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ». 3806 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ، عَنْ جَدِّهِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: " غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، فَأَتَتِ الْيَهُودُ فَشَكَوْا أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْرَعُوا إِلَى حَظَائِرِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالُ الْمُعَاهَدِينَ إِلَّا === 3804 - "من مال معاهد" أي ذمي، وتخصيصه لزيادة الاهتمام لأنه لكفره يتوهم حل لقطعه، أو المراد غير الحربي فيشمل المسلم والذمي والمستأمن، "حظايرهم" بالحاء المهملة والظاء المعجمة جمع حظيرة، وهي ما يحوط علي الزرع.

باب في لحوم الحمر الأهلية

بِحَقِّهَا، وَحَرَامٌ عَلَيْكُمْ حُمُرُ الْأَهْلِيَّةِ، وَخَيْلُهَا، وَبِغَالُهَا، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ». 3807 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ زَيْدٍ الصَّنْعَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْهِرِّ، قَالَ: ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ، وَأَكْلِ ثَمَنِهَا. بَابٌ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ 3808 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَنٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي رَجُلٌ، عَنْ جَابِرِ بَنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَنْ نَأْكُلَ لُحُومَ الْحُمُرِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَأْكُلَ لُحُومَ الْخَيْلِ»، قَالَ عَمْرٌو: فَأَخْبَرْتُ هَذَا الْخَبَرَ أَبَا الشَّعْثَاءِ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ الْحَكَمُ الْغِفَارِيُّ فِينَا يَقُولُ هَذَا، وَأَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ يُرِيدُ ابْنَ عَبَّاسٍ. 3809 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ، قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ، وَقَدْ كَانَ === بَابٌ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ 3809 - "إلا سمان حمير" بكسر السين جمع سمين وقرله: "من أجل جوال

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنَا السَّنَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إِلَّا سِمَانُ الْحُمُرِ، وَإِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ «أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ، فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ» يَعْنِي الْجَلَّالَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " عَبْدُ الرَّحْمَنِ: هَذَا هُوَ ابْنُ مَعْقِلٍ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ نَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةَ أَنَّ سَيِّدَ مُزَيْنَةَ أَبْجَرَ أَوِ ابْنَ أَبْجَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3810 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، عَنْ ابْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ أَحَدُهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُوَيْمٍ وَالْآخَرُ غَالِبُ بْنُ الْأَبْجَرِ، قَالَ مِسْعَرٌ: أَرَى غَالِبًا الَّذِي أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. 3811 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الجَلَّالَةِ، عَنْ رُكُوبِهَا وَأَكْلِ لَحْمِهَا. === القرية" بتشديد اللام جمع جالة، وهي التي تأكل الجلة وهي العذرة، قال النووي: هو حديث مضطرب مختلف الإسناد شديد الاختلاف (¬1) ولو صح حمل على الأكل منها في حال الاضطرار والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) المجموع (6/ 9).

باب في أكل الجراد

بَابٌ فِي أَكْلِ الْجَرَادِ 3812 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ: «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّ، أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، فَكُنَّا نَأْكُلُهُ مَعَهُ». 3813 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّبْرِقَانِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَرَادِ، فَقَالَ: «أَكْثَرُ جُنُودِ اللَّهِ، لَا آكُلُهُ، وَلَا أُحَرِّمُهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ سَلْمَانَ. 3814 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ الْجَزَّارِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ فَقَالَ، مِثْلَهُ، فَقَالَ: «أَكْثَرُ جُنْدِ اللَّهِ» === بَابٌ فِي أَكْلِ الْجَرَادِ 3812 - "فكنا نأكل معه" قالوا: هذا في حكم الرفع؛ إذ يستبعد منهم، أن يأكلوا بغير علمه - صلى الله عليه وسلم - وهم معه. 3813 - "أكثر جنود الله" أي في الأرض، فلا يلزم أن يكون أكثر من الملائكة، ومثل هذا الكلام يفيد الحل وبه يتم جواب السائل؛ نعم هو لا يخلو عن الإشارة إلى أن تركه أولى؛ لأنه أخذه يشبه المحاربة لجند الله، وكأنه لهذا المعنى قال: لا آكله والله تعالى أعلم.

باب في [أكل] الطافي من السمك

قَالَ عَلِيٌّ: اسْمُهُ فَائِدٌ، يَعْنِي أَبَا الْعَوَّامِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ سَلْمَانَ. بَابٌ فِي [أَكْلِ] الطَّافِي مَنِ السَّمَكِ 3815 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَلْقَى الْبَحْرُ، أَوْ جَزَرَ عَنْهُ فَكُلُوهُ، وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا، فَلَا تَأْكُلُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَيُّوبُ، وَحَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَوْقَفُوهُ عَلَى جَابِرٍ وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي الْمُضْطَرِّ إِلَى الْمَيْتَةِ 3816 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، === بَابٌ فِي [أَكْلِ] الطَّافِي مَنِ السَّمَكِ 3815 - "أو جزر" بجيم ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي انكشف عنه الماء وذهب، "والجزر" برجوع الماء إلى خلف، "وطفا" بطاء مهملة وفاء أي علا وارتفع عن ظهر البحر بعد أن مات في البحر حتف أنفه. بَابٌ فِي الْمُضْطَرِّ إِلَى الْمَيْتَةِ 3816 - "ققال رجل" أي آخر له أي للنازل، "فمرضت" أي الناقة،

عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، أَنَّ رَجُلًا، نَزَلَ الْحَرَّةَ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ نَاقَةً لِي ضَلَّتْ فَإِنْ وَجَدْتَهَا فَأَمْسِكْهَا فَوَجَدَهَا، فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا فَمَرِضَتْ فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: انْحَرْهَا فَأَبَى فَنَفَقَتْ فَقَالَتْ: اسْلُخْهَا حَتَّى نُقَدِّدَ شَحْمَهَا، وَلَحْمَهَا، وَنَأْكُلَهُ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ «هَلْ عِنْدَكَ غِنًى يُغْنِيكَ؟ »، قَالَ: لَا قَالَ: «فَكُلُوهَا» قَالَ: فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: هَلَّا كُنْتَ نَحَرْتَهَا قَالَ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْكَ. 3817 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عُقْبَةَ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ الْفُجَيْعِ الْعَامِرِيِّ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا يَحِلُّ لَنَا مِنَ الْمَيْتَةِ؟ قَالَ «مَا طَعَامُكُمْ» قُلْنَا: نَغْتَبِقُ وَنَصْطَبِحُ، - قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَسَّرَهُ لِي عُقْبَةُ، === "فنفقت" بفاء مفتوحة وقاف أي ماتت، "غنىً يغنيك" أي عن أكلها فرجع حاصله إلى أنك مضطر إلى أكلها أم لا. 3817 - "الفجيع" بالفاء والجيم بلفظ التصغير، "ما يحل لنا الميتة" من الإحلال ونصب الميتة على المفعولية، وفي بعض النسخ ما يحل لنا من الميتة ولا يخلو عن بعد، "نغتبق" إلخ هما عن الغبوق بمعنى الشرب آخر النهار، "والصبوح" بمعنى الشرب أول النهار أي طعامنا قدح من لبن نشربه أول النهار وقدح نشربه آخره، وقد استدل به على أكل الميتة مع أدنى شبع وإن لم يضطر، وأجيب بأن القدحين كإناء على الاشتراك بين كل القوم كما يدل عليه صيغة الجمع في السؤال والجواب، ولا شك أنه لا يكفي القدح من اللبن بالغداة والقدح

باب في الجمع بين لونين من الطعام

قَدَحٌ غُدْوَةً، وَقَدَحٌ عَشِيَّةً - قَالَ: «ذَاكَ وَأَبِي الْجُوعُ» فَأَحَلَّ لَهُمُ الْمَيْتَةَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغَبُوقُ: مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، وَالصَّبُوحُ: مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. بَابٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ 3818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ مُلَبَّقَةً === بالعشي، يمسك الرمق ويقيم النفس وإن كان لا يشبع الشبع، وقوله: "وأبي" هي كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثير في مخاطباتها لأجل التوكيد ولا يقصد بها الحلف، ويحتمل أنه كان قبل ورود النهي عن الحلف بالأباء والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ 3818 - "ملبقة" من لبقها خلطها خلطًا شديدًا أي مخلوطة بسمن ولبن، قيل: وهذا الحديث مخالف لسيرته - صلى الله عليه وسلم -، وقد أخرج مخرج التمني ومن ثم أنكره أبو داود. قلت: أراد بذلك ما في بعض نسخ الكتاب، قال أبو داود: هذا حديث منكر، قال أبو داود وأيوب: هذا ليس هو السختياني. اهـ. قلت: وإن ثبت يحمل على أنه كان حينئذ ذلك الطعام أوفق لمزاجه من جهة الطب مثلا، ولا يحمل على معنى كثيرة التشهي وشدة نزع النفس إليها، وبنحو هذا يؤول ما جاء أنه يحب الحلواء ونحوه والله تعالى أعلم، وقيل: لعله كان من

باب في أكل الجبن

بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ» فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ، فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: «فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا؟ » قَالَ: فِي عُكَّةِ ضَبٍّ، قَالَ: «ارْفَعْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَأَيُّوبُ لَيْسَ هُوَ السَّخْتِيَانِيُّ». بَابُ في أَكْلِ الْجُبْنِ 3819 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبْنَةٍ فِي تَبُوكَ، فَدَعَا بِسِكِّينٍ، فَسَمَّى وَقَطَعَ». بَابٌ فِي الْخَلِّ 3820 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا === انبساطه مع أصحابه أحيانًا من غير تكلف كما جاء في الحديث، وكان إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا وإذا ذكرنا الطعام ذكره، أو لعله ذكره لأجل شهوة بعض الحاضرين ممن يصلح له مثل هذا الطعام، ولهذا قال: عندي ولم يصرح بتمني أكله والله تعالى أعلم. وقوله: "في عكة ضب" (¬1) بضم عين وتشديد كاف وعاء من جلد ضب. بَابُ في أَكْلِ الْجُبْنِ 3819 - "بجبنة" واحد الجبن بالضم وضمتين. بَابٌ فِي الْخَلِّ 3820 - "نعم الإدام" إلخ قيل: لأنه أقل مؤنة وأقرب إلى القناعة، ولذلك ¬

_ (¬1) عكة ضب: قيل: هي آنية السمن، وقيل: وعاء مستديم للسمن والعسل وهو مأخوذ من جلد ضب.

باب في أكل الثوم

سُفْيَانُ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ». 3821 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ». بَابٌ فِي أَكْلِ الثُّومِ 3822 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ === قنع به أكثر العارفين، قال القاضي: وهو مدح للاقتصاد في المأكل، قال النووي: والصواب أنه مدح للخل والاقتصاد في المأكل معلوم من قواعد أخر (¬1)، والاقرب بسياق الحديث أنه بيان أن الخل صالح لأنه يؤدم به وهو إدام حسن، ولم يرد ترجيحه على غيره من اللبن واللحم والعسل والمرق، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل على أهله يومًا فقدموا له خبزًا، فقال: "ما عندكم من إدام" فقالوا: ما عندنا إلا خل، فقال: "نعم الأدام الخل"، فالمقصود أنه صالح لأن يؤخذ إدامًا، وليس كما ظنوا أنه غير صالح لذلك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَكْلِ الثُّومِ 3822 - "فليعتزلنا" أي مجامعنا أو ليعتزل مسجدنا، قيل: مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: بل جنس المسجد "وليقعد في بيته" ظاهره أنه لا يخرج إلى الأسواق أيضًا ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (7/ 13).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبَدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ، مِنَ الْبُقُولِ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ، فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ، فَقَالَ: «قَرِّبُوهَا» إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ: «كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي، مَنْ لَا تُنَاجِي» قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: «بِبَدْرٍ فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ طَبَقٌ». 3823 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا النَّجِيبِ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الثُّومُ وَالْبَصَلُ، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَشَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ الثُّومُ، أَفَتُحَرِّمُهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُوهُ وَمَنْ أَكَلَهُ مِنْكُمْ فَلَا يَقْرَبْ هَذَا الْمَسْجِدَ حَتَّى === لما فيه من إيذاء المسلمين، ويحتمل أنه قال تأكيدًا للأمر باعتزال المساجد والله تعالى أعلم. "ببدر" أي طبق سمي بدرًا لاستدارته (¬1)، "خضرات" بفتح الخاء وكسر الضاد جمع خضر وهي البقلة الخضراء، ويروى بضم الخاء وفتح الضاد بمعناه، "كان معه" أي في البيت وهو أبو أيوب الأنصاري "من لا تناجي" من الملائكة والشد ذلك أي ما ذكر من البقول ريحًا، "فلا يقرب" بفتح الراء مجزومًا أو مرفوعًا وعلى الأول نهي أو نفي، والجزم لكونه خبرًا لمن تفل بمثناة وفاء تفله بسكون الفاء، سبقت على بناء المفعول، "فإذا أنا معصوب" في النهاية من ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 255).

يَذْهَبَ رِيحُهُ مِنْهُ». 3824 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَظُنُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَمَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» ثَلَاثًا. 3825 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ الْمَسَاجِدَ». 3826 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أبُو هِلَالٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ ثُومًا فَأَتَيْتُ مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُبِقْتُ بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِيحَ الثُّومِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا» أَوْ «رِيحُهُ» فَلَمَّا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنِّي يَدَكَ، قَالَ: فَأَدْخَلْتُ يَدَهُ فِي كُمِّ قَمِيصِي إِلَى صَدْرِي فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ، قَالَ: «إِنَّ لَكَ عُذْرًا». === عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشد جوفه بعصابة وربما جعل تحتها حجرًا (¬1). ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 244).

باب في التمر

3827 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَيْسَرَةَ يَعْنِي الْعَطَّارَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، وَقَالَ: «مَنْ أَكَلَهُمَا فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» وَقَالَ: «إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ آكِلِيهِمَا فَأَمِيتُوهُمَا طَبْخًا» قَالَ: يَعْنِي الْبَصَلَ وَالثُّومَ. 3828 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ أَبُو وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: «نُهِيَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ إِلَّا مَطْبُوخًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «شَرِيكُ بْنُ حَنْبَلٍ». 3829 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ح وحَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي زِيَادٍ خِيَارِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، عَنِ الْبَصَلِ، فَقَالَتْ: «إِنَّ آخِرَ طَعَامٍ أَكَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامٌ فِيهِ بَصَلٌ». بَابٌ فِي التَّمْرِ 3830 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، === 3827 - "فأميتوهما " أي أزيلوا ريحها بالطبخ. 3829 - "فيه بصل" أي مطبوخ فيه وهو غير داخل في النهي. بَابٌ فِي التَّمْرِ 3830 - "أخذ كسرة" بكسر الكاف، "هذه إِدام" هذه قيل أخبر بذلك لأن

باب [في] تفتيش التمر [المسوس] عند الأكل

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ الْأَعْوَرِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً»، وَقَالَ: «هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ». 3831 - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ، جِيَاعٌ أَهْلُهُ». بَابٌ [فِي] تَفْتِيشِ التَّمْرِ [الْمُسَوَّسِ] عِنْدَ الْأَكْلِ 3832 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ أَبُو قُتَيْبَةَ، === التمر كان عندهم طعاما مستقلًا ولم يكن متعارفًا بالإدومة، فأخبر بذلك لبيان أنه يصلح لها. قال ابن القيم: وهذا من تدبير الغذاء، فإن الشعير بارد يابس والتمر حار رطب على أصح القولين (¬1)، فإدام خبز الشعير به من أحسن التدبير. 3831 - "جياع" بكسر الجيم جمع جائع، قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: لأن التمر كان قوتهم، فإذا خلا منها البيت جاع أهله، وأهل كل بلدة بالنظر إلى قوتهم يقولون كذلك، وقال الطيبي: لعله حث على القناعة في بلاد كثر فيها التمر، أي من قنع به لا يجوع، وقيل: هو تفضيل للتمر والله تعالى أعلم (¬2). بَابٌ [فِي] تَفْتِيشِ التَّمْرِ [الْمُسَوَّسِ] عِنْدَ الْأَكْلِ 3832 - "يخرج" فيه كراهة أكل ما يظن فيه دود بلا تفتيش والله ¬

_ (¬1) زاد المعاد (4/ 292، 330). (¬2) عون المعبود (10/ 219).

باب الإقران في التمر عند الأكل

عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ «فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ». 3833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالتَّمْرِ فِيهِ دُودٌ فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. بَابُ الْإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عِنْدَ الْأَكْلِ 3834 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الإِقْرَانِ، إِلَّا أَنْ تَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَكَ». بَابٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فِي الْأَكْلِ 3835 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ === تعالى أعلم. بَابُ الْإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عِنْدَ الْأَكْلِ 3834 - "عن الإِقران" من أقرن بين الشيئين إذا جمع بينهما، "تستأذن" خطاب للآكل القارن، "أصحابك" هم من يأكلون معه، والمطلوب التسوية في الأكل إذا لم يكن لأحد الآكلين ترجيح فيجوز إقران الكل وإقران المالك إذا أكل غير المالكين، نعم الأقرب إلى المروة ترك الإقران مطلقًا، إذا لم يدع إليه داع والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فِي الْأَكْلِ 3835 - "يأكل القثاء" بكسر القاف وضمها والكسر أشهر وتشديد المثلثة.

أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ. 3836 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === 3836 - "يأكل البطيخ" تقديم الباء على الطاء وفي بعض النسخ بتقديم الطاء على الباء. قال الخطابي: هو لغة في البطيخ (¬1). في المواهب حكاها صاحب المحكم، ثم قال: وروى الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن جعفر قال: رأيت في يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - قثاء وفي شماله رطبًا وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة (2)، وفي سنده ضعف، وأخرج فيه من حديث أنس: "كان يأخذ الرطب بيمينه والبطيخ بيساره فيأكل الرطب بالبطيخ وكان أحب الفاكهة إليه" (¬2) وسنده ضعيف، قال السيوطي: قال ابن القيم: في الهدي في البطيخ عدة أحاديث لا يصح منها شيء غير هذا الحديث، قال: والمراد به الأخضر وهو بارد (¬3) رطب، قال في المواهب: وأخرج النسائي بسند صحيح عن حميد عن أنس قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرطب والخربز" (¬4) وهو بكسر خاء معجمة وسكون راء مهملة وكسر موحدة بعدها زاي معجمة نوع من البطيخ الأصفر، وفي هذا تعقيب على من ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 256). (¬2) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 173) رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه أحرمة بن حوشب وهو متروك. (¬3) زاد المعاد (4/ 287). (¬4) النسائي في الكبرى (6726).

باب الأكل في آنية أهل الكتاب

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ فَيَقُولُ: نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا. 3837 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ قَالَا: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ». بَابُ الْأَكْلِ فِي آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ 3838 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ === زعم أن المراد بالبطيخ في الحديث الأخضر، واعتلوا بأن الأصفر فيه حرارة كما في الرطب، وقد ورد التعليل بأن أحدهما يطفيء حرارة الآخر، والجواب عن ذلك بأن في الأصفر بالنسبة إلى الرطب برودة وإن كان فيه لحلاوته طرف حرارة والله تعالى أعلم اهـ. قلت: لا يلزم من ذكر الخربز في حديث أنس إن يحمل البطيخ في حديث عائشة عليه، فيجوز أن يحمل البطيخ في حديث عائشة على الأخضر كما قال ابن القيم ليلائم التعليل بكسر حرارة الرطب ببرودة البطيخ فافهم، وقال الطيبي: لعل البطيخ كان نيًّا غير نضيج فهو حينئذ بارد والله تعالى أعلم. 3137 - "زبدًا" بضم فسكون قيل: يجب الجمع بينهما، لأن دسومة الزبد تذهب عضوضة التمر. بَابُ الْأَكْلِ فِي آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ 3838 - "فنستمتع بها بلا غسل" لأن الأصل الطهارة ولم يتبين لهم

باب في دواب البحر

بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ». 3839 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمُ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمُ الْخَمْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَكُلُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا». بَابٌ فِي دَوَابِّ الْبَحْرِ 3840 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، === استعمالهم في النجاسة أو يغسل. 3839 - "وإن لم تجدوا غيرها" فيه استحباب الاحتراز عن آنيتهم مع وجود الغير؛ إذ الكلام فيما يستعملون فيه الأشياء النجسة والاحتراز عنها أحسن، "فارحضوها" بفتح الحاء المهملة وبالضاد المعجمة أي اغسلوها من رحضه كمنعه غسله. بَابٌ فِي دَوَابِّ الْبَحْرِ 3840 - "وأمّر" بتشديد الميم أي جعله أميرًا، "جراب" بكسر الجيم وعاء من

باب في الفأرة تقع في السمن

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ نَجِدْ لَهُ غَيْرَهُ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، كُنَّا نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ، فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ، فَنَأْكُلُهُ، وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ وَلَا تَحِلُّ لَنَا، ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ فَكُلُوا، فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا مِنْهُ؟ » فَأَرْسَلْنَا مِنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَكَلَ. بَابٌ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ 3841 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ === إهاب شاة يوعى فيه الحب والدقيق، "نمصها" بفتح ميم وتشديد صاد من باب سمع، "بعصينا" بكسرتين وتشديد الياء جمع عصى، "الحبط" بفتحتين ورق الشجر يضرب بعصا ليتناثر الورق، "الكثيب" المجتمع من الرمل الذي يظهر كالجبل، "وقد اضطررتم" على بناء المفعول فزعم أنه حلال للاضطرار، فبين لهم - صلى الله عليه وسلم - بقوله: فتطعمونا أنه حلال بلا اضطرار لتطيب به قلوبهم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ 3841 - "ألقوا ما حولها" أي إذا كان جامدًا كما في حديث أبي هريرة،

عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، أَنَّ فَأْرَةً، وَقَعَتْ، فِي سَمْنٍ فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلْقُوا مَا حَوْلَهَا وَكُلُوا». 3842 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، - وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ - قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَقَعَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا، وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» قَالَ: الْحَسَنُ، قَالَ: عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 3843 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ === "وكلوا" أي الباقي، قيل: وما حولها يدل على أنه جامد؛ إذ لو كان مايعًا لما كان له حول يعني فلا حاجة إلى قيد زائد في الكلام، والمراد بما حولها: ما يظهر وصول الأثر إليه، ففيه تفويض إلى نظر المكلف في أمثاله. 3842 - "فلا تقربوه" يفيد أنه ليس له طريق تطهير وأنه لا يجوز بيعه والانتفاع به، "الاستصباح"، ومن جوز ذلك حمله على الأكل، "فامقلوه" المقل الغمس والغوص في الماء، والمراد أدخلوه في ذلك الإناء وذلك قد يفضي إلى الموت، فدل الحديث على أن ما لا دم فيه موته لا ينجس الماء وغيره. "أمر بالغمس" خوفًا من تنجس الطعام ونحوه وأنه يتقي أي يحفظ نفسه بتقديم ذلك الجناح من أذية تلحقه من حرارة الطعام، وقيل: هو من اتقي بحق فلان إذا استقبله به وقدمه إليه، أي أنه يقدم جناحه الذي فيه الداء.

باب في الذباب يقع في الطعام

بْنُ بُوذَوَيْهِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. بَابٌ فِي الذُّبَابِ يَقَعُ فِي الطَّعَامِ 3844 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ فَلْيَغْمِسْهُ كُلُّهُ». بَابٌ فِي اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ 3845 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ، وَقَالَ: «إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ» وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الصَّحْفَةَ، وَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ يُبَارَكُ لَهُ». بَابٌ فِي الْخَادِمِ يَأْكُلُ مَعَ الْمَوْلَى 3846 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَنَعَ لِأَحَدِكُمْ

باب في المنديل

خَادِمُهُ طَعَامًا ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ لِيَأْكُلَ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ مِنْهُ أَكْلَةً أَوْ أَكْلَتَيْنِ». بَابٌ فِي الْمِنْدِيلِ 3847 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحَنَّ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَهَا، أَوْ يُلْعِقَهَا». 3848 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ === بَابٌ فِي الْمِنْدِيلِ 3847 - "لعق" كسمع أي لحس، والاقتصار على الثلاث لأنه كان بها يأكل كما في الحديث، "فليمط" من أماط؛ أي يزيل، "ولا يدعها للشيطان" أي ليأكله الشيطان، أو لا يدعها للتكبر الذي هو من عمل الشيطان، أن تسلت من نصر أي نمسحها بالأصابع، وقد ولي بكسر اللاء فليقعده من أقعد أي ليجعله شريكًا معه في الأكل، "مشفوها" بالشين المعجمة والفاء أي كثرت عليه الأكلة، ولا يخفى أن أكلة كلقمة لفظًا ومعنى حتى يلعقها أو يلعقها، الأول من لعق والثاني من ألعق أي ليمكن غيره من لعقها ممن لا يقذره كالزوجة والجارية والولد والخادم لأنهم يتلذذون بذلك، وفي معناهم التلميذ ومن يعتقد التبرك بلعقها. 3848 - "بثلاث أصابع" هي الإبهام والسبابة والوسطى قيل: ولا يعرف حال الأخيرتين، أيقبضهما أو يتركهما مبسوطتين، والظاهر الأول حتى يوجد

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ === النقل، وفي المواهب الأكل بالثلاث كما في الهدى أنفع ما يكون من الأكلات؛ فإن الأكل بأصبع أي كذا بأصبعين أكل المتكبر ولا يستلذ به الأكل ولا يشبعه إلا بعد طول، والأكل بالخمسة والراحة يوجب ازدحام الطعام على الآته وعلى المعدة حتى ربما يفضي إلى الموت، فأنفع الأكل أكله - صلى الله عليه وسلم - وأكل من اقتدى به بالأصابع الثلاثة، ثم قال: وقد وقع في مرسل ابن شهاب عند سعيد بن منصور أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل أكل بخمس فيجمع بينه وبين ما تقدم باختلاف الحال، "المائدة" المائدة تطلق على خوان عليه الطعام وقد تطلق على ما عليه الطعام وإن لم يكن خوانًا فلعله المواد هاهنا، فلا ينافي ما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل على خوان قط، "كثيرًا" صفة مفعول مطلق وأريد بالكثرة عدم النهاية؛ إذ لا نهاية لحمده تعالى كما لا نهاية لنعمه تعالى، "والطيب" الخالص عن الرياء والسمعة والأوصاف الغير اللائقة بجنابه تعالى "والمبارك فيه" الدائم الذي لا ينقطع؛ فإن البركة بمعنى الثبات غير مكفي، ذكروا فيه وجوهًا، لكن الأنسب بالسياق أنه منصوب صفة حمد كالأخوات السابقة، ثم "مكفي "بفتح الميم وتشديد الياء يحتمل أن يكون من الكفاية أو من كفأت مهموزا بمعنى قلبت، والمعنى على الأول أن هذا الحمد غير مأتي به كما هو حقه لقصور القدرة البشرية عن ذلك، ومع هذا فغير مودع أي متروك بل الاشتغال به دائم من غير انقطاع، كما أن نعمه تعالى لا تنقطع عنا طرفة عين ولا مستغنى عنه بل هو مما يحتاج إليه الإنسان في كل حال ليثبت ويدوم به، يعتيد من النعم ويستجلب به المزيد، وعلى الثاني أنه غير مردود على وجه قائله بل مقبول في حضرة القدس، وعلى الوجهين مودع

باب ما يقول الرجل إذا طعم

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا طَعِمَ 3849 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بَنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا». 3850 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ». 3851 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي === بفتح الدال ومستغنى عنه بفتح النون عطف على مكفي بزيادة لا للتأكيد ربنا بالنصب بتقدير حرف النداء أو بالجر بدل من الله، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا طَعِمَ 3850 - "أطعمنا" قدمه لزيادة الاهتمام به على مقتضى الحال، ولما كان الطعام لا يخلو عن شرب في أثنائه أو بعده ذكره تبعًا وضم إليه قوله: "وجعلنا مسلمين" للجمع بين الحمد على النعمة الدنيوية والأخروية. 3851 - "إذا أكل أو شرب" ظاهره أنه يقول هذه الكلمات عند كل من

باب في غسل اليد من الطعام

أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا». بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدِ مِنَ الطَّعَامِ 3852 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ». === الأكل وحده والشرب وحده، فكأنه يذكر النعمة الثانية عند الحاضرة منهما لما بينهما من الملابسة، ويقدم الطعام لكونه الأضل والله تعالى أعلم. "وسوغه" بتشديد الواو أي سهل كل من دخول اللقمة: ونزول الشربة في الحلق، فالانفراد بتأويل كل واحد أو بتأويل ما ذكر، "وجعل له" أي لما ذكر مخرجًا أي خروجًا أو مكانه أو زمانه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي غَسْلِ الْيَدِ مِنَ الطَّعَامِ 3852 - "غمر" بفتح الغين المعجمة والميم معًا، قال الجوهري: "الغمر" بالتحريك إلخ اللحم (¬1). "فأصابه شيء" للبزار: "فأصابه خبل" وفي رواية: "فأصبه لمم" وهو المس من الجنون، وفي رواية: "فأصابه وضح" وهو البرص، وقال الطيبي وغيره: فأصابه إيذاء من الهوام، وذلك أن الهوام وذوات السموم أيما يقصده في المنام لرائحة الطعام في يده فتؤذيه. ¬

_ (¬1) مختار الصحاح للرازي (ص 480).

باب [ما جاء في] الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده

بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدُّعَاءِ لِرَبِّ الطَّعَامِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ 3853 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَنَعَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَعَامًا فَدَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ: «أَثِيبُوا أَخَاكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِثَابَتُهُ؟ قَالَ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُخِلَ بَيْتُهُ فَأُكِلَ طَعَامُهُ، وَشُرِبَ شَرَابُهُ، فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إِثَابَتُهُ». 3854 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ === قلت: وهذا لا يناسب التفسير المروي كما رأيت وكذا لا يناسب أول الحديث، فروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم من بات وفي يده ... " (¬1) إلى آخر الحديث والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ فِي] الدُّعَاءِ لِرَبِّ الطَّعَامِ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ 3853 - "أبو الهيثم بن التيهان" بفتح التاء المثناة من فوق وكسر الياء المثناة من تحت وتشديدها، "أثيبوا" من الإثابة، إذا دخل بيته بالبناء للمفعول ورفع بيته وكذا أكل طعامه وشرب شرابه، أي إذا دخل الناس بيته وأكلوا طعامه وشربوا شرابه فدعوا له فذاك الدعاء في مقابلة الطعام والشراب هو إثابته. 3854 - "إن الله أنزل" إلخ ليس في الحديث ذكر للعجوة، نعم قد جاء أن ¬

_ (¬1) الترمذي في الأطعمة (1859)، وقال الترمذي: حديث في غريب.

ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ». "آخر كتاب الأطعمة" * * * === العجوة دواء والله تعالى أعلم. "وأحل حلاله" أي بين حلاله وحرامه في كتابه وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فلا حل ولا حرمة بمجرد التشهي كما كان عليه أهل الجاهلية، "فهو عفو" أي متجاوز عنه لا يؤاخذ به، "وتلا" أي لبيان أنه لا تحريم إلا بالوحي لا لنفي أنه ليس بالسنة، نعم إنه ما ذكر السنة لعدم انضباطها والله تعالى أعلم. * * *

جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للناشر والمؤلف الطبعة الأولى 1431 هـ - 2010 م الناشر مكتبة لينَة السعودية: تليفاكس: 0096625544877 مصر: تليفاكس: 00202453320849 جوال: 0504898542 - 0598894495 الْبَرِيد الإلكتروني: [email protected]

فَتح الْوَدُوْد في شَرْح سُنَن أبي دَاوُد [4]

23 - كتاب الطب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الطِّبِّ بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَتَدَاوَى 3855 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ». === كِتَاب الطِّبِّ بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَتَدَاوَى 3855 - قوله: "كأنما على رؤوسهم الطير" كناية عن سكونهم ووقارهم في حضرته - صلى الله عليه وسلم - لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن. "تداووا" الظاهر أن الأمر للإباحة والرخصة وهو الذي يقتضيه المقام، فإن السؤال كان عن الإباحة قطعًا فالمتبادر في جوابه أنه بيان للإباحة ويفهم من كلام بعضهم أن الأمر للندب وهو بعيد، فقد ورد مدح من تراث الدواء والاسترقاء توكلًا على الله، نعم قد تداوى - صلى الله عليه وسلم - بيانًا للجواز فمن نوى موافقته - صلى الله عليه وسلم - يؤجر على ذلك، "لم يضع" أي لم يخلقه، "لهرم" كبر السن وعده من الأسقام وإ لم يكن منها لأنه من أسباب الهلاك ومقدماته كالداء، أو أنه لغير البدن عن القوة والاعتدال كالداء.

باب في الحمية

بَابٌ فِي الْحِمْيَةِ 3856 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَامِرٍ، - وَهَذَا لَفْظُ أَبِي عَامِرٍ - عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ أُمِّ الْمُنْذِرِ بِنْتِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام، وَعَلِيٌّ نَاقِهٌ وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَامَ عَلِيٌّ لِيَأْكُلَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «مَهْ إِنَّكَ نَاقِهٌ» حَتَّى كَفَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَتْ: وَصَنَعْتُ شَعِيرًا وَسِلْقًا، فَجِئْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا عَلِيُّ أَصِبْ مِنْ هَذَا فَهُوَ أَنْفَعُ لَكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ هَارُونُ الْعَدَوِيَّةَ». === بَابٌ فِي الْحِمْيَةِ بكسر حاء وسكون ميم من حميت المريض الطعام حمية أي منعته منه. 3856 - "وعليّ ناقة" بكسر القاف أي قريب العهد بالمرض، "دوال" جمع دالية وهي العذق من البسر يعلق، فإذا أرطب أكل، "مهْ" كلمة يراد بها الكف، والسِّلف بكسر السين وسكون اللام معروف إن كان في شيء إلخ، التعليق بهذا الشرط ليس للشك بل للتحقيق والتأكيد إذ وجود الخير في شيء من الأدوية من المحقق الذي لا يمكن فيه الشك، فالتعليق به يوجب تحقيق المعلق به بلا ريب، كأن يقال إن كان في أحد في العالم خير ففيك ونحو ذلك والله تعالى أعلم.

باب في الحجامة

بَابٌ فِي الْحِجَامَةِ 3857 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرِةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ خَيْرٌ فَالْحِجَامَةُ». 3858 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، حَدَّثَنَا فَائِدٌ، مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ مَوْلَاهُ، عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ جَدَّتِهِ سَلْمَى خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ يَشْتَكِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَعًا فِي رَأْسِهِ إِلَّا قَالَ: احْتَجِمْ، وَلَا وَجَعًا فِي رِجْلَيْهِ، إِلَّا قَالَ اخْضِبْهُمَا. بَابٌ فِي مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ 3859 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، === بَابٌ فِي الْحِجَامَةِ 3858 - "خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" اسم الخادم يطلق على الذكر والأنثى، "أخصبهما" زاد البخاري في تاريخه بالحناء، والظاهر أن عموم الأول: مخصوص بالأمراض الدموية، والثاني: بما إذا كان منشأ المرض غلبة الحرارة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ 3859 - "على هامته" بتخفيف الميم: الرأس من هذه الدماء، الظاهر دماء

باب متى تستحب الحجامة؟

قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ، - قَالَ: كَثِيرٌ إِنَّهُ حَدَّثَهُ -: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْتَجِمُ عَلَى هَامَتِهِ، وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ أَهْرَاقَ مِنْ هَذِهِ الدِّمَاءِ، فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَتَدَاوَى بِشَيْءٍ لِشَيْءٍ». 3860 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ ثَلَاثًا فِي الْأَخْدَعَيْنِ، وَالْكَاهِلِ» قَالَ مُعَمَّرٌ: «احْتَجَمْتُ فَذَهَبَ عَقْلِي حَتَّى كُنْتُ أُلَقَّنُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي صَلَاتِي، وَكَانَ احْتَجَمَ عَلَى هَامَتِهِ». بَابُ مَتَى تُسْتَحَبُّ الْحِجَامَةُ؟ 3861 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله === هذه الأعضاء المذكورة، ويحتمل أن المراد جنس الدماء من أي عضو كان، "لشيء" أي من الأمراض الدموية والله تعالى أعلم. 3860 - "في الأخدعين" هما عرقان في جانب العنق، والكاهل مقدم الظهر وهو ما بين الكتفين، وكان احتجم على هامته وكأنه أخطأ الوضع أو المرض والله تعالى أعلم. بَابُ مَتَى تُسْتَحَبُّ الْحِجَامَةُ؟ 3861 - "لسبع عشرة" قالوا: الحكمة في ذلك؛ أن الدم يغلب في أوائل

عليه وسلم: «مَنْ احْتَجَمَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ، وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، كَانَ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ». 3862 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَتْنِي عَمَّتِي كَبْشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرَةَ، وَقَالَ: غَيْرُ مُوسَى كَيِّسَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ أَبَاهَا، كَانَ يَنْهَى أَهْلَهُ عَنِ الحِجَامَةِ، يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَيَزْعُمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ يَوْمُ الدَّمِ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَرْقَأُ». 3863 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ === الشهر ويقل في أواخره، فأوساطه يكون أولى وأوفق، "كان شفاء من كل داء" قيل: ترغيب وتوكيد ولعل المراد داء يناسب إخراج الدم والله تعالى أعلم. اهـ. 3862 - "عمتي كبشة" قالوا: الصواب كيسة بمثناة تحتية مشددة وسين مهملة، ويزعم أي يقول واستعمال الزعم في القول المحقق كثير. "بعض" لتضمين معنى الرواية، لا يرقأ بالهمزة أي لا ينقطع ولا يسكن، قال السيوطي هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات (¬1)، وقد تعقبته فيما تعقبته عليه، وبكار بن عبد العزيز استشهد به البخاري في صحيحه، وروى له في الأدب وقال ابن معين: صالح بن عدي أرجو أنه لا بأس به وهو ممن يكتب حديثه. 3863 - "احتجم على وركه" لعل الحاجم بعض من يحل له النظر، "من ¬

_ (¬1) عون المعبود (10/ 244).

باب في قطع العرق [وموضع الحجم]

جَابِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ، مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِهِ». بَابٌ فِي قَطْعِ الْعِرْقِ [وَمَوْضِعِ الْحَجْمِ] 3864 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُبَيٍّ طَبِيبًا فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا». بَابٌ فِي الْكَيِّ 3865 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمُّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الكَيِّ === وثءٍ" بفتح واو وسكون مثلثة آخره همزة، والعامة تقول بالياء وهو غلط، وجع يصيب اللحم لا يبلغ العظم أو وجع يصيب من غير كسر. بَابٌ فِي قَطْعِ الْعِرْقِ [وَمَوْضِعِ الْحَجْمِ] 3864 - "إلى أُبيّ" بضم همزة وفتح ياء وتشديد ياء هو الصواب، والمراد أبي بن كعب وصحفه بعضهم فجعله الأب المضاف إلى ياء المتكلم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْكَيِّ 3865 - "فاكتوينا" أي حملا للنهي على التنزيه أو على ما إذا أمكن دفع المرض بعلاج آخر أو على أن النهي لمن يرى الكسر مؤثرًا كأهل الجاهلية حتى اشتهر بينهم أن آخر الدواء الكي، وإنما حملوا على ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كوى

باب في السعوط

فَاكْتَوَيْنَا، فَمَا أَفْلَحْنَ، وَلَا أَنْجَحْنَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَكَانَ يَسْمَعُ تَسْلِيمَ الْمَلَائِكَةِ فَلَمَّا اكْتَوَى انْقَطَعَ عَنْهُ فَلَمَّا تَرَكَ رَجَعَ إِلَيْهِ». 3866 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمِيَّتِهِ». بَابٌ فِي السَّعُوطِ 3867 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَطَ». === سعدًا ولو كان النهي للتحريم على إطلاق لما كواه، وروى أنه كان يرى الحفظة وكانت تكلمه وكان يسلم عليه الملائكة حتى اكتوى فاحتبس عنه حتى ذهب أثر الكي، ثم عاد، "فما أفلحن" وفي لفظ الترمذي "فما أفلحنا" أي عن ارتكاب النهي، "ولا أنجحن" أي ولا حصلنا المطلوب بالكي، وأما "فما أفلحن" بسقوط الألف فالظاهر أنه سقط من الكاتب واللفظ يقرأ كما في الترمذي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي السَّعُوطِ 3867 - هو بالفتح ما يجعل من الدواء في الأنف، "واستعط" افتعال منه أي استعمله.

باب في النشرة

بَابٌ فِي النُّشْرَةِ 3868 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ: «هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ». بَابٌ فِي التِّرْيَاقِ 3869 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يِزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا شَرَاحِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْمُعَافِرِيُّ، عَنْ === بَابٌ فِي النُّشْرَةِ 3868 - "عن النشرة" بضم النون وسكون الشين المعجمة نوع من الرقية يعالج بها المجنون (¬1)، ولعله كان مشتملًا على أسماء الشياطين أو كان بلسان غير معلوم فلذلك جاء أنها سحر، سمى نشرة لانتشار الداء وانكشاف البلاء به. بَابٌ فِي التِّرْيَاقِ 3869 - "ما أبالي ما أتيت" أي أن المرء يبالي بما يأتي ويميز بين الجائز منه وغيره للمحافظة على الورع والتقوى، فإن فعلت أنا شيئًا من هذه الأشياء فما بقي لي من التقوى شيء، حتى أبالي بما آتي محافظة عليها والمقصود تقبيح هذه الأفعال في حقه - صلى الله عليه وسلم -، وأما في حق غيره فيعرف حال كل من هذه الأفعال من موضعه، وسيجيء نوع بيان فيما يأتي في بيان الحديث، "ترياق" المشهور كسر التاء وقد تضم وقد تبدل وإلا فهو دواء مركب نافع عن السموم، قيل وجه قبحه ¬

_ (¬1) قيل: النشرة: يعالج به عن كان يظن أن به مسًّا من الجن وهي نوع من الرقية. النهاية (5/ 54).

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أُبَالِي مَا أَتَيْتُ إِنْ أَنَا === أن يجعل فيه لحوم الأفاعي والحمر من الأشياء المحرمة فلو عمل ترياق ليس فيه منها فلا بأس به، وقيل الأحوط تركه عملًا بإطلاق الحديث. "والتميمة" ما تعلق في العنق من العين وغيرها من التعويذات: التمائم، "وتعلقت" أي علقت فهو من التعلق بمعنى التعليق، قيل المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وأظفار السباع وعظامها، أما ما يكون بالقرآن والأسماء الإلهية فهو خارج عن هذا الحكم بل جائز لحديث عبد الله بن عمرو أنه كان يعلق على الصغار بعض ذلك، وقيل القبح إذا علق شيئًا معتقدًا جلب نفع أو دفع ضرر أما للتبرك فيجوز. وقال القاضي في شرح الترمذي: تعليق القرآن ليس طريق السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق، وأما قبح الشعر على إطلاق فمخصوص به لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (¬1). وقوله: "من قبل نفسي" فيه إشارة إلي أن إنشاد شعر الغير جائز له - صلى الله عليه وسلم -، والشعر اصطلاحًا ما يكون عن قصد فالموزون اتفاقًا ليس منه فلا إشكال بمثله والله تعالى أعلم. "إن الله أنزل" أي خلق ولما كان الخلق من الله تعالى وبواسطة بعض الأسباب السماوية عبر عنه بالإنزال، وقيل عبر عن الخلق بالإنزال لأن الأمر التكويني ينزل ¬

(¬1) سورة يس: آية (69).

باب في الأدوية المكروهة

شَرِبْتُ تِرْيَاقًا، أَوْ تَعَلَّقْتُ تَمِيمَةً، أَوْ قُلْتُ الشِّعْرَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ قَوْمٌ يَعْنِي التِّرْيَاقَ». بَابٌ فِي الْأَدْوِيَةِ الْمَكْرُوهَةِ 3870 - قَالَ: لَنَا حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ». 3871 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثيِرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ: «أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ، فَنَهَاهُ النَّبِيُّ === من السماء، قال الله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} (¬1) بحرام ظاهره أنه ما جاء به التداوي كأبوال الإبل حلال، ومن لا يقول بحله يقول أنه مخصوص بغير الوارد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْأَدْوِيَةِ الْمَكْرُوهَةِ 3871 - "ضفدع" بكسر الضاد والدال أو بفتح الدال عن قتلها كناية عن التداوي بها لأن التداوي بها يتوقف على القتل، فإذا حرم القتل حرم التداوي بها أيضًا، وذلك إما لأنه نجس أو لأنه مستقذر، عن الدواء الخبيث، قيل: هو النجس أو الحرام أو ما يتنفر عنه الطبع، وقد جاء تفسيره في رواية الترمذي بالسم ¬

_ (¬1) لعل الناسخ أخطأ، والصحيح {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} سورة السجدة: آية (5).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا». 3872 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَسَا سُمًّا فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا». 3873 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ طَارِقُ بْنُ سُوَيْدٍ أَوْ سُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ سَأَلَ النَّبِيَّ === والله تعالى أعلم (¬1). 3872 - "من حسا" آخره ألف أي شرب وتجرع، "والسم" بفتح السين وضمها وقيل مثلثة السين دواء قاتل يطرح في طعام أو ماء فينبغي أن يحمل حسا على معنى أدخل في باطنه ليعم الأكل والشرب جميعًا، "يتحساه" يشربه يتجرعه، "خالدًا مخلدًا أبدًا" قال الترمذي: قد جاءت الرواية بلا ذكر "خالدا مخلدًا أبدًا" وهي أصح لما ثبت من خروج أهل التوحيد من النار. قلت: إن صح فهو محمول على من يستحل ذلك، أو على أنه يستحق ذلك الجزاء، وقيل هو محمول على الامتداد وطول المكث والله تعالى أعلم. 3873 - "ولكنها داء" قال القاضي أبو بكر في شرح الترمذي: إن قيل فنحن نشاهد الصحة والقوة عند شربها. قلنا: إن ذلك إمهال واستدراج وأن الدواء ما يصحح البدن ولا يسقم الدين، فداؤه أعظم من دوائه، وقال الخطابي: أراد بالداء الإثم بتشبيهه الضرر ¬

_ (¬1) الترمذي في الطب (2044).

باب في تمرة العجوة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهَا دَوَاءٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَلَكِنَّهَا دَاءٌ». 3874 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ». بَابٌ فِي تَمْرَةِ الْعَجْوَةِ 3875 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: مَرِضْتُ مَرَضًا أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الأخروي بالضرر الدنيوي (¬1) , وقال الشيخ تقي الدين السبكي: كلما يقول الأطباء في الخمر من المنافع فهو شيء عند شهادة القرآن بأن فيها منافع للناس قبل تحريمها، وأما بعد نزول آية التحريم فإن الله الخالق لكل شيء سلبها المنافع جملة، فليس فيها شيء من المنافع, وعليه يدل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها" (¬2) وبهذا تسقط مسألة التداوي بالخمر. اهـ. بَابٌ فِي تَمْرَةِ الْعَجْوَةِ 3875 - "في فؤادي" بضم الفاء والهمزة يعني القلب أو وسطه أو غشاءه, ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 222، 223). (¬2) البخاري في الأشربة (5614) برواية: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" عن ابن مسعود.

وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِي فَقَالَ: «إِنَّكَ رَجُلٌ مَفْئُودٌ، ائْتِ الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَتَطَبَّبُ فَلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنَّ بِنَوَاهُنَّ ثُمَّ لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ». 3876 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَصَبَّحَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سَمٌّ === أقوال. مفؤود (¬1) من أصيب فؤاده، (ابن كلدة) بفتح الكاف واللام "أخا ثقيف" أي ثقيفًا ويضاف أهل القبيلة إليها بالأخ كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} (¬2) يتطيب التفعل ما للكمال أو للتكلف للإشارة إن النقصان، فلذلك وصف الدواء من عنده وعلى الأول وصف له ذلك، لئلا يوقعه الطيب في دواء أشق، وأحال الصنية إليه لكونها أسهل عليه، "فليجأهن" (¬3) بالهمزة أي ليدقهن ثم ليلدك بضم اللام وتشديد الدال من لدَّ إذا صب في فمه أي ليجعله في الماء ويسقيك. 3876 - "من تصبح" أي أكل وقت الصباح أي على الريق "سبع تمرات عجوة" روي بإضافة العام إلى الخاص وبنصب عجوة على أنّه تمييز وبجرها على أنه عطف بيان، والعجوة نوع من التمر بالعالية كان قريبًا من المدينة لم يضره، أما ¬

_ (¬1) قال الخطابي: المفؤود هو الذي أصيب فؤاده كما قالوا لمن أصيب رأسه مرؤوس ولمن أصيب بطنه مبطون. انظر معالم السنن (4/ 224). (¬2) سورة الأحقاف: آية (29). (¬3) فليجأهن: بفتح الياء والجيم: فليكسرهن.

باب في العلاق

وَلَا سِحْرٌ». بَابٌ فِي الْعِلَاقِ 3877 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ، وَحَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لِي قَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرَةِ فَقَالَ: عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادَكُنَّ بِهَذَا الْعِلَاقِ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِيِّ، فَإِنَّ فِيهِ === لخاصيته في ذلك التمر أو لدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك النوع من التمر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْعِلَاقِ 3877 - "قد أعلقت عليه من العذرة" بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وجع أو ورم يهيج في الحلق من الدم أيام الحر، والإعلاق غمز ذلك الموضع بالأصبع ليخرج منه دم أسود، قيل الهمزة فيه للازالة بمعنى إزالة العلوق وهي الداهية، وقيل لو جعل بمعنى إزالة العلق بفتحتين بمعنى الدم لكلان وجهًا، ثم الإعلاق المذكور يقال له الدغر أيضًا بالدال المهملة والغين المعجمة آخره راء، قال الخطابي: المحدثون تقول: أعلقت عليه وإنما هو أعلقت على أي رفعت عنه العلوق (¬1)، "علامَ تدغرون" على حذف ألف ما الاستفهامية تخفيفًا، وفيه معنى الإنكار، "بهذا العلاق" بفتح العين أي بهذا الغمز والدغر. قيل: الصواب بهذا الإعلاق، مصدر أعلق، وقيل بل يمكن أن يكون ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 225).

باب في الأمر بالكحل

سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ: يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " يَعْنِي بِالْعُودِ: الْقُسْطَ. بَابٌ فِي الْأَمْرِ بِالْكَحْلِ 3878 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ: يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَيْنِ 3879 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ === العلاق أسماء من أعلق، "يسعط" على بناء المفعول من السعوط بالفتح وهو صب الدواء في الأنف، ويلد من اللدود بالفتح وهو صب الدواء في الفم, القسط بضم القاف معروف, الإثمد بكسر همزة وسكون مثلثة وميم مكسورة, قيل هو الحجر المعروف للاكتحال وقيل هو كحل أصفهاني. بَابٌ فِي الْأَمْرِ بِالْكَحْلِ 3878 - "يجلو" من الجلاء أي نزيده نورًا، "بينت" من الإنبات، "الشعر" بفتح الشين شعر أهداب العين. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَيْنِ 3879 - "العين حق" لا بمعنى أن لها تأثير ذاتيًّا بل بمعنى أنها سبب عادي

باب في الغيل

هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهِ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَيْنُ حَقٌّ». 3880 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ». بَابٌ فِي الْغَيْلِ 3881 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ === كسائر الأسباب العادية "يخلق الله تعالى" عند نظر العاين إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة. 3880 - "فيتوضأ" هو أن يغسل العاين داخلة إزاره ووجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه في قدح، ثم يصب على من أصابه العين" وهو المراد بالمعين اسم مفعول كمبيع واختلفوا في داخلة الإزار، قيل: الفرج وقال القاضي والظاهر الأقوى أنه ما يلي البدن من الإزار. بَابٌ فِي الْغَيْلِ 3881 - "فإن الغيل" (¬1) بفتح الغين الجمع بن الجماع والرضاع بأن يجامع الرجل امرأته وهي ترضع، والمراد أن ذاك مضر بالولد الرضيع إن لم يظهر أثره ¬

_ (¬1) قال الخطابي: أصل الغيل أن يجامع الرجال المرأة وهي مرضع، يقال منه أغال الرجل وأغيل الولد مغال ومغيل. معالم السنن (4/ 225).

باب في [تعليق] التمائم

أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا، فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ». 3882 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جُدَامَةَ الْأَسَدِيَّةِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ، وَفَارِسَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» قَالَ مَالِكٌ: الْغِيلَةُ: أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ. بَابٌ فِي [تَعْلِيقِ] التَّمَائِمِ 3883 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ === في الحال، حتى ربما يظهر أثره بعد أن يصير الولد رجلًا فارسًا فيسقطه ذلك الأثر عن فرسه فيموت، "ودعثر" كدحرج أي هدم، عن الغيلة بفتح الغين وكسرها، وقيل بالكسر اسم من الغيل ولا يفتح إلا مع حذف الهاء، وقيل بل يفتح مع الهاء إذا أريد المرأة، كانت العرب يحترزون بزعم المضرة فأراد - صلى الله عليه وسلم - النهي عنها, فرأي أن فارس الروم يفعلونه ولا يضرهم, ولم نبه وفيه دليل على أن - صلى الله عليه وسلم - كان يجتهد أحيانًا، وأما الحديث السابق فيحتمل أنه قاله على زعم ثم علم أنه لا يضر ويحتمل أنه قاله بعد هذا حيث حقق أنه يضر، إلا أن الضرر قد يخفى إلى الكبر والله تعالى. بَابٌ فِي [تَعْلِيقِ] التَّمَائِمِ 3883 - "إن الرقى" بضم الراء وفتح القاف مقصور جمع رقية بضم فسكون

عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ» قَالَتْ: قُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا رَقَاهَا كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِي كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا». 3884 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ === العوذة، والمراد ما كان بأسماء الأصنام والشياطين لا ما كان بالقرآن ونحوه، "التمائم" جمع تميمة أريد بها الخرزات التي يعلقها النساء في أعناق الأولاد على ظن أنها تؤثر وتدفع العين. "والتولة" بكسر التاء المثناة من فوق وفتح الواو واللام نوع من السحر يحبب المرأة إلى زوجها، "شرك" أي من أفعال المشركين أو لأنه قد يفضي إلى الشرك إذا اعتقد أن له تأثيرًا حقيقة، وقيل المراد الشرك الخفي بترك التوكل والاعتماد على الله سبحانه وتعالى، تقذف على بناء الفاعل أي ترمي بالرمص والماء من الوجع، أو على بناء المفعول أي تبلغ من غاية الألم إلى أنها كأنها ترمى، "ينخسها" كينصر أي يحركها ويؤذيها. 3884 - "أو حمة" (¬1) بضم ففتح مخفف السم أراد أنهما أحق بالرقية لشدة ¬

_ (¬1) قال الخطابي: الحمة سم ذوات السموم، وقد تسمى إبرة العقرب والزنبور رحمة، وذلك لأنها مجرى السم. انظر معالم السنن (4/ 226).

باب [ما جاء] في الرقى

حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّقَى 3885 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وابْنُ السَّرْحِ، - قَالَ: أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وقَالَ: ابْنُ السَّرْحِ - أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْروِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: ابْنُ صَالِحٍ: مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ - قَالَ: أَحْمَدُ وَهُوَ مَرِيضٌ - فَقَالَ: «اكْشِفِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ» ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بَطْحَانَ فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ ثُمَّ نَفَثَ عَلَيْهِ بِمَاءٍ وَصَبَّهُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ ابْنُ السَّرْحِ يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ». 3886 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ === الضرو فيهما ولم يرد الحصر. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّقَى 3885 - "من بطحان" (¬1) بفتح الماء وأكثر أهل الحديث يضمون الباء اسم واد بالمدينة، "نرقي" بكسر القاف. 3886 - "لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا" وهذا هو وجه التوفيق بين ¬

_ (¬1) النهاية (1/ 135).

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ تَكُنْ شِرْكًا». 3887 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ الشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ === أحاديث النهي عن الرقية والإذن فيها. 3887 - "عن الشفاء" (¬1) بكسر الشين وتخفيف الفاء والمد بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف، وقيل خالد القرشية العدوية، من عاقلات النساء وفاضلاتهن، أسلمت قديمًا. "هذه" أي حفصة "رقية النملة" بفتح نون وسكون ميم قروح تخرج من الجنب ترقى فتبرأ بإذن الله، قيل: لم يرد ذلك وإنما أراد كلامًا كانت نساء العرب تسميه رقية النملة، وهو قولهم العروس تنتعل وتختضب وتكتحل، وكل شيء تفعل غير أنها لا تعصي الرجل، والمقصود تعريض حفصة بأنها عصت الزوج في إفشائها سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كانت تعلم رقية النملة لما عصت، وهذا مردود بما أخرجه ابن منده وأبو نعيم أنها كانت ترقى في الجاهلية وأنها لما هاجرت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت قد بايعته بمكة قبل أن تخرج فتقدمت عليه فقالت: يا رسول الله؛ إني قد كنت أرقى برقي في الجاهلية فقد أردت أن أعرضها عليك قال: "فأعرضيها"، قالت فعرضتها عليه وكانت ترقى من النملة، فقال: "أرقى بها ¬

_ (¬1) تقريب التهذيب (2/ 602).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فَقَالَ لِي: «أَلَا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الْكِتَابَةَ». 3888 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي، قَالَتْ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيفٍ، يَقُولُ: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ فِيهِ فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذُ» قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي وَالرُّقَى صَالِحَةٌ فَقَالَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الْحُمَةُ: مِنَ الْحَيَّاتِ وَمَا يَلْسَعُ. 3889 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، ح وحَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ === وعلميها حفصة" إلى هنا رواية ابن منده, وزاد أبو نعيم، "بسم الله ضلت حتى حتى يعود من أفواهها ولا تضر أحدًا، اكشف البأس رب الناس" ذكره الحافظ في الإصابة (¬1)، وضمير "ضلت" للقروح المسماة بالنملة. 3888 - "فنمي" على بناء المفعول مخففًا أو مشددًا أي رفع، والأول يستعمل في رفع الخبر على وجه الإصلاح، والثاني رفعه على وجه الإفساد وها هنا يمكن أن يكون مقصود الرافع الإصلاح في شأن المعين أو الإفساد في شأن العائن، "في نفس" أي عين أو لدغة بدال مهملة وغين معجمة أي عض بالأسنان كما في الحية وأمثالها. 3889 - "يرقأ" على بناء المفعول من إرقاء الله، "دمعه" بهمزة في آخره أي ¬

_ (¬1) الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 341 , 342).

باب كيف الرقى؟

الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ ذَرِيحٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ الْعَبَّاسُ: عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ، أَوْ دَمٍ يَرْقَأُ» لَمْ يَذْكُرِ الْعَبَّاسُ الْعَيْنَ وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. بَابُ كَيْفَ الرُّقَى؟ 3890 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ يَعْنِي لِثَابِتٍ أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَقَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَأْسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، اشْفِهِ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا». 3891 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ أَنَّ === سكنه، ويحتمل أنه على بناء الفاعل من رقاء أي سكن على أنه جواب سؤال، كأنه قيل ماذا يحصل بعد الرقية فأجيب بأنه يرقأ الدم، ثم فسر الدم بالرعاف وقيل ولو عمم حتى يشمل جميع العلل الدموية سواء كان من جهة سيلان الدم أو فساده لم يبعد والله تعالى أعلم. بَابُ كَيْفَ الرُّقَى؟ 3890 - "اشف" تكرار للأول أعيد ليتعلق به. قوله: "شفاء لا يغادر" أي لا يترك سقمًا بفتحتين أو بضم فسكون أي مرضًا، "ربنا الله الأقرب" أنه مبتدأ وخبر، وقوله: "تقدس اسمك" التفات من الغيبة إلى الخطاب، ويحتمل أنه منادى حذف منه حرف النداء.

عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ السُّلَمِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيرٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُثْمَانُ: وَبِي وَجَعٌ قَدْ كَادَ يُهْلِكُنِي قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امْسَحْهُ بِيَمِينِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَقُلْ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ، مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ قَالَ: «فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ بِي، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهِ أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ». 3892 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ زِيَادَةَ بِنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ اشْتَكَى مِنْكُمْ شَيْئًا، أَوْ اشْتَكَاهُ أَخٌ لَهُ فَلْيَقُلْ رَبَّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ، أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي === 3892 - وقوله: "الذي في السماء" أي أمره وملكه، "أمرك" مبتدأ خبره الجار والمجرور، "كما رحمتك" مبتدأ وخبره في السماء، و (ما) في "كما" كافه والكاف في المعنى داخلة على مضمون الجملة والفاء في قوله: "فاجعل" زائدة جئ بها تشبيهًا للجار والمجرور المتقدم باشرط وله أمثال كثيرة مثل {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (¬1)، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} (¬2)، فلا تمنع عمل ما بعدها فبما قبلها والمعنى اجعل رحمتك ثابتة في الأرض كثبوتها في السماء في العموم والوفور ورفع الأمراض والعاهات بها، "حوبنا" بضم الحاء المهملة هو ¬

_ (¬1) سورة المطففين: آية (26). (¬2) سورة الصافات: آية (61).

الْأَرْضِ، اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا، أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، أَنْزِلْ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ، فَيَبْرَأَ». 3893 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ مِنَ الْفَزَعِ كَلِمَاتٍ: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ غَضَبِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ» وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ عَقَلَ مِنْ بَنِيهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْ كَتَبَهُ فَأَعْلَقَهُ عَلَيْهِ. 3894 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ قَالَ: أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ: النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ فَأُتِيَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الإثم "رب الطيبين" هو تعالى رب الكل لكن اللائق بالإيضاف إليهم هم الطيبون من الأنبياء والملائكة. 3893 - "ومن همزات الشياطين" أي وساوسهم، "وأن يحضرون" بكسر نون الوقاية وياء المتكلم محذوف أي وأن يحضروني، فإني على بناء المفعول يقول للإنسان أي يفعل به أي أنه كان يأخذ من ريقه على أصبعه شيئًا ثم يضعها على التراب فيتعلق بها شيء فيمسح بها على الموضع الجريح، قال بهذه الكلمات أرضنا بريقه بعضنا أي ممزوجة بريقه بعضنا، وهو حال والخبر: "يشفي سقيمنا" على بناء المفعول وحذف العائد أي بها وعلى بناء الفاعل، والضمير للترتبة بمعنى التراب بإذن ربنا متعلق بشفي والله تعالى أعلم.

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَفَثَ فِيَّ ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ» فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. 3895 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلْإِنْسَانِ إِذَا اشْتَكَى يَقُولُ: بِرِيقِهِ ثُمَّ قَالَ بِهِ فِي التُّرَابِ: «تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبِّنَا». 3896 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرٌ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ أَهْلُهُ: إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُدَاوِيهِ؟ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْنِي مِائَةَ شَاةٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «هَلْ إِلَّا هَذَا» وَقَالَ مُسَدَّدٌ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «هَلْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا؟ » قُلْتُ: لَا، قَالَ «خُذْهَا فَلَعَمْرِي لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ». === 3896 - "حدثنا" على بناء المفعول "لمن أكل" من شرطية والخبر محذوف أي فليست به. "لدغت" على بناء المفعول بحي بقبيلة، "لدغ" على بناء المفعول؛ "أن تضيفونا" من أضاف أو ضيف مشددًا؛ "جعْلًا" بضم الجيم أي بدلًا، "قطيعًا" أي جماعة، قالوا: ثلاثين.

3897 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ، قَالَ: فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، كُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ ثُمَّ تَفَلَ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَأَعْطَوْهُ شَيْئًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ. 3898 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا، مَنْ أَسْلَمَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لُدِغْتُ اللَّيْلَةَ فَلَمْ أَنَمْ حَتَّى أَصْبَحْتُ، قَالَ «مَاذَا؟ » قَالَ: عَقْرَبٌ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. 3899 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَارِقٍ يَعْنِي ابْنَ مَخَاشِنٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِلَدِيغٍ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ، قَالَ: فَقَالَ: «لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يُلْدَغْ» أَوْ «لَمْ يَضُرَّهُ». 3900 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، === 3897 - "أنشط من عقال" بكسر العين أي أخرج بها من قيد، "رجاء بركتها" أي بركة يده - صلى الله عليه وسلم - أو بركة القراءة والله تعالى أعلم.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَهْطًا، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا فَنَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ يَنْفَعُ صَاحِبَنَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تُضَيِّفُونَا، مَا أَنَا بِرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لِي جُعْلًا، فَجَعَلُوا لَهُ قَطِيعًا مِنَ الشَّاءِ، فَأَتَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ أُمَّ الْكِتَابِ وَيَتْفُلُ حَتَّى بَرَأَ كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، قَالَ: فَأَوْفَاهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالُوا: اقْتَسِمُوا فَقَالَ: الَّذِي رَقَى لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسْتَأْمِرَهُ فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، أَحْسَنْتُمْ، اقْتَسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ». 3901 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح، وحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْنَا عَلَى حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ، فَقَالُوا: إِنَّا أُنْبِئْنَا أَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رُقْيَةٍ فَإِنَّ عِنْدَنَا مَعْتُوهًا فِي الْقُيُودِ؟ قَالَ: فَقُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: فَجَاءُوا بِمَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ، قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً، وَعَشِيَّةً، كُلَّمَا خَتَمْتُهَا أَجْمَعُ بُزَاقِي ثُمَّ أَتْفُلُ فَكَأَنَّمَا نَشَطَ مِنْ عِقَالٍ، قَالَ: فَأَعْطَوْنِي جُعْلًا، فَقُلْتُ: لَا، حَتَّى أَسْأَلَ

باب في السمنة

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «كُلْ فَلَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ». 3902 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ فِي نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ عَلَيْهِ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا». بَابٌ فِي السُّمْنَةِ 3903 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُسَمِّنَنِي لِدُخُولِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَلَمْ أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تُرِيدُ حَتَّى أَطْعَمَتْنِي الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ عَلَيْهِ كَأَحْسَنِ السَّمْنِ. === بَابٌ فِي السُّمْنَةِ في الصحاح السمنة بالضم دواء يسمن به النساء (¬1) أن تسمنني بتشديد الميم فلم أقبل، يحتمل أنه من الإقبال عليها أي على مرأها وهو السمن، أو من القبول أي فما قبلت ذلك مع سعيها وحرصها. 3903 - "فيسمنت" من باب علم كأحسن السمن بكسر ففتح. ¬

_ (¬1) مختار الصحاح (ص 315) مادة (سمن).

باب في الكاهن

بَابٌ فِي الْكَاهِنِ 3904 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الْأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا» قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثِهِ «فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ» ثُمَّ اتَّفَقَا «أَوْ أَتَى امْرَأَةً» قَالَ مُسَدَّدٌ: «امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ أَتَى امْرَأَةً» قَالَ مُسَدَّدٌ: «امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ». بَابٌ فِي النُّجُومِ 3905 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، === باب في الكهان (¬1) بضم فتشديد جمع كاهن، فقد بري أبي إن استمل أو هو تغليظ والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي النُّجُومِ 3905 - "من اقتبس" أي تعلم علمًا من النجوم هو الذي يخبر به عن المغيبات والأمور المستقبلة بواسطة النظر في أحوال الكواكب، وأما ما يعلم به أوقات الصلاة وجهة القبلة فغير داخل فيه، "شعبة" بضم الشين قطعة، "زاد ما زاد" أي زاد من السحر ما زاد من النجوم، وقيل يحتمل أنه من كلام الراوي أي ¬

_ (¬1) في سنن أبي داود (الكاهن).

اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ». 3906 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: قَالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ. === زاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تقبيح النجوم ما زاد والله تعالى أعلم. 3906 - "في إثر سماء" بفتحتين أو بكسر فسكون أي في عقب مطر، "مؤمن بي" اسم أصبح وخبره الجار والمجرور، "أعني من عبادي" فأما تفصيل للإجمال، "مطرنا" بالبناء للمفعول أي أصابنا المطر، والمعنى أن من يعتقد أن مطر نعمة الله علينا صادرة عنه تعالى بمجرد اقتضاء فضله على عاده ذلك كسائر نعمائه، فهو من فضل جوده من غير أن يكون لغيره تعالى تأثير في وجوده، فهو مؤمن به تعالى، كافر ومنكر لتأثير الكواكب الذي يقول به المنجمون، وأما من يعتقد أن المؤثر في وجوده بعض الكواكب كالكواكب المسمى بالنوء فهو كافر بالله تعالى حيث بسند بعض الحوادث إلى غيره ومصدق بتأثير الكواكب، فالمراد بالقول في الموضعين القول النفسي الذي هو الاعتقاد، سواء وجد معه القول اللساني أم لا والله تعالى أعلم.

باب في الخط وزجر الطير

بَابٌ فِي الْخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ 3907 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَوُفٌ، حَدَّثَنَا حَيَّانُ، قَالَ: غَيْر مُسَدَّدٍ، حَيَانُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْعِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، وَالطَّرْقُ مِنَ الجِبْتِ» الطَّرْقُ: === بَابٌ فِي الْخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ 9307 - "العيافة" (¬1) بالكسر زجر الطير للتفاؤل به، و"الطيرة" بكسر طاء وفتح ياء وقد تسكن التشاؤم، والطرق بفتح الطاء وسكون راء هو الضرب بالحصا الذي تفعله النساء، وقيل الحظ في الرمل "من الجبت" بكسر فسكون هو المذكور في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (¬2) أي من التكهن والسحر. "الطيرة" هي بكسر ففتح وقد تسكن التشاؤم بالشيء، وأصله أنهم كانوا في الجاهلية إذا خرجوا لحاجة، فإذا رأوا الطير طار عن يمينهم فرحوا به واستمروا، وإن طار عن يسارهم تشاءموا به ورجعوا، وربما هيجوا الطير ليطير فيعتمدوا ذلك، فكان يصدهم ذلك عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله، ونهى عنه وأخبر أنه لا تأثير له في جلب دفع أو برفع ضرر، وأن اعتقاد تأثيره شرك؛ لأنه اعتقاد أن لغيره تعالى تأثيرًا في الإيجاد، قيل معنى أنها شرك أي من أعمال المشركين أو ¬

_ (¬1) قال الخطابي: قد فسره أبو عبيد فقال: العيافة زجر الطير يقال منه عفت الطير أعيفها عيافة قال: ويقال في غير هذا عافت الطير تعيف عيفًا، إذا كانت تحوم على الماء. انظر معالم السنن (4/ 231). (¬2) سورة النساء: آية (51).

الزَّجْرُ، وَالْعِيَافَةُ: الْخَطُّ. 3908 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ عَوْفٌ: «الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ، وَالطَّرْقُ الْخَطُّ يُخَطُّ فِي الْأَرْضِ». 3909 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ». === يفضي إلى الشرك باعتقاده مؤثرًا، أو المراد بالشرك الخفي "وما منا إلا" أي ما منا أحد إلا ويعتريه شيء ما منه في أول الأمر قبل التأمل، ولكن الله يُذهبه، بضم الياء أي إذا توكل على الله ومضى على ذلك الفعل ولم يعمل بمقتضى العارض غفر له، وقد ذكر كثير من الحفاظ أن جملة: "وما منا ... إلخ" من كلام ابن مسعود مدرج في الحديث، ولو كان مرفوعًا كان المراد: وما منا أي من المؤمنين من الأمة والله تعالى أعلم. 3909 - "فمن وافق خطه" المشهور نصبه فيكون فاعلًا مضمرًا، وروي بالرفع، فيكون مفعولًا محذوفًا، "فذاك" أي يباح له أو هو مصيب لكن لا يدري الموافق، فلا يباح أو فلا يعرف المصيب، فلا ينبغي الاشتغال بمثله، والحاصل أنه منع عن ذلك والله تعالى أعلم.

باب في الطيرة

بَابٌ فِي الطِّيَرَةِ 3910 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَيْسَى بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، ثَلَاثًا، وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ». 3911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَّةَ» فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيُخَالِطُهَا === بَابٌ فِي الطِّيَرَةِ 3911 - "لا عدوى" العدوى مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره بالمجاورة والقرب، وهو يحتمل أن المراد به نفي ذلك وإبطاله من أصله، ومعنى "فمن أعدى الأول" أي أن الله سبحانه ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأ في الأول، وعلى هذا فما جاء من الأمر بالفرار من المجذوم ونحوه، فهو من باب سد الذرائع لئلا يتفق لشخص يخالط مريضًا مثل مرضه بتقدير الله سبحانه وتعالى ابتداء بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوي فيقع في الحرج، ويحتمل أن المراد نفي التأثير وبيان أن مجاورة المريض من الأسباب العادية لا هي مؤثرة كما يعتقد أهل الطبيعة، وعلى هذا، فالأمر بالفرار وغيره ظاهر، "ولا صفر" بفتحتين أريد به الشهر المشهور إما بمعنى أنه يتشاءمون به ويرون أنه يكثر فيه الدواهي والفتن وأنهم كانوا يجعلونه محرمًا ويحلون المحرم، فنهوا عن ذلك،

الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ قَالَ: «فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ» قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» قَالَ: فَرَاجَعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ؟ » قَالَ: لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: «قَدْ حَدَّثَ بِهِ وَمَا سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ نَسِيَ حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَهُ». 3912 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا هَامَةَ، وَلَا نَوْءَ، وَلَا صَفَرَ». === "ولا هامة" بتخفيف ميم وجوز تشديدها، طائر كانوا يتشاءمون به "في الرمل" بفتح فسكون ميم، "الظباء" بالكسر وبمد جمع ظبي فيجربها بضم الياء أي يصيرها جربا، "فمن أعدى الأول" أي فمن أوصل الجرب إليه. "لا يوردن ممرض على مصح" الممرض الذي له أهل مرضى والمصح صاحب الصحاح وهو نهي للممرض أن يسقي أو يرعى إبله مع إبل المصح، لئلا يقع في اعتقاده العدوي؛ أو لأن ذلك من الأسباب العادية للمرض، فلا بد من النهي عنه. 3912 - "ولا نَوْءَ" أي لا تأثير بطلوع الكواكب أو غروبها في الأمطار، قيل وهو لا ينافي اعتقاد ذلك، "علامات وأوقات" للمطر، والله تعالى أعلم.

3913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْبَرْقِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْحَكَمِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْسَمٍ، وَزَيدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا غُولَ». 3914 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِيْنٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمْ أَشْهَبُ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ قَوْلِهِ: «لَا صَفَرَ» قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ، يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا صَفَرَ». 3915 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، قَوْلُهُ «هَامَ» قَالَ: كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَمُوتُ فَيُدْفَنُ إِلَّا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ هَامَةٌ، قُلْتُ: فَقَوْلُهُ صَفَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صَفَرَ» قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ: هُوَ وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْبَطْنِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: هُوَ يُعْدِي، فَقَالَ: «لَا صَفَرَ». === 3913 - "لا غول" بضم الغين المعجمة نوع من الجن كانوا يرون له تأثيرًا في الإضلال عن الطريق والإهلاك، وأنه يتصور بصور مختلفة، فنفى الشارع التأثير وليس هذا نفيًا لعين الغول ووجوده، فقد جاء الإذن بدفع الغيلان كذا ذكره كثير من المحققين، ونفى التأثير -وإن كان لا يخص بشيء دون شيء- إلا أنه خص بعض الأشياء بالذكر لاعتقاد بعض الناس التأثير فيه؛ والله تعالى أعلم.

3916 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ، وَالْفَأْلُ الصَّالِحُ: الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ. 3917 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ: «أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ». 3918 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يَقُولُ النَّاسُ: الصَّفَرُ وَجَعٌ يَأْخُذُ فِي الْبَطْنِ، قُلْتُ: فَمَا الْهَامَةُ؟ قَالَ: يَقُولُ النَّاسُ الْهَامَةُ: الَّتِي تَصْرُخُ هَامَةُ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ بِهَامَةِ الْإِنْسَانِ، إِنَّمَا هِيَ دَابَّةٌ. 3919 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: أَحْمَدُ: الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي === 3916 - "ويعجبني الفأل" بالهمزة وقد يخفف بإبدالها ألفًا وهو الأشهر على الألسنة الكلمة الحسنة كالمريض يسمع يا سالم أو الطالب يسمع يا واجد فيرجو بذلك ويتبرك، ذكرت الطيرة لم يرد به التشاؤم فقط بل ما يعم التشاؤم والتفاؤل، ولذلك قيل: أحسنها الفأل، "ولا ترد" أي الطيرة "مسلمًا" أي عن

بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ». 3920 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ، فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ». 3921 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، أَنَّ الْحَضْرَمِيَّ بْنَ لَاحِقٍ، حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، === المضي فيما فيه. 3920 - "رؤي كراهة ذلك" لا تشاؤمًا وتطيرًا باسمه بل لانتفاء التفاؤل. 3921 - "وإن تكن الطيرة" إلخ قيل هو استثناء لهذه الأشياء من قوله: "ولا طيرة" فالتشاؤم بهذه الأشياء جائز بمعنى أنها أسباب عادية لما يقع في قلب المتشائم بهذه الأشياء، فلو تشاءم بها إنسان بالنظر إلى كونها أسبابًا عادية لكان ذلك جائزًا بخلاف غيرها، فالتشاؤم بها باطل؛ إذ ليست هي من الأسباب العادية لما يظنه فيها المتشائم بها، وأما اعتقاد التأثير في غيره تعالى ففاسد قطعًا، وقيل: بل هو بيان أنه لو كان لكان في هذه الأشياء لكنه غير ثابت في هذه الأشياء، فلا ثبوت له أصلًا، لكن الجمع بين الروايات يؤيد المعنى الأول، والله

وَإِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالدَّارِ». 3922 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَسَالِمٍ، ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ «الشُّؤْمِ فِي الْفَرَسِ، وَالدَّارِ» قَالَ: كَمْ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا نَاسٌ فَهَلَكُوا، ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ فَهَلَكُوا، فَهَذَا تَفْسِيرُهُ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «حَصِيرٌ فِي الْبَيْتِ خَيْرٌ مِنَ امْرَأَةٍ لَا تَلِدُ». 3923 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَعَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا أَرْضُ أَبْيَنَ هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا، وَمِيرَتِنَا، وَإِنَّهَا وَبِئَةٌ، أَوْ قَالَ وَبَاؤُهَا شَدِيدٌ فَقَالَ النَّبِيُّ: «دَعْهَا عَنْكَ، فَإِنَّ === تعالى أعلم. 3923 - "فروة" بفتح الفاء وسكون الراء، "مُسيك" بالسين المهملة آخره الكاف بلفظ التصغر. "أرض أبين" بلفظ اسم التفضيل من البيان اسم رجل أقام بها فأضيفت إليه، "ريفنا" بكسر الراء وسكون تحتانية، "الزرع" "وميرتنا" بكسر ميم وسكون تحتانية الطعام من القرف بفتح قاف وراء مهملة جميعًا ملابسته الداء ومداناة المرض، "التلف" الهلاك، قيل: هذا من باب الطب، فإن استصلاح الهواء من أعون

مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ». 3924 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا، وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا، فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا، وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَرُوهَا ذَمِيمَةً». 3925 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي === الأشياء على الصحة، وفساده من أسرع الأشياء إلى الأسقام وليس من باب الشؤم. 3924 - "ذروها ذميمة" أي اتركوها مذمومة فعلية بمعنى مفعولة، قيل: أمر بالتحول عنها إبطالًا لما وقع في نفوسهم من المكروه، فأشار إلى أنه بالتحول ينقطع مادة ذلك ولم يرد التشاؤم، والله تعالى أعلم. 3925 - "ثقة" قيل الظاهر أنه من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإما أن يكون المصدر بمعنى اسم الفاعل أي كل معي واثقًا بالله من ضمير معي أو يقدر أثق بالله ثقة، والجملة حال أو استئناف، ويحتمل أنه من كلام الراوي، أي قال ذلك ثقة بالله،

الْقَصْعَةِ، وَقَالَ: «كُلْ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ». "آخر كتاب الطب" * * * === وهكذا حال "وتوكلا عليه" والله تعالى أعلم. * * *

24 - كتاب العتق

كِتَاب الْعِتْقِ بَابٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُؤَدِّي بَعْضَ كِتَابَتِهِ فَيَعْجِزُ أَوْ يَمُوتُ 3926 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُتْبَةَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ». 3927 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا === كِتَاب الْعِتْقِ بَابٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُؤَدِّي بَعْضَ كِتَابَتِهِ فَيَعْجِزُ أَوْ يَمُوتُ 3926 - "ما بقي عليه من كتابته" أي به كتابته، أو مما كوتب عليه مال المال، وبهذا الحديث أخذ جمهور أهل العلم، ولعل من لا يقول به يقول أنه "عبد" في الجملة، حيث يعتق بحساب ما أدّى، فما لم يؤد الكلّ لا يعتق كله، أو أنه بصدد أن يصير عبدًا بالعجز عن أداء الباقي، والله تعالى أعلم. 3927 - "مائة أوقية" بالضم وكسر القاف وفتح المثناة التحتية المشددة أربعون درهمًا، والحاصل أنه ما بقي عليه عشر الكتابة فهو عبد ولا دلالة له فيما له فيما دون العشر، بل بالمفهوم يدل على أنه فيما دون العشر يصير حرًّا، لكن مافهوم هذا لا يعارض منطوق السابق، فلذلك أخذوا به، بقي أن الحديث واحد لاتحاد

عَشْرَةَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ، وَأَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَيْسَ هُوَ عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ قَالُوا هُوَ وَهْمٌ وَلَكِنَّهُ هُوَ شَيْخٌ آخَرُ». 3928 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ، مُكَاتَبِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ، فَكَانَ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي === المخرج فتفاوت العبارات من الرواة، فالاستدلال ببعض العبارات بخصوصها مشكل، وإنما اللائق الاستدلال بالقدر المشترك بين مجموع الروايات، فتأمل والله تعالى أعلم. 3928 - "لإحداكنّ" الخطاب للنساء مطلقًا، قال الترمذي: هذا الحديث عند أهل العلم محمول على التورع، لا أنه يعتق بمجرد القدرة على الاداء، فإنه لا يعتق عندهم إلا بالأداء (¬1)، وذكر البيهقي عن الشافعي ما يدل على أن الحديث لا يخلو عن ضعف بجهالة نبهان (¬2)، وعلى تقدير ثبوت الحديث يحمل على خصوص الحكم المذكور بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بناءً على أن الخطاب بإحداكُن معهن، وقال ابن شريح: قال ذلك ليحرك احتجابهن عنه على تعجيل الأداء والمصير إلى الحرية، ولا يترك ذلك من أجل دخوله عليهن، أي فالمطلوب بيان المصلحة في حمله على الأداء لا بيان الحكم، وقيل معناه فتستعد للاحتجاب منه إشارة إلى ¬

_ (¬1) الترمذي في البيوع (1261)، وقال: حديث حسن صحيح. (¬2) البيهقي في السنن الكبرى (10/ 327).

باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة

فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ». بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ 3929 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ عَائِشَةَ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا، فَأَبَوْا وَقَالُوا: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونُ لَنَا وَلَاؤُكِ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === قرب زمانه وحصوله بمجرد الأداء، وبالجملة فالحديث دليل على انتفاء الاحتجاب من العبد، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ 3929 - "إن أقضي عنك كتابك" أي أشتريك ببدل كتابتك وأعتقك، ولابد من الحمل على هذا المعنى وهو الموافق للروايات، والألزم أن عائشة اشترطت ما ليس لها، "أن تحتسب عليك" أي بالعتق اتباعي اشتري مع ذلك الشرط، قالوا: إنما كان ذلك خصوصية ليظهر لهم إبطال الشروط الفاسدة، وأنها لا تنفع أصلًا، والله تعالى أعلم. "ليست" أي جوازها في كتاب الله أي في حكم وظاهر الحديث يدل على جواز بيع المكاتب بشرط العتق، وللعلماء كلام في جواز بيعه، وفي جواز شرط العتق في البيع, فمن لا يجوز بيع المكاتب يحمل الحديث على أن البيع وقع بعد

وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْتَاعِي فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ». 3930 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيرَةُ لِتَسْتَعِينَ فِي كِتَابَتِهَا فَقَالَتْ: إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي، فَقَالَتْ إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا عَدَّةً وَاحِدَةً وَأَعْتِقَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَ الزُّهْرِيِّ، زَادَ فِي كَلَامِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فِي آخِرِهِ مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلَانُ وَالْوَلَاءُ لِي، إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. 3931 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي === نسخ الكتابة بالتعجيز، كما أشار إليه المصنف في الترجمة، ومن لم يجوز شرط العتق يقول: لم يشترطوا العتق في نفس البيع، لكن كان معلومًا عندهم أن عائشة تعتقها إن اشترت فشرطوا الولاء لأنفسهم لذلك، لا لأن عائشة شرطت العتق في نفس البيع، والله تعالى أعلم. 3930 - "عدة" بفتح الجين. 3931 - "ملاحة" بضم الميم والتخفيف أو التشديد وهو أنسب في النهاية،

مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، أَوِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً مَلَّاحَةً تَأْخُذُهَا الْعَيْنُ، قَالَتْ: عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَجَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابَتِهَا فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى الْبَابِ فَرَأَيْتُهَا كَرِهْتُ مَكَانَهَا وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ وَإِنِّي وَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَإِنِّي كَاتَبْتُ عَلَى نَفْسِي فَجِئْتُكَ أَسْأَلُكَ فِي كِتَابَتِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلْ لَكِ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ؟ » قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ» قَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَتْ: فَتَسَامَعَ - تَعْنِي النَّاسَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ، فَأَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ، فَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا رَأَيْنَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً === فهي شديدة الملاحة، وفعال مبالغة في فعيل وفعال بالتشديد (¬1) أبلغ منه كرهت مكانها أي وجودها على الباب خوفًا من أن يراها فيرغب فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -. "فهل لك" أي ميل إلى ما هو خير لك منه أي مما تسألين، "وأشترط عليك" قيل: هذا وعد عبر عنه باسم الشرط وأكثر الفقهاء لا يصححون إيقاع الشروط ¬

_ (¬1) ملاحة أي مليح جميلة، انظر: النهاية (4/ 355).

باب في العتق على الشرط

عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا، أُعْتِقَ فِي سَبَبِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا حُجَّةٌ فِي أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ يُزَوِّجُ نَفْسَهُ». بَابٌ فِي الْعِتْقِ عَلَى الشَّرْطِ 3932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: أُعْتِقُكَ وَأَشْتَرِطُ عَلَيْكَ أَنْ تَخْدُمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتَ فَقُلْتُ: «وَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطِي عَلَيَّ مَا فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عِشْتُ فَأَعْتَقَتْنِي، وَاشْتَرَطَتْ عَلَيَّ». بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ 3933 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْمَعْنَى، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ غُلَامٍ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ === بعد العتق (¬1)؛ لأنه شرط لا يلاقي ملكًا، "أن تخدم" بضم الدال ما عشت بلفظ الخطاب، "أبي المليح" بفتح الميم. بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ 3933 - "أعتق شقصًا" بالكسر أي بعضًا، ويقال له الشقيص أيضًا، ليس لله شريك أي لو بقي الباقي على ملكه لزم أن يكون العبد مشتركًا بينه وبين الله، مع أن لا شريك مع الله، فلا بد من الحكم بعتق الكل، فأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - عتقه أي حكم ¬

_ (¬1) قال الخطابي: هذا وعد عبر عنه باسم الشرط وأكثر الفقهاء لا يصححون إيقاع الشرك، انظر معالم السنن (4/ 67).

فَقَالَ: «لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» زَادَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ «فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ». 3934 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ غُلَامٍ «فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ، وَغَرَّمَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ». === بعتق كله، وهذا لا يظهر على مذهب من يقول يتجزّى الإعتاق، وحمله على معنى أن رغبة في إعتاق الكل لا يخلو عن بعد (¬1). 3934 - "وغرمه" بالتشديد يقال: أغرمه وغرمه أي ألزمه، "من أعتق شقيصًا" المراد به من يلزم عتقه فخرج الصبي والمجنون، استسعى العبد الاستسعاء أن يكلف الاكتساب والطلب حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر، "غير مشقوق عليه" أي لا يكلفه ما يشق عليه، وقيل لا يستغلي عليه في الثمن، ومن لا يقول بالاستسعاء بالمعني المتعارف يفسره بأن يستخدم سيده للذي لم يعتق بقدر ماله، ولا يكلفه بما يشق عليه، قيمة عدل على الإضافة البيانية أي قيمة هي عدل وسط لا زيادة فيها ولا نقص، وإلا هو مقابل لشرط مقدر أي إن كان له مال وإلا وإن لم يكن له مال فقد عتق منه ما أعتق، وهذا غير ظاهر في أنه لا يستسعي في الباقي، إذ يحتمل أن المراد الذي عتق مجانًا أو حالًا هو ذلك القدر، وأما الباقي فهو يعتق منه بمال أو إذا أدى، والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) قال الخطابي: فيه دليل على أن المملوك يعتق كله إذا أعتق الشقص منه, ولا يتوقف على عتق الشريك الآخر وأداء القيم ولا على الاستسعاء، واختلف الفقهاء في ذلك. انظر: معالم السنن (4/ 68).

باب من ذكر السعاية في هذا الحديث

3935 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ» وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ سُوَيْدٍ. 3936 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْمُثَنَّى، النَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ سُوَيْدٍ. بَابُ مَنْ ذَكَرَ السِّعَايَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ 3937 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ يَعْنِي الْعَطَّارَ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصًا فِي مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ». 3938 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ

باب فيمن روى أنه لا يستسعى

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ، أَوْ شَقِيصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَخَلَاصُهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: فِي حَدِيثِهِمَا جَمِيعًا «فَاسْتُسْعِيَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» وَهَذَا لَفْظُ عَلِيٍّ. 3939 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، لَمْ يَذْكُرِ السِّعَايَةَ، وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ وَمَعْنَاهُ وَذَكَرَا فِيهِ السِّعَايَةَ. بَابٌ فِيمَنْ رَوَى أَنَّهُ لَا يُسْتَسْعَى 3940 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَأُعْتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». 3941 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ رُبَّمَا قَالَ: «فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ. 3942 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ

نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَيُّوبُ: فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ «وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ». 3943 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا مِنْ مَمْلُوكٍ لَهُ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ نَصِيبَهُ». 3944 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى. 3945 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى مَالِكٍ وَلَمْ يَذْكُرْ «وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» انْتَهَى حَدِيثُهُ إِلَى «وَأُعْتِقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ» عَلَى مَعْنَاهُ. 3946 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، عَتَقَ مِنْهُ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ». 3947 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ === 3943 - "شركا له" بكسر الشين وسكون الراء أي نصبًا مثل شقصًا. 3947 - "لا وكس" بفتح واو وسكون كاف أي لا ننقص "ولا شطط"

باب فيمن ملك ذا رحم محرم

سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةً لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ ثُمَّ يُعْتَقُ». 3948 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنِ ابْنِ التَّلِبِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ «فَلَمْ يُضَمِّنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَحْمَدُ: «إِنَّمَا هُوَ بِالتَّاءِ يَعْنِي التَّلِبَّ وَكَانَ شُعْبَةُ أَلْثَغُ لَمْ يُبَيِّنِ التَّاءَ مِنَ الثَّاءِ». بَابٌ فِيمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ 3949 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بفتحتين، أي لا جور ولا ظلم، أبي بلا زيادة ونقص. 3948 - "فلم يضمنه" من التضمين لعله لكونه فقيرًا. "ألشغ" أي لا يفصح ببعض الحروف بل يميلها إلى الثاء وغيرها. والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ 3949 - "محرم" بالجر على الجوار؛ لأن صفة ذا رحم لا رحم، وضمير فهو لذا رحم لا لمن، وعلى هذا فمن شرطية خبره الجملة الشرطية لا الجملة الجزائية

وَسَلَّمَ وَقَالَ مُوسَى: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ فِيمَا يَحْسِبُ حَمَّادٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَعَاصِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يُحَدِّثْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ إِلَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَقَدْ شَكَّ فِيهِ». 3950 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ». 3951 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ». 3952 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَعِيدٌ أَحْفَظُ مِنْ حَمَّادٍ. === كما ذكره كثير من المحققين، فلا يلزم خلو الجملة الخبرية عن العايد أي فهو معتق عليه، "من وليَ الحباب" يحتمل أن يكون بياء مشددة على أنه اسم، ويحتمل أن يكون بياء مخففة على أنه فعل، فقال: أعتقوها يدل على أنها ليست بحرة بمجرد الموت، فيحمل على أن هذا قبل نسخ بيع أمهات الأولاد والله تعالى أعلم.

باب في عتق أمهات الأولاد

بَابٌ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ 3953 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ خَطَّابِ بْنِ صَالِحٍ، مَوْلَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ سَلَامَةَ بِنْتِ مَعْقِلٍ، - امْرَأَةٍ مِنْ خَارِجَةِ قَيْسِ عَيْلَانَ - قَالَتْ: قَدِمَ بِي عَمِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَاعَنِي مِنَ الْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدْتُ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحُبَابِ، ثُمَّ هَلَكَ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْآنَ وَاللَّهِ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ مِنْ خَارِجَةِ قَيْسِ عَيْلَانَ، قَدِمَ بِي عَمِّي الْمَدِينَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَبَاعَنِي مِنَ الْحُبَابِ بْنِ عَمْرٍو أَخِي أَبِي الْيُسْرِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدْتُ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحُبَابِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: الْآنَ وَاللَّهِ تُبَاعِينَ فِي دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَلِيُّ الْحُبَابِ؟ » قِيلَ: أَخُوهُ أَبُو الْيُسْرِ بْنُ عَمْرٍو، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَعْتِقُوهَا، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِرَقِيقٍ قَدِمَ عَلَيَّ فَأْتُونِي أُعَوِّضْكُمْ مِنْهَا» قَالَتْ: فَأَعْتَقُونِي، وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقِيقٌ فَعَوَّضَهُمْ مِنِّي غُلَامًا. 3954 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، === بَابٌ فِي عِتْقِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ 3954 - "بعنا أمهات الأولاد" قيل: يحتمل أن ذلك كان مما جاء في العصر الأول ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك قبل خروجه من الدنيا, ولم يعلم به أبو بكر لقصر مدته ولاشتغاله بمحاربة أهل الردة، ثم نهى عنه عمر حين بلغه النسخ

باب في بيع المدبر

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بِعْنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا». بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُدْبِرِ 3955 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، «فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِيعَ بِسَبْعِ مِائَةِ أَوْ بِتِسْعِ مِائَةِ». === وجوز الشمني أن يكون بيعهم في وقته - صلى الله عليه وسلم - من غير علم منه بذلك، فلا حجة فيه، وهذا احتمال بعيد يؤدي إلى فساد أدلة كثيرة، وقال التوربشتي: يحتمل أن النسخ لم يبلغ العموم في عهد الرسالة، ويحتمل أن بيعتهم في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبل النسخ، وأما بيعهم في خلافة أبي بكر فلعله كان في قضية واحدة لم يعلم بها أبو بكر، فظن جابر أن الناس على تجويز البيع، فلما اشتهر النهي في زمان عمر ثم زعم أن عمر نهى عنه (¬1)، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُدْبِرِ 3955 - "فبيع" جملة أصحاب أبي حنيفة على المدبر المقيد وهو عندهم يجوز بيعه، وأصحاب مالك على أنه كان مديونًا حين دبر، ومثله يجوز إبطال تدبيره عندهم، وأما الشافعي وغيره فأخذوا بظاهر الحديث وجوزوا بيع المدبر مطلقًا. ¬

_ (¬1) عون المعبود (10/ 349، 350).

باب فيمن أعتق عبيدا له لم يبلغهم الثلث

3956 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا زَادَ وَقَالَ: يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنْتَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ، وَاللَّهُ أَغْنَى عَنْهُ». 3957 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ: لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ يَعْقُوبُ عَنْ دُبُرٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فَقِيرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى عِيَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَعَلَى ذِي قَرَابَتِهِ» أَوْ قَالَ: «عَلَى ذِي رَحِمِهِ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا فَهَاهُنَا وَهَاهُنَا». بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ 3958 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ === بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ 3958 - "ستة أعبد" بضم الباء جمع عبد، "فقال له" أي فيه أي في شأنه "فجزاهم" هو بتشديد الزاي وتخفيفها وفي آخره همزة أي فرقهم "أجزاء ثلاثة" وهذا مبني على تساوي قيمتهم، وقد استبعد وقوع مثل ذلك من لا يقول به، بأنه كيف يكون رجل له "ستة أعبد" من غير بيت ولا مال ولا طعام ولا قليل أو كثير أيضًا، وكيف تكون الستة متساوية قيمة.

عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا»، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ: فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً. 3959 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ وَلَمْ يَقُلْ: فَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا. 3960 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الطَّحَّانُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ شَهِدْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ». 3961 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، وَأَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلًا، أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ: فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً. === قلت: يمكن أن يكون فقيرًا حصل له العبيد في غنيمة، ومات بعد ذلك عن قرب، وأيضًا يجوز أنه ما بقي بعد الفراغ من تجهيزه وتكفينه وقضاء ديونه بقدر ذلك، وأما تساوي كثير في القيمة فغير عزيز، وبالجملة: إن الخبر إذا صح لا يترك العمل به بمثل تلك الاستبعادات والله تعالى أعلم.

باب فيمن أعتق عبدا وله مال

بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ 3962 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا، وَلَهُ مَالٌ فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ». بَابٌ فِي عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا 3963 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، === بَابٌ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ 3962 - "وله مال" أي للعبد مال، فمال العبد له، ظاهره أنه للعبد وهو مبني على أن إضافة المال إلى العبد حقيقة كما هو ظاهر الإضافة، وللمولى حق النزع ما دام عبدًا، وحين أعتق لم يبق له حق النزع، وبه يقول مالك، والجمهور على خلافه، فقال الخطابي: هذا متأول على وجه الندب والاستحباب (¬1). قلت: لا يناسبه الاستثناء، وقال غيره: إضافة المال إلى العبد ليست باعتبار الملك بل باعتبار اليد، والضمير في قوله: "فمال العبد له" أي لمن أعتق وهو السيد، وقوله: إلا أن يشترط السيد أي للعبد فيكون منحة من السيد للعبد، وأنت خبير ببعد هذا المعنى "وإباء" لفظ الاشتراط عنه جدًّا؛ بل اللائق (ح) أن يقال إلا أن يترك له السيد أو يعطيه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي عِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا 3963 - "شر الثلاثة" الذين هم الزانيان، والولد وليس المراد أنه أوفر نصيبًا ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 79).

باب في ثواب العتق

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ» وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «لَأَنْ أُمَتِّعَ بِسَوْطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ وَلَدَ زِنْيَةٍ». بَابٌ فِي ثَوَابِ الْعِتْقِ 3964 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْغَرِيفِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ فَقُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا، لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ، وَلَا نُقْصَانٌ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَقْرَأُ وَمُصْحَفُهُ === من ذنب زنا الوالدين، بل المراد أنه لكونه من الماء الخبيث ينبت خبيثًا من صغره إلى كبره عادة، فيكون شرًّا من والديه بأعماله، وقيل: إنما جاء في رجل بعينه كان موسومًا بالشر، وقد جاء هذا التأويل في المستدرك عن عائشة وقيل: إنما هو شر من والديه؛ لأن الحد قد يقام عليهما فتكون العقوبة تمحيصًا لهما، وهذا في علم الله لا يدري ما يضع به وما يفعل بذنوبه، وقيل: كان أبو ولد الزنا يكثر أن يمر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: هو رجل سوء يا رسول الله فيقول - صلى الله عليه وسلم -: "هو شر الثلاثة" يعني الأب فحول الناس الولد شر الثلاثة أصلًا وعنصرًا ونسبًا ومولدًا، وذلك لأنه خلق من ماء خبيث، وقد روي عن بعض الصحابة والتابعين ولد الزنا ذرء بجهنم والله تعالى أعلم. "لأن أمتع" بضم الهمزة من الإمتاع أو التمتيع، والإمتاع جاء لازمًا ومتعديًا في الصحاح، يقال أمتعه الله بكذا ومتعه أي بالتشديد بمعنى، ويقال أمتعت بالشيء تمتعتا (¬1) به, فالمعنى؛ لأن انتفع بإعطاء سوط أو أنفع غيري بسوط، ¬

_ (¬1) مختار الصحاح (ص 614) مادة (متع).

باب أي الرقاب أفضل؟

مُعَلَّقٌ فِي بَيْتِهِ فَيَزِيدُ، وَيَنْقُصُ، قُلْنَا: إِنَّمَا أَرَدْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِبٍ لَنَا أَوْجَبَ - يَعْنِي النَّارَ - بِالْقَتْلِ، فَقَالَ: «أَعْتِقُوا عَنْهُ يُعْتِقِ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ». بَابُ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ 3965 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَصْرِ الطَّائِفِ - قَالَ مُعَاذٌ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ بِقَصْرِ الطَّائِفِ بِحِصْنِ الطَّائِفِ كُلَّ ذَلِكَ - فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَهُ دَرَجَةٌ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ === وعلى الوجهين: فكلمة أن تحتمل فتح الهمزة، فيكون مبتدأ خبره أحب أو كرهًا، فيكون شرطا جزاؤه أحب بتقدير فهو أحب. "يعتق الله" إلخ هذا الحديث صريح في عموم المغفرة للصغائر والكبائر. بَابُ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ 3965 - "وقاء كل عظم من عظامه" أي الضمير لمن أعتق، "ومحررة" بالفتح

باب في فضل العتق في الصحة

أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 3966 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنَ النَّارِ». 3967 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السَّمْطِ، أَنَّهُ قَالَ: لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى مُعَاذٍ إِلَى قَوْلِهِ «وَأَيُّمَا امْرِئٍ أَعْتَقَ مُسْلِمًا، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً» زَادَ «وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ، إِلَّا كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ، يُجْزِئُ مَكَانَ كُلِّ عَظْمَيْنِ مِنْهُمَا عَظْمٌ مِنْ عِظَامِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سَالِمٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ شُرَحْبِيلَ مَاتَ شُرَحْبِيلُ بِصِفِّينَ». بَابٌ فِي فَضْلِ الْعِتْقِ فِي الصِّحَّةِ 3968 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === "ومن النار" متعلق بالوقاء. 3967 - "أيما رجل أعتق امرأتين" يدل على فضل إعتاق الذكور؛ لأنه جعل

«مَثَلُ الَّذِي يَعْتِقُ عِنْدَ الْمَوْتِ، كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ». "آخر كتاب العتق" * * * === امرأتين موضع رجل، والله تعالى أعلم. * * *

25 - كتاب الحروف والقراءات

أول كِتَاب الْحُرُوفِ وَالْقِرَاءَاتِ 3969 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]. 3970 - حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ === باب الحروف القراءات (¬1) 3969 - قرأ: {واتخذوا} (¬2) بصيغة الأمر كما هو القراءة المشهورة، وقد جاءت القراءة بصيغة الماضي أيضًا، وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية حين أراد أن يصلي عند المقام ليبين بفعله ما أريد به بالآية والله تعالى أعلم. 3970 - "كائن" أي كم من آية، وفيه جواز أن ينسي الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من القرآن بعد البلاغ من غير نسخ لقراءته، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ} (¬3) إلخ؛ تنزيهًا للأنبياء عن ارتكاب الأعمال الخسيسة. {لا تَحْسَبَنَّ} (¬4) الأول بكسر السين والثاني بفتحها. "غنيمة" بالتصغير أي في غنيم قليل له فقتلوه ظنًّا أنه يسلم فرارًا عن القتل لا لأجل الإِسلام. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود: أول كتاب الحروف والقراءات. (¬2) سورة البقرة آية (25). (¬3) سورة آل عمران: آية (161). (¬4) سورة آل عمران: آية (188).

عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ === {غَيرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬1) بالرفع أو بالنصب، والله تعالى أعلم. {وَالْعَينَ بِالْعَينِ} (¬2) أي بالرفع لا بالنصب هن ضعف بفتح الضاد، فقال كان ضعف بضمها فأخذ على أي رد "فلتضرحوا" بالمثناة الفوقية على الخطاب، وقد جاء صيغة الأمر للمخاطب باللام على قلة، وهذه القراءة عنه. {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالِحٍ} (¬3) أي بلفظ الماضي ونصب غير صالح. "طولها حمزة" في الترمذي قرأها مثقلة. {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} (¬4) أي لا حامية كما قرأ معاوية، قيل كان ابن عباس عند معاوية فقرأها معاوية "حامية" فرد عليه ابن عباس بحمئة، ثم وجهوا إلى كعب الأحبار كيف تجد الشمس تغرب في التوراة قال: في ماء وطين (¬5)، فوافق ابن عباس في الكشاف حمئة معناها ماء وطين، وحامية بمعنى حارة، ولا تنافي؛ فجاز أن تكون العين جامعة للوصفين (¬6) جميعًا. "وأنعما" قيل: أي زاد أو فضلًا عن كونهما أهل عليين وقيل: أي تناهيا فيه إلى غايته، وقيل: زادا فضلًا من أحسنت إلى فلان، وأنعمت أي زدت على ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (95). (¬2) سورة المائدة: آية (45). (¬3) سورة هود: آية (46). (¬4) سورة الكهف: آية (86). (¬5) ابن كثير (4/ 421) تفسير الآية (86) من سورة الكهف. دار الأندلس. (¬6) الكشاف (2/ 744) تفسير الآية (86) من سورة الكهف.

فُلَانًا كَائِنْ مِنْ آيَةٍ أَذْكَرَنِيهَا اللَّيْلَةَ كُنْتُ قَدْ أُسْقِطْتُهَا». 3971 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، حَدَّثَنَا مِقْسَمٌ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ، فُقِدَتْ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ: بَعْضُ النَّاسِ لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَغُلَّ مَفْتُوحَةُ الْيَاءِ». 3972 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَخَلِ وَالْهَرَمِ». 3973 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْسِبَنَّ» وَلَمْ يَقُلْ لَا تَحْسَبَنَّ. 3974 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيْمَةَ فَنَزَلَتْ {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى === الإنعام، وقيل: أي صار إلى النعيم ودخلا فيه كأشمل دخله في الشمال.

إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] تِلْكَ الْغُنَيْمَةَ. 3975 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ أَشْبَعُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] وَلَمْ يَقُلْ سَعِيدٌ كَانَ يَقْرَأُ. 3976 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ). 3977 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَرَأَ: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ). 3978 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ الْعَوْفِيِّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] فَقَالَ: (مِنْ ضُعْفٍ) «قَرَأْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَيَّ، فَأَخَذَ عَلَيَّ كَمَا أَخَذْتُ عَلَيْكَ».

3979 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ يَعْنِي ابْنَ عَقِيلٍ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ضُعْفٍ». 3980 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَسْلَمَ الْمِنْقَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، قَالَ: قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: (بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا) " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «بِالتَّاءِ». 3981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَجْلَحِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَرَأَ: (بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ). 3982 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْرَأُ (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ)». 3983 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46]؟ فَقَالَتْ: «قَرَأَهَا (إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ)» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ هَارُونُ النَّحْوِيُّ، وَمُوسَى بْنُ خَلَفٍ،

عَنْ ثَابِتٍ، كَمَا قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ. 3984 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا بَدَأَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْ صَبَرَ لَرَأَى مِنْ صَاحِبِهِ الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي} [الكهف: 76] طَوَّلَهَا حَمْزَةُ. 3985 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْجَارِيَةِ الْعَبْدِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ: قَرَأَهَا {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي} [الكهف: 76] وَثَقَّلَهَا. 3986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ أَوْسٍ، عَنْ مِصْدَعٍ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَقْرَأَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَمَا أَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] مُخَفَّفَةً. 3987 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو النَّمَرِيَّ، أَخْبَرَنَا هَارُونُ، أَخْبَرَنِي أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ، عَنْ عَطِّيَةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ

عِلِّيِّينَ لَيُشْرِفُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فَتُضِيءُ الْجَنَّةُ لِوَجْهِهِ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ - قَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ دُرِّيٌّ مَرْفُوعَةٌ الدَّالُ لَا تُهْمَزُ - وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمِنْهُمْ وَأَنْعَمَا. 3988 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ، عَنْ === 3988 - "فتيامن ستة" أي أخذوا ناحية اليمن وسكنوا بها، "وتشاءم" بألف ممدودة بعدها همزة ثم ميم أي أخذوا ناحية الشام وأقاموا بها، والحديث أخرجه الترمذي في التفسير بتمامه (¬1). {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} (¬2) أي كشف الفزع، وقال السيوطي: هو في نسختي بالزاي المعجمة والعين المهملة ويحتمل أنه بالراء والغين المعجمة، فإن أبا هريرة كان يقرأها كذلك. {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ} (¬3) بكسر الكاف على خطاب النفس وكذا بكسر التاء في المواضع الثلاثة فيما بعد. {يَا مَالِكُ} (¬4) أي بلا ترخيم كما روي عن أبي داود في بعض النسخ. {فَرَوْحٌ} (¬5) بضم الراء. ¬

_ (¬1) الترمذي: كتاب التفسير (3222)، وقال عنه: حديث حسن غريب. (¬2) سورة سبأ: آية (23). (¬3) سورة الزمر: آية (59). (¬4) سورة الزخرف: آية (77). (¬5) سورة الواقعة: آية (89).

فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْغُطَيْفِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ سَبَأٍ مَا هُوَ أَرْضٌ أَمُ امْرَأَةٌ؟ فَقَالَ: «لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشْرَةً مِنَ الْعَرَبِ فَتَيَامَنَ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَ أَرْبَعَةٌ» قَالَ عُثْمَانُ الْغَطَفَانِيُّ، مَكَانَ الْغُطَيْفِيِّ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ النَّخَعِيُّ. 3989 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً فَذَكَرَ حَدِيثَ الْوَحْيِ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23]. 3990 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ === {أَيُحِبُّ} (¬1) على لفظ الاستفهام. {لَا يُعَذِّبُ} (¬2) على بناء المفعول. وأوّل من قرأها {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} مروان، قال السيوطي: نقلًا عن الحافظ عماد الدين في تفسيره مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب, ولد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه، في تفسيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأها: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الحجرات: آية (12). (¬2) سورة الفجر: آية (26). (¬3) ابن كثير (1/ 45) في تفسير سورة الفاتحة. دار الأندلس.

الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، يَذْكُرُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {بَلَى قَدْ جَاءَتْكِ آيَاتِي فَكَذَبْتِ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتِ وَكُنْتِ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر: 59] قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ الرَّبِيعُ لَمْ يُدْرِكْ أُمَّ سَلَمَةَ». 3991 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى النَّحْوِيُّ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا {فَرُوحٌ وَرَيْحَانٌ} [الواقعة: 89]. 3992 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ - قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَمْ أَفْهَمْهُ جَيِّدًا - عَنْ صَفْوَانَ - قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: ابْنُ يَعْلَى - عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقْرَأُ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي بِلَا تَرْخِيمٍ». 3993 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ. 3994 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَقْرَؤُهَا {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] يَعْنِي مُثَقَّلًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَضْمُومَةُ الْمِيمِ مَفْتُوحَةُ الدَّالِ مَكْسُورَةُ

الْكَافِ». 3995 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ أَ {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ} [الهمزة: 3]. 3996 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَمَّنْ أَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثَقُ} [الفجر: 26] وَثَاقَهُ أَحَدٌ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «بَعْضُهُمْ أَدْخَلَ بَيْنَ خَالِدٍ وأَبِي قِلَابَةَ رَجُلًا». 3997 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: أَنْبَأَنِي مَنْ أَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَنْ أَقْرَأَهُ مَنْ " أَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذَّبُ} [الفجر: 25] " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَرَأَ عَاصِمٌ، وَالْأَعْمَشُ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، وَشَيْبَةُ بْنُ نَصَّاحٍ، وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ الدَّارِيُّ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ، وَحَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَحُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، لَا يُعَذِّبُ وَلَا يُوثِقُ إِلَّا الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ، فَإِنَّه يُعَذَّبُ بِالْفَتْحِ». 3998 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ

أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا ذَكَرَ فِيهِ جِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَقَالَ: «جِبْرَائِلُ وَمِيكَائِلُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ خَلَفٌ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ أَرْفَعِ الْقَلَمَ عَنْ كِتَابَةِ الْحُرُوفِ مَا أَعْيَانِي شَيْءٌ مَا أَعْيَانِي جِبْرَائِلُ وَمِيكَائِلُ». 3999 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: ذُكِرَ كَيْفَ قِرَاءَةُ جِبْرَائِلَ وَمِيكَائِلَ عِنْدَ الْأَعْمَشِ، فَحَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَاحِبَ الصُّورِ فَقَالَ: «عَنْ يَمِينِهِ جِبْرَائِلُ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِلُ». 4000 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: مَعْمَرٌ وَرُبَمَا ذَكَرَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، يَقْرَءُونَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَهَا (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) مَرْوَانُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ، وَالزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ». 4001 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَوْ كَلِمَةً غَيْرَهَا قِرَاءَةَ === 4001 - "يقطع" من القطع أو التقطيع للمبالغة أي يقف عند رأس كل آية,

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يُقَطِّعُ قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ الْقِرَاءَةُ الْقَدِيمَةُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}». 4002 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ === ثم يشرع في الآية الثانية، والظن أن ذلك كان مراعاة للترتيل الذي أمر به، وهذه القراءة هي أعون على التأمل في معاني القرآن والتفكير فيها والتدبر في لطائفه، وقيل إنما كان يقف على رؤوس الآي ليبين للمستمعين رؤوس الآي ولولا هذه العلة لما وقف على رب العالمين ونحوه؛ لأن الموقف هناك يستلزم قطع الصفة عن الموصوف. قلت: هذا قياس للفصل بالوقف على الفصل بلفظ أجنبي وهو باطل، كيف والفصل بذكر بعض المتعلقات جائز كما في قوله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} (¬1) فكيف الفصل بالوقف، والله تعالى أعلم. {هَيْتَ لَكَ} (¬2) ضبط بفتح هاء وتاء معًا هيت لك ضبط بكسرها وضم تاء، أقروها على: صيغة المتكلم كما علمت على صيغة المتكلم من العلم أو التعليم، على الأول على بناء الفاعل، وعلى الثاني على بناء المفعول. ¬

_ (¬1) سورة إبراهيم: الآية (10). (¬2) سورة يوسف: الآية (23).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، وَالشَّمْسُ عِنْدَ غُرُوبِهَا فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ هَذِهِ؟ » قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ «فَإِنَّهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ». 4003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَّ مَوْلًى لِابْنِ الْأَسْقَعِ، رَجُلَ صِدْقٍ أَخْبَرَهُ عَنْ ابْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُمْ فِي صُفَّةِ الْمُهَاجِرِينَ فَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ: أَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255]. 4004 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِنْقَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَرَأَ {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] فَقَالَ: شَقِيقٌ: إِنَّا نَقْرَؤُهَا (هِئْتُ لَكَ) يَعْنِي فَقَالَ: ابْنُ === 4004 - "أحب" بالرفع خبر لقوله اقرأ من قبيل تسمع بالعيدي خير. {تَغْفر} (¬1) ضبط بالتاء المثناة من فوق على بناء المفعول. * * * ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (58)، وهي قراءة مجاهد.

مَسْعُودٍ «أَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ». 4005 - حَدَّثَنَا هَنَادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ إِنَّ أُنَاسًا يَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ {وَقَالَتْ هِيتَ لَكَ} [يوسف: 23] فَقَالَ: إِنِّي أَقْرَأُ كَمَا عُلِّمْتُ أَحَبُّ إِلَيَّ {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23]. 4006 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: (ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ تُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ). 4007 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ بِإِسْنَادِه مِثْلَهُ. 4008 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَرَأَ عَلَيْنَا {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي مُخَفَّفَةً حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَاتِ» "آخر كتاب الحروف والقراءات" * * *

26 - كتاب الحمام

كِتَاب الْحَمَّامِ 4009 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِي عُذْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ دُخُولِ الْحَمَّامَاتِ، ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوهَا فِي الْمَيَازِرِ». 4010 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، جَمِيعًا عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: ابْنُ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: دَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتُنَّ قُلْنَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ الْكُورَةِ الَّتِي تَدْخُلُ نِسَاؤُهَا الْحَمَّامَاتِ قُلْنَ: نَعَمْ قَالَتْ: === كِتَاب الْحَمَّامِ عن دخول الحمامات، جمع حمام بالتشديد بيت معلوم، ونهى عن ذلك؛ لأن الدخول فيه لا يخلو عن نظر بعضهم إلى عورة بعض، "في المازر" جمع ميزر بتقديم المعجمة على المهملة بمعنى الإزار أي ليؤمن بذلك عن كشف العورة ونظر بعض إلى عورة آخر، وهذا لا يقتضي وجود الحمامات، في بلاد الإِسلام ولا يتوقف عليه، فلا ينافي هذا إلحديث حديث "ستفتح لكم أرض المعجم" مما يفيد أنه لم يكن حينئذ ببلاد الإِسلام حمام. 4010 - "من الكُورة" بضم الكاف بمعنى المدينة، "إلا هتكت" الهتك خرق الستر عما وراءه، فإن قلت: أي ستر بينها وبين الله وهل يمكن وجود ساتر يسترها

باب النهي عن التعري

أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثُ جَرِيرٍ وَهُوَ أَتَمُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَرِيرٌ أَبَا الْمَلِيحِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4011 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ، فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إِلَّا بِالْأُزُرِ، وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرِّي 4012 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ === عن نظر الله. قلت: لعل المراد به الحياء، فإن الله تعالى يستحيي عن أن يأخذ الحي من العباد ويعاقبه بذنوبه، فكان الحياء بمنزلة الحجاب والستر بين العبد وبين الله تعالى، لا ينظر بواسطته إلى ذنوب العبد ولا يناقشه فيها، بل يعفو عنه، والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّعَرِّي 4012 - "بالبراز" بالفتح اسم للفضاء الواسع (¬1)، "إن الله حيي" إلخ بكسر ¬

_ (¬1) قال ابن الأثير في (النهاية): فكنوا به عن قضاء الغائط كما كنوا عنه بالخلاء، انظر: النهاية (1/ 118).

بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْعَرْزَمِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ». 4013 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْأَوَّلُ أَتَمُّ. 4014 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَرْهَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ جَرْهَدٌ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ قَالَ: جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَنَا وَفَخِذِي مُنْكَشِفَةٌ فَقَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ». 4015 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ === أولى اليائين مخففة ورفع الثانية مشددة أي الله تارك للقبايح ساتر للعيوب والفضايح يحب الحياء والستر من العبد؛ ليكون مختلقًا بأخلاقه تعالى، فهو تعريض للعباد وحث لهم على تحري الحياء. 4015 - "ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت" ممن لا يحل لك النظر إلى

باب [ما جاء] في التعري

عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكْشِفْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ، وَلَا مَيِّتٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي التَّعَرِّي 4016 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: حَمَلْتُ حَجَرًا ثَقِيلًا، فَبَيْنَا أَمْشِي فَسَقَطَ عَنِّي ثَوْبِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْ عَلَيْكَ ثَوْبَكَ وَلَا تَمْشُوا عُرَاةً». 4017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي ح، وحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، نَحْوَهُ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا === عورته، وهذا يدل على أن حكم الميت كحكم الحي في ذلك. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي التَّعَرِّي 4017 - "ما نأتي منها" أي ما نشر منها وما نترك، "احفظ عورتك" أي استرها كلها، "أن يستحيي منه" أي فاستر طاعة له وطلبًا لما يحبه منك ويرضيه، وليس المراد، فاستتر منه، إذ لا يمكن الاستتار منه جل ذكره وثناؤه، والله تعالى أعلم. وفي بعض النسخ "أحق بأن يستحي من الناس"، فالجار والمجرور أعني من

كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ». 4018 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عُرْيَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عُرْيَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبٍ». 4019 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، ح === الناس متعلق بأحق، وإما متعلق بيستحي فمحذوف أي منه. 4018 - "لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل" ضبط بضم فسكون أي ما يعرى منها وينكشف، والمشهور رواية عورة الرجل، قيل: لما كان هذان القسمان محل أن يتوهم جوازهما والمسامحة فيهما، خصهما بالذكر، فنظر الرجل إلى عورة المرأة، ونظر المرأة إلى عورة الرجل أشد وأغلظ وأقرب إلى الحرمة، فلهذا لم يتعرض لذكرهما. قلت: وقد يقال خصهما بالذكر لعدم الجواز فيهما أصلًا، وأما العكس فيجوز بالنكاح والشراء، والله تعالى أعلم. فإن قلت: يجوز فيهما أيضًا للضرورة قلت: لا كلام فيها، "ولا يفضي الرجل" إلخ من أفضى بيده إلى كذا وأفضى إلى امرأته، والمعنى أنه لا يجوز أن يضطجع رجلان في ثوب واحد متجردين وكذلك المرأتان، قيل: ومن فعل يعزر ولا يحد.

وحَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ الطُّفَاوَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُفْضِيَنَّ رَجُلٌ إِلَى رَجُلٍ، وَلَا امْرَأَةٌ إِلَى امْرَأَةٍ، إِلَّا وَلَدًا أَوْ وَالِدًا» قَالَ: وَذَكَرَ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا. "آخر كتاب الحمام" * * *

27 - كتاب اللباس

كِتَاب اللِّبَاسِ 4020 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ إِمَّا قَمِيصًا، أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم إِذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا قِيلَ لَهُ: تُبْلَى وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى. 4021 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ === كِتَاب اللِّبَاسِ 4030 - "إذا استجد ثوبًا" أي لبس ثوبًا جديدًا، "سماه باسمه" أي ذكر اسم جنسه موقوفًا كما في صورة التعداد مثل عمامة قميص، أو مرفوعًا على أنّه خبر محذوف والمقصود إحضار المسمى بعنوان الاسم، "إما قميصًا أو عمامة" بدل من ثوبًا أو منصوب بتقدير سماه قميصًا أو عمامة, ويحتمل أن يكون بيانًا للتسمية، كأنه قيل: كيف سماه، فأجيب يقول: قميصًا بتقدير كساني الله قميصًا، "أسألك من خيره" بأن يستريح به البدن ويكون ملايمًا له وخير ما صنع له هو استعماله في الطاعة. "تبلى" على صيغة الخطاب في أبليت الثوب وبليته أي جعلته عتيقًا، "ويخلف" من أخلف الله عليه أي أبدله بما ذهب عنه وعوضه عنه، والمقصود الدعاء بطول الحياة.

باب فيما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا

نَحْوَهُ. 4022 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا سَعِيدٍ، وَحَمَّادُ ابْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَالثَّقَفِيُّ سَمَاعُهُمَا وَاحِدٌ». 4023 - حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَكَلَ طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» قَالَ: وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ». بَابٌ فِيمَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا 4024 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْجَرَّاحِ الْأَذَنِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ === بَابٌ فِيمَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا 4024 - "خميصة" قيل: هي ثياب تكون من خز أو صوف أو هي معلمة، "أبلي وأخلقي" المشهور أخلقي بالقاف، وهما من أبليت الثوب وبليته وأخلقته

باب ما جاء في القميص

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِكِسْوَةٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ صَغِيرَةٌ فَقَالَ: «مَنْ تَرَوْنَ أَحَقُّ بِهَذِهِ» فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ» فَأُتِيَ بِهَا، فَأَلْبَسَهَا إِيَّاهَا، ثُمَّ قَالَ: «أَبْلِي وَأَخْلِقِي» مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمٍ فِي الْخَمِيصَةِ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ وَيَقُولُ «سَنَاهْ سَنَاهْ يَا أُمَّ خَالِدٍ» وَسَنَاهْ فِي كَلَامِ الْحَبَشَةِ الْحَسَنُ. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ 4025 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ خَالِدٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصَ». 4026 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «لَمْ يَكُنْ ثَوْبٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَمِيصٍ». 4027 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: === وخلقته إذا جعلته عتيقًا، وعطف أحدهما على الآخر لتغاير اللفظين، والتكرير للتأكيد، "سناه" بفتح السين. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَمِيصِ 4025 - "أحب الثياب" يحتمل الرفع والنصب، وكذا قوله: القميص لكن لا بد من اختلافهما، فإذا رفعت أحدهما، فانصب الآخر.

باب ما جاء في الأقبية

«كَانَتْ يَدُ كُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الرُّسْغِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَقْبِيَةِ 4028 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الْمَعْنَى، أَنَّ اللَّيْثَ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، قَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ: «خَبَأْتُ هَذَا لَكَ» قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، زَادَ ابْنُ مَوْهَبٍ: مَخْرَمَةُ، === بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَقْبِيَةِ 4028 - "إلى الرسغ" بالسين والصاد لغة، وفي نسخة السيوطي بالصاد، فقال بضم الراء وسكون الصاد المهملة وغين معجمة لغة في الرسغ، وهو مفصل ما بين الكف والساعد, وهذا الحديث مخصوص بالقميص الذي كان يلبسه في السفر, وكان يليس في الحضر قميصًا من قطن فوق الكعبين وكماه مع الأصابع، كذا ورد في حديث رواه البيهقي في شعب الإيمان, روي فيه عن علي أنه كان يمدّ كمَّ القميص حتى إذا بلغ الأصابع قطع ما فضل. اهـ (¬1). قلت: الظاهر أنه لبس أحيانًا هذا، وأحيانًا ذاك؛ والله تعالى أعلم. "قال رضى مخرمة" قيل: هذا من كلامه - صلى الله عليه وسلم - , وجوز أنه عن كلام مخرمة ¬

_ (¬1) البيهقي في "شعب الإيمان" كتاب اللباس (6183). فيه: ويقول لا فضل للكمين على اليد.

باب في لبس الشهرة

ثُمَّ اتَّفَقَا، قَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ قَالَ: قُتَيْبَةُ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، لَمْ يُسَمِّهِ. بَابٌ فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ 4029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عِيسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنِ الْمُهَاجِرِ الشَّامِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، - قَالَ فِي حَدِيثِ شَرِيكٍ: يَرْفَعُهُ - قَالَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ» زَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ «ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ». 4030 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: ثَوْبَ مَذَلَّةٍ. 4031 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ === والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ 4029 - ثوب شهرة، أي من ليس ثوبًا يقصد به الاشتهار بين الناس سواء كان الثوب نفيسًا يلبسه تفاخرًا بالدنيا وزهرتها، أو خسيسًا يلبسه إظهارًا للزهد والرياء، مثله في كونه سببًا للفضيحة. 4030 - "ثوب مذلة" بفتحتين قيل من إضافة السبب إلى المسبب أو بيانية تشبيهًا للمذلة بالثوب في الاشتمال من تشبهه. 4031 - "بقوم" قال المحقق عبد الحق الدهلوي في شرح المشكاة: المتعارف في التشبه هو التلبس بلباس قوم، وبهذا الاعتبار أورده في كتاب اللباس وهو بإطلاقه يشمل الأعمال والأخلاق واللباس، سواء كان بالأخيار أو الأشرار، فإن كان في الأخلاق والأعمال يجري حكمه في الظاهر والباطن، وفي اللباس

باب في [لبس] الصوف والشعر

بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». بَابٌ فِي [لُبْسِ] الصُّوفِ وَالشَّعَرِ 4032 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ»، وقَالَ حُسَيْنٌ: === يختص بالظاهر, وبالجملة حكم المشابه للشيء حكمه ظاهرًا كان أو باطنًا، والمعتبر في باب التصوف هو التشبه بالأعمال والأخلاق , قال الشيخ في العوارف في التشبه هو الترسم في أعمالهم وآدابهم طمعًا في الإنصاف بصفاتهم وأخلاقهم. اهـ. قلت: والأظهر أن من قصد التشبه بالصالحين ولو باللباس يرجى له اللحوق بهم؛ لأن منشأ ذلك محبته إياهم، والمرء مع من أحب, ومن قصد بذلك الاشتهار، فحكمه قد علم من الحديث السابق والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي [لُبْسِ] الصُّوفِ وَالشَّعَرِ 4032 - "وعليه مرط" (¬1) بكسر الميم وسكون الراء رداء من صوف أو خز، "والمرحل" بفتح الحاء المهملة المشددة الذي فيه صور حال الإبل، وقيل: المصور بصور المراجل جمع مرجل بمعنى القدر، وهي ليس بحرام، إنما الحرام ما صور ¬

_ (¬1) قال الخطابي: المرط كساء يؤتزر به. انظر: معالم السنن (4/ 189).

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: «اسْتَكْسَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَسَانِي خَيْشَتَيْنِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا أَكْسَى أَصْحَابِي. 4033 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي يَا بُنَيَّ «لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ مَعَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ، حَسِبْتَ أَنَّ رِيحَنَا رِيحُ الضَّأْنِ». 4034 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ === بصور الحيوان على اختلاف فيه، وقد يروى بالجيم يعني المصور بصور الرجال من الإنسان، فلعله كان قبل تحريم صور التصاوير، أو لعل الصورة في الثوب ونحوه غير مشمولة للنهي كما قيل، وقال النووي: الذي عليه الجمهور من أهل الإتقان روايته بالحاء المهملة (¬1)، "خيشتين" الخيشة واحد "الخيش" في الصحاح: هي ثياب من أردأ الكتان (¬2)، وفي القاموس: هي ثياب في نسجها رقة وخيوطها غلاظ (¬3). 4033 - "السماء" المطر، "ريح الضان" أي لما علينا من ثياب الصوف. 4034 - "حلة" وهي واحدة الحلل ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من ¬

_ (¬1) مختار الصحاح (ص 19) مادة "خيش". (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي (14/ 57). (¬3) القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 765) مادة "خيش".

باب لباس الغليظ

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مَلِكَ ذِي يَزَنَ «أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةً أَخَذَهَا بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، أَوْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ نَاقَةً فَقَبِلَهَا». 4035 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَرَى حُلَّةً بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ قَلُوصًا، فَأَهْدَاهَا إِلَى ذِي يَزَنَ». بَابُ لِبَاسِ الْغَلِيظِ 4036 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الْمَعْنَى، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَارًا غَلِيظًا مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْمُلَبَّدَةَ فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ فِي هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ». === جنس واحد. بَابُ لِبَاسِ الْغَلِيظِ 4036 - "يسمونها الملبدة" بفتح الباء المشددة قيل: هي المرققة وهي الغليظة ركب بعضها بعضًا لغلظها، أحسن ما يكون من الحلل فيه دليل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يستعمل ما تيسر، نعم يلبس في غالب أحواله ما تدعو إليه الضرورة كالشملة والكساء الخشن، فكأنه أحيانًا يلبس الثياب المرققة بيانًا للجواز، أو تركًا للتقييد والتكلف، أو اقتصارًا على المتيسر في ذلك الوقت والله تعالى أعلم.

باب ما جاء في الخز

4037 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو ثَوْرٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ بْنِ الْقَاسِمِ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ أَتَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ - قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلًا جَمِيلًا جَهِيرًا - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَتَيْتُهُمْ فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا هَذِهِ الْحُلَّةُ قَالَ: مَا تَعِيبُونَ عَلَيَّ «لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الحُلَلِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «اسْمُ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ 4038 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيُّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا بِبُخَارَى === بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَزِّ 4038 - "عمامة خز" بفتح خاء معجمة وبزاي معجمة مشددة ثوب منسوج من صوف وحرير، وهو مباح كان التابعون يلبسونه، وقد اشتهر الآن في ثياب تتخذ من حرير خالص وهو حرام، وهو محمل النهي والذم في الحديث الآتي، وقالوا: وهذا النوع ما كان في زمانه - صلى الله عليه وسلم -، فالإخبار به معجزة له - صلى الله عليه وسلم -، وفي كتب اللغة لأصحابنا الحنفية اسم دابة تجر يتخذ من شعرها الثياب، وكانوا يسمونها في ذلك الزمان خَزًّا، وأما في زماننا فالخز ما يتخذ من الحرير الغليظ، والله تعالى

باب ما جاء في لبس الحرير

عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ سَوْدَاءُ، فَقَالَ: «كَسَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» هَذَا لَفْظُ عُثْمَانَ وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِهِ. 4039 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ، وَاللَّهِ يَمِينٌ أُخْرَى مَا كَذَّبَنِي، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ، وَالْحَرِيرَ» وَذَكَرَ كَلَامًا، قَالَ: «يُمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَعِشْرُونَ نَفْسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَكْثَرُ لَبِسُوا الْخَزَّ مِنْهُمْ أَنَسٌ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ». بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ 4040 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === أعلم. 4039 - "يستحلون الخز" هو بمعجمتين كما سبق تفصيله وهو الصحيح رواية في هذا الكتاب، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ 4040 - "حلة سيراء" (¬1) بكسر السين وفتح التحتانية ممدود نوع من البرود ¬

_ (¬1) قال الخطابي: حلة سيراء هي المضلعة بالحرير. انظر: معالم السنن (4/ 190).

عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ تُبَاعُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ»، ثُمَّ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ: عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدَ مَا قُلْتَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا» فَكَسَاهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ. 4041 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «حُلَّةُ إِسْتَبْرَقٍ» وَقَالَ: فِيهِ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ وَقَالَ: «تَبِيعُهَا وَتُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ». 4042 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ، إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَا كَانَ هَكَذَا، وَهَكَذَا أُصْبُعَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً». === فيه خطوط يخالطه حرير، وهو على الإضافة، وله أمثال كحلة سندس وحلة حرير وحلة خز ويرويه بعضهم بالتنوين، "من لا خلاق له" أي في لبس الحرير. 4041 - "حلة إستبرق" ديباج من حرير غليظ.

باب من كرهه

4043 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةُ سِيَرَاءَ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيَّ فَلَبِسْتُهَا، فَأَتَيْتُهُ فَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ وَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أُرْسِلْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا، وَأَمَرَنِي فَأَطَرْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي». بَابُ مَنْ كَرِهَهُ 4044 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ، وَعَنْ تَخَتُّمِ === 4043 - "فاطرتها" (¬1) أي قسمتها بينهن بأن شققتها وجعلت لكل واحدة منهن قطعة، والمراد "بين نسائي" من كان في بيته من النساء، يقال: طار لفلان في القسمة كنا أي صار به، ووقع في حصته. بَابُ مَنْ كَرِهَهُ 4044 - "نهي عن لبس القُسيّ" اللبس بالضم مصدر لبس الثوب والقسي بفتح القاف وقد تكسر وتشديد السين المهملة ثياب فيها حرير يؤتى بها من مصر، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها القس، ويقال: إنها القز، والزاي والسين ¬

_ (¬1) قال الخطابي: فأطرتها بين نسائي أي قسمتها بينهن بأن شققتها وجعلت لكل واحدة منهن شقة. انظر: معالم السنن (4/ 190).

الذَّهَبِ، وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ». 4045 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْمَرْوَزِيَّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا قَالَ: عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. 4046 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا زَادَ وَلَا أَقُولُ «نَهَاكُمْ». 4047 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ === أختان، والمعصفر المصبوغ بالعصفر يشمل الأحمر، والأصفر، "ولا فتح الذهب" أي لبس خاتم الذهب وكل هذا للرجال. 4045 - وأما "القراءة في الركوع" فالنهي عنه يشمل الرجال والنساء جميعًا، "مستقة" بضم ميم وسكون سين مهملة ومثناة فوقية مضمومة أو مفتوحة وقاف، قال الأصمعي: هي فروة طويلة الأكمام (¬1) قيل لعلها كانت مكففة بالسندس وهو مشارق من الديباج والحرير؛ لأن نفس الضر ولا تكون سندسًا، وقيل: أو كان غشاها سندس وجمعها مساتق. 4047 - وقوله: "تذبذبان" مضارع من ذبذب إذا تحرك واضطرب ومنه قوله ¬

_ (¬1) زاد الأصمعي واحدتها مستقة قال: وأصلها بالفارسية مشتقة فعربت. انظر: معالم السنن (4/ 190، 191).

أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مَلِكَ الرُّومِ، أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتُقَةً مِنْ سُنْدُسٍ، فَلَبِسَهَا، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يَدَيْهِ تَذَبْذَبَانِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى جَعْفَرٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا» قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: «أَرْسِلْ بِهَا إِلَى أَخِيكَ النَّجَاشِيِّ». 4048 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا أَرْكَبُ الْأُرْجُوَانَ، وَلَا أَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْقَمِيصَ الْمُكَفَّفَ بِالْحَرِيرِ» قَالَ: وَأَوْمَأَ الْحَسَنُ إِلَى جَيْبِ قَمِيصِهِ، قَالَ: وَقَالَ «أَلَا وَطِيبُ الرِّجَالِ رِيحٌ لَا لَوْنَ لَهُ، أَلَا وَطِيبُ النِّسَاءِ لَوْنٌ لَا رِيحَ لَهُ» قَالَ سَعِيدٌ: أُرَهُ === تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَينَ ذَلِكَ} (¬1)، قيل: أريد الكمان. 4048 - لا أركب "الأرجوان" بضم همزة وجيم بينهما راء ساكنة رداء حمر معروف، قيل: أريد ها هنا لا أجلس على ثوب أحمر, والصحيح أن معناه لا أركب مثيرة الأرجوان، "والمثيرة" بكسر ميم وسكون ياء وفتح مثلثة وعاء صغير محشو يجعل على سرج الفرس أو رحل البعير، وقد جاء أنه نهى عن مثيرة الأرجوان والنهي عنه؛ لأنه دابة المتكبرين من أهل السرف، ومفهوم الحديث أنه إذا لم تكن حمراء لم تحرم يقصد الاستراحة خصوصًا للضعفاء المكفف مما فيه كثير ترفه بخلاف الجبة المكففة ونحوها. ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (143).

قَالَ: إِنَّمَا حَمَلُوا قَوْلَهُ فِي طِيبِ النِّسَاءِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَلْتَطَّيَّبْ بِمَا شَاءَتْ. 4049 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ يَعْنِي ابْنَ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ يَعْنِي الْهَيْثَمَ بْنَ شَفِيٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي يُكْنَى أَبَا عَامِرٍ رَجُلٌ مِنَ الْمَعَافِرِ لِنُصَلِّيَ بِإِيلْيَاءَ وَكَانَ قَاصَّهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأَزْدِ يُقَالُ: لَهُ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ: فَسَبَقَنِي صَاحِبِي إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَدِفْتُهُ فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَسَأَلَنِي هَلْ أَدْرَكْتَ قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ قُلْتُ: لَا قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَشْرٍ، عَنِ الوَشْرِ، === "لا ريح له" أي خفي الريح وإلا فالطيب لا يخلو عن ريح. 4049 - "ابن شفي" (¬1) بفاء كعلي وقيل: بالتصغير من المعافر بفتح الميم أرض باليمن، "بإيلياء" بكسر الهمزة واللام بينهما ياء ساكنة بالمد والقصر مدينة بيت المقدس، "من الوشر" بفتح واو فسكون شين معجمة وراء مهملة هو معالجة الأسنان بما يحددها ويرقق أطرافها تفعله المرأة المسنة تشبهه بذلك بالشواب، "والوشم" هو أن يغرز الجلد بأبرة ثم يحشى كحلًا أو غيره من خضرة أو سواد، "والنتف" أي نتف البياض من اللحية والرأس أو نتف الشعر عن الحاجب وغيره للزينة أو نتف عند المصيبة، "وعن مكامعة" المكامعة المضاجعة، "بغير شعار" بكسر الشين ما يلي الجسد من الثوب، أي بلا حاجب من ثوب "في أسفل ثيابه" ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: ثقة وهو مصري. انظر: تقريب التهذيب (2/ 327).

وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثِيَابِهِ حَرِيرًا، مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، وَعَنِ النُّهْبَى، وَرُكُوبِ النُّمُورِ، وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ، إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الَّذِي تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْخَاتَمِ». 4050 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نُهِيَ عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ». 4051 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ». === حريرًا يعني لبس الحرير حرام علي الرجال سواء كان تحت الثياب أو فوقها، وعادة جهال العجم أن يلبسوا تحت الثياب ثوبًا قصيرًا من حرير ليُلينَ أعضاءهم, "أو يجعل على منكبين" هو أن يلقي ثوب الحرير على الكتفين، "النهبى" بضم النون بمعنى النهب ركوب النمور أي جلودها ملقاة على السرج، والرحال لما فيه من التكبر؛ أو لأنه زي العجم، أو لأن الشعر نجس لا يقبل الدباغ، ولبوس الخاتم بضم اللام مصدر بمعنى اللبس، والمراد بذي سلطان من يحتاج إليه للمعاملة مع الناس، ولغيره يكون زينة محضة، فالأولى تركه، فالنهي للتنزيه وقيل في إسناده رجل مبهم, فلم يصح الحديث، والله تعالى أعلم.

باب الرخصة في العلم وخيط الحرير

4052 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: «اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا فِي صَلَاتِي، وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّتِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو جَهْمٍ بْنُ حُذَيْفَةَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ غَانِمٍ». 4053 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَعُ. بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ 4054 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَبُو عُمَرَ، مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي === 4052 - "ألهيتني" أي شغلتني، وهذا من كمال صفاء القلب وخلوص السر عن الالتفات إلى الغير في عبادة المولى حتى ظهر فيه أدنى التفات إلى الغير، "بأنجانيته" بفتح همزة وكسرها وسكون نون وبفتح باء وكسرها وبخفة ياء أو بشدتها مضاف إلى أبي جهم كساءٌ غليظ، "لا علم لها" ولعله أراد بذلك تطييب خاطره لئلا ينكسر، ويروى أنه رد عليه هديته، والله تعالى أعلم. بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ وَخَيْطِ الْحَرِيرِ 4054 - "جبة طيالسة" بالإضافة وهي نوع من الثياب تتخذ من الصوف "مكفوفة" أي عمل على جيبها وكميها وفرجيها كفاف من حرير، وكفة كل شيء

باب في لبس الحرير لعذر

السُّوقِ اشْتَرَى ثَوْبًا شَأْمِيًّا، فَرَأَى فِيهِ خَيْطًا أَحْمَرَ فَرَدَّهُ، فَأَتَيْتُ أَسْمَاءَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ: يَا جَارِيَةُ نَاوِلِينِي جُبَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ مَكْفُوفَةَ الْجَيْبِ، وَالْكُمَّيْنِ، وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ». 4055 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيرِ، فَأَمَّا الْعَلَمُ مِنَ الْحَرِيرِ، وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَا بَأْسَ بِهِ». بَابٌ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ 4056 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ === بالضم طرفه وحاشيته, "والفرجين" أي الشقين من قدام، وخلف بالديباج أي الحرير ومقصودها بذلك أن هذا ليس بحرام، وإنما الحرام ما زاد على أربعة أصابع، والله تعالى أعلم. 4055 - "عن الثوب المصمت" بضم الميم وسكون الصاد وفتح الميم الثانية هو الذي جميعه حرير لا يخالطه قطن وغيره، فأما العلم يحتمل أن يكون مرفوعًا بتقدير أي، وقال: فأما العلم إلخ. ويحتمل أنه من كلام ابن عباس فهمه من مفهوم النهي, "وسدي الثوب" بفتح السين معروف. بَابٌ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ لِعُذْرٍ 4056 - "من حكة" أي أجل حكة والظاهر أن الحكة هي علة الرخصة،

باب في الحرير للنساء

أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَلِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ فِي السَّفَرِ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا». بَابٌ فِي الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ 4057 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي أَفْلَحَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ يَعْنِي الْغَافِقِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ === والسفر اتفاقي، ويحتمل أن العلة مجموعهما أو كل واحد منهما، وكان من جوّزه للحرب رأى أن العلة كل منها, والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْحَرِيرِ لِلنِّسَاءِ 4057 - "إن هذين" إشارة إلى جنسهما لا عليهما فقط "حرام" قيل: القياس حرامان، إلا أنه مصدر وهو لا يثنى ولا يجمع، والتقدير كل واحد منهما حرام، فأفرد لئلا يتوهم الجمع، وقال ابن مالك: أي استعمال هذين، فحذف المضاف وأبقى الخبر على إفراده، وعلى كل تقدير فالمراد استعمالها لبسًا وإلا فالاستعمال صُرفًا وإنفاقًا وبيعًا جائز للكل، واستعمال الذهب باتخاذ الأواني منه واستعمالها حرام، والله تعالى أعلم. "المضلَّع بالقز" المضلّع الذي فيه خطوط عريضة مثل الأضلاع، والقز بفتح

باب في لبس الحبرة

عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي». 4058 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيَّانِ، قَالَا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بُرْدًا سِيَرَاءَ قَالَ: وَالسِّيَرَاءُ الْمُضَلَّعُ بِالْقَزِّ. 4059 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ يَعْنِي الزُّبَيْرِيَّ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنَّا نَنْزِعُهُ عَنِ الْغِلْمَانِ، وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي» قَالَ مِسْعَرٌ: «فَسَأَلْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفْهُ». بَابٌ فِي لُبْسِ الْحِبَرَةِ 4060 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْنَا لِأَنَسٍ يَعْنِي ابْنَ مَالِكٍ: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَعْجَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: الْحِبَرَةُ. === فتشديد معجمة الحرير ننزعه أي الحرير. بَابٌ فِي لُبْسِ الْحِبَرَةِ 4060 - "الحبرة" بكسر الحاء المهملة وفتح الباء قيل: هي من برود اليمن من القطن، ولذا أحبه، وفيه خطوط خضر قيل: لذلك كان يحبه؛ لأن الأخضر من ثياب الجنة، وقيل: خطوط حمر والمحبة لاحتمال الوسخ، والله تعالى أعلم. اهـ. قلت: الأخير هو المشهور.

باب في البياض

بَابٌ فِي الْبَيَاضِ 4061 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ: يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ. بَابٌ فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَفِي الْخُلْقَانِ 4062 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْكِينٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، نَحْوَهُ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ: «أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ، وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً === بَابٌ فِي الْبَيَاضِ 4061 - "الإثمد" بكسر الهمزة والميم بينهما مثلثة ساكنة. باب في الخلقان (¬1) بضم فسكون جمع خلق بفتحتين يقال: ثوب خلقٌ أي بال. 4062 - "شعثًا" بفتح فكسر وجملة قد تفرق شعره صفة كاشفة، "والشعث" بفتح فسكون الانتشار وبفتحتين ما تشعث عن الأمر، وبكسر العين صفة منه ما ¬

_ (¬1) من الأشياء التي اختصرها الإِمام السندي، فعند أبي داود " باب في غسل الثوب وفي الخلقان".

باب في المصبوغ بالصفرة

يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ». 4063 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَوْبٍ دُونٍ، فَقَالَ: «أَلَكَ مَالٌ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟ » قَالَ: قَدْ آتَانِي اللَّهُ مِنَ الإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْخَيْلِ، وَالرَّقِيقِ، قَالَ: «فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَكَرَامَتِهِ». بَابٌ فِي الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ 4064 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَسْلَمَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ === يسكن من التسكين أي يلم شعثه ويجمع متفرقة، و "وسخة" ضبط بكسر ففتح. 4063 - "دون" أي خسيس، و "فلير" على بناء المفعول أي ألبس لباسًا جيدًا ليعرف الناس أنَّك غني، وليقصدك المحتاجون بطلب الزكاة والصدقات، قيل: هذا في تحسين الثياب بالتنظيف والتجديد عنده الإمكان من غير أن يبالغ في النعامة والرقة، وكرامته، قد يكون المال كرامة إذا صرف في مصارفه أو هو كرامة وإنما هو الخلاف يجيء من سوء صنيع العبد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ 4064 - "يصبغ بها" أي بالصفرة، الظاهر أن المراد يصبغ بالورس فقد جاء ذلك، وجاء أنه لبس ملحفة ورسية رواه ابن سعد فلا ينافي ما صح أنه نهي أن يتزعفر الرجل، وجاء أن الملائكة لا تحضر جنازة المتضمخ بالزعفران، لكن

باب في الخضرة

حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ إِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ». بَابٌ فِي الْخُضْرَةِ 4065 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِيَادٌ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْدَيْنِ أَخْضَرَيْنِ». === يشكل عليه ما جاء أنه يصبغ بالورس والزعفران ثيابه حتى عمامته في الواهب، جاء ذلك من حديث زيد بن أسلم وأم سلمة وابن عمر، أجيب؛ لعله يصبغ بالزغفران بعض الثوب والنهي عن استيعاب الثوب بالصبغ، كذا ذكره في حاشية المواهب، وأجاب ابن بطال وابن التين بأن النهي عن التزعفر مخصوص بالجسد، ومحمول على الكراهة؛ لأن تزعفر الجسد من الرفاهية التي نهى الشارع عنها دون التحريم، لحديث عبد الرحمن أنه قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه دثر صفرة, أي زعفران كما في رواية, فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أمره بغسلها والله تعالى أعلم. وقد جاء أنه ما كان يخضب ولم يبلغ شيبه حد الخضاب، أجيب بأنه لم يخضب الشعر قصدًا , ولكن كان يغسل رأسه بالحناء تارة والزعفران أخرى تنظيفًا وتطيبًا، فيظن أنه يختضب والله أعلم.

باب في الحمرة

بَابٌ فِي الْحُمْرَةِ 4066 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: هَبَطْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ثَنِيَّةٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْعُصْفُرِ، فَقَالَ: «مَا هَذِهِ الرَّيْطَةُ عَلَيْكَ؟ » فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورًا لَهُمْ، فَقَذَفْتُهَا فِيهِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ؟ » فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَلَا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِلنِّسَاءِ». 4067 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قَالَ هِشَامٌ يَعْنِي ابْنَ الْغَازِ: الْمُضَرَّجَةُ: الَّتِي لَيْسَتْ بِمُشَبَّعَةٍ وَلَا الْمُوَرَّدَةُ. === بَابٌ فِي الْحُمْرَةِ 4066 - "وعلي ريطة" بفتح راء وسكون ياء كل ثوب رقيق لين من كتان لم يكن قطعتين متضامتين بل واحدة مضرجة (¬1) اسم مفعول من ضرجة الثوب تضريجًا بالضاد المعجمة والراء المهملة والجيم، إذا صبغته بالحمرة وهو دون التشبع وفوق المورد، "وهم يسجرون" فمن سجرت التنور كنصر إذا حميته، ما فعلت الريطة على بناء الفاعل والريطة بالرفع فاعل وهذا كناية، أي ما حصل لها وما حالها وهذا يدل على كراهة المصبوغ بالعصفر للرجال وقيل بل كراهة الأحمر مطلقًا. ¬

_ (¬1) قال الخطابي: المضرج الذي ليس صبغة بالمشبع العام، وإنما هو لطخ علق به. انظر معالم السنن (4/ 193).

4068 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ شُفْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤِيُّ: «أُرَاهُ وَعَلَيَّ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ مُوَرَّدٌ»، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ » فَانْطَلَقْتُ فَأَحْرَقْتُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا صَنَعْتَ بِثَوْبِكَ؟ » فَقُلْتُ: أَحْرَقْتُهُ، قَالَ: «أَفَلَا كَسَوْتَهُ بَعْضَ أَهْلِكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ثَوْرٌ، عَنْ خَالِدٍ، فَقَالَ: مُوَرَّدٌ، وَطَاوُسٌ قَالَ: مُعَصْفَرٌ. 4069 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُزَابَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ === 4068 - "مورد" بتشديد الراء المفتوحة وهو ما صبغ على لون الورد, ونصبه على الحال من ثوب أو من ضمير مصبوغ، وقيل تقديره: صبغًا موردًا، وفيه بعد إذا لورد صفة الصبوغ لا الصبغ ما صنعت على لفظ الخطاب. 4069 - "ثوبان أحمران" هو حكاية حال لا عموم لها فيحتمل أن يكون معصفرين، وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي: قد وقع في هذا الحديث أحمران مطلق من غير قيد العصفر، والمختار في المذاهب أن الكراهة إنما هي لأجل اللون لا بالعصفر بخصوصه، كذا حققه الشيخ قاسم، وفيه دلالة على أن من كان مرتكبًا للمنهي عنه وقت التسليم لا يستحق الجواب، ونقل عن الحافظ أنه قال في الفتح: هو حديث ضعيف الإسناد وإن وقع في بعض نسخ الترمذي قال حديث

عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 4070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ يَعْنِي ابْنَ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَنِي حَارِثَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَوَاحِلِنَا وَعَلَى إِبِلِنَا أَكْسِيَةً فِيهَا خُيُوطُ عِهْنٍ حُمْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَرَى هَذِهِ الْحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ»، فَقُمْنَا سِرَاعًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَفَرَ بَعْضُ إِبِلِنَا، فَأَخَذْنَا الْأَكْسِيَةَ فَنَزَعْنَاهَا عَنْهَا. 4071 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي أَبِي - قَالَ ابْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ: وَقَرَأْتُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ - قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ يَعْنِي ابْنَ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ الْأَبَحِّ السَّلِيحِيِّ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ، قَالَتْ: «كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ زَيْنَبَ امْرَأَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَصْبُغُ ثِيَابًا لَهَا بِمَغْرَةٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ === حسن. 4070 - "خيوط عهن" بكسر عين وسكون هاء أي صوف أحمر بالرفع صفة خطوط، "قد علتكم" أي غلب عليكم استعمالها، وفي إسناد الحديث مجهول، "بمغرة" بفتحتين وقد يسكن المدر الأحمر الذي يصبغ به الثياب، "ووارت" أي سترت وأزالت، وكان الكراهة في هذا الحديث لخصوص المغرة لا للحمرة لأنها للنساء جائزة والله تعالى أعلم.

باب في الرخصة [في ذلك]

كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى الْمَغْرَةَ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ عَلِمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَرِهَ مَا فَعَلَتْ، فَأَخَذَتْ فَغَسَلَتْ ثِيَابَهَا، وَوَارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ فَاطَّلَعَ، فَلَمَّا لَمْ يَرَ شَيْئًا دَخَلَ». بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ [فِي ذَلِكَ] 4072 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ، وَرَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ». 4073 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ، وَعَلَيْهِ === بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ [فِي ذَلِكَ] 4072 - "في حلة حمراء" قال ابن القيم: وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتًا لا يخالطها غيرها، وإنما الصفة الحمراء بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود سائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من المخطوط، وإلا فالأحمر البحت ينهي عنه أشد النهي وكراهيته شديدة، فكيف يظن به أنه لبس الأحمر القاني، وإنما وقعت الشبهة من لفظ الحلة الحمراء (¬1) والله تعالى أعلم اهـ. 4073 - "يعبر عنه" أي يبلغ كلامه بأعلا صوته إلى أهل الموسم لكثرتهم ¬

_ (¬1) زاد المعاد (1/ 137 - 139) ط. الرسالة. تحقيق شعيب الأرناؤوط.

باب في السواد

بُرْدٌ أَحْمَرُ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَامَهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ». بَابٌ فِي السَّوَادِ 4074 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدَةً سَوْدَاءَ، فَلَبِسَهَا، فَلَمَّا عَرَقَ فِيهَا وَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ، فَقَذَفَهَا - قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: - وَكَانَ تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ. بَابٌ فِي الْهُدْبِ 4075 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ أَبِي خِدَاشٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ جَابِرٍ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْتَبٍ بِشَمْلَةٍ، وَقَدْ وَقَعَ هُدْبُهَا عَلَى قَدَمَيْهِ». === وبعدهم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. بَابٌ فِي السَّوَادِ 4074 - "فقذفها" فيه تنبيه على تنظيف الثوب وحفظه عما فيه رائحة كريهة. بَابٌ فِي الْهُدْبِ 4075 - "وهو محتب" أي جالس على هيئة الاحتباء، "هدبها" بالضم فسكون وبضمتين طرف الثوب الذي لم ينسج شبه بهدب العين.

باب في العمائم

بَابٌ فِي الْعَمَائِمِ 4076 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ». 4077 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ قَدْ أَرْخَى طَرَفَهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ». 4078 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَسْقَلَانِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رُكَانَةَ صَارَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي الْعَمَائِمِ 4076 - "وعليه عمامة" بكسر العين. 4077 - "قد أرخى" أي أرسل. 4078 - "ابن ركانة" (¬1) بمضمومة وخفة كاف ونون، صارع أي قصد كل منهما أن يطرح صاحبه على الأرض على الوجه المعروف، "فصرعه" أي طرحه على الأرض وغلبه - صلى الله عليه وسلم -، "فرق ما بيننا" قيل يحتمل أنهم كانوا يكتفون بالقلنسوة، والسنة للمسلمين أن يتعمموا فوقها، وبه صرح القاضي أبو بكر في شرح الترمذي، ويحتمل أنهم يتعممون بلا قلنسوة والسنة للمسلمين أن يتعمموا ¬

_ (¬1) انظر: تقريب التهذيب (2/ 193).

باب في لبسة الصماء

وَسَلَّمَ قَالَ رُكَانَةُ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فَرْقُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، الْعَمَائِمُ عَلَى الْقَلَانِسِ». 4079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ الْغَطَفَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ خَرَّبُوذَ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، يَقُولُ: «عَمَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَدَلَهَا بَيْنَ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي». بَابٌ فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ 4080 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي === على القلنسوة، والثاني أقرب لأن تعم المشركين معلوم قطعًا ولبسهم القلنسوة وحدها غير واقع، قال الترمذي بعد تخريجه الحديث بهذا الإسناد الذي خرجه به المصنف: هو حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني ولا ابن ركانة (¬1). 4079 - "عممني" أي لم عمامتي على رأسي، "فسدلها" أي أرسل لها طرفين أحدهما على صدري والآخر على ظهري. قلت: ولعل الطرف الذي على الصدر أرسله ليتحنك به كما جاء به الأصل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي لِبْسَةِ الصَّمَّاءِ 4080 - "لبستين" بكسر اللام. ¬

_ (¬1) الترمذي: كتاب الباس (1784).

باب في حل الأزرار

صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ، أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ مُفْضِيًا بِفَرْجِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَلْبَسُ ثَوْبَهُ، وَأَحَدُ جَانِبَيْهِ خَارِجٌ، وَيُلْقِي ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ». 4081 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّمَّاءِ، وَعَنِ الاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ». بَابٌ فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ 4082 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ ابْنُ نُفَيْلٍ: ابْنُ قُشَيْرٍ أَبُو مَهَلٍ الْجُعْفِيُّ - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ === 4081 - "عن الصماء" قيل هو عند العرب أن يشتمل الرجل بثوبه بحيث لا يبقى له موضع يخرج منه يده، وأمّا الفقهاء فقالوا هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيبدو منه فرجه، والفقهاء أعلم بالتأويل في هذا، وذاك أصح في الكلام. بَابٌ فِي حَلِّ الْأَزْرَارِ 4082 - "مطلق الأزرار" في رواية البغوي في معجم الصحابة محلول (¬1) الأزرار، وهذا يدل على أن جيب قميصه كان كما هو المعتاد الآن، أي على ¬

_ (¬1)

باب في التقنع

مُزَيْنَةَ، فَبَايَعْنَاهُ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقُ الْأَزْرَارِ»، قَالَ: «فَبَايَعْتُهُ ثُمَّ أَدْخَلْتُ يَدَيَّ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ، فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ» قَالَ عُرْوَةُ: «فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَلَا ابْنَهُ قَطُّ، إِلَّا مُطْلِقَيْ أَزْرَارِهِمَا فِي شِتَاءٍ وَلَا حَرٍّ، وَلَا يُزَرِّرَانِ أَزْرَارَهُمَا أَبَدًا». بَابٌ فِي التَّقَنُّعِ 4083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا === الصدر كذا ذكره السيوطي ورد عليه بخفاء الدلالة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّقَنُّعِ 4083 - "التقنع" ستر الرأس بالرداء وإلقاء طرفه على الكتف ويقال له التطلس بمعنى لبس الطيلسان على الرأس، والطيلسان بفتح الطاء واللام على الأشهر الأفصح، وحكى كسر اللام وضمها هو الرداء يوضع على الرأس والكتافين والظهر، وهذا الحديث يدل على جواز التقنع، وقد جاء أحاديث أخر تدل على ندبه واستحسانه، وقد أنكره بعض الناس والحديث يرد عليهم، وقد صنف الحافظ السيوطي فيه رسالتين وأشبع الكلام في حاشية الكتاب أيضًا، وكذا الحافظ ابن حجر في شرح الصحيح (¬1)، وصاحب المواهب وشارحه جزاهم الله خيرًا، وبالجملة فللناس فيه كلام طويل "مقبلًا متقنعًا" حالان مترادفان أو ¬

_ (¬1) ابن حجر في شرحه للبخاري (10/ 286) ط. الريان.

باب ما جاء في إسبال الإزار

فِيهَا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ». بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ 4084 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي غِفَارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ - وَأَبُو تَمِيمَةَ اسْمُهُ طَرِيفُ بْنُ مُجَالِدٍ - عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ، لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ، قَالَ: " لَا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ " قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ، أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ - أَوْ فَلَاةٍ - فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ، رَدَّهَا عَلَيْكَ»، قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ، قَالَ: «لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا» قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً، قَالَ: «وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ === متداخلان والعامل فيهما معنى اسم الإشارة. بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَالِ الْإِزَارِ 4084 - "قال رأيت رجلًا يصدر الناس عن رأيه" أي يرجعون عن قبول قوله وحكمه ويأخذون عنه كل ما حكم به، أو قال وقد جاء طالب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجده فجلس في نفر هو - صلى الله عليه وسلم - فيهم ولا يعرفه وهو يصلح بينهم، والناس يأخذون قوله ويقبلون حكمه كما رواه الترمذي (¬1)، ولذلك قال: عليك السلام يا رسول ¬

_ (¬1) الترمذي في الاستئذان (2721).

مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ، فَلَا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ». 4085 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَحَدَ جَانِبَيْ === الله، بتقديم ذكره لأنه كان مشتاقًا إليه؛ لكن لما كان تقديم السلام يفيد التأنس بخلاف تقديم عليك، بل قد يفيد التوحش لأن (على) تجئ للضرر كثيرًا لا يناسب بداية الإحياء به، بخلاف الأموات فإنه لا تلحقهم الوحشة فلو قدم معهم لكان صحيحًا مفيدًا للمطلوب من غير ضرر، ولعل هذا: معنى تحية الموتى والله تعالى أعلم. وقيل معنى كونه تحية الموتى الإخبار عما عليه أهل الجاهلية إلا أنه تشريع منه، "الذي إذا أصابك" إلخ صفة للجلالة، "أعهد إلي" أي أوصني بأمر أنتفع به، "ولا تحقرن من المعروف" حتى تتركه وحتى لا تقبله من غيرك، "وإسبال الإزار" أي إلى ما هو أسفل من الكعبين، "فإنها" أي هذه الخصلة والعادة التي هي إسبال الإزار، "من المخيلة" أي التكبر أي تنشأ عادة عنه أو تعد من جنسه شرعًا. 4085 - "خيلاء" بضم الخاء المعجمة وفتح الياء ممدود وكسر الخاء لغة الكبر والعجب والاختيال، "لم ينظر الله إليه" أي نظر رحمة، والمراد أنه لا يرحمه مع السابقين استحقاقًا وجزاءً، وإن كان قد يرحمه تفضلًا وإحسانا والله تعلى أعلم.

إِزَارِي يَسْتَرْخِي، إِنِّي لَأَتَعَاهَدُ ذَلِكَ مِنْهُ، قَالَ: «لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُهُ خُيَلَاءَ». 4086 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي مُسْبِلًا إِزَارَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَكَتَّ عَنْهُ، قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ». 4087 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا، قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَقَالَ: «الْمُسْبِلُ، === 4086 - "اذهب فتوضأ"، أي طهر نفسك من دنس رذيلة الإسبال. وقوله: "إن الله لا يقبل" أي فهو كالمحدث فيجب عليه تطهيره عن ما يشبه الحدث كما يجب عليه التطهير عن الحدث والله تعالى أعلم. 4087 - "ولا يزكيهم" من التزكية أي يطهرهم من الذنوب بالمغفرة ليدخلوا في الجنة مع السابقين، بل لهم عذاب أليم فيعذبون أولًا ثم يدخلون الجنة مع اللاحقين، المسبل أي ثوبه والمنان بتشديد النون الأولى الذي إذا أعطى مَنّ واعتمد به على المعطى بالفتح، وقيل الذي إذا كال أو وزن نقص من الحق، ومنه قوله

وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ - أَوِ الْفَاجِرِ -». 4088 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ، قَالَ الْمَنَّانُ: الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ. 4089 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ بِشْرٍ التَّغْلِبِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، وَكَانَ جَلِيسًا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: كَانَ بِدِمَشْقَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا، قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ، إِنَّمَا هُوَ صَلَاةٌ، فَإِذَا فَرَغَ، فَإِنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبِيرٌ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَمَرَّ بِنَا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَقَدِمَتْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ === تعالى: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيرُ مَمْنُونٍ} (¬1) أي منقوص، "والمنفق" بتشديد الفاء من النفاق ضد الكساد أي المروج سلعته بكسر السين، "بالحلف" بكسر اللام وجوز سكونها. 4089 - "متوحدًا" أي معتزلًا عن الناس، "فإنما هو" أي شغله أو الرجل تسبيح ذو تسبيح أن يؤجر ويحمد، أي لا بأس أن يجمع له الأجر من الله تعالى والحمد من الناس بحسن صيغة، فلو أظهر فعله وحمد الناس عليه لما بطل بذلك أجره، لكن لا بد أن لا يقصد بالإظهار ذلك، فاجتماع الأمرين ممكن جائز، بل لو ¬

_ (¬1) سورة فصلت: آية (8)، سورة الانشقاق: آية (25).

فَجَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ: لَوْ رَأَيْتَنَا حِينَ الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَالْعَدُوُّ فَحَمَلَ فُلَانٌ فَطَعَنَ، فَقَالَ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْغِفَارِيُّ، كَيْفَ تَرَى فِي قَوْلِهِ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ بَطَلَ أَجْرُهُ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ آخَرُ، فَقَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْجَرَ، وَيُحْمَدَ» فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ سُرَّ بِذَلِكَ، وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَمَا زَالَ يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُنْفِقُ عَلَى الْخَيْلِ كَالْبَاسِطِ يَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا» ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ، لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ، وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ»، فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَعَجِلَ، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ، وَرَفَعَ === أظهره لقصد الاتباع يؤجر على ذلك كما يؤجر على العمل المنفق من الإنفاق على الخيل، أي إذا كان ربطه يقصد الجهاد، "خريم" ضبط بالتصغير، "جمته" بضم الجيم وتشديد الميم الشعر النازل إلى المنكبين، "شفرة " بفتح الشين المعجمة أي سكينًا، "قادمون" أي داخلون عليهم من السفر الظاهر أنه قال لهم حين دخولهم بلدهم من السفر، "شامة" بتخفيف الميم وهي الخال، أي كالأمر المتبين الذي يعرفه كل من يقصده، إذ العادة دخول الإخوان على القادم قصدًا لزيارته فإن كان كالخال بينهم لا يشتبه على قاصديه، إلا فقد يشتبه فتحير الزائر، "لا يحب

باب ما جاء في الكبر

إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةً تَنْفَعُنَا، وَلَا تَضُرُّكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، وَلَا التَّفَحُّشَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ هِشَامٍ قَالَ: «حَتَّى تَكُونُوا كَالشَّامَةِ فِي النَّاسِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ 4090 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا هَنَّادٌ يَعْنِي ابْنَ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْمَعْنَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ مُوسَى: عَنْ سَلْمَانَ الْأَغَرِّ، وَقَالَ هَنَّادٌ: عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - قَالَ هَنَّادٌ: - قَالَ: === الفحش" أي الدناءة حالًا وأفعالا كما لا يحب الدناءة مقالًا، ولعل المراد به أن يكون وسخ الثياب غير منتظم الحال كما هو حال المسافر في سفره، "والتفحش" التعمد في ذلك. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكِبْرِ 4090 - "الكبرياء" إلى آخره ضرب مثلًا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء، أي ليست كسائر الصفات التي قد يتصف بها غيره تعالى مجازًا كالكرم والرحمة، كما لا يشارك في إزار واحد وردائه غيره، وظاهر الحديث يعطى الفرق بينهما ويظهر من كتب اللغة أنه لا فرق، فتوقف فيه بعضهم وفرق آخرون فقيل: الكبرياء كونه متكبرًا في ذاته استكبره غيره أم لا، والعظمة لكونها إضافية فشبهت بالرد الذي هو أرفع من الإزار، وقيل العظمة باعتبار كون الذات

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ». 4091 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْقَسْمَلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، مِثْلَهُ. === لا يدرك كنهه، والكبرياء باعتبار الترفع على الغير فشبه العظمة بالإزار الذي هو لازم لا بد منه، والثاني بالرد الذي فيه زيادة التزين والترفع والله تعالى أعلم. 4091 - "من كِبْر" بكسر الكاف وسكون الباء ظاهره يوافق ظاهر قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} (¬1) ولعله المراد لا يدخل الجنة أولًا، والمراد بالثاني لا يخلد في النار، وقيل المراد بالكبر الترفع والتأبي عن قبول الحق والإيمان، فيكون كفرًا فلذا قوبل بالإيمان، أو المراد أن من يدخل الجنة يخرج من قلبه الكبر حينئذ كقوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} (¬2) وقيل يحتمل أنه مبالغة في التبشير على الإيمان والتشديد على المنكر والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة القصص: آية (83). (¬2) سورة الأعراف: آية (43)، سورة الحجر: آية (47).

4092 - حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي رَجُلٌ حُبِّبَ إِلَيَّ الْجَمَالُ، وَأُعْطِيتُ مِنْهُ مَا تَرَى، حَتَّى مَا أُحِبُّ أَنْ يَفُوقَنِي أَحَدٌ، إِمَّا قَالَ: بِشِرَاكِ نَعْلِي، وَإِمَّا قَالَ: بِشِسْعِ نَعْلِي، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَلِكَ؟ قَالَ «لَا، وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ، وَغَمَطَ النَّاسَ». === 4092 - "ولكن الكبر من بطر الحق" كفرح أصله الطغيان بالنعمة وكراهة الشيء، والمراد أن يرى الحق باطلًا أو يدَّعيه باطلًا أو يتعظم عنه فلا يقبله. "وغمط" بغين معجمة ثم ميم ثم طاء مهملة كضرب وفرح، أي احتقرهم أو لا يريهم شيئًا، و"حمل" من بطر على الكبر على حذف المضاف أي فعل من بطر، وقيل: التقدير كبر من بطر وهو غير مناسب؛ لأن الكبر هو المقصود بالتفسير، فلا يحسن أخذه في تفسيره لأنه دور، وقيل المراد بالكبر ذو الكبر على حذف المضاف أو التكبر على أن المصدر بمعنى اسم الفاعل وفيه أن المقصود بدلاله السوق، والذوق تفسير الله الكبر لا تفسير المتكبر، على أن التأويل في الأول تأويل بلا ظهور حاجة إليه فهو يشبه نزع الخف قبل الوصول إلى الماء، فالوجه التأويل في الثاني لأنه محل الحاجة، ولا يتأتى فيه الجواب بالحمل على المبالغة لأن ذلك فيما إذا كان المصدر محمولًا على الذات، والأمر هاهنا بالعكس، لكن قد يقال العكس في إفادة المبالغة في المحمول إثم نعمة لا تجري فيه المبالغة في الموضوع كما في زيد عدل فتأمل.

باب في قدر موضع الإزار

بَابٌ فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ 4093 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الإِزَارِ، فَقَال: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، وَلَا حَرَجَ - أَوْ لَا جُنَاحَ - فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ، مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ». 4094 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ، وَالْقَمِيصِ، وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ مِنْهَا شَيْئًا خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». === بَابٌ فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الْإِزَارِ 4093 - "على الخبير سقطت" إما هو مدح لنفسه ليثق السائل بكلامه ويرجع إليه الجاهل في حل مرامه، أو للسائل بإصابة رأيه في إدراك المفتى. "إزرة المؤمن" (¬1) بالكسر للحالة أي للحالة المحمودة اللائقة للمؤمن في الايتزار، أن يكون الإزار إلى نصف الساق تقريبًا وتخمينًا لا تحقيقًا، "فهو" أي فصاحبه بطرًا بفتحتين أي تكبرا. 4094 - "والعمامة" أي بإرسال العذبات زيادة على العادة عددًا وطولًا، وغايتها إلى نصف الظهر، والزيادة عليه بدعة كذا ذكروا. ¬

_ (¬1) في نسخة "المسلم".

باب في لباس النساء

4095 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُمَيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِزَارِ، فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ». 4096 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْتَزِرُ، فَيَضَعُ حَاشِيَةَ إِزَارِهِ مِنْ مُقَدَّمِهِ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ، وَيَرْفَعُ مِنْ مُؤَخَّرِهِ، قُلْتُ: لِمَ تَأْتَزِرُ هَذِهِ الْإِزْرَةَ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتَزِرُهَا». بَابٌ فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ 4097 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ لَعَنَ === 4095 - "فهو في القميص" أي فهو بعينين جار في القميص أيضًا، وغير مخصوص بالإزار، وإنما خصه ص بالإزار نظرًا إلى الغالب في ذلك الوقت والله تعالى أعلم. 4096 - "على ظهر قدمه" لعل المراد أنه يصل الظهر إذا ركع مثلًا والله تعالى أعلم. "هذه الإزرة" أي هذه الهيئة والكيفية. بَابٌ فِي لِبَاسِ النِّسَاءِ 4097 - "المتشبهات" أي المتكلفات في التشبه لا من خلقها الله تعالى خلق هيئة الرجال، ثم المراد التشبه في الأمور الظاهرة من اللباس وغيره لا في الأمور

باب في قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}

الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ». 4098 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ». 4099 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، وَبَعْضُهُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ امْرَأَةً تَلْبَسُ النَّعْلَ، فَقَالَتْ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَةَ مِنَ النِّسَاءِ». بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} 4100 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا ذَكَرَتْ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ، === الباطنه من العلم ونحوه. 4098 - "لبسة المرأة" بكسر اللام. "الرجلة" بضم الجيم تأنيث الرجل، لكن يقال للمرأة المتشبهة بالرجل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} 4100 - "إلى حجور" إلخ كلاهما بتقديم المهملة المضمومة على الجيم، إلا أن أحدهما بالراء المهملة والثاني بالزاي المعجمة، وقالوا: الصحيح بالزاي المعجمة

باب في قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}

فَأَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ، وَقَالَتْ لَهُنَّ مَعْرُوفًا، وَقَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النُّورِ عَمِدْنَ إِلَى حُجُورٍ - أَوْ حُجُوزٍ، شَكَّ أَبُو كَامِلٍ - فَشَقَقْنَهُنَّ فَاتَّخَذْنَهُ خُمُرًا». 4101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأَكْسِيَةِ. بَابٌ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} 4102 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ح وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، وَابْنُ السَّرْحِ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعَافِرِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: " يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، شَقَقْنَ أَكْنَفَ - قَالَ ابْنُ === جمع حجز بكسر الحاء بمعنى الإزار (¬1). 4101 - "الغربان" بكسر الغين المعجمة جمع غراب والمراد تشبيه الخمر بالغربان في السواد. بَابٌ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} 4102 - "اكنف" بالنون والمثلثة الكنيف البيت الساتر الذي يقصد به الستر، ¬

_ (¬1) قال الخطابي: الحجور لا معنى له هنا، وإنما هو بالزاي المعجمة موضع ملاث الإزار. انظر معالم السنن (4/ 198).

باب فيما تبدي المرأة من زينتها

صَالِحٍ: أَكْثَفَ - مُرُوطِهِنَّ، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. 4103 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي كِتَابِ خَالِي، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. بَابٌ فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا 4104 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: يَعْقُوبُ ابْنُ دُرَيْكٍ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مُرْسَلٌ، خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا». === و"الكثيف" الغليظ أي استرها أو أغلظها. بَابٌ فِيمَا تُبْدِي الْمَرْأَةُ مِنْ زِينَتِهَا 4104 - "إذا بلغت المحيض" أي زمان البلوغ ظاهره جواز النظر بلا شهوة إلى وجه الأجنبية كما عليه العلماء الحنفية، قال بعضهم: هذا المذكور في الحديث ستر العورة، وأما الحجاب فشيء آخر، وهو أن لا يخرجن ولا يظهرن للرجال ولو مستورات في الثياب، وهو مخصوص بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال الشافعية: ولعل هذا كان قبل الحجاب والله تعالى أعلم.

باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته

بَابٌ فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ 4105 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ مَوْهَبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، «اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحِجَامَةِ، فَأَمَرَ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُمَهَا» قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوْ غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ». 4106 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو جُمَيْعٍ سَالِمُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ === بَابٌ فِي الْعَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ 4106 - "إذا قنعت" ضبط بالتشديد أي غطت، قال السيوطي: الحديث من شواهد تفسير التقنع بتغطية الرأس لا كما ظنه بعض الغالطين ما تلقى أي من المشقة في التستر وتغطية الرأس طورًا والرجل أخرى، إنما هوى الذي تستحي منه، ودل الحديث على أن غلام المرأة كالأب في جواز النظر، ويؤيده ما سبق في كتاب العتق من حديث أم سلمة، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان لإحداكُنّ مكاتب فكان ما يؤدى فلتحتحب منه" (¬1) ويوافقه ظاهر قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ} إلى قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُنَّ} (¬2) ويميل إليه في الجمله قوله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ} (¬3) الآية، ومثله قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} (¬4) الآية. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه في كتاب العتق عند الترمذي والبيهقي. (¬2) سورة النور: الآية (31). (¬3) سورة النور: الآية (57). (¬4) سورة الأحزاب: الآية (55).

باب في قوله: {غير أولي الإربة}

ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ». بَابٌ فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} 4107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ === والحنفية وكثير من الشافعية لما رأوا أن دخول العبد عليها لا يخلو عن فتنة، منعوا وأجابوا عن الآيات بما جاء عن بعض التابعين لا يغرنكم سورة النور فإنها في النساء دون الذكور، وأجاب الشيخ أبو حامد عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون الغلام صغيرًا، وصوبه النووي في مجموعه على المهذب، وقال السبكي هو تأويل جيد لا سيما والغلام في اللغة إنما يطلق على الصبي وهي واقعة حال ولم يعلم بلوغه فلا حجة فيها للجواز، ولم يحصل مع ذلك الخلوة ولا يعرف هل حصل النظر وإنما في الحديث نفي اللباس عن تلك الحالة التي ما عملت حقيقها، ولم تجد فاطمة ما يحصل به كمال الستر الذي قصدته وغايته التعليل باسم الغلام وهو اسم للصبي أو حتمل له، والاحتمال في وقايع الأحوال يسقط الاستدلال. اهـ. وأنت خبير بأن سبوق الحديث يفيد أن مدار التعليل على اسم الغلام مع الإضافة إليها كما في أبوك، وعلى ما ذكروا تلفو الإضافة، وحق الكلام حينئذ أن يقال: "وغلام" أو والغلام، فتأمل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} 4107 - "مخنث" بفتح النون وجوز كسرها وقيل الأول فيمن خلق كذلك،

الزُّهْرِيِّ، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ، فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا، لَا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ هَذَا» فَحَجَبُوهُ. 4108 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِمَعْنَاهُ. 4109 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، زَادَ: وَأَخْرَجَهُ، فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ كُلَّ جُمْعَةٍ يَسْتَطْعِمُ. 4110 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فِي هَذِهِ === والثاني فيمن يتكلف التشبه بالنساء، "وهو ينعت امرأة" أي يذكر حسنها وجمالها "بأربع" أي بأربع يمكن من قدامها بثمان، يعني أطراف هذه العكن الأربع، والعكنة (¬1): الطي في البطن من السمن، والجمع عكن مثل غرفة وغرف. واستثناء تفسير للنسخ. ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 284).

باب في قوله عز وجل: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن}

الْقِصَّةِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ إِذَنْ يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ مَرَّتَيْنِ، فَيَسْأَلُ ثُمَّ يَرْجِعُ. بَابٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} 4111 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ، فَنُسِخَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: 60] الْآيَةَ. 4112 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَبْهَانُ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «احْتَجِبَا مِنْهُ»، === بَابٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} 4112 - "أمرنا" على بناء المفعول، "لا يبصرنا" من الإبصار، "أفعمياوان" بفتح العنت تثنية "عمياء" مؤنث أعمى، والاسم الممدود إذا ثني أبدلت همزته واوًا، قال الطيبي: هذا من بليغ الكلام ووجيزه، فإن الهمزة الأولى للإنكار والتوبيخ والثانية أي همزة (ألستما) للتقرير، والفاء عاطفة لما بعدها من الجملة الاسمية على مقدر بعد الهمزة، والمعنى زعمتما أن علة عدم الاحتجاب العمى وهو موجودة فيه أهي موجودة فيكما، "فعمياوان أنتما"، ثم استأنف مقررًا بذلك قائلًا: "ألستما تبصرانه" وفيه أن علة الاحتجاب الفتنة وهي قائمة سواء

فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا، وَلَا يَعْرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، أَلَا تَرَى إِلَى اعْتِدَادِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ»، قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ». 4113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمَيْمُونِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى عَوْرَتِهَا». === كان النظر من الطرفين أو أحدهما، قيل: دل هذا الحديث على أنه ليس للمرأة النظر إلى الأجانب مطلقًا، ودل حديث لعب الحبشة على خلافه فحمله بعضهم على الورع، وحديث الحبشة على الرخصة وقيل: لم تكن عائشة إذ ذاك بالغة، والمختار جواز نظر المرأة إلى الرجل واستدل بحضورهن الصلاة، ولابد أن يقع نظرهن على الرجال، وهذا إذا لم يكن النظر عن شهوة. اهـ. وقد روي عن المصنف في بعض النسخ أن هذا الحديث مخصوص بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد جوز لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وقال: "إنه أعمى تضعين ثيابك عنده" (¬1)، والله تعالى أعلم. 4113 - "عبده" بالنصب مفعول زوج وكذا أمته مفعول ثان، إلى عورتها أي عورة الأمة بعد أن زوجها من عبده. ¬

_ (¬1) أبو داود (4112) ط دار الحديث.

باب في الاختمار

4114 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ - عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ - فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَصَوَابُهُ سَوَّارُ بْنُ دَاوُدَ الْمُزَنِيُّ الصَّيْرَفِيُّ، وَهِمَ فِيهِ وَكِيعٌ». بَابٌ فِي الِاخْتِمَارِ 4115 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ وَهْبٍ، مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَخْتَمِرُ، فَقَالَ: «لَيَّةً لَا لَيَّتَيْنِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَيَّةً لَا لَيَّتَيْنِ»، يَقُولُ: لَا تَعْتَمُّ مِثْلَ الرَّجُلِ، لَا تُكَرِّرُهُ طَاقًا أَوْ طَاقَيْنِ. بَابٌ فِي لِبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ 4116 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، === 4114 - "خادمه" اسم الخادم يطلق على المرأة وهي المرادة هاهنا. بَابٌ فِي الِاخْتِمَارِ 4115 - "لية لاليين" قالوا: سبب النهي التشبه بالمتعممين من الرجال والأشراف، ونصب لية بفعل مقدر يقتضيه المقام مثل اجعليه لية، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي لِبْسِ الْقَبَاطِيِّ لِلنِّسَاءِ 4116 - "بقباطي" بفتح القاف وكسر الطاء وتشديد الياء جمع قبطية بضم

باب في [قدر] الذيل

قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبَاطِيَّ، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قُبْطِيَّةً فَقَالَ: «اصْدَعْهَا صَدْعَيْنِ، فَاقْطَعْ أَحَدَهُمَا قَمِيصًا، وَأَعْطِ الْآخَرَ امْرَأَتَكَ تَخْتَمِرُ بِهِ»، فَلَمَّا أَدْبَرَ، قَالَ: «وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبًا لَا يَصِفُهَا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، فَقَالَ: عَبَّاسُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. بَابٌ فِي [قَدْرِ] الذَّيْلِ 4117 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ === القاف وكسرها نسبة إلى قبط بكسر القاف وهم أهل مصر؛ والضم من تغيير النسب في الثياب، وأما في الناس فقبطي بالكسر على الأصل والياء في قباطي مفتوحة لمنع الصرف؛ لأنه على وزن قناديل، والقبطية ثوب رقيق بيضاء تتخذ من كتان، "اصدعنها صدعين" أي شقتها نصفين، والصدع بالكسر يطلق على كل قطعة تحصل بالقطع والشق المصدر بالفتح تختمر به، يحتمل الرفع على الاستئناف والجزم على أنه جواب الأمر، "لا يصفها" من الوصف بالرفع على الاستئناف أي لئلا يكشف شعرها وجسدها. حين ذكر الإزار؛ أي فقال أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي [قَدْرِ] الذَّيْلِ 4117 - "ترخي شبرًا" أي من نصف الساقين، والشبر ما بين أعلى الإبهام

باب في أهب الميتة

أَبِيهِ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيدٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَكَرَ الْإِزَارَ، فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَال: "تُرْخِي شِبْرًا"، قَالتْ أُمُّ سَلَمَةَ إِذًا يَنْكَشِفُ عَنْهَا، قَال: "فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيهِ". 4118 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ عُبَيدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَال أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ. 4119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنِي زَيدٌ الْعَمِّيُّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَال: "رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الذَّيلِ شِبْرًا، ثُمَّ اسْتَزَدْنَهُ، فَزَادَهُنَّ شِبْرًا، فَكُنَّ يُرْسِلْنَ إِلَينَا فَنَذْرَعُ لَهُنَّ ذِرَاعًا". بَابٌ فِي أُهُبِ الْمَيتَةِ 4120 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، وَابْنُ أَبِي === إلى أعلى الخنصر، "تنكشف" أي العورة أو قدامهن عنها عن المرأة أو تزول تلك القطعة المرخاة عن قدومها بأن كانت المرأة طويلة فزادهن شبرًا، والشبران هما الذراع. بَابٌ فِي أُهُبِ الْمَيتَةِ بضمتين جمع إهاب كحُمر جمع حمار، نعم يجوز سكون الثاني تخفيفًا في

خَلَفٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ مُسَدَّدٌ، وَوَهْبٌ، عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ: أُهْدِيَ لِمَوْلَاةٍ لَنَا شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَمَاتَتْ، فَمَرَّ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَلَا دَبَغْتُمْ إِهَابَهَا وَاسْتَنْفَعْتُمْ بِهِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا مَيْتَةٌ، قَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا». 4121 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، لَمْ يَذْكُرْ مَيْمُونَةَ، قَالَ: فَقَالَ: «أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا»، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُ، لَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ. 4122 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يُنْكِرُ الدِّبَاغَ، وَيَقُولُ: «يُسْتَمْتَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يَذْكُرِ الْأَوْزَاعِيُّ وَيُونُسُ، وَعُقَيْلٌ فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، الدِّبَاغَ، وَذَكَرَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحَفْصُ بْنُ الْوَلِيدِ، ذَكَرُوا الدِّبَاغَ». 4123 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === كل جمع يكون على هذا الوزن، والإهاب هو الجلد قبل الدباغ. إنما حرم أكلها، روي بفتح الحاء وضم الراء المخففة، وبضم الحاء وكسر الراء المشددة وظاهره أن ما عدا المأكول من أجزاء الميتة غير محرم الانتفاع كالشعر والسن والقرن ونحوها، قالوا: لا حياة فيها لا تنجس بموت الحيوان. 4123 - "إذا دبغ الإِهاب" عمومه يشمل جلد مأكول اللحم وغيره وبه أخذ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ، فَقَدْ طَهُرَ». 4124 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ». 4125 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَتَى عَلَى بَيْتٍ، فَإِذَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَسَأَلَ الْمَاءَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «دِبَاغُهَا طُهُورُهَا». 4126 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حُذَافَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ سُبَيْعٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ لِي غَنَمٌ بِأُحُدٍ، فَوَقَعَ فِيهَا الْمَوْتُ، === كثير. "أمر" أي أذن ورخص. 4125 - "ابن المحبق" (¬1) هو بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الباء المكسورة والقاف، وأصحاب الحديث يفتحون الباء. 4123 - "لو أخذتم إهابها" قيل: كلمة (لو) للتمني بمعنى ليت، وقيل: كلمة ¬

_ (¬1) هو سلمة بن المحبق، وقيل: هو ابن ربيعة بن صخر الهندي، صحابي، سكان البصرة. تقريب التهذيب (1/ 318).

باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة

فَدَخَلْتُ عَلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا، فَقَالَتْ لِي مَيْمُونَةُ: لَوَ أَخَذْتِ جُلُودَهَا فَانْتَفَعْتِ بِهَا، فَقَالَتْ: أَوَ يَحِلُّ ذَلِكَ، قَالَتْ: نَعَمْ، مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا» قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ». بَابُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِإِهَابِ الْمَيْتَةِ 4127 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ: «أَنْ لَا تَسْتَمْتِعُوا مِنَ === شرط حذف جوابها أي لكان حسنًا أو جائزًا يطهرها الماء، و"القرظ" هو بفتحتين ورق يدبغ به، ظاهره وجوب استعمال الماء في أثناء الدباغ، قيل: وهو أحد قولي الشافعي، والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ رَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِإِهَابِ الْمَيْتَةِ 4127 - "أن لا تستمعوا" قيل: هذا الحديث ناسخ للأخبار السابقة؛ لأنه كان قبل الموت بشهر فصار متأخرًا، والجمهور على خلافه؛ لأنه لا يقاوم تلك الأحاديث صحة واشتهارًا، وجمع كثير بين هذا الحديث والأحاديث السابقة بأن الإهاب اسم لغير المدبوغ، فلا معارضة بين هذا الحديث والأحاديث السابقة

باب في جلود النمور والسباع

الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ» 4128 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا الثَّقَفِيُّ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَنَاسٌ مَعَهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، - رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ -، قَالَ الْحَكَمُ: فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ، فَخَرَجُوا إِلَيَّ فَأَخْبَرُونِي، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ، أَخْبَرَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى جُهَيْنَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ: «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلَا عَصَبٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: يُسَمَّى إِهَابًا مَا لَمْ يُدْبَغْ، فَإِذَا دُبِغَ لَا يُقَالُ لَه: إِهَابٌ، إِنَّمَا يُسَمَّى شَنًّا وَقِرْبَةً. بَابٌ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ 4129 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لَا تَرْكَبُوا الْخَزَّ، وَلَا النِّمَارَ»، قَالَ: " وَكَانَ مُعَاوِيَةُ لَا يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ عَنْ === أصلًا. بَابٌ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَالسِّبَاعِ 4129 - "لا تركبوا الخز ولا النمار" المراد بالخز ما كان من حرير خالص كما تقدم، والمراد لا تفرشوا الحرير ولا تجلسوا عليه، فهذا يدل على أن الجلوس على الحرير حرام كلبسه، وهو قول الجمهور من العلماء، والمراد بالنمار جلودها قيل هذا قبل الدبغ أو مطلقًا إن قيل بعدم طهارة الشعر بالدبغ كما هو مذهب

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ لَنَا أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو الْمُعْتَمِرِ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ طَهْمَانَ، كَانَ يَنْزِلُ الْحِيَرَةَ». 4130 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جِلْدُ نَمِرٍ». 4131 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ مِنْ أَهْلِ قِنَّسْرِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: أَعَلِمْتَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ تُوُفِّيَ؟ فَرَجَّعَ الْمِقْدَامُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟ قَالَ لَهُ: وَلِمَ لَا أَرَاهَا مُصِيبَةً، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ فَقَالَ: «هَذَا مِنِّي» وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ؟ ، فَقَالَ الْأَسَدِيُّ: جَمْرَةٌ أَطْفَأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَبْرَحُ الْيَوْمَ حَتَّى أُغَيِّظَكَ، === الشافعي، وإن قيل بطهارته فالنهي لكونها من دأب الجبابرة وعمل المترفهين والله تعالى أعلم. 4131 - "أعلِمت" للمتكلم على بناء المفعول من الإعلام أي أخبرت "فرجّع" بتشديد الجيم أي قال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ} (¬1) أتعدها أي موت الحسن والتأنيث بالنظر إلى المصيبة، فقال الأسدي أي طلبًا لرضا معاوية وتقربًا ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (156).

وَأُسْمِعَكَ مَا تَكْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ إِنْ أَنَا صَدَقْتُ فَصَدِّقْنِي، وَإِنْ أَنَا كَذَبْتُ فَكَذِّبْنِي، قَالَ: أَفْعَلُ، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنْشُدُكَ بِاللَّهِ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَيْتِكَ يَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ مِنْكَ يَا مِقْدَامُ، قَالَ خَالِدٌ: فَأَمَرَ لَهُ مُعَاوِيَةُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ لِصَاحِبَيْهِ وَفَرَضَ لِابْنِهِ فِي الْمِائَتَيْنِ، فَفَرَّقَهَا الْمِقْدَامُ فِي أَصْحَابِهِ، قَالَ: وَلَمْ يُعْطِ الْأَسَدِيُّ أَحَدًا شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: أَمَّا الْمِقْدَامُ فَرَجُلٌ كَرِيمٌ بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا الْأَسَدِيُّ فَرَجُلٌ حَسَنُ الْإِمْسَاكِ لِشَيْئِهِ. 4132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَاهُمُ الْمَعْنَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ». === إله، "جمرة" بالرفع أو النصب أي كان تعوذًا بالله من مثل هذا المقال، "أغيظك" بالتشديد وأسمعك من الإسماع.

باب في الانتعال

بَابٌ فِي الِانْتِعَالِ 4133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَالَ: «أَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ». 4134 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ نَعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهَا قِبَالَانِ». 4135 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْتَعِلَ الرَّجُلُ قَائِمًا». === بَابٌ فِي الِانْتِعَالِ 4133 - "أكثروا من النعال" أي ليكن مع كل واحد نعلان وأكثر في السفر، حتى إن انقطع أحدهما يلبس الثاني أو يعطي المحتاج؛ "فإن الرجل" بفتح فضم هو الصحيح وبالكسر والسكون بعيد "لا يزال راكبًا" يشبه الراكب في قلة التعب وسلامة رجليه مما يؤذيهما والله تعالى أعلم. 4134 - "قبالان" قبال النعل ككتاب: زمام بين الأصبع الوسطى والتي تليها (¬1)، "قائمًا" قيل: في الصلاة وقيل: مخصوص بما إذا ألحقه مشاقة في لبسه قائمًا كالخف والنعال المحتاجة إلى شد شراكها. ¬

_ (¬1) قال صاحب النهاية: عبارة الهروي، وكذا في الصحاح والقاموس. النهاية (4/ 8).

4136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ، لِيَنْتَعِلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا». 4137 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ، وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ، وَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ». 4138 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي نَهِيكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا جَلَسَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ فَيَضَعَهُمَا بِجَنْبِهِ». === 4136 - "لا يمش" نفي بمعنى النهي، قيل: النهي للشهرة قيل لما فيه من المثلة ومفارقة الوقار ومشابهة زي الشيطان كالأكل بالشمال وللمشقة في المشي والخروج عن الاعتدال، فربما يصير سببًا للعثار، "لينعلها" بفتح أوله وضمه من فعل، و"وأنعل" رجله أي ألبسها نعلًا، والضمير للرجلين وإن لم يتقدم لهما ذكر، ولو أراد النعلين لقال لينتعلهما، لكن قوله ليخلعهما لا يناسبه، وإنما يناسب النعلين، ورواية الترمذي ليحفهما من الإحفاء أي ليجردهما وهي أظهر. 4134 - "شسع أحدكم" بكسر الشين المعجمة سكون السين المهملة أحد سيور النعل. 4138 - "بجنبه" لئلا يلتفت المخاطر في حفظهما وهذا إذا لم يكن أحد بجنبه والله تعالى أعلم.

4139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، وَلْتَكُنِ الْيَمِينُ أَوَّلَهُمَا يَنْتَعِلُ، وَآخِرَهُمَا يَنْزِعُ». 4140 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُسلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَرَجُّلِهِ، وَنَعْلِهِ " قَالَ مُسْلِمٌ: «وَسِوَاكِهِ»، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، مُعَاذٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاكَهُ. 4141 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا لَبِسْتُمْ، وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ، فَابْدَءُوا بِأَيَامِنِكُمْ». === 4140 - "ما استطاع" إشارة إلى شدة المحافظة على التيمن في شأنه كله، "الشأن" مهموز بمعنى الأمر والفعل، وكان المراد به هاهنا الفعل المقصود، والمراد بشأنه ما يليق أن يضاف إليه لا ما يباشره بضرورة، وبالجملة فنحو الدخول في الخلاء خارج عنه، فلا يشكل أن التأكيد للتنصيص على التعميم، فلا يصح فافهم والله تعالى أعلم.

باب في الفرش

بَابٌ فِي الْفُرُشِ 4142 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي هَانِيءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفُرُشَ، فَقَالَ: «فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ، وَفِرَاشٌ لِلْمَرْأَةِ، وَفِرَاشٌ لِلضَّيْفِ، وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ». 4143 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ، فَرَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ»، زَادَ ابْنُ الْجَرَّاحِ: عَلَى يَسَارِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، أَيْضًا عَلَى يَسَارِهِ. === بَابٌ فِي الْفُرُشِ 4142 - "فراش للرجل" قيل: فاعل فعل محذوف أي يكفي للرجل ثلثة فرش، أو خبر مبتدأ محذوف، أي الذي يكفي وينبغي له ثلاثة فرش. قلت: ويحتمل أن التقدير يباح له ثلاثة فرش وما زاد عليه فهو للمباهاة، فيكون مذمومًا منسوبًا إلى الشيطان لرضاه به، أو أنه معد لبيتوته وقيلولته، إذ لا يبيت ويقيل عليه غيره، والمقصود أن الثلاثة مباحة غير مذمومة؛ لأنه قد يحتاج كل من الزوج والزوجة إلى فراش عند المرض ونحوه، وليس المراد أن اللائق انفراد الزوجين في النوم كيف وهو خلاف ما جاء من عادته - صلى الله عليه وسلم -، فاستدلال الخطابي بالحديث على أن المسنون هو الانفراد لا يخلو عن بعد والله تعالى أعلم.

4144 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ رَأَى رُفْقَةً مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ رِحَالُهُمُ الْأَدَمُ، فَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَشْبَهِ رُفْقَةٍ كَانُوا بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَؤُلَاءِ». 4145 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا؟ » قُلْتُ: وَأَنَّى لَنَا الْأَنْمَاطُ؟ قَالَ: «أَمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ لَكُمْ أَنْمَاطٌ». 4146 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ وِسَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ مَنِيعٍ: الَّتِي يَنَامُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ، ثُمَّ اتَّفَقَا - مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ. === 4144 - "رفقة" بضم الراء وكسرها أي رفقاء؛ "الأدم" بفتحتين جمع أديم بمعنى الجلد المدبوغ، "كانوا" أي وجدوا إمكان تامة، وقوله: "بأصحاب رسول الله" متعلق بأشبه ويحتمل أن (كان) ناقصة؛ والتقدير كانوا أشبه بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 4145 - "الأنماط" (¬1) ضرب من البسط من أدم بفتحتين. 4146 - "والليف" بكسر اللام قشر. ¬

_ (¬1) النهاية (5/ 119)، وقال: واحدها: نمط.

باب في اتخاذ الستور

4147 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ حَيَّانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَتْ ضِجْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ». 4148 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَ فِرَاشُهَا حِيَالَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». بَابٌ فِي اتِّخَاذِ السُّتُورِ 4149 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَوَجَدَ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا، فَلَمْ يَدْخُلْ، قَالَ: وَقَلَّمَا === 4147 - "ضجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" قال في النهاية: الضجعة الكسر من الاضطجاع، وهو النوم كالجلسة من الجلوس وبفتحها للمرة الواحدة، والمراد ما كان يضطجع عيه، فيكون في الكلام مضاف محذوف تقديره كانت ذات ضجعته فراش آدم (¬1). اهـ. 4148 - "حيال مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أي مصلاه، "أو محل سجوده" سجوده من البيت في الليل. بَابٌ فِي اتِّخَاذِ السُّتُورِ 4149 - "يدخل" أي المدينة من السفر، "وما أنا والدنيا" أي مجتمعان، أي ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 74).

باب في الصليب في الثوب

كَانَ يَدْخُلُ إِلَّا بَدَأَ بِهَا، فَجَاءَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَرَآهَا مُهْتَمَّةً، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فَاطِمَةَ اشْتَدَّ عَلَيْهَا أَنَّكَ جِئْتَهَا فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهَا، قَالَ: «وَمَا أَنَا وَالدُّنْيَا؟ وَمَا أَنَا وَالرَّقْمَ؟ »، فَذَهَبَ إِلَى فَاطِمَةَ فَأَخْبَرَهَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: قُلْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَأْمُرُنِي بِهِ؟ قَالَ: «قُلْ لَهَا فَلْتُرْسِلْ بِهِ إِلَى بَنِي فُلَانٍ». حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَكَانَ سِتْرًا مَوْشِيًّا. بَابٌ فِي الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ 4151 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إِلَّا قَضَبَهُ». === فمن كان مني كفاطمة، فليكن على حالي في تركها. "والرقم" (¬1) بفتح فسكون يريد النقش "والوشي والستر" كان منقشًا كما في رواية الثانية. بَابٌ فِي الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ 4151 - "تصبيب" أي نقش، أمثال الصلبان، "إلا قضبة" بالقاف والضاد المعجمة والباء الموحدة أي قطعة. ¬

_ (¬1) قال الخطابي: أصل الرقم: الكتابة. معالم السنن (4/ 205).

باب في الصور

بَابٌ فِي الصُّوَرِ 4152 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَلَا كَلْبٌ، وَلَا جُنُبٌ». 4153 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا تِمْثَالٌ»، وَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ === بَابٌ فِي الصُّوَرِ 4152 - "ولا جنب" حملوه على من يتخذ ترك الاغتسال عادة لا من يؤخر الاغتسال إلى حضور وقت الصلاة. 4153 - "ولا تمثال" أي صور ذي الروح، "وقال انطلق" قيل: القائل بذلك زيد بن خالد يقوله سعيد، "أتحين قفوله" أي أنتظر حين رجوعه، "نمطًا" بفتحتين ثوب عن صوف يفرش ويجعل سترًا ويطرح على الهودج "على العرض"، قالوا: رواية الضاد المعجمة لكن الصحيح الصاد المعجمة أو السين، وهو خشبة توضع على البيت عرضًا إذا أرادوا تسقيفه، ثم يوضع عليها أطراف الخشب الصغار، وجوز صاحب النهاية الضاد المعجمة؛ لأنه يوضع على البيت عرضًا (¬1). ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 208).

نَسْأَلْهَا عَنْ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْنَا، فَقُلْنَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَبَا طَلْحَةَ حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا، وَكَذَا، فَهَلْ سَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكُمْ بِمَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، وَكُنْتُ أَتَحَيَّنُ قُفُولَهُ، فَأَخَذْتُ نَمَطًا كَانَ لَنَا، فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْعَرَضِ، فَلَمَّا جَاءَ اسْتَقْبَلْتُهُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّكَ وَأَكْرَمَكَ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ فَرَأَى النَّمَطَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا، وَرَأَيْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِهِ، فَأَتَى النَّمَطَ حَتَّى هَتَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا فِيمَا رَزَقَنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَاللَّبِنَ» قَالَتْ: فَقَطَعْتُهُ وَجَعَلْتُهُ وِسَادَتَيْنِ، وَحَشَوْتُهُمَا لِيفًا، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ. 4154 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ إِنَّ هَذَا حَدَّثَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَقَالَ فِيهِ: سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى بَنِي النَّجَّارِ. === "إن الله لم يأمرنا" إلخ، ظاهر اللفظ لا يدل على النهي ولكنه يمكن أن يجعل كناية عن ذلك كما يقتضيه المقام، وفيه إشارة إلى أن المؤمن المتقي ينبغي أن يقصر فعله على الواجب والمندوب ولا يفعل إلا ما أمر به ويرفع همته عن المباح، وما أذن فيه فأفهم، كذا ذكره المحقق عبد الحق في شرح المشكاة، وقد يقال فيه إشارة إلى أن الرزق لا يصرف إلا في المأمور به والله تعالى أعلم.

4155 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ»، قَالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلَانِيِّ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْأَوَّلِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قَالَ: «إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ». 4156 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَهُمْ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ عَقِيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَمَنَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ أَنْ يَأْتِيَ الْكَعْبَةَ، فَيَمْحُوَ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا، فَلَمْ يَدْخُلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مُحِيَتْ كُلَّ صُورَةٍ فِيهَا». 4157 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي مَيْمُونَةُ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ === 4155 - "إلا رقمًا" أي نقشًا في ثوب يريد ما لا ظل له والله تعالى أعلم. 4157 - "فلم يلقني" كان الوعد كان مقيدًا بعدم المانع أما لفظًا مثلًا، لو قال: إن شاء الله تعالى ونحوه، أو معنى فلا يلزم خلف الوعد، ولزوم الكذب مع أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ما يخلف الله وعده ولا رسوله، ثم وقع في نفسه في أثناء التفكر في عدم مجيئه على الوعد.

السَّلَام كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَلْقَنِي»، ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ بِسَاطٍ لَنَا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ بِهِ مَكَانَهُ، فَلَمَّا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: «إِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ»، فَأَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ، وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ. 4158 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ === "جرو الكلب" هو مثلثة الجيم ولد الكلب والأسد، "الحائط الصغير" صفعة الحائط لقلة حاجته إلى الكلب. 4158 - "قرام ستر" بكسر القاف الثوب الملون الرقيق أي قرام جعل سترًا، وقوله: "يقطع" الظاهر أنه بالرفع على الاستئناف، قوله: "فيصير" عطف عليه ويحتمل أنه بالجزم على أنه جواب الأمر، وقوله فيصير بتقدير، فإذا قطعت يصير منبوذتين أي مطروحتين، أي من شأنهما أن تطرحا فتصير الصور فيهما ممتهنة، وقال الخطابي: يريد لطيفتين وسميتا منبوذتين لأنهما لخفتهما تنبذان وتطرحان (¬1)، "كان تحت نضد" بنون وضاد معجمة مفتوحتين ودال مهملة، قال الخطابي: هو متاع البيت ينضد بعضه على بعض أي يرفع بعضه فوق الآخر (¬2)، ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 207). (¬2) معالم السنن (4/ 207).

فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ، فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ، فَلْيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مَنْبُوذَتَيْنِ تُوطَآَنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَلْيُخْرَجْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا الْكَلْبُ لِحَسَنٍ - أَوْ حُسَيْنٍ - كَانَ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ، فَأُمِرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَالنَّضَدُ: شَيْءٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ الثِّيَابُ شَبَهُ السَّرِيرِ. "آخر كتاب اللباس" * * * === وفي النهاية هو السرير الذي ينضد عليه الثياب أي يجعل بعضه فوق بعض، وهو أيضًا متاع البيت المنضود (¬1) * * * ¬

_ (¬1) النهاية (5/ 71).

28 - كتاب الترجل

كِتَاب التَّرَجُّلِ 4159 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا». 4160 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === كِتَاب التَّرَجُّلِ الترجل والترجيل تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، كذا في النهاية (¬1)، وفي القاموس. التسريح حل الشعر وإرساله، وهو إنما يكون بإصلاحها بالامتشاط ثم الغالب استعمال الترجل في الرأس والتسريح في اللحية، وأراد بقوله: "كتاب الترجل، أنه في ذكر الترجل وما في حكمه، ويتعلق بالرأس والزينة. 4159 - "إلا غبًّا" الغب بكسر المعجمة وتشديد الباء أن يفعل يومًا ويترك يومًا، والمراد كراهة المداومة عليه تحرزًا عن الاهتمال بالتزين والتهالك فيه، وخصوصية الفعل يومًا والترك يومًا غير مراد. 4160 - "شعثًا" بفتح شين معجمة وكسر عين مهملة أي متفرق الشعر من الإرقاه بكسر الهمزة على المصدر، والمراد كثرة التدهن والتنعم، وقيل التوسع في ¬

_ (¬1) النهاية (2/ 203)، والقاموس المحيط للفيروزآبادي (ص 1298)، مادة "رجل"، انظر: لسان العرب (11/ 270).

وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ؟ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الإِرْفَاهِ»، قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ حِذَاءً؟ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا». 4161 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عِنْدَهُ الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَسْمَعُونَ، أَلَا تَسْمَعُونَ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ === المطعم والمشرب؛ لأنه من زي الأعاجم وأرباب الدنيا، ولأن النفس إذا أخذت عليه يشق عليها تحمل ضده أن اتفق، وقال الخطابي: كره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإفراط في التنعم والدهن والترجيل وأمر بالقصد في ذلك، وليس معناه ترك الطهارة والتنظيف، فإن الطهارة والنظافة في الدين (¬1). "حذاء" بكسر المهملة وبالذال المعجمة والمد أي نعلان، "نحتفي" أي نمشي حفاة أي بغير النعلين تواضعًا وكسرًا للنفس وليتمكن عند الاضطرار إليه. 4161 - "إن البذاذة" بفتح الموحدة وذالين معجمتين بلا تشديد هي رثاثة الهيئة بفتح الراء، والمراد التواضع في اللباس ولبس ما لا يؤدي لبسه إلى الخيلاء ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 208).

باب [ما جاء] في استحباب الطيب

الْإِيمَانِ، إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنَ الْإِيمَانِ» يَعْنِي التَّقَحُّلَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هُوَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ 4162 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا». بَابٌ فِي إِصْلَاحِ الشَّعَرِ 4163 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === والكبر، وأن لذلك موقعًا حسنًا في الإيمان، وقيل: المراد أن الزهد من الإيمان بالآخرة ونعيمها وحللها وخساسة متاع الدنيا وفنائها، فإنه الباعث على الزهد في الدنيا والاكتفاء بأدنى شيء منه، "التقحل" بقاف وحاء مهملة البس والبلاء، يقال: قحل إذا التزق جلده بعظمه. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي اسْتِحْبَابِ الطِّيبِ 4162 - "من سكة" بالضم وتشديد الكاف ضرب من الطيب، قيل: هو معجون من أنواع الطيب. بَابٌ فِي إِصْلَاحِ الشَّعَرِ 4163 - "فليكرمه" يريد إصلاحه بالإدهان والغسل والتنظيف لا بطريق

باب في الخضاب للنساء

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ». بَابٌ فِي الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ 4164 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي كَرِيمَةُ بِنْتُ هَمَّامٍ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَسَأَلَتْهَا عَنْ خِضَابِ الْحِنَّاءِ، فَقَالَتْ: «لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ، كَانَ حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ رِيحَهُ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «تَعْنِي خِضَابَ === الإفراط بل بطريق التوسط فيه. بَابٌ فِي الْخِضَابِ لِلنِّسَاءِ 4164 - "بنت همام" (¬1) جوز كونه بضم الهاء وتخفيف الميم، بفتح الهاء وتشديد الميم. "عن خضاب الحناء" الظاهر أن السؤال عن خضاب اليدين والرجلين بالحناء كما هو المعتاد في النساء، ويؤيده قولها: "ولكني أكرهه"؛ لأن عائشة ما بلغت أوان خضاب الرأس كذا قيل، والمروي عن المصنف أن المراد خضاب شعر الرأس، كذا في بعض نسخ الكتاب (¬2)، ولعله قال ذلك توفيقًا بين هذا الحديث بين الأحاديث التي تفيد الترغيب في استعمال الحناء في اليدين، فأما أن يقال كراهة ريحه لا يقتضي ترك استعمال النساء للاحتراز عن التشبه بالرجال، فلا حاجة إلى ما ذكره المصنف في التوفيق، وأما أن يقال كراهة عائشة خضاب الرأس ¬

_ (¬1) قال عنها ابن حجر: مقبولة. تقريب التهذيب (2/ 612). (¬2) أبو داود (4164).

شَعْرِ الرَّأْسِ». 4165 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَتْنِي غِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو الْمُجَاشِعِيَّةُ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي أُمُّ الْحَسَنِ، عَنْ جَدَّتِهَا، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بَايِعْنِي، قَالَ: «لَا أُبَايِعُكِ حَتَّى تُغَيِّرِي كَفَّيْكِ، كَأَنَّهُمَا كَفَّا سَبُعٍ». 4166 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّورِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُطِيعُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ عِصْمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَوْمَتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ بِيَدِهَا، كِتَابٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: «مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ، أَمْ يَدُ === لا تتوقف على بلوغها، أو أن خضاب الرأس لجواز أنها تكره ذلك قبل البلوغ ذلك السن في غيرها أو في نفسها أن بلغت ذلك الأوان والله. تعالى أعلم. 4165 - "لا أبايعك" إلخ، قد يتوهم أنه قال ذلك لسبب أن المبايعة كانت باليد وليس كذلك؛ لما صح أنه ما مست يده - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط في المبايعة (¬1)، لكن سببه أنه وقع نظره على يدها فكره التشبه بالرجال فتنبه. 4166 - "يديها" يكفي السبع في الكراهة والله تعالى أعلم. "أومأت" بالهمزة أي أشارت، وفي بعض النسخ أومت بناء على تخفيف ¬

_ (¬1) الحديث بطوله جاء في البخاري في الشروط (2713)، وفي التفسير (4891)، وفي الأحكام (7214)، وصحيح مسلم في الإمارة (1866)، والترمذي في التفسير (3306)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة في الجهاد (2875)، وأحمد في مسنده (6/ 114، 153، 270).

باب في صلة الشعر

امْرَأَةٍ؟ » قَالَتْ: بَلِ امْرَأَةٌ، قَالَ: «لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ» يَعْنِي بِالْحِنَّاءِ. بَابٌ فِي صِلَةِ الشَّعْرِ 4167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيٍّ، يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: «إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ». 4168 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، === الهمزة يقلبها ألفًا، "بيدها كتاب" مبتدأ وخبره فقبض، أي عن أخذ الكتاب "لو كنت امرأة" أي لو كنت تراعين شعار النساء لخضبت يدك. بَابٌ فِي صِلَةِ الشَّعْرِ 4167 - "وتناول قصة" بضم وتشديد شعر الناصية، "حرسى " بفتحتين واحد الحرس؛ لأنه منسوب إليه حيث صار اسم جنس، ويجوز كونه منسوبًا إلى الجمع شاذًا، والحرس خدم السلطان المرتبون لحفظه. "أين علماؤكم" يريد أنهم لو كانوا أحياء لمنعوا الناس عن القبايح. 4168 - "الواصلة" التي تصل الشعر بشعر آخر سواء تصل بشعرها أو بشعر غيرها، "والمستوصلة" التي تأمر من يفعل بها، وكذلك "الواشمة والمستوشمة" وغيرها، غرز الإبرة في الوجه ثم يحشى كحلًا أو غيره، قيل هذا ونحو "لعن الله

قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاصِلَةَ، وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْشِمَةَ». 4169 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ» - قَالَ مُحَمَّدٌ: «وَالْوَاصِلَاتِ»، وَقَالَ عُثْمَانُ: «وَالْمُتَنَمِّصَاتِ» ثُمَّ اتَّفَقَا - «وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، - زَادَ عُثْمَانُ: كَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثُمَّ اتَّفَقَا - فَأَتَتْهُ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْوَاصِلَاتِ، وَقَالَ عُثْمَانُ: وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، ثُمَّ === اليهود" وأمثاله ليس دعاءً منه - صلى الله عليه وسلم - بالإبعاد، بل ذلك إخبار أن الله لعن هؤلاء لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبعث لعانًا، وقد قال: "المؤمن لا يكون لعانًا". قلت: لعن الشيطان وغيره وارد، وقد قال تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (¬1)، فالظاهر أن اللعن علي المستحق على قلة لا يضر، فلذلك قيل: لم يبعث لعانًا بالمبالغة فتأمل، ثم وجه اللعن ما فيه من تغيير الخلق بتكلف، ومثله قد حرم الشارع، فيمكن توجيه اللعن إلى فاعله بخلاف التغيير بالخضاب ونحوه مما لم يحرمه الشارع لعدم التكلف فيه والله تعالى أعلم. 4169 - "المتنمصات" النمص نتف الشعر، "والتفلج" التكلف لتحصيل الفلجة بين الأسنان باستعمال بعض الآلات؛ وقوله: "للحسن" متعلقًا ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (161).

اتَّفَقَا: - وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، - قَالَ عُثْمَانُ: لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى -، فَقَالَ: «وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ » قَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، قَالَتْ: إِنِّي أَرَى بَعْضَ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَادْخُلِي فَانْظُرِي، فَدَخَلَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتِ؟ - وَقَالَ عُثْمَانُ: - فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا كَانَتْ مَعَنَا. 4170 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، وَالنَّامِصَةُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ، وَالْوَاشِمَةُ، وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، مِنْ غَيْرِ دَاءٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَتَفْسِيرُ الْوَاصِلَةِ: الَّتِي تَصِلُ الشَّعْرَ بِشَعْرِ النِّسَاءِ، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ: الْمَعْمُولُ بِهَا، وَالنَّامِصَةُ: الَّتِي تَنْقُشُ الْحَاجِبَ حَتَّى تُرِقَّهُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ: الْمَعْمُولُ بِهَا، وَالْوَاشِمَةُ: الَّتِي تَجْعَلُ الْخِيلَانَ فِي وَجْهِهَا بِكُحْلٍ أَوْ مِدَادٍ، وَالْمُسْتَوْشِمَةُ: الْمَعْمُولُ بِهَا. 4171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيَكٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالْقَرَامِلِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ شُعُورُ النِّسَاءِ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: الْقَرَامِلُ لَيْسَ بِهِ === بالمتفلجات فقط أو بالكل. 4171 - "القرامل" هو ما تشده المرأة في شعرها.

باب في رد الطيب

بَأْسٌ. بَابٌ فِي رَدِّ الطِّيبِ 4172 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، الْمَعْنَى، أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمَرْأَةِ تَتَطَيَّبُ لِلْخُرُوجِ 4173 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنِي غُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَعْطَرَتِ الْمَرْأَةُ، فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا، فَهِيَ كَذَا وَكَذَا» قَالَ قَوْلًا شَدِيدًا. === بَابٌ فِي رَدِّ الطِّيبِ 4172 - "من عرض" على بناء المفعول. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمَرْأَةِ تَتَطَيَّبُ لِلْخُرُوجِ (¬1) 4173 - " استعطرت" أي استعملت العطر وهو الطيب "وهي كذا وكذا" كناية عن كونها "زانية" كما في رواية الترمذي (¬2). ¬

_ (¬1) في نسخة باب في طيب المرأة للخروج. (¬2) الترمذي في الأدب (2786)، وقال عنه: حديث حسن صحيح.

4174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيبِ يَنْفَحُ، وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ، جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الجَنَابَةِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْإِعْصَارُ غُبَارٌ». 4175 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عَلْقَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ === 4174 - "ولذيلها إعصار" بكسر الهمزة غبار ترفعه الريح، فيصعد إلى السماء مستطيلًا، شبه ما يثيره الذيل من فوح الطيب بما يثيره الريح من الغبار، وقيل شبه ما كان يثيره أذيالها من التراب بالإعصار، "يا أمة الجبار" ناداها بهذا الاسم، "وله" أي للمسجد، "حبي" بكسر الحاء أي حبيبي، "حتى ترجع فتغتسل" أي حتى تبالغ في إزالة ذلك الطيب، ولعل ذلك إذا كان على البدن، وقيل: أمرها بذلك تشديدًا عليها وتشنيعًا لفعلها وتشبيهًا له بالزنى وذلك لأنها هيجت بالتعطر شهوات الرجال وفتحت باب عيونهم التي بمنزلة بريد الزنا، فحكم عليها بما يحكم على الزاني من الاغتسال من الجنابة والله تعالى أعلم. 4175 - "بخورًا" بفتح باء وخفة خاء دخان الطيب المحروق، وقيل: هو ما يتبخر به، "العشاء" لعل التخصيص؛ لأن الخوف عليهن في الليل أكثر، أو لأن

باب الخلوق

بَخُورًا، فَلَا تَشْهَدَنَّ مَعَنَا الْعِشَاءَ» قَالَ ابْنُ نُفَيْلٍ: عِشَاءَ الْآخِرَةِ. بَابٌ فِي الْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ 4176 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى أَهْلِي لَيْلًا وَقَدْ تَشَقَّقَتْ يَدَايَ، فَخَلَّقُونِي بِزَعْفَرَانٍ، فَغَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَلَمْ يُرَحِّبْ بِي، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ»، فَذَهَبْتُ فَغَسَلْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْهُ رَدْعٌ، فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَلَمْ يُرَحِّبْ بِي، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ»، فَذَهَبْتُ فَغَسَلْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ، وَرَحَّبَ بِي، وَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جَنَازَةَ === عادتهن استعمال البخور في الليل لأزواجهن والله تعالى أعلم. باب الخلوق (¬1) 4176 - بفتح خاء معجمة آخره قاف طيب يتركب من زعفران وغيره، "وقد تشققت يداي" أي من إصابة الرياح واستعمال الماء، "فخلقوني" بتشديد اللام أي لطخوا يدي بالخلوق وجعلوه في تشقق يدي للمداواة، والخلوق يكون مركبًا من زعفران وغيره، فتخصيص الزعفران للإشارة إلى منشأ النهي، "ردع" بفتح فسكون وبعين مهملة. وقيل بمعجمة، أي لطخ، لم يعم البدن كله، قيل لعل التشديد المذكور والأمر بالغسل لعدم العلة بأن ذلك كان منه لعذر المداواة، أو لأن ذلك لا يصلح علاجًا له، "ولا المتضمخ" المتلطخ قيل: هذا في البدن لا في الشعر ¬

_ (¬1) عند أبي داود باب في الخلوق للرجال.

الْكَافِرِ بِخَيْرٍ، وَلَا الْمُتَضَمِّخَ بِالزَّعْفَرَانِ، وَلَا الْجُنُبَ»، قَالَ: وَرَخَّصَ لِلْجُنُبِ إِذَا نَامَ، أَوْ أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ، أَنْ يَتَوَضَّأَ. 4177 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ ابْنِ أَبِي الْخُوَارِ، أَنَّهُ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ، يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، زَعَمَ عُمَرُ أَنَّ يَحْيَى سَمَّى ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَنَسِيَ عُمَرُ اسْمَهُ - أَنَّ عَمَّارًا قَالَ: تَخَلَّقْتُ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ بِكَثِيرٍ، فِيهِ ذِكْرُ الْغُسْلِ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ: وَهُمْ حُرُمٌ؟ قَالَ: لَا، الْقَوْمُ مُقِيمُونَ. 4178 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ جَدَّيْهِ قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى صَلَاةَ رَجُلٍ فِي جَسَدِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «جَدَّاهُ زَيْدٌ، وَزِيَادٌ». 4179 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَاهُمْ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّزَعْفُرِ لِلرِّجَالِ»، وَقَالَ: عَنْ إِسْمَاعِيلَ: «أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ». === والثوب، وقيل: بل يمنع في الكل، وما جاء يحمل على أنه قبل النسخ والمنع والله تعالى أعلم. 4179 - "عن الترعفر" أي استعمال الزعفران في البدن أو مطلقًا "وأنا مُخلَّق" بتشديد اللام المفتوحة أي ملطخ بدني بالخلوق.

باب ما جاء في الشعر

4180 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ: جِيفَةُ الْكَافِرِ، وَالْمُتَضَمِّخُ بِالْخَلُوقِ، وَالْجُنُبُ، إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ. 4181 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: «لَمَّا فَتَحَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، جَعَلَ أَهْلُ مَكَّةَ يَأْتُونَهُ بِصِبْيَانِهِمْ، فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، وَيَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ»، قَالَ: «فَجِيءَ بِي إِلَيْهِ وَأَنَا مُخَلَّقٌ، فَلَمْ يَمَسَّنِي مِنْ أَجْلِ الْخَلُوقِ». 4182 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلْمٌ الْعَلَوِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يُوَاجِهُ رَجُلًا فِي وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: «لَوْ أَمَرْتُمْ هَذَا أَنْ يَغْسِلَ هَذَا عَنْهُ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّعَرِ 4183 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَا: === بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّعَرِ 4183 - "ذي لمة" بكسر لام وتشديد ميم شعر الرأس إذا نزل عن شحمة

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ أَحْسَنَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: «لَهُ شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: «يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ». 4184 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ». 4185 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ». 4186 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ». 4187 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ === الأذن وألم بالمنكبين، "حمراء" قد سبق أنها مخططة. 4187 - "فوق الوفرة" بفتح الواو وإسكان الفاء وراء، "والجُمَّة" بضم الجيم وتشديد الميم، قال العراقي: "الوفرة" ما بلغ في شحمة الأذن، و "اللِمّة" بكسر اللام ما نزل من شحمة الأذن، و "الجمة" ما نزل عن ذلك إلى المنكبين، هذا قول جمهور أهل اللغة (¬1)، ووقع في رواية الترمذي "فوق الجمة ودون الوفرة" (¬2) ¬

_ (¬1) لسان العرب (5/ 288، 289) مادة "وفر". (¬2) الترمذي: في كتاب اللباس (1755)، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

باب ما جاء في الفرق

بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ الْوَفْرَةِ، وَدُونَ الْجُمَّةِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ 4188 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ - يَعْنِي - يَسْدِلُونَ أَشْعَارَهُمْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ، «وَكَانَ === عكس ما في رواية أبي داود وابن ماجه (¬1)، فتحمل رواية الترمذي على أن المراد بقوله: "فوق": دون، بالنسبة إلى محل وصول الشعر أي أن شعره كان أرفع في المحل من الجمة وأنزل فيه من الوفرة، ويكون المراد في رواية أبي داود بالنسبة إلى الكثرة والقلة أي أكثر من الوفرة وأقل من الجمة وعلى هذا فلا تعارض بين الروايتين. قلت: أراد بالكثرة والقلة الطول والقصر والله تعالى أعلم، وأما اختلاف الرواية في الطول والقصر فيحمل على اختلاف الأحوال، والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرْقِ 4188 - "يسدلون" من باب نصر وضرب وكذا فرق، والسدل إرسال الشعر حول الرأس من غير أن يقسمه بنصفين، والفرق أن يقسمه نصفًا من يمينه على الصدر ونصفًا من يساره عليه وكلاهما جائز والأفضل الفرق، "تعجه موافقة أهل الكتاب" لاحتمال استناد عملهم إلى أمره تعالى أو لتأليفهم حين دخل المدينة ¬

_ (¬1) ابن ماجه في اللباس (3635).

باب في تطويل الجمة

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْجِبُهُ مُوَافَقَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ، ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ». 4189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كُنْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَفْرُقَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَدَعْتُ الْفَرْقَ مِنْ يَافُوخِهِ، وَأُرْسِلُ نَاصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ». بَابٌ فِي تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ 4190 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ === أولًا، ثم فرق بعد كلمة يعد تأكيدًا لما تفيده كلمة، "ثم" أي حين اطلع على أحوالهم فرآهم أصل الناس وأن التأليف لا يؤثر والله تعالى أعلم. 4189 - "صدعت" الصاع الشق والفصل، و"الفرق" بسكون الراء الخط الذي يظهر بين شعر الرأس إذا قسم قسمين مبينًا بياض بشرة الرأس، و"اليافوخ" وسط الرأس وهو ملتقى عظم مقدم الرأس ومؤخره، والمعنى فرقت فرقة من وسط الرأس إلى الجبهة محاذيًا لما بين يمينه؛ ومعنى أرسل ناصيته بين عينيه أنها ترسل نصف الناصية في يمين ذلك الفرق والنصف الآخر في يساره من بين عينيه كذا قالوا: وإنما قالوا ذلك إذ ليس في سورة الفرق إرسال بين العينين بل الإرسال كذلك ضد الفرق، وقد يقال: يمكن الفرق في بعض الرأس والإرسال في البعض كما هو ظاهر الحديث فتأمل والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي تَطْوِيلِ الْجُمَّةِ 4190 - "ذباب" بذال معجمة مضمومة وموحدتين، في النهاية هو الشؤم أي

باب في الرجل يعقص شعره

عُقْبَةَ السُّوَائِيُّ - هُوَ أَخُو قَبِيصَةَ - وَحُمَيْدُ بْنُ خُوَارٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي شَعْرٌ طَوِيلٌ، فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ذُبَابٌ ذُبَابٌ» قَالَ: فَرَجَعْتُ فَجَزَزْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ: «إِنِّي لَمْ أَعْنِكَ، وَهَذَا أَحْسَنُ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَعْقِصُ شَعْرَهُ 4191 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ» تَعْنِي عَقَائِصَ. بَابٌ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ 4192 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، وَابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، === هذا شؤم، وقيل: هو شر الدائم (¬1)، "لم أعنك" قيل: هو من العناية بوزن لم أرم أي ما قصدتك بسوء. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَعْقِصُ شَعْرَهُ 4191 - "أربع غدائر" أي ذوائب وهي الشعر المضفور أي المنوخ أدخل بعضه في بعض. بَابٌ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ 4192 - "أمهل" أي تركهم يبكون حين جاء خبر موته، "أفرخ" بفتح همزة ¬

_ (¬1) النهاية (2/ 152).

باب في الذؤابة

حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي يَعْقُوبَ، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَقَالَ: «لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ»، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي»، فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ»، فَأَمَرَهُ فَحَلَقَ رُءُوسَنَا. بَابٌ فِي الذُّؤَابَةِ 4193 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ - قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ رَجُلًا صَالِحًا - قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ القَزَعِ»، وَالْقَزَعُ: أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ فَيُتْرَكَ بَعْضُ شَعْرِهِ. 4194 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، === وضم راء جمع فرخ وهو ولد الطائر يشبه به الصغير، وحلق رؤوسهم؛ لأن أمهم شغلت بالمصيبة عن ترجيل رؤوسهم وغسل رؤوسهم فخاف عليهم الوسخ والقمل. بَابٌ فِي الذُّؤَابَةِ 4193 - "عن القزع" بقاف وزاي معجمة مفتوحتين قطع السحاب والمراد ما في الكتاب. 4194 - "ذؤابة" (¬1) بضم ذال معجمة بعدها همزة الناصية، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) قال صاحب النهاية: جمعها ذوائب وهي الشعر المضفور من شعر الرأس (2/ 151).

باب [ما جاء] في الرخصة

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ القَزَعِ»، وَهُوَ أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ فَتُتْرَكَ لَهُ ذُؤَابَةٌ. 4195 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: «احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّخْصَةِ 4196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ لِي ذُؤَابَةٌ، فَقَالَتْ لِي أُمِّي: لَا أَجُزُّهَا، «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُدُّهَا، وَيَأْخُذُ بِهَا». 4197 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي الْمُغِيرَةُ، قَالَتْ: === يمدها ويأخذ بها أي كان ينبط معه فيأخذها ويمدها كما يفعل بالصبيان، فأرادت التبرك والتيامن بمساس يده الشريفة - صلى الله عليه وسلم -. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّخْصَةِ 4197 - "المغيرة" (¬1) اسم أخت الحجاج الراوي وهو من الأسماء المشتركة بين الرجال والنساء كأسماء، والمقصود أني أذكر قصة دخولي على أنس ولكني ¬

_ (¬1) قال عنهما ابن حجر: "مغيرة" بدون ألف ولام، وهي مقبولة، وعن مستغربات النساء. تقريب التهذيب (2/ 614).

باب في أخذ الشارب

وَأَنْتَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ وَلَكَ قَرْنَانِ، أَوْ قُصَّتَانِ، فَمَسَحَ رَأْسَكَ، وَبَرَّكَ عَلَيْكَ، وَقَالَ: «احْلِقُوا هَذَيْنِ - أَوْ قُصُّوهُمَا - فَإِنَّ هَذَا زِيُّ الْيَهُودِ». بَابٌ فِي أَخْذِ الشَّارِبِ 4198 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ - أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ - الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». 4199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ === نسيت ما جرى في المجلس فحدثتني أختي بذلك "أو قصتان" بضم القافي وتشديد المهملة وهي شعر الناصية، وهذا شك من الراوي. بَابٌ فِي أَخْذِ الشَّارِبِ 4198 - "الفطرة" الجبلة وأريد بها هاهنا السنة القديمة التي اختارها الله تعالى للأنبياء، واتفقت عليها الشرائع وأمرنا باقتدائهم كأنه أمر جبلي فطر الناس وجبلوا عليها، وليس المراد بالعدد الحصر فقد جاء "عشر من الفطرة" (¬1)، وإنما المطلوب الإخبار عن المذكور بأنه من الفطرة، و "الاستحداد" أي استعمال الحديدة في حلق العانة. 4199 - "إِحفاء الشارب" الإحفاء الاستقصاء والاستيصال، لكن المراد ¬

_ (¬1) مسلم في الطهارة (261)، وأبو داود في الطهارة (53)، والنسائي (8/ 126) تحقيق أ. عبد الفتاح أبو غدة.

بِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ، وَإِعْفَاءِ اللِّحَى». 4200 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا صَدُقَةُ الدَّقِيقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلْقَ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ، وَقَصَّ الشَّارِبِ، وَنَتْفَ الْإِبِطِ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَرَّةً» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ أَنَسٍ، لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وُقِّتَ لَنَا وَهَذَا أَصَحُّ. 4201 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَرَأَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ، وَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ، إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الِاسْتِحْدَادُ: حَلْقُ الْعَانَةِ. === هاهنا القطع عند المحققين. 4200 - و"إعفاء اللحية" توفيرها، "وقت" أي عين وحدد بمعنى أن التأخير عنه مكروه. 4201 - "نُعِفي" من الإعفاء، و"السبال" جمع سبلة بفتحتين وهي مقدم اللحية، وما أسبل منها على الصدر كانت له نورًا أي سبب نور في الآخرة، فلا ينبغي استيصالها بالنتف، نعم تغييرها لمصلحة مخالفة الأعداء وغيرها جائز ولكن فرق بين استيصالها عن الأصل وتغييرها والله تعالى أعلم.

باب في نتف الشيب

بَابٌ فِي نَتْفِ الشَّيْبِ 4202 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، الْمَعْنَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ - قَالَ عَنْ سُفْيَانَ: «إِلَّا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَقَالَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى - إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا حَسَنَةً، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً. بَابٌ فِي الْخِضَابِ 4203 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْيَهُودَ، وَالنَّصَارَى، لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». 4204 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ === بَابٌ فِي الْخِضَابِ 4203 - "لا يصبغون" أي لا يخضبون اللحية. 4204 - "بأبي قحافة" بضم القاف والد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، "كالثغامة" بمثلثة مفتوحة وغين معجمة نبات له ثمر أبيض، "غيروا هذا" هذا إذا كان الشيب غير مستحسن عند الطباع والناس في ذلك مختلفون والله تعالى أعلم، "واجتنبوا السواد" لعل المراد الخالص فيه أن الخضاب بالسواد حرام

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ». 4205 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيْلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ، وَالْكَتَمُ». 4206 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَادٌ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا هُوَ «ذُو وَفْرَةٍ بِهَا رَدْعُ حِنَّاءٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ. === أو مكروه، وللعلماء فيه كلام، وقد قال بعض إلى جوازه للغزاة ليكون أهيب في عين العدو والله تعالى أعلم. 4205 - "الحناء والكتم" هو بكاف وتاء مثناة من فوق مفتوحتين والمشهور تخفيف التاء وبعضهم يشددها نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر، ثم قيل المراد هاهنا استعمال كل منهما بالانفراد، وإلا فعند اجتماعهما تحصيل السواد، وهو منهي عنه ويحتمل أن المرأد المجموع والنهي عن السواد الخالص والله تعالى أعلم. 4206 - "ذو وفرة" بفتح واو وسكون فاء شعر يكون إلى شحمة الأذن، "ردع" بمهملات أولهما مفتوحة والثانية ساكنة أو بإعجام الأخير أي لطخ لم يعمه كله.

4207 - » حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبْجَرَ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، فِي هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبِي: أَرِنِي هَذَا الَّذِي بِظَهْرِكَ، فَإِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ، قَالَ: «اللَّهُ الطَّبِيبُ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ، طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا». 4208 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَبِي، فَقَالَ لِرَجُلٍ - أَوْ لِأَبِيهِ - «مَنْ هَذَا؟ » قَالَ: ابْنِي، قَالَ: «لَا تَجْنِي عَلَيْهِ»، وَكَانَ قَدْ لَطَّخَ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ. 4209 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ خِضَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَخْضِبْ»، وَلَكِنْ قَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. === 4207 - "الطبيب" أي الشافي الذي يشفي المريض ويعافيه، "رفيق" أي ترفق بالمرض وتتلطف. 4208 - "لا تجني عليه" خطاب للوالد أو الولد وهو نفي بمعنى النهي، أو دعاء بصيغة النفي، أو إخبار بأن جنايتك قاصرة عليك، لا تتعداك إليه والمراد إثمها وإلا فالدية متعدية وهو الأظهر، "وقد لطخ" قيل: ليس لأنه خضبت، بل لأنه اغتسل به، فبقي منه بعض آثاره بالحناء والكتم يفيد الجمع، فعليه يحمل الحديث السابق.

باب [ما جاء] في خضاب الصفرة

بَابُ [مَا جَاءَ] فِي خِضَابِ الصُّفْرَةِ 4210 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ أَبُو سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ، وَالزَّعْفَرَانِ»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. 4211 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ قَدْ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا» قَالَ: فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، فَقَالَ: «هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا»، قَالَ: فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ، فَقَالَ: «هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي خِضَابِ السَّوَادِ 4212 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === بَابُ مَا جَاءَ فِي خِضَابِ السَّوَادِ 4212 - "كحواصل الحمام" أي صدور الحمام، قيل: المراد كحواصل الحمام في الغالب؛ لأن حواصل بعض الحمامات ليست بسود، قيل: يريد بالتشبيه أن المراد السواد الصرف غير المشوب بلون آخر، ثم قيل: المراد أنهم وإن دخلوا الجنة لا يجدون ريحها ولا يتلذذون بها، وقيل: هو تغليط وتشديد، أو المراد أنهم لا

باب [ما جاء] في الانتفاع بالعاج

«يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ، كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ 4213 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الشَّامِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْمُنَبِّهِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ بِإِنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ فَاطِمَةَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِذَا قَدِمَ فَاطِمَةَ، فَقَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ لَهُ وَقَدْ عَلَّقَتْ مِسْحًا - أَوْ سِتْرًا - عَلَى بَابِهَا، وَحَلَّتِ === يجدون ريحها مع السابقين، ثم الحديث صححه غير واحد أو حسنه وخطّأوا ابن الجوزي في نسبته إلى الوضع والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَاجِ 4213 - "فاطمة" خبر كان على حذف المضاف أي عهد فاطمة، أو التقدير كان ذواخر عهده علقت مسحًا بالكسر، "البلاس" وهو كساء معروف، "وحليت" بتشديد اللام، كسمّت أي زينت "قلبين" بضم القاف أي سوارين، "إنما منعه" يحتمل أن تكون ما موصولة اسم إن وخبرها ما رأى، ويحتمل أن تكون كافة، وعلى الثاني (ما) في قوله (ما رأى) يحتمل أن تكون موصولة ويحتمل أن تكون مصدرية، "وقطعته" أي كل واحد من القلبين، وكذا قو له "وأخذه" وقيل: فأخذه منهما أي شيء من الرأفة والرقة عليهما، وضمير بينهما للصبين أي عندهما أن كناية عن الاستمتاع بالطيبات ولذات الدنيا، وذكر الأكل للغالب من عصب

الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ قُلْبَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ، فَقَدِمَ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَظَنَّتْ أَنَّ مَا مَنَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَا رَأَى، فَهَتَكَتْ السِّتْرَ، وَفَكَّكَتِ الْقُلْبَيْنِ عَنِ الصَّبِيَّيْنِ، وَقَطَّعَتْهُ بَيْنَهُمَا، فَانْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا يَبْكِيَانِ، فَأَخَذَهُ مِنْهُمَا، وَقَالَ: «يَا ثَوْبَانُ، اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى آلِ فُلَانٍ - أَهْلِ بَيْتٍ بِالْمَدِينَةِ - إِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي أَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا، يَا ثَوْبَانُ، اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلَادَةً مِنْ عَصَبٍ، وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ». "آخر كتاب الترجل" * * * === قيل: بفتح ثاب تكون باليمين لكن لا يظهر معناه هاهنا، وقيل: بفتحتين أطناب حيوان، ولعلهم كانوا يأخذون أطناب بعض حيوانات طاهرة ويتخذون منها القلادة بطريق، وقيل: العصب بالفتح سن دابة بحرية يتخذ منه الخرز وهو المناسب والله تعالى أعلم. "من عاج" ظاهره يدل على عظام الفيل والميتة مطلقًا، ومن لا يقول به يحمله على أنه عظم دابة بحرية والله تعالى أعلم. * * *

29 - كتاب الخاتم

كِتَاب الْخَاتَمِ بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ 4214 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّوَاسِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى بَعْضِ الْأَعَاجِمِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا بِخَاتَمٍ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. 4215 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، === كِتَاب الْخَاتَمِ يدل على أنه ما اتخذ خاتمًا إلا عند الحاجة إليها فالأصل تركه، وقال الخطابي: وذلك لأن الخاتم ما كان من عادة العرب لبسه (¬1)، ونقش فيه محمد ... إلخ، قال الحافظ السيوطي: وكذا بالرفع على الحكاية ونقش أي أمر بنقشه. قلت: بل رفعه على الابتدأ وما بعده خبر والجملة مفعول نقش، على أن المراد بمجموع الجملة هذا اللفظ لا بالنظر إلى الوجود اللفظي، بل بالنظر إلى الوجود الكتبي والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ 4215 - "وفي يد أبي بكر" هذا بناء على أن ماله ليس بميراث بل لانتفاع ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 213).

بِمَعْنَى حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، زَادَ: «فَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى قُبِضَ، وَفِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ، وَفِي يَدِ عُمَرَ حَتَّى قُبِضَ، وَفِي يَدِ عُثْمَانَ، فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ بِئْرٍ إِذْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ، فَأَمَرَ بِهَا فَنُزِحَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ». 4216 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، قَالَ: «كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرِقٍ فَصُّهُ حَبَشِيٌّ». 4217 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَّةٍ كُلُّهُ فَصُّهُ مِنْهُ». 4218 - حَدَّثَنَا نُصَيْرُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ === المسلمين، "فللخليفة" أن ينتفع منه بقدر حاجته إذا سقط، قالوا: ثم انتقض عليه الأمر وكان ذلك مبدأ الفتنة إلى قيام الساعة، ومنه أخذ أن خاتمه - صلى الله عليه وسلم - كان فيه سر غريب كخاتم سليمان عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم. 4216 - "قصه حبشي" فص الخاتم بفتح فاء وبكسر وتشديد صاد معروف، "حبشي" أي على الوضع الحبشي أو صانعه حبشي، وعلى هذا لا مخالفة بين هذا الحديث وحديث: "وفصه منه" وإن قلنا إنه كان حجرًا أو جزعًا أو نحوه يكون بالحبشة يظهر المخالفة بين الحديثين، وتدفع بالقول بتعدد الخاتم كما نقل عن البيهقي والله تعالى أعلم. 4218 - "في بئر أريس" بفتح فكسر فسكون اسم حديقة بقباء، قال

نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي بَطْنَ كَفِّهِ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِمَ الذَّهَبِ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ: «لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا»، ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ لَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ لَبِسَهُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ عُمَرُ، ثُمَّ لَبِسَهُ بَعْدَهُ عُثْمَانُ، حَتَّى وَقَعَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَخْتَلِفِ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ حَتَّى سَقَطَ الْخَاتَمُ مِنْ يَدِهِ». 4219 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَالَ: «لَا يَنْقُشُ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِي === الكرماني: والأفصح صرفه. 4219 - "على خاتمي" أي على نقشه وذلك لئلا تفوت مصلحة نقش الاسم بوقوع الاشتراك، "فاتخذه عثمان ونقش فيه" قال الحافظ السيوطي: قلت: كأنه فهم أن النهي مخصوص بحياته - صلى الله عليه وسلم - لزوال المحذور وهو وقوع الاشتراك، ونظيره قول من خصص النهي عن التكني بكنيته بحياته أيضًا، والمختار في الحديثين إطلاق النهي. اهـ. قلت: الظاهر أنه فهم خصوصه مدة بقاء الخاتم والأقرب أنه فهم من النهي أن المقصود به ألا تتعدد الخواتم على نقش واحد فيما إذا كان الخاتم مقصودًا صون نقشه عن الاشتراك كخواتم الحكام، والأظهر منه أنه فهم الإطلاق إلا أنه رأى أن

باب ما جاء في ترك الخاتم

هَذَا» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ. 4220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بِنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْخَبَرِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَاتَّخَذَ عُثْمَانُ خَاتَمًا، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَكَانَ يَخْتِمُ بِهِ، أَوْ يَتَخَتَّمُ بِهِ. بَابُ مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْخَاتَمِ 4221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا، فَصَنَعَ النَّاسُ، فَلَبِسُوا، وَطَرَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَرَحَ النَّاسُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ، وَشُعَيْبٌ، وَابْنُ مُسَافِرٍ كُلُّهُمْ قَالَ: «مِنْ وَرِقٍ». === خاتمه الحديد نائب عن الخاتم القديم وللنائب حكم الأصل، فنقل نقشه إليه لا يخل بإطلاق النهي والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْخَاتَمِ 4221 - "من ورق" بفتح فكسر أي فصه، والمعروف أن الخاتم الذي طرحه النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبب اتخاذ الناس مثله إنما هو خاتم الذهب، ولذلك اتفق علماء الحديث على أن هذا الحديث وهم من الزهري، قال الإسماعيلي: إن كان محفوظًا فتأويله إن اتخذ خاتمًا من ورق وكذا غيره مثله، فلما اتخذره رمى به حتى رموا ثم اتخذه بعد ذلك.

باب ما جاء في خاتم الذهب

بَابُ مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ 4222 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الرُّكَيْنَ بْنَ الرَّبِيعِ، يُحَدِّثُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، === بَابُ مَا جَاءَ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ 4222 - "عشر خلال"، ومعنى الصفرة أي استعمالها في البدن أو الثياب للرجال خاصة يعني الخلوق بخاء آخرة قاف طيب مركب معروف، "وتغيير الشيب" أي بالسواد كما تقدم، "التبرج" أي إظهار المرأة الزينة لغير محلها بفتح ميم وكسر حاء وتشديد لام من الحل أو بفتح حاء، والمراد لغير من ذكر الله تعالى بقوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ} (¬1) الآية. "كعاب" بكسر الكاف جمع كعب وهو الذي يلعب به في النرد، "والرقى" إلا بالمعوذات بكسر واو، قيل: هما سورتان، فالجمع على إرادة ما فوق الواحد وبتأويل الكلمات أو الآيات أو سورة الاخلاص معهما تغليبًا، وقيل: المراد الآيات التي فيها معنى الاستعاذة السورتين، ومثل قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} (¬2) ويالجملة وما في معناهما من القرآن وأسماء الله تعالى والأدعية والله تعالى أعلم. "وعقد" تميمة، والمراد خرزات تعلق على الأطفال اتقاء العين، وأما ما يكتب فيه الآيات، ففد جوزه كثير لحديث عبد الله بن عمر والله تعالى أعلم. "لغير محله" الضمير للعزل ومحل العزل وغيره زوجة، فلا يجوز العزل عن ¬

_ (¬1) سورة النور: آية (31). (¬2) سورة المؤمنون: آية (97).

كَانَ يَقُولُ: " كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ عَشْرَ خِلَالٍ: الصُّفْرَةَ - يَعْنِي الْخَلُوقَ - وَتَغْيِيرَ الشَّيْبِ، وَجَرَّ الْإِزَارِ، وَالتَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ، وَالتَّبَرُّجَ بِالزِّينَةِ === الزوجة إلا برضاها، وأما رواية "عن محله" فالضمير يشمل فرج الزوجة وفساد الصبي بوطء الموضعة، غير محرمة حال من ضمير يكره والضمير؛ لأنه أقرب أي غير بالغ به حد التحريم، وقيل: الضمير لمجموع الخلال بتأويل ما ذكر أو لكل والله تعالى أعلم. "من شبه" بفتحتين نوع من التماس يشبه الذهب، وكانوا يتخذون الأصنام "حلية أهل النار" بكسر الحاء أي زي الكفار، "فإن سلاسلهم وأغلالهم من الحديد" من حديد ملوي عليه فضة، قيل: هذا الحديث أجود إسنادًا لأنه في إسناد الأول عبد الله بن مسلم المروزي، وقيل: إنه لا يحتج بحديثه وقيل: يحظى سيما وهذا الحديث يقصده حديث التمس ولو خاتمًا من حديد ولو كان مكروهًا لم يأذن فيه، وقيل: إن كان المنع محفوظًا يحمل المنع على ما كان حديدا صرفًا، وهاهنا بالفضة التي لويت عليه ترتفع الكراهة والله تعالى أعلم. "عليه خاتم" أي أمينا عليه، "واذكر بالهداية" أي اذكر عند ذكر الهداية هداية الطريق وأحضرها في قلبك إنها كيف تكون وأنها لا تتم إلا بالتزام السالك جادة الطريق وأن لا يميل عنها يمنة أو يسرة خوفًا من الهلاك, فاذكر هداية الطريق لتعرف بها هداية الصراط المستقيم وتعقلها بالمقايسه والمشاكلة وكذا قوله: "واذكر بالسداد" إلخ كان يختم في يمينه قد صح تختمه في اليميمن واليسار جميعًا فقال بعضهم: يجوز الوجهان واليمين أفضل؛ لأنه زينة واليمين بها أولى، وقال آخرون بنسخ اليمين لما جاء في بعض الروايات الضعيفة أنه تختم أولًا في اليمين ثم حول إلى اليسار، ومنهم من يرى الوجهين مع ترجيح اليسار،

باب [ما جاء] في خاتم الحديد

لِغَيْرِ مَحَلِّهَا، وَالضَّرْبَ بِالْكِعَابِ، وَالرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَعَقْدَ التَّمَائِمِ، وَعَزْلَ الْمَاءِ لِغَيْرِ أَوْ غَيْرَ مَحَلِّهِ - أَوْ عَنْ مَحَلِّهِ -، وَفَسَادَ الصَّبِيِّ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «انْفَرَدَ بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي خَاتَمِ الْحَدِيدِ 4223 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ الْمَعْنَى، أَنَّ زَيْدَ بْنَ حُبَابٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ السُّلَمِيِّ الْمَرْوَزِيِّ أَبِي طَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ، فَقَالَ لَهُ: «مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ» فَطَرَحَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: «اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلَا === أما لهذا الحديث أو لأنه إذا كان التختم في اليسار يكون أخذ الخاتم وقت اللبس والنزع يكون باليمين بخلاف ما إذا كان التختم في اليمين والوجه القول بجواز الوجهين والله تعالى أعلم. "على ظهرها" قال العلماء أحاديث الباطن أصح وأكثر فهو أفضل والله تعالى أعلم. "إن مع كل جرس" الجرس بفتح جيم وكسرها وسكون راء الصوت أو خفية وبفتحتين ما يعلق بعنق الدابة أو برجل البازي الصبيان، "نبان" بضم الموحدة وحيان بفتح المهملة والتحتاتية لا تدخلنها بلفظ النهي من الإدخال، "والجلاجل" بفتح الجيم الأولى وكسر الثانية جمع مجلجل بالضم الجرس.

باب ما جاء في التختم في اليمين أو اليسار

تُتِمَّهُ مِثْقَالًا» " وَلَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَقُلْ: الْحَسَنُ: السُّلَمِيَّ الْمَرْوَزِيَّ. 4224 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ أَبُو عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَكِينٍ نُوحُ بْنُ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُعَيْقِيبِ، وَجَدُّهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَبُو ذُبَابٍ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٌّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ»، قَالَ: فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدِهِ، قَالَ: «وَكَانَ الْمُعَيْقِيبُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 4225 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهِدَايَةِ هِدَايَةَ الطَّرِيقِ، وَاذْكُرْ بِالسَّدَادِ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ "، قَالَ: وَنَهَانِي أَنْ أَضَعَ الْخَاتَمَ فِي هَذِهِ أَوْ فِي هَذِهِ - لِلسَّبَّابَةِ، وَالْوُسْطَى، شَكَّ عَاصِمٌ -، وَنَهَانِي عَنِ القَسِّيَّةِ، وَالْمِيثَرَةِ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقُلْنَا لِعَلِيٍّ: مَا الْقَسِّيَّةُ؟ قَالَ: «ثِيَابٌ تَأْتِينَا مِنَ الشَّامِ، أَوْ مِنْ مِصْرَ مُضَلَّعَةٌ، فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ»، قَالَ: " وَالْمِيثَرَةُ: شَيْءٌ كَانَتْ تَصْنَعُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ. بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ أَوِ الْيَسَارِ 4226 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ

باب [ما جاء] في الجلاجل

بِلَالٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ شَرِيكٌ: وأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ». 4227 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ، وَكَانَ فَصُّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأُسَامَةُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، بِإِسْنَادِهِ فِي يَمِينِهِ. 4228 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى». 4229 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى الصَّلْتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاتَمًا فِي خِنْصَرِهِ الْيُمْنَى، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ هَكَذَا، وَجَعَلَ فَصَّهُ عَلَى ظَهْرِهَا، قَالَ: وَلَا يَخَالُ ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَّا قَدْ كَانَ يَذْكُرُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُ خَاتَمَهُ كَذَلِكَ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْجَلَاجِلِ 4230 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ،

باب [ما جاء] في ربط الأسنان بالذهب

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، - قَالَ: عَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الزُّبَيْرِ -، أَخْبَرَهُ، أَنَّ مَوْلَاةً لَهُمْ ذَهَبَتْ بِابْنَةِ الزُّبَيْرِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَفِي رِجْلِهَا أَجْرَاسٌ، فَقَطَعَهَا عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مَعَ كُلِّ جَرَسٍ شَيْطَانًا». 4231 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ بُنَانَةَ، مَوْلَاةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَيْنَمَا هِيَ عِنْدَهَا إِذْ دُخِلَ عَلَيْهَا بِجَارِيَةٍ وَعَلَيْهَا جَلَاجِلُ يُصَوِّتْنَ، فَقَالَتْ: لَا تُدْخِلْنَهَا عَلَيَّ إِلَّا أَنْ تَقْطَعُوا جَلَاجِلَهَا، وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ 4232 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ، «قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ». 4233 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو عَاصِمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ، بِمَعْنَاهُ، قَالَ يَزِيدُ: قُلْتُ لِأَبِي الْأَشْهَبِ: أَدْرَكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ طَرَفَةَ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». === 4233 - "طرفة" بفتحات، "وعرفجة" بفتح مهملة وسكون أخرى وفتح فاء بعدها جيم.

باب [ما جاء] في الذهب للنساء

4234 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ بْنِ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَرْفَجَةَ بِمَعْنَاهُ. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ 4235 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، === بَابُ [مَا جَاءَ] فِي رَبْطِ الْأَسْنَانِ بِالذَّهَبِ 4234 - " يوم الكلاب" بضم الكاف وتخفيف لام اسم ماء كانت فيه وقعة مشهورة من أيام العرب (¬1)، وليس من غزواته - صلى الله عليه وسلم -، بل كان في الجاهلية، وبهذا الحديث أباح أكثر العلماء اتخاذ الأنف من ذهب وربط الأسنان به، روي أن حيان بن بشير ولي القضاء بأصبهان، فحدث بهذا الحديث فقرأ يوم الكلاب بكسر الكاف فرد عليه رجل وقال: إنما هو الكلاب بضم الكاف فأمر بحبسه، فزاره بعض أصحابه فقال له فيم حبست فقال: حرب كانت في الجاهلية حبست بسببها في الإسلام، "من ورق" المشهور كسر الراء على أن المراد الفضة، وروي عن الأصمعي فتحها على أن المراد ورق الشجرة، وزعم أن الفضة لا تنتن. لكن قال بعض أصحاب الخبرة أن الفضة تنتن والذهب لا، فأنتن بفتح الهمزة أي صار نتنًا كريه الرائحة، وفي إسناد الحديث كلام للناس، لكن الترمذي قال: حديث (¬2) حسن، وقال ناس: إنه مرسل والله تعالى أعلم. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ 4235 - "قدمت" بكسر الدال وسكون التاء. ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 196). (¬2) الترمذي في اللباس (1770)، وقال: حديث حسن غريب.

قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْيَةٌ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، أَهْدَاهَا لَهُ، فِيهَا خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، قَالَتْ: فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُودٍ مُعْرِضًا عَنْهُ - أَوْ بِبَعْضِ أَصَابِعِهِ - ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ ابْنَةَ أَبِي الْعَاصِ، ابْنَةَ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ، فَقَالَ: «تَحَلَّيْ بِهَذَا يَا بُنَيَّةُ». 4236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادِ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُحَلِّقَ حَبِيبَهُ حَلْقَةً مِنْ نَارٍ، فَلْيُحَلِّقْهُ حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُطَوِّقَ حَبِيبَهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُطَوِّقْهُ طَوْقًا مِنْ ذَهَبٍ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُسَوِّرَ حَبِيبَهُ سِوَارًا مِنْ نَارٍ، فَلْيُسَوِّرْهُ سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ، فَالْعَبُوا بِهَا». 4237 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، === 4236 - "أن يحلق" من التحليق، "والجليب" كالولد "فالعبوا" بها أي خذوا منها الزينة المباحة كالخاتم للذكر، وفي العبارة إشارة إلى أن التحلية المباحة معدودة في اللعب والأخذ بما لا يعنيه. قلت: ظاهر الحديث أن الذهب حرام للنساء أيضًا كما للرجال، ويؤيده الحديث الآتي، ولذلك قال السيوطي: هذا منسوخ إذ المشهور جواز الذهب للنساء والله تعالى أعلم. 4237 - "تظهره" يحتمل أن تكون الكراهة إذا أظهرت لكن مثل

عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ أُخْتٍ لِحُذَيْفَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، أَمَا لَكُنَّ فِي الْفِضَّةِ مَا تَحَلَّيْنَ بِهِ، أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تَحَلَّى ذَهَبًا تُظْهِرُهُ، إِلَّا عُذِّبَتْ بِهِ». 4238 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ، حَدَّثَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَقَلَّدَتْ قِلَادَةً مِنْ ذَهَبٍ، قُلِّدَتْ فِي عُنُقِهَا مِثْلَهُ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ جَعَلَتْ فِي أُذُنِهَا خُرْصًا مِنْ ذَهَبٍ، جُعِلَ فِي أُذُنِهَا مِثْلُهُ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 4239 - حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مَيْمُونٍ الْقَنَّادِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ رُكُوبِ النِّمَارِ، وَعَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَبُو قِلَابَةَ لَمْ يَلْقَ مُعَاوِيَةَ. "آخر كتاب الخاتم" * * * === الذهب في ذلك، فالظاهر أن هذا الزيادة التقبيح والتوبيخ والله تعالى أعلم. 4238 - "خُرْصًا" بضم الخاء المعجمة وسكون الراء حلي الأذن. 4239 - "إِلا مقطعًا" أي مكسرًا مقطوعًا والمراد الشيء اليسير مثل السن والأنف والله تعالى أعلم. * * *

30 - كتاب الفتن [والملاحم]

كِتَاب الْفِتَنِ [وَالْمَلَاحِمِ] [بَابُ] ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا 4240 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا، فَمَا === كِتَاب الْفِتَنِ [وَالْمَلَاحِمِ] [بَابُ] ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا 4240 - "قائم" أي قيامًا مصدر على وزن اسم الفاعل، ولو جعل حالًا مؤكدة لم يبعد مثله، قوله تعالى: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (¬1) أشياء أي من الفتن أو من الوقايع العظام في مقامه، متعلق بقوله فما ترك، وذلك يحتمل أنه صقة مقامه ويحتمل أنه اسم يكون والمقام يحتمل أن يكون مصدرًا أو اسم مكان إلى قيام الساعة متعلق بيكون، ويحتمل أن يكون في مقامه بمعنى من مقامه متعلقًا بيكون أيضًا، إلا حدثه قيل استثناء منقطع أي لكن حدث به، ويحتمل الاتصال على قصد المبالغة أو يقال: إنه يصدق الترك مع التحديث أيضًا، فتأمل قد علمه أصحابه هؤلاء. قلت: يشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا صلاة العصر بنهار ثم قام خطيبًا، فلم يدع شيئًا يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه. ثم ذكر حديثًا طويلًا فيه بعض ما ذكر ذلك اليوم ثم قال: هذا حديث حسن، وفي الباب عن المغيرة بن ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (60) والأعراف: آية (74) وهود: آية (85) والشعراء: آية (183) والعنكبوت: آية (36).

تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابُهُ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّيْءُ، فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ، ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ». 4241 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: === شعبة وأبي زيد بن أخطب وحذيفة وأبي مريم ذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثهم بما هو كائن إلى يوم تقوم الساعة (¬1)، "وجه الرجل" إذا غاب عنه أي إجمالًا ومبهمًا وإن اشتبه تفصيلًا ومعنيًا، فإذا أراه عرفه مشخصًا معنيًا والله تعالى أعلم، وفيه دلالة على ما أعطاه الله تعالى إياه - صلى الله عليه وسلم - من العلم الوافر والفضل الكامل، ولذلك كان ينهى عن شيء لم يكن في وقته بناءً على علمه أن سيحدث وله أمثال كثيرة، ولذلك قال الحافظ السيوطي: من الغريب ما وقع من بعض أحل العصر إني لما رويت الأحاديث الواردة في نهي العلماء عن المجيء إلى السلاطين، قال: وهل كان في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - سلاطين حتى ينهى عن التردد إليهم، وما علم المسكين أنه - صلى الله عليه وسلم - أعلم بالوحي بكل ما يجيء بعده إلى قيام الساعة، وأعلم به أصحابه أم تناسوا أي أظهروا أنهم نسوا يبلغ من معه صفة قائد، والمراد بالقائد من يدعو الناس إلى بدعة ويأمرهم بها أو من يحارب المسلمين، وفيه دلالة على أنه ما ذكر كل فتنة بل ذكر الفتن العظام والله تعالى أعلم. 4241 - "أربع فتن" كان المراد بها الوقائع الكبار جدًّا، والحديث لا يخلو عن ¬

_ (¬1) الترمذي في الفتن (2191) وقال: حديث حسن صحيح.

«يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَرْبَعُ فِتَنٍ فِي آخِرِهَا الْفَنَاءُ». 4242 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ الْعَنْسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، فَذَكَرَ الْفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرِهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الْأَحْلَاسِ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا فِتْنَةُ الْأَحْلَاسِ؟ قَالَ: هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ، دَخَنُهَا === جهالة في الإسناد والله تعالى أعلم. 4242 - "فتنة الأحلاس" الأحلاس جمع حلس وهو الكساء الذي على ظهر البعير تحت القتب، وإضافة الفتنة إليها إما لدوامها؛ لأنها تبقى تحت القتب أو تشبيهًا بها في الكدرة، أو لأن الأحلاس تفرش في البيوت؛ ففيه إشارة إلى التزام البيوت والعزلة في ذلك الزمان، "هَرَبُ وحَرَبُ" كلاهما بفتحتين الأول بمعنى الفرار والثاني بمعنى نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له فتنة، "إسراء" أي فتنة سبب وقوعها سرور الناس بكثرة النعم وفضول الأموال، أو لأنها تسر الأعداء لوقوع الخلل في المسلمين، "دخنها" بفتحتين مصدر دخنت النار إذا ألقيت عليها حطبًا رطبًا فكثر دخانها أي ظهورها وأثارتها من تحت قدمي رجل أي الذي يسعى ويمشي بقدميه في إثارتها، "كورك" بفتح الواو وكسر الراء على ضلع بكسر الضاد وفتح اللام أي على رجل لا استقامة له ولا فطام، كالورك لا يستقيم على الضلع ولا يركب عليه، ومنه يقال في الأمر الموافق هو ككف في ساعد، "فتنة الدهيماء" تصغير الدهماء للتعظيم وهي الداهية السوداء المظلمة من إضافة

مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي، وَلَيْسَ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ، لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ: انْقَضَتْ، تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ، فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ، وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ، مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مِنْ غَدِهِ. 4243 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ فَرُّوخَ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنِي ابْنٌ لِقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَنَسِيَ أَصْحَابِي، أَمْ تَنَاسَوْا؟ «وَاللَّهِ مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَائِدِ فِتْنَةٍ، إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الدُّنْيَا، يَبْلُغُ مَنْ مَعَهُ ثَلَاثَ مِائَةٍ فَصَاعِدًا، إِلَّا قَدْ سَمَّاهُ لَنَا بِاسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَاسْمِ قَبِيلَتِهِ». 4244 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ سُبَيْعِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: أَتَيْتُ الْكُوفَةَ فِي زَمَنِ فُتِحَتْ تُسْتَرُ، أَجْلُبُ مِنْهَا === الموصوف إلى الصفة، وقيل: هي اسم ناقة غزا عليها سبعة أخوة فقتلوا عن آخرهم وحملوا عليها فصارت مثلًا في كل داهية، "والفسطاط" بضم الفاء وتكسر، المدينة التي فيها مجتمع الناس والله تعالى أعلم. 4244 - "فتحت تستر" اسم موضع فإذا أصدع بفتح فسكون أو بفتحتين أي رجل وسط تعرف على صيغة الخطاب، "فتجهمني القوم" أي أظهروا في آثار

بِغَالًا، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا صَدْعٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ تَعْرِفُ إِذَا رَأَيْتَهُ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَتَجَهَّمَنِي الْقَوْمُ، وَقَالُوا: أَمَا تَعْرِفُ هَذَا؟ هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، فَأَحْدَقَهُ الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى الَّذِي تُنْكِرُونَ، إِنِّي قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْخَيْرَ الَّذِي أَعْطَانَا اللَّهُ، أَيَكُونُ بَعْدَهُ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «السَّيْفُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ لِلَّهِ خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ فَضَرَبَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ، فَأَطِعْهُ، وَإِلَّا فَمُتْ، وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ»، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ، وَجَبَ أَجْرُهُ، وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ، وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ»، قَالَ: === الكراهة في وجوههم عن الشر، لعل المراد ما يقع في الناس من الفتن، "فأحدقه" أي رموه بحدقهم والتحديق شدة النظر. وقوله: "شَرُّ" الظاهر أن المراد به الكفر، ويحتمل أن المراد به ما يعمه والبدع وغيرهما، فما العصمة؟ أي طريق النجاة من ذلك الشر، قال "السيف" أي تقاتلهم به، قالوا: هي الردة التي كانت زمن الصديق رضي الله عنه، نضرب ظهرك أي ظلمك في نفسك ومالك، "وإلا" أي إن لم يكن خليفة فاعتزل الناس واصبر على المكاره والمشاق، فقوله: "قمت" أي اخرج من بينهم وخذ البادية ومت بها عاض لاصق، "يجذل شجرة" بكسر الجيم وفتحها وسكون الذال المعجمة أي

قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ هِيَ قِيَامُ السَّاعَةِ». 4245 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قُلْتُ: بَعْدَ السَّيْفِ، قَالَ: «بَقِيَّةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ، وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ، قَالَ: وَكَانَ قَتَادَةُ يَضَعُهُ عَلَى الرِّدَّةِ الَّتِي فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ، «عَلَى أَقْذَاءٍ»، يَقُولُ: قَذًى «، » وَهُدْنَةٌ " يَقُولُ: «صُلْحٌ»، «عَلَى دَخَنٍ» عَلَى ضَغَائِنَ. 4246 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: أَتَيْنَا الْيَشْكُرِيَّ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: بَنُو لَيْثٍ، أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «فِتْنَةٌ وَشَرٌّ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ، تَعَلَّمْ كِتَابَ اللَّهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ» ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ، وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ، فِيهَا - أَوْ فِيهِمْ -» قُلْتُ: يَا === بأصلها أي اخرج منهم إلى البوادي وكل فيها أصول الشجر واكتف بها. 4245 - "بقية على أقذاء" أي يبقى للناس بقية على فساد في قلوبهم فشبه ذلك الفساد بالأقذاء جمع قذى وهو ما يقع في العين والشراب من غبار ووسخ، "وهدنة" بضم هاء وسكون دال مهملة الصلح، "دخن" بفتحتين الدخان أي صلح في الظاهر مع خيانة القلوب وخداعها ونفاقها في الباطن. 4246 - "عمياء صماء" أي لا مخلص منها ولا سبيل إلى تناحيها، فإن

رَسُولَ اللَّهِ، الْهُدْنَةُ عَلَى الدَّخَنِ مَا هِيَ؟ قَالَ: «لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ، صَمَّاءُ، عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِنْ تَمُتْ يَا حُذَيْفَةُ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلٍ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ». 4247 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ صَخْرِ بْنِ بَدْرِ الْعِجْلِيِّ، عَنْ سُبَيْعِ بْنِ خَالِدٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةً فَاهْرُبْ حَتَّى تَمُوتَ، فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ» وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ: قُلْتُ: فَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَتَجَ فَرَسًا، لَمْ تُنْتَجْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». 4248 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ، فَاضْرِبُوا رَقَبَةَ الْآخَرِ» قُلْتُ: أَنْتَ === الأصم لا يسمع الكلام حتى يقطع عما فيه من الشر، والأعمى لا يرى ما يفعل ولا يستحي من أحد. 4247 - "نتج فرسًا" الفرس يطلق على الأنثى أيضًا وهي المراد أي لو سعى في تحصيل ولدها بمباشرة الأسباب، "لم تنتج" على بناء المفعول أي ما يجيء لها ولد، والمراد بيان قرب القيامة والله تعالى أعلم. 4248 - "وثمرة قلبه" أي خالص عهده، يأمرنا أن نفعل كأنه أراد به أنه

سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي»، قُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَفْعَلَ وَنَفْعَلَ، قَالَ: «أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ». 4249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ». 4250 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُحَاصَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، حَتَّى يَكُونَ أَبْعَدَ مَسَالِحِهِمْ سَلَاحِ». === يأمرنا بمنازعة علي، مع أن عليًّا هو الأول ومعاوية هو الآخر الذي قام منازعًا والله تعالى أعلم. 4249 - "من شر قد اقترب" قيل: أشار به إلى قتل عثمان وما جرى بعده بين علي ومعاوية. 4250 - "أن يحاصروا" أي بناء المفعول أي يحاصرهم العدو فيضطروا لذلك إلى المدينة ويجتمعوا فيها، "والسلاح" العسكر الحافظة للثغر بالسلاح والمراد هاهنا الثغور. أي أبعد ثغورهم، هذا الموضع القريب من خيبر قيل: لعل هذا زمن الدجال أو يكون في وقت، وسلاح بفتح السين وذكره السيوطي ضمها موضع قريب بخيبر.

4251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَسَلَاحِ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ. 4252 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ» - أَوْ قَالَ: - إِنَّ رَبِّي زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَلَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَلَا أُهْلِكُهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَلَا أُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ بِأَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ === 4252 - "زوى في الأرض" زوى كرمى أي ضم زواياها وهو يحتمل أن يكون حقيقة أو خلق له الإدراك، فيكون مجازًا، فإنه لما أدرك جميعها صار كأنه جمعت له حتى رآها، والمراد من الأرض ما سيبلغها ملك الأمة لا كلها يدل عليه ما بعده، "مشارقها" أي البلاد الشرقية منها وكذا "مغاربها". وقوله: "ما زوي" على بناء المفعول وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح الخزائن المفتوحة على الأمة، "الأحمر" الذهب، والأبيض الفضة، "أن لا يهلكها" من الإهلاك نسبة بقحط بعامة أي بقحط يعم الكل، وهو بدل من سوء أنفسهم أي من غيرهم أي من الكفرة، وهذا مما وقع فيه سوى مجرورًا بمن، واستدل به ابن

يُهْلِكُ بَعْضًا، وَحَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَسْبِي بَعْضًا، وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ، وَحَتَّى تَعْبُدَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي الْأَوْثَانَ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ - قَالَ ابْنُ عِيسَى: «ظَاهِرِينَ» ثُمَّ اتَّفَقَا - لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ. 4253 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ ابْنُ عَوْفٍ: وَقَرَأْتُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ، عَنْ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === مالك على أن سوى تقع غير ظرف وتجر بغير في "فيستبيح بيضهم البيضة، الجماعة وقيل: الدار ومعناه في الحقيقة يستبيح أصلهم، وذلك لأن البيضة هي أصل الحيوان الذي يبيض يسبى من السبي وإنما أضاف هذا من كلامه - صلى الله عليه وسلم -. "الأئمة المضلين" الداعين الخلق إلى البدع، "وإذا وضع" أي إذا ظهرت الحرب فيهم تبقى إلى القيمة، وقد وضع السيف بقتل عثمان فلم يزل إلى كلهم أي كل واحهد منهم، "حتى يأتي أمر الله" أي الريح الذي تقبض عنده نفس كل مؤمن ومؤمنة والله تعالى أعلم. 4253 - "أن لا يدعو" إلخ، بدل أو بيان للخلال، وكلمة (لا) في المواضع الثلاثة زائدة، وإلا لفسد المعنى، فإن معنى "أجاركم" خلصكم وأنقذكم ولا يستقيم أن يقال أنقذكم من أن لا يدعو، فتأمل، ويحتمل أن يقال هذا بيان أضداد الخلال الثلاث التي يتضمنها قوله: أجاركم إلخ، معنى كأنه قال أجاركم

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ: أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ فَتَهْلَكُوا جَمِيعًا، وَأَنْ لَا يَظْهَرَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ، وَأَنْ لَا تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ. 4254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ === من ثلاث ورزقكم أضدادها، ويحتمل أن يقال قوله ورزقكم أضدادها مقدر في نظم الكلام، أو اكتفى عن ذكره بما يدل عليه من قوله أجاركم، وعين أن يقدر المضاف على قوله: أن لا يدعو، أي أضداد أن لا يدعو إلخ، فيكون بدلًا أو بيانًا فتأمل، "فتهلكوا" على بناء الفاعل أو بناء المفعول من الإهلاك مترتب على الدعاء لا على نفيه، على أهل الحق أي عمومًا، وأن لا تجتمعوا على ضلالة أي الكفر أو الفسق أو الخطأ في الاجتهاد؛ وهذا قبل مجيء الريح والله تعالى أعلم. 4254 - "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين" أي أمر الإسلام يستقر وسطهم على ما ينبغي هذه المدة، واللام في لخمس بمعنى في، فدوران الرحى مستعار لقيام الإسلام للمسلمين على أحسن انتظام، فإن الرحى توجد على نعت الكمال ما دامت دائرة مستمرة، ولعله - صلى الله عليه وسلم - قال هذا القول، وقد بقيت من عمره السنون الزائدة على الثلاثين باختلاف الروايات، فإذا ضمت إلى مدة الخلافة التي هي ثلاثون سنة كانت بالغة هذا المبلغ، ويحتمل أن يعتبر من ابتداء ظهور الوحي فيتم عد خمس وثلاثين بانقضاء خلافة عمر، فقد ظهر بعده ما ظهر، ويحتمل أن يعتبر من الهجرة، فإنها مبدأ ظهور الإسلام وهو المشهور في التاريخ، فكان في

مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَدُورُ رَحَى الْإِسْلَامِ لِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَإِنْ يَهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ، وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ، يَقُمْ لَهُمْ سَبْعِينَ عَامًا»، قَالَ: قُلْتُ: أَمِمَّا بَقِيَ أَوْ مِمَّا مَضَى؟ قَالَ: «مِمَّا مَضَى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَنْ قَالَ خِرَاشٍ فَقَدْ أَخْطَأَ». 4255 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ === خمس وثلاثين مقتل عثمان، وفي ست وثلاثين وقعة الجمل، وفي سبع وثلاثين وقعة صفين، "فإن يهلكوا" من الهلاك على بناء الفاعل، والإهلاك على بناء المفعول فسبيل من هلك أي فسبيلهم سببل من قد هلك قبلهم من القرون السالفة، "وأن يقم لهم دينهم" أي وإن بقوا وقد قام لهم دينهم، فلا يقوم لهم الدين على الانتظام الحسن إلا إلى سبعين عامًا من الهجرة، أو من ابتداء الإسلام، أو من وقت الكلام كما سيق، ولعل ذلك لكثرة الصحابة في هذه المدة وقلتهم فيما بعد "أيّما بقى" أي هذا العدد أعني سبعين عامًا، هل يعتبر بعد خمس وثلاثين مثلًا أم يعتبر معها، فقال مما مضى أي معها، وذكروا في شرح الحديث وجوها، ولكن هذا أحسبها والله تعالى أعلم. 4255 - "يتقارب الزمان" قد يراد به اقتراب الساعة أو تقارب أهل الزمان بعضهم من بعض، الشر والفتنة أو قصر أعمار أهله أو قرب مدة الأيام والليالي، حتى تكون السنة كالشهر وينتقص العلم بموت العلماء وكثرة النساء، ويلقى الشح في قلوب الناس فيبخل الغني بماله حتى في أداء الزكاة والعالم بعلمه حتى في إعارة الكتب، "والهرج" بفتح فسكون، "أنها" الضمير للقصة يكون المضطجع

باب [في] النهي عن السعي في الفتنة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعِلْمُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَّةُ هُوَ؟ قَالَ: «الْقَتْلُ، الْقَتْلُ». بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ 4256 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ يَكُونُ الْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرًا مِنَ الْجَالِسِ، وَالْجَالِسُ خَيْرًا مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرًا مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرًا مِنَ السَّاعِي»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ، فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ»، قَالَ: فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «فَلْيَعْمِدْ إِلَى سَيْفِهِ، فَلْيَضْرِبْ بِحَدِّهِ عَلَى حَرَّةٍ، ثُمَّ لِيَنْجُ مَا اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ». 4257 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُفَضِّلٌ، عَنْ عَيَّاشٍ، عَنْ === إلخ، أي كلما بَعُدَ الإنسان عن مباشرتها يكون خيرًا، فليلحق بإبله وليخرج إلى البادية على حرة أي حجارة سوداء كسر السيف حقيقة ليسد على نفسه باب القتال، وقيل بل هو كناية عن ترك القتال. بَابٌ [فِي] النَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ فِي الْفِتْنَةِ 4256 - "النجاء" بالمد يعني الخلاص أو السرعة أي فليخرج من بين أهل الفتنة، قيل: النجاء إذا أفرد مد، وإذا كرر قصر والله تعالى أعلم. 4257 - "كن كابن آدم" يريد أن الصبر فيها أحسن من الحركة؛ لكون الحركة

بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْجَعِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي وَبَسَطَ يَدَهُ لِيَقْتُلَنِي؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ كَابْنَيْ آدَمَ»، وَتَلَا يَزِيدُ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ} [المائدة: 28] الْآيَةَ. 4258 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ وَابِصَةَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ وَابِصَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فَذَكَرَ بَعْضَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: «قَتْلَاهَا كُلُّهُمْ فِي النَّارِ»، قَالَ فِيهِ: قُلْتُ: مَتَى ذَلِكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ؟ قَالَ: «تِلْكَ أَيَّامُ الْهَرْجِ حَيْثُ لَا يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ الزَّمَانُ؟ قَالَ: تَكُفُّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ، وَتَكُونُ حِلْسًا مِنْ أَحْلَاسِ بَيْتِكَ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ طَارَ قَلْبِي مَطَارَهُ، فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ دِمَشْقَ، فَلَقِيتُ خُرَيْمَ بْنَ فَاتِكٍ فَحَدَّثْتُهُ، فَحَلَفَ === تزيد في الفتنة، والمسألة مختلف فيها وأخذ كثير بظاهر الحديث، وقد دخل بعض أهل الشام أيام الحرة في غار على أبي سعيد الخدري ومعه سيف، ققال له: اخرج فألقى أبو سعيد سيفه إليه وخرج، فقال له: أنت أبو سعيد قال: نعم فكف منه، ذكره القاضي أبو بكر في شرح الترمذي. 4258 - "وتكون حلسًا" بكسر الحاء المهملة، وجوزوا فتحها كساء يفرش أي كن مثله في لزوم البيت وعدم الخروج عنه، "لقطع" جمع قطعة أي كأن كل

بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَسَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَدَّثَنِيهِ ابْنُ مَسْعُودٍ. 4259 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، فَكَسِّرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بِالْحِجَارَةِ، فَإِنْ دُخِلَ - يَعْنِي - عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ». 4260 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِيَدِ ابْنِ عُمَرَ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، إِذْ أَتَى عَلَى رَأْسٍ مَنْصُوبٍ، فَقَالَ: شَقِيَ قَاتِلُ هَذَا، فَلَمَّا مَضَى، قَالَ: وَمَا أُرَى هَذَا إِلَّا قَدْ شَقِيَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ مَشَى إِلَى رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي === واحدة من تلك الفتن قطعة من الليل المظلم في الظلمة والالتباس، "قسيكم" بكسر القاف وتشديد الياء جمع قوس. 4259 - "فإن دخل" على بناء المفعول، فليقل هكذا فليمد إليه عنقه، كذا جاء مفسرًا في بعض النسخ يريد فليمكنه من القتل ولا يقوم عليه بالقتال لإفضائه إلى زيادة الفتنة.

لِيَقْتُلَهُ، فَلْيَقُلْ: هَكَذَا، فَالْقَاتِلُ فِي النَّارِ، وَالْمَقْتُولُ فِي الْجَنَّةِ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمَيْرٍ أَوْ سُمَيْرَةَ، وَرَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُمَيْرَةَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ لِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَقَالَ: هُوَ فِي كِتَابِي ابْنُ سَبَرَةَ، وَقَالُوا: سَمُرَةَ، وَقَالُوا: سُمَيْرَةَ، هَذَا كَلَامُ أَبِي الْوَلِيدِ. 4261 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنِ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ»، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ فِيهِ «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ؟ » يَعْنِي الْقَبْرَ، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، - أَوْ قَالَ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ -، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ» - أَوْ قَالَ: «تَصْبِرُ» - ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَحْجَارَ الزَّيْتِ قَدْ غَرِقَتْ بِالدَّمِ؟ » قُلْتُ: مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ، === 4261 - "إذا أصاب الناس موت" أي بالمدينة كما في بعض الرواية يكون البيت فيه، "بالوصيف" أي بالعبد، قيل: المراد بالبيت القبر أي يباح موضع القبر بعيد لضيق مواضع القبور عن الأموات، أو يبلغ أجرة الحفار قيمة العبد لكثرة الموتى وقلة الحفارين واشتغالهم بالمصيبة، وقيل: المراد بالبيت المتعارف، والمعنى أن البيوت تصير رخصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها، فيباع البيت بعبد مع أن البيت مادته يكون أكثر قيمة "أحجار الزيت" موضع بالمدينة من الحرة سمي بها لسواد أحجاره كأنها طليت بالزيت، "غرقت" من غرق في الماء كسمع، أي الدم يعلو أحجار الزيت ويسترها لكثرة القتلى، وهذا إشارة إلى وقعة الحرة التي كانت زمن يزيد. "بمن أنت منه" أي بأهلك وعشيرتك الذين خرجت من عندهم أي ارجع

قَالَ: «عَلَيْكَ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا آخُذُ سَيْفِي وَأَضَعُهُ عَلَى عَاتِقِي؟ قَالَ: «شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذَنْ» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «تَلْزَمُ بَيْتَكَ»، قُلْتُ: فَإِنْ دُخِلَ عَلَيَّ بَيْتِي؟ قَالَ: «فَإِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ، فَأَلْقِ ثَوْبَكَ عَلَى وَجْهِكَ يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يَذْكُرِ الْمُشَعَّثَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ». 4262 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي»، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ». === إليهم، "عليّ" بتشديد الياء ويحتمل التخفيف على بعد، "فإن خشيت" أي فمكنه من نفسك، فإن قدرت على ذلك فهو المطلوب وإن بان عليك ضوء السيف وبريقه فغط وجهك حتى يقتلك، قيل: المراد الإخبار بهذه الوقايع على احتمال أن أبا ذر لعله يدركها، وإلا فأبو ذر مات قبل وقعة الحرة؛ فإنه مات في خلافة عثمان، وأما وقوع الجوع والموت بالمدينة فيحتمل أنه أدركها أبو ذر لأنه وقع قحط وموت بها كما في عام الرمادة وغيره والله تعالى أعلم.

باب في كف اللسان

4263 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: ايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ، وَلَمَنْ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا». بَابٌ فِي كَفِّ اللِّسَانِ 4264 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ، بَكْمَاءُ، عَمْيَاءُ، مَنْ === 4263 - "لمن جنب الفتن" على الفاعل أو المفعول مخفف، وعلى الثاني يحتمل التشديد، يقال: جنبه إذا بعد عنه وجنبه إياه بالتخفيف والتشديد أي بعده عنه، وبناء المفعول أقرب وأنسب بالمقابلة, "قواها" هي كلمة معناها التلهف وقد توضع أيضًا موضع الإعجاب بالشيء. بَابٌ فِي كَفِّ اللِّسَانِ 4264 - "من أشرف لها" أي من تطلع إليها وتعرض لها، ذانته فوقع فيها "وإشراف اللسان" أي إطالة اللسان والتكلم فيها يزيد في وقودها كالسيف أو التكلم في أهلها غيبة وحرام كالمحاربة لأنهم مسلمون مجتهدون، وإن كان بعضهم على الخطأ، وعلى هذا يكون إشارة إلى ما جرى بين علي ومعاوية

باب ما يرخص فيه من البداوة في الفتنة

أَشْرَفَ لَهَا اسْتَشْرَفَتْ لَهُ، وَإِشْرَافُ اللِّسَانِ فِيهَا كَوُقُوعِ السَّيْفِ». 4265 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ زِيَادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلَاهَا فِي النَّارِ، اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ الْأَعْجَمِ. 4266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، قَالَ زِيَادٌ سِيمِينُ كُوشَ. بَابُ مَا يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ فِي الْفِتْنَةِ 4267 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ === رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين. 4265 - "تستنظف العرب" هو بالظاء المعجمة أي تستوعبهم هلاكًا، قتلاها في النار، مبتدأ وخبر، وإنما كانوا في النار لأنهم ما قصدوا بالقتال إعلاء كلمة الله أو دفع ظلم أو إيمانة أهل حق، وإنما قصدوا التباهي والتفاخر وطمعًا في المال والملك، "أشد" أي أكثر إيقادًا لها والله تعالى أعلم. 4266 - "سيمين كوش" بكسر سين وميم ويائين ساكنتين كلمة فارسية معناها أذنه من فضة، والمراد أي أبيض الأذن. بَابُ مَا يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ فِي الْفِتْنَةِ 4267 - "يتبع بها" قيل بتشديد التاء من الاتباع، وقلت ويحتمل التخفيف

باب في النهي عن القتال في الفتنة

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ، يَتَّبِعُ بِهَا شَغَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ». بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ 4268 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ - يَعْنِي - فِي الْقِتَالِ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ». 4269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ الْحَسَنِ، بِإِسْنَادِهِ، وَمَعْنَاهُ مُخْتَصَرًا. === على أنه من تبع، "وشعف الجبال" بشين معجمة وعين مهملة مفتوحتين أي أعايها جمع شفعة بفتحتين، أي يسكن في الجبال والأودية فرارًا من صحبة الناس. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ 4268 - "خرجت وأنا أريد" أي خرجت إلى علي لأنصره في قتاله مع معاوية، وكان نصره حقًّا، لكن أبو بكرة وغيره من بعض الصحابة أخذوا بظاهر الأحاديث أنه أراد قتل صاحبه أي إرادة مقرونة بالتوجه بالسيف، فلا وجه لمن يستدل به على أن النية والعزيمة على المعصية مما يؤاخذ ويعاقب عليها صاحبها فتأمل.

باب في تعظيم قتل المؤمن

بَابٌ فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ 4270 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دِهْقَانَ، قَالَ: كُنَّا فِي غَزْوَةِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بِذُلُقْيَةَ، فَأَقْبَلَ رَجُلُ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ وَخِيَارِهِمْ، يَعْرِفُونَ ذَلِكَ لَهُ، يُقَالُ لَهُ: هَانِئُ بْنُ كُلْثُومِ بْنِ شَرِيكٍ الْكِنَانِيُّ، فَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، وَكَانَ يَعْرِفُ لَهُ حَقَّهُ، قَالَ لَنَا خَالِدٌ: فَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ تَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا»، فَقَالَ هَانِئُ بْنُ كُلْثُومٍ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ، يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا» قَالَ لَنَا خَالِدٌ: ثُمَّ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ مُعْنِقًا صَالِحًا، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ». وَحَدَّثَ هَانِئُ بْنُ كُلْثُومٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ === بَابٌ فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ 4270 - "إِلا من مات مشركًا" استثناء من كل ذنب على حذف المضاف، أي لا ذنب من مات، و (من) منصوبة محلًّا على الاستثناء، وقوله: "أو مؤمن" بالرفع ليس عطفًا عليها بل هو خبر محذوف، أي أو هو مؤمن, والجملة عطف على صلتها والحديث عند الجمهور مبني على التغليظ أو على أن المراد بقتل

عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءً. 4271 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُبِارَكٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَوْ غَيْرُهُ، قَالَ: قَالَ خَالِدُ بْنُ دِهْقَانَ، سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الْغَسَّانِيَّ، عَنْ قَوْلِهِ: «اعْتَبَطَ بِقَتْلِهِ» قَالَ: «الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي الْفِتْنَةِ، فَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ، فَيَرَى أَنَّهُ عَلَى هُدًى، لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ يَعْنِي مِنْ ذَلِكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " فَاعْتَبَطَ: === استحل القتل ونحوه وألا يشكل بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (¬1) الآية. 4271 - "فاعتبط" بعين مهملة أي قتله ظلمًا لا عن علة مبيحة له، يقال اعتبط الناقة إذا نحرها من غير داء وآفة يكون بها، وما سيجيء من التفسير في الكتاب مبني على أنه بغين معجمة من الغبطة وهي الفرح والسرور وحسن الحال، فإن القاتل يفرح بقتل خصمه، فإذا كان المقتول مؤمنًا: فرح بقتله دخل في هذا الوعيد، "معنقًا" بنون وقاف اسم فاعل من أعنق أي خفيف الظهر سريع السير من العنق وهو ضرب من السير، وقيل: أي مسرعًا في الطاعة منبسطًا في العمل، "بلّح" بموحدة ولام مشددة وحاء مهملة أي أعيا وانقطع، قيل يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام؛ وقد تخفف اللام بعد التي في الفرقان أي فهي غير منسوخة بها، بل ناسخة لها أو يوقف بينهما بحمل هذه على القاتل المؤمن وتلك على الذي قتل وهو كافر، ثم آمن كما هو المروي عن ابن عباس وكان يزعم أنه لا توبة للقاتل (¬2)، لكن القتل ليس بأعظم من الشرك والتوبة ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآيتين (48، 116). (¬2) ذكر ذلك عن ابن عباس ابن كثير في تفسيره (2/ 358) في تفسير الآية (93) من سورة النساء.

يَصُبُّ دَمَهُ صَبًّا. 4272 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فِي هَذَا الْمَكَانِ يَقُولُ: " أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] بَعْدَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. 4273 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَوْ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: " لَمَّا نَزَلَتِ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] قَالَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ: قَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ، وَدَعَوْنَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70]، فَهَذِهِ لِأُولَئِكَ "، قَالَ: " وَأَمَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] الْآيَةَ "، قَالَ: «الرَّجُلُ إِذَا عَرَفَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ لَا تَوْبَةَ لَهُ»، فَذَكَرْتُ هَذَا لِمُجَاهِدٍ، فَقَالَ: «إِلَّا مَنْ نَدِمَ». 4274 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي {وَالَّذِينَ لَا === مشروعة للشرك فكيف القتل والله تعالى أعلم.

باب ما يرجى في القتل

يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] أَهْلِ الشِّرْكِ، قَالَ: وَنَزَلَ {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]. 4275 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93]، قَالَ: «مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ». 4276 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، فِي قَوْلِهِ: " {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]، قَالَ: «هِيَ جَزَاؤُهُ، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ فَعَلَ». بَابُ مَا يُرْجَى فِي الْقَتْلِ 4277 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ فِتْنَةً، فَعَظَّمَ أَمْرَهَا، فَقُلْنَا: - أَوْ قَالُوا: - يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَئِنْ أَدْرَكَتْنَا هَذِهِ لَتُهْلِكَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا، إِنَّ بِحَسْبِكُمُ الْقَتْلَ»، قَالَ سَعِيدٌ: «فَرَأَيْتُ إِخْوَانِي قُتِلُوا». === 4276 - "هي جزاؤه" أي هو يستحق هذا الجزاء إلا أنه تعالى كريم يتجاوز بكرمه عما يستحقه العبد، وهذا من جملة تأويلات الجمهور للآية. بَابُ مَا يُرْجَى فِي الْقَتْلِ 4277 - "فعظّم" من التعظيم، "إِن بحسبكم" بسكون السين أي كافيكم والباء زائدة وهو اسم إن والقتل بالرفع خبره، ونقل السيوطي أن زيادة الباء في المبتدأ لا تحفظ إلا في نحو: بحسبك زيد. قلت: والحصر منقوض بنحو كيف بك، ققد قالوا الباء زائدة، والمعنى كيف أنت، والطبع السليم شهد لما قالوا والله تعالى أعلم.

4278 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ». "آخر كتاب الفتن" === 4278 - "أمتي هذه" إلخ، قيل هذا الحديث مشكل لأن مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته صلوات الله وسلامه عليه سواء فيه من ارتكب الكبائر وغيره، وقد ورد الأحاديث بتعذيب مرتكبي الكبائر، إلا أنه يراد بالأمة من اقتدى به - صلى الله عليه وسلم - كما ينبغي، أجيب بأن الحديث مسوق في بيان تخصيص هذه الأمة المحمدية صلوات الله وسلامه عليه بفضائل ومناقب ليست للأمم السابقة منها اختصاصهم بالرحمة المنجية من عذاب الآخرة، وتكفير المصائب والبلايا الواقعة عليهم ذنوبهم ومثله قوله تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (¬1)، وقد ورد في شأن أمة نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام يغفر لكم من ذنوبكم بمن التبعيضية، نعم قد علم أن المغفرة مقيدة بمشيئة الله، لكن المطلوب بيان أن الغالب في حق هؤلاء هو المغفرة عمومًا بسبب ما وقع عليهم من المصائب بخلاف غيرهم من الأمم والله تعالى أعلم. * * * ¬

_ (¬1) سورة الزمر: آية (53).

31 - كتاب المهدي

كِتَاب الْمَهْدِيِّ 4279 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ === كِتَاب الْمَهْدِيِّ 4279 - "لا يزال هذا الدين" أي الإسلام كما في رواية اثنا عشر خليفة، وفي طرق هذا الحديث، وأبو بكر لا يلبث إلا قليلًا واستشكل هذا الحديث بأن ظاهره أن اثنا عشر خليفة يكونون بعده - صلى الله عليه وسلم - على الولاء يستقيم بهم الدين ويعز الإسلام، وتجري الأحكام، مع أن الوجود لا يشهد له، فإن فيهم من أمراء الجور والفساد من بني مروان من لا تمدح طريقهم ولا تحسن سيرتهم، وأيضًا قد صح "الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يصير ملكًا عضوضًا" (¬1)، ولهذا لا يسمى من بعده خليفة إلا مجازًا، فقيل: المراد اثنا عشر نفسًا، قاموا من بعده - صلى الله عليه وسلم - بالسلطنة والإمارة وانتظم أمر السلطنة والإمارة بهم واستقام من غير نزاع وخلاف واختلاف في أمور المسلمين، وإن كان بعضهم جائرين خارجين عن دائرة العدالة، وقد وقع الاختلال في زمن وليد بن يزيد بن عبد الملك الذي هو الثاني عشر اجتمعوا عليه لما مات عمه هشام، فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ. قال ابن حجر وهذا أحسن ما قيل في تأويل هذا الحديث ويرجحه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلهم يجتمع عليه الناس" (¬2). ¬

_ (¬1) الترمذي في الفتن (2226)، وأحمد في مسنده (5/ 220، 221). (¬2) أحمد في مسنده (5/ 86، 87، 89، 90).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِمًا حَتَّى يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلُّهُمْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ»، فَسَمِعْتُ كَلَامًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ === والمراد انقياد الناس لهم، ولم يرد الحديث بمدحهم والثناء عليهم بالدين، وعلى هذا فإطلاق اسم الخلافة في هذا الحديث بالمعنى المجازي، وأما حديث الخلافة بعدي ثلاثون، فالمراد خلافة النبوة التي هي الخلافة حقيقة، ورد بأن هذا لا يناسب قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يزال الدين عزيرًا أو قائمًا" أو نحو ذلك، فإنه صريح في مدحهم بأن صلاح الدين وقوة الإسلام في زمانهم وإن كان يناسب رواية "لا يزال أمر الناس ماضيًا". قلت: وأقبح منه خروج عثمان وعلي عن هؤلاء على ما ذكروا وقرروا، إذ وجود النزاع والخلاف في وقتهما أشهر وأعرف من أن يذكر فتأمل، والأحسن منه أن يقال الحديث إشارة إلى مضمون "خير القرون قرني" (¬1) الحديث، فإن غالب أخيار هذه القرون كانوا إلى زمن اثنا عشر أميرًا والله تعالى أعلم. وقيل: المراد بهؤلاء العادلون من الأمر المستحقون لاسم الخلافة على الحقيقة ولا يلزم أن يكونوا على الولاء، بل المراد بيان عددهم إلى قيام الساعة، وقيل: المراد المهدي ومن بعده من الأمراء بعد المهدي يملك من أهل البيت من يبلغ عددهم، هذا العدد ورد بأنه شيء لا يثبت له، وبالجملة، فاستدلال من استدل بالحديث على إمامة علي ومن بعده من أولاده رضي الله عنهم إلى هذا العدد تحكم بحث لا دلالة للحديث عليه، فإنه لا تعيين في الحديث لهؤلاء، وإنما هو ¬

_ (¬1) الحديث بتمامه في البخاري في فضائل الصحابة (3650, 3651, والرقاق (6428, 6429).

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَفْهَمْهُ، قُلْتُ لِأَبِي: مَا يَقُولُ؟ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ». 4280 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، قَالَ: فَكَبَّرَ النَّاسُ وَضَجُّوا، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً خَفِيفَةً، قُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ، مَا قَالَ؟ قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ». 4281 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ زَادَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَتَتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا: ثُمَّ يَكُونُ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ». 4282 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدٍ، حَدَّثَهُمْ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ فِطْرٍ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ === المتولي لتعينهم من نفسه، وهو تحكم منه والله سبحانه وتعالى أعلم. ثم ذكر المصنف هذا الحديث في كتاب المهدي إنما هو بالنظر إلى بعض الاحتمالات التي مرت الإشارة إليه. 4282 - "قسطًا وعدلًا" العطف هاهنا وفي قوله ظلمًا وجورًا من باب التأكيد والتقرير.

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ» - قَالَ زَائِدَةُ فِي حَدِيثِهِ: «لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ»، ثُمَّ اتَّفَقُوا - «حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي» - أَوْ «مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» - يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي " زَادَ فِي حَدِيثِ فِطْرٍ: «يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا، وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا» وَقَالَ: فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ: «لَا تَذْهَبُ، أَوْ لَا تَنْقَضِي، الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَفْظُ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَى سُفْيَانَ». 4283 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمٌ، لَبَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا». 4284 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === "يملك العرب" قيل: خص العرب بالذكر لكونهم الأصل والأشرف والله تعالى أعلم. 4284 - "من عترتي" العترة بالكسر نسل الرجل وأقرباؤه. فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ولد فاطمة" تخصيص لعموم العترة وتقييد لإطلاقها لكشف المراد ودفع الاشتباه عن العباد، نقل الحافظ السيوطي عن الحافظ عماد الدين أنه قال في تاريخه: الأحاديث دالة على أن المهدي يكون بعد دولة بني

وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي، مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: وَسَمِعْتُ أَبَا الْمَلِيحِ، «يُثْنِي عَلَى عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ، وَيَذْكُرُ مِنْهُ صَلَاحًا». 4285 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ تَمَّامِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ». === العباس، وأنه يكون من أهل البيت (¬1) من ذرية فاطمة رضي الله عنها من ولد الحسن لا الحسين، ويكون ظهوره من بلاد المشرق ويبايع له عند البيت، وقال: وروى الدارقطني من طريق عمرو بن شمر عن جابر عن محمد عن علي قال: "إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق الله السموات والأرض؛ تنكسف القمر لأول ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، وله تكونا منذ خلق الله تعالى السموات والأرض" (¬2). "أجلى" بالجيم من الجلاء، أي أنور وأوضح وأوسع. 4285 - "وأقنى" أي أرفع وأعلى، قال الخطابي: الجلاء هو انحسار الشعر من مقدم الرأس (¬3)، وفي النهاية الإجلاء الخفيف الشعر عن جبهته (¬4). "والقنا" في الأنف طوله ورقة أرنبته مع حدب في وسطه. ¬

_ (¬1) النهاية في الفتن والملاحم (1/ 54) ط. دار الصابوني. (¬2) سنن الدارقطني (2/ 65). (¬3) معالم السنن (4/ 344). كذلك القاموس للمحيط للفيروزآبادي مادة "جلي" ص 1640 ط. الرسالة. (¬4) النهاية (1/ 290)، (4/ 116).

4286 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَيُخْسَفُ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ، وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَخْوَالُهُ كَلْبٌ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثًا، فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ، وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ، فَيَقْسِمُ الْمَالَ، === 4286 - "فيخرج رجل" قالوا: هو المهدي, فلذلك ذكر المصنف هذا الحديث في هذا الباب، "ويبعث إليه" على بناء المفعول أي يبعث ملك زمانه بعثًا من الشام لقتاله، "فيخسف" على بناء المفعول أيضًا، "بالبيداء" اسم موضع بين الحرمين، إبدال الشام أي أولياؤه سموا بذلك؛ لأنهم إذا مات منهم واحد أبدل بآخر، قال السيوطي: ما جاء في الكتب الستة ذكر الابدال إلا في هذا الحديث عند المصنف، وعصائب أهل العراق أي عساكرهم الذين اجتمعوا للقتال، وقيل: المراد بهم الزهاد وغيرهم، "ينشأ" أي يقوم لقتال المهدي "فيبعث إِليهم" أي إلى من يتبع المهدي، "فيظهرون" أي يظهر من يتبع المهدي على بعث القرشي، "فيقسم" أي المهدي "ويلقي" من الإلقاء، "يجرانه" يكسر جيم ثم راء بعد ألف ثم نون مقدم العنق، يقال ألقى البعير جرانه على الأرض إذا برك، واستقر، فالمراد أن الإسلام يستقر في الأرض، وتجري أحكامه على الاستقامة

وَيَعْمَلُ فِي النَّاسِ بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُلْقِي الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ فِي الْأَرْضِ، فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ هِشَامٍ: «تِسْعَ سِنِينَ»، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «سَبْعَ سِنِينَ». 4287 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: «تِسْعَ سِنِينَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَالَ غَيْرُ مُعَاذٍ، عَنْ هِشَامٍ: «تِسْعَ سِنِينَ». 4288 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ مُعَاذٍ أَتَمُّ. 4289 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ الْقِبْطِيَّةِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقِصَّةِ جَيْشِ الْخَسْفِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا؟ قَالَ: «يُخْسَفُ بِهِمْ، وَلَكِنْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ». 4290 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حُدِّثْتُ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا === والعدل ولا تكون فتنة ولا حرب بمن كان كارهًا، أي للخروج إلا أنه أخرج جبرًا. 4290 - "ابنه الحسن" ضبطه في بعض النسخ بالتصغير وأظهر التكبير؛ فإن

عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بِاسْمِ نَبِيِّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ، وَلَا يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ - ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةً - يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا»، وَقَالَ هَارُونُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ حَرَّاثٍ، عَلَى مُقَدِّمَتِهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ، يُوَطِّئُ - أَوْ يُمَكِّنُ - لِآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا مَكَّنَتْ قُرَيْشٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ نَصْرُهُ " أَوْ قَالَ: «إِجَابَتُهُ». "آخر كتاب المهدي" * * * === المشهور بتسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - باسم السيد في الخلق، ضبط الأول بضمتين والثاني بفتح فسكون أي يشبه في الأخلاق الباطنة دون الصورة الظاهرة، ويحتمل العكس. "حَراث" كعلام أي أمير وعامل، يقال له منصور أي اسمه ذلك، أو يقال له ذلك صفة، "يوطئ" بتشديد الطاء من التوطية ويمكن من التمكين، والشك من الراوي، أي يجعل لهم في الأرض مكانًا وبسطة في الأموال ونصرة على الأعداء كما مكنت قريش، قيل في آخر أمرهم، فإنهم وإن أخرجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أولًا لكن أولادهم وبقاياهم أسلموا أو مكنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته وبعد موته إلى اليوم. قلت: ويحتمل أن يقال المراد أنه مكن من قريش من مكّن منهم أوّلًا كأمثال أبي بكر - رضي الله عنهم - والله تعالى أعلم. * * *

32 - كتاب الملاحم

كِتَاب الْمَلَاحِمِ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ الْمِائَةِ 4291 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمُعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِيمَا أَعْلَمُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، لَمْ يَجُزْ بِهِ شَرَاحِيلَ». === كِتَاب الْمَلَاحِمِ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ الْمِائَةِ جمع ملحمة وهو موضع القتال، ويطلق على القتال والفتنة أيضًا؛ إما من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها، أو من لحمة الثوب لاشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب بسداه، والمراد هاهنا بيان الفتن والوقايع العظام وأمثالها والله تعالى أعلم. 4291 - "إن الله يبعث" إلخ, لما كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - ختم الله به دائرة النبوة, فلا نبي بعده، ولا شك أن لبعد الأزمنة وانقضاء القرون تأثيرًا عاديًا في وهن أمر الشريعة والدين، أقام الله من هذه الأمة على رأس مائة سنة عالمًا واحدًا أو أكثر من علماء هذه الأمة مقام أنبياء الأمم السالفة في تجديد الدين وتأسيس قواعده ودفع البدع والوهن عنه، ولذلك جاء العلماء ورثة الأنبياء، واشتهر علماء هذه الأمة كأنبياء بني إسرائيل، ولما كان التجديد مشعرًا بالوهن، ذكر المصنف هذا الحديث في هذا الباب والله تعالى أعلم بالصواب.

باب ما يذكر من ملاحم الروم

بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ 4292 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: مَالَ مَكْحُولٌ وَابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ وَمِلْتُ مَعَهُمْ، فَحَدَّثَنَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ الهُدْنَةِ، قَالَ: قَالَ جُبَيْرٌ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ذِي مِخْبَرٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَتَيْنَاهُ فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنِ الهُدْنَةِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا، فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ، فَتُنْصَرُونَ، وَتَغْنَمُونَ، وَتَسْلَمُونَ، ثُمَّ تَرْجِعُونَ حَتَّى تَنْزِلُوا بِمَرْجٍ ذِي تُلُولٍ، فَيَرْفَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ الصَّلِيبَ، فَيَقُولُ: غَلَبَ الصَّلِيبُ، فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنَ === بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ 4292 - "عن الهدنة" بضم هاء وسكون دال مهملة الصلح صلحًا أمنًا أي ذا أمن، فالصيغة للنسبة، أو جعل آمنًا على النسبة المجازية فتغزون أنتم، "وهم عدوًا عن ورائكم" بنصب عدوًا على أنه مفعول تغزون، "ومن ورائكم" صفة، وخطاب من ورائكم يحتمل إنه على التغليب، والمعنى إنكم تغزون أعداء من ورائكم غير الروم، وهم أيضًا يغزون عدوًا من ورائهم غير المسلمين، ويحتمل أنه خطاب المسلمين فقط، والمعنى أنهم بسبب المصالحة يعينونكم على أعدائكم الذين هم وراؤكم. "وتسلمون" من السلامة، "بمرج" بسكون الراء في آخره جيم الموضع الذي ترعى فية الدواب، "تلون" بضمتين وخفة لام جمع كل بفتح كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل, غلب الصليب دين النصارى قصدًا لإبطال الصلح أو

باب في أمارات الملاحم

الْمُسْلِمِينَ، فَيَدُقُّهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَغْدِرُ الرُّومُ، وَتَجْمَعُ لِلْمَلْحَمَةِ. 4293 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَزَادَ فِيهِ: «وَيَثُورُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ، فَيَقْتَتِلُونَ، فَيُكْرِمُ اللَّهُ تِلْكَ الْعِصَابَةَ بِالشَّهَادَةِ»، إِلَّا أَنَّ الْوَلِيدَ جَعَلَ الْحَدِيثَ عَنْ جُبَيْرٍ، عَنْ ذِي مِخْبَرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ رَوْحٌ، وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، وَبِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، كَمَا قَالَ عِيسَى. بَابٌ فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ 4294 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، === لمجرد الافتخار، وإيقاع المسلمين في الغيظ والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ 4294 - "عُمران بيت المقدس"، بضم العين أي عمارة بيت المقدس باستيلاء الكفار عليه وكثرة عمارتهم فيها أمارة لخراب يثرب لا بمعنى أنه يتصل به، بل بمعنى أنه يقع عقبه، "ولو" بمهملة ما وكذا الكلام فيما بعده، وهذا أصح إشارة "أنى" جواب ما يقال بين الحديثين تناف، فأشار إلى أن الثاني أرجح إسنادًا فلا يعارضه الأول، وقيل: يمكن أن يكون بين أوّل الملحمة وآخرها ست سنين،

باب في تواتر الملاحم

وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ»، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ، - أَوْ مَنْكِبِهِ - ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا»، أَوْ «كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ»، يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ. بَابٌ فِي تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ 4295 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ سُفْيَانَ الْغَسَّانِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُطَيْبٍ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ». 4296 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدٍ [ص: 111]، عَنِ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ سِتُّ سِنِينَ، وَيَخْرُجُ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ عِيسَى». بَابٌ فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ 4297 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، === ويكون بين آخرها وفتح المدينة وفي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الرجال في سبعة أشهر. اهـ. بَابٌ فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ 4297 - "أن تداعى" على بناء المفعول أو الفاعل أي تدعو بعضها بعضًا،

باب في المعقل من الملاحم

حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ». بَابٌ فِي الْمَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ 4298 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ، إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ. === "عليكم" أي لحربكم وقتالكم، "الأكلة" بفتحتين جمع آكل، الجماعة التي تأكل، "من قلة" أي أنحن يومئذ نصير بهذه الحالة لأجل قلة، "عثاء" بضم الغين المعجمة ومثلثة مخففة وقد تشدد ومد هو ما يجيء فوق السيل مما يحتمله من الزبد والوسخ وغيره. بَابٌ فِي الْمَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ 4298 - "إِن فسطاط المسلمين" بضم الفاء الخيمة والمدينة، والمراد هاهنا الأول، "بالغوطة" بالضم بلد قريب من دمشق، يعني ينزل جيش المسلمين ويجتمعون هنالك.

باب ارتفاع الفتنة في الملاحم

4299 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ حُدِّثْتُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وسَلَّم: يُوشِكُ الْمُسْلِمُون أَنْ يُحَاصَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبْعَدَ مَسَالِحِهِمْ سَلاَحُ. 4300 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ وَسَلاَحُ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ. بَابُ ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ 4301 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، قَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ: عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ سَيْفَيْنِ، سَيْفًا مِنْهَا، وَسَيْفًا مِنْ عَدُوِّهَا». === 4299 - "أن يحاصروا" على بناء المفعول أي تلجئهم المحاصرة إلى المدينة النبوية صلوات الله وسلامه على صاحبها، "مسالحهم" ثغورهم سلاح بالفتح. بَابُ ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ 4301 - "لن يجمع الله" إلخ، أي لا يهلكهم العدو، بل العاقبة لهم على العدو وهم الكفرة، لكن هم الذين يهلك بعضهم بعضًا.

باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة

بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ 4302 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي سُكَيْنَةَ، رَجُلٌ مِنَ الْمُحَرَّرِينَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا === بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ 4302 - "دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا" إلخ، أي اتركوا الحبشة والترك ما داموا تاركين لكم، وذلك لأن بلاد الحبشة وعرة وبين المسلمين وبينهم مفاوز وقفار وبحار فلم يكلف المسلمين بدخول ديارهم لكثرة التعب, وأما الترك فبأسهم شديد وبلادهم باردة، والعرب وهم جند الإسلام كانوا من البلاد الحارة فلم يكلفهم دخول بلادهم، وأما إذا دخلوا بلاد الإسلام والعياذ بالله فلا يباح ترك القتال كما يدل عليه ما ودعوكم، وأما الجمع بين الحديث وبين قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} (¬1) فبالتخصيص، أما عند من يجوز تخصيص الكتاب بخبر الآحاد فواضح، وأما عند غيره، فلأن الكتاب مخصوص لخروج الزمي، وقيل: يحتمل أن تكون الآية ناسخة للحديث لضعف الإسلام ثم قوته. قلت: وعليه العمل والله تعالى أعلم، قيل: في الحديث حجة على من قال أنهم أماتوا ماضي يدع, إلا أن يكون مرادهم ورود ذلك, وقيل: يحتمل أن يكون من تصرف الرواة المولدين بالمعنى، ويحتمل أن يكون في الأصل, "وادعوا" بالألف بمعنى سالموا وصالحوا, ثم سقط الألف من بعض الرواة. أو الكتاب أن مجيئه لقصد المشاكلة كما روعي الخباس في قوله: "واتركوا الترك ما ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية (36).

باب في قتال الترك

وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ». بَابٌ فِي قِتَالِ التُّرْكِ 4303 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي الْإِسْكَنْدَرَانِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ، قَوْمًا وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ، يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ». 4304 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَابْنُ السَّرْحِ، وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ === تركوكم" والحق أنه جاء على قلة، فقد قرئ في الشواذ، "ما ودعك" بالتخفيف وجاء في بعض الأشعار أيضًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي قِتَالِ التُّرْكِ 4303 - "قومًا" بالنصب بدل من الترك وفي بعض النسخ بالرفع بتقديرهم، "قوم كالمجان" بفتح الميم وتشديد النون جمع مجن بكسر ميم وفتح جيم وتشديد نون وهو الترس، والمطرقة بالتخفيف اسم مفعول من الإطراق، وروي بفتح الطاء وتشديد الراء، والترس المطرق الذي جعل علي ظهره طراق، والطراق بكسر الطاء جلد يقطع على مقدار الترس فيلصق على ظهره، شبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها وبالمطرق لغلظها وكثرة لحمها، يلبسون الشعر، الظاهر أنهم يتخذون منه ثيابًا، ويحتمل أن المراد أن شعورهم كثيفة طويلة فهي إذا سدلوها كانت كاللباس وكذا ما جاء نعالهم الشعر يحتمل أن يراد به ظاهره وأن يراد أن ذوائبهم لطولها ولوصولها إلى أرجلهم كالنعال لهم. 4304 - "ذُلف الأنوف" بضم ذال معجمة وسكون لام آخره فأجمع أذلف،

الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رِوَايَةً، قَالَ ابْنُ السَّرْحِ: - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ الْأَعْيُنِ، ذُلْفَ الْآنُفِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ». 4305 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ: «يُقَاتِلُكُمْ قَوْمٌ صِغَارُ الْأَعْيُنِ» يَعْنِي التُّرْكَ، قَالَ: «تَسُوقُونَهُمْ ثَلَاثَ مِرَارٍ حَتَّى تُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَأَمَّا فِي السِّيَاقَةِ الْأُولَى، فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْجُو بَعْضٌ، وَيَهْلَكُ بَعْضٌ، === يقال رجل أذلف أي قصير الأنف، وقيل: أي غليظه. 4305 - "تسوقونهم" أي أنهم يقومون لأجل قتالكم فصار كأنكم سائقون لهم حتى تلحقوهم من الإلحاق أي حتى يدخلوا بلاد العرب لذلك، أو المعنى تسوقونهم بالهزيمة حتى تلحقوهم إلى بلاد العرب، فالمراد بجزيرة العرب آخرها، "في السياقة" مصدر ساق، "فيصطلمون" على بناء المفعول افتعال من الصلم وهو القطع أي يستأصلون، قال القرطبي في التذكرة: كملت خرجاتهم فخرجوا على العراق الأول والثاني، وخرجوا في هذا الوقت على العراق الثالث بغداد وما اتصل بها، فقتلوا جميع مَنْ فيها من الملوك والعلماء والعباد وعبروا الفرات إلى حلب والشام، فخرج إليهم من مصر الملك المظفر فقتل منهم عددًا

باب في ذكر البصرة

وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ، فَيُصْطَلَمُونَ» أَوْ كَمَا قَالَ. بَابٌ فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ 4306 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي بِغَائِطٍ يُسَمُّونَهُ الْبَصْرَةَ، عِنْدَ نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: دِجْلَةُ، يَكُونُ عَلَيْهِ جِسْرٌ، يَكْثُرُ أَهْلُهَا، وَتَكُونُ مِنْ أَمْصَارِ الْمُهَاجِرِينَ - قَالَ ابْنُ يَحْيَى: قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: وَتَكُونُ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ - فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ جَاءَ بَنُو قَنْطُورَاءَ === كثيرًا ورجعوا منهزمين (¬1). بَابٌ فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ 4306 - "بغائط" هو البطن المطمئن من الأرض يسمونه البصرة بفتح وكسر ويحرك ويكسر الصاد، قيل: المراد به بغداد، وفيه باب يسمى باب البصرة فسماه - صلى الله عليه وسلم - باسم البصرة، أو لأن بغداد في زمانه ما كان مصرًا وإنما كان قرى متفرقة منسوبة إلى بصرة, ولذلك قال: يكون أي فيما بعد من أمصار المسلمين، ويؤيده أن دجلة بفتح دال وكسرها جريها في بغداد، وقعت هذه الوقعة بالبصرة قط، وإنما وقع في بغداد زمن المعتصم بالله العباس، فالظاهر أن الحديث إشارة إلى ذلك، وإن قلنا: إن المراد به البصرة المعروفة فهو خبر صادق، فلابد من وقوعه وإن كان ما وقع إلى الآن والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) التذكرة ص (678) ط. الريان.

عِرَاضُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الْأَعْيُنِ، حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى شَطِّ النَّهْرِ، فَيَتَفَرَّقُ أَهْلُهَا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَالْبَرِّيَّةِ وَهَلَكُوا، وَفِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَكَفَرُوا، وَفِرْقَةٌ يَجْعَلُونَ ذَرَارِيَّهُمْ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ، وَيُقَاتِلُونَهُمْ وَهُمُ الشُّهَدَاءُ. 4307 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا مُوسَى الْحَنَّاطُ، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا أَنَسُ، إِنَّ النَّاسَ يُمَصِّرُونَ أَمْصَارًا، وَإِنَّ مِصْرًا مِنْهَا يُقَالُ لَهُ: الْبَصْرَةُ - أَوِ الْبُصَيْرَةُ - فَإِنْ أَنْتَ === "بنو قنطورًا" هم الترك وقنطورًا بفتح القاف وضم الطاء مقصورًا اسم أبي الترك، وقيل هو اسم جارية لإبراهيم ولدت له أولادًا جاء من نسلهم الترك، وأدبان الترك من أولاد يافث بن نوح يأخذون أذناب البقر، ليحملوا عليها متاعهم وأحمالهم ويفرون إلى البراري أو يشتغلون بالزراعة إعراضًا عن المقاتلة يأخذون لأنفسهم، أي الأمان، "وكفروا" أي كأنهم حجروا افتراض القتال عليهم، قيل: هم المعتصم بالله ورؤساء بغداد وعلماؤها طلبوا الأمان فقتلوا والله تعالى أعلم. 4307 - "يمصِّرون" عن التمصير أي يتخذون أمصارًا، "سباخها" بالكسر جمع سبخة بفتح فكسر ويحرك، وهي أرض ذات ملح موضع بالبصرة وكلأ ككتاب موضع بالبصرة، بضواحيها جمع ضاحية وهي البادية والناحية الظاهرة للشمس، "وضاحية البصرة" موضع منها، فإنه يكون بها الظاهر أن الضمير للمواضع المحذر منها، "خسف" ذهاب في عمق الأرض وقذف بالحجارة،

مَرَرْتَ بِهَا، أَوْ دَخَلْتَهَا، فَإِيَّاكَ وَسِبَاخَهَا، وَكِلَاءَهَا، وَسُوقَهَا، وَبَابَ أُمَرَائِهَا، وَعَلَيْكَ بِضَوَاحِيهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهَا خَسْفٌ وَقَذْفٌ وَرَجْفٌ، وَقَوْمٌ يَبِيتُونَ يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. 4308 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِرْهَمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: ، انْطَلَقْنَا حَاجِّينَ، فَإِذَا رَجُلٌ، فَقَالَ لَنَا: إِلَى جَنْبِكُمْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا: الْأُبُلَّةُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: مَنْ يَضْمَنُ لِي مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ لِي فِي مَسْجِدِ الْعَشَّارِ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعًا، وَيَقُولَ هَذِهِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ خَلِيلِي رَسُولَ اللَّهِ === "ورجف" زلزلة، وقوم يبيتون إلخ ... أريد به المسخ، أمّا قلبًا فقد تحقق، فإن أصل الاعتزال عنها أو قالبًا فيتحقق كما أخبر به الصادق والله تعالى أعلم. قيل: ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات لكن بطريق آخر لا بهذا الطريق الذي أخرجه به المصنف. فكأنه ما اطلع على هذا الطريق (¬1)، وإلا فرجال هذا الطريق من رجال الصحيح، وليس فيه سوى عدم الجزم باتصاله بقول عبد العزيز فيه لا أعلم إلا ذكره، ولكن غلبة الظن في الباب كافٍ وهو موجود والله تعالى أعلم. 4308 - "فإِذا رجل" الخبر محذوف أي واقف. "الأبلّة" بضم الهمزة والباء وتشديد اللام بلد معروف قرب البصرة في جانبها البحري، "من يضمن لي" استفهام بطريق الالتماس، والسؤال هذا لأبي هريرة أي ثواب أو نيابة، وجعل ذلك غير جائز عند كثير في العبادات الدنية أيضًا ¬

_ (¬1) ذكره ابن الجوزي في الموضوعات قال ... حدثنا النضر بن حفص بن النضر بن أنس عن أمية عن جده عن أنس قال .. (2/ 60) وقال: حديث لا يصح.

باب النهي عن تهييج الحبشة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مِنْ مَسْجِدِ الْعَشَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُهَدَاءَ، لَا يَقُومُ مَعَ شُهَدَاءِ بَدْرٍ غَيْرُهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا الْمَسْجِدُ مِمَّا يَلِي النَّهْرَ». بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ الْحَبَشَةِ 4309 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». === والنيابة جائزة كذلك عند بعض، فلعل مذهب أبي هريرة بعض ذلك، ويؤخذ من الحديث فضل العمل في الأماكن القاضلة، "مما يلي النهر" قيل: أي نهر الفرات والله تعالى أعلم. بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ الْحَبَشَةِ 4309 - "فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين" تصغير ساق الإنسان والساق مؤنث، فلذلك أدخل في تصغيرها التاء وعامة الحبشة في سوقهم دقة، قالوا: وهذا في قرب قيام الساعة، وقوله تعالى: {حَرَمًا آمِنًا} (¬1) يراد به أمنه قبل ذلك الوقت والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة القصص: آية (57)، سورة العنكبوت: آية (67).

باب أمارات الساعة

بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ 4310 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ إِلَى مَرْوَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَسَمِعُوهُ يُحَدِّثُ فِي الْآيَاتِ: أَنَّ أَوَّلَهَا الدَّجَّالُ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمْ يَقُلْ شَيْئًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ === بَابُ أَمَارَاتِ السَّاعَةِ 4310 - "لم يقل شيئًا" يريد به أن ما قاله بالباطل لا أصل له، لكن نقل البيهقي عن الحليمي أن أول الآيات ظهور الدجال ثم نزول عيسى ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها (¬1)، وذلك لأن الكفار يسلمون في زمان عيسى حتى تكون الدعوة واحدة ولو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال ونزول عيسى لم ينفع الكفار إيمانهم أيام عيسى، ولو لم تنفعهم لما صار الدين واحدًا، ولذلك أول بعضهم هذا الحديث بأن الآيات إما أمارات دالة على قرب قيام الساعة أو على وجودها، ومن الأول الدجال ونحوه ومن الثاني طلوع الشمس ونحوه، فأولية طلوع الشمس إنما هي بالنسبة إلى القسم الثاني، وقال ابن كثير المراد في الحديث بيان أول الآيات الغير المألوفة، فالدجال وغيره، وإن كان قبل ذلك لكن هو وأمثاله مألوف لكونه بشرًا، فأما خروج الدابة فعلى شكل غريب غير مألوف ومخاطبتها الناس ووسمها إياهم بالإيمان أو الكفر فأمر خارج عن مجازي العادات وذلك أوّل الآيات الأرضية، كما أن طلوع الشمس من مغربها على خلاف عادتها المألوفة أول الآيات ¬

_ (¬1) قال ذلك البيهقي نقلًا عن الحليمي وذكره في شعب الإيمان (345) ط. السلفية.

خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدَّابَّةُ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ: " وَأَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. 4311 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَهَنَّادٌ، الْمَعْنَى، قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا فُرَاتٌ الْقَزَّازُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ - وَقَالَ هَنَّادٌ: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ - عَنْ === السماوية (¬1). قلت: لكن قول الحليمي ولو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال لم ينفع الكفار إيمانهم إلخ؛ مبني على أن الإيمان لا ينفع من بعد طلوع الشمس إلى قيام الساعة، وفيه أنه يمكن أن يقال أنه لا ينفع من علم به بالمشاهدة أو بالتواتر وينفع بعد ذلك من عدم فيه أحدهما، فقد قال تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَ} (¬2) الآية، فليتأمل في ذلك والله تعالى أعلم. فأيتهما" قيل: تأنيث (أي) غير فصيح، "وكان يقرأ الكتب" الجملة حال ومقول القول جملة، وأظن والمقصود أنه قال ذلك بناءً على علمه بالكتب المتقدمة والله تعالى أعلم. 4311 - "ابن أسيد الغفاري" في المفاتيح بفتح الهمزة لا غير، "في ظل غرمه" بضم غين المعجمة، العلية، "من قعر عدن" بفتحتين اسم بلد، "إلى المحشر" أي أرض الشام كذا قالوا، قيل: أوّل الآيات الخسوفات ثم خروج الدجال ثم نزول عيسى ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم الريح التي تقبض عندها ¬

_ (¬1) النهاية في الفتن والملاحم (1/ 214) ط. الصابوني. (¬2) سورة الأنعام: آية (158).

حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا نَتَحَدَّثُ فِي ظِلِّ غُرْفَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَذَكَرْنَا السَّاعَةَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَنْ تَكُونَ - أَوْ لَنْ تَقُومَ - السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ قَبْلَهَا عَشْرُ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَالدَّجَّالُ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالدُّخَانُ، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ، خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَخْرُجُ نَارٌ مِنَ الْيَمَنِ، مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ، تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ. 4312 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ === أرواح أهل الإيمان، فعند ذلك تخرج الشمس من مغربها ثم تخرج الدابة ثم يأتي الدخان. قلت: والأقرب في مثله التوقف والتفويض إلى عامله، والقول بتقديم الريح على خروج الدابة لا يخلو عن نظر، فقد جاء في وصف الدابة ما يقتضي بقاء أهل الإيمان يوم خروجها فليتأمل، قيل: جاء بسند صحيح عن ابن مسعود أن القمر يطلع أيضًا من المغرب مع الشمس (¬1). قلت: لا عجب في طلوعه من المغرب إلا أن يقال من مغربه يومئذ فليتأمل، قيل: وروى البخاري في تاريخه: إذا أراد الله أن يطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب فجعل مشرقها مغربها ومغربها مشرقها، "حين لا ينفع"، قيل لأن ذلك من أكبر علامات الساعة فعومل معاملة يوم القيامة. ¬

_ (¬1) الجامع لأحكام القرآن (6888) ط. الشعب عن تفسير الآية (9) من سورة القيامة.

باب في حسر الفرات عن كنز

الْفُضَيْلِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] " الْآيَةَ. بَابٌ فِي حَسْرِ الْفُرَاتِ عَنْ كَنْزٍ 4313 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». 4314 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنِي عُقْبَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ». === بَابٌ فِي حَسْرِ الْفُرَاتِ عَنْ كَنْزٍ 4313 - "الفرات" نهر مشهور بالكوفة، "يحسر" كيضرب وينصر والأول أكثر أي يكشف، فلا يؤخذ لأنه يؤدي إلى التقاقل كما جاء به الحديث، "أعلم منه" يحتمل أن الضمير للدجال، فهذا مبني على أن الدجال لا يعلم باطن أمر الماء والنار كما يعلم حذيفة، ويحتمل أنه لأبي مسعود أنه أيضًا سمع والله تعالى أعلم.

باب خروج الدجال

بَابُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ 4315 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مَسْعُودٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «لَأَنَا بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ، إِنَّ مَعَهُ بَحْرًا مِنْ مَاءٍ، وَنَهْرًا مِنْ نَارٍ، فَالَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ نَارٌ مَاءٌ، وَالَّذِي تَرَوْنَ أَنَّهُ مَاءٌ نَارٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأَرَادَ الْمَاءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ نَارٌ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَاءً»، قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ: هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ. 4316 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ، أَلَا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبًا كَافِرٌ». 4317 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ: «ك ف ر». 4318 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: «يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ». === بَابُ خُرُوجِ الدَّجَّالِ 4316 - "إِلا قد أنذر" كان الوقت لم يكن معلومًا عندهم.

4319 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ»، أَوْ «لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ» هَكَذَا قَالَ. 4320 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي بَحِيرٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لَا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ، أَفْحَجُ، جَعْدٌ، أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ، وَلَا حَجْرَاءَ، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «عَمْرُو بْنُ الْأَسْوَدِ وَلِي الْقَضَاءَ». === 4319 - "فلينأ" بفتح الهمزة أصله ينأى بالألف فحذف الألف جزمًا، أي فليبعد عنه، وهكذا حكم كل دجال فالبعد عنه خير من قربه، "هو" أي الرجل. 4320 - "أفحج" بفاء ساكنة ثم حاء مهملة مفتوحة ثم جيم هو الذي إذا مشى باعد بين رجليه، " جَعد" بفتح فسكون الذي شعره منقبض، "مطموس العين" أي عينه ممسوحة، "ليست بنايتة" بنون ومثناة من فوق أي بمرتفعة، "ولا جحراء" بتقديم الجيم على الحاء ممدودًا أي ولا التي قد انخسفت فبقي سكانها غايرًا.

4321 - حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ»، قُلْنَا: وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: " أَرْبَعُونَ يَوْمًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ "، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ قَالَ: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ». === 4331 - "عن النواس" (¬1) بفتح النون وتشديد الواو "ابن سمعان" بكسر السين وفتحها غير منصرف، "أن يخرج": قيل: قاله قبل أن يوحى إليه بوقته ثم علم بوقته، وأن عيسى يقتله، ويحتمل أنه أراد إعلام الناس بقرب خروجه، "والحجيج" الغالب بالحجة فأمرء من باب العموم في الإثبات مثل علمت نفس بفواتح خير من جرادة، فلذلك صح وقوع مبتدأ مع كونه نكرة، "بفواتح سورة الكهف" أي أوائلها وقد جاء من أواخرها، فالوجه الجمع بين الأول والآخر والكل أفضل والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) النواس بن سمعان بن خالد الكلابي صحابي مشهور، سكن الشام. تقريب التهذيب (2/ 308).

4322 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنِ السَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ «وَذَكَرَ الصَّلَوَاتِ» مِثْلَ مَعْنَاهُ. 4323 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَفِظَ مِنْ خَوَاتِيمِ سُورَةِ الْكَهْفِ»، وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ «مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ». 4324 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ === "جواركم" بكسر الجيم والراء المهملة أي أمانكم، وقيل: بفتح الجيم والزاي المعجمة وهو من يأخذه المسافر من السلطان لدفع مفسدة الطريق، "وما لبثه" بفتح اللام وتضم أي ما مقدار مكثه، "اقدروا له" أي اقدروا لليوم أي لأداء ما فيه من الصلوات االخمس قدر يوم، وحدوا ذلك القدر فصلوا في ذلك المقدار خمس صلوات، "باب لُدّ" بضم اللام وتشديد الدال اسم جبل أو قرية بالشام (¬1). 4324 - "وإنه نازل" أي قطعًا لكن لا على أنه مرسل إلى هذه الأمة بل على أنه حكم فيهم، "مربوع" متوسط إلى الحمرة والبياض يميل إليهما فيكون بينهما ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 245)، وزاد فيه: وقيل قرية بفلسطين.

باب في خبر الجساسة

بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ: رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. بَابٌ فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ 4325 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ === بين ممصرتين أي ينزل بين ثوبين فيهما صفرة خفية، "فيدق الصليب" أي يكسره، "ويقتل الخنزير" أي يحرم أكله أو يقتله بحيث لا يوجد في الأرض ليأكله أحد، والحاصل أنه يبطل دين النصارى ويضع الجزية أي لا يقبل من أحد من الكفرة بل يدعوهم إلى الإسلام مرة، وهذا بيان منه - صلى الله عليه وسلم - بأن الجزية في دينه إلى زمان عيسى لا أن عيسى يأتي بنسخها، وقيل: يضع على الكفرة كلهم الجزية ولا يترك أحدًا بلا جزية كما هو شأن سائر الأمراء، فإنهم أحيانًا يتركونها مراعاة لبعض، "فيمكث في الأرض أربعين سنة" وما في صحيح مسلم "أن يهلك الدجال ثم يمكث الناس بعده سبع سنين" (¬1) فمعناه أن الناس بعد موته يمكثون سبع سنين فلا مخالفة بين الحديثين. بَابٌ فِي خَبَرِ الْجَسَّاسَةِ 4325 - " فإذا أنا بامرأة" قيل في التوفيق بينه وبين رواية الدابة أنه يمكن أن ¬

_ (¬1) الحديث بتمامه رواه الإمام مسلم في أشراط الساعة (2940).

أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ حَبَسَنِي حَدِيثٌ كَانَ يُحَدِّثُنِيهِ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَهَا، قَالَ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، اذْهَبْ إِلَى ذَلِكَ الْقَصْرِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا رَجُلٌ يَجُرُّ شَعْرَهُ، مُسَلْسَلٌ فِي الْأَغْلَالِ، يَنْزُو فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الدَّجَّالُ، خَرَجَ نَبِيُّ الْأُمِّيِّينَ بَعْدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَطَاعُوهُ أَمْ عَصَوْهُ؟ قُلْتُ: بَلْ أَطَاعُوهُ، قَالَ: ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ. 4326 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنًا الْمُعَلِّمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي: أَنِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَخَرَجْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ === يكون للدجال جاسوستان دابة وامرأة، أو أنه يصح إطلاق الدابة على الإنسان لغة، فإنه اسم لكل ما يدب في الأرض، وقد وقع إطلاقها عليه في القرآن في غير موضع، والتخصيص بذوات الأربع أو غيره عرفي، أو لأن الجساسة شيطان يتمثل بأي صورة شاء، فرآها تارة بصورة امرأة وتارة بصورة دابة، "ينزو" أي يتحرك ويثب، "فيما بين السماء والأرض" متعلق بينزو أو بمسلسل. 4326 - "لرهبة ولا رغبة" أي لا لغزو ولا لعطافي في سفينة بحرية أي كبيرة، فإن مراكب البحر أكبر من مراكب الأنهار، وقيل: قيد بها للتمييز عن الإبل، فإنها سفن البر، "لخم" بفتح لام وسكون خاء معجمة اسم قبيلة، وكذا

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَ: «لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " إِنِّي مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَهْبَةٍ، وَلَا رَغْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ، وَجُذَامٍ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، وَأَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ حِينَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرَةُ الشَّعْرِ، قَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَذَا الدَّيْرَ، فَإِنَّهُ إِلَى === "جذام" كغراب لعب بهم الموج شدته وصرفه السفينة عن جهة القصد إلى جهة أخرى، "ارفئوا" براء وفاء وهمزة أي قربوا السفينة إليها، ويقال: "أرفينا" بالياء والأصل الهمزة أقرب بفتح همزة وضم راء جمع قارب بكسر الراء والفتح أشهر، وهي سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن الكبار البحرية تتخذ لحوائجهم، وقيل: "أقرب السفينة" بفتح الراء هي ما قارب الأرض منها. قلت: وهو الأظهر إذ الجمعية في أقرب مع الإضافة إلى السفينة غير واضح فتأمل، "أهلب" أي كثير الشعر فما بعده صفة كاشفة، ولم يقل هلباء إما لأن لفظ الدابة يطلق على الذكر والأنثى أو لتأويل الدابة بالحيوان، "الجساسة" بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى قيل: هي تجسس الأخبار فتأتي بها الدجال، قيل: هي الدابة التي تخرج آخر الزمان ولا دليل عليه، "إِلى هذا الدير" ضبط بفتح الدال وسكون الياء المثناة من تحت هو خان النصارى، وفي المغرب صومعة

خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا، فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَسَأَلَهُمْ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ، وَعَنِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، قَالَ: إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنَّهُ يُوشَكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ "، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ» مَرَّتَيْنِ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ، قَالَتْ: حَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ. 4327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَكَانَ لَا يَصْعَدُ عَلَيْهِ إِلَّا يَوْمَ جُمُعَةٍ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَابْنُ === الراهب "بالأشواق" جمع شوق ملتبس بها، "فرقنا" فرق كسمع خاق سراعًا بكسر السين أي مسرعين، "وثاقًا" بالفتح والكسر ما يوثق به, "زغر" بزاي وغين معجمتين وراء مهملة هو كعمر، فلذلك لا ينصرف؛ بلدة معروفة بالشام أو بحر اليمين, قيل: هذا شك أو ظن منه عليه الصلاة والسلام أو قصد الإبهام على السامع ثم نفى ذلك وأضرب عنه بالتحقيق فقال لا، بل من قبل المشرق، ثم أكد ذلك بقوله: ما هو و (ما) زائدة لا نافية, والمراد إثبات أنه في جهة المشرق، قيل: ويجوز أن تكون موصولة أي الذي هو فيه المشرق. قلت: ويحتمل أنها نافية أي ما هو إلا فيه والله تعالى أعلم.

صُدْرَانَ بَصْرِيٌّ، غَرِقَ فِي الْبَحْرِ مَعَ ابْنِ مِسْوَرٍ، لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ غَيْرُهُ». 4328 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّهُ بَيْنَمَا أُنَاسٌ يَسِيرُونَ فِي الْبَحْرِ، فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ، فَرُفِعَتْ لَهُمْ جَزِيرَةٌ، فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ الْخُبْزَ، فَلَقِيَتْهُمُ الْجَسَّاسَةُ» قُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَ: امْرَأَةٌ تَجُرُّ شَعْرَ جِلْدِهَا وَرَأْسِهَا، قَالَتْ: فِي هَذَا الْقَصْرِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَسَأَلَ عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، وَعَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالَ: هُوَ الْمَسِيحُ، فَقَالَ: لِي ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْئًا مَا حَفِظْتُهُ، قَالَ: شَهِدَ جَابِرٌ أَنَّهُ هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ، قُلْتُ: فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، قَالَ: وَإِنْ مَاتَ، قُلْتُ: فَإِنَّهُ أَسْلَمَ، قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَ، قُلْتُ فَإِنَّهُ قَدْ دَخَلَ === 4328 - "نفد" بكسر الفاء أنه أي الدجال هو ابن صايد كأنه مبني على تجويز تعدد الصور، والظاهر كما هو منقول في بعض الأولياء وجبريل كان يجيء في صورة دحية وغيره مع أنه في السماء له صورة عظيمة مشتملة على ستمائة جناح، وكثير من العلماء استبعدوا كونه الدجال، وقالوا التوفيق بينه وبين حديث تميم الداري بعيد، لكن يمكن أن يكون التوفيق بما ذكرنا والله تعالى أعلم. وقال القرطبي في التذكرة: بل الصحيح أنه هو ولا يبعد أن يكون بالجزيرة في وقت وبين أظهر الصحابة في وقت (¬1) آخر، ويؤيده ما جاء عن بعض من فتح أصبهان أنه رأى ابن الصياد عند يهود أصبهان وقد فرحوا به فرحًا شديدًا وقالوا ¬

_ (¬1) التذكرة ص (790) ط الريان.

باب [في] خبر ابن صائد

الْمَدِينَةَ، قَالَ: وَإِنْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ. بَابٌ [فِي] خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ 4329 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِابْنِ صَائِدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَهُوَ غُلَامٌ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ » قَالَ: === هو الذي نستفتح به على العرب ثم رجع ابن الصياد إلى المدينة بعد والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ 4329 - "أطُم بني مغالة" الأطم بضمتين وتخفيف الطاء القصر، وكل حصن مبني بحجارة، وبنو مغالة بفتح ميم وتخفيف غين معجمة قوم من اليهود، "رسول الأميين" أي العرب منطوقه حق ومفهومه باطل، جرى فيه على اعتقاد آبائه وأباطيلهم، "آمنت بالله ورسلة" أي فلو كنت منهم لآمنت بك لكن ما آمنت بك فلست منهم، وفيه أن ظاهر البطلان يكفي في ردة الكناية، ولا حاجة إلى استعمال التصريح فيه، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - ألزمه حيث سأله عما جرى على لسانه في جوابه تكذيب دعواه واعترافه بأنه كاذب فيها حيث قال: يأتيني صادق وكاذب. "خلط" من التخليط أي شيطانك يخلط عليك الأمر، "قد خبأت لك" أي أضمرت لك، "والخبيئة الشيء المضمر المستور وكانوا يضمرون للكهنة، "هو الدُخُّ" بضم الدال أي الدخان، قيل لم يقدر على تمام الآية ولا على تمام لفظة منها

فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ»، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَأْتِيكَ؟ » قَالَ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُلِطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئَةً» وَخَبَّأَ لَهُ: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ يَكُنْ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ - يَعْنِي الدَّجَّالَ - وَإِلَّا يَكُنْ هُوَ فَلَا خَيْرَ فِي قَتْلِهِ». === بل أتى بلفظة ناقصة على عادة الكهنة، فإن قلت كيف اطلع هو أو شيطانه على بعض ما في الضمير أجيب باحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - تكلم به في نفسه أو ذكر بعض الصحابة بذلك فاسترق الشيطان بعض ذلك، قلت: والأظهر أنه جرى ذكره في السماء فاسترق الشيطان من هنالك كسائر الأمور التي تخبر بها الكهنة والله تعالى أعلم. "أخسأ" كلمة تستعمل عند طرد الكلب ونحوه أي اسكت وابعد صاغرًا مطرودًا "فلن تعدو قدرك "أي فلن تتجاوز مرتبتك التي هي مرتبة الكهنة إلى مرتبة النبوة والرسالة، قيل: إنما تركه - صلى الله عليه وسلم - مع أنه ادعى النبوة كاذبًا؛ لأنه كان صغيرًا أو لأنه كان من يهود، وكان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينهم صلح في تلك الأيام.

4330 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ، مَا أَشُكُّ أَنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ابْنُ صَيَّادٍ». 4331 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ صَائِدٍ الدَّجَّالُ، فَقُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللَّهِ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4332 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ». 4333 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ دَجَّالُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ». 4334 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلَاثُونَ كَذَّابًا دَجَّالًا، كُلُّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ،

باب الأمر والنهي

وَعَلَى رَسُولِهِ». 4335 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ بِهَذَا الْخَبَرِ: قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَرَى هَذَا مِنْهُمْ؟ يَعْنِي الْمُخْتَارَ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ: «أَمَا إِنَّهُ مِنَ الرُّءُوسِ». بَابُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ 4336 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} إِلَى قَوْلِهِ {فَاسِقُونَ} [المائدة: 81]، ثُمَّ قَالَ: «كَلَّا وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ === بَابُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ 4336 - "فلا يمنعه ذلك أي ما رآه منه أمس" أكيله" الأكيل من يصاحبك في الأكل، فعيل بمعنى فاعل وكذا الشريب والقعيد، "ضرب الله" أي جعل قلوب الذين تركوا النهي والإنكار مثل قلوب من ارتكبوا المنكر، "ولتأخذن على يدي الظالم" حتى لا يتمكن من الظلم. "ولتأطرنه" أي لتصرفنه عن ظلمه إلى الحق، "ولتقصرنه" أي لتجعلنه غير

الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا». 4337 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، زَادَ: «أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ. 4338 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، الْمَعْنَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ === متجاوز على الحق إلى ظلمه. "وتضعونها على غير مواضعها" إما لأن العمل به مقيد بوقته، "لا دائمي" كما سيجيء في حديث أبي ثعلبة الخشني، وإما لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جملة ما يكون به إصلاح النفس، ومن جملة الاهتداء، وقد أمر الله تعالى به في هذه الآية بقوله: {عَلَيكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (¬1)، وبقوله: {إِذَا اهْتَدَيتُمْ} (¬2) نعم لا يضر عمل العاصي بعد ذلك إن لم يقدر على إبطاله باليد فترك الأمر والنهي رأسًا، ليس مما تدل عليه الآية أصلًا والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) و (¬2) سورة المائدة: آية (105).

مَوَاضِعِهَا: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]، قَالَ: عَنْ خَالِدٍ، وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ» وَقَالَ عَمْرٌو: عَنْ هُشَيْمٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا، ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ كَمَا قَالَ خَالِدٌ أَبُو أُسَامَةَ: وَجَمَاعَةٌ، وَقَالَ شُعْبَةُ فِيهِ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَعْمَلُهُ». 4339 - حَدَّثَنَا مُسَّدَدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِ، فَلَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَمُوتُوا». 4340 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَاسْتَطَاعَ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ - وَقَطَعَ هَنَّادٌ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ، وَفَّاهُ ابْنُ الْعَلَاءِ: - فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِلِسَانِهِ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.

4341 - حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ، كَيْفَ تَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105]؟ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا، وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ - يَعْنِي - بِنَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ === 4341 - "لقد سألت عنها خبيرًا" يحتمل أن يكون سألت على صيغة الخطاب ويحتمل أن يكون على صيغة المتكلم، "شحًّا مطاعًا" أي يطيع كل أحد شحه ولا يخالفه لأمر الله تعالى بخلافه ونهيه عن إطاعته. "مؤثرة" أي يختارها كل أحد على الدين ويميل إليها لا إليه، "وإعجاب" إلخ، أي فلا يرجع إلى رأي صاحبه، وإن كان رأيه هو الصواب الظاهر، ورأي ذلك الإنسان هو الخطأ الواضح، "فإن من ورائكم" دفع لما يستعد من وقوع هذه الحالة وبيان أنها متحققة قطعًا "أيام" هكذا في بعض النسخ وفي بعضها "أيامًا" بالنصب وهو الظاهر والأول محمول على مسامحة أهل الحديث في الخطأ، فإنهم كثيرًا ما يكتبون المنصوب بصورة المرفوع أو على لغة من يرفع اسم أن أو على حذف ضمير الشأن والله تعالى أعلم. "الصبر فيه" هكذا في النسخة ولعله بتأويل الوقت فيهم، أي في أولئك الناس "خمسين منكم" قيل: هذا في الأعمال التي يشق فعلها في تلك الأيام لا مطلق، كيف وقد جاء: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا

وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ»، وَزَادَنِي غَيْرُهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ». 4342 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ» أَوْ «يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنَ النَّاسِ، قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَأَمَانَاتُهُمْ، وَاخْتَلَفُوا، فَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَقَالُوا: وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: === نصيفه" (¬1)، ثم قل من يفعل منهم بعض تلك الأعمال، فالمضاعفة لا تقتضي فضلهم على الأولين حتى ينافي حديث: "خير القرون قرني" (¬2) الحديث. قلت: المنافاة غير ظاهرة من أصلها إذ خيرية القرون السابقة لا تنافي بعض آحاد القرون اللاحقة على بعض آحاد القرون السابقة بل كلها، نعم الخيرية مفقودة عند الجمهور لقولهم إن الصحابي مطلقًا أفضل من غيره والله تعالى أعلم. 4342 - "يغربل الناس" أي يذهب خيارهم ويبقى أراذلهم، قوله: "حثالة" بضم الحاء المهملة والثاء المثلثة الرديء من كل شيء والمراد أراذلهم، "مرجت" ¬

_ (¬1) الحديث بتمامه رواه مسلم في فضائل الصحابة (2540، 2541)، وابو داود في السنة (4658)، (4695)، والترمذي في المناقب (3861)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأحمد في مسنده (3/ 54)، (5/ 185). (¬2) تقدم تخريجه.

«تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ، وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ، وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ، وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ». 4343 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: «الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ». 4344 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ === بكسر الراء صيغة بناء الفاعل أي اختلطت وفسدت, "وخفت" بتشديد الفاء أي قلت. 4344 - قوله: "أفضل الجهاد" إلخ قيل؛ لأن من جاهد العدو، فهو متردد بين رجاء وخوف، وبين أن تكون الغلبة له أو لعدوه وهاهنا الغالب الهلاك,

عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ، أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ». 4345 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ الْمُوصِلِيُّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ الْعُرْسِ ابْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ، كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً: «أَنْكَرَهَا» - كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا، كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا. 4346 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُغِيرَةَ ابْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، قَالَ: «مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا». 4347 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَقَالَ سُلَيْمَانُ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ === والتفت وغضب السلطان فصار أفضل. 4347 - "حتى يعذروا" المشهور أنه بضم الياء من أعذر فقيل معناه حتى تكثر ذنوبهم من أعذر إذا صار ذا عيب، وقيل معناه حتى لم يبق لهم عذر بإظهار الحق لهم وتركهم العمل به بلا عذر, ومانع من أعذر إذا أزال عذره فكأنهم أزالوا عذرهم وأقاموا الحجة لمن يعذرهم حيث تركوا العمل بالحق بعد ظهوره, وقيل: عذره إذا جعله معذورًا, فالمعنى أنهم بكثرة ذنوبهم جعلوا من يعاقبهم معذورًا في العقاب، وإليه يشير تفسير الصحابي, فإن جاء هذا الحديث عن ابن مسعود فقيل

باب قيام الساعة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَنْ يَهْلَكَ النَّاسُ حَتَّى يَعْذِرُوا، أَوْ يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ». بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ 4348 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى === له كيف يكون ذلك؟ فقرأ هذه الآية: {فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إلا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} (¬1) والله تعالى أعلم. بَابُ قِيَامِ السَّاعَةِ 4348 - "أرأيتكم" إلخ أي احفظوا، "هذه الليلة لا يبقى" إلخ قال النووي: المراد أن كل من كان تلك الليلة على الأرض لا يعيش بعدها أكثر من مائة سنة سواء قل عمره قبل ذلك أم لا، وليس فيه نفي عيش أحد بعد تلك الليلة فوق مائة سنة، قال: وفيه احتراز عن الملائكة، وقد احتج بهذا الحديث من شذ من المحدثين فقال بموت الخضر، والجمهور على حياته لإمكان أنه كان على البحر لا على الأرض، وقيل هذا على سبيل الغالب، وقال الكرماني: لا نقض بعيسى لكونه من السماء، وأما إبليس فيحتمل أنه في الهواء، والمراد "بمن" الإنس واسم إن ضمير الشأن ذكره الحافظ السيوطي، "فوهل" بفتح هاء ويجوز كسرها أي ¬

_ (¬1) سورة الأعراف: آية (5).

رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ»، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَهِلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تِلْكَ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ»، يُرِيدُ بِأَنْ يَنْخَرِمَ ذَلِكَ الْقَرْنُ. 4349 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يُعْجِزَ اللَّهُ هَذِهِ === غلطوا وذهب وهمهم إلى خلاف الواقع في تأويله، فقالوا تقوم الساعة عنده، وإنما مراده أنه لا يبقى أحد من الموجودين تلك الليلة، وقد كان كذلك فقد أجمع المحدثون أن آخر الصحابة موتًا أبو الطفيل عامر بن وائلة، وغاية ما قيل أنه بقي إلى سنة عشر ومائة وهي رأس مائة سنة من مقالته عليه الصلاة والسلام. "ينخرم" أي ينقطع من نصف يوم، قال السهيلي: ليس في الحديث ما ينفي الزيادة فقد جاء: "إن أحسنت أمتي فبقاؤها يوم عن أيام الآخرة وذلك ألف سنة وإلا فنصف يوم". قلت: هذا إن صح يحمل على ترك الكسر في الحساب أو على أنه بالنظر إلى السنين الشمسية، لكن قد قال الحافظ ابن حجر: إنه حديث موضوع، وما جاء في عدم بقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الأرض ألف سنة فلا أصل له، والحاصل أن هذا الحديث غير ناف للزيادة قطعًا، غاية الأمر أنه كان راج بقاء أمته هذه المدة وكان الأمر غير مبين عنده بالتعيين، وقد حقق الله تعالى بفضله رجاءه وزاد عليه بأكثر من الضعف وفضل الله واسع.

الْأُمَّةَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ». 4350 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَعْجِزَ أُمَّتِي عِنْدَ رَبِّهَا أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ نِصْفَ يَوْم»، قِيلَ لِسَعْدٍ: وَكَمْ نِصْفُ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ: «خَمْسُ مِائَةِ سَنَةٍ». "آخر كتاب الملاحم" * * *

33 - كتاب الحدود

كِتَاب الْحُدُودِ بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ 4351 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَام أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأُحْرِقَهُمْ بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ»، وَكُنْتُ قَاتِلَهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: وَيْحَ ابْنِ عَبَّاسٍ. 4352 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === كِتَاب الْحُدُودِ بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ 4351 - "أحرق ناسًا" قالوا كان ذلك منه عن رأي واجتهاد لا عن توقيف، ولهذا لما بلغه قول ابن عباس قال ويح أم عباس مدحًا له وإعجابًا بقوله، وفي بعض الروايات: "صدق ابن عباس"، "بعذاب الله" أي بالنار من بدل المراد من المسلم أو المراد بدينه الدين الحق وهذا ظاهر بالسوق فلا يشمل عمومه من أسلم من الكفرة ولا يحتاج إلى القول بتخصيص العموم فتأمل، والجمهور أخذوا بعمومه وخصه بعضًا بالرجل ويوافقه رواية لا يحل دم رجل والله تعالى أعلم. 4352 - "لا يحل دم رجل" أي إهراقه، "يشهد" إلخ، إشارة إلى أن المدار

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، === على الشهادة الظاهرية لا على تحقق السلامة في الواقع، "الثيب" أي الزاني المحصن وهذا تفصيل للخصال الثلاث بذكر المتصفين بها، والتقدير يقتل الثيب الزاني والنفس بالنفس، أي تقتل النفس بمقابلة النفس، "والتارك لدينه" أي دين الإسلام؛ لأن أول الكلام فيه المفارق للجماعة أي جماعة المسلمين لزيادة التوضيح، ثم المقصود في الحديث بيان أن لا يجوز قتله إلا بإحدى هذه الخصال الثلاث لا أنه يجوز القتال معه، فلا إشكال بالباغي؛ لأن الوجود هناك القتال لا القتل، على أن يمكن إدراجه في قوله: "النفس بالنفس" بناء على أن معناه النفس تقتل بسبب النفس، إما لأنه قتل النفس أو لأنه إن لم يقتل يقتل النفس والباغي كذلك فيشمل الصائل أيضًا. ويجوز أن يجعل قتل الصائل من باب القتال لا القتل، أما قاطع الطريق فأيضًا يمكن إدراجه في النفس بالنفس؛ إما لأنه إن لم يَقْتُل يُقْتَلْ أو لأنه لا يُقْتَلُ إلا بعد أن يَقْتُلَ نفسًا، وأما الساب لنبي من الأنبياء فهو داخل في قوله: (والتارك لدينه) بناء على أنه مرتد إلا أنه يلزم حينئذ أن قتله للارتداد لا للحد، فينبغي أن تقبل توبته إلى الله تعالى منه، وقد يقال معنى "إِلا بإِحدى ثلاث" أي إلا بمثل إحدى ثلاث مما ورد الشرع بقتله فرجع حاصله إلى معنى قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} (¬1)، وهذا الوجه أقرب إلى التوفيق بين هذا ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية (151)، سورة الإسراء: آية (33).

إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ. 4353 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَرَجُلٌ خَرَجَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، أَوْ يُصْلَبُ، أَوْ يُنْفَى مِنَ الْأَرْضِ، أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا، فَيُقْتَلُ بِهَا. 4354 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلَانِ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي، فَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ، فَقَالَ: «مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى» - أَوْ «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ؟ » - قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، قَالَ: «لَنْ نَسْتَعْمِلَ - أَوْ لَا نَسْتَعْمِلُ - عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، وَلَكِنِ === الحديث والحديث الذي بعده فتأمل، "وما شعرت" أي وإلا لما مكنتها من المعية في الدخول. 4354 - "قلصت" أي الشفة، أي ارتفعت بالسواك وهو حال بتقدير "قد

اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ -»، فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ مُعَاذٌ، قَالَ: انْزِلْ، وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ، قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السُّوءِ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: اجْلِسْ نَعَمْ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: أَحَدُهُمَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، أَوْ أَقُومُ وَأَنَامُ، وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي. 4355 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، يَعْنِى عَبْدَ الْحَمِيدِ ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، وَبُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَدِمَ عَلَيَّ مُعَاذٌ، وَأَنَا بِالْيَمَنِ، وَرَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ، قَالَ: «لَا أَنْزِلُ عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَلَ»، فَقُتِلَ، قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَانَ قَدْ اسْتُتِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ. 4356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: فَأُتِيَ أَبُو مُوسَى بِرَجُلٍ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَدَعَاهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَجَاءَ مُعَاذٌ، فَدَعَاهُ، فَأَبَى، فَضَرَبَ عُنُقَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، لَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِتَابَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الِاسْتِتَابَةَ. === قضاء الله" أي هو، أي القتل قضاء الله أو أقضي قضاء الله.

4357 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَلَمْ يَنْزِلْ حَتَّى ضُرِبَ عُنُقُهُ وَمَا اسْتَتَابَهُ. 4358 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ، فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4359 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: زَعَمَ السُّدِّيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، اخْتَبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى، فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ، فَيَقْتُلُهُ؟ » فَقَالُوا: مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَّا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ === 4358 - "فأزله الشيطان" أي حمله على الزلل وهو الخطأ والذنب. 4359 - "أما كان فيكم" فيه أن التوبة عن الكفر في حياته - صلى الله عليه وسلم - كانت موقوفة

باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم

خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ». 4360 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ إِلَى الشِّرْكِ، فَقَدْ حَلَّ دَمُهُ». بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4361 - حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى الْخُتَّلِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا، فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ، جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي === على رضاه - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم هذا الحديث نوع بحث أيضًا. بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4361 - "كانت له أم ولد" أي غير مسلمة, ولذا كانت تجترئ على ذلك الأمر الشنيع وتقع فيه، قيل: "تعتديه" بقي لتضمين معنى الطعن، يقال وقع فيه إذا عابه وذمه، ويزجرها أي يمنعها، "ذات ليلة" يمكن رفعه على أنه اسم كان ونصبه على أنه خبره، أي كان الزمان أو الوقت ذات ليلة، وقيل: يجوز نصبه على الظرفية، أي كان الأمر في ذات ليلة ثم ذات ليلة، قيل: معناه ساعة من ليلة، وقيل: معناه ليلة من الليالي والذات مقحمة، "جعلت" أي شرعت واستمرت، "فأخذ المغول" بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو مثل

بَطْنِهَا، وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: «أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ»، فَقَامَ الْأَعْمَى يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا، فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ، وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا، وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ». 4362 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَهَا». === سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه، وقيل حديدة دقيقة حد ماض، "فلطخت" أي المرأة المقتولة، "لي عليه حق" صفة ثانية لـ"رجلًا" أي مسلمًا يجب عليه إجابة دعوتي، "يتزلزل" أي يتحرك خوفًا، "أن دمها هدر" ولعله - صلى الله عليه وسلم - علم بالوحي صدق قوله، وفيه دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن الله ورسوله فلا ذمة له فيحل قتله والله تعالى أعلم.

باب [ما جاء] في المحاربة

4363 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَنُصَيْرُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَتَغَيَّظَ عَلَى رَجُلٍ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَأْذَنُ لِي يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: فَأَذْهَبَتْ كَلِمَتِي غَضَبَهُ، فَقَامَ، فَدَخَلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: مَا الَّذِي قُلْتَ آنِفًا؟ قُلْتُ: ائْذَنْ لِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ، قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلًا لَوْ أَمَرْتُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «لَا وَاللَّهِ، مَا كَانَتْ لِبَشَرٍ بَعْدَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا لَفْظُ يَزِيدَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: أَيْ لَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا إِلَّا بِإِحْدَى الثَّلَاثِ الَّتِي قَالَهَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرَ نَفْسٍ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْتُلَ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمُحَارَبَةِ 4364 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ === 4363 - "علم فتغيظ" قيل: لأنه سب أبا بكر، "ما كانت" أي هذه الخصلة وهي أن يقتل لسبه أحد. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمُحَارَبَةِ 4364 - "من عكل" بضم المهملة وسكون الكاف أبو قبيلة، "وعرينة"

أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُكْلٍ - أَوْ قَالَ: مِنْ عُرَيْنَةَ - قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا صَحُّوا، قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ، فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ، وَأَرْجُلُهُمْ، وَسُمِرَ أَعْيُنُهُمْ، وَأُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ، فَلَا يُسْقَوْنَ " قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: «فَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ». 4365 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، بِإِسْنَادِهِ === بالتصغير قيل: الصواب أن أربعة كانوا من عرينة وثلاثة من عكل كما رواه أبو عوانة "فاجتووا" بالجيم افتعال من الجوى والمراد كرهوا المقام بها لضرر لحقهم بها، "بلقاح" بالكسر هي ذات اللبن من النوق، "وسمّر" بفتح السين وخفة ميم وقد تشدد، قيل: أي كحلهم بمسامير حميت حتى ذهب بصرها فلا يسقون، قيل ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وإنما فعله الصحابة من عند أنفسهم، والإجماع على أن من وجب عليه القتل لا يمنع الماء إذا طلب، وقيل: فعل كل ذلك قصاص؛ لأنهم فعلوا بالراعي مثل ذلك، وقيل: بل لشدة جنايتهم كما يشير إليه كلام أبي قلابة والله تعالى أعلم. 4365 - "وما حسمهم" أي ما قطع دماءهم بالكي ونحوه.

بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: «فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ، وَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَمَا حَسَمَهُمْ». 4366 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: «فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأُتِيَ بِهِمْ»، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] الْآيَةَ. 4367 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، وَقَتَادَةُ، وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمْ يَكْدِمُ الْأَرْضَ بِفِيهِ عَطَشًا حَتَّى مَاتُوا. 4368 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَهُ، زَادَ: ثُمَّ نَهَى عَنِ المُثْلَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ «مِنْ خِلَافٍ» وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، وَسَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ ثَابِتٍ، جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ، لَمْ يَذْكُرَا: «مِنْ خِلَافٍ»، وَلَمْ أَجِدْ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ «قَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ === 4366 - "قافة" جمع قائف وهو الذي يعرف الأثر ويستدل به. 4367 - "يكدم الأرض" بالدال المهملة أي تناولها بفمه ويعض عليها بأسنانه، ثم نُهِي عن بناء المفعول، أو الفاعل والضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ»، إِلَّا فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. 4369 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبِدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ نَاسًا أَغَارُوا عَلَى إِبِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقُوهَا، وَارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنًا، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُخِذُوا، » فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ "، قَالَ: وَنَزَلَتْ فِيهِمْ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْحَجَّاجَ حِينَ سَأَلَهُ. 4370 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا قَطَّعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ، عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: 33] الْآيَةَ. 4371 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ === 4369 - "وسمل" على بناء الفاعل بميم مخفضة آخره لام أي فقأها. "حين سأله" أي سأل الحجاج أنسًا عن أغلظ عقوبة فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن تاب منهم أي من المؤمنين والله تعالى أعلم.

باب في الحد يشفع فيه

تَنْزِلَ الْحُدُودُ يَعْنِي حَدِيثَ أَنَسٍ. 4372 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُشْرِكِينَ، فَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ الَّذِي أَصَابَهُ. بَابٌ فِي الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ 4373 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا؟ - يَعْنِي - رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُسَامَةُ، أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ » ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ === بَابٌ فِي الْحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ 4373 - "أهمهم" أقلقهم وأحزنهم، "المرأة المخزومية" فاطمة بنت الأسود، "من يكلم فيها" أي درء الحد عنها، "ومن يجترئ" أي لا يتجاسر أحد عليه بطريق الإدلال إلا أسامة، "حب" بكسر الحاء أي محبوبه، "إنهم" أي لأنهم,

كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا». 4374 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهَا، وَقَصَّ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ، قَالَ: فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ فِيهِ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ: إِنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ: اسْتَعَارَتِ امْرَأَةٌ، وَرَوَى مَسْعُودُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: سَرَقَتْ قَطِيفَةً مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فَعَاذَتْ بِزَيْنَبَ بِنْتِ === "لو أن فاطمة" ضرب المثل بها - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها كانت أعز أهله عليه؛ ولأنها كانت سمية لها. 4374 - "تستعير المتاع" قيل ذكرت العارية تعريفًا لحالها الشنيعة لا لأنها سبب القطع، وسبب القطع إنما كان السرقة لا جحد العارية، قال الجمهور ولا قطع على من جحد العارية، وقال أحمد وإسحاق بالقطع. قلت: قول الراوي فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغ ظاهر في قول أحمد وأب عن تأويل

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4375 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَيْدٍ - نَسَبَهُ جَعْفَرٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إِلَّا الْحُدُودَ». === الجمهور وسيجيء ما هو كالصريح في ذلك فتأمل. 4375 - "ذوي الهيئات" قيل: هم الذين لم تظهر منهم ريبة، وقيل هم الذين لا يعرفون بالشر وإنما اتفق منهم زلة، والهيئة شكل الشيء والمراد ذوي الهيئات الحسنة الملازمون لها ولا ينتقلون إلى حالات، وقيل: المراد أصحاب المروءات والخصال الحميدة، وقيل: ذوي الوجوه من الناس، والعثرات قيل: صغائر الذنوب، والاستثناء بقوله: (إلا الحدود) منقطع، وقيل: الذنوب مطلقًا، والمراد بالحدود ما يوجبها من الذنوب والاستثناء متصل، والخطاب مع الأئمة وغيرهم ممن يستحق المؤاخذة والتأديب عليها، قيل: والحديث موضوع ورد بأنه بهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا لوجود عبد الملك فيه لكن روي بطريق آخر ضعيف أيضًا فيقوى أحد الطريقين بالآخر، ما يقع عن أن يكون متروكًا فضلًا عن أن يكون موضوعًا، وقيل بل عبد الملك وثقه ابن حبان، وقال النسائي ليس فيه بأس فلا ينزل عن درجة الحسن، وقد أخرجه النسائي وهو لا يخرج منكرًا وواهيًا، فلا يجوز نسبة الوضع (¬1) إليه. ¬

_ (¬1) الحديث أخرجه النسائي في كتاب الرجم (7293 - 7298)، وقد وثق ابن حبان وذكر الحديث في صحيحه (1/ 154).

باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان

بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الحُدُودِ مَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ 4376 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ». بَابٌ فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ 4377 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ مَاعِزًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَقَالَ لِهَزَّالٍ: «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ». 4378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، أَنْ هَزَّالًا أَمَرَ مَاعِزًا أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرَهُ. === بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الحُدُودِ مَا لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطَانَ 4376 - "تعافوا" أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليّ فإني متى علمتنها أقمتها. بَابٌ فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الْحُدُودِ 4377 - "لو سترته" أي لو مرته بالستر دون الكشف، بحيث صار أمرك به كثوب منك سترته به والله تعالى أعلم.

باب في صاحب الحد يجيء فيقر

بَابٌ فِي صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ 4379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا الْفِّرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً خَرَجَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَتَلَقَّاهَا رَجُلٌ، فَتَجَلَّلَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا، فَصَاحَتْ، وَانْطَلَقَ، فَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ، فَقَالَتْ: إِنَّ ذَاكَ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا، وَمَرَّتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَتْ: إِنَّ ذَلِكَ === بَابٌ فِي صَاحِبِ الْحَدِّ يَجِيءُ فَيُقِرُّ 4379 - "فتجللها" قال السيوطي: بالجيم أي أعلاها وهي كناية عن الجماع يفهم من المجمع جواز كونه بالحاء المهملة أيضًا، فلما أمر به زاد في رواية الترمذي "ليرجم" (¬1)، ولا يخفى له بظاهره مشكل، إذ لا يستقيم الأمر بالرجم من غير إقرار ولا بينة، وقول المرأة لا يصلح بينة بل هي التي تستحق أن تحد حد القذف، فلعل المراد فلما قارب أن يأمر به، وذلك قاله الراوي نظرًا إلى ظاهر الأمر؛ حيث إنهم أحضروه في المحكم عند الإمام، والإمام يشتغل بالتفتيش عن حاله والله تعالى أعلم. وقال ابن العربي في شرح الترمذي بأنه حكم به لإظهار الحق, "لا يرجم" وفي هذا حكمة عظيمة، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر به ليرجم، قيل أن يقر بالزنا وأن يثبت عليه ليكون ذلك سببًا في إظهار الفاعل لنفسه حين خشي أن يرجم من لم يفعل، وهذا من غرائب استخراج الحقوق، ولا يجوز ذلك لغيره - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن غيره لا يعلم من البواطن ما علم هو - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم. اهـ. ¬

_ (¬1) الحديث رواه الترمذي في الحدود (1454)، وقال: حديث حسن غريب صحيح.

باب في التلقين في الحد

الرَّجُلَ فَعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا، فَانْطَلَقُوا، فَأَخَذُوا الرَّجُلَ الَّذِي ظَنَّتْ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا، فَأَتَوْهَا بِهِ، فَقَالَتْ: نَعَمْ هُوَ هَذَا، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أَمَرَ بِهِ قَامَ صَاحِبُهَا الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، فَقَالَ لَهَا «اذْهَبِي فَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكِ وَقَالَ لِلرَّجُلِ قَوْلًا حَسَنًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي الرَّجُلَ الْمَأْخُوذَ»، وَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا: «ارْجُمُوهُ»، فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، أَيْضًا عَنْ سِمَاكٍ. بَابٌ فِي التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ 4380 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ === قلت: وفيه بحث؛ إذ الحدود مما يتحمل في دفعها لا إثباتها حتى إذا أقر ينبغي أن يلقن الرجوع، فكيف يحمل على الإقرار بهذا الوجه ويمكن بجواب بأنه لا بد هاهنا عن أحد الحدين، وأما أن تحد المرأة بالقذف إن لم يثبت الزنا أو يحد الرجل إن ثبت، ففي مثل هذا يمكن التحمل لاستخراج الحق, لكن قد يقال المرأة ينبغي أن تحد؛ لأنها قذفت ذلك الرجل, وهذا الحد لا يزول بظهور الحق إلا أن يقال إذا ظهر أن المرأة في أصل القذف صادقة، وبالنظر إلى خصوص الرجل قد ظهر أنه اشتبه الأمر عليها وهي معذورة، نفي مثل هذه الصورة يندفع عنها الحد إذا ثبت أصل الزنا, فلذلك تحمل في استخراج أصل الزنا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّلْقِينِ فِي الْحَدِّ 4380 - "ما إِخالك" كسر الهمزة هو الشايع المشهور بين الجمهور، والفتح

باب في الرجل يعترف بحد ولا يسميه

بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الْمُنْذِرِ، مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ اعْتِرَافًا وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ»، قَالَ: بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ، وَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ» فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ» ثَلَاثًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ 4381 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ === لغة بعض وإن كان هو القياس لكونه صيغة المتكلم من خال كخاف بمعنى ظن، قيل: أراد - صلى الله عليه وسلم - تلقين الرجوع عن الاعتراف، وللإمام ذلك في السارق إذا اعترف، ومن لا يقول به يقول لعله ظن بالمعترف غفلة عن معنى السرقة وأحكامها, أو لأنه استبعد اعترافه بذلك؛ لأنه ما وجد معه متاع، واستدل به من يقول: لا بد في السرقة من تعدد الإقرار، فقال: "استغفر الله وتب إليه" أي من سائر الذنوب أو لعله قال ذلك ليعزم على عدم العود إلى مثله؛ فلا دليل لمن قال: الحدود ليست كفارات لأهلها مع ثبوت كونها كفارات بالأحاديث الصحاح التي تكاد تبلغ حد التواتر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَعْتَرِفُ بِحَدٍّ وَلَا يُسَمِّيهِ 4381 - "أصبت حدًّا" قيل: لعله ارتكب بعض الصغائر فظن أنه يوجب

باب في الامتحان بالضرب

الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ «تَوَضَّأْتَ حِينَ أَقْبَلْتَ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «هَلْ صَلَّيْتَ مَعَنَا حِينَ صَلَّيْنَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ عَفَا عَنْكَ». بَابٌ فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ 4382 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، أَنَّ قَوْمًا، مِنَ الْكَلَاعِيِّينَ سُرِقَ لَهُمْ مَتَاعٌ، فَاتَّهَمُوا أُنَاسًا مِنَ الْحَاكَةِ، فَأَتَوْا النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُمْ، فَأَتَوْا النُّعْمَانَ، فَقَالُوا: خَلَّيْتَ سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ، وَلَا امْتِحَانٍ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: «مَا شِئْتُمْ، إِنْ شِئْتُمْ أَنْ أَضْرِبَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ مَتَاعُكُمْ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذْتُ مِنْ ظُهُورِكُمْ مِثْلَ مَا أَخَذْتُ === الحد, فلذلك قال له - صلى الله عليه وسلم - ما قال وفيه: "إن الحد يدرأ ما أمكن" والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ 4382 - "من الكلاعيين" نسبة إلى ذي كلاع بفتح كاف وخفة لام قبيلة من اليمن، فحبسهم فيها الحبس للتهمة مشروع، وقد جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة "أخذت من ظهوركم" (¬1) أي قصاصًا، ونقل عن المصنف في بعض النسخ أنه قال: إنما رهبهم بهذا القول: أي لا أحب الضرب إلا بعد الاعتراف. ¬

_ (¬1) الحديث رواه النسائي (8/ 67) تحقيق أ. عبد الفتاح أبو غدة.

باب ما يقطع فيه السارق

مِنْ ظُهُورِهِمْ»، فَقَالُوا: هَذَا حُكْمُكَ؟ فَقَالَ: «هَذَا حُكْمُ اللَّهِ، وَحُكْمُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِنَّمَا أَرْهَبَهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ، أَيْ لَا يَجِبُ الضَّرْبُ إِلَّا بَعْدَ الِاعْتِرَافِ». بَابُ مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ 4383 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْطَعُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». 4384 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَوَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةً، وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: === قلت: كأنه كنى به أنه لا يحل ضربهم، فإنه لو جاز لجاز ضربكم أيضًا قصاصًا والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ 4383 - "كان يقطع" إلخ، ظاهر الكتاب نوط القطع بتحقق مسمى السرقة، قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} (¬1)، لكن الأئمة اتفقوا على تقييد هذا الإطلاق، وهذا الحديث سيما رواية (تقطع يد السارق) دليل قوي لمن جد القدر المسروق بربع دينار، وقد اعترف بقوته كثير ممن خالفهم والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية (38).

«تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: «الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». 4385 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ». 4386 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، أَنَّ نَافِعًا، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُمْ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ سَرَقَ تُرْسًا، مِنْ صُفَّةِ النِّسَاءِ، ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ». 4387 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَهُوَ أَتَمُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، === 4385 - "القطع" قيل: اللام للعهد والمعنى القطع الذي أوجبه الله تعالى في السرقة، "في مجن" بكسر ففتح فتشديد نون اسم لكل ما يستر به من الترس ونحوه، "ثمنه" أي قيمته كما جاء في رواية الترمذي (¬1)؛ إذ الأشياء تعرف وتمد بالقيم لا بالأثمان، ومن يقول بظاهر الحديث الأول يحمل هذا الحديث على أن هذا القدر أعني ثلاثة دراهم ربع دينار في ذلك الوقت، والروايات شاهدة لذلك. 4386 - "سرق" كضرب من صفة النساء بضم صاد وتشديد فاء كذا ضبط. 4387 - "قيمته دينار" هذا الحديث إن ثبت لا ينفي القطع فيما دونه يجب ¬

_ (¬1) الحديث رواه الترمذي في الحدود (1446)، وقال: حديث حسن صحيح.

باب ما لا قطع فيه

عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ رَجُلٍ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دِينَارٌ، أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، بِإِسْنَادِهِ. بَابُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ 4388 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ، فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ، فَخَرَجَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وَدِيَّهُ، فَوَجَدَهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ، فَسَجَنَ مَرْوَانُ الْعَبْدَ وَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ، فَانْطَلَقَ سَيِّدُ الْعَبْدِ إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّ مَرْوَانَ أَخَذَ غُلَامِي، وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَ يَدِهِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي إِلَيْهِ فَتُخْبِرَهُ بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَشَى مَعَهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ حَتَّى أَتَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ === القول به على أنه لو قيل بالمفهوم لكان المفهوم غير معتبر عند الأصحاب والله تعالى أعلم بالصواب. 4388 - "وديا" بفتح واو وكسر دال مهملة وتشديد ياء ما يخرج من أصل النخل فيقطع من محله ويغرس في محل آخر، "من حائط" من بستان، "فاستعدى" أي طلب منه أن يحمل عليه ويؤدبه، "في ثمر" بفتحتين فربما كان معلقًا بالشجر قبل أن يجد ويحرز، وقيل المراد به أنه لا يقطع فيما يتسارع إليه

باب ما لا قطع فيه

رَافِعٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلَا كَثَرٍ»، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فَأُرْسِلَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْكَثَرُ: الْجُمَّارُ. 4389 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَجَلَدَهُ مَرْوَانُ جَلَدَاتٍ وَخَلَّى سَبِيلَهُ. 4390 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ === الفساد ولو بعد الإحراز، "ولا كثر" بفتحتين الجمار. قلت: وكأنهم قاسوا عليه الودى في عدم الحرق والله تعالى أعلم. بَابُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ 4390 - " من ذي حاجة" حملوه على حالة الاضطرار فقالوا إنما أبيح للمضطر. "خبنة" بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة ونون، "معطفًا" الإزار، "وظرف الثوب" أي لا يأخذ منه في ثوبه، "غرامة" مثلية بالتثنية في نسخة وبالإفراد في أخرى والإفراد أظهر، وأمثل بقواعد الشرع والتثنية من باب التغرير بالحال، والجمع بينه وبين العقوبة وغالب العلماء على نسخ التغرير بالمال، "يؤويه" من "الإيواء، "والجرين" كأمير موضع يجمع فيه التمر ويجف، والمقصود

باب القطع في الخلسة والخيانة

مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ، وَالْعُقُوبَةُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْجَرِينُ: الْجُوخَانُ. بَابُ الْقَطْعِ فِي الْخُلْسَةِ وَالْخِيَانَةِ 4391 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ، وَمَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً مَشْهُورَةً فَلَيْسَ مِنَّا». 4392 - وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ قَطْعٌ». 4393 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، === أن من سرق من الحرز ثمن المجن ذلك المجن الذي قطع فيه وهو ما كان قيمته ثلاثة دراهم، والمجن عندهم غالبًا ما كان بأقل من ثلاثة دراهم فأطلق، وإلا فالمجن مختلف القيمة فلا يصلح للضبط والله تعالى أعلم. بَابُ الْقَطْعِ فِي الْخُلْسَةِ وَالْخِيَانَةِ 4391 - "على المنتهب" النهب الأخذ على وجه العلانية والقهر، "نهبة" بفتح نون مصدر وبضمها المال المنهوب والمراد من توصيفها بالشهرة كونها ظاهرة غير خفية وهذا تقبيح وتشنيع لها. 4392 - "الخاين" هو الآخذ مما في يده على وجه الأمانة. 4393 - "المختلس" الاختلاس أخذ الشيء من ظاهر بسرعة، قالوا كل ذلك

باب من سرق من حرز

عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ، زَادَ «وَلَا عَلَى الْمُخْتَلِسِ قَطْعٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " هَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَمْ يَسْمَعْهُمَا ابْنُ جُرَيْجٍ، مِنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَبَلَغَنِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سَمِعَهُمَا ابْنُ جُرَيْجٍ مَنْ يَاسِينَ الزَّيَّاتِ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَدْ رَوَاهُمَا الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ 4394 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ أُخْتِ صَفْوَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَيَّ خَمِيصَةٌ لِي ثَمَنُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي، فَأُخِذَ الرَّجُلُ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === ليس فيه معنى السرقة، قال القاضي عياض: شرع الله تعالى إيجاب القطع على السارق ولم يجعل ذلك في غيرها كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى الولاة، وتسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة فعظم أمرها واشتدت عقوبتها ليكون أبلغ في الزجر عنها (¬1). بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ 4394 - "فأخذ الرجل" على بناء المفعول وكذا قوله فأتي به فأمر به، قيل: أي بعد إقراره بالسرقة. ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 180, 181).

باب في القطع في العور إذا جحدت

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْطَعَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَتَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، أَنَا أَبِيعُهُ وَأُنْسِئُهُ ثَمَنَهَا؟ قَالَ: «فَهَلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ زَائِدَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جُعَيْدِ بْنِ حُجَيْرٍ، قَالَ: نَامَ صَفْوَانُ، وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، أَنَّهُ كَانَ نَائِمًا فَجَاءَ سَارِقٌ فَسَرَقَ خَمِيصَةً مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَاسْتَلَّهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَاسْتَيْقَظَ، فَصَاحَ بِهِ فَأُخِذَ. وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ، فَجَاءَ سَارِقٌ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأُخِذَ السَّارِقُ فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي الْقَطْعِ فِي الْعَوَرِ إِذَا جُحِدَتْ 4395 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ - قَالَ مَخْلَدٌ: عَنْ مَعْمَرٍ - عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ فَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === قلت: أو بعد قيام البينة, "أن أبيعه" أي أبيع الخميصة منه، فالمفعول الأول محذوف، "وأنسئه" من نسأت الشيء وأنسأته بهمزة في آخره أي أخرقه أي أبيع منه إلى أجل، فتصير الخميصة ملكان فيرتفع مسمى السرقة، "فهلا كان هذا" أي لو تركته قبل إحضاره عندي لنفعه ذلك، وأما بعد ذلك فالحق للشرع لا لك والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْقَطْعِ فِي الْعَوَرِ إِذَا جُحِدَتْ 4395 - "هل من امرأة" إلخ، هذا يقتضي أن جحد العارية دون السرقة، فتقبل

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، فَقُطِعَتْ يَدُهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَوْ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، زَادَ فِيهِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: «هَلْ مِنَ امْرَأَةٍ تَائِبَةٍ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - وَتِلْكَ شَاهِدَةٌ، فَلَمْ تَقُمْ، وَلَمْ تَتَكَلَّمْ» وَرَوَاهُ ابْنُ غَنَجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: فِيهِ فَشَهِدَ عَلَيْهَا. 4396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ عُرْوَةُ، يُحَدِّثُ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ - تَعْنِي - حُلِيًّا عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ يُعْرَفُونَ، وَلَا تُعْرَفُ هِيَ، فَبَاعَتْهُ، فَأُخِذَتْ، فَأُتِيَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا»، وَهِيَ الَّتِي شَفَعَ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَقَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ. 4397 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَتِ امْرَأَةً مَخْزُومِيَّةً تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِقَطْعِ يَدِهَا، وَقَصَّ نَحْوَ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، زَادَ «فَقَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا». === فيها التوبة والله تعالى أعلم، ولا يخفى أن أحاديث هذا الباب كالصريح في قطع يد جاحد الأمانة، وتأويل الجمهور فيها بعيد جدًّا فتأمل والله تعالى أعلم.

باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا

بَابٌ فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا 4398 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ === بَابٌ فِي الْمَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا 4398 - "رفع القلم" كناية عن كتابة الآثام عليهم في هذه الأحوال، وهو لا ينافي ثبوت بعض الأحكام الدنيوية والأخروية لهم في هذه الأحوال كضمان المتلفات وغيره، فلذلك من فاتته صلاة في النوم فصلى ففعله قضاء عند كثير من الفقهاء، مع أن القضاء مسبوق بوجوب الصلاة، فلا بد لهم عن القول بالوجوب حالة النوم، ولهذا؛ الصحيح أن الصغير يثاب على الصلاة وغيرها، فهذا الحديث كحديث: "رفع عن أمتي الخطأ" (¬1)، مع أن القاتل خطأ تجب عليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، وعلى هذا ففي دلالة الحديث على عدم الحد في هؤلاء بحث والله تعالى أعلم، ثم بما ذكرنا من الكناية اندفع ما يقال: رفع القلم يقتضي سبق وضع ولا وضع على الصبي أصلًا، وقد يجاب عن هذا لا يرد بالتغليب بأن غلب غير الصبي من النائم والمجنون عليه فاستعمل الرفع في الكل، ويجاب أيضًا بأن الإنسان مجبول على حالة يقبل التكليف بالآخرة، فنزل ذلك الاستعداد وذلك التكليف بالقوة منزل التكليف بالفعل، فكأنه وضع عليه القلم بالفعل ثم رفع عنه فتأمل، ثم المراد بقوله: رفع القلم هو أنه تعالى حكم في الأزل بأن يرفع القلم. عن كلٍّ في وقته إلى الغاية المذكورة بأن يرفع عن النائم حتى ¬

_ (¬1) الحديث بتمامه أخرجه الطبراني في الكبير عن ثوبان وفي مسنده يزيد بن ربيع وهو ضعيف. المعجم الكبير (2/ 97)، وكذا ذكره الهيثمي في الزوائد (6/ 254).

عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ. 4399 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بِمَجْنُونَةٍ قَدْ زَنَتْ، فَاسْتَشَارَ فِيهَا أُنَاسًا، فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ تُرْجَمَ، مُرَّ بِهَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالُوا: مَجْنُونَةُ بَنِي فُلَانٍ زَنَتْ، فَأَمَرَ بِهَا عُمَرُ أَنْ === يستيقظ ... إلى آخره، فالحكم أزلي فلذا ذكر بصيغة المضي، وأما الرفع فيكون لكل في وقته، فلذلك صح جعل (حتى يستيقظ) غاية له، فسقط ما قيل أن أرفع ماض، فكيف يستقيم جعل المستقبل غاية له؟ ! والله تعالى أعلم. وعن المبتلي أي المجنون كما في حديث علي: حتى يكبر أي يحتلم أو يبلغ، والثاني هو الأظهر وعليه يحمل رواية يحتلم، وذلك لأنه قد يبلغ بلا احتلام أتى عمر بمجنونة، قال الخطابي: لم يأمر عمر برجم مجنونة مطبق عليها في الجنون، ولا يجوز أن يخفى هذا عليه ولا على أحد ممن بحضرته، ولكن هذه المرأة كانت تجن مرة وتفيق فرأى عمر أن لا يسقط عنها الحد لما يصيبها من الجنون إذ كان الزنا منها في حمالة الإفاقة، ورأى على أن الجنون يدرأ بها الحد عمن يبتلى به، والحدود تدرأ بالشبهات، ولعلها قد أصابت ما أصابت وهي في بقية بلائها، فوافق اجتهاد عمر اجتهاده في ذلك فَدرَأ عنها الحد (¬1)، زاد فيه: والخرف بفتح خاء معجمة وكسر راء من الخرف بفتحتين فساد العقل من الكبر: قال السبكي والمراد به الشيخ الذي زال عقله، فإن الكبير قد يعرض له ما يخرجه على أهلية التكليف. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 310).

تُرْجَمَ، قَال: فَقَال: ارْجِعُوا بِهَا، ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا عَلِمْتَ " أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ رُفِعَ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَعْقِلَ؟ " قَال: بَلَى، قَال: فَمَا بَالُ هَذِهِ تُرْجَمُ؟ قَال: لَا شَيءَ، قَال: فَأَرْسِلْهَا، قَال: فَأَرْسَلَهَا، قَال: فَجَعَلَ يُكَبِّرُ. 4400 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، نَحْوَهُ، وَقَال أَيضًا: حَتَّى يَعْقِلَ، وَقَال: "وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ"، قَال: فَجَعَلَ عُمَرُ يُكَبِّرُ. 4401 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: مُرَّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَعْنَى عُثْمَانَ، قَال: أَوَ مَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ"، قَال: صَدَقْتَ، قَال: فَخَلَّى عَنْهَا. 4402 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، الْمَعْنَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، قَال هَنَّادٌ الْجَنْبيُّ: قَال: أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ قَدْ فَجَرَتْ، فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَمَرَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَخَذَهَا فَخَلَّى سَبِيلَهَا، فَأُخْبِرَ عُمَرُ، قَالَ: ادْعُوا لِي عَلِيًّا، فَجَاءَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ

باب في الغلام يصيب الحد

عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ المَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ»، وَإِنَّ هَذِهِ مَعْتُوهَةُ بَنِي فُلَانٍ، لَعَلَّ الَّذِي أَتَاهَا وَهِيَ فِي بَلَائِهَا، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَنَا لَا أَدْرِي. 4403 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ: «وَالْخَرِفِ». بَابٌ فِي الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ 4404 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ، قَالَ: «كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ، === بَابٌ فِي الْغُلَامِ يُصِيبُ الْحَدَّ 4404 - "فمن أنبت الشعر" أي شعر العانة إن هذا الحد بين الصغير والكبير، وعليه غالب الفقهاء فيما ما لم يبلغ بالاحتلام ونحوه والله تعالى أعلم. "النجاتي" ويقال للذكر ابنحتى وهي جمال معروفة في السفر، وجاء في روايات الحديث في الغزو، وهذا الحديث أخذ به الأوزاعي ولم يقل به أكثر

باب في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟

فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ». 4405 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: «فَكَشَفُوا عَانَتِي، فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ، فَجَعَلُونِي مِنَ السَّبْيِ». 4406 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُ». 4407 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ نَافِعٌ، حَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدُّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْرِقُ فِي الْغَزْوِ أَيُقْطَعُ؟ 4408 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، عَنْ شِيَيْمِ بْنِ بَيْتَانَ، وَيَزِيدَ بْنِ صُبْحٍ الْأَصْبَحِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ بُسْرِ بْنِ أَرْطَاةَ فِي الْبَحْرِ، فَأُتِيَ بِسَارِقٍ يُقَالُ لَهُ: مِصْدَرٌ، قَدْ سَرَقَ بُخْتِيَّةً، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّفَرِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَطَعْتُهُ». === الفقهاء، فقال قائل: الحديث ضعيف وقال قائل المراد بقوله: "في غزو" أي في غنيمة؛ لأنه شريك بسهمه فيه، وقيل: هذا إذا خيف لحوق القطوع يده بدار الحرب والله تعالى أعلم، لأنه دخل على الميت بيته أي فأخذ من تسمية النبي - صلى الله عليه وسلم -، القبر بيتًا.

باب في قطع النباش

بَابٌ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ 4409 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْمُشَعَّثِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ يَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْوَصِيفِ - يَعْنِي الْقَبْرَ -»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - أَوْ مَا خَارَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ»، أَوْ قَالَ: «تَصْبِرُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: «يُقْطَعُ النَّبَّاشُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْمَيِّتِ بَيْتَهُ». بَابٌ [فِي] السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا 4410 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي النَّبَّاشِ 4409 - " النباش" يقطع متحقق الأخذ منه الحرز، لكن قد سبق في الحديث احتمالات وعلى تقدير أن يكون المراد هو القبر لا بد من بيان أنه إطلاق البيت حقيقة لا مجازًا، وأنه من كلامه - صلى الله عليه وسلم - دون كلام الرواة, مع أنه معلوم وجود النقل بالمعنى في الأحاديث على كثرة ودون هذا البيان فرط القتاد, فالاستدلال بالحديث لا يخلو عن إشكال والله تعالى أعلم. بَابٌ [فِي] السَّارِقِ يَسْرِقُ مِرَارًا 4410 - فقال: "اقتلوه" سبحان من أجرى على لسانه - صلى الله عليه وسلم - ما آل إليه عاقبة

جَدِّي، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: «اقْطَعُوهُ»، قَالَ: فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ «اقْطَعُوهُ»، قَالَ: فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا سَرَقَ، فَقَالَ: «اقْطَعُوهُ»، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ: «اقْتُلُوهُ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّمَا سَرَقَ، قَالَ: «اقْطَعُوهُ»، فَأُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ، فَقَالَ «اقْتُلُوهُ»، قَالَ جَابِرٌ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ فَقَتَلْنَاهُ، ثُمَّ اجْتَرَرْنَاهُ فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بِئْرٍ، وَرَمَيْنَا عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ. === أمره، والحديث يدل بظاهره على أن السارق في المرة الخامسة يقتل، والفقهاء على خلافه، فقيل: لعله وجد منه ارتداد أوجب قتله إذ لو كان مؤمنًا لما فعلوا ما فعلوا من اجتراره، وإلقائه في البئر؛ إذ المؤمن وإن ارتكب كبيرة، فإنه يقبر ويصلى عليه، لا سيما بعد إقامة الحد وتطهيره، وأما الإهانة بهذا الوجه فلا يليق بحال المسلم، وقيل: بل الحديث منسوخ بحديث: "لا يحل دم امرئ مسلم ... " (¬1) الحديث، وفيه أن الحصر في ذلك الحديث محتاج إلى التوجيه فكيف يحكم بنسخ هذا الحديث به؟ ! والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة (1676)، والترمذي في الحدود (1444)، والنسائي في تحريم الدم (4016) (7/ 90، 91) تحقيق أ. عبد الفتاح أبو غدة، وأحمد في مسنده (1/ 63).

باب في تعليق يد السارق في عنقه

بَابٌ فِي تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ 4411 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، قَالَ: سَأَلْنَا فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ لِلسَّارِقِ، أَمِنَ السُّنَّةِ هُوَ؟ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ، فَقُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ. بَابٌ فِي بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إِذَا سَرَقَ 4412 - حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === بَابٌ فِي تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ 4411 - "فعلقت" أي اليد في عنقه ليكون عبرة ونكالًا، قال ابن العربي في شرح الترمذي: ولو ثبت هذا الحكم لكان حسنًا صحيحًا، لكنه لم يثبت، ويرويه الحجاج (¬1) بن أرطاة. قلت: والحديث قد حسنه الترمذي (¬2) وسكت عليه أبو داود. بَابٌ فِي بَيْعِ الْمَمْلُوكِ إِذَا سَرَقَ 4412 - "فبعه" أي مع إظهار العيب، وذلك لأنه قد يقدر المشتري على صلاحه ودفع أسباب السرقة من جوع وغيره عنه، والبايع لا يقدر عليه، "ولو نبش" بفتح وتشديد معجمة عشرون درهمًا، وقيل: النبش من كل شيء نصفه، ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: صدوق كثير الخطأ والتدليس. تقريب التهذيب (1/ 152). (¬2) الترمذي في الحدود (1447).

باب في الرجم

وَسَلَّمَ: «إِذَا سَرَقَ الْمَمْلُوكُ فَبِعْهُ وَلَوْ بِنَشٍّ». بَابٌ فِي الرَّجْمِ 4413 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15]، وَذَكَرَ الرَّجُلَ بَعْدَ الْمَرْأَةِ ثُمَّ جَمَعَهُمَا، فَقَالَ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16]، فَنَسَحَ ذَلِكَ بِآيَةِ الْجَلْدِ، فَقَالَ: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. === فيمكن أن يراد ولو بنصف قيمته. بَابٌ فِي الرَّجْمِ 4413 - "أو يجعل الله لهن سبيلًا" أي بين ما وعد بقوله أو يجعل الله لهن سبيلًا، وقوله: "الثيب بالثيب" قيل: تقديره حذرنا الثيب بالثيب جلد مائة أي لكل واحد، وكذا رمي بالحجارة وعلى هذا القياس البكر بالبكر جلد مائة، أي لكل واحد، فيفهم من مجموع الحديث أنه إذا كان أحدهما ثيبًا والثاني بكرًا فللثيب حق الثيب وللبكر حق البكر، ثم الجمهور على أن الجلد في الثيب منسوخ وإنما فيه الرجم فقط، وأما البكر فالجمهور على وجوب الجلد والنفي جميعًا، وعلماؤنا الحنفية يرون النفي منسوخًا والله تعالى أعلم.

4414 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ، عَنْ شِبْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجِاهِدٍ، قَالَ: " السَّبِيلُ: الْحَدُّ " قَالَ سُفْيَانُ: {فَآذُوهُمَا} [النساء: 16]: الْبِكْرَانِ، {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15]: الثَّيِّبَاتُ. 4415 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حَطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَمْيٌ بِالْحِجَارَةِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ. 4416 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، بِإِسْنَادِ يَحْيَى وَمَعْنَاهُ، قَالَ: «جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ». 4417 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحِ بْنِ خُلَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الْوَهْبِيَّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا الْحَدِيثِ -، فَقَالَ نَاسٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: يَا أَبَا ثَابِتٍ، قَدْ نَزَلَتِ الْحُدُودُ، لَوْ أَنَّكَ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِكَ رَجُلًا كَيْفَ كُنْتَ صَانِعًا؟ قَالَ: كُنْتُ ضَارِبَهُمَا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَسْكُتَا، أَفَأَنَا أَذْهَبُ فَأَجْمَعُ أَرْبَعَةَ شُهَدَاءٍ؟ فَإِلَى ذَلِكَ

قَدْ قَضَى الْحَاجَةَ، فَانْطَلَقُوا فَاجْتَمَعُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أَبِي ثَابِتٍ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا» ثُمَّ قَالَ: «لَا لَا، أَخَافُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهَا السَّكْرَانُ وَالْغَيْرَانُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى وَكِيعٌ، أَوَّلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ دَلْهَمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا هَذَا إِسْنَادُ حَدِيثِ ابْنِ الْمُحَبَّقِ، أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْفَضْلُ بْنُ دَلْهَمٍ لَيْسَ بِالْحَافِظِ، كَانَ قَصَّابًا بِوَاسِطَ». 4418 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا === 4418 - "إن عمر بن الخطاب خطب فقال" إلخ، قال النووي: في إعلان عمر بالرجم وهو على المنبر، وسكوت الصحابة عن مخالفته بالإنكار، دليل على ثبوت الرجم (¬1). قلت: أراد أنه إجماع سكوتي، لكن قال في قول عمر، وكان حمل أن وجوب الحد بالحمل إذا لم يكن لها زوج أو سيد مذهب عمر، وتابعه مالك وأصحابه، وجماهير العلماء على أنه لا حد عليها بمجرد الحمل. قلت: إن كان إعلان عمر دليلًا كما قرره ويكون إجماعًا سكوتيًّا يلزم أن يكون قول الجمهور هاهنا مخالفًا للإجماع، فإن عمر أعلن بوجوب الحد بالحمل كما أعلن بالرجم، وإن لم يكن دليلًا لا يتم الاستدلال به على ثبوت الرجم ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 191).

الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ يَعْنِي ابْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ، فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا، وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ الزَّمَانُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ آيَةَ === أيضًا، والعجب من النووي أنه قرره دليلًا حين وافق مطلوبه، ثم جاء يخالفه حين لم يوافق، ثم الاستدلال بالسكوت وعدم الإنكار مشهور بينهم ويعدونه إجماعًا سكوتيًّا، فلزوم مخالفة الإجماع وارد على الجمهور إلزامًا لهم، نعم التحقيق أنه ليس بدليل إذ لا يجب إنكار قول المجتهد بل قول المقلد إذا وافق مجتهدًا, فكيف قول الخليفة إذا كان مجتهدًا، فالاستدلال بالسكوت على الإجماع ليس بشيء والله تعالى أعلم. "آية الرجم" أراد بها الشيخ والشيخة إذا زنيا، "فارجموهما البتة نكالًا من الله" وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه (¬1) , ورجمنا من بعده، (من) جارة لا اسم موصول مفعول للرجم إلا أن يكون للعهد الخارجي فيتأمل، "أن يقول قائل" قال النووي وهذا الذي خشيه قد وقع من الخوارج ومن وافقهم، وهذا من كرامات عمر، ويحتمل أنه علم ذلك من جهته - صلى الله عليه وسلم - (¬2). "لولا أن يقول" إلخ، قال الزركشي: ظاهره أن الكتابة جائزة، وإنما منعه قول الناس، وإذا كانت جائزة لزم أن تكون القراءة ثابتة؛ لأن هذا شأن المكتوب، ¬

_ (¬1) هذه مما نسخ لفظه وبقي حكمه؛ النووي في شرح صحيح مسلم (11/ 191). (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 191، 192).

باب رجم ماعز بن مالك

الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى، فَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا كَانَ مُحْصَنًا، إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ حَمْلٌ، أَوِ اعْتِرَافٌ، وَايْمُ اللَّهِ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَكَتَبْتُهَا. بَابُ رَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ 4419 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ === وفيه أنه لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعرج على مقالة الناس، لأنها لا تصلح مانعة، وبالجملة هذه الملازمة مشكلة، ذكره السيوطي في حاشية الموطأ (¬1)، وتبعه على القارئ في شرح موطأ محمد ولم يجب. قلت: يمكن دفع الإشكال بأن يجعل قوله (لولا أن يقول الناس) كناية عن تقرير النسخ تلاوة عندهم، فإن ذلك سبب قول الناس، أي لولا كان النسخ ثابتًا متقررًا لكتبتها، ويحتمل أن يكون كناية عن حرمة الزيادة وعدم جواز كتابة المنسوخ تلاوة في المصحف؛ فإنه سبب لقولهم ذلك ومبادرتهم إلى الطعن، أي لولا الزيادة غير جائزة في المصحف لكتبتها في المصحف للعلم بأنه حق ثابت قطعًا، فصار الحاصل أنه لا شك في ثبوت الرجم من الله تعالى وأنه حق، وإنما المانع من كتابته أنه منسوخ تلاوة والله تعالى أعلم. بَابُ رَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ 4419 - "حتى قالها أربع مرات" ظاهره دليل لمن يشترط في الإقرار التكرار ¬

_ (¬1) تنوير الحوالك بشرح موطأ مالك للسيوطي (3/ 42).

سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أَبِي، فَأَصَابَ جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعْتَ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ لَكَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَخْرَجًا، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَعَادَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَعَادَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللَّهِ، حَتَّى قَالَهَا أَرْبَعَ مِرَارٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكَ قَدْ قُلْتَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَبِمَنْ؟ » قَالَ: بِفُلَانَةٍ، فَقَالَ: «هَلْ ضَاجَعْتَهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «هَلْ بَاشَرْتَهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «هَلْ جَامَعْتَهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَأُخْرِجَ بِهِ إِلَى الْحَرَّةِ، فَلَمَّا رُجِمَ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ جَزِعَ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَقَدْ عَجَزَ أَصْحَابُهُ، فَنَزَعَ لَهُ بِوَظِيفِ بَعِيرٍ فَرَمَاهُ بِهِ فَقَتَلَهُ، ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَتُوبَ، فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ». 4420 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ === إلى أربع مرات كما يقول علماؤنا الحنفية، "يشتد" أي يعد ويسرع في الفرار عنهم، "بوظيف" بعير هو خفه وهو له كالحافر للفرس (¬1). 4420 - "فقال هلا" إلخ، دليل لمن يقول أن من ثبت عليه الحد بالإقرار إذا ¬

_ (¬1) النهاية (5/ 205).

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قِصَّةَ مَاعِزِ ابْنِ مَالِكٍ، فَقَالَ: لِي حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» مَنْ شِئْتُمْ مِنْ رِجَالِ أَسْلَمَ مِمَّنْ لَا أَتَّهِمُ، قَالَ: وَلَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: فَجِئْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَسْلَمَ يُحَدِّثُونَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ حِينَ ذَكَرُوا لَهُ جَزَعَ مَاعِزٍ مِنَ الْحِجَارَةِ حِينَ أَصَابَتْهُ: «أَلَّا تَرَكْتُمُوهُ»، وَمَا أَعْرِفُ الْحَدِيثَ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَ الرَّجُلَ، إِنَّا لَمَّا خَرَجْنَا بِهِ فَرَجَمْنَاهُ، فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ صَرَخَ بِنَا: يَا قَوْمُ رُدُّونِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي، وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي، وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ قَاتِلِي، فَلَمْ نَنْزَعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ، فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ: «فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَجِئْتُمُونِي بِهِ» لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، فَأَمَّا لِتَرْكِ حَدٍّ فَلَا، قَالَ: فَعَرَفْتُ وَجْهَ الْحَدِيثِ. 4421 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إِنَّهُ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَسَأَلَ === ضرب يترك ليستثب، ظاهره أنه إذا رجع عن الإقرار عند الإمام وكذب نفسه يترك، وإلا ما كان لهذا كثير وجه والله تعالى أعلم. 4421 - "أمجنون هو" قال النووي: إنما قال ذلك ليتحقق حاله؛ فإن الغالب

قَوْمَهُ: «أَمَجْنُونٌ هُوَ؟ » قَالُوا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، قَالَ: «أَفَعَلْتَ بِهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَانْطُلِقَ بِهِ فَرُجِمَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. 4422 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ جِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَجُلًا قَصِيرًا، أَعْضَلَ، لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ قَدْ زَنَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَعَلَّكَ قَبَّلْتَهَا؟ » قَالَ: لَا، وَاللَّهِ إِنَّهُ قَدْ زَنَى الْآخِرُ، قَالَ: فَرَجَمَهُ، ثُمَّ خَطَبَ، فَقَالَ: «أَلَا كُلَّمَا نَفَرْنَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَلَفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثْبَةَ، أَمَا إِنَّ اللَّهَ إِنْ يُمَكِّنِّي مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا نَكَلْتُهُ عَنْهُنَّ». 4423 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ === أن الإنسان لا يصر على الإقرار بما يفضي إلى هلاكه مع أن له طريقًا إلى سقوط الإثم بالتوبة (¬1). 4422 - "أعضل" أي مكتنز اللحم مشتد الخلق الآخر، قال السيوطي: بوزن الكبد أي الأبعد المتأخر عن الخير، أراد نفسه "له نبيب" بنون مفتوحة ثم باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة هو صوت التيس عند السفاد (¬2). "يمنح" بفتح الياء والنون أي يعطي، "الكثبة" بضم كاف ثم مثلثة ساكنة ثم موحدة القليل من اللبن، "أن تمكنني" كلمة (أن) نافية، "نكلته" رددته عنهن بالعقوبة. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 193). (¬2) النهاية (5/ 4).

سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَوَّلُ أَتَمُّ قَالَ: فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، قَالَ سِمَاكٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. 4424 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ شُعْبَةُ، فَسَأَلْتُ سِمَاكًا عَنِ الكُثْبَةِ، فَقَالَ: «اللَّبَنُ الْقَلِيلُ». 4425 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ: «أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ؟ » قَالَ: وَمَا بَلَغَكَ عَنِّي؟ قَالَ: «بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ وَقَعْتَ === 4425 - "أحق ما بلغني عنك" ظاهر هذا الحديث يفيد أنه - صلى الله عليه وسلم - حمله على الإقرار وهو مخالف للروايات المشهورة الدالة على أنه أعرض عنه حين أقر به ولقنه الرجوع عن الإقرار، وقال: أهو مجنون، وقال لهزال: (لو سترته بثوبك كان خيرًا لك)، فلعله تغير بعض الرواة، وهذا غير مستبعد، فإن هذه الواقعة واحدة، وقد روي فيها كيفيات متعددة للإقرار الأربع بحيث لا يمكن اجتماعها، نعم إن غالب الرواة ما خالفوا في بيان الحكم الشرعي وهو أن الرجم كان بعد الإقرارات الأربع، فكأنهم كانوا يعتبثون بالأحكام، وأما الكيفيات والتصويرات فكثيرًا يحصل منهم فيها نوع تغيير بسبب مرور الزمان، لأنهم ما كانوا يكتبون بل يحفظون والله تعالى أعلم، لكن ثم رأيت الطيبي أجاب في شرح المشكاة، فقال: لا يبعد أنه - صلى الله عليه وسلم - بلغه حديث ماعز، فأحضره بين يديه فاستنطقه لينكر ما نسب إليه الدرء الحد.

عَلَى جَارِيَةِ بَنِي فُلَانٍ؟ » قَالَ: نَعَمْ، فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. 4426 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ، فَطَرَدَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ: «شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». 4427 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنِي يَعْلَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ح حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْلَى يَعْنِي ابْنَ حَكِيمٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَنِكْتَهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُوسَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَذَا لَفْظُ وَهْبٍ. === "فلما أقر أعرض عنه" إلى آخر ما ذكره الرواة الأخر، فيكون في هذه الرواية اختصار والله تعالى أعلم. 4427 - "أفنكتها" على وزن بِعْتَ بلفظ الخطاب أي جامعتها, يقال: ناكها ينيكها جامعها، قالوا: هذا اللفظ صريح في هذا المعنى بخلاف غيره من الألفاظ، فإنها كنايات.

4428 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصَّامِتِ، ابْنَ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَصَابَ امْرَأَةً حَرَامًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ، فَقَالَ: «أَنِكْتَهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ » قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ حَلَالًا، قَالَ: «فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ » قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: «أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ » فَقَالَا: نَحْنُ ذَانِ يَا === 4428 - "المرود" (¬1) بكسر الميم وسكون الراء، "والمكحلة" بضم الميم والحاء بينهما كاف ساكنة التي فيها الكحل، "والرشاء" ككتاب حبل الدلو، "فلم تدعه نفسه" أي فما تركته نفسه الأمارة بالسوء، "شايل برجله" رافع رجله والباء للتعدية، وذلك من شدة الانتفاخ، "يغمس فيها" في نسختنا بالغين المعجمة من قال السيوطي: بالقاف، قال الخطابي: معناه ينغمس ويغوص فيها (¬2)، ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 321). (¬2) معالم السنن (3/ 320).

رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «انْزِلَا فَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ»، فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: «فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ الْآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْقَمِسُ فِيهَا». 4429 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ زَادَ: وَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: رُبِطَ إِلَى شَجَرَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وُقِفَ. 4430 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبِكَ جُنُونٌ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: === "والغاموس" معظم الماء، قال في النهاية غمس في الماء فانغمس أي غمه وغطه، ويروى بالصاد وهو (¬1) بمعناه. قلت: والحديث يدل على دخول بعض الأموات الجنة أيام البرزخ، فتأمل والله تعالى أعلم. 4430 - قال: "أحصنت" قال النووي فيه: أن الإمام يسأل عن شروط الرجم من الإحصان وغيره سواء ثبت بالإقرار أم بالبينة (¬2). ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 107). (¬2) صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 193).

«أُحْصِنْتَ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ فِي الْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذَلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ. 4431 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَهَذَا لَفْظُهُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ، خَرَجْنَا بِهِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَوَاللَّهِ، مَا أَوْثَقْنَاهُ، وَلَا حَفَرْنَا لَهُ، وَلَكِنَّهُ قَامَ لَنَا» - قَالَ أَبُو كَامِلٍ: - قَالَ: «فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ، وَالْخَزَفِ فَاشْتَدَّ، وَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ، حَتَّى أَتَى عَرْضَ الْحَرَّةِ، فَانْتَصَبَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِ الْحَرَّةِ حَتَّى سَكَتَ»، قَالَ: «فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ، وَلَا سَبَّهُ». === "فلما أذلقته" هو بالذال المعجمة والقاف أي أصابته بحدها فعقرته. 4431 - "عرض الحرة" بضم العين المهملة أي جانبها، "بجلد ميد الحرة" بجيم ودال مهملة في آخره هي الحجارة الكبار جمع جلد بفتح الجيم والميم وجلود بضمها، "سكت" قيل: روي بالتاء والنون أي مات، "فما استغفر له ولا سبه" قيل: أما عدم السب؛ فلأن الحد كفارة له وتطهير، وقيل: بل لأن المشروع هو الحد لا السب، وليس السب من جملة الحد، وأما عدم الاستغفار فلئلا يغتر به غيره فيقع في الزنا، انكالًا على استغفاره - صلى الله عليه وسلم -. قلت: يمكن أن يراد أنه ما صلى عليه، وإلا فقد جاء أنه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرًا، وأخبر عنه أنه ينغمس في أنهار الجنة والله تعالى أعلم.

4432 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ، قَالَ: ذَهَبُوا يَسُبُّونَهُ فَنَهَاهُمْ، قَالَ: ذَهَبُوا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ فَنَهَاهُمْ، قَالَ: «هُوَ رَجُلٌ أَصَابَ ذَنْبًا حَسِيبُهُ اللَّهُ». 4433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْكَهَ مَاعِزًا». 4434 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بُشَيْرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَتَحَدَّثُ " أَنَّ الْغَامِدِيَّةَ، وَمَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ لَوْ رَجَعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا - أَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَرْجِعَا بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا - لَمْ يَطْلُبْهُمَا، وَإِنَّمَا رَجَمَهُمَا عِنْدَ الرَّابِعَةِ. === 4432 - "ذهبوا" أي شرعوا وجعلوا, "فنهاهم" لعل النهي عن الاستغفار بناءً على أنهم استغفروا له تعظيمًا لأمره، فنهاهم عن المبادرة إلى ذلك بلا دليل قام عندهم على أمره، وليس المراد أنه لا ينبغي الاستغفار له أصلًا, كيف وقد أخبر عنه بما أخبر، لكن أراد التنبيه على أن الناس ليس لهم إلا الأخذ بما ظهر من الحال وتفويض الأسرار إلى عالمها والله تعالى أعلم. 4433 - "استنكه ماعزًا " قال الخطابي: كأنه ارتاب بأمره هل هو سكران. 4434 - "لو رجعا" أي عن الإقرار لو لم يرجعا إلى الإقرار.

4435 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ صَبِيحٍ، قَالَ عَبْدَةُ: أَخْبَرَنَا حَرَمِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُلَاثَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلَاجِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ اللَّجْلَاجَ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا يَعْتَمِلُ فِي السُّوقِ، فَمَرَّتِ امْرَأَةٌ تَحْمِلُ صَبِيًّا، فَثَارَ النَّاسُ مَعَهَا، وَثُرْتُ فِيمَنْ ثَارَ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ: «مَنْ أَبُو هَذَا مَعَكِ؟ » فَسَكَتَتْ، فَقَالَ شَابٌّ حَذْوَهَا: أَنَا أَبُوهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «مَنْ أَبُو هَذَا مَعَكِ؟ » قَالَ الْفَتَى: أَنَا أَبُوهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَعْضِ مَنْ حَوْلَهُ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ، ، فَقَالُوا: مَا عَلِمْنَا إِلَّا خَيْرًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْصَنْتَ؟ » قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، قَالَ: فَخَرَجْنَا بِهِ فَحَفَرْنَا لَهُ حَتَّى أَمْكَنَّا، ثُمَّ رَمَيْنَاهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى هَدَأَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنِ المَرْجُومِ، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: هَذَا جَاءَ يَسْأَلُ عَنِ الْخَبِيثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَهُوَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»، فَإِذَا هُوَ أَبُوهُ، فَأَعَنَّاهُ عَلَى غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ، وَمَا أَدْرِي قَالَ: وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، أَمْ لَا، «وَهَذَا حَدِيثُ عَبْدَةَ وَهُوَ أَتَمُّ». === 4435 - "فثار الناس" أي قاموا واجتمعوا (¬1)، و"خرت" كقلت، "من أبو هذا" هذا يفيد التفتيش عن حال الزاني والبحث عنه، مع أنه جاء أن الستر وتلقين الرجوع بعد الإقرار أحسن، وكأن المرأة كانت مدعية عليه فأراد - صلى الله عليه وسلم - أنه إن لم يثبت عليه يجب على المرأة حد القذف، فبحث عنه لذلك والله تعالى أعلم. "هَدَأ" أي سكن. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 321).

4436 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، وَقَالَ: هِشَامٌ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشُّعَيْثِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ. 4437 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا لَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَرْأَةِ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ زَنَتْ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ وَتَرَكَهَا». 4438 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ الْمَعْنَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجُلِدَ الْحَدَّ، ثُمَّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مُحْصَنٌ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ، وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِنَحْوِ ابْنِ وَهْبٍ، لَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا زَنَى فَلَمْ يُعْلَمْ بِإِحْصَانِهِ، فَجُلِدَ، ثُمَّ عُلِمَ بِإِحْصَانِهِ فَرُجِمَ. 4439 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ،

باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ فَلَمْ يَعْلَمْ بِإِحْصَانِهِ، فَجُلِدَ، ثُمَّ عَلِمَ بِإِحْصَانِهِ، فَرُجِمَ». بَابُ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ 4440 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ هِشَامًا الدَّسْتُوَائِيَّ، وَأَبَانَ ابْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَاهُمْ، الْمَعْنَى، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ امْرَأَةً، - قَالَ فِي حَدِيثِ أَبَانَ: مِنْ جُهَيْنَةَ -، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ إِنَّهَا زَنَتْ، وَهِيَ حُبْلَى، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيًّا لَهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَجِئْ بِهَا»، فَلَمَّا أَنْ وَضَعَتْ جَاءَ بِهَا، فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ فَصَلُّوا عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا» لَمْ يَقُلْ عَنْ أَبَانَ: فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا. 4441 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، === بَابُ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا مِنْ جُهَيْنَةَ 4440 - "أحسن إِليها" أوصى بذلك دفعًا لما يخاف عليها من أذى الأقارب بواسطة لحوق العار، أو لأنها تابت فاستحقت الإحسان. 4441 - "فشكت" بتشديد الكاف على بناء المفعول من الشك بمعنى اللزوم

قَالَ: فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا يَعْنِي: فَشُدَّتْ. 4442 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً - يَعْنِي - مِنْ غَامِدٍ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ فَجَرْتُ، فَقَالَ: «ارْجِعِي»، فَرَجَعَتْ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْغَدُ أَتَتْهُ، فَقَالَتْ: لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَحُبْلَى، فَقَالَ لَهَا: «ارْجِعِي»، فَرَجَعَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَتَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «ارْجِعِي حَتَّى تَلِدِي»، فَرَجَعَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ، فَقَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، فَقَالَ لَهَا: «ارْجِعِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ» فَجَاءَتْ بِهِ وَقَدْ فَطَمَتْهُ، وَفِي يَدِهِ شَيْءٌ يَأْكُلُهُ، فَأَمَرَ بِالصَّبِيِّ فَدُفِعَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، وَكَانَ خَالِدٌ فِيمَنْ يَرْجُمُهَا، فَرَجَمَهَا بِحَجَرٍ فَوَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهَا عَلَى وَجْنَتِهِ، فَسَبَّهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا === واللصوق, قال الخطابي: أي شدت عليها لئلا تتحرك فتبدو عورتها (¬1) , من أن جادت من الجود أي صرفت نفسها في رضي الله تعالى كما يصرف أحد المال فيه ويجود به. 4442 - "صاحب مكس" بفتح ميم فسكون كاف, هو الظلم والنقص في الحقوق، قالوا: الماكس هو العشار والمراد من يأخذ عشر الأموال ظلمًا موضع ربع العشر ونحوه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 321).

يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»، وَأَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ. 4443 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ زَكَرِيَّا أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ امْرَأَةً، فَحُفِرَ لَهَا إِلَى الثَّنْدُوَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَفْهَمَنِي رَجُلٌ عَنْ عُثْمَانَ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ الْغَسَّانِيُّ: «جُهَيْنَةُ وَغَامِدٌ وَبَارِقٌ وَاحِدٌ». 4444 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ سُلَيْمٍ، بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ زَادَ: ثُمَّ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ مِثْلَ الْحِمِّصَةِ، ثُمَّ قَالَ: «ارْمُوا وَاتَّقُوا الْوَجْهَ، فَلَمَّا طَفِئَتْ أَخْرَجَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا» وَقَالَ: فِي التَّوْبَةِ نَحْوَ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ. 4445 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ === "فصلى عليها" على بناء المفعول. 4443 - "إلى الثندوة" بمثلثة في النهاية الثندوتان للرجل كالثديين للمرأة، فمن ضم المثلثة همز ومن فتحها لم يهمز، والمراد هاهنا أي إلى صدرها، ويحتمل أن المراد إلى صدر الرجل، فيكون حقيقة فتأمل، "طفئت" كسمعت بهمزة في آخره أي ماتت. 4445 - "بكتاب الله" أي بحكمه، قيل: قالا ذلك مع أنه معلوم أنه لا يحكم إلا بحكمه تعالى، ليفصل ما بينهما بالحكم الصرف لا بالنصايح والترغيب فيما

الْجُهَنِيِّ، أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الْآخَرُ وَكَانَ أَفْقَهَهُمَا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَ: «تَكَلَّمْ»، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - وَالْعَسِيفُ: الْأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ، وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَإِنَّمَا === هو الأرفق بهما، إذ للحاكم أن يفعل ذلك ولكن برضاء الخصمين، "جلد مائة وتغريب عام" بالإضافة فيهما، "فردّ" أي فمردودتان إليك أي خذهما عنه، وكأنه زعم أن الرجم حق لزوج المزني بها فأعطاه ما أعطاه، "وجلد ابنه" أي بعد إقراره لا بمجرد قول أبيه، قال النووي: محمول على أن إعلام المرأة بأن هذا رجل قذفها بابنه ليعرفها بأن لها عنده حقا (¬1)، وهو حد القذف، أخذت أو تركت إلا أن تعترف بالزنا، فلا يجب عليه حد بل عليها حد الزنا وهو الرجم لكونها كانت محصنة، هو لا بد من هذا التأويل أن حد الزنا لا يحتاط له بالتنفير عنه، بل لو أقر الزاني يستحب له أن يلقن الرجوع، فإن اعترفت استدل عنه على أن الإقرار مرة كاف وليس بجيد لظهور أن الإطلاق غير مراد، إذ لا يصح الأمر بالرجم كيف ما كان الاعتراف، كيف ولو مع دعوى الإكراه أو الجنون أو غير ذلك فلا حمد، فالمراد إن اعترفت بالوجه الموجب للرجم، وكان ذلك الوجه معلومًا عندهم مشهورًا بينهم فاكتفى بذلك. ولا يخفى أن حديث ماعز ظاهر في أن الإقرار المعتبر هو الإقرار أربع مرات، ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (11/ 207).

باب في رجم اليهوديين

الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ إِلَيْكَ» وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً، وَغَرَّبَهُ عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا. بَابٌ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ 4446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مِالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === فيجب الحمل على ذلك، فلا يتم الاستدلال على خلافه، على أن الثابت في حديث ماعز أربع إقرارات بالاتفاق ولو كان الواحد موجبًا لما حسن التأخير عنه، فهذا الحديث إن حملناه على إطلاقه، فإما أن نقول أنه ناسخ لحديث ماعز ولا يثبت النسخ بلا تاريخ، وإما أنه معارض فيجب الأخذ بالأحوط والأحوط في هذا الباب هو السقوط، لأن الحدود تندرأ بالشبهات، على أن مذهب الخصم وجوب الجمع مهما أمكن، وقد عرفت أن الجمع ممكن بل مذهبه حمل المطلق على المقيد كما هاهنا فتأمل. بَابٌ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ 4446 - "فقالوا نفضحهم" بصيغة المتكلم، قيل فيه إشارة إلى أن أمر الفضيحة كان موكولًا إليهم بخلاف ذلك، ولذلك قالوا فيه يجلدون على بناء المفعول فأمر بهما ... إلخ، ظاهره رجم الكفرة، ومن لا يقول به يعتذر بأن

وَسَلَّمَ «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الزِّنَا؟ » فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا فَجَعَلَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَيْكَ، فَرَفَعَهَا فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. 4447 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرُّوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ قَدْ حُمِّمَ وَجْهُهُ، وَهُوَ يُطَافُ بِهِ، فَنَاشَدَهُمْ: «مَا حَدُّ الزَّانِي فِي كِتَابِهِمْ؟ » قَالَ: فَأَحَالُوهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَنَشَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَدُّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ » فَقَالَ: الرَّجْمُ، وَلَكِنْ ظَهَرَ الزِّنَا فِي أَشْرَافِنَا، فَكَرِهْنَا === حكمه - صلى الله عليه وسلم - بالرجم كان بالتورية، قلت: فيجب علينا اتباعه - صلى الله عليه وسلم - في الحكم بالتورية عليهم بالرجم، على أن هذا مستبعد، بل ظاهر قوله تعالى: {فَاحْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} (¬1) الآية تقتضي أنه يجب عليه الحكم بينهم بشريفيه - صلى الله عليه وسلم -، وأما إحضار التورية فكانت إلزامًا، نعم قد قالوا كان ذلك في أول الأمر قبل نزول الحدود ثم نزلت الحدود فنسخ، وهذا غير بعيد بالنظر إلى الأحاديث والله تعالى أعلم. وقوله: "يحني" جوز بالجيم والحاء أي يكب عليها والله تعالى أعلم. 4447 - "محمم" بالتشديد اسود وجهه بالحمم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية (48).

أَنْ يُتْرَكَ الشَّرِيفُ، وَيُقَامُ عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَوَضَعْنَا هَذَا عَنَّا، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا مَا أَمَاتُوا مِنْ كِتَابِكَ». 4448 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمٍ مَجْلُودٍ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ: «هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي؟ » فَقَالُوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ لَهُ: «نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ»، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِنَا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وَإِذَا أَخَذْنَا الرَّجُلَ الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقُلْنَا: تَعَالَوْا فَنَجْتَمِعُ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى التَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ، وَتَرَكْنَا الرَّجْمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ»، فَأَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: 41] إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] فِي الْيَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ

هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47] قَالَ: هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا، يَعْنِي هَذِهِ الْآيَةَ. 4449 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ، حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ يَهُودٍ، فَدَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقُفِّ، فَأَتَاهُمْ فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ: إِنَّ رَجُلًا مِنَّا زَنَى بِامْرَأَةٍ، فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، فَوَضَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِسَادَةً فَجَلَسَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «بِالتَّوْرَاةِ»، فَأُتِيَ بِهَا، فَنَزَعَ الْوِسَادَةَ مِنْ تَحْتِهِ، فَوَضَعَ التَّوْرَاةَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «آمَنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ» ثُمَّ قَالَ: «ائْتُونِي بِأَعْلَمِكُمْ»، فَأُتِيَ بِفَتًى شَابٍّ، ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجْمِ، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ. 4450 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْعِلْمَ، وَيَعِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقَا وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَهَذَا حَدِيثُ مَعْمَرٍ وَهُوَ أَتَمُّ - قَالَ: زَنَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ === 4449 - "إلى القف" بضم القاف وتشديد فاء اسم واد بالمدينة. 4450 - "في بيت المدارس" بكسر الميم بيت يدرسون فيه، قيل: ومفعال غريب في المكان وعلى هذا فالإضافة من إضافة العام إلى الخاص، ويحتمل أن يكون المراد بالمدارس عالمهم، وقد جاء في العالم بضم الميم أيضًا، لكن لا يخلو ذلك عن نوع جد في هذا الحديث، وأن في الحديث الآتي قريب فتأمل والله تعالى أعلم.

لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْنَاهَا، وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، قُلْنَا: فُتْيَا نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ، قَالَ: فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا تَرَى فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا؟ فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى أَتَى بَيْتَ مِدْرَاسِهِمْ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ؟ » قَالُوا: يُحَمَّمُ، وَيُجَبَّهُ، وَيُجْلَدُ، وَالتَّجْبِيهُ: أَنْ يُحْمَلَ الزَّانِيَانِ عَلَى حِمَارٍ، وَتُقَابَلُ أَقْفِيَتُهُمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ: وَسَكَتَ شَابٌّ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَكَتَ، أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتَنَا، فَإِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «فَمَا أَوَّلُ مَا ارْتَخَصْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ؟ » قَالَ: زَنَى ذُو قَرَابَةٍ مِنْ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا، فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْمَ، ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ رَجْمَهُ، فَحَالَ قَوْمُهُ دُونَهُ، وَقَالُوا: لَا يُرْجَمُ صَاحِبُنَا حَتَّى تَجِيءَ بِصَاحِبِكَ فَتَرْجُمَهُ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ» فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنَا أَنَّ === "ألظ" بتشديد الظاء أي ألزمه القسم وألح عليه في ذلك، "فما أول ما ارتخصتم" أي فيه، ويحتمل أن تكون ما مصدرية فلا حاجة إلى عايد "في أسرة" بضم فسكون "أسرة الرجل" رهطه الأقربون، قال السيوطي: أي في عشيرة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أي من أولئك الأنبياء الذين حكموا بالتورية، "ذهب

هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44]، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ. 4451 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْأَصْبَغِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ، يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: زَنَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْيَهُودِ وَقَدْ أُحْصِنَا، حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَقَدْ كَانَ الرَّجْمُ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ، فَتَرَكُوهُ وَأَخَذُوا بِالتَّجْبِيهِ، يُضْرَبُ مِائَةً بِحَبْلٍ مَطْلِيٍّ بِقَارٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى حِمَارٍ، وَجْهُهُ مِمَّا يَلِي دُبُرَ الْحِمَارِ، فَاجْتَمَعَ أَحْبَارٌ مِنْ أَحْبَارِهِمْ، فَبَعَثُوا قَوْمًا آخَرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: سَلُوهُ عَنْ حَدِّ الزَّانِي، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ فِيهِ: قَالَ: «وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، فَيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، فَخُيِّرَ فِي ذَلِكَ»، قَالَ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}. 4452 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ مُجَالِدٌ: أَخْبَرَنَا، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَتِ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا، فَقَالَ: «ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ»، فَأَتَوْهُ بِابْنَيْ صُورِيَا، فَنَشَدَهُمَا: «كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ؟ » قَالَا: نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا، قَالَ: «فَمَا يَمْنَعُكُمَا أَنْ === سلطاننا" أي غلبتنا وملكنا من الأرض فكرهنا القتل خوفًا من أن نقل.

باب في الرجل يزني بحريمه

تَرْجُمُوهُمَا؟ » قَالَا: ذَهَبَ سُلْطَانُنَا، فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ، فَجَاءُوا بِأَرْبَعَةٍ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا. 4453 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، لَمْ يَذْكُرْ فَدَعَا بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا. 4454 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، بِنَحْوٍ مِنْهُ. 4455 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَنٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «رَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً زَنَيَا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِحَرِيمِهِ 4456 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: «بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ عَلَى إِبِلٍ لِي ضَلَّتْ، إِذْ أَقْبَلَ رَكْبٌ - أَوْ فَوَارِسُ - مَعَهُمْ لِوَاءٌ، فَجَعَلَ الْأَعْرَابُ يَطِيفُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنَ النَّبِيِّ === بَابٌ الرَّجُل يَزْنِي بِحَرِيمِهِ 4456 - " أعرس بامرأة أبيه" أي نكحها على قواعد أهل الجاهلية، فإنهم كانوا يتزوجون بأزواج آبائهم ويعدون ذلك من باب الإرث، ولذلك ذكر الله تعالى النهي عن ذلك بخصوصه بقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (22).

باب في الرجل يزني بجارية امرأته

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَتَوْا قُبَّةً، فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلًا فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ». 4457 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قُسَيْطٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَآخُذَ مَالَهُ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ 4458 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُنَيْنٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْكُوفَةِ، === مبالغة في الزجر عن ذلك، فالرجل سلك مسلكهم في عد ذلك حلالًا، فصار مرتدًا، فقتل لذلك، وهذا تأويل الحديث عند من لا يقول بظاهره. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ 4458 - "جلدتك مائة" قال ابن العربي: يعني أدبته تعزيرًا وأبلغ به عدد الحد تنكيلًا لا أنه رأى حده بالجلد حدًّا له، قلت: لأن المحصن حده الرجم لا الجلد، ولعل سبب ذلك أن المرأة إذا أحلت جاربتها لزوجها فهو إعارة الفروج فلا يصح، لكن العارية تصير شبهة تسقط الحد إلا أنها شبهته ضعيفة جدًّا فيعزر صاحبها، قال الخطابي: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (3/ 330).

فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيكَ بِقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَكَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَكَ رَجَمْتُكَ بِالْحِجَارَةِ، فَوَجَدُوهُ قَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ، فَجَلَدَهُ مِائَةً» قَالَ قَتَادَةُ: كَتَبْتُ إِلَى حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، فَكَتْبَ إِلَيَّ بِهَذَا. 4459 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الرَّجُلِ يَأْتِي جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: «إِنْ كَانَتْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جُلِدَ مِائَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ رَجَمْتُهُ». 4460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ === قلت: قال الترمذي في إسناده اضطراب، سمعت محمدًا يقول: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث، إنما رواه عن خالد بن عرفطة (¬1) اهـ. ولا يخفى أن هذا الانقطاع غير موجود في سند أبي داود فتأمل، ثم قال الترمذي: اختلف أهل العلم فيمن يقع على جارية امرأته؛ فعن غير واحد من الصحابة الرجم، وعن ابن مسعود التعزير، وذهب أحمد وإسحاق إلى حديث نعمان بن بشير (¬2) اهـ, والله تعالى أعلم. 4460 - "إن كان استكرهها" إلخ، قال الخطابي: لا أعلم من الفقهاء مَنْ يقول به (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الترمذي في الحدود (1452). (¬2) الترمذي، المرجع السابق. (¬3) معالم السنن (3/ 331).

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، «إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا، فَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، فَهِيَ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِسَيِّدَتِهَا مِثْلُهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، === وخليق أن يكون منسوخًا، وقال البيهقي، في سننه: حصول الإجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على ترك القول به دليل على أنه إن ثبت صار منسوخًا بما ورد من الأخبار في الحدود (¬1)، ثم أخرج عن أشعث قال: بلغني أن كان هذا قبل الحدود. قال أبو داود: حديث عاصم إلخ، قليل، كان يشير إلى حديث عاصم في الباب الآتي، لكن حديث عاصم في إتيان البهيمة لا في عمل قوم لوط، فلو أخر هذا الكلام إلى الباب الثاني كان أقرب وأليق كما في بعض النسخ وكأنه قصد القياس. قلت: الظاهر أن هذا الكلام موضعه الثاني كما وقع في الترمذي، وأما هاهنا فالظاهر أن يقول حديث سعيد بن جبير ومجاهد يضعف حديث عمرو، والحاصل أن عمرا، روى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا القتل في عمل قوم لوط وإتيان البهيمة، وروى غيره عن ابن عباس موقوفًا في الأول الرجم، وذلك لأنه أفتى الرجم للبكر فالثيب بالأولى، وروى عن عاصم في الثاني أنه لا حد عليه، فلو كان عند ابن عباس ذلك الحديث الذي روى عنه عمر، وكيف خالفه في فتواه, فهذا يدل على عدم ثبوت الحديث الذي رواه عمر في البابين عند ابن عباس، قال ابن العربي: قال البخاري: عمرو بن أبي عمرو صدوق ولكنه أكثر ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى (8/ 240).

باب فيمن عمل عمل قوم لوط

وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَسَلَّامٌ، عَنِ الْحَسَنِ، هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ، لَمْ يَذْكُرْ يُونُسُ، وَمَنْصُورٌ، قَبِيصَةَ. 4461 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ الدِّرْهَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «وَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَهِيَ وَمِثْلُهَا مِنْ مَالِهِ لَسَيِّدَتِهَا». بَابٌ فِيمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ 4462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ، وَالْمَفْعُولَ بِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مِثْلَهُ وَرَوَاهُ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ. === عن عكرمة ولم يثبت سماعه عنه، ثم قال ما ذكره الترمذي وأبو داود أن حديث عاصم يضعف حديث عمرو. هي مسألة أصولية هل تسقط فتوى الراوي رواية أم لا، والصحيح أنه لا يسقطها؛ لأنه أحد المجتهدين فيما رأى، فيمكن أن يخطئ فيما رأى فلا يترك روايته برأيه. قلت: لكن هاهنا عدم صحة الحديث مع مخالفة الفتوى ترجح جانب السقوط والله تعالى أعلم.

باب فيمن أتى بهيمة

4463 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ خُثَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدًا، يُحَدِّثَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْبِكْرِ يُؤْخَذُ عَلَى اللُّوطِيَّةِ، قَالَ: «يُرْجَمُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَدِيثُ عَاصِمٍ يُضَعِّف حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو». بَابٌ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً 4464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ» قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ الْبَهِيمَةِ؟ قَالَ: «مَا أُرَاهُ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا، وَقَدْ عُمِلَ بِهَا ذَلِكَ الْعَمَلُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيِّ. 4465 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أَنَّ شَرِيكًا، وَأَبَا الْأَحْوَصِ، وَأَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ حَدَّثُوهُمْ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَةَ حَدٌّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ الْحَكَمُ: «أَرَى أَنْ يُجْلَدَ، وَلَا يُبْلَغَ بِهِ الْحَدَّ» وَقَالَ الْحَسَنُ: «هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزَّانِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَدِيثُ عَاصِمٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو». بَابٌ إِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ [بِالزِّنَا] وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ 4466 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ === بَابٌ إِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ [بِالزِّنَا] وَلَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ 4466 - "فجلده الحد" الظاهر أنه جلده الحدين حد الزنا والقذف، إلا أن

باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع، فيتوب قبل أن يأخذه الإمام

بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ رَجُلًا أَتَاهُ فَأَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ سَمَّاهَا لَهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ زَنَتْ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ وَتَرَكَهَا». 4467 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبُرْدِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ فَيَّاضٍ الْأَبْنَاوِيِّ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَكْرِ بْنِ لَيْثٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَجَلَدَهُ مِائَةً، وَكَانَ بِكْرًا، ثُمَّ سَأَلَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَقَالَتْ: كَذَبَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَجَلَدَهُ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ دُونَ الْجِمَاعِ، فَيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْإِمَامُ 4468 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، === يقال ما ثبت حد الزنا لعدم تعدد الإقرار فاكتفي بحد القذف، ولذلك قال الراوي الحد بالإفراد لكن ظاهر التقابل يعطى أنه جلده حد الزنا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ الْمَرْأَةِ دُونَ الْجِمَاعِ، فَيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْإِمَامُ 4468 - "ما دون أن أمسها" أي أجامعها، وهذا الحديث مع قول العلماء أن

باب في الأمة تزني ولم تحصن

عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَأَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا، فَأَقِمْ عَلَيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا، فَدَعَاهُ، فَتَلَا عَلَيْهِ، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً؟ فَقَالَ: «لِلنَّاسِ كَافَّةً». بَابٌ فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ 4469 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، قَالَ: «إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ === الكبائر لا تسقط بالصلاة، يفيد أن ما دون المس من الصغائر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ 4469 - "فبيعوها ولو بضغير" فعيل بمعنى المفعول والمراد الحبل، قالوا: وهذا البيع مستحب عند الجمهور، ويلزم على البايع أن يبين حالها للمشتري لأنه عيب، فإن قيل: كيف يكره شيئًا ويرتضيه لأخيه المسلم، فالجواب لعلها تستعف عند المشتري بأن يعفها بنفسه أو يصونها بهيئته أو بالإحسان إليها والتوسعة إليها

باب في إقامة الحد على المريض

فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ. 4470 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَحُدَّهَا، وَلَا يُعَيِّرْهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَإِنْ عَادَتْ فِي الرَّابِعَةِ فَلْيَجْلِدْهَا، وَلْيَبِعْهَا بِضَفِيرٍ، أَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ». 4471 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: «فَلْيَضْرِبْهَا كِتَابُ اللَّهِ وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا»، وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «فَإِنْ عَادَتْ فَلْيَضْرِبْهَا كِتَابُ اللَّهِ، ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ». بَابٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ 4472 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي === أو يزوجها، أو غير ذلك والله تعالى أعلم. 4470 - "فليحدها" ظاهره أن المولى يباشر ذلك، ومن لا يقول بذلك يأوله بأن المولى يرفع أمرها إلى الحاكم، "ولا يعيرها" أي لا يسبها، فإن السب خارج عن الحد، "ولا يثرب" من التثريب بالمثلثة وهو التعيير، قيل: معناه أنه لا يقتصر في عقوبتها على السب بل لا بد من إقامة الحد. بَابٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الْمَرِيضِ 4472 - "أضنى" أي أصابه الضنى وهو شدة الضعف، "فعاد جلده" أي

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ، أَنَّهُ اشْتَكَى رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى أُضْنِيَ، فَعَادَ جِلْدَةً عَلَى عَظْمٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ لِبَعْضِهِمْ، فَهَشَّ لَهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رِجَالُ قَوْمِهِ يَعُودُونَهُ أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَقَالَ: اسْتَفْتُوا لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي قَدْ وَقَعْتُ عَلَى جَارِيَةٍ دَخَلَتْ عَلَيَّ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مِنَ الضُّرِّ مِثْلَ الَّذِي هُوَ بِهِ، لَوْ حَمَلْنَاهُ إِلَيْكَ لَتَفَسَّخَتْ عِظَامُهُ، مَا هُوَ إِلَّا جِلْدٌ عَلَى عَظْمٍ، «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === صار جلده، "فهش" أي ارتاح وخف، "مائة شمراخ" ظاهره أن الحد لا يؤخر بل يراعى فيه حال المحدود وطاقته، وسيجيء ما يفيد تأخيره، فالجمع أن من يرجى برؤه يؤخر ومن لا يرجى برؤه لا يؤخر والله تعالى أعلم. "فضربوا" على بناء المفعول. "لم يقم في الحمر حدًّا" أي لم يوقت ولم يعين، يقال وقت بالتخفيف يقت فهو موقوت، وليس المراد أنه ما قرر الحد أصلًا حتى يقال الحدود لا تثبت بالرأي، فكيف أثبت الناس في الخمر حدًّا، بل معناه أنه لم يعين فيه قدرًا معينًا بل كان يضرب فيه ما بين أربعين إلى ثمانين. وعلى هذا فحين شاور عمر الصحابة اتفق رأيهم على تقرير أقصى المراتب، قيل: سببه أنه كتب إليه خالد بن الوليد أن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا العقوبة فاندفع توهم أنهم كيف زادوا في حد من حدود الله من عدم جواز الزيادة

باب في حد القذف

وَسَلَّمَ، أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ مِائَةَ شِمْرَاخٍ، فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً». 4473 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَجَرَتْ جَارِيَةٌ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، انْطَلِقْ فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ»، فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا بِهَا دَمٌ يَسِيلُ لَمْ يَنْقَطِعْ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، أَفَرَغْتَ» قُلْتُ: أَتَيْتُهَا وَدَمُهَا يَسِيلُ، فَقَالَ: «دَعْهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهَا، ثُمَّ أَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ، وَأَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى فَقَالَ فِيهِ: قَالَ: «لَا تَضْرِبْهَا حَتَّى تَضَعَ» وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. بَابٌ فِي حَدِّ الْقَذْفِ 4474 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، أَنَّ ابْنَ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي، قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ ذَاكَ، وَتَلَا - تَعْنِي - الْقُرْآنَ، فَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ، أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ». 4475 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ، لَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ، قَالَ: فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ تَكَلَّمَ === في الحد والله تعالى أعلم.

باب الحد في الخمر

بِالْفَاحِشَةِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، قَالَ النُّفَيْلِيُّ: وَيَقُولُونَ: الْمَرْأَةُ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ. بَابُ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ 4476 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَهَذَا حَدِيثُهُ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقِتْ فِي الْخَمْرِ حَدًّا»، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَرِبَ رَجُلٌ فَسَكِرَ، فَلُقِيَ يَمِيلُ فِي الْفَجِّ، فَانْطُلِقَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حَاذَى بِدَارِ الْعَبَّاسِ، انْفَلَتَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَالْتَزَمَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، وَقَالَ: «أَفَعَلَهَا؟ » وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ هَذَا». === بَابُ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ 4476 - "فسكر" كسمع فلقى على المفعول يميل حال من ضمير لقي، فانطلق به على بناء المفعول وتعديته بالباء، "والفج" بفتح وتشديد جيم الطريق الواسع، "انفلت" أي خرج من بين أيدي الناس، "أقلعها" أي الفعلة المذكورة والضمير للعباس أو السكران، ولم يأمر فيه لعدم ثبوت الحد عليه بإقرار أو شهود، فهذا مسامحة في إثبات الحد لا في إقامته بعد ثبوته، حتى يقال لا يجوز للإمام ذلك والله تعالى أعلم.

4477 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، فَقَالَ: «اضْرِبُوهُ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لَا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ». 4478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، قَالَ فِيهِ بَعْدَ الضَّرْبِ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «بَكِّتُوهُ» فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ، مَا خَشِيتَ اللَّهَ، وَمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: " وَلَكِنْ قُولُوا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ " وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ الْكَلِمَةَ وَنَحْوَهَا. 4479 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا === 4477 - "أخزاك" خطاب للسكران، "لا تعينوا" أي مراد الشيطان بما يوقعه فيه من الشر هو أن يخزيه الله، فإذا دعيتم عليه به فقد وافقتم الشيطان في تحصيل مراده. 4478 - "واعتنموه" عليه "بكتوه" أمر من التبكيت وهو التعيير باللسان والتوبيخ، يقال بكته إذا استقبله بما يكره ويقال للغلبة بالحجة أيضًا. 4479 - "بالجريد" هو غصن النخلة جرد عنه الورق أربعين أي كانوا يكتفون

يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ الْمَعْنَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ»، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ دَعَا النَّاسَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ دَنَوْا مِنَ الرِّيفِ، - وَقَالَ مُسَدَّدٌ: مِنَ الْقُرَى وَالرِّيفِ - فَمَا تَرَوْنَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: نَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ، فَجَلَدَ فِيهِ ثَمَانِينَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ جَلَدَ بِالْجَرِيدِ، وَالنِّعَالِ أَرْبَعِينَ» وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «ضَرَبَ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ الْأَرْبَعِينَ». 4480 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ، حَدَّثَنِي حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ الرَّقَاشِيُّ هُوَ أَبُو سَاسَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ شَرِبَهَا === بأربعين أيضًا في زمانهما لا أنهم ما كانوا يزيدون عليه قط، "من الريف" بكسر فسكون الخصب واسم بلاد بمصر، "كأخف الحدود" المراد بها الحدود المذكورة في القرآن من حد الزنا والسرقة والقذف وأخفها القذف، "ضرب بجريدتين" أي أمر بضرب بكل منهما عددًا حتى كمل من الجميع أربعون، وقيل بل جمعهما وجلده بهما، فيكون المبلغ ثمانين. 4480 - "وَلّ" أمر من التولية، "حارّها" بتشديد الراء والضمير للخلافة أي شدايدها ومكروهاتها قارّها بتشديد الراء وهو البارد أي من تولى لذاتها كما تولى

- يَعْنِي الْخَمْرَ - وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ: أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا، مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: أَقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ، قَالَ: فَأَخَذَ السَّوْطَ فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: «حَسْبُكَ، جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ»، أَحْسَبُهُ قَالَ: وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ. 4481 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنِ الدَّانَاجِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَكَمَّلَهَا عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّيْ قَارَّهَا: «وَلِّ شَدِيدَهَا، مَنْ تَوَلَّى هَيِّنَهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ». === عثمان الخلافة بتولى نكدها. فاجعله إليه، أو هو خطاب لعثمان بأن يجعله لأقربائه الذين ولاهم العمل، "وكل سنة" مطلق السنة عند الصحابة ينصرف إلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا كأنه يجلد ثمانين أيضًا والله تعالى أعلم. 4481 - "وكملها" من التكميل، "فاقتلوهم" قال الترمذي في كتاب العلل: أجمع الناس على شركه أي على أنه منسوخ (¬1)، وقيل مؤول بالضرب الشديد، وبسط السيوطي الكلام في حاشية الترمذي به إثبات أنه ينبغي العمل به والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: الترمذي في الحدود (1444).

باب إذا تتابع في شرب الخمر

بَابٌ إِذَا تَتَابَعَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ 4482 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاقْتُلُوهُمْ». 4483 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي الْخَامِسَةِ: «إِنْ شَرِبَهَا فَاقْتُلُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي غُطَيْفٍ فِي الْخَامِسَةِ». 4484 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَكَرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكَرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكَرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا حَدِيثُ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شَرِبُوا الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُمْ»، وَكَذَا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّرِيدِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي حَدِيثِ الْجَدَلِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ، فَاقْتُلُوهُ». 4485 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنَا، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ»، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَجَلَدَهُ، وَرَفَعَ الْقَتْلَ، وَكَانَتْ رُخْصَةٌ، قَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَعِنْدَهُ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَمِخْوَلُ بْنُ رَاشِدٍ، فَقَالَ لَهُمَا: «كُونَا وَافِدَيْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِهَذَا الْحَدِيثِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو غُطَيْفٍ الْكِنْدِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. 4486 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «لَا أَدِي - أَوْ مَا كُنْتُ لِأَدِيَ - مَنْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ حَدًّا، إِلَّا شَارِبَ الْخَمْرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قُلْنَاهُ نَحْنُ». === 4486 - "لا أدى" من الدية، "من أقمت عليه حدًّا" أي إذا مات بذلك، "إلا شارب الخمر" كأنه أراد أنه إذا مات بما زاد على أربعين ينبغي للإمام إعطاء ديته والله تعالى أعلم.

4487 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ الْمِصْرِيُّ، ابْنُ أَخِي رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآنَ وَهُوَ فِي الرِّحَالِ، يَلْتَمِسُ رَحْلَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: «اضْرِبُوهُ» فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالنِّعَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالْمِيتَخَةِ - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الْجَرِيدَةُ الرَّطْبَةُ - ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرَابًا مِنَ الْأَرْضِ فَرَمَى بِهِ فِي وَجْهِهِ. 4488 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ خَالِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ، أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَارِبٍ وَهُوَ بِحُنَيْنٍ، فَحَثَى فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ، وَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، حَتَّى قَالَ لَهُمْ: «ارْفَعُوا» فَرَفَعُوا، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ جَلَدَ عُمَرُ أَرْبَعِينَ صَدْرًا مِنْ === 4487 - "ومنهم من ضربه بالمتيخة" بكسر ميم وسكون ياء مثناة من تحت وفتح تاء مثناة من فوق وقد ضبط بوجوه منها كسر الميم أو فتحها وتشديد التاء الفوقية قبل الياء التحتانية وكسر الميم وسكون الفوقانية، وكلها أسماء لجريد نخل، فرمي به تشنيعًا لفعله وتحقيرًا لحاله. 4488 - "وما كان في أيديهم" أي وبما كان في أيديهم من جريد ونحوه.

باب في إقامة الحد في المسجد

إِمَارَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ ثَمَانِينَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ، ثُمَّ جَلَدَ عُثْمَانُ الْحَدَّيْنِ كِلَيْهِمَا ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ، ، ثُمَّ أَثْبَتَ مُعَاوِيَةُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. 4489 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ، قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْفَتْحِ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، يَتَخَلَّلُ النَّاسَ يَسْأَلُ عَنْ مَنْزِلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَأُتِيَ بِشَارِبٍ، فَأَمَرَهُمْ فَضَرَبُوهُ بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِعَصًا، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَرَبَهُ بِنَعْلِهِ، وَحَثَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ: أُتِيَ بِشَارِبٍ فَسَأَلَهُمْ عَنْ ضَرْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي ضَرَبَهُ، فَحَزَرُوهُ أَرْبَعِينَ "، فَضَرَبَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ، كَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ انْهَمَكُوا فِي الشُّرْبِ، وَتَحَاقَرُوا الْحَدَّ وَالْعُقُوبَةَ، قَالَ: هُمْ عِنْدَكَ فَسَلْهُمْ، وَعِنْدَهُ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ، فَسَأَلَهُمْ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَضْرِبَ ثَمَانِينَ، قَالَ: وقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا شَرِبَ افْتَرَى فَأَرَى أَنْ يَجْعَلَهُ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَدْخَلَ عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، بَيْنَ الزُّهْرِيِّ، وَبَيْنَ ابْنِ الْأَزْهَرِ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ أَبِيهِ». بَابٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ 4490 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ يَعْنِي ابْنَ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ 4490 - "أن يستقاد" أي يقتصى.

باب في التعزير

الشُّعَيْثِيُّ، عَنْ زُفَرَ بْنِ وَثِيمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسْتَقَادَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، وَأَنْ تُقَامَ فِيهِ الْحُدُودُ». بَابٌ فِي التَّعْزِيرِ 4491 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». 4492 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ، حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فَذَكَرَ مَعْنَاهُ. بَابٌ فِي ضَرْبِ الْوَجْهِ فِي الْحَدِّ 4493 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي === بَابٌ فِي التَّعْزِيرِ (¬1) 4491 - " إذا ضرب أحدكم في حد أو تعزير أو تأديب فليتق الوجه" أي ليجتنب الضرب في الوجه؛ لأنه لطيف مجمع لمعاني الإنسانية فيخاف منه تعطيل المضروب. بَابٌ فِي ضَرْبِ الْوَجْهِ فِي الْحَدِّ 4493 - "إِلا في حد" إلخ، المتبادر منه الحدود المقدرة كحد الزنا والقذف، وقيل المراد الذنب الفاحش الذي شبه أن يكون فيه حد، وإن لم يشرع، وهذا ¬

_ (¬1) في بعض النسخ تأخير هذا الباب عما بعده.

سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ». "آخر كتاب الحدود" * * * === تأويل بعيد لا يساعده قوله - صلى الله عليه وسلم - "من حدود الله" وعلى الأول وهو الوجه ما لا حد فيه لا يزاد فيه على العشرة وبه قال أحمد في رواية والجمهور على أنه منسوخ لعمل الصحابة بخلافه، أو مخصوص بوقته - صلى الله عليه وسلم -، وكلاهما دعوى بلا برهان ولعله من عمل الصحابة بخلافه كان عمله به لعدم بلوغ الحديث إليه، وعلى الثاني صغار الذنوب لا يزاد فيها على العشرة، وأما ما فحش من ذنب وقبح مما لم يرد فيه حد فللإمام فيه الزيادة على العشرة على حسب ما يراه بالاجتهاد والله تعالى أعلم، والحديث صحيح أخرجه مسلم (¬1) وغيره والله تعالى أعلم. * * * ¬

_ (¬1) مسلم في الحدود (1708).

34 - كتاب الديات

كِتَاب الدِّيَاتِ بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ 4494 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، وَكَانَ النَّضِيرُ أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَةَ، فَكَانَ إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ رَجُلًا مِنَ النَّضِيرِ قُتِلَ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ فُودِيَ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ، فَقَالُوا: ادْفَعُوهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ، فَقَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْهُ، فَنَزَلَتْ: " {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]، وَالْقِسْطُ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50] " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ جَمِيعًا مِنْ وَلَدِ هَارُونَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام». === كِتَاب الدِّيَاتِ بَابُ النَّفْسِ بِالنَّفْسِ 4494 - قوله: "قريظة" بالتصغير، "والنضير" كأمير يؤدى على بناء المفعول من الدية وهو حق القتل أي يعطي ديته بمائة وسق بفتح فسكون وكسر الواو لغة ستون صاعًا، "فقالوا بيننا" أي قالت قريظة ذاك حين أبي النضير دفع القاتل إليهم جريًا على العادة السابقة.

باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه

بَابُ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ 4495 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ إِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِيَادٌ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَبِي: «ابْنُكَ هَذَا؟ » قَالَ: إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ: «حَقًّا؟ » قَالَ: أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا مِنْ ثَبْتِ شَبَهِي فِي أَبِي، وَمِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ»، وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلَا تَزِرُ === بَابُ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِجَرِيرَةِ أَبِيهِ أي بجنايته وذنبه، وهذه الترجمة طرف حديث أخرجه النسائي في كتاب (¬1) تحريم الدم. 4495 - "ابنك هذا" بحذف حرف الاستفهام وفي بعض النسخ بإثباتها، "قال أشهد به" على صيغة المتكلم أو على صيغة الأمر أي أقرّ وأعترف بذلك أو كن شاهدًا باعترافي بذلك, قيل: فائدة هذا الكلام التزام ضمان الجنايات بينهما على عادة الجاهلية، فلذلك رد - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "لا يمني" إلخ، ضاحكًا شارعًا في الضحك. "من ثبت" إلخ، أي من أجل ثبوت مشاهدتي في أبي بحيث يغني ذاك عن الحلف ومع ذلك حلف أبي أنه لا يجني عليك أي جناية كل منهما قاصرة عليه لا يتعداه إلى غيره، ولعل المراد الإثم وإلا فالدية متعدية، ويمكن أن يكون نهيًا أو ¬

_ (¬1) النسائي في تحريم القتل (7/ 127) تحقيق أ. عبد الفتاح أبو غدة.

باب الإمام يأمر بالعفو في الدم

وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]. بَابُ الْإِمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ 4496 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ أُصِيبَ بِقَتْلٍ، أَوْ خَبْلٍ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، وَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ. 4497 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ === دعاء، لكن قراءة الآية لا يناسبهما. بَابُ الْإِمَامِ يَأْمُرُ بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ 4496 - "أو خبل" بفتح خاء معجمة وسكون باء موحدة أي قطع عضو وأصله الفساد, ويكون في الأبدان بقطع الأعضاء وفي العقول، فإنه أي هو أو نايبه؛ إذ المصاب بقتل قد يموت من ساعته، فلا يجيء منه الاختيار. "فخذوا على يديه" أي لا تمكنوه من فعل الخصلة الرابعة، "ومن اعتدى" أي إلى الرابعة: "بعد ذلك" أي بعد بلوغ هذا البيان أو بعد منع الناس إياه والأوّل أحسن معنى والله تعالى أعلم. 4497 - "إلا أمر فيه" علم منه أن القصاص من حقوق الناس لا حدود الله تعالى, وإلا ما جاز ذلك، "قتل رجل" على بناء الفاعل وضبط على بناء المفعول

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ فِيهِ قِصَاصٌ، إِلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ». 4498 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَفَعَهُ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ الْقَاتِلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْوَلِيِّ: «أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، ثُمَّ قَتَلْتَهُ، دَخَلْتَ النَّارَ» قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلَهُ، قَالَ: وَكَانَ مَكْتُوفًا بِنِسْعَةٍ، فَخَرَجَ يَجُرُّ نِسْعَتَهُ فَسُمِّيَ ذَا النِّسْعَةِ. 4499 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ الْجُشَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ أَبُو عُمَرَ الْعَائِذِيُّ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ، حَدَّثَنِي وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جِيءَ === أيضًا، ولا يخلو عن نوع بعد؛ لأنه ضمير فدفعه إلى القاتل فتقدم ذكره، "أحسن ما أردت قتله" أي ما كان القتل عمدًا. 4498 - "أما إِنه إِن كان" إلخ، يفيد أن ما كان ظاهر العمد لا يسمع فيه كلام القاتل أنه ليس بعمد في الحكم، نعم ينبغي لولي المقتول أن لا يقتله خوفًا من لحوقه الإثم به على تقدير صدق دعوى القاتل، "بنسعة" بكسر النون قطعة جلد تجعل زمامًا للبعير وغيره. 4499 - "يبوء" بهمزة بعد الواو أي يرجع بإثمه، "وإِثم صاحبه" أي ملتبسًا بالإثمين إثمه وإثم المقتول، وظاهره أن القاتل إذا لم يؤخذ منه القصاص والدية

بِرَجُلٍ قَاتِلٍ فِي عُنُقِهِ النِّسْعَةُ، قَالَ: فَدَعَا وَلِيَّ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ: «أَتَعْفُو؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ»، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «أَتَعْفُو؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَأْخُذُ الدِّيَةَ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَتَقْتُلُ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ بِهِ»، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ إِنْ عَفَوْتَ عَنْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِهِ، وَإِثْمِ صَاحِبِهِ»، قَالَ: فَعَفَا عَنْهُ، قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ يَجُرُّ النِّسْعَةَ. 4500 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَامِعُ بْنُ مَطَرٍ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ وَائِلٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. 4501 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَبَشِيٍّ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَتَلَ ابْنَ أَخِي، قَالَ: «كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ » قَالَ: ضَرَبْتُ رَأْسَهُ بِالْفَأْسِ، وَلَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ، قَالَ: «هَلْ لَكَ مَالٌ تُؤَدِّي دِيَتَهُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَفَرَأَيْتَ إِنْ أَرْسَلْتُكَ تَسْأَلُ النَّاسَ تَجْمَعُ === يتحمل إثم المقتول، وقيل المراد يرجع ملتبسًا بإثمه السابق وبالإثم الحاصل له بقتل صاحبه، فأضيف إلى الصاحب لأدنى ملابسة بخلاف ما لو قتل، فإن القتل يكون كفارة له عن إثم القتل، وهذا المعنى لا يصلح للترغيب إلا أن يقال الترغيب باعتبار إيهام الكلام المعنى الأول، ويجوز الترغيب بمثله توسلًا به إلى العفو وإصلاح ذات البين. كما يجوز التعريض في موضعه والله تعالى أعلم. 4501 - "كان مثله" أي إن كان القاتل صادقًا في دعوى أن القتل لم يكن عمدًا فيكون من أصحاب النار, أي إن مات بلا توبة ولم يغفر له تفضلًا، أو

دِيَتَهُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «فَمَوَالِيكَ يُعْطُونَكَ دِيَتَهُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ لِلرَّجُلِ: «خُذْهُ» فَخَرَجَ بِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ إِنْ قَتَلَهُ كَانَ مِثْلَهُ» فَبَلَغَ بِهِ الرَّجُلُ حَيْثُ يَسْمَعُ قَوْلَهُ، فَقَالَ: «هُوَ ذَا فَمُرْ فِيهِ مَا شِئْتَ» فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسِلْهُ»، وَقَالَ مَرَّةً: «دَعْهُ يَبُوءُ بِإِثْمِ صَاحِبِهِ وَإِثْمِهِ، فَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»، قَالَ: فَأَرْسَلَهُ. 4502 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ فِي الدَّارِ، وَكَانَ فِي الدَّارِ مَدْخَلٌ، مَنْ دَخَلَهُ سَمِعَ كَلَامَ مَنْ عَلَى الْبَلَاطِ، فَدَخَلَهُ عُثْمَانُ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ لَوْنُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَتَوَاعَدُونَنِي بِالْقَتْلِ آنِفًا، قَالَ: قُلْنَا: يَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَلِمَ يَقْتُلُونَنِي؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إِسْلَامٍ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ "، فَوَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا فِي إِسْلَامٍ قَطُّ، وَلَا أَحْبَبْتُ أَنَّ لِي بِدِينِي بَدَلًا مُنْذُ هَدَانِي اللَّهُ، وَلَا قَتَلْتُ نَفْسًا، فَبِمَ يَقْتُلُونَنِي؟ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَرَكَا الْخَمْرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ». === المعنى فيكون منهم جزاء واستحقاق، فأما وصول الجزاء إليه، فموقوف على عدم التوبة وعدم عفو الرب الكريم، وعند أحدهما يرتفع هذا الجزاء والله تعالى أعلم.

4503 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ الضُّمَرِيَّ، ح وأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِيَادَ بْنَ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ السُّلَمِيَّ، وَهَذَا حَدِيثُ وَهْبٍ، وَهُوَ أَتَمُ يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ مُوسَى: وَجَدِّهِ، وَكَانَا شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ وَهْبٍ، أَنْ مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيَّ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ فِي الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ غِيَرٍ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ عُيَيْنَةُ فِي قَتْلِ الْأَشْجَعِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَتَكَلَّمَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ دُونَ مُحَلِّمٍ لِأَنَّهُ مِنْ === 4503 - "يحدث" أي زيادة عن أبيه أي ناقلًا عن أبيه سعد وجده ضميرة، وهما صحابيان شهدا حنينًا. "أن محلّمًا" ضبط على وزن اسم الفاعل من التحليم، "جشا" بفتح جيم فتشديد مثلثة "أول غير" بكسر غين معجمة وفتح مثناة تحتية وراء مهملة بمعنى الدية، "من غطفان" ضبط بفتحتين، "واللغط" بفتحتين أو سكون الثاني الأصوات المختلفة، "حتى أدخل" مضارع من الإدخال للمتكلم، "من الحرب" بفتحتين من سلب الزوج عنهن وتركهن بلا شيء، "والحزن" بضم فسكون أو بفتحتين، "ما أدخل" صيغة ماض من الإدخال "مكيقل" ضبط بالتصغير، "شكة" بكسر الشين وتشديد الكاف أي صلاح، "ورقة" بفتحتين، "في غرة

خِنْدِفَ، فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ وَكَثُرَتِ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُيَيْنَةُ، أَلَا تَقْبَلُ الْغِيَرَ؟ » فَقَالَ عُيَيْنَةُ: لَا، وَاللَّهِ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نِسَائِهِ مِنَ الْحَرْبِ وَالْحُزْنِ مَا أَدْخَلَ عَلَى نِسَائِي، قَالَ: ثُمَّ ارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَكَثُرَتِ الْخُصُومَةُ وَاللَّغَطُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُيَيْنَةُ أَلَا تَقْبَلُ الْغِيَرَ؟ » فَقَالَ عُيَيْنَةُ: مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا، إِلَى أَنْ قَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ عَلَيْهِ شِكَّةٌ، وَفِي يَدِهِ دَرِقَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِمَا فَعَلَ هَذَا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ مَثَلًا إِلَّا غَنَمًا وَرَدَتْ، فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا، اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُونَ فِي فَوْرِنَا هَذَا، وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ»، وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَمُحَلِّمٌ رَجُلٌ طَوِيلٌ آدَمُ، وَهُوَ فِي طَرَفِ النَّاسِ، فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى تَخَلَّصَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ تَدْمَعَانِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي بَلَغَكَ، وَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === الإسلام" أي أوّله، "كفرة" أشهر لأوّله، "فرمي أولها" على بناء المفعول، أي فكذلك ينبغي لك أن تقتل هذا الأول حتى يكون قتله عظة وعبرة للآخرين, "استن" صيغة أمر من سن سنة من باب نصر، وهذا من مثل ثان ضربه لترك القتل، كما أن الأول ضربه للقتل، ولذلك ترك العطف، أي وإلا قولهم هذا ومعناه قرر حكمك اليوم وغيره غدًا, أي إن تركت القصاص على أحد يصير ذلك كهذا المثل، والحاصل إن قتلت اليوم يصير مثله كمثل غنم، وإن تركت اليوم

باب ولي العمد يرضى بالدية

وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ بِسِلَاحِكَ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ» بِصَوْتٍ عَالٍ، زَادَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفِ رِدَائِهِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَزَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ الْغِيَرُ: الدِّيَةُ. بَابُ وَلِيِّ الْعَمْدِ يَرْضَى بِالدِّيَةِ 4504 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَإِنِّي عَاقِلُهُ، فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ قَتِيلٌ، === يصير مثله كهذا المثل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلخ، أي أعرض عن مقاله واشتغل بتقرير لدية, وكأنه كره القتل في السفر مع قلة الناس في ذلك الوقت والله تعالى أعلم. بَابُ وَلِيِّ الْعَمْدِ يَرْضَى بِالدِّيَةِ 4504 - "وإِني عاقله" أي معطي ديته لإطفاء نار الفتنة بين القبيلتين، فمن قتل على بناء المفعول. "بين خيرتين" بكسر الخاء وفتح الياء أي بين اختيارين، ظاهره أن الخيار لأولياء المقتول في القصاص وأخذ الدية، وهو مذهب الشافعي وغيره، ومذهب أبي حنيفة، ومالك أن الدية في العمد إن رضي به القاتل فلا يدلهم من اعتبار قيد

فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: أَنْ يَأْخُذُوا الْعَقْلَ، أَوْ يَقْتُلُوا. 4505 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُودَى، أَوْ يُقَادَ "، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شَاةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُبْ لِي، قَالَ الْعَبَّاسُ: اكْتُبُوا لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاةٍ» وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَحْمَدَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «اكْتُبُوا لِي يَعْنِي خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 4506 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ». === في الحديث والله تعالى أعلم، أما أن يؤدى على بناء المفعول من الدية أي يعطى الدية. 4505 - " أو يقاد" أي لأجله القاتل.

باب من يقتل بعد أخذ الدية

بَابُ مَنْ يَقْتُلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ 4507 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَأَحْسَبُهُ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أُعْفِيَ مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ». بَابٌ فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَمَاتَ أَيُقَادُ مِنْهُ 4508 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، === بَابُ مَنْ يَقْتُلُ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ 4507 - "لا أعفى" روى بصيغة المتكلم من الإعفاء بمعنى الترك نقله في المفاتيح عن ... ، أي لا أدع ولا أتركه بل أقبض منه، وفي معناه ما في بعض النسخ المصابيح، "لا يعفى" على بناء المفعول وهو في معنى النهي، وروي لا أعفي بلفظ الماضي المبني للمفعول، فقيل هو دعا عليه أي لأكثر ماله ولا استغنى والإحفاء الإكثار، ويجوز أن يكون خيرًا في معنى النهي كما في رواية لا يعفى، ويكون التعبير بالماضي مبالغة في تحقيقه والله تعالى أعلم. هذا خلاصة ما ذكره أحل التحقيق من شراح الحديث، وتوهم بعض أنه ماض على بناء الفاعل من قول صاحب النهاية في تفسيره لأكثر ماله، ولا استغنى وذلك فيما يظهر توهم وقول صاحب النهاية لحاصل المعنى فليتنبه لذلك. بَابٌ فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَمَاتَ أَيُقَادُ مِنْهُ 4508 - "فجيء" أي بالمرأة، "ليسلطك" بكسر الكاف على خطاب المرأة.

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ: فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، فَقَالَ: «مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَلِكَ» أَوْ قَالَ: «عَلَيَّ» فَقَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: «لَا» فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4509 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ سُفْيَانَ ابْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، وأَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: هَارُونُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ امْرَأَةً، مِنَ الْيَهُودِ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَاةً مَسْمُومَةً، قَالَ: «فَمَا عَرَضَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذِهِ أُخْتُ مُرَحَّبٍ الْيَهُودِيَّةُ الَّتِي سَمَّتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 4510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: === وكذا قوله على ذلك، وقال - صلى الله عليه وسلم - ذلك لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬1) "أعرفها" أي أثر تلك الأكلة "في لهوات" بفتحتين هي اللحمات في سقف أقصى الفم جمع لهاة بفتح. 4509 - "فما عرض لها" أي للمرأة بالقتل. 4510 - "سمت" بتشديد الميم، "مصلية" كمشوية لفظًا ومعنًى، "فما أردت ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية (67).

أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ يَهُودِيَّةً، مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ سَمَّتْ شَاةً مَصْلِيَّةً ثُمَّ أَهْدَتْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِّرَاعَ، فَأَكَلَ مِنْهَا، وَأَكَلَ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ» وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَدَعَاهَا، فَقَالَ لَهَا «أَسَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ» قَالَتِ الْيَهُودِيَّةُ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟ قَالَ «أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ فِي يَدِي» لِلذِّرَاعِ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ «فَمَا أَرَدْتِ إِلَى ذَلِكَ؟ » قَالَتْ: قُلْتُ: إِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَنْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ، فَعَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُعَاقِبْهَا، وَتُوُفِّيَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كَاهِلِهِ مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَكَلَ مِنَ الشَّاةِ، حَجَمَهُ أَبُو هِنْدٍ بِالْقَرْنِ وَالشَّفْرَةِ، وَهُوَ مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ. 4511 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ === إلى ذلك" تعديته بإلى لتضمين معنى الدعاء، أي فما أردت إرادة دعتك إلى ذلك بالقرن، في النهاية: هو اسم موضع وقيل: هو قرن ثور جعله كالمحجمة (¬1)، ذكره السيوطي. قلت: وعطف الشفرة في هذا الحديث يأبى الوجه الأول والله تعالى أعلم. 4511 - "فقتلت" قال الواقدي: الثابت عندنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتلها وأمر ¬

_ (¬1) النهاية (4/ 54).

أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ «مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ» فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَتْ وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الْحِجَامَةِ. 4512 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ» زَادَ: فَأَهْدَتْ لَهُ يَهُودِيَّةٌ بِخَيْبَرَ شَاةً مَصْلِيَّةً سَمَّتْهَا فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَأَكَلَ الْقَوْمُ فَقَالَ: «ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ» فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ الْأَنْصَارِيُّ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ «مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ؟ » قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ الَّذِي صَنَعْتُ، وَإِنْ كُنْتَ مَلِكًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: فِي === بلحم الشاة فأحرق، وقال البيهقي في سننه اختلفت الرويات في قتلها ورواية أنس أصحها، قال: ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - في الابتداء لم يعاقبها حين لم يمت أحد من أصحابه ممن أكل، فلما مات بشر بن البراء أمر بقتلها فروى كل واحد من الرواة (¬1) ما شاهد. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبري (8/ 47).

وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ «مَازِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي». 4513 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أُمَّ مُبَشِّرٍ، قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: مَا يُتَّهَمُ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِنِّي لَا أَتَّهِمُ بِابْنِي شَيْئًا إِلَّا الشَّاةَ الْمَسْمُومَةَ الَّتِي أَكَلَ مَعَكَ بِخَيْبَرَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ بِنَفْسِي إِلَّا ذَلِكَ، فَهَذَا أَوَانُ قَطَعَتْ أَبْهَرِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَرُبَّمَا حَدَّثَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، بِهَذَا الْحَدِيثِ مُرْسَلًا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَرُبَّمَا حَدَّثَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يُحَدِّثُهُمْ بِالْحَدِيثِ مَرَّةً مُرْسَلًا فَيَكْتُبُونَهُ، وَيُحَدِّثُهُمْ مَرَّةً بِهِ فَيُسْنِدُهُ فَيَكْتُبُونَهُ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَنَا، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: فَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَى مَعْمَرٍ أَسْنَدَ لَهُ مَعْمَرٌ أَحَادِيثَ كَانَ يُوقِفُهَا. 4514 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ مُبَشِّرٍ، قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ: كَذَا قَالَ: عَنْ أُمِّهِ وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ

باب من قتل عبده أو مثل به أيقاد منه

مَخْلَدِ بْنِ خَالِدٍ، نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: فَمَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ فَقَالَ: مَا حَمَلَكِ عَلَى الَّذِي صَنَعْتِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَتْ وَلَمْ يَذْكُرِ الْحِجَامَةَ. بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقَادُ مِنْهُ 4515 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ === بَابُ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقَادُ مِنْهُ 4515 - "قتلناه" اتفق الأئمة على أن السيد لا يقتل بعبده وقالوا: الحديث وارد على الزجر والردع ليرتدع أو لا يقدموا على ذلك، وقيل ورد في عبد أعتقه سيده فسمى عبده باعتبار ما كان، وقيل: منسوخ. قلت: حاصل الوجه الأول أن المراد بقوله قتلناه وأمثاله عاقبناه وجازيناه على سوء صنيعه، إلا أنه عبر بلفظ القتل ونحوه للمشاكلة كما في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} (¬1)، وفائدة هذا التعبير الزجر والردع، وليس المراد أنه تكلم بهذه الكلمة لمجرد الزجر من غير أن يريد به معنى، أو أنه أراد حقيقته لقصد الزجر، فإن الأول يقتضي أن تكون هذه الكلمة مهملة، والثاني يؤدي إلى الكذب لمصلحة الزجر وكل ذلك لا يجوز، وكذا كلما جاء في كلامهم؛ من نحو قولهم هذا وارد على سبيل التغليظ والتشديد، فمرادهم أن اللفظ يحمل على ¬

_ (¬1) سورة الشوري: آية (40).

عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَال: "مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ". 4516 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَصَى عَبْدَهُ خَصَيْنَاهُ» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَحَمَّادٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، مِثْلَ حَدِيثِ مُعَاذٍ. 4517 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، بِإِسْنَادِ شُعْبَةَ مِثْلَهُ زَادَ ثُمَّ إِنَّ الْحَسَنَ نَسِيَ هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ يَقُولُ: «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ». 4518 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «لَا يُقَادُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ». === معنى مجازي مناسب للمقام، وفائدة التعبير إيهام الحقيقة للتشديد والتغليط، وإن كان كلام بعض أب عن هذا، وهذه الفائدة تنفعك في مواضع فاحفظها، وأما قولهم ورد في عبد أعتقه؛ فمبني على أن (من) موصولة لا شرطية والكلام إخبار عن واقعة بعينها والله تعالى أعلم. 4517 - "نسي هذا الحديث" قيل: ما نسي وإنما أوله ببعض ما سبق من التأويلات، "جارية له" أي سبب ما حصل بي، "جارية له" أي لسيده، وفيه إرجاع الضمير إلى غير مذكور لظهوره مثل قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة القدر: آية (1).

4519 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا سَوَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مُسْتَصْرِخٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ: جَارِيَةٌ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ «وَيْحَكَ مَا لَكَ؟ » قَالَ: شَرًّا، أَبْصَرَ لِسَيِّدِهِ جَارِيَةً لَهُ فَغَارَ فَجَبَّ مَذَاكِيرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيَّ بِالرَّجُلِ» فَطُلِبَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَنْ نُصْرَتِي؟ قَالَ: «عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ» أَوْ قَالَ: «كُلِّ === 4519 - "شر" أي حصل لي شر. "الصبر" أي رأى لسيده جارية أي جارية كانت لسيده، فالجار والمجرور كان صفة لجارية، وحين تقدم صارحًا لا، فغار أي السيد أي من النظر إليها كما هو ظاهر هذه الرواية، أو من ما ترتب عليه من القبلة كما هو ظاهر رواية ابن ماجه أو منهما جميعًا، وفي الكلام ذكر العبد نفسه بطريق الغيبة وهذا شايع، لكن الكلام لا يخلو عن نوع تعقيد وانغلاق، وكأنه سبب ما كان عليه العبد من اضطراب وشدة وانغلاق عليه باب البيان فأتى بمثل هذا الكلام، والحديث أخرجه ابن ماجة بلفظ واضح وهو: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صارخًا فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لك" قال: سيدي رآني أقبل جارية له فجب مذاكيري" إلخ (¬1). ولعل بعض الرواة نقل الحديث بمعناه بعبارة واضحة للإفهام، ويمكن أن يكون أصل الحديث بهذه العبارة ويكون الخلل من بعض الرواة في رواية أبي داود ¬

_ (¬1) الحديث بتمامه في كتاب الديات (2680).

باب القتل بالقسامة

مُسْلِمٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الَّذِي عَتَقَ كَانَ اسْمُهُ رَوْحُ بْنُ دِينَارٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الَّذِي جَبَّهُ زِنْبَاعٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا زِنْبَاعٌ أَبُو رَوْحٍ كَانَ مَوْلَى الْعَبْدِ». بَابُ الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ 4520 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ مُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ، انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ فَاتَّهَمُوا الْيَهُودَ === والله تعالى أعلم. "على من نصرتي" أي أن استرقني مولاي، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق عليه لئلا يجترئ الناس على مثله والله تعالى أعلم. بَابُ الْقَتْلِ بِالْقَسَامَةِ 4520 - "أن محيصة" هو وحويصة بضم ففتح ثم ياء مشددة مكسورة أو مخففة ساكنة وجهان مشهوران فيهما أشهرهما التشديد، "فجاء أخوة" إلخ، أي زادوا المجيء أو اجتمعوا لأجله، "الكبر" الكبر بضم فسكون بمعنى الأكبر نصبه بتقدير عامل أي قدم الأكبر، قالوا: هذا عند تساويهم في الفضل، وأما إذا كان الصغير ذا فضل فلا بأس أن يتقدم، روي أنه قدم وفد من العراق على عمر بن عبد العزيز فنظر عمر إلى شاب منهم يريد الكلام فقال عمر: كبر فقال الفتى: يا أمير المؤمنين إن الأمر ليس بسن ولو كانوا كذلك لكان في المسلمين من هو أسن منك، فقال: صدقت تكلم رحمك الله.

فَجَاءَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي أَمْرِ أَخِيهِ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكُبْرَ الْكُبْرَ» أَوْ قَالَ: «لِيَبْدَأِ الْأَكْبَرُ» فَتَكَلَّمَا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ» قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ كَيْفَ نَحْلِفُ؟ قَالَ: «فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهِ، قَالَ سَهْلٌ: «دَخَلْتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْمًا فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا»، قَالَ حَمَّادٌ: هَذَا أَوْ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَمَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: فِيهِ «أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ؟ » وَلَمْ يَذْكُرْ بِشْرٌ دَمًا، وقَالَ عَبْدَةُ، عَنْ يَحْيَى، كَمَا قَالَ حَمَّادٌ: وَرَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى فَبَدَأَ بِقَوْلِهِ: «تُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، يَحْلِفُونَ» وَلَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِحْقَاقَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ». === "يقسم" من الإقسام أي يحلف، "على رجل" أي على أن هذا الرجل قتل صاحبنا، "فيدفع ذلك الرجل إِليكم برمته" أي لتقتلوه كذا عند مالك أولياء، "خذوا منه دية المقتول" لكونه قتل عمدًا فالدية عليه لا على العاقلة كذا عند غيره، "والرمة" بضم الراء وتشديد الميم قطعة حبل يشد بها الأسير أو القاتل للقصاص، هذا في الأصل، ثم يراد به عرفًا يدفع إليكم بكلمه، "فتبراكم" من التبرئة أي يرفعون ظنكم وتهمتكم ودعواكم عن أنفسهم، وقيل: يخلصونكم عن اليمين بأن يحلفوا فتنتهي الخصومة بحلفهم.

4521 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هُوَ وَرِجَالٌ، مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ» فَكَتَبَ === 4521 - "فوداه" أي أعطى ديته، قالوا: إنما أعطى دفعًا للنزاع وإصلاحًا لذات البين وجبرًا لما يلحقهم من الكسر بواسطة قتل قريبهم، وإلا فأهل القتيل لا يستحقون إلا أن يحلفوا ويستحلفوا المدعى عليهم، لا تخلو عن اضطراب واختلاف ولذلك ترك بعض رواياته وأخذوا بروايات أخر لم ترجح عندهم والله تعالى أعلم. "دم صاحبكم" أي دية صاحبكم المقتول أو دم صاحبكم القاتل وهو المناسب برواية قاتلكم أي قاتل قريبكم، وهذا على مذهب من يثبت بالقسامة لقصاص ظاهر، وأما على مذهب من لا يقول به وهو الجمهور، فيحتاج إلى أن يرد به بدل دم القاتل وهو الدية باعتبارها بدلًا عن القصاص عند المانع عن القصاص. "فبدا بقوله تبرئتكم" هذا هو الموافق لمذهب الحنفية.

إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَكَتَبُوا إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ» قَالُوا: لَيْسُوا مُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمُ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ: «لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ». 4522 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا === "من جهد" بفتح الجيم أي تعب ومشقة، "فأتي" على بناء المفعول أي أتاه آت؛ وكذا أخبروا الفقير مثل الفقير المقابل للغني بيد قريبة العقر واسع الفم، "فذهب محيصة" أي شرع، "كبِّر" بتشديد الباء أي قدم الأكبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أن يدوا" مضارع ودى بحذف الواو كما في بقي، "وإِما أن يأذنوا" الظاهر أنه بفتح الياء من الإذن بمعنى العلم، مثله قوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (¬1)، وضبط على بناء المفعول من الإيذان بمعنى الإعلام وهو أقرب إلى الخيط، والمراد أنهم يفعلون أحد الأمرين إن ثبت عليهم القتل والله تعالى أعلم. "أنه قتل بالقسامة" ظاهره ثبوت القصاص بالقسامة، ولعل من لا يقول به يحمله على أنه ظهر القاتل بإقرار وبينة حين قضى عليهم بالإيمان، فصار القتل بإقرار أو بينة قتلًا بسبب القسامة وبواسطته والله تعالى أعلم. 4522 - "ببحرة الرغا" البحرة قيل: البلدة وقيل هو في الأصل مستنقع الماء ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (279).

باب في ترك القود بالقسامة

مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ «قَتَلَ بِالْقَسَامَةِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ بِبَحْرَةِ الرُّغَاءِ عَلَى شَطِّ لِيَّةِ الْبَحْرَةِ» قَالَ: الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْهُمْ، وَهَذَا لَفْظُ مَحْمُودٍ بِبَحْرَةٍ أَقَامَهُ مَحْمُودٌ وَحْدَهُ عَلَى شَطِّ لِيَّةَ. بَابٌ فِي تَرْكِ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ 4523 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، زَعَمَ أَنَّ رَجُلًا، مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا، فَقَالُوا لِلَّذِينَ وَجَدُوهُ عِنْدَهُمْ: قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا، فَقَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا، فَانْطَلَقْنَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فَقَالَ لَهُمْ «تَأْتُونِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ هَذَا» قَالُوا: === والرغا بضم موضع، "ولية" بكسر وتشديد الياء واد لثقيف أو جبل بالطائف أعلاه لثقيف وأسفله لنصر بن معاوية، "تأتوني بالبينة" أخذ من طلب البينة أن القصاص لا يثبت بدونها والله تعالى أعلم. "يحلفون" إلخ، هذه الأيمان غير معتبرة وما جاء من إباء اليهود عن الأيمان وإباء أولياء الدم عن استحلافهم فذاك عن الأيمان المعتبرة فلا إشكال، "دية على يهود" أي أن حلف الأنصار، وحين أبوا أعطيتهم من عنده، وكذا ما في النسائي أنه قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديته عليهم وعانهم بنصفها، يحمل على أنه قرر وبين لهم أنه إن ثبت يقسم الدية عليهم ويعينهم بالنصف والله تعالى أعلم.

مَا لَنَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: «فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ» قَالُوا: لَا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ، فَكَرِهَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ، فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ. 4524 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَاشِدٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: أَصْبَحَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مَقْتُولًا بِخَيْبَرَ، فَانْطَلَقَ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «لَكُمْ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْلِ صَاحِبِكُمْ؟ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ يَهُودُ وَقَدْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا، قَالَ: «فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ خَمْسِينَ فَاسْتَحْلَفُوهُمْ فَأَبَوْا، فَوَدَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ». 4525 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُجَيْدٍ، قَالَ: إِنَّ سَهْلًا وَاللَّهِ أَوْهَمَ الْحَدِيثَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَتَبَ إِلَى يَهُودَ «أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قَتِيلٌ فَدُوهُ»، فَكَتَبُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا، قَالَ: «فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ». 4526 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنَ

باب يقاد من القاتل

الْأَنْصَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لِلْيَهُودِ وَبَدَأَ بِهِمْ «يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا» فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ: «اسْتَحِقُّوا» قَالُوا: نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةً عَلَى يَهُودَ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. بَابُ يُقَادُ مِنَ الْقَاتِلِ 4527 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَتْ قَدْ رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ؟ أَفُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ، فَاعْتَرَفَ، «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ». 4528 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا، ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي قَلِيبٍ، وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخِذَ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ»، فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ نَحْوَهُ. === بَابُ ما يُقَادُ مِنَ الْقَاتِلِ 4527 - " قد رض" بتشديد الضاد على بناء المفعول أي كسر. 4528 - "على حلي" بضم الحاء وتشديد الياء جمع حَلْى بالفتح والتخفيف مثل ثَدْي وثُدِيِّ أي لأجلها، "ورضخ" بضاد وخاء معجمتين على بناء الفاعل أي كسر، "أن يرجم" لعله عبر بالرجم عن الكسر بالحجر والله تعالى أعلم.

باب أيقاد المسلم بالكافر؟

4529 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسٍ، أَنَّ جَارِيَةً كَانَ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ لَهَا فَرَضَخَ رَأْسَهَا يَهُودِيٌّ بِحَجَرٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهَا رَمَقٌ، فَقَالَ لَهَا: «مَنْ قَتَلَكِ؟ فُلَانٌ، قَتَلَكِ؟ » فَقَالَتْ: لَا، بِرَأْسِهَا، قَالَ: «مَنْ قَتَلَكِ؟ فُلَانٌ قَتَلَكِ؟ » قَالَتْ: لَا، بِرَأْسِهَا، قَالَ: «فُلَانٌ قَتَلَكِ؟ » قَالَتْ: نَعَمْ، بِرَأْسِهَا، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُتِلَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. بَابُ أَيُقَادُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ؟ 4530 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ، إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي === 4529 - "أوضاح" بحاء مهملة نوع من حلي صيغت من الدرهم الصحاح والله تعالى أعلم. بَابُ أَيُقَادُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ؟ 4530 - "هل عهد إليك" أي أوصلك إلى ما في كتابي، لا يخفى أن ما في كتابه ما كان من الأمور المخصوصة، فالاستثناء إما بملاحظة الكتابة، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - خص عليًّا بأن أمره أن يكتب دون غيره أو نتفيان نفي الاختصاص بأبلغ وجه، أي لو كان شيء خصنا به لكان ما في كتابي يكن الذي في كتابي ليس مما خصنا به فما، خصنا بشيء والله تعالى أعلم.

كِتَابِي هَذَا، قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ: فَأَخْرَجَ كِتَابًا، وَقَالَ أَحْمَدُ: كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ، فَإِذَا فِيهِ «الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» قَالَ مُسَدَّدٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، فَأَخْرَجَ كِتَابًا. 4531 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === "من قراب سيفه" بكسر القاف هو وما يكون فيه السيف يغمده، "وحمائله تكافأ" بهمزة في آخره، أصله تتكافأ بتاءين أي تتساوى، "وهم يد" أي اللائق بحالهم أن يكونوا كيد واحدة في التعاون والتعاضد على الأعداء، كما أن اليد الواحدة لا يمكن أن يميل بعضها إلى جانب وبعضها إلى آخر فكذلك اللائق، "شبان المؤمنين ويسعى" أي ذمتهم في يد أقلهم عددًا وهو الواحد أو أسلفهم رتبة وهو العبد يمشي به يعقده لمن يرى من الكفرة، فإذا عقد حصل به الذمة من الكل، "لا يقتل مؤمن بكافر" ظاهره العموم ومن لا يقول به يخصه بغير الذمي جمعًا بينه وبين ما ثبت من أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وقد سبق الحديث في آخر كتاب الجهاد أيضًا. 4531 - "يجير عليهم أقصاهم" أي إذا عقد الذمة من هو أقصى دارًا من الكافر الذي عقد له، فهو نافذ على الكل وليس لأحد نقضه، "ويرد مشدهم" المشد اسم فاعل من الشد، "والمضعف" من أضعف أي من قوي دابة من الغزاة يساويهم الضعيف من ضعف دوابه في الغنيمة، "والتسري" الخارج من الجيش

باب في من وجد مع أهله رجلا أيقتله؟

وَسَلَّمَ: ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَلِيٍّ زَادَ فِيهِ «وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَيَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ». بَابٌ فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ 4532 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا» قَالَ سَعْدٌ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ» قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إِلَى مَا يَقُولُ سَعْدٌ. 4533 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: «نَعَمْ». === إلى القتال يشاركه القاعد في الغنيمة لكن بشرط أن يكون القاعد مع الجيش والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ 4532 - "بلى، قالوا ليس مرده" أي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ومخالفة أمره، وإنما حاصل كلامه الإخبار عن حقيقة حاله عند رؤيته أحدًا مع امرأته جمع استيلاء الغضب.

باب العامل يصاب على يديه خطأ

بَابُ الْعَامِلِ يُصَابُ عَلَى يَدَيْهِ خَطَأً 4534 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ، فَشَجَّهُ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: الْقَوَدَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ: «لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ: «لَكُمْ كَذَا وَكَذَا» فَرَضُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي خَاطِبٌ الْعَشِيَّةَ عَلَى النَّاسِ وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ» فَقَالُوا: نَعَمْ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ هَؤُلَاءِ اللَّيْثِيِّينَ أَتَوْنِي يُرِيدُونَ الْقَوَدَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ كَذَا وَكَذَا فَرَضُوا، أَرَضِيتُمْ؟ » قَالُوا: لَا، فَهَمَّ الْمُهَاجِرُونَ بِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُفُّوا عَنْهُمْ، فَكَفُّوا، ثُمَّ دَعَاهُمْ فَزَادَهُمْ، فَقَالَ: «أَرَضِيتُمْ؟ » فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «إِنِّي خَاطِبٌ عَلَى النَّاسِ === بَابُ الْعَامِلِ يُصَابُ عَلَى يَدَيْهِ خَطَأً 4534 - "فلاجَه" بتشديد الجيم أي نازعه وخاصمه، "أقصه" بضم الهمزة من أقص الأمير فلانًا من فلان إذا اقتص له منه فجرحه مثل أو قتله، "قودًا" أقص من نفسه، قال الحافظ السيوطي. ورد في القصاص من نفسه أحاديث، منها عن أسيد بن حضير أخرجه المصنف في آخر الكتاب، ومنها ما خرجه الحاكم عن حبيب بن سلمة أن رسول الله دعا إلى القصاص من نفسه في خدشة خدشها أعرابيًّا لم يتعمده، فأتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك جبارًا متكبرًا"، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي فقال: "اقتص مني" فقال الأعرابي قد أحللتك بأبي أنت

باب القود بغير حديد

وَمُخْبِرُهُمْ بِرِضَاكُمْ» قَالُوا: نَعَمْ، فَخَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَرَضِيتُمْ؟ » قَالُوا: نَعَمْ. بَابُ الْقَوَدِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ 4535 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَتْ قَدْ رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ؟ أَفُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ، فَاعْتَرَفَ، «فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ». بَابُ الْقَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ، وَقَصِّ الْأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ 4536 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ مُسَافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَقْبَلَ رَجُلٌ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ، فَجُرِحَ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَالَ فَاسْتَقِدْ» فَقَالَ: بَلْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. 4537 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ === وأمي، ما كنت لأفعل ذلك أبدًا ولو أتيت على نفسي فدعا له (¬1) بخير، ومنها قصص في عدة أحاديث خرجتها في جزء. ¬

_ (¬1) المستدرك (4/ 331)، وقال الحاكم: تفرد به أحمد بن عبيد. وقال الذهبي: قال ابن عدي: أحمد بن عبيد صدوق له مناكير.

باب عفو النساء عن الدم

أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ، وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ أُقِصُّهُ مِنْهُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ أَتُقِصُّهُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أُقِصُّهُ، وَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَصَّ مِنْ نَفْسِهِ». بَابُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ 4538 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ حِصْنًا، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ، يُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «عَلَى الْمُقْتَتِلِينَ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «بَلَغَنِي أَنَّ عَفْوَ النِّسَاءِ فِي الْقَتْلِ جَائِزٌ === بَابُ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ 4538 - "إِن على المقتتلين" بكسر التاء الثانية أريد بهم أولياء القتيل والقاتل، وسماهم مقتتلين لما ذكره الخطابي، فقال: يشبه أن يكون معنى المقتتلين هاهنا أن يطلب أولياء القتيل القود، فيمتنع القتلة فينشأ بينهم الحرب والقتال من أجل ذلك، فجعلهم مقتتلين لما ذكرناه (¬1)، "أن ينحجزوا" أي يكفوا عن القود وكل من ترك شيئًا فقد انحجز عنه، "والانحياز" مضارع حجزه إذا منعه أي ينبغي لورثة المقتول العفو الأول فالأول، أي الأقرب، فإذا أعفى منهم واحد، وإن كان ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 21).

باب من قتل في عميا بين قوم

إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الْأَوْلِيَاءِ، وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ يَنْحَجِزُوا يَكُفُّوا عَنِ الْقَوَدِ». بَابُ مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ 4539 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَهَذَا حَدِيثُهُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُوسٍ، قَالَ: مَنْ قُتِلَ وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا فِي رَمْيٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحِجَارَةٍ، أَوْ بِالسِّيَاطِ، أَوْ ضَرْبٍ بِعَصًا فَهُوَ خَطَأٌ، وَعَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَإِ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ قَوَدٌ» قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: «قَوَدُ يَدٍ» ثُمَّ اتَّفَقَا «وَمَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ» وَحَدِيثُ سُفْيَانَ أَتَمُّ. === امرأة سقط القود وصار دية والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ 4539 - "في عميًّا" بكسر عين فتشديد ميم، وقصري في حال يعمى أمره فلا يتبين قاتله ولا حال قاتله ولا حال قتله، "في رمي" إلخ، بيان لما قبله أي ترامى القوم فوجد بينهم قتيل "فهو خطأ" أي حكمه حكم الخطأ حيث تجب الدية لا القصاص فهو قود بفتحتين، أي قتله سبب للقود، "لا يقبل الله منه صرفًا" قيل: أي توبة لما فيها من صرف الإنسان نفسه من حالة المعصية إلى حالة الطاعة، "ولا عدلًا" أي فداء مأخوذًا من التعادل وهو التساوي لأن فداء الأسير يساويه، والمراد التغليظ والتشديد فيمن حال دون حد من حدود الله ونحوه والله تعالى أعلم.

باب الدية كم هي؟

4540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ. بَابُ الدِّيَةِ كَمْ هِيَ؟ 4541 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، ح وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَضَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَعَشَرَةُ بَنِي لَبُونٍ ذَكَرٍ. 4542 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَمَانَ مِائَةِ دِينَارٍ أَوْ ثَمَانِيَةَ === بَابُ الدِّيَةِ كَمْ هِيَ؟ 4541 - "ثلاثون بنت مخاض" هي التي أتى عليها الحول، "وبنت لبون" التي أتى عليها حولان، "وحقة" بكسر الحاء وتشديد القاف هي التي دخلت في الرابعة وذكر بضمتين قيل: تخفيف ذكور، قال الخطابي: هذا الحديث لا أعرف أحدًا من الفقهاء (¬1) قال به. 4542 - "قيمة الدية" أي قيمة الإبل التي هي الأصل في الدية، "فقال إن ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 23).

آلَافِ دِرْهَمٍ، وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَئِذٍ النِّصْفُ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ "، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ، قَالَ: فَفَرَضَهَا عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، قَالَ: وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنَ الدِّيَةِ. 4543 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَضَى فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْقَمْحِ» شَيْئًا لَمْ يَحْفَظْهُ مُحَمَّدٌ. 4544 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَرَأْتُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ذَكَرَ عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُوسَى وَقَالَ: «وَعَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ» شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ. === الإبل قد غلت" من الغلاء، وكان رضي الله تعالى عنه علم أن النقد في الدية غير محدود، وإنما هو أمر متفاوت بحسب تفاوت قيمة الإبل، وعلى هذا ينبغي أن ينظر في كل وقت إلى رخاء الإبل وغلائها والله تعالى أعلم.

باب في دية الخطإ شبه العمد

4545 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي دِيَةِ الْخَطَإِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُرٍ» وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ. 4546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ قُتِلَ، " فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ. بَابٌ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ 4547 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ === 4545 - "وعشرون جذعة" بفتحتين هي التي دخلت في الخامسة، أثني عشر ألفًا، هذا مع ما سبق يؤيد أن النقد كان مختلف بحسب الأوقات والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ 4547 - "مأثرة" بفتح ميم وضم مثلثة أو فتحها كل ما يذكر ويؤثر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم، "تحت قدميَّ" أراد إبطالها وإسقاطها، "وسدانة

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مُسَدَّدٌ خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» - إِلَى هَاهُنَا حَفِظْتُهُ عَنْ مُسَدَّدٍ، ثُمَّ اتَّفَقَا - «أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُذْكَرُ وَتُدْعَى مِنْ دَمٍ، أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ» ثُمَّ قَالَ: " أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ، وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِ أَوْلَادِهَا " وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَتَمُّ. 4548 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ مَعْنَاهُ. 4549 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ أَوْ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى دَرَجَةِ الْبَيْتِ أَوِ الْكَعْبَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَوَاهُ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مِثْلَ حَدِيثِ خَالِدٍ، === البيت" بكسر السين وبالدال المهملة وهي خدمته والقيام بأمره، قال الخطابي: كانت الحجابة في الجاهلية في بني عبد الدار والسقاية في بني هاشم، فأقرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصار بنو شيبة يحجبون البيت وبنو العباس يسقون الحجيج (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 26).

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَقَوْلُ زَيْدٍ، وَأَبِي مُوسَى مِثْلُ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 4550 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَضَى عُمَرُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ: «ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا». 4551 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَثْلَاثٌ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا وَكُلُّهَا خَلِفَةٌ». 4552 - وَبِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فِي شِبْهِ الْعَمْدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ === 4550 - وقوله: "شبه العمد" الشبه كالمثل يجوز في كل منهما الكسر مع سكون وفتحتان وهو صفة الخطأ، وقوله: "ما كان بالسوط" بدل من الخطأ أو الأول بدل والثاني بدل من بدل. "خلفة" بفتح فكسر هي الناقة الحاملة إلى نصف أجلها ثم هي عشار. 4551 - "والثنية"، ما دخلت في السادسة "إلى بازل عامها" متعلق بثبتة وذلك في ابتداء السنة التاسعة وليس بعده اسم بل يقال بازل عام وبازل عامين.

بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ». 4553 - حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي الْخَطَإِ أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ. 4554 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «فِي الْمُغَلَّظَةِ أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَفِي الْخَطَإِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنُو لَبُونٍ ذُكُورٌ، وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ». 4555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فِي الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: " إِذَا دَخَلَتِ النَّاقَةُ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ فَهُوَ حِقٌّ وَالْأُنْثَى حِقَّةٌ، لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَيُرْكَبَ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَهُوَ جَذَعٌ وَجَذَعَةٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّادِسَةِ وَأَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ وَثَنِيَّةٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ فَهُوَ رَبَاعٌ وَرَبَاعِيَةٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الثَّامِنَةِ وَأَلْقَى السِّنَّ الَّذِي بَعْدَ الرَّبَاعِيَةِ فَهُوَ سَدِيسٌ وَسَدَسٌ، فَإِذَا === 4555 - "في المغلظة" أي في الدية المغلظة وهي دية شبه العمد، "فهو رباع"

باب ديات الأعضاء

دَخَلَ فِي التَّاسِعَةِ وَفَطَرَ نَابُهُ وَطَلَعَ فَهُوَ بَازِلٌ، فَإِذَا دَخَلَ فِي الْعَاشِرَةِ فَهُوَ مُخْلِفٌ، ثُمَّ لَيْسَ لَهُ اسْمٌ وَلَكِنْ يُقَالُ: بَازِلُ عَامٍ، وَبَازِلُ عَامَيْنِ، وَمُخْلِفُ عَامٍ، وَمُخْلِفُ عَامَيْنِ، إِلَى مَا زَادَ، وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ابْنَةُ مَخَاضٍ لِسَنَةٍ، وَابْنَةُ لَبُونٍ لِسَنَتَيْنِ، وَحِقَّةٌ لِثَلَاثٍ، وَجَذَعَةٌ لِأَرْبَعٍ، وَثَنِيٌّ لَخَمْسٍ، وَرَبَاعٌ لِسِتٍّ، وَسَدِيسٌ لِسَبْعٍ، وَبَازِلٌ لِثَمَانٍ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ، وَالْأَصْمَعِيُّ: «وَالْجُذُوعَةُ وَقْتٌ وَلَيْسَ بِسِنٍّ» قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: «فَإِذَا أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ فَهُوَ رَبَاعٌ، وَإِذَا أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ» وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «إِذَا لَقِحَتْ فَهِيَ خَلِفَةٌ، فَلَا تَزَالُ خَلِفَةً إِلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ فَهِيَ عُشَرَاءُ» قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «إِذَا أَلْقَى ثَنِيَّتَهُ فَهُوَ ثَنِيٌّ، وَإِذَا أَلْقَى رَبَاعِيَتَهُ فَهُوَ رَبَاعٌ». بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ 4556 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ === كثمان. بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ 4556 - "الأصابع" سواء جعلت سواء، وإن كانت مختلفة المعاني والمنافع قصدًا للضبط وكذا الإنسان، ولو اعتبرت المنفعة لاختلف الأمر اختلافًا شديدًا، يقوم من التقويم دية الخطأ أي الإبل التي هي الأصل في الدية، "أو حَدِلها" بالكسر أو الفتح أي ما يساويها، "هاجت رخص" أي رخصة ونقصت قيمتها من هاج إذا أثار، ورخص بضم راء وسكون خاء أي فهر رخصها، إذا جدع قطع،

مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ عَشْرٌ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ». 4557 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَالِبٍ التَّمَّارِ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ أَوْسٍ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ»، قُلْتُ: عَشْرٌ عَشْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَسْرُوقَ بْنَ أَوْسٍ، وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي غَالِبٌ التَّمَّارُ، بِإِسْنَادِ أَبِي الْوَلِيدِ، وَرَوَاهُ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي صَفِيَّةَ، عَنْ غَالِبٍ، بِإِسْنَادِ إِسْمَاعِيلَ. 4558 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالْخِنْصَرَ. 4559 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ، وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ سَوَاءٌ، هَذِهِ === "تندوته" بضم مثلثة مهموزًا وفتحها بلا همز وبعد المثلثة نون، والمراد هاهنا أرنبة الأنف وهي طرفه ومقدمه، "وفي المأمومة" أي في الشجة التي تصل إلى أم الدماغ وهو جلدة فوق الدماغ.

وَهَذِهِ سَوَاءٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ شُعْبَةَ، بِمَعْنَى عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَاه الدَّارِمِيُّ، عَنِ النَّضْرِ. 4560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَسْنَانُ سَوَاءٌ، وَالْأَصَابِعُ سَوَاءٌ». 4561 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصَابِعَ الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ سَوَاءً». 4562 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فِي خُطْبَتِهِ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ «فِي الْأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ». 4563 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ». 4564 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ شَيْبَانَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ فَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ، صَاحِبٌ لَنَا ثِقَةٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، === 4564 - "والجائفة" أي الطعنة التي تبلغ جوف الرأس أو جوف البطن، "عن

قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَإِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِائَةِ دِينَارٍ، أَوْ عَدْلَهَا مِنَ الْوَرِقِ، وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَثْمَانِ الْإِبِلِ، فَإِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي قِيمَتِهَا، وَإِذَا هَاجَتْ رُخْصًا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَبَلَغَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ أَرْبَعِ مِائَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِائَةِ دِينَارٍ، وَعَدْلُهَا مِنَ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمَنْ كَانَ دِيَةُ عَقْلِهِ فِي الشَّاءِ فَأَلْفَيْ شَاةٍ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الْعَقْلَ مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَى قَرَابَتِهِمْ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْعَصَبَةِ» قَالَ: وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَنْفِ إِذَا جُدِعَ الدِّيَةَ كَامِلَةً، وَإِذَا جُدِعَتْ ثَنْدُوَتُهُ فَنِصْفُ الْعَقْلِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ أَوْ عَدْلُهَا مِنَ الذَّهَبِ، أَوِ الْوَرِقِ أَوْ مِائَةُ بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفُ شَاةٍ، وَفِي الْيَدِ إِذَا قُطِعَتْ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَفِي الرِّجْلِ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الْعَقْلِ، ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ مِنَ الْإِبِلِ، وَثُلُثٌ أَوْ قِيمَتُهَا مِنَ الذَّهَبِ، أَوِ الْوَرِقِ، أَوِ الْبَقَرِ، أَوِ الشَّاءِ، وَالْجَائِفَةُ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي الْأَصَابِعِ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ، وَفِي الْأَسْنَانِ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَقْلَ الْمَرْأَةِ بَيْنَ عَصَبَتِهَا مَنْ كَانُوا لَا يَرِثُونَ مِنْهَا === ورثتها" أي عن ذوي القروض، والمراد أنها إذا خبت فعلقها على العصبة كالرجل وليست في كالعبد الذي لا تتحمل العاقلة خبايته، "وإِن قتلت" على بناء المفعول بين ورثتها أي الدية مورثة كسائر الأموال التي كانت تملكها أيام حيواتها، "يرثها الزوج وغيره" وارث أي ذو فرض أقرب الناس من العصبات، وظاهره يشمل

شَيْئًا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا، وَإِنْ قُتِلَتْ فَعَقْلُهَا بَيْنَ وَرَثَتِهَا، وَهُمْ يَقْتُلُونَ قَاتِلَهُمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا» قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا كُلُّهُ حَدَّثَنِي بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، هَرَبَ إِلَى الْبَصْرَةِ مِنَ الْقَتْلِ». 4565 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ بِلَالٍ الْعَامِلِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ» قَالَ: وَزَادَنَا خَلِيلٌ، عَنِ ابْنِ رَاشِدٍ، «وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ، فَتَكُونُ دِمَاءٌ فِي عِمِّيَّا فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ، وَلَا حَمْلِ سِلَاحٍ». 4566 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُسَيْنٌ يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فِي === ذوي الأرحام أيضًا، فهو حجة لمن يقول بإرثهم والله تعالى أعلم. 4566 - "في المواضح" جمع موضحة وهي الشجة التي توضح العظم أي تظهره، "والشجة" الجراحة وإنما تسمى شجة إذا كان في الوجه والرأس، والمراد

باب دية الجنين

الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ». 4567 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا بِثُلُثِ الدِّيَةِ». بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ 4568 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ، عَنِ الْمُغِيَرةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَحْتَ === في كل واحدة من الموضحة خمس، قالوا والتي فيها خمس من الإبل ما كان في الرأس والوجه، وأما في غيرها فحكومة عدل القائمة. 4567 - "السادة" بتشديد الدال أي الباقية الثابتة في مكانها أي التي لم تخرج من الحدقة فبقيت في الظاهر على ما كانت ولم يذهب جمال الوجه لكن ذهب إبصارها، قيل: وقد عمل بظاهره بعض العلماء لكن عامتهم رأوا فيها حكومة عدل، وحملوا الحديث على أن الحكومة في تلك الواقعة بلغت هذا القدر لا أنه شرع الثلث في الدية على الإطلاق والله تعالى أعلم. بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ 4568 - "وجنينها" أي الذي في بطنها. "كيف ندي" من الدية أي نعطي دية، "ولا استهل ولا صاح" عند الولادة، كناية عن خروجه حيًّا أي ولا خرج من بطن أمه حيًّا.

رَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ، فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودٍ فَقَتَلَتْهَا، وَجَنِينَهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: كَيْفَ نَدِي مَنْ لَا صَاحَ، وَلَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ، وَلَا اسْتَهَلَّ، فَقَالَ: «أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ؟ » فَقَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ وَجَعَلَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَرْأَةِ. 4569 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَزَادَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ، وَغُرَّةً لِمَا فِي بَطْنِهَا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَكَمُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ. 4570 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَارُونُ بْنُ عَبَّادٍ الْأَزْدِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، أَنَّ عُمَرَ، اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي إِمْلَاصِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ === "أسجع" إنكار حيث عارض الشرع سجعه أتى بما لا حقيقة له لغيرة، أي بعيد أو أمة، وجعله أي ما قضى، وهذا الاعتبار ذكر الضمير، دية المقتولة بناء على أن القتل كان لشبه العمد وليس بعمد، نعم الروايات متعارضة، ففي بعضها جاء القصاص ويمكن التوفيق بأن قضى بالقصاص ثم وقع الصلح والتراضي على الدية، وفيه أن دية العمد على القاتل لا على العاقلة إلا أن يقال إنهم يحملون عليها برضاهم فتأمل والله تعالى أعلم. 4570 - "في إملاص المرأة" بالصاد المهملة أي إسقاطها الولد، "بغرة عبد أو أمة" المشهور تنوين غرة وما بعده بدل منه أو بيان له، وروى بعضهم بالإضافة،

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَضَى فِيهَا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ» فَقَالَ: ائْتِنِي بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ، فَأَتَاهُ بِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، زَادَ هَارُونُ فَشَهِدَ لَهُ يَعْنِي ضَرْبَ الرَّجُلِ بَطْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ: «إِنَّمَا سُمِّيَ إِمْلَاصًا، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُزْلِقُهُ، قَبْلَ وَقْتِ الْوِلَادَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا زَلَقَ مِنَ الْيَدِ، وَغَيْرِهِ فَقَدْ مَلِصَ». 4571 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عُمَرَ، بِمَعْنَاهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ. 4572 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، === الواو للتقسيم لا للشك، فإن كلًّا من العبد والأمة يقال له الغرة إذ الغرة اسم للإنسان المملوك أو تطلق على معاني أخر أيضًا، "ايتني" إلخ، قاله لزيادة التوثيق، "لا تتهمه بكذب" وعدم قبول رواية الآحاد، فإنها مقبولة فيمن دون الصحابة فكيف هم. 4572 - "بمسطح" بكسر الميم، عود من أعواد الخباء، "وأن تقتل" أي قضى بأن تقتل المرأة في مقابلة المرأة المقتولة، وقد ذكرنا وجه التوفيق بين هذه الرواية ورواية الدية. "هو الصَوبح" قيل: هو بالفتح وقد يضم الذي يخبر به، "مُعَرَّب" لقضيا بغير هذا، كأنه ظهر له رأي آخر فتعجب من خطأ الرأي، "فمثله يطل" هو إما مضارع بضم الياء المثناة وتشديد اللام أي يهدر ويلغى، أو ماضي بفتح الباء

أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ قَضِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا، وَجَنِينَهَا، «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: " الْمِسْطَحُ: هُوَ الصَّوْبَجُ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " الْمِسْطَحُ: عُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْخِبَاءِ. 4573 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: قَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، لَمْ يَذْكُرْ === الموحدة وتخفيف اللام من البطلان، "وبرأ" من التبرئة أي برأهما من حمّل الدية ميراثها لنا أي قياسًا على تحمل الدية بحجر، ولعلها رمت بالحجر والعمود جميعًا من أجل سجعه أي قال ذلك لأجل سجعه، قال الخطابي: لم يعبه بمجرد السجع بل ما تضمنه سجعه من الباطل، وإنما ضرب المثل بالكهان؛ لأنهم كانوا يروجون أقاويلهم الباطلة بالسجاع ترقق قلوب السامعين ليميلوا إليها (¬1)، وإلا فالسجع في موضع الحق جاء كثيرًا. قلت: والظاهر أن ما جاء بلا قصد والقصد إليه غير لائق والله تعالى أعلم. ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة أي الجانية كما هو الظاهر، وهذا لا ينافي الأحاديث الأخر لجواز أنها ماتت أيضًا بعد موت المجني عليها، وقيل المراد المجني عليها و (على) في موضع اللام ليوافق سائر الروايات، وفيه أنه لا يناسبه قوله وإن العقل على عصبتها فليتأمل. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 34).

«وَأَنْ تُقْتَلَ» زَادَ: بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُ أَكْبَرُ لَوْ لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا لَقَضَيْنَا بِغَيْرِ هَذَا. 4574 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمَّارُ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ طَلْحَةَ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قِصَّةِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: فَأَسْقَطَتْ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ مَيِّتًا، وَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَضَى عَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ، فَقَالَ عَمُّهَا: إِنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ، فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ: إِنَّهُ كَاذِبٌ، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا اسْتَهَلَّ، وَلَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، فَمِثْلُهُ يُطَلُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسَجْعَ الْجَاهِلِيَّةِ وَكَهَانَتَهَا، أَدِّ فِي الصَّبِيِّ غُرَّةً» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «كَانَ اسْمُ إِحْدَاهُمَا مُلَيْكَةَ وَالْأُخْرَى أُمَّ غُطَيْفٍ». 4575 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ، مِنْ هُذَيْلٍ قَتَلَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ وَوَلَدٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلَةِ، وَبَرَّأَ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا، قَالَ: فَقَالَ عَاقِلَةُ الْمَقْتُولَةِ: مِيرَاثُهَا لَنَا؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، مِيرَاثُهَا لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا». 4576 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَيَانٍ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ،

أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ، فَقَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ أُغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ، لَا نَطَقَ، وَلَا اسْتَهَلَّ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ» مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَ. 4577 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا. 4578 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً، خَذَفَتْ === 4578 - "حذفت" أي رمتها والذال معجمة وفي الحاء والإعجام ذكره السيوطي ولم يذكر "فرسًا ولا بغلًا" (¬1)، يقال إن ذكرهما وهم من عيسى بن يونس، فإنه يغلط أحيانًا فيما يروي، ذكره الخطابي والبغوي (¬2)، وقال الطيبي: ¬

_ (¬1) تنوير الحوالك بشرح موطأ مالك (3/ 62). (¬2) معالم السنن (4/ 34) وشرح السنة (10/ 209)، وقال البيهقي: ذكر البغل والفرس فيه غير محفوظ.

باب في دية المكاتب

امْرَأَةً فَأَسْقَطَتْ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَجَعَلَ فِي وَلَدِهَا خَمْسَ مِائَةِ شَاةٍ، وَنَهَى يَوْمَئِذٍ عَنِ الْخَذْفِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَذَا الْحَدِيثُ «خَمْسَ مِائَةِ شَاةٍ» وَالصَّوَابُ مِائَةُ شَاةٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَكَذَا قَالَ عَبَّاسٌ، وَهُوَ وَهْمٌ». 4579 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، أَوْ فَرَسٍ، أَوْ بَغْلٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، لَمْ يَذْكُرَا أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ. 4580 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْعَوَقِيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَجَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «الْغُرَّةُ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ رَبِيعَةُ: الْغُرَّةُ: خَمْسُونَ دِينَارًا. بَابٌ فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ 4581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ === الغرة تطلق على الإنسان المملوك؛ فهذه الزيادة باطلة وقد أخذ بها بعض السلف، ورد بأنه يجوز أن يكون عطفًا على ثمرة لا على عبد أو أمة ليلزم كونه داخلًا في تفسير الغرة فلا يلزم من هذه الجهة بطلان الزيادة، نعم هي لشذوذها تعد غير صحيحة. بَابٌ فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ 4581 - "يؤدى" على بناء المفعول من الدية ظاهره حرّ بقدر ما أدى سيّما

هِشَامٍ، وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي دِيَةِ الْمُكَاتَبِ يُقْتَلُ يُودَى مَا أَدَّى، مِنْ مُكَاتَبَتِهِ دِيَةَ الْحُرِّ وَمَا بَقِيَ دِيَةَ الْمَمْلُوكِ. 4582 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَصَابَ الْمُكَاتَبُ حَدًّا، أَوْ وَرِثَ مِيرَاثًا يَرِثُ عَلَى قَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ قَوْلَ عِكْرِمَةَ. === رواية علي قدر ما عتق منه، وهو مخالف حديث عبد الله بن عمرو أنه عبد ما بقي عليه درهم، والفقهاء أخذوا بذلك الحديث وتركوا هذا، إما لأن الرق فيه هو الأصل، فلا يثبت خلافه إلا بدليل غير معارض، أو علموا بنسخ هذا الحديث والله تعالى أعلم، قال الخطابي (¬1): أجمع عوام العلماء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته والجناية عليه. ولم يذهب إلى هذا الحديث أحد من العلماء فيما بلغت إلا إبراهيم إلنخعي، وقد روي في ذلك أيضًا شيء عن علي ابن أبي طالب، وإذا صح الحديث وجب القول به إذا لم يكن منسوخًا أو معارضًا، بما هو أولى منه. اهـ. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 37).

باب في دية الذمي

بَابٌ فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ 4583 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «دِيَةُ الْمُعَاهِدِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، مِثْلَهُ. بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يُقَاتِلُ الرَّجُلَ فَيَدْفَعُهُ عَنْ نَفْسِهِ 4584 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَاتَلَ أَجِيرٌ لِي رَجُلًا فَعَضَّ يَدَهُ، فَانْتَزَعَهَا، فَنَدَرَتْ ثَنِيَّتُهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَهْدَرَهَا، وَقَالَ: «أَتُرِيدُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضِمُهَا كَالْفَحْلِ؟ » قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَهْدَرَهَا، وَقَالَ: بَعِدَتْ سِنُّهُ. 4585 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، بِهَذَا زَادَ ثُمَّ قَالَ: يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَاضِّ «إِنْ شِئْتَ أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ يَدِكَ فَيَعَضُّهَا ثُمَّ تَنْزِعُهَا مِنْ فِيهِ» وَأَبْطَلَ دِيَةَ أَسْنَانِهِ. === بَابٌ فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ 4583 - "دية المعاهد" أي الذمي، "فندرت" أي سقطت.

باب فيمن تطبب بغير علم فأعنت

بَابٌ فِيمَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَأَعْنَتَ 4586 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ، فَهُوَ ضَامِنٌ» قَالَ نَصْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا لَمْ يَرْوِهِ إِلَّا الْوَلِيدُ، لَا نَدْرِي هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا». 4587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي بَعْضُ الْوَفْدِ الَّذِينَ، قُدِمُوا عَلَى أَبِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا طَبِيبٍ تَطَبَّبَ عَلَى قَوْمٍ، لَا يُعْرَفُ لَهُ تَطَبُّبٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَعْنَتَ فَهُوَ ضَامِنٌ» قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّعْتِ إِنَّمَا هُوَ قَطْعُ الْعُرُوقِ وَالْبَطُّ، وَالْكَيُّ». === بَابٌ فِيمَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَأَعْنَتَ 4586 - "فهو ضامن" قال الخطابي: لا أعلم خطابًا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضمانًا والمتعاطي علمًا أو عملًا لا يعرفه متعدي، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية؛ لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض (¬1). 4587 - "فأعنت"أي ضر بمريض وأفسده، "والبطَ" أي الشق يقال بططت الفرحة شققتها. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 39).

باب في دية الخطإ شبه العمد

بَابٌ فِي دِيَةِ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ 4588 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُسَدَّدٌ - خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ - ثُمَّ اتَّفَقَا - فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تُذْكَرُ وَتُدْعَى تَحْتَ قَدَمَيَّ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ» ثُمَّ قَالَ: أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا. 4589 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ خَالِدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ مَعْنَاهُ. بَابٌ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ 4590 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ غُلَامًا، لِأُنَاسٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ غُلَامٍ لِأُنَاسٍ أَغْنِيَاءَ، فَأَتَى أَهْلُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أُنَاسٌ فُقَرَاءُ، «فَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ شَيْئًا». === بَابٌ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ 4590 - "أن غلامًا لأناس" قال الخطابي: هذا الغلام الجاني كان حرًّا قلت: أراد أن الغلام بمعنى الصغير لا المملوك كما فهمه المصنف. ثم قال: وكانت خبايته خطأ وكانت عاقلته فقراء، وإنما تواسي العاقلة من وجد منهم وسعة ولا شيء على الفقير منهم، وأما العبد إذا جنى (¬1) فجنايته على رقبته. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 41).

باب فيمن قتل في عميا بين قوم

بَابٌ فِيمَنْ قَتَلَ فِي عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ 4591 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ فِي عِمِّيَّا، أَوْ رِمِّيًّا يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ، أَوْ بِسَوْطٍ، فَعَقْلُهُ عَقْلُ خَطَإٍ، وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَقَوَدُ يَدَيْهِ، فَمَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ». بَابٌ فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا 4592 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا === بَابٌ فِيمَنْ قَتَلَ فِي عِمِّيَّا بَيْنَ قَوْمٍ 4591 - "في عميا" بكسر عين وتشديد جيم مقصور، ومثله "الرميا" وزنًا أي في حالة غير متبينة أو في ترام جرى بينهم "فقود يديه" أي فحكم قتله قود نفسه وعبر عن النفس باليدين مجازًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الدَّابَّةِ تَنْفَحُ بِرِجْلِهَا من نفخت الناقة ضربت برجلها. 4592 - "الرجل" بكسر الراء وسكون الجيم "جبار" بضم جيم وخفة موحدة أي هدر، وبه قال علماؤنا، ومن لا يقول به يؤوله أو يرده، فقال ابن الأثير في النهاية: أي ما أصابت الدابة برجلها فلا قود على صاحبها (¬1)، وقال الخطابي: تكلم الناس في هذا الحديث، وقيل إنه غير محفوظ، وسفيان بن حسين معروف ¬

_ (¬1) النهاية (2/ 204).

باب العجماء، والمعدن، والبئر جبار

سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الدَّابَّةُ تَضْرِبُ بِرِجْلِهَا وَهُوَ رَاكِبٌ». بَابُ الْعَجْمَاءُ، وَالْمَعْدِنُ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ 4593 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ === بسوء الحفظ، قالوا: وإنما العجماء جرحها جبار، ولو صح الحديث كان القول به واجب، وقد قال به أصحاب أبي حنيفة، ذهبوا إلى أن الراكب إذا نفخت دابته إنسانًا برجلها فهو هدر، فإن نفخته بيدها فهو ضامن، قالوا: لأن الراكب يملك تصرفها من قدامها ولا يملك ذلك منها فيما وراءها (¬1). وفي سنن البيهقي قال الشافعي: هذا اللفظ غلط؛ لأن الحفاظ لم يحفظوا هكذا، قال البيهقي: هذه الزيادة تفرد بها سفيان بن حسين عن الزهري، وقد رواه مالك بن أنس والليث بن سعد وابن جريج ومعمر وغيرهم عن الزهري ولم يذكر أحد منهم فيه الرجل (¬2). اهـ. قلت: إن لم تثبت هذه الزيادة يكفي القائل أن النفخ هدر عموم الحديث. بَابُ الْعَجْمَاءُ، وَالْمَعْدِنُ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ 4593 - "العجماء جرحها جبار" ضرورة أنه يفيد أن الأصل في جرح العجماء أن يكون هدرًا، وإنما يضمن عند لحوق التقصير من صاحبها ولا تقصير هاهنا فليتأمل. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 39). (¬2) البيهقي في السنن الكبرى (8/ 343).

باب في النار تعدى

الْمُسَيَّبِ، وأَبِي سَلَمَةَ، سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْعَجْمَاءُ: الْمُنْفَلِتَةُ الَّتِي لَا يَكُونُ مَعَهَا أَحَدٌ، وَتَكُونُ بِالنَّهَارِ، لَا تَكُونُ بِاللَّيْلِ. بَابٌ فِي النَّارِ تَعَدَّى 4594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ح وحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ === "العجماء" أي البهيمة؛ لأنها لا تتكلم وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم، "جرحها" بفتح الجيم على المصدر لا غير، وهو بالضم اسم منه ولا يساعده المعنى، "جبار" قال الخطابي: هذا إذا لم يكن معها قائد ولا سائق (¬1)، "والمعدن" بكسر الدال قالوا إذا استأجر إنسان آخر لاستخراج معدن أو لحفر بئر، فانهار عليه أو وقع فيها إنسان، فلا ضمان عليه، "والركاز" بكسر راء وتخفيف كاف آخره زاي معجمة من ركزه إذا دفنه، والمراد الكنز الجاهلي المدفون في الأرض، وإنما وجب فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه. بَابٌ فِي النَّارِ تَعَدَّى 4594 - "النار جبار" قال الخطابي: لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون غلط فيه عبد الرزاق، إنما هو البئر جبار حتى وجدته لأبي داود عن عبد الملك الصنعاني عن معمر، فدل على أن الحديث لم ينفرد به عبد الرزاق، ومن قال: ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 40).

باب القصاص من السن

الصَّنْعَانِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّارُ جُبَارٌ». بَابُ الْقِصَاصِ مِنَ السِّنِّ 4595 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ أُخْتُ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ ثَنِيَّةَ امْرَأَةٍ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى بِكِتَابِ اللَّهِ الْقِصَاصَ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا الْيَوْمَ، قَالَ: «يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ» فَرَضُوا بِأَرْشٍ أَخَذُوهُ، فَعَجِبَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ === هو تصحيف البئر احتج في ذلك بأن أهل اليمن يميلون النار، يكسرون النون منها فسمعه بعضهم على الإمالة فكتبه بالباء ثم نقله الرواة مصحفًا. قلت: وهذا يقتضي أن يكون البئر مصحفًا من النار، ويكون الأصل النار لا البئر وهو خلاف المطلوب فليتأمل، ثم قال: وإن صح الحديث على ما روي، فإنه متأوّل على النار يوقدها الرجل في ملكه لأرب له فيها، فتطير بها الريح فتشعلها في بناء أو متاع لغيره من حيث لا يملك ردها فيكون هدرًا غير مضمون عليه (¬1). بَابُ الْقِصَاصِ مِنَ السِّنِّ 4595 - "الربيع" بضم الراء وفتح الباء وتشديد المثناة المكسورة. "القصاص" بدل من كتاب الله بمعنى حكمه إن كان بالنصب الأول على الإغراء، أو ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 40، 41).

أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ قِيلَ لَهُ كَيْفَ يُقْتَصُّ مِنَ السِّنِّ؟ قَالَ: «تُبْرَدُ». "آخر كتاب الديات" * * * === إن كان بالرفع فهما مبتدأ وخبر، "لا تكسر" على بناء المفعول، ويحتمل بناء الفاعل والمطلوب الإخبار بأن الكسر لا يتحقق إلا رد الحكم والله تعالى أعلم. * * *

35 - كتاب السنة

كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ شَرْحِ السُّنَّةِ 4596 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْتَرَقَتِ === كِتَاب السُّنَّةِ بَابُ شَرْحِ السُّنَّةِ أراد به بيان عقايد أهل السنة وسماها سنة؛ لأن السنة تقابل البدعة، وقد اشتهر تسمية العقيدة الباطلة بدعة حتى لا يفهم من المبتدع إلا صاحب تلك العقيدة، وأما الفعل المخالف للشريعة فيسمى صاحبه فاسقًا أو عاصيًا، وأيضًا قد اشتهر عندهم تسمية أهل الحق في العقائد بأهل السنة وما هو إلا لتسميتهم تلك العقائد باسم السنة، فجرى عليها المصنف رحمه الله تعالى. 4596 - "تفترق أمتي" قالوا: المراد أمة الإجابة وهم أهل القبلة، فإن اسم الأمة مضافًا إليه - صلى الله عليه وسلم - ينصرف إلى أمة الإجابة عرفًا، والمراد بتفرقهم: تفرقهم في الأصول والعقائد لا في الفروع والعمليات، قال الإمام أبو منصور: قد علم أصحاب المقالات أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بالفرقة المذمومة المختلفين في فروع الفقه من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد وفي تقدير الخير والشر وفي موالاة الصحابة وما جرى مجرى هذه الأبواب؛ لأن المختلفين فيها قد كفر بعضهم بعضًا بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تفسيق وتكفير للمخالف فيه، فرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا

الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً». 4597 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، ح وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ، نَحْوَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهُ قَامَ فِينَا فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ === النوع من الاختلاف، وقد حدث في آخر أيام الصحابة خلاف القدرية من معبد الجهني وأتباعه وتبرأ منهم المتأخرون من الصحابة كعبد الله بن عمر وجابر وأنس ونحوهم، ثم حدث الخلاف بعد ذلك شيئًا فشيئًا إلى أن تكاملت الفرق الضالة اثنين وسبعين فرقة والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة، وهي الفرقة الناجية ثم سر أسماءهم وعقائدهم. اهـ. قلت: سيظهر أن في بعض ذلك نظر والله تعالى أعلم. 4597 - "ملة" أي فرقة قيل: الملة في الأصل ما شرع الله لعباده من الدين، ثم اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة، فقيل الكفر ملة واحدة والمعنى أنهم يفترقون فرقًا يتدين كل واحد منهم بخلاف ما تتدين به الأخرى، فسمى طريقهم ملة مجازًا. "ستفترق" قيل: السين للإشارة إلى أن الاختلاف متراخ عن حياته - صلى الله عليه وسلم -، أو هي لمجرد التأكيد، والمقصود الإخبار بأن الافتراق يقع البتة ولا يتصدر خلافه في النار، قيل: إن أريد الخلود فيها فهو خلاف الإجماع، فإن المؤمنين لا يخلدون في النار، وإن أريد مجرد الدخول فيها فهو مشترك بين الفرق إذ ما من فرقة إلا

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا فَقَالَ: " أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ «زَادَ ابْنُ يَحْيَى، === وبعضهم عصاة، والقول بأن معصية الفرق الناجية مطلقًا مغفور بعيد جدًّا. أجيب: بأن المراد أنهم في النار؛ لأجل اختلال العقائد فمعنى وواحدة في الجنة، أنهم لا يدخلون النار لأجل اختلال في العقائد أو المراد بكونهم في النار طول مكثهم فيها وبكونهم في الجنة أن لا يطول مكثهم في النار، وعبر عنه بكونهم في الجنة ترغيبًا في تصحيح العقائد. قلت: بقي أنه يلزم أن لا يعفى عن البدعة الاعتقادية كما لا يعفى عن الشرك؛ إذ لو تحقق العفو عن البدعة لا يلزم دخول كل الفرق المبتدعة في النار، فضلًا عن طول مكثهم وهو مخالف لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) أجيب: بأن المراد أنهم يتعرضون لما يدخلهم النار من العقائد الردية ويستحقون ذلك، فليتأمل. قلت: ويحتمل أن المراد أن الغالب في تلك الفرق دخول النار، والغالب في هذه الفرقة دخول الجنة، فيندفع الإشكال من أصله، وقيل: المراد الافتراق مطلقًا أعم من أن يكون بالعقائد والأعمال، وقوله: "في النار أنهم يستحقونها والواحدة الناجية هي التي لا تستحق النار أصلًا فتكون في الجنة ابتداء استحقاقًا، وعلى هذا فمن يستحق النار من أهل السنة بسوء عمله معدود في الفرق المستحقة للنار والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآيتين (48، 116).

وَعَمْرٌو فِي حَدِيثَيْهِمَا» وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ تَجَارَى بِهِمْ تِلْكَ الْأَهْوَاءُ، كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ لِصَاحِبِهِ " وَقَالَ عَمْرٌو: «الْكَلْبُ بِصَاحِبِهِ لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ». === ثم قد جاء بيان هذه الفرقة بأنهم على "ما أنا عليه وأصحابي" في رواية الترمذي (¬1)، فقيل: المراد في العقائد أو في العقائد والأعمال جميعًا، وأورد عليه أن الصحابة قد اختلفوا حتى استحل بعضهم قتل بعض كما في الحروب، فلا يمكن أن يراد جميع الصحابة ولا دلالة للحديث على بعض معين، والحمل على بعض ما يؤدي إلى أن من يكون مع علي نصف النهار يحارب معاوية، ومع معاوية النصف الثاني يحارب عليًّا، ويفعل كل يوم كذلك من غير دليل يكون على طريق ولا يقول به عاقل. قلت: هذا لا يراد ساقط على تقدير تخصيص هذا القول بالعقائد؛ إذ اختلافهم في العقائد المطلوبة في الدين غير ثابت، نعم، على تقدير العموم يتراءى وروده لكنه ساقط بعد التأمل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأهواء" تنبيهًا على عدم لزوم ما خصه الله تعالى به على الناس، وأن الناجية هي التي تكون على طريقته - صلى الله عليه وسلم - الأحكام العامة لا في خواصه، وإلا فكون المكلف على طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - يكفي في النجاة بلا ريب، نعم، ما ثبت من أفعال الصحابة بالدليل أن التمسك به من اتباع طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مندرج فيه وما لا فلا تكليف لأحد به والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في كتاب الإيمان (2641) وقال: هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه.

باب مجانبة أهل الأهواء

بَابُ مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ 4598 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّسْتُرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] إِلَى {أُولُو الْأَلْبَابِ} قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ». === بَابُ مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ 4598 - "تجارى بهم" أي تسري في عروقهم ومفاصلهم، "والكلب" بفتحتين داء يصيب الإنسان من عفن الكلب المجنون. "ما تشابه" مفعول يتبعون منه أي من القرآن، "سمّى الله" سمى يتعدى إلى مفعولين وكلاهما محذوف ها هنا أي فأولئك الذين سماهم الله أهل الزيغ. قلت: ويحتمل أن يكون سمى بمعنى ذكر، فلا يحتاج إلى تقدير مفعول ثان، كما قالوا في قولهم مفعول ما لم يسم فاعله، أي لم يذكر، لكن هذا الوجه يأبى عنه التفرع في قوله فاحذروهم، فالوجه هو الأول وعلى التقديرين فهذا غير ما هو ظاهر من القرآن فليس في الإخبار به كثير فائدة، إلا أنه ذكر ها هنا تمهيدًا لما بعده وهو قوله فاحذروهم أيها المسلمون ولا تجالسوهم ولا تكالموهم، فإنهم أهل البدعة والزيغ، فيحق لهم الإهانة، واحتراز عن الوقوع في عقيدتهم والله تعالى أعلم.

باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم

بَابُ مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَبُغْضِهِمْ 4599 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ». 4600 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ، قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، - وَذَكَرَ ابْنُ السَّرْحِ، قِصَّةَ تَخَلُّفِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - قَالَ: «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةَ، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، ثُمَّ سَاقَ خَبَرَ تَنْزِيلِ تَوْبَتِهِ». === بَابُ مُجَانَبَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَبُغْضِهِمْ 4599 - "الحب في الله" أي فيحب من يحبه الله من أهل طاعته ويبغض من بغضهم الله من أهل معصية. 4600 - "عن كلامنا" فيه أنه يجوز الهجرة فوق ثلاثة أيام لأجل حقوق الدين، وكذا تأديب الأهل لاعتزاله - صلى الله عليه وسلم - أهله شهرًا فيهجر أهل الأهواء والبدع حتى يتوبوا عن ذلك، وأما تحريم الهجرة فوق ثلاثة ففيما نزغ الشيطان بينهم، "أيها الثلاثة" هو من باب الاختصاص المشابه للنداء لفظًا لا معنى، "تسورت معقدت فخلقوني" بتشديد اللام وقد تقدم الحديث قريبًا.

باب ترك السلام على أهل الأهواء

بَابُ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ 4601 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى أَهْلِي وَقَدْ تَشَقَّقَتْ يَدَايَ، فَخَلَّقُونِي بِزَعْفَرَانٍ، فَغَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَقَالَ: «اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ». 4602 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ سُمَيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِزَيْنَبَ: «أَعْطِيهَا بَعِيرًا» فَقَالَتْ: أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ؟ «فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ». بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْجِدَالِ [فِي الْقُرْآنِ] 4603 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا === بَابُ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ 4602 - "اعتل" أي حصل له علة، "بنت حيي" بضم ففتح ياء فتشديد أخرى. "فضل ظهر" أي مركب زايد عن حاجة، "أنا أعطى" بتقدير حرف الاستفهام للإنكار والاستبعاد. بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْجِدَالِ [فِي الْقُرْآنِ] 4603 - "المراء" قيل: المراء هو الشك في كون القرآن كلام الله كفر، وقيل:

باب في لزوم السنة

مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ». بَابٌ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ 4604 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ كَثِيرِ بْنِ === هو الجدال لإيقاع الناس في الشك فيه، وهو أن يروم تكذيب القرآن بعضه ببعض للقدح فيه، ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات والجمع بين المختلفات ما أمكنه، فإن القرآن يصدق بعضه بعضًا، فإن أشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه ويتكل إلى عامله وهو الله تعالى ورسوله كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1)، وقيل: المراد هو إنكار بعض قراءاته المتواترة، وقيل: هو الجدال في المتشابهات ومسائل القدر ونحوها، فإنه قد يفضي إلى الكفر دون البحث في الأحكام وأبواب التحليل والتحريم، فإن الصحابة قد تنازعوها فيما بينهم وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام ولم يتحرجوا من التناظر فيها وبها، وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، فعلم أن النهي منصرف إلى غير هذا الوجه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ 4604 - "الأحرف" تنبيه، "الكتاب" القرآن، "ومثله" بالنصب عطف على الكتاب "معه" حال عن مثل، ويجوز أن يكون مثله بالرفع مبتدأ ومعه خبره، والجملة حال، والمماثلة إما في القدر أو في وجوب الطاعة, والأول أظهر، فإن ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية (59).

دِينَارٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، === وجوب الطاعة يفهم من المعية، قال البيهقي: يحتمل أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطني غير المتلو مثل ما أوتي عن الظاهر المتلو، أو أنه أوتي الكتاب وحيًا يتلى وأوتي مثله من البيان أي أذن لهم أنه يبين ما في الكتاب فيعم ويخص وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له ذكر في الكتاب، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن (¬1). "شبعان" قيل: وصفه بذلك؛ لأن الحامل له على القول إما البلادة وسوء الفهم ومن أسبابه كثرة الأكل وإما البطر والحماقة، ومن موجباته التنعم والغرور بالمال والجاه والشبع يكنى به عن ذلك "على أريكته" أي جالسًا على سريره المزين، قال الخطابي أراد به أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا الأسفار من أهله، يقول: عليكم ... إلخ، قال الخطابي: يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض، فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن، وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلّوا، قال: وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث إلى أنه يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان حجه بنفسه. ¬

_ (¬1) الحديث ذكره البيهقي في السنن الكبرى (8/ 331، 332).

أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ، وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ، إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ === قلت: كأنه أراد به العرض لقصد رد الحديث بمجرد أنه ذكر فيه ما ليس في الكتاب وإلا فالعرض الفهم، والجمع والتثبت لازم، ثم قال: وحديث: "إذا جاءكم ... " الحديث فأعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه، وإن خالفه فدعوه، فإنه حديث باطل لا أصل له (¬1)، روي عن يحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة، ألا لا يحل بيان ما حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائدًا على ما في القرآن، لكن على سبيل التمثيل لا التحديد، ومنه يفهم أن قوله تعالى: {وَالْخَيلَ وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ} (¬2) ليس لإفادة تحريم الخيل وغيره في الكتاب كما قيل فتأمل، "ولا لقطة معاهد" أي ذمي أو مستأمن وتخصصه لزيادة الاهتمام؛ لأنه لكفره يتوهم حل لقطته، أو المراد غير الحربي، فيشمل المسلم أيضًا، "إلا أن يستغنى" أي إلا أن يكون حقيرًا لا يلتفت إليه عادةً، وقال الخطابي: إلا أن يتركها صاحبها عن أخذ استغناء عنها (¬3)، قلت: وهذا يقتضي أنه لا يحل القليل إلا بعد علم صاحبه به وتركه، إلا أن يقال يستدل بحقارته على تركه عادة والله تعالى أعلم. "يقرأه" بفتح الياء، قيل: المراد من نزل بقوم من أهل الذمة من مكان البوادي فعليهم الضيافة إذا وضع عليهم الإِمام ضيافة المسلم المار بهم، أو هو في حق الضيف المضطر أو كان في بدء الإِسلام ثم نسخ، وقال الطيبي: فعليهم أي منة ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 298، 299). (¬2) سورة النحل: آية (8). (¬3) معالم السنن (4/ 298).

لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ». 4605 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ === واستحبابًا لا فرضًا وإيجابًا، فإن قرى الضيف غير واجب قطعًا، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب الأعرابي: بل علي غيرهن: "لا، إلا أن تطوع". قلت: وهذا مما يأباه اللفظ أولًا، كما لا يخفى ولا يوافقه ما استدل به ثانيًا ضرورة وجوب الصوم المنذور والصلاة المنذورة وضيافة المضطر قطعًا، فالوجه أن الحديث في بيان الواجبات المعتادة بلا ظهور سبب، فيجوز أن يكون نزول الضيف سببًا لوجوب الضيافة كالاستيجار والشري، سببان لوجوب الأجرة، والثمن والله تعالى أعلم. 4605 - "لا ألفين" صيغة المتكلم المؤكدة بالنون الثقيلة من ألفيت الشيء وجدته، ظاهره نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه عن أن يجدهم على هذه، والمراد نهيهم عن أن يكونوا على هذه الحالة، فإنهم إذا كانوا عليها يجدهم صلوات الله وسلامه عليه عليها "يأتيه الأمر"، الجملة حال والأمر بمعنى الشأن، فيعم الأمر والنهي فوافقه البيان لقوله: "مما أمرت به أو نهيت عنه" فيقول إعراضًا عنه لا ندري هذا الأمر "ما وجد" ما موصولة مبتدأ خبره "اتبعناه" أي وليس هذا منه فلا نتبعه، ويحتمل أن تكون (ما) نافية والجملة كالتأكيد لقوله: "لا ندري" وجمله اتبعناه حال أي وقد اتبعنا كتاب الله فلا نتبع غيره. قلت: وقول بعض أهل الأصول لا تجوز الزيادة على الكتاب بخبر الآحاد

الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ». 4606 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» قَالَ ابْنُ عِيسَى: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَنَعَ أَمْرًا عَلَى غَيْرِ أَمْرِنَا فَهُوَ رَدٌّ». === في الصورة أشبه شيء بهذا النهي عنه، وإن كان معناه لا يجوز تقييد إطلاق الكتاب بخبر الآحاد فالاحتراز عن إطلاق ذلك اللفظ أحسن وأدق والله تعالى أعلم. 4606 - "من أحدث في أمرنا" أي في شأننا، فالأمر واحد الأمور، أو فيما أمرنا به، فالأمر واحد الأوامر أطلق على المأمور به، والمراد على الوجهين الدين القويم؛ والمعنى على ما ذكره القاضي في شرح المصابيح من أحدث في الإِسلام رأيًا لم يكن له في الكتاب والسنة سند ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط، "فهو رد عليه" أي مردود، والمراد أن ذلك الأمر واجب للرد يجب على الناس رده، ولا يجوز لأحد اتباعه والتقليد فيه، وقيل: يحتمل أنه ضمير فهو رد لمن أي فذلك الشخص مردود مطرود والله تعالى أعلم.

4607 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ، قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ، فَقَالَ الْعِرْبَاضُ: صَلَّى بِنَا === 4607 - "أتينا العرباض" (¬1) على صيغة المتكلم ونصب العرباض، "بليغة" من المبالغة أي بالغ فيها بالإنذار والتخويف لا من المبالغة المفسرة ببلوغ المتكلم في تأدية المعنى، "حدًّا له" اختصاص بتوفيه خواص التراكيب حقها وإيراد أنواع الكلام من المجاز والكناية والتشبيه على وجهها لعدم المناسبة بالمقام، "ذرفت" سالت، وفي إسناده إلى العيون من أن السائل دموعها مبالغة, وجلت" كسمعت أي خافت أي أثرت فيهم ظاهرًا وباطنًا، "كأن" بتشديد النون من حروف التشبيه، "مودع" اسم فاعل من التوديع أي كأنك تودعنا، فلا تترك شيئًا مما يهتم به، "تعهد إلينا" أي توصي إلينا أو توجب علينا، "والسمع والطاعة" أي آمركم بالسمع والطاعة، "وإِن" أي كان الأمير عبدًا حبشيًّا، وفي بعض النسخ بالرفع، فالتقدير وتأمر عبديٌّ حبشيٌّ، والحاصل أن الكلام في أمير الخليفة لا في الخليفة حتى يرد أنه كيف يكون الخليفة عبدًا حبشيًّا، على أن المحل محل مبالغة في لزوم الطاعة ففرض الخليفة فيه عبدًا حبشيًّا؛ لإفادة المبالغة محتمل. "فإِنه" إلخ، تعليل للوصية بذلك أي وترك طاعتهم يزيد في الفتن والاختلاف فلا ينبغي لكم ذلك، ¬

_ (¬1) هو العرباض بن سارية. صحابي كان من أهل الصفة ومات بعد سبعين. انظر: تقريب التهذيب (2/ 17).

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». 4608 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ عَتِيقٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ === "وسنة الخلفاء" إلخ، قيل: هم الأربعة رضي الله تعالى عنهم، وقيل بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإِسلام المجتهدين في الأحكام، فإنهم خلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام في إعلاء الحق وإحياء الدين وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم، "وعضوا عليها بالنواجذ" بالذال المعجمة وهي الأضراس، قيل: أراد به الجد في لزوم السنة كفعل من أمسك الشيء بين أضراسه وعض عليه مفعالة من أن ينتزع، أو الصبر على ما يصيبه من التعب في ذات الله كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه، "ومحدثات الأمور" قيل: أريد به ما ليس له أصل في الدين، وهو المراد بقوله: "كل محدثة" إلخ، وأما الأمور الموافقة لأصول الدين فغير داخلة فيها، وإن أحدثت بعده - صلى الله عليه وسلم -. قلت: وهذا هو الموافق لقوله: "وسنة الخلفاء من بعدي" فليتأمل. 4608 - "المتنطعون" المتنطع في الشيء المتعمق فيه المتكلف في البحث عنه،

باب لزوم السنة

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ». بَابُ لُزُومِ السُّنَّةِ 4609 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا». 4610 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى === ولعل المراد به المفرط في كل شيء الخارج عن حد الاعتدال. بَابُ لُزُومِ السُّنَّةِ 4609 - "كان له" أي للداعي سبب الدلالة، ولذلك لا ينقص أجر الفاعل لأنه سبب المباشرة، والحاصل أن الأجر كما يحصل بالمباشرة يحصل بالدلالة والتسبب، وكذلك الوزر نسأل الله العفو والعافية. 4610 - "في المسلمين" أي في حقهم عمومًا؛ لأن ضرر سؤاله راجع إلى العل. "لم يحرم" من التحريم أو الحرمة وكذا فحرم أي سأل عن أمر مسكوت عنه

النَّاسِ، مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ». 4611 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ عَائِذَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ عُمَيْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - أَخْبَرَهُ قَالَ: كَانَ لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ حِينَ يَجْلِسُ إِلَّا قَالَ: «اللَّهُ حَكَمٌ قِسْطٌ هَلَكَ الْمُرْتَابُونَ»، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَوْمًا: " إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ، وَالرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ، وَالْعَبْدُ، وَالْحُرُّ، فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ: مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ؟ مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ، فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ، وَأُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيمِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ === سؤال تعنت، ولم يكتف بما هو الأصل في السكوت من الإباحة وترك البحث، فقد جاء الأمر بالسكوت عما سكت عنه الشارع، فحيث تعنت أو ترك امتثال الأمر بالسكوت استحق العقوبة على ذلك، فعاقبه الله تعالى بالتحريم فانجرّ ضرره إلى كل المسلمين، قيل: وهذا خصوص بزمان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لا تحريم بعده، وقد ينظر بأن إثبات التحريم بالقياس في السكوت عنه هل من هذا القبيل أم لا؟ ، إلا أن يمنع سكوت الشارع في محل القياس والله تعالى أعلم. 4611 - "حكم" بفتحتين أي حاكم، "قسط" بكسر القاف وسكون السين أي عدل المرتابون الشاكون في ذلك حتى ابتدع، يقول ذلك لما رآهم يتركون القرآن والسنة ويتبعون الشيطان والبدعة، "وأحذركم" التحذير بمعنى التخويف

عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ، وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ "، قَالَ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: مَا يُدْرِينِي رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟ قَالَ: «بَلَى، اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الْحَكِيمِ الْمُشْتَهِرَاتِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا مَا هَذِهِ، وَلَا يُثْنِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ، وَتَلَقَّ الْحَقَّ إِذَا سَمِعْتَهُ فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا يُنْئِيَنَّكَ ذَلِكَ عَنْهُ، مَكَانَ يُثْنِيَنَّكَ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي هَذَا: الْمُشَبِّهَاتِ، مَكَانَ الْمُشْتَهِرَاتِ، وَقَالَ: لَا يُثْنِيَنَّكَ كَمَا قَالَ عُقَيْلٌ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ بَلَى مَا تَشَابَهَ عَلَيْكَ مِنْ قَوْلِ الْحَكِيمِ حَتَّى تَقُولَ مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ. 4612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ، ح وحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّضْرِ، ح وحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ، وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمَعْنَاهُمْ، قَالَ: كَتَبَ === المشتهرات بالبطلان بين الناس التي يقال لها أي يقول الناس في شأنها: إنكار ما هذه، "ولا يثنيك" مضارع ثنى بنون ثقيلة أي لا يصرفنك ذلك الكلام عن الحكيم. 4612 - "عن القدر" بفتحتين هو المشهور وقد يسكن الدال أي هل كلما يوجد في العالم حتى أفعال العبد بقضاء وتأثير أم لا، "والاقتصاد" أي التوسط

رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقَدَرِ، فَكَتَبَ: " أَمَّا بَعْدُ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَ مَا جَرَتْ بِهِ سُنَّتُهُ، وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ فَإِنَّهَا لَكَ - بِإِذْنِ اللَّهِ - عِصْمَةٌ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِعِ النَّاسُ بِدْعَةً إِلَّا قَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا أَوْ عِبْرَةٌ فِيهَا، فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ قَدْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافِهَا - وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ كَثِيرٍ مَنْ قَدْ عَلِمَ مِنْ - الْخَطَإِ وَالزَّلَلِ وَالْحُمْقِ وَالتَّعَمُّقِ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّهُمْ عَلَى عِلْمٍ وَقَفُوا، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا، وَهُمْ عَلَى كَشْفِ الْأُمُورِ كَانُوا أَقْوَى، وَبِفَضْلِ مَا كَانُوا فِيهِ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ لَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ وَلَئِنْ قُلْتُمْ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ مَا أَحْدَثَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ السَّابِقُونَ، فَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي، وَوَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي، فَمَا دُونَهُمْ === بعد ما جرت به أي في محل ذلك الذي أحدثوا، "سنة" أي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -أو سنة الله تعالى، بخلاف ما أحدثوا أو "كفّوا" على بناء المفعول من الكفاية، "مؤنته" أي مؤنة ما أحدثوا بتلك السنة أو المراد جرت بنفس ذلك أحدثوا السنة بأن تكون بدعة موافقة للسنة، الله هو قسم دليل عليها، أي على ناقضها وإبطالها أو عليها باعتبار أن مراده بالبدعة أعم مما يوافق السنة أو يخالفها على علم عظيم. "وقفوا" اطلعوا "ناقد" بقاف ومهملة أو بفاء ومعجمة، "كفوا" على بناء الفاعل من الكف بمعنى المنع، أو منعوا مما منعوا ويحتمل بناء المفعول عن الكفاية ويحتمل العكس من كل منهما أيضًا، فتأمل، "ولهم" بفتح اللام بفضل ما كانوا فيه، أي بزيادتهم على الغير في ذلك الخبر الذي كانوا فيه إليه أي الهدى، فإنهم

مِنْ مَقْصَرٍ، وَمَا فَوْقَهُمْ مِنْ مَحْسَرٍ، وَقَدْ قَصَّرَ قَوْمٌ دُونَهُمْ فَجَفَوْا، وَطَمَحَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ فَغَلَوْا، وَإِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ، كَتَبْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ فَعَلَى الْخَبِيرِ - بِإِذْنِ اللَّهِ - وَقَعْتَ، مَا أَعْلَمُ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ مُحْدَثَةٍ، وَلَا ابْتَدَعُوا مِنْ بِدْعَةٍ هِيَ أَبْيَنُ أَثَرًا وَلَا أَثْبَتُ أَمْرًا مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ، لَقَدْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْجُهَلَاءُ يَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ وَفِي شِعْرِهِمْ، يُعَزُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا فَاتَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ بَعْدُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَقَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَلَا حَدِيثَيْنِ، وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فَتَكَلَّمُوا بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، يَقِينًا وَتَسْلِيمًا لِرَبِّهِمْ، وَتَضْعِيفًا لِأَنْفُسِهِمْ، أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُهُ، وَلَمْ يُحْصِهِ كِتَابُهُ، وَلَمْ يَمْضِ فِيهِ قَدَرُهُ، وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَفِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: مِنْهُ اقْتَبَسُوهُ، وَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ، === كانوا على هذا الهدى، "إنما حدث" أي إن الذي حدث فما موصوفة، "ما أحدثه" ما نافية، "فقد تكلموا فيه" أي في محل ما أحدثوه من مقصري، قصورًا ومَحَلّه مُحسَر كشف أو محلّه قصر من القصور أو التقصير، "فجفوا" من الجفاء أي أنفسهم بالحرمان من الوصول إلى درجاتهم, أو الناس حيث اتكلوا عليهم, "وطمع" أي ارتفع، "فغلوا" من الغلوّ، كتبت بالخطأ شروع في الجواب بعد تمهيد ما يرشد إلى الصواب من الإقرار بالقدر، سماه بدعة محدثة، باعتبار التدوين والتأليف فيه ونصب الأدلة الفعلية عليه، وإن كان من الإقرار به لسنة في ذاته، "يعزون" من التعزية أي يصبرون أن يكون شيء؛ هكذا في النسخة برفع شيء أي أن يوجد منها شيء، ويحتمل أن يكون منصوبًا أي أن تكون النفس شيئًا إذ لا عبرة نحط أهل الحديث في المنصوب، "ولئن قلتم لم أنزل" أي في شأن الآيات

وَلَئِنْ قُلْتُمْ لِمَ أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ كَذَا لِمَ قَالَ كَذَا لَقَدْ قَرَءُوا مِنْهُ مَا قَرَأْتُمْ، وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا جَهِلْتُمْ، وَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: كُلِّهِ بِكِتَابٍ وَقَدَرٍ، وَكُتِبَتِ الشَّقَاوَةُ، وَمَا يُقْدَرْ يَكُنْ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، ثُمَّ رَغِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَرَهِبُوا. 4613 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ لِابْنِ عُمَرَ صَدِيقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُكَاتِبُهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ». 4614 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَخْبِرْنِي عَنْ آدَمَ، أَلِلسَّمَاءِ خُلِقَ أَمْ لِلْأَرْضِ؟ قَالَ: «لَا، بَلْ لِلْأَرْضِ»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الشَّجَرَةِ؟ === التي ظاهرها يخالف القدر، كله بالرفع مبتدأ خبره الكتاب، وقدر وما في قوله ما يقدر شرطية، "ثم رغبوا" من الترغيب في الأعمال الصالحة أي ما منعهم اعتقاد القدر عن ذلك. 4613 - "يكذبون" من التكذيب أي فذكرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في معرض الذم. 4614 - "قلت للحسن" إلخ، سأله عن بعض فروع مسألة القدر ليعرف عقيدته فيها؛ لأن الناس كانوا يتهمونه قدريًّا، إما لأن بعض تلامذته مال إلى ذلك

قَالَ: «لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ»، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ. إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ} [الصافات: 163] الْجَحِيمِ قَالَ: «إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا يَفْتِنُونَ بِضَلَالَتِهِمْ إِلَّا مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَحِيمَ». 4615 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] قَالَ: «خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ، وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ». 4616 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ. إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ} [الصافات: 163] الْجَحِيمِ قَالَ: «إِلَّا مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصْلَى الْجَحِيمَ». 4617 - حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَأَنْ يُسْقَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَقُولَ: الْأَمْرُ بِيَدِي. 4618 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الْحَسَنُ، مَكَّةَ فَكَلَّمَنِي فُقَهَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي أَنْ يَجْلِسَ === أو لأنه قد تكلم بكلام اشتبه على الناس تأويله فظنوا أنه قاله لاعتقاده مذهب القدرية، فإن المسألة من مظان الاشتباه والله تعالى أعلم. 4615 - "لهذه" الإشارة في أحدهما للجنة وفي الآخرة للنار, لأن يسقط بفتح اللام مبتدأ خبره أحب، والضمائر للحسن لإجرائه نفسه مجرى الغائب.

لَهُمْ يَوْمًا يَعِظُهُمْ فِيهِ فَقَالَ: نَعَمْ فَاجْتَمَعُوا فَخَطَبَهُمْ فَمَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِنْهُ فَقَالَ: رَجُلٌ يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ خَلَقَ الشَّيْطَانَ؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ؟ خَلَقَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ، وَخَلَقَ الْخَيْرَ، وَخَلَقَ الشَّرَّ»، قَالَ الرَّجُلُ: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، كَيْفَ يَكْذِبُونَ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ. 4619 - حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنِ الْحَسَنِ، {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12] قَالَ: «الشِّرْكُ». 4620 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ، قَدْ سَمَّاهُ غَيْرُ ابْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدٍ الصِّيدِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ قَالَ: «بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ». 4621 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ بِالشَّامِ، فَنَادَانِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَوْنٍ مَا هَذَا الَّذِي يَذْكُرُونَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُلْتُ: «إِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَى الْحَسَنِ كَثِيرًا». 4622 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يَقُولُ: " كَذَبَ عَلَى الْحَسَنِ ضَرْبَانِ مِنَ النَّاسِ: قَوْمٌ الْقَدَرُ رَأْيُهُمْ وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُنَفِّقُوا بِذَلِكَ رَأْيَهُمْ، وَقَوْمٌ لَهُ فِي قُلُوبِهِمْ شَنَآنٌ وَبُغْضٌ يَقُولُونَ: أَلَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ كَذَا؟ أَلَيْسَ مِنْ === 4622 - "القدر رأيهم" اشتهر اسم القدر في مذهب من لا يقول به حتى يقال لهم القدرية، "أن ينفقوا" بتشديد الفاء أي يروجوا، "شنآن" أي عداوة

قَوْلِهِ كَذَا؟ 4623 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، أَنَّ يَحْيَى بْنَ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: كَانَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ يَقُولُ لَنَا يَا فِتْيَانُ: «لَا تُغْلَبُوا عَلَى الْحَسَنِ فَإِنَّهُ كَانَ رَأْيُهُ السُّنَّةَ وَالصَّوَابَ». 4624 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّ كَلِمَةَ الْحَسَنِ تَبْلُغُ مَا بَلَغَتْ لَكَتَبْنَا بِرُجُوعِهِ كِتَابًا وَأَشْهَدْنَا عَلَيْهِ شُهُودًا، وَلَكِنَّا قُلْنَا: كَلِمَةٌ خَرَجَتْ لَا تُحْمَلُ. 4625 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ لِي الْحَسَنُ: «مَا أَنَا بِعَائِدٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ أَبَدًا». 4626 - حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، قَالَ: «مَا فَسَّرَ الْحَسَنُ آيَةً قَطُّ إِلَّا عَنِ الْإِثْبَاتِ». === "لا تغلبوا" على بناء المفعول، أي لا يغلبكم القدرية في أن الحسن منهم حتى تعتقدوه كذلك. 4625 - "إلى شيء منه" أي من مذهب الحق الذي أنا عليه لا عن الإثبات، يحتمل فتح الهمزة أي إلا كان راويًا تفسيره عن الثقات، أو كسرها أي إلا عن الثبات كما في بعض الأصول والله تعالى أعلم.

باب في التفضيل

بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ 4627 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ، أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ». === بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ 4627 - "لا نعدل بأبي بكر أحدًا" أي في الفضل، والمراد أحدًا الصحابة كما يدل عليه قوله: "ثم نترك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -"، فلا ينتقض عمومه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث بظاهره يوافق ظاهر رؤيا الميزان الذي سيجيء والاستدل فيه من وجهين: أحدهما: أن حكمه الرفع؛ إذ الظاهر بلوغ هذا الحكم إليه - صلى الله عليه وسلم - وتقريره إياهم عليه، على أنه يستبعد منهم هذا الحكم في نفسه من غير أن يكون لهم علم بذلك, إذ هو أمر مغيب، فلا يمكن لهم أن يخوضوا فيه من غير علم. والثاني: إجماعهم على ذلك، والإجماع من الأدلة، وقد يناقش في الإجماع بعد تسليم أن قوله: "كنا" يفيد اتفاق الكل على هذا الحكم بأنه لا عبرة به في المغيبات، وإنما هو دليل في الأحكام الشرعية فانحصر وجه الاستدل الذي الأول، بقي بحث آخر: وهو أن هذا الحديث يفيد بظاهره خروج علي عن أن يكون له في سلك التفضيل انتظام، وهو خلاف ما قرره العلماء في علم الكلام، فإن قلنا اعتذار عن هذا الاعتراض أن هذا الحديث مخصوص بمن فاز بفضل الصحبة فقط، وأما من فاز بفضل القرابة أيضًا وهو معدود في أهل البيت كعلي فلا كلام فيه، يقف الاستدلال عن الانتهاض فيعلم ذلك والله تعالى أعلم.

4628 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ: «أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ». 4629 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ»، قَالَ: ثُمَّ خَشِيتُ أَنْ أَقُولَ ثُمَّ مَنْ فَيَقُولَ عُثْمَانُ، فَقُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ يَا أَبَةِ؟ قَالَ: «مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ». === 4629 - "قال: أبو بكر" بهذا ونحوه، مما جاء عن علي رضي الله عنه في تفضيل الشيخين رضي الله تعالى عنهما حكم بعضًا من مال إلى التشييع بتفضيلهما أيضًا، وقال من محبة علي تصديقه فيما قال، فيلزم تفضيل الشيخين لتفضيله إياهما، بقي أن قوله: "ثم خشيت" يرد عليه أن تفضيل عثمان إن كان حقًّا كيف يخشى منه مع أنه المطلوب، وإلا كيف يخاف علي على أن يقول ذلك، فإن أجيب عن ذلك بأنه خاف من حيث إنه رأى أن عليًّا ليس له نظر في تلك الحالة إلى نفسه، وأنه في محل التواضع لا في محل بيان الأمر على ما عليه يتوقف أمر الاستدلال، وقد يقال قوله: "ما أنا إلا رجل من المسلمين" يؤيد هذا الاحتمال، وإلا يلزم خروجه عن دائرة التفضيل وهو خلاف ما عليه العلماء والله تعالى أعلم.

4630 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي الْفِرْيَابِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ مِنْهُمَا فَقَدْ خَطَّأَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَالْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارَ، وَمَا أُرَاهُ يَرْتَفِعُ لَهُ مَعَ هَذَا عَمَلٌ إِلَى السَّمَاءِ». 4631 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ السَّمَّاكُ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: «الْخُلَفَاءُ خَمْسَةٌ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ». === 4630 - "فقد خطأ" بتشديد الطاء أي نسب الخطأ إليهم لاتفاقهم على خلافة أبي بكر رضي الله عنه. قلت: ولا اقتصر على التخطئة حتى نسب الظلم ونصب منصب الخلافة عن أهل البيت، فهو حقيق بأن يقبل له عمل من وجوه، من جملة ذلك أن من جوز ذلك والعياذ بالله تعالى فقد جوز اتفاق كل الصحابة على الضلالة، فإن فرض ذلك، فمن يهتدي بعدهم مع أن الناس كلهم اتباعهم فيما نقلوا من القرآن والسنة والدين، فيلزم أن يكون هذا المجوز ضالًا فيما عليه من الدين والأعمال اتباعًا للصحابة، فكيف يقبل له عمل إذا كان حاله ذلك، نعوذ بالله من سوء الظن بأهل الفضل، والعدول عن طريقة العدل والله تعالى أعلم. 4631 - "خمسة" قلت بل ستة سادسهم الحسن، لكنهم لقلة أيامه لا يعدونه رضي الله تعالى عنهم كلهم وعن سائر الصحابة وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.

باب في الخلفاء

بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ 4632 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: مُحَمَّدٌ كَتَبْتُهُ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَرَى اللَّيْلَةَ ظُلَّةً يَنْطِفُ مِنْهَا السَّمْنُ وَالْعَسَلُ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ بِأَيْدِيهِمْ، فَالْمُسْتَكْثِرُ، وَالْمُسْتَقِلُّ، وَأَرَى سَبَبًا وَاصِلًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، فَأَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا بِهِ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ، === بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ 4632 - "أي الليلة" قيل: يقال من الصبح إلى الظهر رأيت الليلة وبعد الظهر إلى الليل، "رأيت البارحة ظلّة" بضم فتشديد لام أي سحابة، "ينظف" كنصر، وضرب أي يسيل، "يتكففون" أي يأخذون بأكفهم، فالمستكثر خبر محذوف أي فيهم، أو منهم من يأخذ الكثير، "سببًا" أي حبلًا وأصلًا، قيل: بمعنى الموصول لعيشة راضية: أي مرضية، قلت: هذا إذا كان من الوصل، وأما إن كان من الوصول فلا حاجة إلى ذلك، بل لا يصح فانقطع ثم وصل، قيل هو إشارة إلى قتل: وصل الخلافة بعلي، وهذا محل الخطأ في تعبير الصديق حيث قال في التعبير: ثم يوصل له وليس في الرؤيا له، ولذلك لم يوصل الخلافة لعثمان رضي الله عنه، وإنما وصلت لعلي رضي الله عنه، ورد بأن لفظة له ثابتة في رواية مسلم (¬1). ¬

_ (¬1) مسلم في الرؤيا (2269).

ثُمَّ وُصِلَ فَعَلَا بِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي وَأُمِّي لَتَدَعَنِّي فَلَأُعَبِّرَنَّهَا، فَقَالَ: «اعْبُرْهَا» قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا مَا يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، فَهُوَ الْقُرْآنُ لِينُهُ وَحَلَاوَتُهُ، وَأَمَّا الْمُسْتَكْثِرُ، وَالْمُسْتَقِلُّ، فَهُوَ الْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالْمُسْتَقِلُّ مِنْهُ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ: تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ بَعْدَكَ رَجُلٌ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، أَيْ رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ، فَقَالَ: «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا» فَقَالَ: أَقْسَمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي مَا الَّذِي أَخْطَأْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْسِمْ». === قلت: ومع قطع النظر عن لفظة: "له يرده" رجوع ضمير فعلًا به إلى ذلك الرجل الذي انقطع به، إلا أن يقال ضميره يرجع إلى الذي وصل له ولا يخفى بعده، فالوجه أن معناه أن عثمان كاد أن ينقطع من اللحاق بصاحبيه لسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها، فعبر هنا بانقطاع الحبل ثم وقعت له الشهادة فاتصل بهم، فعبر عنه بأن الحبل وصل فاتصل فالتحق بهم كذا ذكره الحافظ ابن حجر في شرح البخاري، "فلأعبرنها" (¬1) من عبر كنصر لينه وحلاوته فشبه بالسمن في اللبن، وبالعسل في الحلاوة، فظهر في عالم المثال بالصورتين جميعًا وهو واحد، وقيل: بل هو موضع الخطأ وإنما هما الكتاب والسنة، والحق ترك التعرض لموضع الخطأ، فإن ما خفي على أبي بكر لا يرجى لغيره في الإصابة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في التعبير (7046).

4633 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَهُ. 4634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ » فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزَانًا نَزَلَ مِنَ === 4634 - "فوزنت" على بناء المفعول، "فرجعت" على بناء الفاعل عن الرجحان ثم رفع الميزان, قال ابن العربي في شرح الترمذي: رفع الميزان دليل على أن ليس هناك من يستحق أن يقرن ممن تقدم، ثم استشهد على ذلك بحديث ابن عمر: "كنا نعدل بأبي بكر ثم عمر ثم عثمان" (¬1) الحديث, وقال في سبب الكراهية أنه - صلى الله عليه وسلم - كره وقوف التخيير وحصر درجات الفضائل في ثلاثة، ورجاء أن يكون في أكثر من ذلك، فأعلمه الله تعالى أن التفضيل إلى المذكور فساءه ذلك وحمد الله على وهبه. اهـ. قلت: وهذا مبني على تأويل الرؤيا بالأفضلية، ويلزم منه خروج علي عن دائرة الأفضلية وهو خلاف ما عليه العلماء، ولهذا أول الخطابي حديث ابن عمر بأنه أراد الشيوخ وذوي الأسنان (¬2)، وأولناه بما سبق أيضًا، وهذا التأويل يخالف تأويله - صلى الله عليه وسلم - بخلافة النبوة، فالوجه ما قيل في رفع المنران أن خلافة النبوة مع اتفاق ¬

_ (¬1) الحديث رواه البخاري في فضائل الصحابة (3697) قال: "لا تعدل بأبي بكر أحدًا ثم عمر ثم عثمان ... ". (¬2) معالم السنن (4/ 302).

السَّمَاءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَجَحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَأَبُو بَكْرٍ، فَرَجَحَ أَبُو بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَحَ عُمَرُ ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ، فَرَأَيْنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4635 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ذَاتَ يَوْمٍ «أَيُّكُمْ رَأَى رُؤْيَا؟ » فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَرَاهِيَةَ، قَالَ: فَاسْتَاءَ لَهَا === الأمة عليها انتهت إلى عثمان، وصارت في وقت علي مثوبة بدعوى الملك في الجملة إلى أن ارتفعت الخلافة وبقي الملك المحض، وقيل: بل انتهاء الراجحية إلى عمر دليل على أن الخلافة في وقت عثمان أيضًا كانت غير خاينة عن شائبة الملك، والخالصة إنما كانت في زمان الشيخين، فانتهت دائرة الرجحان بهما رضي الله تعالى عن كل الصحابة أجمعين، فاستالها، قيل: يحتمل أنه افتعل من السوء مطاوع ساء يقال ساءه فاستاء "ولها" جار ومجرور والضمير للرؤية أي اغتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهذه الرؤية، ويحتمل أنه استفعل من الأول أي طلب تأويلها بالتأمل والنظر، فقال خلافة نبوة. قلت: والوجه الثاني وإن كان أقرب إلى الرواية لكن لا توافقه الرواية, ووجه قربه هو أن الفاء في قوله: فقال تؤيده وتوافقه كما لا يخفى، وأما مخالفته للرواية, فلأن أبا داود وغيره من أهل الرواية فسره بالوجه الأول وما ذلك إلا بموافقة الرواية بذلك الوجه دون الوجه الثاني، وأيضًا الرواية الثانية أعني: "فرأينا الكراهية في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" موافقة للوجه الأول دون الثاني والله تعالى أعلم.

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «خِلَافَةُ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ». 4636 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُرِيَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ صَالِحٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نِيطَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنِيطَ عُمَرُ، بِأَبِي بَكْرٍ، وَنِيطَ عُثْمَانُ، بِعُمَرَ»، قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: أَمَّا الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا تَنَوُّطُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَهُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ يُونُسُ، وَشُعَيْبٌ لَمْ يَذْكُرَا عَمْرَو بْنَ أَبَانَ. 4637 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنِي عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، === 4636 - "نيط" أي علق فهم ولاة هذا الأمر أي على وجه تجتمع على ولايتهم الأمة وإلا فعلى. "ووال" بالاتفاق. 4637 - "دُلِيّ" بالتشديد على بناء المفعول أي أرسل, "بعرقيها" أي بأحوادها التي يربط الحبل, "تضلع" أي أتم شربه كأنه من كثرة ما شرب امتد جنبه وضلوعه "فانتشطت" أي اضطربت, "لتمخرن" هو بالنون الثقيلة من مخرت

أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: «إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دَلْوًا دُلِّيَ مِنَ السَّمَاءِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ شُرْبًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَشَرِبَ حَتَّى تَضَلَّعَ، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِعَرَاقِيهَا فَانْتَشَطَتْ، وَانْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ». 4638 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: «لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشَّامَ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا إِلَّا دِمَشْقَ وَعَمَّانَ». 4639 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ الْمُرِّيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْأَعْيَسِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَلْمَانَ، يَقُولُ: «سَيَأْتِي مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ يَظْهَرُ عَلَى الْمَدَائِنِ كُلِّهَا إِلَّا دِمَشْقَ». 4640 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا بُرْدٌ أَبُو الْعَلَاءِ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَوْضِعُ فُسْطَاطِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَلَاحِمِ أَرْضٌ يُقَالُ لَهَا الْغُوطَةُ». === السفينة، وتمخر كيتمنع ويتضرر إذا جرت تشق الماء مع صوت، وكات مراده بهذه الآثار في هذا الباب بيان انقضاء الخلافة وظهور الفتن بعد زمان الخلفاء الراشدين كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم. 4640 - " الغُوطة" (¬1) بضم الغين كما تقدم. ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 396).

4641 - حَدَّثَنَا أَبُو ظَفَرٍ عَبْدُ السَّلَامِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: " إِنَّ مَثَلَ عُثْمَانَ عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ يَقْرَؤُهَا وَيُفَسِّرُهَا {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ، وَرَافِعُكَ إِلَيَّ، وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ وَإِلَى أَهْلِ الشَّامِ. 4642 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، يَخْطُبُ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: " رَسُولُ أَحَدِكُمْ فِي حَاجَتِهِ أَكْرَمُ عَلَيْهِ أَمْ خَلِيفَتُهُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أُصَلِّيَ خَلْفَكَ صَلَاةً أَبَدًا، وَإِنْ وَجَدْتُ قَوْمًا يُجَاهِدُونَكَ لَأُجَاهِدَنَّكَ مَعَهُمْ "، زَادَ إِسْحَاقُ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: «فَقَاتَلَ فِي الْجَمَاجِمِ حَتَّى قُتِلَ». === 4641 - "يشير إلينا بيده وإلى أهل الشام" لعله أشار بهذه الإشارة عند قوله تعالى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ} (¬1) والله تعالى أعلم، وأراد بها أن أهل الشام تبعوا عثمان فرفعهم ووضع فيهم الخلافة وغيرهم اتبعوا عليًّا فأذلهم الله ورفع عنهم الخلافة. 4642 - "رسول أحدكم" كأنه أراد نعوذ بالله تفضيل المروانيين على الأنبياء بأنهم خلفاء الله، فإن أراد ذلك فقد كفر حينئذ وما أبعده عن الحق وأضله، نسأل الله العفو والعافية، وإلا فلا يظهر لكلامه معنى. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية (55).

4643 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: " اتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لَيْسَ فِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ، لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاللَّهِ لَوْ أَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ فَخَرَجُوا مِنْ بَابٍ آخَرَ لَحَلَّتْ لِي دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ لَكَانَ ذَلِكَ لِي مِنَ اللَّهِ حَلَالًا، وَيَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام، وَعَذِيرِي مِنْ هَذِهِ الْحَمْرَاءِ يَزْعُمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرْمِي بِالْحَجَرِ فَيَقُولُ: إِلَى أَنْ يَقَعَ الْحَجَرُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، فَوَاللَّهِ لَأَدَعَنَّهُمْ كَالْأَمْسِ الدَّابِرِ " قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِلْأَعْمَشِ فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ سَمِعْتُهُ مِنْهُ. 4644 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ، يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: هَذِهِ الْحَمْرَاءُ هَبْرٌ هَبْرٌ، «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ === 4643 - "مثنوية" بفتح ميم وتشديد ياء أي رجوع، "لو أخذت ربيعة بمضر" أي بجريرتهم، يريد أن الأحكام مفوضة إلى آراء الأمر أو السلاطين، "ويا عذيري من عبد هذيل" أي الذي يلومه ويعذرني في أمره ولا يلومني، ولعله أراد بعبد هذيل بن مسعود رضي الله تعالى عنه, لكونه ثبت على قراءته وما رجع إلى مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه، "إِلا رجز" بفتحتين ضرب من الشعر، "من هذه الحمراء" العرب تسمي الموالي الحمر، أو قد يطلق على العجم والروم. 4644 - "هبر هبر" أي قطع قطع أي يستحقون القطع.

قَدْ قَرَعْتُ عَصًا بِعَصًا، لَأَذَرَنَّهُمْ كَالْأَمْسِ الذَّاهِبِ»، يَعْنِي الْمَوَالِيَ. 4645 - حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، قَالَ: جَمَّعْتُ مَعَ الْحَجَّاجِ فَخَطَبَ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: فِيهَا «فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا لِخَلِيفَةِ اللَّهِ، وَصَفِيِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ: «وَلَوْ أَخَذْتُ رَبِيعَةَ بِمُضَرَ» وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْحَمْرَاءِ. 4646 - حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ» قَالَ سَعِيدٌ قَالَ لِي سَفِينَةُ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ أَبَا بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، وَعُمَرُ عَشْرًا، وَعُثْمَانُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَعَلِيٌّ كَذَا» قَالَ سَعِيدٌ، قُلْتُ: لِسَفِينَةَ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام لَمْ يَكُنْ بِخَلِيفَةٍ قَالَ: «كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ يَعْنِي بَنِي مَرْوَانَ» === 4646 - "كذبت استاه بني الزرقاء" الاست الفجر، ويطلق على حلقة الدبر، وأصلها ستة بفتحتين والجمع استاه، والمراد أنها كلمة كاذبة، "خرجت من دبرهم" والزرقاء امرأة من أمهات بني أمية ولها قصة غريبة، وفي رواية الترمذي "قال سعيد فقلت له إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم، قال كذبوا بني الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي في الفتن (2226) , وقال: حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جهمان ولا نعرفه إلا من حديث سعيد.

4647 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، أَوْ مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ». 4648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ، وَسُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ الْمَازِنِيِّ، ذَكَرَ سُفْيَانُ رَجُلًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ الْمَازِنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ فُلَانٌ إِلَى الْكُوفَةِ أَقَامَ فُلَانٌ خَطِيبًا، فَأَخَذَ بِيَدِي سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا الظَّالِمِ، فَأَشْهَدُ عَلَى التِّسْعَةِ إِنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ شَهِدْتُ عَلَى الْعَاشِرِ لَمْ إِيثَمْ، - قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ آثَمُ -، قُلْتُ: وَمَنِ التِّسْعَةُ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُوَ عَلَى حِرَاءٍ «اثْبُتْ حِرَاءُ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ» قُلْتُ: وَمَنِ التِّسْعَةُ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ === 4648 - "لما قدم فلان" كتب في هوامش بعض الأصول أن فلان الأول معاوية، والثاني مغيرة بن شعبة، وكان في الخطبة تعريضًا لسب علي رضي الله عنه، أو بتفضيل معاوية عليه ونحوه، ولذلك قال سعيد ما قال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال, ولقد أحسن أبو داود في التكنية عن اسم معاوية ومغيرة بفلان سترًا عليهما في مثل هذا المحل؛ لكونهما صحابيين فجزاه الله تعالى خيرًا. "لم أيثم" قيل: هو لغة في لم آثم, "وهو على حراء" بكسر حاء مهملة

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ "، قُلْتُ: وَمَنِ الْعَاشِرُ؟ فَتَلَكَّأَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: أَنَا، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ ابْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ظَالِمٍ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. 4649 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحُرِّ بْنِ الصَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَخْنَسِ، أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَذَكَرَ رَجُلٌ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَامَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «عَشْرَةٌ فِي الْجَنَّةِ النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ الْعَاشِرَ» قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَسَكَتَ. قَالَ: فَقَالُوا: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ «سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ». 4650 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْمُثَنَّى النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنِي جَدِّي رِيَاحُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ فُلَانٍ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَجَاءَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَرَحَّبَ بِهِ وَحَيَّاهُ وَأَقْعَدَهُ عِنْدَ رِجْلِهِ عَلَى السَّرِيرِ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ === ممدود اسم جبل بمكة، "فتلطاء" مهموز الآخر أي توقف, "هنيّة" بضم هاء وفتح نون وتشديد ياء أي زمانًا قليلًا، "عند فلان" كتب بعضهم أنه مغيرة بن شعبة، يسبون على بناء المفعول، يغبر على بناء المفعول، والجملة صفة.

الْكُوفَةِ، يُقَالُ لَهُ قَيْسُ بْنُ عَلْقَمَةَ فَاسْتَقْبَلَهُ فَسَبَّ وَسَبَّ، فَقَالَ سَعِيدٌ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلِيًّا، قَالَ أَلَا أَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ ثُمَّ لَا تُنْكِرُ، وَلَا تُغَيِّرُ، أَنَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَإِنِّي لَغَنِيٌّ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ فَيَسْأَلَنِي عَنْهُ غَدًا إِذَا لَقِيتُهُ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ» وَسَاقَ مَعْنَاهُ ثُمَّ قَالَ: «لَمَشْهَدُ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْبَرُّ فِيهِ وَجْهُهُ، خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمُرَهُ، وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ». 4651 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا فَتَبِعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ فَضَرَبَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِجْلِهِ وَقَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ». 4652 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، مَوْلَى آلِ جَعْدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَرَانِي بَابَ الْجَنَّةِ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ === 4651 - "المشهد فرجف بهم" أي تحرك واضطرب، "اثبت" أمر من الثبوت، و "أحد" منادى محذوف حرف النداء.

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي». 4653 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، أَنَّ اللَّيْثَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ». 4654 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مُوسَى - «فَلَعَلَّ اللَّهَ» - وَقَالَ ابْنُ سِنَانٍ - " اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. 4655 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ ثَوْرٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: فَأَتَاهُ يَعْنِي عُرْوَةَ === 4654 - "اطلع الله" إلخ، كأنه تعالى علم منهم أنه لا يجيء منهم ما ينافي المغفرة فقال لهم: اعملوا ما شئتم إظهارًا لكمال الرضى عنهم، وأنه لا يتوقع منهم الأعمال بحسب الأعم الأغلب إلا الخير، فهذا كناية عن كمال الرضى وصلاح الحال وتوفيقهم غالبًا للخير, وليس المقصود الإذن في المعاصي كيف شاءوا، وهذا كما يقول أحد لأهل بيته افعلوا ما شئتم مع أنه معلوم أنه ليس مراده الإذن في التصرفات التي تتلف البيت والله تعالى أعلم. "أما إنك" إلخ، قاله تطييبًا لخاطره.

بْنَ مَسْعُودٍ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ، فَضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ: " أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَتِهِ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. 4656 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ [ص: 214]، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيَّ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنِ الْأَقْرَعِ، مُؤَذِّنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ إِلَى الْأُسْقُفِّ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «وَهَلْ تَجِدُنِي فِي الْكِتَابِ؟ » قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «كَيْفَ تَجِدُنِي؟ » قَالَ: أَجِدُكَ قَرْنًا، فَرَفَعَ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ، فَقَالَ: «قَرْنٌ مَهْ؟ » فَقَالَ: قَرْنٌ حَدِيدٌ، أَمِينٌ شَدِيدٌ، قَالَ: «كَيْفَ تَجِدُ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ بَعْدِي؟ » فَقَالَ: أَجِدُهُ خَلِيفَةً صَالِحًا غَيْرَ أَنَّهُ يُؤْثِرُ قَرَابَتَهُ، قَالَ عُمَرُ: «يَرْحَمُ اللَّهُ عُثْمَانَ، ثَلَاثًا»، فَقَالَ: «كَيْفَ تَجِدُ الَّذِي بَعْدَهُ؟ » قَالَ: أَجِدُهُ صَدَأَ حَدِيدٍ، فَوَضَعَ عُمَرُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: «يَا دَفْرَاهُ، يَا دَفْرَاهُ»، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ خَلِيفَةٌ صَالِحٌ، وَلَكِنَّهُ يُسْتَخْلَفُ حِينَ يُسْتَخْلَفُ، وَالسَّيْفُ مَسْلُولٌ وَالدَّمُ مُهْرَاقٌ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الدَّفْرُ: النَّتْنُ. === 4656 - "إلى الأسقف" بفتح همزة وسكون سين وضم قاف وتشديد فاء وتخفيفها، أي إلى رئيس النصارى وعالمهم، "قرن مه" أي قرن ما يريد قرن أي شيء، ومه في الأصل ما الاستفهامية، "صداء حديد" صدأ الحديد بفتح الصاد وسخه، والمراد أنه لكثرة مباشرته بالسيف ومحاربته يتوسخ به بدنه ويداه حتى كأنه يصير عين الصداء، وبالنظر إلى ظاهره قال عمر ما قال، ففسر الأسقف ما هو المراد والله تعالى أعلم.

باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَابٌ فِي فَضْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4657 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ح، وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَذَكَرَ الثَّالِثَ أَمْ لَا، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ، وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَنْذِرُونَ، وَلَا يُوفُونَ، وَيَخُونُونَ، وَلَا يُؤْتَمَنُونَ، وَيَفْشُو فِيهِمُ السِّمَنُ». === بَابٌ فِي فَضْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4567 - "القرن الذي بعثت فيهم" قيل قرنه - صلى الله عليه وسلم - من أول بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر من مات من الصحابة، وكانت مدته عشرين ومائة سنة، وقرن التابعين من سنة مائة إلى نحو سبعين، وقرن أتباع التابعين إلى العشرين ومائتين، وفي هذا الوقت ظهرت البدع ظهورًا فاشيًا، وامتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن وتغيرت الأحوال تغيّرًا شديدًا, ولم يزل الأمر إلى الآن كذلك وهذا مصداق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثم يفشو الكذب ولا يستشهدون" (¬1)، ولا يطلب منهم إشهادة لعلم الناس بأن لا شهادة عندهم، فهذا كناية عن ظهور شهادة الزور، "السنن" بكسر السين وفتح ميم أي كثرة اللحم بالتوسع في المأكل والمشرب، وأما كثرته خلقة فغير معيوب، والمراد أن تكون همتهم البطن والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في الفتن (2165)، وفي الشهادات (2303)، وابن ماجه في الأحكام (2363)، وأحمد (1/ 18) برواية " ... ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل ولا يستشهد ... ".

باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ 4658 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، === بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ 4658 - "لا تسبوا أصحابي" قيل: الخطاب لمن بعد الصحابة تنزيلًا لهم منزلة الموجودين الحاضرين، وقيل للموجودين من العوام في ذلك الزمان الذين لم يصاحبوه - صلى الله عليه وسلم -، ويفهم خطاب من بعدهم لدلالة النص، وقيل: الخطاب بذلك لبعض الصحابة؛ لما ورد أن سبب الحديث أنه كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء فسبه خالد، فالمراد بأصحابي الأصحاب المخصوصون وهم السابقون على المخاطبين في الإِسلام، وقيل ينزل الساب لتعاطيه ما لا يليق به من السب منزلة غيرهم، فخوطب خطاب غير الصحابة، وقال الشيخ تقي الدين السبكي: الظاهر أن المراد بقوله: "أصحابي" من أسلم قبل الفتح وأنه خطاب لمن أسلم بعد الفتح، ويرشد إليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنفق أحدكم" مع قوله تعالى: {لَا يَسْتَوي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} (¬1) الآية، ولابد لنا من تأويل بهذا أو بغيره ليكون المخاطبون غير الأصحاب الموصى بهم. اهـ. قلت: والتأويل غير لازم لتصحيح الخطاب لجواز أن يخاطبوا بأن لا يسب بعضهم بعضًا، فإذا منع الصحابي عن سب صحابي آخر فغيرهم بالأولى، كيت ويجوز أن يقال: لا تسب نفسك فضلًا عن أن يقال الجماعة لا تسبوا أنفسكم، ¬

_ (¬1) سورة الحديد: الآية (10).

فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ». 4659 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قُرَّةَ، قَالَ: كَانَ حُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ فَكَانَ يَذْكُرُ أَشْيَاءَ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِأُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي الْغَضَبِ، فَيَنْطَلِقُ نَاسٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ حُذَيْفَةَ فَيَأْتُونَ سَلْمَانَ فَيَذْكُرُونَ لَهُ قَوْلَ حُذَيْفَةَ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: حُذَيْفَةُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى حُذَيْفَةَ فَيَقُولُونَ لَهُ قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَكَ لِسَلْمَانَ فَمَا صَدَّقَكَ وَلَا كَذَّبَكَ، فَأَتَى حُذَيْفَةُ سَلْمَانَ وَهُوَ فِي مَبْقَلَةٍ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ === بمعنى لا يسب بعضكم بعضًا كما في قوله تعالى: {اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (¬1) أي ليقتل بعضكم بعضًا لكنه لازم لأجل آخر الحديث وهو: "لو أنفق أحدكم" إلخ، وهذا ظاهر والله تعالى أعلم. "والمد" بضم فتشديد مكيال معلوم، "والنصف" لغة في النصف أو هو مكيال دون المد، والضمير على الأول للمد وعلى الثاني لأحدهم. "في مبقلة" أي أرض ذات بقل، فيقول في الغضب هذا فيما كان من قبيل الدعاء، وأما في الخير فلا يتفاوت حاله في الغضب والرضى، "وفرقة" بضم الفاء أي تفرقًا، والحاصل أن سلمان ما رضي بإظهار ما صدر في شأن الصحابة؛ لأنه ربما يخل بالتعظيم الواجب في شأنهم بمالهم من الصحبة وهو الوجه والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء: الآية (66).

باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه

تُصَدِّقَنِي بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ سَلْمَانُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْضَبُ فَيَقُولُ فِي الْغَضَبِ لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيَرْضَى فَيَقُولُ فِي الرِّضَا لِنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، أَمَا تَنْتَهِي حَتَّى تُوَرِّثَ رِجَالًا حُبَّ رِجَالٍ وَرِجَالًا بُغْضَ رِجَالٍ، وَحَتَّى تُوقِعَ اخْتِلَافًا وَفُرْقَةً؟ وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي سَبَبْتُهُ سَبَّةً، أَوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً فِي غَضَبِي، فَإِنَّمَا أَنَا مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُونَ، وَإِنَّمَا بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ صَلَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ أَوْ لَأَكْتُبَنَّ إِلَى عُمَرَ. بَابٌ فِي اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 4660 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: لَمَّا اسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ === بَابٌ فِي اسْتِخْلَافِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 4660 - "لما استعز" على بناء المفعول أي غلب في كل شيء من مرض أو غيره، "واستعز بالعليل" اشتد وجعه وغلب على عقله، "رجلًا مجهزًا" في الصحاح إجهار الكلام إعلانه ورجل مجهر بكسر الميم أي، وفتح الهاء إذا كان من عادته أن يجهر بكلامه (¬1). ¬

_ (¬1) مختار الصحاح (ص 115) مادة جهر، لسان العرب (4/ 150).

دَعَاهُ بِلَالٌ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ: «مُرُوا مَنْ يُصَلِّي لِلنَّاسِ» فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقُلْتُ: يَا عُمَرُ قُمْ فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَجُلًا مُجْهِرًا، قَالَ: «فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ؟ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ» فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. 4661 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ، أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ، قَالَ: لَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَوْتَ عُمَرَ قَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === قلت: فالوجه أن يجعل ها هنا بكسر الميم، وقد ضبطه بعضهم على اسم الفاعل من الإجهار وهو ممكن على بعد والله تعالى أعلم. "يأبى الله ذلك" أي تقدم غير أبي بكر. 4661 - ثم قال: "لا ليصل" كأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد بهذا تقوية دليل خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه ورفع الاشتباه عنه، إذ لو قدم غيره أحيانًا لخفي أمر الدلالة وتحقق الاشتباه، ولهذا استدل به أهل السنة على خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه، ووجهه أن الإمامة في الصلاة التي هي إمام الصغرى كانت يومئذ من وظائف الإمامة الكبرى فنصبه - صلى الله عليه وسلم - إياه، أما الصلاة في تلك الحالة من أقوى أمارات تفويض الإمامة الكبرى إليه، وهذا مثل أن يجلس سلطان زماننا أحد

باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَطْلَعَ رَأْسَهُ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ: «لَا لَا لَا لِيُصَلِّ لِلنَّاسِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ يَقُولُ ذَلِكَ مُغْضَبًا». بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ 4662 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَشْعَثُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُصْلِحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ، مِنْ أُمَّتِي» - وَقَالَ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ - وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَظِيمَتَيْنِ. === أولاده عند الوفاة على سرير السلطنة، فهل يشك أحد في أنه فوّض السلطنة إليه، فهذه دلالة قوية لمن شرح الله صدره، وليس من باب قياس الإمامة الكبرى على الإمامة الصغرى مع ظهور الفرق كما زعمه الشيعة، وقولهم أن الدلالة لو كانت ظاهرة قوية لما حصل الخلاف بينهم في أول الأمر باطل ضرورة أن الوقت وقت حيرة ودهشة، وكم من ظاهر يخفى في مثله والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ 4662 - "إن ابني هذا سيد" إلخ، فيه ترغيب في الصلح وفي نزول صاحب الحق عن الحق إذا كان طلبه يؤدّى إلى الفتنة، ودلالة على أن الباغي لا يخرج عن الإِسلام ببغيه.

4663 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ، إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ». 4664 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: «إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا»، قَالَ: فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ فَدَخَلْنَا فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ. 4665 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ضُبَيْعَةَ بْنِ حُصَيْنٍ الثَّعْلَبِيِّ بِمَعْنَاهُ. 4666 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، === 4664 - "فسألناه عن ذلك" أي عن سبب خروجه، فأجاب بما حاصله أنه خوف الفتن، فإذا خاف المأمون هذا الخوف فكيف بغيره، "أن يشتمل علي" بتشديد الياء أي ما أريد أن أسكن وأقيم في أمصاركم، فإن من أقام في مصر يشتمل عليه ذلك المصر، "حتى تنجلي" أي الأنصار، والمراد حتى تزول عنها الفتن، ولعل معنى عدم ضرر الفتن إياه هو فراره عنها والله تعالى أعلم. 4666 - "عن مسيرك هذا" أي إلى بلاد العراق.

باب في التخيير بين الأنبياء عليهم [الصلاة و] السلام

عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا أَعَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ فَقَالَ: «مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ». 4667 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ». بَابٌ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ [الصَّلَاةُ وَ] السَّلَامُ 4668 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ». === 4667 - "تمرق" أي كتخرج وزنًا ومعنى، "مارقة" أي فرقة خارجة في المسلمين بصيرورتهم طائفتين طائفة مع علي وطائفة مع معاوية، "أولى الطائفتين بالحق" فيه دلالة على أن من كان مع علي أولى بالحق". ومن كان مع معاوية أيضًا لا يخلو عن حق، وأنهم كانوا مسلمين والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ [الصَّلَاةُ وَ] السَّلَامُ 4668 - "لا تخيروا بين الأنبياء" أرشدهم إلى ما ينبغي لهم من التأدب مع الكل، إذ التخيير ربما يؤدي إلى التنقيص وسوء الأدب.

4669 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». 4670 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى». 4671 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى === 4671 - "لا تخيروني على موسى" أي لا تفضلوني عليه، قال التوبشتي: قال ذلك على سبيل التواضع أولًا ثم ليردع الأمة عن التخيير بين أنبياء الله من تلقاء أنفسهم ثانيًا؛ فإن ذلك يفضي بهم إلى العصبية فينتهز الشيطان عند ذلك فرصة فيدعوهم إلى الإفراط والتفريط، فلهذا قال: "لا تخيروا بين الأنبياء" أي لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم، بل بما آتاكم الله من البيان ومثله حيث ما ينبغي لأحد أن يقول: "إني خير من يونس" أي ما ينبغي أن يقول من تلقاء نفسه أولًا، ينبغي أن يفضل من حيث النبوة والرسالة، فإن شأنهما لا يختلف باختلاف الأشخاص، بل كل الأنبياء سواء فيما جاءوا به من عند الله، وإن اختلف

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ فِي جَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مِمَّنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ ابْنِ يَحْيَى أَتَمُّ. === مراتبهم، وإليه يشير قوله تعالى: {لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} (¬1). وخص يونس بالذكر صونًا لبواطن الضعفاء عما يعود إلى نقيصة في حقه بسبب ما قصه الله تعالى من شأنه في كتابه، "يصعقون" أي يغشى عليهم من النفخة، والحديث يدل على أنها النفخة الأولى؛ إذ الاستثناء في القرآن ما وقع لا فيها فيشكل بأن موسى قد مات، فكيف تدركه تلك النفخة؟ ، وإنما يصعق عندها الأحياء، والجواب: أن الأنبياء أحياء فيمكن أن تدركهم هذه النفخة، ولهذا الكلام تفصيل ذكرته في حاشية الصحيحين. "فأكون أول من يفيق" أي من الذين علم صعقهم جزمًا، فلا ينافي احتمال كون موسى أفاق قبله عليهما الصلاة والسلام كما ذكره - صلى الله عليه وسلم - على وجه الاحتمال ممن صعق قبلي، هكذا النسخ، والظاهر ما في صحيح البخاري وغيره أكان فيمن صعق فأفاق قبلي (¬2) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية (285). (¬2) البخاري في الرقاق (6518)، وفي الأنبياء (3398)، وفي التوحيد (7427)، ومسلم في الفضائل (2373/ 160)، وأحمد في مسنده (2/ 264).

4672 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، يَذْكُرُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ». 4673 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ». 4674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، وَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشَّعِيرِيُّ الْمَعْنَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لَا، وَمَا أَدْرِي أَعُزَيْرٌ نَبِيٌّ هُوَ أَمْ لَا». === 4672 - "ذاك إبراهيم" قيل: قاله قبل أن يعلم قدره - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: أراد التواضع وتحمل الخيرية على الخير من وجه مثل أنه أيلبس يرم القيامة أولًا والله تعالى أعلم. 4673 - "أنا سيد ولد آدم" قال ذلك إما؛ لأنه أوحي إليه أن يقول ليعرف الأمة قدره - صلى الله عليه وسلم - وزاده جاهًا وقدرًا لديه، أو لأنه قصد به التحديث بالنعمة، فلا ينافي حديث: "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير"؛ لأن المراد هناك ليس له أن يتكول افتخارًا أو نحوه، وقد سبق بعض تأويلاته أيضًا. "ابن متَّى" بوزن حتى، اسم لأبي يونس على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

باب في رد الإرجاء

4675 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ». بَابٌ فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ 4676 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي === 4675 - "أولى الناس بابن مريم" أي أقربهم؛ لأنه ليس بينهما نبي ولأن عيسى كان مبشرًا بقدومه وممهّدًا لقواعد دينه وسيجيء نائبًا عنه، "أولاد علآت" العلة الغرة شبه ما هو المقصود من بعثة جملة الأنبياء من أصول الدين من التوحيد وغيره بالأب، وشبه فروع الدين المختلفة بالأمهات، والحديث لا ينافي قوله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ} (¬1) الآية؛ لأن تلك الأولوية من حيث قرب الشريعة وهذا من حيث قرب العهد. بَابٌ فِي رَدِّ الْإِرْجَاءِ أي اعتقد أنه لا يضر مع الإيمان معصية وترك الأعمال الصالحة، ويحتمل أنه أراد بالإرجاء القول بعدم زيادة الإيمان ونقصه ويؤيده مقابلة هذا الباب زيادة الإيمان ونقصه، ووجه الرد على الأول أن الأعمال إذا كانت بمنزلة أبعاض الإيمان وأجزائه كما يفهم من الأحاديث فكيف لا يضر فقدها؟ ! ، وعلى الثاني أن الحديث يدل على تعدد أجزاء الإيمان" وكل متعدد الأجزاء يقبل الزيادة والنقصان ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية (68).

صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ: أَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْعَظْمِ عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ. 4677 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا === فكيف يقال الإيمان لا يقبل ذلك. 4676 - "بضع وسبعون" البضع والبضعة بكسر الباء، وبعض العرب يفتحها: القطعة من الشيء وهو في العدد ما بين الثلاث إلى التسع، هو الصحيح؛ لأنه قطعة من العدد، والمراد بضع وسبعون خصلة أو شعبة ونحو ذلك، وهو كناية عن الكثرة، فإن أسماء العدد كثيرًا ما تجيء كذلك، فلا يرد أن العدد قد جاء في بيان شعب الإيمان مختلف، والمراد بلا إله إلا الله مجموع الشهادتين عن صدق قلب ومعنى، "أدناها" أو دونها مقدارًا، "وإماطة" الشيء عن الشيء إزالته عنه وإذهابه، "والحياء" تغير وانكسار يعتري المرء من خوف ما يلام به، وهو نوعان: نفساني وإيماني، فالنفساني: الجبلي الذي خلقه الله في النفوس كالحياء من كشف العورة ومباشرة الرجل المرأة بين الناس حتى في نفوس الكفرة، والإيماني: ما يمنع الشخص من فعل القبيح بسبب الإيمان كالزنا وشرب الخمر وغير ذلك من القبائح، وهذا هو المراد في الحديث، والشعبة غصن الشجرة، وفرع كل أصل، ودلالة الحديث على رد الإرجاء بالمعنيين غير خفي والله تعالى أعلم. 4677 - "قال شهادة لا إِله إلا الله" إلخ, ففيه تفسير للإيمان بأمور متعددة,

عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ»، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمْسَ مِنَ الْمَغْنَمِ». 4678 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ». === وبه وافق الحديث الترجمة. 4678 - "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" مثل هذه العبارة كما يستعمل في المانع الحائل بين الشيئين كذلك يستعمل في الوسيلة المفضية لأحدهما إلى الآخر، والحديث من هذا القبيل فلا يرد أن الحائل بينهما هي الصلاة, فإنها تمنع العبد عن الوصول إلى الكفر لا تركها فليتأمل، ومثل هذا قول القائل: بينك وبين مرادك الاجتهاد، وليس هو نظير قوله تعالى: {وَمِنْ بَينِنَا وَبَينِكَ حِجَابٌ} (¬1) وقوله: {وَجَعَلَ بَينَ الْبَحْرَينِ حَاجِزًا}، ثم الحديث من باب التغليظ واعتبار أن الصلاة هي الإيمان فمن تركها؛ فكأنه والكافر سواء ظاهرًا، إذ ليس بينهما علامة ظاهرية تكون فارقة والله تعالى أعلم. {لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬2) أي صلاتكم، فسميت الصلاة إيمانًا فعلم أنها من الإيمان بمكان. ¬

_ (¬1) سورة فصلت: آية (5). (¬2) سورة البقرة: آية (143).

باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ 4679 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَلَا دِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ شَهَادَةُ رَجُلٍ، وَأَمَّا نُقْصَانُ الدِّينِ فَإِنَّ إِحْدَاكُنَّ تُفْطِرُ رَمَضَانَ وَتُقِيمُ أَيَّامًا لَا تُصَلِّي». 4680 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا تَوَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْكَعْبَةِ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَكَيْفَ الَّذِينَ مَاتُوا، وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]. === بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ 4679 - "أغلب لذي لُب" أي أغلبه على رجل ذي عقل خالص بحيث يذهب ذاك العقل ويصير كالمجنون، "فشهادة امرأتين" أي علامته ودليله ذلك، "فإن إحداكن" أي مبدأ نقصان الدين ترك الصلاة أيامًا والصوم، وذلك وإن كان بأمره تعالى ومن جملة طاعته لكن فرق بين الطاعات، فالمصلي بأمره خير من التارك بإذنه بل بأمره والله تعالى أعلم.

4681 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ». 4682 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا». 4683 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: === 4681 - "من أحب الله" إلخ، إذا كان المرء كذلك فقد صار هواه تابعًا لرضا مولاه، وهذا غاية الكمال، ومعنى "استكمل" أكمل، وإلا فلا طلب والله تعالى أعلم. 4682 - "أكمل المؤمنين" أي من أكملهم، ويحتمل أن يكون على ظاهره ويكون كناية عنه - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون معنى أحسنهم خلقًا بضمتين أو بسكون الثاني، أي معاملة مع الله تعالى ومع الناس، وليس بعد حسن المعاملة مع الله ومع الخلق شيء، فصاحبه هو الأكمل إيمانًا والله تعالى أعلم، وعلى كل تقدير، فالحديث يدل على تفاوت مراتب الإيمان في الكمال، ومنه يؤخذ الترجيح. 4683 - "قال أو مسلم" بسكون الواو وكأنه أرشده - صلى الله عليه وسلم - إلى أن لا يجزم بالإيمان، لأن محله القلب فلا يظهر، وإنما الَّذي يجزم به هو الإسلام لظهوره، فقال: "أو مسلمًا" أي قل أو مسلمًا على الترديد، أو المعنى أو قل مسلمًا بطريق الجزم بالإسلام، والسكوت عن الإيمان بناء على أي كلمة أو ما للترديد أو بمعنى

وَأَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالًا وَلَمْ يُعْطِ رَجُلًا مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ مُسْلِمٌ» حَتَّى أَعَادَهَا سَعْدٌ ثَلَاثًا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوْ مُسْلِمٌ» ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُمْ لَا أُعْطِيهِ شَيْئًا مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ». === بل وغيره، "أحبّ إليَّ" أي لأنه أعلا منه إيمانًا فعلم منه ما يدل على الترجمة، وقوله: "مخافة أن يكب" يريد أنَّه - صلى الله عليه وسلم - يعطي لمصلحة التأليف ومثله إذا لم يعط ربما يخاف عليه الارتداد وغيره والله تعالى أعلم. "حتَّى أعادها سعد ثلاثًا" فإن قلت: أعاد سعد القول بالجزم بالإيمان مع أنَّه يتضمن الإعراض عن إرشاده - صلى الله عليه وسلم -. قلت: كأنه ما تنبه للإرشاد في ذلك الوقت، إما لأنه غلبه ما كان يظن فيه من الخير، أو أنَّه اشتغل قبله بالأمر الَّذي كان فيه، وهو يظهر بالرجوع إلى الوجدان والله تعالى أعلم. {وَلَكِنْ قُولُوا} (¬1) متعلق بما قدر أي فلا تقولوا آمنا لأنه كذب، {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} (¬2) أن الإسلام الكلمة أي الشهادتان، والإيمان العمل بالجنان والأركان ومن جملته التصديق والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) و (¬2) سورة الحجرات: آية (14).

4684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] قَالَ: «نَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ». 4685 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَسْمًا، فَقُلْتُ: أَعْطِ فُلَانًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، قَالَ: «أَوْ مُسْلِمٌ، إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ الْعَطَاءَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ». 4686 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». 4687 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْفَرَ رَجُلًا مُسْلِمًا: فَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْكَافِرُ. === 4686 - "لا ترجعوا" أي لا تصيروا كفارًا كالكفار في سل السيوف على المسلمين، والمقصود هاهنا أنَّه - صلى الله عليه وسلم - سماهم كفارًا بالقتال بينهم، والكافر فاقد الإيمان، فعلم أن ترك المنهيات من جملة الإيمان فلا بد أن يزيد وينقص. 4687 - "أكفر" أي دعاه كافرًا وسماه به، كان هو أي الداعي الكافر، أي يخاف عليه شؤم كلامه أي هو كالكافر حيث لا يبالي بالإيمان، فيسمي الإيمان كفرًا وصاحبه كافرًا والله تعالى أعلم.

4688 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ خَالِصٌ وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَلَّةٌ مِنْ نِفَاقٍ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ». 4689 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». === 4688 - "خلة" بفتح الخاء أي خصلة، ثم المرجو أن هذه الأربع مجتمة على وجه الاعتياد والدوام، "لا توجد في مسلم" إذ المسلم لا يخلو عن خير، فلا حاجة للحديث إلى تأويل، فإن الحديث من الإخبار بالغيب، وإذا عاهد العهود، هي المواثيق المؤكدة بالأيمان، ووضع الأيادي والله تعالى أعلم. 4689 - "وهو مؤمن" هذا وأمثاله حمله العلماء على التغليظ أو على كمال الإيمان، وقيل: المراد بالإيمان الحياء لكونه شعبة من الإيمان، فالمعنى لا يزني الزاني وهو يستحيي من الله. وقيل: المراد بالمؤمن هو ذو الأمن من العذاب، وقيل: النفي بمعنى النهي أي لا ينبغي للزاني أن يزني والحال أنَّه مؤمن، فإن مقتضى الإيمان أن لا يقع في مثل هذه الفاحشة والله تعالى أعلم.

4690 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ». === 4690 - "كالظلة" بضم فتشديد لام أي السحابة، روي أن عكرمة قال لابن عباس: كيف ينزع منه الإيمان؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثم أخرجها، فإن تاب عاد إليه مكذا وشبك بين أصابعه. رواه البخاري (¬1)، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن عجلان عن أبي هريرة، وسأله عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني وهو مؤمن" فأين يكون الإيمان منه؟ قال أبو هريرة: يكون هكذا عليه، وقال بكفه فوق رأسه، فإن تاب ونزع رجع إليه، قال البيهقي: وإنما أراد والله تعالى أعلم قدر ما نقص بالزنا من إيمانه (¬2)، وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن للإيمان سربالًا يسربله الله من يشاء، فإذا زنا العبد نزع منه سربال الإيمان، فإن تاب رد إليه" (¬3)، وأخرج عن ابن عباس أن العبد إذا زنا نزع منه نور الإيمان رد الله عليه أو أمسكه. ذكره السيوطي. ¬

_ (¬1) فتح الباري لابن حجر (12/ 61)، في شرح حديث البخاري (6772)، وذكره الحاكم (1/ 2)، وقال: على شرط الشيخين؛ ووافقه الذهبي والبيهقي في الشعب (5364). (¬2) البيهقي في الشعب (5367). (¬3) البيهقي في الشعب (5366).

باب في القدر

بَابٌ فِي الْقَدَرِ 4691 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِمِنًى، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ: إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ. 4692 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَرَ، مَوْلَى غُفْرَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسٌ وَمَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ === بَابٌ فِي الْقَدَرِ 4691 - "القدرية" بفتحتين أو بسكون الدال اشتهر بهذه النسبة من لا يقول بالقدر لأجل أنهم تكلموا في القدر، وأقاموا الأدلة بزعمهم على نفيه، وتوغلوا في هذه المسألة حتى اشتهروا بهذا الاسم، وبسبب توغلهم وكثرة اشتغالهم صاروا هم أحق بهذه النسبة من غيرهم، فلا يرد أن المثبت أحق بهذه النسبة من النافي، على أن الأحاديث صريحة في أن المراد هاهنا النافي. والرواية الثانية دليل عليه فاندفع توهم القدرية أن المراد في هذا الحديث المثبت للقدر لا النافي، ووجه كونهم كالمجوس أن المجوس يقولون بتعدد الخالق، وكذلك من يقول بنفي القدر وأن العبد خالق لأفعاله يقول بتعدد الخالق، والحديث قد حسنه الترمذي وصححه الحاكم وحقق الحافظ ابن حجر أنَّه صحيح على شرط مسلم في الاكتفاء بالمعاصرة، فلا وجه للحكم بوضعه كما قيل والله تعالى أعلم.

لَا قَدَرَ، مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوا جَنَازَتَهُ، وَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَهُمْ شِيعَةُ الدَّجَّالِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِالدَّجَّالِ». 4693 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ، وَيَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَاهُمْ قَالَا: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ: جَاءَ مِنْهُمُ الْأَحْمَرُ، وَالْأَبْيَضُ، وَالْأَسْوَدُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ، وَالْحَزْنُ، وَالْخَبِيثُ، وَالطَّيِّبُ «زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى» وَبَيْنَ ذَلِكَ " وَالْإِخْبَارُ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ. === 4693 - "من قبضة" بفتح القاف في الأصل للمرة، يطلق على المقبوض وهو المراد هاهنا، أو بضمها فبالضم اسم للمقبوض بالكف والفتح أشهر، "ومن" ابتدائية متعلقة بخلق أي ابتداء خلقه من قبضة، وقيل: أو بثانية والجار والمجرور حال من آدم، قيل: أمر الله تعالى ملك الموت لما أراد خلق آدم أن يأخذ قبضة تراب من جميع ما قدر الله تعالى أن يسكنه بنو آدم من الأرض لا من جميع الأرض، فخلق آدم منها على قدر الأرض أي في اللون الظاهر والصفات الباطنة، "والسهل" بفتح فسكون أي لين الخلق، "والحزن" بفتح فسكون بخلافه، "والخبيث والطيب" هما في الناس مثل المؤمن والكافر وفي الأرض المنبت وغيره قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} (¬1) الآية. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف: آية (58).

4694 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَلَسَ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِالْمِخْصَرَةِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْجَنَّةِ، إِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً، أَوْ سَعِيدَةً»، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَفَلَا نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ لَيَكُونَنَّ إِلَى السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشِّقْوَةِ لَيَكُونَنَّ إِلَى الشِّقْوَةِ؟ قَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ: أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِلسَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشِّقْوَةِ، فَيُيَسَّرُونَ === 4694 - "بقيع الغرقد" هو نوع من الشجر وكان بالبقيع فأضيف إليه، "مخصرة" بكسر ميم وفتح صاد عصى أو قضيب يكن يد الملك إذا تكلم أو الخطيب إذا خطب، "ينكت" كينصر آخره مثناة فوقية، من نكتب الشيء بقضيبه إذا ضربه فأثر فيه، "منفوسة" أي مولودة، أو لا نمكث على كتابنا أي معتمدًا عليه، "ليصرن" أي أن العمل لا يرد القضاء والقدر السابق، فلا فائدة فيه، فنبه على الجواب عنه بأن الله تعالى دبر الأشياء على ما أراد وربط بعضها ببعض وجعلها أسبابًا ومسببات، ومن قدر له أنَّه من أهل الجنّة قدر له ما يقربه إليها من الأعمال ووفقه لذلك بأقداره وتمكينه منه وتحريضه عليه بالترغيب والترهيب، ومن قدر له أنَّه من أهل النار قدر له خلاف ذلك وخذله حتَّى اتبع هواه وترك أمر مولاه.

لِلشِّقْوَةِ ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 6]. 4695 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ، أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ، فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوَفَّقَ اللَّهُ لَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ دَاخِلًا فِي الْمَسْجِدِ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ، === والحاصل أنَّه جعل الأعمال طريقًا إلى نيل ما قدر له من جنة أو نار، فلا بد له من المشي في الطريق، وبواسطة التقدير السابق يتيسر ذلك المشي لكل في طريقه ويسهل عليه والله تعالى أعلم. 4695 - "أول من قال في القدر" أي بحث فيه وأطال المقال في طريقته وأقام عليه الشبه الفاسدة التي زعمها أدلة، "فوفق الله" أي جعله موفقًا لنا مجتمعًا معنا أو يسر الله لنا صحبته، "فاكتنفته" أي صرنا في ناحيته، "سيكل" سيفوض إلي ولا يتكلم هو، "يتقفزون" بتقديم القاف أي يتتبعون العلم ويبحثون عنه أو يجمعونه أو بتقديم الفاء يبحثون عنه ويستخرجون دقائقه، "أنف" بضمتين أي مستأنف ما سبق فيه قدر، "إني بريء" إلخ، أي ليس بيننا وبينهم محبة وولاية وأخوة إسلام بيننا، "إِشباع بين" مضاف إلى مضمون جملة بعدها، لكن لا بد من تقدير مضاف والعامل ما يدل عليه إذ الفجائية أي فاجأ طلوع رجل أي ظهوره

فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَفَقَّرُونَ الْعِلْمَ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَالْأَمْرَ أُنُفٌ، فَقَالَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا نَعْرِفُهُ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ === بين أوقات حضورنا عنده - صلى الله عليه وسلم -، "لا يرى" ضبط بالتحتية المضمومة أو بالنون المفتوحة، "ووضع كفيه على فخديه" أي فخذي نفسه جالسًا على هيئة المتعلم، كذا ذكره النووي واختاره التوربشتي بأنه أقرب إلى التوقير وأشبه بسمت ذوي الأدب، أو فخذي النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره (¬1) البغوي وغيره، ويؤيده الموافقة لقوله: "فأسند ركبتيه إلى ركبتيه" ورجحه ابن حجر بأن في رواية ابن خزيمة ثم وضع يديه على ركبتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: والظاهر أن أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره ليقوى الظن بأنه من جفات الأعراب (¬2)، "فقال يا محمد" كراهة النداء باسمه - صلى الله عليه وسلم - في حق الناس لا في حق الملائكة، فلا إشكال في نداء جبريل بذلك، "أن تشهد" إلخ، حاصله أن الإسلام هي الأركان الخمسة الظاهرية، "يسأله" والسؤال يقتضي الجهل بالمسئول عنه، "ويصدقه" والتصديق هو الخبر بأن هذا مطابق للواقع وهذا فرع معرفة الواقع والعلم به ليعرف مطابقة هذا له، "أن تؤمن ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (1/ 157)، وذكره البغوي في شرح السنة (1/ 8). (¬2) ابن حجر في شرح الحديث رقم (50) في الفتح.

إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، === بالله أي تصدق، فالمراد به المعنى اللغوي، الإيمان المسئول عنه الشرعي، فلا ودر، وفي هذا التفسير إشارة إلى أن الفرق بين الإيمان الشرعي واللغوي بخصوص المتعلق في الشرعي، وحاصل الجواب أن الإيمان هو الاعتقاد الباطني، "عن الإحسان" أي الإحسان في العبادة، أو الإحسان الَّذي حث الله عباده على تحصيله في كتابه بقوله: {وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬1)، "كأنك تراه" صفة مصدر محذوف أي عبادة كأنك فيها تراه، أو حال أي والحال كأنك تراه، وليس المقصود على تقدير الحالية أن ينتظر بالعبادة تلك الحال، فلا يعبد قبل تلك الحال، بل المقصود تحصيل الحال في العبادة. والحاصل أن الإحسان هو مراعاة الخشوع والخضوع وما في معناهما في العبادة على وجه راعاه لو كان رائيًا، ولا شك أنَّه لو كان رائيًا حال العبادة لما ترك شيئًا مما قدر عليه من الخشوع وغيره، ولا منشأ لتلك المراعاة حال كونه رائيًا إلا كونه تعالى رقيبًا عالمًا مطلقًا على حاله، وهذا موجود وإن لم يكن العبد يراه تعالى، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في تعليله: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، أي وهو ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية (134، 148).

قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا، بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ، رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، هَلْ تَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ » قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ». 4696 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا: لَقِيَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَذَكَرْنَا لَهُ الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ زَادَ قَالَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ أَوْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا نَعْمَلُ أَفِي شَيْءٍ قَدْ === يكفي في مراعاة الخشوع على ذلك الوجه "فإن" على هذا الوجه شرطية فليفهم، "بأعلم" بل هما سواء في عدم العلم، "أن تلد الأمة ربتها" أي أن تحكم البنت على الأمرين من كثرة العقوق حكم السيدة على أمتها، ولما كان العقوق في النساء أكثر خصت البنت والأمة بالذكر، وقد ذكروا وجوهًا أخر في معناه، "والحفاة العراة" كل منهما بضم الأول، "العالة" جمع عائل بمعنى الفقير، "رعاء الشاء" كل منهما بالمد والأول بكسر الراء والمراد الأعراب وأصحاب البوادي؛ "يتطاولون" بكثرة الأحوال. 4696 - "فيما نعمل" أي لأجل أي شيء نعمل؟ ألأجل شيء قضي لنا ويكون العمل طريقًا للوصول إليه، أو لأجل تحصيل شيء جديد ما وقع به القضاء بل يحصل لنا بالعمل ويقرر لنا عنده ولا تقرر له، قيل ذلك، ويحتمل أن معناه فعملنا معدود في أي شيء، أهو ثابت في جملة ما قد قضى وفرغ من

خَلَا أَوْ مَضَى أَوْ فِي شَيْءٍ يُسْتَأْنَفُ الْآنَ؟ قَالَ: «فِي شَيْءٍ قَدْ خَلَا وَمَضَى» فَقَالَ الرَّجُلُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ: فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ». 4697 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ يَعْمَرَ، بِهَذَا الْحَدِيثِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، قَالَ: فَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: «إِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَلْقَمَةُ مُرْجِئٌ. 4698 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ بَيْنَ ظَهْرَيْ أَصْحَابِهِ، فَيَجِيءُ الْغَرِيبُ فَلَا يَدْرِي أَيُّهُمْ هُوَ حَتَّى يَسْأَلَ، فَطَلَبْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَجْعَلَ لَهُ مَجْلِسًا يَعْرِفُهُ الْغَرِيبُ إِذَا أَتَاهُ، قَالَ: فَبَنَيْنَا لَهُ دُكَّانًا مِنْ طِينٍ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَكُنَّا نَجْلِسُ بِجَنْبَتَيْهِ، وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ فَذَكَرَ هَيْئَتَهُ، حَتَّى سَلَّمَ مِنْ طَرَفِ السِّمَاطِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ: «فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». === قضائه، أو هو ثابت في جملة ما لم يقض به إلى الآن والله تعالى أعلم. "ففيم العمل" أي لأجل أي شيء العمل وما فائدته والله تعالى أعلم. 4698 - "من طرف السماط" بكسر السين هو الصف من الناس، والمراد من كانوا جلوسًا بجانبه - صلى الله عليه وسلم -.

4699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ: لَهُ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ، فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُذْهِبَهُ مِنْ قَلْبِي، قَالَ: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ»، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ. 4700 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ أَبِي حَفْصَةَ، قَالَ: قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: === 4699 - "من القدر" أي لأجل القول بالقدر، "اكتب مقادير كل شيء" أي اكتب ما أراد الله تعالى لكل وقدر له وعلم حصوله له. 4700 - وقوله: "حتَّى تقوم الساعة" فيه أن القلم كتب ما يجري إلى قيام

رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي». 4701 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمَعْنَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ، فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ فَحَجَّ آدَمُ، مُوسَى " قَالَ: أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوُسٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ. === الساعة لا جميع معلوماته تعالى ولا جميع مقدوراته إلى الأزل، فإنها غير متناهية، فكيف تضبط بقلم والله تعالى أعلم. 4701 - "خيبتنا" وفي رواية الترمذي "أغويت الناس" (¬1)، وفسره ابن العربي أي لسبحيتك في الإغواء سرت إليهم، فإن العرق نزاع، "فحج" أي غلب بالحجة بأن ألزمه بأن العبد ليس بمستقل بفعله ولا متمكن من تركه بأن قضي عليه من الله تعالى، وما كان كذلك لا يحسن اللوم عليه عقلًا، وأما اللوم شرعًا، فكان منتفيًا بالضرورة إذ ما شرع لموسى أن يوم آدم في تلك الحالة، وأيضًا هو في عالم البرزخ وهو غير عالم التكليف حتَّى يتوجه فيه اللوم شرعًا، وأيضًا لا لوم على تائب، ولذلك ما تعرض لنفيه آدم في الحجة، وعلى هذا لا يرد أن هذه الحجة ناهضة لكل فاعل ما شاء؛ لأنه ملوم شرعًا بلا ريب والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في القدر (1234)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

4702 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مُوسَى قَالَ: يَا رَبِّ، أَرِنَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَرَاهُ اللَّهُ آدَمَ، فَقَالَ: أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: نَعَمْ، قَالَ: أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: أَنْتَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَمَا وَجَدْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فِيمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي؟ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ» فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى. 4703 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أُنَيْسَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: 172] قَالَ: قَرَأَ الْقَعْنَبِيُّ الْآيَةَ فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ === 4703 - "ثم مسح" أي أمر بمسحه، أو هو الَّذي تولى له، فأمره كأمر

مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ "، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ». 4704 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ جُعْثُمٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثُ مَالِكٍ أَتَمُّ. 4705 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا، وَلَوْ === الاستواء والله تعالى أعلم. 4705 - "طبع كافرًا" أي خلق على أنَّه إن عاش يصير كافرًا ويموت عليه، وقيل: بل كان يومئذ كافرًا وهذا غير ظاهر عقلًا لعدم التكليف، وإن كان ظاهر الحديث يوافقه وحقيقة الأمر إلى الله تعالى، والمعنى الأول لا ينافي حديث كل مولود يولد على الفطرة، إذ المراد بالفطرة كونه قابلًا مستعدًا لقبول الإسلام، وهو لا ينافي كونه شقيًّا في جبلته بالمعنى الأول، وأما بالمعنى الثاني، فلا يخلو عن نظر والله تعالى أعلم.

عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا». 4706 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ فِي قَوْلِهِ {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} [الكهف: 80] «وَكَانَ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا». 4707 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَامًا يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَتَنَاوَلَ رَأْسَهُ فَقَلَعَهُ، فَقَالَ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74] الْآيَةَ. 4708 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالْإِخْبَارُ، فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً === "لأرهق" أي كلفهم الطغيان وحملها عليه وعلى الكفر أي ما تركهما على الإيمان. 4708 - "المصدوق" أي الَّذي جاءه الصدق من ربه، "إن خلق أحدكم" بكسر الهمزة على حكاية لفظه - صلى الله عليه وسلم -، أو بفتحها "يجمع" على بناء المفعول أي يجمع مادة خلقه وهو الماء، والمراد "ببطن أمه" رحمها أي يتم جمعه في الرحم

مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: فَيُكْتَبُ رِزْقُهُ، وَأَجَلُهُ، وَعَمَلُهُ، ثُمَّ يُكْتَبُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، أَوْ قِيدُ ذِرَاعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، أَوْ قِيدُ ذِرَاعٍ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا. === في هذه المدة، وهذا يقتضي التفرق أولًا وهو كما روي أن النطفة في الطور الأول تسري في جسد المرأة ثم تجمع في الرحم فتصير هناك علاقة، أي دمًا جامدًا بخلط تربة قبر المولود بها على ما قيل، "مضغة" أي قطعة لحم قدر ما يمضغ "ثم يبعث" أي يرسل بعد تمام الخلق وتشكله بشكل الآدمي بأطوار آخر كما قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} (¬1) أي بنفخ الروح، ولعل الأطوار المتروكة في الحديث بعد الأربعين الثالثة تحصل في مدة يسيرة، فلذا اعتبر البعث بعد الأربعين الثالثة، ولذا اشتهر بين الناس أن نفخ الروح عقيب أربعة أشهر، "حتَّى ما يكون" إلخ، كناية عن غاية القرب، "فيسبق" أي يغلب عليه الكتاب أي المكتوب الَّذي كتبه الملك، والحديث لا ينافي عموم المواعيد الواردة في الآيات القرآنية والأحاديث مثل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} (¬2) الآية، لأن المعتبر في كلها الموت على سلامة العاقبة وحسن الخاتمة رزقنا الله تعالى بمنه آمين. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون: آية (14). (¬2) سورة الكهف: آية (30).

باب في ذراري المشركين

4709 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ؟ قَالَ: «كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ». 4710 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ». بَابٌ فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ 4711 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ === 4710 - "ولا تفاتحوهم" أي لا تبتدؤهم بالمناظرة: والكلام بل بالسلام أيضًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ 4711 - "عن أولاد المشركين" أي عن أطفالهم الذين ماتوا أهم في الجنّة أم في النار فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين من الكفر والإِيمان إِن عاشوا" وظاهر الحديث أن الله تعالى يعاملهم في الآخر بما يعلم منهم من إيمان أو كفر إن عاشوا، فينبغي للناس أن يتوقفوا في حق الأطفال، وعليه جماعة، وعلى هذا يحمل

جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ === حديث "هم من آبائهم" على الأحكام الدنيوية، كذا قيل، والأقرب في التوفيق أن يقال جاء قوله - صلى الله عليه وسلم -: (هم من آبائهم) علي ما هو الغالب المظنون فيهم، إذ الظاهر أن الولد يتبع الآباء في الدين إن عاش، لكن قد يكون الأمر بخلافه، فأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك التحقيق بقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، وإلى ما هو الغالب بقوله: "هم من آبائهم" وبنى ذلك الغالب على هذا التحقيق؛ لأن الناظر إلى هذا التحقيق يفيد ذلك الغالب، وأشار إلى وجه البناء بقوله: "فأبواه يهودانه" ومنع عن الجزم بقوله لعائشة: "أو غير ذلك" وصح في بعض أطفال المؤمنين بالكفر، فقال في الغلام الَّذي قتله الخضر: "طبع كافرًا" وكذا في بعض أطفال الكافرين فقال: "الوائدة والموءودة في النار" وجزم في بعض المشركين بالخير، فقال في رؤياه الطويل: "وأما الرجل الطويل الَّذي في الروضة فإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفطرة"، فقال بعض المسلمين": يا رسول الله وأولاد المشركين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأولاد المشركين" رواه البخاري في صحيحه في كتاب (¬1) الرؤيا. فصار الحاصل أنَّه ينبغي التوقف ولا ينبغي الجزم مع كون الغالب هو أن الطفل كالأب، وعلم أن السعادة والشقاوة ليست بالأعمال بل باللطف الرباني والخذلان الإلهي، وعلى هذا فقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬2) يدل على عذاب الاستيصال في الدنيا؛ لأن حتَّى تقتضي ظاهرًا أن ¬

_ (¬1) البخاري في الجنائز (1383 - 1385)، وفي القدر (6597 - 6600). (¬2) سورة الإسراء: آية (15).

الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». 4712 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «مِنْ آبَائِهِمْ» قُلْتُ: بِلَا عَمَلٍ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». 4713 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ يُصَلِّي عَلَيْهِ، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لِهَذَا لَمْ يَعْمَلْ شَرًّا وَلَمْ يَدْرِ بِهِ، فَقَالَ: «أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا، وَخَلَقَهَا لَهُمْ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ». === يكون العذاب في الدنيا ويعضده مما بعده، وهو قوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} (¬1) الآية، والله تعالى أعلم. "ولم يدر به" من الدراية، والباء للتعدية وفي بعض النسخ من الإدراء مع ثبوت الياء فيحمل على الإشباع أو على تشبيه المعتل بالصحيح أو غير ذلك، أي بل غير ذلك وهو التوقف أصوب وأولى. ¬

_ (¬1) سورة: الإسراء: آية (16).

4714 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ، كَمَا تَنَاتَجُ الْإِبِلُ مِنْ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّ مِنْ جَدْعَاءَ؟ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». 4715 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَكَ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، قِيلَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ مَالِكٌ: احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِآخِرِهِ، قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ، قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ». 4716 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، يُفَسِّرُ حَدِيثَ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» قَالَ: هَذَا عِنْدَنَا === 4716 - "على الفطرة" سيجيء تفسيرها بالإقرار الَّذي كان يوم الميثاق، وقيل المراد خلو الذهن عن شبه الكفر واستدل به من يقول أن الله خلقهم على الخير والشر من سوء صنيعهم، تقليدًا للآباء وغيرهم من الشياطين لا بتقدير الله تعالى، ولا دليل فيه على ذلك، بل آخر الحديث صريح في التقدير كما روي عن مالك. "من بهيمة" من بيانية وهي حال من الإبل بالنظر إلى الأولاد "جمعاء" أي سليمة الأعضاء "إِن أبي" من يقول بنجاة الوالدين يحمله على العم، فإن اسم الأب يطلق على العم من أن أبا طالب قد ربى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيستحق إطلاق اسم

حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ حَيْثُ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]. 4717 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ» قَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا: قَالَ أَبِي فَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، أَنَّ عَامِرًا، حَدَّثَهُ بِذَلِكَ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4718 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ فِي النَّارِ» فَلَمَّا قَفَّى قَالَ: «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ». 4719 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ». 4720 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ رَبِيعَةَ === الأب من تلك الجهة. 4719 - "يجري من ابن آدم" أي أنَّه من شدة تمكنه من وسوسة ابن آدم مختلط به اختلاط الدم بالبدن.

باب في الجهمية

الْجُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ، وَلَا تُفَاتِحُوهُمُ الْحَدِيثَ». بَابٌ فِي الْجَهْمِيَّةِ 4721 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ. 4722 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: " فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ. === بَابٌ فِي الْجَهْمِيَّةِ 4721 - "يتساءلون"، أي في الأباطيل وما لا يعنيه المرء "حتَّى يقال" أي يلقي الشيطان في الوهم بطريق الوسوسة أو حتَّى يسأل البعض، وقد قيل: يتحقق السؤال عن ذلك في وقت أبي هريرة رضي الله عنه. 4722 - "ثم ليتفل" كينصر أي يطرد الشيطان وتحقيره وإبعاده.

4723 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّتْ بِهِمْ سَحَابَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «مَا تُسَمُّونَ هَذِهِ؟ » قَالُوا: السَّحَابَ، قَالَ: «وَالْمُزْنَ» قَالُوا: وَالْمُزْنَ، قَالَ: «وَالْعَنَانَ» قَالُوا: وَالْعَنَانَ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ أُتْقِنِ الْعَنَانَ جَيِّدًا» قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا بُعْدُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟ » قَالُوا: لَا نَدْرِي، قَالَ: «إِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَهُمَا إِمَّا وَاحِدَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، ثُمَّ السَّمَاءُ فَوْقَهَا كَذَلِكَ» حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ «ثُمَّ فَوْقَ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ === 4723 - "ما تسمون هذه الإشارة إلى السحابة" أي أيَّ اسم تسمونها، فما الاستفهامية مفعول ثان للتسمية، "السحاب" بالنصب أي نسميه السحاب أو بالرفع أي هي السحاب، وكذا الوجهان، "في المزن" والعنان والمزن بضم ميم السحاب أو أبيضه، والعنان كسحاب وزنًا ومعنىً إما واحدة أو ثنتان، قيل لعل الترديد من شك الراوي، وقد جاء في الأخبار أن بعد ما بين السماء والأرض خمسمائة عام، فقال الطيبي: المراد بالسبعين في الحديث التكثير دون التحديد، ورد بأنه لا فائدة حينئذ لزيادة واحدة أو ثنتان. قلت: لعل التفاوت لتفاوت السائر إذ لا يقاس سير الإنسان بسير الفرس والله تعالى أعلم. "ثمانية أوعال" جمع وعل بفتح فكسر التيس الجبلي والمراد ملائكة على صورة الأوعال، "والأظلاف" جمع ظلف بالكسر وهو للبقر والغنم كالحافر،

أَظْلَافِهِمْ وَرُكَبِهِمْ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ عَلَى ظُهُورِهِمُ الْعَرْشُ مَا بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، ثُمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ». 4724 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ سِمَاكٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. 4725 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ. 4726 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ أَحْمَدُ: كَتَبْنَاهُ مِنْ نُسْخَتِهِ وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === "وركبهم" بضم ففتح، "ثم الله تعالى فوق ذلك" تصوير لعظمة الله سبحانه وتعالى وفوقيته على العرش بالعلو والعظمة والحكم لا الحلول والمكان. 4726 - "جهدت" على بناء المفعول أي أوقعت في المشقة وكذا "أنهكت" أي نقصت، يقال: نهكته الحمّى أي أضعفته، "حتَّى عُرِف ذلك" أي أثره وهو استعظام قول الأعرابي وكراهيته، "ليئط " بفتح الياء وكسر الهمزة أي يصوت

جُهِدَتِ الْأَنْفُسُ، وَضَاعَتِ الْعِيَالُ، وَنُهِكَتِ الْأَمْوَالُ، وَهَلَكَتْ الْأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللَّهَ لَنَا فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ » وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَيْحَكَ إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ، إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا» وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ «وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ» قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ: «إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى: وَابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَالْحَدِيثُ بِإِسْنَادِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، كَمَا قَالَ أَحْمَدُ، أَيْضًا وَكَانَ سَمَاعُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنِ الْمُثَنَّى، وَابْنِ بَشَّارٍ مِنْ نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي. === بالراكب الثقيل عليه تصوير للعظمة أي يعجز عن آثار عظمته وكبريائه أي، فلا يستشفع بهذا العظيم الكبير إلى بعض مخلوقاته، رد على الجهمية النافين للصفات وليس في الحديث إثبات الجوارح، وإنما فيه إثبات الصفات والإشارة للإفادة تحقق السمع والبصر لا لإفادة الجارحتين، وهذا غير خفي كما ترون هنا أي من غير مزاحمة كما يفيده آخر الكلام، وإلا فهذه رؤية في جهة وتلك روية لا في جهة.

باب في الرؤية

4727 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ». 4728 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ يَعْنِي ابْنَ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ، وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ»، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ الْمُقْرِئُ: يَعْنِي: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، يَعْنِي أَنَّ لِلَّهِ سَمْعًا وَبَصَرًا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ». بَابٌ فِي الرُّؤْيَةِ 4729 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَوَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، === بَابٌ فِي الرُّؤْيَةِ 4729 - "لا تضامون" بفتح التاء وتشديد الميم أي لا تزدحمون، أو بضم التاء

عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسًا، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَ {سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]. 4730 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ نَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِي الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابَةٍ؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابَةٍ؟ » قَالُوا: لَا، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ إِلَّا كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا». 4731 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ الْمَعْنَى، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعٍ، - قَالَ مُوسَى: ابْنِ عُدُسٍ -، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، - قَالَ مُوسَى: الْعُقَيْلِيِّ - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، === وتخفيف الميم أي لا يلحقكم ضيم ومشاقة، "أن لا تغلبوا" على بناء المفعول أي لا يغلبكم الشيطان متى تتركوهما أو تؤخروهما عن أول وقت الاستحباب "هل تضارون" بفتح التاء وتشديد الراء أي هل يصيبكم ضرر. 4731 - "مخليًّا به" أي منفردًا برؤيته من غير أن يزاحمه صاحبه في ذلك،

باب في الرد على الجهمية

أَكُلُّنَا يَرَى رَبَّهُ؟ قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: مُخْلِيًا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: يَا أَبَا رَزِينٍ، أَلَيْسَ كُلُّكُمْ يَرَى الْقَمَرَ؟ " قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: «لَيْلَةَ الْبَدْرِ مُخْلِيًا بِهِ» ثُمَّ اتَّفَقَا: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَاللَّهُ أَعْظَمُ» قَالَ ابْنُ مُعَاذٍ: قَالَ: «فَإِنَّمَا هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَاللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ». بَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ 4732 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ " قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ: " بِيَدِهِ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ . === "وما آية ذلك" أي علامته. بَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ 4732 - "يطوي الله"، هذا الحديث وغيره من أحاديث الصفات تحقيقها مفوض إلى عالمها، والقدر المقصود بالأفهام هو تعظيم قدرته وسلطانه غير خفي ينزل نزولًا يليق به، وحقيقته مفوضة إليه تعالى، والقدر المقصود بالإفهام هو إفادة أن ذلك الوقت وقت قرب الرحمة ووفودها على أهل الأرض، فلا تنبغي لهم الفضلة في ذلك الوقت والله تعالى أعلم.

باب في القرآن

4733 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ . بَابٌ فِي الْقُرْآنِ 4734 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ، فَقَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي». 4735 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً، مِنَ الْحَدِيثِ - قَالَتْ: «وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى». 4736 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: «كُنْتُ

باب القرآن

عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فَقَرَأَ ابْنٌ لَهُ آيَةً مِنَ الْإِنْجِيلِ فَضَحِكْتُ فَقَالَ أَتَضْحَكُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ». 4737 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» ثُمَّ يَقُولُ: «كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ». 4738 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا === باب القرآن أي في أنه كلام الله لا أنَّه كلام خلقه الله تعالى في بعض الأجسام، واستدل على ذلك بأحاديث وقع فيها إضافة الكلام إلى الله تعالى أو التكلم أو الكلمات. 4737 - "بكلمات الله التامة" أي الخالية عن العيوب لعدم جواز ذلك في كلامه تعالى، أو الوافية في دفع ما يتعوذ منه، "وهامة" هي بتشديد الميم إحدى الهوام ذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما "لامَة" ذات لمم من ألمَّ بالشيء، ولم يقل ملمم مع أنَّه الأوفق للأصل لمراعاة الازدواج. 4738 - "صلصلة" هو صوت وقع الحديث بعضه على بعض، "على الصفا"

باب في الشفاعة

تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ، سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا، فَيُصْعَقُونَ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ، حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ» قَالَ: " فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: الْحَقَّ، فَيَقُولُونَ: الْحَقَّ، الْحَقَّ. بَابٌ فِي الشَّفَاعَةِ 4739 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا بَسْطَامُ بْنُ حُرَيْثٍ، عَنْ أَشْعَثَ الْحُدَّانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي». 4740 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ». === جمع صفاة وهي الصخرة والحجر الأملس، "فُزع" أي كشف وأزيل. بَابٌ فِي الشَّفَاعَةِ 4739 - "لأهل الكبائر" ففيه دلالة على الشفاعة في الكبائر، فهو رد على من ينكر ذلك ويرى أن الشفاعة لرفع الدرجات وغيره، ولا شفاعة لأهل الكبائر؛ بل هم يخلدون في النار. 4740 - "الجهنميين" قيل: ليس التسمية بها تنقيصًا لهم بل استذكرًا لما كانوا فيها ليزيدوا فرحًا على فرح لكونهم عتقاء الله، وروي: "الجهنميون" بالواو لكونه بمنزلة العلم لهم والله تعالى أعلم.

باب في ذكر البعث والصور

4741 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ». بَابٌ فِي ذِكْرِ الْبَعْثِ وَالصُّورِ 4742 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْلَمُ، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصُّورُ قَرْنٌ يُنْفَخُ فِيهِ». 4743 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلَّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُ الْأَرْضُ، إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ». === بَابٌ فِي ذِكْرِ الْبَعْثِ وَالصُّورِ 4743 - "كل ابن آدم" أي جميع جسده، فالكل مجموعي وليس المراد كل فرد من أفراد ابن آدم، على أن تكون كلمة كل أفراد بالعدم ملائمته للاستثناء، وأيضًا يحتاج ذلك إلى أن يجعل ابن آدم بمعنى مطلق الإنسان حتَّى يكون بمنزلة النكرة، وهو بالرفع مبتدأ، خبره تأكل، ويحتمل أن تنصب كل ابن آدم على أنَّه مفعول مقدم، فلا يحتاج الكلام إلى تقدير، "إلا عجب" بفتح عين وسكون جيم العظم الَّذي في أسفل الصلب عند العجز، "وفيه يركب" أي ومنه يركب في الخلق الثاني، فهذا دليل البعث، فلذلك ذكره في باب البعث، كما أن النفخ باعتبار شموله للنفخ الثاني من أدلة، فذكر حديث النفخ في باب البعث والله تعالى أعلم.

باب في خلق الجنة والنار

بَابٌ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ 4744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ لِجِبْرِيلَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، ثُمَّ حَفَّهَا بِالْمَكَارِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ " قَالَ: " فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا، فَحَفَّهَا بِالشَّهَوَاتِ ثُمَّ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا. بَابٌ فِي الْحَوْضِ 4745 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، === بَابٌ فِي خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أي في أنهما مخلوقتان موجودتان لا كما قيل أنهما ستخلقان يوم القيامة، والحديث صريح في الدلالة على مراده كما لا يخفى. بَابٌ فِي الْحَوْضِ 4745 - "إِن أمامكم" أي قدامكم، كأنهم يستقبلونه كما بين، "جريا" بفتح

عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَمَامَكُمْ حَوْضًا مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ وَأَذْرُحَ». 4746 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَقَالَ: «مَا أَنْتُمْ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ» قَالَ: قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «سَبْعُ مِائَةٍ أَوْ ثَمَانِ مِائَةٍ». 4747 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: أَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً، فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُتَبَسِّمًا، فَإِمَّا قَالَ لَهُمْ، وَإِمَّا قَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ ضَحِكْتَ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ» فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ حَتَّى خَتَمَهَا، فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ » قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَيْهِ === جيم وسكون راء مهملة ثم موحدة مقصورة، "وأزارح" بفتح همزة وسكون ذال معجمة وضم راء مهملة وحاء مهملة هما قريتان بالشام بينهما مسيرة: ثلاث ليال، وقد جاء في تحديد الحوض حدود مختلفة، ووجه التوفيق أن تحمل على بيان تطويل المسافة لا تحديدها والله تعالى أعلم. 4746 - "ممن يرد عليَّ" بتشديد الياء أو تخفيفها، "إغفاء" الإغفاء بغين معجمة وفاء النوم الخفيف وهي حالة الوحي غالبًا، ويحتمل أن يريد به الإعراض عما كان فيه، "المُجيب" بجيم وبفتح مثناة مشددة وموحدة الأجوف.

خَيْرٌ كَثِيرٌ، عَلَيْهِ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ الْكَوَاكِبِ». 4748 - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، أَوْ كَمَا قَالَ: عُرِضَ لَهُ نَهْرٌ حَافَتَاهُ الْيَاقُوتُ الْمُجَيَّبُ، أَوْ قَالَ: الْمُجَوَّفُ، فَضَرَبَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعَهُ يَدَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِسْكًا، فَقَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَلَكِ الَّذِي مَعَهُ: «مَا هَذَا؟ » قَالَ: الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. 4749 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ أَبُو طَالُوتَ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا بَرْزَةَ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَحَدَّثَنِي فُلَانٌ - سَمَّاهُ مُسْلِمٌ وَكَانَ فِي السِّمَاطِ - فَلَمَّا رَآهُ عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدِيَّكُمْ هَذَا الدَّحْدَاحُ، فَفَهِمَهَا الشَّيْخُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنِّي أَبْقَى فِي قَوْمٍ يُعَيِّرُونِي بِصُحْبَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّ صُحْبَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ زَيْنٌ غَيْرُ شَيْنٍ، قَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِأَسْأَلَكَ عَنِ الْحَوْضِ، سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ فِيهِ شَيْئًا؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَرْزَةَ: نَعَمْ «لَا مَرَّةً، وَلَا ثِنْتَيْنِ، وَلَا ثَلَاثًا، وَلَا أَرْبَعًا، وَلَا خَمْسًا، فَمَنْ كَذَّبَ بِهِ === 4749 - "وكان في السماط" بكسر السين أي الجماعة التي كانوا عنده "إِن محمديكم" بالياء المشددة للتثنية غدا اسمين القصر، "فذاكر قول الله تعالى" أي فذاك التثبيت من الله تعالى هو مضمون قول الله تعالى، أي هو للسؤال المراد

باب في المسألة في القبر وعذاب القبر

فَلَا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ مُغْضَبًا». بَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ 4750 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}. 4751 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ أَبُو نَصْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فَفَزِعَ، فَقَالَ: «مَنْ أَصْحَابُ هَذِهِ الْقُبُورِ؟ » قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، === بالتثبيت في الآخرة المذكور في الآية والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ 4751 - "آتاه ملك" قيل: هذا يدل على أن الملك السائل واحد، وقد جاء في غير هذا الحديث سؤال ملكين، فإما أن يكون ذاك لاختلاف الأشخاص، فشخص يأتيه ملكان للسؤال ليكون السؤال عليه أهول بسبب كثرة الآثام التي عليه، وآخر يأتيه الواحد يملي السؤال أخف لما سبق منه من صالح الأعمال، ويحتمل أن يكون الاقتصار على الواحد لكونه السائل وليس فيه نفي إتيان الآخر، "فإن الله كلمه" إن شرطية، "هداه" أي في الدنيا أو في تلك الحالة

فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَالُوا: وَمِمَّ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَإِنِ اللَّهُ هَدَاهُ قَالَ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَمَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ، غَيْرِهَا، فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى بَيْتٍ كَانَ لَهُ فِي النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا بَيْتُكَ كَانَ لَكَ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَصَمَكَ وَرَحِمَكَ، فَأَبْدَلَكَ بِهِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: دَعُونِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأُبَشِّرَ أَهْلِي، فَيُقَالُ لَهُ: اسْكُنْ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ أَتَاهُ مَلَكٌ فَيَنْتَهِرُهُ فَيَقُولُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَعْبُدُ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، فَيُقَالُ لَهُ: فَمَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيَضْرِبُهُ بِمِطْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا الْخَلْقُ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ. 4752 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، بِمِثْلِ هَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ» فَذَكَرَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ الْأَوَّلِ، === غيرها، الظاهر غيرهما بتثنية الضمير، لكن نسختنا غيرها بتأنيث الضمير وإفراده، فلعل المراد غير الخصلة المذكورة، "فينطلق" على بناء المفعول بسب تعديته بالباء، "فينتهره" أي ينكر عليه فعله وقوله تشديدًا في السؤال، "ولا تليت" أي ولا قرأت، أصله تلوت قلبت الواو ياء للازدواج، كذا قيل، ويجوز أن يكون معناه ولا تبعت أهل الحق أي ما كنت محققًا للأمر ولا مقلدًا لأهله والله تعالى أعلم.

قَالَ فِيهِ «وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولَانِ لَهُ» زَادَ «الْمُنَافِقَ» وَقَالَ: «يَسْمَعُهَا مَنْ وَلِيَهُ غَيْرُ الثَّقَلَيْنِ». 4753 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَهَذَا لَفْظُ هَنَّادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: «اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «هَاهُنَا» وَقَالَ: " وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ حِينَ يُقَالُ لَهُ: يَا هَذَا، مَنْ رَبُّكَ وَمَا دِينُكَ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ " قَالَ هَنَّادٌ: قَالَ: " وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي === 4753 - "ولما يلحد" هي جازمة بمعنى لم، "كأنما على رؤوسنا الطير" أي لا يتحرك منا أحد توقيرًا لمجلسه وتعظيمًا له - صلى الله عليه وسلم -، فإن الطير لا يكاد يقع على ما له أدنى حركة، "ينكت به في الأرض" أي يضرب به الأرض بحيث يؤثر فيها، فلذلك عدي بفي، "وأنه يسمع" أي الميت، "يسمع خفق نعالهم" بفتح معجمة وسكون فاء فقاف أي صوت نعالهم على الأرض إذا مشوا، متعلق بالخفق حين يقال متعلق بيسمع، "وما دينك" لما كان أصل الدين هو التوحيد وإثبات الرسالة لم يجعله فيما سبق أصلًا بنفسه بل قيل فما يسيل من شيء غيرها، فلا منافاة،

بُعِثَ فِيكُمْ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولَانِ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَيَقُولُ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ «زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ» فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [إبراهيم: 27] الْآيَةُ - ثُمَّ اتَّفَقَا - قَالَ: " فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ " قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا» قَالَ: «وَيُفْتَحُ لَهُ فِيهَا مَدَّ بَصَرِهِ» قَالَ: «وَإِنَّ الْكَافِرَ» فَذَكَرَ مَوْتَهُ قَالَ: " وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ: لَهُ مَنْ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ: مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟ فَيَقُولُ: هَاهْ هَاهْ، لَا أَدْرِي، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَنْ كَذَبَ، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ النَّارِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ النَّارِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ " قَالَ: «فَيَأْتِيهِ مِنْ === "فافرشوه" هو بألف قطع أي اجعلوا له فراشًا من فرش الجنّة، "وألبسوه" يؤيد ما قيل إن الميت يلبس غير الكفن، وعدم الظهور عند الميت لا يضر في ذلك كما لا يضر عدم رؤية أحدنا جبريل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حضوره عنده - صلى الله عليه وسلم -، "فيأتيه من روحها" أي ما لا يوصف كنهه فأبهم لذلك، ويحتمل أن تكون من تبعيضية أو زائدة عند من جوزها، "هاهٍ هاهٍ" كلمة يقولها المتحير في الكلام إن كذب أي فيما قال لا أدري؛ لأن دين الله ونبوة رسوله كان ظاهرًا، وإن تفسيرية ويحتمل أنها مصدرية أي لأجل أن كذب في الدنيا، "افرشوه من النار" والفاء زائدة، ولم يقل عبدي كما في المؤمن إهانة له، وقد قال تعالى: {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} (¬1)، "يقيض" أي يقرر له لتعذيبه، "أعمى أبكم" أي من لا ينظر إليه ولا ¬

_ (¬1) سورة محمد: آية (11).

باب في ذكر الميزان

حَرِّهَا وَسَمُومِهَا» قَالَ: «وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ» زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ قَالَ: «ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا» قَالَ: «فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا» قَالَ: «ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ». 4754 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا الْمِنْهَالُ، عَنْ أَبِي عُمَرَ زَاذَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ. بَابٌ فِي ذِكْرِ الْمِيزَانِ 4755 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكِ؟ » قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا: عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} === يرحمه ولا يسمع كلامه، ولا يلتفت إليه، "مرزبة" قيل: المحدثون يشددون الباء والصواب تخفيفهما، "فلا يذكر أحد أحدًا" ظاهره عموم هذه الحالة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام أيضًا، بل ظاهر الكلام مسوق فيه - صلى الله عليه وسلم -، وكونهم على بينة من الله لا ينافيه، فإن غلبة الخوف تنسي حقيقة الأمر، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بغيرهم والله تعالى أعلم.

باب في الدجال

حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ " قَالَ: يَعْقُوبُ، عَنْ يُونُسَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ. بَابٌ فِي الدَّجَّالِ 4756 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ بَعْدَ نُوحٍ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ الدَّجَّالَ قَوْمَهُ، وَإِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ»، فَوَصَفَهُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ «لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ مَنْ قَدْ رَآنِي وَسَمِعَ كَلَامِي» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، === بَابٌ فِي الدَّجَّالِ 4756 - "بعد نوح" إلخ، لعل إنذار من بعد نوح أشد وأكثر عن إنذار نوح، فلذا قيل بعد نوح، وعلى هذا فمعنى "قد أنذر" أي بالغ في الإنذار، فلا منافاة بينه وبين الحديث الآتي، وكان إنذارهم تعظيم لفتنة وتقريب بها وبيان منهم أن وقتها غير معلوم عندهم بالتعيين، وعليه يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولعله سيدركه" إلخ، على أنَّه في رواية الترمذي (¬1)، أو سمع هديي فيحتمل أن الواو في رواية المصنف بمعنى أو، فيمكن أن يحمل على سماعه أعم من أن يكون بلا واسطة أو بواسطة، فيكون المراد بقاء كلامه - صلى الله عليه وسلم - إلى حين ظهور الدجال، وحمله بعضهم على الخضر - عليه السلام -، وقال: وفيه دليل على حياته، وقوله: أو خير، قال ابن العربي في شرح الترمذي ما يفيد أنَّه سهو من الرواة وإن رواه المستورون، فإن القلوب لم تكن عند مفارقة ¬

_ (¬1) الترمذي في الفتن (2234)، وقال: حسن غريب من حديث أبي عبيدة.

باب في [قتل] الخوارج

كَيْفَ قُلُوبُنَا يَوْمَئِذٍ؟ أَمِثْلُهَا الْيَوْمَ؟ قَالَ: «أَوْ خَيْرٌ». 4757 - حَدَّثَنَا مَخْلَدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، فَذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: " إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ. بَابٌ فِي [قَتْلِ] الْخَوَارِجِ 4758 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَمَنْدَلٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ وَهْبَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ». === النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المنازل كهي بحضرته ولا بعد موته للخطة كهي عند ظهور الفتن، وقد قال أنس: ما نفضنا أيدينا من تربة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى أنكرنا قلوبنا. اهـ. قلت: يمكن حمله على الخيرية من وجه فإن الثبات على الإيمان مع وجود تلك الفتنة لا يساويه الثبات عند ظهور المعجزات، والخيرية من وجه لا تنافيها الخيرية في وقته - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة، والناظر في الأحاديث يعرف أن هذا حق لا بد من اعتباره في كثير من الأحاديث والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي [قَتْلِ] الْخَوَارِجِ 4758 - "ربقة الإِسلام" قال الخطابي: الربقة ما يجعل في عنق الدابة كالطوق يمسكها لئلا تشرد، يقول من خرج عن طاعة الجماعة أو فارقهم في الأمر المجمع عليه فقد ضل وهلك، فكأنه كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 334).

4759 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ وَهْبَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ وَأَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي يَسْتَأْثِرُونَ بِهَذَا الْفَيْءِ؟ » قُلْتُ: إِذَنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ أَضَعُ سَيْفِي عَلَى عَاتِقِي ثُمَّ أَضْرِبُ بِهِ حَتَّى أَلْقَاكَ، أَوْ أَلْحَقَكَ، قَالَ: «أَوَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ تَصْبِرُ حَتَّى تَلْقَانِي». 4760 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ تَعْرِفُونَ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ أَنْكَرَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ هِشَامٌ «بِلِسَانِهِ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا نَقْتُلُهُمْ؟ قَالَ ابْنُ دَاوُدَ: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا مَا صَلَّوْا». 4761 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ ضَبَّةَ بْنِ مِحْصَنٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: «فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ» قَالَ قَتَادَةُ: «يَعْنِي مَنْ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ، وَمَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ». === 4760 - "ما صلوا" أي ما داموا يظهرون الإسلام.

باب في قتال الخوارج

4762 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «سَتَكُونُ فِي أُمَّتِي هَنَاتٌ، وَهَنَاتٌ، وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ». بَابٌ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ 4763 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، أَنَّ عَلِيًّا ذَكَرَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ فَقَالَ: «فِيهِمْ رَجُلٌ مُودَنُ الْيَدِ، أَوْ مُخْدَجُ الْيَدِ، أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ، لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَنَبَّأْتُكُمْ مَا وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْهُ؟ قَالَ: قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. 4764 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي === 4762 - "هنات" أي شرور وفساد. بَابٌ فِي قِتَالِ الْخَوَارِجِ 4763 - "مودن اليد أو مخدج اليد" كلاهما على وزن اسم مفعول أي من الأفعال ومعناه القصير اليد أو مثدون اليد بمثلثة ودال مهملة صغير اليد مجتمعها، "والمثدون" الناقص الخلق، وقيل: أصله المثنود بتقديم النون على الدال، أي يشبه ثندوه الثدي، وهي رأسه، فقدم الدال على النون. 4764 - "بذهيبة" تصغير ذهب، "غاير العينين"، أي داخلها إلى القعر،

نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ بَيْنَ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ، ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ، وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ قَالَ: فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ وَقَالَتْ: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ» قَالَ: فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقٌ قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ، أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي؟ ‍» ‍قَالَ: فَسَأَلَ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، قَالَ: فَمَنَعَهُ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا، قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ قَتَلْتُهُمْ قَتْلَ عَادٍ». 4765 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَمُبَشِّرٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيَّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: يَعْنِي الْوَلِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ === "مشرف الوجنتين" أي مرتفعهما، وكذا "ناتئ الجبين" أي مرتفعه، "إن من ضئضئي" بكسر ضادين وسكون الهمزة الأولى أي من قبيلته، "يمرقون" أي يخرجون من الرمية بفتح الراء وتشديد الياء وهي التي يرميها الرامي من الصيد. 4765 - "على فوقه" بضم الفاء مدخل الوتر قيل: هو تعليق بالمحال، علق

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: «التَّحْلِيقُ». 4766 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ قَالَ: «سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ، وَالتَّسْبِيدُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: التَّسْبِيدُ: اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ. 4767 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي، وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّمَا الْحَرْبُ خَدْعَةٌ، === رجوعهم إلى اليدين رجوع السهم إلى ما خرج من الوتر. 4766 - "والتسبيد" أي استقبال الشعر بالحلق وغيره، "ما ينموهم" من أنام أي جعله نائمًا، والمراد أي اقتلوهم. 4767 - "من خير قول البرية" أي يتكلمون ببعض الأقوال التي هي من خيار

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 4768 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ، أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَتْ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ شَيْئًا، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ شَيْئًا، وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ شَيْئًا، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَتْ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ» أَفَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؟ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو === أقوال الناس. 4768 - "مثل حلمة الثدي" بفتحتين أي رأسه، "سرح الناس" أي مرعيهم، "فوحشوا برماحهم" أي رموا بها على بعد، "وشجرهم" أي دافعوهم بالرماح

أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ، وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ، فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: " فَنَزَّلَنِي زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا مَنْزِلًا، حَتَّى مَرَّ بِنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ، قَالَ: فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا السُّيُوفَ مِنْ جُفُونِهَا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ، قَالَ: فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ، وَاسْتَلُّوا السُّيُوفَ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ، قَالَ: وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضِهِمْ، قَالَ: وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ " فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ، فَلَمْ يَجِدُوا، قَالَ: فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ، حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ، فَكَبَّرَ، وَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: إِي وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلَاثًا، وَهُوَ يَحْلِفُ. 4769 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَضِيءِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَام اطْلُبُوا الْمُخْدَجَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَاسْتَخْرَجُوهُ مِنْ تَحْتِ الْقَتْلَى فِي طِينٍ قَالَ أَبُو الْوَضِيءِ: «فَكَأَنِّي === وكفوهم عن أنفسهم بها. 4769 - "قريطق" تصغير قرطق (¬1)، وهو القباء معرب، "كرته" وقد تضم ¬

_ (¬1) لسان العرب (10/ 323).

باب في قتال اللصوص

أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَبَشِيٌّ عَلَيْهِ قُرَيْطِقٌ لَهُ إِحْدَى يَدَيْنِ، مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا شُعَيْرَاتٌ مِثْلُ شُعَيْرَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى ذَنَبِ الْيَرْبُوعِ». 4770 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: «إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُخْدَجُ لَمَعَنَا يَوْمَئِذٍ فِي الْمَسْجِدِ، نُجَالِسُهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَكَانَ فَقِيرًا، وَرَأَيْتُهُ مَعَ الْمَسَاكِينِ يَشْهَدُ طَعَامَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام مَعَ النَّاسِ وَقَدْ كَسَوْتُهُ بُرْنُسًا لِي» قَالَ أَبُو مَرْيَمَ: «وَكَانَ الْمُخْدَجُ يُسَمَّى نَافِعًا ذَا الثُّدَيَّةِ، وَكَانَ فِي يَدِهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، عَلَى رَأْسِهِ حَلَمَةٌ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيْهِ شُعَيْرَاتٌ مِثْلُ سِبَالَةِ السِّنَّوْرِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ اسْمُهُ حَرْقُوسُ». بَابٌ فِي قِتَالِ اللُّصُوصِ 4771 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ». === الطاء. 4770 - "مثل سيالة السنور" السبالة بكسر السين قيل: السبلة بفتحتين الشارب وجمعه السبال. * * *

4772 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ يَعْنِي أَبَا أَيُّوبَ الْهَاشِمِيَّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». "آخر كتاب السنة" * * *

36 - كتاب الأدب

كِتَاب الْأَدَبِ بَابٌ فِي الْحِلْمِ وَأَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4773 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ الشُّعَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ، حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ === كِتَاب الْأَدَبِ بَابٌ فِي الْحِلْمِ وَأَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل: الأدب حسن التناول، وقيل: مراعاة كل شيء، وقيل: هو استعمال ما يحمل قولًا وفعلًا، وقيل: الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع الحسنات، وقيل: تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك، وقيل: حسن الأخلاق والله تعالى أعلم. 4773 - "من أحسن الناس خلقًا" بضمتين أو سكون الثاني، وهذا الذي قاله أنس حق، وكيف لا وقد مدحه الرب الجليل جل جلاله بذلك فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬1) فما أعظم ما عظمه الرب العظيم تعالى شأنه، "فقلت والله لا أذهب" ظاهره أنه قال له - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام وعليه حمله شراح الحديث، ويرد عليه أنه كيف خالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرًا، وكيف حلف بالله تعالى كاذبًا، وكيف ¬

_ (¬1) سورة القلم: آية (4).

يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِضٌ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ اذْهَبْ حَيْثُ أَمَرْتُكَ» قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ تِسْعَ سِنِينَ، مَا عَلِمْتُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُ: لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا. 4774 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَا غُلَامٌ لَيْسَ كُلُّ أَمْرِي كَمَا يَشْتَهِي صَاحِبِي أَنْ أَكُونَ عَلَيْهِ مَا قَالَ لِي فِيهَا أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِي لِمَ فَعَلْتَ هَذَا أَوْ أَلَّا فَعَلْتَ هَذَا». 4775 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ === حمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على الذهاب بعد أن حلف أنه لا يذهب؟ ! ، وأجاب في بعض الشروح عن بعض هذه الإيرادات بجواب يصلح جوابًا عن الكل، فقال: إن هذا القول صدر عن أنس في صغره وهو غير مكلف. قلت: ويمكن أن يقال معنى قوله: فقلت إني حدثت به نفسي وألقى إليها الشيطان هذا القول بطريق الوسوسة على خلاف ما كان عليه العزم والله تعالى أعلم. "حتى أمره" قيل بالرفع والنصب، قال الطيبي: هو حكاية للحال الماضية أو حتى بمعنى كي، "قال أنس" إلخ، فيه من بيان عظيم خلقه ما لا يسعه طاقة الشر والله تعالى أعلم. 4775 - "فجبذه" في القاموس الجبذ الجذب وليس مقلوبة في لغة صحيحة

هِلَالٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ، يُحَدِّثُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَهُوَ يُحَدِّثُنَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ يُحَدِّثُنَا، فَإِذَا قَامَ قُمْنَا قِيَامًا حَتَّى نَرَاهُ قَدْ دَخَلَ بَعْضَ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِ، فَحَدَّثَنَا يَوْمًا فَقُمْنَا حِينَ قَامَ، فَنَظَرْنَا إِلَى أَعْرَابِيٍّ قَدْ أَدْرَكَهُ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ فَحَمَّرَ رَقَبَتَهُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ رِدَاءً خَشِنًا، فَالْتَفَتَ، فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: احْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ فَإِنَّكَ لَا تَحْمِلُ لِي مِنْ مَالِكَ وَلَا مِنْ مَالِ أَبِيكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَا أَحْمِلُ لَكَ حَتَّى تُقِيدَنِي مِنْ جَبْذَتِكَ الَّتِي جَبَذْتَنِي» فَكُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: وَاللَّهِ لَا أُقِيدُكَهَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا رَجُلًا فَقَالَ لَهُ " احْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِيرَيْهِ هَذَيْنِ: عَلَى بَعِيرٍ شَعِيرًا، وَعَلَى الْآخَرِ تَمْرًا " ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: «انْصَرِفُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ تَعَالَى». === كما وهم الجوهري (¬1)، "فحمر" من التحمير أي جعلها حمراء، "أحمل لي" أعطني من الطعام وغيره ما أحمل عليهما، وهذا من عادة جفاة الأعراب وخشونتهم وعدم تهذيب أخلاقهم، "لا" أي لا أحمل من مالي وأستغفر الله من أن أعتقد ذلك، "لا أحملك"، أي لا أحمل لك كما في نسخة، "حتى تقيدني" من الإقادة، ولعل المراد الإخبار أنه لا يستحق أن يحمل بلا أخذ القود منه، وإلا فقد حمله بلا قود، وفيه دلالة على شرع القود للجبذة، "والله لا أقيدكها" كأنه أراد أنه إكمال كرمه يعفو اليتة، وفي أمثال هذه الأحاديث دليل على أنه لولا المعجزات إلا هذا الخلق كفى شاهدًا على النبوة والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) القاموس المحيط (ص 423) ط. الرسالة.

باب في الوقار

بَابٌ فِي الْوَقَارِ 4776 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا قَابُوسُ بْنُ أَبِي ظَبْيَانَ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ، وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ، وَالِاقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا 4777 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي === بَابٌ فِي الْوَقَارِ 4776 - "إن الهدي الصالح" الهدي بفتح هاء وتكسر وسكون دال وكذا الهدية الطريقة والسير، قال الخطابي: هدى الرجل حاله ومذهبه، وكذا "السمت" (¬1) بفتح فسكون فالعطف مثل عطف التفسير "والاقتصاد" التوسط بين الإفراط والتفريط وهو محمود في كل شيء، ومعنى كونها خبرًا من النبوة أنها جزء من فضائل الأنبياء أو جزء مما جاء به الأنبياء ودعوا الناس إليه، أو أن صاحبها يستحق أن يوقر ويعظم ويلبسه الله تعالى لباس التقوى على قدر هذا الجزء من النبوة، لو كانت النبوة ذات أجزاء وإلا فالنبوة لا تتجزأ وجعلها جزءًا من هذا العدد موكول إلى عامله لا دخل للرائي فيه والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا 4777 - "من كظم غيظًا" أي حبس نفسه عن إجراء مقتضاه، "ينفذه" من ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 106).

أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ، دَعَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: اسْمُ أَبِي مَرْحُومٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْمُونٍ. 4778 - حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ، عَنْ بِشْرٍ يَعْنِي ابْنَ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْوَهُ قَالَ: «مَلَأَهُ اللَّهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا» لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ «دَعَاهُ اللَّهُ» زَادَ «وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ» قَالَ بِشْرٌ: أَحْسِبُهُ قَالَ «تَوَاضُعًا» كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، وَمَنْ زَوَّجَ لِلَّهِ تَعَالَى تَوَّجَهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ. 4779 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، === الإنفاذ أي قادر على أن يأتي بمقتضاه؛ وفيه أنه إنما يحمد من القادر على إجراء مقتضاه، وغيره، "يكظم جبرًا" لكن إن ترك الانتقام لميل طبعه إلى المسامحة والتحمل حتى لو قدر لتركه أيضًا لا لعدم القدرة فهو ممن يرجى له ذلك والله تعالى أعلم. 4778 - "ومن زوج" أي من يحتاج إلى الزواج أهو على عموم، فلو زوج غير المحتاج يرجى له ذلك، لكن إذا كان راغبًا، وأما إذا كان قهرًا، فلا والله تعالى أعلم. 4779 - "الصرعة" بضم الصاد وفتح راء المبالغ في صراع الناس أي يطرحهم

باب ما يقال عند الغضب

عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟ » قَالُوا: الَّذِي لَا يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ قَالَ: «لَا، وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْغَضَبِ 4780 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَضِبَ أَحَدُهُمَا غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ أَنْفَهُ يَتَمَزَّعُ مِنْ شِدَّةِ غَضَبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُهُ مِنَ الْغَضَبِ؟ » فَقَالَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " قَالَ: «فَجَعَلَ مُعَاذٌ يَأْمُرُهُ، فَأَبَى وَمَحِكَ، وَجَعَلَ يَزْدَادُ غَضَبًا». 4781 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، === على الأرض، ويقال له صريع كأمير، والمراد أن القوي من يدفع نحسه التي هي أعدى عدو الإنسان عند قيامها لا من يرفع غيره، والمراد أنه الممدوح شرعًا لا أنه لا يطلق الاسم إلا عليه، وقيل من قبيل نقل الاسم والله تعالى أعلم. بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْغَضَبِ 4780 - "يتمزع" بزاي معجمة مشددة وعين مهملة أي يتشقق وينقطع، ومحك كمنع لج أي في الخصومة. 4781 - "هل ترى بي من جنون" أي هذا إنما يقوله المجنون، ولم ير أن هذا

عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا هَذَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَقَالَ الرَّجُلُ: هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ؟ . 4782 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ». 4783 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا ذَرٍّ، بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ. 4784 - حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ الْقَاصُّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ === هو عين الجنون. 4782 - "فليجلس"، الظاهر أن له تأثيرًا عاديًا في رفع الغضب وهو غير بعيد، فإن الأرض أصل الإنسان وهي في السكون في كل الأحوال كالعلم؛ وقال الخطابي: يشبه أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بالجلوس ثم الاضطجاع؛ لأن القائم أقرب إلى الحركة والبطش، والقاعد دونه، والمضطجع ممنوع منها فربما بالقيام يخاف عليه ما يصير سببًا للندامة بعده، فأمره بالقعود ونحوه لذلك والله تعالى أعلم (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 108).

باب [في] التجاوز في الأمر

السَّعْدِيِّ، فَكَلَّمَهُ رَجُلٌ فَأَغْضَبَهُ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ تَوَضَّأَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ». بَابٌ [فِي] التَّجَاوُزِ فِي الْأَمْرِ 4785 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، === بَابٌ [فِي] التَّجَاوُزِ فِي الْأَمْرِ 4785 - "ما خير" على بناء المفعول من التخيير، قيل: أبهم الفاعل ليشمل ما يكون عن قبل: المخلوقين وما يكون من قبل الله تعالى فيتصور أن يكون بين شيئين أحدهما إثم، وقيل: إن التخيير عن الكفار والمنافقين، فكون أحدهما إثمًا ظاهر، وإن كان من المسلمين فمعناه ما لم يؤد إلى إثم كالتخيير في الاجتهاد والاقتصاد، فإن المجاهدة بحيث يقضي إلى الهلاك لا يجوز لنفسه أي لانتصار نفسه، "إلا أن ينتهك" على بناء المفعول أي إلا إذا كان أحد بالغ في خرق محارم الشرع في ضمن إيذائه فينتصر لنفسه، لكن في ضمن الانتقام لله بأن يجعل القصد الأصلي ذلك، فالاستثناء متصل، أن يأخذ العفو من أخلاق يريد ليس المراد خذ الزايد من أموال الناس في الصدقات والزكاة على العفو بمعنى الفضل، بل المراد خذ العفو

باب في حسن العشرة

إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا». 4786 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا وَلَا امْرَأَةً قَطُّ». 4787 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ، فِي قَوْلِهِ {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] قَالَ: «أُمِرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ». بَابٌ فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ 4788 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ يَعْنِي الْحِمَّانِيَّ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَغَهُ عَنِ الرَّجُلِ الشَّيْءُ لَمْ يَقُلْ: مَا بَالُ فُلَانٍ يَقُولُ؟ وَلَكِنْ يَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا؟ . === الذي هو من جملة أخلاقهم والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي حُسْنِ الْعِشْرَةِ بكسر عين وسكون شين معجمة الصحبة. 4788 - لم يقل ما بال فلان احترازًا عن المواجهة بالمكروه من حصول المطلوب بدونه، فإن قلت كيف يصح الجمع في قوله: "ما بال أقوام" قلت: يكفيه الفرض أن يغسل، ذا إشارة إلى أثر الصفرة وضمير (عنه) للرجل.

4789 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلْمٌ الْعَلَوِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا، دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يُوَاجِهُ رَجُلًا فِي وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: «لَوْ أَمَرْتُمْ هَذَا أَنْ يَغْسِلَ ذَا عَنْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «سَلْمٌ لَيْسَ هُوَ عَلَوِيًّا، كَانَ يُبْصِرُ فِي النُّجُومِ، وَشَهِدَ عِنْدَ عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَلَمْ يُجِزْ شَهَادَتَهُ». 4790 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ فُرَافِصَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَاهُ جَمِيعًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ». 4791 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ === 4790 - "المؤمن غر" بكسر غين معجمة وتشديد راء مهملة هو الذي لا يعرف الشر أو يتغافل عنه إلى الخير، "كريم" أي شريف الأخلاق، "وخب" بفتح الخاء وتكسر وتشديد الباء الخدّاع الذي يسعى بين الناس بالفساد، لئيم سيئ الأخلاق، والحديث قد أخرجه المصنف بطريقين وذكر له السيوطي طريقًا آخر في حاشيته الترمذي، فهو لا ينزل عن درجة الحسن فالحكم بوضعه خطأ من قائله والله تعالى أعلم. 4791 - "بئس ابن العشيرة" (¬1) لم يقل على وجه الاغتياب بل النصيحة من ¬

_ (¬1) في سنن أبي داود "أخو".

عَائِشَةَ، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «بِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ»، أَوْ «بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ»، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ» فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ وَقَدْ قُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ، قَالَ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ، أَوْ تَرَكَهُ، النَّاسُ لِاتِّقَاءِ فُحْشِهِ». 4792 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْروٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمَّا اسْتَأْذَنَ قُلْتَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطْتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ». 4793 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَتْ: فَقَالَ تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ الَّذِينَ يُكْرَمُونَ اتِّقَاءَ أَلْسِنَتِهِمْ». === لم يكن عالمًا بحاله، أو أنه كان مجاهرًا بالشر، فلا غيبة لمثله من تركه الناس، أي فلا أكون كذلك، وإن هذا الرجل منهم فينبغي ترك التعرض له، والرواية الثانية تؤيد هذا المعنى والله تعالى أعلم. 4792 - "المتفحش" المتكلف به، فإذا اجتمع الطبع مع التكلف كان إثمًا.

باب في الحياء

4794 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ، أَخْبَرَنَا مُبَارَكٌ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُنَحِّي رَأْسَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يُنَحِّي رَأَسَهُ، وَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَتَرَكَ يَدَهُ، حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ». بَابٌ فِي الْحَيَاءِ 4795 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الْإِيمَانِ». 4796 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَثَمَّ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ، أَوْ قَالَ: الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ " فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ إِنَّا نَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً، وَوَقَارًا، وَمِنْهُ ضَعْفًا، فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ وَأَعَادَ بُشَيْرٌ الْكَلَامَ قَالَ: فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَقَالَ: «أَلَا أُرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ === 4794 - "التقم" أي وضع فمه عليه بحيث صار الإذن كاللقمة له "فينحَّى" بالتشديد أي يبعد. بَابٌ فِي الْحَيَاءِ 4796 - "ضعفًا" كالحياء الذي يمنع عن طلب العلم ونحوه، لكن ذاك غير

باب في حسن الخلق

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِي عَنْ كُتُبِكَ» قَالَ: قُلْنَا يَا أَبَا نُجَيْدٍ: إِيهٍ إِيه. 4797 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ». بَابٌ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ 4798 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي الْإِسْكَنْدَرَانِيَّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ». === مندرج في الحياء شرعًا، فلا إشكال في كون الحياء خيرًا كله. 4797 - "إذا لم تستحي" بحذف إحدي اليائين للجزم وإبقاء الثانية مكسورة، وقوله: "فاصنع ما شئت" (¬1) أن الحياء هو المانع من ارتكاب الشرور، فالحياء من الله يمنع من القبائح الدنية، ومن الناس يمنع من القبائح العادية، فإذا فقد الحياء لا يبالي المرء بما يفعل، فالأمر بمعنى الخبر، وقيل: المراد أنه لا بد للمرء من النظر فيما يفعل فإن كان أمرًا لا يستحي منه، فليفعل وإلا فليدع، وقل: هو وعيد كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (¬2) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) في أبي داود "فافصل". (¬2) سورة فصلت: آية (40).

باب في حسن الخلق

4799 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ عَطَاءٍ الْكَيْخَارَانِيِّ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ» قَالَ: أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الْكَيْخَارَانِيَّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَهُوَ عَطَاءُ بْنُ يَعْقُوبَ وَهُوَ خَالُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ يُقَالُ: كَيْخَارَانِيٌّ وَكَوْخَارَانِيٌّ. 4800 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ». === بَابٌ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ 4799 - " من حسن الخلق"، فإنه به يعامل مع الله تعالى أحسن ما يكون ومع الخلق كذلك. 4800 - "زعيم" أي ضامن، "ببيت" بقصر، "في مربض الجنة" بفتحتين أي حوالي الجنة وأطرافها لا في وسطها، وليس المراد خارجًا عن الجنة كما قيل فتأمل والله تعالى أعلم. "ترك المراء" أي الجدال خوفًا من أن يقع صاحبه في اللجاج في الباطل.

باب في كراهية الرفعة في الأمور

4801 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الْجَوَّاظُ وَلَا الْجَعْظَرِيُّ» قَالَ: وَالْجَوَّاظُ: الْغَلِيظُ الْفَظُّ. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الرِّفْعَةِ فِي الْأُمُورِ 4802 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لَا تُسْبَقُ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ فَسَابَقَهَا، فَسَبَقَهَا الْأَعْرَابِيُّ فَكَأَنَّ ذَلِكَ شَقَّ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ». === 4801 - "الجواظ" بفتح جيم وتشديد واو وبمعجمة الجموع المنوع، وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته، وقيل: القصير البطين، والمراد بالبطين من همته البطن لا الذي خلقه الله تعالى كذلك من غير سعي منه، و"الجعظري" بفتح جيم وسكون عين بعدها معجمة مفتوحة الفظَّ الغليظ المتكبر، وقد سبق تأويلات مثل هذه الأحاديث مرارًا. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الرِّفْعَةِ فِي الْأُمُورِ 4802 - "لا تسبق" على بناء المفعول أي لا تسبقها في الجري ناقة أخرى أو جمل أخرى، "على قعود" بفتح القاف هو من الإبل ما أمكن أن يركب وأدناه أن يكون سنتان إلى السنة السادسة. وقيل: هو ما يعده الرجل للركوب، والجمل والأنثى قعودة بالتاء.

باب في كراهية التمادح

4803 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ». بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ 4804 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَأَثْنَى عَلَى عُثْمَانَ فِي وَجْهِهِ، فَأَخَذَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ تُرَابًا فَحَثَا فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا لَقِيتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ». 4805 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَثْنَى عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا مَدَحَ === 4803 - "أن لا يرفع شيء" على بناء المفعول أي لا يرفعه الناس إلا وضعه الله، وفي نسخة شيئًا بالنصب وهو بعيد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ 4804 - "المداحين" هم الذين عادتهم مدح الناس لتحصيل المال والجاه لديهم، وأما المدح على الفعل الحسن تحريضًا على الاقتداء به، فليس منه، ذكره الخطابي وقال في قوله: "فاحثوا" إلخ، أنه استعمله المقدار على ظاهره وقد يؤول بالحرمان والخيبة أي فلا تعطوهم (¬1). ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 111).

باب في الرفق

أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: إِنِّي أَحْسِبُهُ، كَمَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ، وَلَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ. 4806 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ أَبِي: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، فَقَالَ: «السَّيِّدُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا، فَقَالَ: «قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ». بَابٌ فِي الرِّفْقِ 4807 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يُونُسَ، وَحُمَيْدٍ، عَنِ === 4806 - "السيد الله" أي هو الحقيق بهذا الاسم، فإن الخلق كلهم عبيده، قيل: إنما منعهم مع قوله: "أنا سيد ولد آدم"؛ لأنهم كانوا يتخذون رؤوسًا يتعدون الحدود في تعظيمهم فخاف أن يتخذوا النبوة كذلك. "طولًا" بفتح الطاء أي جاهًا وعزًّا، بقولكم أي بقول أهل دينكم، وهو أنه نبي رسول، أو بعض قولكم وهو القول بأنه رسول أو نبي، ودعوا الباقي ولا يستجرينكم أي يتخذنكم جريًا، والجري الوكيل، ويقال الأجير أي لا يستعملكم الشيطان فيما يريد من التعظيم للمخلوق بمقدار لا يجوز. بَابٌ فِي الرِّفْقِ 4807 - "رفيق" أي يعامل الناس بالرفق واللطف ويكلفهم بقدر الطاقة،

الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ: يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ. 4808 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْبَدَاوَةِ، فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو إِلَى هَذِهِ التِّلَاعِ، وَإِنَّهُ أَرَادَ الْبَدَاوَةَ مَرَّةً فَأَرْسَلَ إِلَيَّ نَاقَةً مُحَرَّمَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِي: «يَا عَائِشَةُ، ارْفُقِي فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ» قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ فِي حَدِيثِهِ: مُحَرَّمَةٌ يَعْنِي لَمْ تُرْكَبْ. 4809 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ === "يحب الرفق من العبد" ويعطي عليه من جزيل الثواب، "على العنف" بضم فسكون ضد الرفق أي من يدعو الناس إلى الهدى برفق وتلطف خير من الذي يدعو بعنف وشدة إذا كان المحل يقبل الأمرين، وإلا يتعين ما يقبله المحل والله تعالى أعلم يحقيقة الحال. 4808 - "عن البداوة" بفتح الباء وكسرها أي الخروج إلى البادية، "التلاع" بكسر التاء أي مسائل الماء من علو إلى أسفل، "محَرمة" بفتح الراء المشددة، "ارفقي" من باب نصر. 4809 - "من يحرم الرفق" على بناء المفعول بالجزم لكون (من) شرطية أو

باب في شكر المعروف

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُحْرَمُ الرِّفْقَ يُحْرَمُ الْخَيْرَ كُلَّهُ». 4810 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: الْأَعْمَشُ وَقَدْ سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ الْأَعْمَشُ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ». بَابٌ فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ 4811 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ === بالرفع على أنها موصولة، "التؤدة" أي التأني وترك التعجل. بَابٌ فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ 4811 - "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" المشهور رواية نصب لفظ الجلالة والناس، والمعنى من فاته شكر من جرت النعمة على يده من الناس، فلم يأت بشكره تعالى على الوجه الذي أمر به، وذلك لأن المعطي حقيقة هو الله فهو المستحق للشكر، وقد أمر بشكر من جرت النعمة على يده فصار شكره من شكر الله تعالى، فمن تركه وأخل به، فقد أخل بشكر الله تعالى ولم يأت بشكره على الوجه الذي أمر به، أو المعنى أن من لا تعظم النعمة عنده حتى يشكر من جرت على يده من الناس لا يشكر معطيها الحقيقي أيضًا، أو من جرت عادته في التسامح في شكر الناس يسامح الناس يسامح عادة في شكر الله تعالى، والأول أوجه والله تعالى أعلم.

بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ». 4812 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَتِ الْأَنْصَارُ بِالْأَجْرِ كُلِّهِ قَالَ: «لَا مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ». === وقال ابن العربي روي الحديث برفعهما أيضًا والمعنى من لم يشكره الناس لا يشكره الله يرجع إلى حديث: "من أثنيتم عليه خيرًا"، "وأنتم شهداء الله" (¬1)، ونحو ذلك، قال: وروي برفع الأول ونصب الثاني أيضًا والمعنى عليه: من فاته شكر الناس لا يشكره الله ولا يثني عليه كما أثنى على المحسنين في كتابه، قال: وروي بعكسه والمعنى من لم يشكره الناس لا يشكر الله وهذا المعنى لا يخلو عن بعد، إلا أن يؤول على العلم من لم يشكره الناس يعلم أنه ما شكر الله، فإنه لو شكره شكره الناس فعدم شكرهم دليل على أنه غير شاكر الله تعالى، فافهم والله تعالى أعلم. 4812 - "بالأجر كله" أي بأجر عملهم وعملنا؛ لأن ما نتفرغ للعمل إلا بواسطة إحسانهم، "فوجد" أي ما يصلح أن يكون، "جزا من أبلي" على بناء المفعول أي: أعطي عطاء. ¬

_ (¬1) البخاري في الجنائز (1367)، ومسلم في الجنائز (949)، والترمذي في الجنائز (1058)، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي في الجنائز (4/ 50) حديث رقم (1932)، وابن ماجه في الجنائز (1492)، وأحمد في مسنده (2/ 261، 266 - 3/ 179، 186، 245، 281).

باب في الجلوس في الطرقات

4813 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، مِنْ قَوْمِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ شُرَحْبِيلُ يَعْنِي رَجُلًا مِنْ قَوْمِي كَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ فَلَمْ يُسَمُّوهُ». 4814 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أُبْلِيَ بَلَاءً فَذَكَرَهُ، فَقَدْ شَكَرَهُ، وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ». بَابٌ فِي الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقَاتِ 4815 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ === بَابٌ فِي الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقَاتِ 4815 - "ما لنا بد" إلخ، لم يريدوا رد النهي وإنكاره، وإنما أرادوا عرض حاجتهم، وأنها هل تصلح للتخفيف أم لا، "حتى أجلس إليك" فعلم أن الجلوس للحاجة جائزة، "فليقم" قال البيهقي: وقد جاء النهي عن هذا الجلوس، "في بريدة" مرفوعًا وهذا يحتمل أن يكون أراد كيلا يتأذى بحرارة الشمس كما في الحديث الثاني في هذا الباب، وقد جاء من أبي هريرة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدًا في فناء الكعبة بعضه في الظل وبعضه في الشمس،

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بُدَّ لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ». 4816 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: «وَإِرْشَادُ السَّبِيلِ». 4817 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ ابْنِ حُجَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ «وَتُغِيثُوا الْمَلْهُوفَ وَتَهْدُوا الضَّالَّ». === وقد جاء عن أبي هريرة برواية ابن المنكدر عنه قال: "إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه فليقم، فإنه مجلس الشيطان"، وعن إسماعيل بن إبراهيم قال: سمعت ابن المنكدر يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة، وكنت جالسًا في الظل وبعضي في الشمس، فقمت حين سمعته، فقال ابن المنكدر: اجلس لا بأس عليك إنك هكذا جلست، وفي هذا الذي ذكره ابن المنكدر جمع بين الحديثين، وحمل للنهي على ظاهره (¬1) والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى (3/ 236، 237).

باب في سعة المجلس

4818 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بِنِ الطَّبَّاعِ، وَكَثِيرُ بْنُ عُبَيدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، قَال ابْنُ عِيسَى: قَال: حَدَّثَنَا حُمَيدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي إِلَيكَ حَاجَةً فَقَال لَهَا: "يَا أُمَّ فُلَانٍ اجْلِسِي فِي أَيِّ نَوَاحِي السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَجْلِسَ إِلَيكِ" قَال: فَجَلَسَتْ فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَيهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا لَمْ يَذْكُرُ ابْنُ عِيسَى حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا، وَقَال كَثِيرٌ، عَنْ حُمَيدٍ، عَنْ أَنَسٍ. 4819 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيءٌ بِمَعْنَاهُ. بَابٌ فِي سَعَةِ الْمَجْلِسِ 4820 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "خَيرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا" قَال أَبُو دَاوُدَ: "هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ". بَابٌ فِي الْجُلُوسِ بَينَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ 4821 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَمَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَال: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ، يَقُولُ: قَال أَبُو الْقَاسِمِ

باب في التحلق

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الشَّمْسِ»، وَقَالَ مَخْلَدٌ: «فِي الْفَيْءِ فَقَلَصَ عَنْهُ الظِّلُّ، وَصَارَ بَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ، وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ فَلْيَقُمْ». 4822 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ جَاءَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، فَقَامَ فِي الشَّمْسِ، «فَأَمَرَ بِهِ فَحُوِّلَ إِلَى الظِّلِّ». بَابٌ فِي التَّحَلُّقِ 4823 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ». === بَابٌ فِي الْجُلُوسِ بَينَ الظِّلِّ وَالشَّمْسِ 4822 - " فحول" على بناء المفعول من التحويل، وكأنه كان رجلًا ثقيلًا، فأعانه غيره والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي التَّحَلُّقِ 4823 - "حلق" بكسر حاء وفتح لام جمع الحلقة مثل القصعة وهي جماعة من الناس مستديرون، والتحلق تفعُّل منها وهو أن يتعمدوا ذلك، وذكر الجوهري أن جمع الحلقة حلق بفتح الحاء، وحكي أن الواحد حلقة بفتحتين ورد بأن الذي بفتحتين جمع حالق (¬1)، "عزين" متفرقين لا يجمعكم مجلس واحد. ¬

_ (¬1) مختار الصحاح ص (149، 150)، مادة "حلق".

باب الجلوس وسط الحلقة

4824 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا قَالَ: كَأَنَّهُ يُحِبُّ الْجَمَاعَةَ. 4825 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ، وَهَنَّادٌ، أَنَّ شَرِيكًا، أَخْبَرَهُمْ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي». بَابٌ الْجُلُوسِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ 4826 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسْطَ الْحَلْقَةِ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ 4827 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، === بَابٌ الْجُلُوسِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ 4836 - "لعن من جلس وسط الحلقة" يستدير بعضهم بظهره، فيؤذيهم فيستحق السب واللعن، وقال الخطابي: هذا محمول على من يأتي الحلقة فيتخطى رقابهم ويقعد وسطها ولا يقعد حيث ينتهي به المجلس فلعن للأذى، ويحتمل أن اللعن؛ لأنه يصير حائلًا بين الوجوه وحاجبًا للبعض عن البعض، فيتضررون بمكانه وبمقعده هناك (¬1). بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ 4827 - "في شهادة" أي لأداء شهادة، "نهى عن ذا" أي عن أن يقوم أحد ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 114).

باب من يؤمر أن يجالس

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، مَوْلَى آلِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَنَا أَبُو بَكْرَةَ فِي شَهَادَةٍ فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ وَقَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ ذَا، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ يَدَهُ بِثَوْبِ مَنْ لَمْ يَكْسُهُ». 4828 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْخَصِيبِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ فِيهِ فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو الْخَصِيبِ اسْمُهُ: زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. بَابُ مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجَالِسَ 4829 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ === من مجلسه ليجلس غيره، كأنه أراد الإشارة إلى أن اللائق هو الجلوس حيث ينتهي به المجلس، "بثوب من لم يكسه" ضمير الفاعل للرجل والمفعول لمن أي نهى عن مسح يده الملطخة بنحو طعام بمنديل أجنبي، بل يمسح بمنديل نفسه أو بمنديل من ألبسه الثوب كغلامه وابنه. بَابُ مَنْ يُؤْمَرُ أَنْ يُجَالِسَ 4829 - "مثل الأترجة" بضم همزة فسكون مثناة من فوق وضم راء مهملة

كَمَثَلِ التَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مَرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْهُ شَيْءٌ أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ، وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ، إِنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْ سَوَادِهِ أَصَابَكَ مِنْ دُخَانِهِ». 4830 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ الْأَوَّلِ إِلَى قَوْلِهِ «وَطَعْمُهَا مُرٌّ» وَزَادَ ابْنُ مُعَاذٍ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ مَثَلَ جَلِيسِ الصَّالِحِ، وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. 4831 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُبَيْلِ بْنِ عَزْرَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ» فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 4832 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ غَيْلَانَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ === وتشديد جيم، ويقال له الأترنجة وتُرنجة وهي من أفضل الثمار لكبر جرمها وطيب طعمها وحسن منظرها ولين ملمسها وريحها طيب. 4832 - "إلا تقي" قال الخطابي: هذا في طعام الدعوة لا في طعام

أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ». 4833 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، وَأَبُو دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ». 4834 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ يَعْنِي ابْنَ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ». === الحاجة (¬1)، والمراد التحذير عن صحبة غير التقي، فإن الدعوة للطعام سبب الألفة والمودة ولا ينبغي ذلك إِلا مع التقي. 4833 - "الرجل على دين خليله" قد حقق الحافظ ابن حجر أن الحديث حسن، ورد على من زعم أنه موضوع، ونقل أنه حسنه الترمذي وصححه الحاكم (¬2). 4834 - "مجندة" أي مجموعة، قيل: أراد أنها حين خلقت قبل الأجساد كانت كذلك، فالأجساد التي فيها الأرواح تأتلف وتختلف على حسب ما عليه الأرواح من التشاكل والتنافر في مبدأ الخلقة، وقيل: المراد بالتعارف التقارب في الصفات وبالتناكر التفاوت والتباين والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 115). (¬2) الترمذي في الزهد (2378)، وقال: حسن غريب، وصححه الحاكم (4/ 171)، وقال: لم يخرجاه.

باب في كراهية المراء

بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْمِرَاءِ 4835 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا». 4836 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ قَائِدِ السَّائِبِ، عَنِ السَّائِبِ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيَّ وَيَذْكُرُونِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَا أَعْلَمُكُمْ» يَعْنِي بِهِ، قُلْتُ: صَدَقْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: كُنْتَ شَرِيكِي فَنِعْمَ الشَّرِيكُ، كُنْتَ لَا تُدَارِي، وَلَا تُمَارِي. بَابُ الْهَدْيِ فِي الْكَلَامِ 4837 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ === بَابٌ فِي كَرَاهِيَةِ الْمِرَاءِ أي الجدال الموجب للتفرق. 4836 - "لا تداري" بهمزة في آخره أو ياء منقلبة عنها أي لا تخالف ولا تمانع بصفة - صلى الله عليه وسلم - بحسن الخلق والسهولة في المعاملة، "ولا تماري" يريد المراء والخصومة. بَابُ الْهَدْيِ فِي الْكَلَامِ 4837 - "يكثر أن يرفع" كالمنتظر للوحي أو كالمتفكر في أمر.

عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا جَلَسَ يَتَحَدَّثُ يُكْثِرُ، أَنْ يَرْفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ». 4838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا، فِي الْمَسْجِدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: «كَانَ فِي كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْتِيلٌ، أَوْ تَرْسِيلٌ». 4839 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ، قَالَتْ: «كَانَ كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا فَصْلًا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ». 4840 - حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، قَالَ: زَعَمَ الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ قُرَّةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === 4840 - "كل كلام" أي ذي بال كما جاء في رواية، "بحمد الله" أي يذكره ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يكتفي في مر الثلاثة بالبسملة، أو المراد بالحمد إظهار صفات الكمال وهو حاصل في البسملة. "أجذم" المنقطع الأبتر الذي لا نظام له كاليد الجذماء المقطوعة، قال أبو داود: ميمون لم يدرك عائشة، ذكر النووي في شرح خطبة مسلم قال ابن الصلاح: فيما قاله أبو داود نظر، فإنه كوفي متقدم قد أدرك المغيرة بن شعبة، ومات المغيرة قبل عائشة، وعند مسلم التعاصر كاف مع إمكان التلاقي في ثبوت الإدراك، فلو ورد عن ميمون أنه قال لم ألق عائشة استقام لأبي داود الجزم بعد إدراكه

باب في الخطبة

وَسَلَّمَ: «كُلُّ كَلَامٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ يُونُسُ، وَعَقِيلٌ، وَشُعَيْبٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا. بَابٌ فِي الْخُطْبَةِ 4841 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيِادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ، فَهِيَ كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ». بَابٌ فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ 4842 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ الْيَمَانِ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، أَنَّ === وهيهات ذلك. اهـ. قلت: يحتمل أن مختار أبي داود ما هو مختار كثير من محققي أهل الحديث أنه لا بد في الإدراك من تحقيق اللقاء، ومذهب مسلم ليس فيه حجة عليه فيتأمل، قال النووي بعد نقله كلام ابن الصلاح. قلت: وحديث عائشة هذا قد رواه البزار في مسنده وقال: هذا الحديث لا يعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه موقوفًا وقد روي عن عائشة من غير هذا الوجه (¬1) اهـ. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح مسلم (1/ 19).

باب في الرجل يجلس بين الرجلين بغير إذنهما

عَائِشَةَ، مَرَّ بِهَا سَائِلٌ فَأَعْطَتْهُ كِسْرَةً وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَهَيْئَةٌ فَأَقْعَدَتْهُ فَأَكَلَ فَقِيلَ لَهَا فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَحَدِيثُ يَحْيَى مُخْتَصَرٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «مَيْمُونٌ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ». 4843 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا 4844 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَامِرٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ === بَابٌ فِي تَنْزِيلِ النَّاسِ مَنَازِلَهُمْ 4843 - " غير الغالي فيه ولا الجافي عنه" قيل: إنما قال ذلك؛ لأن من أخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور، "والغلوّ" التشديد ومجاوزة الحد، "والتجافي" البعد. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا 4844 - "بين رجلين" أي اللذين بينهما كلام أو يكون مقتضى حالهما ذلك،

باب في جلوس الرجل

جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُجْلَسْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا». 4845 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إِلَّا بِإِذْنِهِمَا». بَابٌ فِي جُلُوسِ الرَّجُلِ 4846 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَلَسَ احْتَبَى بِيَدِهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَيْخٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. 4847 - أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَريُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتَايَ، صَفِيَّةُ، === والله تعالى أعلم. 4845 - "لا يحل لرجل يفرق" هو فاعل لا يحل بتقدير أن يفرق، أو الجملة صفة رجل والفاعل ما يفهم من الكلام، أي فعله ذلك. بَابٌ فِي جُلُوسِ الرَّجُلِ 4847 - "القرفصاء" بضم القاف والفاء والمد، قال الخطابي: هي جلسة

باب في الجلسة المكروهة

وَدُحَيْبَةُ، ابْنَتَا عُلَيْبَةَ، قَالَ: مُوسَى بِنْتِ حَرْمَلَةَ وَكَانَتَا رَبِيبَتَيْ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ وَكَانَتْ جَدَّةَ أَبِيهِمَا أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُمَا أَنَّهَا، رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخْتَشِعَ وَقَالَ مُوسَى: الْمُتَخَشِّعَ، فِي الْجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ. بَابٌ فِي الْجِلْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ 4848 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا، وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِيَ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي، فَقَالَ: «أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟ ». بَابُ [النَّهْيِ عَنِ] السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 4849 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عَوْفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمِنْهَالِ، === المحتبي (¬1) بيديه لا بثوبه. بَابٌ فِي الْجِلْسَةِ الْمَكْرُوهَةِ 4848 - "على إلية يدي" الإلية اللحمة التي في أصل الإبهام، "المغضوب عليهم" المشهور أنهم اليهود، والقعدة بكسر القاف هيئة القعود. بَابُ [النَّهْيِ عَنِ] السَّمَرِ بَعْدَ الْعِشَاءِ 4849 - "عن النوم قبلها" لما فيه من خوف الجماعة في صلاة العشاء، ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 117).

باب [في] الرجل يجلس متربعا

عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النَّوْمِ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا 4850 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ تَرَبَّعَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسْنَاءَ». بَابٌ فِي التَّنَاجِي 4851 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْتَجِي اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ». === والحديث بعدها؛ لأنه يؤدي إلى الإكثار، فيؤدي إلى تفويت قيام الليل بل تفويت صلاة الصبح أيضًا، فذلك يحزنه؛ لأنه ربما يتوهم أن نجواهما فيه أو لأجل إخراجهما إياه عن الكراهة، وروي عن أبي عبيد قال: هذا في السفر وفي المواضع التي لا يأمن الرجل فيها علي نفسه، وأما في الحضر وبين ظهراني العمارة، فلا بأس به.

باب إذا قام من مجلس ثم رجع

4852 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ، قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَقُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ فَأَرْبَعَةٌ، قَالَ: «لَا يَضُرُّكَ». بَابٌ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ 4853 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَالِسًا، وَعِنْدَهُ غُلَامٌ فَقَامَ ثُمَّ رَجَعَ فَحَدَّثَ أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». 4854 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ الْحَلَبِيُّ، عَنْ تَمَّامِ بْنِ نَجِيحٍ، عَنْ كَعْبٍ الْإِيَادِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: أَبُو الدَّرْدَاءِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا جَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَامَ، فَأَرَادَ الرُّجُوعَ نَزَعَ نَعْلَيْهِ، أَوْ بَعْضَ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ، فَيَعْرِفُ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ === بَابٌ فِي التَّنَاجِي 4852 - " لا يضرك" لا سيناس الثالث بالرابع. بَابٌ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسٍ ثُمَّ رَجَعَ 4853 - "إذا قام من مجلس" أي على نية الرجوع إليه في ذلك الوقت وعلامة ذلك أن يترك بعض ما عليه في ذلك الموضع كما يفهم من الحديث الآتي والله تعالى أعلم.

باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله

فَيَثْبُتُونَ». بَابُ كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَا يَذْكُرَ اللَّهَ 4855 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً». 4856 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا، لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ». بَابٌ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ 4857 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ === بَابُ كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَا يَذْكُرَ اللَّهَ 4855 - "عن مثل جيفة حمار" أي قاموا عن أمر مكروه مستقذر؛ لأن المجلس لا يخلو عن كلام زائد أو ناقص عادة وذكر الله تعالى بمنزلة الكفارة، "لما جرى فيه حسرة" لما فات عنهم من الخير والله تعالى أعلم. 4856 - "ترة" بكسر التاء وتخفيف الراء كعدة أي ندامة وحسرة. بَابٌ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ 4857 - "إلا كفَّر" من التكفير بهن بتلك الكلمات عنه أي عما جرى في

سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ قَالَ: كَلِمَاتٌ لَا يَتَكَلَّمُ بِهِنَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا كُفِّرَ بِهِنَّ عَنْهُ، وَلَا يَقُولُهُنَّ فِي مَجْلِسِ خَيْرٍ وَمَجْلِسِ ذِكْرٍ إِلَّا خُتِمَ لَهُ بِهِنَّ عَلَيْهِ كَمَا يُخْتَمُ بِالْخَاتَمِ عَلَى الصَّحِيفَةِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ. 4858 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: وحَدَّثَنِي بِنَحْوِ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. 4859 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، أَنَّ عَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَهُمْ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ ديِنَارٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: بِأَخَرَةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَتَقُولُ قَوْلًا مَا كُنْتَ تَقُولُهُ فِيمَا مَضَى، فَقَالَ: «كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ». === المجلس، "إلا ختم" أي تكون تثبيتًا وإحكامًا لذلك الخير. 4859 - "بآخره" بفتح الهمزة والخاء أي في آخر جلوسه أو في آخر عمره، والثاني أقرب إلى الأول، يغني عنه ما بعده، "ما كنت تقول فيما مضى" أي في سابق الأزمان حتى تكون على تحقيق من فائدته، يريد أي فبين لنا فائدته، ولذلك أجبنا ببيان الفائدة فتبين مطابقة الجواب السؤال.

باب في رفع الحديث [من المجلس]

بَابٌ فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ [مِنَ الْمَجْلِسِ] 4860 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْوَلِيدِ - قَالَ: أَبُو دَاوُدَ وَنَسَبَهُ لَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حُسَيْنِ ابْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: الْوَلِيدُ ابْنُ أَبِي هِشَامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ زَائِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ». بَابٌ فِي الْحَذَرِ [مِنَ النَّاسِ] 4861 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَيَّارٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْفَغْوَاءِ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَنِي بِمَالٍ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ === بَابٌ فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ [مِنَ الْمَجْلِسِ] 4860 - "عن أحد شيئًا" أي مكروهًا؛ لأنه يشوش القلب ويورث الكراهة لصاحبه في الطبع، فلا تبقى سلامة الصدر. بَابٌ فِي الْحَذَرِ [مِنَ النَّاسِ] 4861 - "فقال التمس صاحبًا" أي اطلب رفيقًا في الطريق، "أخوك البكري" ضبط بكسر الباء أي الذي ولده أبواك أولًا، قيل: المعنى أخوك شقيقك خفة، واحذره فهو مبالغة في التحذير، والظاهر أن المراد الأكبر منك سنًّا، أريد به هاهنا القوي الغالب دون الضعيف وهو المناسب بالحذر عند هبوطه في بلاد

يَقْسِمُهُ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ بَعْدَ، الْفَتْحِ، فَقَالَ: «الْتَمِسْ صَاحِبًا» قَالَ: فَجَاءَنِي عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ الْخُرُوجَ وَتَلْتَمِسُ صَاحِبًا، قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: فَأَنَا لَكَ صَاحِبٌ، قَالَ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: قَدْ وَجَدْتُ صَاحِبًا، قَالَ: فَقَالَ: «مَنْ؟ » قُلْتُ: عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، قَالَ: " إِذَا هَبَطْتَ بِلَادَ قَوْمِهِ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الْقَائِلُ: أَخُوكَ الْبِكْرِيُّ وَلَا تَأْمَنْهُ " فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالْأَبْوَاءِ قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ حَاجَةً إِلَى قَوْمِي بِوَدَّانَ، فَتَلَبَّثْ لِي، قُلْتُ: رَاشِدًا، فَلَمَّا وَلَّى ذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَدَدْتُ عَلَى بَعِيرِي حَتَّى خَرَجْتُ أُوضِعُهُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالْأَصَافِرِ إِذَا هُوَ يُعَارِضُنِي فِي رَهْطٍ، قَالَ: وَأَوْضَعْتُ، فَسَبَقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي قَدْ فُتُّهُ انْصَرَفُوا، وَجَاءَنِي فَقَالَ: كَانَتْ لِي إِلَى قَوْمِي حَاجَةٌ، قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَمَضَيْنَا حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ فَدَفَعْتُ الْمَالَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ. === قومه. قال الخطابي: هذا مثل مشهور للعرب وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس (¬1)، "أوضعه" من الإيضاع وهو الإسراع في السير، "بالأصافر" قال السيوطي: لم أقف عليه في كتب الغريب واللغة، لكن ذكر بعض من صنف في الأماكن أنه بفتح الصاد والفاء، وقيل: بكسر الفاء جبل أحمر قرب المدينة، فلعله المراد في الحديث، "أن قد فته" صيغة المتكلم من فات. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 118).

4862 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: === 4862 - "لا يلدغ" على بناء المفعول "من جحر" بضم جيم وسكون جاء مهملة، قالوا: سببه أن شاعرًا أسر يوم بدر فمنَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه لا يهجوه وأطلقه، فلحق بقومه وعاد إلى ما كان فيه، ثم أسر يوم أحد فسأله المن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يلدغ. . ." الحديث، ومعناه على مقتضى مورده: أنه ليس من شأن المؤمن على مقتضى إيمانه أن يصدق الكاذب الذي ظهر كذبه مرة ثانية، فينخدع في المرتين، لقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (¬1)، وأما الانخداع بوجه آخر والغفلة عن الدنيا، فهو شيء آخر، سيما إذا كان طبعًا، فلعل ذلك هو المراد بما جاء "المؤمن غب كريم والمنافق خب لئيم"، والله تعالى أعلم. وقال الخطابي: "لا يلدغ" إما بالرفع والمعنى على الخبر أي المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة، فينخدع مرة بعد أخرى، وهو لا يفطن لذلك ولا يشعر به، وقد قيل إنه أراد الخداع في أمر الآخرة دون أمر الدنيا أو بالكسر على النهي، أي الجزم، إلا أنه كسر العين لالتقاء الساكنين، أي لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة، فيقع في مكروه وشر وهو لا يشعر، وليكن متيقظًا حذرًا، وهذا يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة (¬2)، يريد أن المعنى أنه لا ينبغي له أن يكون غافلًا، بل ينبغي له أن يكون متيقظًا عاقلًا، ¬

_ (¬1) سورة الحجرات: آية (6). (¬2) معالم السنن (4/ 119).

باب في هدي الرجل

«لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». بَابٌ فِي هَدْيِ الرَّجُلِ 4863 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَشَى كَأَنَّهُ يَتَوَكَّأُ». 4864 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ خُلَيْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === قيل: وما ذكر في سبب الحديث يضعف حمل الحديث على النهي والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي هَدْيِ الرَّجُلِ 4863 - "يتوكأ" لعل المراد أنه يتحامل على رجليه أي يضعهما بقوة كما في التوكؤ على العصا، أريد بالتوكؤ مطلق التحميل، والمراد أنه يميل إلى قدام وهو الموافق لرواية: "كان إذا مشى تكفأ" (¬1)، تكفأ أي تمايل إلى قدام، وليس المراد أنه يتمايل إلى ما وراء، فإن ذلك المشي مشي أهل التكبر والله تعالى أعلم. 4864 - "كأنما يهوى" من باب ضرب أي ينحط وينزل، "في صبوب" بضم الصاد جمع صبب وهو ما انحدر من الأرض، أي كأنه نازل إلى أسفل من موضع عالٍ، وذاك يكون بالميل إلى قدام وبالقوة، قيل: وذلك مشية القوي من الرجال أي يرفع رجله بقوة وجلادة ولا يمسح بقدمه الأرض (¬2). ¬

_ (¬1) مسلم في الفضائل (2330)، والترمذي في الفتن (3637)، وأحمد في مسنده (1/ 89، 96، 101، 117، 3/ 228)، والدارمي (1/ 31). (¬2) النهاية (3/ 3).

باب [في] الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: «كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا، إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَهْوِي فِي صَبُوبٍ». بَابٌ [فِي] الرَّجُلِ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى 4865 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَضَعَ - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: يَرْفَعَ - الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى " زَادَ قُتَيْبَةُ: «وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ». 4866 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، ح وحَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا - قَالَ الْقَعْنَبِيُّ فِي الْمَسْجِدِ - وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى === قال الخطابي: إن فتحت الصاد من صبوب كان اسمًا لما يصب من الماء، وإن ضُمت فهو جمع صبب وهو ما انحدر من الأرض، ومعنى "يهوى" ينزل ويتدلى وذلك مشية القوي من الرجال، وهو (¬1) مستلق إلخ. قالوا: هذا إذا خاف بذلك كشف العورة وما جاء من ذلك يحمل على ما إذا لم يخف ثم التفت، أي إذا شرع في التحديث ثم التفت في أثنائه يمينًا وشمالًا أو إذا فرغ من التحديث ثم التفت يمينًا وشمالًا خوفًا من سماع غيره فهذا دليل على أنه يكره سماع هذا الحديث غير الذي تكلم معه، فهذا صار أمانة عند الذي أخبره به، وقيل: معنى التفت غاب ولا يخلو عن بعد والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 119، 120).

باب في نقل الحديث

الْأُخْرَى». 4867 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ «كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ». بَابٌ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ 4868 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ». 4869 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَجَالِسُ بِالْأَمَانَةِ إِلَّا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ: سَفْكُ دَمٍ حَرَامٍ، أَوْ فَرْجٌ حَرَامٌ، أَوْ اقْتِطَاعُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. 4870 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: هُوَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ === بَابٌ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ 4869 - "بالأمانة" أي ما يستر على ما جرى فيها سفك دم أي مجلس سفك الدم وهو مرفوع على أنه خبر محذوف. 4870 - "إن من أعظم الأمانة" أي من أعظم نقض الأمانة وهتكها، وقوله:

باب في القتات

الْعُمَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا». بَابٌ فِي الْقَتَّاتِ 4871 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ». بَابٌ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ 4872 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ». === "الرجل" أي هتك أمانة الرجل والله تعالى اعلم. بَابٌ فِي الْقَتَّاتِ 4871 - "قتات" كنمام وزنًا ومعنى أي الذي يرفع الخبر إلى غيره على جهة الإفساد. بَابٌ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ 4872 - "ذو الوجهين" وجه بمعنى القصد والصفة أي أن يكون مع كل قوم على قصد، وصفة تخالف القصد الذي عليه مع آخرين.

باب في الغيبة

4873 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا، كَانَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ». بَابٌ فِي الْغِيبَةِ 4874 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ «قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ». 4875 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === بَابٌ فِي الْغِيبَةِ 4874 - "ذكرك أخاك" أي في الغيبة بالفتح كما هو مقتضى مادة اللفظ، فكأنه ترك اكتفاء بدلالة المادة عليه، وقوله: "أفرأيت" أي علمت لي رخصة في الذكر إن كان ما أقول صدقًا، أو أخبرني هل يكون الذكر بمذكور غيبة إن كان صدقًا، "بهته" بفتح الهاء المخففة وتشديد التاء لإدغام تاء الكلمة في تاء الخطاب، أي تكلمت عليه بالبهتان، أي هو الذي أشنع من الغيبة. 4875 - "لقد قلت" بكسر التاء على خطاب المرأة، "مزج" على بناء المفعول أي خلط لمزجته على بناء الفاعل وضميره للكلمة أي لغيرته وأفسدته أي إنها من عظمها يصغر البحر عندها وهي تغلب عليه، "وحكيت له إنسانًا" أي فعلت

حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ غَيْرُ مُسَدَّدٍ: تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا». 4876 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَوْفَلُ بْنُ مُسَاحِقٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ === مثل فعله تحقيرًا له، يقال حكاه وحاكاه؛ وأكثر ما يستعمل في القبيح المحاكاة، وقوله: "وإِن في كذا وكذا" عطف على أني حكيت على معنى يجمع بين الحكاية وحصول كذا أو حال؛ أي لا أحب الحكاية والحال أن يكون لي بسبها كذا كذا من الدنيا، فكيف بدون ذلك، وهذا الكلام ورد مورد العادة والعرف؛ لأن الإنسان في العادة يحب حصول المنافع الدنيوية، فيحب بعض الأشياء ليتوسل به إلى منافعه، وأما بالنظر إليه - صلى الله عليه وسلم - فالدنيا غير محبوبة، فكيف يحب الأمر المكروه؛ لأجلها؟ ! والله تعالى أعلم. 4876 - "إن من أربى الربا"، الربا الزيادة والارتفاع أي من أفحش الزيادة وأقبح الارتفاع وأشنعه الزيادة والارتفاع على أخيه باستطالة للسان في عرضه من غير استحقاق لذلك، بأن يكون فاسقًا ظاهر الفسق مثلًا، وفي مجمع البحار هي أي الاستطالة أن يتناول منه أكثر مما يستحقه؛ شبه أخذ العرض أكثر بأخذ المال أكثر فجعله ربا؛ وفضله؛ لأنه أكثر مضرة وأشد فسادًا، وقوله: "بغير حق" تنبيه على جوازها بحق. اهـ، قال السيوطي في النهاية: الاستطالة في العرض

بِغَيْرِ حَقٍّ». 4877 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنَ الكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ». 4878 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، وَأَبُو الْمُغِيرَةِ، قَالَا: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ " قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ بَقِيَّةَ، لَيْسَ فِيهِ أَنَسٌ. 4879 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى السَّيْلَحِينِيُّ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُصَفَّى. === احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه (¬1). اهـ. 4878 - "لما عرج" أي صعد بي إلى السماء، وجملة: "يخمشون" حال من القوم أي يخدشون ويجرحون وجوههم فصدرهم بتلك الأظفار من خمش بالخاء المعجمة إذا خدش وجرح. ¬

_ (¬1) النهاية (3/ 145).

4880 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ». 4881 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ وَقَّاصِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَكَلَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْلَةً فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُ مِثْلَهَا === 4880 - "يا معشر من آمن" إلخ، فيه تنبيه على أن غيبة المسلم من شعار المنافق لا المؤمن، "يتبع الله عورته" أي يجازيه بسوء صنيعه في شأن عورة المسلم. 4881 - "من أكل" على بناء الفاعل برجل، بسبب اغتياب به والوقيعة فيه بأن سبه واغتابه عند عدوه؛ لينال منه ذلك السب والاغتياب، إلى أكلة "آكلة بالضم أي لقمة أو بالفتح أي مرة من الأكل سواء كان المأكول قليلًا أو كثيرًا، "ومن كسي" على بناء المفعول وهو المشهور أو على بناء الفاعل أي كسى نفسه، وقوله: "برجل" الباء فيه للسببية والمعنى على طبق ما تقدم ويحتمل أن يكون على بناء الفاعل والمفعول الأول محذوف لإفادة العموم أو تنزيلًا له منزلة اللازم، والمراد أن الكاسي يعذب لاستماعه الغيبة وإعطائه على ذلك، "ومن قام برجل" يحتمل أن الباء للتعدية أي وصفه بالصلاح والتقوى والكرامات وشىهره بها، وجعله وسيلة إلى تحصيل أغراض نفسه، فإن الله تعالى له يقوم لتعذيبه وتشهيره

باب من رد عن مسلم غيبة

مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ كُسِيَ ثَوْبًا بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْسُوهُ مِثْلَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ قَامَ بِرَجُلٍ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُومُ بِهِ مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 4882 - حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ مَالُهُ، وَعِرْضُهُ، وَدَمُهُ حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ». بَابُ مَنْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ غِيبَةً 4883 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى الْمُعَافِرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ، أُرَاهُ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ === بالكذب، أو يأمر ملائكة لتشهره، ويحتمل أنها للسببية أي يقوم بسبب رجل من أهل مال وجاه مقامًا يظهر فيه صلاحه وتقواه، أقامه الله تعالى مقام الفضيحة، "والسمعة" بضم السين ما يتعلق بحاسة السمع من الإخبار والحكايات كما أن الرياء ما يتعلق بحاسة البصر من الأوضاع والعبادات والله تعالى أعلم. 4882 - "كل المسلم" إلخ، أي المسلم بجميع أجزائه وما يتعلق به من المال وغيره "حرام"، وقوله: "ماله" بدل من كل المسلم، بدل البعض من الكل، "حسب امرئ" إلخ، أي يكفيه في الشر أن يحقر مسلمًا أي لو كان الشر مطلوبًا لكفى منه هذا القدر وفيه تعظيم وتكثير، وقوله: "أن يحقر" كيضرب. بَابُ مَنْ رَدَّ عَنْ مُسْلِمٍ غِيبَةً 4883 - "حمى" كرمى أي حفظ، "بعث الله ملكًا" إلخ، أي لو استحق دخول جهنم ودخل فيها بسوء صنيعه أو يحميه على الصراط ويبعد النار عنه، أو أن الملك يدخله الجنة، فكنى بهذا عن ذلك والله تعالى أعلم.

باب من ليست له غيبة

مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ، حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ. 4884 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنَ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» قَالَ يَحْيَى: وَحَدَّثَنِيهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةُ بْنُ شَدَّادٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، هَذَا هُوَ ابْنُ زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ بَشِيرٍ مَوْلَى بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قِيلَ: عُتْبَةُ بْنُ شَدَّادٍ مَوْضِعَ عُقْبَةَ. بَابُ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ 4885 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، مِنْ === حتى يخرج مما قال" أي من إثم ذلك القول. 4884 - "يخذل امرئ" أي لا يعينه ولا يمنعهم عن الوقوع فيه، ولعل هذا مخصوص بالقادر وغيره يكفيه الإنكار بالقلب، والأحسن تجنب ذلك المجلس والله تعالى علم. بَابُ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غِيبَةٌ 4885 - "أتقولون هو أضل" إلخ، أي فغيبة المجاهر بالشر جائز؛ لأن حاله

باب ما جاء في الرجل يحل الرجل قد اغتابه

كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، ثُمَّ عَقَلَهَا، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى رَاحِلَتَهُ فَأَطْلَقَهَا ثُمَّ رَكِبَ ثُمَّ نَادَى اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلَا تُشْرِكْ فِي رَحْمَتِنَا أَحَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَقُولُونَ هُوَ أَضَلُّ، أَمْ بَعِيرُهُ أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ؟ » قَالُوا: بَلَى. بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُحِلُّ الرَّجُلَ قَدْ اغْتَابَهُ 4886 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: " أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَيْغَمٍ أَوْ ضَمْضَمٍ - شَكَّ ابْنُ عُبَيْدٍ -، كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ. 4887 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ؟ » قَالُوا: وَمَنْ أَبُو ضَمْضَمٍ؟ قَالَ: «رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ» بِمَعْنَاهُ قَالَ: «عِرْضِي لِمَنْ شَتَمَنِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَمِّيِّ، عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ حَمَّادٍ أَصَحُّ. === مكشوفة عند الناس، فلا يحصل بغيبة كشف حال مستورة، وإنما ذكر حاله يترتب عليه التعجب.

باب في النهي عن التجسس

بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّجَسُّسِ 4888 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيُّ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ» فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا». 4889 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، وَكَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ، وَالْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَأَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ». 4890 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ هَذَا فُلَانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، === بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ التَّجَسُّسِ 4888 - "إن اتبعت عورات الناس" إلخ، أي إذا بحثت عن معايبهم وجاهرتهم بذلك؛ فإنه يؤدي إلى قلة حيائهم عنك، فيجترؤون على ارتكاب أمثالها مجاهرة والله تعالى أعلم. 4889 - "ابتغى الريبة" أي طلب أن يعاملهم بالتهمة ويجاهرهم بها، موءودة أي مدفونة حية، وإحياؤها بإخراجها من القبر أو بمنع الوالدين عن دفنها.

باب في الستر على المسلم

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنِ التَّجَسُّسِ وَلَكِنْ إِنْ يَظْهَرْ لَنَا شَيْءٌ نَأْخُذْ بِهِ». بَابٌ فِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ 4891 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ رَأَى عَوْرَةً فَسَتَرَهَا، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْءُودَةً». 4892 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الْهَيْثَمِ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ دُخَيْنًا كَاتِبَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ لَنَا جِيرَانٌ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَنَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَقُلْتُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: إِنَّ جِيرَانَنَا هَؤُلَاءِ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَإِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَأَنَا دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ، فَقَالَ: دَعْهُمْ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى عُقْبَةَ مَرَّةً أُخْرَى فَقُلْتُ: إِنَّ جِيرَانَنَا قَدْ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَنَا دَاعٍ لَهُمُ الشُّرَطَ، قَالَ: وَيْحَكَ دَعْهُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مُسْلِمٍ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ هَاشِمُ === بَابٌ فِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ 4892 - "داع لهم الشرط" بضم شين وفتح راء وهو من نصبه الأمير لتنفيذ الأوامر وما يتعلق به من حبس وضرب وأخذ لمن يستحقه، "ولم يسلم" من

باب المؤاخاة

بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ لَيْثٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَتَهَدَّدْهُمْ. بَابُ الْمُؤَاخَاةِ 4893 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». بَابُ الْمُسْتَبَّانِ 4894 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِي مِنْهُمَا مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ». === أسلم فلان فلانًا إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه. بَابُ الْمُسْتَبَّانِ 4894 - "المستبان" افتعال من السب وهما اللذان يسب كل منهما صاحبه. "فعلى البادي"، فإثم ما قال على من شرع أولًا؛ لأنه الذي يسب وتسبب لسب الآخر، ولكن ما دام الآخر لا يتجاوز الاقتصاص؛ لأنه تسبيب لذلك القدر؛ فإن جاوز صار مستحقًّا لإثم الزائد؛ لعدم تسبب الأول للزوائد والله تعالى أعلم.

باب في التواضع

بَابٌ فِي التَّوَاضُعِ 4895 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ». بَابٌ فِي الِانْتِصَارِ 4896 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُحَرَّرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي بَكْرٍ، فَآذَاهُ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ، فَانْتَصَرَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَجَدْتَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ بِمَا قَالَ لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَرْتَ وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ». === بَابٌ فِي التَّوَاضُعِ 4895 - "ولا يفخر" كيمنع. بَابٌ فِي الِانْتِصَارِ 4896 - "أوجدت عليَّ" أي غضبت علي، وفيه أن مقام الصديق ترك الانتصار واختيار العفو.

4897 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَسَاقَ نَحْوَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ. 4898 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ عَنِ الِانْتِصَارِ {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41] فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ، امْرَأَةِ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَزَعَمُوا أَنَّهَا كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَنَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَجَعَلَ يَصْنَعُ شَيْئًا بِيَدِهِ، فَقُلْتُ بِيَدِهِ، حَتَّى فَطَّنْتُهُ لَهَا، فَأَمْسَكَ، وَأَقْبَلَتْ زَيْنَبُ تَقَحَّمُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَنَهَاهَا، فَأَبَتْ أَنْ تَنْتَهِيَ، فَقَالَ لِعَائِشَةَ: «سُبِّيهَا» فَسَبَّتْهَا، فَغَلَبَتْهَا، فَانْطَلَقَتْ زَيْنَبُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَقَعَتْ بِكُمْ، وَفَعَلَتْ، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَقَالَ لَهَا: «إِنَّهَا حِبَّةُ أَبِيكِ === 4898 - "يصنع شيئًا بيده" من نحو مس مما يجري بين الزوج والزوجة في الخلوة، وكأنه - صلى الله عليه وسلم - ما علم بوجود زينب؛ لأنه لم يكن يومئذ في البيوت مصابيح، "فقلت بيده" أي أشرت إليه بيده، "حتى فطنته" بتشديد الطاء أي أعلمته بوجود زينب في البيت، "تقحم لعائشة" أي تعرض بشتمها والله تعالى أعلم.

باب في النهي عن سب الموتى

وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» فَانْصَرَفَتْ، فَقَالَتْ لَهُمْ: أَنِّي قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَجَاءَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْمَوْتَى 4899 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ، وَلَا تَقَعُوا فِيهِ». 4900 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ، وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ». بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ البَغْيِ 4901 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمُ بْنُ جَوْسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كَانَ رَجُلَانِ فِي بَنِي === "حبة أبيك" بكسر الحاء أي محبوبته، "متواخيين" متقابلين في القصد والسعي. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ البَغْيِ 4901 - "فيقول: أقصر" بفتح الهمزة من الإقصار وهو الكف الشيء

باب في الحسد

إِسْرَائِيلَ مُتَوَاخِيَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ، وَالْآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ، فَكَانَ لَا يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ: أَقْصِرْ، فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ: أَقْصِرْ، فَقَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا، أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا؟ وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَقَالَ لِلْآخَرِ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ. 4902 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ». بَابٌ فِي الْحَسَدِ 4903 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، === مع القدرة عليه، "أبعثت" على بناء المفعول. "أو بقت" أي أهلكت دنياه، أي سعيها، "وآخرته" أي خطها، فهذا الحديث يفيد أن البغي وهو التجاوز في الحد والعلو لا ينبغي للعبد.

باب في الحسد

فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ - أَوْ قَالَ: الْعُشْبَ -. 4904 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الْعَمْيَاءِ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي أُمَامَةَ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَأَبُوهُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي صَلَاةً خَفِيفَةً دَقِيقَةً كَأَنَّهَا صَلَاةُ مُسَافِرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَبِي: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَرَأَيْتَ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ أَوْ شَيْءٌ تَنَفَّلْتَهُ، قَالَ: إِنَّهَا الْمَكْتُوبَةُ، وَإِنَّهَا لَصَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْطَأْتُ إِلَّا شَيْئًا سَهَوْتُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27] " ثُمَّ غَدَا مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: «أَلَا تَرْكَبُ لِتَنْظُرَ وَلِتَعْتَبِرَ؟ » قَالَ: نَعَمْ، فَرَكِبُوا جَمِيعًا فَإِذَا هُمْ بِدِيَارٍ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَضَوْا وَفَنُوا خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا، فَقَالَ: «أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَارَ؟ » فَقُلْتُ: مَا أَعْرَفَنِي بِهَا وَبِأَهْلِهَا، «هَذِهِ دِيَارُ قَوْمٍ أَهْلَكَهُمُ الْبَغْيُ وَالْحَسَدُ، إِنَّ الْحَسَدَ يُطْفِئُ نُورَ === بَابٌ فِي الْحَسَدِ 4904 - " لا تشددوا على أنفسكم" أي لا تحملوا المشقة العظيمة على أنفسكم في الطاعات كصوم الدهر وقيام الليل كله والاعتزال على النساء كيلا تضعفوا، فيفوت عنكم بعض الفرائض والسنن المؤكدة وقضاء الحقوق، "فإن قومًا" قيل: هم بنو إسرائيل شددوا في السؤال عن البكرة، والظاهر أنهم

باب في اللعن

الْحَسَنَاتِ، وَالْبَغْيُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ، وَالْعَيْنُ تَزْنِي، وَالْكَفُّ، وَالْقَدَمُ، وَالْجَسَدُ، وَاللِّسَانُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ». بَابٌ فِي اللَّعْنِ 4905 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نِمْرَانَ، يَذْكُرُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَعَنَ شَيْئًا صَعِدَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى السَّمَاءِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهَا، ثُمَّ تَهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ فَتُغْلَقُ أَبْوَابُهَا دُونَهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا رَجَعَتْ إِلَى الَّذِي لُعِنَ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا وَإِلَّا رَجَعَتْ إِلَى قَائِلِهَا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " قَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ: هُوَ رَبَاحُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعَ مِنْهُ، وَذَكَرَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ حَسَّانَ وَهِمَ فِيهِ. === النصارى شدد بعضهم بابتداع الرهبانية، وأما تشديد الله، فهو أن يعجزهم ولا يوفقهم في أدائه. بَابٌ فِي اللَّعْنِ 4905 - "إلى الذي لعن" على بناء المفعول ثم يحتمل أن يكون المراد تقبيح هذا الدعاء وتشنيعه، ببيان أنه بمنزلة الأمر المضطرب الذي لا يجد مساعًا، وأنه لا يصعد إلى محل الإجابة أصلًا، بل إن كان المقول فيه مستحقًّا له فيها، وألا يرد على صاحبه بعدم القبول، ويحتمل أن المراد حقيقة الصعود والهبوط بأن يجعلها الله شجرة تصعد وتنزل وتلحق بأحدهما كيف يشاء الله تعالى، أو الصعود والهبوط بواسطة الملك الحامل واللحوق بلحوق آثارها والله تعالى أعلم.

4906 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَلَاعَنُوا بِلَعْنَةِ اللَّهِ، وَلَا بِغَضَبِ اللَّهِ، وَلَا بِالنَّارِ». 4907 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ». 4908 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، ح حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ - قَالَ زَيْدٌ -: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ - وَقَالَ مُسْلِمٌ إِنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَعَنَهَا -، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَلْعَنْهَا، فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ». === 4906 - "لا تلاعنوا" التلاعن الدعاء باللعنة من الطرفين، ولما ذكر باللعنة صريحًا، فلا بد من اعتبار التجريد، فيرجع إلى معنى لا يدع كل منكم على صاحبه، فصح تعلق باللعنة به وعطف قوله ولا وبالنار عليها. 4907 - "لا يكون اللعانون" أي من يكثر، "شفعاء عند الله تعالى" في تخليص رقاب الناس عن أثقال الأفداء ولا شهداء على صاحب الأمم بأن رسلهم بلغوا الرسالة إليهم، فيحرمون عن المرتبتين الشريفتين.

باب فيمن دعا على من ظلم

بَابٌ فِيمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَ 4909 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سُرِقَ لَهَا شَيْءٌ فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ». بَابٌ فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ 4910 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ === بَابٌ فِيمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَ 4909 - "ولا تسبخي عنه" بتشديد الياء الموحدة بعدها خاء معجمة أي لا تخففي عنه إثم السرقة أو العقوبة به بدعائك عليه، زاد أحمد دعيه، وكان - صلى الله عليه وسلم - رآها وهي في الغضب، فأشار إلى أن مقتضى الغضب تتميم العقوبة له، والدعاء عليه يخفف العقوبة عنه، فاللائق بذلك ترك الدعاء، ومراده - صلى الله عليه وسلم - أن تترك الدعاء لا أن تتم له العقوبة والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ 4910 - "لا تباغضوا" البغض ضد المحبة وهي إرادة المضرة والحسد كراهية ما يرى من نعمة الله تعالى غيره "ولا تدابروا" يولّي كل واحد منهم صاحبه دبره، إما بالأبدان أو بالآراء والأقوال، والمراد بقوله: "لا تحاسدوا" لا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض سواء أرادها لنفسه أولًا، قالوا: إلا إذا كان مستعينًا بالنعمة على المعصية، وقوله: "وكونوا عباد الله إخوانًا" توصية بحسن المعاملة مع الله بالعبودية الخالصة له ومع المسلمين بتألف والمودة معهم في الطاعة لا في المعصية،

بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ». 4911 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ === أي كونوا كلكم على طاعة الله وعلى الأخوة والمودة فيما بينكم، وفيه إشارة إلى المودة، لا تجركم إلى المعاونة في المعصية، وإنما تكون مودتكم في طاعته بحيث يكون كل منكم معينًا لصاحبه على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، وللاهتمام بهذا المعنى قدم عباد الله، والله تعالى أعلم. "أن يهجر أخاه" إلخ، يفهم منه إباحة الهجر إلى ثلاث، وهو رخصة لما في طبع الآدمي من عدم تحمل المكروه، ثم المراد حرمة الهجران إذا كان الباعث عليه وقوع تقصير في حقوقه الصحبة والأخوة وآداب العشرة، وذلك أيضًا بين الأجانب، وأما بين الأهل فيجوز إلى أكثر للتأديب، فقد هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهرًا، وكذا إذا كان الباعث أمرًا دينيًّا، فليهجره حتى ينزع من فعله، وعقده ذلك، فقد أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هجران الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة حتى صحت توبتهم عند الله. قالوا: وإذا خاف من مكالمة أحد أو مواصلة ما يفسد عليه دينه أو يدخل عله مضرة في دنياه يجوز له مجانبته والحذر عنه، فرب هجر جميل تجير من مخالطة مؤذية والله تعالى أعلم. 4911 - "يلتقيان" بيان كيفية الهجران المحرم، والجملة مستأنفة، وفيه أنه لا

وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ». 4912 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ السَّرْخَسِيُّ، أَنَّ أَبَا عَامِرٍ، أَخْبَرَهُم حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهِ ثَلَاثٌ، فَلْيَلْقَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَدِ اشْتَرَكَا فِي الْأَجْرِ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِالْإِثْمِ» زَادَ أَحْمَدُ «وَخَرَجَ الْمُسَلِّمُ مِنَ الْهِجْرَةِ». 4913 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ ابْنِ عَثْمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُنِيبِ يَعْنِي الْمَدَنِيَّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا يَكُونُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثَةٍ، فَإِذَا لَقِيَهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ كُلُّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ فَقَدْ بَاءَ بِإِثْمِهِ. 4914 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ === بأس إن لم يتيسر بينهما اللقاء اتفاقًا والله تعالى أعلم. 4914 - "دخل النار" أي استوجب دخول النار، وفائدة التعبير التغليظ والله

فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ». 4915 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ». 4916 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ، وَخَمِيسٍ فَيُغْفَرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمَيْنِ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَابْنُ عُمَرَ هَجَرَ ابْنًا لَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا كَانَتِ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا بِشَيْءٍ» وَإِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَطَّى وَجْهَهُ عَنْ رَجُلٍ. === تعالى أعلم. 4915 - : "فهو كسفك دمه" في استحقاق مزيد الإثم وكون كل منهما مما لا يناسب الإيمان، فإنه بالإيمان صار آمنًا من القتل والهجران مستحقًّا للرحمة والغفران. 4916 - "تفتح أبواب" أبواب الجنة تقريبًا للرحمة إلى العباد، وهو محمول على ظاهر؛ وتأويله بكثرة الغفران لا دليل عليه، "شحناء" العداوة، "أنظروا" أي أمهلوا من الإنظار بمعنى الإمهال والله تعالى أعلم.

باب في الظن

بَابٌ فِي الظَّنِّ 4917 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا». بَابٌ فِي النَّصِيحَةِ [وَالْحِيَاطَةِ] 4918 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ === بَابٌ فِي الظَّنِّ 4917 - "إياكم والظن" أي سوء الظن، قيل: وهو أن يعتد قلبه عليه بسبب لا يلزم منه ذلك لا مجرد الوسوسة ولا إذا تحقق سببه، وذكره الترمذي في تفسير الحديث عن سفيان أنه قال: الظن ظنان، فظن إثم وظن ليس بإثم، فالذي هو إثم فهو أن يظن ظنًّا ويتكلم به، والذي ليس يأثم، فالذي يظن ولا يتكلم به. قلت: وكأنه أخذه من قوله: "فإن الظن أكذب الحديث ولا يكون حديثًا إلا بالتكلم، "ولا تحسسوا ولا تجسسوا" قال الكرماني: الأولى بالحاء المهملة والثانية بالمعجمة أو بالعكس، قيل: التجسس بالجيم تعرف الخبر بتلطف ومنه الجاسوس، وبالحاء تطلب الشيء بحاسته كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية، وقيل الأول التفحص عن عورات الناس وبواطن الأمور بنفسه أو غيره، والثاني أن يتولى ذلك بنفسه، وقيل الأول مخصوص بالشر والثاني يعم الخير والشر والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي النَّصِيحَةِ [وَالْحِيَاطَةِ] 4918 - "المؤمن مرآة المؤمن" هي بكسر ميم وسكون راء مفعلة من الرؤية،

باب في إصلاح ذات البين

سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ». بَابٌ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ 4919 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ === قيل معناه أن المرآة تري الإنسان ما يخفى عليه من صورته ليصلح ما يحتاج إلى إصلاحه، فكذا المؤمن للمؤمن كالمرآة فيزيل ما فيه من العيوب بإعلامه وينبهه عليها، وقال ابن العربي: أي ليجعل نفسه صافية في حق أخيه كما تجعل المرآة كذلك. قلت: ويحتمل أن المراد ليكن من كمال التودد مع صاحبه كأنه حل فيه صاحبه كما يخيل ذلك في المرآة، وليجعل نفسه مظهرًا ومنظرًا لأخيه يعرف حال أخيه بالقياس إلى نفسه، كان يطالع أخاه وينظر إليه في نفسه كما يطالع صاحب المرآة فيها نفسه، فيكره له ما يكره لنفسه ويحب له ما يحب لنفسه، أو لا يطالع في نفسه إلا بيظهر له فيها حال أخيه فيصلحه ولا يطالع إلى نفسه قصدًا بل توسلًا به إلى إصلاح أخيه، فيجعل المقصود بالذات إصلاح الأخ ويحتمل النظر إلى نفسه تابعًا له كالنظر للمرآة تابع لإصلاح المرء فيها ولا يقصد نفس المرآة بالنظر والله تعالى أعلم. "ضيعته مرة" من الضياع أي يدفع عنه ما فيه ضرر عليه ويحوطه ويحفظه من وراثه أي غيبته فيدفع عنه من يغتابه ويلحقه ضررًا. بَابٌ فِي إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ 4919 - "إصلاح ذات البين" أي إصلاح ما بينكم من الأحوال عن الألفة

عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ » قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ». 4920 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبُّوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ مَنْ نَمَى بَيْنَ اثْنَيْنِ لِيُصْلِحَ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُسَدَّدٌ: «لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَى خَيْرًا». 4921 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ نَافِعٍ === والمحبة والاتفاق وبما كان بهذه الأحوال ملابسة للبين، قيل لها: ذات البين الحالقة أي الخصلة التي تستأصل الدين كالموسى للشعر. 4920 - "من نمى" يقال: نميت الحديث مخففًا إذا رفعه للخير، فمن رفع من أحدهما إلى الآخر خيرًا، وقال إنه يدعو لك ويثني عليك يريد به الإصلاح، فهو ليس بكاذب شرعًا ولا يعد من الكاذبين، وإن لم يكن سمعه، قالوا: وليأوله بنحو اللهم اغفر للمؤمنين، وإن كل مؤمن يدعو بمثل هذا في الصلاة وهو دعاء الكل. 4921 - "إلا في ثلاث" قال الخطابي: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى

باب في النهي [عن] الغناء

يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِي، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا أَعُدُّهُ كَاذِبًا، الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، يَقُولُ: الْقَوْلَ وَلَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا. بَابٌ فِي النَّهْيِ [عَنِ] الْغِنَاءِ 4922 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيَّ === زيادة القول ومجاوزة حد الصدق طلبًا للسلامة ودفعًا للتضرر، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح (¬1)، ثم الكذب في إصلاح ذات البين قد سبق وأما في الحرب، فأن يظهر من نفسه قوة ويحدث بما يقوي أصحابه ويكيد به عدوه، وكذب الزوجة أن يظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، يستديم بذلك صحبتها ويستصلح بها خلقها. قيل: ينبغي في الكل أن يكون على سبل التورية دون صريح الكذب كما سبق في إصلاح ذات البين. بَابٌ فِي النَّهْيِ [عَنِ] الْغِنَاءِ بكسر معجمة ومد صوت المغني، وبفتح الغين ممدودًا بمعنى الكفاية وكذا ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 123).

صَبِيحَةَ بُنِيَ بِي، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِدُفٍّ لَهُنَّ، وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِلَى أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي الْغَدِ، فَقَالَ: «دَعِي هَذِهِ وَقُولِي الَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ». 4923 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ لَقُدُومِهِ فَرَحًا بِذَلِكَ، لَعِبُوا بِحِرَابِهِمْ». === بكسر الغين مقصورًا. 4922 - "عن الربيع" (¬1) بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء، "صبيحة بنى بي" أي صبيحة دخول زوجي عليّ، "جويرات" جمع جويرة تصغير جارية، "يندبن" من الندبة من باب نصر أي يذكرن أحوالهم، فهذا الحديث يدل على جواز الغناء في النكاح للإعلان، وعليه يحمل حديث "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت" (¬2)، خلافًا للبيهقي حيث قال في سننه: ذهب بعض الناس في تأويل الحديث إلى السماع، وهو خطأ، وإنما معناه عندنا إعلان النكاح واضطراب الصوت به والذكر في الناس (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن حجر في التقريب: أنصارية، بخارية من صغار الصحابة. تقريب التهذيب (2/ 598). (¬2) الترمذي في النكاح (1088)، والنسائي في النكاح (6/ 127)، وابن ماجه في النكاح (1896)، وأحمد في مسنده (3/ 418 - 4/ 259). (¬3) البيهقي في السنن الكبرى (7/ 290).

باب كراهية الغناء والزمر

بَابُ كَرَاهِيَةِ الْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ 4924 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغُدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ، مِزْمَارًا قَالَ: فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَنَأَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَقَالَ لِي: يَا === بَابُ كَرَاهِيَةِ الْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ 4924 - "مزمارًا" بكسر ميم قيل: هو الغناء ويطلق على الدف وعلى قصبة يزمر بها وعلى الصوت الحسن، قال أبو داود: هذا حديث منكر كأنه لمعارضته للحديث السابق ولما جاء من تقرير عائشة عليه يوم عيد مع أن في رواية من تكلم فيه حكم بأنه منكر، والحق أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أقر على القدر اليسير منه في نحو العرس والعيد، فينبغي أن يقال بجوازه والزائد منه لا ينبغي والله تعالى أعلم، قال الطيبي: صحح النووي حرمته والغزالي حال إلى جوازه، والغناء بآلات مطربة حعرام وبمجرد الصوت مكروه ومن الأجنبية أشد كراهة (¬1). قال السيوطي: قال الحافظ شمس الدين بن محمد الهادي: هذا الحديث ضعفه محمد بن طاهر وقال تفرد به سليمان بن موسى وليس كما قال، وسليمان حسن الحديث وثقه غير واحد من الأئمة وتابعه ميمون بن مهران عن نافع وروايته في مسند أبي يعلى ومطعم بن المقدام عن نافع، ورواية عند الطبراني. اعترض ابن طاهر على الحديث بما جاء عن ابن عمر أنه ما منع الراعي عن مباشرة المزمار ولا نهى نافعًا، وهذا لا يدل على إباحيته؛ لأن المحظور هو قصد ¬

_ (¬1) إحياء علوم الدين (2/ 248) ط. دار الفكر العربي.

نَافِعُ هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَرَفَعَ إِصْبَعَيْهِ مِنْ أُذُنَيْهِ، وَقَالَ: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِثْلَ هَذَا فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا»، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْلُؤْلُؤِيُّ: سَمِعْت أَبَا دَاوُد يَقُولُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ. 4925 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُطْعِمُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ مَرَّ بِرَاعٍ يَزْمُرُ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أُدْخِلَ بَيْنَ مُطْعِمٍ وَنَافِعٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى». 4926 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ صَوْتَ زَامِرٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا أَنْكَرُهَا. 4927 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ شَيْخٍ، شَهِدَ أَبَا وَائِلٍ فِي وَلِيمَةٍ، فَجَعَلُوا يَلْعَبُونَ يَتَلَعَّبُونَ، يُغَنُّونَ، فَحَلَّ أَبُو وَائِلٍ === الاستماع لا مجرد إدراك الصوت، فإنه لا يدخل تحت التكليف وهذا كشم المُحرِم للطيب، فإنه يحرم عليه قصدًا، فأما إذا حملته الريح فألقته في أنفه من غير قصد شمّه، فإنه لا يوصف بالتحريم، وكذلك نظر الفجأة لا يوصف بالتحريم؛ لأنه لا يدخل تحت التكليف بخلاف اتباع النظرة النظرة، فإنها محرم، وتقرير الراعي لا يدل على اعتقاد الإباحة، لأنها قضيته عين تحتمل وجوهًا؛ منها أنه ربما لم يره، وإنما سمع صوته، أو لعله كان في رأس جبل أو في مكان لا يتمكن من الوصول إليه أو بغير ذلك من الأسباب، ولعل ذلك الراعي لم يكن مكلفًا فلم يتعين الإنكار عليه. اهـ.

باب في الحكم في المخنثين

حَبْوَتَهُ، وَقَالَ: سَمِعْتْ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ». بَابٌ فِي الْحُكْمِ فِي الْمُخَنَّثِينَ 4928 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ هَذَا؟ » فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: «وَالنَّقِيعُ نَاحِيَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِالْبَقِيعِ». 4929 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا مُخَنَّثٌ وَهُوَ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ أَخِيهَا: إِنْ يَفْتَحِ اللَّهُ الطَّائِفَ غَدًا دَلَلْتُكَ عَلَى امْرَأَةٍ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ === بَابٌ فِي الْحُكْمِ فِي الْمُخَنَّثِينَ 4928 - "ويتشبه بالنساء" الظاهر أن تشبهه ما كان قاصرًا على قدر الخضاب بل كان زائدًا عليه، فلذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال هذا" ثم أمر بنفيه، والصحابة تعرضوا له أن يأمر بالقتل وإلا فالشبه بالنساء في الخضاب كان ظاهرًا والنفي لأجله خفي، والتعرض للقتل أخفى والله تعالى أعلم.

باب في اللعب بالبنات

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْمَرْأَةُ كَانَ لَهَا أَرْبَعُ عُكَنٍ فِي بَطْنِهَا». 4930 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ وَأَخْرِجُوا فُلَانًا وَفُلَانًا - يَعْنِي الْمُخَنَّثِينَ -». بَابٌ فِي اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ 4931 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فَرُبَّمَا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي الْجَوَارِي، فَإِذَا دَخَلَ خَرَجْنَ، وَإِذَا خَرَجَ دَخَلْنَ». 4932 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُ عَنْ === بَابٌ فِي اللَّعِبِ بِالْبَنَاتِ 4931 - "اللعب بالبنات" أي التماثيل التي لعب بها الصبيان، وفيه جواز ذلك وتخصيصها من الصور المنهي عنها لما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأولادهن، وقد أجازوا بيعهن وبشرائهن وعليه الجمهور، وقيل: إنه منسوخ بحديث النهي عن الصور أو رخص لعائشة لكونها غير بالغة حينئذ. 4932 - "وفي سهوتها" بفتح مهملة وسكون جاء هي بتصغير منحدر في

باب في الأرجوحة

أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ » قَالَتْ: بَنَاتِي، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟ » قَالَتْ: فَرَسٌ، قَالَ: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ » قَالَتْ: جَنَاحَانِ، قَالَ: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ » قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ. بَابٌ فِي الْأُرْجُوحَةِ 4933 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بِنْتُ سَبْعٍ أَوْ سِتٍّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَ نِسْوَةٌ، وَقَالَ بِشْرٌ: فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ، === الأرض قليلًا شبيه بالخزانة، وقيل: هي الصفة تكون بين يدي البيت، وقيل: شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشيء، "لُعَب" بضم لام وفتح عين جمع لعبة بضم فسكون كركب في جمع ركبة ما يلعب به وهي صفات بنات. بَابٌ فِي الْأُرْجُوحَةِ 4933 - "على أرجوحة" بضم همزة وسكون بهاء وضم جيم وبمهملة هي خشبة تلعب عليها الصبيان يكون وسطها على مكان مرتفع ويجلسون على طرفيها ويحركونها فيرتفع جانب وينزل جانب، أو حبل يشد طرفاه في موضع

فَذَهَبْنَ بِي، وَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، فَأُتِيَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، فَوَقَفَتْ بِي عَلَى الْبَابِ، فَقُلْتُ: هِيهْ هِيهْ "، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَيْ تَنَفَّسَتْ، فَأُدْخِلْتُ بَيْتًا فَإِذَا فِيهِ نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ. 4934 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، مِثْلَهُ، قَالَ: عَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَسَلَّمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَغَسَلْنَ رَأْسِي وَأَصْلَحْنَنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحًى، فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ. 4935 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ جَاءَنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ فَذَهَبْنَ بِي، فَهَيَّأْنَنِي وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَنَى بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سِنِينَ». 4936 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ: «وَأَنَا عَلَى الْأُرْجُوحَةِ، وَمَعِي صَوَاحِبَاتِي، فَأَدْخَلْنَنِي بَيْتًا فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ». 4937 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ === عال ثم يركبه الإنسان ويحركه وهو فيه، وروي "مرجوحة". 4935 - "وأنا مجمعة" أي لي جمة كشعر الصغار، "وصنعنني" أي زينني. 4937 - "بين عذقين" قال الخطابي: يريد نخلتين، والعذق بفتح العين النخلة

باب في النهي عن اللعب بالنرد

عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَعَلَى أُرْجُوحَةٍ بَيْنَ عِذْقَيْنِ فَجَاءَتْنِي أُمِّي فَأَنْزَلَتْنِي وَلِي جُمَيْمَةٌ " وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ 4938 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ». 4939 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ». === وبكسرها الكباسة، "والجميمة" تصغير الجمة من الشعر (¬1). بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ 4938 - "من لعب" كسمع يقال لعب إذا عمل ما لا ينفع، "والنرد" لعب معروف قيل: معرب. "بالنرد شير" هو لفظ فارسي بمعنى الحلو، "مكائمًا غمس" إلخ، تصوير لقبحه تنفيرًا عنه أي كأنه يغمس يده فيها ليأكلهما. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 125).

باب في اللعب بالحمام

بَابٌ فِي اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ 4940 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ: «شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً». بَابٌ فِي الرَّحْمَةِ 4941 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا === بَابٌ فِي اللَّعِبِ بِالْحَمَامِ 4940 - "شيطان" أي هو شيطان لاشتغاله بما لا يعنيه، يقفو أثر شيطانه، أورثته الغفلة عن ذكر الله تعالى، قيل: اتخاذ الحمام للبيض والإنس ونحو ذلك جائز غير مكروه واللعب بها للتطيير مكروه ومع القمار يصير مردود الشهادة، ثم الحديث لا ينزل عن درجة الحسن كما حققه الحافظ ابن حجر، فزعم أنه موضوع باطل. بَابٌ فِي الرَّحْمَةِ 4941 - "الراحمون" هم الذين في قلوبهم شفقة على خلق الله، وقد يكون الشخص رحيمًا من وجه شديدًا من وجه، فالحكم للغالب وليس من شرط الراحم أن لا يكون فيه شدة، كيف وقد قال تعالى في الصحابة {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُمْ} (¬1)، فرحمة الخلق مقيدة باتباع الكتاب والسنة، وليس من الرحمة أن لا يضيم الحدود ولا يجاهد وكذا قيل، وقيل إنما ذكر الراحمين وهو ¬

_ (¬1) سورة الفتح: آية (29).

سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، مَوْلَى لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» لَمْ يَقُلْ مُسَدَّدٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. === جمع راحم في هذا الحديث، ولم يقل الرحماء جمع رحيم؛ وإن كان غالب ما ورد من الرحمة استعمال الرحيم لا الراحم، لأن الرحيم صفة مبالغة، فلو ذكره لاقتضى الاقتصار على المبالغ في الرحمة، فأتي بجمع راحم إشارة إلى من قلت رحمته داخل في هذا الحكم أيضًا، وأما حديث: "إِنما يرحم الله من عباده الرحماء" (¬1)؛ فاختار فيه جمع الرحيم لمكان ذكر الجلالة وهو دال على العظمة والكبرياء، ولفظ الرحمن دال على العفو، فحيث ذكر لفظ الجلالة يكون الكلام مسوقًا للتعظيم كما يدل عليه الاستقراء؛ فلا يناسب هناك إلا ذكر من كثرت رحمته وعظمت ليكون الكلام جاريًا على نسق العظمة، ولما كان الرحمن دالًّا على المبالغة في العفو ذكر كل ذي رحمة، وإن قلت. اهـ. قلت: وليس فيه تعرض لموافقة الحكم للواقع، والوجه أن يقال: حيث ذكر الجلالة فالمراد إنما يرحم الله أي بالرحمة العظيمة اللائقة بجنابه الأقدس، ومثل هذه الرحمة ليست إلا للرحماء المبالغين في الرحمة، وحيث ذكر الرحمن، فالمراد رحمة ما، وهي تشمل كل من في قلبه رحمة، إن قلت والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الجنائز (1284)، وفي الأيمان (6655)، وفي المرضى (5655)، وفي التوحيد (7448)، ومسلم في الجنائز (923)، والنسائي في الجنائز (4/ 22) حديث رقم (1868)، وابن ماجة في الجنائز (1588)، وأحمد في مسنده (5/ 204، 207).

باب في النصيحة

4942 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ، قَالَ: ابْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: أَقُولُ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ فَقَالَ: إِذَا قَرَأْتَهُ عَلَيَّ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ بِهِ ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الصَّادِقَ، الْمَصْدُوقَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ يَقُولُ: «لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ». 4943 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، - يَرْوِيهِ قَالَ: ابْنُ السَّرْحِ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا». بَابٌ فِي النَّصِيحَةِ 4944 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، === "من في السماء" أي من كبرياؤه وعظمته في السماء وهو الله تعالى، والمراد سكان السماء من الملائكة الكرام ورحمتهم بالاستغفار لهم، الدعاء والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي النَّصِيحَةِ 4944 - "إن الدين النصيحة" قالوا: النصيحة هي إرادة الخير للمنصوح، قلت: لا بمعنى النافع، وإلا لا يستقيم بالنسبة إليه تعالى بل بمعنى ما يليق ويحسن من الطرفين له، فإن كل صفة إذا قسناها بالنسبة إلى أي أحد فإما أن يكون اللائق

عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لِلَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ، وَأَئِمَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَامَّتِهِمْ، أَوْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ». === والأولى بحاله إرادة إيجابها له أو سلبها عنه، فإرادة ذلك الطرف اللائق له هي النصيحة في حقه، وخلافه هو الغش والخيانة، واللائق به تعالى أن يحمد على كماله وجلاله وجماله، ويثبت له من الصفات والأفعال ما يكون صفات كمال ودلائل جلال وأن ينزه عن النقائص ما لا يليق بجنابه العليّ من نفسه ومن غيره هي النصيحة في حقه تعالى، وقس على هذا والله تعالى أعلم. ويمكن أن يقال: النصيحة الخلوص عن الغش وهذه التوبة النصوح، فالنصيحة لله تعالى أن يكون عبدًا خالصًا له في عبوديته عملًا واعتقادًا، وللكتاب أن يكون خالصًا له في العمل به، وفهم معناه عن مراعاة الهوى، فلا يصرفه إلى هواه بل يجعل هواه تابعًا ويحكم به على هواه ولا يحكم بهواه عليه، وعلى هذا القياس، وقال الخطابي: النصيحة هي إرادة الخير للمنصوح له (¬1)، والنصح في اللغة الخلوص، فالنصيحة لله تعالى صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادة، والنصيحة لكتاب الله تعالى الإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحة لأئمة المسلمين أن يطيعهم في الحق وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم. اهـ. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 125 - 126).

باب في المعونة للمسلم

4945 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَأَنْ أَنْصَحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ: «وَكَانَ إِذَا بَاعَ الشَّيْءَ أَوِ اشْتَرَاهُ» قَالَ: «أَمَا إِنَّ الَّذِي أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَ فَاخْتَرْ». بَابٌ فِي الْمَعُونَةِ لِلْمُسْلِمِ 4946 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُثْمَانُ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: عُثْمَانُ وَجَرِيرٌ الرَّازِيُّ، ح وحَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، - وَقَالَ وَاصِلٌ: قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ثُمَّ اتَّفَقُوا - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ «وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ». 4947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، === بَابٌ فِي الْمَعُونَةِ لِلْمُسْلِمِ 4946 - "من نفَّس" بتشديد الفاء أي أزال.

باب في تغيير الأسماء

عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ». بَابٌ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ 4948 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «ابْنُ أَبِى زَكَرِيَّا لَمْ يُدْرِكْ أَبَا الدَّرْدَاءِ». 4949 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، سَبَلَانَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ». 4950 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّالْقَانِيُّ، === بَابٌ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ 4948 - "إنكم تدعون" على بناء المفعول أي إلى الحساب والكتاب وغيرهما من أمور الآخرة. 4950 - "تسموا بأسماء الأنبياء" أي رجا صلاح الأولاد بالتسمية بأسماء خير العباد، وأحب الأسماء إلى الله "عبد الله وعبد الرحمن" أي وأمثالهما مما فيه إضافة الجد إليه تعالى لما فيه من الاعتراف بالعبودية وتعظيمه تعالى بالربوبية كلما يذكر الاسم مع الموافقة باسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا شك أن وصف العبودية يتضمن

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلُ ابْنُ شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ، وَهَمَّامٌ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ». === الإشعار بالذل في حضرته المستدعي للرحمة لصاحبه، ولذا ذكرهم الله تعالى في مواضع الرحمة باسم العبد فقال: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (¬1) الآية، وقد ذكر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - في أشرف المواضع في كتابه باسم عبد الله، فقال: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ} (¬2)، وقال: {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} (¬3). هذا وقيل: أي أحب الأسماء بعد أسماء الأنبياء عليهم السلام، فهذان الاسمان ليس بأحب من اسم محمد، وقيل: أمر أولًا بالتسمي بأسماء الأنبياء فرأى فيه نوع تزكية للنفس فنزل إلى قوله "أحب الأسماء" إلخ؛ لأنه في مثلهما خضوعًا واستكانة، ثم نظر إلى أن العبد قد يقصر في العبودية فلا يصدق عليه مثل هذا الاسم فنزل إلى حارث وهمام "وأصدقها" أي أطبقها للمسمى؛ لأن الحارث هو الكاسب والهمام مبالغة في الفم؛ ولا يخلو إنسان عن كسب وهم، بل هموم، وأما نحو عبد الله فقد يكون مسماه قاصرًا على العبودية، فلا يكون أطبق للمسمى مع كونه أحب لما ذكرنا، "وأقبحها" لما في الحرب من المكاره "وفي المرة" من المرارة والبشاعة. ¬

_ (¬1) سورة الزمر: آية (53). (¬2) سورة الجن: آية (19). (¬3) سورة الفرقان: آية (1).

باب في تغيير الاسم القبيح

4951 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ وُلِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ، قَالَ: «هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟ » قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ» فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ فَلَاكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ فَأَوْجَرَهُنَّ إِيَّاهُ فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ» وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ. بَابٌ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ 4952 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ، وَقَالَ: «أَنْتِ جَمِيلَةٌ». 4953 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، === 4951 - "يهنأ" كيمنع آخره همزة أي يطلبه بالهنا وهو القطران "ثم فغر" بفاء وغين معجمة أي يدير لسانه في فيه ويحركه يتبع أثر التمر. بَابٌ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ 4952 - "جميلة" قيل: لعله لم يسمها مطيعة مع أنها ضد العاصية كراهية التزكية. 4953 - "سألته" أي سألت محمد بن عمر، "وما سميت" بفتح التاء على

سَأَلَتْهُ: مَا سَمَّيْتَ ابْنَتَكَ؟ قَالَ: سَمَّيْتُهَا مُرَّةَ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ، سُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ» فَقَالَ: مَا نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: «سَمُّوهَا زَيْنَبَ». 4954 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ عَمِّهِ أُسَامَةَ بْنِ أَخْدَرِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ أَصْرَمُ كَانَ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اسْمُكَ؟ » قَالَ: أَنَا أَصْرَمُ، قَالَ: «بَلْ أَنْتَ زُرْعَةُ». 4955 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === الخطاب الرجل، "برة" بفتح الباء الموحدة وتشديد الراء المهملة من البر بكسر الباء وهو فعل الخير، ففي هذا الاسم تزكية بأنها فاعلة الخيرات، سميت بصيغة المجهول للمتكلم. 4954 - "ابن أخدري" (¬1) بفتح همزة وفي آخره ياء النسبة المشددة. 4955 - "أصرم" أفعل من الصرم وهو القطع، "أنت زرعة" بضم زاي وسكون راء من الزرع، "هانئ" بنون مكسورة فهمزة. ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: التميمي ثم الشقري، صحابي نزل البصرة. تقريب التهذيب (1/ 52).

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ؟ » فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟ » قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ » قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «شُرَيْحٌ هَذَا هُوَ الَّذِي كَسَرَ السِّلْسِلَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ دَخَلَ تُسْتَرَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَبَلَغَنِي أَنَّ شُرَيْحًا كَسَرَ بَابَ تُسْتَرَ، وَذَلِك أَنْهُ دَخَلَ مِنْ سِرْبٍ». 4956 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: «مَا اسْمُكَ؟ » قَالَ: حَزْنٌ، قَالَ: «أَنْتَ سَهْلٌ» قَالَ: لَا، السَّهْلُ يُوطَأُ === "سمعهم" أي سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - "قوم هانئ" يكنونه إما بتشديد النون مع ضم أوله أو بتخفيفها مع فتح أوله، "ما أحسن هذا" أي الذي ذكرت من الحكم على وجه يرضي المتخاصمين، فإنه لا يكون دائمًا على هذا الوجه إلا لكونه عدلًا، (أبو شريح) أي رعاية للأكبر سنًّا. 4956 - "غير" من التغيير اسم العاص كرهه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن المتبادر معصية الله تعالى، وشعار المؤمن طاعته تعالى لا معصيته، وعزيز؛ لأن العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة، ولأنه وقع به التقريع في قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} (¬1). "وعتلة" بفتح فسكون أو بفتحتين ومعناه الشدة والغلظة، ومن صفات ¬

_ (¬1) سورة الدخان: آية (49).

وَيُمْتَهَنُ، قَالَ سَعِيدٌ: «فَظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُصِيبُنَا بَعْدَهُ حُزُونَةٌ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْعَاصِ، وَعَزِيزٍ، وَعَتَلَةَ، وَشَيْطَانٍ، وَالْحَكَمِ، وَغُرَابٍ، وَحُبَابٍ، وَشِهَابٍ، فَسَمَّاهُ هِشَامًا، وَسَمَّى حَرْبًا سَلْمًا، وَسَمَّى الْمُضْطَجِعَ الْمُنْبَعِثَ، وَأَرْضًا تُسَمَّى عَفِرَةَ سَمَّاهَا خَضِرَةَ، وَشَعْبَ الضَّلَالَةِ، سَمَّاهُ شَعْبَ الْهُدَى، وَبَنُو الزِّنْيَةِ، سَمَّاهُمْ بَنِي الرِّشْدَةِ، وَسَمَّى بَنِي مُغْوِيَةَ، بَنِي === المؤمن اللين والسهولة، ووجه كراهة اسم شيطان لا يخفى، والحكم" بفتحتين مبالغة الحاكم، فلا يناسب لمخلوق، "والغراب" من الحيوان معلوم بالخبث، فلذا أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتله في الحل والحرم، فالتسمية به غير لائق، وحباب" بضم جاء وموحدتين اسم شيطان ويقع على الحبة، "وشهاب" بكسر الشين المعجمة شعلة نار، "فسماه" أي الشهاب، "حربًا" أي رجلًا اسمه حرب، "سلمًا" بكسر السين مقابل للحرب، "المضطجع" المنبئ عن دوام المرض، "المنبعث" المقابل له تفاؤلًا بدوام العافية، "عفره" بفتح عين وكسر فاء وهي من الأرض ما لا تنبت شيئًا "خضرة" تفاؤلًا، لا تُسمّينّ، "نهى" من التسمية بنون الثقيلة، والخطاب عام لكل من يصلح له، وأريد بالغلام ما يعم الولد والعبد، بل كل من يتصدى المخاطب لتسميته، "واليسار" من اليسر ضد العسر، "والرباح" بفتح الراء ضد الخسارة والنجاح، "والفلاح" هو الظفر بالمطلوب، "فإنك" إلخ، تعليل للنهي بأنك إذا سألت بأحد هذه الأسماء، فقلت اسم هو، فيقول المجيب: لا فيكون الجواب شنيعًا تكرهه العقول، فالتمسية المؤدية إلى هذا الجواب تكون مكروهة، إنما هن أي الأسماء المذكورة في خبر النهي، والظاهر أن هذا وصية منه - صلى الله عليه وسلم - بحفظ النهي لئلا يغير في التبليغ ولا يزاد عليها فيه اهتمامًا بشأنه، وأما الحكم فقد صرحوا بأن كل ما يوجد فيه

رِشْدَةَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «تَرَكْتُ أَسَانِيدَهَا لِلِاخْتِصَارِ». 4957 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ، فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الْأَجْدُعُ: شَيْطَانٌ. 4958 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ عُمَيْلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ»، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَيَقُولُ: «لَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدَنَّ عَلَيَّ». 4959 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ الرُّكَيْنَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمُرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُسَمِّيَ رَقِيقَنَا أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ أَفْلَحَ، وَيَسَارًا، وَنَافِعًا، وَرَبَاحًا». 4960 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْهَى أُمَّتِي أَنْ يُسَمُّوا نَافِعًا، وَأَفْلَحَ، وَبَرَكَةَ» قَالَ الْأَعْمَشُ: وَلَا أَدْرِي ذَكَرَ نَافِعًا أَمْ لَا، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ إِذَا جَاءَ أَثَمَّ بَرَكَةُ فَيَقُولُونَ لَا === العلة التي نبه عليها - صلى الله عليه وسلم - فحكمه حكم هذه الأسماء، ولذا جاء النهي عن التسمية باسم البركة.

باب في الألقاب

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرْ بَرَكَةَ. 4961 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: أَخْنَى اسْمٍ. بَابٌ فِي الْأَلْقَابِ 4962 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَبِيرَةَ بْنُ الضَّحَّاكِ، قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بَنِي سَلَمَةَ {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11] قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ اسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا فُلَانُ» فَيَقُولُونَ: مَهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، === 4961 - "أخنع" اسم أي أوضع وأرذل رجل. بَابٌ فِي الْأَلْقَابِ 4962 - "ولا تنابزوا" أي لا يدعو بعضكم بعضًا بسوء الألقاب. "مختص" بالسوء عرفًا "بئس الاسم الفسوق" أي بئس استحقاق الاسم الذي هو الفسوق بارتكاب التنابز بعد الإيمان، وهو للدلالة على أن التنابز فسق، والجمع بينه وبين الإيمان، ثم المرتكب للنهي هو الذي يسمّى بمثل هذا

باب فيمن يتكنى بأبي عيسى

إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْ هَذَا الِاسْمِ، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} [الحجرات: 11]. بَابٌ فِيمَنْ يَتَكَنَّى بِأَبِي عِيسَى 4963 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ضَرَبَ ابْنًا لَهُ تَكَنَّى أَبَا عِيسَى، وَأَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ تَكَنَّى بِأَبِي عِيسَى فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنْ تُكْنَى بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَنَّانِي»، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَإِنَّا فِي جَلْجَتِنَا، فَلَمْ يَزَلْ يُكْنَى بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى هَلَكَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِابْنِ غَيْرِهِ يَا بُنَيَّ 4964 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ح، وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، وَسَمَّاهُ ابْنُ مَحْبُوبٍ الْجَعْدَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «يَا بُنَيَّ» قَالَ === اللقب أولًا أو عن علم بأن صاحبه لا يرضى به، وأما من سمع الناس ينادونه به فناداه بذلك من غير علم، فغير داخل في الوعيد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِيمَنْ يَتَكَنَّى بِأَبِي عِيسَى 4963 - "يكنى أبا عيسى" كره ذلك لما فيه من إيهام أب لعيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام. "في جلجتنا" أي في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يصنع بنا.

باب في الرجل يتكنى بأبي القاسم

أَبُو دَاوُدَ: «سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يُثْنِي عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ وَيَقُولُ كَثِيرُ الْحَدِيثِ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى بِأَبِي الْقَاسِمِ 4965 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى بِأَبِي الْقَاسِمِ 4965 - "ولا تكنوا بكنيتي" قد جاء "فإني إنما جعلت قاسمًا أقسم بينكم"، وثبت أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في السوق فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إنما دعوت هذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" (¬1)، ومقتضى الثاني أن علة النهي الالتباس المترتب عليه الإيذاء حين مناداة بعض الناس، والالتباس لا يتحقق في الاسم لأنهم نهو عن ندائه - صلى الله عليه وسلم - بالاسم، قال لعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَينَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (¬2)، وللتعليم الفعلي من الله تعالى لعباده، حيث لم يخاطبه في كلامه إلا بمثل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وأما الكنية فالمناداة بها جائزة، فالاشتراك يوجب الالتباس، ومقتضى الأول وهو: "فإني إنما جعلت قاسمًا" إلخ، أن علة النهي هو اختصاص القسمة به - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان معنى الاسم مختصًّا بأحد فينبغي اختصاص الاسم به أيضًا، والظاهر أن النهي كان لعلة الالتباس والإنداء، ومع ¬

_ (¬1) البخاري في فرض الخمس (3114، 3115)، وفي البيوع (2120، 2121)، وفي المناقب (3537 - 3539)، وفي الأدب (6187، 6188، 6196)، ومسلم في الأدب (2133)، وابن ماجة في الأدب (3735 - 3737)، وأحمد في مسنده (2/ 141، 260، 270، 392، 270، 491، 499، 3/ 114، 121، 370)، والدار في الاستئذان (2/ 294). (¬2) سورة النور: آية (63).

أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ === هذا بين لهم - صلى الله عليه وسلم - عدم استقامة هذه الكنية لغيره من حيث المعنى أيضًا زيادة في الإيضاح، فلا تنافي بين الحديثين، ولو كان النهي لمجرد عدم استقامة المعنى لكان للتنزيه بل لمجرد إفادة عدم الأولوية؛ لأن المعافي الأصلية للأعلام لا تجب مراعاتها حين التسمية وهو خلاف أصل النهي، وأما إذا كان للالتباس والإيذاء فهو على أصله للتحريم وبيان عدم استقامة المعنى لمجرد التأييد والتقوية لا للتعليل. فالعلة على هذا مختصة بحال حياته - صلى الله عليه وسلم -، واختصاص العلة وحده لا يوجب اختصاص الحكم، إذ الحكم لا ينتفي بانتفاء العلة ما دام لم يرد من الشارع ما ينفي الحكم، لكن حديث عليّ في الباب يقتضي خصوص الحكم بزمانه - صلى الله عليه وسلم -، وحديث: "إذا سميتم باسمي فلا تكنوا" (¬1) إلخ، يفيد خصوص النهي بالجمع بين الكنية والاسم، فمنهم من أخذ بإطلاق النهي لقوته ورأى أن حديث الإباحة لا يصلح للمعارضة، ومنهم من نظر إلى أنه يمكن الجمع بحمل النهي على خصوص وقته بقرينة خصوص العلة، وهو إن كان خلاف الأصل إلا أن حديث عليّ يصلح بيانًا لذلك، وأما حديث الجمع فهو مخالف للنهي وحديث علي، ولا ينطبق بالعلة التي لأجلها النهي، فلا اعتداد به. وأما حديث: "ما الذي أحل اسمي" إلخ، فإما أن يحمل على أنه كان قبل ¬

_ (¬1) الحديث ذكره الترمذي في الأدب (2842)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه.

باب من رأى أن لا يجمع بينهما

وَسَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، وَسُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُمْ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بَابُ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا 4966 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَتَكَنَّى بِكُنْيَتِي، وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى بِهَذَا الْمَعْنَى ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مُخْتَلِفًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اخْتُلِفَ فِيهِ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَلَى مَا قَالَ: أَبُو الزُّبَيْرِ وَرَوَاهُ مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَلَى مَا قَالَ: ابْنُ سِيرِينَ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مُوسَى بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ اخْتَلَفَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ. بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا 4967 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، === النهي، وإما على أنه في آخر زمنه حين علم أن نداء ذلك المولود لا يؤدي إلى الالتباس والتأذي، فيؤيد خصوص الحكم بالوقت الذي يؤدى فيه النداء إلى الإيذاء، ومنهم من أخذ بحديث الجمع وبيّن صحته، ولعل وجه النهي عن الجمع هو الالتباس على المخاطب إذ المتعارف إيضاح العلم بالكنية وعكسه كأبي حفص عمر، وعند الاشتراك فيهما لا يرتفع الالتباس بهذا الوجه والله تعالى أعلم.

باب ما جاء في الرجل يتكنى وليس له ولد

عَنْ فِطْرٍ، عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ، وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِكَ وَأُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وَلَمْ يَقُلْ أَبُو بَكْرٍ «قُلْتُ» قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 4968 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ الْحَجَبِيُّ، عَنْ جَدَّتِهِ، صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَلَدْتُ غُلَامًا فَسَمَّيْتُهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّيْتُهُ أَبَا الْقَاسِمِ، فَذُكِرَ لِي أَنَّكَ تَكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «مَا الَّذِي أَحَلَّ اسْمِي، وَحَرَّمَ كُنْيَتِي» أَوْ «مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي، وَأَحَلَّ اسْمِي». بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ 4969 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَلِي أَخٌ صَغِيرٌ يُكْنَى أَبَا عُمَيْرٍ وَكَانَ لَهُ نُغَرٌ يَلْعَبُ بِهِ، فَمَاتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَتَكَنَّى وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ 4969 - "وكان له نغر" بضم نون وفتح عين معجمة اسم طائر صغير "ما فعل" على بناء الفاعل، أي ما صنع وما جرى له، واستدل بالحديث من لا يقول بحرم المدينة وهو ضعيف، فإن الحديث لا يبلغ قوة معارضة وشهرته مع احتمال أن يكون قبل تحريم المدينة، أو يكون النغر قد حمل من خارج الحرم وفي حرمة مثله اختلاف، ويحتمل أن يكون المحل الذي كان فيه النغر لأبي عمير كان خارج

باب في المرأة تكنى

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَرَآهُ حَزِينًا، فَقَالَ: «مَا شَأْنُهُ؟ » قَالُوا: مَاتَ نُغَرُهُ، فَقَالَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ ». بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تُكْنَى 4970 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى، قَالَ: «فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللَّهِ» يَعْنِي ابْن اخْتُهَا قَالَ مُسَدَّدٌ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: فَكَانَتْ تُكَنَّى بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَكَذَا قَالَ قُرَّانُ بْنُ تَمَّامٍ، وَمَعْمَرٌ، جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ، نَحْوَهُ وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حَمْزَةَ، وَكَذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ قَعْنَبٍ، عَنْ هِشَامٍ كَمَا قَالَ: أَبُو أُسَامَةَ. بَابٌ فِي الْمَعَارِيضِ 4971 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ حِمْصَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ ضُبَارَةَ بْنِ مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ === الحرم، فإن بيوت بعض الصحابة وبساتينهم كانت خارج الحرم أيضًا والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الْمَعَارِيضِ 4971 - "هو لك به مصدق" إلخ، وفي المعراض هو يصدقك فيما أنت فيه

باب قول الرجل: [زعموا]

جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَسِيدٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ». بَابٌ قَوْلِ الرَّجُلِ: [زَعَمُوا] 4972 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي «زَعَمُوا؟ » قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا: حُذَيْفَةُ. === كاذب، وإن كنت صادقًا فيما تريد، فاللائق في المعارض أن يستعمل على قدر الحاجه والله تعالى أعلم. بَابٌ قَوْلِ الرَّجُلِ: [زَعَمُوا] 4972 - "بئس مطية الرجل زعموا" قيل: الزعم قول بلا اعتماد واعتقاد، وقيل: الزعم يطلق في الحق والباطل والصدق والكذب، وقيل: شبه ما يقدمه المتكلم أمامه كلامه يتوصل به إلى غرضه بالمطية أي المركب يصل به إلى حاجته، والمقصود أن الخبر المروي بزعموا لا يكون عن تثبيت، بل عن شك وتخمين، ومثله قبيح ينبغي الاحتراز عنه، وقيل: يستعمل زعموا في موضع التكذيب، والمراد أن تكذيب الناس غير لائق إلا لمصلحة كأهل الحديث والله تعالى أعلم.

باب في [أما بعد] في الخطب

بَابٌ فِي [أَمَّا بَعْدُ] في الخطب 4973 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: «أَمَّا بَعْدُ». بَابٌ فِي [الْكَرْمِ وَ] حِفْظِ الْمَنْطِقِ 4974 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ الْكَرْمَ، فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ، وَلَكِنْ قُولُوا حَدَائِقَ الْأَعْنَابِ». بَابُ لَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ [رَبِّي] وَ [رَبَّتِي] 4975 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلَا يَقُولَنَّ الْمَمْلُوكُ رَبِّي وَرَبَّتِي، وَلْيَقُلِ الْمَالِكُ فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَلْيَقُلِ الْمَمْلُوكُ سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي، فَإِنَّكُمُ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». === بَابٌ فِي [الْكَرْمِ وَ] حِفْظِ الْمَنْطِقِ 4974 - "الكرم" بفتح فسكون كانوا يسمون أشجار العنب كرمًا ترغيبًا في شرب الخمر الحاصل منه فنهوا عن ذلك والله تعالى أعلم.

باب لا يقال خبثت نفسي

4976 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا يُونُسَ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَلْيَقُلْ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ». 4977 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ». بَابُ لَا يُقَالُ خَبُثَتْ نَفْسِي 4978 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، === بَابُ لَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ [رَبِّي] وَ [رَبَّتِي] 4977 - " فإنه إن يك سيدًا" أي في اعتقادكم أي إن اعتقدتم أنه سيد واجب الطاعة والانقياد فذلك يؤدي إلى سخطه تعالى، "وإن يك سيدًا على لسانكم" أي إن وصفتموه بالسيادة فذاك يؤدي إلى سخطه تعالى، وقيل: أي إن يك سيدًا أي ذا مال وجاه، "أغضبتم الله تعالى بهذا القول" لما فيه من تعظيم من لا يستحقه وإلا فقد كذبتم. قلت: وعلى المعنى الأخير يمكن يجعل كلمة إن وصلية بلا واو. كما قيل ذلك في قوله تعالى: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} (¬1) فليتأمل والله تعالى أعلم. بَابُ لَا يُقَالُ خَبُثَتْ نَفْسِي 4978 - "لقست" بكسر القاف قيل: معنى لقست وخبثت واحد، وإنما كره ¬

_ (¬1) سورة مريم: آية (18).

باب

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي». 4979 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ جَاشَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي». 4980 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ». باب 4981 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ === لفظ الخبث لبشاعته، وأرشدهم إلى استعمال اللفظ الحسن القبيح. 4980 - "لا تقولوا ما شاء الله" إلخ، أبى احترازًا عما يوهم المساواة، "ومن يعصهما" لعل قبل هذا الكلام يختلف حسب اختلاف الأفهام، فكم من فهم لم ينشأ عنه مثل هذا إلا عن قلة تعظيم الرب الجليل جل جلاله، وكم من فهم إذا سمع هذا الكلام ينتقل إلى توهم المساواة، وعند ذلك يجب الاحتراز عن مثله، وإما كان المتكلم مثله - صلى الله عليه وسلم - والحاضرون عنده مثل كبار الصحابة، فلا نحل مثله، فلذلك منع الخطيب عن مثله مع أنه قد جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - مثله والله تعالى أعلم.

عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَالَ: «قُمْ» أَوْ قَالَ: «اذْهَبْ فَبِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ». 4982 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ يَعْنِي الْحَذَّاءَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ، فَقُلْتُ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: " لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ: بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ. 4983 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتَ» وَقَالَ مُوسَى: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ === 4982 - "تعس" كسمع أي هلك، ومثل هذا يوهم أن للشيطان دخلًا في ذلك، فلذلك يفرح: ويقول: بقوتي، فلا ينبغي استعمال مثله. 4983 - "هلك الناس" إلخ، أي الناس لا يخلون عن خير، فالحكم بالهلاك على الكل غير صحيح، فالحاكم بذلك الحكم هو الذي يريد أن يهلكهم، وإلا فالله تعالى ما أهلكهم، هذا إذا كان أهلكهم بصيغة الماضي من الإهلاك، وأما إذا كان اسم تفضيل من الهلاك فالمعنى أن المتكلم من جملة الناس، فإذا حكم بالهلاك عليهم كلهم فقد حكم على نفسه بذلك، ثم زاد عليهم بالهلاك بسبب

باب في صلاة العتمة

أَهْلَكُهُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مَالِكٌ: إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَحَزُّنًا لِمَا يَرَى فِي النَّاسِ يَعْنِي فِي أَمْرِ دِينِهِمْ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ عُجْبًا بِنَفْسِهِ وَتَصَاغُرًا لِلنَّاسِ فَهُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ. بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ 4984 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا === أنه كاذب في ذلك الحكم والله تعالى أعلم، والمعنى الذي روى أبو داود عن مالك مبني على أنه اسم تفضيل وسبب أنه أهلكهم هو إعجابه بنفسه والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ 4984 - "لا تغلبنكم الإعراب" إلخ، أي الاسم الذي ذكره الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسم العشاء والأعراب يسمونها العتمة، "فلا تكثروا" استعمال ذلك الاسم لما فيه من غلبة الأعراب عليكم، بل أكثروا استعمال اسم العشاء موافقة للقرآن، فالمراد النهي عن إكثار اسم العتمة لا عن استعماله، وإلا فقد جاء في الأحاديث إطلاق هذا الاسم. ثم ذكر - صلى الله عليه وسلم - سبب إطلاق الأعراب اسم العتمة بقوله: "لكنهم" أي الإعراب، "يعتمون" من أعتم إذا دخل في العتمة، وهي الظلمة أي يؤخرون الصلاة ويدخلون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحلبها والله تعالى أعلم. "فاسترحت بالاشتغال بالصلاة" لكونها مناجاة مع الرب تعالى أو بالفراغ

تَغْلِبَنَّكُمُ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ». 4985 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: قَالَ مِسْعَرٌ أُرَاهُ مِنْ خُزَاعَةَ: لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا». 4986 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبِي، إِلَى صِهْرٍ لَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ نَعُودُهُ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَالَ لِبَعْضِ أَهْلِهِ: يَا جَارِيَةُ ائْتُونِي بِوَضُوءٍ لَعَلِّي أُصَلِّي فَأَسْتَرِيحَ، قَالَ: فَأَنْكَرْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «قُمْ يَا بِلَالُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ». 4987 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْسِبُ أَحَدًا إِلَّا إِلَى الدِّينِ». === لاشتغال الذمة بها، قيل الفراغ عنها فقال: أي الأنصاري لبعض أهله. 4987 - "ينسب" كينصر كان المراد أنه لا يعتبر بالنسبة إلى الأجداد ولا يهتم بها؛ بل ينسب الناس إلى الدين وما يتعلق به من هجرة أو نصرة والله تعالى أعلم.

باب ما روي في الترخيص في ذلك

بَابُ مَا رُوِيَ فِي الترخيصِ فِي ذَلِكَ 4988 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْنَا شَيْئًا - أَوْ مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ -، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا. بَابٌ فِي [التَّشْدِيدِ] فِي الْكَذِبِ 4989 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ === بَابُ مَا رُوِيَ فِي الترخيصِ فِي ذَلِكَ 4988 - "وإن وجدناه لبحرًا" كلمة إن مخففة من المثقلة أي إن الشأن وجدناه جريه كجري البحر، ويقال للفرس بحر إذا كان واسع الجري. بَابٌ فِي [التَّشْدِيدِ] فِي الْكَذِبِ 4989 - "يهدي إلى الفجور" من الهداية، قيل: لعل الكذب بخاصية يفضي بالإنسان إلى القبايح، والصدق بخلافه، ويحتمل أن المراد بالفجور هو نفس ذلك الكذب، وكذا بالبر نفس ذلك الصدق، والهداية إليه باعتبار المغايرة الاعتبارية في المفهوم والعنوان، كما يقال العلم يؤدي إلى الكمال، و"البر"، قيل: اسم جامع للخير، وقيل: هو العمل الصالح الخالص من كل مفهوم. قال ابن العربي: إذا تحرى الصدق لم يعص أبدًا؛ لأنه إن أراد أن يفعل شيئًا من المعاصي خاف أن يقال: أفعلت كذا، فإن سكت جر الريبة، وإن قال: لا كذب، وإن قال: نعم فسق وسقطت منزلته وذهبت حرمته، "حتى يكتب عند

عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا». 4990 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ». 4991 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، أَنَّ رَجُلًا، مِنْ مَوَالِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ الْعَدَوِيِّ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا أَرَدْتِ أَنْ === الله" الظاهر أن المراد كتابته في ديوان الأعمال، ويحتمل أن المراد إظهاره بين الناس بوصف الكذب والصدق والله تعالى أعلم. "من حسن العبادة" أي حسن الظن بالله أو بغيره، من جملة حسن العبادة ومعدود منه أو ينشأ من حسن العبادة، فمن حسنت عبادته يحسن الظن به تعالى بقبوله عبادته وإثابته بجزيل الأجر، ومن ساء عمله ساء ظنه بسبب المحاسبة والمعاقبة على أعماله الفاسدة، وكذا حسن الظن بغيره تعالى أو سوءه ينشأ من مقايسته المرء حال الغير بنفسه والله تعالى أعلم.

باب في حسن الظن

تُعْطِيهِ؟ » قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ». 4992 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: ابْنُ حُسَيْنٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يَذْكُرْ حَفْصٌ أَبَا هُرَيْرَةَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ يُسْنِدْهُ إِلَّا هَذَا الشَّيْخُ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيَّ». بَابٌ فِي حُسْنِ الظَّنِّ 4993 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُهَنَّا أَبِي شِبْلٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَلَمْ أَفْهَمْهُ مِنْهُ جَيِّدًا» عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ شُتَيْرٍ، قَالَ: نَصْرٌ ابْنُ نَهَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - قَالَ نَصْرٌ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: مُهَنَّا ثِقَةٌ بَصْرِيٌّ. 4994 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ وَقُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ،

باب في العدة

فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» قَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، فَخَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا» أَوْ قَالَ: «شَرًّا». بَابٌ فِي الْعِدَةِ 4995 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ، وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ لَهُ فَلَمْ يَفِ وَلَمْ يَجِئْ لِلْمِيعَادِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ». 4996 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ، قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ: «يَا فَتًى، لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: «هَذَا عِنْدَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ:

باب في المتشبع بما لم يعط

هَكَذَا بَلَغَنِي عَنْ عَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: بَلَغَنِي أَنَّ بِشْرَ بْنَ السَّرِيِّ، رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ. بَابٌ فِي الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ 4997 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ امْرَأَةً، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارَةً - تَعْنِي ضَرَّةً - هَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ لَهَا بِمَا لَمْ يُعْطِ زَوْجِي، قَالَ: «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُزَاحِ 4998 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ === بَابٌ فِي الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ 4997 - "إن تشبعت" أي أظهرت عندها إنه أعطاني شيئًا ما أعطانيه، المتشبع أي المتشبه بالشبعان وليس به، المظهر أنه أعطي ما لم يعط، كلابس ثوبي زور" الثنية باعتبار أن العرب كانوا يلبسون الإزار والرداء والمراد، أنه كمن يلبس ثياب الزهد ويظهر التخشع وليس بزاهد، وكمن يلبس الثياب الحسنة ليُصدّق في شهادة الزور ولا ترد شهادته لحسن لباسه والله تعالى أعلم. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُزَاحِ بضم الميم كلام يراد به المباسطة بحيث لا يفضي إلى أذى، فإن بلغ به الإيذاء يكون سخرية، والمزاح بكسر الميم مصدر، ما أضع بولد الناقة فهم من عفوان الولد قربه من الولادة، فحمله على الصغير فأرشده - صلى الله عليه وسلم - إلى أنك لو تأملت ما

رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْمِلْنِي، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ» قَالَ: وَمَا أَصْنَعُ بِوَلَدِ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَهَلْ تَلِدُ الْإِبِلَ إِلَّا النُّوقُ». 4999 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ: أَلَا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْجِزُهُ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ «كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟ » قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلَانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا». === قلت ذلك؛ لأن اسم الولد يصدق علي الكبير أيضًا، وقرينة الحمل دليل على تعيين المراد ففيه مع المباسطة معه إرشاد له ولغيره إلى التأمل في معنى الكلام وعدم التبادر إلى الرد. 4999 - "يحجزه" أي منع أبا بكر من ذلك، "مغضبًا" اسم مفعول من أغضب أي أوقعه فعل عائشة في الغضب، "رأيتني" على خطاب المرأة، "أنقذتك" خصلتك "سلمكها" بكسر السين أي مصالحتها.

باب من يأخذ الشيء على المزاح

5000 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ وَقَالَ: «ادْخُلْ» فَقُلْتُ: أَكُلِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «كُلُّكَ» فَدَخَلْتُ. 5001 - حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: «أَدْخُلُ كُلِّي» مِنْ صِغَرِ الْقُبَّةِ. 5002 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ». بَابُ مَنْ يَأْخُذُ الشَّيْءَ عَلَى الْمِزَاحِ 5003 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، ح === 5500 - "أكلي" أي أيدخل جميع جسدي. 5002 - "يا ذا الأذنين" كل إنسان كذلك، لكن ظاهر السوق يفيد أن هذه صفة غريبة خاصة به فيكون مزاحًا بهذا الاعتبار، وقيل: هو مدح أنس بتيقظه للاستماع أو تنبيه له على أنه ينبغي أن يكون متيقظًا، فإن من أعطاه الله أذنين مع كفاية أحدهما في أصل المطلوب ينبغي أن يكون كذلك. بَابُ مَنْ يَأْخُذُ الشَّيْءَ عَلَى الْمِزَاحِ 5003 - "لاعبًا جادًا" أي لاعبًا في الحال جادًا في المآل، وفي بعض النسخ

باب ما جاء في المتشدق في الكلام

وحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا» وَقَالَ سُلَيْمَانُ: «لَعِبًا وَلَا جِدًّا» وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا " لَمْ يَقُلْ ابْنُ بَشَّارٍ: ابْنَ يَزِيدَ وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ، فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا». بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَدِّقِ فِي الْكَلَامِ 5005 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَاهِلِيُّ، وَكَانَ يَنْزِلُ الْعَوَقَةَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هُوَ ابْنُ عَمْرٍو» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْبَاقِرَةِ بِلِسَانِهَا». === لاعبًا ولا جادًا وهو ظاهر. بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَدِّقِ فِي الْكَلَامِ 5005 - "الذي يتخلل" إلخ، أي المتكلف في البلاغة الذي يتكلم من أقصى فمه ويلف الكلام كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفًّا.

5006 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ صَرْفَ الْكَلَامِ لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوبَ الرِّجَالِ، أَوِ النَّاسِ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا». 5007 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَخَطَبَا، فَعَجِبَ النَّاسُ - يَعْنِي لِبَيَانِهِمَا - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا» أَوْ «إِنَّ بَعْضَ الْبَيَانِ لَسِحْرٌ». 5008 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ وَحَدَّثَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنُهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ظَبْيَةَ، أَنَّ عَمْرَو ابْنَ الْعَاصِ، قَالَ: يَوْمًا - وَقَامَ رَجُلٌ فَأَكْثَرَ الْقَوْلَ - فَقَالَ عَمْرٌو: لَوْ قَصَدَ فِي قَوْلِهِ لَكَانَ === 5006 - "صرف الكلام" ضبط بكسر الصاد أي الخالص النقي من الكلام، وفتحها أي الفاضل عن قدر الحاجة، ويمكن أن يقال: المراد هو أن يصرفه من فن إلى فن، أو المراد الكلام الصارف المقلوب والله تعالى أعلم. 5007 - "لسحرًا" أي يوقع الناس في العجب لبلاغته كالسحر، أو هو في الخداع كالسحر. 5008 - "لو قصد" أي توسط وأوجز في القول شعرًا؛ لأنه يؤدي غالبًا إلى مدح من لا يستحقه وذم من لا يستحقه وغير ذلك، والمستثنى بقوله تعالى: {إلَّا

باب ما جاء في الشعر

خَيْرًا لَهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَقَدْ رَأَيْتُ، أَوْ أُمِرْتُ، أَنْ أَتَجَوَّزَ فِي الْقَوْلِ، فَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ خَيْرٌ». بَابُ مَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ 5009 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: وَجْهُهُ أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُهُ حَتَّى يَشْغَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ، فَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ وَالْعِلْمُ الْغَالِبَ فَلَيْسَ جَوْفُ هَذَا عِنْدَنَا مُمْتَلِئًا مِنَ الشِّعْرِ، «وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»، قَالَ: كَأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَبْلُغَ مِنْ بَيَانِهِ أَنْ يَمْدَحَ الْإِنْسَانَ فَيَصْدُقَ فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ الْقُلُوبَ إِلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ يَذُمَّهُ فَيَصْدُقَ فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ الْقُلُوبَ إِلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ، فَكَأَنَّهُ سَحَرَ السَّامِعِينَ بِذَلِكَ. 5010 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً». === الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬1) الآية أقل قليل، وإليه الإشارة بحديث "إن من الشعر حكمة". ¬

_ (¬1) سورة التين: آية (6)، سورة ص: آية (124) سورة الانشقاق: آية (25)، سورة العصر: آية (3).

5011 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا». 5012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ النَّحْوِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَخْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا، وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالًا» فَقَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ: صَدَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا قَوْلُهُ «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا» فَالرَّجُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ أَلْحَنُ بِالْحُجَجِ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ، فَيَسْحَرُ الْقَوْمَ بِبَيَانِهِ فَيَذْهَبُ بِالْحَقِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ «إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلًا» فَيَتَكَلَّفُ الْعَالِمُ إِلَى عِلْمِهِ مَا لَا يَعْلَمُ فَيُجَهِّلُهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا» فَهِيَ هَذِهِ الْمَوَاعِظُ، وَالْأَمْثَالُ الَّتِي يَتَّعِظُ بِهَا النَّاسُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ «إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالًا» فَعَرْضُكَ كَلَامَكَ وَحَدِيثَكَ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ وَلَا يُرِيدُهُ. === 5012 - "فيتكلف العالم" إلى آخره، أي أن يتكلم فيما لا يعلم، فذلك العلم الذي يظهره بذلك الكلام علم ظاهرًا وجهل باطنًا، وقيل: هو علم الغير المحتاج إليه كعلم النجوم وعلم الأوائل، ويحتمل أن المراد هو العلم الذي لا يعمل به صاحبه ولا ينفعه، وقوله: "فعرضك كلامك" أي فيصب كلامك كلا عليه ثقيلًا كالعيال كلّ على الإنسان.

5013 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَلَفٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ فَقَالَ: «قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ». 5014 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بِمَعْنَاهُ زَادَ «فَخَشِيَ أَنْ يَرْمِيَهُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَازَهُ». 5015 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيُّ لُوَيْنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، وَهِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ لِحَسَّانَ مِنْبَرًا فِي الْمَسْجِدِ فَيَقُومُ عَلَيْهِ يَهْجُو مَنْ قَالَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ مَعَ حَسَّانَ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 5016 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، === 5014 - "فخشي" أي خاف، "عمران" يطعن فيه. 5015 - "إن روح القدس" أي جبريل "مع حسان" تأييدًا أو تثبيتًا "ما ناقح" أي دافع، واستثنى تفيد نسخ، إلا الرؤيا الصالحة، فإنها من النبوة لما فيها من الاطلاع على المغيبات، وكأن المراد أنه ليس يبقى على العموم وإلا فالإلهام والكشف للأولياء موجود والله تعالى أعلم.

باب [ما جاء] في الرؤيا

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] «فَنَسَخَ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى» فَقَالَ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء: 227]. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّؤْيَا 5017 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ زُفَرَ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَقُولُ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا»، وَيَقُولُ «إِنَّهُ لَيْسَ يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ». 5018 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ، مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». 5019 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ === بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الرُّؤْيَا 5018 - "جزء" إلخ، حقيقة. "لا تدري" والروايات أيضًا مختلفة، والقدر الذي أريد إفهامه هو أن الرؤيا لها مناسبة بالنبوة من حيث إنها اطلاع على الغيب بواسطة الملك إذا كانت صالحة والله تعالى أعلم. 5019 - "إذا اقترب الزمان" قيل: اقترب من الاعتدال، وقيل: اقترب من

مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ أَنْ تَكْذِبَ، وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَالرُّؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهِ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَقُمْ، فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ قَالَ: «وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ، وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ يَعْنِي إِذَا اقْتَرَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ يَعْنِي يَسْتَوِيَانِ». === الانقضاء بإقبال الساعة، قال ابن العربي: والأول لا يصح؛ إذ اعتدال الليل والنهار لا أثر له في ذلك، ولا يتعلق به معنى إلا ما قالته الفلاسفة من أن اعتدال الزمان يعتدل به الأخلاط، وهذا مبني على تعليق الرؤيا بالطبايع وهو باطل، وأيضًا كلامهم مخصوص بالربيع والاقتراب في الحديث إذا حمل على الاعتدال يعم الربيع والخريف، قال بخلاف اقتراب يوم القيامة، فإنها الحاقة التي تحق فيها الحقائق، فكل ما قرب منها فهو أخص بالحقائق. ونقل السيوطي عن مجمع الغرائب: أنه يحتمل أن يراد قرب الأجل، وهو أن يطعن المؤمن في السن ويبلغ أوان الكهولة والمشيب، فيكون رؤياه أصدق لاستكماله تمام الحكم والأناة وقوة النفس والله تعالى أعلم. وقوله: "قال: وأحب القيد" أي قال أبو هريرة، وقد صرحوا بأنه موقوف على أبي هريرة، وبعض روايات الحديث يدل عليه، "والغل" بضم الغين المعجمة وتشديد اللام ما يغل به، والقيد يكون في الرجل، فيؤول على الثبات.

5020 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ، مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ» قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: «وَلَا تَقُصَّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ، أَوْ ذِي رَأْيٍ». 5021 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زُهَيْرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ لِيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ». 5022 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَيَتَحَوَّلُ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ». 5023 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي === 5020 - "على رجل طائر" بكسر الراء أي كأنها معلقة بطائر، قيل: هذا مثل، والمراد أنها لا تستقر فكيف ما يكون على رجله. 5023 - "فسيراني في اليقظة" قيل: أي يوم القيامة، فيكون هذا بشارة له بحسن الخاتمة، رزقنا الله تعالى ذلك مع جميع الأحبة، فسقط ما قيل أنه لا فائدة

يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي». 5024 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا === فيه؛ لأنه يراه به يوم القيامة جميع الأمة، "الرائي وغيره" وهذا ظاهر، أو فكأنما رآني في اليقظة أي رؤياه حق كالرؤية في اليقظة، "ولا يتمثل الشيطان بي" أي لا يظهر بحيث يظن الرائي أنه النبي، قيل: هذا يختص بصورته المعهودة فيعرض على الشمائل الشريفة المعلومة، فإن طابقت الصورة المرئية تلك الشمائل، فهي رؤيا حق وإلا فالله تعالى أعلم بذلك، وقيل: بل في أي صورة كانت، وقد رجحه كثير بأن الاختلاف إنما يجيء من أحوال الرائي وغيره والله تعالى أعلم. قيل: وجه ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مظهر الاسم الهادي ولذلك قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬1)، والشيطان مظهر اسم المضل، والهداية والإضلال ضدان، فمنع الشيطان عن الظهور بصورته - صلى الله عليه وسلم - لذلك والله تعالى أعلم. 5024 - "من صور صورة" أي صورة ذي روح بها أي بسببها، وليس الباء للآية، "حتى ينفخ" إلخ، يفيد دوام العذاب، فيحمل على أنه يستحق ذلك أو ذلك إذا فعل مستحلًا، أو إذا كان كافرًا والله تعالى أعلم. "ومن تحلم" أي تكلم في الحلم أي أتى فيه، أي لم يره، فكما أنه نظم غير ¬

_ (¬1) سورة الشورى: آية (52).

باب [ما جاء] في التثاؤب

أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عَذَّبَهُ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ، وَمَنْ تَحَلَّمَ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَةً، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ يَفِرُّونَ بِهِ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 5025 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ فَأَوَّلْتُ أَنَّ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي التَّثَاؤُبِ 5026 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي === المنظوم وعقد بين الكلمات الغير المرتبطة، كذلك يكلف بالعقد الربط بين أشياء لا يمكن العقد بينها ليكون العقاب من جنس المعصية، ثم معلوم لا يعقد بينهما أصلًا، وقد جاء به الروايات أيضًا، فيمتد عقابه بهذا التكليف إلى توبته أو يدوم إن كان كافرًا، "يفرون منه" أي لا يريدون سماعه، "الآنك" بمد همزة ثم نون بعدها كاف الرصاص المذاب. 5025 - "من رطب ابن طاب" نوع من التمر. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي التَّثَاؤُبِ 5026 - "إذا تثاءب" بهمزة ومد مخففًا وبهمزة وتشديد لغتان، "فليمسك على فيه ولو كان في الصلاة"، وهذا مستثنى من النهي عن وضع المصلي يده

سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». 5027 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، نَحْوَهُ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ». 5028 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يَقُلْ هَاهْ هَاهْ، فَإِنَّمَا ذَلِكُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ». === على فيه، "فإن الشيطان يدخل" يحتمل أن يراد الدخول حقيقة ويحتمل أن يراد بالدخول التمكن منه. 5027 - "قال في الصلاة" قيل: أكثر الروايات الإطلاق ووقع في بعضها التقييد بحالة الصلاة، فيحتمل أن يحمل المطلق على مقيد، وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته، ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد، ومع ذلك يكره في غير حالة الصلاة أيضًا، ويؤيد الإطلاق أنه من الشيطان، وقال ابن العربي: ينبغي كظم التثاؤب في كل حالة، وإنما خص الصلاة؛ لأنها أولى الأحوال بدفعه لما فيه من الخروج عن اعتدال الهيئة واعوجاج الخلقة. 5028 - "يحب العطاس" بضم العين قيل: المراد يحب سببه، لأنه يكون عن خفة بدن والتثاؤب عن ثقله، "فإِن ذلكم من الشيطان" قيل: بمعنى يحب الشيطان أن يرى الإنسان كذلك فيضحك عنه.

باب في العطاس

بَابٌ فِي الْعُطَاسِ 5029 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ» - شَكَّ يَحْيَى -. 5030 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، وَخُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ، رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَازَةِ». بَابُ مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ 5031 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ === بَابٌ فِي الْعُطَاسِ 5029 - قولة: "إذا عطس" بفتح الطاء وضع يده كراهة أن يظهر الهيئة المتنكرة التي تكون عند العطاس. 5030 - قوله: "تجب للمسلم" ظاهر الحديث الوجوب ومن لا يقول بالوجوب في البعض أو الكل يحمل الوجوب على ما يعم الندب المؤكد، ويحمله على الندب المؤكد. بَابُ مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ 5031 - قوله: "وعليك وعلى أمك" فيه إشارة إلى أن هذا جهل بالشرع يتبع

بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ سَالِمٌ: وَعَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ مِمَّا قُلْتُ لَكَ، قَالَ: لَوَدِدْتُ أَنَّكَ لَمْ تَذْكُرْ أُمِّي بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ، قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ لَكَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّا بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَعَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ» ثُمَّ قَالَ «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ» قَالَ: فَذَكَرَ بَعْضَ الْمَحَامِدِ، «وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلْيَرُدَّ - يَعْنِي عَلَيْهِمْ - يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ». 5032 - حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ الْمُنْتَصِرِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ يُوسُفَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْفَجَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5033 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». === فيه الإنسان أمه، فإن الغالب على النساء الجهل، فكأنه قيل: السلام عليك وعلى من تبعته في هذا الجهل والله تعالى أعلم.

باب كم [مرة] يشمت العاطس

بَابُ كَمْ [مَرَّةً] يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ 5034 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ «شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ». 5035 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنَّهُ رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5036 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّهِ، حُمَيْدَةَ أَوْ عُبَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تُشَمِّتُ الْعَاطِسَ ثَلَاثًا، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُشَمِّتَهُ فَشَمِّتْهُ وَإِنْ شِئْتَ فَكُفَّ». 5037 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، عَطَسَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَرْحَمُكَ اللَّهُ» ثُمَّ عَطَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ === بَابُ كَمْ [مَرَّةً] يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ 5034 - قوله: "فهو زكام" أي فلا حاجة إلى التشميت.

باب كيف يشمت الذمي

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ مَزْكُومٌ». بَابُ كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ 5038 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ الدَّيْلَمِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَعَاطَسُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهَا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ: «يَهْدِيكُمُ اللَّهُ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». بَابٌ فِيمَنْ يَعْطِسُ وَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ 5039 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ الْآخَرَ، قَالَ: فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: رَجُلَانِ عَطَسَا فَشَمَّتَّ أَحَدَهُمَا قَالَ أَحْمَدُ: أَوْ فَسَمَّتَّ أَحَدَهُمَا، وَتَرَكْتَ الْآخَرَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ». === بَابُ كَيْفَ يُشَمَّتُ الذِّمِّيُّ 5038 - قوله: "تعاطس" أي تتعاطس أي تتكلفون بالعطاس. بَابٌ فِيمَنْ يَعْطِسُ وَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ 5039 - قوله: "وإن هذا لم يحمد الله" قال السيوطي: الذي لم يحمد عامر بن الطفيل مات كافرًا.

باب في الرجل ينبطح على بطنه

أَبْوَابُ النَّوْمِ بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْبَطِحُ عَلَى بَطْنِهِ 5040 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَعِيشَ بْنِ طَخْفَةَ بْنِ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبِي مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا»، فَانْطَلَقْنَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِينَا» فَجَاءَتْ بِحَشِيشَةٍ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ أَطْعِمِينَا» فَجَاءَتْ بِحَيْسَةٍ مِثْلِ الْقَطَاةِ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ اسْقِينَا» فَجَاءَتْ بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ اسْقِينَا» فَجَاءَتْ بِقَدَحٍ صَغِيرٍ فَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنْ شِئْتُمْ بِتُّمْ، وَإِنْ شِئْتُمُ انْطَلَقْتُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ» قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ السَّحَرِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ» قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === أَبْوَابُ النَّوْمِ بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْبَطِحُ عَلَى بَطْنِهِ 5040 - قوله: "بحشيشة" هي ما يحش من الحب فيطبخ، والحش طحن خفيف فوق الدقيق بحيسة هي أخلاط من تمر وسويق وأقط وسمن تجمع فتؤكل، "والقطاة" بفتح القاف ضرب من الحمام وكأنه شبه في القلة، "بعسّ" بضم العين وتشديد السين قدح ضخم ليس عليه حجا، قال الخطابي: هذا الحرف يروى

باب في النوم على سطح غير محجر

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بَابٌ فِي النَّوْمِ عَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ 5041 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمٌ يَعْنِي ابْنَ نُوحٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ جَابِرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنْ وَعْلَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ لَهُ حِجَارٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ». بَابٌ فِي النَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ 5042 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ === بكسر الحاء وفتحها، والمراد معنى الستر والحجاب يطلق عليه. بَابٌ فِي النَّوْمِ عَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ 5041 - "الحجا" بالكسر تشبيهًا له بالعقل وذلك؛ لأن العقل يمنع الإنسان من التردي والسقوط (¬1)، وأما الحجا بالفتح فمعناه الناحية، وفي النهاية: ورواه غير الخطابي بالراء في آخره (¬2)، وهو جمع حجر بالكسر وهو الحائط، ويروى حجاب بالباء وهو كل ما يمنع عن السقوط، "برئت منه الذمة" أي العهدة، يريد أنه إن مات، فلا يؤخذ أحد بدمه وليس على أحد عهدته؛ لأنه عرض نفسه للهلاك ولم يحترز بها. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 142). (¬2) النهاية (1/ 348)، معالم السنن (4/ 142).

باب كيف يتوجه

بَهْدَلَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي ظَبْيَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا، فَيَتَعَارُّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو ظَبْيَةَ، فَحَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ثَابِتٌ: قَالَ فُلَانٌ: لَقَدْ جَهِدْتُ أَنْ أَقُولَهَا حِينَ أَنْبَعِثُ فَمَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا. 5043 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «يَعْنِي بَالَ». بَابُ كَيْفَ يَتَوَجَّهُ 5044 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ بَعْضِ، آلِ أُمِّ سَلَمَةَ «كَانَ فِرَاشُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوًا مِمَّا يُوضَعُ الْإِنْسَانُ فِي قَبْرِهِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عِنْدَ رَأْسِهِ». === بَابٌ فِي النَّوْمِ عَلَى طَهَارَةٍ 5042 - " فيتعارّ" بتشديد الراء أي يستيقظ، "فغسل وجهه ويديه" ظاهره أن الطهارة للنوم، "يكفي فيها" الاكتفاء بهذا القدر نحوًا مما يوضع الإنسان على بناء المفعول أي على هيئته وضع الإنسان في القبر.

باب ما يقال عند النوم

بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ 5045 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَوَاءٍ، عَنْ حَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ، عِبَادَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ». 5046 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورًا، يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ 5045 - "اللهم قني عذابك" فيه أنه ينبغي للعبد أن ينتقل من أحوال الدنيا إلى أحوال الآخرة فيذكر الموت عند النوم، فيستعيذ من عذاب البعث بعده. 5046 - "فتوضأ" أي استحبابًا، "وضوءك للصلاة" أي وضوءًا شرعيًّا لا لغويًّا بمعنى مطلق النظافة، نقل السيوطي عن فتح الباري أنه قال الترمذي: ليس في الأحاديث ذكر الوضوء عند النوم إلا في هذا الحديث، وله فوائد منها أنه يبيت على طهارة، فإن مات يكون على هيئة كاملة، ومنها أن يكون أصدق للرؤيا وأبعد من تلعب الشيطان به، "ثم اضطجع على شقك" بكسر معجمة وتشديد قاف أي جانبك الأيمن، أي ليحصل لك يمن التيامن، "أسلمت نفسي إليك" أي رضيت بتصرفك فيها إمساكًا وإرسالًا، "أمري" أي شأني كله "إِليك"، فلا مدبر له سواك، فهو تعميم بعد تخصيص؛ "وألجأت ظهري" أي أسندته إلى حفظك وعونك إذ لا ينفع إلا حماك، "رغبة ورهبة" علة لكل من المذكورات. "وإليك" متعلق بالرغبة ومتعلق الرهبة محذوف أي منك، والرهبة والوجل

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، وَقُلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» قَالَ «فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ» قَالَ الْبَرَاءُ: فَقُلْتُ: أَسْتَذْكِرُهُنَّ، فَقُلْتُ: وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: «لَا، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». 5047 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ وَأَنْتَ طَاهِرٌ فَتَوَسَّدْ يَمِينَكَ» ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. === والخوف متقاربة معنى، ثم قد جاء الاختلاف في التقديم، فتقديم الرهبة للإشعار بأنها في الحياة أنفع كما أن الختم على الرغبة أحسن وأجرى، وتقديم الرغبة للإشعار إلى مضمون: "سبقت رحمتي غضبي" والملجأ مهموز والمنجا مقصور، ولكن قد يهمز للأزواج وقد يجعل الأول مقصورًا له أيضًا هذا من حيث أصل الكلمة، وأما من حيث الإعراب فيجوز فيه خمسة أوجه كما قالوا في لا حول ولا قوة إلا بالله، أي لا مهرب ولا ملجأ ولا مخلص عن عقوبتك إلا برحمتك، "على الفطرة" أي دين الإسلام، "قال: لا" إذ لا فائدة في توصيف الرسول بهذا الوصف، وقيل: منعه تنبيهًا على التوفيق وأن الأدعية مما يحافظ فيها على الوارد والله تعالى أعلم.

5048 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْغَزَّالُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَحَدُهُمَا «إِذَا أَتَيْتَ فِرَاشَكَ طَاهِرًا» وَقَالَ الْآخَرُ «تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ» وَسَاقَ مَعْنَى مُعْتَمِرٍ. 5049 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَامَ قَالَ: «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَأَمُوتُ» وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَمَا أَمَاتَنَا، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ». 5050 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ. === 5050 - "بداخلة إزاره" أي بالطرف الذي يلي الجسد، "ما خلفه" أي جاء عقبه على الفراش، هذا على أن عادتهم كانت ترك الفراش في محله في النهار، أو هذا إذا قام في وسط الليل ثم رجع إلى فراشه والله تعالى أعلم. "وبك أرفعه" أي بالحياة أو بالبعث فهو متحقق، فلذا ترك قيد المشيئة، ويحتمل أن المراد التقييد بالمشيئة وترك القيد في اللفظ تفاؤلًا.

5051 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، ح وحَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، نَحْوَهُ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ، وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنَزِّلَ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ، وَالْقُرْآنِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ»، زَادَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ «اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ». 5052 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ يَعْنِي ابْنَ جَوَّابٍ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، وَأَبِي مَيْسَرَةَ، === 5051 - {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} (¬1) أي شاقهما بإخراج النبات والنخل منهما، "نزل" من الإنزال أو التنزيل، "أنت الظاهر" أي فلا ظهور شيء ولا وجود إلا من آثار ظهورك ووجودك، "فليس فوقك شيء" يكون أعلا منك ظهورًا "وأنت الباطن" بعظمة جلالك وكمال كبريائك حتى لا يقدر أحد على إدراك ذاتك مع كمال ظهورك، "فليس دونك" أي وراءك شيء يكون أبطن منك، "لا يهزم" على بناء المفعول وكذا لا يخلف، "إذا آوى" بمد أو بلا مد والأفصح ها هنا عدم المد وفيما بعد المد، والحاصل أن الأفصح في اللازم ترك المد مع جواز المد، وفي المتعدي المد مع جواز ترك المد والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية (95).

عَنْ عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ، مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ». 5053 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَكَفَانَا، وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ، وَلَا مُؤْوِيَ». 5054 - حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ الْأَنْمَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: === 5054 - "وأخسأ" ضبط بهمزة قطع وفتح مع السين بلا همزة وهو مهموز، لكن الهمزة حين كسر ما قبلها قلبت ياءً وسقطت، والمعنى: اجعل من يقصدني بإغواء من الشيطان مطرودًا عني مردودًا عن إغوائي. "وفك" بضم الفء وتشديد الكاف صيغة أمر من الفك بمعنى التخليص، "والرهان" جمع رهن والمراد الأعضاء المرهونة بعملها المحسوبة بما يلزمها من شكر منعمها، وتخليصها: التوفيق لأداء ذكر الشكر، "في الندي" ضبط بتشديد الياء أي أهل المجلس، قال الخطابي: أي الملأ الأعلى من الملائكة، والنديّ" القوم

«بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ أَبُو هَمَّامٍ الْأَهْوَازِيُّ، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: أَبُو زُهَيْرٍ الْأَنْمَارِيُّ. 5055 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِنَوْفَلٍ: «اقْرَأْ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ثُمَّ نَمْ، عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ». 5056 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ، - يَعْنِيَانِ ابْنَ فَضَالَةَ - عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، وَقَرَأَ فِيهِمَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ === المجتمعون في مجلس النادي (¬1)، "جمع كفيه ثم نفث فيها فقرأ" إلخ، مقتضى العادة تأخير النفث عن القراءة، فأما أن يجعل الفاء في فقرأ لبيان كيفية النفث بأن يعتبر القراءة من كيفية النفث بأن يعتبر، والمراد أنه ما كان نفثًا خاليًا عن القراءة بل مقرونًا بها، أو يقال قوله: "ثم نفث" وقولة: "فقرأ" كلاهما معطوفان على جمع، فيعتبر في النفث التراخي عن الجمع وفي القراءة التعقيب بلا بالنسبة، وعند ذلك يظهر وقوع القراءة قبل النفث كما هو العادة، ويمكن أنه - صلى الله عليه وسلم - يخالف العادة من أصلها والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 144).

جَسَدِهِ: يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. 5057 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ، وَقَالَ: «إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ». 5058 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي، وَأَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، وَالَّذِي أَعْطَانِي فَأَجْزَلَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ، أَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ». 5059 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

باب ما يقول الرجل إذا تعار من الليل

بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ 5060 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِيءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ حِينَ يَسْتَيْقِظُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ دَعَا: رَبِّ اغْفِرْ لِي " قَالَ الْوَلِيدُ: أَوْ قَالَ: «دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ قَامَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ». 5061 - حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ». === بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ 5060 - "من تعارّ" بتشديد الراء أي استيقظ. 5061 - "بعد إذ هديتني" كلمة "إذ" قيل: بمعنى الوقت في محل الجر بالإضافة أي بعد وقت هدايتك إياي وقيل: بمعنى أن المصدرية.

باب في التسبيح عند النوم

بَابٌ فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ 5062 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ الْمَعْنَى عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ مُسَدَّدٌ: قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: شَكَتْ فَاطِمَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، فَأُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ فَلَمْ تَرَهُ، فَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ، فَأَتَانَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا» فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ». 5063 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ الْيَشْكُرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِابْنِ أَعْبُدَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ أَحَبَّ أَهْلِهِ === بَابٌ فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ 5062 - "فهو خير لكما من خادم"؛ لأن نفعه في الآخرة ونفع الخادم في الدنيا، والآخرة خير من الأولى، أو لأن التخفيف بيد الله تعالى فيمكن أن يكون في هذا الورد من السر ما يخفف الله تعالى به أكثر مما يحصل بالخادم من التخفيف. 5063 - "فجرّت" بتشديد الراء وكذا أثرت، "وقمت" بتشديد الميم أي

إِلَيْهِ، وَكَانَتْ عِنْدِي فَجَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ بِيَدِهَا، وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا، وَقَمَّتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، وَأَوْقَدَتِ الْقِدْرَ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا، وَأَصَابَهَا مِنْ ذَلِكَ ضُرٌّ، فَسَمِعْنَا أَنَّ رَقِيقًا أُتِيَ بِهِمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِيهِ خَادِمًا يَكْفِيكِ، فَأَتَتْهُ، فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثًا، فَاسْتَحْيَتْ، فَرَجَعَتْ، فَغَدَا عَلَيْنَا وَنَحْنُ فِي لِفَاعِنَا، فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا فَأَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي اللِّفَاعِ حَيَاءً مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ: «مَا كَانَ حَاجَتُكِ أَمْسِ إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ؟ » فَسَكَتَتْ، مَرَّتَيْنِ، فَقُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذِهِ جَرَّتْ عِنْدِي بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ فِي يَدِهَا، وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا، وَكَسَحَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، وَأَوْقَدَتِ الْقِدْرَ حَتَّى دَكِنَتْ ثِيَابُهَا، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَدْ أَتَاكَ رَقِيقٌ أَوْ خَدَمٌ، فَقُلْتُ لَهَا: سَلِيهِ خَادِمًا، فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ الْحَكَمِ وَأَتَمَّ. 5064 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ شَبَثِ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فِيهِ قَالَ عَلِيٌّ: «فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ === كنست، "حتى وكنت"، من باب سمع أي صارت تضرب إلى السواد بما أصابها من الدخان، "حدث" بضم خاء وتشديد دال ناسًا يتحدثون، "في لفاعنا" أي لحافنا. 5064 - "إلا ليلة صفين" كسكين موضع كانت به الواقعة العظمى بين علي

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا لَيْلَةَ صِفِّينَ فَإِنِّي ذَكَرْتُهَا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَقُلْتُهَا». 5065 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَصْلَتَانِ، أَوْ خَلَّتَانِ لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، هُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ، يُسَبِّحُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُكَبِّرُ عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ، وَيَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَذَلِكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ» فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: «يَأْتِي أَحَدَكُمْ - يَعْنِي الشَّيْطَانَ - فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا». 5066 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ حَسَنٍ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ ابْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَيِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي فَاطِمَةُ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأْمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ === ومعاوية. 5065 - "أو خلتان" بفتح خاء وتشديد لام بمعنى خصلتان، والشك من الرواة، "فينومه" بتشديد الواو أي يحتاله حتى ينام ويغفل عن هذا الورد.

باب ما يقول إذا أصبح

مِنَ السَّبْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ» ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ التَّسْبِيحِ، قَالَ: عَلَى أَثَرِ كُلِّ صَلَاةٍ، لَمْ يَذْكُرِ النَّوْمَ. بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ 5067 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ، وَإِذَا أَمْسَيْتُ، قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ «قَالَ» قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ. 5068 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ» وَإِذَا === 5066 - "يتامى بدر" أي من قتل أباؤهم في بدر، أو المراد فقراء بدر، سموا باسم اليتامى ترحيمًا عليهم. بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ 5067 - "وشركه" بكسر الشين أي ما يدعو إليه من الإشراك بالله تعالى، أو بفتحتين أي مكيدة. 5068 - "بك أصبحنا" أي دخلنا في الصباح، "وبك أمسينا" أي نمسي، وعبر بالماضي تفاؤلًا، أو المراد المساء المتقدم وهو المناسب لترك قيد المشبه والله

أَمْسَى قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ». 5069 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ. 5070 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ === تعالى أعلم. 5069 - "أشهدك" بضم الهمزة، وقوله: "وجميع خلقك" تعميم بعد تخصيص، فإن قلت: كيف يصح إشهادهم؟ قلت: كأنه أراد بإشهادهم أنه لا يخفي شهادته بالتوحيد والرسالة عند أحد منهم، حتى لو تيسر عنده اجتماع كلهم لشهد بالأمرين عندهم جميعًا، فصار كأنه بمنزلة إشهادهم، ولا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز؛ لجواز أن يقدر أشهد بالمعنى المجازي عند قوله: "وجميع خلقك" والله تعال أعلم. 5070 - "أنك" بفتح الهمزة وهو بتقدير المضاف أي بشهادة أنك أي بشهادتي

الطَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ حِينَ يُمْسِي: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. 5071 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَى: «أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» زَادَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ وَأَمَّا زُبَيْدٌ كَانَ يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَمِنْ سُوءِ الْكِبَرِ، === بأنك والله تعالى أعلم. "على عهدك" أي على الشهادة بالتوحيد التي جرى بها الميثاق والعهد، ووعدك بالثواب للمؤمنين على لسان الرسل، "أبوء" أي أعترف. 5071 - "ومن سوء الكبر" بكسر ففتح أي كبر السن، وجاء الكبر بكسر فسكون بمعنى الافتخار والتكبر، ولكن إضافة السوء لا يناسبه إلا أن يقال بجواز التكبر في مقابلة المتكبر، أو تجعل الإضافة بيانية، والثاني أقرب فيه، "ما أصبح"

أَوِ الْكُفْرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ، وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ» وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: «أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: مِنْ سُوءِ الْكِبَرِ وَلَمْ يَذْكُرْ سُوءَ الْكُفْرِ. 5072 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، عَنْ سَابِقِ بْنِ نَاجِيَةَ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالُوا: هَذَا خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَدَاوَلْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ الرِّجَالُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ. 5073 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، وَإِسْمَاعِيلُ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ الْبَيَاضِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ». === ما شرطية، "وبي" في موضع النصب، أي متصلًا بي. 5073 - "فمنك" أي فهو صادر منك.

5074 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ، حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي»، وَقَالَ عُثْمَانُ: «عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ وَكِيعٌ يَعْنِي الْخَسْفَ». 5075 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ سَالِمًا الْفَرَّاءَ، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ وَكَانَتْ تَخْدِمُ بَعْضَ بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ ابْنَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَلِّمُهَا فَيَقُولُ: «قُولِي حِينَ تُصْبِحِينَ سُبْحَانَ اللَّهِ، وَبِحَمْدِهِ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّهُ مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ === 5074 - "وآمن روعاتي" أي اجعلني آمنًا من كل ما يخاف على لحوقه من أنواع الخوف، وكان التقدير آمنني من روعاتي على قياس وآمنهم من خوف. 5075 - "ما شاء الله كان" صريح في تقدير الأمور ومشيئتها من الله تعالى. "أعلم" على صيغة المضارع للمتكلم كان له أي كان ذلك المقال له مثل إعتاق

قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ». 5076 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ح وحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ النَّجَّارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَيْلَمَانِيِّ، قَالَ الرَّبِيعُ: ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} إِلَى {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19] أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ، قَالَ الرَّبِيعُ، عَنِ اللَّيْثِ. 5077 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، وَوُهَيْبٌ، نَحْوَهُ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَائِشٍ، وَقَالَ حَمَّادٌ: عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا === رقبة. 5077 - "والعدل" بفتح العين بمعنى المثل وهو خبر كان، أو المعنى كان له من الأجر مثل أجر إعتاق رقبة، فالعدل اسم كان. "أنه أسرّ إِليه" من الإسرار، قيل: هو يجيء بمعنى الإعلان والإخفاء، وهو من الأضداد، وكلا المعنين يحتمل ها هنا. قلت: لكن آخر الحديث يفيد أنه بمعنى الإخفاء وهو المشهور المتبادر، قال الطيبي: وإنما أسر إليه ليتلقاه بشرًا بشره وتمكين في قلبه تمكن السر المكتوم لا أنه - صلى الله عليه وسلم -

شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَانَ لَهُ عِدْلَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنَ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ قَالَهَا إِذَا أَمْسَى كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ " قَالَ فِي حَدِيثِ حَمَّادٍ: فَرَأَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا عَيَّاشٍ يُحَدِّثُ عَنْكَ بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: «صَدَقَ أَبُو عَيَّاشٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَمُوسَى الزَّمْعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَائِشٍ. 5078 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي غُفِرَ لَهُ مَا أَصَابَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. 5079 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو النَّضْرِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْفِلَسْطِينِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ عَنْ رَسُولِ == ضن به من الغير. 5079 - "جوار" يحتمل كسر الجيم وإهمال الراء وفتحها وإعجام الراء، قال

اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَالَ: " إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا " أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ قَالَ: «أَسَرَّهَا إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَحْنُ نَخُصُّ بِهَا إِخْوَانَنَا». 5080 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ الْكِنَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَحْوَهُ إِلَى قَوْلِهِ «جِوَارٌ مِنْهَا» إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِمَا «قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا» قَالَ: عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ فِيهِ: إِنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، وَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ الْمُصَفَّى بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمُغَارَ اسْتَحْثَثْتُ فَرَسِي فَسَبَقْتُ أَصْحَابِي وَتَلَقَّانِي الْحَيُّ بِالرَّنِينِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ تُحْرَزُوا، فَقَالُوهَا، فَلَامَنِي أَصْحَابِي، وَقَالُوا: حَرَمْتَنَا الْغَنِيمَةَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَدَعَانِي، فَحَسَّنَ لِي مَا صَنَعْتُ، وَقَالَ: «أَمَا إِنَّ اللَّهَ === الطيبي: قدر له خلاص من النَّار. "فنحن نخص" كأنه فهم أن الإسرار كان تخصيصًا منه له والله تعالى أعلم. 5080 - "في سرية" بفتح السين وكسر الراء بعدها ياء مشددة جيش صغير قيل: من خمسة إلى ثلاثمائة أو أربعمائة.

قَدْ كَتَبَ لَكَ مِنْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا نَسِيتُ الثَّوَابَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنِّي سَأَكْتُبُ لَكَ بِالْوَصَاةِ بَعْدِي» قَالَ: فَفَعَلَ وَخَتَمَ عَلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَقَالَ لِي، ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَاهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُصَفَّى: قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ. 5081 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ مُسْلِمٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُدْرِكُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: يَزِيدُ شَيْخٌ ثِقَةٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى، حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، كَفَاهُ اللَّهُ مَا أَهَمَّهُ صَادِقًا كَانَ بِهَا أَوْ كَاذِبًا». 5082 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي [ص: 322] ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي أَسِيدٍ الْبَرَّادِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ، وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ، نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: أَصَلَّيْتُمْ؟ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: «قُلْ» فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ» فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «قُلْ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ؟ === قلت: بل من واحد، فقد جاء أنَّه أرسل - صلى الله عليه وسلم - الواحد سرية، "تحرز وأمن" الإحراز أي تحفظوا أنفسكم وأموالكم، "بالوصاة" بفتح الواو في الصحاح: يقال: أوصيته إيصاءً ووصية توصية بمعنى، والاسم الوصاة.

قَالَ: «قُلْ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». 5083 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي - قَالَ ابْنُ عَوْفٍ: وَرَأَيْتُهُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ - قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ، عَنْ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا بِكَلِمَةٍ نَقُولُهَا إِذَا أَصْبَحْنَا، وَأَمْسَيْنَا، وَاضْطَجَعْنَا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: «اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ أَنَّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَإِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَشِرْكِهِ، وَأَنْ نَقْتَرِفَ سُوءًا عَلَى أَنْفُسِنَا أَوْ نَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ». 5084 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ فَتْحَهُ، وَنَصْرَهُ، وَنُورَهُ، وَبَرَكَتَهُ، وَهُدَاهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ إِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ. 5085 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ جُعْثُمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَزْهَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيقٌ الْهَوْزَنِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَسَأَلْتُهَا: بِمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ إِذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي === 5083 - "وأن نقترف" أي نكتسب سوءًا، "فأسحر" أني دخل في وقت السحر وهو السدس الأخير من الليل.

عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، كَانَ إِذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ كَبَّرَ عَشْرًا، وَحَمَّدَ عَشْرًا، وَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَشْرًا» وَقَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ عَشْرًا» وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا وَهَلَّلَ عَشْرًا، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا، وَضِيقِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَشْرًا» ثُمَّ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ. 5086 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَسْحَرَ يَقُولُ: «سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ صَاحِبْنَا فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذًا بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ». 5087 - حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، === 5086 - "سمع سامع"، قال الخطابي: معناه شهد شاهد وحقيقته ليسمع السامع، ويشهد الشاهد على حمدنا سبحانه على نعمه وحسن بلائه (¬1). اهـ. فهو أمر معنى وخير لفظًا، وفي التعبير عن معنى الأمر بلفظ الخبر مبالغة، وحث على الامتثال حتَّى كأنه تحقق منه الامتثال فيخبر عنه، وحسن بلائه بالجر عطف على حمد الله أي بحسن نعمته لدينا، "صاحبنا" صيغة دعاء من المصاحبة أي كن صاحبًا لنا بالإعانة والإغاثة فأفضل من الإفضال، وقوله: "عايذًا" حال من ضمير يقول، أو هو بمعنى المصدر، والتقدير أعوذ عياذًا، فعلى الأول عن كلام الراوي وعلى الثَّاني من جلة الدعاء المأثور من النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 145).

قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا حَلَفْتُ مِنْ حَلِفٍ أَوْ قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ، فَمَشِيئَتُكَ، بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ كُلِّهِ: مَا شِئْتَ كَانَ وَمَا لَمْ تَشَأْ لَمْ يَكُنْ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَتَجَاوَزْ لِي عَنْهُ، اللَّهُمَّ فَمَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ صَلَاتِي، وَمَنْ لَعَنْتَ فَعَلَيْهِ لَعْنَتِي، كَانَ فِي اسْتِثْنَاءٍ يَوْمَهُ ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: ذَلِكَ الْيَوْمَ. 5088 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَوْدُودٍ، عَمَّنْ سَمِعَ، أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ عَفَّانَ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ، فِي الْأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ، حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ»، وَقَالَ: فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلَا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا». 5089 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَوْدُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْفَالِجِ. 5090 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا === 5090 - "رحمتك" بالنصب على أنَّه مفعول متقدم ويحتمل الرفع على أن

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ «اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا، حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي»، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ، قَالَ عَبَّاسٌ فِيهِ: وَتَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي، فَتَدْعُو بِهِنَّ» فَأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ «اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ». 5091 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، === يكون مبتدأ خبره أرجو بتقدير أرجوها وهو بعيد والله تعالى أعلم. "طرفة عين" بفتح فسكون. "هلال خير" بالنصب أي اجعله لنا هلال خير، أو كن لنا هلال خير، وعلي الأول في قوله (آمنت) الخطاب إلى الهلال أو بالرفع أي أنت هلال خير، صرف وجهه عنه بالاشتغال بخالقه والتفكر في عظيم قدرته وعظم سلطانه والله تعالى أعلم.

باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال

وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَمْسَى كَذَلِكَ، لَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ بِمِثْلِ مَا وَافَى». بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ 5092 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا، وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا». 5093 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ حُبَابٍ، أَخْبَرَهُمْ عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ صَرَفَ وَجْهَهُ عَنْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَيْسَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ». بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ما يقول 5094 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ === بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ما يقول 5094 - "أن أضل" بفح الهمزة "أو أضل" بضم الهمزة، "أو أزل" بفتح همزة وبالزاي من الزلل في أكثر الروايات، ووقع عند ابن منده بالذال المعجمة من الذل، أو أزُل بضم الهمزة، وكذا فيما بعد الأولى منهما على بناء الفاعل والثاني

طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ». 5095 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْخَثْعَمِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ . 5096 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: ابْنُ عَوْفٍ، وَرَأَيْتُ فِي أَصْلِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ضَمْضَمٌ، عَنْ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ، وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ. === على بناء المفعول، يقال: حينئذ أي تقول له بعض الملائكة: "هديت" على بناء المفعول وكذا ما بعده، "فتنحى له" أي تعرض له من ناحية. 5096 - "خير المولج" قال السيوطي: بضم الميم كما ضبط به، والمراد بقوله: "خرجنا"، فالخروج باسمه تعالى.

باب ما يقول إذا هاجت الريح

بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا هَاجَتِ الرِّيحُ 5097 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَسَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» قَالَ سَلَمَةُ: «فَرَوْحُ اللَّهِ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ، وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلَا تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا». 5098 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ، وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، النَّاسُ إِذَا رَأَوْا الْغَيْمَ === بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا هَاجَتِ الرِّيحُ 5097 - "الريح" من روح الله، "الروح" بالفتح بمعنى النَّفس والفرح والرحمة، فإن قلت: كيف يكون الريح من رحمته تعالى مع أنها تجيء بالعذاب، قلت: إذا كان عذابًا للظلمة يكون رحمة للمؤمنين، وأيضًا الروح بمعنى الرائح أي الجائي من حضرته تعالى بأمره تارة للكرامة وأخرى للعذاب، "فلا تسب" بل تجب التوبة عندها؛ ولأنها تأديب والتأديب حسن ورحمة. 5098 - "مستجمعًا ضاحكًا" قال القاضي عياض أي مُجِدًا في ضحكه آت فيه بغايته، "لهواته" ضبط بفتحتين قيل: هي أقصى الفم.

باب [ما جاء] في المطر

فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَتْ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَ {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]. 5099 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا رَأَى نَاشِئًا فِي أُفُقِ السَّمَاءِ تَرَكَ الْعَمَلَ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا» فَإِنْ مُطِرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمَطَرِ 5100 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله === "عرف" على بناء المفعول أي يظهر أثر في وجهه الكراهية بتخفيف الياء، "ما يؤمنني" أي أيّ شيء يجعلني آمنًا. 5099 - "ناشئًا" في النهاية: أي سحابًا لم يتكامل اجتماعه (¬1)."صيبًا" هو ما سئل من المطر ونصبه بتقدير اجعله صيبًا. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمَطَرِ 5100 - "فحسر" بمهملات أي كشف بعض بدنه "حديث عهد بربه" ¬

_ (¬1) النهاية (5/ 51).

باب [ما جاء] في الديك والبهائم

عليه وسلم مَطَرٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَسَرَ ثَوْبَهُ عَنْهُ حَتَّى أَصَابَهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الدِّيكِ وَالْبَهَائِمِ 5101 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ». 5102 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ، فَسَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا». === بتكوينه إياه قال النووي: معناه أن المطر رحمة وهي قريبة العهد بخلق الله لها فيتبرك بها (¬1). بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الدِّيكِ وَالْبَهَائِمِ 5101 - "صياح الديكة" بكسر الدال وفتح الياء التحتية، وسبب الدعاء عند صياحه رجاء التأمين من الملائكة، قيل: لعل السر في ذلك أن الديك أقرب الحيوانات صوتًا إلى الذاكرين؛ لأنها تحفظ غالبًا أوقات الصَّلاة، وأنكر الأصوات صوت الحمير، فهو أقرب إلى من هو أبعد من رحمة الله. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (6/ 195).

باب في الصبي يولد فيؤذن في أذنه

5103 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ، وَنَهِيقَ الْحُمُرِ بِاللَّيْلِ، فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ». 5104 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ح وحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَغَيْرِهِ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِلُّوا الْخُرُوجَ بَعْدَ هَدْأَةِ الرِّجْلِ، فَإِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى دَوَابَّ يَبُثُّهُنَّ فِي الْأَرْضِ» قَالَ ابْنُ مَرْوَانَ: «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ» وَقَالَ: «فَإِنَّ لِلَّهِ خَلْقًا» ثُمَّ ذَكَرَ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَالْحَمِيرَ، نَحْوَهُ وَزَادَ فِي حَدِيثِهِ قَالَ ابْنُ الْهَادِ، وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ الْحَاجِبُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. بَابٌ فِي الصَّبِيِّ يُولَدُ فَيُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ 5105 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ === 5103 - "نباح الكلاب" بضم النون أي صياحها. 5104 - "بعد هدأة الرجل" هو بفتح هاء وسكون دال بعدها همزة ثم هاء التأنيث أي بعد انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلًا. بَابٌ فِي الصَّبِيِّ يُولَدُ فَيُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ 5105 - "أذن" من التأذين.

عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ». 5106 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ح وحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيَدْعُو لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ» زَادَ يُوسُفُ «وَيُحَنِّكُهُمْ» وَلَمْ يَذْكُرْ بِالْبَرَكَةِ. 5107 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === 5106 - "ويحنكهم" من التحنيك، يقال: حنك الصبي إذا مضغ تمرًا فدلكله بحنكه. 5107 - "فيكم أيها الناس المغربون" بكسر الراء المشددة، قيل: أي عن ذكر الله تعالى عند الوقاع حتَّى شارك فيهم الشيطان، وقيل: أراد أمر الشيطان بالزنا فجاء أولادهم عن غير الشدة، ويحتمل أن يراد من كان له قرين يلقي إليه الأخبار. "الكهانة" وقيل المغرّب من الإنسان من خلق من ماء الإنسان والجن، وهذا معنى المشاركة؛ لأنَّه دخل فيه عرق غريب، أو جاء من نسب بعيد، وقد انقطعوا عن أصولهم وبعد أنسابهم بمداخلة من ليس من جنسهم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "هل تحس

باب في الرجل يستعيذ من الرجل

«هَلْ رُئِيَ، أَوْ كَلِمَةً غَيْرَهَا، فِيكُمُ الْمُغَرِّبُونَ؟ » قُلْتُ: وَمَا الْمُغَرِّبُونَ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَشْتَرِكُ فِيهِمُ الْجِنُّ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَعِيذُ مِنَ الرَّجُلِ 5108 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشَمِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَصْرٌ: ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَهِيكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ، فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْطُوهُ» قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: «مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ». 5109 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ الْمَعْنَى عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ» وَقَالَ سَهْلٌ: وَعُثْمَانُ «وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ» - ثُمَّ اتَّفَقُوا - «وَمَنْ آتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ» قَالَ مُسَدَّدٌ، وَعُثْمَانُ «فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا اللَّهَ لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ». === فيكن امرأة أن الجن تجامعها كما يجامعها زوجها" (¬1) ولعلّه أراد ما هو معروفٌ أن بعض النساء يعشق بها بعض الجن ويجامعها ويظهر لها، وربما يذهب بها حيث شاء والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1).

باب في رد الوسوسة

بَابٌ فِي رَدِّ الْوَسْوَسَةِ 5110 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمَّارٍ، قَالَ: وحَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي صَدْرِي؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ » قَالَ: وَضَحِكَ، قَالَ: «مَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ»، قَالَ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الْآيَةَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: «إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ» {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3]. 5111 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا الشَّيْءَ نُعْظِمُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوِ الْكَلَامَ بِهِ، مَا نُحِبُّ أَنَّ لَنَا وَأَنَّا تَكَلَّمْنَا بِهِ، قَالَ: === بَابٌ فِي رَدِّ الْوَسْوَسَةِ 5110 - "حتى أنزل الله تعالى" لم يرد حتى شك هو - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله بل أراد حتَّى لعمومه وشموله للغالب فرض في حقه - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم. 5111 - "ذاك صريح الإيمان" أي إعظامكم ذالك صريح الإيمان، هو الذي يمنعهم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسهم والتصديق به حتَّى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن في قلوبهم، وليس معناه أن الوسوسة صريح الإيمان، فإنها فعل الشيطان وتسويله، فكيف يكون إيمانًا. قلت: يمكن أن يقال إن إلقاء الشيطان تلك الوسوسة من علامة الإيمان إذ

باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه

«أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ » قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ». 5112 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ، يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ، لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ» قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: «رَدَّ أَمْرَهُ» مَكَانَ «رَدَّ كَيْدَهُ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْتَمِي إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ 5113 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ، قَلْبِي مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» قَالَ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَاصِمٌ: فَقُلْتُ يَا أَبَا عُثْمَانَ، لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ أَيُّمَا رَجُلَيْنِ فَقَالَ: أَمَّا أَحَدُهُمَا === لولا ذلك لما احتاج إلى الوسوسة بمثله والله تعالى أعلم. 5112 - "حُممه" هي الفحم والرماد وكل ما يحرق بالنار، "رد كيده" أي كيد الشيطان ورجع الضمير إليه وإن لم يجر له ذكر بدلالة السياق. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَنْتَمِي إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ 5113 - "من ادعي إلى غير أبيه"؛ أي رضي بأنه ينسبه الناس إلى غير أبيه،

فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ فِي الْإِسْلَامِ، يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، وَالْآخَرُ قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ فِي بِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، فَذَكَرَ فَضْلًا قَالَ النُّفَيْلِيُّ حَيْثُ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهِ إِنَّهُ عِنْدِي أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، يَعْنِي قَوْلَهُ حَدَّثَنَا وَحَدَّثَنِي قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَسَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ لَيْسَ لِحَدِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ نُورٌ، قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَانُوا تَعَلَّمُوهُ مِنْ شُعْبَةَ. 5114 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ، وَلَا صَرْفٌ». 5115 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، وَنَحْنُ بِبَيْرُوتَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ === "فالجنة عليه حرام" أي لا يستحق دخلوها أولًا. 5114 - "من تولى قومًا" أي اتخذهم مواليه، وهذا حرام، وإن أذن فيه مواليه الحقيقة أيضًا، فقوله: "من غير إذن مواليه" لزيادة التقبيح، والعادة أنهم لا يرضون بذلك، "أو انتمى" أي انتسب.

باب في التفاخر بالأحساب

لَعْنَةُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ». بَابٌ فِي التَّفَاخُرِ بِالْأَحْسَابِ 5116 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَي، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، وَهَذَا حَدِيثُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ». بَابٌ فِي الْعَصَبِيَّةِ 5117 - حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ === بَابٌ فِي التَّفَاخُرِ بِالْأَحْسَابِ 5116 - "عُبِيّة الجاهلية" بضم عين مهملة وكسر باء موحدة مشددة وفتح ياء مثناة تحتية مشددة الكبر والنخوة، "مؤمن تقي وفاجر شقي" أي النَّاس رجلان مؤمن تقي فهو الخير الفاضل، وإن لم يكن حسيبًا في قومه، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفًا رفيعًا، "إنَّما هم" أي أولئك الأقوام، "من الجعلان" بكسر جيم وسكون عين جمع جعل بضم ففتح دويبة سوداء تدير الخراء بأنفها. بَابٌ فِي الْعَصَبِيَّةِ 5117 - "رُدَي" يقال رُدّي في البئر وتردى إذا سقط فيها، والمعنى أن من أراد

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ، فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الَّذِي رُدِّيَ، فَهُوَ يُنْزَعُ بِذَنَبِهِ». 5118 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. 5119 - حَدَّثَنَا مُحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ بِشْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ بِنْتِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَاهَا، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَالَ: «أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ». 5120 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، يُحَدِّثُ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ الْمُدْلِجِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «خَيْرُكُمُ الْمُدَافِعُ عَنْ عَشِيرَتِهِ، مَا لَمْ يَأْثَمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ ضَعِيفٌ. 5121 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَكِّيِّ يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَيْسَ === أن يرفع نفسه بنصرة قومه على الباطل، فهو كبعير سقط، فأراد أن يرفع نفسه منها بالذنب، فماذا يجدي عنه أن ينزع بذنبه ورفع نفسه به، فإنَّه وإن اجتهد كل الجهد لم يتهيأ له أن يخلصه من تلك المهلكة بنزعه إياه بالذنب.

باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه

مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ». 5122 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ». 5123 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي عُقْبَةَ، وَكَانَ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ فَارِسَ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا، فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقُلْتُ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْفَارِسِيُّ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «فَهَلَّا قُلْتَ خُذْهَا مِنِّي، وَأَنَا الْغُلَامُ الْأَنْصَارِيُّ». بَابُ إِخْبَارِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ 5124 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، وَقَدْ كَانَ أَدْرَكَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ». 5125 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا === بَابُ إِخْبَارِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ 5124 - "فليخبره" أنَّه يحبه، لأنَّه يزيد المحبة بينهما.

باب في المشورة

ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟ » قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. 5126 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ كَعَمَلِهِمْ، قَالَ: «أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، قَالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، قَالَ: «فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ: فَأَعَادَهَا أَبُو ذَرٍّ فَأَعَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5127 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ لَمْ أَرَهُمْ فَرِحُوا بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنْهُ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يُحِبُّ الرَّجُلَ عَلَى الْعَمَلِ مِنَ الْخَيْرِ يَعْمَلُ بِهِ وَلَا يَعْمَلُ بِمِثْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ». بَابٌ فِي الْمَشُورَةِ 5128 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، === بَابٌ فِي الْمَشُورَةِ 5128 - "المستشار مؤتمن" أي أمين فلا ينبغي له أن يخوف المستشير بكتمان

باب في الدال على الخير

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ». بَابٌ فِي الدَّالِّ عَلَى الْخَيْرِ 5129 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، قَالَ: «لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكَ عَلَيْهِ، وَلَكِنِ ائْتِ فُلَانًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَحْمِلَكَ» فَأَتَاهُ فَحَمَلَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ». بَابٌ فِي الْهَوَى 5130 - حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، === المصلحة. بَابٌ فِي الدَّالِّ عَلَى الْخَيْرِ 5129 - "أُبدع بي" على بناء المفعول أي انقطع بي السبيل بموت الراحلة أو ضعفها. بَابٌ فِي الْهَوَى 5130 - "يعمي ويصم" أي يجعله أعمى عن رؤية معايبه وأصم عن سماع قبائحه؛ أي فلا ينبغي حب غير المعصوم بهذا الوجه، قيل: والحديث موضوع،

باب في الشفاعة

عَنْ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ». بَابٌ فِي الشَّفَاعَةِ 5131 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْفَعُوا إِلَيَّ لِتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ». 5132 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا فَإِنِّي لَأُرِيدُ الْأَمْرَ، فَأُؤَخِّرُهُ كَيْمَا تَشْفَعُوا فَتُؤْجَرُوا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا». 5133 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. === والصحيح أنَّه ضعيف لا يبلغ درجة الحسن ولا درجة الوضع، قال الحافظ ابن حجر: وترجم أبو داود لهذا الحديث باب الهوى، وأراد بذلك شرح معناه، وأنه خبر بمعنى التحذير من أتباع الهوى، فإن الذي يسترسل في اتباع هواه لا يبصر قبح فعله، ولا يسمع نهي من ينصحه، وإنما يقع ذلك بمن يحب أحوال نفسه ولا ينتقد عليها.

باب فيمن يبدأ بنفسه في الكتاب

بَابٌ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ فِي الْكِتَابِ 5134 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ مَرَّةً يَعْنِي هُشَيْمًا عَنْ بَعْضِ وَلَدِ الْعَلَاءِ، أَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، كَانَ عَامِلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ فَكَانَ «إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ». 5135 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ الْعَلَاءِ، عَنِ الْعَلَاءِ يَعْنِي ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّهُ «كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ». بَابُ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى الذِّمِّيِّ؟ 5136 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ === بَابٌ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ فِي الْكِتَابِ 5134 - "قكان إذا كتب بدا بنفسه" أي فقرره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فاستدل على ذلك بالتقرير، ولم يستدل بأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقدم اسمه في مكاتيبه مع أنَّه كالتصريح لما فيه من احتمال أن ذلك لعدم استحقاق غيره أن يقدم اسمه على اسمه - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى أعلم. بَابُ كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى الذِّمِّيِّ؟ 5136 - "سلام على من اتبع الهدى" ففيه أنَّه لا يكتب إلى الذمي السلام

باب في بر الوالدين

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَتَبَ إِلَى هِرَقْلَ «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى» قَالَ ابْنُ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا فِيهِ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ». بَابٌ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ 5137 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ، إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ». 5138 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي الْحَارِثُ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُهَا فَقَالَ: لِي طَلِّقْهَا فَأَبَيْتُ فَأَتَى عُمَرُ === عليكم ونحوه، وهذا مثل ما حكى الله تعالى في كتابه عن موسى صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه بقوله: والسلام من اتبع الهدى. بَابٌ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ 5137 - "فيعتقه" أي فيصير سببًا لعتقه بشرائه، وليس المراد أنَّه يحتاج إلى إعتاق آخر سوى أنَّه اشتراه والله تعالى أعلم.

النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَلِّقْهَا». 5139 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أُمَّكَ، ثُمَّ أَبَاكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبَ، فَالْأَقْرَبَ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسْأَلُ رَجُلٌ مَوْلَاهُ مِنْ فَضْلٍ هُوَ عِنْدَهُ، فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ، إِلَّا دُعِيَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " الْأَقْرَعُ: الَّذِي ذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ مِنَ السُّمِّ. 5140 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ مَنْفَعَةَ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ === 5140 - "من أبرّ" بفتح الهمزة والباء صيغة المتكلم من البر بكسر الباء وهو الإحسان، قال ابن العربي: هو مراعاة الحقوق الواجبة على المرء والقيام بها على الوجه المأمور به، وفي المجمع: بر الوالدين ضد العقوق، وهو الإساءة وتضييع الحقوق، وفي تكرير الأم تأكيد في أمرها وزيادة اهتمام في برها فوق الأب، وذلك لتهاون كثير من النَّاس في حقها بالنسبة إلى الأدب، فالتكرير للتأكيد، وقيل: بل هو لإفادة أن للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع، وهذه تنفرد بها الأم ثم تشارك الأب في التربية، فالتكرار للاستئناف والله تعالى أعلم.

مَنْ أَبَرُّ؟ ، قَالَ: «أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، وَمَوْلَاكَ الَّذِي يَلِي ذَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ، وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ». 5141 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ح، وحَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ ، قَالَ: «يَلْعَنُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَلْعَنُ أَبَاهُ، وَيَلْعَنُ أُمَّهُ، فَيَلْعَنُ أُمَّهُ». 5142 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْمَعْنَى قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ، مَوْلَى بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ === "شجاعًا" بضم الشين "أقرع" هي الحية التي انحسر الشعر عنها من كثرة سمها. 5141 - "فيلعن أباه" إشارة إلى أن المراد هو أن يتسبب للعن أبيه لا أن يباشر به، وهذا السؤال والجواب مبنيان على مقتضى ذلك الوقت، وإلا ففي هذا الوقت قد توجد المباشرة أيضًا، قال النووي: وفي الحديث تحريم الوسائل والزرائع أي إلى المحرمات. 5142 - "الصَّلاة عليهما" الظاهر أن المراد بها الترحم، لكن في التعبير باسم الصَّلاة إذن في الترحم عليهما ولو باسم الصَّلاة، ويحتمل أن المراد صلاة الجنازة

أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: «نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا». 5143 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْمَرْءِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ، بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ». 5144 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ، أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعِرَّانَةِ، قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ أَحْمِلُ عَظْمَ الْجَزُورِ، «إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ، فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ»، فَقُلْتُ: مَنْ هِيَ؟ فَقَالُوا: === عليهما التي لا توصل إلَّا بهما، صفة الصلة أي الصلة الموصوفة بأنها خالصة لحقهما ورضاهما لا لأمر آخر، وفي رواية الييهقي "وصلة من رحمهما" التي لا رحم لك إلا من قبلهما. 5143 - "إن أبر البر" أي الأتّم والأكمل في بر الأب هو بر أهل وده بعده، ولعل الاقتصار على الأب ليكون دليلًا على الأم بالأولى لكون برها آكد كما سبق، أو؛ لأنها قد يكون ودها في غير محله لنقصان عقل النساء، فلا يكون وصل ذاك مؤكدًا بخلاف الأب عادة.

باب في فضل من عال يتيما

هَذِهِ أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ. 5145 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ، فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَامَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ». بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتِيمًا 5146 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرٍ، ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ الْمَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنِ ابْنِ حُدَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا، وَلَمْ يُهِنْهَا، وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا، - قَالَ: يَعْنِي الذُّكُورَ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ " وَلَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ يَعْنِي الذُّكُورَ. 5147 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْأَعْشَى، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُكْمِلٍ === بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ عَالَ يَتِيمًا 5146 - "فلم يئدها" من الوأد أي لم يدفنها حية "ولم يهنها" من الإهانة، "ولم يؤثر" من الإيثار.

باب في [من] ضم اليتيم

الزُّهْرِيُّ»، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ، فَأَدَّبَهُنَّ، وَزَوَّجَهُنَّ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، فَلَهُ الْجَنَّةُ». 5148 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: «ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ بِنْتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ». 5149 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا النَّهَّاسُ بْنُ قَهْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا وَامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ كَهَاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَأَوْمَأَ يَزِيدُ بِالْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ «امْرَأَةٌ آمَتْ مِنْ زَوْجِهَا ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ، حَبَسَتْ نَفْسَهَا عَلَى يَتَامَاهَا حَتَّى بَانُوا أَوْ مَاتُوا». بَابٌ فِي [مَنْ] ضَمَّ الْيَتِيمَ 5150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي === 5149 - "سفعاء الخدين" هي التي تغبر لونها لما يكابدها من المشقة والضنك، وقيل: هي التي تركت الزينة والترفه حتَّى تغبر لونها وأسود إقامة على ولدها بعد وفاة زوجها ولم يرد أنها كانت سفعاء من أصل الخلقة لقوله: "ذات منصب وجمال" "امرأة آمت" بدل، وآمت بالمد أي صارت بلا زوج، "حتَّى بانوا" أي استقلوا بأمرهم وانفصلوا عنها. بَابٌ فِي [مَنْ] ضَمَّ الْيَتِيمَ 5150 - "وكافل اليتيم" أي القيم بأمره ومصالحه، والمراد بأمثال هذه

باب في حق الجوار

ابْنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سَهْلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ. بَابٌ فِي حَقِّ الْجِوَارِ 5151 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى قُلْتُ لَيُوَرِّثَنَّهُ». 5152 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ بَشِيرٍ أَبِي إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ ذَبَحَ شَاةً فَقَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِي الْيَهُودِيِّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ». 5153 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاصْبِرْ» فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ» فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ === الأحاديث المبالغة وإلا فدرجات الأنبياء أعلا وأجل. "آخر كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" لعل المراد آخر ما ذكر من الأحكام أو خاطب به الناس، وإلا فقد جاء أن آخر كلامه الرفيق الأعلى.

باب في حق المملوك

يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لَا تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ. 5154 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ». 5155 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عُبَيْدٍ، حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ لِي جَارَيْنِ بِأَيِّهِمَا أَبْدَأُ، قَالَ: «بِأَدْنَاهُمَا بَابًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «قَالَ شُعْبَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ طَلْحَةُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ». بَابٌ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ 5156 - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: كَانَ === بَابٌ فِي حَقِّ الْمَمْلُوكِ 5156 - "الصلاة" بالنصب على الإغراء، "فيما ملكت أيمانكم" قيل: الأظهر أن المراد المماليك، وإنَّما قرنه بالصلاة ليعلم أن القيام بمقدار حاجتهم من النفقة والكسوة واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها.

آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ». 5157 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ غَلِيظٌ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لَوْ كُنْتَ أَخَذْتَ الَّذِي عَلَى غُلَامِكَ فَجَعَلْتَهُ مَعَ هَذَا فَكَانَتْ حُلَّةً وَكَسَوْتَ غُلَامَكَ ثَوْبًا غَيْرَهُ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ إِنِّي كُنْتُ سَابَبْتُ رَجُلًا وَكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ» قَالَ: «إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ فَضَّلَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُلَائِمْكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ». 5158 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا عَلَيْهِ بُرْدٌ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، فَقُلْنَا يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ أَخَذْتَ بُرْدَ غُلَامِكَ إِلَى بُرْدِكَ فَكَانَتْ حُلَّةً === قلت: وجهه أن هذا العنوان في الكتاب والسنة صار كالعلم للماليك، وقيل: أراد به الزكاة؛ لأنَّ القرآن والحديث إذا ذكر فيهما الصَّلاة فالغالب ذكر الزكاة بعدها. 5157 - "أعجمية" أي غير عربية، "فمن لم يلائمكم" أي لم يوافقكم من الملائكة بالهمزة. "إخوانكم" أي هم يعني المماليك إخوانكم، ويحتمل أن يكون إخوانكم مبتدأ خبره جعلهم الله.

وَكَسَوْتَهُ ثَوْبًا غَيْرَهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ فَلْيُطْعِمْهُ، مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيَكْسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ نَحْوَهُ. 5159 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ» قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: مَرَّتَيْنِ «لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ» فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: «أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَعَتْكَ النَّارُ» أَوْ «لَمَسَّتْكَ النَّارُ». 5160 - حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ بِإِسْنَادِهِ، وَمَعْنَاهُ نَحْوَهُ قَالَ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي أَسْوَدَ بِالسَّوْطِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الْعَتْقِ. === 5159 - "والأخوة" إما باعتبار أن الكل من أصل واحد وهو آدم؛ إذ بحسب الدين لله هو بفتح اللام مبتدأ خبره "للفعتك لشملتك من نواحيك" أي كنت مستحقًا لذلك أو خبر بما كان مقدرًا في حقه من التقدير المعلق علمه - صلى الله عليه وسلم - بإخبار الله تعالى إياه بذلك والله تعالى أعلم. 5161 - "من لاءمكم" في النهاية أي وافقكم وساعدكم وأصله الهمزة ويخفف، فيصير ياء وهو في الحديث بالياء منقلبة عن الهمزة.

5161 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَاءَمَكُمْ مِنْ مَمْلُوكِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاَكْسُوهُ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَمَنْ لَمْ يُلَائِمْكُمْ مِنْهُمْ، فَبِيعُوهُ، وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ». 5162 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ بَعْضِ بَنِي رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ، عَنْ رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حُسْنُ الْمَلَكَةِ يُمْنٌ، وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ». 5163 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ رَافِعِ بْنِ مَكِيثٍ، عَنْ عَمِّهِ الْحَارِثِ بْنِ رَافِعٍ بْنِ مَكِيثٍ، وَكَانَ رَافِعٌ، مِنْ جُهَيْنَةَ قَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حُسْنُ الْمَلَكَةِ يُمْنٌ، وَسُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ». 5164 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، وَهَذَا حَدِيثُ الْهَمْدَانِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ === 5162 - "حسن الملكة الملكة" ضبط بالفتحات، والحسن بضم فسكون والمراد حسن المعاملة والصحبة مع العبيد والمماليك، وكونه نميا أنَّه سبب لدخول الجنة والشوم بخلافه، وهو بريء أي والحال أن المملوك بريء ممَّا قذف به "جلد المالك لأجله يوم القيامة"، وإن لم يجلد يوم القيامة.

الْخَوْلَانِيُّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ جُلَيْدٍ الْحَجْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، قَالَ: «اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً». 5165 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ح وحَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ غَزْوَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ نَبِيُّ التَّوْبَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَدًّا» قَالَ مُؤَمَّلٌ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ الْفُضَيْلِ يَعْنِي ابْنَ غَزْوَانَ. 5166 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: كُنَّا نُزُولًا فِي دَارِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَفِينَا شَيْخٌ فِيهِ حِدَّةٌ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ، فَلَطَمَ وَجْهَهَا؟ فَمَا رَأَيْتُ سُوَيْدًا أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ ذَاكَ الْيَوْمَ، قَالَ: عَجَزَ عَلَيْكَ إِلَّا حُرُّ وَجْهِهَا؟ لَقَدْ رَأَيْتُنَا سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ وَلَدِ مُقَرِّنٍ، وَمَا لَنَا إِلَّا خَادِمٌ، فَلَطَمَ أَصْغَرُنَا وَجْهَهَا، «فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِتْقِهَا». 5167 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَدَعَاهُ === 5166 "إلا حر وجهها" حر الوجه بضم جاء وتشديد راء ما بدا من الوجنة والخد، يقال: لطمه على حر وجهه.

باب [ما جاء] في المملوك إذا نصح

أَبِي وَدَعَانِي، فَقَالَ: اقْتَصَّ مِنْهُ، فَإِنَّا مَعْشَرَ بَنِي مُقَرِّنٍ كُنَّا سَبْعَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا خَادِمٌ، فَلَطَمَهَا رَجُلٌ مِنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْتِقُوهَا» قَالُوا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَادِمٌ غَيْرَهَا، قَالَ: «فَلْتَخْدُمْهُمْ حَتَّى يَسْتَغْنُوا، فَإِذَا اسْتَغْنَوْا فَلْيُعْتِقُوهَا». 5168 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، وَأَبُو كَامِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ذَكْوَانَ عَنْ زَاذَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ فَأَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ عُودًا، أَوْ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا لِي فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْمَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ 5169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» بَابٌ فِيمَنْ خَبَّبَ مَمْلُوكًا عَلَى مَوْلَاهُ 5170 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ === 5168 - "فكفارته أن يعتقه" وكأنه رأى أن الإعتاق من الكفارة لكونه حقًّا لازمًا لا أجر للإنسان فيه، والمشهور أن أجر الواجب أكثر من أجر المندوب. بَابٌ فِيمَنْ خَبَّبَ مَمْلُوكًا عَلَى مَوْلَاهُ 5170 - "من خبب" بخاء وموحدتين أولهما مشددة أي أفسد وخدع، وقال

باب في الاستئذان

رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا». بَابٌ فِي الِاسْتِئْذَانِ 5171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ، أَوْ مَشَاقِصَ، قَالَ: «فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعَنَهُ». 5172 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، === الحافظ السيوطي: ورأيته في النسخة عندي بمثلثة آخره، قلت: ومعناه قريب، لكن استعمال هذه المادة قد جاء عنه النَّهي، فالنهي لا يخلو عن بعد والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الِاسْتِئْذَانِ 5171 - "بمشاقص" أو بمشقص هو شك من الراوي، هل قال شيخه بالإفراد أو الجمع، والمشقص بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح القاف وصاد مهملة نصل السهم إذا كان طويلًا غير عريض، "يختله" بفتح أوله وسكون المعجمة وكسر المثناة الفوقية أي يراوده ويطلبه من حيث لا يشعر، أي يريد أن يفعل. 5172 - "ففقؤوا عينه" بفاء ثم قاف ثم همزة أي شقوها فقد هدرت" على

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ اطَّلَعَ فِي دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَقَدْ هَدَرَتْ عَيْنُهُ». 5173 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ الْبَصَرُ فَلَا إِذْنَ». 5174 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ هُزَيْلٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، - قَالَ عُثْمَانُ -: سَعْدٌ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْذِنُ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ - قَالَ عُثْمَانُ: مُسْتَقْبِلَ الْبَابِ - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَكَذَا - عَنْكَ - أَوْ هَكَذَا، فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنَ النَّظَرِ». 5175 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعْدٍ نَحْوَهُ عَنِ النَّبِيِّ. === بناء الفاعل أي بطلت بمعنى أنَّه لا يجب بها قصاص ولا دية، لكن لا يصدق من يدعي ذلك إلَّا بشهود. 5173 - "فلا إذن" أي فما بقي حاجة إلى الإذن، يعني أن الإذن إنما شرع من أجل البصر إذ المستأذن لو دخل من غير إذن لربما رأى بعض ما يكره صاحب البيت أن يراه، فشرع لذلك الاستيذان، فمن نظر فما بقي له حاجة إلى الاستيذان، والمقصود المنع عن النظر لا الإجازة في الدخول بلا استيذان عن وقع نظره في البيت والله تعالى أعلم.

باب كيف الاستئذان

بَابُ كَيْفَ الِاسْتِئْذَانُ 5176 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَهُ عَنْ كَلَدَةَ بْنِ حَنْبَلٍ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، بَعَثَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَبَنٍ وَجَدَايَةٍ وَضَغَابِيسَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَدَخَلْتُ وَلَمْ أُسَلِّمْ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» وَذَلِكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ قَالَ عَمْرٌو: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ صَفْوَانَ، بِهَذَا أَجْمَعَ عَنْ كَلَدَةَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يَقُلْ سَمِعْتُهُ === بَابُ كَيْفَ الِاسْتِئْذَانُ 5176 - "كلدة" (¬1) بفتحتين. "وجداية" بفتح الجيم كسرها والتحتية ما بلغ ستة أشهر من أولاد الظباء ذكرًا كان أو أنثى. "صفار القثاء بأعلا مكّة" ولا يخفى أن مكّة حرم بالاتفاق، فلعل وجه الحديث أن الجداية صيدت من خارج الحرم، ففي الحديث دليل لمن يقول إنَّما صيد خارج الحرم لا يحرم بإدخاله في الحرم، وأمَّا قول من يقول يصير بالإدخال من الحرم، فلا يخلو هذا الحديث عليه من إشكال، فليتأمل، "هكذا عنك" أي تنح عن الباب إلى جهة أخرى "فزعًا" بفتح فكسر أي خاثف، "لتأتنّى" إلخ، كأنه ¬

_ (¬1) قال ابن حجر: قلما، صحابي له حديث: هو آخر صفوان بن أمية لأمه. تقريب التهذيب (2/ 136).

مِنْهُ، قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، أُمَيَّةُ بْنُ صَفْوَانَ، وَلَمْ يَقُلْ سَمِعْتُهُ مِنْ كَلَدَةَ بْنِ حَنْبَلٍ، وقَالَ يَحْيَى: أَيْضًا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ كَلَدَةَ بْنَ الْحَنْبَلِ أَخْبَرَهُ. 5177 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ: " اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ " فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ. 5178 - حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَجُلًا مَنْ بَنِي عَامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ. 5179 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مَنْ بَنِي عَامِرٍ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ قَالَ: فَسَمِعْتُهُ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ. === أراد تثبيت الأمر لئلا يجترئ كل أحد على دعوى السماع، "إِذا أنكر أحد عليه فعله لا تكذيبه" ورد خبر الآحاد.

باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان

بَابُ كَمْ مَرَّةً يُسَلِّمُ الرَّجُلُ فِي الِاسْتِئْذَانِ 5180 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ أَبُو مُوسَى فَزِعًا، فَقُلْنَا لَهُ: مَا أَفْزَعَكَ؟ قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ أَنْ آتِيَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَاسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي؟ قُلْتُ: قَدْ جِئْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» قَالَ: لَتَأْتِيَنَّ عَلَى هَذَا بِالْبَيِّنَةِ، فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، قَالَ: فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ مَعَهُ فَشَهِدَ لَهُ. 5181 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ فَاسْتَأْذَنَ ثَلَاثًا فَقَالَ: يَسْتَأْذِنُ أَبُو مُوسَى، يَسْتَأْذِنُ الْأَشْعَرِيُّ، يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ، فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَرَجَعَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عُمَرُ: مَا رَدَّكَ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَسْتَأْذِنُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثًا، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلْيَرْجِعْ» قَالَ: ائْتِنِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَذَا، فَذَهَبَ ثُمَّ === بَابُ كَمْ مَرَّةً يُسَلِّمُ الرَّجُلُ فِي الِاسْتِئْذَانِ 5180 - "لأصغر القوم" أي أصغر الأنصار ليعلم عمران قد خفي عليه ما يعمله أصغر الأنصار. 5181 - "هذا أبي" قال الحافظ ابن حجر: يمكن الجمع بأن أبيّ بن كعب جاء

رَجَعَ، فَقَالَ: هَذَا أُبَيٌّ فَقَالَ أُبَيٌّ: يَا عُمَرُ لَا تَكُنْ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَكُونُ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5182 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى، اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ فِيهِ: فَانْطَلَقَ بِأَبِي سَعِيدٍ فَشَهِدَ لَهُ فَقَالَ: أَخَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ؟ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي السَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَلَكِنْ سَلِّمْ مَا شِئْتَ، وَلَا تَسْتَأْذِنْ. 5183 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: لِأَبِي مُوسَى «إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدٌ». 5184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَنْ عُلَمَائِهِمْ فِي هَذَا فَقَالَ عُمَرُ: لِأَبِي مُوسَى === يعد أن شهد أبو سعيد. 5182 - "ألهاني" أي شغلني "الصفق" أي البيع من التجارة، "ذره" أي اتركه على حاله، "واتبعه سعد" أي أدركه ولحقه، ولكن حسن ركنه أي ولكن يجيء من ركن الباب.

«أَمَا إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». 5185 - حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَبُو مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَعْنَى - قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: زَارَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلِنَا فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، قَالَ قَيْسٌ: فَقُلْتُ: أَلَا تَأْذَنُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَرْهُ يُكْثِرُ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» فَرَدَّ سَعْدُ رَدًّا خَفِيًّا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلَامِ، قَالَ: فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغُسْلٍ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ، أَوْ وَرْسٍ، فَاشْتَمَلَ بِهَا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ» قَالَ: ثُمَّ أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَرَّبَ لَهُ سَعْدٌ حِمَارًا قَدْ وَطَّأَ عَلَيْهِ

باب الرجل يستأذن بالدق

بِقَطِيفَةٍ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا قَيْسُ اصْحَبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ قَيْسٌ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْكَبْ» فَأَبَيْتُ، ثُمَّ قَالَ: «إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ» قَالَ: فَانْصَرَفْتُ. قَالَ هِشَامٌ أَبُو مَرْوَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَابْنُ سَمَاعَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ مُرْسَلًا وَلَمْ يَذْكُرَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ. 5186 - حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، فِي آخَرِينَ قَالُوا: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ، أَوِ الْأَيْسَرِ، وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ. بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَأْذِنُ بِالدَّقِّ 5187 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنِ أَبِيهِ فَدَقَقْتُ === بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَأْذِنُ بِالدَّقِّ 5187 - "أنا أنا" كرره تأكيدًا وهو الذي يفهم منه الإنكار عرف، وإنَّما كرهه؛ لأنَّ السؤال للاستكشاف ودفع الإبهام ولا يحصل ذلك بمجرد أنا إلَّا أن يضم إليه اسمه أو كنيته أو لقبه، نعم قد يحصل التعين بمعرفة الصوت لكن ذاك مخصوص

باب في الرجل يدعى أيكون ذلك إذنه

الْبَابَ، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟ » قُلْتُ: أَنَا، قَالَ: «أَنَا أَنَا» كَأَنَّهُ كَرِهَهُ. 5188 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ يَعْنِي الْمَقَابِرِيَّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلْتُ حَائِطًا، فَقَالَ لِي: «أَمْسِكِ الْبَابَ» فَضُرِبَ الْبَابُ فَقُلْتُ: «مَنْ هَذَا؟ » وَسَاقَ الْحَدِيثَ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ فِيهِ: فَدَقَّ الْبَابَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْعَى أَيَكُونُ ذَلِكَ إِذْنَهُ 5189 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبٍ، وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رَسُولُ الرَّجُلِ === بأهل البيت ولا يعم غيرهم عادة. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُدْعَى أَيَكُونُ ذَلِكَ إِذْنَهُ 5189 - "إذنه" إذ لا يحتاج إلى الاستئذان إذا جاء مع رسوله، نعم لو استأذن احتياطًا كان حسنًا، سيما إذا كان البيت غير مخصوص بالرجال بل يدخل فيه النساء أحيانًا، وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة إلى أصحاب الصفة فجاءوا فاستأذنوا فدخلوا والله تعالى أعلم. وقال البيهقي في سننه: هذا عندي والله تعالى أعلم إذا لم يكن في الدار حرمة، فإذا كان فيه حرمة، فلا بد من الاستئذان بعد نزول الحجاب (¬1) اهـ. ذكره ¬

_ (¬1) البيهقي في السنن الكبرى (7/ 96، 97).

باب الاستئذان في العورات الثلاث

إِلَى الرَّجُلِ إِذْنُهُ». 5190 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ إِذْنٌ» قَالَ أَبُو عَلِىٍّ الْلُّؤْلُؤِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: قَتَادَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي رَافِعٍ شَيْئًا. بَابُ الِاسْتِئْذَانِ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ 5191 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، وَابْنُ عَبْدَةَ، وَهَذَا حَدِيثُهُ قَالَا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ آيَةَ الْإِذْنِ، وَإِنِّي لَآمُرُ جَارِيَتِي هَذِهِ تَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهِ. === الحافظ السيوطي. بَابُ الِاسْتِئْذَانِ فِي الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ 5191 - "لم يؤمر بها أكثر الناس آية الإذن" الجملة الفعلية خبر مقدم، وآية الإذن مبتدأ والمراد أنهم لا يعلمون بها، فكأنهم لا يؤمنون بها وكأنه رضي الله عنه كان يرى أولًا ذلك، ثم رجع عنه إلى ما سيجيء عنه في الحديث الآتي والله تعالى أعلم. "ولا حجال" جمع جحلة بفتحتين وهي بيت كالقبة يستر بالثياب يجعلونها للعروس.

باب في إفشاء السلام

5192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ تَرَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِمَا أُمِرْنَا، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ؟ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} [النور: 58] لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ قَرَأَ الْقَعْنَبِيُّ إِلَى {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 59] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّ اللَّهَ حَلِيمٌ رَحِيمٌ بِالْمُؤْمِنِينَ يُحِبُّ السَّتْرَ، وَكَانَ النَّاسُ لَيْسَ لِبُيُوتِهِمْ سُتُورٌ وَلَا حِجَالٌ، فَرُبَّمَا دَخَلَ الْخَادِمُ أَوِ الْوَلَدُ أَوْ يَتِيمَةُ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالِاسْتِئْذَانِ فِي تِلْكَ الْعَوْرَاتِ، فَجَاءَهُمُ اللَّهُ بِالسُّتُورِ وَالْخَيْرِ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَعْمَلُ بِذَلِكَ بَعْدُ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «حَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَطَاءٍ يُفْسِدُ هَذَا الْحَدِيثَ». بَابٌ فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ 5193 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ === بَابٌ فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ 5193 - "لا يدخلون الجنة" هكذا في نسختنا بحذف نون الإعراب للمجانسة والازدواج ثم الكلام محمول على المبالغة في الحث على التجانب وإفشاء السلام، أو المراد لا تستحقون دخول الجنة أولًا "حتَّى تؤمنوا" إيمانًا كاملًا "ولا تؤمنون" ذلك الإيمان "حتَّى تحابوا" بفتح التاء، وأصله تتحابوا أي يحب بعضكم

أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ». 5194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا، سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ، عَلَى مَنْ عَرَفْتَ === بعضًا، وأمَّا حمل "حتَّى تؤمنوا" على أصل الإيمان وحمل "ولا تؤمنوا" على كماله فيأباه أن الكلام على هيئة الأشكال المنطقية، والظاهر أنَّه قصد به البرهان، وهذا التأويل يخل به لإخلاله بتكرار الحد الأوسط، فليتأمل والله تعالى أعلم. "أفشوا السلام" من الإفشاء أي أظهروه، والمراد نشر السلام بين النَّاس ليحيوا سنة، قال النووي: أقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن إتيانًا بالسنة، ذكره السيوطي (¬1). قلت: ظاهره حمل الإفشاء على رفع الصوت به، والأقرب حمله على الإكثار والله تعالى أعلم. 5194 - "أي الإسلام" أي أي خصال الإسلام وأفعال خير؟ ! ، "تطعم الطعام" في موضع إطعام، "وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" قال النووي: معناه تسلم على من لقيته ولا تخص ذلك بمن تعرف وفي ذلك ¬

_ (¬1) الأذكار للنووي (ص 313) ط. الدار المصرية اللبنانية.

باب كيف السلام؟

وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ». بَابُ كَيْفَ السَّلَامُ؟ 5195 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: «عِشْرُونَ» ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: «ثَلَاثُونَ». 5196 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ، زَادَ: ثُمَّ أَتَى آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَمَغْفِرَتُهُ، فَقَالَ: «أَرْبَعُونَ» قَالَ: «هَكَذَا تَكُونُ الْفَضَائِلُ». === إخلاص العمل لله واستعمال التواضع وإفشاء السلام الذي هو شعار الأمة (¬1). بَابُ كَيْفَ السَّلَامُ؟ 5195 - "عشر" أمثال السلام على قاعدة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، وأما من زاد الرحمة فله عشر للسلام وعشر للرحمة فصار الذي له عشرين. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم بشرح النووي (2/ 11210).

باب في فضل من بدأ السلام

بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ بَدَأَ السَّلَامَ 5197 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ وَهْبٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ». بَابُ مَنْ أَوْلَى بِالسَّلَامِ؟ 5198 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّةٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». === بَابٌ فِي فَضْلِ مَنْ بَدَأَ السَّلَامَ 5197 - "إِن أولى الناس بالله" أي أقربهم إليه تعالى وأكثرهم ثوابًا في هذا العمل فقط لا مطلقًا, ويحتمل أن معنى بدأ من يعتاد البداية ولا يوفق لها على الدوام إلا من كان أولى الناس بالله تعالى والله تعالى أعلم. بَابُ مَنْ أَوْلَى بِالسَّلَامِ؟ 5198 - يسلم الصغير على الكبير" خبر بمعنى الأمر قالوا هذا إذا تلاقى اثنان، أما الوارد, فيبدأ بالسلام سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، قيل: يبدأ الصغير لأجل حق الكبير؛ لأنه أمر بتوقيره والتواضع له، والقليل لأجل حق الكثير؛ لأن حقهم أعظم. "والمار" لشبهه بالداخل على أهل المنزل، "والراكب" لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع، وقال ابن العربي: حاصل ما في الحديث أن المفضول يبدأ الفاضل والله تعالى أعلم.

باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه؟

5199 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّ ثَابِتًا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي» ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُفَارِقُ الرَّجُلَ ثُمَّ يَلْقَاهُ أَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟ 5200 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ، أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» قَالَ مُعَاوِيَةُ، وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ بُخْتٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ سَوَاءٌ. 5201 - حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عُمَرُ». === 5201 - "السلام عليكم" أي أهل البيت، ويحتمل أنه جمع تعظيمًا كما جوزه بعضهم والأظهر أن التعظيم بالجمع مخصوص بصيغة المتكلم ولا يجري في الخطاب وغيره في اللغة القديمة والله تعالى أعلم.

باب في السلام على الصبيان

بَابٌ فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ 5202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 5203 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: " انْتَهَى إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَنَا غُلَامٌ فِي الْغِلْمَانِ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَرْسَلَنِي، بِرِسَالَةٍ وَقَعَدَ فِي ظِلِّ جِدَارٍ، أَوْ قَالَ إِلَى جِدَارٍ حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ. بَابٌ فِي السَّلَامِ عَلَى النِّسَاءِ 5204 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، سَمِعَهُ مِنْ، شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ يَقُولُ: أَخْبَرَتْهُ أَسْمَاءُ ابْنَةُ يَزِيدَ: «مَرَّ === بَابٌ فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ 5202 - "فسلم عليهم" قيل في السلام عليهم تدريبهم على آداب الشريعة، وطرح رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب. 5203 - "أو قال إلى جدار" من القيلولة أي استراح فسلم علينا، قال الحلمي: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم للعصمة وكأن مؤمونًا من الفتنة فمن وثق من نفسه بالسلامة، فليسلم، وإلا فالصمت أسلم. اهـ. فالحاصل أن سلام الرجل عليهن جائز في نفسه بل مسنون لكن بشرط السلامة، فإنه ظن بها وإلا تعين الترك.

باب في السلام على أهل الذمة

عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا». بَابٌ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ 5205 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ، فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَبِي لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ». 5206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ === بَابٌ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ 5206 - "السام" هو بألف ساكنة هو الموت، وقيل: الموت العاجل وجاءت الرواية في الجواب بالواو وحذفها لرد قولهم، لأن مرادهم الدعاء على المؤمنين، فينبغي للمؤمنين رد ذلك الدعاء عليهم، وأما الواو وفإما استينافية ذكرت تشبيهًا بالجواب، والمقصود هو الرد وإما للعطف, والمواد الإخبار بأن الموت مشترك بين الكل غير مخصوص بأحد، فهو رد بوجه آخر وهو أرادوا بهذا الدعاء إلحاق ضرر مع أنهم مخطئون في هذا الاعتقاد لعموم الموت للكل ولا ضرر بمثله والله تعالى أعلم.

باب في السلام إذا قام من المجلس

فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ فِيهِ: «وَعَلَيْكُمْ». 5207 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا لِلنَّبِيِّ: إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُسَلِّمُونَ عَلَيْنَا فَكَيْفَ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: «قُولُوا وَعَلَيْكُمْ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ عَائِشَةَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيِّ، وَأَبِي بَصْرَةَ يَعْنِي الْغِفَارِيَّ. بَابٌ فِي السَّلَامِ إِذَا قَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ 5208 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَمُسَدَّدٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِيَانِ ابْنَ الْمُفَضَّلِ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، قَالَ مُسَدَّدٌ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ، فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ». بَابُ كَرَاهِيَةِ أَنْ يَقُولَ: عَلَيْكَ السَّلَامُ 5209 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ === وقال الخطابي: رواية سفيان بن عيينة بحذف الواو، وقال وهو الصواب (¬1)، لكن قد عرفت توجيه الواو أيضًا، فلا وجه لرده بعد ثبوتها من حيث الرواية، "فقلت: عليك السلام" إلخ، قد مضى هذا الحديث عن قريب. ¬

_ (¬1) معالم السنن (4/ 154).

باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة

أَبِي غِفَارٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى». بَابُ مَا جَاءَ فِي رَدِّ الْوَاحِدِ عَنِ الْجَمَاعَةِ 5210 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «رَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ» قَالَ: «يُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، إِذَا مَرُّوا، أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ». بَابٌ فِي الْمُصَافَحَةِ 5211 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ زَيْدٍ أَبِي الْحَكَمِ الْعَنَزِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا، وَحَمِدَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَاسْتَغْفَرَاهُ غُفِرَ لَهُمَا». 5212 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: === بَابٌ فِي الْمُصَافَحَةِ هي مفاعلة من الصفحة، والمراد بها الإفضاء بصفحة اليد إلى صفحة اليد.

باب في المعانقة

«مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا». 5213 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالْمُصَافَحَةِ». بَابٌ فِي الْمُعَانَقَةِ 5214 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ يَعْنِي خَالِدَ بْنَ ذَكْوَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لِأَبِي ذَرٍّ حَيْثُ سُيِّرَ مِنَ الشَّامِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذًا أُخْبِرُكَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ سِرًّا قُلْتُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِسِرٍّ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَافِحُكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ؟ قَالَ: «مَا لَقِيتُهُ قَطُّ إِلَّا صَافَحَنِي، وَبَعَثَ إِلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي فَلَمَّا جِئْتُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَرْسَلَ لِي، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَالْتَزَمَنِي، فَكَانَتْ تِلْكَ أَجْوَدَ وَأَجْوَدَ». === بَابٌ فِي الْمُعَانَقَةِ 5214 - (عن أيوب بن بشير) (¬1) بالتصغير، "فكانت تلك" أي تلك الفعلة وهي الالتزام أجود الالتزامات أو أجود من المصافحة، وتكرير (أجود) للتأكيد والتقرير, وعلم من هذا جواز المعانقة في غير حالة القدوم، "إظهارًا لشدة" المحبة والعناية. ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: البصري، قاضي فلسطين، ومات سنة تسع وعشرين ومائة وله خمس وسبعون سنة. انظر: تقريب التهذيب (1/ 88، 89).

باب [ما جاء] في القيام

بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْقِيَامِ 5215 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ أَقْمَرَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ»، فَجَاءَ حَتَّى قَعَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 5216 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ === بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْقِيَامِ 5215 - "على حمار أقمر" أي أبيض. 5216 - "قوموا إلى سيدكم" احتج به المصنف والبخاري ومسلم على مشروعية القيام، قال مسلم: لا أعلم في قيام الرجل للرجل حديثًا أصح من هذا، ونازعه فيه طائفة منهم ابن الحاج بأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بالقيام لسعد لينزلوه عن الحمار؛ لكونه كان مريضًا كما في بعض الروايات؛ ففي مسند أحمد زيادة "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" (¬1) قال: لو كان القيام المأمور به لسعد هو المتنازع فيه لما خص به الأنصار، فإن الأصل في أفعال القرب التعميم، وقال التوربشتي: معنى: (قوموا إلى سيدكم) أي إلى إعانته وإنزاله عن دابته، ولو كان المراد التعظيم لقال: قوموا لسيدكم، وقيل: بل معنى (قوموا إليه) أي قوموا وامشوا إليه تلقيًا وإكرامًا، كما يدل عليه اسم سيدكم؛ ذكره السيوطي، وللناس كلام ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده (6/ 142).

بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ». 5217 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا» === كثير في هذه المسألة، وعلى هذا الحديث والأقرب أن تركه أولى وأحرى إن تيسر بلا إفضاء إلى إيذاء وخصومة والله تعالى أعلم. 5217 - "سمتًا" بفتح فسكون "ودلًّا" بفتح فتشديد، "وهديًا" بفتح أو كسر فسكون، وهذه الألفاظ متقاربة المعاني لغة، فمعناها الهيئة والطريقة وحسن الحال ونحو ذلك، وقيل: المراد بالسمت في الحديث ما يرى على الإنسان من الخشوع والتواضع لله تعالى وبالهدى ما يتحلى به من السكينة والوقار وما يسلكه من المنهج المرضي، وبالدل حسن الخلق وحسن الحديث، "قام إِليها" قام للتقبيل والإجلاس مكانه وما كان من هذا الباب كالقيام لاستقبال الغائب ونحوه لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في القيام المتعارف بين الناس بأن يقوم في محله حتى يجلس، فيجلس معه أو عقبه والله تعالى أعلم.

باب في قبلة الرجل ولده

بَابٌ فِي قُبْلَةِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ 5218 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُقَبِّلُ حُسَيْنًا فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا فَعَلْتُ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ». 5219 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ - تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ عُذْرَكِ» وَقَرَأَ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ أَبَوَايَ: قُومِي فَقَبِّلِي رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا إِيَّاكُمَا. === بَابٌ فِي قُبْلَةِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ 5218 - "من لا يرحم لا يرحم" يجوز جزم اللفظين ورفعهما على أن (من) شرطية أو موصولة، ورجح كثير منهم الرفع، وقيل في وجهه أنه أشبه بسياق الكلام؛ لأن المراد الرد على ذلك الرجل ويناسبه الرفع، ولو جعل شرطًا لا نقطع الكلام مما قبله بعض الانقطاع؛ لأن الشرط وجوابه كلام مستأنف، ولأن الشرط إذا كان بعده فعل منثي فأكثر ما ورد منفيًا بلم لا بلا كقوله تعالى: {من لم يؤمن} (¬1)، {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ} (¬2)، والمعنى من لم يرحم خلق الله مطلقًا ويدخل فيه الأولاد دخولًا أوليًّا؛ لأنهم محل الكلام أو المراد الأولاد بقرينة السياق. ¬

_ (¬1) سورة الفتح: آية (18). (¬2) سورة الحجرات: آية (11).

باب في قبلة ما بين العينين

بَابٌ فِي قُبْلَةِ مَا بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ 5220 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَجْلَحَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَلَقَّى جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَالْتَزَمَهُ، وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ». بَابٌ فِي قُبْلَةِ الْخَدِّ 5221 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ دَغْفَلٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا نَضْرَةَ قَبَّلَ خَدَّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَام». 5222 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا عَائِشَةُ ابْنَتُهُ مُضْطَجِعَةٌ قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَأَتَاهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهَا: «كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ؟ وَقَبَّلَ خَدَّهَا». بَابٌ فِي قُبْلَةِ الْيَدِ 5223 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، حَدَّثَهُ وَذَكَرَ، قِصَّةً قَالَ: «فَدَنَوْنَا يَعْنِي مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلْنَا يَدَهُ».

باب في قبلة الجسد

بَابٌ فِي قُبْلَةِ الْجَسَدِ 5224 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ فَقَالَ: أَصْبِرْنِي فَقَالَ: «اصْطَبِرْ» قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ، «فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَمِيصِهِ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ === بَابٌ فِي قُبْلَةِ الْجَسَدِ 5224 - (أسيد بن حضير) (¬1) بلفظ التصغير فيهما، رجل من الأنصار، "جر" (زجره) على البدلية ورفعه على أنه خبر محذوف، بينما هو أسيد، وهذا هو ظاهر سوق هذا اللفظ، وكان فيه مزاح بضم الميم هاهنا وهو بالضم اسم وبالكسر مصدر مازحه، والجملة حال من ضمير يحدث، "بينما يضحكهم" بدل من الأول أي يحدث القوم ليضحكهم، "أصبرني" بفتح الهمزة من الإصبار أي مكني من نفسك لأقتص، "اصطبر" صيغة أمر أي اقتص مني عن قميصه تعدية الرفع بعن لتضمين معنى الكشف. "فاحتضنه" أي فاعتنقه وأخذه في حضنه وهو ما دون الإبط إلى الكشح، وفيه إشعار بإباحة المزاح إذا لم يكن فيه محذور شرعًا وباستماعه، "يقبل كشحه" بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة، "ورجله"، فيه دلالة علي جواز تقبيل الرجل أيضًا، وقد منعه بعض علمائنا الحنفية، فلعلهم يحملون الحديث ¬

_ (¬1) قال عنه ابن حجر: أنصاري, مات سنة عشرين أو إحدى وعشرين. تقريب التهذيب (1/ 878).

باب في الرجل يقول: جعلني الله فداك

كَشْحَهُ»، قَالَ إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. 5225 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنُ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْنَقُ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ، عَنْ جِدِّهَا، زَارِعٍ وَكَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا، فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ، قَالَ: وَانْتَظَرَ الْمُنْذِرُ الْأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ، الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمُ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: «بَلِ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا» قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ 5226 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ح وحَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِيَانِ ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ» فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا فِدَاؤُكَ. === على الخصوص "أي عينه" بفتح عين مهملة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم موحدة مفتوحة، "مستودع الثياب خلتين" يفتح خاء معجمة وتشديد لام أي خصلتين. 5225 - "الأناة" على وزن الفتاة، وقال السيوطي: بفتح الهمزة مقصور وهي التأني في الأمور وترك التعجل.

باب في الرجل يقول: أنعم الله بك عينا

بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا 5227 - حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: «كُنَّا نَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا، وَأَنْعِمْ صَبَاحًا، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قَالَ مَعْمَرٌ: «يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَيْنَكَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: لِلرَّجُلِ حَفِظَكَ اللَّهُ 5228 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا 5227 - "أنعم الله بك عينًا" في القاموس معناه أقرعين من تحبه بك، أو أقر عينك بمن تحبه. اهـ. "وأنعم صباحًا" صيغة أمر من أنعم إذا دخل في النعيم، "وصباحًا" نصب على التمييز أي ليدخل في النعيم صباحك، وهو دعاء له والله تعالى أعلم. ولا بأس أن يقول أنعم الله عينك، كأنه زعم أنه بناء النهي على إبهام لفظ العين الموهم لإضافتها إليه تعالى علوًا كبيرًا، ففرق بينه وبين ما إذا أضفت العين إلى المخاطب، والظاهر أن مبنى النهي على أنه من تحية الجاهلية إلا أن يقال بنى النهي على ذلك، لكن كان المشهور عند أهل الجاهلية أنعم الله بك علينا، فإذا تغير عن ذلك بقي له حكم تحية الجاهلية والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: لِلرَّجُلِ حَفِظَكَ اللَّهُ 5228 - "فعطشوا" من باب سمع.

باب في قيام الرجل للرجل

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ فَعَطِشُوا، فَانْطَلَقَ سَرْعَانُ النَّاسِ، فَلَزِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: «حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ». بَابٌ فِي قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ 5229 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَامِرٍ فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ === بَابٌ فِي قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ 5229 - "أن يمثل" كينصر أي ينتصب قيامًا مصدر من غير لفظ الفعل، أي في أحب أن يقوم بين يديه أو على رأسه أحد للتعظيم، وقيل: أي أن يقيموا بين يديه أو عن جانبيه كما يفعل بالأمراء في مجالسهم وهو زي الأعاجم تكبرًا وإذلالًا للناس، وعلى هذا فلعل معاوية كره القيام له خوفًا من التشبه بهذا القيام بين يدي الشخص المنهي عنه والله تعالى أعلم. قال الطبري: هذا الخبر إنما فيه النهي عن السرور لمن يقام له بذلك لا نهي من يقوم له إكرامًا. قلت: لكن اعتيادهم القيام للإكرام يترتب عليه عادة محبة الناس لذلك وسرورهم به، فإن الإكرام محبوب طبعًا، فما وضعوه طريقًا إليه يصير محبوبًا، فإذا جاء النهي عنه فالوجه تركه رأسًا لئلا يصير محبوبًا وهو منهي عنه. وقال ابن قتيبة: معناه من أراد أن يصوم الرجال على رأسه كما تقوم بين يدي ملوك الأعاجم وليس المراد نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه.

وَجَلَسَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِ عَامِرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». 5230 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الْعَدَبَّسِ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَكِّئًا عَلَى === قال السيوطي: ورجح النووي مقالة الطبري فقال: هو الأصح والأولى، بل الذي لا حاجة إلى سواه أن معناه نهي المكلف أن يحب قيام الناس له، وقال: وليس له فيه تعرض للقيام بنهي ولا غيره، وهذا متفق عليه، قال والمنهي عنه محبة القيام، فلو لم يخطر بباله فقاموا له فلا لوم عليه، وإن أحب أرتكب التحريم؛ سواء قاموا أم لم يقوموا. قلت: وقد عرفت أن جعل القيام عادة يستلزم محبة القيام المنهي عنها، فينبغي أن يكون منهيًّا عنه، وقدح ابن القيم في كلام ابن قتيبة بإن سياق الحديث يدل على خلاف ذلك؛ لأن معاوية إنما روى الحديث حين خرج، فقاموا له تعظيمًا، وأن ذلك لا يقال له القيام للرجل، وإنما هو على رأس الرجل أو عند الرجل. قلت: وقد عرفت جوابه بما سبق منا على أنه لا حجة في فهم معاوية، ثم هذا لا يراد وارد على ما ذكره الطبري أيضًا، فليتأمل والله تعالى أعلم. 5230 - "لا تقوموا" قال الطبري: هذا الحديث ضعيف مضطرب السند فيه

باب في الرجل يقول: فلان يقرئك السلام

عَصًا فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَقَالَ: «لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ، يُعَظِّمُ بَعْضُهَا بَعْضًا». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ 5231 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ غَالِبٍ، قَالَ: إِنَّا لَجُلُوسٌ بِبَابِ الْحَسَنِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، قَالَ: بَعَثَنِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ائْتِهِ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ أَبِي يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، فَقَالَ: «عَلَيْكَ السَّلَامُ، وَعَلَى أَبِيكَ السَّلَامُ». 5232 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: «إِنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ»، فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُنَادِي الرَّجُلَ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ 5233 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، === من لا يعرف. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ: فُلَانٌ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ 5231 - "عليك وعلى أبيك السلام" هذا يدل على أنه يرد على الحامل أيضًا، وحديث عائشة الآتي يدل على جواز الاقتصار على الأصل، فيؤخذ من مجموع الحديثين أن الأول مندوب والثاني جائز والله تعالى أعلم. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يُنَادِي الرَّجُلَ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ 5233 - "قائظ" تفسيره ما بعده من قاظ يومنا أي اشتد حره، "لأمتي" بفتح

باب في الرجل يقول للرجل: أضحك الله سنك

عَنْ أَبِي هَمَّامٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيَّ، قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا فَسِرْنَا فِي يَوْمٍ قَائِظٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، فَنَزَلْنَا تَحْتَ ظِلِّ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ لَبِسْتُ لَأْمَتِي وَرَكِبْتُ فَرَسِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي فُسْطَاطِهِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، قَدْ حَانَ الرَّوَاحُ، قَالَ: «أَجَلْ» ثُمَّ قَالَ: «يَا بِلَالُ قُمْ» فَثَارَ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ فَقَالَ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَأَنَا فِدَاؤُكَ، فَقَالَ: «أَسْرِجْ لِي الْفَرَسَ» فَأَخْرَجَ سَرْجًا دَفَّتَاهُ مِنْ لِيفٍ لَيْسَ فِيهِ أَشَرٌ، وَلَا بَطَرٌ، فَرَكِبَ وَرَكِبْنَا، وَسَاقَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيُّ لَيْسَ لَهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ حَدِيثٌ نَبِيلٌ جَاءَ بِهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ». بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ 5234 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبِرَكِيُّ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، - وَأَنَا لِحَدِيثِ عِيسَى أَضْبَطُ -، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ يَعْنِي السُّلَمِيَّ، حَدَّثَنَا ابْنُ كِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: "ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ - وَسَاقَ الْحَدِيثَ -". === لام وسكون همزة. بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ 3234 - "أضحك الله سنك" أي أدام الله فرحك وسرورك.

باب [ما جاء] في البناء

بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْبِنَاءِ 5235 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُطَيِّنُ حَائِطًا لِي أَنَا وَأُمِّي، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ » فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْءٌ أُصْلِحُهُ، فَقَالَ: «الْأَمْرُ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ». 5236 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَهَنَّادٌ الْمَعْنَى، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا، قَالَ: مَرَّ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا وَهَى، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ » فَقُلْنَا: خُصٌّ لَنَا وَهَى فَنَحْنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ». === بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْبِنَاءِ 5235 - "أسرع من ذلك" أي ينبغي للعاقل أن يرى أسرع من ذلك بحيث يشتغل بالتهيؤ له ويغفل عما سواه إذًا؛ لأجل لا يدري فقد يشتغل الإنسان بشيء ثم لا ينتفع به أصلًا، وليس المراد إخباره بأن موتك قريب والله تعالى أعلم. 5236 - "نعالج" أي نصلح. "خُصًّا" بضم خاء معجمة وتشديد صاد أي بيتًا من قصب، "وهي" من وهي الحائط يهي، إذا ضعف وهمَّ بالسقوط، "ما أرى الأمر" أي على وجه الاحتمال، فلا ينبغي للعاقل إلا الاشتغال بما ينفعه على كل حال.

باب [في] اتخاذ الغرف

5237 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ فَرَأَى قُبَّةً مُشْرِفَةً فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟ » قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: هَذِهِ لِفُلَانٍ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَسَكَتَ وَحَمَلَهَا فِي نَفْسِهِ حَتَّى إِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فِي النَّاسِ أَعْرَضَ عَنْهُ، صَنَعَ ذَلِكَ مِرَارًا، حَتَّى عَرَفَ الرَّجُلُ الْغَضَبَ فِيهِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُنْكِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: خَرَجَ فَرَأَى قُبَّتَكَ، قَالَ: فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى قُبَّتِهِ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالْأَرْضِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَرَهَا، قَالَ: «مَا فَعَلَتِ الْقُبَّةُ؟ » قَالُوا: شَكَا إِلَيْنَا صَاحِبُهَا إِعْرَاضَكَ عَنْهُ، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَهَدَمَهَا، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا، إِلَّا مَا لَا» يَعْنِي مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْغُرَفِ 5238 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّؤَاسِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ === 5237 - "لأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" أي أنكر ما قلته معي ولا أحب تلك المعاملة منه، بل أحب أن يعاملني بالجميل، "إِلا مالا" قال الحافظ أبو الفضل العراقي في تخريج الإحياء والحافظ ابن حجر في فتح الباري: لا بد منه. قلت: وكذا وقع تفسيره في بعض نسخ أبي داود. بَابٌ [فِي] اتِّخَاذِ الْغُرَفِ 5238 - "إِلى عُلية" بضم العين وكسرها وكسر اللام وبالتحتية المشددة هي

باب في قطع السدر

إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ دُكَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ الطَّعَامَ، فَقَالَ: «يَا عُمَرُ اذْهَبْ فَأَعْطِهِمْ» فَارْتَقَى بِنَا إِلَى عِلِّيَّةٍ فَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ مِنْ حُجْرَتِهِ فَفَتَحَ. بَابٌ فِي قَطْعِ السِّدْرِ 5239 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ» سُئِلَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: «هَذَا الْحَدِيثُ === الغرفة، والجمع: علاليّ بياء مشددة "من حجزته" بحاه مهملة ثم جيم ثم زاي معجمة في الأصل موضع شد الإزار ثم قيل للإزار. بَابٌ فِي قَطْعِ السِّدْرِ 5239 - "من قطع سدرة" زاد الطبراني في الأوسط يعني من سدر الحرم (¬1)، وعن المصنف في معناه من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل عبثًا وظلمًا بغير حق يكون له فيها، "صوّب الله رأسه" أي نكسه، وقيل: المراد سدرة مكة؛ لأنها حرام، أو سدرة المدينة ليستريح بها من يهاجر إليها أو لكونها حرمًا، واستدل الشافعي على أنه لا بأس بقطع السدر بحديث: "اغسلوه بماء وسدر"، ¬

_ (¬1) قال الهيثمي في الزوائد: رواه الطبراني في الأوسط وقال: رجاله ثقات. انظر: الزوائد للهيثمي (3/ 287).

مُخْتَصَرٌ، يَعْنِي مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً فِي فَلَاةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ، وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا، وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِي النَّارِ». 5240 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَسَلَمَةُ يَعْنِي ابْنَ شَبِيبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. 5241 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَأَلْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى قَصْرِ عُرْوَةَ فَقَالَ: أَتَرَى هَذِهِ الْأَبْوَابَ وَالْمَصَارِيعَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ سِدْرِ عُرْوَةَ كَانَ عُرْوَةُ يَقْطَعُهُ مِنْ أَرْضِهِ وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ زَادَ حُمَيْدٌ فَقَالَ: هِيَ === "وبضعته أهله" (¬1) بضم الباء هو الجماع, "أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم" أي فمن وضعها في محلها صار بذلك مجتنبًا عن الوضع في غير المحل الذي هو إثم، والاحتراز عن الإثم طاعة يثاب عليها المرء فما به يحصل ذاك الاحتراز يكون سببًا للأجر، ففيه تنبيه على أن الأجر ليس لقضاء الشهوة, وإنما هو يتضمنه من الاحتراز عن الإثم، وعلى هذا فليس الحديث من باب القياس، وجعله النووي من باب قياس العكس وقال: اختلف فيه الأصوليون، والحديث حجة لمن عمل به والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) البخاري في الجنائز (1266)، ومسلم في الجنائز (939)، والنسائي في المناسك (5/ 144, 195)، والترمذي في الحج (951)، وابن ماجه في المناسك (84/ 3) , وأحمد (2/ 296، 297) , والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 390, 392, 404, 5/ 53, 54, 64, 70)، وصححه ابن حبان (6/ 109) حديث رقم (3948).

باب في إماطة الأذى [عن الطريق]

يَا عِرَاقِيُّ جِئْتَنِي بِبِدْعَةٍ قَالَ: قُلْتُ إِنَّمَا الْبِدْعَةُ مِنْ قِبَلِكُمْ " سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ بِمَكَّةَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَطَعَ السِّدْرَ» ثُمَّ سَاقَ مَعْنَاهُ. بَابٌ فِي إِمَاطَةِ الْأَذَى [عَنِ الطَّرِيقِ] 5242 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ، مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ» قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: «النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا، وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ». 5243 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ أَتَمُّ عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنَ ابْنِ آدَمَ صَدَقَةٌ، تَسْلِيمُهُ عَلَى مَنْ لَقِيَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُهُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَبُضْعَتُهُ أَهْلَهُ صَدَقَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِي شَهْوَةً، وَتَكُونُ لَهُ صَدَقَةٌ؟ === بَابٌ فِي إِمَاطَةِ الْأَذَى [عَنِ الطَّرِيقِ] 5243 - "ويجزي من ذلك" أي يكفي من أجزأ مهموز الآخر أو جزئي.

باب في إطفاء النار بالليل

قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ حَقِّهَا أَكَانَ يَأْثَمُ؟ » قَالَ: «وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ مِنَ الضُّحَى» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَمْ يَذْكُرْ حَمَّادٌ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ». 5244 - حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِىِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسْطِهِ. 5245 - حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ وَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». بَابٌ فِي إِطْفَاءِ النَّارِ بِاللَّيْلِ 5246 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رِوَايَةً وَقَالَ: مَرَّةً يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ». === 5245 - "فأدخله الجنة" إما بأن وفقه في الدنيا بسببه للإيمان وصالح الأعمال، وإما أنه كان مؤمنا، قيل: إلا أنه ما عمل خيرًا سوى الإيمان، فجعل الله تعالى هذا العمل سببًا لمغفرة ما عليه من الآثام بسبب ترك الطاعات والله تعالى أعلم.

باب في إطفاء النار بالليل

5247 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ فَقَالَ: «إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ». بَابٌ فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ 5248 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً، فَلَيْسَ مِنَّا». 5249 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ، === بَابٌ فِي إِطْفَاءِ النَّارِ بِاللَّيْلِ 5247 - " على الخمرة" بضم فسكون أي السجادة "ما سالمناهن" أي ما صالحنا الحياة منذ حاربناهن، كأن المراد ما شرع الله تعالى محبتهن لنا أو ما نسخ عداوتهن منذ شرع لنا ذلك فأمرنا بقتلهن، أو ما أزال عداوتهن عن قلوبنا والله تعالى أعلم. ثم لعل المراد ما لا تظهر فيه علامة أن يكون خبًا والله تعالى أعلم. [باب في قتل الحيات] 5249 - " خاف ثأرهن" بفتح ثاء وسكون همزة أي حقدهن وانتقامهن، من

عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ فَمَنْ خَافَ ثَأْرَهُنَّ فَلَيْسَ مِنِّي». 5250 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، يَرْفَعُ الْحَدِيثَ فِيمَا أَرَى إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ الْحَيَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ، فَلَيْسَ مِنَّا مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ». 5251 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُوسَى الطَّحَّانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَكْنُسَ زَمْزَمَ وَإِنَّ فِيهَا مِنْ هَذِهِ الْجِنَّانِ - يَعْنِي الْحَيَّاتِ الصِّغَارَ - «فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِنَّ». 5252 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ، وَالْأَبْتَرَ، === هذه الجنان" بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان يعني الحيات الصغار, وقيل: هي الدقيقة الخفيفة, وقيل: دقيقة البيضاء. 5252 - "اقتلوا الحيات" قال القرطبي: الأمر في ذلك للإرشاد (¬1) , نعم ¬

_ (¬1) الجامع لأحكام القرآن (1/ 268) ط. الشعب.

فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ» قَالَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَهَا فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ». 5253 - حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، وَالْأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَخْطِفَانِ الْبَصَرَ، وَيَطْرَحَانِ مَا فِي بُطُونِ النِّسَاءِ». 5254 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ === ما كان منها محقق الضرر وجب دفعه "وذو الطفيتين" تثنية طفية بضم المهملة وسكون الفاء وبالتحتية، والمراد بهما الخطان الأبيضان، قال ابن عبد البر: إن من جنس الحيات يكون على ظهره خطان أبيضان. 5253 - "والأبتر" من الحيات القصير الذنب، وقيل: هو صنف من الحيات زرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها، "يلتمسان البصر" أي يخطَفانه ويطلبانه لخاصية في طباعهما إذا وقع بصرهما على بصر الإنسان، وقيل: يقصد أن البصر باللسع، "ويسقطان الحبل" بفتحتين. 5254 - "أبو لبابة" (¬1) بضم لام وموحدتين خفيتين صحابي مشهور "يطارد حية" أي يطبعها ويطلبها عن ذوات البيوت، قيل إنه عام في جميع البيوت، وعن ¬

_ (¬1) انظر: تقريب التهذيب (2/ 467).

نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْنِي بَعْد مَا حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ حَيَّةً فِي دَارِهِ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ يَعْنِي إِلَى الْبَقِيعِ. 5255 - حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَسُامَةُ، عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ نَافِعٌ: ثُمَّ رَأَيْتُهَا بَعْدُ فِي بَيْتِهِ. 5256 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَصَاحِبٌ لَهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ يَعُودَانِهِ، فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَنَا صَاحِبٌ لَنَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ، فَأَقْبَلْنَا نَحْنُ فَجَلَسْنَا فِي الْمَسْجِدِ فَجَاءَ فَأَخْبَرَنَا أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْهَوَامَّ مِنَ الْجِنِّ، فَمَنْ رَأَى فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فَلْيُحَرِّجْ === مالك تخصيصه ببيوت أهل المدينة الشريفة وهو المختار، وقيل: يختص ببيوت المدن دون غيرها، وعلى كل حال فتقتل في البراري من غير إنذار، وروى الترمذي عن ابن المبارك أنها الحية التي تكون كأنها فضة ولا تلتوي في مشيتها (¬1). 5256 - "فليحرج عليه" من التحريج بمعنى التضييق أي ليضيق عليه، والمراد إظهار ذلك بالقول بأن يقول لهن: أنتن في حرج وضيق إن عدتن إلينا، وقد حمل كثير منهم ذلك القول على ما سيجيء في حديث أبي ليلى والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) الترمذي في الأحكام والفوائد (3/ 148).

عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ عَادَ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ». 5257 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ صَيْفِيٍّ أَبِي سَعِيدٍ، مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدُهُ سَمِعْتُ تَحْتَ سَرِيرِهِ تَحْرِيكَ شَيْءٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حَيَّةٌ، فَقُمْتُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: حَيَّةٌ هَاهُنَا، قَالَ: فَتُرِيدُ مَاذَا؟ قُلْتُ: أَقْتُلُهَا، فَأَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي دَارِهِ تِلْقَاءَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمٍّ لِي كَانَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ اسْتَأْذَنَ إِلَى أَهْلِهِ، وَكَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلَاحِهِ، فَأَتَى دَارَهُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَائِمَةً عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَأَشَارَ إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ، فَقَالَتْ: لَا تَعْجَلْ حَتَّى تَنْظُرَ مَا أَخْرَجَنِي، فَدَخَلَ الْبَيْتَ فَإِذَا حَيَّةٌ مُنْكَرَةٌ، فَطَعَنَهَا بِالرُّمْحِ ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فِي الرُّمْحِ تَرْتَكِضُ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الرَّجُلُ أَوِ الْحَيَّةُ، فَأَتَى قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ». 5258 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مُخْتَصَرًا، قَالَ: «فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلَاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ». === "أن تؤذونا" أي لا تؤذونا.

باب في قتل الأوزاغ

5259 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ صَيْفِيٍّ مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَأَتَمَّ مِنْهُ قَالَ: «فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». 5260 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ، فَقُولُوا: أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ، أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمَانُ، أَنْ لَا تُؤْذُونَا فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ. 5261 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: «اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهَا، إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ، الَّذِي كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «فَقَالَ لِي إِنْسَانٌ الْجَانُّ لَا يَنْعَرِجُ فِي مِشْيَتِهِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا صَحِيحًا كَانَتْ عَلَامَةً فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَوْزَاغِ 5262 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا

باب في قتل الأوزاغ

مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا». 5263 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ، كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، أَدْنَى مِنَ الْأُولَى، وَمَنْ قَتَلَهَا فِي الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً أَدْنَى مِنَ الثَّانِيَةِ». 5264 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي أَوْ أُخْتِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً». === بَابٌ فِي قَتْلِ الْأَوْزَاغِ 5263 - قوله: "فله كذا وكذا حسنة" كما في رواية مسلم، كتب له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك، وفي رواية: "في أول ضربة سبعين حسنة" قالوا: إنما أمر يقتلها لكونها من المؤذيات فزيادة الحسنات في قتلها بالضربة الأولى للحث على المبادرة بقتلها والاعتناء به، فإنها ربما تفلت فيفوت قتلها، واختلاف الروايتين في الضربة الأولى لعله بناءً على أنه أخبر أولًا بالسبعين ثم تصدق الله تعالى بالزيادة، فأخبر الله بها ثانيًا والله تعالى أعلم.

باب في قتل الذر

بَابٌ فِي قَتْلِ الذَّرِّ 5265 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجِهَازِهِ، فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً». 5266 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَفِي أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ، أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ». 5267 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ === بَابٌ فِي قَتْلِ الذَّرِّ 5265 - "فلدغته نملة" بإهمال الدال وإعجام الغين, "فأمر بجهازه" بفتح جيم وكسرها وهو المتاع، "فأمر بقرية النمل" هي مسكنها وبيتها فأحرقت، قال النووي: هذا محمول على أن شرع ذلك النبي كان فيه جواز قتل النمل وجواز الإحراق بالنار، "ولم يعب عليه" في القتل والإحراق بل في الزيادة على نملة واحدة، وقوله: "فهلا نملة واحدة" أي فهلا عاقبت نملة واحدة وهي التي قرحتك؛ لأنها الجانية وأما غيرها فليس له جناية، وأما في شرعنا، فلا يجوز الإحراق بالنار للحيوان ولا قتل النمل.

باب في قتل الضفدع

الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ. 5268 - حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سَعْدٍ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ» عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ، فَجَعَلَتْ تُفَرِّشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا» وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا، فَقَالَ: «مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ؟ » قُلْنَا: نَحْنُ، قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ». بَابٌ فِي قَتْلِ الضِّفْدَعِ 5269 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ: «أَنَّ طَبِيبًا === 5268 - قوله: "حمّرة" بضم الحاء وتشديد الميم المفتوحة وقد تخفف طائر صغير كالعصفور، "فجعلت تعرش" بالعين المهملة من التعريش وهو أن ترتفع، "وتظلل بجناحها على من تحته" يقال عرش الطائر إذا رفرف، بأن يرخي جناحيه ويدنو من الأرض ليسقط ولا يسقط، وروي "تفرش" بالفاء من الفرش أي تبسط.

باب في الخذف

سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِفْدَعٍ، يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا». بَابٌ فِي الْخَذْفِ 5270 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَذْفِ قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَصِيدُ صَيْدًا، وَلَا يَنْكَأُ عَدُوًّا، وَإِنَّمَا يَفْقَأُ الْعَيْنَ، وَيَكْسِرُ السِّنَّ». بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْخِتَانِ 5271 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكُوفِيُّ: عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ، وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ === بَابٌ فِي الْخَذْفِ 5270 - "عن الحذف" بمعجمتين وفاء وهي رمي الحصاة أو النواة يأخذها عن بين السبابتين ويرمي بها, "ولا ينكى" من نكيت العدد أنكى نكاته إذا كثرت فيهم الجراح والقتل، "فوهفوا لذلك" وقد يهمز لغة فيه. بَابُ [مَا جَاءَ] فِي الْخِتَانِ 5271 - "تختن" أي النساء، "لا تنهكي" أي لا تبالغي في الخفض.

باب في مشي النساء [مع الرجال] في الطريق

عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، بِمَعْنَاهُ وَإِسْنَادِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «لَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيِّ وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ مَجْهُولٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ. بَابٌ فِي مَشْيِ النِّسَاءِ [مَعَ الرِّجَالِ] فِي الطَّرِيقِ 5272 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ» فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ. 5273 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى أَنْ يَمْشِيَ يَعْنِي الرَّجُلَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ». === بَابٌ فِي مَشْيِ النِّسَاءِ [مَعَ الرِّجَالِ] فِي الطَّرِيقِ 5272 - "أن تحققن الطريق" بسكون حاء وضم قاف أولى أي تركبن وسطها.

باب في الرجل يسب الدهر

بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسُبُّ الدَّهْرَ 5274 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الْأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» قَالَ ابْنُ السَّرْحِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، مَكَانَ سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "آخر كتاب الأدب" * * * === بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَسُبُّ الدَّهْرَ 3274 - "وأنا الدهر" أي إن الفاعل لما يسبّ الدهر لأجله فسبه الدهر؛ لأجل ذلك الفعل مُؤدي إلى سب فاعله، وكانوا ينسبون الأفعال إلى الدهر ويسبونه لأجلها، وليس المراد أن الدهر عن أسماء الله تعالى والله تعالى أعلم بالصواب. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على محمد صاحب السعادات، وعلى آله وصحبه ذوي الكرامات، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين. * * * وكان الفراغ من كتابتها يوم الجمعة قبل صلاة العصر، للخامس والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1326 ست وعشرين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية، وعلى صاحبها أفضل الصلوات وأكمل التحيات وعلى آله وصحبه أجمعين. * * *

§1/1