فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي

محمد الخليلي

[مقدمة]

بسم الله الرحمن الرحيم [مقدمة] الحمد لله الذي تفرد بالوحدانية فلا له ثان، وفرق بين الحق والباطل وعلم كل قاص ودان، وألهم العلماء لجواب السؤال بلا توان، ومنحهم أسباب النوال، وبلغهم الأماني، فسبحانه وتعالى على أن وفقني للخير وهداني. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو الباقي وكل شيء فان، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله النبي العربي القرشي العدناني، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين شيدوا من الدين المباني، وأظهروا الشريعة الغراء ووضحوا لها المعاني، وعلى من تبعهم وسلك سبلهم وطريقتهم من كل عزيز وقوي وعان، صلاة وسلاما دائمين متلازمين ملازمة الغريم للجاني، وعدد ما قرئ: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} (وبعد) فإن العلماء ورثة الأنبياء ومعالم للهدى، ومصابيح للدجى، ونجوم للاهتدا، وصقال للصدا، وسلاح للأعدا، وحجة لمن اعتدى، زادهم الله تعالى شرفا وتعظيما، ومنحهم عزا وإجلالا ومهابة وتكريما، خصهم الله تعالى بالشرف والعلا بين الأنام

وجعلهم قبلة ومنهاجا لدار السلام، تتشرف الأرض بمواطئ أقدامهم، وتنزل الرحمة عند دروسهم وتقريرهم، ولولاهم لكانت الناس بالدين جهالا، وأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا إضلالا، ولقد غاصوا في مسالك الفقه وساروا، وداروا على مسائله وجدا وهاموا، وبينوا المسائل الفقهية أحسن تبيين، وأظهروا ما خبئ وخفي عن الغبيين، وردوا خصم الخصوم المخالفين، وأقاموا صحة الحجج والبراهين، فأحاطوا بأحكام حرامه وحلاله، ورشفوا من غوامض مائه وزلاله، ووضحوا العبارة بلباب العقول والنقول، واعتمدوا على كل قول صحيح صواب مقبول، على منهج الطريق الواضح المستقيم، غير متعرضين لكلام ضعيف ولا مين ولا ذميم، وأن ما يشتغل به العاقل اللبيب، الكامل الأديب، التفقه في دينه، والاجتهاد في فهمه وتبيينه؛ لأجل إنقاذه من الجهل المهين له في زمانه وحينه، وليعرف الحلال من الحرام والحرام من الحلال، وليحوز الخير الجزيل المتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. ولما كانت الفتوى من أهم ما بها يعتنى، وأجل ثمر يقتطف ويجتنى؛ لكونها من فروض الكفايات، ولعدم الاستغناء عنها في وقت من الأوقات، ولم تزل العلماء الأعلام المفتيون، يقيدون ما يقع لهم من الأسئلة والأجوبة ويجمعون، ومن كتب ما وقع له في لياليه وأيامه، فقد كتب كتابا إلى من يأتي بعده بحوادث دهره وأعوامه، ومن قيد ما رأى وشاهد في أوقاته ودهره، فقد أشهد أحوال عصره لمن لم يكن في عصره، ولقد أفادنا الماضون قبلنا بالأخبار، وأطلعونا على ما دثر وبقي من الآثار، فأبصرنا ما لم نشاهده بالأبصار، وأحطنا بما لم نحط به خبرا من الأخبار، فرحمنا الله تعالى ورحمهم أجمعين، وبوأنا وإياهم جنات عدن فيها خالدين، لقد غرسوا حتى أكلنا وإنا لنغرس حتى يأكل من بعدنا، ويستفيدون ما رأينا وشاهدنا، ويعلمون ما شهدنا وعهدنا، والناس لهم في الفنون مراتب ومقامات، ولهذا رفع بعضهم فوق بعض درجات، وما ذاك إلا فضل من المولى الكريم المتعال، يؤتيه لمن يشاء من عباده ويكسوه ثوب الإجلال، ولقد اهتم العلماء في جميع الوقائع غاية الاهتمام، واجتهدوا في حفظها لينتفع بها من بعدهم من الأنام، حتى صارت كتبا عديدة يرجع إليها، ودواوين فريدة يعتمد عليها، وبراهين غزيرة يتمسك بها، لما فيها من الأحوال النادرة والفروع الشاردة لا تكاد توجد مسطرة إلا على الندور، ولا يلتقي مثلها في الكتب المبسوطة غالبا إلا في العتور. وقلوب أهل هذا الزمن مائلة إليها، ومعولين في الجواب عليها، قال العبد الفقير

مناقب الشيخ

إلى مولاه الغني القدير، السيد أحمد بن أمين الدين البسطامي، المتشرف بإفتاء السادة الشافعية بنابلس المحمية لما انتقل بالوفاة إلى رحمة الله تعالى العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، شافعي زمانه، فريد عصره وأوانه، كهف الإسلام والمسلمين، عمدة الفقهاء والمحدثين، شيخ الإفتاء والتدريس، ومحل الفروع والتأسيس، من هو تابع لمذهب الإمام الأعظم الشافعي ابن إدريس، شيخي وأستاذي عمدتي واستنادي، وقدوتي إلى الله تعالى المرحوم المغفور له إن شاء الله تعالى الشيخ محمد الخليلي، نزيل القدس الشريف، أمطر الله تعالى عليه صبيب الرحمة والرضوان، وأسكنه وإيانا أعلى فراديس الجنان، وكان رحمه الله قيد في مسودة شريفة بعض ما وقع له من الأسئلة وما أجاب عليها، فأرسلت طلبتها من ولده مفخر السادات وعين السيادات، الحائز قصب السبق إلى رتب الكمالات، من هو كاسمه فالح وناجح، مولانا السيد محمد الصالح، وفقه الله تعالى للعمل الصالح، وبلغه ما أمل من جميع المصالح، فأجابني لما طلبت، وبلغني ما أملت، وأرسها لي وما ونى، وحملني له بذلك أجل الثناء، فرأيتها فوائد ثمينة، وفرائد يتيمة، وجواهر مضيئة، وبدورا مستضيئة، حقيق أنها بماء العيون ترسم، وبمداد العسجد ترقم، وتكتب في صحائف الورق فضلا عن الورق، بأحسن خط من كتب وورق، فجزاه الله تعالى جزاء وافيا موفورا، وجعل عمله متقبلا وسعيه سعيا مشكورا، فما كل من فعل أجاد في فعله، ولا كل من قال وفى بقوله، والخلائق في الفضائل يتفاوتون، وقد يظفر الأواخر بما ترك الأولون. وقد جمعت مسائل مهمة كثيرة الوقوع، وفوائد جمة ظاهرة الطلوع، وواقعات شهيرة ومنقولات عزيرة، وأبحاثا مطنبة وجيزة، ينتفع بها الصغير والكبير، ويرتاح بالأخذ منها المأمور والأمير، وتكون عونا لمن بمنصب الإفتاء بلي، وسلك في فتواه منهاج الاستقامة وكفي، وبمطالعتها الغباوة والغشاوة تنجلي؛ ولكونها من وقائع أهل هذا الزمن والأوان، لا يمل قارئها مع توالي الملوان، خالية عن الكلام المعمى، سالمة من الألحان والمغمى، فاستخرت الله تعالى كثيرا، واتخذته هاديا ونصيرا، بيضتها وجمعتها، وعلى أبواب متن الفقه رتبتها، وحذفت منها بعض أسئلة مكررة، وأجوبة مطولة، وبدأتها أول بما يتعلق بالتفسير ثم بالحديث ثم بالنحو ثم بالتوحيد ثم بأبواب الفقه على الترتيب، ثم ختمتها ببابين؛ الأول بما يتعلق بالتصوف، والثاني مسائل منثورة وسميتها بالفتاوى المحمدية الخليلية، في واقعات السادة الشافعية، نويت

باب ما يتعلق بتفسير القرآن العظيم

بذلك الأجر والثواب من الكريم الملك الوهاب؛ ولتكون سببا لنجاتي من العقاب؛ وطمعا بعدي في دعوة عبد صالح مجاب بعد انتقالي من هذه الدار لدار الثواب. ولنذكر نبذة من مناقب المصنف - رحمه الله تعالى-: كان رضي الله تعالى عنه كهفا في العلوم، بحرا في المنطوق والمفهوم، صاحب كرامات ظاهرة، ومقامات عالية وعبارات باهرة، وإشارات سامية، وحقائق زاهرة، وأنفاس نامية، وهمم متوايلة، وأحوال خارقة، وأسرار ناطقة، وأفعال صادقة، ونفحات قدسية، ومعارف روحانية، وفتوح ملكوتية، ورياضات ومجاهدات أبرز الله تعالى له المغيبات، وخرق له العادات، وكشف له المواد الخفيات، وقصد لحل المشكلات، ويسر له فعل الطاعات، ووفقه لأداء الفرائض في أول الأوقات، وكان مجلسه كمجالس الأنبياء عليه وقار وهيبة، وأوهبه الله تعالى العز والوقار والبهاء والكمال والفخر والافتخار. وكان صدرا في المجالس، وإذا تكلم بشيء يرجع الكل إلى قوله وكلامه، وأوقع الله تعالى له القبول التام في الصدور، والمهابة والقبول في قلوب العالم، وألقى الله تعالى هيبته في قلوب الكفار، خصوصا بلاد النصارى؛ كانوا يحسبون حسابه، ويخافون سطوته وبأسه، وأجمع أهل الآفاق على جلالته وفضيلته، وقصدوه بالزيارة من سائر الأقطار، وكان جمع الله تعالى له علم الحقيقة والطريقة والشريعة، وانتهت إليه الطريقة في ترتيب المريدين الصادقين. وكان وعظه يطرب السامعين وينعش الناظرين، ويحيي القلوب الميتين، وكان من طريقته إسقاط الجاه وترك التصنع، واستعمال الإخلاص، محبا لأهل الصلاح، مهتما بأمور المسلمين، معظما للفقراء والمساكين، حسن الخلق، شديد الهمة، كامل الأدب وافر العقل كثير التواضع، معمور الباطن، بحرا في الكلام بالسجع والنثر والشعر والانتظام. وقد مدحه العلامة المرحوم السيد محمد ابن المرحوم السيد عبد الرحيم اللطفي رحمهما الله تعالى المفتي بالقدس الشريف حين أضافه في كرمه بمدينة السيد الخليل عليه صلوات الملك الجليل حيث قال: إمام الفضل مولانا الخليلي ... فريد العصر والعلم الجليلي حباه ربه لطفا وعلما ... لحل المشكلات مع الدليل إذا وافيته تلقاه صدرا ... رحيبا بالمكارم للنزيل أتيناه بكرم أرض حبرى ... فحيانا وأحيا بالجميل وحملنا لطائف مذ حللنا ... وأمنحنا من الخير الجزيل فاوفه يا إلهي غيث بر ... ونكس أنف مبغضه الرخيل توفي رضي الله تعالى عنه في نصف شهر جمادى الثانية سنة سبعة وأربعين ومائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها ألفا ألف صلاة ألفا ألف تحية، ودفن رضي الله تعالى عنه في المدفن الذي بداخل خلوته المجاورة للسلطانية بداخل المسجد الأقصى، وصار له مشهد عظيم ما وقع لأحد في هذا الزمن، وعلى ضريحه من النور والبهاء والاحترام والوقار والجلال ما يليق بجنابه الكريم. وقال بعض من رثاه: رحل الخليلي للديار الباقية ... من هذه الدنيا الدنية الفانية مولاه ناداه فلبى طائعا ... متشرفا جنات عدن عالية قد كان في القدس الشريف ككوكب ... يضيء كالقمر المنير علانية قد كان ذا علم وذا حلم وذا ... فضل كأمواج البحار الطامية قد كان بحرا في العلوم مفضلا ... للدين حصنا كالسلاح الماضية قد كان للإسلام عزا ناصحا ... أوقاته مثل النجوم الزاهية قد كانت الكفار تخشى بأسه ... وتخاف سطوته اللئام الطاغية يا قدس زيدي في النحيب وفي البكاء ... وجميع حولك أن يكونوا ناعية طرف الأراضي انتقص لفراقه ... دليل هذا فالقيامة غاشية قد غاب واأسفاه عنا في الردى ... قادم على محيي العظام البالية إن قيل في الأجداث غاب فإنه ... في روضة حسناء تجلو سامية يا رب بالمختار فاجمعنا به ... في جنة فيها قطوف دانية ويقول رضوان لنا هذا بما ... أسلفتموه في الأيام الخالية مولاي فارحمه ونعمه وأكرمـ ... ـه وأسكنه القصور العالية جنات عدن زخرفت لقدومه ... جوزي من الرحمن خيرا وافية لما أصبنا فيه ارخ همه ... قرب الرحيل من الديار الفانية سنة 1147/ 50 باب ما يتعلق بتفسير القرآن العظيم مطلب في: بسم الله الرحمن الرحيم، أهي من الفاتحة إلخ؟ (سئل) عن بسم الله الرحمن الرحيم: هل هي من الفاتحة، وهل هي آية من أول كل سورة إلا براءة؟ (أجاب) اختلفوا في البسملة: فذهب قراء البصرة والمدينة وفقهاء الكوفة إلى أنها ليست من الفاتحة ولا من غيرها من السور؛ والافتتاح بها للتيمن والتبرك. وذهب قراء مكة والكوفة وأكثر فقهاء الحجاز إلى أنها من الفاتحة وليست من سائر السور. وقيل: آية من كل سورة إلا سورة التوبة، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي؛ لأنها كتبت في المصحف بخط سائر القراء، واتفقوا على أن الفاتحة

مطلب في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب} إلخ

سبع آيات، فالآية الأولى عند من يعدها من الفاتحة {بسم الله الرحمن الرحيم}. روي في الخبر الصحيح عن سعيد بن جبير: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}: هي أم القرآن، قال أبي: وقرأها على سعيد بن جبير حتى ختمها، ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة، قال سعيد: قرأها عليَّ ابن عباس كما قرأتها عليك. ثم قال: بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال ابن عباس: فدخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم. وروي عن ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ختم السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم. وعن ابن مسعود قال: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم، وقال الشعبي: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب في بدء الأمر على رسم قريش: باسمك اللهم، حتى نزلت: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها}، فكتب: بسم الله، حتى نزلت: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فكتب: بسم الله الرحمن، حتى نزلت: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، فكتب مثلها. ذكره البغوي في تفسيره. وإنما لم تكتب في أول براءة؛ لأن براءة نزلت بالسيف والبسملة للرحمة، فلا تناسبها، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب} إلخ (سئل) في قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} ما معنى ذلك؟ (أجاب) المعنى {أورثنا}: أعطينا؛ لأن الميراث إعطاء، وقيل: {أورثنا}: أخرنا، ومنه الميراث؛ لأنه تأخر عن الميت، ومعناه أخرنا القرآن من الأمم السالفة وأعطيناكموه وأهلناكم له، {الذين اصطفينا من عبادنا} قال ابن عباس: يريد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - قسمهم ورتبهم. واختلف المفسرون في معنى الظالم والمقتصد والسابق، قال عقبة بن صهبان: سألت عائشة - رضي الله عنها - عن قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فقالت: يا بني، كلهم في الجنة، أما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وأما المقتصد فمن اتبع أثره من أصحابه حتى لحق به، وأما الظالم فمثلي ومثلكم، فجعلت نفسها معنا. وقال مجاهد والحسن وقتادة: {فمنهم ظالم لنفسه} وهم أصحاب المشئمة، {ومنهم مقتصد} هم أصحاب الميمنة {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} هم السابقون المقربون من الناس كلهم. وعن ابن عباس قال: السابق: المؤمن الخالص، والمقتصد: المرائي، والظالم: الكافر نعمة الله غير الجاحد لها؛ لأنه حكم للثلاثة بدخول الجنة، فقال: {جنات عدن يدخلونها}. وقال الحسن: السابق: من رجحت حسناته على سيئاته، والمقتصد: من استوت حسناته وسيئاته، والظالم: من رجحت سيئاته على حسناته، وقيل: الظالم: من كان ظاهره خيرا من باطنه والمقتصد

مطلب في قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} إلخ.

الذي يستوي ظاهره وباطنه، والسابق: الذي باطنه خير من ظاهره. وقيل: الظالم: من وحد الله تعالى بلسانه، ولم يوافق فعله قوله، والمقتصد: من وحد الله بلسانه وأطاعه بجوارحه، والسابق: من وحد الله تعالى بلسانه وأطاعه بجوارحه، وأخلص له عمله، وقيل: الظالم: التالي للقرآن، والمقتصد: القارئ له العامل به، والسابق: القارئ له العامل بما فيه. وقيل: الظالم: أصحاب الكبائر، والمقتصد: أصحاب الصغائر، والسابق: الذي لم يرتكب كبيرة ولا صغيرة. وقال سهل بن عبد الله: السابق: العالم، والمقتصد: المتعلم، والظالم: الجاهل. انتهى بغوي. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به} إلخ. (سئل) عن معنى قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} فما الذي هو من المتقين؟ (أجاب) قال ابن عباس: {والذي جاء بالصدق} يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلا إله إلا الله {وصدق به} الرسول أيضا، بلغه إلى الخلق. وقال السدي: {والذي جاء بالصدق} جبريل بالقرآن {وصدق به} محمد صلى الله عليه وسلم، تلقاه بالقبول. وقال أبو العالية والكلبي: {والذي جاء بالصدق} رسول الله صلى الله عليه وسلم {وصدق به} أبو بكر. وقال قتادة ومقاتل: {والذي جاء بالصدق} رسول الله صلى الله عليه وسلم {وصدق به} المؤمنون؛ لقوله تعالى: {أولئك هم المتقون}. وقال عطاء: {والذي جاء بالصدق} الأنبياء {وصدق به} الأتباع، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} ما معنى ذلك؟ (أجاب) يقال: للإنسان نفس وروح، فعند النوم تخرج النفس وتبقى الروح. وعن علي قال: تخرج الروح عند النوم ويبقى شعاعه في الجسد، فبذلك يرى الرؤيا، فإذا انتبه من النوم عاد الروح إلى جسده بأسرع من لحظة. ويقال: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتعارف ما شاء الله، فإذا أرادت الرجوع إلى أجسادها أمسك الله تعالى أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع إلى أجسادها إلى انقضاء مدة حياتها، فللإنسان نفسان: نفس الروح وهي التي تقبض عند فناء أكلها وانقضاء أجلها، ونفس الحياة التي يتوفاها عند النوم وهي بها العقل والتمييز، ولأنه بعد النوم يتنفس، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى: {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} ما معنى {أولو العزم}؟ وكم هم؟ (أجاب) قال ابن عباس: أولو العزم: أي الحزم، وقال الضحاك ذوو الجد والصبر. واختلفوا فيهم، فقال ابن زيد: الرسل كانوا أولو عزم، لم يبعث الله نبيا إلا كان ذا عزم وحزم ورأي وكمال عقل. قال بعضهم: الأنبياء كلهم أولو العزم إلا يونس؛ لعجلة كانت معه، ألا ترى أنه قيل للنبي- صلى الله عليه وسلم -: {ولا تكن كصاحب الحوت}.

مطلب في قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}.

وقال قوم: نجباء الرسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر؛ لقوله تعالى بعد ذكرهم: {أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده} وقال الكلبي: هم الذين أمروا بالجهاد وأظهروا المكاشفة مع أعداء الدين، وقيل: هم ستة: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى، وهم المذكورون على النسق في سورة الأعراف والشعراء. وقال مقاتل: هم ستة: نوح صبر على أذى قومه، وإبراهيم صبر على النار، وإسحاق صبر على الذبح، ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره، ويوسف صبر في البئر والسجن، وأيوب صبر على الضر. وقال ابن عباس وقتادة: هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى أصحاب الشرائع، فهم مع محمد - صلى الله عليه وسلم - خمسة، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}. (سئل) عن قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل} الآية، ما معنى ذلك؟ (أجاب) قال ابن عباس رضي الله عنهما: [نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس لما قال للرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من الذاكر فلانة؟ فقال ثابت: أنا يا رسول الله، فقال: انظر في وجوه القوم، فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت؟ قال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: فإنك لا تفضلهم إلا في الدين، فنزلت في ثابت هذه الآية. وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى علا ظهر الكعبة وأذن، فقال عتاب بن أسد بن أبي العاص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا، وقال سهيل بن عمر: إن يرد الله شيئا، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالوا فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء فقال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} يعني آدم وحواء أي أنكم متساوون في النسب {وجعلناكم شعوبا} جمع شعب بفتح الشين، وهي رءوس القبائل مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، سموا شعوبا لتشعبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة. والقبائل: هي دون الشعوب واحدتها قبيلة وهي كبكر وربيعة وتميم من مضر دون القبائل، العمائر واحدها عمارة بفتح العين، ودون العمائر البطون، ودون البطون الأفخاذ، ثم الفصائل ثم العشائر، وقيل: الشعوب من العجم والقبائل من العرب والأسباط من بني إسرائيل. وقال أبو روق: الشعوب: الذين لا ينتسبون إلى أحد بل إلى المدائن والقرى، والقبائل: العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم، فأخبر الله سبحانه وتعالى أن أرفعهم منزلة عنده أتقاهم، روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: الحسب المال، والكرم

مطلب في قوله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}.

التقوى. وقال ابن عباس: كرم الدنيا الغنى، وكرم الآخرة التقوى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم] والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}. (سئل) ما معنى قوله سبحانه وتعالى: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن}؟ (أجاب) قال قتادة: يعني لا يستغني عنه أهل السماء والأرض، وقال ابن عباس: أهل السماوات يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة. وقال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضي يوم السبت، وقال المفسرون: من شأنه أنه يحيي ويميت ويرزق ويعز قوما ويذل قوما ويشفي مريضا ويفك عانيا ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ويعطي سائلا ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وأحداثه في خلقه ما يشاء. وروي عن ابن عباس أنه قال: إن مما خلق الله عز وجل لوحا من درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابته نور ينظر الله عز وجل كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء، فذلك قوله تعالى: {كل يوم هو في شأن}. قال سفيان بن عيينة: الدهر كله عند الله تعالى يومان: أحدهما مدة أيام الدنيا، والآخر يوم القيامة، فالشأن الذي هو فيه في اليوم الذي هو مدة الدنيا: الاختبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، وشأن يوم القيامة: الجزاء والحساب والثواب والعقاب. وقيل: شأنه جل ذكره أنه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر: عسكرا من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكرا من الأرحام إلى الدنيا، وعسكرا من الدنيا إلى القبور، ثم يرتحلون جميعا إلى الله عز وجل. وقال الحسن بن الفضيل: هو سوق المقادير إلى المواقيت، وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية: له كل يوم إلى للعبيد بر جديد. والله تعالى أعلم. مطلب في: {ن والقلم وما يسطرون}. (سئل) عن معنى قوله تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}. (أجاب) اختلفوا في نون، قال ابن عباس: هو الحوت الذي على ظهره الأرض واسمه بهموت، وقيل: ليوثا، وقيل: بلهوث، ولما خلق الله تعالى القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره، فتحرك النون، فمادت الأرض، فأثبتت الجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض. وقالت الرواة: لما خلق الله تعالى الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكا فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين السبع، ثم ضبطها فلم يكن لقدميه موضع قرار، فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثورا له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة، وجعل قرار قدم الملك على سنامه، فلم تستقر قدماه، فأخذ ياقوتة خضراء من أعلى درجة في الفردوس غلظها مسيرة خمسمائة عام، فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقرت قدماه، وقرن ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ومنخراه في البحر، فهو يتنفس كل

مطلب في قوله تعالى: {إذا الشمس كورت} إلخ.

يوم نفسا، فإذا تنفس مد البحر وإذا رد نفسه زجر، فلم يكن لقوائم الثور موضع قرار، فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين فاستقرت قوائم الثور عليها، وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه: {فتكن في صخرة}، ولم يكن للصخرة مستقر، فخلق الله تعالى نونا وهو الحوت العظيم، فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده والحوت على البحر والبحر على متن الريح والريح على القدرة، يقال: إن الدنيا كلها بما عليها حرفان، قال لها الجبار: كوني، فكانت. قال كعب الأحبار: إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرض فوسوس له فقال له: أتدري ما على ظهرك يا لوثا من الأمم والدواب والشجر والجبال، لأن نفضتهم ألقيتهم عن ظهرك، فهم لوثا أن يفعل ذلك، فبعث الله تعالى دابة فدخلت منخره فدخلت إلى دماغه، فعج الحوت إلى الله تعالى، فأذن لها فخرجت. قال كعب: والذي نفسي بيده إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن هم بشيء من ذلك عادت كما كانت. وقال الحسن وقتادة والضحاك: النون الدواة والقلم هو الذي كتب الله به الذكر وهو قلم من نور طوله ما بين السماء والأرض، ويقال: أول ما خلق الله تعالى القلم ونظر إليه انشق نصفين ثم قال: اجر بما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى على اللوح المحفوظ بذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {إذا الشمس كورت} إلخ. (سئل) ما معنى قوله تعالى: {إذا الشمس كورت} إلى قوله: {علمت نفس ما أحضرت}؟. (أجاب) تكويرها ذهاب ضوئها، وقيل: اضمحلالها. وقال الزجاج: لفت كما تلف العمامة، يقال: كورت العمامة على رأسي أكورها كورا وكورتها تكويرا إذا لففتها ومعناه: أن الشمس يجمع بعضها إلى بعض ثم تلف، فإذا فعل بها ذلك ذهب ضوؤها. قال ابن عباس: يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ثم يبعث عليها ريحا دبورا فتضرمها فتصير نارا. قوله تعالى: {وإذا النجوم انكدرت}. أي تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض يقال: انكدر الطائر أي سقط عن عشه. قال الكلبي وعطاء: تمطر السماء يومئذ نجوما فلا يبقى نجم إلا وقع. قوله تعالى: {وإذا الجبال سيرت} عن وجه الأرض، فصارت هباء منثورا. {وإذا العشار عطلت} وهي النوق الحوامل التي أتى على حملها عشر أشهر واحدتها عَشْرَا، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام سنة، وهي أنفس مال عند العرب {عطلت}: تركت مهملة بلا راع، أهملها أهلها وكانوا لازمين لأذنابها، ولم يكن لهم مال أعجب إليهم منها لما جاءهم من أهوال يوم القيامة. {وإذا الوحوش حشرت} يعني ذوات البر، جمعت بعد البعث ليقتص بعضها من بعض، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: حشرها موتها، وقال: حشر كل شيء الموت إلا الجن والإنس فإنهما يوقفان يوم القيامة. {وإذا البحار سجرت} قال ابن عباس: أوقدت

مطلب في قوله تعالى: {والتين والزيتون}.

فصارت نارا تضطرم، وقيل: صارت مياهها بحرا واحدا من الحميم لأهل النار، وقال الحسن: يبست وقال: ذهب ماؤها فلم يبق فيها قطرة. وروي عن أبي بن كعب قال: ست آيات قبل يوم القيامة: بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على الأرض فحركت واضطربت، وفزعت الجن إلى الإنس، والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحش، وماج بعضهم في بعض، فذلك قوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت} واختلطت {وإذا العشار عطلت}، {وإذا البحار سجرت} قال: قالت الإنس والجن: نحن نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحر، فإذا هي نار تأجج، قال: فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم. وعن ابن عباس أيضا قال: هي اثنتا عشرة خصلة ست في الدنيا وست في الآخرة. قوله تعالى: {وإذا النفوس زوجت} روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سئل عن هذه الآية، قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار. وقال عطاء ومقاتل: زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرنت نفوس الكافرين بالشياطين. وروي عن عكرمة قال: {وإذا النفوس زوجت} ردت الأرواح في الأجساد. {وإذا الموءودة سئلت} وهي الجارية المدفونة حية، سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب فيوئدها، أي يثقلها حتى تموت، وكانت العرب تدفن البنات حية مخافة العار والحاجة، وعن ابن عباس: كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت وآن أوان ولادتها حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة، فإن ولدت جارية رمت بها في الحفرة، وإن ولدت غلاما حبسته. وقيل: كان الرجل إذا ولدت له بنت ألبسها جبة من صوف أو شعر حتى إذا بلغت ست سنين ذهب بها إلى الصحراء وقد حفر لها حفيرة فليقيها فيها ويهيل التراب عليها، وقيل غير ذلك. وقوله: {سئلت بأي ذنب قتلت} معناه تسأل الموءودة: بأي ذنب قتلت؟ ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها؛ لأنها تقول: قتلت بغير ذنب. قوله تعالى: {وإذا الصحف نشرت}. يعني صحائف الأعمال تنشر للحساب. {وإذا السماء كشطت} أي: نزعت فطويت، وقال الزجاج: قلعت كما يقلع السقف، وقال مقاتل: تكشف عمن فيها. {وإذا الجحيم سعرت} أي: أوقدت لأعداء الله تعالى. {وإذا الجنة أزلفت} قربت لأولياء الله تعالى. {علمت نفس ما أحضرت} أي: من خير أو شر، وهذا جواب لقوله تعالى: {إذا الشمس كورت} وما بعدها والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {والتين والزيتون}. (سئل) ما معنى قوله تعالى: {والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين}؟. (أجاب) قال

مطلب في قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}. إلخ

ابن عباس: التين هو تينكم هذا الذي تأكلون، والزيتون هو زيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت، قيل: خص التين بالقسم؛ لأنه فاكهة مخلصة لا عجم لها يشبه فواكه الجنة، والزيتون شجرة مباركة جاء به الحديث وهو ثمر ودهن يصلح للإصباح والاصطباح. وقال عكرمة: التين والزيتون جبلان، وقال قتادة: التين: الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون: الجبل الذي عليه بيت المقدس؛ لأنهما ينبتان التين والزيتون. وقال الضحاك: هما مسجدان بالشام. قال ابن زيد: التين: مسجد دمشق، والزيتون: مسجد بيت المقدس، وقال محمد بن كعب: التين مسجد أصحاب أهل الكهف، والزيتون: مسجد إيليا، وطور سيناء هو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه الصلاة والسلام. و {البلد الأمين}: مكة يأمن فيها الناس في الجاهلية والإسلام، وهذه أقسام وجوابها: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} أي: أعدل قامة وأحسن صورة، وذلك أنه تعالى خلق كل حيوان منكبا على وجهه إلا الإنسان خلقه مديد القامة يتناول مأكوله بيده، مزينا بالعقل والتمييز. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}. إلخ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}؟ وهل ورد: قراءة "إذا زلزلت" تعدل نصف القرآن؟. (أجاب) الذرة وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل. وقال ابن عباس: ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرا في الدنيا إلا أراه الله يوم القيامة، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيئاته، ويثيبه بحسناته، وأما الكافر فترد حسناته ويعذبه بسيئاته. قال محمد بن كعب في هذه الآية {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}: من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير. {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر. روي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {إذا زلزلت الأرض} تعدل نصف القرآن و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن , و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة} إلخ. (سئل) ما معنى قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة}؟ (أجاب) قال ابن عباس: هم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، ومعناهما واحد، وقال مقاتل: الهمزة: الذي يعيبك في الغيب، واللمزة: الذي يعيبك في الوجه، وقال سعيد بن جبير وقتادة: الهمزة الذي يأكل لحوم الناس ويغتابهم واللمزة: الطعان عليهم. وقال ابن زيد: الهمزة: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم، وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {ويمنعون الماعون} إلخ. (سئل) ما المراد بـ بالماعون في قوله تعالى: {ويمنعون الماعون}؟. (أجاب) روي عن علي رضي الله عنه

مطلب في قوله تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} إلخ.

أنه قال: هي الزكاة، وهو قول ابن عمر والحسن وقتادة والضحاك، وقال عبد الله بن مسعود: {الماعون}: الفأس والدلو والقدر وأشباه ذلك، وقال مجاهد: {الماعون}: أعلاها الزكاة المفروضة، وأدناها عارية المتاع، وقال محمد بن كعب: المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم. وقيل: الماعون ما لا يحل منعه مثل الماء والملح والنار والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} فهل هذا دليل على جواز الضحك من غير سبب مثلا وما معنى ذلك؟ (أجاب) المعنى: أن كل ما يعمله الإنسان بقضاء الله تعالى وخلقه حتى الضحك والبكاء، وأنه سبحانه وتعالى أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار، وقال الضحاك: أضحك الله تعالى الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر. وقال عطاء: يعني أفرح وأحزن؛ لأن الفرح يجلب الضحك، والحزن يجلب البكاء. روي أنه قيل لجابر بن سمرة: كنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وكان أصحابه يجلسون فيتناشدون الشعر، ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا - يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وقال معمر عن قتادة: سئل عمر: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {عند سدرة المنتهى} إلخ (سئل) عن قوله تعالى: {عند سدرة المنتهى} فما صفتها؟ (أجاب) روي عن عبد الله بن مسعود قال: لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض، فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها. وروي في حديث المعراج: " ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا إبراهيم فسلمت عليه ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة". والسدرة: شجرة النبق، وقيل لها: سدرة المنتهى؛ لأنه إليها ينتهي علم الخلائق. وروي أن ابن عباس - رضي الله عنهما - سأل كعبا عن سدرة المنتهى، فقال كعب: إنها سدرة في أصل العرش على رءوس حملة العرش، وإليها ينتهي علم الخلائق وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله. وروي أنه يسير الراكب في ظل الغصن منها مائة عام، ويستظل بالغصن منها مائة ألف راكب، فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال، وقال مقاتل: هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار من جميع الألوان لو أن ورقة وضعت منها في الأرض لأضاءت لأهل الأرض والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة}. إلخ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين}؟ هل نزل القرآن جملة واحدة؟ أم مفرقا؟ وهل المراد بهذه الليلة ليلة القدر أو غيرها؟ (أجاب) قال قتادة وابن زيد: هي ليلة القدر، أنزل الله تعالى القرآن في ليلة القدر من أم الكتاب

مطلب في قوله تعالى: {من كان يريد العزة} إلخ.

إلى سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما في عشرين سنة، وقال آخرون: هي ليلة النصف من شعبان. روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل الله جل ثناؤه ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لكل نفس إلا إنسانا في قلبه شحناء أو شركا بالله " وفي هذه الليلة {يفرق} أي: يفصل {كل أمر حكيم}. قال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج يقال: حج فلان، ويحج فلان. وقال الحسن ومجاهد: يبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق وما يكون في تلك السنة. وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وتنسخ الأحياء من الأموات فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الزوج لينكح ويولد له، وقد أخرج اسمه في الموتى، وعن ابن عباس: إن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {من كان يريد العزة} إلخ. (سئل) ما معنى قوله تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}؟. (أجاب) قال الفراء: معنى الآية من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعا. وقال قتادة: من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله تعالى، معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة، أي: فليطلب العزة من عند الله تعالى بطاعته، كما يقال: من كان يريد المال فالمال لفلان أي: فليطلبه منه، وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام فطلبوا بها التعزز، كما قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا}، وقال تعالى: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا}. والكلم الطيب: هو قول: لا إله إلا الله، وقيل: هو قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. كما ورد: " ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صعد بهن فلا يمر بهن على جميع الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يجيء بها وجه رب العالمين، ومصداقه من كتاب الله تعالى قوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} ذكره ابن مسعود - رضي الله عنه -. وقال الحسن وقتادة: الكلم الطيب ذكر الله تعالى، والعمل الصالح أداء فرائضه، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في الصدور وصدقته الأعمال، فمن قال حسنا وعمل غير صالح رد الله عليه قوله، ومن قال حسنا وعمل صالحا رفع ذلك العمل، فإن الله تعالى يقول: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}

مطلب في قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين} إلخ.

وجاء في الحديث: " لا يقبل الله تعالى قولا إلا بعمل، ولا قولا وعملا إلا بنية ". وقال قوم: الهاء في قوله: {يرفعه} راجعة إلى العمل الصالح أي: الكلم الطيب يرفع العمل الصالح، فلا يقبل عملا إلا أن يكون صادرا عن التوحيد. وقال سفيان بن عيينة: العمل الصالح هو الخالص يعني أن الإخلاص هو سبب قبول الخيرات من الأقوال والأفعال؛ لقوله تعالى: {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. فجعل الصالح الخالص من الشرك والرياء ونقيض الصالح الشرك والرياء. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} الآية فهل هما ساحران؟ وما سبب نزولهما للدنيا وتعليمهما للناس السحر؟ (أجاب) روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إن الملائكة لما رأوا ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم الخبيثة في زمن إدريس عليه السلام فعيروهم وقالوا: هؤلاء جعلتهم في الأرض واخترتهم وهم يعصونك، فقال الله عز وجل: لو أنزلتكم إلى الأرض وركبت فيكم ما ركبت فيهم لركبتم مثل ما ركبوا، فقالوا: سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نعصيك، فقال الله تعالى: فاختاروا ملكين من خياركم أهبطهما إلى الأرض فاختاروا هاروت وماروت، وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم. وكان اسم هاروت عز وماروت عزايا - فغير اسمهما لما قارفا الذنب - وركب الله تعالى فيهما الشهوة وأهبطهما إلى الأرض وأمرهما أن يحكما بين الناس بالحق ونهاهم عن الشرك والقتل بغير الحق والزنا وشرب الخمر، وكانا يقضيان بين الناس يومهما فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم وصعدا إلى السماء، فما مر عليهما شهر حتى افتتنا، وقيل: افتتنا في أول يوم وذكر أنه اختصم إليهما امرأة يقال لها: الزهرة ، وكانت من أجمل أهل فارس، وقيل: كانت ملكة فلما رأياها أخذت بقلوبهما. فقال أحدهما لصاحبه: هل سقط في نفسك مثل الذي سقط في نفسي؟ قال: نعم، فراوداها عن نفسها، فأبت وانصرفت، ثم عادت في اليوم الثاني، ففعلا مثل ذلك فأبت، وقالت: لا إلا أن تعبدا هذا الصنم، وتقتلا النفس وتشربا الخمر، فقالا: لا سبيل إلى هذه الأشياء؛ فإن الله تعالى قد نهانا عنها، ثم انصرفت. ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح خمر وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها، ثم راوداها عن نفسها، فعرضت عليهما ما قالت بالأمس، فقالا: الصلاة لغير الله عظيم، وقتل النفس عظيم، وأهون الثلاثة شرب الخمر، فشربا الخمر لما انتشيا ووقعا بالمرأة، قيل: زنيا بها، فرآهما إنسان، فقتلاه خوف الفضيحة. وقيل: إنها قالت لهما: بأي شيء تصعدان إلى السماء؟ فقالا: باسم الله الأعظم، فقالت: فما أنتما بمدركي حتى تعلماني إياه، فقال أحدهما للآخر: علمها، فقال: إني أخاف الله، فقال له: فأين رحمة الله؟ فعلمها إياه فتكلمت به، وصعدت إلى السماء، فمسخها الله كوكبا، قيل: إنها الزهرة. ولما أمسى

مطلب في قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} إلخ.

هاروت وماروت بعد الذنب هما بالصعود إلى السماء فلم يقدرا، فعلما ما حل بهما، فقصدا نبي الله تعالى إدريس عليه السلام وأخبراه بأمرهما، وسألاه أن يشفع لهما عند الله عز وجل، ففعل ذلك إدريس، فخيرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا؛ لأنهما علما أنه ينقطع، فهما يعذبان ببابل. قيل: إنها بالعراق بأرض الكوفة، وسميت بذلك لتبلبل الألسن عند سقوط صرح نمروذ. قيل: إنهما معلقان بشعورهما إلى قيام الساعة، وقيل: إنهما منكوسان يضربان بسياط الحديد. وقيل: إن رجلا قصدهما ليتعلم السحر فوجدهما معلقين بأرجلهما مزرقة عيونهما مسودة جلودهما ليس بين ألسنتهما وبين الماء إلا قدر أربع أصابع، وهما يعذبان بالعطش، فلما رأى ذلك هاله، فقال: لا إله إلا الله، فلما سمعا كلامه قالا: من أنت؟ قال: رجل من الناس، قالا: من أي أمة أنت؟ قال: من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قالا: أوقد بعث محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، فقالا: الحمد لله وأظهرا الاستبشار، فقال الرجل: مما استبشاركما، قالا: فإنه نبي الساعة، وقد دنا انقضاء عذابنا والله تعالى أعلم. وما يعلمان أحدا السحر حتى ينصحانه أولا قيل: سبع مرات يقولان له: إنما نحن ابتلاء ومحنة للناس، فلا تتعلم السحر فتعمل به فتكفر، فإن أبى قبول نصحهما وصمم على التعليم يقولان له: ائت هذا الرماد والحس منه، فإذا فعل خرج منه نور ساطع في السماء وهو الإيمان والمعرفة، وينزل شيء أسود شبه الدخان حتى يدخل مسامعه، وذلك غضب الله تعالى، فيعلمانه ذلك، ولأن السحر له تأثير في نفسه ابتلاء من الله تعالى، وسمي السحر سحرا لخفاء سببه، وقيل: معنى السحر الإزالة وصرف الشيء عن وجهه، وأما حقيقته، فقد قيل: إنه عبارة عن التمويه والتخييل، وقيل: إن السحر يؤثر في قلب الإنسان، فيجعل الإنسان على صورة الحمار والحمار على صورة الكلب، وقد يطير الساحر، وهذا القول ضعيف عند أهل السنة؛ لأن الله تعالى هو الخالق الفاعل لهذه الأشياء عند عمل الساحر، ويحرم فعل السحر؛ لأنه من الكبائر. والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} فهل يتبدلان حقيقة أو معنى؟ وهل يكون الحساب على هذه الأرض أم على غيرها؟ (أجاب) روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: تغير هذه الأرض التي عليها بنو آدم بأرض بيضاء نقية لم يكن يعمل فيها بالمعاصي، ولم يكن تسفك عليها الدماء، وروي أن عائشة- رضي الله تعالى عنها - قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} أين يكون الناس يومئذ؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك: الناس يومئذ على الصراط ". وروي عن ابن عباس - رضي الله

مطلب في قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}.

عنهما - أنه قال: تمد الأرض مد الأديم ويزاد في سعتها والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}. (سئل) عن معنى قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}؟. (أجاب) قال سعيد بن جبير: ما كان في غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه. وقال الكلبي: ما تصدقتم من صدقة وأنفقتم في الخير من نفقة فهو يخلفه على المنفق إما أن يعجله له في الدنيا وإما أن يدخره له في الآخرة {وهو خير الرازقين}: خير من يعطي ويرزق. وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا ". وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة، وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله كتب الله له به صدقة، وما وقى الرجل به عرضه كتب له به صدقة، قلت: ما معنى "ما وقى"؟ قال: ما أعطى الشاعر وذا اللسان المنتضئ، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا ما كان من نفقة في بنيان أو في معصية الله عز وجل والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت}. (سئل) عن قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} الآية فهل كان للبيت رسوم؟. (أجاب) قيل: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض استوحش فشكا إلى الله تعالى، فأنزل الله تعالى البيت المعمور، وهو ياقوتة من يواقيت الجنة، له بابان من زمرد أخضر، وقال: يا آدم إني أهبت لك بيتا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وأنزل الله تعالى عليه الحجر الأسود، وكان أبيض فاسود من مس الحيض في الجاهلية، فتوجه آدم من الهند ماشيا إلى مكة، وأرسل الله تعالى إليه ملكا يدله على البيت فحج آدم البيت، وأقام المناسك، فلما فرغ تلقته الملائكة وقالوا له: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام، قال ابن عباس: حج آدم أربعين حجة من الهند إلى مكة على رجليه، فكان على ذلك إلى أيام الطوفان، فرفعه الله تعالى إلى السماء الرابعة وهو البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، وبعث الله تعالى جبريل فوضع الحجر الأسود في جبل أبي قبيس صيانة له من الغرق، فكان موضع البيت خاليا إلى زمن إبراهيم، ولما أراد إبراهيم عليه السلام بناءه، بعث الله تعالى سحابة على قدر الكعبة ونودي منها: ابن على قدر ظلها، لا تزد ولا تنقص. قال ابن عباس: بنى إبراهيم البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتا ولبنان جبل بالشام، والجودي جبل بالجزيرة، وبنى قواعده من حراء جبل بمكة، فلما انتهى إبراهيم إلى موضع الحجر الأسود قال لإسماعيل: ائتني بحجر حسن يكون للناس علما فأتاه بحجر، فقال: ائتني بأحسن منه، فمضى إسماعيل ليطلب حجرا أحسن منه، فصاح أبو

مطلب في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}

قبيس: إن له وديعة عندي فخذها، فأخذ الحجر الأسود فعرفه إبراهيم وأخذه ووضعه مكانه، والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} (سئل) ما المراد بالحزن في قوله تعالى: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن}؟. (فأجاب): قال ابن عباس: حزن النار، وقال قتادة: حزن الموت، وقال مقاتل: لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله تعالى بهم، وقال عكرمة: حزن الذنوب والسيئات، وخوف رد الطاعات، وقال القاسم: حزن زوال النعم وتقلب القلوب، وخوف العاقبة، وقيل: حزن أهوال القيام، قال الكلبي: ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة، وقال سعيد بن جبير: هم الجزاء في الدنيا، وقيل: هم المعيشة، قال الزجاج: أذهب الله تعالى عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو لمعاد. روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور} الآية. والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} (سئل) عن قوله تعالى: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير} فما مقدار التعمير؟ وما معرفة النذير؟ (أجاب) قيل: التعمير هو البلوغ، وقال قتادة: ثماني عشرة سنة، وقال الحسن: أربعون سنة، وقال ابن عباس: ستون سنة، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك". والنذير: قال أكثر المفسرين: هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: النذير: هو القرآن، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة: هو الشيب معناه: أولم نعمركم حتى شبتم، ويقال: الشيب نذير الموت، وفي الأثر: ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها: استعدي فقد قرب الموت، والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} (سئل) ما معنى قوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} الآية؟. (أجاب) سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يستقبل بيت المقدس يتألف بذلك اليهود، وقيل: إن الله تعالى أمره بذلك ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إن صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته وصفته في التوراة، فصلى إلى بيت المقدس بعد الهجرة ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، فكان يحب أن يتوجه إلى الكعبة؛ لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وقيل: كان يحب ذلك من أجل أن اليهود قالوا: يخالفنا محمد في ديننا، ويتبع قبلتنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: وددت لو حولني الله تعالى إلى الكعبة؛ فإنها قبلة أبي إبراهيم، فقال جبريل عليه السلام: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك؛ فاسئل أنت ربك؛ فإنك عند الله بمكان، ثم عرج جبريل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى

مطلب في قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن}

السماء رجاء أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة، فأنزل الله عز وجل: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك} أي: نحولك ونصرفك عن بيت المقدس إلى القبلة التي تحبها وتميل إليها وهي الكعبة والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن} (سئل) عن قوله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} وقال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} فقد أخبر تعالى بأنه لا يتيسر للبشر، بل للإنس والجن، الإتيان بمثل سورة منه، وأقل السور ثلاث آيات. ثم حكى عن موسى -مع اعترافه بأن هارون أفصح منه لسانا وأوضح منه بيانا - أحد عشر آية منه وهو قوله: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري} إلى: {كنت بنا بصيرا} وقال إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا} إلى {يوم الحساب} ست آيات. وفي القرآن من هذا النمط كثير عن فرعون وغيره من مؤمنين وكافرين، فالجواب عن ذلك: فقد يكذبنا المعاند والمخالف من لا يؤمن بالقرآن. (أجاب) الجواب عن ذلك من وجوه منها أن المحكي لا يلزم أن يكون بهذا النظم بعينه إذ لغة موسى عبرانية وإبراهيم عربية، فالظاهر أن جميع القصص المحكية عن الأنبياء وغيرهم أنها محكية بالمعنى. ومنها أن بعضهم اختار في المتحدى به منه أن يكون سورة من الطوال أو عشر سور من الأوسط وإن لم نقل به، ومنها أن المراد من الجن والإنس من كان في عصر محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده إلى آخر الزمان، فلا ينافي أن بعض الأنبياء السابقين والأمم الماضين يأتي بما أخبر عنه تعالى. ومنها أنا إذا قلنا: إعجاز القرآن بالصرفة، فما صرف عنه تعالى إلا من كان في عصر محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده، وفي هذين الجوابين الأخيرين نظر لإحصائهما أن خصيصة القرآن بهذه الأمة ممكنة لغيرها، وقد يقال: إن خصيصتها به من حيث المجموع لا بإبعاضه. ومنها أن للغة العرب من المزايا والخواص والارتباطات والنسب والإضافات ما ليس لغيرها، فلما جاءت هذه الألفاظ المحكية عن موسى وإبراهيم وغيرهما على قانون لغة العرب بعد تسليم أنها حكيت عنهم بهذه الألفاظ اكتسبت بلاغة وإعجازا لم يكن لها في حال تكلم إبراهيم وموسى بها، وبهذا أجبت مما أوردته على كثير من الفضلاء وجم غفير من النبلاء ما ورد أن معاني الكتب غير القرآن في القرآن، ومعنى القرآن غير الفاتحة في الفاتحة ومعنى الفاتحة غير البسملة في البسملة مع أن البسملة موجودة في غير القرآن، كما حكى الله تعالى ذلك عن سليمان بقوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} وورد أيضا كما في الجامع الصغير: بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب، فقلت لهم: إذا يكون معنى القرآن

مطلب سئل عما وقع في القرآن من التكرار مثل قصص إبراهيم إلخ

في البسملة النازلة في أول كتاب نزل، فحاولوا أجوبة غير مرضية، وبه يجمع أئمتنا بين ما ذكر وبين قول السيوطي: إن البسملة من خصائص هذه الأمة، فمعنى خصوصيتها ما فيها من المزايا والخواص التي اختصت بها لغة العرب، وإن كانت وردت في غير لغتهم؛ لأنها ليس لها من المزايا ما للغة العرب، ألا ترى أن العلماء استنبطوا من لغة العرب اثني عشر علما، ولم نسمع أحدا لا من العلماء ولا من غيرهم استنبط من لغة غير لغة العرب علما ولا غيره والله أعلم. مطلب سئل عما وقع في القرآن من التكرار مثل قصص إبراهيم إلخ (سئل) عما وقع في القرآن من التكرار مثل قصص إبراهيم وموسى وآدم وفرعون وغيرهم، ما فائدته مع أنه عيب لو وقع في كلام غير فصيح، فما بالك بكلام متحدى به الإنس والجن؟ (أجاب) هذا يؤخذ من وجوه؛ أحدها: أن البليغ يقدر على إيراد القصة الواحدة بعبارات مختلفة والمعنى واحد، وذلك مما يدل على رفعة شأن القرآن، ومنها إذا تأملت سوابق الآيات المكررة ولواحقها وجدت لها في كل محل معنى آخر يغاير المعنى الموجود في المحل الآخر، ومنها أن الله تعالى قص ذلك على نبيه مرات متعددة لحكمة اقتضت ذلك؛ فنحفظ كل ما ورد لأنا متعبدون بتلاوة القرآن ألا ترى أنك تحكي لمريدك قصة واحدة في محلات عديدة لمناسبات تقتضيها، ومنها أنه عد من محاسن القرآن كما بينه علماء البيان، والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} (سئل) عن البضاعة في قول إخوة يوسف: {هذه بضاعتنا ردت إلينا} {وجئنا ببضاعة مزجاة} ما هي؟ (أجاب) المراد بالمزجاة قيل: رديئة وقيل: قليلة ترد وتدفع رغبة عنها من أزجيته إذا دفعته، ومنه: تزجيت الزمان، قيل: والبضاعة الأخيرة قيل: كانت دراهم زيوفا وقيل: صوفا وسمنا وقيل: الصنبور وجنبة من الخضر، وقيل: الأقط والسويق المقلي، والبضاعة الأولى كانت نعالا وأدما، فعلم جواز إطلاق البضاعة على جميع ما يجلب للبيع. مطلب عما ينسب إلى الله ورسله من الكتب والصحف والأحاديث إلخ (سئل) عما ينسب إلى الله ورسله من الكتب والصحف والأحاديث القدسية والأحاديث النبوية، فما الفرق بينها مع أن كلا من عند الله تعالى؟ (أجاب) هذه الأمور المنزلة من السماء خمسة أنواع: القرآن نوع، والتوراة والإنجيل والزبور نوع، والصحف نوع، والحديث القدسي نوع، والنبوي نوع، فثلاثة أنواع تنسب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي: القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي، ونوعان ينسبان إلى غيره من الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام. فالقرآن امتاز عن غيره بإعجازه والتعبد بتلاوته ومخالفة نظمه لسائر النظم، وأسلوبه لسائر الأساليب، والحديث النبوي ما نسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولا وفعلا وحكما وعزما وتقريرا وصفة خلقا وخلقا زمانا ومكانا، والحديث القدسي ما نسبه- صلى الله عليه وسلم - إلى ربه في أصل وروده، وقد لا يضاف إلى الله تعالى بخلاف القرآن

مطلب في القول بقدم القرآن

فإنه لا يضاف إلا إلى الله تعالى، وإن جاز رواية القدسي بالمعنى، واللذان إلى غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوعان: الكتب الثلاثة، والصحف، قيل: لأن الصحف لم تنزل بنظم يدرس ويتلى، وإنما أوحى إليهم معانيه، وقيل: لأنها حكم ومواعظ لا أحكام وشرائع بخلاف التوراة والإنجيل، والزبور، فإنها على الأول تدرس وتتلى، وعلى الثاني أحكام وشرائع، ولكن يعكر على الأول ما قيل: إن التلاوة والدرس خاصان بالقرآن، ويجاب بأن الخاص بالقرآن التلاوة والدرس ليترتب عليهما الثواب، وفرق آخر وهو أن الكلام النفسي الأزلي إن عبر عنه بالعربية فقرآن، وبالسريانية فإنجيل، وبالعبرانية فتوراة، والله تعالى أعلم. مطلب في القول بقدم القرآن (سئل) عن القول بقدم القرآن وحدوثه، فإنا نرى كلاما لأهل الأصول وأهل الكلام، وإذا تأملناه وجدناه مشكلا، فإذا نظرنا لقراءتنا وتلاوتنا ومصاحفنا وكتابتنا وجدنا ذلك حادثا، وإذا نظرنا لنزول القرآن على محمد - صلى الله عليه وسلم - وجدناه أيضا حادثا وإذا نظرنا للمعنى القائم بالذات فذاك، وإن لم نره ولا نحسه وجدناه قديما؛ لأنه من صفات الذات خلافا للمعتزلة، فما معنى إفراد مسألة القرآن بالذكر بين السلف في قائل بالقدم، وقائل بالحدوث؟ وإذا نظرنا لمدلولات القرآن وجدنا منها القديم والحادث، فكل ما دل على ذاته تعالى وصفاته فهو قديم، وما دل على ذات الخلق وصفاتهم فحادث، فالسماوات والأرض وفرعون وهامان والجبال حادثات، وإن كانت مدلولات ألفاظ القرآن، فأوضحوا لنا جوابا شافيا كافيا؟ (أجاب) اعلم وفقني الله وإياك وجعلني وإياك ممن نظر إلى الحق بنور اليقين لا ممن اتبع الباطل والتزيين - أن القرآن له أربع وجودات: وجود في الخارج ووجود في الذهن ووجود في العبارة ووجود في الكتابة، فهي تدل على العبارة وهي على ما في الذهن وهو على ما في الخارج، فإذا أطلقنا القرآن على الكتابة وقلنا: إنها كلام الله كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما بين الدفتين كلام الله، فهو من حيث دلالة الكتابة على الألفاظ الدالة على المعاني الدالة على المعنى الخارجي القائم بذاته تعالى، وإذا أطلقناه على الألفاظ وقلنا: ما أحسن هذا القرآن بمعنى هذه الألفاظ الدالة على المعاني الدالة على المعنى الخارجي، وإذا أطلقناه على المعاني وقلنا: إنها كلام الله فمن حيث دلالتها على المعنى الخارجي فإطلاق القرآن على الكتابة وعلى الألفاظ وعلى المعاني وعلى المعنى الخارجي إطلاق حقيقي لا مجازي كما صرح به في جمع الجوامع، وقال السعد: اعلم أن القرآن يطلق على المعنى القائم بذاته تعالى بمعنى أنه صفة من صفات ذاته تعالى، وهو إطلاق حقيقي، ويطلق على الألفاظ بمعنى أنها من تأليفه تعالى لا من تأليف الخلق، وهو أيضا حقيقي، والأول محل نظر أهل الكلام،

مطلب في قوله تعالى: {ادخلوا الأرض المقدسة} إلخ.

والثاني: محل نظر أهل الأصول والمعاني والبيان، والنحاة من حيث إن الأول يبحث عن قدم تلك الصفة، ويقيم عليها الدليل، والثاني: عن كون الأمر للوجوب والنهي للتحريم مثلا، والثالث: عن مطابقة الكلام لمقتضى الحال، والرابع عن إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة من التعبير، والخامس من حيث الإعراب والبناء، فمن أطلق على النقوش أو الألفاظ أنهما قديمان كما نقل عن الإمام أحمد، حتى قيل: إن الورق قديم فمراده أن النقوش تدل على الألفاظ وهي على المعاني، وهي على المعنى الخارجي القائم بذاته تعالى، ومن أطلق القدم على المعاني فمراده من حيث دلالتها على المعنى القديم المتصف به تعالى، وإنما أفرد ذلك بالذكر عن مسائل الكلام نظرا إلى أن القرآن الذي بين أظهرنا له الوجودات الأربع. وإذا تأملت ذلك رأيت أكثر موارد الخلاف ترد عليها وقد ذكروا أن أكمل الموجودات ما كان له الوجودات الأربعة المشتمل عليها القرآن، وهي الوجود في الأعيان وهو حقيقي باتفاق، والوجود في الأذهان وهو حقيقي عند الحكماء مجازي عندنا، والوجود في العبارة والوجود في الكتابة، وهما مجازيان باتفاق. ثم لا ينافى ذلك ما مر عن جمع الجوامع؛ لأن كلامه من حيث الإطلاق، ولذا قابله بالمجاز، فمراده أنه يطلق إطلاقا حقيقيا؛ لأن ذلك لفظ استعمل فيما وضع له، وهذا من حيث كنه الشيء وحقيقته أي ماهيته، بمعنى أن كنه القرآن موجود في الأعيان حقيقة وفي الأذهان كذلك على الخلاف، وأما وجوده في العبارة والكتابة فمجازي. ثم إن سئلت عن القرآن من حيث قدمه وحدوثه فينبغي لك أن تستفسر السائل، فإن قال لك: مرادي القائم بذاته تعالى الدال عليه ما بين أظهرنا، فقل له: قديم بقدم الذات؛ لأنه من جملة صفاتها الواجبة لها، وإن قال لك: مرادي ما بين الدفتين من النقوش، فقل له: ذلك حادث بحدوث النقوش، وكذلك الألفاظ، وإن قال لك: مرادي من حيث المدلول، فقل له: ما دل على ذاته تعالى أو صفة من صفاته، أو حكايته له تعالى فهو قديم، وما دل على الحوادث أو صفاتها مثل ذوات المخلوقات أو صفاتها، كجهلنا وعلمنا فهو حادث، وكذلك حكاية الحوادث وإنشاءاتها والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {ادخلوا الأرض المقدسة} إلخ. (سئل) في قوله تعالى: {ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} ما يكون تفسير هذه الآية؟ وما معنى الأرض المقدسة؟ وأين يكون حدود المقدس من الأرض والبلاد؟ وهل تكون الصلاة بخمسين ألف صلاة في المسجد الأقصى أو في بيت المقدس؟ (أجاب) قال البيضاوي: الأرض المقدسة بيت المقدس سميت بذلك؛ لأنها قرار الأنبياء، ومسكن المؤمنين. والقدس الطهر والمقدس المطهر؛ فإن الأرض قدست باختيار الله تعالى إياها لهم أو بأنفاس الأنبياء وعباداتهم

مطلب في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية}

وبركاتهم وخيراتهم، أو بدفن أبدانهم الشريفة فيها، ولهذا وصفت في آي كثير بالبركة، وجعلت أرض المحشر والمنشر، وجذبت القلوب مؤمنة كانت أو كافرة إليها؛ لأنها تميل إلى الطهر، فهي أرض الكل بنص التنزيل {لقد من آيات ربه الكبرى}. وأما حدود الأرض المقدسة فمن القبلة أرض الحجاز الشريف يفصل بينهما جبال الشورى، وهي جبال منيعة بينها وبين أيلة نحو مرحلة، وسطح أيلة هو أول حد الحجاز من جهة الشام، وهي من تيه بني إسرائيل، وبينها وبين بيت المقدس نحو ثمانية أيام بسير الأثقال، ومن الشرق من بعد دومة الجندل برية السماوة وهي كبيرة ممتدة إلى العراق ينزلها عرب الشام، ومسافتها عن بيت المقدس نحو مسافة أيلة، ومن الشمال مما يلي الشرق نهر الفرات ومسافته عن بيت المقدس نحو عشرين يوما بسير الأثقال فيدخل في هذا الحد المملكة الشامية بكمالها، ومن الغرب بحر الروم وهو البحر المالح ومسافته عن بيت المقدس نحو يومين، ومن الجنوب رمل مصر والعريش، ومسافته عن بيت المقدس نحو خمسة أيام بسير الأثقال، ثم يليه تيه بني إسرائيل وطور سيناء، ويميل من تلك الجهة إلى تبوك ثم دومة الجندل المتصلة بالحد الشرقي. والصحيح أن الصلاة في مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة، هذا الذي دلت عليه الأحاديث الصحاح، وما ورد بخلاف ذلك فلا يعول عليه، والصحيح اختصاص التضعيف بالمسجد الأقصى بحدوده الأربعة التي لم تتغير جاهلية وإسلاما حتى لو زيد فيه، شمل التضعيف الزيادة، وكذلك المسجد الحرام لو زيد فيه على الموجود الآن ضوعفت الصلاة في الزيادة، وقد زيد فيه كثير، وأما مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالتضعيف خاص بالروضة الشريفة، والفرق بينه وبينهما الإشارة فيه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " مسجدي هذا دونهما ". وذهب الغزالي إلى أن جميع الأرض المقدسة بحدودها تضاعف فيها الصلاة والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} (سئل) ما المراد بقوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية}؟ (أجاب) قال البيضاوي {لا شرقية ولا غربية}: تقع الشمس عليها حينا دون حين، بل بحيث تقع عليها طول النهار كالتي تكون على قلة واسعة، فإن ثمرتها أنضج وزيتها أصفى، أو لأنها لا نابتة في شرقي المعمورة ولا غربها، بل في وسطها وهو الشام، فإن زيتونه أجود الزيتون، لا في مضحاة تشرق الشمس عليها دائما فتحرقها ولا في غور فتغيب عنها دائما. انتهى. والحاصل أن الشجرة التي تطلع عليها الشمس دائما كالتي في رءوس الجبال لا شرقية ولا غربية، والتي تطلع عليها وقت طلوعها شرقية، والتي تكتنفها وقت غروبها غربية، والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات} الآية (سئل) عن قوله تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم

مطلب القرآن قديم متواتر ولا بد فيه من مقدرات إلخ

فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور} ما تفسير هذه الآية؟ (أجاب) صريح كلام البيضاوي والبغوي وغيرهما أن هذا الأمر واقع يوم القيامة إما على الصراط، وإما في الموقف. قال البيضاوي {يوم يقول المنافقون والمنافقات}: بدل من {يوم ترى} أي يقول لهم من يتلقاهم من الملائكة {بشراكم اليوم جنات} أي في المبشر به جنات أي: دخول جنات وقوله: {ارجعوا وراءكم} أي: إلى الدنيا {فالتمسوا نورا} بتحصيل المعارف الإلهية، والأخلاق الفاضلة؛ فإنه يتولد منها، أو إلى الموقف فإنه من ثم يقتبس، أو إلى حيث شئتم فاطلبوا، وذلك أن الله عز وجل يعطي المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطي المنافق نورا خديعة هو قوله عز وجل: {وهو خادعهم} فبينما هم يمشون إذ بعث الله ريحا وظلمة فأطفأت نور المنافق فذلك قوله عز وجل: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب نور المنافقين. وقوله عز وجل: {قيل ارجعوا وراءكم} قال ابن عباس: يقول لهم المؤمنون، وقال قتادة: تقول لهم الملائكة: ارجعوا وراءكم من حيث جئتم {فالتمسوا نورا}: فاطلبوا لأنفسكم هناك نورا لا سبيل لكم إلى الاقتباس من نورنا، فيرجعون في طلب النور فلا يجدون شيئا، أي في باطن ذلك السور الرحمة وهي الجنة {وظاهره} أي خارج ذلك السور {من قبله} أي من قبل ذلك الظاهر {العذاب} وهو النار. وروي عن عبد الله بين عمرو بن العاص أنه قال: السور الذي ذكره الله تعالى في القرآن {فضرب بينهم بسور له باب} سور بيت المقدس الشرقي، {باطنه فيه} المسجد، {وظاهره من قبله العذاب} وادي جهنم. قال شريح: كان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة في بيت المقدس إنه الباب الذي قال الله تعالى: {فضرب بينهم بسور له باب} الآية انتهى. وهذا يقتضي أن هذا واقع في الدنيا؛ لأن مسجد بيت المقدس محل الرحمة لتضاعف الصلاة فيه، ولأنه محل المحشر والمنشر، ولأن الكعبة تساق إليه، ووادي النار الذي وقع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ليلة الإسراء تمثيل حال العصاة من أمته كأكلة الربا وشربة الخمر وأهل الغيبة والزناة وغير ذلك. والله أعلم. مطلب القرآن قديم متواتر ولا بد فيه من مقدرات إلخ (سئل) لا شك أن القرآن قديم متواتر ولا بد فيه من تقدير مقدرات لا يتم معنى القرآن بدونها، يقدرها أرباب التفسير وأهل الأصول والعربية، مع اختلافهم فيما يقدرونه، فإن قلتم: هذا المقدر من كلام الله تعالى فيكون القرآن المعجز محتاجا إلى غير المعجز الحادث وهو ظاهر البطلان، ولا شك أن المركب

من المعجز وغير المعجز غير معجز، وإن المركب من القديم والحادث حادث، والتزام أن هذا المقدر من الاحتياج ليس بنقص في كلام الله تعالى وليس بمخرج له عن كونه من كلام الله، التزام أمر ظاهر البطلان، ويلزم أيضا وقوع الاختلاف في القرآن؛ لاختلاف التقادير باختلاف الأغراض مع عدم اتفاقهم على لفظ واحد يقدرونه، فهذا يقدر لفظا وهذا يقدر لفظا وتارة تختلف المعاني وتارة لا، ومن ذلك اختلاف الأئمة فيما اختلفوا فيه في بعض الأحكام، مع قوله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}؛ وأيضا ما الداعي إلى حذفه مع كونه من كلام الله تعالى ويلزمه ما يلزم في كلام الله تعالى من حرمة مسه على الجنب والمحدث والحائض، ونحوها. وإن قلتم: إنه من غير كلام الله تعالى فما الدليل على تقديره؟ وما الدليل على تعينه مع أن هذا أيضا وارد على المعنى الأول، ويلزمه أن يكون القرآن مركبا من كلام الله تعالى وكلام خلقه، ومركبا أيضا من القديم والحادث؛ فإن كان الله تركه لخلقه ليقدروه فهو حوالة لهم على ما لا يعلمونه، وهو أمر مجهول، فهو حوالة على مجهول، وإن كان لغفلة أو ذهول أو نسيان أو خلل في معنى ما تكلم به فذلك كله على الله تعالى محال، تعالى الله علوا كبيرا، ويلزم على هذا أن يكون خلقه تعالى أدركوا ما لا يدركه تعالى؛ لأنهم قدروا ما غفل أو ذهل عنه وذلك باطل باتفاق، بينوا لنا في ذلك جوابا شافيا؟. (أجاب) اعلم أنا نختار الشق الثاني وهو الحق، والدليل على تقديره القرائن والآيات؛ فإن بعض القرآن يفسر بعضا، والأحاديث: {وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس} والدليل على تعيينه المقام والغرض المستدل بالقرآن، فالنحوي يقدر ما يناسبه والأصولي كذلك، والفقيه كذلك، وأهل المعاني والبيان يقدرون ما يناسبهم، وليس في ذلك من النقص شيء، بل فيه كمال الكمال والبلاغة كما أجاب بذلك السيد الصفوي، والنقص اللغوي غير مضر، وبه يعلم أنه لا سهو ولا غفلة ولا ذهول ولا جهل ولا حوالة على مجهول، بل فيه من الرقة والمقاصد البليغة والنكت العجيبة كما بين ذلك في حذف المسند والمسند إليه في علم المعاني. قال السيد المذكور: لإفادة الكلام المقصود مع الاختصار ودلالة السياق والقرائن على المحذوف، فقد اتفق المستشكل والمجيب على أن المحذوف ليس من كلام الله تعالى، وعلم أيضا أن الله تعالى أراد ذلك المقدر من القرآن، ووكله إلى أربابه لأغراضهم المختلفة، فالعجب العجيب من مقدراته وملفوظاته، كيف ما طلبته وجدته على مرادك المطابق للحق، ولا يوجد ذلك في كلام البشر أصلا، وأما قول المستشكل في المعنى الأول، أن المركب من المعجز وغير المعجز غير معجز إلخ ممنوع؛ فإن مجموع القرآن بل السورة الواحدة معجز مع أنه مركب

مطلب في قوله تعالى: {الم} ونحو ذلك من الأحرف التي في أوائل السور

من المعجز كالثلاث آيات، وفيه المعجز كالآية والآيتين، وكل سورة منه معجزة مع أنها مركبة من المعجز وغيره مما زاد على الثلاث، ومن أجزاء كل منها وهو غير معجز فصار قوله: والمركب من القديم والحادث حادث ممنوع أيضا؛ فإن القرآن ليس هو مجموع المركب من القديم والحادث، بل هو القديم فقط، وأقوى النظر فيه: أن الإيراد إنما هو على تقدير التزام أنه مركب منهما. والجواب الشافي أن هذه التقادير راجعة إلى اللفظ والموصوف بالقدم إنما هو المعنى القائم بذاته تعالى، وأن توقف فهم ذلك المعنى على تقدير لفظ مراد الله تعالى دالة عليه القرائن، وبذلك تعلم بطلان كثير من هذه الإيرادات سواء اخترنا المعنى الأول أو الثاني كما لا يخفى عليك أيها الفطن الضارب في المعاني والبيان سهما والله تعالى أعلم. مطلب في قوله تعالى: {الم} ونحو ذلك من الأحرف التي في أوائل السور (سئل) عن قوله تعالى: {الم} ونحو ذلك من الأحرف التي في أوائل السور ما معناها وما معنى كل حرف منها؟. (أجاب) قيل: إن حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه وهي سر الله تعالى في القرآن، وقال علي كرم الله وجهه: إن لكل كتاب صفوة، وصفوة هذا الكتاب حروف الهجاء، ويجب الإيمان بها ولا يلزم البحث عنها، واختلفوا فيها فقيل: كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء الله تعالى، فالألف مفتاح اسم الله تعالى، واللام مفتاح لطيف، والميم مفتاح مجيد، وقيل: الألف الله، واللام لطفه، والميم ملكه، وقال ابن عباس: الم: أنا الله أعلم، وقيل: هي أسماء الله مقطعة لو علم الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم، ألا ترى أنك تقول: ألف لام را حا ميم ألف نون، فيكون مجموعها الرحمن، وكذلك سائرها. وقال ابن عباس: هي أقسام، قيل: أقسم الله تعالى بهذه الحروف لشرفها وفضلها؛ لأنها مباني كتبه المنزلة، وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وقيل: هي أسماء السور، وقيل غير ذلك والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات} (سئل) عن قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} فما هي الكلمات التي تلقاها؟ (أجاب) هي قوله تعالى: {ربنا ظلمنا أنفسنا} الآية، وقيل: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وقيل: إن آدم عليه السلام قال: يا رب أريت ما أتيت شيئا ابتدعته من تلقاء نفسي أم قدرته علي قبل أن تخلقني؟ فيقول له الحق جل وعلا: بل شيء قدرته عليك قبل أن أخلقك، قال: يا رب، فكما قدرته علي فاغفر لي. وقوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} أي ألهمه ذلك وكانت سبب توبته، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن آدم عليه السلام قال: يا رب، ألم تنفخ في الروح من روحك؟ قال: بلى. قال: ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: يا رب، إن تبت إليك وأصلحت أراجعني أنت إلى الجنة؟ فقال له الحق جل وعلا: نعم، فحينئذ فرح آدم عليه

مطلب في قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} إلخ

السلام والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} إلخ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا}؟ (أجاب) يعني لا تستبدلوا بآياتي التي في كتبكم عوضا يسيرا من الدنيا؛ لأن الدنيا بالنسبة إلى الآخرة كالشيء الحقير الذي لا قيمة له. وقيل في ذلك: هو بيع الباقي بالفاني والله أعلم. مطلب في قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر} إلخ. (سئل) ما معنى قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}؟ (أجاب) نزلت هذه الآية في علماء اليهود، وذلك أن الرجل منهم كان يقول لقرينه من المسلمين إذا سأله عن أمر محمد صلى الله عليه وسلم: اثبت على دينه فإن أمره حق، وقوله صدق، وقيل: إنهم كانوا يأمرون باتباعه قبل ظهوره، فلما ظهر تركوه وأعرضوا عنه، وقيل: كانوا يأمرون الناس بالطاعة والصلاة والزكاة وأنواع البر ولا يفعلونه، فوبخهم الله تعالى، وفي معنى ذلك الحث على الأفعال الحسنة والإعراض عن الأفعال القبيحة، ومعنى الآية أنه يأمر الإنسان بالمعروف ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويفعله، ولأن الإنسان إذا وعظ غيره ولم يتعظ فكأنه أتى بفعل متناقض لا يقبله. روي عن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [يؤتى بالرجل يوم القيامة فتندلق، أي تخرج، أقتابه أي: أمعاء بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار في الرحا، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم تكن تأمر الناس بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر الناس بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه]. روي عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قيل: هؤلاء من خطباء أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون]. قيل: مثل هذا الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه، ومن وعظ بقوله ضاع كلامه، ومن وعظ بفعله نفذت سهامه والله أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم} إلخ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}؟ (أجاب) يعني أنكم إن أظهرتم ما في أنفسكم من السوء والعزم عليه يجازيكم به الله تعالى يوم القيامة، ولما نزلت هذه الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله، كلفنا من العمل ما لا نطيق، وقد أنزلت هذه الآية ولا نطيقها، فقال لهم رسول الله صلى عليه وسلم: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما فعلوا ذلك نسخه الله عز وجل بقوله: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} الآيات. وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله يتجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يعملوا به ويتكلموا، وفي رواية: ما وسوست به صدورها فلا يؤاخذ إنسان بما وسوست به نفسه، ولا

مطلب: المراد بالأرض التي باركنا فيها إلخ.

بما لم يكسبه، وقال في الجوهرة: فيغفر الحديث للنفس وما هم إذا لم يعمل أو تكلم، والله تعالى أعلم. مطلب: المراد بالأرض التي باركنا فيها إلخ. (سئل) عن المراد بالأرض التي باركنا فيها؟ (أجاب) قال أبي بن كعب وقتادة: هي الشام؛ لأنها أرض المحشر، وبها ينزل عيسى عليه السلام ويهلك الدجال. وقال أبو العالية: هي الأرض المقدسة؛ لأن كل ماء عذب في الأرض حلو منها يخرج من أصل صخرة بيت المقدس يهبط من السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض. وقال ابن عباس: هي مكة؛ لأن بها البيت الذي هو مبارك هدى للعالمين. فالقولان الأولان مآلهما واحد؛ لأن الأرض المقدسة وأرض الشام واحدة، بل ربما زادت حدود الأرض المقدسة على حدود الشام كما يعلم بالوقوف على حد الأرضين، ويؤيدهما قوله تعالى: {الذي باركنا حوله} وقوله تعالى: {التي باركنا فيها للعالمين} وقوله تعالى في حق أهل سبأ: {وجعلنا بينهم} أي أهل سبأ {وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}. وأظن والله أعلم أن أصل هذة البركة ناشئة من جناب سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء الكرام شيخ المرسلين العظام؛ لقول الله تعالى: {وباركنا عليه وعلى إسحاق} فالبركة التي في أرض الشام وأرض بيت المقدس هي ما وجد فيها من أنبياء ومرسلين وأولياء وصالحين وأرباب نفوس قدسية ومعالم ربانية، وبهذا الذي قررناه تعلم ضلال بل كفر رجل أعجمي يدعي العلم والفضل وهو باسم الكفر أحق، هو أن بعض أهل الفضل والصلاح قدم له زبيبا، فقال له: كل من بركة إبراهيم الخليل، فقال له: لا تقل ذلك؛ لأنه لا بركة لإبراهيم بعد موته، فقد خالف نص القرآن وسلب البركة عن أهل الصفوة والعرفان وباء بالخسران وخص بالحرمان، وذلك أن الله تعالى قال: {وباركنا عليه وعلى إسحاق} فهذه البركة ما الرافع لها وما المانع منها والمغير لها؟ وإذا كانت الأرض توصف بالبركة فكيف لا يوصف بها مجمع النبوة والرسالة وأصل كل خير ورأس كل هدى؟ وأيضا في الحديث الصحيح: " كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " فجعل البركة فيه - صلى الله عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء وسلم - أصلا مشبها به، وكره - صلى الله عليه وسلم - الإكرام تأدبا منه مع أبيه وجده الأعظم، فإن كان ما قاله هذا الزنديق عن اعتقاد وله فيه سلف فما أظن في الأرض أقبح عقيدة من هؤلاء اللئام، وأظن أنه من العجم الأرفاض، وقد رأوا لملك الزمان سلطان آل عثمان مولانا السلطان أحمد أعظم ملوك الأرض وأشرفها فضلا وأعلاها قدرا وأوسعها ملكا وأقواها سطوة وأعظمها غلبة وأشدها بأسا وأشرفها ملكا ومملكة وأفضلها رعايا وأجلها برايا وأكثرها علما، هم أقوى الناس حجة وأكثرها فهما وعلما وصلاحا وفلاحا، فقالوا: ما ذاك إلا لما في بلاد من الأماكن المباركة والأنبياء والمرسلين والأولياء

مطلب: في كلام الصوفية في القرآن، هل هو تفسير؟

والصالحين، فأرسلوا الزنديق ليفسد اعتقاد الناس عن الأنبياء الكرام والأولياء والأعلام والأماكن المشرفة؛ لتكون لهم الغلبة على البلاد، ونعوذ بالله تعالى من هذا الاعتقاد، فتأمل هذه الدسيسة الخبيثة؛ لأنا رأينا هذا الرجل يداخل بعض من له الكلام لاحتمال أنه يوافقه على المراد، وأظن أن معه شيئا من المعادن يستميل به قلوب بعض الناس، وقد أخبرت أنه دخل محروسة إسلامبول حرست بأنفاس الرسول، فطرد منها إلى مصر، ثم طرد منها إلى بيت المقدس، وتكلم بكلام كثير كله ضلال وبهتان وكفر صراخ ومقاصد خبيثة، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمرضاته آمين بحرمة سيد المرسلين. مطلب: في كلام الصوفية في القرآن، هل هو تفسير؟ (سئل) عن كلام الصوفية في القرآن، هل هو تفسير؟ قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر، وتفصيله في الإتقان للسيوطي، فتوضحوا لنا هذا الجواب مع نقل عبارة السيوطي بتمامها مع زيادة كشف للمقام ولكم الثواب من الملك الوهاب. (أجاب) قال في الإتقان: وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير، قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. قال ابن الصلاح: وأنا أقول الظن بمن يوثق به منهم إذا قال شيئا من ذلك أنه لم يذكره تفسيرا ولا ذهب مذهب الشرح للكلمة، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم لنظم ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإبهام والإلباس. وقال النسفي في عقائده: النصوص على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن الحاد. قال التفتازاني في شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية، قال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان. وسئل سراج الدين البلقيني عن رجل قال في قوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} أن معناه من ذل أي من الذل ذي إشارة إلى النفس يشف من الشفا جواب من أمر من الوعي، فأفتى بأنه ملحد، فقد قال تعالى: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا}. قال ابن عباس: هو أن يضع الكلام على غير موضعه. أخرجه ابن أبي حاتم. فإن قلت: قال الفريابي: حدثنا سفيان عن يونس بن

عبيد عن الحسن، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لكل آيه ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع ". وأخرج الديلمي من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا: " القرآن تحت العرش له ظهر وبطن، يحاج العباد ". وأخرج الطبراني وأبو يعلى والبزار وغيرهم عن ابن مسعود موقوفا أن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع. قلت: أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه، أحدها: أنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها. والثاني: أن ما من آية إلا عمل بها قوم ولها قوم سيعملون بها كما قاله ابن مسعود فيما أخرجه ابن أبي حاتم. الثالث: أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها. الرابع: قال أبو عبيد، وهو أشبهها بالصواب: إن القصص التي قصها الله عن الأمم الماضية وما عاقبهم به ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين أنها حديث حدث به عن قوم وباطنها وعظ لآخرين، وتحذير أن يفعلوا كفعلهم، فيحل بهم مثل ما حل بهم. وحكى ابن النقيب قولا خامسا: أن ظاهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر، وباطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله عليها أرباب الحقائق. ومعنى قوله: ولكل حرف حد أي: منتهى فيما أراد الله تعالى من معناه. وقيل: حكم مقدر من الثواب والعقاب. ومعنى قوله: ولكل حد مطلع: لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ويوقف على المراد به. وقيل: كلما يستحقه من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة. قال بعضهم: الظاهر التلاوة، والباطن الفهم، والحد أحكام الحلال والحرام، والمطلع الإشراف على الوعد والوعيد. قلت: يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون، لا تنقضي عجائبه، ولا تبلغ غايته، فمن أوغل فيه برفق نجا، ومن أوغل فيه بعنف هوى، أخبار وأمثال وحلال وحرام وناسخ ومنسوخ وحكم ومتشابه وظهر وبطن، فظهره التلاوة وبطنه التأويل، فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء. وقال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم، فهذا يدل على أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا بالغا، فإن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لابد منه في ظاهر التفسير؛ ليتقى به مواضع الغلط، ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط، ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر، بل لابد منه أولا إذ لا مطلع في الوصول إلى الباطن قبل أحكام الظاهر، ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز البيت. انتهى. وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله تعالى وكلام رسوله بالمعاني العربية ليس إحالة

للظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم ما حيلت الآية له، ودلت عليه في عرف اللسان، وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله قلبه. وقد جاء في الحديث: " لكل آيه ظهر ". وإنما يكون إحالة لو قالوا: لا معنى للآية إلا هذا، وهم لم يقولوا ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها، ويفهمون عن الله تعالى ما أفهمتم، والله اعلم. وتوضيح ما قاله هؤلاء الأئمة في الرد على الصوفية هو أنا لا نشك أن القرآن نزل بلغة العرب. وقال تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} فأناط تعالى عقله وفهمه بإنزاله بلغة العرب لفصاحتها وبلاغتها، وفهم أهلها معانيها منها ووضوحها، فأقل الأعراب إذا خوطب بها على القانون الذي هو بينهم فهم المراد منها، وقد أشكل كثير من القرآن على كثير من الصحابة لسعة اللغة عليهم، ولهذا قالوا: لا يحيط بها إلا نبي مرسل، فكان - صلى الله عليه وسلم - يفسر لهم المراد، ويعين مدلول اللفظ من غير زيادة ولا نقص ولا خروج عن مدلول اللغة، ولهذا عد من أصول الكفر الجهل باللسان العربي لغة ونحوا ومعاني وبيانا وصرفا عن كثير من الحمقى، فوقع في كفر صراح وبدع منكرة وضلالات مستبشعة؛ لجهلهم بقواعد اللغة وعدم أخذهم لها عن أئمة منورين بنور الإيمان ومتوجين بتاج الإحسان ولابسين ثوب الإسلام لا يحرفهم عن الطريق البيضاء غرض، ولا يضعفهم عن بيان الشريعة الغراء مرض، بل عرفوا الحق فبينوه والباطل فأدحضوه على المنهج القويم والميزان المستقيم، وتبعوا طريق السلف وأعرضوا عن ابتداعات الخلف. قال بعضهم: فكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف \50 فهنا ميزان قويم تزن به جميع ما يرد عليك من البدع والضلالات مما يزنه أهل الأهواء، وذلك أن دين الإسلام لا يخرج عن أمرين: أصول، وهو ما يتعلق بالله ورسوله مما يجب لله تعالى من الصفات ويستحيل عليه ويجوز عليه، ومثل ذلك الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما يتعلق بأمر المعاد مثل سؤال القبر وعذابه والجنة والنار ونحو ذلك. والناس لهم فيه إمامان: الإمام أبو الحسن الأشعري، ويعرف أتباعه بالأشاعرة، وأبو منصور الماتريدي، ويعرف أصحابه بالماتريدية، وبمذهب الأول أخذ الشافعية والمالكية ومن تبعهم، وبمذهب الثاني أخذ الحنفية والحنابلة ومن تبعهم، لا تخرج عن هذين الإمامين، فإذا أورد مبتدع أو ضال مسألة في الأصول فقل له: هل قال بها واحد من هذين الإمامين؟ فإن قال: نعم، فقل له: نطلب منك النقل، فإن ذكره أو أحضره على طبق المراد قبل منه وإلا رد عليه، وإن قال: قلت هذا برأي أو بدليل ذكره

مطلب: تفسير قوله تعالى: {اعملوا آل داود شكرا} الآية، إلخ.

فقل له: لست ممن يقلد في الأصول، ولم تصل لمرتبة أهل الاجتهاد، فلا تعول عليه في المراد. * وفروع * وهي ما يرجع إلى الكل كالصلاة وفروعها والزكاة وفروعها والصوم ومسائله والحج وشعبه والبيع والنكاح والجنايات والأيمان والنذور وأمر القضاء والأحكام وغير ذلك، فإن أورد مبتدع أو ضال مسألة فقل له: هل قال بها إمام من هؤلاء الأئمة الأربع؟ فإن قال: نعم، فاطلب النقل منه الصحيح الصريح، فإن جاء به عمل به وإلا رد عليه، وإن قال: قلت هذا برأي أو بدليل تميل له فقل له: هذا مردود عليك؛ لأنك لست مجتهدا ولا ممن يعول عليك في الاجتهاد، وليس لك ابتداع أمر لم تقل به أئمة السلف وعلماء الخلف والله أعلم. مطلب: تفسير قوله تعالى: {اعملوا آل داود شكرا} الآية، إلخ. (سئل) فيما نقل في تفسير قوله تعالى جل جلاله وعظم سلطانه: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن هذا الكلام مرتب على ما أنعم الله تعالى به من النعم العظام التي هي من المعجزات الفخام على داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام بقوله تعالى: {ولقد آتينا داود منا فضلا} أي: على سائر الأنبياء، وهو ما ذكر بعد أو سائر الناس، فيندرج فيه النبوة والكتاب والملك والصوت الحسن {يا جبال أوبي معه} رجعي بعد التسبيح {والطير}، فيكون المعنى: ولقد آتينا داود منا فضلا تأويب الجبال وتأويب الطير، فيدل هذا النظم لما فيه من الفخامة والدلالة على عظم شأنه وكبر سلطانه حيث جعل الجبال والطيور كالعقلاء المنقادين لأمره في نفاذ مشيئته فيها {وألنا له الحديد} جعلناه في يده كالشمع يصرفه كيف يشاء من غير إحماء وطرق {أن اعمل سابغات وقدر في السرد} في نسجها {واعملوا صالحا} الضمير لداود وأهله {إني بما تعملون بصير} {ولسليمان الريح} أي: وسخرنا له الريح، وهو من جملة الفضل الذي أعطيه داود، ولذلك لم يقل: ولقد آتينا سليمان منا فضلا كما قال لأبيه {غدوها شهر ورواحها شهر} جريها بالغداة مسيرة شهر والعشي كذلك {وأسلنا له عين القطر} النحاس المذاب، وكان ذلك باليمن ينبع نبع الماء {ومن الجن من يعمل بين يديه} عطف على الريح {بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير} {يعملون له ما يشاء من محاريب} قصورا حصينة ومساكن شريفة {وتماثيل} وصورا وتماثيل للملائكة {وجفان} صحاف {كالجواب} كالحياض الكبار {وقدور راسيات} ثابتات، فلما ذكر الله تعالى هذه المنن لداود التي لم ينلها غيره من تأويب الجبال والطير وإلانة الحديد والمنن التي أعطيها سليمان عليه الصلاة والسلام التي لم يعطها غيره من الريح وعين القطر وتسخير الجن، قال تعالى لداود وآله من سليمان وبقية ذريته: {اعملوا آل داود شكرا} و {شكرا} نصب على المفعول لأجله أي: لأجل أن تكونوا شاكرين أي: اعملوا له واعبدوه شكرا على ما أنعم به عليكم بما لم ينعم به

على أحد قبلكم ولا أحد بعدكم؛ لأن الحمد إذا وقع في مقابلة النعم كان شكرا، قال تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} والمتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته، ومع ذلك لا يوفى حقه؛ لأن توفيقه للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا إلى نهاية، ولذلك قيل: الشكور من يرى عجزه عن الشكر، قال الشاعر: كلما قلت أعتق الشكر رقي ... صيرتني لك المكارم عبدا أين عمر الزمان حتى أؤدي ... شكر حسناتك الذي لا يؤدا ولهذا قال السبكي أول متن جمع الجوامع: نحمدك اللهم على نعم يؤذن الحمد بازديادها أي : الحمد عليك يعلم بزيادتها؛ لأنه متوقف على الإلهام له والإقدار عليه، وهما من جملة النعم، فيقتضيان الحمد، وهو مؤذن بالزيادة المقتضية للحمد أيضا، وهلم جرا، فلا غاية للنعم حتى يوقف بالحمد عليها، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}. قال جعفر بن سليمان كان داود نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد جزَّأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم تكن ساعة من ساعات الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود يصلي. وقوله: ولذلك قيل إلخ، أشار به إلى ما ذكره الغزالي في الإحياء أن داود عليه السلام قال في مناجاته: يا رب إذا كان إلهامك للشكر وإقدارك عليه نعمة فكيف يتأتى لي شكرك؟ فقال: يا داود، إذا عرفت هذا فقد شكرتني، ونظم بعضهم هذا المعنى فقال: إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... على له لي مثلها يجب الشكر \50 فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتسع العمر \50 إذا مس بالنعماء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الأجر \50 ولما كان الشكر عرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله من السمع والبصر والعلم والمال والجاه وغيرها، فإن قلنا: إنه يصرف ذلك في وقت واحد لما خلق لأجله كان ذلك في غاية العسر، وإن قلنا في أوقات مختلفة أمكن ذلك، ويدل له ما مر عن داود عليه السلام، وقد قال أهل الأصول: شكر النعم واجب بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة، قال المحلي: أي الثناء على الله تعالى لإنعامه بالخلق والرزق والصحة وغيرها بالقلب بأن يعتقد أنه تعالى وليها أو اللسان بأن يتحدث بها أو غيره كأن يخضع له تعالى، وهذا منه بناء على أن المراد بالشكر في كلامهم الشكر اللغوي، وهو أنه فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه على الشاكر، وإنما كان الشكر من أخص ما يثنى به على المنعم، وكان ما أنعم به تعالى على داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام من الأمور الغريبة العجيبة المختصة بهما دون غيرهما أمرهما الله تعالى بعمل الشكر وعبر بـ: {اعملوا} دون: اشكروا مثلا؛ ليشمل كل عمل قلبي ولساني حالي أو قالي@، ولما

مطلب: فيمن كتب آية أو حديثا وعلقه على شجرة أو غيرها.

كان ما أنعم به على داود راجعا لسليمان عليهما الصلاة والسلام وآل داود؛ لأن ما ثبت له من الفخر ثابت لولده وآله، قال تعالى: {اعملوا آل داود} الشامل لسليمان وغيره، بل ولداود إلا أنه ما جمع الجميع إلا لسليمان آخرة الأمر مع ما أوتيه من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، وكل ذلك ببركة بنائه لبيت المقدس وتعظيمه له حتى بنى قبة الصخرة المشرفة ثمانية عشر ميلا في الهواء لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ولهذا لما أحكم البناء سأل الله ثلاث خصال ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وحكما يواطئ حكمه تعالى، ومن أتى هذا المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال - صلى الله عليه وسلم -: أما اثنتان فأعطيهما سليمان وأنا أرجو الثالثة، وهي الأخيرة، والمقام يحتاج لبسط كبير ليس هذا محله، والله أعلم. مطلب: فيمن كتب آية أو حديثا وعلقه على شجرة أو غيرها. (سئل) فيما إذا كتب إنسان آية من كتاب الله العزيز أو حديثا من أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلق ذلك على شجرة لأجل التبرك بالقرآن والسنة والتيمن ورجاء أن يبارك الله تعالى في ثمر تلك الشجرة، فهل ذلك جائز بلا كراهة، ويكون ملحقا بالتميمة التي تعلق على الرأس تيمنا وتبركا بالقرآن، ورجاء الشفاء ببركة القرآن أو محرم أو مكروه ككتابة القرآن على الأحجار والحيطان وهل إذا اعترض معترض على ذلك وقال: هذا محرم؛ لأنه صلب للقرآن، يسلم له هذا الاعتراض؟ (أجاب) اعلم أن القرآن لا يكون قرآنا إلا بالقصد، قال ابن حجر: العبرة في قصده الدراسة والتبرك حال الكتابة دون ما بعدها وبالكاتب لنفسه أو غيره التبرك وإلا فآمره@ أو مستأجره، وظاهر عطف هذا على المصحف أن ما يسمى مصحفا عرفا لا عبرة بقصد دراسة ولا تبرك، وأن هذا إنما لا يعتبر فيما لا يسماه، فإن قصد به دراسة حرم أو تبرك لم يحرم. انتهى. قال الشيخ على الحلبي: لأنه لا يسمى قرآنا إلا بالقصد، فهو قابل للصرف، ولهذا لو حمله في متاع وقصد المتاع لم يحرم، وهكذا لو قرأ القرآن وهو جنب لا يقصد القرآن لم يحرم، وأنت ترى جميع الأئمة مصرحين بجواز كتابة بعض القرآن تمائم تعليقا تبركا وشربا، كذلك لا فرق في ذلك على الأشجار التي تظهر من الآي عليها الأنوار والأسرار كما علمت من قبول القرآن للصرف وغيره كالدرس وللشرب تبركا كما يتلى عليك من النقول، منها ما أخرجه ابن أبي حاتم عن صفي بن ميسرة قال: رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وذلك قول الله: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله}. خرجه الجلال السيوطي في الدر المنثور. ومنها ما نص عليه الفقهاء والعبارة للعباب أن المكتوب لغير دراسة كحرز وثوب ودرهم لا يحرم مسه ومنها ما ذكره الإمام اليافعي، وناهيك به جلالة في خواص بسم الله الرحمن الرحيم. قال: وإذا كتبت

مطلب: فيما يفعله الناس من الميل والتحريك حال القراءة والذكر

في ورقة خمسا وثلاثين ووضعت في البيت لم يقربه شيطان ولا جان وكثرت فيه البركة، وإذا علقت تلك الورقة في دكان كثر زبونه وزاد ربحه، ثم قال: وإذا كتبت في ورقة مائة مرة ودخلت في الزرع خصب ذلك الزرع وحفظ من الآفات وحصلت فيه البركة. انتهى. فالحمد لله، فالورقة لم تدفن، وإنما توضع فوق الرءوس لتمر بها الرياح، فتنال من خيرها وبركتها، وكذا لو مررت بها على إنسان ناله خيرها، أو شجر ناله بركتها، أو على زرع نما وزكا، أو على أرض حصل لها الشرف والرفعة، فاتق الله ولا تكن من الغافلين المحجوبين عن الأنوار والأسرار، ثم ذكر اليافعي أن هذه الآية وهي قوله تعالى: {قل إن الفضل بيدي الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} خاصية هذه الآية الشريفة لسعة الرزق، ومن يريد خطبة النساء يكتبها يوم الخميس في ورقة ويعلقها على باب حانوته أو مع بيعه أو شرائه، فإنه يرزق خيرا كثيرا، ويدر عليه الرزق، ثم ذكر من خواص قوله تعالى: {محمد رسول الله} إلى آخر الصورة أنها لا توضع في مكان إلا عمت فيه البركة، ولا في حانوت إلا كثر زبونه، ولا في حمام إلا ودخل عليه الداخلون، ولا حملها في سفر في بر أو بحر إلا حفظ ببركتها ولم ير ما يكرهه أبدا، ويكون سفرا مباركا، وتقضي جميع حوائجه. انتهى. ومثل هذا مما لا يخفى، ففي المعترض إما بضاعته مزجاة أو عقيدته غير معفاة، أو أنه ممن قلد العقل مع عمى البصيرة أو لم يحضره النقل مع سوء السريرة. وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا والله أعلم. مطلب: فيما يفعله الناس من الميل والتحريك حال القراءة والذكر (سئل) فيما يفعله الناس من الميل والتحريك في حال القراءة والذكر وشبههما كما هو مشاهد من جميع الناس، هل لذلك أصل في السنة أو لا؟ وهل هو حرام أو مكروه أو مندوب؟ وهل يثاب عليه؟ وهل ثبت أنه من التشبه باليهود أو لا؟ (أجاب) إذا تأملت قول الله عز وجل: {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} وقوله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} مع آيات كثيرة غيرهما مع قول الأصوليين وعموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والبقاع مع ما لهم من الأمثلة الدالة على ذلك مع ما ورد في تفسير الآيات المذكورة وغيرها، علمت أن الحركة في الذكر والقراءة ليست محرمة ولا مكروهة، بل هي مطلوبة في جملة أحوال الذاكرين من قيام وقعود وجنوب وحركة وسكون وسفر وحضرة وغنى وفقر، فقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: {اذكروا الله ذكرا} يقول: لا يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، فقال:

مطلب: ما معنى قوله تعالى: {صبغة الله} إلخ؟

اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم بالليل والنهار في البحر والبر في السفر والحضر في الغناء والفقر في الصحة والسقم والسر والعلانية وعلى كل حال، وقال: سبحوه بكرة وأصيلا، فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته، قال الله تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {اذكروا الله ذكرا كثيرا} قال: باللسان التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، واذكروه على كل حال، وسبحوه بكرة وأصيلا، يقول: صلوا له بكرة بالغداة وأصيلا بالعشي. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال: لما نزلت} إن الله وملائكته يصلون على النبي {فقال أبو بكر: يا رسول الله ما أنزل عليك خير إلا أشر كنا فيه، فنزلت هو الذي يصلى عليكم وملائكته} فإذا تأملت رواية ابن عباس: وعلى كل حال، ورواية مقاتل في قوله: واذكروه على كل حال، علمت صحة قول الأصوليين المذكور، وشمل كل حال حال الحركة والسكون، وشمل الذكر القرآن وغيره، بل القرآن أجل الذكر، وليس في ذلك من التشبه باليهود بحال؛ لأن حال الذاكر والقارئ لكتاب الله عز وجل من أين تكون لليهود ومن أين لهم التلبس بها حتى نشابههم فيها، ويبقى النظر في أن الحركة أولى أو السكون، قد يقال: إن الحركة أولى، ويدل لذلك أن جبريل عليه السلام لما جاء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بغار حراء، فقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ، فأخذه فغطه حتى بلغ منه الجهد ثلاثا، فهذا دليل على طلب الحركة للذكر، ويدل له أيضا أن الله تعالى شبه المنافقين بالخشب المسندة ذما لهم، قال البيضاوي: مشبهين بأخشاب منصوبة مسندة إلى الحائط في كونهم أشباحا خالية عن العلم. انتهى. ويدل له قوله تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا} فإن السير في الأرض يلزمه الحركة المترتب عليها النظر الموجب للعلم، وقد يقال: إن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس، فرب ذاكر ساكن غافل، فإذا تحرك تيقظ، فالحركة أولى له، ورب ذاكر متحرك الحركة تذهب خشوعه، فالسكون له أولى، ورب ذاكر قارئ يستوي عنده الحالان، فيفعل ما شاء، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات، والله تعالى أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {صبغة الله} إلخ؟ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون}؟ (أجاب) قال ابن عباس: {صبغة الله} أي: دين الله تعالى، وإنما سماه صبغة؛ لأن أثر الدين يظهر على المتدين كما يظهر أثر الصبغ على الثوب، وقيل: هي فطرة الله، وقيل: سنة الله، وقيل: أراد به الختان؛ لأنه يصبغ على المختتن بالدم. قال ابن عباس: إن النصارى إذا ولد لأحدهم مولود وأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم أصفر يسمونه: ماء المعمودية، وصبغوه به ليطهروه مكان الختان، وإذا فعلوا ذلك قالوا:

مطلب: ما معنى قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} إلخ؟

الآن صار نصرانيا حقا، فأخبر الله تعالى أن دينه الإسلام، لا ما تفعله النصارى، والله اعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم} إلخ؟ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {فاذكروني أذكركم}؟ (أجاب) يعني: اذكروني بالصلاة والتسبيح والتحميد والتعظيم والتمجيد ونحو ذلك من الأذكار؛ أذكركم بالثواب والرضى عنكم. وقيل: معناه أجازيكم؛ لما ورد في الحديث القدسي: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه». وقال ابن عباس: معناه اذكروني بطاعتي أذكركم بمعونتي. وقيل: اذكروني في النعم والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء. وقال أهل المعاني: اذكروني بالتوحيد والإيمان أذكركم بالجنان والرضوان. وقيل: اذكروني بالإخلاص أذكركم بالخلاص، اذكروني بالقلوب أذكركم بغفران الذنوب، اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء، والله تعالى أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة} إلخ؟ (سئل) ما معنى قوله: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}؟ (أجاب) المصيبة: النوائب والابتلاء. روى عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، آجره الله تعالى في مصيبته، وأخلف له خيرا منها». قيل: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت هذه الأمة، يعني الاسترجاع عند المصيبة، ولو أعطيها أحد لأعطي يعقوب عليه السلام، ألا تسمع إلى قوله عند فقد يوسف: {يا أسفى على يوسف}. وقيل: في قول العبد: إنا لله وإنا إليه راجعون، تفويض منه إلى الله تعالى، وأنه راض بما نزل به من المصائب. روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه سيئاته كما تحط الشجرة ورقها»، و «إذا أراد الله بالعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بالعبد الشر أمسك عنه حتى يوافى يوم القيامة». وقال: «إن أعظم الجزاء مع عظم البلاء، والله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» وما يزال البلاء في المؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة «. وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أشد بلاء؟ قال «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة هون عليه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة». وقوله تعالى: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} أي: من هذه صفتهم عليهم صلوات أي: مغفرة من ربهم ورحمة أي: نعمة وفضل وإحسان، {وأولئك هم المهتدون} أي: إلى الحق والصواب، وقيل: إلى الاسترجاع، وقيل: إلى الجنة، والله تعالى أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض} الآية؟ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع

الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون}؟ (أجاب) المعنى: إن في خلق السماوات والأرض وما فيها من العجائب كسمك لسماء وارتفاعها بغير عمد ولا علاقة، وما يرى فيها من الشمس والقمر والنجوم ومد الأرض وبسطها على الماء، وما يرى فيها من الجبال والبحار والمعادن والجواهر والأنهار والأشجار والثمار، واختلاف الليل والنهار بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان والنور والظلمة وقدم الليل؛ لأن الظلمة أقدم، وقيل: ذكر الليل والنهار بسبب أن انتظام أحوال العباد وسبب طلب الكسب والمعيشة يكون بالنهار، وطلب النوم والراحة يكون في الليل، واختلافهما إنما هو لتحصيل مصالح العباد. وقوله تعالى: {والفلك} أي: السفن {التي تجري في البحر} وجريانها بالريح مقبلة ومدبرة، وتسخير البحر لحمل السفن مع قوة سلطان الماء وهيجان البحر، فلا ينجي منه إلا الله تعالى. وقوله تعالى: {بما ينفع الناس} أي: من ركوبها والحمل عليها في التجارة وحمل الأرباح، وإن الله تعالى لو لم يقو قلب من يركب هذه السفن لما تم الغرض في تجارتهم ومنافعهم، وأيضا فإن الله تعالى خص كل قطر من أقطار العالم بشيء معين، وأحوج الكل إلى الكل، فصار ذلك سببا يدعوهم إلى اقتحام الأخطار في الأسفار من ركوب السفن وخوف البحر ونحو ذلك. وقوله تعالى: {وما أنزل الله من السماء من ماء} أي: المطر، {فأحيا به} أي: بالمطر {الأرض} أي: بالنبات {بعد موتها} أي: يبسها وجدبها، وسماه موتا مجازا؛ لأن الأرض التي لم يصبها المطر ولا الماء ميتة، ولأن الله تعالى جعله سببا لإحياء الجميع من حيوان ونبات، ونزوله عند الحاجة إليه بمقدار المنفعة، وإنزاله بمكان دون مكان. وقوله: {وبث فيها من كل دابة} أي: فرق في الأرض كل دابة. قال ابن عباس: الدابة كل ما دب على وجه الأرض من جميع الخلق؛ لأنهم ينمون بالخصب. وقوله: {وتصريف الرياح} أي: مهابها جنوبا وشمالا ودبورا حارة باردة لينة وعاصفة، وسميت رياحا؛ لأنها تريح. قال ابن عباس: أعظم جنود الله تعالى الريح. وقيل: ما هبت ريح إلا لشفاء سقيم أو ضده. وقيل: البشارة في ثلاث رياح: الصبا والشمال والجنوب، وأما الدبور هي الريح العقيم التي أهلكت بها عاد، والآية في الريح أنها جسم لطيف لا يمسك ولا يرى، وهو مع ذلك في غاية القوة، تقلع الشجر والصخر، وتخرب البنيان العظيم، وهي مع ذلك حياة الوجود، فلو أمسكت طرفة عين لمات كل ذي روح ولنتن ما على وجه الأرض. وقوله تعالى: {والسحاب} أي: الغيم {المسخر} أي: المذلل سمي سحابا لسرعة سيره {بين السماء والأرض} بلا علاقة، ففي هذه الأنواع الثانية التي هي خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك ونفع

مطلب: ما معنى قوله تعالى: {تولج الليل في النهار} الآية؟

الناس والمطر والدواب والرياح والسحاب دلالة عظيمة على وجود الصانع القادر المختار، وأنه الواحد في ملكه لا شريك ولا نظير له، وذلك {لآيات} أي: دلائل على وحدانيته {لقوم يعقلون} أي: يتدبرون وينظرون في خلقه تعالى، والله تعالى أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {تولج الليل في النهار} الآية؟ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي} الآية؟ (أجاب) الولوج هو الدخول، وهو أن يجعل سبحانه وتعالى الليل قصيرا وما نقص منه يكون زائدا في النهار، ويجعل النهار قصيرا وما نقص منه يكون زائدا في الليل. وقيل: المراد أنه تعالى يأتي بسواد الليل عقب ضوء النهار، ويأتي بضوء النهار بعد ظلمة الليل، وأنه سبحانه وتعالى يخرج الإنسان الحي من النطفة، ويخرج الفرخ وهو حي من البيضة وهي ميتة، وبالعكس. وقيل: يخرج النبات الأخضر من الحب اليابس، ويخرج النخلة من النواة، وعكسه. وقيل: إنه تعالى يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن؛ لأن المؤمن حي الفؤاد والكافر ميته، وهو سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حساب، أي: رزقا واسعا من غير تضييق ولا تعسير، بل يبسط الرزق لمن يشاء ويوسعه والله أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله} الآية؟ (سئل) ما معنى قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}؟ (أجاب) قيل: إن رهطا من أهل نجران قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد، هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فنزلت هذه الآية، يعني إن مثل عيسى في الخلق والإنشاء في كونه خلق من غير أب كمثل آدم خلقه من تراب، لا من أب وأم، ومن أقر بأن الله تعالى خلق آدم من تراب يابس وهو أبلغ في القدرة، فلم لا يقر بأن الله تعالى خلق عيسى ابن مريم من غير أب. حكي أن بعض العلماء أسر في بلاد الروم، فقال لهم: لم تعبدون عيسى؟ قالوا: لأنه لا أب له، فقال لهم: فآدم أولى؛ لأنه لا أب له ولا أم، فقالوا: فإنه كان يحيي الموتى، فقال لهم: فحزقيل أولى؛ لأن عيسى أحيا أربعة نفر، وحزقيل أحيا ثمانية آلاف، فقالوا له: إنه كان يبرئ الأكمه والأبرص، فقال لهم: فجرجيس أولى؛ لأنه طبخ وأحرق ثم خرج سليما، وقال له: كن فلانا. وقوله تعالى: {فيكون} أراد هنا بالمستقبل الماضي أي: فكان لا محالة، والله تعالى أعلم. مطلب: ما معنى قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} الآية؟ (سئل) عن قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض} الآية، وكيف يكون طولها؟ (أجاب) يعني بادروا وسابقوا وأقبلوا إلى ما يوجب لكم المغفرة من ربكم، وهي الأعمال الصالحة. وقال ابن عباس: سارعوا إلى الإسلام أو إلى التوبة؛ لأن التوبة من الذنوب توجب المغفرة. وقال علي بن أبي طالب: إلى أداء الفرائض. وروي عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير أنها التكبيرة الأولى أي: تكبيرة الإحرام، وقيل: إلى الإخلاص في الأعمال، وخص العرض في الجنة

مطلب: في قوله تعالى {إن الله لا يظلم مثقال ذرة}

للمبالغة؛ لأن الطول في العادة يكون أكثر من العرض، تقول: هذه صفة عرضها فكيف بطولها؟ وذلك بأنه لو جعلت السماوات والأرض طبقا طبقا، ثم وصل البعض بالبعض حتى يكون طبقا واحدا كان ذلك مثل عرض الجنة، فأما طولها فلا يعلمه إلا الله تعالى. روي أن هرقل أرسل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول له: إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار؟» والله تعالى أعلم. (سئل) عن قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين؟ ما الحكمة في ذلك مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحتاج لمشاورة أحد؟ (أجاب) قيل: أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمشاورتهم تطييبا لقلوبهم مع كمال عقله - صلى الله عليه وسلم - وجزالة رأيه ونزول الوحي عليه، وكان - صلى الله عليه وسلم - كثير المشاورة لهم، وقال علي كرم الله وجهه: الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل يؤمنك الندم، فإذا عزمت على إمضاء ما تريد بعد المشاورة فتوكل وثق بالله تعالى، واستعن به في أمورك كلها، ولا تعتمد إلا عليه؛ فإنه ولي الإعانة والعصمة والتسديد. والمقصود لا يكون للعبد اعتماد على شيء إلا على الله في جميع أموره، وإن المشاورة لا تنافي التوكل، والله سبحانه وتعالى يحب المتوكلين عليه في جميع أمورهم، فيجب أن يتوكل العبد في كل الأمور على الله تعالى لا على غيره. روي عن عمران بن حصين أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب. قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة بن محيصن: فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم. فقام آخر فقال: يا رسول الله، ادع الله لي أن يجعلني منهم. فقال - صلى الله عليه وسلم -: سبقك بها عكاشة». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا» والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} (سئل) عن قوله تعالى {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تكن حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما}؟ (أجاب) يعني أن الله تعالى لا يظلم أحدا وزن ذرة، وهي رأس نملة حمراء كما قال ابن عباس. وقيل: الذرة من أجزاء الهباء الذي يكون في الكوة إذا كان فيها ضوء الشمس لا وزن لها، وهذا مثل ضربه الله عز وجل لأقل الأشياء، والمعنى أن الله تعالى لا يظلم أحدا شيئا من قليل ولا كثير، وإن تك الذرة حسنة من مؤمن يضعفها من عشر إلى أكثر من سبعمائة. روي عن ابن مسعود أنه قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم

مطلب: في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات}

ينادي مناد من عند الله تعالى: ألا من كان يطلب مظلمة فليجئ إلى حقه فليأخذه، قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو أخيه، فيأخذه منه، وإن كان حقيرا. والله تعالى أعلم. مطلب: في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات} (سئل) ما معنى الأمانة في قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}؟ (أجاب) نزلت هذه الآية لما أخذ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مفتاح الكعبة من طلحة بن عثمان قهرا منه لما قدم - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح، فأمر - صلى الله عليه وسلم - عليا برد المفتاح لعثمان، ويعتذر إليه، فدفعه إليه وقال له: إن الله تعالى أنزل في شأنك قرآنا وقرأ عليه هذه الآية، فأسلم، فكان المفتاح معه إلى أن مات فدفعه إلى أخيه شيبة، وبقي المفتاح في أولاده إلى يوم القيامة. وقيل: إن الآية عامة في جميع الأمانات التي يحملها الإنسان. وقال ابن مسعود: الأمانة لازمة في كل شيء حتى في الوضوء والغسل من الجنابة والصلاة والذكاة والصوم وسائر أنواع العبادات. وقيل: الأمانة هو ما أنعم الله تعالى به عليه من سائر أعضائه، فأمانة اللسان حفظه من الكذب والغيبة والنميمة ونحو ذلك، وأمانة العين غضها عن المحارم، وأمانة السمع أن لا يشغله بشيء من اللهو والفحش والأكاذيب ونحوه، ثم سائر الأعضاء على نحو ذلك. وقيل: الأمانة رعاية أمانة الله تعالى مع سائر عباد الله تعالى، فيجب عليه رد الودائع والعواري إلى أربابها التي ائتمنوه عليها، ولا يخونهم فيها، ولا يطفف في الكيل والوزن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له». انتهى. والله تعالى أعلم. مطلب: في قوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله} إلخ (سئل) ما معنى قوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}؟ (أجاب) المعنى: ما أصابك أيها الإنسان من خير ونعمة فمن فضل الله تعالى عليك، يتفضل به إحسانا منه إليك، وما أصابك من شدة وبلية ومشقة ومكروه وأذى فمن نفسك، أي بذنب اكتسبته نفسك، فاستوجبت ذلك. وقال الكلبي: ما أصابك من خير فالله أهداك له وأعانك عليه، وما أصابك من أمر تكرهه فبذنبك عقوبة لذلك الذنب وإضافة السيئة إلى فعل العبد على سبيل الأدب، بل الفعلان راجعان إلى الله تعالى. والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا} إلخ (سئل) عن قوله تعالى {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها} الآية، ما المراد بالخلود هنا؟ وقال الشيباني في عقيدته: ولم يبق في نار الجحيم موحد ولو قتل النفس الحرام تعمدا؟ (أجاب) المراد بالخلود في الآية لمن يستحل القتل، ومن استحل قتل مسلم كان كافرا، وهو مخلد في النار بسبب كفره، وقيل: إن الخلود لا يقتضي التأبيد، بل معناه طول المكث؛ لما ورد أن الله تعالى يعذب قاتل المؤمن عمدا في النار إلى حيث شاء الله، ثم يخرجه منها بفضل رحمته وكرمه. وقيل: إن قاتل المؤمن عمدا عدوانا إذا تاب قبلت

مطلب: في قوله تعالى {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا} إلخ؟

توبته بدليل قوله تعالى {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ولأن الكفر أعظم من هذا القتل، وإذا كانت توبة الكافر من كفره مقبولة بدليل قوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} فلأن تقبل من الكافر أولى، والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا} إلخ؟ (سئل) عن قوله تعالى {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ولباس التقوى} ما معنى الريش ولباس التقوى؟ (أجاب) قال ابن عباس: الريش يعني المال؛ لأن المال ما يتزين به. وقال ابن زيد: الريش الجمال، وقيل: المتاع والأموال عندهم، ولباس التقوى العمل الصالح، أو اللباس؛ لأنه يستر العورة، وسترها من التقوى. وقوله {إنا أنزلنا عليكم} وهو أن الله تعالى أنزل المطر من السماء، وهو سبب نبات اللباس وجلب المال وغيره، والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين} الآية. (سئل) عن قوله تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} ما المراد بالشياطين وهل من الإنس شياطين؟ (أجاب) الشيطان كل عات متمرد من الجن والإنس، وكذلك شياطين الإنس أشد تمردا من شياطين الجن؛ لأن الجن إذا عجز عن إغواء المؤمن الصالح وأعياه استعان على إغوائه بشيطان الإنس ليفتنه، ويدل على صحة ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر «هل تعوذت بالله من شيطان الجن والإنس؟ فقال أبو ذر: يا رسول الله، وهل للإنس من شيطان؟ قال: نعم، هم شر من شياطين الجن.» وقال مالك بن دينار: إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي، وهذه الآية فيها تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - أي: كما جعلنا لمن قبلك أعداء كذلك جعلنا لك عدوا، والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت} إلخ. (سئل) عن قوله تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت} ما المراد بالمحو والإثبات؟ (أجاب) المعنى كما أن الكفار اعترضوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: إن محمدا يأمر أصحابه بأمر اليوم ثم يأمرهم بخلافه غدا، وما سبب ذلك إلا أنه يقول من تلقاء نفسه، فأجاب الله تعالى عن هذا الاعتراض بقوله {يمحو الله ما يشاء ويثبت}. وقال سعيد بن جبير وقتادة: يمحو الله ما يشاء من الشرائع والفرائض، فينسخه ويبدله، ويثبت ما يشاء من ذلك، فلا ينسخه ولا يبدله. وقال ابن عباس: يمحو الله ما يشاء ويثبت إلا الرزق والأجل والسعادة والشقاوة. وقال سعيد بن جبير: يمحو الله ما يشاء من ذنوب عباده فيغفر. وقال عكرمة: يمحو الله ما يشاء من الذنوب ويثبت بدل الذنوب حسنات. وقال الربيع: هذا في الأرواح يقبضها الله تعالى عند النوم، فمن أراد الله تعالى موته محاه وأمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه. وقيل: يمحو الله ما يشاء الدنيا ويثبت الآخرة. وقيل: هي المحن والمصائب، فهي مثبتة في الكتاب يمحوها بالدعاء

مطلب: في قوله تعالى {وأوحى ربك إلى النحل}.

والصدقة. ومذهب أهل السنة أن لا اعتراض لأحد عليه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والله أعلم. مطلب: في قوله تعالى {وأوحى ربك إلى النحل}. (سئل) عن قوله تعالى {وأوحى ربك إلى النحل} ما المراد بهذا الإيحاء؟ (أجاب) يعني أن الله تعالى أوحى إليها أي: ألهمها أو أنه سخرها لما خلقها له وألهمها وأرشدها، وقدر في نفسها هذه الأعمال العجيبة التي يعجز عنها العقلاء من البشر، وذلك أن النحل تبني بيوتا على شكل مهندس من أضلاع متساوية لا تزيد ولا تنقص بعضها على بعض بمجرد طباعها، ولو كانت البيوت مدورة أو مثلثة أو مربعة أو غير ذلك من الأشكال لكان فيما بينها خلال، ولما حصل المقصود، فألهمها الله تعالى أن تبنيها على هذا الشكل المسدس الذي لا يحصل فيه خلل وفرجة خالية من صنائعه، وألهمها الله تعالى أن تجعل عليها أميرا كبيرا نافذ الحكم فيها وهي تطيعه وتمتثل أمره، ويكون هذا الأمير أكبرها جثة وأعظمها خلقة، ويسمى بيعسوب النحل، يعني ملكها، وألهمها الله تعالى أيضا أن تجعل على باب كل خلية بوابا لا يمكن غير أهلها من الدخول إليها، وألهمها الله تعالى أن تخرج من بيوتها تدور وترعى، ثم ترجع إلى بيوتها ولا تضل عنها، ولما امتازت بهذه الخواص العجيبة دل ذلك على الإلهام الإلهي، وكان شبيها بالوحي والله أعلم. (باب ما يتعلق بالحديث الشريف) مطلب: في قوله - صلى الله عليه وسلم - «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» إلخ. (سئل) هل في قوله - صلى الله عليه وسلم - «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» المروي للبخاري في التاريخ، ورواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه، ورواه مسلم أيضا - دلالة على انقطاع كرامة الأولياء بعد موتهم كما يعتقد ذلك بعض من طمس الله على قلوبهم وأبصارهم فهم لا يعقلون؟ وهل تقاس الكرامة على المعجزة المنقطعة بالموت؟ وهل في قول صاحب بدء الأمالي: كرامات الولي بدار دنيا ... لها كون فهم أهل النوالي دلالة أيضا على انقطاعهم بعد الموت، فإن كثيرا من الجهلة الذين لا خلاق لهم، ولم يشاهدوا أنوار الله في أوليائه أحياء وأمواتا؛ لأنهم في دار ليس بها ولي ولا نبي، وابتلوا بالحرمان، فهم في ظلمات يترددون، وفي غمرات من الجهل يسيرون، وعلى ربهم لا على أولياء الله يعترضون، إذ هو تعالى المؤيد لهم والمظهر لكرامتهم، فما الحال في ذلك؟ (أجاب) اعلم وفقني الله وإياك وشرح صدري وصدرك وجعلني وإياك ممن اعتقد لا ممن انتقد أنه لا دلالة في الأمور الثلاثة على انقطاع الكرامة أصلا؛ لأن الكرامة محض صنع الله تعالى، لا دخل فيها للولي قطعا، ولو قصدها بالتوجه له تعالى، بل بعض الأولياء تنفر نفوسهم ويخافون من ظهورها لأمور منها خوف المكر بهم

والاستدراج، ومنها الخوف من النفس واسترسالها وإعجابها، ومنها خوف الركون إلى الكرامة، ومنها الخوف على خلق الله تعالى، فقد شاهدنا بعض أرباب القلوب يعتدي عليه بعض الناس، فيخاف عليه من الله تعالى وانتقامه منه، فيبات مشتغلا له بالدعاء، وإن الله تعالى لا يؤاخذه بذنبه، ومع ذلك يحصل للمعتدي ضرر كبير، وهذا مقام إبراهيمي أخذا من قوله تعالى حكاية عنه على نبينا وعليه الصلاة والسلام في شأن الأصنام وعبادها {رب أنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} فتأمل كيف إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعرض بطلب المغفرة لمن عصاه ولو بعبادة الأصنام رحمة منه وشفقة على عباد الرحمن، ولم يقل: ومن عصاك؛ لأن ذلك الذي ذكره أبلغ في طلب المغفرة من الله تعالى للعاصين؛ لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام طلب المغفرة لمن عصاه من الله تعالى تلويحا منه بأن يغفر الله له أيضا؛ لأنه طلب المغفرة لمن عصاه وهو مخلوق، فكيف بالخالق وهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين؟ إذا علمت ذلك علمت أن الكرامة ليست من عمل العبد المنقطع بالموت، بل هي محض فضل الله تعالى، وفضله ليس للعبد فيه دخل أصلا، فلا تدخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - «انقطع عمله»؛ لأنها ليست عملا للعبد، على أن هذا الحصر ليس بحقيقي؛ لأنه ورد في أحاديث غير هذا أمور كثيرة لا ينقطع فيها عمل العبد، فعدها الجلال السيوطي رحمه الله تعالى عشرة في قوله في أبيات: إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من أمور غير عشر علوم بثها ودعاء نجل ... وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر البئر أو إجراء نهر وبيتا للغريب بناه يأوى ... إليه أو بناء محل ذكر ولتعليم لقرآن كريم ... فخذها من أحاديث بحصر وسبقه إلى ذلك ابن العماد، فعدها ثلاثة عشر، وسرد أحاديثها، هذا هو الجواب من الحديث، وأما (الجواب) عن المعجزة فهي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي، فقولنا: "بالتحدي" يخرج به الكرامة؛ لأنها لا تحدي فيها بل هي إكرام وتأييد من الله تعالى لأوليائه؛ حفظا لهم كما حفظوه، وتعظيما لهم كما عظموه، فهم لم يقصدوها، بل ربما لم يريدوها، فيجريها الله تعالى على وفق مرادهم؛ حفظا لهم وتعظيما، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، أما المعجزة فالمراد منها معارضة الخصوم المكذبين والمنكرين على أنها قد تبقى بعد الموت كما في القرآن، فهو المعجزة المستمرة} وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله {وهو معنى التحدي المذكور في المعجزة، فقد ظهر الفرق بين المعجزة

والكرامة، وهي أن المعجزة مرادة ومقصودة للرسول بخلاف الكرامة، وإن قصدت في بعض الأحيان فقد تتخلف، والمراد من المعجزة التحدي ولا تحدى في الكرامة، وأما الجواب عن كلام بدء الأمالي فهو أن جميع الكرامات الواقعة من الأولياء أحياء وأمواتا واقعة في الدنيا لا في البرزخ ولا في الآخرة، فمراد بدء الأمالي أن فائدة الكرامة ونتيجتها إنما هي في الدنيا سواء ظهرت من الولي في حال حياته أم بعد مماته، فهي كائنة في الدنيا لا في الآخرة، فتأمل بإنصاف وخذ الحق لا بالاعتساف، فلا دلالة في هذه الأمور لنفي الكرامة للأولياء بعد موتهم، وإنما هذا مغالطة من قوم حجبوا عن كرامات الأولياء وعموا عنها بضلالهم وغيهم وعدم اطلاعهم عليها، ولم يأخذوها من أشياخ منورين وقلوب عارفين، بل من قوم لم يجاوز الإيمان حناجرهم، ونشأوا في بلاد ليس بها نبي ولا ولي، فهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون، ولا يعرفون مدلول اللغة ولا موارد القرآن ولا مفهوم الحديث النبوي ولا كلام العلماء المؤيدين من الله تعالى بالأنوار، ونعوذ بالله من الحرمان، وهو المستعان. وقد ذكر ابن حجر والرملي مما يدل على سوء الخاتمة إيذاء أولياء الله تعالى كآكل الربا، فقد أذن سبحانه وتعالى لآكل الربا بالمحاربة وكذلك لمن يؤذي الأولياء، فقد صح فيه ذلك، واعلم أنه جرت عادة الله تعالى، واستمرت سنته في خلقه تعالى أن كل معترض أو منتقد عليهم رضي الله عنهم لا يفلح أبدا، وإن أفلح في الدنيا لا يفلح في الآخرة، ولا ترى لأحد حالا ولا مقالا دنيويا ولا أخرويا إلا إذا كان ممن يعتقدهم وتفيض عليه بركاتهم وأنفاسهم الطاهرة وحركاتهم الفاخرة فاعتقد أو انتقدوها هنا تنبيه نبيه، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال» الأرواح جند مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف «فكل معترض على أولياء الله تعالى أحياء وأمواتا أو منكر لكراماتهم ممن خالفت روحه روحهم فهو من قبضة الشمال، وهم من أهل اليمين، وهما معنى التعارف والتخالف، فأهل اليمين متعارفون، وأهل الشمال متخالفون، فاتق الله في أوليائه، ولا تكن لهما معاديا فتهلك مع الهالكين. وروى الطبراني عن أبي قرصافة «من أحب قوما حشره الله تعالى في زمرتهم». وها هنا مثال أوضح لك به طريق المعتقد والمنتقد، وهو أن طريق الاعتقاد أمن لا خوف فيه أصلا، وأما الاعتراض فمخوف من حيث احتمال الإيذاء لأولياء الله تعالى المؤذن فيه بالمحاربة من الله تعالى، فما حالك أيها المعترض إذا أصبحت معاديا لله ومحاربا له، فاسلك طريق الأمان ولا تسلك طريق الحرمان، وهنا أمران قطعيان: أحدهما: قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تجتمع أمتي على ضلالة» وقد اجتمعت الأمة على ثبوت الكرامة في الجملة للأولياء، وهل من دليل

على نفي ذلك، وأيضا التواتر المعنوي المنقول في كل عصر بل في كل زمن على وجودها ووقوعها. الثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتواتر «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وستفترق النصارى على اثنين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة. قالوا: يا رسول الله، أين نكون؟ قال: مع الجمهور.» فانظر فإن الجمهور على إثباتها واعتقادها، وأيضا فإن المنكر لها المعتزلة، وهم أقل من القليل لا يبلغون شرذمة بالنظر لغيرهم ممن أثبتها على أنها ممنوعة من أهل بدعة وضلالة؛ لأنها لا تكون إلا في سالم صدر وقوى يقين وتام تسليم وعظيم مراقبة وشديد محافظة وكثير عبادة وقوي ظن بالله ورسوله؛ لقوله تعالى «أنا عند ظن عبدي بي» فمهما ظنوه منه تعالى وقع كرامة أو غيرها، وقد حدث الآن فرقة فرقت بين موتهم، فلا توجد لهم كرامة وحياتهم فتوجد وكأنهم فروا من أن ينسب إليهم اعتزال، وظنوا بذلك تحريرا في المقال، ومع ذلك فلو دخلوا بذلك في عداد المعتزلة وسوء اعتقادهم، بل ربما كانوا على حال أشر من حال المعتزلة؛ لأني سمعت عن بعض من ينسب له هذا المذهب، ويسمى الآن قاضي زادلي، أنه ينكر ذلك حتى من الأنبياء بعد موتهم، فيقول: إنهم عليهم الصلاة والسلام لا كرامة لهم ولا بركة لهم بعد الموت، فقد نقل لي بعض من أثق به أنه قدم له زبيبا وقال له: كل من بركة الخليل على نبينا وعليه صلوات الملك الجليل، فقال للمقدم له: لا تقل من بركة الخليل؛ فإنه لا بركة له بعد موته، وهذا إنكار للقرآن الصريح، قال تعالى {وباركنا عليه} أي: إبراهيم} وعلى إسحاق {والحديث الصريح «كما باركت على إبراهيم» فجعل البركة أصلا في إبراهيم مقيسا عليه فيها ولده - صلى الله عليه وسلم - فإن قيل: هذا في حياة إبراهيم؟ قلنا: الأصل بقاؤها ودوامها إذ لا دليل على نفيها على أن الواقع في الحديث وقع بعد موت إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فيكون إقرارا على هذا المعنى، ومما يدل على القطع والجزم بذلك ما لهم عليه الصلاة والسلام من الشفاعة في الآخرة التي هي من آثار البركة، فإذا صدر هذا القول عن صميم القلب والاعتقاد بأن نفى عنهم البركة والكرامة بعد الموت فلا يشك في كفر المعتقد لذلك؛ لأن هذا الاعتقاد يجر إلى رفع خير كثير مما ينسب إلى الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وذلك من رفع معالم الدين ونصب معالم الشياطين، وأظن أن هؤلاء الطائفة أسوأ حالا واعتقادا من سائر المبتدعة، فيا رب سلم سلم، نعم ذكر في بحر الكلام أن المعية والكرامية قالوا: إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - الآن ليس برسول، وقال أبو الحسن الأشعري: الرسول - صلى الله عليه وسلم - الآن في حكم الرسالة، وحكم الشيخ يقوم مقام الشيء، فما ذكر الخلاف إلا

مطلب: في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد».

في الرسالة، وأما بركته وخيراته فظاهر أن ذلك باق باتفاق ولا عبرة بما حدث الآن؛ لأنه خرق للإجماع، وخلاف النص الصريح. والله أعلم. مطلب: في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد». (سئل) ما معنى الحصر في قوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى» هل في الحديث دليل على منع شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة كما فهمه بعض من لا خلاق له حتى توهم منع الزيارة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بالتبع لمسجده ومنع زيارات كثيرة لأماكن كثيرة مما يقصد بالزيارة وأخذ ذلك من هذا الحديث؟ (أجاب) هذا الحصر على حد قوله - صلى الله عليه وسلم - «الحج عرفة» على معنى أن معظم الحج عرفة، وكذلك هذا، فكأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: هذه المساجد أعظم ما يشد له الرحال، فغيرها بالنسبة إليها لأنه كلا شد على حد قولنا: زيد الشجاع، فشجاعة غيره كأنها كلا شجاعة بالنسبة إلى شجاعة زيد، فالحصر في الحديث مبالغة وادعاء لكمال شد الرحل فيها دون غيرها، فلا ينافي أن غيرها يشد له الرحل، ويحتمل أن المراد من حيث المسجدية، فكأنه قال: لا تشد الرحال لمسجد سوى هذه الثلاث لاستواء سائر المساجد في الفضيلة، فلا معنى لشد الرحل لغير هذه، أما هذه الثلاث فشد الرحل لها له فائدة؛ لتضاعف الأعمال فيها دون غيرها، وقد قام الإجماع على طلب زيارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عبرة لما تخيله بعض الأغبياء، فالزيارة للأماكن المباركة من قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبور سائر الأنبياء ولو اختلف في محلها، وكذلك الأولياء، مطلوبة محبوبة للاتباع للسلف والخلف في ذلك، والله أعلم. مطلب: في من صلى خمس صلوات من الفرائض في آخر جمعة من رمضان. (سئل) عن من صلى خمس صلوات من الفرائض في آخر جمعة من شهر رمضان كان ذلك جابرا لكل صلاة فائتة في عمره إلى سبعين سنة ولكل صلاة صلاها بوسوسة أو بغير طهارة أو نسيان إلى غير ذلك، فهل هذا حديث صحيح ورد في السنة عنه - صلى الله عليه وسلم - أو غير صحيح؟ وما المراد بالفرائض التي يصليها هل هي الحاضرة أم الفائتة أوضحوا الجواب أنلتم الثواب؟ (أجاب) الحمد لله وحده ممن منه التوفيق نعتمد التحقيق، اعلم وفقك الله تعالى أن من مارس السنة النبوية واشتغل بفؤاد أنوارها البهية وعلم مبدأ فيضها من الأنوار القدسية وشهد أصولها الربانية وخاض في بحار أودية جامعها النورانية ودرس في دروس بلغتها وفصاحتها العدنانية علم أن هذا من غير الأحاديث المروية بالأسانيد المقومة للبرية، ونادته أصول أحاديثها المحررة عند أئمتنا العلية: لا تنسب هذه المقالة إلى خير من نطق بالضاد بكل فضل ومزية، فهذه الكتب الصحاح فهل تجد ذلك فيها بالرواية القوية؟ ولا تغتر بما وقع لأئمة أجلاء مثل الواحدي والبيضاوي والزمخشري وأبي العصمة

مطلب قراءة الفاتحة بعد الدعاء هل هي سنة أو لا، وهل قول القارئ بعد الفاتحة: للنبي أو لفلان، يستحب أو لا

الملقب بالجامع لجمعه بين التفسير والحديث والمغازي والفقه، مع العلم بأمور الدنيا، وأبي إسحق الثعلبي، فكل هؤلاء قد عدوا مخطئين لنقلهم الأحاديث الموضوعة، وأشدهم خطأ الزمخشري لكونه نقلها بصيغة الجزم، والعذر عن هؤلاء إما لكونها ممن تساهل في الفضائل، وفي الحلال والحرام شدد بلا طائل، وإما لعدم اطلاعهم على مخرجها، وقد روي عن الربيع بن خيثم التابعي أنه قال: إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره. وقال ابن الجوزي: الحديث المنكر يقشعر منه جلد طالب العلم، فينفر منه قلبه، وذلك بأن يحصل كما قاله ابن دقيق العيد للمحدث من كثرة محاولته ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - هيبة نفسانية وملكة قوية يعرف بها ما يجوز أن يكون من الألفاظ النبوية وما لا يجوز، ومما يرد هذا ما ذكره أئمة الأصول والفقه أن الفرض لا ينوب عنه غيره، ولو أخذ بظاهره لأدى إلى فساد كبير وخلل عظيم؛ لأن الخمس صلوات إذا جبرت فائتة سبعين سنة، خرج الناس من عهدة الصلاة بخمس صلوات يصليها في آخر رمضان، سواء كانت أداء أو قضاء، كيف وقد نص الأئمة على وجوب قضاء الصلاة إجماعا، سواء فاتته بعذر أو غيره، ثم إن حملت الخمس صلوات على أنها أداء، فهذا لا معنى له لأنه واجب عليه أداؤها، وإن حملت على القضاء فهذا مناقض لغيره من الأحاديث، ولقوله تعالى {أقيموا الصلاة} إذ كيف يكون تأخير الصلاة وفعلها قضاء سببا في هذا التكفير؟ فلا يقول بذلك البشير النذير، وهذا من جملة ما يستدل به على وضع الحديث، وفي كلام ابن حجر أن مما يدل أيضا على الوضع سبر ما بأيدي الناس من الحديث، ولم يوجد في الكتب المعول عليها، والله أعلم. مطلب قراءة الفاتحة بعد الدعاء هل هي سنة أو لا، وهل قول القارئ بعد الفاتحة: للنبي أو لفلان، يستحب أو لا (سئل) عن قراءة الفاتحة بعد الدعاء هل هي سنة أم لا؟ وكثير من إذا ختم الدعاء يقول عقب الفاتحة: للنبي أو لفلان الغائب، هل يستحب أم لا؟. (أجاب) أفتى العلامة الشمس الرملي رحمه الله تعالى بأن قراءة الفاتحة عقب الصلوات لها أصل في السنة، والمعنى فيه ظاهر لكثرة فضائلها، وقراءتها في الأحوال المذكورة لا بأس بها، بل يستحب، والله أعلم. مطلب ورد عن النبي بين الجلالتين اللتين في سورة الأنعام الخ (سئل) هل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاء بين الجلالتين اللتين في سورة الأنعام وهل ورد أنهما الاسم الأعظم؟. (أجاب) روى الطبراني بسند جيد أن الدعاء مستجاب عند رؤية الكعبة، وورد مجربا في مواضع مشهورة في المساجد الثلاث، وبين الجلالتين من سورة الأنعام، وفي الطواف، وعند الملتزم، وفيه حديث مرفوع رويناه مسلسلا. انتهى. وقال كثير من العلماء أن الاسم الأعظم في القرآن مجموع الاسمين المتواليين في قوله تعالى {رسل الله الله أعلم} قال بعضهم: يستحب للقارئ إذا بلغ هذه الآية أن يقول: اللهم من ذا الذي دعاك فلم تجبه، إلى آخر الدعاء المشهور

مطلب عما ورد في البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله أو إلى آدم

ويسأل الله تعالى ما شاء، فإن حاجته تقضى بقدرة الله تعالى. مطلب عما ورد في البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله أو إلى آدم (سئل) عما ورد في صحيح البخاري من حديث خلق الله آدم على صورته، هل ضمير (صورته) راجع إلى الله تعالى أو إلى آدم كما زعم زاعم؟. (أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي في فتاواه بقوله: إن في الحديث المذكور مذهبين؛ أحدهما السكوت عن تفسيره، والثاني الكلام في معناه، واختلف أرباب المذاهب في (الها) إلى من تعود؟ على ثلاثة أقوال؛ أحدها تعود على بعض بنى آدم، ودليل ذلك» أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يضرب رجلا وهو يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه؛ فإن الله تعالى خلق آدم على صورته «وإنما خص آدم بالذكر لأنه الذي ابتدئت خلقة وجهه على هذه الصورة التي اعتيد عليها من بعده، وكأنه نبه أنك سببت لآدم لأنك من ولده، ومبالغة في زجره، فعلى هذا تكون (الها) كناية عن المضروب، ومن الخطأ الفاحش أن يرجع إلى الله تعالى، لقوله: ووجه من أشبه وجهك؛ فإنه إذا كان كذلك كان تشبيها صريحا. القول الثاني أنها كناية عن اسمين ظاهرين فلا يصح أن يصرف إلى الله تعالى؛ لقيام الدليل على أنه تعالى ليس بذي صورة، فعادت إلى آدم، ومعنى الحديث أن الله خلق آدم على صورته التي خلقه عليها تاما بنقله من نطفة إلى علقة كبنيه، هذا مذهب أبي سليمان الخطابي. القول الثالث أنها تعود على الله تعالى، وفي معنى ذلك قولان؛ أحدهما: يكون صورة ملك لأنها فعله وخلقه، والقول الثاني أن تكون الصورة بمعنى الصفة، ويكون خلق آدم على صورة صفته من العلم والحياة والقدرة والسمع والبصر والإرادة، فميزه بذلك عن جميع الحيوانات، ثم فضله وميزه على الملائكة حين أسجدهم له، والصورة هنا معنوية لا صورة تخطيط، ولا شك ولا ريب أن الحق جل وعلا منزه عن الصورة والشكل والمثل، والله تعالى أعلم. مطلب هل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يضحكه ويمازحه (سئل) هل كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يضحكه ويمازحه؟. (أجاب) نعم كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جماعة يمازحهم منهم الأعرابي الذي أخذ - صلى الله عليه وسلم - على عينيه وقال: من يشتري مني هذا؟ فقال له: إذاً لا تجد أحدا يشتريني، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: لرجلك في الميزان أثقل من أحد. وكان يقول له: أنت بادينا ونحن حاضروك. ومنهم نعيمان، كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نظر إليه لا يملك نفسه أن يضحك؛ لأنه كان مزاحا، فقد ذكر أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاري وسويط بن حرملة، وكلاهما بدري، وكان سويط على زاد أبي بكر، فجاء نعيمان وقال له: أطعمني، قال: لا حتى يأتي أبو بكر، وكان نعيمان رجلا مضحكا مزاحا فيه دعابة، وله أخبار ظريفة في دعابته، فقال سويط:

مطلب في الحديث الذي رواه أنس من قوله صلى الله عليه وسلم: وإن استعمل عليكم عبد حبشي رأسه الخ

لأغيظنك، فذهب إلى أناس، وفي رواية: فمروا بقوم فقال لهم نعيمان: أتشترون مني عبدا لي؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم: لست بعبده أنا حر؛ فإن كان إذا قال لكم هذا تتركونه فلا تشتروا عبدي ولا تفسدوه علي، قالوا: لا بل نشتريه ولا ننظر إلى قوله، فاشتروه منه بعشرة قلائص، فأقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلها، ثم قال: دونكم هو هذا، فجاء القوم له وقالوا: قد اشتريناك، فقال: هو كاذب أنا رجل حر، وفي رواية: وضعوا غاشيته في عنقه وذهبوا به ولم يسمعوا كلامه، فجاء أبو بكر فأخبروه خبره، فذهب هو وأصحابه وتبعوا القوم وأخبروهم أنه يمزح، ورد القلائص عليهم، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه الخبر، فضحك من ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حولا كاملا؛ لأن سفر أبي بكر كان قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بعام، والله تعالى أعلم. مطلب في الحديث الذي رواه أنس من قوله صلى الله عليه وسلم: وإن استعمل عليكم عبد حبشي رأسه الخ (سئل) عن الحديث الذي رواه أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي رأسه زبيبة، ما أقام فيكم كتاب الله» من تفسير الخازن أوضحوا لنا معناه. (أجاب) يدل على معنى هذا الحديث قوله تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} فإن الآية وإن لم يكن فيها عبد حبشي الخ، عمومها يشمله؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، قال البيضاوى: ويريد بهم أمراء المسلمين في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعده، ويندرج فيها الخلفاء والقضاة وأمراء السرية، أمر الناس بطاعتهم بعدما أمرهم بالعدل تنبيها على وجوب طاعتهم ماداموا على الحق، ولهذا قال في الحديث «ما أقام فيكم كتاب الله» وانظر كيف جمع الضمير في الأماكن الأربعة وأفرده في (أقام) لأن الضمير فيه للخليفة وهو لا يكون إلا واحدا بحسب الشرع، ولمطلق الحاكم وهو في ولايته واحد لا يجوز تعدده والرعايا متعددون، وقيل: المراد بأولي الأمر، هم العلماء للشرع؛ لقوله تعالى {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} أقول: الأصل هم العلماء وأمراء المسلمين، يأخذون الأقوال منهم ويعملون بها حتى يكون فعلهم على طبق الشرع القويم، وقد علم أن دين الإسلام قام بالحجة والبرهان، وهما للعلماء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف والسنان وهما * للسلطان وأعوانه، فمتى اعتمد الحكام على أقوال العلماء العاملين قاموا مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومتى أهمل السلطان العلماء قام على رجل واحدة فوهن حبله ودخل عليه عدوه من حيث لا يشعر، وهذا الحديث رواه عن أنس جماعة بزيادة ونقص، فرواه أحمد والبخاري وابن ماجه، قال القاضي عياض وغيره: أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وعلى تحريمها في المعصية للآية المذكورة،

مطلب في الحديث المروي في البخاري من حديث أبي سعيد: حياء رسول الله أشد من العذراء في خدرها الخ

ولقوله في هذه الرواية «ما أقام فيكم كتاب الله» ولما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن علي «لا طاعة لمخلوق في معصية، إنما الطاعة في المعروف» وروى أحمد والحاكم عن عمران والحكم بن عمرو القادري «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» قال العلقمي في شرح هذا الحديث: كأن رأسه زبيبة قال شيخ شيوخنا، يعنى الحافظ ابن حجر: واحدة الزبيب المعروف المأكول الكائن من العنب إذا جف، وإنما شبه رأس الحبشي بالزبيبة لتجمعها ولكون شعره أسود، وهو تمثل في الحقارة وبشاعة الصورة وعدم الاعتداد به، وقد ورد أيضا: مجدع الأطراف، أي مقطع الأطراف، ففيه من الأوصاف الذميمة كونه مسه الرق، سواء بقي على رقه كما في المتغلب أم عتق، وكونه حبشيا وكونه أسود وكونه رأسه صغيرا أسود وكونه مجدوع الأطراف، فهذه كلها تشعر بالنقص والخسة، ومع ذلك تجب طاعته لأن الخير كله في الطاعة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم أن الطاعة خير لنا من المخالفة؛ لأن ضررها أشد مخالفا حتى لو تغلب علينا عبد حبشي موصوف بما ذكر بطريق الشوكة، فإن طاعته تجب إخمادا للفتنة ما لم يأمر بمعصية، كما تقرر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - شرط لطاعته أن يقيم كتاب الله تعالى وأنى ممن يقيم كتاب الله؟ وقد وقع لي قريبا أنى رأيت رؤية هائلة هي أنى رأيت رجلين عظيمين طويلين في غاية الطول، بالملائكة أشبه، على رأس كل واحد منها كتاب عظيم، فكأن أحدهما القرآن العظيم والثاني السنة المحمدية، ومرادهما العروج بهما إلى السماء لعدم عمل الناس بهما، وأنا أبكي وأتضرع إليهما، وحولي جماعة تقول لهما: نحن نعمل بهما، ونبكي جميعا، ثم استيقظت. نسأل الله تعالى العفو والعافية من إعراض الخلق عن الشرع القويم. روى أحمد والشيخان «من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية» وقد أخرج أحمد والشيخان وابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصي الأمير فقد عصاني» فلا يقوم نظام الإسلام إلا بالطاعة، أن تطيع الحكام كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن تطيعهم الرعايا} نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين {والله تعالى أعلم. مطلب في الحديث المروي في البخاري من حديث أبي سعيد: حياء رسول الله أشد من العذراء في خدرها الخ (سئل) عن الحديث المروى في البخاري من حديث أبي سعيد في حياء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها» أن التقيد بالخدر ليس فيه كبير مدحة لأنها قد تكشف وجهها وربما تعرت، ولا حرج إذ لم يكن هناك أجنبي، فما الجواب عنه؟ (أجاب) قال صاحب المواهب بأن هذا من باب التتميم

مطلب ينبغي للعاقل أن يحذر من سرعة انقلاب قلبه

لأن العذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة منه لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها، فالظاهر أن المراد تقييده إذا دخل عليها في خدرها أحد، لا حيث تكون منفردة فيه. انتهى. والأولى أن التقييد بالخدر بمعنى ملازمته، وهي التي لا تكثر الخروج، فهي ملازمة له، وإذا كانت لم يطرق حياءها دنس أصلا ولم تمارس الأجانب، بخلاف البرزة، ويدل لذلك ما ذكره الفقهاء من أن النساء: مخدرات، وهن اللاتي لا يكثرن الخروج إلا لحاجة، وبرزات، وهن اللاتي ينزلن الأسواق ويعاملن الرجال بالبيع وغيره، فتعين التقييد بالخدر، فلو أطلق وقال: أشد حياء من العذراء؛ لصدق بصورتين كونها مخدرة وكونها برزة، وتحته صورتان مع صيانة أو خيانة، وليس المعنى على الكون في الخدر بل المعنى على المخدرة وإن برزت في بعض الأوقات لحاجة، كحمام وزيارة قريب وإعادة مريض ونحوه، ويخرج على أن الجار والمجرور بعد المعارف حال، ولكن الألف واللام هنا للجنس، فيصح الحال، والمعنى حال كونها في ملازمة الخدر ولم تصر برزة، ويصح الوصف؛ لأنها في معنى النكرة، ولم يرد بذلك عذراء بعينها، وإنما أراد العذراء الموصوفة بالخدر الملازمة له، ولم تخرج عنه لغيره، والمعنى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من عذراء مخدرة لا من مطلق عذراء، ولا من عذراء برزة، وسواء كانت العذراء الموصوفة بكونها في خدرها موجودة فيه أو خارجة عنه؛ لأنها وإن خرجت هي باقية على التخدير لأنها من جملة المخدرات، وحياؤهن أشد من غيرهن كما هو مشاهد، والمراد ما من شأنهن الخدر أي أنها من أهله وصاحبته وملازمته، والله تعالى أعلم. مطلب ينبغي للعاقل أن يحذر من سرعة انقلاب قلبه (سئل) عن معنى قول العلامة ابن حجر المكي في شرح الأربعين في الحديث السادس: ومن ثم قيل: ينبغي للعاقل أن يحذر من سرعة انقلاب قلبه؛ فانه ليس بين القلب والقلب إلا التفخيم. ما معنى ذلك؟. (أجاب) المعنى ليس بين القلب بمعنى الانقلاب، والقلب بمعنى المضغة المودعة اللطيفة الربانية المسماة علما، باعتبار الانكشاف، وحياة باعتبار النمو، وروحا باعتبار الانتشار، وعقلا باعتبار التصريف في الكليات والجزئيات والميل إلى الكمالات، إلا التفخيم، بمعنى التعظيم لجانب الربوبية من حيث ما ورد عليه من الملكوتية، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء، وإن لم يكن هذا التفخيم بمعنى التعظيم، كان ذلك المعنى نفسا أمارة تنقلب مع هواها وتسعى في رداها، فالمعنى الأول مشار له بمنطوق قوله - صلى الله عليه وسلم - «احفظ الله يحفظك» أي بالمراقبة والوقوف مع الحدود، والثاني مشار له بالمفهوم، أي إن لم تراقب مولاك وكلك إلى هواك فانقلبت إلى غيك وضلالك الأصلي الذي عليه طبعت، والله تعالى أعلم. مطلب قول الشيخ الأكبر إذا خاطب الله عبده بأن لم تتق الله جهلته وإن اتقيته كنت به أجهل الخ (سئل) عن

قول الشيخ الأكبر فيما لو أوقف الله تعالى من عباده من شاء بين يديه وخاطبه بما له وعليه، فقال له: إن لم تتق الله جهلته وإن اتقيته كنت به أجهل، ولا بد لك من إحدى الخصلتين، فلهذا خلقت لك الغفلة حتى تتعرى عن حكم الضدين؛ لأنه بدون الغفلة يظهر حكم أحدهما، فاشكر الله تعالى على الغفلة والنسيان، فقد سألنا هذه المسئلة رجل عزيز يرجو شرحها وتفصيلها. (أجاب) أعلم زادك الله توفيقا وبحثا عن الدقائق أن هذا السؤال ظاهر لمن شرح الله صدره للإيمان والإسلام، فقوله: إن لم تتق الله جهلته؛ أي من كل وجه واعتبار، ولهذا سمي من كان قبل الإسلام جاهليا، ولم يكلفوا بشرائع لقوله {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} فمن لم يتق الله فقد أعرض عنه بكل حال وجهله من كل الأوجه، حتى من وجه الإنعام والإكرام والخلق والرزق والإحياء والإماتة والثواب والعقاب، وذلك لتراكم الظلمات بعضها فوق بعض عليه، من بواعث النفس والهوى المضل والشيطان المغوي وحب العاجل المردي، وهو المشار إليه بقوله تعالى {صم بكم عمي فهم لا يعقلون}} كلا بل ران على قلوبهم {} وطبع على قلوبهم {\30 أم على قلوب أقفالها} وقوله: إن اتقيته؛ أي إن أردت بتقواك الوصول إلى الكنه والحقيقة كنت به أجهل؛ لأن ذلك محال في الدنيا بل وفي الأخرى، وطلب المحال أبلغ من الجهل وإنما المراد من التقوى أمور؛ إما ملاحظة كمال الذات وما لها من جميل الصفات، فيتقي وإن انتقم تعالى منه، وهذا مقام المقربين، وإما ملاحظة النعم الصادرة منه تعالى بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وسائر النعم، وهذا مقام الرابحين، وإما ملاحظة الأمر والنهي وما يترتب عليهما من ثواب وعقاب، وهذا مقام الخائفين، فلا بد للإنسان إما من الجهل المعمي المصم المبكم، فلا يتقي أصلا، وإما يتقي الذات بمعنى الوصول إلى الكنه والحقيقة، وهذا محال أبلغ في الجهل لأنك حادث بكل وجه واعتبار، ومولاك قديم بذاته وصفاته، فلا جامع بينك وبينه بوجه، ولهذا خلقت لك الغفلة لتتعرى عن حكم الضدين؛ أي الجهل المعمي المصم الخ، وطلب الوصول إلى الكنه والحقيقة، فاشكر الله تعالى على الغفلة والنسيان اللذين لم يوقعاك في شيء من الأمرين المذكورين، فلهذا قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} والله تعالى يعبد في حال التكليف أي حالا لا غفلة فيه ولا نسيان، إما تعظيما لذاته وإن انتقم وإما مقابلة لإنعامه كما هو عادة الكريم، أن يجازي على الكرم، وإما طمعا في إحسانه ومخافة عقابه، كما هو شأن الحيوان، كالحمار ونحوه، فتأمل شرح الله تعالى صدرك، فهذه إشارة من فيض بحر وعبارة، ووراء ذلك ما يحيل عن درك الأذهان، وثم وراء النقل علم يدق عن مدارك أرباب العقول السليمة، ولا تخفى

مطلب سئل أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة نافع ثم عاصم الخ

في أزيد من ذلك لأني أخاف عليك، والله الهادي المرشد للصواب. مطلب سئل أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة نافع ثم عاصم الخ (سئل) في عبارة منسوبة إلى الإمام أحمد بن حنبل وصورتها: قال في التذكرة: قال صالح بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة نافع، قلت: فإن لم تجد؟ قال: قراءة عاصم. قال صاحب الكشف: فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سند وأفصحها في العربية. (أجاب) أصحها سندا، هذا بناء على قول ذهب إليه بعض أهل الحديث أنه يقال: السند الفلاني أصح، والأصح عندهم لا يقال ذلك لأن المراد على وجود الشروط المعتبرة عندهم للصحيح، على أن المعتبر هنا هو المتواتر الذي هو أقوى من الصحيح، وهذا علامته حصول العلم عقبه، فكل قراءة رواها جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وهذا موجود في جميع القراءة، ولا يلزم منه أن القراءات نسبت لإمام واحد فقط؛ لأن ذلك بحسب الاشتهار، وقول الإمام: أحب إلي، لا ينافي ما قررناه؛ لأن الأحبية بحسب الإلف أو الأخذ أو أصحية الإمام لوصف قام به، والمنازعة إنما هو في التعليل؛ فإنه لا يقال في قراءة إمام من السبع بعد تواترها: إن غيرها أصح منها؛ لأن مرجع التواتر القطع ومرجع الأصحية الظن، وبينهما تناف، ولا يقال في كلام رب العالمين: هذا أصح وهذا غير أصح؛ لثبوت القطع لجميع القراءات حتى ما كان من أوجه الأداء، كالمد والإمالة وتسهيل الهمز، وغير ذلك مما يقع فيه الخلاف بين الأئمة، فتأمل، والله أعلم. مطلب فرق الإسلام المتشعب عنها الكرام أو اللئام ما هي الخ (سئل) عن أصول فرق الإسلام المتشعب عنها الكرام واللئام ما هى؟. (أجاب) عنها نظما بقوله ... أن أصل الضلال قد جاء قطعا في أصول حوته ضلالا بديعا ... في اعتزال وشيعة وخوارج والمرجى بخا جبر شنيعا ... والمشبه ومن عداها فناج أهل حق فكن لقولي سميعا والله تعالى أعلم. مطلب هل للحسبة أصل في السنة (سئل) هل للحسبة أصل من السنة؟ وهل اتخذ - صلى الله عليه وسلم - أحدا من الصحابة محتسبا؟ (أجاب) نعم استعمل - صلى الله عليه وسلم - سعد بن أبي وقاص بعد الفتح على سوق مكة، واستعمل عمر بن الخطاب على سوق المدينة، وهذا هو المسمى الآن بالحسبة ومولاها بالمحتسب، ففي أصلها خصلة شريفة لأنها لضبط أحوال السوق في البيع والشراء والمعاملات والموازين والنقود والعقود والحرف والصنائع، وإن كانت الآن مبتدعة لا يتولاها إلا الأخساء لتعاطيهم لظلم وأخذ أموال الناس بالباطل وعدم سؤالهم عما تقدم وإنما قصدهم الأخذ من الأموال فقط، قال في الروض وشرحه لشيخ الإسلام: وعلى الإمام أن ينصب محتسبا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان لا يختصان بالمحتسب، فيتعين

مطلب هل كان له صلى الله عليه وسلم ظل إذا مشى

عليه الأمر بصلاة الجمعة إذا اجتمعت شروطها، وكذا بصلاة العيد وإن قلنا أنها سنة لأن الأمر بالمعروف هو الأمر بالطاعة، ولا يأمر المخالفين له في المذهب بما لا يجوزونه، ولا ينهاهم عما يرونه فرضا عليهم، ويأمر المسلمين بالمحافظة على الفرائض والسنن ولا يعترض عليهم في تأخيرها والوقت باق؛ لاختلاف العلماء في فضل تأخيرها، ويأمرهم فيما يعم نفعه كعمارة سور البلد وشربه ومعونة المحتاجين من أبناء السبيل وغيرهم، ويجب ذلك من بيت المال إن كان فيه مال، وإلا فعلى من له مكنة، وينهى الموسر عن مطل الغريم إن استعدى؛ أي استعداه الغريم عليه، ولو قيل أنه ينهاه من حيث المعصية وإن لم يستعد، لم يكن بعيدا. وينهى الرجل عن الوقوف مع المرأة في طريق خال لأنه موضع ريبة، فينكر عليه ويقول له: إن كانت محرمك فصنها عن مواقف الريب، وإلا فخف الله تعالى من الخلوة معها، ويأمر بنكاح الأكفاء وإيفاء العدد والرفق بالمماليك وتعهد البهائم، وينكر على من تصدى للتدريس والفتوى والوعظ وليس هو من أهله، ويشهر أمره لئلا يغتر به، وينكر على من أسر في صلاة جهرية أو زاد في الأذان، وعكسهما، ولا يطالب الدائن بحق قبل الاستعداء من ذي الحق عليه، ولا يحبس للدين ولا يضرب عليه، وينكر على القضاة إذا احتجبوا عن الخصوم أو قصروا في النظر في الخصومات، وعلى أئمة المساجد المطروقة إن طولوا الصلاة، كما أنكر - صلى الله عليه وسلم - على معاذ ذلك، ويمنع الخونة من معاملة النساء لما يخشى فيها من الفساد. ولا يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمسموع القول بل عليه - أي على كل مكلف - أن يأمر وينهى وإن علم بالعادة أنه لا يفيد، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فلا يسقط ذلك عن المكلف هذا العلم؛ لعموم خبر «من رأى منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» والله تعالى أعلم. مطلب هل كان له صلى الله عليه وسلم ظل إذا مشى (سئل) هل كان - صلى الله عليه وسلم - له ظل إذا مشى؟ وما سر ذلك؟. (أجاب) لم يكن له - صلى الله عليه وسلم - ظل أصلا، كما نص على ذلك، وسر ذلك أن ذاته الشريفة نورانية لا كثافة فيها أصلا، فلم يظهر لها ظل كما وقع في بعض الأوهام أن الظلال تحكي قدم وجود النفوس، كما وقع لبعض مدعي الفضل وهو منه بريء؛ لأنه باطل لأنا لا نقول بقدم النفوس بل الكل حادث من النفوس والأجسام والأعراض، وهذا يقتضي قدم نفوس غير الأنبياء وحدوث نفوسهم، وذلك باطل بالعقل والنقل، قال صاحب الهمزية: ... شمس فضل تحقق الظن فيه أنه الشمس رفعة والضياء ... فإذا ما ضحى محى نوره الظلـ ـل وقد أثبت الظلال الضحاء

أي أنه - صلى الله عليه وسلم - شمس فضل يستمد من فضله أرباب الفضائل، صار الظن فيه محققا، وأن ذاته بالنسبة إلى ذواتهم الشمس رفعة في الرتبة، وأن نوره بالنسبة إلى أنوارهم الضياء المفيض تلك الأنوار عليهم، فبسبب أن ذاته الشمس ونوره الضياء اختص من غيره بأنه إذا ما ضحى محى نوره الظل؛ أي ظل ذاته الكريمة، والحال أنه قد أثبت الظلال للذوات الضحاء، وما ذكرناه من حمل الظل في كلامه على ظل ذاته الكريمة هو الموافق للمنقول في سيرته الشريفة، وفهم الناظم رحمه الله تعالى أن المراد به ظل ذاته وغيرها، وأن نوره يمحو كل ظل، فمن ثم أجاب عما يرد على ذلك من أن الغمامة أظلته قبل النبوة، وكأن الغمامة بقاء ظلها مع نوره استودعته أي استودعت النبي - صلى الله عليه وسلم - من أظلتهم من ظله - صلى الله عليه وسلم - الرفقاء؛ أي رفقاءه أي إخوانه من المرسلين، والمراد بمن أظلتهم المرسلون من ظله أممهم المؤمنون بهم وبإظلالهم لهم إدخالهم تحت ظلهم المعنوي الذي هو من ظله - صلى الله عليه وسلم - فإن شرائعهم المبعوثين بها هي شرائعه وهم نوابه فيها، وحاصل الجواب أن بقاء ظلها مع نوره استيداعها؛ أي استحفاظها إياه - صلى الله عليه وسلم - للموجودين من الأمم السابقة؛ لأنهم مأمورون باتباعه - صلى الله عليه وسلم - وقد أخذ عليهم أنبياؤهم لئن أدركوه ليؤمنن به وليحفظنه ولينصرنه من الأعداء، كما وقع لبحيرا الراهب، وقال في تائيته السبكي: لقد نزه الرحمن ظلك أن يرى ... على الأرض يلقى فانطوى كمزية وأثر في الأحجار مشيك ثم لم ... يؤثر برمل أو ببطحاء مكة قال شارحها المحلي: قيل: إنه - صلى الله عليه وسلم - لا يقع ظله على الأرض تشريفا؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان نورا شريفا روحانيا، وجسما لطيفا نورانيا، والنور لا ظل له كما أن الملائكة عليهم السلام حالين بين أظهرنا لا ينكر ذلك عاقل، ولذلك لا نراهم ولا نرى لهم ظلا للطافتهم ونورانيتهم؛ لأنهم خلقوا نورا صرفا. وقيل: بل تكرما لذاته الشريفة أن يوطأ ظلها بالأرجل ولا يمتهن، وشبه هذا ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان مسافرا يسايره يهودي، فلما أراد المفارقة قال عبد الله بن عمر لليهودي: بلغني أنكم تدينون بإيذاء المسلمين، فهل قدرت على شيء من ذلك؟ وأقسم عليه، فقال له اليهودي: إن أمنتني أخبرتك، فقال له: قد فعلت، فقال له: لم أقدر عليك بأكثر من أني كنت إذا رأيت ظلك وطئته بقدمي وفاء بأمر ديننا. وقيل: بل كانت الغمامة تظله - صلى الله عليه وسلم - فلا يرى له ظل. وعن النيسابوري: إنما لم يكن له ظل لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يكتب، وهو نبي؛ أي لم يقع ليده الكريمة ظل على اسم

مطلب هل ورد حديث أنا جد كل تقي أم لا

الله تعالى بعد التخلق بما ينبغي له التخلق به من أسماء الله تعالى، فرفع الله تعالى ظله أن يقع على الأرض. وقيل غير ذلك. وأما كونه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤثر مشيه في الأحجار ولا يؤثر في الرمل، قيل: كان ذلك ليلة دعائه - صلى الله عليه وسلم - إلى غار ثور، كان إذا وضع قدمه على الرمل يقول لأبي بكر رضي الله عنه: ضع قدمك موضع قدمي، فإن الرمل لا ينم عليه، وكان طريقه - صلى الله عليه وسلم - أكثرها رملا، فأراد الله تعالى إخفاء أثر سيره في مسيره ليتحير المشركون في طلبه ويرجعوا بسوء منقلبهم. وقيل غير ذلك. وأما الحجر فكان يلين لمكان قدميه - صلى الله عليه وسلم - ليكون شاهدا لتشريفه بمروره عليه، ويشبه هذا أن وليا من أولياء الله تعالى طاف بالكعبة فسمع أحجار المطاف يفتخر بعضها على بعض ويقول ما معناه: قد تشرفت بوطء أقدام ولي الله تعالى في عبادته وملامسة جسده لجسدي. وقيل: بل يلين الحجر ليكون فيه سمة وعلامة ينجو بها دون غيره من الأحجار من نار وقودها الناس والحجارة. وفي بعض الآثار أن نبيا من الأنبياء صلى الله على سيدنا محمد وعليهم وسلم، مر بحجر يخرج منه الماء فسأل ربه عن ذلك فأنطق الله تعالى له الحجر فقال: منذ سمعت أن لله تعالى نارا وقودها الناس والحجارة، وأنا أبكي بهذا الدمع خوفا من تلك النار، فاشفع لي عند ربك، فشفع له فشفع فيه، ثم بشره بقبول الشفاعة فيه وتركه مدة، ثم مر به ذلك النبي فوجد الماء يخرج من الحجر فقال له عليه الصلاة والسلام: ألم أبشرك أن الله تعالى أنجاك من النار، فما هذا الماء؟ فقال: يا نبي الله ذاك بكاء الخوف والخشية وهذا بكاء الفرح والمسرة. ولا يبعد أن يتفق ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن هذه الآية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يبعد أن يكون نزل معناها على بعض المرسلين، صلى الله عليهم وسلم. وقيل أنه لان الحجر لقدمه - صلى الله عليه وسلم - حياء من أن يستقسى أو يتصلب على شريف قدميه، صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل إظهارا لقوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وشدة بأسه، فلا يثبت لبطشه الحجر فكيف أجساد البشر. وقيل: في لين الصخر لقدميه - صلى الله عليه وسلم - إشارة إلى أن يكون الكفار أقسى من صم الأحجار، وأن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وقلوب الكفار قاسية جافلة غليظة غلف التفظيع عليها ختم الله تعالى عليها غشاوة عليها حجاب إلا إذا أدركتها العناية فألحقتها بأهل الهدايه فأزالت الموانع ومنعت العوائق، فوقع عليها إكسير الرضا فصير الزئبق ذهبا والمدر جواهرا، والله تعالى أعلم. مطلب هل ورد حديث أنا جد كل تقي أم لا (سئل) هل ورد حديث: أنا جد كل تقي؟. (أجاب) هذا الحديث بهذا اللفظ المذكور لم يرد، ولكن روى أنس رضي الله عنه قال:» سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من آل محمد؟

مطلب آية الكرسي ربع القرآن

فقال: كل تقي من أمته «ولفظ الديلمي «آل محمد كل تقي، ثم قرأ: {إن أولياؤه إلا المتقون}» وقوله - صلى الله عليه وسلم - «إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين» والله أعلم. مطلب آية الكرسي ربع القرآن (سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: آية الكرسي ربع القرآن، ما الحكمة من ذلك؟. (أجاب) إنما كانت ربع القرآن لاشتماله على التوحيد والنبوات وأحكام الدارين، وآية الكرسي ذكر فيها التوحيد، فهي ربعه بهذا الاعتبار، والمراد أن ثواب قراءتها يعدل قراءة ربع القرآن، وفي حديث أنها سيدة القرآن؛ أي من حيث دلالتها على الصانع تعالى وعلمه وقدرته، والله أعلم. مطلب آية ما بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح الخ (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - «آية ما بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح، لا يستطيعونهما»؟. (أجاب) يعنى أن المؤمن يحضر الجماعة لصلاة العشاء والصبح ويفعلهما بنشاط وانبساط بغير كلفة في حضور المسجد لصلاتهما جماعة، وأما المنافق فيراهما ثقيلين فلا يستطيع فعلهما بخفة ونشاط، كما يوضح ذلك حديث الشيخين «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والصبح» وذلك لأن العشاء وقت الاستراحة، والصبح وقت لذة النوم صيفا وشدة البرد شتاء، وأما المتمكنون في إيمانهم فتطيب لهم هذه المشاق لنيل الدرجات؛ لأن نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلة ذلك، تستخف لأجله المشاق وتستلذ بسببه المتاعب، كما تعتقد في ذلك من الفوز العظيم بالنعيم المقيم والخلاص من العذاب الأليم، ومن طاب له شيء ورغب فيه حق رغبته احتمل شدته ولم يبال بما يلقى من مؤنته، ومن أحب شيئا حق محبته أحب احتمال محنته حتى إنه ليجد بتلك المحنة ضروبا من اللذة. ألا ترى أن جاني العسل لا يبالي بلسع النحل لما يتذكر من حلاوة العسل؟ وكذلك الأجير لا يعبأ بارتقاء السلم الطويل مع الحمل الثقيل طول النهار؛ لما يتذكر من أخذ الأجرة آخر النهار، وكذلك الفلاح لا يتكدر بمقاساة الحر والبرد ومباشرة المشاق والكد طول السنة؛ لما يتذكر من أوان الغلة، فكذلك المؤمن المخلص إذا تذكر الجنة في طيب مقيلها وأنواع نعيمها، هان عليه ما يتحمله من مشقة هاتين الصلاتين وحرص عليهما، بخلاف المنافق، والله تعالى أعلم. مطلب آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر الخ (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر مع أنه نهى عن التطير؟. (أجاب) قال السهيلي: نحوسة يوم الأربعاء على من تشاءم وتطير، بأن كان عادته التطير، وتلك صفة من قل توكله، فذلك الذي يضره نحوسته في تصرفه فيه، أما من اعتقد أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله تعالى، فليس هو بنحس عليه، ويجوز كون الأربعاء نحس على طريق التخويف والتحذير؛ أي احذروا ذلك اليوم لما نزل فيه من العذاب وكان فيه من الهلاك

مطلب أبعد الناس من الله تعالى يوم القيامة القاص

وحدود الله تعالى قوية، خوف أن يلحقكم فيه نكد وبؤس، كما وقع لمن قبلكم. وقال في البحر: وليس في قوله: نحس، على جهة الطيرة، وكيف يريد ذلك والأيام كلها لله تعالى، وقد جاء في تفضيل بعض الأيام على بعض أخبار كثيرة، وهو من الفأل الذي يحبه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأما الطيرة فيكرهها - صلى الله عليه وسلم - وليست من الدين، بل من فعل الجاهلية، وأما حمل الحديث على الأربعاء الذي أرسل فيه الريح على قوم عاد بخصوصه فمنافر للسياق، مع أنه لا يلزم من تعذيب قوم فيه كونه نحسا على غيرهم، وحمله على أنه نحس على المفسدين لا على المصلحين، والحاصل أن توقي يوم الأربعاء على وجه الطيرة وظن اعتقاد المنجمين، حرام شديد التحريم؛ إذ الأيام كلها لله تعالى لا تضر ولا تنفع بذاتها، وبدون ذلك لا خير ولا محذور، ومن تطير أحاطت به نحوسته، ومن أيقن أنه لا يضر ولا ينفع إلا الله تعالى لا يؤثر فيه شيء، وقال الشاعر: فتعلم انه لا طير إلا ... على متطير وهو الشرور والله أعلم. مطلب أبعد الناس من الله تعالى يوم القيامة القاص (سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: أبعد الناس من الله يوم القيامة القاص الذي يخالف إلى غير ما أمر به، ما معنى ذلك؟. (أجاب) معرفة القاص الذي يأتي بالقصص ويتبع ما حفظ منها شيئا فشيئا، وقيل: القص: تتبع أثر الوقائع والأخبار، والمعنى أيضا الذي يخالف قوله فعله، ويعدل إلى غير ما أمر به من التقوى والاستقامة، والمراد به من يعلم الناس العلم ولا يعمل به، ومن هو كذلك لا ينتفع بعلمه غالبا، قال تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} وقال تعالى: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وأوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم أن عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستح مني. وإذا لم يعمل العالم بعلمه زلت موعظته من القلوب كما يزل القطر عن الصفا، فحق الواعظ أن يتعظ ثم يعظ ويهتدي ثم يهدي ويبصر ثم يبصر، ولا يكون دفترا يفيد ولا يستفيد، ومنزلة الواعظ من الموعوظ كالمداوي من المداوى، وإذا قال الطبيب للناس: لا تأكلوا كذا فإنه سم، ثم رأوه يأكله يصير كلامه سخرية وهزوا، فلا أحد يعبأ بكلامه، كذا الواعظ من الموعوظ، والله أعلم. مطلب أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم الخ (سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم - «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» ما المراد بالألد الخصم؟. (أجاب) الألد هو شديد الخصومة بالباطل، والخصم: المولع بالخصومة الماهر فيها الحريص عليها المتمادي في الخصام بالباطل، لا ينقطع جداله، وهو يظهر أنه على الحسن الجميل، ويوجه لكل شيء من خصامه وجها ليصرفه عن إرادته من القباحة ويزين شقشقة الباطل، بحيث صار ذلك عادته وديدنه، ومنه قوله تعالى: {لتنذر به قوما لدا} والله أعلم. (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا مررتم بأهل الشره

مطلب معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء

فسلموا عليهم، تطفى عنكم شرتهم ونائرتهم؟. (أجاب) يعنى: إذا مررتم بأهل الفساد والفسق إن سلمتم عليهم تخمد عنكم شرهم ونايرتهم؛ أي عداوتهم وفتنتهم، وذلك لأن السلام أمان، فإذا سلمت وردوا فبردهم حصل الأمان منهم، وأن السلام عليهم يؤذن بعدم احتقارهم، فيكون سببا لسكون شرهم، وقال لقمان لابنه: يا بني إذا مررت بقوم فارمهم بسهام الإسلام؛ أي السلام، والله تعالى أعلم. مطلب معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - «ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء»؟. (أجاب) المعنى: ارحم خلق الله تعالى الذين على وجه الأرض من آدمي ووحش وطير وناطق ومبهم وبر وفاجر، يرحمك من أمره نافذ في السماء؛ لأنه تعالى لا يحل في مكان، والمعنى أيضا: ارحموا من في الأرض شفقة، يرحمكم الله تعالى تفضلا، وإنما ينسب إلى السماء لعلوها وارتفاعها أو لأنها قبلة الدعاء. روي: إن العبد ليقف بين يدي الله تعالى، فيطول وقوفه حتى يصيبه من ذلك كرب شديد، فيقول: يا رب ارحمني اليوم، فيقول له: هل رحمت شيئا من خلقي من أجلي فأرحمك؟ وفيه ندب إلى العطف على جميع أنواع الحيوان، وأهمها وأشرفها الآدمي المسلم. وقال وهب: من يرحم يرحم، ومن يصمت يسلم، ومن يجهل يغلب، ومن يعجل يخطئ، ومن يحرص على الشر لا يسلم، ومن يكره الشر يعصم. وقال عيسى عليه السلام: لا تنظروا في عيوب الناس كأنكم أرباب، انظروا فيها كأنكم عبيد، إنما الناس مبتلى ومعافى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية. ورؤى الغزالي في النوم فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه وقال: بم جئتني؟ فذكرت أنواعا من الطاعات، فقال: ما قبلت منها شيئا، لكنك جلست تكتب فوقفت ذبابة على القلم فتركتها تشرب من الحبر رحمة لها، فكما رحمتها رحمتك؛ اذهب فقد غفرت لك، والله تعالى أعلم. مطلب ما معنى استح من الله تعالى استحياءك من رجلين الخ (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - «استح من الله استحياءك من رجلين من صالحي عشيرتك»؟. (أجاب) المعنى بأن تعظم الله تعالى وتحذر من أن يراك حيث نهاك ويفقدك حيث أمرك، كما تستحي أن تفعل ما تعاب به بحضرة جمع من قومك، وذكر الرجلين لأنهما أقل الجمع والإنسان يستحي من فعل القبيح بحضرة الجماعة أكثر، وخص عشيرته لأن الإنسان يستحي من المعارف أكثر من الأجانب، وقد مثل به تقريبا للأفهام، والمقصود أن حق الحياء منه أن لا يذكر العبد معه غيره ولا يتكل على أحد سواه، ولا يشكو إلا إليه، والله أعلم. مطلب استرشدوا العاقل ترشدوا (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوا فتذموا؟ (أجاب) المعنى: اطلبوا الإرشاد من كامل العقل يحصل لكم الرشد والسداد ولا تخالفوه فيما يرشدكم إليه من

مطلب أشد الناس بلاء في الدنيا نبي أو صفي الخ

الرأي فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، وقد أمر الله تعالى نبيه بالاستشارة مع كونه أرجح الناس عقلا، فقال تعالى: {وشاورهم في الأمر} وأثنى على فاعلها في قوله: {وأمرهم شورى بينهم} وقال بعض الحكماء: من استعان بذوي العقول فاز بدرك المأمول. وقيل لرجل من بنى عبس: ما أكثر صوابكم، فقال: نحن ألف رجل فينا حازم ونحن نطيعه، فكأننا ألف حازم. فيتعين على العاقل أن يسترشد إخوان الصدق الذين هم ضياء القلوب، ولا يستشير امرأة لأن طاعة النساء ندامة، والله أعلم. مطلب أشد الناس بلاء في الدنيا نبي أو صفي الخ (سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم - «أشد الناس بلاء في الدنيا نبي أو صفي» ما الحكمة في عذاب أحبابه؟. (أجاب) الحكمة في ذلك لأجل تصفيته، ألا ترى إذا كان عند أحدكم فضة وفيها غش، هل تستقيم على حال؟ فإذا صفاها استقامت، وكذلك الآدمي لأنه خلق من طين وشأن الطين أن لا يخلو من الكدر إلا بعد معاناة شديدة، قال القرطبي: أحب الله تعالى أن يبتلي أصفياءه؛ تكميلا لفضلهم ورفعة لدرجاتهم عنده، وليس ذلك نقصا في حقهم ولا عذابا، بل كمال رفعة مع رضائهم بجميل ما يجريه الله تعالى عليهم. وقال الجيلاني إنما كان الحق يديم على أصفيائه البلاء والمحن ليكونوا دائما بقلوبهم في حضرته لا يغفلوا عنه؛ لأنه يحبهم ويحبونه، فلا يختارون الرخاء لأن فيه بعدا عن محبوبهم، وأما البلاء فقيد للنفوس يمنعها من الميل لغير المطلوب وتنكسر به القلوب، وأيضا لتتضاعف أجورهم ولتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم، فيقتدى بهم، ولئلا يفتتن الناس بدوام صحتهم فيعذبونهم، ولأن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر فبلاؤه أشد، كما ورد «يبتلى الرجل على حسب دينه» أي بقدر قوة إيمانه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه. وقيل أن الدودة كانت تقع من جسد أيوب عليه السلام فيعيدها إلى محلها، ويقول لها: كلي من رزق الله حتى يفرج الله. ومن ظن أن شدة البلاء هوان بالعبد، فقد ذهب لبه وعمي قلبه، فقد ابتلي من الأكابر ما لا يحصى ز ألا ترى إلى ذبح نبي الله يحيى بن زكريا، وقتل الخلفاء الثلاثة والحسين وابن الزبير، وقد ضرب أبو حنيفة وحبس ومات بالسجن، وجرد مالك وضرب بالسياط، وجذبت يده حتى انخلعت من كتفه، وضرب أحمد بن حنبل حتى أغمي عليه وقطع من لحمه وهو حي، وأمر بصلب سفيان فاختفى، ومات البويطي مسجونا في قيوده، ونفي البخاري من بلده، وغير ذلك مما وقع لمثل هؤلاء السادات، ومع ذلك فإنهم صبروا صبر الكرام لأجل الثواب، ولقد كان أحدهم يبتلى بالفقر الذي هو قلة المال حتى ما يجد إلا العباءة يخرقها في عنقه ويراها مع ذلك من أعظم النعم عليه؛ لعلمه بأن المال ظل زائل وعارية مستردة، وليس في كثرته فضل،

مطلب اتقوا القدر فإنه شعبة من النصرانية الخ

ولو كان فيه فضيلة لمنحه لأوليائه، وقد كان أكثر الأنبياء - مع ما خصهم به من كرامته وفضله على خلقه - فقراء جدا لا يقدرون على شيء، ولقد كان أحدهم يبتلى بالقمل فيأكل من بدنه حتى يقتله، وإن أحدهم كان أشد فرحا بالبلاء أكثر من فرح غيره بالعطاء؛ لأن المعرفة كلما قويت بالمبتلى هان عليه البلاء، ولا يزال يرتقي في المقامات حتى يتلذذ بالضراء أعظم من التذاذه بالسراء، ويعد عدم الضراء مصيبة، والله تعالى الموفق والهادي للرشاد. مطلب اتقوا القدر فإنه شعبة من النصرانية الخ (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - اتقوا القدر فإنه شعبة من النصرانية؟. (أجاب) يعنى احذروا إنكار القدر، ويجب عليكم أن تعتقدوا أن ما قدر في الأزل لا بد من وقوعه، وأن الله تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق، وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره، خالق كل شيء، والمراد: احذروا الخوض في القدر. قال أبو الليث: إن استطعت أن لا تخاصم في القدر فافعل، فإن الشارع نهى عن الخوض فيه، فكما أن الخوض في ذلك البحر المتلاطم أمواجه والغوص في جوف الليل منهي عنه، فكذا الجدال فيه؛ إذ لا يخلو عن الخلل، ولأنه شعبة من النصرانية؛ أي فرقة من فرق دين النصرانية لأن المعتزلة الذين هم القدرية أنكروا إيجاد البارئ سبحانه وتعالى فعل العبد، فجعله بعضهم كالجبائية غير قادر على عينه، وجعلوا العبد قادرا على فعله، فهذا إثبات للشريك كقول النصارى، فالإيمان والكفر من فعل العبد لا من فعل الرب، وبذلك كفرهم وإنما كانت القدرية مجوس هذه الأمة لأن طائفة منهم يقولون: الخير من الله والشر من العبد، فهم أشبه بالمجوس، والله أعلم. مطلب أجملوا في طلب الدنيا فإن كلا ميسر لما كتب له (سئل) ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -» أجملوا في طلب الدنيا فإن كل ميسر لما كتب له منها «؟. (أجاب) المعنى: اطلبوا الرزق طلبا جميلا بأن ترفقوا وتحسنوا السعي في نصيبكم منها بلا كد ولا تعب ولا تكالب وشقاق، وأن لا يطلب الدنيا بحرص وقلق وشره ووله، حتى لا ينسى ذكر ربه، ولا يتورط في شبهة، فيدخل فيمن أثنى الله تعالى عليهم بقوله: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} ولأن كل أحد من الخلق ميسر ومهيأ لما قدر له من الرزق، فالمقدر له يأتيه ولا بد؛ فإن الله تعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص، بحسب عمله الأزلي، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أجملوا، وما قال: اتركوا؛ إشارة إلى أن الإنسان وإن علم أن رزقه المقدر له لا بد منه لكن لا يترك السعي، فإن من عوائد الله تعالى تعليق الأحكام بالأسباب، وهو وإن كان قادرا على إيجاد الأشياء اختراعا وابتداء لا بتقدير سبب وسبق علة بأن يشبع الإنسان بلا أكل ويرويه بغير شرب وينشئ الخلق بلا جماع، لكنه أجرى حكمته أن الشبع

مطلب أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها الخ

والري والولد يحصل عقب الأكل والشرب والجماع، فلهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: أجملوا؛ إيذانا بأنه وإن كان هو الرزاق لكنه قدر حصوله بنوع سعي ورفق وحالة من الطلب جميلة، والله أعلم. مطلب أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها الخ (سئل) عن قوله - صلى الله عليه وسلم - «أحب البلاد إلى الله مساجدها وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» ما معنى ذلك؟. (أجاب) أما المساجد فلأنها بيوت الطاعة وأساس التقوى ومحل تنزلات الرحمة، وأما الأسواق لأنها مواطن الغفلة والحرص والغش والفتن والطمع والخيانة، والإيمان الكاذبة والأغراض العامة القاطعة عن الله تعالى. وقال الطيبي: تسمية المساجد والأسواق بالبلاد خصوصا تلميح إلى قوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} وذلك أن وراد المساجد رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وقصاد الأسواق شياطين الجن والإنس من الغفلة والشدة والحرص، وذلك لا يزيد إلا بعدا من الله تعالى، اللهم إلا من يغدو إلى طلب الحلال الذي يصون به دينه وعرضه، {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وقال جمع: المراد بمحبة المساجد ما يقع فيها من القرب، وببغض الأسواق بغض ما يقع فيها من المعاصي، مع ما غلب على أهلها من استيلاء الغفلة على قلوبهم وشغل حواسهم بما وضع لهم من التدبير، فإليه ينظرون وإليه يطلبون، والأسواق معدن النوال ومظان الأرزاق والأفضال، وهي مملكة وضعها الله تعالى لأهل الدنيا يتداولون فيها، لكن أهل الغفلة إذا دخلوها تعلقت قلوبهم بهذه الأسباب، فاتخذوها دولا، فصارت عليهم فتنة، فكانت أبغض البقاع من هذه الجهات، وإلا فالسوق رحمة من الله تعالى، جعله معاشا لخلقه يذر عليهم أرزاقهم فيها، ولو لم تكن ذلك لاحتاج كل منا إلى تعلم جميع الحرف والترحال إلى البلاد ليلا ونهارا، فوضع السوق نعمة، وأهل الغفلة صدوا عن هذه الرحمة ودنسوا أنفسهم بتعاطي الخطايا فصارت عليهم نقمة، وأما أهل اليقين فهم وإن دخلوها فقلوبهم معلقة بتدبير الله تعالى، فسلموا من فتنها، ومن ثم كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يدخل السوق ويشتري ويبيع، والله تعالى أعلم. مطلب اللبن أفضل أو اللحم الخ (سئل) أيما أفضل اللبن أم اللحم؟ وهل الزيت أفضل من السمن أو بالعكس؟. (أجاب) اللبن أفضل من اللحم لأن اللبن منشأ الإنسان ونحوه من الحيوانات، ولا يعيش الشخص بدونه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء لما أتى له جبريل بقدح من خمر وقدح من لبن فأخذ اللبن. وفي رواية أن اللحم أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: سيد الطعام اللحم. والزيت الطيب أفضل من السمن؛ لأنه مبارك ويخرج من شجرة مباركة، والله أعلم

باب ما يتعلق بالنحو

(باب ما يتعلق بالنحو) مطلب المفعول معه هل يتقدم (سئل) عن حكم المفعول معه، هل يتقدم؟. (أجاب) اعلم أن المفعول معه له ثلاث صور؛ إحداهم: تقدمه على عامله، والثاني: تقدمه على الواو، وهذان لا يجوز تقدمهما اتفاقا، والثالث: تقدمه على مصاحبه وفيه خلاف، والأصح المنع، وجوزه بعضهم مستدلا بقوله: جمعت وفحشا غيبة ونميمة وبقوله: أكنيه حيث أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوءة واللقبا والله تعالى أعلم. مطلب هل يجوز تقدير أداة الشرط بعد غير الأجوبة الثمانية الخ (سئل) هل يجوز تقدير أداة الشرط بعد غير الأجوبة الثمانية غير النفي؟ (أجاب) نعم يقع ذلك للفقهاء كثيرا، يقدرون أداة الشرط تحقيقا للعبارة، وصرح أهل المعاني أنه يجوز تقديرها عند وجود قرينة دالة عليها، نحو قوله تعالى: {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي} أي أن أرادوا أولياء بحق فالله هو الذي يجب أن يتخذ وليا وسيدا وحده، والله أعلم. (سئل) عن قول القائل: ما اسم أرض فريد وإن تشا فهو جمع ... ففيه للفعل وقفه وفيه للحرف وقع وفيه للجمع صرف ... وفيه للصرف منع (أجاب) رحمه الله تعالى: فحلب هي الفريد لجمع حالب ذا الجمع ... وحلب الشاة وما لحرف وقع والجمع مصروف وفرد منع ... وإن تشا فاصرف كمصر سمع والله تعالى أعلم. مطلب الفرق بين الكلام والكلم (سئل) عما وقع في شرح التوضيح وعبارته التي نقلها عن العز ابن جماعة عند قول الموضح: إن بين الكلام والكلم عموما وخصوصا من وجه، بعبارة موجزة مفيدة لنكتبها على هامش نسختنا، وهى قوله: لا بد في اللذين بينهما عموم وخصوص من وجه من معرفة أمور معروضين وعارضين، وثلاث ماصدقات ومادة ومتعلق، وأيضا يا سيدي ما عرفت وجه الأخصية في قول الأشموني الرابع: إنما قال: وما يتألف، ولم يقل: وما يتركب؛ لأن التأليف كما قيل أخص، فما الجواب عن ذلك بعبارة شافية للمراد؟. (أجاب) أعلم أن المراد بالمعروضين المفهومان، والعارضين العموم والخصوص، والثلاث ماصدقات محل اجتماعهما وانفراد كل منهما، والمادة هي الملفوظات التي تتركب المفهومات منها، والمتعلق النسبة؛ أي الصورة الحاصلة، فالمعروضان هنا ماهية الكلام والكلم، والعارضان الإفادة، وجمع الكلمات الثلاثة، فالإفادة عارض الكلام وجمع الكلمات عارض الكلم والماصدقات الثلاثة الصور {قد أفلح المؤمنون} قام زيدان. قام زيد. والمادة: الكلمات الثلاثة: الاسم والفعل والحرف؛ إذ الأسماء والأفعال والصور هي المتعلقة، والمراد بها الصور

مطلب لفظة نص بما تتعدى ولفظة صرح أيضا الخ

الحاصلة من اجتماع كلمتين أو كلمات، والنسبة الحكمية حالة في هذه الصور، وأما قول الأشموني أن التأليف أخص، ظاهر؛ لأن كل مؤلف مركب ولا عكس؛ إذ لا يشترط في التركيب وجود ألفة ولا ترتيب في الرتبة العقلية، فهو أعم مطلقا، بخلاف التأليف، فيشترط فيه وجود الألفة وإن لم يوجد ترتيب فهو أخص منه. قال شيخ الإسلام: والألفاظ الموضوعة للدلالة على ضم شيء إلى آخر ثلاثة: التركيب والتأليف والترتيب، فالتركيب: ضم الأشياء، مؤتلفة كانت أو لا، مرتبة الرفع أم لا، فهو أعم من الآخرين مطلقا، والتأليف ضمها مؤتلفة سواء كانت مرتبة الوضع كما في الترتيب وهو جعلها بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ويكون لبعضها نسبة إلى البعض بالتقدم والتأخر في الرتبة العقلية، وإن لم تكن مؤتلفة أم لا، فهو أعم من الترتيب من وجه وأخص من التركيب مطلقا، وبعضهم جعل الترتيب أخص مطلقا من التأليف، وبعضهم جعلهما مترادفين، والله أعلم. مطلب لفظة نص بما تتعدى ولفظة صرح أيضا الخ (سئل) عن لفظة: نص، بما تتعدى؟ وعن لفظة: صرح، أيضا بماذا تتعدى؟. (أجاب) عبارة المصباح: وصرح بما في نفسه تصريحا: أظهره. انتهى وعبارة القاموس: والتصريح خلاف التعريض، وتبين الأمر كالصرح والإصراح، وانكشاف الحق لازم متعد. انتهى. فقوله: لازم، معناه: يتعدى بالباء، وقوله: متعد، معناه: يتعدى نفسه، والتصريح مصدر صرح، وفي المصباح أيضا: نص الشيء: رفعه، ونص الحديث إلى فلان: رفعه إليه، ومثله عبارة القاموس. قال: والعروس أقعدها على المنصة، بالكسر، وهى ما ترتفع عليه، بمعنى أظهرها، فقد عداه إلى مفعولين؛ أحدهما بنفسه والثاني تارة بإلى وتارة بعلى، ومنه ما يستعمله الفقهاء من قولهم: نص عليه فلان؛ أي أظهره ظهور العروس على المنصة، والله أعلم. مطلب علم العربية ما أصله وما ورد فيه من المدح (سئل) عن علم العربية ما أصله وما ورد فيه من المدح؟. (أجاب) علم العربية الذي هو النحو جمال الألسنة وكمال العلماء، يعلم منه معاني الكتاب والسنة ومخاطبة العرب بعضهم ببعض، وبه يخاطب الله تعالى عباده في الجنة، وقال - صلى الله عليه وسلم - «تعلموا العربية وعلموها الناس فإنها لسان الله تعالى الذي يخاطب به عباده يوم القيامة» وفائدته صون اللسان عن الخطأ، وأصوله المرفوعات والمنصوبات والمخفوضات، والأصل فيه ما قيل أن أبا الأسود سمع قارئا يقرأ: أن الله بريء من المشركين ورسوله، بالجر عطفا على المشركين، فذهب إلى الإمام علي كرم الله وجهه، وأخبره بذلك فقال له: ذلك بمخالطتهم العجم صاروا يلحنون. أقسام الكلام ثلاثة: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى، والحرف ما أوجد معنى في غيره، والفاعل مرفوع وما سواه فرع عليه، والمفعول منصوب

مطلب وضع من وما للعاقل وغيره

وما سواه فرع عليه، والمضاف إليه مجرور وما سواه فرع عليه، انح لهم هذا النحو يا أبا الأسود، فلهذا سمي هذا العلم نحوا، والله تعالى أعلم. مطلب وضع من وما للعاقل وغيره (سئل) في أصل وضع (من وما) في الاستعمال في العاقل وغيره؟. (أجاب) الذي نص عليه النحاة أن أصل وضع (من) للعاقل مثل {من يعمل سوءا يجز به} {ومن يقل منهم إني إله من دونه} {ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} إلى غير ذلك، ووضع (ما) لغير العاقل، مثل {لله ما في السماوات وما في الأرض} وقوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} فإن وردت (من) لغير العاقل مثل: {ومنهم من يمشي على أربع} وقول الشاعر: أسرب القطا هل من يعير جناحه و (ما) للعاقل مثل: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} وجب تأويلهما، والله أعلم. مطلب كل نوع خاصة لجنبه ولا ينعكس (سئل) ما معنى قول شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في شرح ايساغوجى: وكل خاصة نوع خاصة لجنسه ولا ينعكس؟. (أجاب) نقول: لا يخفى أن النوع مندرج تحت الجنس؛ لأن الجنس جزؤه، أي نوع والنوع فرع الجنس، فكل خاصة للنوع كالضحك للإنسان خاصة لجنسه وهو الحيوان، بمعنى أنها ثابتة له في الجملة لا تخرج عنه إلى غيره، وليس كل خاصة لجنس خاصة لكل أنواعه، مثلا الضحك خاصة الإنسان، وهو أيضا خاصة للحيوان الذي هو جنس، ولا يصح أن تكون هذه الخاصة في الجملة للجنس ثابتة لكل أنواعه، كالفرس والشاة؛ لأن الأنواع إنما تتميز بخواصها، فخاصة نوع لا تثبت لغيره من سائر الأنواع، والله أعلم. مطلب ما وقع في عبارة الحنفية وشرط كون الذابح مسلما أو كتابيا الخ وما يرد عليه (سئل) عما وقع في عبارة بعض فقهاء الحنفية من قوله في كتاب الذبائح: وشرط كون الذابح مسلما أو كتابيا ولو حربيا أو امرأة أو مجنونا أو صبيا يعقل ويضبط، أو أقلف أو أخرس، لا من لا كتاب له كالوثني والمجوسي، وكتب عليه القهستاني قوله: (لا من) حال من (مسلما) فإنه اسم غير محصل لا كجزئه، فإن (لا) مخصوصة به، كما ذكره الرضي، فليس من التسامح في شيء كما ظن، به وكتب عليه أبو المكارم: (لا) في هذا المحل إما عطف على (مسلما) وفيه تسامح كما لا يخفى أو ابتداء جملة بتقدير الفعل أن يكون الذابح لا من لا كتاب له، بينوا لنا الجواب عن العبارتين وما وجه التسامح؟. (أجاب) اعلم أن التركيب وأشباهه، أعني قوله: لا من لا كتاب له، يقع كثيرا للمصنفين، كقولهم: هذا ماء طاهر لا طهور، وهذا بالغ لا رشيد، وهو مشكل من جهة أنه يجب فيه وفي مثله تكرارها؛ لأنها داخلة على الخبر، فقد صرح في المغني بأن (لا) هذه يجب تكرارها إذا وليها مفرد خبر أو صفة أو حال، وكذلك يجب تكرارها إذا وليها فعل ماض لفظا وتقديرا، أو جملة صدرت باسم معرفة أو وليها نكرة لا تصلح للعمل فيها، فهذه ست صور يجب تكرار (لا) فيها، مثال الخبر: زيد

لا شاعر ولا كاتب، وكما هنا لأن من لا كتاب له خبر عن الكون وإن كان منفيا، ومثال الحال: جاء زيد لا ضاحكا ولا باكيا، ومثال الصفة: {أنها بقرة لا فارض ولا بكر} {وظل من يحموم لا بارد ولا كريم} {وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة} {من شجرة مباركة لا شرقية ولا غربية} ومثال الاسم المعرفة: {لا لشمس ينبغي لها أن تدرك الليل ولا الليل سابق النهار} ومثال النكرة التي لم تعمل (لا) فيها نحو {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} ومثال الفعل الماضي {فلا صدق ولا صلى} وفي الحديث:» فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى {وقول الهزلي: كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل. هذه وما أشبهها يجب التكرار فيها، ومثل هذه العبارة - أعني (لا) من (لا كتاب له) - تقع كثيرا للعلماء، ثم يرد عليهم الاعتراض بأنه يجب تكرارها ولم تكرر، فهذا هو المشار إليه بالتسامح، فمن الناس من يتأولها ويمشي على طريق المناطقة ويجعل حرف السلب جزءا من الاسم بعده ويصير الحكم فيها بالعدم، وحمله على ذلك فرارا من عدم تكرارها، وفيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن الأمور اللغوية التي يمكن أن تحمل على محمل لغوي صحيح لا تخرج عن قواعد المناطقة. الثاني: قوله: حال من (مسلما) إن أراد أن لفظ من حال من (مسلما) ففيه نظر من وجهين؛ أحدهما أن (من) اسم جامد ولا يقبل تأويلا، والحال إما مشتقة أو مؤولة بالمشتق. الثاني: أنه يصير المعنى أن المسلم له حالان، حال كونه يصح ذبحه وحال كونه لا يصح، وهذا باطل. وإن أراد أن الجملة حال من مسلم، ورد عليه أن يصير المعنى أن المسلم له حالان: حال له كتاب وحال لا كتاب له، وهو فاسد وباطل؛ لأن المسلم له كتاب إجماعا، فالصواب أن الجملة حال من الذابح، والمعنى أن الذابح حال كونه لا كتاب له لا تصح ذبيحته، لا يقال أن الذابح وقع مضافا إليه، ولا تجيء الحال من المضاف إليه، قلنا: بل تجيء في ثلاث صور؛ إحداهم أن يكون المضاف يصح عمله في المضاف إليه، نحو {إليه مرجعكم جميعا} فـ (مرجع) مصدر عامل في الكاف، كما أن الكون هنا عامل لأنه مصدر. والثانية أن يكون المضاف مثل جزء ماله أضيف، نحو {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} لأن الملة ليست جزءا لكنها كجزء إبراهيم للزومها له ولزومه لها. الثالثة: أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه، نحو قوله تعالى {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا} فلو حذف (لحم) وقيل: أيحب أحدكم أن يأكل أخاه ميتا؛ لصح الكلام، وهذا هو الفرق بين الجزء وما هو مثل الجزء، فدفع القهستاني التسامح من عدم تكرار (لا) بجعله (لا) جزءا من جزء القضية، وأنها ليست (لا) التي يجب تكرارها، لكنه وقع في المحذورين المذكورين، وقول أبي المكارم في دفعه: إما عطف الخ، لا يصح أما العطف فإن (لا) هنا ليست عاطفة كما يعلم ذلك

الواقف على كلام النحاة، ولا سيما مغني اللبيب، فإنه جعل (لا) هذه مغايرة للعاطفة والنافية للجنس والوحدة والجوابية، وشرط النحاة للعاطفة شروطا، منها: أن لا يصدق أحد متعاطفيها على الآخر، فلا يجوز: جاءني زيد لا رجل، وعكسه؛ أي: جاءني رجل لا زيد، وكأنه أشار بالتسامح إلى ذلك، وقوله: أو ابتدأ جملته بتقدير الفعل أن يكون الذابح من لا كتاب له، ظن بذلك دفع التسامح، ولا يندفع به لأنه وإن كان مضارعا وهو لا يجب فيه التكرار، كقوله تعالى {لا يحب الله الجهر} مع أنه لا يندفع؛ لأن ما قدره مفرد لأن (يكون) في تأويل المفرد لدخول (أن) الصدرية، وما فر منه وقع فيه لأنه يؤول إلى ما يجب فيه التكرار ويلزمه حذف (يكون) مع اسمها وهو قليل، وإذا علمت ذلك وما فيه من التسامح والنظر علمت أن الصواب ما ذهب إليه بعضهم من أن (لا) هنا بمعنى (غير) صفة لما قبلها، ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها بصورة الحرف، وقول السعد: (لا) هذه يحتمل أنها حرف الخ، لا يرد عليهم لأنه احتمال بعيد جدا ولا ينافي ذلك ما نقل عن المغني لأن محله ودلت عليه مثلهم فيما إذا أريد الإخبار أو الوصف أو الحال لنفي متقابلين، فيجب تكرار (لا) حينئذ لأن عدمه يوجب أن القصد نفي المجموع، كما صرح به السعد في نحو: (لا ذلول) أنها اسم بمعنى (غير) لكونها بصورة الحرف، ظهر إعرابها فيما بعدها، ويحتمل أن تكون حرفا كما تجعل إلا بمعنى غير، كما في قوله تعالى {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} مع أنه لا قائل باسميتها؛ أي الاسم، قال في قول الكشاف: لا الثانية من يده لتأكيد الأولى الثانية حرف لتأكيد النفي والتأكيد لا ينافي الزيادة، على أنه يفيد التصريح بعموم النفي وبدونها يحتمل اللفظ على نفي الاجتماع، ولهذا تسمى (لا) المذكورة للنفي. انتهى. ولم ينظر السعد إلى اعتراض أبي حيان على الزمخشري بقوله ما ملخصه: زعمه التأكيد مع الزيادة ليس بشيء لأن (لا ذلول) صفة منفية بلا، فيجب تكرار (لا) فيه لما دخلت عليه، وتقديره يؤول إلى أن التقدير: لا ذلول مثيرة ولا ساقية، وهو ممتنع كجاءني رجل لا كريم؛ لأن الحق ما ألزم به الزمخشري لا يلزمه؛ إذ الزيادة لأجل تأكيد النفي لئلا يوهم ما مر لا ينافي وجوب التكرير، ولا يوجب أن تقدير الآية ما ذكره، ولا أنه مثل جاءني رجل لا كريم، فتأمله ليظهر لك أن الزيادة والتأكيد هنا غيرهما في نحو {ما منعك أن لا تسجد} بدليل حذفها في} ما منعك أن تسجد {ومن ثم قال ابن جني: (لا) هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة، وفى المغني في نحو: ما جاءني لا زيد ولا عمرو، يسمونها زائدة وليست بزائدة البتة إذ مع حذفها يحتمل نفي مجيء كل منهما على كل حال ونفي اجتماعها في وقت فإذا جيء بها صار نصا في المعنى الأول بخلاف} وما يستوي

مطلب فيمن يقرأ القرآن وهو جاهل بالتجويد

الأحياء ولا الأموات {وهو موافق لما مر عن السعد ومؤيد كما وردت على أبى حيان. واعلم أن (لا) في كل ما ذكر بمعنى (غير) فما وقع لبعضهم أن (لا) التي بمعنى (غير) قسيمة لما يجب تكرارها، غير مراد، وقد صرحوا بأن (لا) العاطفة والجوابية لم يقعا في القرآن العظيم، والله تعالى أعلم. مطلب فيمن يقرأ القرآن وهو جاهل بالتجويد (سئل) فيمن يقرأ القرآن على وجه صحيح وهو جاهل بالتجويد وعلم العربية، فهل يثاب على قرائته ويثاب سامعه؟. (أجاب) أفتى العلامة الشمس الرملي - رحمه الله تعالى - بأنه يثاب هو وسامعه على ذلك، مع جهله بالتجويد والعربية، والله أعلم. مطلب اسم الله همزته للقطع أو الوصل إذا قال له شخص أخطأت ماذا يلزمه الخ (سئل) في شخص قرأ قوله تعالى {الم الله لا إله إلا هو} بهمز القطع في اسم الله مع عدم علمه بها هل هي همزة قطع أو وصل، فقال شخص: أخطأت، فماذا يترتب على القارئ مع عدم عمله؟. (أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي - رحمه الله تعالى - في فتاواه بقوله: حركت الميم لالتقاء الساكنين، وهو الميم ولام التعريف في اسم الله، ولم تحرك لسكونها وسكون الياء قبلها لأن جميع هذه الحروف التي على هذا المثال تسكن إذا لم يلقها ساكن بعدها، كقوله} الم ذلك الكتاب {و (حم) و (طس) ونحوها، وفتحت لوجهين، أحدهما: كثرة استعمال اسم الله بعدها، والثاني نقل الكسرة بعد الياء والكسرة وأجاز الأخفش كسرها، وقيل: فتحت لأن حركة همزة (الله) ألقيت عليها، وهذا يبعد لأن هذا الوصل لا حظ لها في الثبوت في الوصل حتى تلقى حركتها على غيرها، وقيل: الهمزة في (الله) همزة قطع وإنما حذفت لكثرة الاستعمال، فلهذا ألقيت حركتها على الميم لأنها تستحق الثبوت، وهذا يصح على قول من جعل أداة التعريف أنه لا إله إلا هو الحي القيوم. انتهى، والله أعلم. مطلب علم العربية تعلمه فرض عين أو كفاية (سئل) عن علم العربية، هل تعلمه فرض عين أو فرض كفاية؟. (أجاب) أجمع أهل العلم على أن تعلم علم العربية فرض كفاية، ويكون على قارئ الحديث فرض عين؛ لأن علم الحديث لا يقرأ بدونه، ومن البدع الواجبة تعلم النحو المتوقف عليه فهم ما يجب عليه معرفته من الكتاب والسنة، فهو واجب لأن ضبط الشريعة واجب ولا يتأتى ضبطها إلا بمعرفة ذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ذكره الشمس الرملي في فتاواه، والله أعلم. مطلب ما معرفة النحو الخ (سئل) ما معرفة النحو؟. (أجاب) هو في الاصطلاح علم مستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أجزائه التي يتألف منها، ويقال أيضا: هو علم بأصول يعلم منها أبنية الكلام إعرابا وبناء، وموضعه الكلمات لأنه يبحث عن عوارضه الذاتية من حيث الإعراب والبناء، وغايته الاستعانة على فهم كلام الله تعالى وحديث رسوله، وفائدته معرفة صواب الكلام من خطئه وإنما سمى الإعراب

باب ما يتعلق بالتوحيد

إعرابا لكونه مخصوصا بالعربية، وسمي البناء بناء لطوله، والبناء في اللغة هو وضع للشيء على صفة أريد ثبوتها، والله تعالى أعلم. (باب ما يتعلق بالتوحيد) مطلب أول واجب على الإنسان معرفة الإله الخ (سئل) عن معنى قول صاحب الزبد: أول واجب على الإنسان معرفة الإله باستيقان. أوضحوا لنا ذلك أثابكم الله تعالى. (أجاب) يعنى أول ما يجب على الإنسان البالغ العاقل معرفة الله تعالى يقينا؛ لقوله تعالى {فاعلم أنه لا إله إلا الله} وقوله تعالى {وليعلموا أنما هو إله واحد} وغير ذلك من الآيات، ولأن هذه المعرفة مبنى سائر الواجبات؛ إذ لا يصح بدونها واجب ولا مندوب، والمراد بمعرفة الله تعالى معرفة وجوده تعالى وما يجب له من إثبات أمور ونفي أمور، وهى المعرفة الإيمانية أو البرهانية لا الإدراك والإحاطة بكنه الحقيقة؛ لأن ذلك ممتنع عقلا وشرعا. وسئل بعض العلماء عن الله تعالى فقال: إن سألت عن أسمائه فقوله {ولله الأسماء الحسنى} وإن سألت عن صفاته فقوله تعالى {قل هو الله أحد} الخ، وإن سألت عن أقواله فقوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} وإن سالت عن أفعاله تعالى} كل يوم هو في شأن {وإن سألت عن نعته فقوله تعالى {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} وإن سألت عن ذاته فقوله تعالى {ليس كمثله شيء} وسئل أعرابي عن دليل وجود الصانع سبحانه وتعالى فقال: البعرة تدل على البعير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على العليم الخبير. وعن أبى هريرة مرفوعا: «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق؛ فانه لا تحيط به الفكرة» والله تعالى أعلم. مطلب هل الإيمان يزيد وينقص أو لا (سئل) عن الإيمان هل يزيد وينقص؟. (أجاب) نعم الإيمان يزيد وينقص، يزيد بزيادة الطاعات وينقص بنقصانها، والأصل في ذلك قوله تعالى {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} وقوله تعالى {ويزداد الذين آمنوا إيمانا} وقال الشيباني في عقيدته: وإيماننا قول وفعل ونية، ويزداد بالتقوى وينقص بالردا. وقال أبو القاسم الجنيد رحمه الله تعالى: في الإيمان ما لا يزيد ولا ينقص، وإيمان يزيد ولا ينقص، وإيمان يزيد وينقص، فأما ما لا يزيد ولا ينقص فهو إيمان الملائكة عليهم الصلاة والسلام، فإنهم مكلفون بعمل لا يزيدون عليه ولا ينقصون، لقوله تعالى {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} فإيمانهم معتدلة لا تزيد ولا تنقص، وأما ما يزيد ولا ينقص فهو إيمان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يزيد بزيادة الطاعة، وليس عليهم معصية ينقص إيمانهم بها لأنهم معصومون، وأما ما يزيد وينقص فهو

مطلب لم خلق الله الخلق الخ

إيمان المسلمين، يزيد بزيادة الطاعات وينقص بارتكاب المعاصي. وقيل: إن حقيقة الإيمان لا يزيد ولا ينقص لأنه تصديق قلبي، وهو لا يتصور فيه زيادة ولا نقصان؛ لأن من حصل له حقيقة التصديق سواء عمل الطاعات أم ارتكب المعاصي فتصديقه لا يغير أصلا، والآيات الدالة على زيادة الإيمان محمولة على زيادته في عصره - صلى الله عليه وسلم - بزيادة ما يؤمنون به مما يتجدد من الفرائض. وهذا ممنوع عند السادة الشافعية، كيف وقد قال الله تعالى عن السيد الجليل إبراهيم الخليل {قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} وقال تعالى {ثم لترونها عين اليقين} فدل على أن الإيمان يزيد وينقص، كما عليه الأشاعرة، والله تعالى أعلم. مطلب لم خلق الله الخلق الخ (سئل) لم خلق الله تعالى الخلق؟. (أجاب) في ذلك خلاف، قيل: خلقهم لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل: خلقهم ليعبدوه؛ لقوله تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} وقيل: خلقهم للاختلاف الواقع بينهم؛ لقوله تعالى {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} وقيل: خلقهم ليعرف، فلو لم يخلق لم يعرف، ويؤيد هذا ما ورد في بعض الكتب المنزلة يقول الله تعالى: كنت كنزا لا أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق، تحببت إليهم بالنعم حتى عرفوني. وقال بعضهم: خلق الخلق ليظهر معرفته، ويرزقهم ليظهر إحسانه، ويميتهم ليظهر سلطانه، ويحييهم ليظهر قوته، ويعذبهم ليظهر نقمته، ويدخلهم الجنة ليظهر رحمته. وقال بعضهم: خلق الخلق من عظم غيبه عنهم، قال تعالى {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا} ولذلك قيل: إن بالمشرق ملكا وبالمغرب آخر ينادي أحدهما: ألا ليت هذا الخلق لم يخلقوا، فيجيبه الآخر يا ليتهم إذا خلقوا عرفوا لما خلقوا. والله أعلم. مطلب هل للعبد قدرة واختيار في أفعاله وحركاته (سئل) من المعلوم المحقق عند أهل السنة والجماعة أن الله تعالى منفرد بخلق عباده وتدبير أمورهم، فهل يكون للعبد قدرة واختيار في أفعاله وحركاته وسكناته؟. (أجاب) الذي يجب اعتقاده أن الله سبحانه وتعالى منفرد بالخلق واختراع الأعيان والآثار والجواهر والأعراض، لا يخرج حادث عن أن يكون مخلوقا له تعالى، فجميع أحوال العباد وأفعالهم الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا، وهو سبحانه وتعالى منفرد بالتدبير للأمور دون مشارك ولا معين، فلا يحدث حادث في العالم العلوي ولا في العالم السفلي إلا بتدبيره وإرادته وقضائه وحكمته، وهو تعالى عالم بعواقب الأمور كلها من غير نظر ولا فكر، يعلم ما يكون قبل أن يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان، فالخلق جميعا في قبضته على إرادته. قال أبو عبد الله بن إسحاق بن منذر في كتاب الصفات: من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى تقلب أحوال العبد من حالة

مطلب هل يجوز الخروج على ولاة الأمور ولو جاروا

المرض والصحة والموت والحياة والنوم والانتباه والفقر والغنى والعجز والقدرة، ومن علم أن الله تعالى منفرد بالخلق والتدبير فلا يفكر في تدبير نفسه، بل يكل تدبيره إلى خالقه كما قال تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار} لأنه إذا كان يخلق ما يشاء فهو مدبر ما شاء، فمن لا خلق له لا تدبير له،} أفمن يخلق كمن لا يخلق {} ما كان لهم الخيرة {جل أن يكون لهم خيرة معه في شيء من أمورهم، فمن ادعى الاختيار في شيء من التدبير فهو مشرك منازع للربوبية بلسان حاله، وإن تبرأ من ذلك بمقاله. قال أهل المعرفة: من لم يدبر دبر له، وإن كان لا بد من التدبير فدبر أن لا تدبر، والله تعالى أعلم. مطلب هل يجوز الخروج على ولاة الأمور ولو جاروا (سئل) هل يجوز الخروج على ولاة الأمور وعدم طاعتهم فيما يأمرون وينهون عنه، ولو كانوا جائرين في حكمهم وأمورهم؟. (أجاب) يحرم الخروج على ولاة الأمور لما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه، وقتالهم حرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث على ذلك، وأجمع أهل السنة أن السلطان لا ينعزل بالفسق، وتجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم تخالف حكم الشرع، وإن كان جائرا؛ لخبر: بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وفى خبر: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد» المعنى: أطيعوا أولي الأمر ولو كان على سبيل الفرض والتقدير عبدا؛ لأن العبد لا يكون واليا، ويجوز أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله، حتى توضع الولاية في العبد، فإذا كان فاسمعوا وأطيعوا تغليبا لأهون الضررين، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته؛ ليلا يؤدي عدم الطاعة إلى فتنة صماء عمياء لا دواء لها ولا خلاص منها، وقد تكاثرت الروايات عنه - صلى الله عليه وسلم - أن أمره بالسمع والطاعة لولاة الأمور إنما هو في طاعة الله تعالى؛ لقوله صلى الله علية وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» وخطب عمر بن عبد العزيز حين استخلف فقال في خطبته: أطيعوني ما أطعت الله تعالى، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم، والله تعالى أعلم. مطلب الإيمان هل هو مخلوق أو لا الخ (سئل) عن الإيمان هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟ وما تعريفه؟. (أجاب) الإيمان عند جمهور المحققين تصديق القلب بما علم ضرورة مجيء الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عند الله تعالى به، والإقرار باللسان إنما هو شرط لإجراء الأحكام في الدنيا، وقيل: إنه الإقرار والتصديق معا، وقيل: إنه الإقرار والأعمال، وعلى كل قول منها هو مخلوق لأنه فعل العبد المخلوق، وقول أبي الليث السمرقندي في جواب أنه مخلوق أو لا: الإيمان إقرار وهداية، والإقرار صنع العبد، وهو مخلوق، والهداية صنع الرب، وهو غير

مطلب الطاعة والمعصية الواقعان من العبد الخ

مخلوق. فيه تسامح؛ لأن هداية الله تعالى للعبد سبب الإيمان لا جزء منه، والمسؤول عنه نفس الإيمان لا هو وسببه معا. ذكر ذلك العلامة الشمس الرملي - رحمه الله تعالى - في فتاواه، والله أعلم. مطلب الطاعة والمعصية الواقعان من العبد الخ (سئل) في الطاعة والمعصية والخير والشر الواقعان من العبد، هل هما مخلوقان لله وبقضاء الله تعالى وقدره أم كيف الحال؟. (أجاب) لا شك ولا ريب أن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره، وهو فعال لما يريد من الخير والشر، قال تعالى {فعال لما يريد} أي من الخير والشر، وهذا رد على المعتزلة حيث قالوا: إنما يريد الخير فقط، فهو فعال للخير دون الشر، وأنكروا إرادة الله تعالى للشر، وقالوا أنه أراد من الكافر الإيمان لا الكفر، ومن العاصي الطاعة لا المعصية؛ زعما منهم أن إرادة القبيح قبيحة، فعندهم أكثر ما يكون من أفعال العبد على خلاف إرادة الله تعالى، وقد دلت الآيات على خلاف قولهم، منها قوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} وقوله تعالى {ونبلوكم بالشر والخير فتنة} وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: لو أراد ربك أن لا يعصى لما خلق إبليس، وقد أشار إلى مذهبهم القاضي عبد الجبار مخاطبا للأستاذ أبى إسحاق بقوله: سبحان من تنزه عن الفحشاء، فأجابه الأستاذ بقوله: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء، فقال القاضي عبد الجبار: أيشاء ربنا أن يعصى؟ فقال الأستاذ: فيعصى ربنا قهرا؟ فقال القاضي: ألا ترى أن منعنا الهدى وقضى علينا بالردا، أحسن إلينا أم أسا؟ فقال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء، والله تعالى أعلم. مطلب السعادة والشقاوة هل هما أزليتان أو لا الخ (سئل) عن السعادة والشقاوة هل هما أزليتان عنده سبحانه وتعالى؟. (أجاب) نعم، السعادة والشقاوة أزليتان مقدرتان مقدرتان في الأزل، لا يتغيران ولا يتبدلان، فالسعادة الموت على الإسلام والشقاوة الموت على الكفر؛ لتعلق العلم الأزلي بهما، كذلك فالسعيد من علم الله تعالى في الأزل موته على الإسلام، وإن تقدم منه كفر، والشقي من علم الله تعالى في الأزل موته على الكفر وإن تقدم منه إسلام، ويترتب على السعادة الخلود في الجنة وتوابعه، وعلى الشقاوة الخلود في النار وتوابعه، وعلى هذا يصح أن تقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى نظرا للمآل، وعند الماتريدية لا يصح ذلك نظرا للحال؛ إذ السعيد عندهم هو المسلم والشقي هو الكافر، والسعادة: الإسلام، والشقاوة: الكفر، فيتصور في السعيد أن يشقى بأن يرتد بعد الإيمان ويسعد الشقي بأن يؤمن بعد الكفر، فليس كل من السعادة والشقاوة أزليا، بل يتغيران ويتبدلان، والله أعلم. مطلب هل يجوز في حق الله أن يثيب العاصي ويعذب الطائع (سئل) هل يجوز في حق الله تعالى أن يثيب العاصي ويعذب الطائع، ولا اعتراض عليه سبحانه

مطلب في الملائكة هل يأكلون ويشربون وينامون

وتعالى في ذلك؟ ولا يكون منه ظلم كما زعمته المعتزلة، قبحهم الله تعالى؟. (أجاب) نعم يجوز له سبحانه وتعالى أن يعاقب الطائع ويثيب العاصي؛ لأنه ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، لكنه سبحانه وتعالى لا يقع ذلك منه لإخباره بإثابة المطيع وتعذيب العاصي، وهذا رد أيضا على المعتزلة - قبحهم الله تعالى - حيث قالوا: يجب على الله تعالى أن يفعل بعباده ما هو الأصلح في حقهم، فهذا باطل؛ لأنه تعالى لو وجب عليه الأصلح لعباده لما خلق الكافر الفقير يعذب في الدنيا بالفقر وفي الآخرة بالعذاب الأليم المخلد، سيما المبتلى في الدنيا بالأسقام والمحن والآفات، وأيضا لو وجب عليه الأصلح لما بقي للتفضل مجال ولم يكن له تعالى خيرة في الأفعال، وهو باطل لقوله تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار}} يختص برحمته من يشاء {وقال صاحب الجوهرة: وقولهم أن الصلاح واجب ... عليه زور ما عليه واجب يعنى أن هذا القول من المعتزلة قول باطل زور، مزين الظاهر فاسد الباطن، وليس عليه تعالى لخلقه شيء واجب من فعل أو ترك؛ لأن أفعاله كلها جائزة بالنظر إلى ذاتها، واقعة على سبيل الإحسان والفضل، أو على وجه المؤاخذة والعدل، لا يجب منها شيء عقلا ولا يستحيل؛ لأنه تعالى فاعل بالاختيار، فلو وجب عليه فعل شيء أو تركه لما كان مختارا فيه؛ لأن المختار هو الذي يتأتى منه الفعل والترك، وله سبحانه وتعالى أن يؤلم الأطفال والدواب كما يشاهد به من لا ذنب له من الأطفال والدواب وشدة مرضهم وطول أوجاعهم، حتى الأطفال الرضع من غير عمل منهم سابق، وذلك عدل منه يتصرف في ملكه ما يشاء وأراد، فلا يتخيل متخيل أن ذلك ظلم منه، فإن وصفه بالظلم مستحيل استحال ذلك عقلا وسمعا، أما العقل فلأن الظلم إنما يعرف بالنهي عنه، ولا يتصور في أفعاله تعالى ما ينهى عنه؛ إذ لا يتصور له ناه ولا آمر؛ لأن العالم العلوي والسفلي ملكه وخلقه، ولا يتصور الظلم في ملك الإنسان لأنه وضع الشيء في غير محله، وذلك مستحيل على المحيط بكل شيء علما. وأما السمع فمما لا يحصى من الآيات والأحاديث، منها قوله تعالى {إن الله لا يظلم مثقال ذرة} وقوله {إن الله لا يظلم الناس شيئا} وخبر: «يقول الله تعالى: اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيري» وخبر: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» والله أعلم. مطلب في الملائكة هل يأكلون ويشربون وينامون (سئل) عن الملائكة هل يأكلون ويشربون وينامون؟ وهل عندهم ليل أو نهار؟ أوضحوا لنا ذلك أثابكم الجنة. (أجاب) الملائكة أجسام نورانية قادرون على التشكل بأشكال مختلفة، وقوتهم التسبيح، فلا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون، والظاهر أن لا ليل عندهم لأن نورهم يأباه، والليل إنما هو في هذا العالم بدليل أن الجنة

مطلب الجن فوق الأرض أو تحتها وهل يأكلون كأكلنا الخ

لا ليل فيها، وإنما يعرفون وقته بإرخاء الستور، ودليل أنهم لا ينامون قوله تعالى {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} وقال القاضي البيضاوي: النوم حالة تعرض للحيوان من استرخاء أعضاء الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة، بحيث يغيب الحواس الظاهرة عن الإحساس رأسا. انتهى. وقال القرطبي: وبالجملة فالنوم فتور يعتري الإنسان ولا يفقد معه عقله. انتهى، والله أعلم. مطلب الجن فوق الأرض أو تحتها وهل يأكلون كأكلنا الخ (سئل) عن الجن هل هم فوق الأرض أو تحتها؟ وهل يأكلون كأكلنا ويتناسلون ويموتون كالإنس؟ وهل يمكن رؤيتهم على أصل خلقتهم؟ وما حكمة إخفائهم؟. (أجاب) أفتى العلامة الشمس الرملي رحمه الله تعالى بأن مسكن الجن تحت الأرض، ولهم آجال، ويموتون ويتناسلون، ولهم بعض أطعمة مختصة بهم، وإخفاؤهم عنا رحمة من الله تعالى، ومن ادعى رؤيتهم على أصل خلقتهم كفر لأنه يخالف نص القرآن العظيم بقوله تعالى {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} والله تعالى أعلم. مطلب في عبادته صلى الله عليه وسلم قبل النبوة (سئل) عن عبادته - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة بغار حرا وغيره، هل كانت بوحي أو بشريعة أحد من الأنبياء أم بغير ذلك؟. (أجاب) ذكر العلامة الشمس الرملي رحمه الله تعالى في فتاواه أنه اختلف العلماء في أنه - صلى الله عليه وسلم - هل كان مكلفا قبل النبوة بشرع أو لا؟ فمنهم من نفى ذلك ومنهم من أثبته، وعزي إلى الجمهور، وعلى الإثبات فقد اختلف في تعيين الشرع، فقيل: بشريعة نوح، وقيل: إبراهيم، وهو الصحيح، وقيل: موسى، وقيل: ما ثبت أنه شرع، وقيل بالتوقيف تأصيلا وتفريعا، وعلى الإثبات أيضا اختلف في كيفية التعبد، فقيل: كانت ما يلقى إليه من نور المعرفة، والذي اختاره ابن الحاجب والبيضاوي أنه كلف التعبد بشرع معلوم قبل النبوة، أما بعد النبوة فلا، والمختار المنع. انتهى. (سئل) ما معنى قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى}؟. (أجاب) ليس المراد بالاستواء معناه الحقيقي الذي هو الاستقرار والجلوس؛ لأن هذا من خواص الأجسام، والله تعالى منزه عن ذلك، بل اختلف أهل السنة في معناه على قولين؛ أحدهما: التأويل، ونقل عن الأكثرين، فعلى هذا المراد بالاستواء الاستيلاء، ويعود هذا المعنى إلى القدرة؛ أي استولى على العرش الذي هو أعظم المخلوقات. وبالاستيلاء عليه مستوليا على الوجود بأسره. تقول: استوى الأمر لزيد: إذا كمل له وصار مستوليا عليه. والقول الثاني: إنما نفوض أمر معناه إلى الله تعالى مع اعتقاد أنه تعالى منزه عن الجهة متعال عن الجسمية، وهذا الطريق أسلم لكن الأول أحكم، ويروى كل من هذين القولين عن الشيخ أبي الحسن الأشعري، ويجري هذا الخلاف في جميع ما ورد من الآيات والأحاديث التي يمتنع إجراؤها على ظاهرها، كقوله تعالى:

مطلب الإيمان والإسلام هل هما شيء واحد

} يد الله فوق أيديهم {وقوله تعالى {ويبقى وجه ربك} فمن أول قال: المراد باليد القدرة، وبالوجه الوجود، ونحو ذلك من التأويلات اللائقة بجلال الله تعالى الموافقة لما دلت عليه الأدلة القطعية على ما ذكر من كتب التفسير والحديث والتوحيد؛ سلوكا للطريق الأحكم الموافق للوقف على قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} وهذا هو مذهب الخلف. ومن لم يؤول قال: نفوض علمها إلى الله تعالى مع الجزم بالتنزيه والتقديس واعتقاد عدم إرادة الظاهر جزما على الطريق الأسلم، وهذا هو مذهب أكثر السلف، ولهذا يقفون على قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} ثم يبتدئون بـ} والراسخون في العلم يقولون آمنا به {وقد روى البيهقي بسنده أن رجلا جاء إلى الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فقال: يا أبا عبد الله} الرحمن على العرش استوى {كيف استوى؟ قال: فأطرق الإمام مالك رأسه حتى علاه الرمضاء - أي العرق - ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا. فأمر به أن يخرج. ونقل نحو هذا الكلام عن غير الإمام مالك أيضا. ومعنى قوله: الاستواء غير مجهول، أنه غير مجهول الوجود؛ لأن الله تعالى أخبر به وخبره صدق يقينا لا يجوز الشك فيه، وفي ذلك كلام طويل، والله أعلم. مطلب الإيمان والإسلام هل هما شيء واحد (سئل) عن الإيمان والإسلام هل هما شيء واحد؟ أو أنهما شيئان؟. (أجاب) قال بعضهم أنهما شيئان، واحتج بقوله تعالى {قالت الأعراب آمنا} الآية، وقال بعضهم أنهما شيء واحد، واحتج بقوله تعالى {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} والأصح أنهما شيئان لما جاء في الحديث الشريف «أن جبريل عليه السلام نزل في صورة أعرابي فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أخبرني عن الإسلام، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت يا محمد، ثم قال له: أخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره» إلى آخر الحديث، والله تعالى أعلم. مطلب ما الحكمة في عدم رؤية الله تعالى في الدنيا (سئل) ما الحكمة في عدم رؤية الله تعالى في الدنيا ورؤيته في الآخرة؟ وما يترتب على من ادعى رؤيته في الدنيا؟. (أجاب) الحكمة في ذلك ما روي عن الإمام مالك رضي الله عنه أنه قال: إنما لم ير في الدنيا لأنه سبحانه وتعالى باق ولا يرى الباقي بالفاني، فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصارا باقية رؤي الباقي بالباقي، ومن ادعى الرؤية في الدنيا فهو زنديق مخالف لكتاب الله تعالى لقوله تعالى {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} وقد أطبق المشايخ على تضليل مدعيها

مطلب هل ورد في عدة الملائكة شيء أو لا

وتكذيبه، وصنفوا في ذلك كتبا ورسائل، وزعموا أن من ادعى ذلك لم يعرف الله تعالى، وقال الكواشي في تفسير سورة والنجم: ومعتقد رؤية الله تعالى هنا بالعين لغير محمد - صلى الله عليه وسلم - يكفر. وقال الشيخ جمال الدين الأردبيلي في كتابه الأنوار في فقه إمامنا الشافعي رضى الله عنه: ولو قال: إني أرى الله تعالى عيانا في الدنيا ويكلمني شفاها، كفر. انتهى. وقد دل الكتاب والسنة على رؤية المؤمنين لله تعالى في الدار الآخرة قبل دخول الجنة وبعده، أما الكتاب فقوله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» والمراد بهذه الرؤية أنه تعالى ينكشف لعباده المؤمنين في الآخرة انكشاف البدر المرئي، بمعنى أنه يجعل لنا علما بذاته، نسبة ذلك العلم إلى العلم الحاصل لنا الآن نسبته بالبدر المرئي بعد رؤيته إلى العلم به قبل رؤيته، من غير ارتسام أو اتصال شعاع به، وإنما خصت الرؤية بالمؤمنين لأن الصحيح أن الكفار لا يرونه؛ لقوله تعالى {كلا إنهم عن ربهم لمحجوبون} وخالفت المعتزلة - قبحهم الله تعالى - في رؤية الله تعالى في الآخرة واستدلوا لذلك بأدلة مردودة، كما بين ذلك في الكتب المطولة، وقد وقع الخلاف أيضا في رؤية الله تعالى في المنام، فمنهم من منعه، لكن الأصح ثبوته؛ لما حكي عن كثير من السلف أنهم رأوه عز وجل، ونقل عن الإمام أحمد أنه قال: رأيت رب العزة في المنام فقلت: يا رب بم يتقرب المتقربون إليك؟ قال: بكلامي يا أحمد، قلت: يا رب بفهم أو بغير فهم؟ قال: بفهم أو بغير فهم. فهذا يدل على أن مذهب الإمام أحمد الجواز، ونقل أن الإمام أبا حنيفة رضى الله عنه قال: رأيت رب العزة في المنام تسعا وتسعين مرة، ثم رآه مرة أخرى تمام المائة، وقصتها طويلة، والله أعلم. مطلب هل ورد في عدة الملائكة شيء أو لا (سئل) هل ورد في عدة الملائكة شيء أو لا؟. (أجاب) أما عدد الملائكة فلا يعلم عددهم إلا الله تعالى؛ لما روي أن موسى ناجى ربه فقال: يا رب من عبدك قبل آدم؟ قال: الملائكة، قال: يا رب كم هم؟ قال: اثنا عشر ألف سبط، قال: كم السبط؟ قال: مثل الجن والإنس والطير والبهائم، اثنا عشر ألف مرة. وفى رواية: كم عدد كل سبط؟ قال: عدد التراب. وفى تذكرة الإمام الرازي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عرج به إلى السماء رأى ملائكة في محل عال مشرف، ورأى صفهم يمشي تجاه بعض فسأل جبريل: أين يذهبون؟ فقال له: والذي بعثك بالحق نبيا لا أدري إلا أني أراهم هكذا منذ خلقت ولا أرى واحدا منهم قد رأيته قبل ذلك. وفى الفتوحات: لا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ماداموا متنفسين، وقيل: إن المكلفين أربعة أصناف: الإنسان والملك والجن والشياطين، فبنو آدم عشر الجن،

مطلب أمور الدين ما هي

والجن عشر حيوان البحر والطير، والكل عشر ملائكة سماء الدنيا، وكلهم عشر ملائكة السماء الثانية، وهكذا إلى السبع سماوات وإلى العرش والكرسي، والآثار والأخبار الدالة على أكثرية الملائكة لا تكاد تحصى، والله تعالى أعلم. مطلب أمور الدين ما هي (سئل) عن أمور الدين ما هي؟. (أجاب) ذكر النووي أنها أربعة: صحة العقد؛ أي بأن تعتقد اعتقادا صحيحا خاليا عن الترديد والتشبه من ضلالات أهل الأهواء. وصدق القصد؛ أي بأن تكون صادقا في قصدك «إنما الأعمال بالنيات» والوفاء بالعهد؛ أي إذا عاهدت عهدا تفي به لئلا يكون فيك خصلة من النفاق؛ لأن من خصال المنافق إذا عاهد غدر. واجتناب الحد؛ أي بأن تجتنب ما فيه حد، والظاهر أن المراد اجتناب المعاصي كلها، وقد نظمت هذه في بيتين بقولي: أمور دين صحة بعقد ... صدق بقصد والوفا بالعهد والحد فاحذر يجمع الجميعا ... أتاكم الرسول فكن مطيعا مطلب فرق الضلال كم هي (سئل) عن أصول فرق الضلال كم هي؟. (أجاب) هي ستة: الخوارج والروافض والقدرية والجبرية والجهمية والمرجئة، وكل فرقة تفرق منها اثنا عشر فرقة، جمعت في بيت لنا: خوارج روافض جبرية ... والمرجئة مع قدر جهمية مطلب كرامات الأولياء هل واقعة أم لا (سئل) عن كرامات الأولياء هل هي جائزة وواقعة أحياء وأمواتا؟ وما حكم منكرها؟ وهل فرق بين الكرامة والمعجزة؟ وهل يصلون في كراماتهم إلى وجود ولد من غير أب وإحياء الموتى؟. (أجاب) نعم هي واقعة وجائزة لهم - نفعنا الله بهم - أحياء وأمواتا، بقصد منهم وبغير قصد، يؤيدهم الله تعالى، لا ينكرها إلا أحد رجلين إما سيئ الاعتقاد كالمعتزلة والزادلية، وإما كثير المعاصي والذنوب والغفلة، فلا يشاهدها منهم، فيؤدي ذلك إلى إنكارها، وإذا تأملت الكتاب والسنة وما نقل تواترا معنويا عن السلف والخلف، بل في كل عصر من الأعشار بل في كل يوم من الأيام؛ إذ ما من يوم إلا ويقع فيه كرامات لا تحصى ولا تعد، ولو جمعت لصارت تواترا معنويا، ومثلوا له بإعطاء حاتم لرجل فرسا ولآخر جملا ولآخر دينارا ولآخر درهما ولآخر طعاما، فثبت بذلك وجوده بالتواتر المعنوي، ولا عجب من قوم ينكرونها لأمور؛ إما لقلة الأولياء ببلادهم. ألا ترى أن البلاد التي ورد أن بها أولياء أهلها لا ينكرون ذلك، كالغرب فإن به النقباء وهم سبعون، ومصر وبها النجباء وهم سبعون، والشام وبها الأبدال وهم أربعون رجلا وأربعون امرأة، ومكة المشرفة وبها القطب والإمامان، والعراق وبها العصائب، وأما رجال الغيب فليس لهم مكان معين يختصون به،

وفى الفردوس للديلمي أن لله عز وجل ثلاثمائة، قلوبهم على قلب آدم، وله أربعون قلوبهم على قلب موسى، وله سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم، وله خمسة قلوبهم على قلب جبرائيل، وله ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل، وله واحد قلبه على قلب إسرافيل، وحكم منكرها أنه مبتدع، كالمعتزلة فإنهم أنكروها وحالهم معلوم، ويساويهم في ذلك من أنكرها بعد موتهم. والفرق بين المعجزة والكرامة أن المعجزة فيها تحد؛ أي دعوى المعارضة} وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله {وكرامات الأولياء هى معجزات للأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ لأنهم إنما وصلوا إليها بقوة العزم باتباعهم وشدة المحافظة على أمرهم، والحاصل أن كرامة الولي من بعض معجزات نبيه، لكن لعظم اتباعه له أظهر الله بعض خواص النبي على يد وارثه ومتبعه في سائر حركاته وسكناته، وقد نزلت الملائكة لاستماع قراءة أسيد بن حضير، وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صفحة فسبحت الصفحة أو ما فيها، ثم الصحيح أنهم ينتهون إلى إحياء الموتى خلافا لأبي قاسم القشيري، ومن ثم قال الزركشي: ما قاله مذهب ضعيف، والجمهور على خلافه، وقد أنكروه عليه حتى ولده أبو نصر في كتابه المرشد، فقال عقب تلك المقالة: والصحيح تجويز جملة خوارق العادات كرامة للأولياء، وكذا في إرشاد إمام الحرمين، وفى شرح مسلم للنووي: تجوز الكرامات بخوارق العادات على اختلاف أنواعها، وخصها بعضهم بمثل إجابة دعوة ونحوه، وهذا غلط من قائله وإنكار للحسي، بل الصواب جريانها بقلب الأعيان ونحوه. انتهى. وقد مات فرس بعض السلف في الغزو فسأل الله تعالى أن يحييها له حتى يصل بيته فأحياها فلما وصل بيته قال لولده: خذ سرجه فإنه عارية عندنا، فأخذه فخر ميتا. وقال اليافعي: صح بالسند المتصل إلى الشيخ القطب عبد القادر الجيلي - رحمه الله تعالى - أن أم شاب عنده دخلت عليه وهو يأكل في دجاجة فأنكرت أكل الدجاج وإطعامه ابنها أرذل الطعام فقال لها: إذا صار ابنك يقول لمثل هذه الدجاجة: قومي بإذن الله تعالى، فقامت ولها أجنحة فطارت بها حق له أن يأكل الدجاج. ولا ينافى إحياء الميت الواقع كرامة كون الأجل محتوما لا يزيد ولا ينقص؛ لأن من أحيي كرامة فمات إذا بأجله، وحياته وقعت كرامة، وكون الميت لايحيى إلا للبعث، هذا عند عدم الكرامة أما عندها فهو كإحيائه في القبر للسؤال كما صح به الخبر، وقد وقع الإحياء للعزير وحماره وللذين} خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم {إذا تقرر ذلك فمن أحيي كرامة فتارة يتيقن موته يقينا ضروريا بنحو قطع رأسه وإبانة حشوته، وهذا إحياؤه لا يعيد له شيئا من زوجاته ولا مما اقتسمته ورثته

مطلب ما حد التوحيد وما الواجب على المكلف

من أمواله؛ لما تقرر أن هذا كالإحياء الذي في القبر، وتارة لا يتيقن كذلك فتبين أنه لم يزل شيء عن استحقاقه فيعود له، والحاصل أن الإحياء بعد الموت المراد به الإحياء للبعث لا الكرامة أو سؤال الملكين، والله تعالى أعلم. مطلب ما حد التوحيد وما الواجب على المكلف (سئل) عن حد التوحيد وما الواجب على المكلف اعتقاده في حق الله تعالى وفى حق الرسل عليهم الصلاة والسلام؟. (أجاب) حد التوحيد عند علماء الكلام إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفات وأفعالا، كذا ذكروا وفيه نظر؛ لأنهم أرادوا التوحيد الاصطلاحي فلم يدخل فيه بقية ما يجب لله تعالى مثل العلم والقدرة والإرادة، وما يجب للرسل من الصدق والأمانة ونحوهما، وقد يجاب بأن ذلك داخل في العبادة، ورد بأن اعتقاد ذلك وإن كان في الحقيقة عبادة إلا أنه لا يسمى في العرف عبادة، وبأنه يلزم أن يكون التعريف أعم، وإن أرادوا اللغوي فهو أعم مما ذكر، ولو قيل: إن التوحيد هو اعتقاد ما يجب لله ورسله وما يجوز وما يستحيل شرعا، كان أسلم، وأما عند أهل التصوف فهو أن لا يرى إلا الله تعالى، بمعنى أن كل فعل وحركة وسكون واقع في ذلك الكون، فمن الله تعالى وحده لا شريك له، لا يرون لغيره فعلا أصلا. وأما الواجب اعتقاده في حق الله تعالى الذي قام لنا عليه الدليل فأخذوا أربعين عقيدة، منها عقيدة واحدة وهى الوجود، ومنها خمس صفات سلبيات وهى القدم والبقاء والقيام بالنفس والوحدانية ومخالفته تعالى للحوادث، ومنها سبع صفات معنوية وهى القدرة والإرادة المتعلقتان بالممكن من الأشياء، والعلم والكلام المتعلقان بالواجب والجائز والمستحيل، والسمع والبصر المتعلقان بجميع الموجودات، والحياة وهى لا تتعلق بشيء، ومنها سبع صفات معنوية ملازمة لتلك السبع، وهى كونه تعالى قادرا ومريدا وعالما ومتكلما وسميعا وبصيرا وحيا، فهذه عشرون واجبة وضدها عشرون مستحيلة، وهى العدم والحدوث وطرو العدم والمماثلة للحوادث، وأن لا يكون قائما بنفسه، وأن لا يكون واحدا، والعجز وإيجاد شيء من العالم مع كراهته لوجوده، والجهل وما في معناه بمعلوم ما، والموت والصمم والعمى والبكم، وكونه عاجزا وكارها وجاهلا وميتا وأصم وأعمى وأبكم، والجائز في حقه تعالى صفة واحدة وهى فعل كل ممكن وتركه، فهذه أحد وأربعون عقيدة واجبة لله تعالى. وأما الرسل فيجب في حقهم الصدق والأمانة وتبليغ ما أمروا بإبلاغه للخلق، ويستحيل في حقهم عليهم الصلاة والسلام أضداد هذه الصفات وهى الكذب والخيانة بفعل شيء مما نهى عنه نهي تحريم أو كراهة وكتمان شيء مما أمروا بتبليغه للخلق، ويجوز في حقهم عليهم الصلاة والسلام ما هو من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى

مطلب من الأفضل الأنبياء أو الملائكة؟

نقص في مراتبهم كالمرض ونحوه، فهذه ثمانية وأربعون عقيدة تجب لله ورسله صلى الله عليهم وسلم، وأما الأنبياء فالواجب لهم الصدق والأمانة، ويستحيل في حقهم الكذب والخيانة، وأما التبليغ فلم يؤمروا بالبلاغ، والله تعالى أعلم. مطلب من الأفضل الأنبياء أو الملائكة؟ (سئل) هل الأفضل الأنبياء أو الملائكة؟. (أجاب) اعلم أن المسألة فيها ثلاث مذاهب: مذهب الأشاعرة أن الأنبياء أفضل من الملائكة، ولم يفصلوا، وذهب جمهور المعتزلة وبعض أصحابنا إلى تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ أي غير نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقد نقل الرازي الإجماع على أنه أفضل الخلق حتى عند المعتزلة، وبه تعلم خطأ الزمخشري في التقسيم حتى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومذهب الماتريدية التفصيل، وهو المرتضى عند المتأخرين، وهو أن خواص بني آدم وهم الأنبياء أفضل من خواص الملائكة، وخواص الملائكة كرسلهم أفضل من عوام البشر، وهم غير الأنبياء، كأبي بكر وعمر رضى الله عنهما، وعوام البشر أفضل من عوام الملائكة، وبعض هؤلاء الأصناف يفضل بعضا، إذا علمت ذلك علمت معنى قوله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} وهو أن يقال: عوام بني آدم أفضل على الكثير من الخلق، وأما القليل وهو مفهوم الكثير وهو الملائكة، فيقال فيه تفصيل وهو أن خواص البشر مفضلون عليهم وخواص الملائكة مفضلون على عوام البشر، وهو محل مفهوم القلة التي فهمت من الآية الشريفة، والله تعالى أعلم. ما يجب على الولي تعليمه للصبي الخ (سئل) عما يجب على الولي وغيره تعليمه للصبي من أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. (أجاب) اعلم أنه يجب على الولي على ترتيب ذكره ابن حجر وغيره، وكذا غير الولي بناء على أن الآتي من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تعليم الصبي ما يضطر إلى معرفته من الأمور الضرورية التي يكفر جاحدها ويشترك فيها العام والخاص، منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بمكة ودفن بالمدينة ولا بد أن يذكر له من أوصافه - صلى الله عليه وسلم - الظاهرة المتواترة ما يسره ولو بوجه، فيجب أن يبين له النبوة والرسالة وان محمدا - صلى الله عليه وسلم - من قريش واسم أبيه عبد الله وأمه آمنة، وبعث بمكة ودفن في المدينة المنورة، نبي الله ورسوله إلى الخلق كافة، ويتعين ذكر لونه لئلا يزعم أنه أسود فيكفر، هذا خلاصة ما ذكره الفقهاء، فهو - صلى الله عليه وسلم - أكمل الخلق خلقا، وهى الأوصاف الظاهرة، كوجهه الشريف وعينيه وأنفه وبقية أعضائه، وخلقا وهى الأوصاف الباطنة كالعلم والجود والشجاعة والحلم والفصاحة، فلو وزن

مطلب في رجلين اختلفا على بيت الله فما الحكم

- صلى الله عليه وسلم - بجميع أمته التي هي خير الأمم لرجحهم، فينبغي أن تعلم الأولاد في المكاتب وغيرها رواية الشمائل المنقولة عن أبى هالة، وكان وصافا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصورتها: كان - صلى الله عليه وسلم - فخما - أي عظيما في نفسه - مفخما، أي معظما في صدور الصدور وعيون العيون، يتلالأ، أي يضيء وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع وأقصر من المشذب البائن الطول، عظيم الهامة رجل الشعر لا سبط ولا جعد، إذا انفرقت عقيقته، أي شعر رأسه فرق وإلا فلا يجاوزه شحمة أذنه إذا هو وفره، أزهر اللون نيره واسع الجبين وهو ما أكشف الجبهة، أزج الحواجب سوابغ في غير قرن بينهما عرق يذره الغضب، أقنى العرنين طويل الأنف، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم، مرتفعا قصبة الأنف، كث اللحية سهل الخدين ضليع الفم عظيمه، أنسب، أي أبيض، مفلج الأسنان دقيق المسربة، ما دق من شعر الصدر، كأن جيد ريمه، في صفاء الفضة، معتدل الخلق بادنا، أي ضخم البدن، متماسكا سواء البطن عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أي رؤوس العظام، أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر كثير شعر الذراعين والمنكبين وأعالى الصدر، طويل الزندين عظيم الذراعين رحب الراحة سبط العصب، كل عظم أجوف، شثن الكفين والقدمين سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، فسيح القدمين بحيث ينبو عنهما الماء إذا أزال أزال تعلقا، ويخطو تكفؤ ويمشى هوينا ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام، صلى الله عليه وعلى إله وأصحابه وسلم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجلين اختلفا على بيت الله فما الحكم (سئل) في رجلين اختصما على بيت الله، أحدهما قال: يستحيل على الله الجهة والمكان، والآخر يقول: لا ربنا اتخذ له بيتا، ما نعرف أيا منهما على الحق؟. (أجاب) هاتان العبارتان بظاهرهما لا خطأ فيهما؛ لأن الكعبة شرفها الله تعالى بيت الله، واتخذها الله تعالى بيتا، قال تعالى {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة} لأن الإضافة في قولنا: بيت الله؛ للتشريف، ومعنى الاتخاذ أن الله تعالى جعل الكعبة مثابة للناس وأمنا، وإنما الخطأ أن يراد بالبيت ما يراد ببيت أحدنا الذي ينام فيه ويأوي إليه، فمن اعتقد هذا من القائل الأول والقائل الثاني فهو كفر يجب اجتنابه، والمشهور أن المساجد بيوت الله، بمعنى أن الله تعالى يعبد فيها، لا بمعنى حلول الله تعالى بها، فهذا لا يجوز لأحد اعتقاده، وهذا السؤال غير محرر، وفيه

مطلب في شخص خلقه الله تعالى كما اختار ثم استعمله فيما اختار، فإن أدخله النار عدل أم جار الخ

مخالفة لكلام النحاة، ولا ريب أن المكان والجهة محالان على الله تعالى، بمعنى حلوله بهما، وأما ما يقع في الكتاب والسنة من نسبة الجهة والمكان مثل {وهو الذي في السماء إله وفى الأرض إله} ومثل: «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا» الخ، فمؤول الأول بمعنى أنه مألوه؛ أي معبود في الأرض، والثاني بمعنى نزول رحمته أو ملائكته. انتهى، والله تعالى أعلم. مطلب في شخص خلقه الله تعالى كما اختار ثم استعمله فيما اختار، فإن أدخله النار عدل أم جار الخ (سئل) عن شخص خلقه الله تعالى كما اختار ثم استعمله فيما اختار، إن شاء أدخله الجنة وإن شاء أدخله النار أعدل أم جار؟. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى للحق أن أصل هذا التشكيك للمعتزلة قبحهم الله تعالى، ونقول: إن الأمر كما ذكر في السؤال، والجواب أن الاختيار صادق بالاختيار إلى عمل الجنة، فيختار له عملها، إما عملا لا يتغير أصلا أو يتغير، وفى الحديث الصحيح: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يكون ما بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» وكل ذلك على ما في العلم القديم الذي لا يتغير ولا يتبدل، فريق في الجنة وفريق في السعير، وبالاختيار إلى النار يختار له عملا، إما عملا لا يتغير أو عملا يتغير فله أن يدخل جميع الخلق الجنة بكرمه وحلمه، وله أن يدخل الجميع النار بعدله ولا ينسب له ظلم ولا جور، فتصرفه في ملكه كيف يشاء، فهو الفاعل المختار، وأصل هذا السؤال للمعتزلة أذلهم الله تعالى، كما حكي أنه دخل القاضي عبد الجبار المعتزلي دار الصاحب فرأى الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني فقال له على الفور: سبحان من تنزه عن الفحشاء، فقال الأستاذ على الفور: سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء، فالتفت إليه عبد الجبار وعرف أنه فهم مراده وقال له: أيريد ربنا أن يعصى؟ فقال له الأستاذ: أفيعصى ربنا قهرا؟ فقال له عبد الجبار: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أسا؟ فقال له الأستاذ: إن كان منعك ما هو لك فقد أساء، وإن كان منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء. فانصرف، فقال الحاضرون: والله ليس عن هذا جواب، والله تعالى أعلم. مطلب عبد الله في جهة ومكان أم لا وهل يكون معبودا في الجهة أم للجهة الخ (سئل) هل عبد الله تعالى في جهة ومكان أم لا؟ وهل عبد الله تعالى في جهة القبلة أم لا؟ فهل يكون معبودا في الجهة أم للجهة؟. (أجاب) الله تعالى جل جلاله وعظم سلطانه معبود لذاته وجلاله وكماله لما وقر في قلوب المقربين وثبت في عيون العارفين} ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله {} وهو معكم أينما كنتم {فعابده في الجهة مجسم ضال مضل قاصر النظر قاصر الدليل مطرود عن ساحة الجليل،

كتاب الطهارة

ومثل الجهة المكان والزمان؛ لأنه كان ولا مكان ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان، القديم بذاته وصفاته لا يماثل الحوادث بوجه؛ لأنه أحدثها وهو صانعا، وأين للصنعة أن تماثل الصانع، بل هو جل جلاله مخالف للمصنوعات مكانا كانت أو زمانا جسما أو عرضا، فاتق الله أيها السائل ولا تكن من الغافلين فتلحق بالأخسرين أعمالا} الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا {فلو علمت القدم لمولانا تعالى ومخالفته للحوادث لما سألت هذا، والله هو الكبير المتعال، وإنما نتوجه للقبلة لأمره تعالى لنا بذلك، لا لأنه في جهة القبلة، تعالى علوا كبيرا عن الجهة والمكان والزمان، وعما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا، ولا يكون معبودا في الجهة ولا لجهة، فالله معبود لذاته وصفاته لما له من الكمال والجلال والإنعام والإفضال، فمن عبده للذات فهو كامل الصفات متأدب مع رب الأرض والسماوات، ومن عبده لنعمه فهو أسير الشهوات ناقص الرتبة عن مقام الأول، ومن عبده لأمره ونهيه فذاك من أقل المقامات ومن أنزل الحالات، فهو كحمار الرحى يدور معها بالندهة ويقف عند أمره بالوقوف، فهو أسير لذلك قاصر النظر واقف مع الأثر غائب عن الخبر، وما عدا هذه الثلاث مراتب فكلها ضلال ووبال وخيبة وخسران ومرتكبها حيران وفى الآخرة ندمان؛ لأنه ضل عن الطريق ولم يجد له من رفيق ولا صديق لأنه ضل عن سواء الطريق، فإني لك من الناصحين والمحذرين، فارجع عن هذا الوهم الذي ينزل بك إلى أسفل السافلين، فأنت معه على شفا جرف هار، والله هو الواحد القهار، وهذا السؤال يدل على أن سائله جاهل غافل لا يعقل، فليرجع عما سول له شيطانه فأوقعه في ضلال مبين، والله هو الموفق أعلم. مطلب: كتاب الطهارة (كتاب الطهارة) مطلب الفأرة والكلب إذا ماتا في الماء ما حكمه الخ (سئل) عن نحو فأرة أو كلب يقع في الماء الكثير فيموت فيه، ثم تارة يخرج منه قبل التغير، وتارة بعد تغيير الماء وتارة لا يخرج إلا بعد أن ينهري وتتقطع أجزاؤه، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) أما في الحالة الأولي فهو طهور على حالته قبل الوقوع لا فرق بين أن يكون الواقع كلبا أو غيره؛ لعدم سلب الطهورية، وأما في الحالة الثانية ولو كان التغير يسيرا فالماء ما دام متغيرا نجس إجماعا، والتغير المؤثر طعم أو لون أو ريح أخذا من مفهوم حديث: «ما لم يغلب على طعمه أو لونه أو ريحه» المقيد ذلك بمنطوق: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا» وأما في الحالة الثانية فقال في الروض وشرحه لشيخ الإسلام: وإن كثر الماء وتمعط فيه فأرة مثل عبارة الأصل وتفتت فيه شيء نجس كفارة تمعط شعرها ولم يتغير فهو طاهر، بمعنى طهور تعذر، وفى نسخة:

مطلب ما القصد من الطهارة التي هي الوضوء أو الغسل الخ

لكن يتعذر استعماله باغتراف شيء منه بدلو أو نحوها إذ لا يخلو دلو، وفى نسخة: كل دلو منه، أي مما تمعط، فلينزح ما يغلب على الظن خروجه فيه، عبارة الاصل، فيستقي الماء كله ليخرج الشعر معه، فإن كانت العين فوارة وتعذر نزح الجميع نزح ما يغلب على الظن أن الشعر كله خرج معه، فإن اغترف قبل النزح ولم يتيقن فيما اغترفه شعرا لم يضر، وإن ظنه كما صرح به الأصل عملا بتقديم الأصل على الظاهر، وبهذا علم أن المراد بالتعذر فيما مر التعسر. انتهى. ولكن نحن سبرنا ذلك فوجدنا الأجزاء ترسب في أسفل الماء، فإني امتحنت بئرا بالتصفية فلم نر للشعر أثرا، فالظاهر أنا نستقي من ذلك الماء، فإن تحققنا شعرا وعينا من النجس الواقع، فإن كان عينا نحو كلب أريق الماء وغسل الدلو، وإن كان نحو كلب فلا بد من التسبيع، إحداهن بالتراب، ولكن إذا قل الماء فينبغي أن يصير نجسا لكون النجاسة في المقر، والله تعالى أعلم. مطلب ما القصد من الطهارة التي هي الوضوء أو الغسل الخ (سئل) ما القصد من الطهارة التي هي الوضوء والغسل والتيمم وإزالة النجاسة؟. (أجاب) الطهارة لغة: النظافة والخلوص من الأدناس، حسية كانت أو معنوية، فلما كان القصد من ورود الشرع طهارة القلوب ليصلح العبد لتجلي أسرار علام الغيوب بإزالة حسدها ورياها وعجبها وغيها وضلالها وارتكاب آثامها، طلب منا طهارة ظاهرة؛ لأن طهارة الظاهر تدل على طهارة الباطن، حتى نكون في عبادتنا على طهارة حسية كالوضوء والغسل، ومعنوية كالتبري من العيوب، ولهذا قال الغزالي قدس سره أن معرفة حدود نحو العجب والرياء والكبر وعيوب النفس وعلاجها والتبري منها، فرض عين على كل مكلف. وقد يقال: إن أسبابها وهى الحدث والجنابة والنجاسة، لما كانت صادرة عن مخالفة وهى الأكل من الشجرة الناشئ عنه الحدث والشهوة طلب منا إزالة آثارها وما قاربها، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب ما حد الطهارة الشاملة الوضوء (سئل) ما حد الطهارة الشاملة للوضوء والغسل والتيمم، الواجب والمندوب من ذلك؟. (أجاب) اعلم أنها عرفت بتعاريف كثيرة وكلها لا تخلو عن نقص، ولو قيل في تعريفها بأنها فعل مطلوب شرعا على وجه مخصوص يلزمه وصف تصح معه نحو الصلاة، فيدخل في الوجه المخصوص مندوب الطهارة، لكان أسلم، والله تعالى أعلم. حكم الفرق من الماء القليل أو المائع الخ (سئل) عن إنسان غرف من مائع أو ماء قليل من دنين بمغرفة واحدة، فوجد في المشترك الخارج منهما فأرة أو نجاسة، فكيف الحكم؟. (أجاب) الحكم في ذلك أنه يجتهد، فإن ظنها في الأول واتحدت المغرفة ولم تغسل بين الاغترافين، حكم بنجاستهما، وإن ظنها من الثاني أو من الأول، اختلفت المغرفة أو اتحدت، وغسلت بين الاغترافين، حكم بنجاسة ما ظنها فيه. انتهى، والله

مطلب ما مقدار القلتين بالرطل القدسي والشامي وغيرهما الخ

تعالى أعلم. مطلب ما مقدار القلتين بالرطل القدسي والشامي وغيرهما الخ (سئل) ما مقدار القلتين بالرطل القدسي؟. (أجاب) اعلم أن ابن رسلان ذكر أنهما فوق ثمانين قريب رطل، وذكر ابن علان أنهما بالمقدس ثمانون رطلا وثلث رطل وربع أوقية ودرهمان وثلث درهم وثلث سبع درهم، وهذان القولان بناء على ما كان زمنهما، وأما الآن فهما بالرطل المقدسي وهو تسعمائة درهم: اثنان وسبعون رطلا وتسعا رطل، ومثل ذلك رطل الرملة والخليل ونابلس، وبالدمشقي مائة رطل وسبعة وسبع رطل، والله أعلم. مطلب في عنب درس وعصر ووجد به نجاسة الخ (سئل) في عنب درس وعصر ثم أفرد درسه ليدرس ثانيا، وذهب الدارسون عنه فوجد بأعلاه ضفضع ميتة جافة، فألقيت وما حولها، فهل يحكم على باقي الدريس أو الماء النازل منه أنه نجس؟ (أجاب) حيث كان الأمر كذلك فلا يحكم على الدريس ولا على الماء النازل من العنب بالنجاسة؛ لأن هذا حادث والأصل أن يقدر بأقرب زمن، على أن جفافها دال على أنها لم تكن في العنب حال درسه ولا حال عصره لاحتمال أن طائرا رماها أو علقت برجل إنسان ووقعت على الدريس، والله تعالى أعلم. مطلب في بئر واسع الأطراف إذا مر الماء النازل فيه على نجاسات ما حكمه؟ (سئل) في بئر واسع الأطراف بعيد الأكناف، بحيث يكون قللا عديدة، ومساحته بعيدة تزيد على عشر في عشر، صفا ماؤه وخلا عن الكدر، ولكن ماؤه النازل فيه يمر من الطرقات مع اشتمالها على النجاسات، وربما وقع فيه نجس العين، ومع ذلك لم يتغير له طعم ولا لون ولا ريح، فهل يجوز استعماله في العادات والعبادات كالوضوء والغسل أو لا؟. (أجاب) حيث كان الماء لا يوجد فيه طعم النجاسة ولا لونها ولا ريحها، فهو طاهر طهور يجوز استعماله في العادة والعبادة، في الوضوء والغسل وغيرهما، فقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن بئر من آبار المدينة المنورة تلقى فيه خرق الحيض والجيف، فقال: «الماء لا ينجسه شيء ما لم يغلب على طعمه أو لونه أو ريحه» وبعمومه أخذ مالك أن الماء لا ينجس ولو قل إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه، وقال الشافعى: بشرط أن يكون الماء قلتين فأكثر، وقدرهما تقريبا خمس قرب صغار، وأبو حنيفة شرط أن يكون عشرا في عشر، فعلم أن الماء إذا استبحر لا ينجس اتفاقا، إلا إذا تغير لونا أو طعما أو ريحا. انتهى، والله أعلم. مطلب في حكم البئر الواسعة جدا وقال قائل أنها نجسة ولم توجد النجاسة ما حكمه؟ (سئل) في بئر ماء واسع جدا فيها ماء صاف غير متغير الطعم أو اللون والريح، فهل يعمل بقوله من قال أنها نجسة والحالة هذه أو لا؟. (أجاب) مثل هذا الماء الكثير البعيد الأقطار المنتفي عنه التغير طعما ولونا وريحا، طاهر باتفاق الأئمة الأربعة، فلا نظر لقول جهول مع الحمير يرتع ولا يعرف يسجد ويركع. انتهى والله أعلم. مطلب البئر الكبيرة إذا وقع بها كلب وخرج حيا ما حكمه؟ (سئل) عن بئر كبير فيه ما يزيد على قلتين أضعافا مضاعفة، وقع فيه كلب وأخرج منه ميتا ولم يغير

مطلب بئر يزيد ماؤه على القلتين مكث فيه كلب أربعة أيام ولم يتغير ماؤه

الماء طعما ولا لونا ولا ريحا، فما حكم هذا الماء؟. (أجاب) حيث لم يحصل تغير طعم أو لون أو ريح فالماء طاهر طهور يجوز استعماله في الطهارة في الثوب والبدن، والوضوء والغسل والشرب، وغير ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب بئر يزيد ماؤه على القلتين مكث فيه كلب أربعة أيام ولم يتغير ماؤه (سئل) في بئر فيه ماء يزيد عن القلتين بشيء كثير، وقع فيه كلب مكث نحو أربعة أيام، ثم أخرج من غير تغير بالماء، ثم ورد عليه ماء من المطر حتى أملاه وفاض منه، أي نزل لآبار تحته ملأها، فما حكم الماء الأول والثاني الوارد؟ ز (أجاب) الماء الأول الذي وقع فيه الكلب ولم يتغير به، طاهر لكثرته، وكذلك الماء النازل فيه من المطر طاهر، وكل ماء نازل منه لغيره طاهر طهور، نعم باب البير إن أصابه الكلب حال خروجه مع الرطوبة يغسل سبعا بتراب طهور، ويكفيه ماء المطر النازل فيه مع التراب الطاهر من الأرياح، والله تعالى أعلم. مطلب ماء النيل إذا نفذ من حانوت لم تعلم نجاسة الحانوت ما حكمه؟ (سئل) في نيل مائع نفذ في أرض حانوت لم تعلم نجاسته، فهل ينجس النيل المائع بأرض الحانوت؟. (أجاب) من القواعد المقررة أنا لا ننجس بالشك، ولهذا لا يحكم على مصاب طين الشارع بالنجاسة، والمكان الذي لا تعلم نجاسته بأن علم طهارته أو شك في طهارته، فلا تنجس به، فحيث لم يعلم بأرض الحانوت نجاسة لامسها النيل فلا يحكم عليه بالنجاسة، والله أعلم. مطلب حكم القصرمل الذي هو رماد الأرواث الخ (سئل) ما قول مولانا وسيدنا الذي تصدر لإلقاء الدروس وانجلت مشكلات المسائل حين تجلت بين يديه ظاهرة كالعروس، وازدحم السائلون ببابه والمنهل العذب كثير الزحام، وبين بفتاويه معضلات الأحكام من حلال وحرام، فيما عمت به البلوى بالديار المباركة القدسية من تطيين الأسطحة بالقصرمل، ويحصل الدلف في زمن الشتاء فيصيب الأبواب ويعسر التحذر عن ذلك، هل تصح الصلاة في ذلك الثوب المصاب عند من يقول بنجاسة عينه أو لا؟ أفيدوا الجواب لتنالوا الثواب من الله العزيز الوهاب، بالنقول من كلام الأئمة الأنجاب، لا زالت فتاويكم طائرة بأجنحة الأوراق في سائر الأفاق وتفتخر بكم الديار القدسية على غيرها من الأمصار وتشرق بوجودكم إشراق الدنيا لشمس النهار. (أجاب) نص أئمتنا على أن ذلك ومثله مما يعسر الاحتراز عنه يعفى عنه؛ لأن المشقة تجلب التيسير، ومما يعفى عنه أواني الفخار المعمول برماد الزبل، نص الشافعي رضى الله عنه على العفو، ومن ذلك الخبز الذي يخبز بالزبل الموقود، فيعفى عنه مع وجود الرطوبة، ومن ذلك ما يصيب القمح ونحوه حال الدياسة من روث البقر وبولها، وكذلك ما يصيب الحراث من بولها حال الحرث، والضابط أن كل ما يعسر الاحتراز منه ويشق الأمر فيه يعفى عنه، كما في طين الشارع النجس يقينا، ومسائل العفو كثيرة مذكورة في المبسوطات ولابن العماد فيها رسالة تراجع، والله تعالى أعلم. مطلب إناء الفخار إذا دهن أسفله بدم وشيد الذي هو الجير ما حكمه الخ (سئل) في إناء فخار يسمى سفلا، دهن أسفله بدم وشيد، فهل

مطلب في آداب الخلاء

هو نجس؟ وهل يطهر أو لا؟. (أجاب) لما عجن الشيد بالدم صار ذلك نجس العين لامتزاج الدم بالشيد، ولا يمكن طهره بعد ذلك لأنه صار نجس العين، فداخل السفل طاهر وما يوضع فيه من مائع وماء طاهر أيضا وأما أسفله الذي دهن بالشيد مع الدم فنجس لا يطهر، فإن اتصل به مائع أو ماء أو رطب تنجس، والله أعلم مطلب في آداب الخلاء (فصل في آداب الخلاء) مطلب الاستبراء من البول واجب (سئل) هل الاستبراء من البول واجب أم مستحب من الرجال والنساء؟. (أجاب) اعلم أن المراد انقطاع البول بحيث يغلب على الظن انقطاعه، سواء كان ذلك باستبراء أو غيره، من رجل أو امرأة، فإن علم أنه لا ينقطع إلا باستبراء وجب بنثر ذكر أو مشي أو تنحنح، وإلا استحب، وعلى هذا التفصيل يحمل القولان، والله أعلم. مطلب المقدم في الاستنجاء القبل أم الدبر (سئل) هل المقدم في الاستنجاء القبل أم الدبر؟ (أجاب) اعلم انه يسن تقديم القبل على الدبر في الاستنجاء بالماء وعكسه في الحجر، على المعتمد، هذا إذا اقتصر على أحدهما، وإذا جمع بينهما فالأقرب أن يقدم القبل لأنه أقرب لإزالة النجاسة، والله تعالى أعلم. مطلب الاستنجاء تعتريه الأحكام الخمسة (سئل) عن قول ابن حجر في شرح الإرشاد: الاستنجاء تعتريه الأحكام الخمسة، يكون واجبا من ملوث ويكون حراما بالعظم والمأكول، ويكون مكروها باليمين ومن الريح، ومستحبا بالجمع بين الماء والحجر، ويكون مباحا وهو الأصل، فقد يتوقف في تصوير المباح. (أجاب) اعلم أن الواجب مقيد بما إذا أراد القيام للصلاة، فإذا لم يرد القيام لها كان مباحا، والله تعالى أعلم. مطلب حكم ما لو جف الخارج أولا ثم جف (سئل) عما لو خرج الخارج أولا وجف ثم خرج ثانيا وعم ما عمه الأول، هل يجزئ الحجر ولو من غير جنسه أو لا؟. (أجاب) نعم يجوز الاستنجاء بالحجر إذا عم الخارج ما عمه الأول أو زاد عليه، ولو من غير الجنس، كأن خرج الأول بول ثم خرج مذي أو ودي أو دم، فيجزئ الحجر، والله أعلم باب الوضوء (باب الوضوء) مطلب هل الوضوء من خصائص هذه الأمة (سئل) هل الوضوء من خصائص هذه الأمة؟ (أجاب) ليس من خصائص هذه الأمة وإنما الخاص بها الغرة والتحجيل والكيفية المخصوصة، ولا ينافي قول ابن حجر أما الغرة والتحجيل والكيفية، لأن (أو) مانعة خلو، فتجوز الجمع أو لأن الغرة والتحجيل داخلان في الكيفية، ويدخل فيها الترتيب على مذهب من ذهب، فإن قلت: لا نرى أحدا من الأمم السابقة يتوضأ، لا من اليهود ولا من النصارى، قلت: نفي الخصوصية عنا بالنظر للأنبياء، وأما بالنظر لأممهم فهو خاص بنا مطلقا، قال الجلال في إتمام النعمة في اختصاص الإسلام بهذه الأمة: وقد خصت هذه الأمة من بين سائر الأمم بخصائص لم تكن لأحد سواها إلا للأنبياء فقط، من ذلك الوضوء

مطلب لو كان له شعر طويل ومسح عليه

فإنه خصوصية لهذه الأمة ولم يكن أحد من الأمم يتوضأ إلا الأنبياء فقط. انتهى. أقول: ويرشد لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي» وفى ذلك فضيلة ومزية لهذه الأمة حيث ساوت الأنبياء في هذه الفضيلة دون أممهم، والله تعالى أعلم. مطلب لو كان له شعر طويل ومسح عليه (سئل) عما لو كان له شعر طويل ومسح عليه، هل يكفي أو لا؟. (أجاب) نعم يكفى المسح عليه، لكن بشرط أن يكون في حد الرأس بأن لا يخرج بالمد عنه من جهة نزوله، فلو خرج به عند مسحها لم يكف المسح على الخارج، والله أعلم. مطلب شافعي دعته الضرورة لمس حليلته الخ (سئل) عن رجل شافعي المذهب دعته الضرورة في أغلب الأوقات لمس حليلته، فلم يبق له وضوء وأئمتنا السادة الأبرار صرحوا بأن المس من النواقض، وعند الإمام أبي حنيفة المس لا ينقض الوضوء، فهل يسوغ للشافعي أن يقلد مذهب الإمام أبي حنيفة في المس فقط أم لا يجوز؟ وإن قلتم بالجواز هل يشترط أن يقلده في أشباهه أم كيف الحال؟ أزيلوا عنا ما أهمنا من هذا الأمر ولكم الثواب. (أجاب) نعم يجوز تقليد كل واحد من الأئمة الأربعة ولا سيما الإمام الأعظم أبي حنيفة، قدس سره العزيز، ولكن بشرط أن لا يتتبع الرخص، وبشرط أن لا يأتي بحقيقة لا يقول بها أحد من الأئمة، مثل أن يمس زوجته ويتفصد ويمسح بعض شعرات من رأسه ولا ينوي ويصلي، فلا بأس إذا قلد الإمام المذكور أن يراعي خلاف مذهبه، والله أعلم مطلب باب مسح الخفين (باب مسح الخفين) مطلب إذا انتهت المدة أو تخرق الخف ما حكمه الخ (سئل) إذا انتهت مدة المسح أو تخرق الخف أو انخلع وظهر محل الفرض، والشخص على طهر، ووجب غسل قدميه، فهل يحتاج لنية غسل قدميه؟. (أجاب) نعم يحتاج لها إلى نية لأن نيته في الوضوء لم تشمل غسل قدميه، بل المسح، ويظهر أنه يستحب له صلاة ركعتين لاستباحة الصلاة بما فعله ولم أر هذه منقولة لكنها مقتضى القياس والأولى، ذكرها الشيخ الشنواني في حاشيته على المنهج، والله تعالى أعلم مطلب باب الغسل وهل الغسل من خصائص هذه الأمة أو لا (باب الغسل) (سئل) هل الغسل من خصائص هذه الأمة؟ (أجاب) في كلام بعضهم أنه ليس من خصائص هذه الأمة، بل هو من شرع إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الملك الجليل، والله أعلم. (سئل) عما لو انغمس جنب في ماء قليل وارتفع حدثه، ثم حصل له حدث آخر، فهل له أن يرفعه إذا لم ينفصل عن الماء؟. (أجاب) نعم له رفع الحدث سواء كان أكبر أو أصغر ثانيا، بشرط أن لا ينفصل عن الماء لأنه لا يصير مستعملا إلا إذا انفصل، والله تعالى أعلم. مطلب رجل اغتسل من الجنابة الخ (سئل) في رجل اغتسل من الجنابة ولما لبس ثيابه وجد في كعبه لمعة ناشفة، فهل سقطت عنه الجنابة؟. (أجاب)

مطلب رجل يقرأ القرآن ويخل به فهل إذا حلف رجل أنه لم يكن قرآنا لا يحنث الخ

يغسل هذا الموضع الذي وجده ناشفا، فقد تم بذلك غسله وإلا فالجنابة باقية إن لم يغسله، والله أعلم. مطلب رجل يقرأ القرآن ويخل به فهل إذا حلف رجل أنه لم يكن قرآنا لا يحنث الخ (سئل) في رجل يقرأ القرآن ولا يحسن قراءته، ويخل به إعرابا وأحكاما، فهل إذا حلف إنسان بالطلاق الثلاث أو غيره انه لا يسمى قرآنا، لا يحنث؟ وهل إذا قرأه جنب كذلك لا يحرم عليه؟. (أجاب) سألت شيخنا الشيخ محمد البقري عمن يقرأ القرآن ولا يغن فيه بالنون المشدودة والميم، فقال: سألت شيخنا اليمني شيخ القرى في ذلك الوقت عمن يقرأ القرآن ولا يغن فيه، فقال لي: لو حلف حالف بالطلاق أنه لا يسمى قرآنا لا يحنث، فهذه أولى بعدم الحنث، ويظهر أن الجنب إذا قرأه كذلك لا يحرم عليه لما علم أنه ليس بقرآن، والله تعالى أعلم. مطلب من رأى في نومه أنه يباشر أو يلامس أو يجامع من غير إنزال لا يجب عليه الغسل (سئل) في رجل يرى في منامه أنه يباشر أو يلامس أو يجامع فتحصل له لذة ويستيقظ عليها بعد صحوه من النوم ويجزم أنه حصل له الإنزال والتدفيق، فبعد أن يسكن التدفق يفتش حاله في ثوبه وبشرته وفى المنفذ حالا، فلا يجد شيئا لا عينا ولا أثرا، فيحصل له الشك، فيعصر الفرج فربما خرج شيء يرطب المنفذ من غير لذة وتدفق ولا فيه صفة من صفات المنى. (أجاب) لا ريب أن هذا الرجل شاك في حصول الإنزال الموجب للغسل، وقد ذكر ابن حجر أن مثل هذا مخير، ولو بالتشهى، أن يجعل ما ذكر منيا فيغتسل أو مذيا ووديا فيتوضأ، وعبارته: نعم لو شك أمني هو أو مذي، تخير ولو بالتشهي، فإن جعله منيا اغتسل أو مذيا ووديا توضأ؛ لأنه إذا أتى بأحدهما صار شاكا في الآخر ولا إيجاب مع الشك، وقد أفتى الرملي أنه لو اختار كونه منيا لا يحرم عليه ما يحرم على الجنب؛ للشك في الجنابة، ثم قال ابن حجر: ولو رأى منيا محققا في نحو ثوبه لزمه الغسل وإعادة كل صلاة تيقنها بعده ما لم يحتمل الإعادة فيما يظهر حدوثه من ميزه والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب باب النجاسة وإزالتها (باب النجاسة وإزالتها) مطلب زيت وجد فيه فأرة ما حكمه (سئل) عن زيت ببئر السيد الخليل عليه صلوات الملك الجليل، وجد فيه فأر ميت وهو جامد، إذا أخذ منه شيء لا يتراد عن قرب، فهل هو طاهر يجوز إيقاد المسجد به أو لا؟. (أجاب) إذا كان الزيت الموجود في البئر إذا أخذ منه شيء لا يتراد عن قرب، فيلقى الفأر وما حوله والزيت طاهر يجوز إيقاد المسجد المذكور وغيره منه، وكذلك يجوز غير الإيقاد كالأكل، وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تموت في السمن فقال: «إن كان جامدا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعا فاستصبحوا، أو فانتفعوا به» ولكن استثني من الاستصباح المساجد لشرفها، والله أعلم. مطلب بئر زيت وجد فيه فأرة بعد أن أخذ منه فما حكم ما أخذ (سئل) في بئر زيت أخذ منه حصة ثم بعد ساعة أرادوا إخراج بقية ما فيه فوجدوا فيه فأرا،

مطلب النشادر هل هو طاهر أو نجس

فهل يكون ما أخذ منه سابقا نجسا أو لا يحكم إلا بنجاسة الباقي في البئر وقت الاطلاع على الفأر؟. (أجاب) هذا حادث ويقدر تقديره بأقرب زمن، فلا يحكم إلا على الباقي بالنجاسة لاحتمال حدوثه بعد أخذ الأول منه، وما أخذ منه أولا لا يحكم عليه بالنجاسة، ولأنا لا ننجس بالشك، والله أعلم. مطلب النشادر هل هو طاهر أو نجس (سئل) عن النشادر هل هو طاهر؟. (أجاب) عبارة ابن حجر في باب الوضوء في ذكر شروطه: ولا يضر اختلاط الخضاب بالنشادر، ولأن الأصل فيه الطهارة، فقد أخبرني بعض الخبراء أنه يعقد من الهباب من غير إيقاد عليه بالنجاسة، فغايته أنه نوعان، وعند الشك لا نجاسة، على أن الأول منه مادة طاهرته طاهرة، وهي التين ونحوه، ولا يضر الوقود عليه بالنجاسة. انتهى باختصار، والله أعلم. مطلب القلى إذا نقع بماء نحس وطبخ به ماحكمه (سئل) فيما إذا نقع القلى بماء نجس وطبخ بذلك الماء واستخرج وعمل زجاجا، فهل يكون ذلك الزجاج نجس العين ولا يطهر بالغسل أو يطهر بالغسل؟ وهل يطهر ظاهره وباطنه أو ظاهره فقط؟. (أجاب) نص أئمتنا على السكين إذا سقيت بماء نجس تطهر بالغسل، مع أنا نقطع بدخول الماء النجس باطنها بدليل برده بعد حرارة الباطن، وكذلك اللحم إذا طبخ في الماء النجس يطهر بصب الماء عليه وإن لم يعصر، فالظاهر أن الزجاج هنا يطهر بالغسل ظاهرا وباطنا؛ لأن الماء النجس رطوبات قد جفت ولا عين للنجاسة موجودة حتى يحكم عليه بالنجاسة، ولا يحكم بطهارته مثل تراب المقبرة لاختلاطه بصديد ودم الموتى، على أنه لو ذهب ذاهب إلى طهارته بالاستحالة كما في الخمر خلا ودم الظبية مسكا، لم يكن بعيدا لأنها إلى استحالة لا إلى فساد، بل لصلاح ولكن لم نره، والله أعلم مطلب: كتاب الصلاة (كتاب الصلاة) مطلب الصلاة تجاه قبور الأنبياء أو غيرهم ما حكمها (سئل) عما يقع في الأرض المقدسة من صلاة أهلها عند قبر داود على نبينا وعليه وسائر الأنبياء الصلاة والسلام، وصلاة أهل الخليل في مسجد الخليل عليه الصلاة والسلام، وصلاة زائري موسى عليه الصلاة والسلام، في مسجده الشريف، هل تبطل الصلاة أو تحرم أو تكره؟ وهل تؤخذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»؟. (أجاب) الذي نص عليه الأئمة أن المصلي إذا توجه لقبر النبي عليه الصلاة والسلام وقصد الصلاة إليه فإنها تحرم، ولكن تنعقد لأن الحرمة الراجعة للمكان لا تقتضي البطلان لعدم لزوم مكان معين للصلاة، بخلاف الزمان فإن النهي المتعلق به يقتضي البطلان للزومه للعبادة، وهذا مأخوذ من لفظ الحديث لأن الاتخاذ لغة يكون بالقصد، أخذا من «قوله - صلى الله عليه وسلم - في جواب سؤالهم: أنتخذ الخمرة خلا؟ قال: لا» أى لا تعالج

بالقصد بالأدوية، بخلاف ما إذا تخللت بنفسها، ولا يخفى على أديب منصف يريد الحق أنه ليس أحد من أهل تلك البلاد يتوجه بالقصد لإيقاع صلاته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وغالب هذه الأماكن المنسوبة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام محل الصلاة فيها خارج عن قبورهم، كما يعلم بالمشاهدة؛ لأن الواضعين لها جعلوا للصلاة محلا، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم محال مخصوصة، وإن كان يمكن الصلاة إليها فلا قصد لأحد من الناس على الوجه المذكور، نعم بعضهم يصلي فيها بقصد التبرك بالأنبياء الكرام لا إليهم عليهم الصلاة والسلام، على أن المراد من الحديث احترام الأنبياء الكرام وتعظيمهم بأن تصان أماكنهم عن كثرة دخول الناس لها، وإن فرض وقدر أن رجلا صلى إليهم بالقصد نمنعه من ذلك ونقول له: هذا حرام لا يجوز، فقد ظهر لك أن الحديث دال على القصد، فإن وجد حرمت الصلاة وإلا فلا تحرم، والأخذ بظاهر الحديث خطأ كما علم، والله تعالى أعلم. ملطب الأدلة التي بينت أوقات الصلاة به الخ (سئل) عما بين به أوقات الصلوات من الأدلة التي يغلب على الظن صحتها. (أجاب) أما وقت الظهر فيعرف بالزوال ويعرف ذلك بأن تقف على جهة القبلة ناظرا إلى الشمس، فإن رأيتها على عينك اليسرى فقبل الزوال وإن رأيتها بين عينيك فوقت الاستواء، أو على عينك اليمنى فبعد الزوال وقد دخل وقت الظهر، وبأن تنصب شاخصا على بسيط الأرض ويصير الظل معه مستويا، فما دام الظل في النقصان فقبل الزوال، وإن وقف فوقت الاستواء، وإن أخذ في الزيادة فوقت الزوال، والظل المنكوس قبل الزوال يزيد ظله ثم يذهب وهو ظل ما كان معترضا على سطح الأرض مثل الأوتاد المثبتة في الحيطان، ثم تأخذ الشاخص الذي هو قائم على سطح الأرض فإذا صار ظله مثله غير ظل الاستواء دخل وقت العصر، ويعرف ذلك بالأقدام من الظل، وقد نظمت ذلك في قولي: وللظهر مع عصر حروف يا أخي طزه جبا أبدو حى ... وذلك من كانون فابدأ يا +ول مرتبة فادر المراتب يا صفي ... وزدها في عصر مقدار قامة بأقدام سبع غير ثلث وذاك لي وذلك بأن تقف مستقبل القبلة كاشفا رأسك فإذا كنت في كانون الأول مثلا وكان ظل قامتك تسعة أقدام عدد الطاء، فيدخل وقت الظهر، فإذا زدت قدر قامتك وهو سبعة أقدام إلا ثلثا دخل وقت العصر، ولكانون الثاني سبعة أقدام للظهر وخمسة أقدام لشباط، وتزيد قدر قامتك للعصر، وهكذا بقيه الحروف على بقية أشهر الروم، فإن الحروف اثنا عشر، وكذلك الأشهر، والله تعالى أعلم.

مطلب باب الأذان

مطلب باب الأذان (باب الأذان) (سئل) ما معنى ألفاظه إفرادا وإجمالا وعن أول من زاد الصلاة والسلام بعد الأذان وأول من أحدث التسبيح على المنابر، وما سبب مشروعيه الأذان؟. (أجاب) معنى قول المؤذن: الله أكبر؛ أي من كل شيء، أي من ناقوس تدعو به النصارى ومن نار تدعو بها المجوس، بل ومن صلاتك أيها المؤمن المدعو لها، فالله أجل وأعظم من ذلك، فإذا سمع الموحد ذلك تحرك منه باعث قوي دعاه إلى الإقبال على الله تعالى وعلى عبادته، واحتقر نفسه وعبادته في جانب الله تعالى، واستغرق فيه جلال الله وعظمته، وكرر التكبير زيادة في الألفاظ والتنبه للعابدين والمردع للغافلين والخيبة والخسران للمشركين، ولهذا شرع الأذان عند الفرح كالمولود وعند الهم وتمرد الجن، أو يقال: الله أكبر، الأول من معبودات العابدين غير الله، وأفضل ليس على بابه، والثاني، أي من صور المصورين، والثالث من عبادة العابدين، والرابع من خواطر العارفين، وأشهد، معناه أعلم، وأذعن، وكرر الأولى إعلاما والثانية إغاظة للمشركين وردعا وزجرا للمخالفين، وجمع بين الشهادة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ليكون آتيا بما يتم به الإيمان، وقدم الشهادة لله على الشهادة لرسوله لترتيبهما كذلك في الإيمان. ومعنى حي: أقبل، فالمعنى: أقبلوا على الصلاة، والأولى إعلاما والثانية إغاظة وردعا، والفلاح: الفوز بالمطلوب؛ أي أقبلوا على سبب ذلك وهو الصلاة، وفي تكريرها ما مر، وأما ذكرها بعد الصلاة فإشارة إلى أن الصلاة هي الفوز لا غيرها، ولهذا ورد: «أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن سلمت له نجا وإلا فلا /: ومعنى الأذان إجمالا أنك أيها المؤمن إذا علمت أن الله تعالى أكبر من كل شيء فأذعن له ولرسوله، وأقبل على عبادته التى هي فلاحك وفوزك وظفرك بالمقصود، وأعاد التكبير إشارة إلى أنك لا تقف مع سيرك على حال من أحواله التي تظهر لك، بل كلما ظهر لك حال فقل: المقصود أمام، الله أكبر، ولهذا شرع لك التكبير في أول الصلاة والإقامة أيضا، وختم بلا إله إلا الله؛ ليختم بالتوحيد كما بدأ بالتعظيم، وكذلك أن المقصود والمحط هو التوحيد المسبوق بالتعظيم. وأول ما زيدت الصلاة والسلام بعد كل أذان على المنارة في زمن السلطان المنصور حاجي ابن الأشرف شعبان بن حسين بن محمد قلاوون، بأمر المحتسب نجم الدين الطسدي، في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان حدث قبل ذلك في زمن صلاح الدين ابن أيوب؛ إذ يقال قبل أذان الفجر في كل ليلة بمصر: الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستمرت إلى سنة سبع

مطلب عن أول من أذن في السماء

وستين وسبعمائة، فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسي أن يقال: الصلاة والسلام عليك، كما مر. وأول ما حدث التسبيح على المنابر في الأسحار في زمن موسى عليه السلام حين كان بالتية فاستمر إلى بناء داود عليه السلام بيت المقدس، فرتب فيه عدة يقولون به على الآلات، وبعده بلا الآلات من ثلث الليل الأخير إلى الفجر إلى أن خرب بيت المقدس بعد قتل يحيى، وحدوثه في مسألتنا بمصر زمن سلمة بن مخلد الصحابي أمير مصر، لما اعتكف بجامع عمرو بن العاص سمع أصوات النواقيس عالية فشكى ذلك إلى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين فقال: إني آمرهم بالأذان من نصف الليل إلى قرب الفجر، كأنهم ينغضون إذا أذنت. وأما سبب مشروعية الأذان ما روى أبو داود وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال «لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يعمل ليضرب به الناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: ما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، فقال: ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، إلى آخر الأذان، ثم استأخر عنى غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا قمت إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر، إلى آخر الإقامة، فلما أصبحت أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت فقال: إنها رؤيا حق إن شاء الله تعالى، قم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فإنه أندى منك صوتا، فقمت مع بلال فجعلت ألقي عليه فيؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج وهو يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق نبيا يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال - صلى الله عليه وسلم -: فلله الحمد» لا يقال أن الأحكام لا تثبت بالرؤيا؛ لأنا نقول: رؤيا صادفها وحي كما روى البزار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الأذان ليلة الإسراء وسمعه مشاهدة فوق سبع سماوات، ثم قدمه جبريل فأم أهل السماء وفيهم آدم ونوح عليهم أفضل الصلاة والتسليم، فأكمل له الشرف على أهل السماوات والأرض، والله تعالى أعلم. مطلب عن أول من أذن في السماء (سئل) عن أول من أذن في السماء وأول من أذن في الأرض في الإسلام وأول من أذن في مكة وأول من بنى المنابر؟. (أجاب) أول من أذن في السماء جبريل، وأول من أذن في الإسلام بلال بن رباح، وأول من أذن في مكة حبيب بن عبد الرحمن، وأول من بنى المنابر بمصر سلمة بن مخلد الصحابي، والله تعالى أعلم مطلب باب التوجه للقبلة (باب التوجه للقبلة) مطلب ما المراد بوجوب التوجه (سئل) ما المراد بوجوب التوجه للكعبة في الصلاة؟ هل المراد العين أو الجهة

مطلب تعلم الأدلة الموصلة إلى معرفة القبلة

يقينا أو ظنا؟. (أجاب) الواجب عندنا في المذهب وجوب إصابة عين الكعبة بصدره كله، بحيث لا يخرج منه شيء عن محاذاتها يقينا في القرب، وظنا في البعد الشامل لما إذا حال بينه وبينها حائل وضع بحقه، والله أعلم. مطلب تعلم الأدلة الموصلة إلى معرفة القبلة (سئل) عن تعلم الأدلة الموصلة إلى معرفة القبلة، هل هي فرض عين أو كفاية؟. (أجاب) اعلم أنه تارة يقل العارفون بها فيكون التعلم فرض عين على كل مكلف؛ إذ لا تتم صلاته إلا به، وتارة يكثر العارفون فيكون فرض كفاية، وتعبيرهم بالسفر والحضر جرى على الغالب، وعند الإمام أبى حنيفة التوجه يكون بجزء من قاعد مثلث، وعند الإمام مالك الجهة مطلقا في القرب والبعد، وعند الإمام أحمد العين في القرب والجهة في البعد، فمذهب الإمام أبي حنيفة أوسع المذاهب في أمر القبلة، وبعده مذهب مالك وأضيقها مذهب الشافعي؛ إذ لا بد من العين عنده مطلقا في القرب يقينا وفى البعد ظنا، والإمام أحمد قد توسط، وأصل الاختلاف نشأ من قوله تعالى {شطر المسجد الحرام} والله أعلم. مطلب لو صلى أربع ركعات لأربع جهات ما حكمه (سئل) عما لو صلى أربع ركعات لأربع جهات باجتهاد، فهل تصح الصلاة؟ وهل في ذلك دلالة على جواز الاجتهاد في إثبات ما اختلف فيه من قبور الأنبياء الكرام والأولياء العظام؟. (أجاب) نعم الصلاة المذكورة صحيحة باتفاق الأئمة الأربعة، إذا صدر ذلك عن اجتهاد من أهله، إذا علمت ذلك وأن الصلاة عبادة بنيت لرب العالمين، وقد وقع منها ثلاث ركعات يقينا إلى غير القبلة، ومع ذلك حكم الأئمة بصحتها، فكيف لا يجوز ذلك ولا يصح في قبور الأنبياء العظام والأولياء الكرام، ولا سيما مع ما يحصل في أماكنهم من الخير والصدقة والدعاء والتوسل بهم إلى رب العالمين، وقراءة القرآن مع إظهار شعائرهم وتذكر معاهدهم، فلا يمنع ذلك إلا مبتدع مضل فاسق شقي يريد أن يطفئ نور الله بفمه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، مثلا السيد موسى الكليم أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه عند الكثيب الأحمر، وأنه على الطريق وأنه سأل ربه أن يدنيه من بيت المقدس رمية حجر، فنظرنا واجتهدنا فما رأينا هذه العلامات وهي الكثيب الأحمر بقرب الطريق قرب بيت المقدس إلا هذا المكان الذي اشتهر به، مع ما ظهر فيه من الكرامات والأنوار الساطعة التي لا ينكرها إلا أعمى البصر والبصيرة، الذي أضله الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب باب صفة الصلاة (باب صفة الصلاة) مطلب إذا زاد في التكبير واوا بعد لفظ الجلالة ما حكمه (سئل) عن شخص كبر للإحرام وزاد واوا ساكنة بعد لفظ الجلالة مثلا، فهل تنعقد صلاته والحالة هذه؟. (أجاب) اعلم أن مفتاح الصلاة التكبير، للحديث

مطلب صلاة النفل

الصحيح فيه، وكان أول الصلاة لإشعاره تعظمة من يقف بين يديه المقتضي للخشوع، ولهذا كرر في نحو ركوع وسجود ليدوم للمصلي استحضار معناها الدال على عظمة من تهيأ لخدمته، حتى تتم له الهيبة والخشوع، ويشترط لها خمسة عشر شرطا، وهي إيقاعها بعد الانتصاب في الفرض بلغة العربية للقادر عليها، ولفظ الجلالة ولفظ أكبر، وتقديم لفظ الجلالة على أكبر، وعدم مد همزة الجلالة، وعدم مد أكبر، وعدم واو قبل الجلالة، وعدم وقفة طويلة بين كلمتيه، وعدم تشديد باء أكبر، وعدم زيادة واو ساكنة أو متحركة بين الكلمتين، وأن يسمع نفسه في جميع حروفها إن كان صحيح السمع، ولا مانع من لفظ أو غيره، وإلا فيرفع صوته بقدر ما يسمع لو لم يكن أصم، ودخول وقت الفرض لتكبير الفرائض والنفل المؤقت وذي السبب، وإيقاعها حال الاستقبال حيث شرطناه، وتأخيرها عن تمام تكبيرة الإمام في حق المقتدي، فهذه خمسة عشر شرطا، متى أخل بشرط من هذه لم تنعقد صلاته، فمتى أتى بواو ساكنة بعد الجلالة كقوله: الله وأكبر، أو متحركة لم تنعقد صلاته، والله تعالى أعلم. مطلب صلاة النفل (باب صلاة النفل) مطلب من شرط التراويح أن تقع بعد صلاة العشاء (سئل) عن شرط التراويح أن تقع بعد صلاة العشاء، وإذا صلاها بعدها، ثم ظهر فساد العشاء، فهل يعتد بالتراويح؟ (أجاب) نعم، شرط الاعتداد بالتراويح وقوعها بعد فعل العشاء، فلو أوقعها قبلها عامدا عالما، لم تصح ويحرم عليه ذلك لتلاعبه، وإن أوقعها بعدها ناسيا، معتقدا أنه فعل العشاء، فبان خلافه وقعت نفلا مطلقا، وكذلك إذا ظهر فساد العشاء فإنها تقع نفلا مطلقا، قال في المنهج: وتراويح وقت وتر، وقال أيضا قبل ذلك: ويدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقته وبعده، ولو وترا بفعله، ويخرجان أي وقت الرواتب التي قبل الفرض وبعده بخروج وقته، ففعل القبلية فيه بعد الفرض أداء، والله أعلم. مطلب صلاة الليل يقرأ فيها سرا أو جهرا إلخ (سئل) في صلاة الليل يقرأ فيها سرا أم جهرا، وما فضلها، وهل تصلى أول الليل أم آخره أم وسطه؟ (أجاب) نافلة الليل المطلقة يتوسط فيها بين الإسرار والجهر إن لم يشوش على نائم أو مصل أو نحوه، والإسرار ومحل الجهر والتوسط في المرأة والخنثى، حيث لا يسمع أجنبي. ولا حصر للنفل المطلق بليل أو نهار، فيصلي ما شاء متى شاء من ليل أو نهار، ما عدا وقت طلوع الشمس، وعند اصفرارها، ووقت الزوال وبعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر، فهذه الأوقات الخمس لا يصلى فيها إلا في مسجد مكة شرفها الله تعالى، والنفل المطلق الذي لا سبب له، أو له سبب، ولكن متأخر، وصلاة النفل في الليل أفضل لخبر مسلم: أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. وأوسطه أفضل من طرفيه، حيث قسم الليل أثلاثا؛ لأن الغفلة

مطلب صلاة الجماعة

فيه أكثر، والعبادة فيه أثقل، وأفضل منه السدس الرابع والخامس للخبر المتفق عليه: أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، فإن قسم الليل نصفين فالنصف الأخير أفضل لخبر: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا في كل ليلة حتى يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له. ومعنى ينزل ربنا أي أمره، والأفضل للمتنفل ليلا أو نهارا أن يسلم من كل ركعتين بأن ينويهما ابتداء، أو يقتصر عليهما في حالة الإطلاق، لخبر صلاة الليل مثنى مثنى، ويسن التهجد، وهو النفل بعد النوم بالإجماع لقوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك} ولمواظبته عليه - صلى الله عليه وسلم - ويكره ترك التهجد إن اعتاده من غير ضرورة لخبر: يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، ثم تركه. رواه الشيخان. ويسن أن لا يخل بصلاة الليل، وإن قلت، كما في المجموع، وأن يكثر فيه من الدعاء والاستغفار، ونصفه الأخير آكد وأفضله عند السحر، وأن يوقظ من يطمع في تهجده، حيث لا ضرر، ويسن كما في المجموع أن ينوي الشخص القيام عند النوم، وأن يمسح المستيقظ من النوم وجهه، وأن ينظر إلى السماء، وأن يقرأ} إن في خلق السماوات والأرض {الخ، وأن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين، وإطالة القيام أفضل من تكثير الركعات. واعلم أن الصلاة خير موضوع، فاستقل أو استكثر، وورد: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن أحسنها نجا وإلا فلا. وورد في الحديث: "تعرضوا لله في أيامكم، فإن لله عز وجل نفحات، عسى يصيبكم منها واحدة، ولا تشقون بعدها أبدا". انتهى، والله أعلم. مطلب صلاة الجماعة (باب في صلاة الجماعة) مطلب هل يجوز تعدد الجمعة في بلد واحدة أو لا إلخ؟ (سئل) في بلد تتعدد فيه الجمعة زيادة على قدر الحاجة، ولم تعلم جمعته سابقة، وقلتم معاشر الشافعية بلزوم صلاة الظهر، فهل يستحب له الإتيان بسنته القبلية والبعدية؟ (أجاب) نعم يستحب له فعل سنة الظهر القبلية والبعدية، وعبارة الشبراملسي: فرع، وما مر من أنه حيث جوز حصول الجمعة في بلد تعددت فيه فوق الحاجة جاز له فعل راتبتها القبلية دون المتأخرة، ثم إن حصلت له، فلا كلام، وإلا وقعت الراتبة نفلا مطلقا، وفعل الظهر برواتبها القبلية والبعدية، والله تعالى أعلم. مطلب: هل يجب إظهار شعائر الدين في المساجد كالأذان والصلاة وعمارتها وإزالة القذرات منها وترتيب خدمة لها؟ (سئل) ما قول أئمة الدين أعلى الله قدرهم في عليين، وقمع بهم المعاندين والملحدين في مساجد المسلمين، هل يجب إظهار شعائر الإسلام بها مثل الصلاة والأذان، واحترامها وعمارتها ومرمتها وإزالة القذرات منها كالقمامات والنجاسات، وصيانتها عن كل ما يؤذيه، وترتيب خدمة لها مثل شعال وكناس ومؤذن وبواب إن كان لها

وقف، وإلا فمن أين يؤخذ مثل ذلك، وهل يجب على ولاة الدين أيدهم الله تعالى رب العالمين، أو على صلحاء الأمة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل يجب إظهار الجماعات في القرى، وهي البلد الكبير، هل يكفي فيه جماعة واحدة، وإذا امتنع أهل بلدة من إقامة الجماعة، فهل يقاتلون؟ (أجاب) قال الله جل ذكره وعظم ثناؤه {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة}. قال البيضاوي: إنما تستقيم عمارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج، وإدامة العبادة والذكر، ودرس العلم بها، وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى: إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زوارها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته، ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره. وقال تعالى} وَأَن المَسَاجدَ لله {/، وقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم عن علي كرم الله وجهه: "من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة". وروى أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجه عن عثمان: "من بنى لله مسجدا، يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة". وروى أحمد عن ابن عباس: "من بنى لله مسجدا، ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة". وروى الطبراني عن أبي أمامة: "من بنى لله مسجدا بنى الله له في الجنة أوسع منه". وروى الترمذي عن أبي هريرة، وأبي سعيد، وأحمد، والشيخان، والنسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله، فاجتمعا على ذلك، وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". ولا شك أن المساجد من عماد الدين، وقوام أمر المسلمين، وقيام الصلاة بها، وبذلك يظهر الدين، ويقمع المعاندون، وتظهر الشعار التي إظهارها واجب شرعا، ولهذا كانت صلاة الجماعة فرض كفاية بشرطه لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الصحيح: "ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، ولا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان" أي غلب. فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فيجب إظهار الجماعة، بحيث يظهر بها الشعار في ذلك المحل البادية أو غيرها، وضبط بأن يكون مريدها لو سمع إقامتها، وتظهر أمكنة إدراكها، وفيه ضيق، والظاهر أن الأمر أوسع من ذلك، وأنه يكفي أن يكون كل من أهل محلها، لو قصد من منزله محلا قريبا من محلها لا يشق عليه مشقة ظاهرة، فعلم أنه يكفي في القرية

مطلب: صلاة الجمعة

الصغيرة أي التي فيها نحو ثلاثين رجلا إقامتها بمحل واحد، وأن الكبيرة لا بد من تعددها فيها كما تقرر، فإن لم يظهر الشعار بأن امتنعوا كلهم أو بعضهم كأهل محلة من قرية كبيرة، ولم يظهر الشعار إلا بهم قوتلوا، أي قاتل الممتنعين الإمام أو نائبه لإظهار هذه الشعيرة العظيمة، والجماعة بالمسجد لغير المرأة والخنثى أفضل منها خارجه للخبر المتفق عليه: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". أي، فهي في المسجد أفضل، هذا بالنقل الصريح عن الأئمة المعتبرين، والعلماء الراشدين مثل الإمام النووي والرملي وابن حجر وغيرهم، وأما المساجد، فيجب عمارتها وترميمها ونصب ما يحتاج إليه الشعار، كالإمام والمؤذن والشعال، والذي يعمر المسجد، ويجب صيانتها عن النجاسة والقذرات؛ لأنها محل العبادة ونزول الملائكة الروحانية، ولا يقبلون إلا الطيب، وأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، فإن كان لها وقف صرف لذلك من ريعه، وإن لم يكن لها وقف فمن بيت مال المسلمين، فإن لم يوجد فيه شيء، أو منع متوليه من ذلك، فيؤخذ من الأموال العامة التي أصلها لبيت المال، ويصرف ذلك الرجل الصالح كما يصرفه الإمام العادل، والظاهر كما قال ابن عبد السلام: وجوبه عليه، وهو مأجور على ذلك، ويثاب الثواب الجزيل، فإن لم يوجد، فعلى أغنياء المسلمين؛ لأن ذلك من الأمور الضرورية، ولا شك أن منصب السلطان أعزه الديان، ونصره الرحمن، وكذلك نوابه الكرام، إنما هو الأمور العامة، كالغزو لقتال الكفار، ومنع قطاع الطريق، والمعاندين والمعارضين، ورد الناس إلى الشريعة الغراء والملة البيضاء، وإظهار شعائر الإسلام كالحج لبيت الله الحرام، والمساجد وعمارتها، والمدارس والربط، والخانات والقناطر، ودفع ضرر المعصوم، وكل ذلك لإظهار هذا الدين القويم، وعملا بأمر الله جل جلاله، وعظم سلطانه، وأمر رسله، وبذلك يظهر حسن نظام العالم، وأمر معاشهم، ويترتب على ذلك معادهم، المحصلان للفوز بالسعادة الدنيوية والأخروية، ويرجع الكافر خائبا خاسرا، والمعاند بائرا، والمؤمن لله ناصرا، ولنبيه مظاهرا، والله تعالى أعلم. مطلب: صلاة الجمعة (باب صلاة الجمعة) مطلب: يوم عرفة أفضل أو يوم الجمعة؟ (سئل) هل الأفضل يوم الجمعة، أو عرفة؟ (أجاب) اعلم أنه ورد ما يقتضي تفضيل الجمعة على عرفة، من ذلك ما رواه كثيرون منهم أحمد "أن يومها سيد الأيام وأعظمها، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى" وفي رواية بإسناد حسن: "أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة" رواه البيهقي، وفيه خلق آدم، وإهباطه إلى الأرض، وموته، وساعة الإجابة، وقيام الساعة، وفي خبر الطبراني "وفيه دخل الجنة، وفيه خرج".

مطلب: لو خطئ من يدعو لسيدي عبد القادر الجيلاني أو أثمه أو كفره ماذا حكمه؟

وصحح ابن حبان خبر "لا تطلع الشمس، ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة"، وعند مسلم: "فيه خلق آدم، وفيه دخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وأنه خير يوم طلعت عليه الشمس"، وصح خبر: "وفيه تيب عليه، وفيه مات" وأخذ أحمد أنه أفضل حتى من عرفة، وفضل كثير من الحنابلة ليلته على ليلة القدر. والصحيح أن يوم عرفة وليلتها، أفضل من يوم الجمعة وليلتها؛ لما ورد فيها من الأدلة الصحيحة الصريحة الخاصة فقدم الدليل الخاص على ذلك، والله أعلم. مطلب: لو خطئ من يدعو لسيدي عبد القادر الجيلاني أو أثمه أو كفره ماذا حكمه؟ (سئل) عن رجل سمع خطيب بيت المقدس يدعو للسيد عبد القادر قدس سره فخطأ الخطيب، بل أثمه، بل كفره، فهل هو مصيب، أو مخطئ؟ (أجاب) هذا رجل ملحد ملئ قلبه نفاقا، وبغضا لأولياء الله تعالى، ولا ريب أن عبد القادر قدس سره من أعظم أولياء الله تعالى، ومن أعظم المؤمنين والمؤمنات، والدعاء لهم مطلوب، إجمالا وتفصيلا، واعلم أن هذا الرجل هو المخطئ، بل هو الآثم، بل هو الكافر؛ لأن من كفر مؤمنا معتقدا لذلك بلا تأويل، فهو كافر، واعلم أن أئمتنا جعلوا أركان الخطبتين خمسة، ثلاثة مكررة في كل من الخطبتين: حمد الله، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظهما، والوصية بتقوى الله تعالى، وقراءة آية مفهمة، وهي في الأولى أولى، ودعاء للمؤمنين بأخروي في الخطبة الثانية، وعللوا ذلك باتباع السلف، والخلف، فعبد القادر هل خرج عن كونه من المؤمنين الذين الدعاء لهم شرط في صحة الخطبة، ففي تخطئة الخطيب المذكور طعن في السلف والخلف، وهو من البدع المذمومة والخصال الخبيثة. وأما الدعاء للسلطان بخصوصه، فلا يسن كما نقله في المجموع عن اتفاق الأصحاب قال: والمختار أنه لا بأس به، إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب: أربعون رجلا في قرية ومن أهلها المقيمين بها لا يصلون الجمعة ماذا يلزمهم إلخ؟ (سئل) عن أهل قرية فيها أربعون رجلا أحرار مقيمون لا يظعنون صيفا، ولا شتاء، وجدت فيهم شروط إقامة الجمعة، ولكن علم من حالهم أنهم لا يصلونها من قديم الزمان، وإنما يصلون الظهر جماعة وفرادى، ولا نية لهم بالاجتماع لها، ولا قرينة دالة على ذلك، كما في غالب قرى بلاد الشام والقدس وغيرها، فهل يصح ظهر من تلزمه من أول الوقت، أو لا بد من تأخيره حتى لا يمكن فعلها؟ (أجاب) عبارة ابن حجر: أربعون كاملون ببلد علم من عادتهم أنهم لا يقيمون الجمعة، فهل من تلزمه إذا علم ذلك أن يصلي الظهر إذا لم ييأس من الجمعة، قال بعضهم: نعم، إذ لا أثر للمتوقع، وفيه نظر، بل الذي يتجه لا لأنها الواجب أصالة للمخاطب بها يقينا، فلا يخرج عنه إلا باليأس يقينا وليس من من تلك القاعدة؛ لأنها في متوقع لم يعارض يقينا، وهنا عارضه يقين الوجود، فلم يخرج عنها إلا بيقين اليأس منها، ثم رأيتهم صرحوا بذلك حيث قالوا: لو تركها أهل بلد لم يصح ظهرهم حتى يضيق الوقت عن

مطلب: في اللباس ولبس الأحمر ما حكمه؟ الخ

واجب الخطبتين والصلاة. انتهى. والمعتمد الثاني، وهو تأخير الظهر حتى ييأس من فعل صلاة الجمعة بأن يضيق الوقت عن واجب الخطبتين مع الاجتماع والصلاة، ووجهه أن الجمعة هي المخاطب بها حالا، وبه يلغز فيقال لنا: صلاة لا يصح فعلها أول الوقت، ويجب تأخيرها إلى آخره، وهي الظهر هنا، والله أعلم. (فصل في اللباس) مطلب: في اللباس ولبس الأحمر ما حكمه؟ الخ (سئل) عن لبس الأحمر ما حكمه، فإن رجلا أعجميا يخطئ الناس بلبسه تارة بالكفر وتارة بالحرمة، فهل هو مخطئ أو لا؟ (أجاب) اعلم وفقني الله وإياك، أن جميع الألوان والأنواع من الثياب كلها جائزة إلا الحرير كله، أو أكثره وزنا، غير ما استثني حله، مثل فجأة الحرب والجرب، والحكة والصبي والمجنون، وإذا لم يجد غيره وما طرف، أو سجف، وإلا المزعفر كله، أو أكثره للتشبه بالنساء، وإلا المعصفر على ما ذهب إليه البعض، والأصح حله، وبقية الألوان الأصفر والأخضر كلها حلال لقول الله تعالى {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} وقوله تعالى {خذوا زينتكم عند كل مسجد}. وفي شمائل الترمذي حدثنا محمود بن غيلان، أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن عوف بن أبي جحيفة عن أبيه قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في بطحاء مكة في حجة الوداع - كما صرح به في رواية البخاري - وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بريق ساقيه". قال شارحه المناوي: ولبس - صلى الله عليه وسلم - الأحمر القاني مع نهيه عنه ليبين جوازه، وأن النهي للتنزيه، وعلى هذا المنوال ما ورد "أنه يصبغ بالورس والزعفران ثيابه حتى عمامته" رواه أبو داود، مع كونه نهى عنه، وروى الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أنه كان يلبس يوم العيد بردة حمراء". قال الهيتمي: ورجاله ثقات. وروى البيهقي في السنن "أنه كان يلبس بردة حمراء في العيدين والجمعة"، فقد ظهر لك من هذه الأدلة جواز لبس الأحمر، وأن النهي الوارد للتنزيه، قال ابن حجر: ويجوز الثوب المسبوغ بأي لون كان إلا المزعفر وكذا المعصفر، ولكن خولف فيه، فشمل كلامه الأحمر، وفي حديث رواه الحسن مرسلا الحمرة من زينة الشيطان، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المعصفر للرجال، واعلم أنه زينة الشيطان، والتختم بالحديد، واعلم أنه حلية أهل النار، ولذلك تعلق بهذا من ذهب إلى تحريم لبس الأحمر، وقد علمت بطلان هذا التعلق، وأن النهي محمول على كراهة التنزيه، وللسلف فيه سبعة أقوال: الأول: الجواز مطلقا، وهو مذهب الجمهور. الثاني: المنع مطلقا. الثالث: يحرم المشبع بالحمرة، ويحل ما سبغه خفيف. الرابع: يكره الأحمر بقصد الزينة، والشهرة، ويجوز في البيوت. الخامس: يجوز لبس ما صبغ غزله، ثم نسج

باب الاستغفار

دون ما صبغ بعد نسجه. السادس: يحرم ما صبغ بالعصفر، دون غيره. السابع: يحرم صبغ كله، لا ما فيه لون غير أحمر. فقد علمت أن هذا الرجل آثم مخطئ مبتدع، والله أعلم. (باب الاستغفار) مطلب: باب الاسغفار ومن شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها (سئل) من شروط التوبة رد المظالم إلى أهلها، وفيه مظالم لا يمكن ردها، مثل ما لو كسر عظم ميت، ونحو ذلك، وقد تكثر المظالم جدا نهبا، وقتلا، وإحراقا، فما المخلص من ذلك؟ (أجاب) إنها بالاستغفار، كما في حديث "كفارة من اغتبته أن تستغفر له"، وأما إذا كثرت المظالم، فعلى الناسي أن يتحرى ما أمكن الخلوص منه، إما بدفع بدل، وإما باستحلال، وإما باستغفار، وإما بغير ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. (كتاب الجنائز) مطلب: كتاب الجنائز وما حكم زيارة القبور إلخ (سئل) ما حكم زيارة القبور من الأنبياء، وغيرهم، وما حكم من قال: إن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزار، وهل في ذلك من شيء؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن زيارة قبور المسلمين مستحبة بإجماع من يعتد بإجماعه، ولا عبرة بهولاء الفرقة الضالة الزالة رئيسهم ابن تيمية أضله الله، وخذله، وعلى قوله جماعة ببلاد الروم، وسبب ذلك عدم ممارسة الكتاب والسنة، والأخذ عن المشايخ المطلعين والأئمة المعتبرين، ولو فهموا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" لما وسعهم هذا الإنكار، وأبلغ من ذلك إنكارهم زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، وذلك مبني على أصلهم الفاسد، وقولهم الكاسد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، تنقطع كراماتهم وفضلهم بموتهم، وما شاهدوا أنوار النبوة، ولا ما وقع لهم من الكرامات والآيات بعد موتهم، فلا حول، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وقد جاء "أن عليا وأبا بكر جاءا لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بستة أيام، فقال علي: تقدم يا خليفة رسول الله، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما كنت لأتقدم رجلا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: علي مني بمنزلتي من ربي"، ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة فصار إجماعا. وقد زار - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه فبكى وأبكى الناس حوله. والسلف والخلف على ذلك، وفي ذلك من الرقة وشرح الصدر، وفرج الهم، والاعتبار ما يدعو العاقل اللبيب إلى الإكثار من ذلك، والتردد إلى قبور الأنبياء، والعلماء، والصلحاء، والأقارب، وأما زيارة قبور أهل الذمة فمباحة، والله أعلم. مطلب: المرأة كفنها على الزوج إلخ (سئل) عن امرأة ماتت ولها زوج، فهل تجهز من تركتها، أو يجب تجهيزها من

مطلب: هل يسأل الميت في قبره الصغير والكبير إلخ

مال زوجها؟ (أجاب) تجهيز الزوجة على زوجها، ولو كانت غنية، حيث كان قادرا على تجهيزها، ولو مما يخصه من تركتها، والله أعلم. مطلب: هل يسأل الميت في قبره الصغير والكبير إلخ (سئل) عن سؤال الميت في قبره، هل يشمل الكبير والصغير والمنافق والكافر، وهل يقعد الميت في قبره، وهل تعم الروح جميع الجسد، وقد يقع في الساعة الواحدة ألوف من الأموات، والسائل لهم ملك، أو ملكان، فكيف يتصور منهما ذلك في الساعة الواحدة، وهل إذا سئل الميت يكشف له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيراه، وهل يسأل قبل الدفن أم بعده، وإذا مات على حاله، هل يبعث عليها مثل السكران؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن سؤال القبر واقع إجماعا، ففي الصحيحين، وغيرهما من طريق قتادة عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه أنه يسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ ". وعند ابن مردويه: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم الذي يقال له محمد؟، قال: فأما المؤمن فيقول: إنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما جميعا". قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا، وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت، ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين، أما الكبير المؤمن، أو المنافق المنسوب للإسلام بالشهادة فيسألان بلا خلاف، وأما الكافر، فقال ابن عبد البر: لا يسأل، إذ لا فائدة لسؤاله. وقال القرطبي وابن القيم: يسأل لأن الأحاديث فيها التصريح بسؤاله، ويعبر عنه في بعضها بالمنافق المراد منه الكافر، أو المرتاب. وأما الصغير الذي لم يكلف، فقال الحافظ ابن حجر: إنه لا يسأل، والسؤال خاص بالمكلف، وهو ظاهر كلام الروضة، وجزم القرطبي، وجماعة بسؤال الأطفال كالبالغين، وأن العقل يكمل لهم ليعرفوا بذلك منزلتهم وسعادتهم، ويلهمون الجواب عما يسألون عنه، قال: وهذا ما تقتضيه ظواهر الأخبار، وقد جاء أن القبر ينضم عليهم كما ينضم على الكبار، قال اللقاني: قلت: وظاهر الرسالة يشهد له، وهو أحد قولي الحنابلة، والآخر: أنهم لا يسألون، واختاره الجلال تبعا لشيخه ابن حجر، وذكر أن فتاوى أئمتهم عليه، وبعض من شرح عقيدة النسفي من الحنفية جزم بأن كل ميت يسأل صغيرا كان، أو كبيرا، قال: وتوقف أبو حنيفة في سؤال الأطفال المشركين، ودخولهم الجنة، وهم عند غيره يسألون. وأقول: الحق عندي في مسألة الأطفال الوقف، إذ ليس فيها خبر مقطوع به،

والعقل وإن جوزها إلا أنه معزول هناك، وأما الأنبياء فالحق أنهم لا يسألون، ولا ينبغي عندي أن يكون ذلك محل توقف، فضلا عن الخلاف، وقد ورد أن جماعة لا يسألون، فهو يخصص عموم ما تقدم: الأول: المرابط يموت مرابطا، وأحاديثه في مسلم وغيره، والمرابطة ملازمة ثغر من ثغور الإسلام لحفظه، والحناطه مدة لا بأهل، ولا لتكسب وإلا كان حاميا، لا مرابطا. والثاني: الشهيد، وحديثه في النسائي وغيره. والثالث: الملازم على قراءة تبارك الملك كل ليلة، وحديثه في الترمذي وغيره. الرابع: المريض بالبطن، وحديثه في ابن ماجه والنسائي وغيرهما، وهل هو من يصيبه الضرب، وهو الإسهال، أو الذي يصيبه الاستسقاء قولان، قال القرطبي: والثاني هو أظهر القولين، قال: وصاحب الاستسقاء قل أن يموت إلا بالضرب، فهو جامع لكل ضعيف. الخامس: الميت ليلة الجمعة، أو يومها، وحديثه متصل في نوادر الأصول للترمذي، وغيره، قال القرطبي: وإذا كان الشهيد لا يفتن يعني: لا يسأل، فالصديق أجل خطرا وأعظم أجرا، وإذا لم يسأل المرابط الأدنى من الشهيد، فالصديق الأعلى منه المقدم عليه في آية} أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا {لا يسأل من باب أولى، فجملتهم ستة، وزيد الميت بالطاعون، أو في زمنه، ولو بغير طعن صابرا محتسبا، قال الفاكهاني: إن الظاهر عندي سؤال الملائكة، وجزم الجلال السيوطي بسؤال الجن لتكليفهم، وعموم الأدلة، وتوقف الفاكهاني في أهل الفترة والمجانين والبله، وقد نظم الذين لا يسألون بعضهم، فقال: عليك بخمس فتنة القبر تمنع ... وتنجا من التعذيب عنك وتدفع رباط بثغر ليلة ونهارها ... وموت شهيد شاهد السيف يلمع ومن سورة الملك اقتري كل ليلة ... ومن روحه يوم العروبة تنزع كذاك شهيد البطن جاء ختامها ... مع الهدم محروقا كذا يتنوع وفي كلام ابن حجر آخر الجنائز مناقشة في ذلك، والذي أجاب به الحافظ ابن حجر أن الميت يقعد في قبره ويسأل، وأجاب أيضا أن الروح تلبس جميع البدن، وقال: ولكن ظاهر الأخبار أنها تحل نصفه الأعلى، وأما مخاطبة الملك، أو الملكين جميع الموتى في الأماكن المتباعدة في الوقت الواحد، فالجواب عنه أن عظم جثتهما يقتضي ذلك، فيخاطبان الخلق الكثير في الجهة الواحدة مخاطبة واحدة بحيث يخيل لكل واحد من المخاطبين أنه المخاطب دون من سواه، ويمنعه الله عن سماع جواب بقية الموتى. قال السيوطي: قلت: ويحتمل تعدد الملائكة المعدة لذلك، كما في الحفظة، ورأيت الحليمي من أصحابنا ذهب إليه، فقال في منهاجه: والذي يشبه

مطلب: تمنع اليهود والنصارى من زيارة قبور الأنبياء لما يفعلونه من عدم الاحترام إلخ

أن يكون ملائكة السؤال جماعة كثيرين يسمى بعضهم منكرا وبعضهم نكيرا، فيبعث لكل ميت اثنان منهم، وأما كون الميت يكشف له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجاب عنه الحافظ ابن حجر: إنه لم يرد في حديث، وإنما دعاه بعضهم بغير مستند سوى قوله في هذا الرجل، ولا حجة فيه؛ لأن الإشارة إلى الحاضر في الذهن، انتهى. أقول: وقد وقع لي بالأزهر مرض شديد حتى رأيت ملائكة عظاما تمر بالأنبياء واحدا بعد واحد فيقولون لي: هذا نبيكم، فأقول: لا، فيقولون لي: صدقت، هذا فلان. وهكذا، وربما أيدت القول الأول، وأما كون السؤال قبل الدفن أم بعده فالصحيح بعده، فإن قدر أنه لم يدفن بأن أغرى عليه الكلاب، أو أكلته الوحوش، أو ألقي في البحر سئل قبل الدفن، ولو بحضور الناس، ولا يعلمون سؤاله، كما يقع للنائم من الرؤيا بحضور الناس مع تكلمه فيها، ولا يسمع الحاضرون له كلاما. وأما إذا مات على حالة، فإنه يبعث عليها كالميت بالسكر يبعث سكران، وقد أخرج الأصبهاني في الترغيب من طريق أبي هدبة عن أشعث الحراني عن أنس مرفوعا "من فارق الدنيا، وهو سكران دخل القبر سكران" وأخرجه أبو الفضل الطوسي في عيون الأخبار من طريق أبي هدبة عن أنس، وفيه أنه يعاين ملك الموت سكران، ويعاين منكرا ونكيرا سكران، والله أعلم. مطلب: تمنع اليهود والنصارى من زيارة قبور الأنبياء لما يفعلونه من عدم الاحترام إلخ (سئل) في مراقد مشهورة للأنبياء الكرام والرسل العظام، مثل مرقد العزير، وشمويل، وشعيب وغيرهم من الأنبياء الكرام على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، فهل تمكن اليهود والنصارى من زيارتها مع ما يفعلونه في مراقد الأنبياء من القذرات، وحرق الثياب النفيسة مع ما فيها من القترة والدخان، كما يقع لليهود في مقام شمويل، وركوب أضراحها الشريفة بالجزم والبوابيج، كما يفعله اليهود في مقام شعيب بقرية حطين، وغير ذلك مما يقع منهم فيها مما يخالف الكتاب والسنة، بل والإجماع، والطريقة المألوفة لزيارة القبور لأهل الإسلام، ولما نص عليه العلماء من طريق زيارة الأنبياء الكرام من الآداب والخشوع والخضوع تجاه القبر الشريف لأحدهم؟ (أجاب) نص العلماء الأعلام أن أسماء الأنبياء تصان عن اليهود والنصارى، فلا يمكنون منها لأنهم، وإن اعتقدوا المسمى فاعتقادهم فيه باطل، كما في اعتقاد النصارى في عيسى أنه ابن الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وكذلك في أمه قال تعالى {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} وقولهم فيه ثالث ثلاثة، ونحو ذلك مما لا يقول به عيسى، ولا أمه. ومثل ذلك قول اليهود في عزير أنه ابن الله، تعالى الله علوا كبيرا، وكذلك ضرائحهم الشريفة تصان عن كفرهم وضلالهم، قال تعالى {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام}، فإذا منعوا من

المسجد الحرام، وهو لا يعقل، فما بالك بالأنبياء الكرام الذين هم أشرف الخلق وأفضلهم، فقد قالوا في تعريف النبي الشامل للرسول أنه أفضل معاصريه خلقا وخلقا وعقلا وفطنة وقوة، وأنه معصوم، ولو من صغيرة سهوا، ولو قبل النبوة سليم من دناءة أب وخناء أم وإن عليا، ومن منفر كعمى وجذام وبرص، ولا يرد بلاء أيوب وعمى يعقوب بناء على أنه حقيقي لطروه بعد الإنباء، ومن قلة مروءة كأكل بطريق، ومن دناءة صنعة كحجامة إلى آخر ما ذكروه في تعريف النبي والرسول. إذا علمت ذلك علمت أن الأنبياء الكرام ينزهون عن القذرات، ولو كانت طاهرة، ولو من أهل الإسلام، فما بالك بأهل الكفر والنفاق، بل نفس أبدان أهل الكفر قذرة، ولو كانت نظيفة بحسب الظاهر،} إنما المشركون نجس {، فيجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يصون مراقد الأنبياء الكرام من قذرات اليهود والنصارى، وإن اعتقدوه نبيا وعظموه؛ لأنه اعتقاد باطل مخالف للشرع القويم، ولما هو واجب للأنبياء الكرام من التعظيم والتكريم والاحترام، فلا تمكن اليهود والنصارى من الدخول فضلا عن الركوب على مراقد الأنبياء الكرام، فقد رأينا اليهود تفعل من القذرات في مقام النبي شمويل عليه السلام، كحرق الثياب والقذرات والروائح الكريهة، فمما يجب صيانة أقل قبر ومقام لغير الأنبياء الكرام فضلا عن مراقد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسألنا اليهود عن ذلك فقالوا: إنه كان يحب ذلك، فانظر لجهلهم، وقبيح فعلهم، لعنهم الله تعالى} إن هم إلا كَالأَنعَام بَل هم أَضَل سَبيلا {فلذلك منعناهم من زيارته ولله الحمد، وأما ركوب القبور والجلوس عليها من غير الأنبياء، فالجمهور على منعه، فقد روى أحمد ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: "لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر". وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة "لأن يطأ الرجل على جمرة، خير له من أن يطأ على قبر" وعبارة ابن حجر مع المنهاج: ولا يجلس على القبر الذي لمسلم، ولو مهدرا فيما يظهر، ولا يستند إليه، ولا يتكئ عليه احتراما له إلا لضرورة كأن لم يصل إلى قبر ميته، أو لا يتمكن من الحفر إلا به. انتهى. هذا في قبور غير الأنبياء مع أن الجالس مسلم، فكيف بالكافر مع الأنبياء الكرام، فيمنع ويعزر التعزير اللائق به، فقد قال العلماء: إن الزائر، يحترم الميت احترامه له حيا، فيتأدب معه مثل ما لو كان حيا، ولو كانت الأنبياء أحياء كان يجب تباعد هؤلاء الكفرة عنهم، وقد قالوا في كيفية زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الزائر يقف قبالة وجهه الشريف جاعلا ظهره إلى القبلة المشرفة ووجهه لوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته،

كتاب الزكاة

وقائلا {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} ويشاهد أنه حي في قبره الشريف بتأدب معه - صلى الله عليه وسلم - مع خشوع وخضوع، وأدب مصليا عليه - صلى الله عليه وسلم - ومسلما داعيا بما يناسب الحال، وبما يشرح الله به صدره، ويقاس بذلك سائر الأنبياء، ولا يخفى عليك ما وقع لهذه الأمة المحمدية في تعظيم نبيها، وامتثال أمره والمسارعة لأمره الشريف حتى لو دعاهم إلى ما فيه الهلاك بادروا إليه وأجابوا له سريعا، وتأمل في أحوال اليهود مع موسى عليه الصلاة والسلام كم فعل معهم من خير وأنقذهم من فرعون وجنوده، وجعل الله البحر لبني إسرائيل يبسا، ومع ذلك مروا بقوم يعبدون أصناما لهم فقالوا {يَا موسَى اجعَل لنَا إلَهًا كَمَا لَهم آلهَةٌ}، وقالوا} أَرنَا اللهَ جَهرَةً {، وقالوا له: اذهب أنت وربك فقاتلا، وقالوا: إن الله بخيل. وقالوا {إن اللهَ فَقيرٌ}، فكل ذلك أذية لموسى، وعدم احترام وتوقير. وانظر قولهم في البقرة {أتتخذنا هزوا}، فكيف يليق بقوم يقولون لنبيهم ذلك مع قوله {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}، فما احترموا الأنبياء حال حياتهم، فكيف يحترمونهم بعد موتهم فاتق الله، وكن من المانعين واحذر أن تكون من المساعدين، أو المعينين، أو الآذنين لهم فتلحق بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والله تعالى أعلم. (كتاب الزكاة) مطلب: كتاب الزكاة، وهل يكفر منكر الزكاة؟ (سئل) هل يكفر منكر الزكاة؟ (أجاب) نعم، هي أحد أركان الإسلام، فإن أنكر أصلها كفر، وكذا إذا أنكر فرعا منها مجمعا عليه لا حيث اختلف فيه، أو كان غير مكلف، وزكاة تجارة وركاز وفطرة، والله أعلم. (باب زكاة النابت) مطلب: زكاة النابت، وهل تجب الزكاة في الأرض المستأجرة أو الخراجية؟ إلخ (سئل) هل يجب إخراج الزكاة في الأرض المستأجرة، والخراجية، وعلى الأرض التي تقسم، كما في بعض البلاد والأرض التي تفصل؟ (أجاب) قال في العباب: الأرض المستأجرة، والخراجية كالمملوكة، فتجب زكاة نباتها مع الأجرة، والخراج، وما تصير به الأرض خراجية يأتي في الجهاد والجزية، ومن بيده أرض يؤدي خراجها، وجهل كيفية أصلها حكم بجواز أخذها، وبملكها الذي اليد. وأخذ الخراج من الأرض العشرية ظلم، ولا يجزئ عن الزكاة إلا إن أخذه الإمام بنية البدلية متأولا كأخذ القيمة، فإن نقص عنها تممها المالك. انتهى. وما يؤخذ من الأرض قسما كالربع والثلث، أو فصلا هو في معنى الأجرة، فتجب زكاة نبات الأرض المأخوذ منها القسم والفصل، والله أعلم. مطلب: لو أخرج زكاة النابت وادخره لحول ثان، هل يجب عليه زكاته أيضا إلخ؟ (سئل) عما لو ادخر النابت إلى الحول الثاني، وقد أخرج زكاته

مطلب: ما بذره لو أمحل وخرج بمقدار الأصل المزكى عنه فهل تجب فيه زكاة؟

أولا، فهل تجب فيه الزكاة ثانيا؟ (أجاب) لا تجب فيه الزكاة؛ لأن المعتبر نموه، وقد أخرج زكاته، والله أعلم. مطلب: ما بذره لو أمحل وخرج بمقدار الأصل المزكى عنه فهل تجب فيه زكاة؟ (سئل) عما لو بذر بذرا كثيرا فأمحل، فلم يزد على الأصل، بل إما نقص، أو كان مساويا، أو زاد شيئا قليلا، وكان الحاصل نصابا، فهل تجب فيه الزكاة؟ (أجاب) نعم، تجب فيه الزكاة حيث بلغ نصابا؛ لأنه كله نماء والبذر تلف في الأرض، والله أعلم. (باب زكاة المعدن) مطلب: زكاة المعدن، وفي رجل اتهم أنه وجد كنزا وغرمه المشايخ مالا إلخ (سئل) في رجل اتهم بأنه وجد كنزا، وتكلم أهل بلده بذلك على عادة الناس، فبلغ الخبر إلى شيخ البلاد المتكلم عليها من طرف الحكام، فأخذ الرجل المتهوم وغرمه جريمة، ثم إن واحدا من جماعة الشيخ قال للمغرم: إن الذي تعاون عليك فلان لرجل من أهل بلده، وقال: أنا أشهد عليه بذلك، فهل يعمل بهذه الشهادة، ويلزم المغرم المخبر للشيخ بالمال المذكور؟ (أجاب) لا ريب أن إخبار تابع الشيخ، ولو كان عدلا بصورة الشهادة لا يعمل بها؛ لأن المخبر للشيخ على فرض صدقه، وإن أخبر يقينا لا يلزم المخبر مما أخذه الشيخ شيء من المال؛ لأنه لم يستول عليه، وإنما ارتكب إثما في إخباره، ولا غرم عليه أصلا، هذا كله بناء على صدق تابع الشيخ وعدالته، وإلا فقوله مردود، وفعله غير محمود؛ لأنه لا يخاف الرب المعبود، وسيرى فعله في اليوم الموعود، وحسبه القاهر الودود، والله أعلم. (باب زكاة الفطر) مطلب: زكاة الفطر، وفي قرية مختلف أكلها من بر وشعير وذرة وزبيب فما الواجب عليهم في زكاة الفطر؟ (سئل) في قرية مختلف أكلها من بر وشعير وذرة وزبيب، فما الواجب في زكاة الفطر على أهلها؟ (أجاب) ينظر في كل بلدة على حدة، فيجب على أهلها إخراج زكاة الفطر من غالب قوتهم تلك السنة، فإن كان الغالب فيها البر تعين، أو الشعير تعين، أو الذرة تعينت، أو الزبيب، فكذلك من كل قوت سليم من العيب، ويجزئ الأقط واللبن والجبن ما لم ينتزع زبدهما إن غلب قوتهما، ويجزئ الأعلى كالبر على الأدنى كالشعير، والله تعالى أعلم. مطلب: الحيلة في أخذ الشريف الزكاة أن تدفع لفقير غير شريف ويدفعها الفقير له إلخ (سئل) في رجل شريف يريد أخذ زكاة الفطر من أهل قرية، فما الحيلة في أخذه له؟ (أجاب) الحيلة أنه تدفع الزكاة لرجل فقير غيره، ثم يدفعها الرجل الفقير للرجل الشريف، فيحصل المراد على أن بعض العلماء ذهب إلى أن الأشراف إذا منعوا من خمس الخمس الذي لهم، جوز أخذهم الزكاة وله أيضا أن يقلد هذا القول الضعيف ويدفع له، والله تعالى أعلم. (باب أداء زكاة المال) مطلب: باب زكاة المال، والرجل إذا كان له مال في بلد غير بلده أمانة هل يزكي عنه في بلد المال؟ إلخ (سئل) في رجل له مال في بلد غير التي هو فيها، موضوع أمانة، فهل يجب عليه

مطلب: أخذ المكوس هل يحسب من الزكاة ويقع عنها فيه تفصيل.

أن يزكي عنه؟ (أجاب) حيث كان المال نصابا وجب فيه الزكاة، ولكن مذهب أمامنا الشافعي أنه يزكي عنه في البلد التي المال فيها؛ لأنه لا يجوز عنده نقل الزكاة، وعند الإمام الأعظم، ومالك، وأحمد يجوز أن يزكي في أي بلد أراد؛ لأنهم يجوزون نقل الزكاة، والله أعلم. مطلب: أخذ المكوس هل يحسب من الزكاة ويقع عنها فيه تفصيل. (سئل) عما يقع من أخذ المكوس من التجار برا وبحرا، هل يكفي ذلك عن الزكاة؟ (أجاب) إن ما يقع في زمننا من أخذ المكوس، لا يكفي ذلك عن الزكاة؛ لأن غالب القابضين له نصارى، أو يهود، ولا يجوز دفع الزكاة لكافر، والسلطان نصره الديان لا يوليهم أخذها، ولا يذكره لهم، فإذا أخذها المكاس باسم الزكاة، فهو فضولي لا يصح قبضه لها، والغالب قصد الظلم حتى لو فرض أن رجلا تاجرا، قال لهم: أدفع لكم باسم الزكاة، لم يقبلوا منه ذلك، ويأنفون من ذلك، فإن فرض أن القابض مسلم، وشملت ولايته قبضها، وأخذها باسم الزكاة أجزأت، والله أعلم. مطلب: حال الحول على مال الزكاة ولم ينم وتنازلت أثمانه فهل يكلف بيعها بأبخس الأثمان ليؤدي الزكاة؟ (سئل) عما لو حال الحول على مال التجارة، ولم ينم، وكان الزمن زمن كساد، فهل يكلف التاجر بيعها بالرخص، وعلى القول بأن الزكاة تتعلق تعلق شركة إذا باع مال التجارة بعد الحول، فهل يبطل البيع في نصيب الفقراء منها؟ (أجاب) لا يكلف التاجر بيع مال التجارة بالخسران، أو بجنس القيمة وله بيع مالها ولو بعد الحول، وإن قلنا تعلق الزكاة تعلق شركة؛ لأن زكاة التجارة تتعلق بالقيمة، وعبارة ابن حجر: هذا كله أي تعلق الزكاة تعلق شركة في زكاة الأعيان إلا التمر بعد الخرص والتضمين؛ لما مر من صحة تصرف المالك فيه. أما زكاة التجارة فيصح بيع الكل، ولو بعد الوجوب لكن بغير محاباة؛ لأن تعلق هذه الزكاة بالقيمة، وهي لا تفوت بالبيع، ولكن لو وهب، أو أعتق منها هو غير موسر، فإن باعه بمحاباة بطل البيع فيما قيمته قدر الزكاة من المحاباة، وإن أفرز قدرها. وأفتى الجلال البلقيني وغيره بأنه لا يكلف عند تمام الحول ببيع عروض التجارة بدون قيمتها، أي بما لا يتغابن به، كما هو ظاهر ليخرجها عنها لما فيه من الحيف عليه، بل له التأخير إلى أن يساوي قيمتها ويخرج منها حينئذ. انتهى. ولكن يبقى النظر في أنه كلما باع شيئا أخرج زكاته، وهذا عسر جدا، أو أنه إذا باع قدر الزكاة أخرجه، وهذا ظاهر سهل. بقي ما إذا كان على التاجر ديون وطلبت منه وطلبت الزكاة، فهل يقدم الديون أم الزكاة؟ الظاهر تقديمه الزكاة؛ لأن تعلق الفقراء بالزكاة أشد من تعلق الغرماء، والله تعالى أعلم. مطلب: الشريكان إذا أخرج أحدهما زكاة المال يكفي وإن لم يأذن الآخر إلخ (سئل) عن شريكين في مال تجارة، أو زرع، أو تمر، أو ماشية، فهل لأحدهما إخراج الزكاة، وإن لم يأذن له الآخر؟ (أجاب) نعم له الإخراج في جميع المال الزكوي. قال ابن حجر في آخر كتاب الزكاة: ولكل من الشريكين إخراج

مطلب: باب تعجيل الزكاة

زكاة المشترك بغير إذن الآخر وقضيته، بل صريحه أن نية أحدهما تغني عن نية الآخر، ولا ينافيه قول الرافعي: كل حق يحتاج لنية لا ينوب فيه أحد إلا بإذنه؛ لأن محله في غير الخليطين لإذن الشارع فيه، والقول بتخصيصه بالإخراج من المشترك مردود بأنه مخالف لظاهر كلامهم والخبر لأن الخلطة تجعل ماليهما كمال واحد وقضية قولهم لإذن الشارع فيه أن يرجع على شريكه، ومر في الخلطة، وزكاة النبات ما له تعلق بذلك، والله أعلم. (باب تعجيل الزكاة) مطلب: باب تعجيل الزكاة لو عجل رجل زكاة ماله قبل تمام الحول وانتقل لمحل آخر ماذا عليه إلخ؟ (سئل) في رجل دفع زكاة ماله قبل تمام الحول إلى مستحق، ثم انتقل الرجل المزبور إلى مكان هو وماله، فإذا تم الحول في ذلك المكان الذي انتقل إليه، فهل يجب حينئذ على الرجل الإخراج ثانيا، أو لا يجب حيث بقي الدافع من أهل الوجوب، والقابض من أهل الاستحقاق إلى تمام الحول، وهل في مثل ذلك كله زكاة البدن أو لا؟ (أجاب) صرح الرملي في باب تعجيل الزكاة بالإجزاء في الصورة المذكورة، وانتقاله هو ليس بشرط؛ لأن الغرض كون المال في غير بلد الإخراج؛ لأن الزكاة المعجلة يغتفر فيها ما لا يغتفر في غيرها، وأخذ من ذلك الشبراملسي أن زكاة الفطر مثل زكاة المال، إذ لا يظهر فرق بينهما، وإن كان تردد في ذلك ابن قاسم رحمه الله تعالى ونفعنا به، والله أعلم. (كتاب الصوم) مطلب: كتاب الصوم. لو رأى هلال رمضان يوم الثلاثين من رمضان أو شعبان ماذا حكمه؟ الخ (سئل) فيما لو رؤي الهلال نهار الثلاثين من رمضان، أو شعبان، فهل يعمل بهذه الرؤية، ويجب الإفطار في الأول، والصوم في غد في الثاني؟ (أجاب) قال ابن حجر بعد قول المنهاج، أو رؤية الهلال بعد الغروب بعد أن ذكر منفيات لا يثبت بها رمضان، فعطف عليها قوله، ولا برؤية الهلال في رمضان وغيره قبل الغروب، سواء ما قبل الزوال وما بعده بالنسبة للماضي والمستقبل، وإن حصل غيم، وكان مرتفعا قدرا لولاه لرؤي قطعا خلافا للأسنوي؛ لأن الشارع إنما أناط بالرؤية بعد الغروب، ولما يأتي أن المدار عليها لا على الوجود، والله أعلم. مطلب: لو حكم حاكم مخالف لمذهب الشافعي بإثبات الرؤية مع اختلاف المطالع فهل يجب على الشافعي الصوم أم لا إلخ. (سئل) عما لو حكم حاكم مخالف لمذهب الشافعي بإثبات الرؤية مع اختلاف المطالع، فهل يجب علينا معاشر الشافعية الصوم بناء عنده على أنه إذا ثبت في مصر لزم في سائر الأمصار، ونحن لا نقول بلزومه إلا إذا اتحدت المطالع، وهل يجب علينا قضاء ذلك اليوم الذي حكم برؤيته الهلال، وهل القضاء فوري؟ (أجاب) نعم يجب علينا الصوم، ويجب قضاء ما أفطرناه بناء على إثبات المخالف، وعبارة ابن حجر في أول كتاب الصوم نصها:

مطلب: إذا حصل للصائم جراحة بسببها حصل له مشقة فأفطر ماذا عليه إلخ؟

إذا أثبت مخالف الهلال مع اختلاف المطالع لزمنا العمل بمقتضى إثباته؛ لأنه صار من رمضان حتى على قواعدنا أخذا من قول المجموع محل الخلاف في قبول الواحد ما لم يحكم حاكم بشهادة الواحد يراه، وإلا وجب الصوم، ولا ينقض الحكم إجماعا، ومن مقتضى إثباته أنه يجب قضاء ما أفطرناه عملا بمطلعنا، وأن القضاء فوري بناء على ما قاله المتولي وأقره المصنف والأسنوي وغيرهما، إذا ثبت أثناء يوم الشك أي ثلاثين شعبان، وإن لم يتحدث برؤيته أنه من رمضان لزمه قضاؤه فورا، كما يأتي انتهى، أي قضاء يوم الشك، والظاهر أن قول المجموع إجماعا أنه راجع للأمرين، أعني وجب، ولم ينقض، أي وجب الصوم إجماعا، ولم ينقض حكم الحاكم؛ لأن الحاكم إذا حكم في فصل مختلف فيه صيره متفقا عليهما إلا ما استثني مما ينقض فيه حكم الحاكم، كما ذكروه في القضاء، وليست هاتان الصورتان مما استثني، والله أعلم. مطلب: إذا حصل للصائم جراحة بسببها حصل له مشقة فأفطر ماذا عليه إلخ؟ (سئل) عن رجل حصل له جراحة، وحصل له بسببها مشقة، فأفطر في رمضان، فما يترتب عليه شرعا؟ (أجاب) يجب عليه قضاء ما أفطره من أيام رمضان فقط، والله أعلم. (سئل) عما لو دل الحساب على كذب الشاهد في أول رمضان، أو آخره بأن شهد في الأول برؤية هلال رمضان، ودل الحساب على كذب الشاهد، وشهد في الثاني برؤية هلال شوال ودل الحساب على كذبه، فهل يجب في الأول الصوم، وفي الثاني الإفطار عملا بالرؤية المعلق بها الحكم في الإخبار وإلغاء الحساب لاحتمال الغلط فيه، أم لا يجب صوم في الأول، ولا إفطار في الثاني عملا بالحساب؛ لأنه مبني على قواعد وضوابط، وأهله حرروه، ونسبة الغلط إلى الشهود أولى من نسبته إلى الحساب، أم يفصل، فيجب الصوم، ولا يجب الإفطار احتياطا للعبادة فيهما؟ (أجاب) اعلم أن هذه المسألة وقع فيها خلاف بين علماء أهل المذهب مثل الأذرعي والسبكي والأسنوي وغيرهم، وتبعهم خلق كثير، فمن ذاهب إلى العمل بالحساب وإلغاء الشهادة مطلقا كالسبكي، ومن ذاهب إلى قبولها وإلغاء الحساب مطلقا عن أن يكون أهل الحساب بلغوا عدد التواتر أم لا، والذي اختاره ابن حجر وغيره هو أنه إن اتفق أهل الحساب على أن مقدماته قطعية، وكان المخبرون منهم بذلك عدد التواتر ردت الشهادة، وإلا بأن اختلف أهل الحساب في مقدماته بين كونها قطعية وظنية، بأن قال بعضهم: إنها قطعية وبعضهم بأنها ظنية، أو قالوا جميعا إنها ظنية، أو لم يبلغوا عدد التواتر فالعمل بالشهادة هذا ظاهر كلامهم في أول رمضان، والذي يظهر جريان مثله في أول شوال فيعمل بالحساب إذا وجدت شروطه الثلاث، وبالشهادة إذا انتفى أحد منها، وكل هذا مع استيفاء الشهود الشروط المعتبرة، وصحة الضبط، وصحة النظر

مطلب: ما يثبت به رمضان إلخ

وإثبات الشاهد ونحو ذلك وإلا فلا يخفى أن مثل هذه الأمور تحتاج لنظر الحاكم واجتهاده، وكل هذا إذا لم يحكم حاكم بالحساب، أو بالرؤية، وإلا فالمعول عليه حكمه؛ لأنه يرفع الخلاف، ثم ينبغي تقييد الحساب بما إذا قطع بعدم الرؤية فتصير الشروط أربعة: أن يقطعوا بمقدماته، وأن يتفقوا عليها، ويقطعوا بعدم رؤيته، وأن يكونوا عدد التواتر، وأنى باجتماع هذه الشروط، فقد جعل أهل الحساب للهلال ثلاثة أحوال: الحال الأول: يقطعون بوجوده ويحيلون رؤيته. الثاني: أن يقطعوا بوجوده، ويجوزوا رؤيته. الحال الثالث: أن يقطعوا بوجوده ورؤيته، والله تعالى أعلم. مطلب: ما يثبت به رمضان إلخ (سئل) عما يثبت به رمضان من الأمور، فإنا نرى الفقهاء يذكرون أمورا يثبت بها رمضان بغير شهادة العدل؟ (أجاب) اعلم وفقك الله أني تتبعت أطراف كلامهم فرأيتهم يثبتون رمضان بستة عشر شيئا، أحدها كمال شعبان، ثانيها شهادة العدل، ثالثها إخبار من صدقه من نحو نساء وعبيد وفسقة، رابعها الحاسب والمنجم لمن صدقهما، خامسها الاجتهاد فيما إذا اشتبه، وفي حق أسارى، سادسها العلامة القطعية كقيادة القناديل على المنابر ليلة الرؤيا، سابعها تواتر الرؤيا، ولو فساقا، ولو من كفار، ثامنها رؤية هلال شعبان في حق الرائي، فإذا تم وجب عليه رمضان، وإن لم يثبت على الجميع، تاسعها حكم حاكم بعلمه، عاشرها حكم محكم لمن رضي به بالرؤية، حادي عشرها حكم محكم بعلمه، ثاني عشرها حكم المخالف إذا اختلفت الطوالع، ثالث عشرها الشهادة على الشهادة بالرؤية، رابع عشرها الشهادة على حكم الحاكم، خامس عشرها الشهادة على حكم المحكم لمن رضي به، سادس عشرها الاستفاضة يجب بها الصوم، وإن كانت الشهادة لا تجوز بها، فتأمل ذلك، والله أعلم. مطلب: ما لو نقص رمضان أو جاء تاما هل ثوابهما واحد إلخ؟ (سئل) عما لو نقص رمضان بأن جاء تسعة وعشرين يوما، أو كاملا، فهل ثوابهما واحد، وعما لو طالت أيامه، أو قصرت، أو تساوت مع الليل مع ما ينضح لذلك من شدة حر في اليوم الطويل دون القصير، وفي بعض البلاد يكون النهار فيها أقصر من بعض البلاد، كمكة شرفها الله تعالى، والروم حرسها الله تعالى، فهل أجر البلدين على حد سواء؟ (أجاب) أما الأول، وهو كون رمضان تسعة وعشرين، أو ثلاثين فنص ابن حجر على أن أجرها سواء، ولعل هذا من حيث الصوم، وأما اليوم الزائد، وما يقع من ثواب تقديم الفطر، وتأخير السحور وتفطير الصائمين فيفوق به الزائد، وأما طول النهار واشتداد الحر فيه وحصول المشقة لبعض الناس دون بعض، كما يشاهد في أرباب الكسب، والمترفهين، فالظاهر زيادة الأجر الطويل باعتبار الطول واعتبار شدة الحر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: الأجر على قدر النصب، أو الأجر على قدر المشقة، ومثل ذلك يجري في طول بعض البلاد على

مطلب: حكم إفطار الحصادين ونحوهم في رمضان إلخ.

بعض فيظهر عظم أجر الطويلة على القصيرة؛ لما في الطويلة من زيادة المشقة، فتأمل، والله تعالى أعلم. مطلب: حكم إفطار الحصادين ونحوهم في رمضان إلخ. (سئل) عن نحو الحصادين في شهر رمضان، هل يجوز لهم الإفطار إذا حصل لهم مشقة، ولو كانوا مستأجرين، أو معينين لأهله، وهل يجب عليهم تبييت النية ليلا، ولا يجوز لهم الإفطار إلا عند حصول المشقة، وإذا أفطروا، فهل يلزمهم مع القضاء الكفارة أو لا؟ (أجاب) لا شك، ولا ريب أن نحو الحصادين كالفرانين والأتوني والمسافرين سفر قصر، وكل عمل شاق يجب عليهم تبييت النية ليلا ويصبحون صياما، ثم من لحقه منهم مشقة شديدة ينشأ عنها مبيح تيمم فله الإفطار، بل لو تحقق الهلاك وجب عليه الإفطار، وإن صح الصوم لو صام في الحالتين، قال الرملي: وأفتى الأذرعي بأنه يجب على الحصادين تبييت النية في رمضان كل ليلة، ثم من لحقه منهم مشقة شديدة أفطر وإلا فلا إثم، قال: ولمن غلبه الجوع، أو العطش حكم المريض، أي له الإفطار إن لحقه مشقة شديدة. قال الشيخ علي الشبراملسي: قوله الحصادين ومثلهم غيرهم من سائر العملة، وعبارة ابن حجر، ويباح تركه لنحو حصادين وبنايين لنفسه ولغيره تبرعا، أو بأجرة، ولو مكرها على أحدهما، وإن لم ينحصر الأمر فيه أخذا مما يأتي في المرضعة خاف على المال إن صام، وتعذر العمل ليلا، أو لم يغنه فيؤدي إلى تلفه أو نقصه نقصا لا يتغابن به، هذا هو الظاهر من كلامهم وسيأتي في إنقاد المحترم ما يؤيده خلافا لمن أطلق في نحو الحصادين المنع، ولمن أطلق الجواز، ولو توقف كسبه لنحو قوت مضطر إليه هو أو ممونه على فطره، فظاهر أن له الإفطار لكن بقدر الضرورة. انتهى. ودخل في كلامه صورة، وهي ما لو خاف على المال، وظاهره أن له الإفطار، وإن لم يحصل له تلك المشقة، وتردد المحشي فيها، وصريح ابن حجر ما قلناه، ثم إذا أفطر لمرض، أو نحوه كمشقة، أو خوف على المال، أو الكسب لتوقفه على الإفطار وجب عليه القضاء دون الكفارة، والله أعلم. (كتاب الاعتكاف) مطلب: كتاب الاعتكاف ومقدار تضاعف الصلاة في المساجد الثلاثة إلخ. (سئل) ما مقدار تضاعف الصلاة في المساجد الثلاث، المسجد الحرام، ومسجد المدينة المنورة، والمسجد الأقصى؟ (أجاب) اعلم أن الذي حرره ابن حجر في هذا الكتاب وحاشية الإيضاح أن الصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة فيما عدا المسجدين في رواية، وفي رواية بألف فيما سواهما، وفي مسجد المدينة بألف في الأقصى، وفي مسجد مكة بمائة ألف في مسجد المدينة فحصل مما مر أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف ألف ألف صلاة ثلاثا فيما سوى المساجد الثلاثة؛ لأنه إذا كانت فيه بمائة ألف في مسجد المدينة، وكانت في مسجد المدينة بألف

كتاب الحج

في الأقصى، وكان في الأقصى بألف في غير الأقصى كانت فيه بمائة ألف ألف ألف ثلاثا في غير الثلاث، والله أعلم. (كتاب الحج) مطلب: كتاب الحج، المال الحرام لا يجب فيه الحج ولا الزكاة ولا الصدقة إلخ (سئل) في رجل عنده مال حرام، أو من شبهة، فهل يجب عليه الحج، وإذا حج منه، هل يصح حجه ويسقط عنه فرض الإسلام، وهل إذا تصدق منه يثاب، وهل تجب فيه الزكاة؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن المال الحرام يجب رده على مالكه وكل ما مر عليه زمن يكون آثما ببقائه عنده، فلا يطالب من عنده المال الحرام لا بحج، ولا غيره، ولا زكاة مال، ولا زكاة بدن؛ لأنه فقير حيث لم يكن عنده غيره، وأما المال الذي من شبهة، فإن كان المراد به شبهة الحرام، كأن قال بحله عالم، وبحرمته آخر، فإن قلد القائل بالحرمة، فقد علم حكمه، وإن قلد القائل بالحل جرت فيه سائر الأحكام كوجوب الحج والزكاة، وغير ذلك؛ لأنه مال مملوك وإن كان الورع تركه، وإن كان المراد بالشبهة بحيث لا يقطع بحله، كأخذ من مال ممن أكثر ماله حرام، ومال من يبيع الخمر، ومن يتعاطى الحرام، فهذا الورع تركه، ولكن يجوز أخذه، وأكله، والتعامل مع مالكه، وتجري فيه الأحكام الشرعية من وجوب الزكاة فيه، والحج والعمرة والفطرة وغير ذلك، ومع ذلك من حج من مال حرام، أو شبهة صح حجه وعمرته ووقع عن فرض الإسلام؛ لأن الحج لا تعلق له بالمال أصلا، وإنما تعلقه بالبدن والأعمال؛ لأن الإحرام والطواف والسعي، والوقوف بعرفة، ورمي الجمار، والحلق والتقصير، وجميع الأقوال التي في الحج سنة، نعم لو وجب عليه دم من دماء الحج واشترى دما بعين المال الحرام لم يجزه، وبقي الدم في ذمته، فإن اشتراه في ذمته، ثم دفع المال الحرام لم تبرأ ذمته، ولكن الدم يجزيه عن الدم الواجب، ولا شك أن المال الحرام لا يجوز التصدق به؛ لأنه يجب رده على مالكه، بل نقل بعض العلماء أنه لو اعتقد أنه يثاب بالمال الحرام، وتصدق به أنه يكفر، نعم قد يقال: فيه نوع سرور بدخوله على المتصدق عليه، ولكن هذا لا يقاوم إثم ترك الواجب، ولا تجب فيه زكاة، ولا تستحب؛ لما علم من وجوب رده على مالكه؛ لأن الزكاة تتعلق ببعض المال، ويصح ستر العورة به في الصلاة، وتصح الصلاة وإن كان لابسه آثما بلبسه؛ لأن أفعال الصلاة، وأقوالها خارجة عن اللباس. نعم الإمام أحمد رضي الله عنه لا تصح العبادة عنده بالحرام لشدة ورعه، والله أعلم. مطلب: مرتكب الكبائر هل يصح حجه أم لا إلخ. (سئل) فيمن فعل معاصي كبائر مثل قتل وشرب خمر وزنا، وسعى وحج حجا مستوفيا لأركان الحج وشروطه، فهل يصح حجه، ويسقط عنه فرض الإسلام، وهل الحج يكفر الصغائر والكبائر، والتبعات، وماذا يترتب على

مطلب: من عجز بنفسه له أن ينيب عنه، إلخ.

من قال بعدم التكفير؟ (أجاب) نعم يصح الحج مع وجود فعل هذه المعاصي، ولا تمنع هذه المعاصي، سواء وقعت في الحج، أو قبله صحة الحج، نعم الجماع من المحرم قبل التحلل يفسد الحج، ولو كان بحليلته، ولكن الأولى والأحق التوبة من جميع المعاصي الواقعة قبل التلبس به والتباعد عنها غاية التباعد فيه، ويحسب الحج عن حجة الإسلام، والصحيح أن الحج يكفر الصغائر والكبائر ما عدا التبعات. نعم ذهب بعض أصحابنا إلى أنه يكفرها لحديث في ذلك، ولكن الصحيح إن عزم على قضائها، ومات قبل القدرة على الوفاء، فإنها تكفر ومعنى الحج يكفر المعاصي أنه يكفر الذنوب المتعلقة بالله بمخالفة أمره، أو ارتكاب منهي عنه، وأما غير ذلك فلا يكفره الحج، مثل واجب الزكاة من عشر وغيره، وحد الزنا وصوم رمضان إذا أفطره، فلا يسقط ذلك بالحج، بل هو باق على ملابسه يجب عليه أداؤه مثل دفع الزكاة لأهلها، ويقام عليه الحد من قتل وضرب، ويصوم رمضان، وأما إثم التأخير فيكفر بالحج، والله تعالى أعلم. مطلب: من عجز بنفسه له أن ينيب عنه، إلخ. (سئل) في رجل كبير السن عاجز عن الحج وأدائه بنفسه من العجز والكبر، فهل إذا أعطى رجلا مالا، واستأجره ليحج عنه يجزيه ويجوز ويسقط عنه فرض حجه أم لا بد من حجه بنفسه ليسقط عنه الفرض؟ (أجاب) حيث كان الرجل عاجزا عن الحج بنفسه لكبر، أو غيره كمشقة شديدة، وكان بينه وبين مكة مرحلتان فأكثر وجب عليه الإنابة لمن يكون موثوقا به أدى فرضه إن كان له قدرة على أجرة الأجير، فإن مات وجب الحج عنه من تركته، فيؤخذ منها أجرة الأجير قبل الميراث، والله سبحانه وتعالى أعلم. (كتاب البيع) مطلب: كتاب البيع. لو خلص البائع نفسه من الحاكم بجعل، هل له الرجوع بذلك على المشتري أم لا؟ (سئل) في رجل اشترى من شركاء جملا وناقة بثمن معلوم وتسلمها، ثم إن حاكم السياسة أحضر البائعين، والجمل والناقة بين يديه ليسألهم عن حقيقة الحال، فخلصوا من بين يديه بجعل، فهل يفسخ البيع بذلك، وهل يلزم المشتري المذكور شيء من الجعل أم لا؟ (أجاب) ما ذكر ليس مما ينفسخ به عقد البيع اتفاقا، فالجمل والناقة باقيان على ذمة المشتري، ولا يلزمه شيء مما ذكر من الجعل، والله أعلم. مطلب: إذا ادعى البائع أنه لم يقبض الثمن من المشتري فما الحكم؟ إلخ (سئل) في رجل اشترى حمارا، وله مدة طويلة يزعم البائع أنه لم يقبض الثمن، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) إن أقام المشتري بينة أنه دفع للبائع الثمن بطلت دعواه، ولا حق له وإلا فله تحليف البائع أنه ما قبض الثمن، فإن حلف قضى له به، وإلا سقط حقه، والله أعلم. (سئل) في رجل له دار وكرم بمدينة سيدنا خليل الرحمن - على نبينا وعليه وسائر الأنبياء صلوات الملك المنان - باعهما لرجل أول ذي

مطلب: يتيم له مال عند رجل ووصيه كان يأخذ منه غلة بثمنها الحال فهل يسوغ لدافع الغلة الرجوع بعينها حيث ارتفع سعرها أم لا؟ إلخ.

القعدة سنة اثنين وتسعين وألف، ثم اشتراهما ولد البائع أول جمادى الأولى سنة عشرين ومائة وألف، والآن أبرزت امرأة حجة شراء حصة من الكرم مؤرخة بتاريخ آخر جمادى الأولى سنة تسع ومائة وألف، فهل يعمل بشراء المرأة؟ (أجاب) حيث لم يعلم انتقال من المشتري الأول للبائع الأول فبيع البائع الأول للمرأة المذكورة غير صحيح لعدم إطلاق تصرفه فيما باعه؛ لأن شرط العاقد بائعا كان، أو مشتريا إطلاق التصرف؛ لأنه باع غير مملوك له فيكون شراء الولدين مبيع والدهما صحيحا، والملك لهما لا يجوز للمرأة أن تعارضهما في ذلك بوجه حيث كان الأمر كما ذكر، والله تعالى أعلم. مطلب: يتيم له مال عند رجل ووصيه كان يأخذ منه غلة بثمنها الحال فهل يسوغ لدافع الغلة الرجوع بعينها حيث ارتفع سعرها أم لا؟ إلخ. (سئل) في يتيم له مال عند رجل وله وصي عليه كان يأخذ منه كل سنة حصة من الغلة بثمنها الحال، فهل لدافع الغلة أن يرجع الآن عليه ويطلب الثمن منه لكونه ارتفع سعر الغلة؟ (أجاب) حيث أخذ القمح بسعره الحال ليس للدافع الرجوع والمطالبة بسعر اليوم لانفصال الأمر، والله أعلم. (سئل) في رجل بيده أرض يتصرف فيها تصرف الملاك باعها لرجل وقبض ثمنها وله أولاد عم يعارضون المشتري وله ولد كذلك يعارض المشتري، فهل لهم ذلك، ويقولون في دعواهم: إنه غير عاقل؟ (أجاب) ليس لأولاد العم، ولا للابن معارضة المشتري بوجه من الوجوه؛ لأنه لا علاقة بينهم وبين البائع بوجه، ولا عبرة بما تعللوا به، إذ يحتاج لدعوى صحيحة وإثبات عند الحاكم الشرعي، والله أعلم. مطلب: بيع القاصر عقاره لا يصح ولو كان للمرتهن، الخ. (سئل) في أولاد قصر لهم أم ولهم زيتون رهنته عند آخر، ثم إن أحد الأولاد القصر باعه من المرتهن، فهل يصح هذا البيع أو لا؟ (أجاب) هذا البيع باطل؛ لأن شرط صحة البيع أن يكون العاقد مطلق التصرف، فالعاقد قاصر وبيعه لحصة إخوته باطل أيضا، وكذلك الرهن باطل حيث لم تكن وصية فللأولاد الرجوع على المشتري بما أخذه من ريع الزيتون، والله أعلم. مطلب: من دفع لآخر قمحا وشعيرا وعدسا وكان الثمن رخيصا ثم ارتفع الثمن فهل يأخذ ما دفعه بعينه؟ الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر قمحا وشعيرا وعدسا وكر سنة مائة مد عن الجميع وخمسة، وكان يوم دفع له ذلك الثمن رخيصا، ثم ارتفع السعر، فهل له غلة حكم ما دفع له، أو قيمة يوم الدفع؟ (أجاب) حيث لم يحصل عقد بيع بينهما، فالغلة باقية عند المدفوع له يطالبه بها الدافع بالغة قيمتها ما بلغت، والله أعلم. مطلب: هل يلزم البائع بقبض الدراهم حكم يوم البيع أم لا؟ الخ (سئل) عن رجل باع آخر قماشا مصريا بمال معلوم مؤجل بأجل معلوم، وكان يوم العقد الطرلي بأربعة قروش والزلطة بثلاثين فضة، والريال بستين فضة، ثم زادت المعاملة، فهل له أن يأخذ منه مثل يوم العقد، أو يوم القبض؟ (أجاب) حيث جرى العقد بينهما، وكانت المعاملة بما ذكر وجب على المشتري أن يدفع له المعاملة سعر يوم وقع البيع بينهما؛ لأن معاملة ذلك اليوم

مطلب: تصرف في أرض ثلاثين سنة بلا معارض، ومات المتصرف وقام ولده مقامه لا تسمع دعوى أحد على تلك الأرض .. الخ.

هي المرادة لهما، والله أعلم. مطلب: تصرف في أرض ثلاثين سنة بلا معارض، ومات المتصرف وقام ولده مقامه لا تسمع دعوى أحد على تلك الأرض .. الخ. (سئل) في رجل أخذ أرضا من آخر بالشراء، وله مدة نحو ثلاثين سنة متصرف فيها بلا معارض، وهي من أرض بيت المال، ثم مات الآخذ فخلفه ولده، ويدعي صاحب الأرض الأصلي أنه ما باعه إلا النصف، فهل يعمل بقوله؟ (أجاب) حيث تصرف الرجل المذكور المدة المذكورة بلا معارض، فلا تسمع دعوى المدعي المذكور؛ لأن الزارع يستحق الأرض بوضع اليد؛ لأنها لا مالك لها، إنما الزراع لهم بها اختصاص، والله أعلم. مطلب: بيع الولد ملك أبيه بغير إذنه لا يصح .. الخ. (سئل) في رجل له أرض يستغلها وله ولد باعها بغير إذن له، ولا وكالة، فهل هذا البيع صحيح أو لا؟ (أجاب) بيع الولد أرض أبيه من غير إذن باطل، ولو أجازه فيما بعد؛ لأنه فضولي وعقده باطل على الأصح، وإن أجاز بعده، والله أعلم. مطلب: يشترط لصحة شراء الكتب ونحوها أن يقلب أوراقها جميعا فردا فردا .. الخ. (سئل) في رجل اشترى كتبا عديدة من غير أن يقلبها، ولم يعلم حقيقتها، بل اشتراها من صورة الدفتر التي هي مكتوبة فيه، فهل هذا الشراء صحيح أو لا؟ (أجاب) عقد الشراء المذكور غير صحيح؛ لما هو معلوم من اشتراط علم المتعاقدين به أي المبيع، وما ذكروه من اشتراط الرؤية في كل شيء بما يليق به، ففي الكتب والورق البياض والمصحف رؤية جميع الأوراق إذا علم ذلك، فيجب رد الكتب على مالكها ورد الثمن على المشتري، والله أعلم. مطلب: البيع الأول هو المعول عليه والثاني باطل .. الخ. (سئل) عن أخوين باعا رجلا نصف جمل بإحدى عشر قرشا، ثم مطلهما فباعاه أيضا بثمانية، فهل البيع الثاني يفسخ الأول، وهل لهما الرجوع عليه بأجرة الجمل إذا كان استعمله؟ (أجاب) المعول عليه هو العقد الأول ويجب على المشتري أن يدفع لهما الأحد عشر قرشا، ولهما الرجوع عليه بما يخصهما من عمل الجمل قبل عقد البيع، وليس البيع الثاني فسخا للأول، والله تعالى أعلم. مطلب: من باع كرما وكبت به صك وشهدت الشهود عليه، فهل تصح دعواه أنه باعه نصف الكرم؟ .. الخ. (سئل) في رجل باع آخر كرما، وكتب له صك بأنه قبض ثمن الكرم المذكور، فهل له بعد ذلك أن يدعي أنه ما باع إلا نصف الكرم مع وجود بينة تشهد بأنه باع جميع الكرم؟ (أجاب) حيث شهدت البينة الشرعية بأنه باع الجميع وقبض الثمن، فليس له معارضة بوجه، فإن ظهر منه العناد كان للحاكم زجره ومنعه، فإن أبى عزره بما يليق به لوجود البينة والصك المذكور، والله أعلم. مطلب: بينة البيع تقدم على بينة الرهن .. الخ. (سئل) في رجل تحت يده كرم عنب يدعي أنه اشتراه من آخر، ويدعي الآخر أنه رهن وكل واحد معه بينة تشهد له بدعواه فمن المقدم منهما؟ (أجاب) بينة الرهن لا تنافي بينة البيع لصحة بيع المرهون ممن هو تحت يده، فلا تعارض بين البينتين على أن بينة البيع معها زيادة علم، وهو نقل الملك إلى المشتري فتقدم بينته قطعا؛ لما علم، والله أعلم. مطلب: العم إذا باع أرض القصر من غير أن يكون وصيا ولا قيما فلا يصح بيعه .. الخ. (سئل) في أولاد قصر لهم عم غير وصي، ولا منصوب من قبل الحاكم، هل يصح بيعه للأرض المذكورة، وإذا باعها، وحصل لها ريع، هل يصح

مطلب: يلزم المشتري دفع الثمن ولا عبرة بقوله أخذ منه الحاكم كذا .. الخ.

لهم الرجوع بها؟ (أجاب) بيع العم المذكور باطل لعدم ولايته على المبيع فللأولاد القصر الرجوع بالأرض، وإذا حصل فيها ريع فلهم الرجوع به، والله تعالى أعلم. مطلب: يلزم المشتري دفع الثمن ولا عبرة بقوله أخذ منه الحاكم كذا .. الخ. (سئل) في رجل باع لآخر قليا قدره سبعة وعشرون قنطار أو خمسة كل قنطار بتسعة أسدى وأخذ ذلك المشتري، واستولى عليه في مصينته، ثم ادعى المشتري أن الحاكم أخذ منه أربع قناطير ونصفا وأخذ منه أيضا كل قنطار كلبين، فهل يعمل بقوله المذكور؟ (أجاب) حيث وقع عقد البيع على ما ذكر أو لم يقع بيع أصلا، وكان المشتري طالبا ذلك القلي للشرى لزمه جميع ثمن القلي على ما وقع عليه الاتفاق، إلا إذا زاد في الثانية ثمن القلي فيلزمه الزائد أيضا؛ لأنه يضمن فيها ضمان الغصب بأقصى القيم، فيجب على المشتري أن يدفع له جميع ما ذكر على الوجه المشروح، ولا عبرة بما ذكره من أخذ الحاكم للقلي، أو للدراهم؛ لأنه دخل جميعه في ضمانه، وإن فرض أن الحاكم أخذ منه هو شيئا يكون غاصبا له هو، فلا يجوز له الرجوع على البائع بشيء، ولا أن يقطع شيئا، فإن لم يستقم لذلك كان للحاكم - أيدت أحكامه وعلا قدره ونظامه ونفذت في الأعداء سهامه وقطع رقاب المعاندين حسامه - أن يعزره التعزير اللائق به وبأمثاله الزاجر له عن غيه وضلاله، ويخلص للبائع جميع الثمن المذكور ويثاب على ذلك الثواب الجزيل، والله أعلم. مطلب: من باع ما لا يملك بغير إذن المالك فبيعه غير صحيح. (سئل) في ولد عمر أرضا وغرسها تينا، ثم باعها والده بغير إذن ولده، فهل البيع صحيح أو لا؟ (أجاب) حيث لم يكن الأب وكيلا عن الابن فالبيع غير صحيح، بل هو باطل يجب رده على الابن، ويرجع المشتري على الأب بالثمن، والله أعلم. مطلب: من اشترى شيئا ولم يقبضه وهلك يهلك على بائعه .. الخ. (سئل) في رجل يدعي على امرأة أنه باعها جملا بثمن معلوم، وهي تقر بالشراء، وتقول: دفعت له من ثمنه أحد عشر قرشا ومات قبل القبض، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) لا ضمان على المرأة للجمل أصلا، سواء لم يقع عقد بيع، وهو ظاهر أم وقع؛ لأن المبيع قبل قبضه من ضمان البائع، والله أعلم. مطلب: بينة مدعي الشراء مقدمة على بينة مدعي الرهن .. الخ. (سئل) في رجل تصرف في حصة في يد نحو خمس عشرة سنة، ثم مات وورثه ولده وتصرف فيه نحو سبع سنين، ثم ظهر أناس يدعون أن الحصة تحت يد ابنه رهن، ومعه بينة تشهد له أن أباه اشترى الحصة المذكورة، فهل يعمل بها؟ (أجاب) البينة العادلة معمول بها إجماعا، فلا يجوز المعارضة مع وجودها، حتى لو أقام الرجل بينة أنها رهن قدمت بينة مدعي الشرى؛ لأن معها زيادة علم، والله أعلم. مطلب: الشريك في الخليط إذا باع حصة شريكه من غير إذنه لا يصح بيعها .. الخ. (سئل) في رجل له ثلث في فرس باعها جميعا، ثم ظفر صاحب الثلثين بفرسه، والحال أن شريكه لم يأذن له في بيع حصته، فهل له الرجوع على من هي تحت يده أو لا؟ (أجاب) نعم له الرجوع بحصته على من هي تحت يده

مطلب: تأخير الثمن لا يبطل البيع .. الخ.

لأن بيع الشريك باطل لحصة شريكه حيث لم يأذن له في البيع، فإن تلفت رجع عليه بقيمتها، وله رجوع على شريكه لتعديه بالبيع والتسليم، والله أعلم. مطلب: تأخير الثمن لا يبطل البيع .. الخ. (سئل) في رجل اشترى كرم عنب بعد بدو صلاحه بعد الرؤية والمعاينة التامة بدراهم معدودة، ولم يقبض الثمن، ثم باعه الأول لآخر، فهل البيع للأول أم للثاني، وهل تأخير الثمن يمنع البيع الأول أم لا؟ (أجاب) البيع للأول، وليس للثاني بيع، فجميع ما يأخذه الثاني يكون غصبا يضمنه للأول بأقصى القيم؛ لأنه غاصب، وتأخير الثمن لا يبطل عقد البيع الصحيح، والله أعلم. مطلب: لو طلب البائع من المشتري زيادة عن الثمن ليس له ذلك .. الخ. (سئل) عن رجل باع ثورا لآخر بستة عشر قرشا، ولم يقبضه وقبض من الثمن اثني عشر قرشا، ثم تقلب على المشتري وطلب منه الزيادة على ذلك فزاده المشتري قرشا ونصفا وقبضه، ثم طلب منه زائدا على ذلك، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) الواجب على المشتري، إنما هو الثمن الأول، وهو الستة عشر لا غير، فلا يجوز للبائع طلب غيرها، وإن أخذ شيئا زائدا رده عليه، والله أعلم. مطلب: باع أشجار الرجل ثم ادعى أن الثمن بدون ثمن المثل فهل لا تسمع دعواه؟ (سئل) عن رجل اشترى من آخر أشجار زيتون بثمن معلوم مستوفيا شروط البيع من الرؤية، ورشد العاقدين والقدرة على التسليم وغير ذلك فاستغله المشتري أربع سنين، ثم يدعي البائع أنه باع بدون ثمن المثل والحال أن الشراء بثمن المثل، ولكن الوقت وقت قحط وارتفاع أسعار، فهل يجاب لدعواه أو لا؟ (أجاب) لا تسمع دعوى البائع المذكورة، وإن فرض أنه باع بدون ثمن المثل بغبن فاحش؛ لأنه متصرف في ماله له أن يهبه بغير مقابل، فكيف بالبيع فحيث كان رشيدا لا تقبل دعواه على أن البيع مختلف القيم غلاء ورخصا، والله أعلم. مطلب: لو أن المشتري أقال البائع واسترد المبيع ليس له الرجوع بعده .. الخ. (سئل) في رجل باع أرضا لآخر ميمسة خوفا عليها؛ لأنه خرج من بلده، ثم عاد لبلده، ثم إن الرجل المشتري لها أقال البائع فيها، وتصرف فيها نحو سنتين، والآن يعارضه فيها، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) حيث إن المشتري أقال البائع بطل حقه، وليس له معارضة صاحب الأرض بوجه؛ لأن الإقالة شريعة معمول بها ترفع العقد، كما أن البيع يثبت العقد، والله أعلم. مطلب: رجل ادعى على وارث أن وارثه لم يدفع له ثمن ما اشتراه وأقام بينة، ثم إن الوارث وجد بينة تشهد بدفع الثمن .. الخ. (سئل) في رجل ادعى على آخر أنه باع أباه الميت فرسا واعترف بالسداد وثبت ذلك ببينة، ثم بعد ذلك وجد المدعى عليه بينة أن أباه الميت سد ثمن الفرس، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث كان الاعتراف بناء على أن الأب لم يسد ثمن الفرس، ثم ظهر الوجه الشرعي سداد الأب، فلا يلزم الابن سداد ثمن الفرس لتبين أن الحق غير لازم له، والله أعلم. (سئل) في رجل باع لآخر ثورا سالما من العيوب ومضى على ذلك نحو ستة أشهر والمشتري يستعمل الثور حرثا ودرسا، ثم ظهر به عيب، ويدعي المشتري أنه شرط على البائع أنه إن ظهر به عيب

مطلب: من باع حصة أخيه بغير إذنه بغيابه وحضر واطلع على البيع لكنه لم يقدر يتكلم خوفا من المشتري .. الخ.

قبل مضي سنتين يرده، فهل له رده بهذا الشرط والحالة هذه أو لا؟ (أجاب) حيث وقع العقد للبيع والثور سالم من العيوب، ولم يعلم به البائع عيبا باطنا، فليس له رده على المشتري؛ لأن الحيوان يفتدى في الصحة والسقم وتحول الطبائع، فقل ما ينفك عن عيب ظاهر، أو خفي، ولا عبرة بهذا الشرط المنافي لمقتضى العقد، والله أعلم. مطلب: من باع حصة أخيه بغير إذنه بغيابه وحضر واطلع على البيع لكنه لم يقدر يتكلم خوفا من المشتري .. الخ. (سئل) في ثلاثة إخوة ورثوا من أبيهم دارا، فواحد من الإخوة سافر إلى الحجاز، عمرها الله تعالى، فباع أخواه جميع الدار من غير إذن منه لهما، ولا لغيرهما، ولا وكالة، ثم جاء الرجل وله نحو سنتين مطلعا على هذا البيع وشاهد الدار، ولم يدع بحصته منها لقوة المشتري وضعفه، فهل تبطل دعواه، وهل حكم الحاكم بذلك حق؟ (أجاب) حيث لم يصدر من الأخ الغائب إذن، ولا وكالة بالبيع، فالبيع في حصته باطل، فيجب على المشتري أن يسلم له ثلث الدار إن لم يفسخ البيع؛ لأن له الخيار بذلك، فإن فسخه رجع بالثمن على البائعين، ورجعت الدار لأهلها بحكم الإرث، وأما وجود الرجل هذه المدة من غير دعوى، فلا يبطل حقه بذلك، سواء وجد فيه الضعف أم القوة؛ لأن وقوع البيع باطل في حصته لا يرجع بالتأخير إلى الصحة، وقد وقع لي أني رأيت ملكين من أطول الرجال، وعلى رأسهما كتابان يريدان الطلوع بهما إلى السماء، وأنا أبكي وأقول: نحن نعمل بما فيهما، وكأنهما يقولان: إن الناس لا تعمل بهما، كل ذلك من تغير الشرع، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنما كتبت ذلك حتى يشيع لعل الله تعالى أن يرحم المسلمين خوفا من حلول بلاء بالناس، ولا سيما المغيرون والمبدلون، فإن لم يغيروا في الدنيا فلا بد من التغيير في الآخرة، وكأنهم من الموت آمنون ومن لقاء الله آيسون، ومن غضب محمد سالمون، كلا إنهم مسئولون عما هم عاملون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فحكم الحاكم بذلك باطل، والله أعلم. مطلب: وضع رجل صابونا عند آخر أمانة وقال له وزنه كذا، وعند استلامه قال نقص عن وزنه الأول فهل لا يقبل قوله .. الخ. (سئل) في رجل وضع عنده أربع قناطير من الصابون على قول الواضع فمكث عنده نحو ثمانية أشهر، ثم اشتراها فوزنها حالا، فلم تبلغ القدر المخبر عنه الواضع، فهل النقص يلزم البائع أم المشتري لكونه موضوعا تحت يده؟ (أجاب) لا ريب أن الصابون يعتريه النقص؛ لما يطرأ عليه من الجفاف، فإن فرض أنه كان جافا للغاية، فلا يعمل بقول الواضع؛ لأنه يدعي شيئا لنفسه فالنقص من ضمان البائع؛ لما علم، فإن اتهم الموضوع عنده الذي هو الأمين المشتري له كان للبائع تحليفه، والله أعلم. مطلب: من باع ملك غيره بغير إذنه فالبيع باطل. (سئل) في ثلاثة رجال بينهم ست زيتونات شركة دفعها واحد منهم لزوجته، ثم باعها عمها من غير إذنها، فهل البيع باطل ولأهلها الأصليين الرجوع في ريعها؟ (أجاب) بيع عم الزوجة باطل ودفع الشريك حصة شركائه في المهر

مطلب: يلزم البائع أن يقبض ثمن المبيع حكم يوم العقد، وإن زادت الدراهم أو نقصت بعده لا عبرة بذلك ومثله جميع العقود.

باطل أيضا، وللشركاء الرجوع بالريع على كل من أكله كائنا من كان، والله أعلم. مطلب: يلزم البائع أن يقبض ثمن المبيع حكم يوم العقد، وإن زادت الدراهم أو نقصت بعده لا عبرة بذلك ومثله جميع العقود. (سئل) فيما وقع في سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف من تغيير السلطان نصره الديان للمعاملة، وقد وقع للناس بسبب ذلك اختلاف كثير، فمن ذلك أن رجلا ابتاع متاعا من آخر بقروش معلومة مؤجلة لمدة معلومة من غير أن يعين في البيع ذهبا، ولا فضة، ولا ريالا، وأن رجلا ابتاع كرما، أو دارا بثمن معلوم مقسط في كل سنة حصة معلومة منه، وأن رجلا طلق زوجته واختارت الصبر عليه لأجل معلوم، وأن رجلا تزوج امرأة قبل تغيير المعاملة، وأن رجلا استأجر أجيرا بأجرة معلومة قبل النداء بتغيير المعاملة، وأنه إذا كان قد آجر دارا، أو دابة، أو حانوتا، أو نحوها قبل النداء بالتغيير، وأن امرأة كتب في مهرها مائة دينار عن كل دينار أربعين مصرية، وأن امرأة كتب في مهرها مائتا قرش إلى غير ذلك من الوقائع المختلفة، فهل العبرة في ذلك بيوم العقد الذي وقع البيع والإجارة والنكاح والطلاق فيه؛ لأن معاملته هي المرادة للمتعاقدين والمنوية لهما، أو بيوم الاستيفاء؛ لأنه الذي يستحق الطالب الطلب فيه، ويلزم المطلوب الدفع فيه، أوضحوا لنا الجواب؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن جميع ما وقع قبل النداء من عقود البيع والشراء والإجارة والنكاح، وعوض الخلع ودين الإتلاف، وسائر المعاملات، إنما يحمل على المعهود المعروف بين الناس، فإن اختلف المال في نقدين رجع للأغلب منهما معاملة بين الناس، وإن كان لهم عرف في التغيير عنه بشيء رجع إليه، كما يعبر في دمياط عن الريال بثلاثة وثلاثين فضة وفي الشام عن القرش العددي بأربعين فضة وفي القدس وكورتها يعبر عنه بثلاثين فضة، ولكن المعتبر في ذلك كله الصاغ مضبوط لا يزيد، ولا ينقص بخلاف الفضة المتعامل بها الآن، فإنها مقصوصة ليس لها ضابط شرعي، ولا عرفي بوزن، ولا عدد. إذا علمت ذلك فالواجب لكل معامل من وقع من السؤال، أو غيره، سواء كان دينه حالا أم مؤجلا هو ما كان يتعامل به من الصاغ، فيأخذ الزلطة بخمسة وأربعين أو ستة وأربعين ويأخذ الطرلي بمائة وسبعين فضة، والريال بمائة والجنزرلي بمائة وأربعة وثمانين وخمسة عشر، وهكذا باقي المعاملة. هذا كله لمن كان ماله عدديا، فإن كان معبرا عنه بالزلط والريال والكلب والذهب، فليس له غيره، سواء كان حالا أو مؤجلا ثمن مبيع، أو أجرة، أو صداق، أو قرض، أو غير ذلك، وأما مهور النساء المعبر عنها قبل النداء بالذهب المراد من كل واحد ذهب أربعون فضة، فليس له إلا ما كان قبل النداء من الصاغ، يعبر عنه بأربعين فضة من المعاملة السابقة الديواني الصحيح المضبوط، فتأخذ بسوية أرباب الديون السابقة،

مطلب: المقبوض على رسوم الشراء مضمون على المشتري بأقصى القيم .. الخ.

والله أعلم. مطلب: المقبوض على رسوم الشراء مضمون على المشتري بأقصى القيم .. الخ. (سئل) في رجل طلب جارية، وولديها يسومهم فأرسلهم البائع فمكثوا عند السائم نحو سبعة أشهر، ثم إنه رد الجارية وبنتها بالجدري، في حالة التلف، فماتت الأم بعد سبعة أيام، وبنتها باقية في المرض لا يعلم حالها، فما الحكم الشرعي أفد جوابا تعط ثوابا؟ (أجاب) صرح العلماء الأعلام بأن المأخوذ بالسوم مضمون على آخذه، ولا ريب أن السوم كناية عن مدة التأمل في البيع، وهي مدة يسيرة تعلم عرفا، فمكث الجارية وولديها هذه المدة غصب لهم، فيضمن الآخذ لها ما نقص منها ومن ولديها بأقصى القيم ضمان غصب؛ لما تقرر فيقومون سالمين من المرض وبالمرض ويضمن الآخذ النقص بأقصى القيم، كما يفهم ذلك من ليس في القن كالمستعير من القن، والله أعلم. مطلب: بينة مدعي الشراء تقدم على بينة الرهن. (سئل) في رجل تحت يده زيتون يدعي أنه اشتراه من مالكه بدين كان في ذمته، وله نحو عشرين سنة يتصرف فيه ومالكه الأول يدعي أن تحت يده بينة تشهد له بالرهن، والأول يدعي أنه بالبيع ويقيم على ذلك بينة أيضا، فمن تقدم بينته منهما؟ (أجاب) بينة مدعي الشراء مقدمة على بينة مدعي الرهن؛ لأن بينة البيع لا تعارضها، لجواز بيع المرهون لمن هو تحت يده حتى لو أقر واضع اليد بالرهن، ثم ادعى الشراء يصدق بالبينة؛ لما ذكر، والله أعلم. مطلب: بيع المعتوه والمعتوهة باطل .. الخ. (سئل) في امرأة معتوهة خرفانة كبيرة السن عمياء، باعت نصف كرم لها بثمن بخس لا يبلغ خمس قيمته بقول المشتري لها: إن قيمته الثمن المعين، في غيبة وليها وماتت بعد أشهر، وهي على تلك الحالة عن وارثها الغائب، فهل بيعها موقوف على إجازة وليها الوارث؟ (أجاب) لا ريب أن هذا البيع باطل؛ لأن بيع الأعمى في كل ما شرط فيه الرؤيا باطل، وقد قال ابن حجر: وعلم مما تقرر أن كل عقد اشترطت فيه الرؤية لا يصح من الأعمى؛ ولأن المعتوهة الخرفانة مختلة العقل، وذلك يقتضي الفساد أيضا، فالبيع فاسد من وجهين، والله أعلم. (سئل) في رجل باع آخر حملا بثلاثين قرشا عدديا قبل تغيير المعاملة بالنقص، ثم عرف الجمل وأثبت، فهل اللازم للبائع ما قبض المشتري، أو قيمة الجمل يوم إثباته؟ (أجاب) إن الجمل لما تبين أنه مستحق للغير تبين بطلان البيع، فيرجع المشتري على البائع بما قبضه منه، كل شيء بعينه من ذهب وفضة وغيرها؛ لأنه وضع يده على ماله بغير حق، ولا شيء له أزيد من ذلك حتى إنه يأخذ المعاملة بما قبل النداء والتغير، حتى كأن البيع قبله، والله أعلم. (سئل) في رجل ذمي اشترى نصف دار هو وزوجته وعملا حيلة في إسقاط الشفعة ومضى على ذلك نحو أربعة أشهر فظهر جار يريد الأخذ بالشفعة، فهل له ذلك، أو لا؟ (أجاب) هذا الجار ليس له شفعة لأمور منها ما اتفق عليه الإمامان العظيمان أبو حنيفة قدس سره، والشافعي عز قدره

مطلب: من باع ملكه ليس لأحد معارضة فيما باعه .. الخ.

وهو الحيل في إسقاط الشفعة، فإنها معمول بها عندهما وله صور كثيرة معمول بها مذكورة في كتب الفقه، ومنها عند الشافعي أن الجار لا شفعة له؛ لأنها لا تكون عنده إلا لشريك، ومنها أن يشترط عند الفور في الأخذ بها، فظهر أن هذا الجار لا شفعة له عند الإمامين المذكورين، والله أعلم. مطلب: من باع ملكه ليس لأحد معارضة فيما باعه .. الخ. (سئل) في امرأة لها على زوجها مال، وقد تزوج عليها، فطلبت مالها منه، فعوضها عن مالها حصة أشجار زيتون، وتصرفت فيها، ثم باعتها لولدها، فهل لإخوته أن يعارضوه فيما اشتراه من أمه الذي باعه لها زوجها بدراهمها التي لها عليه؟ (أجاب) حيث إن زوج المرأة عوضها الزيتون، صار ملكا لها لأخذها إياه بما لها من الدين، وصح بيعها له لولدها؛ لأنه ملكها، وليس لإخوته معه علاقة أصلا، والله أعلم. مطلب: بينة بيع البات مقدمة على بينة بيع الوفاء .. الخ. (سئل) في رجل بيده حجة شرعية بمشتري طبقة وبيت ومعه بينة تشهد له بذلك، والآن البائع يدعي أن ذلك بيع وفاء الذي له حكم الرهن عند السادة الحنفية، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) لا ريب أن بينة مدعي البيع البات مقدمة على بينة مدعي بيع الوفاء؛ لأن بينة الوفاء إن قدمت تاريخها، فلا تنافي البيع الواقع بعده؛ لأن المرهون يباع لا سيما للمرتهن، وإن تأخر تاريخها، أو قارن فيقدم البيع البات؛ لأن قائله يدعي الصحة ومدعي الوفاء يدعي الفساد، ومدعي الصحة مقدم هذا إذا جارينا مذهب الإمام الأعظم من صحة بيع الوفاء بمعنى الرهن وإلا فهو باطل عند إمام الأئمة الشافعي، والله أعلم. مطلب: من تصرف في عقار نحو ستين سنة هو وأبوه وجده من دون معارض، والآن يدعي رجل أنه كان رهنا عند بنت عمه فهل لا تسمع دعواه؟ الخ. (سئل) في رجل بيده غراس زيتون يتصرف فيه تلقاه عن أبيه عن جده نحو ستين سنة، والآن رجل أعرابي يدعي أنه كان رهنا عند بنت عم له، وقد ماتت وخلفت ولدا، ثم مات الولد وله عصبة، فهل يصغى لقول الأعرابي المذكور؟ (أجاب) دعوى هذه الأعرابي باطلة بإجماع المسلمين لوجوه: أما الأول فلأنه غير وارث لهذه المرأة، وأما الثانية فلأن وضع يده هذه المدة مع تصرفه المذكور مشعر ببطلان دعواه، وأما الثالث فلو ورد الأمر السلطاني بأن القاضي ليس له أن يسمع دعوى فيما فوق خمس عشرة سنة دفعا لمادة الفساد والانتقاد، فليتق الله تعالى هذا المدعي هذه الدعوى قبل أن تحل به البلوى، أو تأخذه الشكوى ورائحة الحق تفوح وتفور والباطل يفور، ثم يغور بأهله إلى أسفل سافلين فورب العالمين أنه الحق اليقين، وما لهم من شافعين، والله أعلم. (سئل) في امرأة تملك بيتا، ولها بنت وأخ وأخت باعت البيت لابنتها، ثم ماتت عن ذكر، فادعى الأخ أن البيع كان تلجئة والبنت تنكر ذلك، فهل إذا أقام الأخ بينة أن البيع كان تلجئة لأجل حرمانه الإرث تسمع دعواه، وتقبل بينته وله أخذ ما يستحقه في إرث أخته بالفريضة الشرعية أو لا؟ (أجاب):

مطلب: رجل له عند آخر دين .. الخ.

لا ريب أن بيع التلجئة صحيح، كما نص عليه أئمتنا؛ لأنه بيع صحيح مستوف لجميع الشروط نص على ذلك في العباب، ويسمى في بلاد الشام بيع الميمسة أي بيع المواطأة، فلا تضره المواطأة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له عند آخر دين .. الخ. (سئل) في رجل له عند آخر دين، فاتفق معه أن يدفع له ثورا بذلك موصوفا بصفات معلومة، ولم يره الدائن، ثم بعد ذلك ساقه المدين إلى بلد الدائن فهرب الثور فجاء المدين وأخبر الدائن ففزعا جميعا في طلبه، فظفر به الدائن فجاء به إلى قرية أخرى ووضعه عند رجل أمانة، فسرق في تلك الليلة، فهل يكون الدائن ضامنا لكونه تسلمه في غرض نفسه أم لا؟ (أجاب) حيث إن الدائن استولى على الثور وأخذه عن دينه، وإن لم يقع بينهما صيغة بيع؛ لأنه أخذه لغرض نفسه، فهو ضامن له بقيمته، كما لو أخذ متاعا للسوم، فإنه يكون ضامنا له بالقيمة، وهنا كذلك الآخذ للثور لأجل غرض نفسه ضامن له، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى ثورا .. الخ. (سئل) في رجل اشترى ثورا باثني عشر قرشا، ثم مات المشتري وأخذ البائع الثور حراسا، وادعى أنه باع ولم يقبض الثمن، ثم ظهر مع الوارث شهود بأن المشتري دفع الثمن للبائع، وله سبع سنين يستعمله، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث ثبت أن الميت دفع الثمن كان للوارث أجرة الثور هذه السبع سنين، ويرجع فيه إن كان موجودا، وإن حصل فيه نقص بتغير ونحوه رجع به أيضا، والله أعلم. مطلب: والد باع دارا كان اشتراها من ماله لولده .. الخ. (سئل) في والد باع دارا كان اشتراها من ماله لولده بغير مسوغ لبيعه شرعا، ثم إن المشتري لها عمرها وغرم عليها مالا، ثم نزعت منه بإبطال بيع الوالد، فهل للمشتري الرجوع بما غرم وعلى من يكون رجوعه؟ (أجاب) نعم للمشتري الرجوع بما غرمه؛ لأنه لم يبذل ماله مجانا، وإنما بذله بناء على ملكه المحل، فلما تبين أنه للغير كان له الرجوع على من غره وباعه غير ملكه قياسا على رجوع السيد بقيمة ولد أمته الذي غر الزوج بحريتها إذ لا يمكن الرجوع على الولد؛ لأنه قاصر، ولم يأذن أيضا، ولا يمكن أن يضيع مال الرجل؛ لما مر، فتعين على الغار طريقا في الضمان، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لجماعة برا .. الخ. (سئل) في رجل دفع لجماعة برا معلوما، وهو يدعي أنه باعه لهم بثمن معلوم، وهم يدعون أنه أقرضه لهم قرضا بمثله، ويريد أن يقيم على ذلك شهودا غير عدول، وهم يطلبون يمينه، فهل لهم ذلك؟ (أجاب) قال في العباب عطفا على ما قبل: أو ثم قال للقاضي لا تحكم حتى تحلفه لم يقدح فيها، ويجيبه إلى تحليفه، فعلم أن المدعى عليه إذا طلب تحليف خصمه له ذلك، ولو أقام الخصم شهودا عدولا، وأما غير العدول، فلا تقبل شهادتهم، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر طاحونة .. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر طاحونة بثمن معلوم، ثم مضى مدة نحو ثلاثة أشهر، ثم باعها البائع لآخر يدعي البائع أنه باعه كرها

مطلب: رجل دفع لآخر قماشا مختلف الأشكال .. الخ.

والمشتري الثاني يدعي أن البائع ما قبض الثمن، وأن المشتري الأول مطله بالثمن، فلمن يكون البيع؟ (أجاب) لا ريب أن البيع واقع للمشتري الأول، سواء مطل الثمن أم قبضه؛ لأن المطل لا يبطل البيع، ولا يصير ما وقع صحيحا فاسدا، والبيع الثاني باطل، سواء باع البائع باختياره أم مكرها؛ لأن بيعه للأول انتقل به الحق للأول وصار البائع الأول أجنبيا عن الطاحون فجميع تصرفه فيه باطل، فالطاحون باقية على ذمة الأول، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر قماشا مختلف الأشكال .. الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر قماشا مختلف الأشكال وأقامه عليه بمبلغ زائد عن ثمن مثله بغبن فاحش، فقبله المدفوع إليه بالغبن الفاحش بشرط أن رب القماش يكمل له فوق القماش دراهم نقدا، ويضيفها لثمن القماش ويعمل له بجميع المبلغ أربع طبخات صابونا، ويحسب ثمنها بسعر فصل التجار للصابون في ذلك العام، فتسلم منه القماش على الشرط المذكور وعمل المدفوع إليه القماش طبخة واحدة وثلث طبخة، فتسلم الرجل الصابون، ولم يكمل للمدفوع إليه دراهم نقدا، كما صار الشرط بينهما، ولم يفصل ثمن الطبخة وثلث التي تسلمها، فطالبه المدفوع إليه القماش أن يكمل له دراهم على ثمن الأربع طبخ صابون التي صار الشرط بينهما عليها، فلم يكمل له، وتعهد أن يكمل له بذلك زيتا من عنده ففات أوان الزيت، ولم يكمل له زيتا، ولا دراهم، فهل والحالة هذه قبول المدفوع إليه القماش بالغبن الفاحش على الشرط المذكور صحيح أم فاسد، ولا يلزمه أن يعمل لرب القماش صابونا وله رد القماش على صاحبه إن كان باقيا، وإن استهلك منه شيء يلزمه قيمة مثله، والقول قوله في القيمة وله استرداد الطبخة والثلث صابونا حيث كان باقيا أو لا؟ (أجاب) بيع القماش بالشرط المذكور مع شرط عمل الصابون بالمبلغ فاسد، كما نص عليه الأئمة أن كل بيع وشرط فاسد إلا ما استثني، وهذا ليس منه، ووجه بطلانه جعل الدراهم وما فيها من الرفق للآخذ، وكذلك عمل الصابون مقابلا بحصة من ثمن القماش الزائد على قيمته، وذلك الرفق والعمل مجهولان، وانضمام مجهول إلى معلوم يصير الجميع مجهولا، فلم يصح عقد البيع للقماش، فيلزم الآخذ رده إن بقي وبدله باعتبار القيمة إن تلف، وأما الطبخة وثلث من الصابون، فإنها باقية على ذمة مالكها لأنه، إنما دفع ذلك بناء على صحة بيع القماش، وقد بان فساده فرجع القماش لمالكه ورد الصابون لمالكه؛ لأن المبني على الفاسد فاسد، والله أعلم. مطلب: رجل سام من آخر مهرة وأخذها ليركبها وينظر أحوالها (سئل) في رجل سام من آخر مهرة وأخذها ليركبها، وينظر في أحوالها كما هي العادة، وكانت حاملة عند صاحبها، فوضعت عند الرجل حصانا، ومكثت عنده قريبا من سنة فربط ابنها عند فلاح على النصف، وأخذ يركبها، ويحمل عليها، ويؤجرها

مطلب: رجل باع آخر بذر ذرة .. الخ.

المدة المذكورة، فحدث من ذلك بها عنده جراحات في ظهرها وداء المغلة فكواها، ولم يأذن له في ذلك كله، ثم أرجعها إلى صاحبها فبسبب ذلك هلكت عند صاحبها، هل يلزم الرجل المذكور ضمانها، وهل لصاحبها أن يأخذ ولدها جميعا مجانا، ولا عبرة بما فعله من دفعه للفلاح على النصف، ويلزمه إحضاره وتسليمه ليد صاحب المهرة أم كيف الحال؟ (أجاب) لا ريب أن المأخوذ بالسوم مضمون، كما نص عليه الرملي وغيره، فالفرس مضمونة على آخذها حتى يردها، وتصرفه فيها زيادة على مدة السوم يصير بذلك غاصبا، ولا سيما إن طلبها مالكها فأبى، ويضمن حينئذ منافعها لتعديه؛ لأن زمن السوم يسير بحيث يتأملها ويعرضها على أهل المعرفة، ويضمن ما حدث فيها من عيب أيضا، ويجب عليه رد ولدها المضمون له أيضا، ولا سيما بالتعدي وتسليمه للغير من غير إذن مالكها، وأما الآخذ للحصان فله الرجوع على الدافع له بأجرة عمله؛ لأنه لم يعمل مجانا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل باع آخر بذر ذرة .. الخ. (سئل) في رجل باع آخر بذر ذرة ليزرعه ومضى على ذلك مدة نحو ثلاثين سنة، والآن يدعي أن ذلك البذر لم ينبت؛ لأنه زرعه، ولم ينبت، ويدعي على البائع بثمن الغلة ومنفعة الأرض وتعبه وتعب دوابه، مع أن البائع بذر من تلك الذرة واستغلها، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) دعوى هذا الرجل المشتري لبذر الذرة باطلة عاطلة لا تسمع شرعا، ولا عرفا لعدم جريانها على موجب الشرع، أما الأول، فلعدم شرط الإنبات، حتى لو شرط الإنبات وشهد خبيران أنها لا تنبت، كان له الرد بالعيب. الثاني من أين يعلم أنها لم تنبت. الثالث: أن الإنبات بيد الواحد القهار لا بيد بائع، ولا غيره. الرابع أن الدعوى بعد هذه المدة توجب لمدعيها البلوى؛ لأنه فتح باب فساد وعناد يخشى على المدعي الغضب من رب العباد. الخامس الغلة، وهي بيد الله تعالى، وكيف يلزمه تعبه وتعب دوابه، وهو لم ينتفع بها، وهل نسب عدم الإنبات للأرض، أو لقلة العمل أو من مليك السماوات والأرض، فليتق الله المدعي لهذه الأباطيل، ولا يطيل. وعبارة ابن حجر اختلف جمع متأخرون فيمن اشترى حبا للبذر بشرط أنه ينبت، والذي يتجه فيه أنه إن شهد قبل بذره لعدم إنباته خبيران، تخير في رده، فإن انتفى ذلك كله بأن بذره كله، فلم ينبت شيء مع صلاحيته، وتعذر إخراجه منها، أو صار غير متقوم، أو حدث به غيره فله الأرش، وهو ما بين قيمته حبا نابتا وحبا غير نابت، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر شوالا من الدخان على أنه جبلي فظهر بخلافه .. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر شوالا من الدخان بناء على أنه من دخان جبله فأخذه لمصر، ثم فتحه فوجده نوعين جبليا ورملاويا، وهو أقل من الجبلي، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) بيع الدخان في داخل الشوال لا يصح؛ لأن رؤية بعضه لا تدل على رؤية الباقي؛ لأنه لا بد من رؤية

مطلب: رجل باع لآخر حصة من دار .. الخ.

المبيع جميعا، فالمصدق هو المشتري بيمينه؛ لأنه غارم والغارم مصدق بيمينه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل باع لآخر حصة من دار .. الخ. (سئل) في رجل باع لآخر حصة من دار وقبض الثمن بيعا باتا، ثم وعده إن رد له الثمن يرد له البيع ومات البائع، فهل يعمل بهذا الوعد؟ (أجاب) الوعد لا يلزم الوفاء به، سواء مات البائع أم لم يمت، وفى الثمن أم لا، فحيث وقع عقد البيع صحيحا، وتفرقا من المجلس لا يلزم المشتري أن يرد المبيع على البائع، والله أعلم. مطلب: شريكان توجها إلى جهة البلقاء .. الخ. (سئل) في شريكين توجها إلى جهة البلقاء ليبيعا ما معهما من التجارة فرجع أحدهما وبقي الآخر، فجاء بجمل يدعي أنه للشركة، ثم ظهر أنه مستحق للغير، فأخذه هو وشريكه ورداه على المأخوذ منه، ثم أثبت الجمل مستحقه، وقد قال له جماعة عند أخذه: هذا الجمل حرام، ليس هو من جمال العرب، بل من جمال الحضر. والآن مالك الجمل يطالبه به، فهل يختص الغرم به لكونه الآخذ للجمل مع قول الجماعة له أنه حرام، أو يغرم معه شريكه؟ (أجاب) حيث علم الرجل إما بإخبار الجماعة له، وإما بالقرينة الدالة على أنه حرام لم يصح الشراء، ولا البيع؛ لأن الحرام لا يباع، ولا يشرى، وإذا كان كذلك لم يقع البيع، ولا الشراء للشركة لفساده، فوضع يد الرجل الشريك على الجمل المستحق للغير مضمن له فقط؛ لأنه وضع يده عليه بغير حق، ولا ضمان على شريكه الذي لم يشتر الجمل؛ لأنه لم يستول عليه. نعم إذا غرم الشريك الآخذ للجمل كان له الرجوع على الدافع للجمل له؛ لأن قرار الضمان عليه، والله أعلم. مطلب: باب الربا. (باب الربا) مطلب: رجل دفع لآخر خمسة وعشرين قرشا .. الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر خمسة وعشرين قرشا من مدة من السنين، وفي كل سنة يبيعه شيئا ليكون حيلة في التخلص من الربا، ثم إن المدين كان يدفع للدائن في كل سنة ما حصلت عليه الموافقة، والآن يطالب الدائن المدين بأصل المال، فقال له المدين: ليس لك عندي شيء، فهل يحسب ما أخذه الدائن من رأس المال أو مما وقعت عليه الحيلة، ويطالب بأصل المال؟ (أجاب) حيث كان ما يأخذه الدائن من المدين بعقد بيع، ولو كان حيلة ليتوصل بذلك إلى الحل كان ذلك كإنزاله، فلا يحسب عليه من رأس المال، بل يجب على المدين وضع رأس المال له، والله أعلم. (سئل) في رجل تحت يده مال وقف يدفع في كل سنة ربحه من غير معاملة، ولا حيلة شرعية، فهل هذا لازم له يحسب عليه دفعه أو لا، أو يحسب ما دفعه من رأس المال؟ (أجاب) هذا ربا الفضل، وهو باطل إجماعا لا يجب العمل به ويجب رد ما أخذه على مالكه؛ لأنه أخذ بغير حق، وإن كان بذمته مال الوقف أو غيره يجب عليه أداؤه لمستحقه، والمأخوذ منه يرجع به على قابضه. والله

مطلب: رجل أخذ من آخر ثلاث جرار من الزيت .. الخ.

أعلم. مطلب: رجل أخذ من آخر ثلاث جرار من الزيت .. الخ. (سئل) عن رجل أخذ من آخر ثلاث جرار من الزيت بتسعة قروش عددي مؤجلا ذلك، ثم مات وطلبها من أخيه فجعلها عن نفسه من غير رضى الأخ على ثماني عشرة جرة، ثم جعلها على ثلاثين جرة، ثم جعل عنها ستين قرشا وأخذ عليها بيتين رهنا، فهل يعمل بذلك أو لا؟ (أجاب) ما ذكر من جعل التسعة قروش على الزيت المذكور وجعله أيضا على زيت، وجعله على دراهم باطلة بإجماع المسلمين، وإن رضي الأخ؛ لأنه ربا ملعون آكله وموكله وشاهده وحاضره، ولا يصح أن يكون سلما؛ لأن شرطه أن يكون رأس المال حاضرا، فلا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ويعد نفسه من الأمة المحمدية أن يعمل، ويجب على كل مسلم إنكاره والزجر عنه، ويثاب على ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل أخذ من آخر عشرين قرشا بالمرابحة الخ .. (سئل) في رجل أخذ من آخر عشرين قرشا، وجعل لها ربحا كل سنة عشرة قروش فأخذ منه نحو ستين قرشا، ثم مات الآخذ وخلف وارثا، ولم يخلف سوى بيت، والآن يطالب الدافع الوارث بثلاثين قرشا أصلا وربحا، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) ما ذكر ربا بإجماع المسلمين، آخذه ملعون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - آذنه تعالى بالحرب، فهو هالك في الدنيا والآخرة، يخشى عليه سوء الخاتمة، قال تعالى} الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس {، فيجب على الرجل الآخذ أن يدفع للوارث أربعين قرشا؛ لأنها الزائد له ويأخذ العشرين التي هي الأصل، ولا يجوز طلب زيادة عليها؛ لأنها ربا محض لم يحل في شريعة أصلا لا شريعة اليهود، ولا النصارى، ولا أهل الإسلام، فيجب على كل مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر منع الرجل المذكور من طلب الزيادة، فإن لم يمتنع، فعلى الحاكم أيده الله تعالى منعه، فإن لم يمتنع عزره بما يليق به، والله أعلم. مطلب: رجل له كرم وعليه لوازم لليد عشرة قروش، أذن لآخر .. الخ. (سئل) في رجل له كرم وعليه لوازم لليد عشرة قروش، أذن لآخر أن يدفعها عنه، وشرط عليه أن يأكل غلة كرمه بشرط حرثه وإصلاحه، ولم يفعل، فعل يحل له ذلك، وإذا أخذ من الكرم شيئا يغرمه؟ (أجاب) ليس للرجل غير العشرة قروش، ولا يحل له أن يأكل من الكرم شيئا؛ لأنه ربا ملعون آكله وموكله وشاهده على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أكل منه شيئا غرمه لصاحبه؛ لما علم، ولا عبرة بالشرط المذكور؛ لأنه باطل، وإن رضي به صاحب الكرم؛ لأنه على خلاف مراد الشرع، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى مصحفا وقمحا ودفع له المشتري جرة زيت. (سئل) في رجل اشترى مصحفا وقمحا من آخر، ثم إن المشتري دفع للبائع جرة زيت، ولم تقع صيغة بيع لا من المشتري ولا من البائع، ثم إن المصحف تبين أنه وقف، فهل إذا أبطلتم البيع يرجع المشتري فيما دفعه أو لا؟ (أجاب) نعم البيع فيما

مطلب: رجل اشترى نصف محل بحقوقه ومرافقه .. الخ.

ذكر باطل ويرجع المشتري بما دفعه للبائع؛ لأن المبيع لا بد له من إيجاب وقبول، وبيع المصحف الوقف باطل أيضا، ويرجع البائع أيضا في القمح، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى نصف محل بحقوقه ومرافقه .. الخ. (سئل) في رجل اشترى نصف محل بحقوقه ومرافقه، وما نسب إليه شرعا، ولها ساحة داخلة في حدودها منصوص عليها في البيع أن نصف الساحة داخل في البيع بموجب حجة شرعية، فهل للغير منازعة في ذلك، وهل إذا كان لها استطراق وحدث فيه بناء ينتفع به يكون على قدر الحصص؟ (أجاب) لا ريب أن استطراق الدار وساحتها داخلان في البيع عند الإطلاق فكيف، وقد نص على ذلك حتى لو نفى ذلك من عقد البيع، وكان يتوقف الانتفاع عليهما كان البيع فاسدا لعدم الانتفاع فوجب أن تكون ساحتها الداخلة في حدودها واستطراقها داخلين في البيع، وكان للمشتري نصفها ينتفع به على الوجه العادي بسائر وجوه الانتفاع، وله أيضا نصف الاستطراق ومنافعه لدخوله في ملكه، والله أعلم. مطلب: رجل أخذ زيتونا على الشجر بمائة جرة زيت .. الخ. (سئل) في رجل أخذ زيتونا على الشجر بمائة جرة من الزيت، ثم جاء آخر وأشركه فيما أخذ، ثم ذهب أيضا وأخذ من المالك، فهل هذا الضمان صحيح، وإذا قلتم لا، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) إن هذا الأخذ باطل، سواء وقع بلفظ البيع أم الضمان؛ لأنه نوع من الربا، لقولهم لا يباع الشيء بما اتخذ منه والزيت متخذ من الزيتون، فيرجع كل من الرجلين على المالك بأجرته، ويأخذ هو جميع ما خرج من الزيتون، وإن أكل الرجلان منه شيئا غرماه له، والله أعلم. مطلب: رجل استدان من امرأة دراهم معلومة، وجعل لها ربحا .. الخ. (سئل) في رجل استدان من امرأة دراهم معلومة، وجعل لها نظير صبرها عليه ربحا من الدراهم، فهل يلزمه دفع ذلك الربح؟ (أجاب) حيث لم يكن في ذلك حيلة شرعية، فلا يعمل بهذا الربح المجعول؛ لأنه ربا محض مذموم فاعمله ملعون آكله وشاهده وكاتبه وحاضره، والله أعلم. مطلب: رجل له عند آخر دين، وكتب عليه تمسكا بربح .. الخ. (سئل) في رجل له عند آخر دين، وكتب عليه به تمسكا، وجعل عليه ربحا من غير بيع صبرة، ولا حيلة مخلصة من الربا، فهل يلزمه الربح المذكور؟ (أجاب) لا ريب أن جعل الربح للمال من غير حيلة ربا باتفاق العلماء، ملعون فاعله وآكله وشاهده وحاضره على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - معلم فاعله بحرب من الله تعالى، فأي جنود أو ملوك تحارب مليك السماوات والأرض، فليتق الله فاعله وإلا فقد أذن من الله تعالى بالمحق} يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل {والله أعلم. مطلب: رجل له أشجار زيتون باع الحب الذي عليها بزيت .. الخ. (سئل) في رجل له أشجار زيتون معلومة، عليها حب باع ذلك الحب الذي على الشجر بمائة جرة من الزيت وعشرين، على أن يحصله الآخذ ويدفع ذلك المبلغ منه، فما خرج منه لم يف بذلك، فما الحكم؟ (أجاب) هذا الشراء الواقع

مطلب: ما نهي عنه من البيوع

لحب الزيتون باطل؛ لأنه ربا ملعون فاعله؛ لأن بيع الشيء بما اتخذ منه ربا، فالرجل الآخذ أمين مصدق في قدر ما جاء، وعليه يمين ويلزم صاحب الزيتون أجرة نفسه؛ لأنه لم يعمل مجانا، والله أعلم. مطلب: ما نهي عنه من البيوع (باب ما نهي عنه من البيوع) مطلب: رجل باع زيتونا بالإكراه .. الخ. (سئل) في رجل باع زيتونا بالإكراه، وانتقل من المشتري لغيره لثلاث ذمم، وكل من اشتراه استغله مدة، ثم أثبت عند حاكم الشرع بيع الإكراه، وحكم له به، ورفع يد الواضع بيده عنه، فهل إذا ثبت ما ذكر له الرجوع على كل من استغل منه شيئا؟ (أجاب) حيث كان البيع بالإكراه الشرعي، ووجدت شروط الإكراه التي نص عليها العلماء، كان البيع الأول باطلا وكل بيع بني على الباطل، فهو باطل، فكل من أخذ منه شيئا أخذه بغير حق، فيجب رده على مالكه، فإن امتنع أجبره الحاكم على ذلك، فإن وجد بينة بقدر الغلة فذاك وإلا صدق الغارم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل باع لآخر حمارا .. الخ. (سئل) في رجل باع لآخر حمارا بخمسة وخمسين قرشا عدديا، منها عشرة حالة، والباقي مؤجل بأجل معلوم بشرط أن يأتي لها بكفيل بالثمن الباقي، ولم يأت له، فما الحكم والحالة هذه؟ (أجاب) حيث لم يأت المشتري بالكفيل المشروط عليه، ثبت للبائع الخيار، فله فسخ البيع، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا: وبفوت رهن، أو إشهاد، أو كفالة خير فورا من شرط له ذلك لفوت المشروط، والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر أشجار زيتون .. الخ. (سئل) في رجل باع آخر أشجار زيتون بيع وفاء بثمن معلوم، وأباح له استغلال ثمرتها ما دام المبلغ بذمته، ومالك الأشجار يريد دفع ما عليها، ويرفع يد الرجل المشتري بيع وفاء، وهو يمتنع ويريد أخذ علتها قهرا، فما الحكم الشرعي لمن يؤمن ويعي، أفد جوابا لو دعي، يظهر الحق ويردع المدعي؟ (أجاب) بيع الوفاء باطل من أصله بلا خلاف، والزيتون في تصرف مالكه الأصيل، وهذه الإباحة إن سلمت، إنما تشمل ما كان موجودا من الثمر حال الإباحة، ووجه بطلان بيع الوفاء تعليقه بالشرط المبطل لأصل البيع، على أن هذه الإباحة قد يدعى بطلانها من أصلها لوجود التعليق بالديمومة، فليس لصاحب الدراهم إلا ماله فقط، ويجب عليه أن يسلم الأشجار لمالكها بلا قرار والله هو الواحد القهار. مطلب: رجل عنده حمارة، وعند آخر حمار تبايعا .. (سئل) في رجل عنده حمارة، وعند آخر حمار، فباع صاحب الحمارة لها بالحمار، وخمسة عشر رطلا بصلا، وباع الآخر الحمار بذلك، ثم ظهر الحمار مستحقا للغير، فهل لصاحب الحمارة الرجوع بها أو لا؟ (أجاب) حيث ثبت أن الحمار مستحق للغير بالبينة العادلة كان لصاحب الحمارة الرجوع بها؛ لأنها الثمن، وإذا خرج المبيع مستحقا كان للمشتري الرجوع بالثمن، والله أعلم.

مطلب: امرأة لها جنان دفعتها لأخيها ليعمل فيها بالربع .. الخ.

مطلب: امرأة لها جنان دفعتها لأخيها ليعمل فيها بالربع .. الخ. (سئل) في امرأة لها جنان اشترتها دفعتها لأخيها ليعمل فيها بالربع فعمل فأكل الربع، ثم مات وخلف أولادا يدعون أن هذا الربع ملك، لكون أبيهم كان واضعا يده عليه، فهل يعمل بقولهم أم لا؟ (أجاب) لا يعمل بقول أولاد الأخ المجرد عن البيان؛ لأن العامل يضع يده من حيث العمل، وملك الأخت ثابت، فلا يرجع عنها إلا بيقين من بينة، أو إقرار منها، والله تعالى أعلم. مطلب: فصل في تفريق الصفقة (فصل في تفريق الصفقة) (سئل) في كرم مشترك لواحد نصفها، ولأربعة نصفها، باع واحد من الأربعة أربع قراريط، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) يصح البيع في ثلاث قراريط حصة الرجل؛ لأن كل واحد من الأربعة له ثلاث قراريط ويبطل في قيراط، ولكن يثبت للمشتري الخيار لتفريق الصفقة، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى أشجار زيتون وخرج بعضها مستحقا .. الخ. (سئل) عن رجل اشترى أشجار زيتون، خرج بعضها مستحقا لابن عم البائع، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) ما خرج من المبيع مستحقا للغير بطل فيه البيع، وثبت للمشتري الخيار، فإن أجاز البيع رجع على البائع بالحصة من المسمى، فإذا كانت حصة ابن العم النصف رجع عليه بنصف الثمن المسمى، وإن فسخ البيع رجع في جميع الثمن، والله أعلم. مطلب: باب الخيار. (باب الخيار) (سئل) في رجل اشترى نصف كرم من وكيل امرأة، وتبين أن ليس لها فيه إلا الثمن بالنسبة إلى الجميع، فهل للمشتري أن يأخذه بحصته من الثمن؟ (أجاب) نعم للمشتري أخذه بحصته بالثمن المسمى؛ لأن الخيار له، فإذا اختار لزوم البيع أو لزم هو فله أخذه بالحصة من المسمى، والله أعلم. مطلب: أرض مشتركة بين جماعة باع أحدهم حصة .. الخ. (سئل) في أرض مشتركة بين جماعة باع أحدهم حصة منها بغير إذن شركائه، فهل يصح البيع في حصته وحصة شركائه، أو تختص الحصة بما يخصه؟ (أجاب) يختص صحة البيع بحصته ويبطل في حصة من لم يأذن في البيع، ولم يبع ويثبت للمشتري الخيار، فإن أجاز أخذ المشتري الحصة بما يقابلها من الثمن، وإن فسخ أخذ جميع الثمن، والله سبحانه وتعالى أعلم. (فصل في خيار الشرط) مطلب: في خيار الشرط ورجل اشترى من آخر جملا .. الخ. (سئل) عن رجل اشترى من آخر جملا وشرط له الخيار من الجمعة إلى الجمعة، ثم رد الجمل المشتري وقبله البائع إلا أن المشتري كان قص الجمل عنده، ويدعي عليه البائع بقيمة وبر الجمل، فما قيمته؟ (أجاب) هذا البيع باطل والجمل على ذمة مالكه، فإن وجد أهل معرفة يعرف الجمل، ويعرف وبره، وشهد أن قيمته كذا غرمه المشتري

مطلب: فصل في خيار العيب

وإلا حلف المشتري يمينا أن قيمته كذا، وغرم ما حلف عليه، والله أعلم. (سئل) في رجل اشترى كرما معلوما وقبضه فخرج منه حصة مستحقة للغير، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) الحصة المستحقة للغير لا يصح فيها البيع، ثم يثبت للمشتري الخيار، فإن اختار البيع يوزع الثمن بعد أن تقوم الحصة، ويقوم الكرم الذي صح فيه البيع وقت عقد البيع، فإذا كانت قيمة المستحق خمسين، وقيمة باقي الكرم مائة مثلا، وزع الثمن الذي جرى عليه العقد على المائة والخمسين، فيلزم المشتري ثلثا الثمن، ويسقط عنه الثلث، ولو انعكس الحال بأن كانت قيمة المستحق مائة، وقيمة غيره خمسين انعكس الحكم، والله أعلم. مطلب: فصل في خيار العيب (فصل في خيار العيب) مطلب: اشترى ثورا فظهر أنه أعمى .. الخ. (سئل) في رجل اشترى ثورا فظهر أنه أعمى فادعى البائع حدوثه، والمشتري قدمه، فهل يصدق البائع، أو المشتري؟ (أجاب) يصدق البائع، قال في المنهج: ولو اختلفا في قدم عيب يمكن حدوثه حلف بائع فيصدق لموافقته للأصل من استمرار العقد، وإنما حلف لاحتمال صدق المشتري، نعم، لو ادعى قدم عيبين فأقر البائع بقدم أحدهما، وادعى حدوث الآخر، فالمصدق المشتري بيمينه؛ لأن الرد ثبت بإقرار البائع بأحدهما، فلا يبطل بالشك، ويحلف بجوابه على القاعدة الآتية في كتاب الدعوى والبينات، فإن قال في جوابه: ليس له الرد علي بالعيب الذي ذكره، أو لا يلزمني قبوله، أو ما أقبضته وبه هذا العيب، أو ما أقبضته إلا سليما من العيب حلف على ذلك ليطابق الحلف الجواب، والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر جملا برجله ورم وبصدره كي .. الخ. (سئل) في رجل باع آخر جملا برجله ورم وبصدره كي ادعى البائع أنه أراهما للمشتري، ثم ظهر بظهره ورم يسمى رائحة، وأقام على الأولين بينة بأن المشتري رآهما، فهل له الرد بالثالث الذي هو الرائحة أو لا؟ (أجاب) نعم له الرد بها حيث كانت تنقص قيمة الجمل سليما، قال في العباب: لو رضي بعيب، أو قصر في الرد به، ثم علم عيبا آخر فله الفسخ به، فالعيبان الأولان لا رد بهما لكون المشتري رضيهما على موجب قول البينة، وأما الثالث، وهو الرائحة فله الرد بها لعدم الرضى، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى ثورا بثمن معلوم فظهر به عيب .. الخ. (سئل) في رجل اشترى ثورا بثمن معلوم فظهر به عيب، وهو أنه لا يحرث، فهل له الرد بالعيب المذكور والرجوع بالثمن؟ (أجاب) نعم ما ذكر من عدم الحرث عيب يرد به المبيع؛ لأنه ينقص القيمة فيرجع المشتري على البائع بالثمن، والله أعلم. (سئل) في رجل اشترى جملا من آخر، ثم مات الجمل فشق جوفه فوجد به مرضا يسمى الجعام يظهر في الإبل بعد الحول، فهل إذا شهدت بينة ممن يعرف ذلك المرض، وأنه كان موجودا عند البائع، فهل

مطلب: رجل اشترى من آخر نصف غنم بها عيب .. الخ.

للمشتري الرجوع عليه بالنقص أو لا؟ (أجاب) نعم إن ثبت قدم العيب المسمى جعاما، وأنه كان عند البائع لزم البائع أرشه فيما يظهر، قال ابن حجر: ومثله أي الهيمان ما اشتهر عند عربان مكة من داء يصيبها يسمونه المغلة بالمعجمة، لكنهم يزعمون أنه لا يظهر إلا بعد ذبحها، فيعرفون قدمه وحدوثه، فإذا ثبت قدمه وجب أرشه فيما يظهر وقدر الأرش هنا أن يقوم الجمل هنا سليما خاليا من العيب ومعيبا فيلزم البائع النقص، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر نصف غنم بها عيب .. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر نصف غنم بها عيب قديم، ولكن لا يظهر إلا بعد مدة طويلة، فإذا ظهر علم أنه سابق ويشهد بذلك أهل الخبرة، فإذا ظهر ردها على مالكها فماتت جميعا، فهل هذا الرد صحيح، لكون العيب كان موجودا حال البيع، وإن لم يكن ظاهرا؟ (أجاب) حيث شهد أهل الخبرة أن هذا العيب موجود حال البيع، ثم ظهر وردها المشتري كان رده صحيحا، وماتت على ذمة مالكها الأول، فيجب عليه رد ما أخذه منه من الثمن، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى جملا فوجد به عيبا .. (سئل) في رجل اشترى جملا فوجد به عيبا، يقال له الصرر، فرده على صاحبه، فلم يقبله وادعى حدوثه عند المشتري، وادعى المشتري قدمه فمن المصدق منهما حينئذ؟ (أجاب) هذا العيب إن أمكن حدوثه صدق البائع بيمينه، وإن لم يمكن حدوثه صدق المشتري بيمينه، فإن كان مع المشتري بينة تشهد بقدمه عمل بها؛ لأن الصرر مما يظهر للبينة، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر حمارا. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر حمارا الحاضر المنظور، ثم ظهر به عيب ظاهر، وهو أنه يرقد تحت الحمل مرارا، فهل له الرد بالعيب؟ (أجاب) نعم له الرد بالعيب المذكور، وإن جهله؛ لأنه ظاهر وقوله له الحاضر المنظور لا ينافي في الرد، إذ لو أراد البراءة منه كان ذكره له؛ لأنه ظاهر يعلم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى ربع جمل به وجع في رجله .. (سئل) في رجل له ربع جمل به وجع في رجله، حمله شريكه فزاد وجعه، ثم اشترى الربع من صاحبه، ثم كراه فزاد وجعه، فهل البيع صحيح؟ (أجاب) حيث علم صاحب الجمل المالك لثلاثة أرباع عيب الجمل لزمه ثمن الربع لصاحبه، وليس له رده قهرا، والله أعلم. مطلب: في حكم المبيع ونحوه قبل القبض .. (باب في حكم المبيع ونحوه قبل القبض وبعده) (سئل) عن رجل باع آخر بقرة غائبة عن مجلس العقد رآها قبل ذلك، ثم ذهب ابن البائع وأتى بها فغصبت قبل القبض، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) الحكم في ذلك أنه يثبت للمشتري الخيار، كما صرح به في المنهج، فإن فسخ بالعيب رجع على البائع بالثمن، وإن أجازه رجع على الغاصب بالبقرة إن وجدت، أو قيمتها إن تلفت والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر نصف ثورين بثمن معلوم لم يقبضه .. (سئل) في رجل باع آخر نصف ثورين بثمن معلوم لم يقبضه، وتسلمهما المشتري، ثم مات أحدهما وباع المشتري الآخر بعد أن استعمله مدة، فما الحكم

مطلب: إذا باع داره حيلة ثم استأجرها .. الخ.

الشرعي في ذلك؟ (أجاب) يلزم المشتري جميع نصف ثمن الثورين، وإن ماتا هما، أو أحدهما، ويلزمه أجرة ما استعمله منهما أجرة المثل والبيع في النصف حصة الشريك باطل، فيرجع مالكه في نصفه، فإن تعذر طالب البائع بثمن النصف أيضا، ويأخذه للحيلولة، فإن ظفر بالثور له أخذه ورد الثمن، والله تعالى أعلم. (سئل) إذا قلتم أن البيع قبل قبضه من ضمان البائع، فما حكم الزوائد المنفصلة والمنافع؟ (أجاب) أما الزوائد المنفصلة، فهي أمانة تحت يد البائع لا يضمنها إلا بتقصير، وأما المنافع، فهي غير مضمونة على البائع إن استوفاها صرح بذلك في البهجة، ومفهومه أن غير البائع لو استوفاها كغاصب فتكون للمشتري، والله أعلم. مطلب: إذا باع داره حيلة ثم استأجرها .. الخ. (سئل) عما يقع كثيرا أن الرجل يبيع داره إما حيلة، أو غيرها، ثم يستأجرها قبل قبضها، فهل تصح الإجارة، وإذا قلتم لا تصح؛ لأنه تصرف قبل القبض، وهو لا يصح، فهل يلزم المستأجر الأجرة؛ لأنه يجب في إجارة فاسدة أجر المثل، كما يجب في صحيحة المسمى؟ (أجاب) لا يلزم البائع المستأجر أجرة إذا لم يحصل قبض؛ لأنه صرح في البهجة بأن البائع إذا استعمل المبيع قبل القبض، فلا تلزمه أجرة، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى جملا ودفع ثمنه ثم تلف قبل القبض .. (سئل) في رجل اشترى جملا من آخر وأقبض ثمنه، ثم تلف الجمل قبل القبض، فهل للمشتري الرجوع بالثمن على البائع؟ (أجاب) نعم له الرجوع بالثمن إن بقي، أو بدله إن تلف؛ لأن البيع قبل قبضه من ضمان البائع، كما نص عليه أئمتنا متونا وشروحا، لا خلاف فيه فيما نعلم، والله أعلم. مطلب: المدين اذا اعترف بالدين وحكم عليه به ثم تعلل لا يقبل منه .. (سئل) في ذميين متكلمين على طائفة من الأرمن ادعى عليهما رجل لدى حاكم الشرع بمال معلوم في ذمتهما استلماه لمصالح ديرهما، فأجابا بالاعتراف بذلك فألزمهما حاكم الشرع بدفع المال لمستحقه، وكتب عليهما حجة، ثم بعد ذلك تعللا بأن هذا الدين مأخوذ بالشراء من رجل آخر بعرض لا يساوي الدين، فهل يقبل منهما هذا التعليل، وإذا قلتم لا بأن لا نقد بأيديهما يدفعان الدين منه، والحال أن لهم عقارات وأسبابا وأمتعة، بحيث لو بيع شيء منهما لوفى الدين وزيادة، فهل يؤمران ببيعه وقضاء الدين من ثمنه، وإذا تعللا بأنه وقف على كنيسة التعبد، هل يصح هذا التعليل ويصح الوقف المذكور أم لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام بالمعنى: وصح بيع الدين لمن هو عليه بغير دين كأن باع عمرو مائة له على زيد بمائة، فإنه صحيح، كما رجحه في الروضة هنا، وفي أصلها آخر الحج كبيعه ممن هو عليه، وهو الاستبدال السابق، ثم قال: وشرط في متفق علة الربا قبض وفي غيرهما تعيين فيه أي المجلس فقط، أي لا قبض فيه، كما لو باع ثوبا بدراهم في الذمة لا يشترط قبض الثوب في المجلس، انتهى، فعلم أن بيع الدين لمن هو

مطلب: باع كل منهما نصف بقرته بنصف حمارة الآخر .. الخ.

عليه صحيح. قال في العباب بشرط حلولهما وإقرار الدين وملائته فعلم أنه لا يشترط مساواة العرض للدين كالبيع ويباع العقار في الدين، وكذلك الأسباب، وأما التعلل بأن ذلك وقف على كنيسة التعبد، فإنه لا يصح الوقف عليها، كما نص على ذلك متونا وشروحا، قال ابن حجر: نعم لا نبطل ما فعله ذمي إلا إن ترافعوا إلينا، وإن قضى به حاكمهم فنبطله، وقال العلامة ابن شريف: إن الديورات التي في بلاد الإسلام ليست مملوكة لأهل الكفر، وكذلك الكنائس ونحوها، وأما الإفرنج الذي لم تعقد لهم جزية، وإنما يدخلون بأمان، فلا يد لهم في دار الإسلام أصلا، وأما غيرهم من الكفار ممن له عقد جزية، فلأنهم لا يعتقدون ملكهم لها، وليست وقفا عندنا؛ لأنه لا يصح وإن كان واقفها ذميا، فهي حكم ما لم يجر عليه ملك كالموات، فلا يمتنع على سلطان الإسلام أن يرفع يدهم عنها، أو عن بعضها لمصلحة تظهر له، والله تعالى أعلم. مطلب: باع كل منهما نصف بقرته بنصف حمارة الآخر .. الخ. (سئل) في رجل عنده بقرة، وعند آخر حمارة باع كل منهما نصف دابته بنصف الأخرى، ثم تفاسخا البيع ودفع صاحب الحمارة حمارته لامرأة في صداق، وسرقت البقرة، فكيف الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث فسخ البيع كانت البقرة لصاحبها يتبع السارق فيها، والله أعلم. مطلب: اشترى فرسا كاملا وأجنبي يدعي أن البائع لم يبعها جمعيا .. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر فرسا تماما، ثم رجل أجنبي يدعي أن البائع لم يبعها جميعا، بل أبقى له فيها حصة، وجعل الأجنبي عليها كفيلا، فهل له المعارضة في ذلك؟ (أجاب) ليس للرجل الأجنبي معارضة في الفرس بوجه، بل الدعوى لصاحبها الأصل، فإن أثبت المشتري الشراء بجميعها منع البائع من المعارضة بوجه، وإن أثبت له فيها حصة تبعها، والله أعلم. مطلب: اشترى قنطار سمن فأحضره البائع وقال هذا قنطار، ثم بعد نقله ظهر أنه أقل فهل يعمل بقول المشتري أم بقول البائع. الخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر قنطارا من السمن، فأحضر له سبعة ضروف وأخبر أن فيها قنطارا ورطلا من السمن، فأخذه المشتري عملا بإخبار البائع، ثم ظهر أنه ناقص تسعة أرطال بعد نقله إلى بلدة أخرى، فهل يصدق المشتري بيمينه؟ (أجاب) قال في العباب: فقبضه أي المبيع جزافا، ولو مع تصديق البائع في قدره، أو مقدرا بغير المشروط فاسد فيبطل تصرفه لكن يضمنه، فلو تلف بيده لم يفسخ ويصدق في قدر ما قبض جزافا إن تلف، انتهى، فقد علمت أن المشتري في هذه الصورة يصدق في قدر ما قبض، والله أعلم. مطلب: أستاذ قرية له عند أهلها دراهم، اشترى منهم زيتا على طريق السلم مستوفيا شرائط .. الخ. (سئل) عن رجل أستاذ على قرية له عند أهلها حاصل، فطلبه منهم، فلم يقدروا عليه، فجاء كبيرهم، وطلب منه دراهم سلما على زيت ويشتري له بها الحاصل، فأحضر له دراهم منه، أو من حريمه وأسلمه إياها على زيت بشروطه، ثم اشترى له بالدراهم الحاصل الذي على البلد، ودفعوه له، فهل السلم المذكور صحيح أم لا؟ (أجاب) لا ريب أن هذا السلم صحيح يجب الوفاء به حيث استوفى الشروط، ولا يقدح في صحته

مطلب: باب التولية والإشراك والمرابحة والمحاطة

كون الدراهم ممن له الحاصل، أو من حريمه؛ لأن ذلك قضيتان منفصلتان لا تعارض إحداهما الأخرى؛ لأن السلم لما استوفى الشروط كان صحيحا، وكون كبير البلد يأخذ بالدراهم غلة يسد بها ما هو واجب عليه لا يقتضي فساد السلم الواقع صحيحا، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب: باب التولية والإشراك والمرابحة والمحاطة (باب التولية والإشراك والمرابحة والمحاطة) (سئل) عمن اشترى من آخر فرسا بمائة زلطة، ثم جاء آخر بعد عقد البيع وركوبها عالما بالثمن، فقال له المشتري: أشهدكم أني أشركت فلانا في هذه الفرس، فقال: قبلت، فهل يكون الرجل المخاطب شريكا في الفرس؟ (أجاب) حيث كان المخاطب عالما بالثمن، وقبل قول القائل بذلك صار شريكا في الفرس بنصف الثمن، له النصف، وللآخر المشتري لها النصف الثاني؛ لأن ذلك يسمى إشراكا في البيع، وهو كالبيع في أحكامه، والله أعلم. مطلب: شريكان أذن أحدهما للآخر بالاستدانة .. (سئل) في شريكين أذن أحدهما لصاحبه أن يستدين تسعة أمداد من القمح، وتسعة أمداد من الشعير ليزرعهما شركة، وأذن له أن يأخذ له خاصة مدين فأخذ له ذلك، ثم مات الآذن بعد أن أكل حصته من الزرع، وخلف أولادا وتركة، فهل يجب على أولاده أن يوافوا ما على أبيهم من الدين المذكور؟ (أجاب) حيث أذن الميت لشريكه في الاستدانة صار وكيلا عنه في ذلك فيلزمه الدين، فلما مات لزم أولاده الوارثين له وفاء الدين من التركة، وذلك حصة المشترك، وثمن الدين الخاص به، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لمعلم صبانة قماشا ليطبخ له بالثمن صابونا .. الخ. (سئل) في رجل دفع لمعلم صبانة قماشا ليطبخ له بها صابونا، ثم حين الحساب حاسبه على الواحد ذهب جنزرلي بخمسة قروش إلا ثلث عددي قائلا إن ذلك القدر قيمته في مصر، والحال أن الذهب الواحد كان في ذلك الزمن بخمسة قروش ونصف عددي، ومعلم الصبانة جاهل بذلك، فهل لمعلم الصبانة الرجوع على رب القماش عن كل جنزرلي بخمسة وعشرين فضة، حيث كان جاهلا لذلك أو لا؟ (أجاب) حيث لم يقع الاتفاق على الذهب الواحد بمقدار مخصوص، فكل ذلك باطل؛ لأن حساب الذهب والريال وغيرهما، إنما كان باعتبار المقصوص فيها، والمقصوص لا يضبط، ولا يصح التعامل به، ولا التزامه في الذمة، ولا تقويم المصاغ من الذهب والفضة لاختلاف الغرض به فيرجع إلى الصاغ من النقد فيقوم القماش بالصاغ، ثم يجرد العشرة أحدا عشر اثني عشر على ما تقع به العادة والاتفاق، هذا هو الشرع القويم، وغيره باطل لا يعمل به، والله أعلم. مطلب: باب بيع الأصول والثمار (باب بيع الأصول والثمار) (سئل) في رجل اشترى بزر قنابيط وزرعها، وله شريك وشريكه ما حط من

مطلب: دار مشتركة بين ذميين مات أحدهما عن ورثة .. الخ.

ثمنها شيئا، فهل له فيها شيء أو لا؟ (أجاب) جميع ما خرج من بزر القنابيط للمشتري لا شيء منه لشريكه، والله أعلم. مطلب: دار مشتركة بين ذميين مات أحدهما عن ورثة .. الخ. (سئل) في دار مشتركة بين ذميين مات أحدهما عن ورثة، فباع الورثة نصفها لآخر بما اشتملت عليه حدودها الأربعة بموجب صك البيع المذكور فيه بجميع حقوقه ومرافقه وحديده وأخشابه وأسبابه، وما عرف به ونسب إليه، وفي بعض بيوت الدار سدة من خشب مركبة في البناء من كل جهة، ويطلبون الورثة من المشتري قلعها، وأخذها زاعمين أنها غير داخلة في البيع، هل تدخل في البيع تبعا حيث كانت مركبة في البناء لا منفصلة عنه، وإن لم يصرح بذكرها مفردة ما الحال؟ (أجاب) نص أئمة المذهب على أن جميع ما أثبت في الدار يدخل في بيعها وعد منها، وذلك كالرفرف والساباط الذي جذوعه من الطرفين عليها وكجري الماء وحريمها وشجرها ومسامير حلقها مع مفتاحه، فالسدة الداخلة في البناء داخلة في البيع قطعا، والله أعلم. مطلب: باع لآخر أشجار زيتون بثمن معلوم .. الخ. (سئل) في رجل باع لآخر أشجار زيتون بثمن معلوم بيعا باتا مستوفيا شرائطه الشرعية من تسلم وتسليم ولزوم من الطرفين، ثم أوعد المشتري البائع أنه متى رد له نظير الثمن يعيد له المبيع، ومضى على ذلك سنوات، ثم بعد بدو صلاح الثمرة في ملك المشتري جاء بنظير الثمن، فهل يجب على المشتري رد الثمرة الحاصلة في ملكه أم الأشجار فقط؛ لأن الثمرة زيادة منفصلة والفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله؟ (أجاب) حيث كان البيع لازما، كان جميع ما يحدث منه من ثمرة وغيرها ملكا للمشتري؛ لأنه ملكه يتصرف فيه كيف شاء حتى إن الثمرة التي ظهرت على الشجر للمشتري الأول، فإن أراد البيع، فهو موكول إلى خيرته إن شاء باع، وإن شاء أبا، ولا جبر؛ لأن الوعد لا يلزم الوفاء به، كما يعلم ذلك من المتون والشروح، والله أعلم. مطلب: رجل له أرض فيها زيتون وتين .. الخ. (سئل) في رجل له أرض فيها زيتون وتين، فقال له وكيل المشتري: بعتني نصف هذا الكرم ونصف الوطاة بكذا، فقال له: بعتك، والآن يدعي عدم دخول الزيتون في البيع، فهل يعمل بقوله؟ (أجاب) لا يعمل بقوله المذكور، بل للمشتري نصف الأرض ونصف التين والزيتون وغيرهما، إن كان قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: يدخل في بيع أرض، أو ساحة، أو بقعة، أو عرصة مطلقا في رهنها ما فيها من بناء وشجر وأصول بقل يجز مرة بعد أخرى، وتؤخذ ثمرته كذلك، والله أعلم. مطلب: فصل في بيان بيع الثمر والزروع .. الخ (فصل في بيان بيع الثمر والزروع) (سئل) في رجلين اتفقا على أن أحدهما يضع البذر والأرض ويقرن ثوره بثور صاحبه، وهو يعمل بيده ويكون الخارج بينهما نصفين، ولم يعمل الرجل المذكور،

مطلب: رجل عنده ثور ضمه لآخر مع ثوره .. الخ.

فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) ما يخرج يكون لصاحب البذر؛ لأن الغلة تتبع البذر ويغرم لصاحبه أجرة ثوره فقط؛ لأنه عمل طامعا، والله أعلم. مطلب: رجل عنده ثور ضمه لآخر مع ثوره .. الخ. (سئل) في رجل عنده ثور ضمه لآخر مع ثوره ليكون له ثمن المتحصل من الغلال والأرض والبذر لصاحبه، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) جميع الزرع لمالك البذر، وليس لصاحب الثور إلا أجرة المثل للثور فقط، والله أعلم. مطلب: فصل الاختلاف في كيفية البيع .. (فصل في الاختلاف في كيفية البيع) (سئل) في رجل اشترى أرضا بثمانية وأربعين قرشا منها ثور بأربعين قرشا وثمانية قروش، فتبين بعد شهرين ونصف أن الأرض من وقف سيدنا تميم الداري الصحابي رضي الله عنه، فأراد المشتري أخذ دراهمه لبطلان البيع، والبائع يريد أن يرد عليه الثور، والحال أن الثور الآن لا يساوي عشرة قروش؛ لأن البائع استعمل الثور هذه المدة في الدياسة، هل له رده على مشتري الأرض أم لا لكونه تصرف فيه هذه المدة حتى نقص ثمنه؟ (أجاب) حيث باع غير مملوك، فالبيع باطل ويضمن الثمن ضمان غصب، فيرد الثور ويضمن ما نقص منه باعتبار أقصى قيمة، وليس له نفقة على الثور؛ لأنه أنفق لا ليرجع، وإن جهل الفساد والحالة هذه، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر نصف جمل .. الخ. (سئل) عن رجل اشترى من آخر نصف جمل، وهو يدعي الصحة والبائع يدعي الفساد، وقد استعمله مدة، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) مدعي صحة البيع يصدق، كما نص على ذلك أئمتنا متونا وشروحا، فعليه أجرة الجمل مدة استعماله له، أو منعه، وإن لم يستعمله، والله أعلم. مطلب: امرأة وكلت رجلا في شراء بيوت .. الخ. (سئل) عن امرأة وكلت رجلا في شراء بيوت وأشجار زيتون شركة له ولها فاشترى الرجل الوكيل ذلك، ثم إنه باع حصته من البيوت المشتركة بينه وبينها بغير إذنها، ولا علمها، وماتت المرأة، ولم تعلم بذلك، فلما كبر ابنها أخبره جماعة من الناس بأن هذه البيوت المبيعة لأمك نصفها، وشهدت له بذلك بينة، فهل له أن يدعي على المشتري، ويأخذ منه ما كان يخص أمه، وهل له أن يطالب المشتري بأجرة حصة أمه مدة وضع يده عليها، وهل له أن يأخذ بالشفعة لتبين أنه شريك؟ (أجاب) حيث ثبت بالبينة العادلة الشرعية أن المباع من البيوت لأم الرجل فيه النصف لوقوع عقد البيع لها فيه، كان بيع الشريك لحصة الأم باطلا لعدم إذنها في البيع، ويثبت للمشتري الخيار، فإن أجاز البيع كان لولدها أيضا الأخذ بالشفعة إن وجدت الشروط لأخذها فيه، وأما الأجرة، فهي ثابتة له حيث ثبتت الحصة له لكون المشتري استولى عليها بغير حق، والله أعلم. مطلب: رجل باع ربع بد لآخر وقبضه المشتري .. الخ. (سئل) في رجل باع ربع بد لرجل آخر وقبضه المشتري ومكث يتصرف فيه مدة نحو ثلاثين

مطلب: رجل باع أرضا بينه وبين أخيه القاصر .. الخ.

سنة والبائع حاضر ناظر لا يتكلم، والآن يدعي أنه حين باع ربع البد كان يجهله، يريد بذلك فساد البيع، فهل تسمع دعواه ذلك أو لا؟ (أجاب) لا ينظر لدعوى الرجل المذكور؛ لأن الذي نص عليه العلماء أن المتبايعين إذا اختلفا صدق مدعي الصحة، كما صرح به أئمتنا متونا وشروحا والله أعلم. مطلب: رجل باع أرضا بينه وبين أخيه القاصر .. الخ. (سئل) في رجل باع أرضا بينه وبين أخيه القاصر، ومضى على ذلك نحو عشرين سنة، فادعى هو وأخوه أن البيع لا لمصلحة والمشتري يدعي أنه لمصلحة القاصر فمن يصدق منهما؟ (أجاب) لا ريب أن المشتري مدع لصحة البيع، والأخوين يريدان فساده، ومدع الصحة يقدم بيمينه، كما نص على ذلك أئمتنا في باب التحالف على أن الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة لا تسمع حيث نص السلطان على منع القضاة من السماع في ذلك، والله أعلم. مطلب: فيما وقع في هذا الزمان من الرجل يدفع لزيات بلده زيتا .. الخ. (سئل) فيما وقع في هذا الزمان من الرجل يدفع لزيات بلده زيتا من غير عقد بيع، وإنما هو تحت السعر فتارة ينزل السعر وتارة يرتفع وتارة لا، ولا، ويدفع الزيات لصاحب الزيت دراهم كذلك، فإذا وقع بينهما خلاف، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث لم يقع بين الزيات ومالك الزيت عقد بيع بأن يقول له: بعتك هذا الزيت بكذا فيقول اشتريت، فالزيت باق على ذمة صاحبه، فله المطالبة بالزيت، والدافع للدراهم يطالب بها، فليس لصاحب الزيت إلا قيمة يوم المطالبة، هذا هو الشرع القويم يعمل به من هو على الدين القويم، والله أعلم. (معاملة الرقيق) مطلب: معاملة الرقيق وعن أمة استولدها سيدها .. الخ. (سئل) عن أمة استولدها سيدها، وكان يمتعها بأمتعة من لباس وفرش وغيرها ومات عنها، والأسباب عندها فعتقت بموته، فهل الأسباب التي متعها بها سيدها لها أم للورثة غيرها؟ (أجاب) عبارة ابن حجر مع متن المنهاج: ولا يملك أي الملك محله بسائر أنواعه ما عدا المكاتب، ولو ملكه سيده، أو غيره في الأظهر لقوله تعالى {مملوكا لا يقدر على شيء}، وكلا لا يملك بالإرث وإضافة الملك إليه في خبر الصحيحين: "من باع عبدا وله مال، فماله للبائع" إلا أن يشترطه المبتاع للاختصاص لا للملك وإلا لنافاه جعله لمالكه، انتهى. فقوله سائر أنواعه دخل في ذلك أم الولد، فإنها رقيقة ما دام سيدها حيا معها، فجميع ما كان معها ولو بتمليك سيدها للورثة على حسب إرثهم منه، والله أعلم. (كتاب السلم) مطلب: كتاب السلم ورجل استجر من آخر ثمانية قروش .. الخ. (سئل) في رجل استجر من آخر ثمانية قروش إلا ثلثا، ثم جعل ذلك على اثني عشر مدا من الحنطة، فهل تلزمه أم الدراهم؟ (أجاب) هذا السلم باطل؛ لأن شرط

مطلب: رجل أسلم آخر قدرا معلوما .. الخ.

صحته أن يكون رأس مال السلم حاضر، لا دينا في الذمة، فلا يكفي، فليس على الرجل المذكور إلا الدراهم فقط لفساد السلم، والله أعلم. مطلب: رجل أسلم آخر قدرا معلوما .. الخ. (سئل) عن رجل أسلم آخر قدرا معلوما من الدراهم على قدر معلوم من الحنطة، بشرط أن يكون من قرية كذا، وهي صغيرة، فهل هذا السلم صحيح، والحال أنه لم يخرج منها في تلك السنة شيء؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه: وفسد أي السلم أيضا بتعيين قدر من ثمر قرية قليل؛ لأنه قد ينقطع، فلا يحصل منه شيء، فحيث عين السلم من حنطة القرية الصغيرة، وحنطتها قليل فسد السلم، سواء خرج منها شيء أم لا، فليس للمسلم إلا رأس مال السلم، والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر قدرا من الحنطة .. الخ. (سئل) عن رجل باع آخر قدرا من الحنطة المعلومة بثمن معلوم، ثم جعل ذلك الثمن رأس مال سلم في حنطة معلومة، فهل يصح ذلك؟ (أجاب) لا يصح هذا السلم، بل هو باطل؛ لأن شرط رأس مال السلم أن لا يكون دينا، وهنا دين، فلا يصح، نعم لو بقي ثمن القمح بحاله، ثم طالبه به ودفع له عنه قمحا، وإن زاد على الأصل لدخوله تحت قولهم، وصح استبدال عن دين غير مثمن بغير دين ظاهره، ولو كان البدل من جنس بدل الدين، والله أعلم. مطلب: رجل قروي جاء عليه نائبة ظلمية .. الخ. (سئل) عن رجل قروي جاء عليه نائبة ظلمية لحاكم العرف، ولم يدفعها، فاستلم شيخ قريته من آخر أربعة قروش عددي في أربعة أمداد من الحنطة، وادعى أنه دفع ذلك في نائبته، والآن شيخ القرية يزعم صحة السلم عليه، ويريد إلزامه بالحنطة المذكورة، هل له ذلك ويصح أو لا؟ (أجاب) حيث لم يصدر من الرجل المذكور إذن لشيخ القرية في استلام المبلغ المذكور، فالسلم باطل للرجل، وأما شيخ القرية إن استلم سلما صحيحا، فهو لازم له، ولا يلزم الرجل المذكور من القمح شيء، إذ ليس لأحد أن يلزم ذمة أحد مالا بلا إذن، والله أعلم. مطلب: رجل له على آخر أربعة قروش وثلث .. الخ. (سئل) في رجل له على آخر أربعة قروش وثلث، فطالبه بها، فقال له: ليس معي شيء، فقال له: قبلتها عليك بمدي قمح، فقال: قبلت، فهل يكون ذلك سلما صحيحا يلزم به القمح، أو لا يلزم من عليه الدين إلا الدراهم؟ (أجاب) هذا سلم باطل لعدم وجود شرطه، وهو قبض رأس مال في المجلس، فلا يكون دينا، وإنما يلزمه الأربعة قروش وثلث فقط، والله أعلم. مطلب: رجل أسلم لأناس معلومين .. الخ. (سئل) في رجل أسلم لأناس معلومين في مقدار من الغلة معلوم لأجل معلوم، ثم نودي على الكيل بأنقص مما كان عليه، فهل للمسلم أن يأخذ بالكيل الأول أم بالذي نودي عليه، الآن؟ (أجاب) يجب على المسلم إليه دفع ما أسلم إليه فيه بالكيل الأول؛ لأنه هو اللازم لذمته، فلا عبرة بما حدث بعد ذلك من النداء، سواء زاد، أو نقص عما كان أولا؛ لأن عقد السلم منزل على المعتاد عرفا وقته، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لجماعة أربعة أرطال .. الخ. (سئل) في رجل دفع لجماعة أربعة أرطال

مطلب: امرأة أسلمت لآخر دراهم على زيت .. الخ.

من البن بأربعة وعشرين قرشا وأجلها إلى أجل معلوم وقال لهم: إن فات الأجل تكون بثلاثين مدا من القمح، فهل إذا فات الأجل يلزمهم القمح المذكور أم لا؟ (أجاب) هذا سلم باطل باتفاق، فلا يلزم إلا الدراهم المذكورة، ولا يلزمهم شيء من القمح لبطلان السلم من وجوه شتى، والله أعلم. مطلب: امرأة أسلمت لآخر دراهم على زيت .. الخ. (سئل) في امرأة أسلمت لآخر دراهم على زيت معلوم ورهن عندها بارودة، ثم أعارتها لآخر وضاعت، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) يجب على الرجل دفع الزيت للمرأة المذكورة وتضمن له البارودة لصاحبها، فإن شهد بقيمتها من يعرفها لزمها ذلك وإلا حلفت يمينا على القيمة؛ لأنها غارمة ولها الرجوع على المستعير؛ لأن العارية مضمونة على آخذها وأتلفت بغير الاستعمال المأذون فيه، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر عشرة أرطال .. الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر عشرة أرطال من الأرز على عشرة أجرار من زيت سلما، فهل يصح ذلك ويجب دفع الزيت أو لا؟ (أجاب) هذا السلم باطل؛ لأنه ربا؛ لأن بيع المطعوم بالمطعوم يشترط فيه الحلول والقبض، وإن وافق في الجنس شرط أيضا التماثل، فليس على الرجل الآخذ إلا رد الأرز، أو بدله، والله أعلم. مطلب: رجل أسلم إلى آخر على مائة جرة .. الخ. (سئل) في رجل أسلم إلى آخر على مائة جرة من الزيت سلما شرعيا، وأوصله منها سبعين، وبقي له منها ثلاثون قومها عليه بالسعر الواقع فبلغ ثمنها ستين قرشا، ثم في العام القابل لم يرض بالتقويم، ورجع إلى دين السلم لكون الزيت صار على قيمة، فقوم الثلاثين بمائة وخمسين قرشا، وألزم على زعم ذمته بها، ثم إن المسلم إليه باعه ربع بد بالمبلغ المذكور واستولى على البد ثلاث سنين يستغل البد ويأكل منافعه، فهل هذا التقويم والبيع صحيح أو لا؟ (أجاب) لا يصح الاستبدال عن دين السلم اتفاقا فتقويم الثلاثين جرة بالمال المذكور باطل، وكذلك التقويم الثاني أيضا باطل، فظهر أن ليس للمسلم إلا ما بقي له من الزيت، وهو الثلاثون جرة من الزيت، وإن بيع ربع البد بالمال المذكور باطل؛ لأنه مبني على الباطل، والمبني على الباطل باطل، والله أعلم. مطلب: رجل أسلم آخر مالا معلوما .. الخ. (سئل) في رجل أسلم آخر مالا معلوما على تسعة أكيال من البزرة، ثم طالبه بها في زمن لا وجود لها فيه، فقومها عليه بمال معلوم، فهل الواجب على المسلم إليه المال، أو البزرة؟ (أجاب) المصرح في كتب المذهب متونا وشروحا أن دين السلم لا يصح الاستبدال عنه، قال في شرح المنهج: أما الدين المثمن كالسلم فيه، فلا يصح استبداله بما لا يتضمن إقالة لعدم استقراره، فإنه معرض بانقطاعه للانفساخ، أو الفسخ؛ لأن عينه تقصد، فليس للمسلم إلا البزرة عينها لا بدلها من المال، والله أعلم. مطلب: رجل غائب عن بلده وحصل لأهل البلد ظلامة .. الخ. (سئل) في رجل غائب عن بلده فحصل لأهل البلد ظلامة فاستلم أحدهم عن الغائب على زيت زيتونه بغير إذنه،

مطلب: رجل استلم من آخر على بيز .. الخ.

فهل يلزم الغائب دفع الزيت المذكور، وباع أحدهم بعض أسبابه بغير إذنه، فهل يصح البيع أيضا أم لا؟ (أجاب) السلم الواقع على الرجل الغائب باطل بإجماع المسلمين، وكذلك بيع ماله بغير إذنه في غيبته باطل إجماعا، فلا يلزم الرجل دين السلم ويجب على المشتري رد ما اشتراه من ماله، ويرجع على قابض الثمن، والله أعلم. مطلب: رجل استلم من آخر على بيز .. الخ. (سئل) في رجل استلم من آخر على بيز مصبوغ، فهل يصح السلم فيه لكونه مصبوغا؟ (أجاب) حيث كان السلم في مصبوغ بعد النسج، فلا يصح السلم، وإن كان في مصبوغ قبل النسج صح السلم، والله أعلم. مطلب: في أهل قرية اتهمهم أهل قرية أخرى .. الخ. (سئل) في أهل قرية اتهمهم أهل قرية أخرى بقتيل، فمشى بينهم رجلان بالصلح فأصلحا بينهم، فطلبا من أهل البلد المتهمة مائة قرش في نظير ما عملاه معهم، فأذعنوا لهما بمائة قرش، ثم جاء أحدهما وقال: نبقي هذه المائة قرش على مائة جرة زيت، فأخرج من جيبه محرمة بها دراهم، وسلمها لرجلين من أهل القرية على مائة جرة من الزيت، فهل يلزمهم الزيت المذكور ويكون السلم صحيحا أو لا؟ (أجاب) ما وقع من الرجل المذكور من تسليم المحرمة بما فيها على مائة جرة زيت للرجلين المذكورين باطل لأمور منها جهالة ما في المحرمة، ومنها أن أهل القرية لم يلزمهم من المائة قرش شيء؛ لأنها إحسان منهم، ومنها عدم إذنهم للرجلين في السلم المذكور، فدعوى الرجل المذكور بالزيت باطلة؛ لما ذكر، فلا يصغى لها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخرج من محرمته خمس زلطات .. الخ. (سئل) في رجل أخرج من محرمته خمس زلطات سلمها لثلاثة رجال على مائة وخمسين جرة من الزيت سلما مستوفيا لشروط السلم، فهل يجب عليهم الوفاء؟ (أجاب) حيث وجدت شروط السلم الشرعية وجب على المسلم إليهم الوفاء، ولا يضر كون رأس المال قليلا أي مال السلم خمس زلط لوجود الرضا والعلم والقبض، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر مالا معلوما .. الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر مالا معلوما على قدر معلوم من البزرة سلما، وللمسلم إليه قدر معلوم من القمح، قال للمسلم: هو تحت يدك حتى أسلمك البزرة، ولم يتسلم المسلم إليه القمح، فدفع له حصة من البزرة، وبقي له حصة، ولكن يدعي المسلم إليه أنه حصل في القمح سوس نقص بسببه، فهل يجب على المسلم إليه دفع بقية البزرة، وهل يضمن المسلم نقص القمح أو لا؟ (أجاب) يجب على المسلم إليه دفع ما بقي بذمته من البزرة ولا يكون المسلم ضامنا لنقص القمح؛ لأنه لم يدخل في تسليمه؛ لأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وقبض مثل هذا بالكيل والنقل على أنه إذا لم يحصل منه تقصير في الرهن لا يكون ضامنا للنقص، والله أعلم. مطلب: رجل استلم من آخر ستة قروش .. الخ. (سئل) عن رجل استلم من آخر ستة قروش على ستة أمداد من القمح دفع منها مدين، وقومت الأربعة باثني عشر قرشا، ثم عمل لها ربحا ثلاثة قروش، ثم جعلت

مطلب: رجل أذن لآخر أن يأخذ له دراهم .. الخ.

عليه الخمسة عشر بعشرة أمداد من القمح، فما الحكم الشرعي فيما ذكر؟ (أجاب) ما وقع أولا من تقويم الأربعة أمداد بالاثني عشر قرشا، وجعل الربح لها ثلاثة باطل باتفاق علمائنا؛ لأن مال السلم لا يعتاض عنه ولأن ما في الذمة لا يباع لمن هو في ذمته، وما وقع ثانيا باطل لأمرين؛ لأن المبني على باطل، ولأن ما في الذمة لا يكون رأس مال سلم، فليس للرجل إلا الأربع أمداد الأصلية، ولا يجوز له طلب غيرها، إن كان منقادا للملة المحمدية، والله أعلم. مطلب: رجل أذن لآخر أن يأخذ له دراهم .. الخ. (سئل) في رجل أذن لآخر أن يأخذ له دراهم فأخذها، وسلمها له على ثمانية وثلاثين جرة زيت، ثم للمسلم إليه زيتون ودفعه للواسطة ليعمره ويأكل الربع والثلاثة أرباع الباقية يدفعها للمسلم نصفها يحسبه من المسلم فيه، والنصف الآخر تحت صبره إلى أن يسده في الزيت المسلم فيه، ثم مات المسلم إليه، والآن وارثه يقول: أنا لا أرضى إلا أن يحاسب المسلم بجميع ما دفع إليه، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) ما وقع من الاتفاق من أن نصف الثلاثة أرباع يكون لغوا لا يحسب لكونه في نظير الصبر لا يعمل به، بل جميع ما وصل من الزيت ليد المسلم من جميع الثلاث أرباع يحسب عليه، فإن وفى بالذي له فذاك وإلا إن بقي له شيء كمل له، أو زاد عنده شيء أخذ منه، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر مائة قرش .. الخ. (سئل) في رجل دفع لآخر مائة قرش على سبعة وثلاثين جرة زيت، كل جرة بثمانين فضة من زيت شقبا، ثم ارتفع الزيت، فهل يجب على الآخذ دفع الزيت المذكور الواقع عليه العقد أم يدفع بالسعر الواقع؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر، فعلى الآخذ دفع الزيت المذكور؛ لأن ما ذكر عقد سلم يلزم على المسلم إليه دفع ما وقع عليه العقد من الزيت المذكور، ولا عبرة بارتفاع السعر وانخفاضه، والله أعلم. مطلب: رجل عليه زيت سلم لرجل شيخ بلاد .. الخ. (سئل) في رجل عليه زيت سلم لرجل شيخ بلاد، فجاء له وطلب منه ما عليه من الزيت، فلم يجد عنده سداد، فقال له الشيخ: بعني هذا الزيتون بهذا الزيت، وخاف منه لكونه حاكما فباعه له، ثم قال في المجلس: أشهدكم أيها الحاضرون أن زيتوني ما عليه بيع، ولا شراء، ثم هذا الشيخ باع الزيتون لجماعة من أهل بلد صاحب الزيتون، فهل البيع الأول والثاني صحيح أو لا؟ (أجاب) بيع الزيتون بزيت السلم باطل اتفاقا قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام في باب السلم: وخرج بما ذكر إذا أدى غير جنسه ونوعه عنه كبر باعه بشعير وتمر برني عن تمر معقلي، فلا يصح لامتناع الاعتياض عن المسلم فيه، كما مر، وقال فيما مر: أما الدين المثمن كالمسلم، فلا يصح استبداله فيما لا يتضمن إقالة لعدم استقراره، فإنه فيه معرض بانقطاعه للانفساخ، أو الفسخ ولأن عينه تقصد إذا علمت ذلك، فقد علمت أن أخذ الزيتون، ولو كان برضى المالك عن الزيت باطل؛ لما علم، وهنا وجه

مطلب: في رجل يعرف رجلا من الغور سلم له سبعة قروش .. إلخ.

للبطلان غير ما ذكر من الإكراه إن وجدت شروطه وفسخ البيع بإشهاد الرجل في المجلس؛ لأن الفسخ فيه نفاد، فالبيع الثاني المرتب على البيع الأول الباطل باطل؛ لأن المبني على الفاسد فاسد، والله أعلم. مطلب: في رجل يعرف رجلا من الغور سلم له سبعة قروش .. إلخ. (سئل) في رجل يعرف رجلا من الغور، سلم له سبعة قروش على بزرة، فجاء رجل من أهل بلده ومعه أيضا سبعة قروش فدفعا لها له حكم ما دفع الرجل، فهل لصاحب السبعة الثانية طلب على الرجل الواسطة؟. (أجاب) ليس للرجل أن يطالب الواسطة حيث لم يتسلم ولم يضمن، وإنما لهما جميعا الطلب على الرجل الغوراني الآخذ، والله أعلم. مطلب: في أهل قرية ربط لهم الحاكم .. إلخ. (سئل) في أهل قرية ربط لهم الحاكم جماعة، فحضر رجل كبير قرية ومعه جماعة من اللوند، فطلب منهم ما على جماعتهم وقدره ستون أسديا فامتنعوا لقلة ما بأيديهم، فأحضر لهم كيسا لا يعلم ما فيه، فأسلمه لثلاثة منهم على ثلاث مرات، كل مرة يسلمه لواحد منهم على اثنين وعشرين جرة والثاني كذلك ولواحد على أحد وعشرين جرة، وتعهد لهم بإطلاق جماعتهم، ثم إن اللوند ربطوا منهم أيضا اثنين، فأفلت واحد وواحد بقي، ثم إنه أشهد أنه لا يدفع ذلك، فهل يلزمهم هذا الزيت؟. (أجاب) هذا السلم باطل لعدم معرفة ما في الكيس ولوجود الشرط فاسد وهو التزامه إطلاق المرابيط وهو لا قدرة له على ذلك، على أن منعهم له من الدفع يوجب عدم دفعه للحاكم، فكل ذلك مبني على غير أساس، والله أعلم. مطلب: في رجل دفع لآخر ستة قروش ونصف .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر ستة قروش ونصف سلما على ستة جرار زيت، ثم إنه طلب منه الزيت في وقت لزيت فيه كالمعدوم، فهل يجوز لصاحبه أن يقومه ويجعل ثمنه رأس مال سلم آخر؟. (أجاب) حيث كان من عليه الزيت معسرا وجب على المسلم له الصبر إلى الميسرة، قال تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} ثم إن صبر المسلم أخذ الزيت، وإلا فله فسخ السلم، وأخذ رأس المال الذي هو الستة ونصف، وأما تقويم الزيت وجعل القيمة رأس مال سلم فلا يجوز ولا يصح، فإن فعل فليس له إلا دين السلم، والله سبحانه وتعالى أعلم. (فصل في القرض) مطلب: في القرض وحاكم سياسة نزل على قرية من قرى المسلمين .. إلخ. (سئل) في حاكم سياسة نزل على قرية من قرى المسلمين ولم يندفع عنها إلا بدراهم، فجاء بعض أهلها إلى آخر وقال له: ادفع عنا هذا الحاكم وجميع ما تدفعه له ندفعه لك، ففعل كما أمر، فهل والحالة هذه يرجع بما دفع على القائل أو لا، وإذا قلتم نعم فمن أين تكون هذه المسألة؟. (أجاب) نعم للدافع الرجوع على القائل لأنه له في ذلك نفعا وهو يرجع على أهل بلده إن كان منصوبا لذلك أو أذنوا له في ذلك وذلك من القرض الحكمي، قال ابن حجر: أما القرض الحكمي فلا يشترط فيه

مطلب: رجل اقترض من آخر دراهم ضمنه.

صيغة؛ كإطعام جائع، وكسوة عار، وإنفاق على لقيط، ومنه أمر غيره بإعطاء ما له غرض فيه؛ كإعطاء شاعر، أو ظالم، أو إطعام فقير، أو فداء أسير .. إلخ وقد علمت أنها من باب القرض، والله أعلم. مطلب: رجل اقترض من آخر دراهم ضمنه. (سئل) في رجل اقترض من آخر درهم قرضا وضمنه فيها غيره وجعل له حصة من القمح معلومة في نظير ذلك، فهل يجوز ذلك ويصح ويلزم القمح؟. (أجاب) هذا العقد عقد ربا، وهو ربا الفضل، وهو البيع بزيادة وهو باطل إجماعا، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: كل قرض جر نفعا فهو ربا. فيجب رد القمح إن أخذ ووجد، وإلا رد مثله لأنه مثلي، وعلى المقترض رد المال الذي أخذه قرضا ولا يلزمه شيء من القمح، والله أعلم. مطلب: رجل ربطه حاكم وأخذ منه مالا .. إلخ. (سئل) في رجل ربطه حاكم وأخذ منه مالا قهرا، وله رفيق في بلده فألزمه بمبلغ ودفعه له بناء على أنه إذا أصابته نائبة ساعده أيضا فأصابته نائبة فلم يدفع معه شيئا، فهل له رجوع عليه بما دفعه له أو لا؟. (أجاب) لا يخفى على من له في الفقه أدنى إلمام أن الدافع له الرجوع بما دفع على الرجل لأمور منها: كونه تسلم المال منه، ومنها أن الدافع لم يبذل ماله مجانا، ومنها حيث جرت العادة بالرجوع فله الرجوع بما دفع، كما صرح بذلك أئمتنا في النقوط، والله أعلم. مطلب: أهل قرية طلب منهم حاكم البلاد .. إلخ. (سئل) في أهل قرية طلب منهم حاكم البلاد مالا معتادا عليهم يأخذه منهم وربط عليه رجلا منهم، فأذن أهل القرية لأخ المربوط أن يستدين المال المذكور ليفك به أخاه ويرجع عليهم فاستدان ودفع وفك أخاه، فهل له الرجوع أو لا؟. (أجاب) نعم له الرجوع عليهم بما دفع لأن لهم في ذلك غرضا ومصلحة وهي رد الظالم عنهم، قال ابن حجر: أما القرض الحكمي فلا يشترط فيه صيغة كإطعام جائع وكسوة عار وإنفاق على لقيط، ومنه أمر غيره بإعطاء ما له فيه غرض كإعطاء شاعر أو ظالم أو إطعام فقير أو فداء أسير أو نحو ذلك، فقد صرح بأن ذلك من القرض الحكمي، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر دراهم قرضا .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر دراهم قرضا واختار الصبر عليه إلى مدة معلومة، فهل يلزم المقرض الصبر على المستقرض المدة التي اختارها؟. (أجاب) المقرض محسن بقرضه والصبر وعدلا يلزم الوفاء به فلا يؤجل القرض فيجب على المقترض دفع مال القرض حالا، ولا يجوز له التأخير متى طلبه المقترض، وإن قال له: أصبر عليك لزمن معين، والله أعلم. مطلب: رجل أقرض آخر نحاسا .. إلخ. (سئل) في رجل أقرض آخر نحاسا معلوما وطلبه منه، فهل يجب عليه دفع المثل، فإن لم يوجد فالقيمة يوم الطلب، فإن امتنع مع يساره وقدرته فهل يجبر على أخذ ذينك من حاكم الشرع؟ أفد جوابا شافيا تعط جزاء وافيا. (أجاب) لا شك ولا ريب أن النحاس مثلي يصح قرضه، ويجب على المقترض رد المثل وإن زادت قيمته أضعافا مضاعفة، فإن تعذر وجود المثل بأن يتفق التعذر لأن النحاس

كتاب الرهن

كثير موجود فله دفع ثمن المثل يوم الطلب بالغا ما بلغ؛ لأنه قيمة الواجب للمقرض وهو النحاس، ويحرم على المقترض التأخير ساعة واحدة؛ حيث كان قادرا على الوفاء، قال -صلى الله عليه وسلم-: مطل الغني ظلم. وفي رواية: مطل الواجد يحل عرضه وعقوبته. بل يفسق، قيل: إن تكرر الطلب، وقيل: وإن لم يتكرر لأنه ظالم بالتأخير، وكان للحاكم الشرعي جبره على دفع مثل النحاس المأخوذ إن وجد وإلا دفع ثمن المثل، فإن ظهر منه عناد في دفع الحق كان للحاكم تعزيره بحبس وغيره لامتناعه من أداء الحق الواجب عليه، وقد قال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} فتأمل قوله تعالى {ويسلموا تسليما} إن كنت فهيما، والله أعلم. (كتاب الرهن) مطلب: كتاب الرهن ورجل تحت يده أرض .. إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض وقف يزرعها، رهنها عند رجل وشرط عليه المرتهن أن يضع ما عليها من الخراج، فهل يعمل بهذا الشرط؟. (أجاب) هذا شرط باطل لا يعمل به، فعلى زارع الأرض أن يضع ما عليها من الخراج المستحق على الوقف لما علم من عدم العمل بالشرط المذكور، والله أعلم. مطلب: رجل اسمه حماد باع آخر كرما .. إلخ. (سئل) في رجل اسمه حماد، باع آخر كرما، يدعي وارث حماد أنه رهنه عند رجل يقال له خريان؛ على أن يأكل ثمره، فهل البيع الواقع للرجل المذكور صحيح ولا عبرة بالرهن؟. (أجاب) حيث وجدت شروط البيع المعتبرة فهو صحيح معمول به إجماعا، وأما الرهن المذكور فباطل لشرط أكل الثمرة فيه لأن ذلك مما يبطل الرهن، فإذا بيع الراهن لكرمه المذكور صحيح معتد به ولا عبرة بالرهن لفساده إذ لا يترتب على فاسده حكم أصلا، والله أعلم. (سئل) في رجل رهن ريع بد عند آخر على دين معلوم، وشرط المرتهن على الراهن أن يأكل جميع ما يتحصل من الحصة، فهل يصح هذا الشرط، وإذا أكل منه شيئا؟. (أجاب) هذا شرط باطل لا يجوز العمل به، والرهن المشتمل عليه باطل أيضا، كما نص على ذلك أئمتنا متونا وشروحا، فيجب على المرتهن رد ما أخذه من ريع حصة البد على الراهن، وعلى الراهن دفع دينه، والله أعلم. مطلب: في دار بعضها ملك وبعضها وقف .. إلخ. (سئل) في دار بعضها ملك وبعضها وقف، رهن صاحب الملك حصته عند رجل على مبلغ من غير تسليم بل بلفظ تكون هذه الحصة رهنا عندك إلى حين وفاء هذا المبلغ، وكتب بينهما تمسك بهذا الإشهاد، فهل هذا الرهن بهذا اللفظ صحيح أم لا؟. (أجاب) رهن المشاع صحيح من الشريك وغيره، ولكن لا بد في الرهن من القبض، وقبض المشاع بقبض كله كما في البيع فيكون بالتخلية في غير المنقول، وبالنقل في المنقول

مطلب: رجل رهن عند آخر أرضا .. إلخ.

كما هو صريح كلامهم والحالة هذه، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر أرضا .. إلخ. (سئل) عن رجل رهن عند آخر أرضا فزرعها المرتهن، فهل يجب عليه أجرتها؟. (أجاب) نعم يجب عليه دفع الأجرة لمالكها حتى لو شرط في عقد الرهن أن يأكل المرتهن منفعتها فسد الرهن ولزمه دفع الأجرة، والله أعلم. مطلب: عن أرض مرهونة عند شخص .. إلخ. (سئل) عن أرض مرهونة عند شخص باعها مالكها من غيره، فهل يصح ما دام على الرهن درهم واحد؟. (أجاب) لا يصح بيعه لغير المرتهن وبلا إذنه؛ لأن فائدة الرهن حجر المرتهن على المرهون ومنعه من التصرف فيه إلا بإذنه له، فحيث لم يأذن فالبيع باطل إلا من المرتهن؛ لأن الحق له، والله أعلم. مطلب: رجل أخذ من آخر دراهم ورهن .. إلخ. (سئل) في رجل أخذ من آخر دراهم ورهن له عليها كرما وصار يأكل غلته واختلفت المعاملة، فهل له الرجوع عليه بما أكله من غلة كرمه، وهل العبرة في بذل ما أخذه بهذا الزمن أو بالزمن الذي وقع فيه الأخذ؟. (أجاب) ما أكله المرتهن من غلة الكرم المرهون وجب عليه دفعه لمالك الكرم، حتى لو شرط ذلك في عقد الرهن فسد كما هو صريح المتون والشروح، والعبرة في جميع المعاملات بحالة الدفع؛ لأنه هو المراد للعاقدين، وأما التغير الواقع في المستقبل فغير مراد لهما قطعا، فإن كان حال العقد زائدا ثم نقص وجب دفع الزائد، وإن كان ناقصا ثم زاد وجب دفع الناقص، والله أعلم. مطلب: في رجل أخذ من آخر دراهم ثلاثين .. إلخ. (سئل) في رجل أخذ من آخر دراهم ثلاثين قرشا ورهن عنده كرم عنب وأخذ المرتهن غلته، فهل للراهن الرجوع بما أخذه المرتهن من غلة الكرم؟. (أجاب) نعم له الرجوع بما أخذه المرتهن، وإن شرط ذلك في عقد الرهن فإنه يفسد ويرجع عليه بما أكله منه، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر كرم عنب .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر كرم عنب ومكث تحت يد المرتهن مدة يأكل ريعه ثم مات الراهن وخلفه وارثه، ثم أكل المرتهن أيضا ريعه في مدة الوارث وهو يدعي أنه رهن على أربعين قرشا ومعه بينة، والمرتهن يدعي أنه رهن على تسعين ومعه بينة، فما المصدق من البينتين، وهل للوارث الرجوع بما أكله المرتهن من ريع الكرم من المورث والوارث؟. (أجاب) بينة المرتهن مصدقة لأن معها زيادة علم، وللوارث الرجوع بجميع ما أخذه المرتهن من ريع الكرم سواء كان ذلك بعد موت مورثه وهو ظاهر أو قبله؛ لأن ذلك من جملة ما ورثه لأن الرهن بشرط أن يأكل المرتهن الريع باطل لا يعمل به حتى لو لم يشرط أكله، وشرط كونه رهنا مع الأصل فسد أيضا كما هو مصرح به في المتون، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر بطيخا .. إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر بطيخا ورهن عنده عقفا، ومكث عنده نحو ثلاث سنين، وجاء حاكم ظالم نهب البلد وما فيها وذهبت السكين، فهل يضمنها المرتهن؟. (أجاب) حيث لم يحصل من المرتهن تقصير

مطلب: في رجل باع بدا بشرط .. إلخ.

لا يضمن السكين ولا يضيع من الدين وهو ثمن البطيخ شيء، بل يرجع المرتهن على الراهن، والله أعلم. مطلب: في رجل باع بدا بشرط .. إلخ. (سئل) في رجل باع آخر بدا بشرط أنه إذا رد له الثمن يبيعه له ثانيا، فهل هذا البيع المشتمل على الشرط المذكور صحيح أم لا؟. (أجاب) كل بيع وشرط باطل إلا ما استثني، وليس هذا منه، فيكون البد باقيا على ذمة مالكه، ويجب عليه رد الثمن على المشتري، ويجب عليه تسليم البد للبائع وهو بيع الوفاء عند السادة الحنفية وحكمه حكم الرهن، أي فيكون باقيا على ذمة المالك أيضا، وعلى كلا المذهبين جميع ما يحصل من البد من الريع فهو لمالك البد، والله أعلم. مطلب: رجل له عند آخر دين رهن عليه .. إلخ. (سئل) عن رجل له عند آخر دين، رهن عليه زيتونا ومعصرة ونصف فدان، فاستغل الجميع المرتهن، فهل للراهن الرجوع عليه بما استغله من الزيتون والبقر والمعصرة أو لا؟. (أجاب) نعم لمالك المذكورات الرجوع على المرتهن بأجرة المعصرة والبقر أقصى الأجرة، وما أخذه من زيت الزيتون يرجع عليه بمثله لأنه مثلي ولا أجرة لعمله في الزيتون؛ لأنه متبرع حتى لو شرط كون ما ذكر له فسد الرهن وللراهن الرجوع أيضا، والله أعلم. مطلب: رجل تحت يده قيراط من بد .. إلخ. (سئل) في رجل تحت يده قيراط من بد رهنا ثم اشتراه من راهنيه ببينة شرعية برز له رجل يدعي أنه اشترى القيراط من الراهن بإذن المرتهن والشاهد عدو للمشتري لا للمرتهن، فما الوجه الشرعي؟. (أجاب) إذا تعارض البينتان قدمت بينة واضع اليد وهو المشتري المرتهن هذا على صحة الشهادة، وأما العدو فلا تقبل شهادته على عدوه وهو من يفرح لحزن خصمه ويحزن لفرحه، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر سيفا .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر سيفا فتصرف فيه المرتهن بغير إذن الراهن، ثم اختلفا في القيمة، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) إن وجد مع صاحب السيف من يشهد له بقيمة سيفه وهو من أهل الشهادة عمل بالبينة الشاهدة بذلك، وإلا صدق الغارم بيمينه عملا بالقاعدة في ذلك، والله أعلم. (سئل) في رجل تحت يده عقف رهن دفع صاحبها ما عليها، وقال له: أرسلها إلي مع عابر طريق، فأرسلها له مع رجل، فقال له: أوصلها لصاحبها، فأخر دفعها لصاحبها نحو شهرين، ثم ادعى أنها ضاعت، فهل يكون الآخذ لها المؤخر دفعها ضامنا لها أم لا؟. (أجاب) نعم يضمن الرجل الآخذ للعقف لتقصيره بتأخير الدفع لمالكها حتى ضاعت، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لذمي ثلاث شمسات .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لذمي ثلاث شمسات ليرهنها له عند أحد، فرهنها وادعى المرتهن أنه تصرف فيها وبها أحجار معادن، فما الحكم الشرعي في ذلك؟. (أجاب) إن وجد بينة عادلة تشهد على قيمة الأحجار وقيمة الذهب عمل بها وغرم المرتهن تلك القيمة وإلا فالقول قوله بيمينه لأنه غارم، والله أعلم. (سئل)

مطلب: رجل رهن كرم عنب وتين .. إلخ.

في رجل عنده عقف وهو دفعها لرجل يوصلها إلى مالكها فعرضها عليه وقال له الأمين: خذ عقفك التي هي رهن عند فلان، فقال له: ردها للذي أخذتها منه، فرجع بها ليوصلها له فأخذت منه نهبا في الحال، فهل يكون ضامنا لها؟. (أجاب) حيث أقرها مالكها تحت يد الأمين صارت عنده أمانة، فإذا نهبت منه قهرا لا يكون ضامنا لها فتضيع على مالكها، والله أعلم. مطلب: رجل رهن كرم عنب وتين .. إلخ. (سئل) في رجل رهن كرم عنب وتين عند آخر، فأكل المرتهن ريعه نحو سبع عشرة سنة ومات الراهن وخلف أولادا قصرا، فهل للمتكلم عليهم أن يرجع على الرجل الآكل للريع ويدفع ماله من الدين؟. (أجاب) نعم يجب على الرجل المرتهن أن يدفع جميع ما أخذه من الكرم لولي القصر، وإن شرط أكل الريع في عقد الرهن فإنه باطل ولا يعمل بهذا الشرط ويفسد الرهن ويدفع دين المرتهن، والله أعلم. مطلب: رجل مات وعليه دين وله أولاد .. إلخ. (سئل) في رجل مات وعليه دين وله أولاد ولم يخلف وفاء، فهل يلزم أولاده وفاء ما عليه من الديون؟. (أجاب) حيث لم يخلف الميت ما يوفى منه الدين فليس على أولاده منه شيء لأن الدين الذي على الميت يتعلق بتركته ولا تركة له فلا تعلق حينئذ، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل مات وعليه مهر زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل مات وعليه مهر زوجته ولم يظهر له مال، ثم ظهر له مال وهي حصة في كرم ولكن باعها أبوه في مرضه، فهل يقدم وفاء الصداق ويبطل بيع الأب أو لا؟. (أجاب) المصرح به في المتون أن التركة مرهونة بالدين على الميت، فلا يصح تصرف الوارث فيها مطلقا ما دام على الميت درهم، وإن خفي الدين حتى لو تصرف ولا دين ثم ظهر دين تبين بطلان التصرف فبيع الأب باطل ويجب وفاء الصداق من الكرم، وإن فضل شيء يكون للوارث، والله أعلم. مطلب: رجل طلب من رجل آخر أن يداينه .. إلخ. (سئل) في رجل طلب من رجل آخر أن يداينه دراهم، فقال له: لا أعطيك إلا برهن أتوثق به على الدراهم، فقال: أرهن عندك هذا البد، فقال، ما آخذه منك إلا بيع وفاء، فباعه إياه بيع وفاء، فهل يصح بيعه، وإذا باعه المرتهن لآخر هل يصح بيعه من غير إذن الراهن، والحال أن المرتهن مقر الآن بأن هذا البد في يده رهن لا أنه ملك له، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) حيث ثبت ما ذكر، فما جرى من بيع الوفاء باطل من أصله لا يصح بيعا لأن البيع لا يعلق ولا يوقت ولا رهنا لأن المبني على الفاسد فاسد، ولأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض وقبض البعض بقبض الكل، ولأن بيع الرهن الصحيح لا يصح من غير إذن المرتهن فكيف الفاسد من أصله، والله أعلم. مطلب: رجل تحت يده أشجار زيتون .. إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أشجار زيتون تلقاها عن أبيه عن جده، برز رجل يدعي أنها تحت يد الرجل المذكور رهن لا بيع مع أنه لم ينازع هذه المدة الطويلة، فهل يعمل بقوله؟. (أجاب) حيث مضت هذه المدة والرجل

مطلب: كرم وقف وقفه الناظر لأربعة .. إلخ.

يتصرف تصرف الملاك بلا معارض ولا منازع فلا يعمل بقول الرجل؛ لأن وضع اليد دليل شرعي من أقوى الأدلة على أن الدعوى لا تسمع بعد مضي خمس عشرة سنة؛ حيث نص السلطان نصره الديان على منع سماعها فيما زاد عليها، والله أعلم. مطلب: كرم وقف وقفه الناظر لأربعة .. إلخ. (سئل) عن كرم وقف وقفه الناظر لأربعة من الرجال ليعمروه ولهم ربع المتحصل، فرهن واحد منهم أربع قراريط منه عند رجل، فهل هذا الرهن صحيح؟. (أجاب) رهن الوقف لا يصح لا من الناظر ولا من عامل المساقاة؛ لأن شرط المرهون أن يصح بيعه عند حلول الدين وتعذر الوفاء فرهن الرجل المساقي باطل قطعا، والله أعلم. مطلب: رجل استعار شيئا ليرهنه .. إلخ. (سئل) عن رجل استعار شيئا ليرهنه فرهنه والمرتهن مسلم أن هذا الشيء معار للرهن من الرجل المذكور، فهل إذا دفع المعير الدين يدفع له المرتهن الرهن؟. (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي إما بالإقرار أو البينة أن العين المذكورة معارة للرهن على كذا ودفعه مالكه كان على المرتهن دفع العين لمالكها كما علم من العباب، والله أعلم. مطلب: رجل دفعت له امرأته مبلغا .. إلخ. (سئل) في رجل دفعت له امرأته مبلغا، ورهن عندها زيتونا رهنا فأكلت ثمرة الزيتون مدة خمس عشرة سنة، ثم إنه مات فجاء وارثه وهو ابن عمه، فقال لها: هذا الزيتون لي، فقالت له: إنه رهن تحت يدي، فهل له أن يحسب عليها ما أكلته من زيت الزيتون من المال التي دفعته إلى زوجها أو لا؟. (أجاب) هذا الرهن باطل لكونه شرط فيه أخذ عين والرهن إنما هو جعل عين مال وثيقة يستوفى منها عند تعذر وفائه، فيحسب على المرأة جميع ما أكلته من الزيتون فإن وفى بما دفعته لزوجها فذاك وإلا كمل لها من التركة وإن بقي عندها شيء إلى التركة، والله أعلم. مطلب: رجل له بيت رهنه عند آخر .. إلخ. (سئل) في رجل له بيت رهنه عند آخر على عشرة قروش وجرة من الزيت وخلف ورثة والبيت ثمنه يزيد على دين الرهن وله أيضا ما يورث عنه شرعا، فهل يجب على الورثة دفع ما عليه من الدين؟. (أجاب) نعم يجب على الورثة دفع ما على ميتهم من دين حيث خلف وفاء سواء كان به رهن أم لا؛ لأن الدين مقدم على الإرث اتفاقا، وصاحب الرهن مقدم به حتى على مؤن التجهيز فيجب وفاء الدين من التركة وإلا بيع البيت قهرا على الورثة وسد الدين، والله أعلم. مطلب: رجل رهن أرضا عند آخر .. إلخ. (سئل) في رجل رهن أرضا عند آخر ورهنها المرتهن عند ثان وقد استوفى منافعها، فهل لمالكها الرجوع عليه بما أخذه منها؟. (أجاب) نعم له الرجوع عليه بما استوفاه من منافع الأرض حتى لو شرط ذلك في العقد فسد وكان له الرجوع أيضا؛ لأن ذلك خلاف وضع الرهن من أنه جعل عين مال وثيقة يستوفى منها عند تعذر وفائه، والله أعلم. مطلب: رجل له أشجار تين مرهونة .. إلخ. (سئل) في رجل له أشجار تين مرهونة تحت يد زوجته باعها لرجل، فهل

مطلب: رجل رهن عند آخر بارودة .. إلخ.

يصح البيع مع وجود الرهن؟. (أجاب) حيث ثبت الرهن الشرعي ولم يعرف الرجل دين الرهن فالبيع باطل حيث كان بغير إذن المرتهن، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر بارودة .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر بارودة على عشرة قروش فدفع له منها أربع زلط، ثم جاءه الخبر أن رفاقته وقع عليهم خوف في الغور فأخذها وتوجه بها ليدفع بها عن قومه وماله فأخذت منه قهرا، فهل يكون ضامنا لها أو لا؟. (أجاب) حيث نقل البارودة ونزل بها الغور المخوف كان متعديا ضامنا لها لأمرين، الأول: كونه تعدى بها ونزل بها في المحل المخوف، والثاني: كونه نقلها لغرض نفسه، والله أعلم. مطلب: رجل تزوج امرأة فأسكنه أبوها .. إلخ. (سئل) عن رجل تزوج امرأة فأسكنه أبوها في بيت له ثم رهنه الزوج من غير إذنه، فهل يصح هذا الرهن؟. (أجاب) حيث لم يأذن الأب في الرهن فهو باطل؛ لأنه رهن ما لا يملكه فلا يصح باتفاق العلماء، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر سكينا .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر سكينا على مال معلوم، ثم رهنها المرتهن عند آخر من غير إذن من المالك ثم ضاعت عند المرتهن الثاني، فهل تكون مضمونة على المرتهن؟. (أجاب) نعم السكين مضمونة على المرتهن الأول لتعديه برهنها من غير إذن، وعلى المرتهن الثاني لوضع يده عليها بلا حق فلمالكها مطالبة المرتهن الأول والثاني وقرار الضمان على من تلفت تحت يده، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر سكينا وسرقت .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر سكينا فسرقت، فهل تلزم المرتهن، وما الحكم الشرعي؟. (أجاب) حيث لم يكن من المرتهن تقصير في سرقتها بأن وضعها في حرز مثلها فلا تلزمه السكين، وإنما لصاحبها أن يحلفه يمينا أنها ضاعت فإذا حلف فلا شيء عليه، أما إذا قصر في حفظها بأن نقلها في حزامه وضاعت أو وضعها في محل غير أمين فتلزمه السكين، ثم إن وجد مع مالكها شهود عدول بقيمتها لزمه قيمتها لأنه غارم وإلا فالقول قوله بيمينه، والله أعلم. مطلب: رجل ذمي عنده عقف رهن .. إلخ. (سئل) في رجل ذمي عنده عقف رهن فصار على أهل بلده خوف فأخذوا جميعا يوزعون أسبابهم في القرى حولهم فأخذ من عنده الرهن أسبابه والرهن هو وجماعة من أهل بلده فلقيهم أشقياء أخذوا ما معهم جميعا وأخذوا الرهن وذلك نهارا، فهل يكون المرتهن ضامنا للرهن أو لا؟. (أجاب) لا ريب أن الرهن عند المرتهن أمانة كالوديعة، فإذا حصل الخوف كان له الخروج به، فإذا نهب كان ضائعا على الراهن ويرجع عليه المرتهن بدين الرهن لأنه لا يسقط بفوات الرهن، فإن اتهمه في الضياع عليه يمين أنه ضاع، والله أعلم. مطلب: رجل له بيت رهنه ابن عمه بإذنه .. إلخ. (سئل) في رجل له بيت رهنه ابن عمه بإذنه عند آخر ومات الراهن والمرتهن والآذن في الرهن وهو يقول ما عليه إلا عشرون قرشا ووارث المرتهن يقول خمسون ومن جملتها الدراهم التي كان يدفعها الراهن لأولاد عمه في غيبته

مطلب: امرأة رهن عندها رجل .. إلخ.

من غير إذنه وللمرتهن نحو عشرين سنة ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع، فما الحكم الشرعي؟. (أجاب) العشرون التي أقر بها وارث الإذن فهي ثابتة لازمة وما زاد يحتاج إلى الإثبات بالوجه الشرعي، وما أخذ من المرتهن بغير إذنه لا يلزمه منه شيء، ويلزم المستعمل للبيت الساكن فيه أجرته أجرة المثل بما يشهد به أهل الخبرة، هذا ما عليه نصوص الشرع القويم، فمن عمل به فأولئك هم المفلحون ومن أعرض عنه فأولئك هم الخاسرون، والله أعلم. مطلب: امرأة رهن عندها رجل .. إلخ. (سئل) في امرأة رهن عندها رجل قدرا على أربعة قروش، فوقع في البلد خوف من حاكم فأخذ زوجها القدر وأمتعة لزوجته ووضع ذلك في كرم في حائط خارج البلد، ثم فقد، فهل يكون الزوج ضامنا له أو لا؟. (أجاب) حيث وضع القدر بمضيعة ولم يكن له مراقبا كان ضامنا له لوجهين، أحدهما: أن الراهن ما ائتمنه، الثاني: وضعه في المضيعة المذكورة، والله أعلم. مطلب: رجل رهن أرضا تحت يد رجل .. إلخ. (سئل) في رجل رهن أرضا تحت يد رجل آخر ثم مات الراهن وخلف وارثا، ثم إن المرتهن يدعي أن الراهن شرط له أن يأكل ريع الأرض وله مدة طويلة يأكل ريعها، فهل للورثة الرجوع عليه بريع الأرض وليس له إلا الدين الذي على المورث؟. (أجاب) لا ريب أن هذا الرهن من أصله باطل؛ لأنه خلاف موضوع الرهن من الاستئناف به، وليس من وضعه الشرعي أن المرتهن يأكل ريعه، ولو شرط ذلك في العقد فسد ورجع الورثة على المرتهن بجميع ما أكله من الريع لفساده وله هو الدين فقط، والله أعلم. مطلب: امرأة رهنت فردة خلخال .. إلخ. (سئل) في امرأة رهنت فردة خلخال عند رجل فوضعها في سبت داخل بيته فسرقت، فهل يصدق بيمينه، وهل يسقط الدين بضياعها؟. (أجاب) قال في المنهج وشرحه: وهو أي الرهن أمانة بيد المرتهن، لخبر: الرهن من راهنه. أي من ضمانه، رواه ابن حبان والحاكم، وقال: على شرط الشيخين فلا يسقط شيء من دينه كموت الكفيل بجامع التوثق ولا يضمنه المرتهن إلا إذا تعدى فيه أو امتنع من رده بعد البراءة من الدين، والله أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض رهن .. إلخ. (سئل) عن رجل تحت يده أرض رهن فباعها مالكها من آخر بعد الرهن، فهل البيع صحيح أو لا؟. (أجاب) بيع الأرض المرهونة بغير إذن المرتهن باطل اتفاقا ما دام عليها درهم فتبقى تحت يد المرتهن حتى يوفي الراهن جميع ما عليها، والله أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر كرم تين .. إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر كرم تين، وعادتهم أن المرتهن يأكل الريع فأكله ثلاثة سنين، ثم إن الراهن دفع ما عليه من الدين، والآن المرتهن يطالب بريع الغلة نظير حرثه له وقد حرثه من غير إذنه، فهل له ذلك أو لا؟. (أجاب) ما يقع في القرى من رهن الأرض والشجر والمرتهن يأكل الغلة باطل لا يعمل به شرعا، ولو شرط فالرهن والشرط باطلان وليس له في عمله

مطلب: رجل أخذ من أخته مصاغا .. إلخ.

في الأرض بغير الإذن حق لأنه متبرع بعمله، والله أعلم. مطلب: رجل أخذ من أخته مصاغا .. إلخ. (سئل) في رجل أخذ من أخته مصاغا فدفعه إلى آخر ليرهنه عن غيره، ثم إن الأخ رهن عند أخته زيتونا على مصاغها لتأكل ريعه على عادة أهل القرى فأكلت ريعه ثلاث سنوات، والآن تقول الأخت: أبيع الزيتون وأستوفي ثمن مصاغي، فهل يجب عليها دفع ما أكلته من ريع الزيتون أم لا؟. (أجاب) المصرح به في كتب المذهب متونا وشروحا أن المرتهن ليس له أكل ريع المرهون، بل لو شرط ذلك في العقد أوان الثمرة تكون رهنا فسد الرهن، فعلى كل حال: إن ثمرة الرهن للراهن سواء فسد الرهن وهو ظاهر أم صح؛ لأن الرهن جعل عين مال وثيقة يستوفى منها عند تعذر الوفاء، فيجب على الأخت أن تحاسب الأخ على جميع ما أكلته من زيتونه عن الثلاث سنين لما علم لأنا لا نعلم خلافا في ذلك ولا عبرة بعادة أهل القرى الفاسدة المخالفة للشرع القويم، والله أعلم. مطلب: رجل رهن أرضا وزيتونا .. إلخ. (سئل) عن رجل رهن أرضا وزيتونا عند آخر ثم رهنهما عند ثان وثالث، فمن يكون رهنه صحيحا منهم؟. (أجاب) الرهن للأول وليس للآخرين معه حق أصلا؛ لأن المشغول لا يشغل، والله أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض رهنا .. إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض رهنا أرسل له مالكها يعرضها للبيع، فرجع المرسال وقال له: لا يشتريها فباعها ثم جاء للمرتهن فقال له: ادفع لي دراهمي، فهل مشتري الرجل صحيح؟. (أجاب) بيع المرهون لغير المرتهن وبغير إذنه باطل، وما وقع باطلا لا ينقلب صحيحا، وطلب الرجل دراهمه لا يصير الباطل صحيحا فالمرهون باق على ملك صاحبه تحت يد المرتهن ولا علاقة للمشتري فيه بوجه، والله أعلم. مطلب: رجل رهن حصة من داره .. إلخ. (سئل) عن رجل رهن حصة من داره تحت يد آخر شايعة على مبلغ معين معلوم، ثم إن الراهن باع الدار للغير بغير إذن المرتهن باطل؛ لأن الحصة محجور عليها لحق المرتهن لأن هذا فائدة الرهن، والله تعالى أعلم. كتاب التفليس. (كتاب التفليس) مطلب: رجل من الفضلاء والسادات جار عليه الزمان .. إلخ. (سئل) في رجل من الفضلاء والسادات أهل المروءات جار عليه زمانه لكرمه ومروءته وسخائه وسماحته فأعسر وصار لا يملك دينارا ولا درهما، وليس له عقار ولا غيره مما يجب بيعه في الدين، ولرجل بذمته دين يطلبه منه ويضايقه بالشكاية عليه، ويشدد عليه في الطلب، ويؤذيه أذية شديدة، فهل لا يجوز له ذلك، ويجب إنظاره إلى ميسرة؛ لقوله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وإذا علم إعساره وتحققه فهل يجب إنظاره وليس له التشديد عليه ولا أذيته بالطلب وغيره، وهل لولي الأمر أن يعلمه أنه لا طلب له عليه الآن ويمنعه من أذاه ومن التعرض له، أفد جوابا تعط

مطلب: رجل عليه دين لازم له .. إلخ.

ثوابا؟. (أجاب) حيث علم إعسار من عليه الدين بما ذكره الفقهاء لا يلازم ولا يحبس ولا يشدد عليه في الطلب ولا يلزم بكسب ولا إجارة نفسه، لقوله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} قال في المنهج: نعم يلزمه الكسب لدين عصى بسببه، كما نقله ابن الصلاح عن محمد بن الفضل الفزاري، قال أيضا في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وإذا ثبت إعساره عند القاضي أمهل حتى يوسر فلا يحبس ولا يلازم للآية السابقة، بخلاف من لم يثبت إعساره، نعم لا يحبس الوالد للولد ولا المكاتب للنجوم ولا من وقعت على عينه إجارة للدين إذا تعذر عمله في الحبس، بل يقدم حق المكتري .. انتهى، ولا يخفى أن أهل الفضل والمروءة والأشراف يعاملون بالرفق والإنصاف، ولا يجوز لهم الإسراف ولا الاعتساف لأنهم أحق بحفظ حقوق الله تعالى وحقوق عباده؛ لأن وفاء الدين واجب والكرم والسماحة مستحبة والواجب مقدم على المستحب، ولكن لما آل الأمر إلى الإعسار وجب على صاحب الحق الإنظار ويدعو له بالليل والنهار أن يسوق الله تعالى له خيرا كي يقضي الحق ويخلص ذمته من الدين، وأما التشديد والأذية مع خلو اليد عن الوفاء فمن أكبر البلية لأن ذلك من التكليف بما فيه البلاء والتعسيف، وعلى قاضي الجنة أن يعرفه أن مثل هذا لا ينبغي أن يشدد عليه ويمنعه من أذاه ولا يسمع دعواه ولا يقبل شكواه إلى أن يحصل له الفرج من مولاه فيخلص من بلواه وعلى من عليه الدين الاجتهاد والتوسل لرب العباد أن يخلص ذمته ويجيب دعوته لأنا نشم من هذا السؤال أن المدين تساهل بالتبذير فحصل منه نوع تقصير نسأل السميع البصير أن يسهل عليه العسير وأن يسد عنه القليل والكثير لأنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عليه دين لازم له .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين لازم له عليه أداؤه وله وظائف وجهات، فهل يلزمه النزول عنها بدراهم ليوفي بذلك ما عليه من الدين؟. (أجاب) نعم يلزمه النزول عنها لأن مالها حاصل قطعا وبراءة الذمة واجب شرعا، والله أعلم. مطلب: رجل استدان من جماعة من الناس .. إلخ. (سئل) في رجل استدان من جماعة من الناس أموالا كثيرة وأخذ يبيع ويشتري ولم يعرف له ذهاب مال وثبت المال عليه لدى حاكم الشرع أيدت أحكامه يريد أن يدعي الإعسار، فهل يعمل بمجرد قوله أو يحبس ويستدام حبسه أو لا؟. (أجاب) حيث عرف له مال لا يعمل بقوله، بل لا بد من بينة عادلة تخبر باطنه بطول جوار وكثرة مخالطة، فإن الأمور لا تخفى، فإن عرف القاضي أن الشاهد بهذه الصفة فذاك وإلا فلا اعتماد بقوله أنه بها فيديم القاضي حبسه إلى أن يظهر له وجه الصواب ولا سيما إن عرف منه التعنت، والله أعلم.

مطلب: رجل مديون وليس بيده .. إلخ.

مطلب: رجل مديون وليس بيده .. إلخ. (سئل) عن رجل مديون وليس بيده ما يوفي به الدين ولا ملك له يوفي منه، فهل يجوز حبسه وملازمته؟. (أجاب) حيث علم إفلاس الغريم فلا يجوز حبسه ولا ملازمته إذ لا فائدة لأنه إنما يحبس من ظهر عناده والفقير معذور بفقره، قال تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} والله أعلم. مطلب: رجل عليه دين لزوجته طلقها .. إلخ. (سئل) عن رجل عليه دين لزوجة طلقها صداقا وغيره ولغيرها، فهل يقبل دعواه الإعسار، وإن كان ذا حرفة فهل يقسط عليه بحسب حرفته، وإذا ثبت إعساره فهل يحبس ويلازم؟. (أجاب) نعم يقبل دعواه الإعسار، قال في المنهج وشرحه: وإذا أنكر غرماؤه إعساره فإن لم يعرف له مال حلف وإلا لزمه بينة تخبر باطنه، ثم قال: وإذا ثبت إعساره أمهل حق يوسر فلا يحبس ولا يلازم للآية السابقة، وهي قوله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وإذا رأى القاضي التقسيط بحسب حاله وحال حرفته مع ما يصرف في حاجة معاشه للدين بحبسه فلا بأس؛ لأن له النظر الكامل العام، والله أعلم. مطلب: والد عليه دين لولده .. إلخ. (سئل) عن والد عليه دين لولده فهل يحبس عليه له؟. (أجاب) صرح أئمتنا بأنه لا يحبس الأصل بدين الفرع؛ لقول الله تعالى {وصاحبهما في الدنيا معروفا} وليس من المعروف حبسه بدين ولده، والله أعلم. مطلب: رجل عليه دين حال لرجل .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين حال لرجل آخر طالبه به ذاك الرجل فادعى الإعسار وله جهات معتبرة إيرادها كثير، فهل يصح دعواه الإعسار مع وجود عقاره وجهاته أو يجب عليه بيع الجهات وسداد الدين؟. (أجاب) لا يكون الرجل مفلسا إذا لم يف ما عنده حتى النزول عن الوظائف إذا كان يتحصل منها مال مما عليه من الدين فإذا كان كذلك فحجر عليه القاضي وباع ماله ووفى ما عليه من الدين فإن بقي عليه دين وجب على أربابه الصبر إلى ميسرة، قال تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} ولا يحبس ولا يلازم بعد ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: في ولد له على والده دين .. إلخ. (سئل) في ولد له على والده دين، فهل يحبس عليه؟ أفدنا الجواب بدليل واضح من الكتاب طبق الصواب. (أجاب) قال الله تعالى {ولا تقل لهما} أي الأبوين أو أحدهما} أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {وقال تعالى {وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} فانظر قول ربك {وإن جاهداك لتشرك بي} فليس في الذنوب أعظم من الإشراك بالله ولا أبلغ في أنواع الخصام من الجهاد، وربك يقول {صاحبهما} مع ما يقع منهما من الجهاد في طلب الإشراك بالله} معروفا {وليس منه أن يحبسهما أو أحدهما على خزائن الأرض لأنها لا تعادل الإشراك بالله، وقال تعالى {أن اشكر لي ولوالديك} وليس من شكرهما

مطلب: والدة ادعى عليها أولادها .. إلخ.

الحبس بل من العقوبة، ولا أقل في أنواع الأذى من قول أف، ومع ذلك نهاك الله عنه، وقد صرح العلماء قاطبة أن الأب لا يحبس للابن وإن نزل والأب وإن علا، ونصوا على أن الوالد لو قتل ولده لا يقتل فيه، وفقني الله وإياك لطاعة الوالدين ونعوذ بالله من العقوق لهما أو لأحدهما وإن كانا ميتين، والله تعالى أعلم. مطلب: والدة ادعى عليها أولادها .. إلخ. (سئل) في والدة ادعى عليها أولادها ببغمة ذهب، فقالت: أخذتها من صداقي، والحال أنها تزوجت ثلاثة رجال، فهل قولها المذكور إقرار بأنها لأبيهم، وهل إذا ثبت عليها لأولادها حق تحبس لهم أو لا؟. (أجاب) قول الوالدة المذكورة في جواب دعوى أولادها عليها بالبغمة أنها صداق رقبتها وقد تزوجت بغير أبيهم ليس إقرارا بأنها لأبيهم، قال إمام الأئمة الشافعي: أصل ما أبني عليه الإقرار أن ألزم اليقين وأطرح الشك، ولا أستعمل الغلبة، ولهذا لو أقر بمال وإن وصفه بنحو عظم؛ كقوله: مال عظيم أو كبير أو كثير قبل تفسيره بما قل منه، أي من المال وإن لم يتمول كحبة بر، ويكون وصفه بالعظم ونحوه من حيث أثم غاصبه وكفر مستحله، ولا يحبس الوالد ذكرا كان أو أنثى وإن علا من جهة الأب أو الأم وإن أخفى ماله عنادا للولد؛ لأن في حبسه له إلغاء لقوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عليه دين مؤجل فهل يحبس .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين مؤجل، فهل يحبس أو يطلب منه كفيل؟. (أجاب) الدين المؤجل لا تجوز المطالبة به إلا إن علم رضاء المدين وكذلك الدعوى، وإذا كان كذلك لا يحبس لعدم لزوم الحق له وحيث رضي الدائن بذمته فلا يطالب المدين بكفيل لرضاء الدائن بذمته، والله أعلم. مطلب: رجل عليه دين وله جهات فهل تباع .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين وله جهات وعلايف، فهل تباع جهاته وعلايفه في دينه، أو كيف الحال؟. (أجاب) أفتى الرملي بأنه لو كان المحجور عليه له وظائف اعتيد النزول عنها بدراهم كلف النزول عنها وصرفت دراهم النزول لغرمائه .. انتهى. وقال غيره: ظاهره أن مثلها الاختصاصات فيكلف رفع اليد عنها .. انتهى. وذلك ظاهر لأن القصد براءة الذمة ووفاء حق الغير وهو حاصل، والله أعلم. باب الحجر. (باب الحجر) مطلب: امرأة غاب عنها زوجها .. إلخ. (سئل) في امرأة غاب عنها زوجها وبها داء الجنون وتركها عند أمه ولا يمكنها ضبطها، فهل إذا رفعت أمرها للقاضي أن يجبر أولياءها على ضبطها شرعا؟. (أجاب) إن كان الولي أبا أو جدا لزمه ذلك لأنهما وليان للمجنون، وإن كان غيرهما فالولي هو وصي أحدهما، فإن لم يوجد فالولي هو القاضي بنفسه أو أمينه، فيأذن القاضي قريبا أو غيره بالضبط، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن أولاد قصر .. إلخ. (سئل) عن رجل مات عن أولاد قصر ولهم عم

مطلب: رجل مات وخلف بنتا قاصرا .. إلخ.

وعلى أبيهم دين، فهل يصح من العم بيع مالهم أو جعله رهنا في الدين؟ (أجاب) لا يصح بيع العم ولا رهنه، بل هما باطلان منه حيث لم يكن منصوبا من طرف الحاكم ولا وصيا من جهة الأب والجد ولا يصح أيضا بيع الأولاد ولا رهنهم، بل لا بد من نصب وصي من حاكم الشرع يتصرف لهم بالمصلحة ومن عداه تصرفه باطل، والله أعلم. مطلب: رجل مات وخلف بنتا قاصرا .. إلخ. (سئل) في رجل مات وخلف بنتا قاصرا وزوجة وأبا، وخلف عقارا وديونا، فباع الأب العقار من ابنه ووفى الدين ولم يكتب بذلك حجة ومعه بينة شرعية تشهد له بالشراء من أبيه، فهل تقبل أم لا؟ (أجاب) الأب ولي الصغير فحيث باع نفذ البيع في حصته وحصة البنت وكذا في حصة الزوجة حيث أذنت وإلا بقيت حصتها وعليها حصتها من الدين، والعبرة بالبينة الشاهدة لا بكتابة الحجة، والله أعلم. مطلب: بنت وولد قاصران نصب لهما وصي .. إلخ. (سئل) في بنت وابن قاصرين نصب لهما الحاكم وصيا، فما الحكم إذا ظهر فسقه أو حدث أو خيف منه ضياع المال؟ (أجاب) شرط منصوب القاضي أن يكون عدلا، فحيث كان غير عدل أو كان عدلا وفسق انعزل عن الوصاية، كما نص عليه أئمتنا كابن حجر والرملي، وأما إذا كان عدلا وخيف منه على المال فيضم له القاضي أمينا مشرفا على المال حفظا لمال القاصر كما هو معلوم ومنصوص عليه، والله أعلم. مطلب: رجل مات وخلف أولادا صغارا .. إلخ. (سئل) في رجل مات وخلف أولادا صغارا وخلف تركة وخلف ثلاثة إخوة واختار واحدا من إخوته وجعله وصيا يتصرف لأولاده الصغار بحسب المصلحة، فجاء أحد الإخوة الذي لم يجعله وصيا وطرد الأخ الوصي بالقوة والقهر وتولى على الأولاد وعلى التركة بغير إذن له من الميت ولا من غيره، فماذا يستحق، وماذا يترتب عليه في الشرع؟ (أجاب) الأخ الآخذ للمال غاصب له وضامن له، فلا يجوز له التصرف فيه بوجه ولا معارضة الأخ الوصي، ويجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يساعد الأخ الوصي ويدفع يد الآخذ الغاصب لأنه صائل على المال، والله أعلم. مطلب: قاصران لهما عقار ولهما مال .. إلخ. (سئل) عن قاصرين لهما عقار ولهما مال يفي بمؤنهما، فهل للوصي بيع العقار من غير حاجة؟ (أجاب) ليس للوصي بيع مال القاصر في هذه الحالة، فإن باع فالبيع باطل لا يعتد به شرعا، والله أعلم. (سئل) في رجل قسم ماله بين أولاده الثلاث، منهم اثنان قاصران وواحد كامل، ثم مات الأب واستولى الأخ على جميع المال وباع جملا لأخويه وأتلف لهما مالا من غنم وغلة وغيرهما في زواج وغيره، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) جميع ما أتلفه الأخ من مال أخويه من الجمل والغلة والغنم وغيرها يضمنه لهما لأنهما قاصران يجب عليه أن يتصرف لهما بالمصلحة، والله أعلم. مطلب: ثلاثة إخوة لهم زيتونتان .. إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة لهم زيتونتان وهم من قرية ليس بها قاض، أحدهم

مطلب: رجل وضع يده على ما لابن أخته .. إلخ.

كبير كامل باع الزيتونتين في ضرورة نفقة القاصرين في وقت غلاء وارتفاع أسعار وليس وصيا ولا قيما من قبل القاضي، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) قال في الأنوار نقلا عن فتاوى ابن عبدان أن من مات عن يتيم ولا وصي ولا حاكم أمين جاز للأمين من أقاربه بيع ماله بالمصلحة والغبطة، وأفتى ابن حجر باعتماد ما في الأنوار: قال فقد أفتى به ابن الصلاح واستحسنه الأذرعي واعتمده غيره، وفي المجموع في الحج ما يؤيده، وحينئذ فللأمين المذكور النظر في أمره والتصرف في ماله بالمصلحة ومخالطته في الأكل مما هو الأصلح له .. انتهى. إذا علمت ذلك وثبت ما ذكر كان بيع الأخ للزيتونتين صحيحا معمولا به شرعا للمصلحة فكيف والوقت وقت ضرورة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل وضع يده على ما لابن أخته .. إلخ. (سئل) في رجل وضع يده على ما لابن أخته من العلائق الدنيوية وتصرف بها بما يخلصه من الله تعالى وللولد زوجة وصهرة يشهدان أن الرجل صرف جميع ما خصه في مصرفه الشرعي، فما الجواب عن الواجب على الرجل المذكور؟ (أجاب) لا يخفى أن اللازم للرجل إنما هو اليمين أنه تصرف في مال الرجل بالوجه الشرعي ولا خان فيه ولا سرق، بل صرفه مصرفه الشرعي، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل مات عن ولدين وبنتين .. إلخ. (سئل) في رجل مات عن ولدين وبنتين وزوجة وعن ابن قاصر من غير الزوجة فقام الورثة المذكورون صالحوا أخاهم القاصر المذكور عن حصته في إرث والده، وقدرها خمسة قراريط وربع قيراط بمبلغ معلوم من الدراهم، وأقر واعترف أنه لا يستحق قبل الورثة المذكورين ولا يستوجب حقا مطلقا وإبراء ذمتهم، وكتب بذلك حجة، والآن ظهر له أن الذي قبضه من إخوته دون حقه، وأن حقه يزيد على ذلك، وأنه لم يطلع على أصول التركة، ولا على بيع ما وجب بيعه ولا علم بشيء ولا على فرد من أفرادها فغبن على ذلك غبنا فاحشا، فهل يكون كل من الصلح والإبراء من الإرث الغير المعلوم غير صحيح والحالة هذه أم لا؟ (أجاب) هذا الصلح والإبراء باطلان اتفاقا لأمور منها: أن الصلح لا يصح مع الإنكار، فلا بد من الإقرار بالمدعى به، ومنها أن القاصر عبارته من إقرار وصلح وإبراء وغيرها لاغية، ومنها أن الإبراء للمجهول لا يصح، ومنها أن الكامل إذا قال: لا حق لي في التركة لا يسقط حقه بذلك؛ لأنها منحة من الله تعالى، ومنها أن الكامل من الإخوة يجب عليه أن يتصرف مع القاصر بالمصلحة والغبطة وليس في مصالحتهم له بدون حقه مصلحة له ولا غبطة، فيجب عليهم أن يدفعوا له جميع حقه حتى لو دفعوا له شيئا وتلف كان من ضمانهم؛ لأنهم قصروا بالدفع، وإن كان له في ذلك حق أو كان كاملا لحق فيه، والله تعالى أعلم. مطلب: في أولاد قصر لهم عم ولهم أخ .. إلخ. (سئل) في أولاد قصر لهم عم ولهم أخ نصب حاكم الشرع عمهم وصيا عليهم، فهل لأخيهم معارضة؟ (أجاب)

مطلب: رجل ادعى عند قاض .. إلخ.

ليس للأخ معارضة العم في الأولاد أو ما لهم؛ لأن أمرهم بيد حاكم الشرع، فلما نصبه عليهم صار هو المتكلم عليهم لا يجوز لأحد معارضته بوجه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ادعى عند قاض .. إلخ. (سئل) في رجل ادعى عند قاضي يافا على صغير دون البلوغ أنه دفع له مائة من الذهب، فلم يقبل دعواه، فهل هو أصاب، وإذا فرض أنه دفع له بشهود عدول وضاعت أو ضيعها الصغير، فهل يطالب هو بها بعد البلوغ أو والده؟ (أجاب) ما فعله هذا القاضي هو الصواب الموافق لنصوص العلماء فإنهم ذكروا لسماع الدعوى ستة شروط منها: أن لا تكون على صغير ولا مجنون فلا تسمع دعوى المدعي المذكور، فإن فرض أنه دفع له وضاعت أو ضيعها الصغير فلا يطالب بها لا في الدنيا ولا في الآخرة لا قبل البلوغ ولا بعده ولا كذلك والده، بل الدافع مضيع لماله لسفهه وجهله لكونه دفع لصغير حتى إن المائة لو كانت للصغير فدفعها للبالغ ثم البالغ الكامل ردها للصغير وضاعت منه كان ضمانها على البالغ الراد لها عليه؛ لأنه كان السبب في ضياعها في دفعها له، فكان عليه حفظها إلى أن يسلمها للولي فكيف وهي للبالغ المذكور، هذا على فرض صدقه، وأنى بذلك، فرحم الله هذا القاضي الراد للدعوى الباطلة وويل لمدعيها ثم ويل، والله تعالى أعلم. مطلب: ولد زوّجه والده وعزله .. إلخ. (سئل) في ولد زوجه والده وعزله عنه ومكث الابن مدة في حياة والده تزيد على خمس عشرة سنة حصل فيها كسبا بنى منه بيوتا واشترى طاحونا وجدد أملاكا وغير ذلك، ثم مات والده عن أولاد قصر قد تزوجت أمهم فضمهم لنفسه وقام بكفايتهم لأن ما خصهم من تركة والدهم لا يقوم بهم، فهل إذا بلغوا لهم أن يطالبوا أخاهم فيما حصله بكسبه من غير تركة والدهم من الطاحون والبيوت والأملاك؟ (أجاب) لا ريب على أن من لنفسه راض وفي شعاب العلم رياض فاقتطف من أزهاره وروي من أنهاره أن الولد المذكور الذي هو أخ الأولاد أن له كامل ما كسب وعليه ما اكتسب، فجميع ما حصله من كسبه تجارة كان أو زراعة أو غرسا أو بناء أو حيوانا جميعه له ملك يتصرف فيه تصرف الملاك، وليس لإخوته معه حق فيه ولا اشتراك، بل له عليهم الدعاء والثناء لأجل ضمه لهم ولهم وعى، فاعمل بالحق وكن ممن رعى، وجانب غير الحق ولا تكن ممن فيه سعى، والله أعلم. مطلب: قاصر اشترى له أبوه دارا .. إلخ. (سئل) في قاصر اشترى له أبوه دارا بماله وهو يؤجرها له في كل سنة، وأجرتها لا تفي بعمارتها فضلا عما يحتاج إليه القاصر من النفقة والكسوة، فهل لأبيه أن يبيع الدار إذا كان في بيعها مصلحة للقاصر بأن ظهر راغب يدفع فيها زيادة على ثمن المثل وليضارب له في الثمن بما يفي بنفقته وكسوته وزيادة ينتفع بها القاصر أو لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ولا يبيعه أي عقاره

مطلب: في قيم على أيتام نصبه الحاكم .. إلخ.

إذ لا حظ له فيه، ومثله آنية القنية، كما في الكفاية عن البندنيجي إلا لحاجة كنفقة وكسوة بأن لم تف غلته بهما أو غبطة ظاهرة بأن يرغب فيه بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن أو خيرا منه بكله، قال ابن الرفعة: وما عدا العقار وآنية القنية أي: ما عدا مال التجارة لا يباع أيضا إلا لحاجة أو غبطة لكن يجوز لحاجة يسيرة وربح قليل لائق بخلافهما، والله أعلم. مطلب: في قيم على أيتام نصبه الحاكم .. إلخ. (سئل) في قيم على أيتام نصبه الحاكم الشرعي وصيا ووضع عنده ما لهم على موجب دفتر ممضي بإمضاء حاكم الشرع وعين للأيتام مبلغا معلوما يدفع لهم في كل يوم في الدفتر المذكور، فهل يعمل بتعيين الحاكم الشرعي، ويحاسب الوصي فيما صرفه عليهم من مالهم المدفوع له من قبل الشرع، فإن فضل عليه شيء يدفعه لهم، وإن فضل له شيء يأخذه ويطالبهم به؟ (أجاب) حيث كان ما قدره القاضي هو لائق بحال القصر فهو المعتبر المعمول به المعول عليه، على أن القيم المذكور أمين يتصرف في مال القاصر بالمعروف نفقة عليه وغيرها قدرها القاضي أم لا؛ لأنه أمين، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن ستة أولاد .. إلخ. (سئل) في رجل مات عن ستة أولاد صغار وكبار، وخلف دورا وزيتونا وأراضي، فتلقى المخلفات أكبر أولاده وصار يعمر الزيتون ويزرع الأراضي ويستغلها هو والكبار من إخوته ويدفعون ما عليها من الغرامات ويأكلون جميعا وهم عيلة واحدة، ولما كبر الأولاد الصغار طلبوا من أخيهم أن يحاسبهم على غلة الزيتون والأراضي من حين موت أبيهم إلى الآن، فهل يلزمه ذلك أو لا؟ (أجاب) لا ريب أن الأكبر أمين على الأولاد إذا كان القاضي يخشى منه على مال القاصر كان لأحد العصبة العدل أن يتولى ذلك بنفسه، ويتصرف فيه كما يتصرف الولي أو القيم العادل، بل لو كان أجنبيا كان له ذلك بالشرط المذكور فعلى كل حال يحاسب الأخ، فإن ظهر عنده زائد من الريع دفعه لإخوته، فإن اتهموه حلفوه على شيء لم يكذبه فيه الظاهر، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن نصف بقرة .. إلخ. (سئل) في امرأة ماتت عن نصف بقرة وعن زوج وأولاد، فباع الزوج النصف الذي لها لصاحب النصف الثاني لحاجة نفقة الأولاد، فهل بيعه صحيح أو لا؟ (أجاب) هذا النصف الذي باعه الزوج ربعه له ميراث من زوجته وهو ثمن البقرة فيبقى لأولاده ثلاثة أثمان فبيع الأب لهذه الأثمان الثلاثة لأدنى حاجة جائز؛ لأنه ولي متصرف وله شفقة ومرحمة بالأولاد تدعو أنه لا يبيع إلا لمصلحة، كما أن بيعه في حصته من البقرة صحيح فصارت البقرة للمشتري حتى لو ادعى الأولاد أن بيع الأب لغير مصلحة صدق الأب، والله أعلم. مطلب: عن أولاد قصر لهم أب .. إلخ. (سئل) عن أولاد قصر ولهم أب هل يحتاج لنصب القاضي له عليهم وصيا أم لا؟ (أجاب) الأب لا يحتاج لنصب قاض؛ لأن ولايته ثابتة بالشرع

مطلب: فيما عمت به البلوى .. إلخ.

والله أعلم. مطلب: فيما عمت به البلوى .. إلخ. (سئل) فيما عمت به البلوى في قرايا القدس والخليل وغزة والرملة ونابلس بل غالب بلاد الشام، بل ربما قرايا مصر وغيرها خصوصا الإعراب من أن الرجل يموت ويخلف عقارا ومالا وأشجارا وله أولاد قصر فيضع قريبهم يده على ذلك ويصرف عليهم في مصالحهم من مأكل ومشرب ومصارف عرفية ولوازم لهم وقضاء دين عليهم من جهة مورثهم كل ذلك من غير أمر حاكم ولا محكم لا من حكام العرف ولا من حكام الشرع لعدم اعتنائهم بذلك، وعدم انقياد أهل الخارج لهم، فهل ما يقع من ابن العم والقريب المستولي من التصريف المذكور صحيح يعمل به شرعا بل ربما أحوج الأمر لبيع مال القصر في قضاء الدين والمؤنة ونحو ذلك، وهل مثل ذلك ما لو عم الفسق أهل موضع؟ (أجاب) عبارة ابن حجر في الفتاوى الفقهية سؤالا وجوابا نصها: سئل عن شخص مات بمحل لا حاكم له وله فيه مال وعيال صغار، فمن القيم عليهم ومن يتولى قضاء ديونه ونحوها، وهل الحكم كذلك فيما لو عم الفسق أهل الموضع المذكور، فأجاب بقوله: أفتى ابن الصلاح فيمن عنده يتيم له مال لو سلمه لولي الأمر خاف ضياعه وليس بولي ولا وصي شرعا بأنه يجوز له النظر في أمره والتصرف في ماله، واستحسنه الأذرعي قال الأزرقي: كصاحب التعجيز قياسا على أوقاف المسجد إذا لم يكن لها ناظر فإنه يجوز لصلحاء المسلمين صرفها في مصارفها، ثم قال ابن الصلاح: وتجوز مخالطته في الأكل وغيره على ما هو الأصلح وله استخدامه بما هو تخريج له وتدريج له قاصدا مصلحته، ويجوز من غير ذلك ما لا يعد لمثله أجرة وما سواه لا يجوز إلا بأجرة مثله، وعبارة صاحب التعجيز: فإن لم يوجد للطفل ولي أو وجد حاكم جائر وجب على المسلمين النظر في ماله وحفظه، وفي المجموع: للأخ والعم ونحوهما تعليم الصبي وتأديبه والإنفاق عليه من ماله، وإن لم يكن له وصاية، وسئل الجمال ابن ظهير عما إذ فسدت أحوال الناس ولم توجد العدالة المعروفة، وإذا بطلت ولايتهم تعطلت أحوال الأيتام، فأجاب بأنه يحتاط وينظر أقربهم إلى العدالة إذا امتدت شروطها أو بعض منها وأقربهم إلى الأمانة وأقلهم تعاطيا لما يخل بالعدالة فيقام على الأيتام ويوصي إليه من له الإمضاء للحاجة الداعية إلى ذلك، والأمر إذا ضاق اتسع، والضرورات تبيح المحظورات، إذ لا يستغنى عمن يقوم بهذه الأمور، وسئل أبو شكيل عما إذا لم يثق الحاكم بأحد في تسليم نفقة الطفل إليه إلا أمه لكنها لا تصلي مع عموم الفسق في غيرها حتى الحاكم، هل في التسليم إليها رخصة لعدم عدله في ذلك الموضع؟ فأجاب بأنه لا يبعد أن يسوغ له في ذلك فإنه موضع ضرورة؛ إذ لا غنى عمن يتولى أمر هذا اليتيم، وإذا توقف الحكم في ذلك على طلب العدل ضاع .. انتهى، وبهذا كله إن سلم يحمل ما ذكره

مطلب: رجل صالح من حملة كتاب الله تعالى يدعي عمه أنه معتوه .. إلخ.

الأصحاب على غير حالة الضرورات، وسئل أيضا عما في الأنوار عن فتاوى ابن عبدان أن من مات عن يتيم ولا وصي ولا حاكم أمينا جاز للأمين من أقاربه بيع ماله بالغبطة والمصلحة، هل هو معتمد؟ فأجاب بقوله هو متجه، فقد أفتى ابن الصلاح واستحسنه الأذرعي واعتمده غيره، وفي المجموع في الحج ما يؤيده، وحينئذ فللأمين المذكور النظر في أمره والتصرف في ماله بالمصلحة ومخالطته في الأكل بما هو الأصلح له، والله أعلم. مطلب: رجل صالح من حملة كتاب الله تعالى يدعي عمه أنه معتوه .. إلخ. (سئل) في رجل صالح من حملة كتاب الله تعالى ذو وظائف وجهات، له عم يدعي أنه معتوه لأنه في حاله لا يخالط الناس ويدعي عدم رشده وأنه لا يحسن التصرفات المالية، ويريد بسبب ذلك الحجر عليه في التصرف، ومراده بذلك التوصل إلى استغراق وظائفه وجهاته، وفي ذلك إضرار بحاله، وهو يدعي الرشد وحسن التصرف، فهل إذا أقام كل واحد منهما بينة بمدعاه تقبل بينة الرشد أو لا؟ (أجاب) صرح العلماء قاطبة بأن الرشد صلاح دين ومال حتى من كافر، كما فسر به آية {فإن آنستم منهم رشدا} بأن لا يفعل في الأول محرما يبطل عدالته من كبيرة أو إصرار على صغيرة ولم تغلب طاعاته ولا يبذر في الثاني بأن يضيع مالا باحتمال غبن فاحش في معاملة وهو ما لا يحتمل غالبا أو ريعه، وإن قل في بحر أو نحوه أو صرفه وإن قل في محرم لا صرفه في خير كصدقة ولا في ملابيس ومطاعم .. انتهى متن المنهج مع شرحه مع اختصار هذا كله في الصغير، ثم إذا بلغ رشيدا فإن فسق بعد ذلك فلا حجر عليه أو بذر بعد ذلك حجر عليه القاضي وهو وليه إذا علمت ذلك علمت أن حال هذا الرجل معروض على قاض نور الله بصره وبصيرته، فإنه الناظر في أمره، والله ولي المؤمنين، فلا يخفى على جنابه أن من يتلو كتاب الله تعالى على النحو المرضي ويؤدي الصلوات ولا يضيع مالا في غبن ولا محرم أنه رشيد سديد وقوله حميد وفعله مجيد؛ فيسلم له أمره ويطلق له عنانه يتصرف كيف شاء على ما شاء، فإن أشكل عليه الحال اختبره بما يراه صوابا من وجوه الاختبار ويعمل بما فيه الصواب، وهذا كله موكول إلى نظره السديد، فإن توقف راجع أهل الخبرة بباطن هذا الرجل وعمل بما يظهر له ويترجح عنده لأنه هو ولي الأمر وولي مثل هذا الذي يقع فيه النزاع والجدال ولا حاجة لتزاحم البينتين وتعارضهما لما علمت أن الأمر موكول إلى بحثه واجتهاده وسعة نظره وفراسته، والله تعالى أعلم. باب الصلح. (باب الصلح) مطلب: في امرأة ملكت رجلا مصاغا .. إلخ. (سئل) في امرأة ملكت رجلا أجنبيا مصاغا من ذهب وفضة وأسبابا وأسلحة له ثم ماتت ولها ابن عم فنازع الرجل فصالحه على دراهم معلومة ظانا عدم صحة

مطلب: رجل دفع لآخر مهرة يسقيها .. إلخ.

التمليك من غير إقرار منه، فهل يصح الصلح المذكور؟ (أجاب) المصرح به متونا وشروحا أن الصلح مع الإنكار باطل، فيجب على الآخذ مال الصلح رده على مالكه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر مهرة يسقيها .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر مهرة يسقيها لبنا ويربيها وجعل له في مقابلة ذلك ثلاثة قراريط، ثم حصل بينهما اختلاف في ذلك واصطلحا على ثلاثة قراريط في أمها وعشرين قرشا، فهل هذا الصلح صحيح أو لا؟ (أجاب) نعم يلزم المذكور ما ذكر من العشرين قرشا والثلاثة قراريط؛ لأن ذلك صلح صحيح، والله أعلم. مطلب: رجل له دار وقف بنى جاره عليها .. إلخ. (سئل) في رجل له دار وقف قدم جاره بناءه على الوقف وعمل له درجة في الوقف وأخرج أيضا أكباشا على الوقف، فهل يؤمر بإزالة ما دخل في الوقف بغير وجه؟ (أجاب) نعم يؤمر ذلك الرجل الجار بإزالة ما بناه في الوقف وما خرج به فيه لأنه عطل هواء الوقف، فيجب عليه إزالة ذلك فإن لم يفعل فعله الحاكم قهرا عليه وهو مأجور على ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر حاكورة .. إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر حاكورة فبنى بها دارا وفتح بابها في ملك غيره ويريد الاستطراق منه لملك الغير، فهل يسوغ له ذلك، وإذا قلتم لا فهل يمنع ويسد الباب حيث كان بلا إذن؟ (أجاب) لا يجوز أن يتصرف في ملك غيره بلا إذنه بوجه من الوجوه لا بفتح باب ولا بناء جدار ولا استطراق منه بغير وجه شرعي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام. فإذا فعل ذلك منع وسد الباب ومنع من الاستطراق لقوله صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. والله أعلم. مطلب: رجل زوج ابنة عمه بالولاية عليها .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنة عمه بالولاية عليها لغيبة أخيها وقبض من مهرها خمسين قرشا وأبرأت ذمته منها، ثم حضر أخوها ويريدان الرجوع عليه، فهل لهما ذلك أو لا؟ (أجاب) حيث حصلت البراءة بطيب نفس وانشراح صدر على رضا فليس لها الرجوع ولا لأخيها لأنها عقد لازم، والله أعلم. (سئل) عن رجل له سفل ولغيره علو فانهدم، فهل يلزم صاحب السفل العمارة ليعيد بناءه صاحب العلو؟ (أجاب) لا يجبر صاحب السفل على إعادته ليبني عليه العلو، قال في العباب: ولا يلزم صاحب السفل إعادته ليبني عليه صاحب العلو. والله أعلم. مطلب: رجل له باب في آخر الدرب يريد نقله .. إلخ. (سئل) في رجل له باب في آخر الدرب ليس له باب لغيره أراد تقديم الحائط وسد الباب ويستطرق من باب آخر له، فهل لصاحب الحائط الذي ليس له باب الملاصق لممره منعه من نقل الحائط وسد الباب؟ (أجاب) كل من له باب له في الدرب لا شركة له في الدرب فليس له منع غيره من التصرف في الدرب المذكور وكذلك من يفتح بابه ليس له المنع لأنه لا حق له فيما فوق داره وصاحب الدار له سد الدرب ويكون مسقطا لحقه من المرور فيها، والله

مطلب: في علو بيتين داخل في دار إنسان .. إلخ.

أعلم. مطلب: في علو بيتين داخل في دار إنسان .. إلخ. (سئل) في علو بيتين داخل في دار إنسان يدعي بموجب حجة أنه قد اشترى هذا العلو مع أنه يحصل منه ضرر في العلو بالحفر وغيره، فهل يمنع من ذلك وهل له البناء إذا أراد أم لا؟ (أجاب) حيث أثبت الرجل شراء العلو منع قطعا من كل ما يضر السفل لأنه لا حق له فيه وإنما له مجرد الانتفاع بالهواء، وأما القرار فلا حق له فيه وليس له البناء بالطريق الأولى لأنه من المعلوم أن البناء على السفل مضر له وموجب لهدمه إذا زاد ثقله ومن تصرف في ملك الغير بغير إذنه يمنع منه شرعا، والله تعالى أعلم. مطلب: جار له سطح متصل ببناء جاره يريد الجار .. إلخ. (سئل) في جار له سطح متصل ببناء جاره، يريد الجار الأول البناء على سطحه بحيث يلتصق البناء ببناء الجار، فهل له ذلك، وما اشتهر بين العامة من أنه لا بد من خلو فضاء بحيث يمر بين الجدارين ميزان البناء، فهل له أصل في الشرع؟ (أجاب) صرح في العباب وغيره بأن الجار له أن يوصل بناءه ببناء الجار بحيث يلصق به .. انتهى، والمنع منه سفه لأن فيه نفعا ظاهرا بإسناد البناء، بل لو كان البناء لقاصر وجب على الولي موافقته لما فيه من نفع القاصر بإسناد بنائه ببناء الجار، على أن لنا قولا أن الجار له أن يضع خشبة على جدار الجار أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم: لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته على جداره. والله أعلم. مطلب: رجل عليه دين حال لرجل وأثبته .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين حال لرجل وأثبته عليه عند حاكم الشرع، ثم اتفق معه على تنجيم هذا المال على أربعة أنجم كل ستة أشهر يحل منها نجم، ورهن عنده أماكن مخصوصة، فهل يعمل بهذا التأجيل المذكور أو لا؟ (أجاب) حيث كان الدين حالا فلا يصير مؤجلا بالتوافق المذكور بل يبقى على حلوله لأن الصبر لا يلزم الوفاء به حتى لو وقع الصلح على الحال مؤجلا لغا الصلح، والله أعلم. مطلب: في ذي سفل في دار لآخر علوها .. إلخ. (سئل) في ذي سفل في دار ولآخر علوها، هل له أن يعمل مرتفقا على حائط ذي السفل أم يمنع من ذلك لكون أنه يضربه أو كيف الحال؟ (أجاب) صرح علماؤنا بأن الجار يمنع مما يضر بملك جاره بنحو حفر أو نقص ماء بئر، على أن ذا العلو ليس له ملك في السفل إنما له الانتفاع بالهواء أو البناء المقدر له وقت البيع، فهل حيث إن المرتفق لم يشرط وقت شراء العلو فيمنع من وضعه لأنه مضر قطعا بانتشار النداوة إلى السفل المؤدي ذلك إلى خلله، والله أعلم. مطلب: رجل له سفل من بناء وقف ورجل آخر له علو ملك .. إلخ. (سئل) في رجل له سفل من بناء وقف على الذرية ورجل آخر له علو ملك له انهدم العلو والسفل فبنى صاحب السفل بناءه المحتاج إليه ومن داخله دهليز يستطرق منه صاحب العلو لبنائه بناء صاحب العلو من غير إذن متولي الوقف ولا حاكم الشرع، فهل له رجوع بشيء على صاحب السفل الذي هو وقف؟ (أجاب) صرح أئمتنا بأن صاحب السفل لا يجبر على بنائه ليبني عليه صاحب العلو فلما بنى الدهليز صاحب العلو من ماله فله ذلك ولكن لا رجوع له بشيء

مطلب: في دار لها ستارة تطل على حاكورة .. إلخ.

على صاحب السفل سواء كان وقفا أم ملكا ولا سيما مع عدم الإذن من المتولي والحاكم، والله تعالى أعلم. مطلب: في دار لها ستارة تطل على حاكورة .. إلخ. (سئل) في دار لها ستارة تطل على حاكورة فانهدمت على الحاكورة يريد صاحب الستارة أن يلزم صاحب الحاكورة بنصف كلفة الستارة، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث كانت الحائط تابعة للدار ومحكوما لها بها لما هو معلوم في كتب الفقه فلا يلزم صاحب الحاكورة العمارة لها أصلا إلا إن ألزم جاره بعمارة دار الجار هذا لا يقول به أحد من الأبرار على أنا لو حكمنا باشتراك الجار لا يلزم الشريك العمارة لأن الإنسان لا يلزمه دفع ضرر غيره، والله أعلم. مطلب: رجل فتح بابا لداره غير المعتاد .. إلخ. (سئل) في رجل فتح بابا لداره غير المعتاد فألزمه حاكم الشرع بسده، فهل يلزم بإزالة أسداغ الباب المجدد وإن لزم عليه ضرر له في إزالته لتداعي البناء لقدمه؟ (أجاب) حيث أمر حاكم الشرع بسده لما اقتضاه عنده فلا يزاد على السد لأن القصد منع المرور منه على الجار، وقد حصل والضر يزال فلا يلزم بهدم غير السد وإن لم يحصل ضرر لما علم، والله أعلم. مطلب: رجل من الجلابة يجلب غنما .. إلخ. (سئل) في رجل من الجلابة يجلب غنما وباعها لقصاب بمائتين وأربعة عشر قرشا أسديا فطلبها منه فتعلل له بأن له عند حاكم المدينة مالا وأخذ الجلاب معه للحاكم حيلة على التحصيل منه فطلب حقه من الحاكم بأن عليه للجلاب كذا وكذا فربط الحاكم الجلاب وجعل عليه جرما مائتين وستين قرشا أسديا، وأرادوا أن يجعلوا ماله على القصاب نظير الجرم، فقال القصاب للحاكم: أخاف أن يتبعني هذا في المستقبل، فأخرج الحاكم من جيبه كيسا ودفعه للقصاب ثم دفعه للجلاب ثم دفعه الجلاب للحاكم من جرمه، فهل يكون ذلك مبرأ للقصاب مما للجلاب في ذمته من ثمن الغنم؟ (أجاب) لا يخفى أن ما دفعه الحاكم للقصاب من الكيس المجهول ما فيه لا تبرأ ذمة الحاكم بذلك ويبقى دين القصاب بذمة الحاكم فدفع القصاب لذلك الكيس لتبرأ به ذمته أشد بطلانا من وجوه، أحدها: المبني على الفاسد فاسد، الثاني: أن هذا من قاعدة مد عجوة ودورهم التي هي من أنواع الربا وهو باطل، الثالث: الجهل بما في الكيس، الرابع: أن قرينة الإكراه شاهدة إذ مقام الحكام لا يخفى على أحد وكذلك مهابتهم، الخامس: أنه لم يصدر منهما صيغة تشعر بالرضاء أو عدمه، فالحق للقصاب باق بذمة الحاكم وحق الجلاب باق بذمة القصاب، لما ظهر من الصواب، والله أعلم. مطلب: في بناء سفلي وعلوي .. إلخ. (سئل) في بناء سفلي وعلوي، السفلي ميضات للمسجد والعلوي مدرسة لذلك أكثر من مائة سنة من غير أن يعلم كيف كان أصل وضعه ولا حكر على العلوي لجهة وقف السفلي، والآن متولي وقف السفلي يريد أن يحدث حكرا على البناء العلوي، فهل له ذلك وهل تسمع

دعواه ذلك مع ورود الأمر السلطاني بأنه لا تسمع دعوى مضى عليها خمس عشرة سنة، وكيف الحكم الشرعي؟ (أجاب) عبارة شيخ المذهب سيدي محمد الرملي بخطه الكريم في جواب سؤال رفع له في نظير هذا السؤال مع زيادة في السؤال، وهي أن في العلو كنيفا المسمى مرتفقا حصل للعلوي منه ضرر نقلته برمته تبركا به وبخطه، ونص الجواب: لا يجوز للمتكلم على البناء السفلي إزالة البناء العلوي مع إمكان إصلاحه مع بقائه ولا إحداث حكر عليه من غير أصل شرعي ولا سد مرتفقه مع وضعه بحق، ومتى قرر السلطان نصره الله تعالى للقاضي مدة ومنعه سماع الدعوى فيما زاد عليها صار في ذلك كمعزول فلا يملك سماعها في الزيادة المذكورة، والله تعالى أعلم، وكتبه محمد بن أحمد الرملي الأنصاري الشافعي حامدا ومصليا ومسلما، وجواب عبد العال الحنفي في نظير هذا السؤال كجواب الإمام الرملي وجواب الحنبلي كذلك وجواب عبد الكريم المالكي في نظير مسألتنا كذلك فقد عملت أن المسألة مجمع عليها عند الأئمة الأربعة، الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد رضي الله عنهم في الحكمين المذكورين، وهو أن المتكلم على السفلي لا يعارض صاحب العلوي بوجه، وأن السلطان نصره الملك الديان إذا منع القاضي فيما فوق خمس عشرة سنة أنه لا يسمع الدعوى فلم تشمل ولايته ذلك لأن القضاء يخص بالزمان والمكان والأحكام فهذا أمر مجمع عليه، ففاتحه فاتح باب فساد وضرر للعباد ووجه من الطمع يضيع ما جمع وليس من محاسن الشريعة في شيء وليس من سد الذرائع وإيضاح ما قال الأئمة المذكورون أن العلوي يحتمل أن يكون الواضع للعلوي والسفلي واحد فلا حق عنده للعلوي على السفلي، ويحتمل أن يكون متعددا، فإما أن يكون المتكلم على السفلي باع لواضع العلوي حق الوضع أو ملكه ذلك بوجه، وإن كان أحدهما وقف وهو السفلي أن يكون واضع العلوي استبدل حق الوضع عليه عند من يراه بما قابله من بناء أو غيره أو استأجره إجارة طويلة أو تملكه بوجه من وجوه التملك فإذا طرق المسألة هذه الاحتمالات سقط وجه الطمع للطامع وعملنا بالحق للجامع، وهو أن الأصل براءة ذمة صاحب العلو، فإن قلت للأصل عدم ضياع حق السفلي قلت هذا الأصل ضعف بما طرقه من الاحتمالات وضعف أيضا بمضي هذه المدة الطويلة الدالة على براءة الذمة من غير طلب ولا معارض بخلاف الأصل الذي ذكرناه، فإنه لم يعارض بمعارض أصلا وضم باب الفساد رحمة للعباد ودفع للعناد من حاضر وباد، والله أعلم. فصل في الطريق النافذ وغير النافذ .. إلخ. (فصل في الطريق النافذ وغير النافذ)

مطلب: في طريق غير نافذ بين دار وحاكورة .. إلخ.

مطلب: في طريق غير نافذ بين دار وحاكورة .. إلخ. (سئل) في طريق غير نافذ واقع بين دار وحاكورة يريد صاحب الدار أن ينقص جدار الحاكورة ويبنيه ويبني عليه قهرا على صاحب الحاكورة، فهل يجوز له ذلك وهل الطريق مختصة بصاحب الدار وهي مشتركة بينه وبين صاحب الحاكورة لا يجوز له أن يتصرف فيه بغير إذن صاحب الحاكورة؟ (أجاب) أما جدار الحاكورة فيمتنع على الجار التصرف فيه بوجه من الوجوه؛ لأنه تصرف في ملك الغير وكذلك قرب الحائط المذكور إن أدى لخلل فيها لما صرحوا به من منع الجار من تصرف يضر بالملك، ثم إن كان في الطريق عند النافذ للحاكورة باب كان لأهلها شركة فيه من بابها إلى مدخل الطريق لا فيما فوقه وإلا فلا شركة له فيه، والله أعلم. باب الحوالة. (باب الحوالة) مطلب: رجل عليه لآخر دراهم. إلخ. (سئل) في رجل عليه لآخر دراهم فباع حمارة لرجل آخر ثم أحال مدينه على المشتري ثم إن المشتري المذكور طلب الإقالة من البائع فأقاله، فهل والحالة هذه تبطل الحوالة أو لا؟ (أجاب) قال في المنهج لأن أحال بائع به على المشتري فلا تبطل الحوالة لتعلق الحق، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر كرما .. إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر كرما بثمن معلوم ثم باعه لآخر بثمن كذلك، وقد بقي للأول عليه سبعون قرشا أحال بها على المشتري الثاني ثم إن البائع الأول اشترى من المشتري الثاني شيئا، فهل له الرجوع بالسبعين على المشتري الأول؟ (أجاب) حيث أحال بها ورضيه المحال وإن لم يرض المحال عليه صحة الحوالة ولزمته ولزم دين المحال ذمة المحال عليه وبريت ذمة المحيل من دين المحتال فلا رجوع له به عليه، والله أعلم. مطلب: رجل عنده بنت طلب من آخر أن يخدمه .. إلخ. (سئل) في رجل عنده بنت طلب من آخر أن يخدمه ويزوجه ابنته فخدمه نحو خمسة عشر سنة ثم زوجه البنت وأخذ منه المهر ودخل عليها ثم إن أباها يزعم أنه له مائة قرش من غير المهر تسمى بلصة ويدعي أنه أخذ عليها رهنا حاكورة، فما الحكم الشرعي في هذه الأحوال؟ (أجاب) البنت ليس لها إلا مهر مثلها أو ما سمي لها في العقد، وأما زوجها الخادم للأب فيلزم الأب له أجرة مثله وهي ما يشهد بها خبيران، وأما المائة قرش الزائدة على المهر فباطلة، وقبح الله من عمل بها فإنه مخالف لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ولقول الله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} والرهن عليها باطل فتكون الحاكورة في تصرف مالكها، والله أعلم. مطلب: رجل اسمه إبراهيم له عند زيد خمسة قروش .. إلخ. (سئل) في رجل اسمه إبراهيم له عند زيد خمسة قروش أحاله بها على صالح شرارة ثم إن إبراهيم المحال أحال رجلا ذميا على صالح فدفع صالح للذمي ثلاث جرار من الزيت بالخمسة قروش سعر وقته والآن ارتفع الزيت ويريد التقلب

مطلب: ناظر على وقف أحاله رجل .. إلخ.

فهل له ذلك؟ (أجاب) لما اعترف صالح شرارة الذي هو من أهل النار بالحوالة لزمه الحق وإن لم يكن عليه، وأخذ الذمي الزيت بحق فلا رجوع لصالح لا على إبراهيم ولا على الذمي، فإن لم يعمل بالحق فشررهم أقوى من شرره} إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر {فتكفيه شرارة منها، والله أعلم. مطلب: ناظر على وقف أحاله رجل .. إلخ. (سئل) في ناظر على وقف أحاله رجل ممن عليه ريع للوقف بسبع جرار زيت على رجل فأخذها منه وصرفها على الوقف، ثم إن المحيل دفع ما عليه لجهة الوقف ورجع في حوالته لفسادها بعدم توافق الدينين في الجنس، فهل للمحال عليه بالسبع جرار من الزيت الرجوع على الوقف بما دفع لكون معلوم الوقف أخذ ممن هو عليه ودفع هو لظن اللزوم له فتبين عدمه ويغرمها الوقف لمالكها المحال عليه؟ (أجاب) لا ريب أن الوقف له معلوم واحد على المستوفي لمنافعه فلما دفع المستوفي ما عليه من يده للمتكلم على الوقف برئت ذمته من مال الوقف لا سيما مع فساد الحوالة، ويرجع المحيل على المحال عليه لفساد الحوالة، فكان للمحال عليه الرجوع بما دفعه لجهة الوقف على ناظره يدفعه له من مال الوقف، والله أعلم. مطلب: رجل من طائفة الجبالية .. إلخ. (سئل) في رجل من طائفة الجبالية كان نازلا في قرية العنب فطلب حاكم بيت المقدس منهم مالا ظلما فحصله منهم ثم أحضر رجلين منهم وأخذ منهما على زعمهما خمسة وثلاثين قرشا أسديا ودفع لهما كتخداه ورقة حوالة على الرجل المذكور، فهل يعمل بهذه الورقة وهذه الحوالة؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الله تعالى جل جلاله وعظم سلطانه لا يتصور منه الظلم أصلا، وإنما هو حكم عدل في جميع ما يفعله لأنه تصرف في ملكه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ومع ذلك قال الله تعالى {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق} فإن أردت أيها المالك أو الحاكم أو السلطان بقاء ملكك وحكمك وسلطانك فاتبع الحق واحكم به تنل من الله عزا وملكا كبيرا، فواعجبا لسلطان يهدم سلطانه بظلمه، فواعجبا لمن أيقن بالقبر وحلوله كيف يظلم، فواعجبا لمن أيقن بالآخرة وأحوالها من صراط وحشر وجنة ونار كيف يظلم، فواعجبا لمن آمن بالله واليوم الآخر ويعلم أنه يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم على حوضه فيرد عنه ويطرد كيف يظلم، فلا شك أن أصل المال المأخوذ ظلما والحوالة به وعليه باطلة ولا يعمل بالورقة المذكورة لبنائها على الباطل، ولا يلزم الرجل المذكور شيء من ذلك المال ولا غيره، وإنما يرجع المظلوم على ظالمه، والله تعالى أعلم. باب الضمان. (باب الضمان) مطلب: رجل باع آخر .. إلخ. (سئل) عن رجل باع آخر جملا بثمن في ذمته، فقال لآخر: اضمنه ولك عندي

مطلب: رجل له عند آخر دين فطالبه .. إلخ.

ثلاثة قروش فضمنه، فهل تلزمه أو لا؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي قول الرجل المذكور وضمن له الثمن لزمه الثلاث قروش؛ لأن في ذلك كلفة وطولب بالثمن جميعه لالتزامه له وله مطالبة المشتري أيضا، والله أعلم. مطلب: رجل له عند آخر دين فطالبه .. إلخ. (سئل) عن رجل له عند آخر دين فطالبه به فقال له بعض الحاضرين: مالك علي وفي ذمتي ولا تعرفه إلا مني، فهل يكون ضامنا له يلزمه أداؤه؟ (أجاب) قال في متن العباب في بيان صيغة الضمان وخل عن غريمك والمال علي لا عندي أو معي أو إلي فكناية .. انتهى. فحيث صدر من الرجل لزمه أداؤه لأنه صار ضامنا للحق، ولا يشترط قبول المستحق لأن القائل شغل ذمته بما قاله، وإن قال: عندي أو معي أو إلي فيسأل عن نيته، فإن نوى بذلك الالتزام لزمه أداؤه وإلا فلا، والله أعلم. مطلب: في رجل أراد تزويج ابنه .. إلخ. (سئل) في رجل أراد تزويج ابنه البالغ، فقال له الولي بشرط أن تضمن المهر، فضمن المهر قبل العقد، فهل يلزم الأب دفع المهر أم لا؟ (أجاب) شرط لضمان ثبوت الدين والمهر قبل العقد غير ثابت فلا يصح ضمانه لأنه من ضمان ما لم يجب وهو باطل، والله أعلم. مطلب: رجل له جمل يرعى نهارا مع جملة جمال .. إلخ. (سئل) في رجل له جمل يرعى نهارا مع جملة جمال وجد به دما سائلا يدعى أن صبيا ضربه فمكث الجمل نحو شهر لا ألم به، ثم مات تحت حمله، فهل يكون الصبي ضامنا له أو لا؟ (أجاب) حيث لم يثبت ضرب الصبي للجمل أو ثبت ولكن لم يمت الجمل من ضربه فلا ضمان عليه أصلا بل موته موافقة قدر، والله أعلم. مطلب: رجل في ذمته لآخر عشرون قنطارا .. إلخ. (سئل) في رجل في ذمته لآخر عشرون قنطارا من الزيت دفع له خمسة وعشرين وخمسة جرار فطلب الزائد منه فضمنه آخر فيه، فهل له مطالبة القابض للزائد وهو الأصيل كالضامن؟ (أجاب) نعم للدافع للزائد مطالبة الآخذ للزائد وهو الأصيل بالإجماع لأنه القابض له فيدفع له الزيت حكم ما قبض وله أيضا مطالبة الضامن بالإجماع كما هو معلوم ومنصوص عليه، والله أعلم. مطلب: رجل ضمن لآخر دينا ثم لازم الضامن .. إلخ. (سئل) عن رجل ضمن لآخر دينا ثم لازم الضامن المضمون في السداد فجاء صهر المضمون لصاحب الدين وطيب خاطره فأبرأ الضامن من الضمان، فهل له الرجوع على الضامن بعد الإبراء المذكور؟ (أجاب) حيث أبرأ صاحب الدين الضامن بريء وليس له مطالبته بوجه وله مطالبة الأصيل لأنه أسقط الوثيقة فلا يسقط الدين لعل هذا يستفاد من عبارة المنهج وغيره، والله أعلم. مطلب: في مال يتيم نصب له حاكم الشرع وصيا .. إلخ. (سئل) في مال يتيم نصب له حاكم الشرع وصيا وناظرا وسلم المال للوصي وشرط عليه أن لا يتصرف في المال إلا بمعرفة الناظر ثم إن الوصي أراد أن يستقل بالتصرف وأن يسافر بالمال فمنعه الناظر من ذلك إلى أن يرتبه بذمته بكفيل فقبل ذلك ورتبه في ذمته لدى حاكم الشرع وأخذ عليه كفيلا وسافر بالمال ثم أتى من سفره وحضر هو والكفيل

مطلب: في ذمي وكيل عن مثله .. إلخ.

لدى حاكم الشرع وطلب الكفيل نزع كفالته من غير حضور الناظر والمال، فهل يجاب إلى ذلك وتبرأ ذمته من الكفالة أم لا؟ (أجاب) حيث صار المال في ذمة الوصي وضمنه فيه من يصح ضمانه صار المال لازما لكل منهما فيطالب كل منهما بالمال جميعه والمال لقاصر فليس لأحد من الناس لا الحاكم ولا الناظر ولا غيرهما إسقاط مال القاصر اللازم للذمة لا نعلم خلافا لظهور هذا المدرك الذي هو واضح يدرك فلا عبرة بوفاة الناظر أو خلافه، فالدين لازم للضامن يجب عليه وعلى الوصي وفاؤه لمن له استيفاؤه، والله تعالى أعلم. مطلب: في ذمي وكيل عن مثله .. إلخ. (سئل) في ذمي وكيل عن مثله في التصرف دفع لإنسان مالا ثم أخذ منه فوقع الموكل في المدفوع له وأخذ جمله على الدراهم ثم رجع إلى الوكيل فتعهد له بالجمل، فهل له مطالبته أو لا؟ (أجاب) نعم له مطالبة الوكيل لتعهده ومطالبة الأصيل لاستيلائه على الجمل، والله أعلم. مطلب: متولي على وقف دفع إلى كتبة الوقف علائف .. إلخ. (سئل) في متول على وقف دفع إلى كتبة الوقف علائف لمرتزقة بدفتر معلوم ناطق بأسماء معلومة كل إنسان بما يخصه فدفعوها إلى أحد صبيان المتولي فدفع البعض وتبقى البعض هل يكونون ضامنين أم لا؟ (أجاب) حيث أذن المتولي في الدفع إلى المرتزقة وجب على الكتبة الدفع لهم، فإذا أخروا الدفع ولم يدفعوا كانوا ضامنين لتأخر الحق عن أهله الواجب عليهم دفعه، ولا يجوز لهم التأخير ولا الدفع للاتباع على أن إذن المتولي للكتبة توكيل لهم في الصرف فيجب عليهم الصرف، فإذا لم يصرفوا ودفعوا للغير ضمنوا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أمر ابن أخته أن يزوج .. إلخ. (سئل) في رجل أمر ابن أخته أن يزوج ابنته أي ابنة ابن الأخت من فلان ويكون الصداق في ضمانه فزوجها له ثم بعد العقد ضمن الخال المذكور الصداق المذكور ثم مات الزوج قبل الدخول، فهل يصح الضمان المذكور ويلزم الخال دفعه لولي المرأة أو لا؟ (أجاب) نعم يلزمه دفعه حيث كان ضامنا وضمانه صحيح لأنه لازم وإن لم يستقر المهر كما صرحوا به وبموت الزوج تقرر المهر عليه فلولي المرأة مطالبة خاله أو وارثه إن وجد له تركة بالمهر وبميراثها من الزوج أيضا، والله أعلم. مطلب: رجل ألزمه الحاكم بمال .. إلخ. (سئل) في رجل ألزمه الحاكم بمال ظلما فاستلمه من خواجا وأحضر جماعة من أقاربه وأذن في أن يضمنوه في ذلك فضمنوه فيه، فهل لهم مطالبته إذا طولبوا أو غرموا والرجوع عليه إذا غرموا؟ (أجاب) نعم له مطالبته والرجوع عليه إذا غرموا من غير سهم الغارمين وإن لم يأذن لهم في الأداء لأنه أذن لهم في سببه وهو الضمان ولأن ذلك لأداء حق لزمه وفاؤه، كما صرح به أئمتنا متونا وشروحا، والله أعلم. مطلب: رجل له أرض بها أحجار .. إلخ. (سئل) في رجل له أرض بها أحجار بد مدفونة حفر بها رجل أجنبي وأخرج منها حجر بد ونقله إلى محل آخر، فما الحكم الشرعي في ذلك؟

مطلب: رجل لآخر عليه دين فأخذ جمله .. إلخ.

(أجاب) هذا الرجل الحافر متعد ظالم غاصب للأرض بنزوله فيها وحفره فيها بغير إذن فيضمن ما نقص من الأرض بالحفر ويضمن أجرتها إن تعطل الانتفاع بها، ويجب عليه تسوية الحفر الحاصل بها، ويجب عليه رد الحجر إلى محله وإن غرم أضعاف قيمته كما صرح به أئمتنا متونا وشروحا حتى في المختصرات أنه يجب على الغاصب رد المغصوب إلى محله وإن حصل فيه نقص ضمنه ويضمن أجرته مدة الاستيلاء لأن مثله مما يؤجر، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل لآخر عليه دين فأخذ جمله .. إلخ. (سئل) في رجل لآخر عليه دين فأخذ جمله فهو المسمى ذلك عندهم وثاقة، فباعه؛ فماذا يترتب على الآخذ للجمل؟ (أجاب) يجب على الآخذ للجمل رده ولا يصح بيعه لأنه غير مالك ولا مأذون له في البيع فيرده على بائعه، وإن غرم عليه أضعافا مضاعفة ويضمن أجرته في مدة استئلائه أقصى الأجر، فإن تلف الجمل ضمنه بأقصى القيم مع أجرته المذكورة، والله أعلم. مطلب: رجل له غنم يرعاها ولده .. إلخ. (سئل) في رجل له غنم يرعاها ولده القاصر فحصل مطر فذهب بها الولد لمغارة لأن يستدري بها من المطر ومعه غيره من الرعاء، ففي حال الدخول حصل لها ازدحام فخاف الولد على غنمه من التلف فحشر عنها ما بعدها من الغنم خوفا عليها من التلف ثم إنها ازدحم بعضها ببعض وتلف منها حصة كبيرة من غنمه وغنم غيره، فهل غنم الغير التالف يكون مضمونا على الولد الراعي أم على والده لكون الولد حشر الغنم؟ (أجاب) لا ضمان على الولد ولا على والده للغنم لأن الشخص له أن يدفع عن ماله فلا أمل من أن يحشر الولد عن غنمه ولأن التلف ما حصل من حشر الولد وإنما حصل من ازدحام الغنم بعضها ببعض وتراكب بعضها على بعض فالولد لم يحدث فيها فعلا فلا ضمان عليه أصلا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر جمالا لينقل عليها .. إلخ. (سئل) في رجل استأجر جمالا لينقل عليها حنطة فحمل عليها لبيت المقدس ثم بعد خروجها نهبت الجمال وواحد من أهلها يدعي أنه ما حمل جمله إلا بعد أن ضمنه صاحب الحنطة، فهل يكون ضامنا له أو لا؟ (أجاب) لا يكون الرجل المستأجر ضامنا للجمل وإن ضاع أو ضمنه وقت التحميل لأن ضمان ما لم يجب باطل، فلا يكون الرجل ضامنا للجمل بوجه، والله أعلم. مطلب: رجلان عليهما مبلغ لرجل ضمنهما .. إلخ. (سئل) في رجلين عليهما مبلغ لرجل ضمنهما فيه آخر ثم إن الضامن أرسل وكل آخر في قبض المبلغ فقبضه الوكيل ثم مات الضامن، والحال أن الضامن لم يغرم، فهل للأصيل الدافع للدين أن يرجع على الوكيل فيما قبضه أم لا؟ (أجاب) حيث لم يغرم الضامن لا يلزم الأصيل الدفع له ولا لوكيله، فقد صرح في العباب ما نصه: قال في الأنوار: وله طلب حبس الأصيل معه، أي الضامن، وإذا أعطاه المال لم يملكه فيلزمه رده إليه كالبيع الفاسد وجرى عليه الرملي، فقد علمت أن الضامن إذا قبض قبل الغرم لم يصح قبضه

مطلب: راعي الغنم معه كلاب لحقت ثورا .. إلخ.

وللأصيل الرجوع عليه فكيف بوكيله فللأصيل الرجوع على الوكيل بما قبضه، والله تعالى أعلم. مطلب: راعي الغنم معه كلاب لحقت ثورا .. إلخ. (سئل) في راعي غنم معه كلاب في محل فلحقت الكلاب ثورا فهرب منها فوقع في وهدة فانكسر، فهل يضمن كسره الراعي أو لا؟ (أجاب) نعم يلزم الراعي لقول أئمتنا: من صحب دابة فأتلفت شيئا ضمنه؛ لأن عليه حفظها وتعهدها فيضمن ما نقص من الثور بسبب كسره، والله أعلم. مطلب: رجل عليه لآخر زيت دين .. إلخ. (سئل) في رجل عليه لآخر زيت دين فأخذ له حمارة ومكثت عنده أكثر من شهر وماتت عنده، فهل يكون ضامنا لها ولأجرتها أو لا؟ (أجاب) نعم يضمن الآخذ للحمارة قيمتها أقصى القيم لأنه أخذها لغرض نفسه ويضمن أجرتها أجرة المثل من حين الأخذ إلى حين التلف، والله أعلم. مطلب: جماعة مسافرين من القدس الشريف .. إلخ. (سئل) عن جماعة مسافرين من القدس الشريف إلى مدينة خليل الرحمن على نبينا وعليه وسائر الأنبياء صلاة الملك المنان ومعهم رفيق حملوا له بعض أمتعة، ثم نهبت القافلة فادعى أن بعض الرفاق ضمن متاعه أو كفله، فهل إذا ثبت الضمان أو الكفالة يغرم له متاعه حيث كان الضمان أو الكفالة قبل النهب؟ (أجاب) حيث وقع الضمان أو الكفالة قبل وقوع النهب فهو لغو لا يعمل به شرعا لأن ضمان الشيء أو كفالته قبل ثبوته باطل، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام وشرط في المضمون فيه وهو الدين ولو منفعة ثبوته ولو باعتراف الضامن فلا يصح الضمان قبل ثبوته كنفقة الغد لأنه وثيقة فلا يسبقه كالشهادة فالضمان المذكور من بعض الرفاق أو الكفالة قبل وقوع النهب باطل لا يعمل به شرعا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عليه دين لرجلين .. إلخ. (سئل) في رجل عليه دين لرجلين إحدى وعشرون قرشا أذن لأخيه أن يقضي عنه الدين، فقضاه الأخ بأمره، فهل له أن يرجع عليه به أو لا؟ (أجاب) المصرح به متونا وشروحا أن من أدى دين غيره بإذنه ولا ضمان رجع به للعرف في ذلك، ولأنه إنما أدى اعتمادا على الإذن فلم يكن متبرعا بالأداء ولا ملزما به لضمان ونحوه فيرجع الأخ على أخيه بما دفع بموجب إذنه، والله أعلم. مطلب: مكان معد للاغتسال .. إلخ. (سئل) في مكان معد للاغتسال استأجره ثلاثة إخوة من المتكلم عليه وتصرفوا بالانتفاع به سوية واتفقوا على أنه مهما حصل فيه من ربح بعد دفع الأجرة والمصارف التي عليه يكن بينهم أثلاثا وإن حصل خسران فكذلك فانكسر عليهم بعض الأجرة لوقوف الحال وضيق الوقت فاستدان أحدهم الباقي من الأجرة ودفعها للمؤجر بالإذن، فهل له الرجوع على أخويه بقدر ما يخص كلا فيها؟ (أجاب) لا ريب أن الأجرة للمكان المذكور لازمة للإخوة الثلاث فتكون دينا عليهم وقضاء دين الغير بالإذن يقتضي الرجوع، قال الخطيب في شرح المنهاج: وفي معنى الإذن الوكيل في الشراء إذا دفع الثمن يرجع

مطلب: رجل سام من آخر جوخا فسمح له بثمن قدره خمسمائة قرش .. إلخ.

على الراجح لتضمن التوكيل إذنه بدفع الثمن بدليل أن للبائع مطالبته بالثمن والعهدة فعلم أنه لا فرق بين الإذن الصريح والضمني، والحالة هذه، والله أعلم. (سئل) في رجل أخذ من آخر غصبا جملين وأتلفهما في محل آخر لأغراضه، ثم بعد ذلك توفي الغاصب وله أولاد عم وقرائب فجاء واحد من أولاد عمه وتعهد إلى صاحب الجملين بثمنهما وجاء المتعهد إلى رجل آخر ودخل عليه وأذن له أن يدفع إلى صاحب الجملين ثمنهما فدفعه، والآن وارث المتعهد الذي أذن إلى الرجل بالدفع يريد من صاحب الجمال ما دفعه له، هل له ذلك وهل للذي دفع ثمن الجملين الرجوع بما دفعه لصاحب الجمال؟ (أجاب) ضمان ابن العم ما بذمة ابن عمه صحيح فيصير وفاء الدين بالضمان لازما له فلما أذن لغيره في وفاء ما عليه من الدين فوفى الغير لزم ابن العم قضاء دين الموفي وليس له ولا للدافع للدين مطالبة صاحب الجمال بوجه لأنه أخذ حقه بإذن ممن هو عليه، والله أعلم. مطلب: رجل سام من آخر جوخا فسمح له بثمن قدره خمسمائة قرش .. إلخ. (سئل) في رجل سام من آخر جوخا فسمح له بثمن قدره خمسمائة قرش إلى مضي عشرة أشهر، ثم جاء المشتري الذي هو السائم لرجل آخر ليذهب معه إلى البائع يترجى عنده أن يقطع له حصة من الثمن، فذهب معه هو وجماعته فلما وصل لمجلس البائع قام البائع يستقبل رجلا آخر من أبناء جنسه، وخرج من المجلس، فقال المشتري لأحد الحاضرين: اكتب له تمسكا علي بالخمسمائة إلى الأجل المذكور فكتبه وكتب شهادة الحاضرين ومضي الأجل، فادعى البائع على المترجي أنه كفيل لهذا، وكفالته في التمسك، فأنكر الكفالة وسأل الكاتب للتمسك، فقال: ليس في التمسك كفالته وإنما فيه شهادته وشهادة فلان وفلان وذكر ذلك مرارا متعددة في أوقات متكررة على يد عدول ثقاة ضابطين لذلك، والآن البائع أبرز من يده تمسكا فيه كفالة المذكور وشهادة الكاتب دون شهادة من كتبوا في التمسك السابق وإنما فيه شهادة ثلاثة غيرهم وبغير خط الورقة منهم اثنان لم يحضرا المجلس وإنما يقولان: جاء المديون بورقة وقالا: أشهدا علي بما فيها والثالث حضر المجلس ويقول لم يحصل في حضوري كفالة، والآن يقول الكاتب: هذا خطي وكتابي وأذن لي المذكور بكتابة كفالته، فهل تقبل شهادته أو ترد ويلزمه التعزير، وهل يكفي في الشهادة واحد بالكفالة، وهل تجوز الشهادة على مجرد الخط، وهل إذا قال المدعي بكفالته إن شهد على الكاتب أو عرف خطه فأنا ملزوم يعمل بذلك أم كيف الحال؟ (أجاب) لا ريب أن السوم بمجرده والاتفاق على الثمن ليس بيعا صحيحا ولا يترتب عليه أحكام البيع، فالضمان على فرض وقوعه وصحته لا يصح شرعا لعدم صحة البيع ولزوم الثمن، وأما ثمن الجوخ فإنه لازم للمستلم القابض له لأن

مطلب: رجل له على آخر بزرة معلومة .. إلخ.

المأخوذ بالسوم مضمون على آخذه، وأما الضمان فهو باطل لأنه قبل اللزوم، وأما الكاتب المتغير الحال فالله له مراقب وفي الآخرة معاقب، فإن كان غير عدل فلا يقبل أصلا، والعدل هو الذي لا يرتكب كبيرة ولا يصر على صغيرة، ويشترط أن لا يكون عدوا في أمر الدنيا وأن يكون له مروءة، وهذه الدعوى تحتاج لقاض الجنة يفصلها كي تعظم عليه المنة، وأما القاضي الذي يخبط خبط عشوا ويركب متن عميا فلا يصح منه أن يفصل الدعوى لئلا تعظم عليه البلوى، وأما الجنة فله من النور القلبي والنظر الصحيح والدليل الصريح ما يظهر به الدليل ويبين الزغل، فإن ثبت عند القاضي عدالته ووقع منه هذا الخلل واختلاف الأخبار فإذا شهد بموجب التمسك الثاني وأقام المدعى عليه بينة بأنه أقر بأنه لا شهادة له في التمسك ولا ضمان للمدعى عليه وكان ذلك متصلا بالدعوى ردت شهادته، وعبارة شرح الروض المتن والشرح نصها: ولو شهد الشخص بملك فقامت عليهما بينة بإقرارهما حين تعديا للشهادة أن لا شهادة معهما بذلك ردت شهادتهما، وأما الواحد فإن كان عدلا مقبولا في الشهادة وشهد في الأموال قبل ولكن يحلف المدعي يمينا طبق دعواه وعلى صدق شاهده، وأما قوله: إن شهدا .. إلخ، فهو لا يثبت به ضمان ولا حق ولا إقرار. وعبارة الرملي في شرح المنهاج في باب الإقرار: ولو قال إن شهدا علي بكذا صدقتهما .. إلخ. أو إن قال ذلك فهو عندي أو صدقتهما ما لم يكن إقرار الانتفاء الجزم ولأن الواقع لا يعلق .. انتهى، ولا يلزم بقول المدعى عليه إن شهدا .. إلخ شيء لما ذكر على أنه ربما بنى قوله المذكور على إنكار الكاتب الكفالة فهو قرينة ترجح قول المدعى عليه، والله أعلم. مطلب: رجل له على آخر بزرة معلومة .. إلخ. (سئل) في رجل له على آخر بزرة معلومة فطالبه بها، فقال له أحد الحاضرين: ادفع لي جرة زيت وأنا أضمن لك ما عليه من البزرة، فقال له: أدفع لك رطلين من الزيت، فهل يكون ما ذكر ضمانا يلزم الضامن وفاؤه أم لا؟ (أجاب) ما ذكر ليس ضمانا لأنه لم يحصل فيه التزام وإنما طلب الضامن جرة زيت ولم يلتزمها المضمون له وإنما خالف قوله حتى لو التزمها له لا بد من ضمان ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل نزل بقوم ضيفا وقال لهم اسهروا علي .. إلخ. (سئل) في رجل نزل بقوم ضيفا، فقال لأهل المحل: أنا رجل خائف على نفسي، اسهروا علي، فسهروا عليه، فأصبح الرجل قد سرق له عقف، فهل تلزم أهل المحل أم لا؟ (أجاب) ليس له على أهل المحل إلا يمين على من اتهمه منهم أو من يقيم عليه البينة بأنه أخذها، وأما سهرهم وتعهدهم فلا يلزمهم به شيء لأنه ضمان الشيء قبل وقوعه، والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر عنب كرم .. إلخ. (سئل) في رجل باع آخر عنب كرم، فقال صاحب الكرم: أخاف أن المشتري لا يعود، فقال أحد الحاضرين: إن ما عاد فمهما انكسر لك عندي، فهل إذا انكسر شيء يضمنه القائل والحال

مطلب: رجل يقال له عمر له على عبد الحميد .. إلخ.

أنه عاد ودفع حصة؟ (أجاب) هذا الضمان باطل من وجهين، الأول: التعليق؛ لأن الضمان لا يعلق، الثاني: الجهالة؛ لأن شرط الضامن به معرفته جنسا وقدرا وصفة وعينا، فلا يصح ضمان مجهول بشيء منها، والله أعلم. مطلب: رجل يقال له عمر له على عبد الحميد .. إلخ. (سئل) في رجل يقال له عمر له على عبد الحميد خمسة عشر قرشا، فجاء إبراهيم وادعى أنه وكيل عمر في خلاص المال المذكور، فمر بهما حسين فقال له إبراهيم: أتكفله حضورا وإن لم يحضر فعندك المال المذكور، فقال له حسين: عندي، وهرب عبد الحميد، فهل يلزم حسينا المال أم لا؟ (أجاب) هذا الضمان باطل من وجهين، أحدهما: شرط الغرم في الكفالة، والثاني: التعليق، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ولو شرط أنه يغرمه أي المال ولو مع قوله إن فات التسليم للمكفول لم تصح الكفالة، ثم قال: ولا بضمان؛ أي الضمان والكفالة بشرط براءة الأصل ولا تعليق، والله أعلم. مطلب: بقر قرية لها راع أوردها على الماء فنطح ثور آخر .. إلخ. (سئل) في بقر قرية لها راع أوردها على مورد ماء فنطح ثور آخر فكسره، فهل الضمان للثور المكسور على صاحب الثور الناطح له أو الراعي؟ (أجاب) صحح علماؤنا قاطبة بأن من صحب دابة فأتلفت شيئا كان ضمانه عليه، سواء كان مالكا أم غاصبا أم مستعيرا أم أجيرا؛ فالضمان هنا على الراعي لأن عليه حفظ البقر وتعهدها ودفع الضرر عنها لأنه يأخذ الأجرة في مقابلة ذلك، والله أعلم. مطلب: جمل مقطور بآخر في يد رجل .. إلخ. (سئل) في جمل مقطور بآخر في يد رجل يعمل عليه لمالكه على حصة من أجرته عقر جملا وهو مقطور فيه فكسره، فمن يكون ضامنا له وكيف الضمان؟ (أجاب) عبارة المنهج وشرحه: من صحب دابة ولو مستأجرا أو مستعيرا أو غاصبا ضمن ما أتلفه نفسا ومالا ليلا ونهارا، سواء كان سائقها أم راكبها أم قائدها لأنها في يده وعليه تعهدها وحفظها غالبا، وخرج بقوله غالبا مسائل ليست هذه منها، عبارة الروض: وذو اليد وإن كان غاصبا يضمن ما تتلفه الدابة بحضوره مطلقا. فيؤخذ من صريح ما ذكر وغيره أن ضمان الجمل المكسور على الرجل الذي الجمل معه لأنه في يده وعليه تعهده فيقوم الجمل سليما من الكسر ومعيبا ويضمن الرجل النقص الحاصل، والله أعلم. مطلب: رجل عنده جمل باع منه حصة لآخر وتسلمها الآخر .. إلخ. (سئل) في رجل عنده جمل طلب منه آخر يبيعه منه حصة فباعه ربعه فتسلمه وأخذه عن المشتري وقد كان به هيجان وحذره صاحبه من ضربه خوفا من زيادة هيجانه، فلما أخذه عضه في رجله فحصل فيها شلل ولم يكن له عادة بالعض، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) لا ريب أنه لا ضمان على بائع الجمل حتى لو كان العض لغير واضع اليد الشريك كان الضمان على واضع اليد لما صرحوا أن الدابة إذا أتلفت شيئا وكانت مع أحد فالضمان على واضع اليد؛ سواء كان مالكا أم غاصبا أم مستعيرا أم مستأجرا؛ لأنها بيده وعليه تعهدها، ولما نقل ابن حجر كلام عجيل أن الدابة إذا

مطلب: رجل كان أخذ من آخر جملا ليشتري .. إلخ.

نطحت أخرى أفتى بالضمان إذا كان النطح طبعها وعرفه صاحبها، أي وقد أرسلها أو قصر في ربطها، قال بعده: والكلام في غير ما بيده وإلا ضمن مطلقا، كما علم مما مر .. انتهى، فقد علم أنه لا ضمان لهذا الشلل لأن قائد الجمل جنى على نفسه، والله أعلم. مطلب: رجل كان أخذ من آخر جملا ليشتري .. إلخ. (سئل) في رجل كان أخذ من آخر جملا ليشتري منه ربعا ثم رده عليه فرده مالكه عليه ليعمل عليه جمالا بثلث أجرته، فعمل عليه مدة ثم مات الجمل، فما الحكم الشرعي، فهل يلزم العامل عليه هذا الجمل أم لا؟ (أجاب) هذا الرجل العامل على الجمل أجير إجارة فاسدة ولا يضمن الأجير ولو كانت الإجارة فاسدة؛ لأن أصل كل عقد فاسد صدر من رشيد كصحيحه في الضمان وعدمه، فلا يضمن هذا العامل الجمل ولا شيئا منه لما علم ولو كان كذلك لما حمل أحد لحاكم ولا لغيره .. انتهى، والله أعلم. مطلب: أهل قرية جرت عادة أهلها .. إلخ. (سئل) في أهل قرية جرت عادة أهلها بإرسال البقر نهارا، فأرسلوا يوما بقرهم على ما جرت به عادتهم فنطحت بقرة بقرة أخرى فوقعت عن حائط فانحل ظهرها ولم تعتد النطح ولا عهد منها، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث لم تجر لها عادة بالنطح وكانت عادة أهل البلد بالإرسال في وقت النطح فلا ضمان على مالك الناطحة أصلا، وما يتحدث به أهل القرى من أخذ الناطحة لمالك المنطوحة فلا أصل له، ولا يعول عليه؛ لأن مثل هذه الصورة التقصير فيها من مالك المنطوحة إذ كان عليه أن يربطها أو يصحبها، فلما أهمل ذلك كانت بقرته حقيقة بالإهدار، هذا ما دلت عليه نصوص العلماء الأعلام، فلا تصغ لما يقوله العوام الذين لا معتمد لهم إلا تسويل ما يلقيه لهم الشيطان، والله أعلم. مطلب: رجل سيب عجلته على الزرع .. إلخ. (سئل) في رجل سيب عجلته على الزرع، فجاء صاحب الزرع فضربها فانكسرت وماتت، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) لا ريب أن الضارب للعجلة يضمنها سواء جرت عادة البلد بالإرسال لها فأرسلها مالكها إذ كان الواجب على الواجد لها في زرعه حينئذ أن يردها على مالكها إن وجده وإلا فالحاكم أو لم تجر العادة بالإرسال إذ كان المطلوب شرعا من الواجد لها في زرعه أن يخرجها منه بالأخف فالأخف لأنها حينئذ كالصائل يدفع كذلك لا بالضرب المؤدي للكسر المؤدي للموت إذ هو الاعتداء من الواجد، فيضمنها والحال ما ذكر مطلقا بقيمتها يوم التلف، والله أعلم. مطلب: رجل دفع جملا وديعة لآخر .. إلخ. (سئل) في رجل دفع جملا وديعة لآخر ليذهب به إلى منزله فذهب المودع بالجمل المذكور إلى أثناء الطريق فقطره في جمل غيره من غير إذنه وغير حضوره، والحال أن الجمل المقطور فيه مع ولد قاصر ثم بعد القطر عض الجمل المقطور به في رجله وعطله، فهل إذا كان الجمل العاض معتادا بالعض يضمن المودع أرش قيمة المعضوض أم كيف الحال؟ (أجاب) حيث كان الجمل معتادا

كتاب الشركة

بالعض فحقه أن يصان عن القطر بغيره ثم إن علم لمودع عضه سابقا وقطره مع علمه بذلك فالضمان عليه لأنه هو الذي سلط الجمل العاض على عض جمل الغير مع علمه بحاله، فإن لم يعلم به ودفعه مالكه له ولم يعلم بحاله من العض فالضمان على مالكه الأصل لأنه هو الذي غر الوديع إذ كان الواجب عليه إعلامه بالحال، والله هو الولي المتعال أعلم. كتاب الشركة. (كتاب الشركة) مطلب: فرس شركة بين ثلاثة .. إلخ. (سئل) في فرس شركة بين ثلاثة أخذها حاكم قهرا من أحدهم وردها منه غيره من الشركاء، فهل يختص بها دون شريكيه؟ (أجاب) لا يخفى على من له إلمام بالدين المتين من علماء وعرب وفلاحين أن الفرس باقية على ملك ملاكها على حسب الحصص الأصلية عند كل من له مزية، والله أعلم. مطلب: رجل بينه وبين آخر فرس .. إلخ. (سئل) في رجل بينه وبين آخر فرس شركة ثم إن الشريك باع الحصة التي له من الفرس حاملا لآخر ثم وضعت مهرة فأخذها الشريك البائع من المشتري ثم ضيعها بأخذ غاصب لها، فهل تلزم حصة الشريك من المهرة للآخذ؟ (أجاب) هذا الآخذ ضامن للفرس التي هي المهرة من وجهين أحدهما كونه سلم أمها من غير أمر حاكم الشرع، والثاني كونه أخذها من المشتري بغير وجه شرعي، والله أعلم. مطلب: شريكان في ذرة هرب أحدهما .. إلخ. (سئل) في شريكين في ذرة هرب أحدهما وثبت الآخر في محل مخوف فخلص الذرة ودفع ما عليها من لوازم شرعية وعرفية، ثم وضع الباقي في بئر ثم هرب، وجاء الشريك الأول فأخذها ويدعي زائدا على ذلك، فهل يؤخذ بقوله وإذا قلتم: لا، فهل يجب على الشريك الآخذ للذرة من البئر دفع حصة شريكه منها ولا عبرة بدعواه الزائد أم كيف الحال؟ (أجاب) نعم يجب على الشريك الآخذ للذرة دفع حصة شريكه له ولا عبرة بدعواه الزائد، نعم له أن يحلف شريكه عليه أنه ما أخذ منها شيئا وما دفعه الشريك من اللوازم ليس لشريكه رجوع به عليه؛ لأن الشريك متصرف، والله أعلم. (سئل) عن ثلاثة اشتركوا في بضاعة يبيعوها على الحجاج وأذنوا لواحد منهم في الحج، فصرف من مال التجارة على حجته حصة أجرة ركوب ومأكل وغير ذلك، فهل يلزمه ما صرفه من حصة الشركاء؟ (أجاب) نعم يلزمه ما صرفه من حصة الشركاء لأن ذلك خلاف موضوع الشركة، والله أعلم. مطلب: في شريك في أرض .. إلخ. (سئل) في شريك في أرض أذن له شريكه في عمارتها، فهل يصدق فيما صرفه عليها أو لا؟ (أجاب) حيث ادعى الشريك المأذون له من شريكه في العمارة قدرا احتمل بأن يشهد أهل الخبرة به فيصدق في دعواه ذلك أخذا من نظائر ذلك لأنه أمين مأذون له في الإنفاق والحس

مطلب: رجل بينه وبين آخر جمل آخر .. إلخ.

معه يساعده ولم يساعده ولم يصرف ماله مجانا بل اعتمادا على الإذن، والله أعلم. (سئل) في حدادين اشتركا على أن يشتغل أحدهما في القدس والثاني في الخارج، فهل هذه الشركة صحيحة أو لا؟ (أجاب) هذه الشركة باطلة لأنها شركة أبدان وهي باطلة ولكل واحد منهما ما خصه بعمله وإن كان أحدهما عمل لصاحبه عملا فله عليه أجرة المثل، والله أعلم. مطلب: رجل بينه وبين آخر جمل آخر .. إلخ. (سئل) في رجل بينه وبين آخر جمل شركة بينهما نصفين دفعه أحد الشريكين لحاكم، فهل تلزمه حصة شريكه أو لا؟ (أجاب) نعم يلزم أحد الشريكين المقدم الجمل للحاكم قيمة حصة الشريك وهي النصف لتعديه بذلك فهو ضامن لها، والله أعلم. مطلب: في إخوة مشتركين اشترى .. إلخ. (سئل) في إخوة مشتركين اشترى أحدهم فرسا لنفسه ثم بعد مدة ادعى عليه أحد إخوته أنها مشتركة، فهل يعمل بدعواه؟ (أجاب) حيث اشترى الفرس لنفسه ودفع ثمنها من ماله فليس لإخوته معه في الفرس علاقة، وإن أقاموا بينة أنه دفع الثمن من المال المشترك لأن لهم عليه الرجوع بالحصة، والله أعلم. مطلب: في ابني عم ليس بأيديهما مال .. إلخ. (سئل) في ابني عم ليس بأيديهما مال، اشتركا شركة أبدان ليكون بينهما كسبهما ويصرفانه على عيالهما، فاكتسب أحدهما ثمانية عشر قرشا أسديا وسلمها لابن عمه المذكور، ثم إن ابن العم المذكور يدعي أنه صرفها على عيالهما واستدان زيادة على ذلك مبلغا معلوما يريد الرجوع بها، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) هذه الشركة تسمى شركة أبدان وهي باطلة، فيرجع بالثمانية عشر قرشا كلها على ابن عمه، وهو يرجع عليه بما أنفقه على عياله، فإن كان مقدار الثمانية عشر فذاك وإن نقص رجع عليه بالزائد، وإن زاد رجع ابن عمه عليه به، وأما الدين الذي استدانه ابن العم فلا يطالب به الآخر لعدم التزامه به، والله أعلم. مطلب: في رجل اشترى من آخر ستة قراريط .. إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر ستة قراريط في فرس، وكان وهبه فيها ثلاثة، ولكن البيع بشرط أن يكون الرسن للمشتري، ومعنى كون الرسن له أن جميع منافعها له إلا الولد، فإنه مشترك بينهما، ثم إن الفرس أخذها حاكم قهرا من يد المشتري، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) اعلم أن هنا عقدين في ضمن عقد بيع فاسد لوجود الشرط المذكور وعقد إجارة فاسدة لكون هذه المنافع غير معلومة، والله أعلم. مطلب: في امرأة اشترت من آخر .. إلخ. (سئل) في امرأة اشترت من آخر نصف جمل وقبضته قبضا شرعيا ثم إنها جعلته تحت يد البائع وشرطت عليه أن جميع ما يحصل من الكسب عليه يكون بينهما، فهل والحالة ما ذكر أن تلف الجمل من غير تقصير يضيع على الشريكين أو على البائع وحده، وهل إذا ادعى البائع صحة البيع وادعى المشتري فساده يصدق مدعي الصحة أو مدعي الفساد؟ (أجاب) الظاهر أن الشريك أمين في حصة المرأة

مطلب: في ثور مشترك استعمله .. إلخ.

فلا ضمان إلا بتقصير ومدعي الصحة يصدق كما صرح به أئمتنا، والله أعلم. مطلب: في ثور مشترك استعمله .. إلخ. (سئل) في ثور مشترك استعمله أحد الشريكين عشرة أيام والثاني مدة تزيد على ستة أشهر ثم باعه الشريك الثاني بغير إذن شريكه، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) للشريك على شريكه المستعمل للثور عشرة أيام نصف أجرة الثور فيها بما يخبر به أهل الخبرة والثاني له على شريكه نصف أجرة الثور في الستة أشهر المذكورة بما يخب أهل الخبرة وعليه لشريكه قيمة نصف الثور أقصى القيم لأنه غاصب له ويجب عليه رده إن بقي وإلا فقيمته على ما ذكر، والله أعلم. مطلب: في رجلين شريكين في فرس .. إلخ. (سئل) في رجلين شريكين في فرس أخذها أحدهما ليركبها ولإنسان عليه حق فأخذها صاحب الحق غصبا المعروف عندهم بالوساقة ثم تلفت الفرس بعد أن القت جنينا، فهل يكون الشريك التي أخذت لأجله طريقا في الضمان للفرس وجنينها؟ (أجاب) نعم يكون الشريك الآخذ للفرس بإذن شريكه طريقا في الضمان ضمان العارية ويرجع الشريك على الغاصب الآخذ وللشريك أيضا مطالبة الآخذ فهو مخير بينهما وقرار الضمان على من تلفت تحت يده فتضمن الفرس بالقيمة ويضمن جنينها بما نقص من أمه بسبب الإلقاء، والله أعلم. مطلب: رجل زرع أرضا في الجبل .. إلخ. (سئل) في رجل زرع أرضا في الجبل على حدة وله رفيق زرع زرعا على حدة ثم اتفقا على أن ينزلا الفور ويزرعان شركة فيما يزرعانه فيه وفيما يزرعانه في الجبل وخلطا بذر ما زرعاه في الغور دون ما زرعاه في الجبل، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) ما خلط بذره يقسم بينهما على حسب البذر سواء زرعاه في الجبل أم في الغور وما لم يخلط من البذر فلكل منهما زرعه الناشئ عن بذره لأن الزرع يتبع البذر، وأما الاتفاق على الشركة فيما زرع على حدة فباطل لعدم صحة الشركة فيه وإنما قسم بحسب البذر فيما خلطاه لوجوه الخلطة المقتضية لقسمة الغلة بينهما على حسب البذر، والله أعلم. مطلب: رجل بينه وبين آخر جمل .. إلخ. (سئل) في رجل بينه وبين آخر جمل شركة أذن له في الجمل بالأجرة ليكون بينهما على حسب الحصص ثم إن الجمل كان في المرعى فخر ميتا من غير سبب ولكن يدعي صاحب الحصة في الجمل الإذن لشريكه في العمل على الجمل ولهما الأجرة أنه أرسل له ابن أخيه يطلبه فلم يدفعه له، فهل إذا شهد ابن أخي الرجل أنه طلب الجمل فلم يدفعه يكون ضامنا لحصة الشريك أو لا؟ (أجاب) لا ضمان على الرجل في تلف الجمل بالموت لحصة شريكه لأنه تحت يده أمانة لغرض الشريك فهو أمين على حصته فحيث مات حتف أنفه فلا شيء عليه، وأما شهادة ابن الأخ على فعل نفسه لا تصح لأن الإنسان لا يكون شاهدا على فعله كما صرحوا به على أنه وإن فرض على أن ابن الأخ صادق لا يلزم

مطلب: رجل أذن لآخر أن يستلم له دراهم .. إلخ.

الشريك بل لا يجوز له تسليم الجمل بمجرد دعواه، بل لا بد له من بينة، قال في شرح المنهج: ولا يجوز له دفع العين لمدعي الوكالة بلا بينة وإن صدقه لما فيه من التصرف في ملك الغير بغير إذنه على أنه لو أقام بينة ابن الأخ أنه وكيل عمه لا يلزم الشريك دفع الجمل لوجود الحصة منه لجواز أن لا يأتمنه بل يحتاج إلى حاكم يفصل الأمر بينهما، والله أعلم. مطلب: رجل أذن لآخر أن يستلم له دراهم .. إلخ. (سئل) عن رجل أذن لآخر أن يستلم له دراهم على زيت فاستلم له وفات الأجل ولم يوف الآذن فأخذ المأذون له حمارة شركة بين المسلم له وآخر ودفعها للمسلم في الزيت ثم تلفت، فما الحكم فيها في حصة الشريك؟ (أجاب) حصة الشريك مضمونة على الآخذ لها وهو المأذون له في السلم وعلى القابض لها وهو رب الزيت لأن كلا منهما وضع يده عليها بغير حق، والله أعلم. مطلب: رجل شارك آخر شركة .. إلخ. (سئل) في رجل شارك آخر شركة أبدان ليعمل صابونا للتجارة على ما سلفت العادة به وكتب تمسكا وفوض أحدهما إلى صاحبه الأمر وأذن له بالتصرف المطلق في قبض مال التجار وإقباضه لهم وغير ذلك من وجوه التصرفات، فهل إذا تصرف الشريك المذكور يصدق في تصرفه وإذا حصل ربح أو خسران في بعض التصرفات يجبر الربح الخسران أم كيف الحال؟ (أجاب) نعم يصدق الشريك المأذون له في التصرف لأن ما ذكر وإن كان عقدا فاسدا ولكن أصل كل عقد فاسد صدر من رشيد كصحيحه في الضمان وعدمه، والربح والخسران في الشركة الفاسدة مثل الصحيحة كما صرحوا به لأن الشريك يصدق في الصحيحة فما بالك بالفاسدة، والله أعلم. مطلب: عن ذمي له شركة في ثور مع آخر غصبه .. إلخ. (سئل) عن ذمي له شركة في ثور مع آخر غصبه غاصب وغصبه من الغاصب غاصب فافتداه الشريك من الغاصب الثاني، فهل يلزم ما افتداه به؟ (أجاب) لا يلزم الذمي شيء مما افتدى الثور به لأن مثل هذه الشركة لم توضع على الغرم فالشريك متبرع بما دفعه، والله أعلم. مطلب: في شريكين أرسل أحدهما .. إلخ. (سئل) في شريكين أرسل أحدهما قماشا ليبيعه في مدينة نابلس ويشتري بها بزرة فباعه واشترى بالثمن سعر ما يشترون الناس، فهل يصدق الشريك المشتري بأنه اشتراها شريكه بينهما أو لا؟ (أجاب) نعم يصدق الشريك بيمينه في أنه اشتراها شركة كما نص على ذلك أئمتنا متونا وشروحا، والله أعلم. مطلب: عن رجلين بينهما بستان .. إلخ. (سئل) عن رجلين بينهما بستان شركة استولى عليه أحدهما فأكله مدة أربع سنين ثم أكله أحدهما سنتين ويريد أكله مثلها مقاصة، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) ليس له ذلك إذ لا يتفق غلة البستان في هذه المدة مثل الأولى أصلا حتى يقع التقاص وحتى لو اتفق ذلك فلا عبرة به، بل يحسب كل منهما مدة استيلائه وما أكله من البستان ويدفع لصاحبه حصته، فإن اتهمه حلف له إن لم يكن هناك بينة بشيء معين وإلا عمل

مطلب: رجل له شركة في فرس .. إلخ.

بها، والله أعلم. مطلب: رجل له شركة في فرس .. إلخ. (سئل) في رجل له شركة في فرس فباعها شريكه وسلمها من غير إذن شريكه ومن غير إذن الحاكم، فهل يكون ضامنا لحصة الشريك أم لا؟ (أجاب) نعم حيث سلم الشريك حصة شريكه من غير إذن منه ولا من حاكم الشرع كان ضامنا لها، والله أعلم. مطلب: رجل له شركة في فرس عند آخر .. إلخ. (سئل) في رجل له شركة في فرس عند آخر أذن له أنها إذا ولدت يدفع ولدها لفلان وكيله وأذن له أنه يرجع بما أنفقه على ولدها، ثم مات الآذن وخلفه وارثه، فهل للوكيل رجوع على الوارث بما أنفق أو لا؟ (أجاب) نعم للوكيل رجوع على الوارث لأنه لم ينفق مجانا فحيث ثبت الإذن فله الرجوع على الوارث بما أنفق، والله أعلم. مطلب: رجل له شركاء دفع لواحد منهم .. إلخ. (سئل) في رجل له شركاء دفع لواحد منهم قنطارا ونصفا من الأرز باعه النصف وأذن له بالتصرف في النصف الثاني، ثم اقتضى الحال أنه باع للشركاء بقيمة المثل، فهل هذا البيع صحيح أم لا؟ (أجاب) لا شك أن بيع الرجل لنصف الأرز الذي اشتراه من مالكه صحيح للشركاء والنصف الثاني باق على ذمة صاحبه يضمنه له أرزا لأنه مثلي ولأنه متهم ببيعه لمن له معهم شركة فكأنه باعه لنفسه، والله أعلم. مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يزرعا .. إلخ. (سئل) في رجل اتفق مع آخر على أن يزرعا شركة، لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان ومنه جميع البذور كان الآخر يتعب في حرث وحصد وقطع وغير ذلك، فما الحكم؟ (أجاب) جميع الحاصل من الزرع من حب وتبن وغير ذلك لصاحب البذر لأنه تبع له وللذي تعب جميع تعبه باعتبار أجرة المثل، والله أعلم. مطلب: عن رجلين وضع كل منهما دراهم .. إلخ. (سئل) عن رجلين وضع كل منهما دراهم معلومة وتشاركا على أن يتجر أحدهما فيها ببيع وشراء ومهما فتح الله تعالى من الربح فهو بينهما نصفان، ومكث أحد الشريكين مدة طويلة يبيع ويشتري ويصرف من مال الشركة على نفسه وعياله، فهل يضمن ما صرفه من غير إذن شريكه؟ (أجاب) بأنه يضمنه ويلزمه بذل حصة شريكه له لأن الشريك أمين وليس له أن يأخذ شيئا يختص به، والله أعلم. مطلب: في شريكين عنانا تحاسبا .. إلخ. (سئل) في شريكين عنانا تحاسبا على ما كان بينهما من مال الشركة من أصل مال وربح، واقتسما بعض المشترك، والآن يدعي أحدهما أنه استدان عليها دينا معلوما من أناس ويريد إلزام شريكه بنصفه، والحال أنه غير مأذون له من الشريك بالاستدانة من الغير ولا بإدخال مال أجنبي في شركتهما، فهل ما استدانه يلزم الشريك الآخر نصفه أم لا؟ (أجاب) حيث إن الشريك لم يأذن له في الاستدانة لا يلزمه شيء من الدين المقر به على أن الشركة مبناها طلب الربح لا طلب الخسران لأن هذا الدين خسران محض على أن الإنسان لا يلزمه شيء بإقرار غيره عليه ولا سيما مع وقوع الحساب والقسمة، والله أعلم. مطلب: في شريكين عنانا .. إلخ. (سئل) في شريكين عنانا تحت يد أحدهما

مطلب: رجل اشترى زيتونا .. إلخ.

المال يتجر فيه فبعد مدة أراد فسخها فتحاسبا على يد جماعة فأقر من في يده المال بدين لآخر على الشركة فصادقه عليه لأجل تمام الحساب ظنا منه أن إقرار الشريك بالدين يسري عليه، فهل إذا أفتاه العلماء أدام الله النفع بهم بعدم سريان إقرار الشريك عليه يعمل بمصادقته المذكورة على يد الجماعة المذكورين؟ (أجاب) المصادقة نوع من الإقرار كما صرح به في العباب، فإذا ظهر له فساد هذا الظن فله طلب تحليف الشريك أن هذا الدين المصادق عليه حق وأنه دخل الشركة عملا بالقاعدة إن المقر له طلب تحليف المقر له، سواء كان ذلك في مجلس الحكم وسواء أبدى وجها محتملا كما هنا أم لا، صرح بذلك في العباب وغيره، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى زيتونا .. إلخ. (سئل) في رجل اشترى زيتونا من آخر ثم أعسر في ثمنه فقال لابن عم له: أشركتك في هذا الزيتون وحصل لنا ثمنه فحصل الثمن ودفعه للبائع وتصرف في الزيتون ثلاث سنين، والآن ينكر أن ذلك ليس شركة بل هو مختص به، فهل يصدق بدعواه هذه أو لا؟ (أجاب) حيث قال المشتري الأول لغيره أشركتك في هذا العقد وقبل الغير كان ذلك منزلا منزلة البيع، قال في المنهج: ولو أطلق الاشتراك صح العقد مناصفة بينهما وقال قبله واشتراك ببعض معين كتولية، والتولية بيع بالثمن الأول فالاشتراك بيع ببعضه، والله أعلم. مطلب: عن أرض مشتركة بين ثلاثة .. إلخ. (سئل) عن أرض مشتركة بين ثلاثة غرس بها أحدهم أشجار عنب وزيتون من غير إذن الشركاء، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) الطريق في ذلك أن تقسم الأرض فما خص الغارس فهو له بما فيها، والذي خص الشركاء إن أرادوا قلعوها وأخذوا أرضهم، وإن أرادوا أبقوها له بأجرة المثل، والله أعلم. مطلب: في ثلاثة إخوة بينهم ميراث .. إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة بينهم ميراث من والدهم لم يقسموه واستدام ذلك شركة بينهم يأكلون من ريعه ويترابحون به، ثم إن اثنين منهم زوجا ولديهما من ذلك المال الذي لم يقسم وماتا وخلفا ورثة، والحال أن الأخ الثالث لم يزوج له ولدا كما زوج أخواه ولم يأذن لهما بذلك، والآن يريد أولاد الأخوين أخذ ثلثي المال جميعا ودفع الثلث لعمهم، وينازعهم العم الذي هو الأخ الثالث ويريد أن يأخذ من المال نظير ما زوجا به وأيضا نظير ما صرف على الميتين من تجهيزهما وما غرماه من محصول على تركة أبويهما كما جرت به عادة القضاء من أخذ مبلغ من التركة جبرا يسمى محصولا، فهل له ذلك أم كيف الحال؟ (أجاب) جميع ما أخذه الأخوان في زواج ولديهما مضمون عليهما للأخ الذي لم يأخذ الرجوع به على الوارث وما أخذ في تجهيز الميتين وما دفع للقاضي مضمون أيضا، أما التجهيز فواجب من التركة يحسب على الورثة، وما صرف للقاضي ونحوه هو بسببهما فمن دفعه للقاضي كان ضامنا له على أن ما يقابل أجر المثل

مطلب: رجلان دلالان تنازعا .. إلخ.

في نحو ضبط مال القاصر وقسمته يكون محسوبا على الورثة، والله أعلم. مطلب: رجلان دلالان تنازعا .. إلخ. (سئل) في رجلين دلالين تنازعا فقال أحدهما لصاحبه: علي الطلاق بالثلاث إن خرجت من هذا الدكان مدة عمري ما أشاركك وخرج من الدكان، فهل إذا اتفق معه على الدلالة وتشاركا فيها لا يحنث؟ (أجاب) حيث أطلق في الشركة فلا تنصرف إلا للشركة الصحيحة وهي أن يخلطا المالين ويتشاركا فيهما، فإذا وجد هذا العقد وقع عليه الطلاق الثلاث، وأما الشركة في الدلالة فلا حنث بها لأنها لا تسمى شركة شرعية لفسادها، والعقود إنما تحمل على الصحيح منها دون الفاسد، والله تعالى أعلم. مطلب: شريكان في جمل ضربه أحدهما .. إلخ. (سئل) في شريكين في جمل ضربه أحدهما بنبوت فقام سليما ليس به عيب، وحمل عدة أحمال، ثم حصل به عرج وبيع الجمل برضى الشريكين وأخذ كل واحد منهما حصته، ثم إن الشريك يدعي على شريكه بالضربة لكون ثمن الجمل نقص عن الأول، وفيه بينة تشهد أنه لم يحصل فيه نقص عن الأول، فهل يجب عليه لشريكه شيء؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن الجمل لم يحصل فيه نقص من ضربة شريكه فلا غرم على الضارب أصلا، وإن ثبت بالوجه الشرعي نقصان الجمل بالضربة لزم الضارب حصة شريكه، والله أعلم. مطلب: بئر يجمع ماء المطر فيه جماعة .. إلخ. (سئل) في بئر غير نباع بل يجمع ماء المطر فيه جماعة أربعة شركاء، فهل يجوز لواحد منهم أن يأخذ زائدا عن حصته الشرعية؟ (أجاب) يجب على كل واحد من الشركا أن يقتصر على قدر حصته ولا يجوز أن يأخذ أزيد منها لإضراره بحصة الشركاء، والله أعلم. مطلب: رجل باع آخر نصف بقرة .. إلخ. (سئل) عن رجل باع آخر نصف بقرة، ثم إن المشتري خشي من النهب ففر بالبقرة إلى بلد أخرى فماتت بقضاء الله وقدره، هل يكون ضامنا لحصة شريكه أم كيف الحال؟ (أجاب) حيث لم يصدر من المشتري تقصير فلا يكون ضامنا لحصة شريكه والفرار لعذر النهب جائز بل واجب فلا يكون سببا للضمان، والله أعلم. مطلب: رجل له أرض وبقر زرع في أرضه .. إلخ. (سئل) في رجل له أرض وبقر زرع في أرضه ببقره وبذره اثني عشر يوما، ثم اتفق مع آخر أن يشتركا في البذر والحرث، فهل يدخل زرع هذه المدة في الشركة أو لا؟ (أجاب) لا يدخل الزرع في الشركة وإن رضي الشريك الزارع له لأنه وعد لا يلزم الوفاء به، ولأن الزرع تابع للبذر فكل من وضع البذر استحق الزرع، والله أعلم. مطلب: رجل له ولد وله أرض مشترك .. إلخ. (سئل) في رجل له ولد وله أرض مشتركة بينه وبين أخيه، ففوض أمرها لولده، فجاء الولد لعمه فقال له العم: هذه أرض أبيك تصرف فيها لأن اباك كان متصرفا فيها، وهذه لي أنا متصرف فيها، والآن عمه يريد أن يشاركه فيها ويختص هو بحصة من الأرض، فأجاب: دعوى عمه بالاختصاص باطلة لا وجه لها، فإما أن يبقى ابن أخيه على ما قدره له عملا بقوله؛ لئلا يعود عليه الكذب ولعنة الله على الكاذبين، وإما أن

مطلب: شريكان على أحدهما دين .. إلخ.

تقسم الأرض جميعا بينهما على حسب الشركة، والله أعلم. مطلب: شريكان على أحدهما دين .. إلخ. (سئل) عن شريكين على أحدهما دين وفاء من مال الشركة ويدعي أن شريكه أذن له في وفائه من الشركة، فهل لشريكه الرجوع بحصته منه أو لا؟ (أجاب) نعم له الرجوع بحصته وإن أذن له في وفائه من المشترك لأن المستقاد بالإذن إنما هو جواز الأخذ لا سقوط الحق؛ لأنه إسقاط للحق قبل وجوبه، والله أعلم. مطلب: رجلان في قريتين يتبايعان ويشتريان .. إلخ. (سئل) في رجلين في قريتين يتبايعان ويشتريان كل منهما على حدة وقع بينهما اتفاق على أن كل ما يحصلانه يكون شركة بينهما، فسئل أحدهما فقال: أنا شريك فلان بناء على ذلك، فهل يعمل بهذه الشركة ويؤاخذ المقر بإقراره بناء على أنها شركة أو لا؟ (أجاب) هذه الشركة باطلة اتفاقا لا يعمل بها شرعا والإقرار المبني على ذلك باطل أيضا، والله أعلم. مطلب: في كرم يشتمل على شجر زيتون .. إلخ. (سئل) في كرم مشتمل على شجر زيتون مشترك بين رجلين لأحدهما ثلاثة أرباعه وللآخر الربع يريد صاحب الربع أن يجذ جميع ثمرته بنفسه وبعماله ويأخذ من حصة الشريك نظير ذلك الربع، والشريك يمتنع وينهاه عن ذلك، وقصده أن يقوم على حصته بنفسه وبإجرائه ويأخذ جميع حصته، هل له ذلك وليس لصاحب الربع معارضة ولا أخذ شيء من حصته بغير إذنه؟ (أجاب) كل ذي حصة متصرف في حصته بقدرها وليس لأحد حجر ولا منع لصاحبه وإلا لزم تحكم الشركاء بعضهم على بعض من غير مرجح، وهذا من أقوى الأدلة في الإلزام وهو الترجيح من غير مرجح، بل في ذلك تهمة من أراد الاستقلال بل العدل الحق التصرف لكل منهما في حصته لا نعلم في ذلك خلافا عند الأئمة الأربعة والحالة هذه، والله أعلم. مطلب: عن جماعة شركاء في فرس .. إلخ. (سئل) عن جماعة شركاء في فرس باع أحدهم منها حصة فأنكر المشتري حصة الشريك الثاني فأخذها ليثبت حصته فيها فلما أثبتها ردها على المشتري ومكثت عنده نحو عشرة أشهر فجاء بها المشتري وبها عطال يدعي أنه كان قديما بها عند الشريك الذي أخذها ليثبت حصته فيها يعمل بقوله أو لا؟ (أجاب) لا يعمل بقوله المذكور المجرد عن البيان بل هو رجم بالغيب، قال إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى: الحيوان يفتدى في الصحة والسقم وتحول طباعه فقل أن ينفك عن عيب خفي أو ظاهر، وحينئذ فالظاهر أن العيب إنما حدث عنده لأن كل حادث يقدر بأقرب زمن، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان خلطا بذرهما .. إلخ. (سئل) في رجلين خلطا بذرهما وزرعاه سواء ثم لما أدرك الزرع امتنع أحدهما عنادا من الحصاد وسائر لوازم الزرع فطلب الشريك منه ذلك مرارا وهو يمتنع فأشهد عليه أني استأجرت عليها حصادا ونقلا وغيرهما ويكون عليك حصتك، فهل يلزم الشريك الممتنع أن يغرم جميع لوازم الزرع الشرعية؟ (أجاب)

مطلب: في دار مشتركة بين جماعة .. إلخ.

نعم يلزم الشريك ذلك لأنه من لوازم الشركة حتى لو لم يشهد عليه كانت المؤن لازمة له حيث لم يعمل بنفسه على أن الامتناع الواقع من الشريك سفه وإضاعة مال عليه وعلى شريكه وذلك إثم صراح وجرم براح، وقد صرح الفقهاء أن أحد الشريكين له صرف المصارف اللازمة للشركة لأن ذلك مقتضى الشركة، والله أعلم. مطلب: في دار مشتركة بين جماعة .. إلخ. (سئل) في دار مشتركة بين جماعة قام أحدهم وهدم بعض بيوتها من غير إذن الآخرين، فهل له مطالبتهم بثمن البناء حيث لم يأذنوا له في هدمهم؟ (أجاب) ما هدمه الشريك بغير إذن الشركاء إن لم يمتنعوا أو بإذن الحاكم إن امتنعوا وكان في الهدم مصلحة كخوف سقوط البناء على أن يكون مضمونا عليه، فلما أعاده لا مطالبة له لأحد من الشركاء لأنه فعل ما هو واجب عليه وهو إعادة ما هدمه فلا يستحق على الشركاء شيئا، والله أعلم. مطلب: رجلان شريكان في مشترى زيت .. إلخ. (سئل) في رجلين شريكين في مشترى زيت، ويبيعه أحدهما يتوصل إلى المدن، والثاني يشتري من البلاد، يدعي على الأول زائدا عما أخذه وتسلمه عشرين جرة، فهل يعمل بقوله مع إنكار صاحبه لها؟ (أجاب) لا يعمل بقول الشريك المجرد عن البيان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. والله تعالى أعلم. مطلب: شريكان في غنم موضوعة تحت يد أحدهما .. إلخ. (سئل) في شريكين شركاء في غنم هي موضوعة تحت يد أحدهما جاء عدو وأخذها نهبا وقهرا على من هي تحت يده، فرد الشريك الثاني الذي ليست الغنم تحت يده حصته منها زاعما أن الحصة المردودة هي حصته فهل يختص بها، وهل على من هي تحت يده ضمان للذاهب؟ (أجاب) حيث كانت الشركة شيوعا فالذاهب عليهما والمردود لهما ولا ضمان على من هي تحت يده حيث أخذت قهرا عليه بلا تقصير لأن الشريك أمين، والله أعلم. مطلب: رجلان بينهما حمارة .. إلخ. (سئل) في رجلين بينهما حمارة أذن أحدهما لصاحبه في استعمالها فاستعملها في بعض مصالحه فغضبت، فهل يكون الشريك ضامنا لحصة شريكه أو لا؟ (أجاب) حيث كان من الشريك إذن في الاستعمال تكون حصة الشريك مضمونة ضمان العواري، كما يؤخذ من فتاوى العلامة ابن أبي شريف، والله أعلم. مطلب: جمل مشترك بين اثنين .. إلخ. (سئل) في جمل مشترك بين اثنين يعمل عليه أحدهما وأجرة عمله بينهما غصبه ظالم ممن كان الجمل تحت يده، فهل يلزمه حصة شريكه ويضمنها له أو لا؟ (أجاب) لا يضمن الشريك الذي الجمل تحت يده حصة لأنه يعمل عليه في حصته لنفسه وفي حصة الشريك له، وإذا تلفت الدابة في عمل المالك فلا ضمان، والله أعلم. مطلب: شريكان أحدهما بدمياط والآخر بيافا .. إلخ. (سئل) في شريكين أحدهما بدمياط والآخر بيافا صار الاتفاق بينهما أنهما يتراسلان من دمياط ليافا من أرز وقماش وغيرهما ومن يافا لدمياط

مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يضع له .. إلخ.

من صابون ودراهم وغيرهما، ثم إن كل واحد منهما يتصرف بالمصلحة على مقتضى الشركة، فالذي بيافا يبيع الأرز والقماش وغير ذلك، ويرسل الثمن إما نقدا وإما صابونا وإما غير ذلك، والذي بدمياط يبيع ما أرسله له الذي بيافا وينضده ويصفيه، فهل كل من الشريكين أمين في مال الشركة فيما يبيع ويشتري ويصفي بالمصلحة فيصدق بيمينه، وهل إذا تلف شيء من مال الشركة بغصب أو عرق أو أخذ حاكم يكون على الشركة فإن حاكم غزة أخذ ممن بيافا عشرة أرادب وثلثا أرزا عدم عنده حصة من ثمنها، فهل هي على الشركة أم لا؟ (أجاب) نص أئمتنا متونا وشروحا أن يد الشريك يد أمانة كالوكيل والوديع فيصدق بيمينه في دعوى الرد والتلف على ما حصل في الوديعة والربح والخسران حيث كان التصرف بحسب المصلحة، وعبارة متن العباب الرابع أي من أحكام الشركة الأمانة كالوديع فيصدق أي الشريك بيمينه في دعوى الرد والربح والخسران والتلف ونفي خيانة معلومة، وفي أنه اشترى له أو للشركة .. إلخ، فقوله: نفي خيانة معلومة؛ يعلم منه أن الشريك يصدق في كل ما فيه نفي الخيانة المعلومة بأن لم يكن هناك خيانة أصلا أو لم تكن معلومة، والحاصل أن الشريك يتصرف بحسب الإذن والمصلحة، فحيث كان تصرف الشريك بحسبهما فهو مصدق بيمينه لأن مبنى الشركة على الأمانة لخبر: يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما. رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده، ومعنى: أنا ثالث الشريكين أنا معهما بالحفظ والأمانة فأمدهما بالمعونة في أموالهما وأنزل البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة رفعت الإعانة والبركة عنهما، وهو معنى قوله: خرجت من بينهما؛ وما قبضه الحاكم من الأرز فإن كان بحسب الإذن والمصلحة في الشركة فلا ضمان على الدافع لما ذكر، وإن لم يكن الآخذ حاكما لأنه تصرف بحسب الإذن والمصلحة وإن لم يكن أذن وأخذه بالقهر فلا ضمان أيضا على الشريك الدافع لأن الحاكم غاصب لما أخذه ولا قدرة للشريك على رده وربما ترتب عليه ضرر أشد من أخذه الأرز فيدفع بالأخف الذي هو دفع الأرز، والله أعلم. مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يضع له .. إلخ. (سئل) عن رجل اتفق مع آخر على أن يضع له المال وهو يصنع القرب، فأخذ المالك يقوم له جلودا ودراهم وهو يصنعها قربا فتمت القرب وبيعت، فما الواجب للرجل العامل النصف من الربح المشروط له أم الأجرة؟ (أجاب) هذه شركة فاسدة لأن شرطها وضع المالين من الشريكين وخلطهما سواء، فالواجب للعامل أجرة مثله لمثل تلك القرب المصنوعة لفساد الشركة والربح والخسران لاحق بالمالك، والله أعلم. مطلب: في ثلاثة إخوة أشقاء .. إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة أشقاء تزوج

مطلب: رجل ذمي باع آخر نصف بقرة .. إلخ.

أحدهم في حياة والده، ثم بعد موته أراد الثاني أن يتزوج ويدفع المهر من التركة فوقع بينهم نزاع، فكلفوا رجلا أن يدفع مهر زوجته وزوجة أخيه الثالث من التركة، ثم قسموا التركة ولم يفوا لأخيهم بدفع مهر زوجته، بل دفعه من ماله بعد أن طلب من الكفيل الوفاء بما شرط فلم يف، والآن الأخ الثالث يطلب منه أن يدفع معه في مهر زوجته ويحرض الكفيل على الوفاء بالكفالة، فأخذ الكفيل ثوره ومكث عنده نحو سبعة أشهر يستعمله، فما الحكم في هذه القضية؟ (أجاب) ما تزوج به أخوه في حال حياة أبيه ودفعه له أبوه فاز به وليس لإخوته معه منازعة لكونه في حياة والده والأخ المتزوج من ماله ليس لأخيه الثالث طلب مساعدة أو معاونة في زواجه، والكفالة الواقعة بينهم باطلة؛ لأنها ليست على طبق الشرع القويم، وطلب الكفيل منهم الوفاء بما وقع عليه الكفالة كطلب إبليس من الناس أن يعصوا خالقهم، وأخذه الثور يوجب الهلاك في الفور وعليه فله هذه المدة أقصى أجرة المثل وكذلك ما نقص منه وقيمته لو تلف لأنه غاصب، والله لأمره غالب، وله غدا معاتب ومعاقب، والله أعلم. مطلب: رجل ذمي باع آخر نصف بقرة .. إلخ. (سئل) في رجل ذمي باع آخر نصف بقرة وسلمها له، ثم إنه دفعها المشتري في مهر امرأة ولم يدفع ثمن النصف وكان تسلمها من غير إذن الشريك البائع، فكيف الحكم؟ (أجاب) نصف البقرة الذي يقع عليه البيع باق على ذمة البائع فله نصف ما يحصل منها من لبن وولد، ولما سلم الشريك البقرة كان ضامنا لحصة شريكه لكونه سلمها بلا إذن منه وله مطالبة الثمن من القابض لها لكونه وضع يده على حصته بغير وجه شرعي، والله أعلم. مطلب: رجل لحام عنده جلود .. إلخ. (سئل) في رجل لحام عنده جلود قال لرجل يصنع القرب: هذه الجلود مفصولة ولي فيها شريك، اعملها قربا ولي ثلث من فائدتها ولك ثلث ولشريكي ثلث وأنا أكلفها، فشرع القربي في عملها حتى أكملها وتسلمها مالكها وسافر بها إلى مصر هو والقربي ثم إن المالك باعها ويدعي أنه لا ربح فيها، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) ما وقع بينهما من الاتفاق من عمل ثلث الربح للقربي باطل لا يعمل به شرعا، فالقرب وربحها وخسرانها على المالك، وعليه للعامل القربي أجرة مثله شرعا لأنه ما بذل عمله مجانا وإنما هو في مقابلة الثلث في ذلك مجهول لا يعمل به شرعا فرجع شرعا لما هو معلوم مقرر من أجرة المثل، فعلى المالك بذلها له والقرب غنمها وغرمها له لأنه المالك الأصلي البائع لها ولا يسأل عن بيعها ولا يحلف ولا يحاسب لما علم، بل لو تلفت جميعا كانت أجرة العامل لازمة له، والله أعلم. مطلب: جماعة اشتركوا في شراء كروم .. إلخ. (سئل) في جماعة اشتركوا في شراء كروم عنب وفوضوا البيع لرجل واتهموه بعشرة قروش، فهل يصدق بيمينه وهل تقبل شهادة الشركاء لبعضهم في المشترك أم لا؟ (أجاب)

مطلب: رجلان اختلفا في الدعوى .. إلخ.

نعم الشريك أمين فيصدق بيمينه ولا تقبل شهادة الشركاء في المشترك لأنهم يشهدون لأنفسهم ولا تقبل شهادة المرء لنفسه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان اختلفا في الدعوى .. إلخ. (سئل) في رجلين يدعي أحدهما أنه وضع عنده حصة غنم شركة، والآخر يدعي أنها عنده أمانة يرعاها بأجرة كل شهر على الشاة نصف فضة، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) إن أقام أي مدعي الشركة بينة شرعية تشهد أنها شركة عمل بها وغرم المدعى عليه لصاحبه شاة، وإن لم يقم بينة وأقام صاحبه بينة أنها أمانة بأجرة لزمته الأجرة ولا يلزمه من الشاتين شيء، والله أعلم. مطلب: رجل عنده حصة من القلي .. إلخ. (سئل) في رجل عنده حصة من القلي جاءه رجل فقال له: شاركني في هذا القلي لأبيعه ولي ثلث الفائدة ولك الثلثان فدفع له حصة منه على ذلك الشرط، فحمله ونقله إلى بلدة يباع فيها، ثم بعد مدة لقيه فقال له: ما صنعت بالقلى، فقال: إنه كسد فخزنته في حاصل، فذهب صاحب القلي فسأل عنه فلم ير إلا حاصلا فيه حصة رماد، فقال له أهل البلد: إنه باع وقبض ثمنه فجاء إليه فأخبره أنه تالف وإني قد كبيته وأنا شريك مصدق في دعوى التلف، والآن يطالب صاحب القلي في أجرة نقله إلى البلد التي يباع فيها، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) لا ريب أن الشركة هنا فاسدة لعدم وجود شرطها المعتبر في الشركة الصحيحة، ومع ذلك حكم الفاسدة كالصحيحة في الضمان وعدمه وقضاء القاضي منقوض لأن ما ذكر من الشريك الفاسد إتلاف لا تلف، وما ذكره العلماء من التفصيل إنما هو في التلف بنفسه أو آفة أو سرقة أو نهب أو نحوها لا في إتلاف الأمين، فقوله كبيته إتلاف منه له، وأخذه له وطلب الفائدة بعد خروج رأس المال منه اعتراف بأن له قيمته، فإن أقام المالك بينة على قيمته أنها كذا غرمها الآخذ للقلي وإلا صدق المتلف في قدر القيمة لأنه غارم، وإن وجد قاضي الجنة الذي به النفس مطمئنة غرمه قدر قيمته التي ذكرها المالك لإقراره بها وطلبه الفائدة بعدها، والله تعالى أعلم. مطلب: في أخوين اكتسبا وليس معهما مال .. إلخ. (سئل) في أخوين اكتسبا وليس بينهما مال فحصلا شيئا فما حكم المتحصل؟ (أجاب) حيث ما حصل ذلك إلا بكسبهما أو كانا متساويين في الكسب والحرفة قسم ذلك بينهما نصفين على قدر عملهما لأن ذلك حصل بفعلهما، والله تعالى أعلم. مطلب: جمل مشترك بين رجلين .. إلخ. (سئل) في جمل مشترك بين رجلين طلبه أحدهما لبلده ليحمل عليه فلما وصل لها قال لصاحبه لا يمكن إلا بفصل الشركة بيننا، فاشترى الأول منه حصته بثمانية عشر قرشا وطلبه أن يسلمه له فامتنع إلا بقبض الثمن، ثم حمله البائع حملا خارجا عن العادة، فانفسخ الجمل ومات، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) أما حصة البائع فإنها مضمونة عليه لأن المبيع قبل قبضه من ضمان البائع 4بمعنى انفساخ البيع ولا شيء على المشتري، وأما حصة

كتاب الوكالة

الشريك المشتري فإنها مضمونة على البائع لاستيلائه على الجمل وتحمله غير المعتاد، والله تعالى أعلم. كتاب الوكالة. (كتاب الوكالة) (سئل) في ذمي دفع لآخر بضاعة ليتجر فيها كيف شاء، فاتجر له مدة طويلة وكان يدفع له من ربحها ما تحصل، ثم دفع هذه الدراهم مع جهله من ماله لرجل مشهور بعمل الصابون مؤتمن عند الناس، فهلك هذا المال بجملته لإعسار الرجل، فهل يلزم المدفوع له ليتجر كيف شاء مال الدافع أم لا؟ (أجاب) هذا الرجل المدفوع له المال لا يلزمه منه شيء سواء كان وكيلا عن المالك لأنه إذا قال له: تصرف كيف شئت؛ فله التصرف نسيئة أم عاملا فقراض فهو كالوكيل، فعلى كل حال لا يلزمه هذا المال كما ذكر، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة تزوجت ولها أخ من أب .. إلخ. (سئل) في امرأة تزوجت ولها أخ من أب وكلته في أخذ صداقها ولها أولاد أخ شقيق، فهل لهم المعارضة فيما ذكر أو لا؟ (أجاب) ليس لأولاد الأخ الشقيق معارضة لعمتهم لأن الحق لعمتهم فلها أن توكل فيه من شاءت، ولها أن تهبه لمن شاءت، وذلك بإجماع المسلمين، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة نخاسة أي دلالة .. إلخ. (سئل) في امرأة نخاسة، التي يقال لها في العرف دلالة، دفع لها رجل لبة من ذهب لتبيعها له فوضعتها في صرة ثم وضعتها في جيبها المسمى في العرف عبا ثم ضاعت منها، فهل تكون ضامنة لها أو لا؟ (أجاب) النخاس وكيل في البيع وهو ولو بجعل أمين فلا يضمن إلا بتعد ويصدق في دعوى التلف المطلق كما هو صريح المذهب والجيب المذكور مع الصرة حرز المثل لمثل ذلك إذ هو معدود لحفظ مثل ذلك فحيث لم يحصل من المرأة تقصير فلا ضمان عليها وتصدق بيمينها في دعوى التلف المطلق ويجري فيها التفصيل الذي ذكر في الوديعة، والله أعلم. مطلب: رجل وكل آخر في شراء دار .. إلخ. (سئل) في رجل وكل آخر في شراء دار فاشتراها له ولم يقبض الثمن، ولكن عمل حيلة أخرج له صرة دراهم مجهولة ودفعها للبائع ثم ثبت الثمن في ذمة المشتري، فهل للبائع مطالبة الوكيل أم الموكل أم كل منهما؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام ولبائع مطالبته أي الوكيل كالموكل بثمن أن قبضه من الموكل سواء اشترى بعينه أم في الذمة وإلا بأن لم يقبضه منه فلا يطالبه إن كان معينا لأنه ليس بيده وإلا بأن كان في الذمة طالبه به إن لم يعترف بوكالته بأن أنكرها أو قال لا أعرفها وإلا بأن اعترف بها طالب كلا منهما به والوكيل كضامن والموكل كأصيل، فإذا غرم رجع بما غرمه على الموكل .. انتهى، والحاصل أن الموكل يطالب في جميع الصور وكذلك الوكيل يطالب في جميع الصور إلا إذا كان الثمن معينا في يد الموكل فهو المطالب فقط، والله أعلم. مطلب: رجل قال لآخر خذ هذا الدينار وأسلمه في كذا .. إلخ. (سئل) عن

مطلب: رجل له على طائفة أهل قرية .. إلخ.

رجل قال لآخر خذ هذا الدينار وأسلمه إلى فلان في أربع جرار زيت فأخذه وأسلمه له، فهل يلزم القابض للدينار المسلم له تحصيل الزيت أم لا؟ (أجاب) هذا الرجل القابض للدينار وكيل في العقد فقط والوكيل من حيث هو محسن بالوكالة فله عزل نفسه متى شاء، وعلى كل حال لا يطالب بالزيت لأنه لم يلزمه بوجه وإنما هو وكيل في العقد وقد حصل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له على طائفة أهل قرية .. إلخ. (سئل) في رجل له على طائفة أهل قرية مقدار من الزيت وقد خرجوا منها ولهم فيها زيتون وكلوا الرجل في قبض معلوم الزيتون، فهل يجب على واضع اليد على الزيت دفعه للوكيل؟ (أجاب) نعم يجب على من وضع يده على زيت الطائفة المذكورة دفعه للوكيل المذكور ولا يجوز له التعلل بشيء حيث ثبتت وكالته، والله أعلم. مطلب: رجل له على ذمي يهودي دين .. إلخ. (سئل) في رجل له على ذمي يهودي دين أحاله به على ذمي نصراني فأقر بالدين ويدعي أنه لفلان اليهودي، فهل إذا ثبتت الحوالة يجب عليه وفاؤه للمحال؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: وشرط لها أي للحوالة أي لصحتها رضا الأولين أي المحيل والمحتال بلفظه أو ما في معناه مما يأتي في الضمان لأنهما العاقدان فهو بيع دين بدين جوز للحاجة لا رضا المحال عليه لأنه محل الحق فلصاحبه أن يستوفيه بغيره وشرط ثبوت الدينين ولو متقومين .. انتهى، فحيث أقر النصراني بأن دين اليهودي عنده وأثبت المحال الحوالة وجب على النصراني وفاء الدين لأنه محل الحق فأقل ما يكون أن المحتال كالوكيل ويجب الدفع له حيث ثبتت الوكالة، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر دراهم .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر دراهم ليخرجها على زيت فأخذها وتصرف فيها نحو سنتين، فجاء صاحب الدراهم إلى الآخر فقال له: كيف صنعت؟ فقال له: لم أصنع شيئا وهذه دراهمك باقية على ذمتك وصاحب الدراهم يقول: إنك أخرجتها على زيت وهو ينكر ذلك، فما الحكم؟ (أجاب) لا يلزم الرجل الوكيل إلا يمين أنه ما أخرج الدراهم على زيت ويردها لمالكها لأنه أمين ولا يجب عليه الإخراج، نعم إن وجد صاحب الدراهم عليه بينة تشهد أنه سلم فلانا كذا من دراهمك على قدر كذا من الزيت وأشهدنا على ذلك وأقر لنا بذلك عمل بها، والله أعلم. مطلب: وكيل لرجل في شراء بن معلوم .. إلخ. (سئل) في وكيل لرجل في شراء بن معلوم فاشترى الوكيل بثمن معلوم ببينة شرعية إلى أجل معلوم، فهل إذا أقام الوكيل بينة شرعية أنه اشترى لموكله البن المعلوم إلى الأجل المعلوم، فهل يجب على البائع تسليم ذلك ويجب على الحاكم تنفيذه أم لا؟ (أجاب) حيث أقام الوكيل بينة شرعية أنه اشترى البن المذكور لموكله إلى الأجل المعلوم لزم البيع ووجب على البائع تسليم ذلك وعلى الحاكم الشرعي تنفيذ ذلك ويثاب، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل يقال له فارس دفع لإسماعيل .. إلخ. (سئل) في رجل يقال له فارس

مطلب: رجلان وكلا آخر أن يشتري لهما حمارا .. إلخ.

دفع لرجل يقال له إسماعيل ثمانية جرار من الزيت ليدفعها لمصطفى بك عن ذمة صالح العواد بناء على أن مصطفى بك يدفعها لصالح العواد أو يقاصصه بها فأورد الزيت إسماعيل وأخذ به رجعة باسم صالح المذكور ثم رجع فارس في الزيت وأخذ ثمنه من إسماعيل وهو أخذ الثمن من مصطفى بك، فهل لصالح العواد أو وكيله مطالبة لإسماعيل في الزيت المذكور لكونه كتب باسمه أو وكيله؟ (أجاب) لا يخفى أن صالح العواد حيث لم يتسلم الزيت هو ولا وكيله كان الزيت باقيا على ذمة فارس فله الرجوع في ثمنه أو عينه ولا عبرة بكتابة الورقة ولا قول فارس المذكور قبل التسليم لصالح العواد أو وكيله؛ لأن الزيت لو تلف قبل ذلك لم تبرأ ذمة فارس منه فهو باق على ذمته، وإن تسلمته أيد غير صالح ووكيله لأنا لا نعتبر القبض إلا ما حصلت به براءة الذمة، وبهذا قبل ذلك لم تحصل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان وكلا آخر أن يشتري لهما حمارا .. إلخ. (سئل) في رجلين وكلا آخر أن يشتري لهما حمارا، فاشترى لهما حمارا بست وعشرين زلطة، وأذنا له أن يقترض لهما ست زلط، فاقترضها لهما ثم سلم الحمار لهما، ثم باعاه فادعى أنه إنما شراه لنفسه لكونه بيع بأزيد، فهل يقبل قوله المذكور بعد إقراره أنه اشتراه لهما أو لا؟ (أجاب) حيث أقر بأن الشراء لهما وصدق على ذلك الرجل ببينة شرعية تشهد لهما بالإقرار المذكور فلا عبرة بدعواه بعد ذلك لأنها تناقض قوله الأول، وشرط صحة الدعوى أن لا تتناقض، والله تعالى أعلم. مطلب: عن رجل وكل آخر في بيع شيء آخر .. إلخ. (سئل) عن رجل وكل آخر في بيع ثلاثمائة قربة وخمسة وسبعين قربة أرسلها من مدينة الخليل ليبيعها له بمصر، فباعها الوكيل لرجل نسيئة فحصل بعض الثمن والباقي ضاع على المشتري، فهل يلزم الوكيل هذا الضائع؟ (أجاب) حيث كانت الوكالة مطلقة غير مقيدة بشيء وباع الوكيل مؤجلا ضمن ما ضاع، وعبارة المنهج في هذا المعرض: ولا يبيع أي الوكيل بالوكالة المطلقة نسيئة ولا بغير نقد البلد ولا بغبن فاحش، فلو خالف فباع على أحد هذه الأنواع وسلم المبيع ضمن قيمته يوم التسليم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل مات عن أم وزوجة وابن وبنتين .. إلخ. (سئل) في رجل مات عن أم وزوجة وابن وبنتين، وخلف ميراثا من عقار ومنقول وديون، ثم ماتت الأم قبل أخذ حصتها عن بنت وابن ابن وبنتي ابن، فوكلت البنت وكيلا في قبض ما يخصها من الميراث، فاستند الوكيل إلى رجل صاحب شوكة من مشايخ البلاد ليعينه على قسم حصة الموكلة، فأرشوا الورثة صاحب الشوكة بدراهم ليصلح الوكيل عن حصة الموكلة فجبره على الصلح بشيء قليل جدا بمبلغ عشر حصتها، وفيه ضرر فاحش عليها، وكتب عليه حجة بوصول حقها من سائر الأعيان والنقود والديون، فهل الصلح معتبر مانع للموكلة من طلب إرثها فلا تسمع دعواها بعد على الوارث

مطلب: في جاب على وقف جامع بعلوفة معينة إلخ.

أم تسمع الدعوى منها بجميع حقها في الإرث قليلا كان أو كثيرا، سواء كان الصلح عن إكراه للوكيل أم رضاه للضرر الفاحش على الموكلة الظاهر منه غدرها وفوات حقها، ولها أن تعود في طلب جميع إرثها ولا يمنعها ما كتب من الصك المبني على الخلاف أم كيف الحال؟ (أجاب) هذا الصلح باطل لأمور منها أن شرط الصلح الإقرار بما يقع به الدعوى، ولم يقع إقرار هنا، ومنها أن تصرف الوكيل شرطه المصلحة ولا مصلحة في إبطال حق الموكلة، ومنها أن الوارث لو أسقط حقه من التركة لا يسقط لأنه عطية الله تعالى، والله أعلم. مطلب: في جاب على وقف جامع بعلوفة معينة إلخ. (سئل) في جاب على وقف جامع بعلوفة معينة بالوقف جمع إيراد الوقف من أربابه، فوكله الناظر في صرف الإيراد على مصالحه وفي دفع العلوفات لأرباب الشعائر بموجب دفتر العلائف، ففعل الجابي ذلك برأي الناظر ومشاهدته، وللناظر معلوم بالوقف بموجب دفتره يريد الجابي مشاركته فيه يأخذ نصفه ويدفع له نصفه عن نظير مباشرته لجميع إيراد الوقف وصرفه زاعما أنه يستحق ذلك لإذن الناظر له، فهل ليس للجابي سوى ما عين له بالوقف عن نظير عمله المشروط؛ لأن ما يأخذه بطريق الأجرة ولا أجرة بدون العمل لا زائدا على ذلك، ويمنع من مشاركة الناظر في معلومه المقرر له لكونه أجنبيا عنه، وإذا تناول شيئا منه يجب عليه رده إذ لا حق له في ذلك ولا عبرة بهذا الزعم، ما الحال؟ (أجاب) لا ريب أن هذا الجابي المأذون له في الصرف من الناظر وكيل أو بمنزلته، والوكيل المطلق لا شيء له لأنه متبرع بعمله، قال في المنهج وغيره: ولا أجرة لعمل إن لم تذكر، فلا أجرة للجابي لا على الناظر وهو ظاهر، ولا على جهة الوقف وهو أظهر، ولا على المعلوم وهو أشهر، ويمنع الطالب لها وينهى وإلا يزجر، والله تعالى أعلم. مطلب: في دلال دفع له آخر متاعا ليبيعه إلخ. (سئل) في دلال دفع له آخر متاعا ليبيعه له فباعه وقبض ثمنه، ثم ادعى الدلال دفع الثمن إلى صاحب المتاع فأنكر صاحب المتاع قبض كل الثمن، فمن المصدق منهما حيث لا بينة؟ (أجاب) لا يخفى أن الدلال المذكور وكيل في البيع للمتاع وقبض الثمن، قال في الروض وشرحه: فرع قول الوكيل ولو بجعل مقبول بيمينه في دعوى التلف ورد المعوض، والعوض على الموكل لأنه أمينه ولأنه إن كان بلا جعل فقد أخذ المال المحض بغرض المالك كالمودع أو بجعل فلإنه إنما أخذ العين لمنفعة المالك، انتهى، والقاعدة المشهورة أن كل من ادعى الرد على من ائتمنه صدق إلا ما استثني وليس هذا منه فيصدق الدلال بيمينه في دعوى الرد، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل أرسل لآخر زبيبا نحو نصف قنطار مع رجل، وذكر له أن يرسل له ثمنه معه فباعه وأرسل الثمن مع الرجل المذكور

مطلب: في رجل وضع عند آخر صابونا إلخ.

فادعى الرجل المرسل معه الدراهم المذكورة القابض لها أن ثمن الزبيب المذكور قد ضاع لنهب بلده، فهل يكون الرجل المرسل إليه الزبيب البائع له والدافع ثمنه لهذا الرجل ضامنا أم لا؟ (أجاب) حيث أذن له أن يدفع الثمن لمن معه الزبيب ودفعه له صار وكيلا عن المالك في القبض، فلما قبضه برئ منه المرسل وصار طلبه على الرجل القابض الوكيل عنه، فإن صدق في الضياع كان وإلا حلف له يمينا أنه ضاع، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل وضع عند آخر صابونا إلخ. (سئل) في رجل وضع عند آخر صابونا وأمره بإرساله في المراكب التي توسق الناس فيها، ولم يذكر له عن قدر ما يوسق له في كل قوف، فوسق له من الصابون قدرا معلوما مع جملة الناس فعدم ذلك الصابون، فهل لصاحبه الرجوع على الوكيل في نزوله أم كيف الحال؟ (أجاب) حيث صدر من مالك الصابون الإذن للوكيل في الإرسال وأرسل بحيث يغلب على الظن السلامة، فوقع للصابون تلف من غرق أو أخذ غاصب كالقرصان فلا ضمان على الوكيل، ولو قيل به لم يتوكل أحد لأحد، ألا ترى أن الرجل يرسل في هذه الحالة مال نفسه ولا يقدر أن يرد عنه التلف، وهو في مال نفسه شديد الحرص والتوقي من حصول تلف له، فإذا أرسل في حال بحيث إنه يرسل فيها مال نفسه فوقع قضاء وقدر لزم تلقي الأمر بالقبول لأن قضاء الله تعالى واجب التسليم له والقبول، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل وكيل عن أمه إلخ. (سئل) في رجل وكيل عن أمه وزوجته في معاملات، ثم إنه اشترى لهما كرما من غير أن يأذنا له في شرائه، فلما علمتا بذلك لم يقبلا ذلك الشراء، فهل يكون هذا الشراء باطلا وموجبا على البائع رد ما دفعه له الوكيل من الثمن؟ (أجاب) حيث لم يأذنا له في الشراء واشترى لهما وسماهما في العقد ونواهما فالعقد الواقع لهما باطل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر ثورا إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر ثورا بثمن معلوم وأرسل معه رجلا رفيقا له وكيلا عنه في قبض الثمن، وقال له: إن لم يدفع لك الثمن فتأتي إلي بالثور، فعجز المشتري عن الثمن ففسخ البيع ودفع الثور للوكيل فلقيه غريم له أخذه منه، والآن البائع يطالب المشتري بالثمن أو الثور، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) حيث كان الرجل وكيلا عن البائع في قبض الثمن إن حصل وإلا ففي أخذ الثور ودفع المشتري الثور بعد فسخ البيع، فلا مطالبة للبائع على المشتري لأن الوكيل كالأصيل وقد وصل له الثور فبرئ من علقة البائع، والله تعالى أعلم. مطلب: فيما إذا دفع زيد لعمرو إلخ. (سئل) فيما إذا دفع زيد لعمرو سلعة ليبيعها له إذا انتهت لها الرغبات، فعرضها عمرو للبيع على جماعة فقال رجل من الجماعة المعروض عليهم على هذه السلعة بكذا، فأجاب بعدم رضى زيد بذلك، فقال له: خذها ولا تبع أحدا حتى تشاورني، ثم بعد مدة يسيرة ظهر أن

مطلب: في رجل عامل آخر ودفع له قماشا إلخ.

عمرا باع السلعة المذكورة ولم يشاور الرجل في ذلك ولم يعلم زيدا بقول الرجل، والحال أن الرجل لو علم ببيع السلعة المذكورة لاشتراها بأزيد مما باع به عمرو، فهل البيع المذكور باطل؟ (أجاب) حيث باع الدلال الذي هو بمنزلة الوكيل السلعة بثمن مثلها حالا من نقد البلد الذي يبيع به الوكيل عند الإطلاق، أو بما قيد له به الموكل حيث قيد ولم يوجد الراغب الطالب بأزيد مما يتغابن به ولم يكن هذا مماطلا ولا متوجها ولا ماله أو كسبه حراما فباع بما ذكر، فالبيع صحيح، وأما قول القائل حتى تشاورني فهذا لم يتحقق منه الزيادة حال البيع، وإنما هو أمر متوهم مظنون على أنا لو تحققنا ذلك منه وكان العدول عنه لكونه مماطلا أو متوجها أو ماله فيه شبهة كان العدول صحيحا، والبيع للغير كذلك، كما علم مما ذكرناه المأخوذ ذلك من الروض وشرحه لشيخ الإسلام، فالحاصل أن الدلال وكيل أمين مجتهد عند تعارض المصلحة للموكل، فحيث مضى عقده على الصحة فلا ينقض بالاحتمال لأن الظاهر الصحة ولا وجه لإبطال ما وقع صحيحا بالاحتمال، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل عامل آخر ودفع له قماشا إلخ. (سئل) في رجل عامل آخر ودفع له قماشا ودراهم وإرزا، وله وكيل في القبض والأخذ، ووقع بين المدين والوكيل حساب، والأصيل الآن لا يرضى بذلك، فهل إذا قلنا بإبطال حساب الوكيل يرجع المدين إلى ما دفع من زيت وغيره والأصيل إلى عين دينه؟ (أجاب) حيث ما صحت الوكالة وحساب الوكيل بما لا ضرر ولا غدر فيه على الموكل صح حساب الوكيل، وإن بطلت الوكالة بوجه شرعي رجع المدين إلى ما دفع والأصيل إلى عين ماله فقط، والله تعالى أعلم. (كتاب الإقرار) مطلب: في امرأة أقرت لابن عمها إلخ. (سئل) في امرأة أقرت لابن عمها بشيء معلوم في مرض موتها، ولها ابن عم يريد إبطال الإقرار، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) إقرار المريض صحيح معمول به شرعا لأن المريض، انتهى، بحالة يصدق فيها الكذوب ويتوب فيها العاصي، والله تعالى أعلم. مطلب: عن شركاء في دار وقع إلخ. (سئل) عن شركاء في دار وقع بينهم تصادق على ما لكل واحد منهم، ثم إنه أبرز واحد منهم صكا سابق التاريخ بحصة، فهل العبرة به أو بما وقع به التصادق بينهم؟ (أجاب) حيث وقع التصادق متأخرا عن الصك فالعبرة بالتصادق لأنه نسخ ما قبله؛ لأن التصادق إقرار بما لكل واحد منهم وهو معمول به إجماعا، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل جرى بينه وبين غريمه إلخ. (سئل) في رجل جرى بينه وبين غريمه حساب لاثنى عشرة بقيت من شهر شعبان سنة ستة وعشرين ومائة وألف، فكان الباقي له عنده ثلاثمائة واثنين وسبعين قرشا، فسئل الداين فأقر: أن الباقي لي عند فلان غريمي ما ذكر،

مطلب: في امرأة مريضة مرض الموت إلخ.

والآن يدعي زيادة على ذلك وينكر أصل الحساب، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) حيث أقر الدائن أن الباقي له عند غريمه ثلاثمائة واثنان وسبعون قرشا ليس له طلب زيادة عليها، فإن ادعى غلطا في حسابه كان له تحليف غريمه على الزيادة لاحتمال الغلط المذكور، ولا عبرة بإنكار الحساب مع وجود الإقرار، والله تعالى أعلم. مطلب: في امرأة مريضة مرض الموت إلخ. (سئل) في امرأة مريضة مرض الموت قالت في مرضها: جميع مالي من قليل وكثير يكون لزوجي، وماتت عن الزوج المذكور وعن ورثة سواه لم يجيزوا ذلك، ويريد الزوج أن يختص بجميع تركتها وحده، فهل له ذلك أم تقسم تركتها على فرائض الله تعالى؟ (أجاب) الإقرار عندنا في مرض الموت صحيح ولكن ما ذكر ليس إقرارا صحيحا لوجود المنافاة؛ لأن شرط المقر به أن لا يكون ملكا للمقر حين يقر، والوصية للوارث تتوقف على الإجازة، والله تعالى أعلم. مطلب: في والد أقر وقت معاملة نفسه إلخ. (سئل) في والد أقر وقت معاملة نفسه لأناس معينين بأن هذا الدين لابنته فلانة وماتت عن زوج وأب وأم، ثم بعد ذلك يدعي الأب أن هذا الشيء المقر به من ماله وأنه رجع بعد ما وهبه لابنته بعد موتها، ثم لما ماتت جهزها من ماله مع وجود الزوج الحاضر في البلد، فهل له رجوع عليه؟ (أجاب) إقرار الأب صحيح معمول به، فحيث ثبت هذا الإقرار كان الدين المعين عند الجماعة المذكورين ميراثا عنها للزوج منه النصف والنصف الثاني لوالدها، وأمها لها منه ثلث الباقي والباقي من النصف له، وأما دعواه الرجوع فباطلة لا يعمل بها لأن شرط رجوع الأصل فيما وهبه لولده مشروط ببقاء السلطنة وقد زالت بالموت، على أن إقراره ليس معناه أن هذا المال وهبته لابنتي بل معناه أنه لها ملك لا من جهته حتى لو كانت حية والحالة هذه ما صح له الرجوع لعدم تلقيها منه إياه، والله تعالى أعلم. مطلب: في امرأة دفعت لزوجها إلخ. (سئل) في امرأة دفعت لزوجها خمسين قرشا ورهن تحت يديها زيتونا، ثم مات الرجل، ثم إن المرأة أشهدت شهودا أنها لا شيء لها بذمة زوجها ولا بذمة أولادها الوارثين له، ثم ماتت الزوجة ولها وارث، فهل له المطالبة بما ذكر مع وجود الإشهاد المذكور؟ (أجاب) حيث وجدت البينة العادلة وشهدت بأن المرأة أقرت واعترفت أن لا حق لها بذمة زوجها الميت ولا أولاده فليس لوارثها طلب بالخمسين المذكورة، والله تعالى أعلم. مطلب: في والدة اشترت سكينا إلخ. (سئل) في والدة اشترت سكينا ثم أقرت عند شهود ثقات أن هذه السكينة لولدي علي وهي في حال الصحة والطواعية من غير إكراه، ولها ولد آخر يسمى محمدا كان يحمل السكينة في حياة والدته، ثم ماتت ومات محمد المزبور ووجدت السكينة عند زوجة محمد المزبور، فهل يجب على زوجته أن تدفع السكينة لعلي أو لا؟ (أجاب) الإقرار معمول به إجماعا، وفسرت

مطلب: في رجل تحت يده دار باعها إلخ.

شهادة المرء على نفسه بالإقرار ولا سيما في حال الصحة فمعمول به حتى عند غيرنا معاشر الشافعية، وعندنا معمول به ولو في المرض ولو لوارث فحيث شهدت البينة الشرعية على إقرار الأم كانت السكين خاصة بعلي يجب على زوجة أخيه دفعها له لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل تحت يده دار باعها إلخ. (سئل) في رجل تحت يده دار باعها لزوجته وشهد لها بالبيع أخوه، ثم مات البائع فطلب القاضي تحرير تركته، فسئل الأخ الشاهد عن الدار فقال إنها لزوجته، ثم الآن الأخ المذكور يدعي شركة في الدار، فهل تسمع دعواه أو لا؟ (أجاب) لا يخفى أن ما ذكر من الأخ إقرار متكرر لأن شهادة المرء على نفسه مفسرة بالإقرار، وقوله في جواب سؤال القاضي إنها لزوجته إقرار آخر فلا تسمع دعوى الأخ المذكور لوجود المنافاة بين الإقرار والدعوى، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل جاء لقرية يشتري إلخ. (سئل) في رجل جاء لقرية يشتري منها غنما فقال مريد البيع لرجل يقال له الشيخ أحمد: أنت تعرفه؟ فقالوا له: نعطيه عندك، فقال لهم: أعطوه عندي فأعطوه، فهل يكون القائل ضامنا لغنمهم؟ (أجاب) لا يلزم القائل: أعطوه عندي، شيء من الغنم ولا ثمنها لأن هذا ضمان ما لم يجب وهو باطل فلا يجوز لأرباب الغنم معارضة القائل بوجه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أشهد على نفسه بأنه إلخ. (سئل) في رجل أشهد على نفسه بأنه لا يستحق قبل زوجته حقا مطلقا، وكذلك أشهد ابن أخت الزوجة بالوكالة عنها بأنه لا تستحق قبله حقا، فهل إشهاد الزوج وهو بحال الطواعية من غير إكراه له عليه صحيح أو له الرجوع عنه؟ وهل إذا طلقها ودفع لها مؤخر صداقها ونفقتها حوالة على غيره ورضيت الزوجة الحوالة، وكذلك المحال عليه له الرجوع فيما دفع من ذلك حوالة وحسبة عند المحال عليه؟ وهل إشهاد ابن أخت الزوجة عنها من غير إثبات وكالته ورضاها يسري عليها؟ وهل تجبر هي على الإشهاد؟ (أجاب) إقرار الرجل على نفسه معمول به قطعا اتفاقا، وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار، وأما ابن الأخت فإشهاده لاغ من وجهين أحدهما عدم ثبوت وكالته، والثاني جهالة المبرئ منه، والحوالة بالمهر والنفقة كذلك لازمة قطعا لا يصح الرجوع عنها ولو لم يرض المحال عليه لأنها وكالة بتحصيل الدين، والله تعالى أعلم. مطلب: في جماعة شركاء في خربة إلخ. (سئل) في جماعة شركاء في خربة تلقوها من آبائهم وأجدادهم، ثم وقع بينهم نزاع وخصام واتفقوا على تقسيمها أرباعا لكل فريق منهم ربع، ثم وقع بينهم نزاع وخصام ثم أقر المخاصم منهم أن حصة فلان الذي نخاصمه له ولا ننازعه فيها، وشهد بذلك جمع غفير، والآن ينكر الإقرار المذكور، فهل يعمل بشهادة الشهود المشاهدين للصلح أو لا؟ (أجاب) حيث إن المخاصم أقر بالحصة للرجل المنازع وشهد له بذلك شهود عدول وجب

مطلب: في ذمي مات وترك ثلاثة إلخ.

العدل بشهادتهم وقضي له بالحصة، ولا عبرة بالإنكار بعد الإقرار، فالمنكر مثله كمن قاء ثم أكل قيئه، والإقرار معمول به بإجماع المسلمين، وفسر شهادة المرء على نفسه بالإقرار، فاتق الله أيها المنكر ولا تنكر فتكن من أهل النار ويلحقك العار والله هو الولي القهار يرث الأرض ومن عليها من الأشرار والأبرار، والله أعلم. مطلب: في ذمي مات وترك ثلاثة إلخ. (سئل) في ذمي مات وترك ثلاثة أولاد وزوجته وترك مائتي زلطة دينا له عند ذمي، وكان الذي عليه الدين بعكا وورثة صاحب الدين بالقدس، ثم ذهب أكبر الأولاد إلى عكا فطالب غريمه في المبلغ المذكور فأحاله على جهة يأخذ منها خمسين أسديا وهي ثلث المبلغ المذكور، وأشهد على نفسه أنه وصله حقه، فهل بهذا الإشهاد يسقط حق أخويه وحق أمه؟ وإذا أقام المدعي بينة بأن المدعي أقر واعترف أنه وصلت المائتان إليه له تحليف المدعى عليه أن إقراره كان عن حقه؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر بقي حق الأخوين والأم عند المدين لأن إقرار المقر صحيح بوصول حقه له هذا بناء على مجرد الإقرار، فإن أقام المدين أو وكيله أن الولد الكبير أقر بأن وصل له المائتان زلطة فله أن يحلف المدين أو وكيله أنه أوصلها له تماما؛ لأنا نعلم أن كثيرا من الناس يقر من غير تحقيق المعين وهو المسمى عند السادة الحنفية بالإقرار الفارغ فللمدعي طلب التحليف على المذهبين، فإذا حلف بعد إثبات الإقرار ولم يكن الأخ وصيا كان للأخوين والأم الرجوع على المدين وهو يرجع على الأخ الكبير بما ثبت عليه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ضاع منه دراهم إلخ. (سئل) في رجل ضاع منه دراهم معلومة فاتهم جماعة، ثم إن امرأة من النازلين عنده أقرت أنها وجدت الدراهم وادعت أنها في بلد أخرى ثم بعد ذلك أنكرت، فهل ينفعها هذا الإنكار؟ (أجاب) حيث وجد الإقرار من المرأة لزمتها الدراهم المعلومة المقر بها، ولا يفيدها الإنكار شيئا لأنه جحود بعد الإقرار فعليها بتقوى اللطيف الستار، والله أعلم. مطلب: جماعة ذميين أنهوا للسلطة إلخ. (سئل) في جماعة ذميين أنهوا للسلطة العلية فقرهم وحالهم وكثرة ما عليهم من الديون، وأنه لا قدرة لهم على وفائها دفعة واحدة، فبرز الأمر الشريف السلطاني دام علا مبديه مؤيدا بالنصر والعون الصمداني بتقسيط ما عليهم من الدين، فجمع القاضي أرباب الديون ليكتب عليهم حجة بالرضى بالتقسيط، فأشهد رجل منهم على نفسه أنه ليس له عندهم شيء فرارا من التقسيط فكتبوا عليه حجة بذلك، فهل قوله ليس لي عندهم شيء أو معهم شيء يبرؤن بذلك مما بذمتهم من الدين أو لا وله مطالبتهم والدعوى عليهم به؟ وهل إذا كان بهذا الدين كفيل مال وذمة له مطالبته دونهم أو كيف الحال؟ (أجاب) ما ذكر من قول الدائن ليس لي عندهم أو معهم شيء ليس صيغة إقرار

مطلب: رجل بينه وبين آخر إلخ.

بنفي ما عندهم من الدين بل عند ومع للعين، فلو ادعى أن له عندهم أو معهم عينا أو وديعة قلنا له إقرارك نفاها ومع ذلك له أن يحلفهم أن إقراره بنفي العين حقيقة، وأما الدين فهو باق بذمتهم يطالبون به، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: فلو ادعى أنها وديعة وأنها تلفت أو أنه ردها صدق بيمينه، بل هنا قرينة قوية وهو الغرمان المقتضي للتقسيط المقتضي للضرر أن هذا الإقرار لم يكن عن حقيقة، فما كان ثابتا قبل ذلك لا يرفع به على أن هذا التقسيط لا يعمل به شرعا بل العمل بما صرح به الفقهاء في باب التفليس فليراجع، والله أعلم. مطلب: رجل بينه وبين آخر إلخ. (سئل) في رجل بينه وبين آخر شركة في فرس وبنتها، ثم إنه ظفر له بجمل فأخذه ثم جاء آخر وادعى أن الجمل له وطلبه من الآخذ له فأبى وأقر أن الجمل للشريك، ثم إنه مات وله ورثة يدعون أنه لمورثهم، فهل بعد إقرار مورثهم تسمع دعواهم أو لا؟ (أجاب) نعم حيث ثبت إقرار مورثهم بأن الجمل للشريك في الخيل لا تقبل دعواهم لأن الجمل ليس ملكا لمورثهم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له ابن عم كان بينهما أمور إلخ. (سئل) في رجل له ابن عم كان بينهما أمور مشتركة، وكان ابن العم مات والده وخلف ما يورث وكان والد الرجل وضع يده على تركته، ثم وقع بينهما قسمة وإشهاد في الملأ أنه لا يستحق قبل صاحبه شيئا وأبرأ كل منهما ذمة صاحبه، فهل لابن العم الرجوع على ابن عمه بتركة والدة أو لا؟ (أجاب) حيث وقع الإقرار والإشهاد أن كل وأحد لا يستحق قبل صاحبه حقا ليس لابن عمه مطالبة بتركة والده؛ لأن إقراره شهادة على نفسه بسقوط حقه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل وكيل عن امرأة إلخ. (سئل) في رجل وكيل عن امرأة أشهد على نفسه أن موكلته قبضت جميع المبلغ الذي كان لها على دير الأرمن بموجب التمسك الذي بيدها، وأنها لم تستحق قبل طائفة الأرمن حقا مطلقا، فهل هذا الإشهاد صحيح يكون مانعا للموكلة عن الدعوى على المتكلم على الدير المذكور بالمبلغ المزبور وأنه باق على جهة الدير؟ وما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) إقرار الوكيل عن الموكلة باطل لا يعمل به شرعا قطعا لأنه لا يصح إقرار أحد عن أحد؛ لأن في ذلك إما إلزام ذمة الغير بقول الغير وإما ضياع الإنسان بقول غيره، فتصح الدعوى من الموكلة على من عليه الدين، والقاضي أيده الله ينظر فيها بالحق المبين لأن الحكام لهم من النظر ما ليس لغيرهم، ولهذا كثير من المسائل تتوقف عليهم ولا تصح من غيرهم، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة لها على جهة دير إلخ. (سئل) في امرأة لها على جهة دير الأرمن دين أقرت بقبضه من المتكلم على الدير، وكتب عليها حجة بذلك، والآن تدعي أن لها من الدين المذكور أربعمائة قرش لم تقبضها وأن إقرارها بذلك غير صحيح، والمتكلم على الدير يقول بل صحيح، فهل يلزم المتكلم أن يحلف

مطلب: في أخوين سافرا إلى الحج إلخ.

أن إقرارها كان صحيحا؟ وإذا امتنع من الحلف يقضى عليه بما تدعيه؟ (أجاب) نعم لها الدعوى بأن إقرارها لم يكن عن حقيقة لأنا نعلم أن كثيرا من الوثائق تكتب قبل تحقيق ما فيها، فإن كان صادقا وأنها وصلها حقها فيحلف ولا ضرر، وإلا فلا يجوز له الحلف، فإذا عرض عليه القاضي اليمين ونكل عن الحلف قضى بنكوله ولزمه الحق، وذلك أقوى من البينة لأنه ينزل منزلة الإقرار وهو يثبت به الحق يقينا بخلاف البينة فإن الحق يثبت بها ظنا لاحتمال كذب الشهود، والله تعالى أعلم. مطلب: في أخوين سافرا إلى الحج إلخ. (سئل) في أخوين سافرا للحج الشريف فمات أحدهما ورجع الآخر لبلده، فقال جماعة للأخ: هل لك على أخيك دين؟ فقال: ليس لي شيء، ثم نصب القاضي وصيا على ابن الميت القاصر فادعى على الوصي أن له مبلغا معلوما في ذمة أخيه، فهل يقضى له بالدعوى أو يمنع من الدعوى ويعمل بإقراره لدى الجماعة الشاهدين عليه بأنه قال: ليس لي عند أخي شيء؟ (أجاب) الإقرار بنفي الأعذار يظهر ما في الأسرار ويوضح الحق للمنار، فدعوى المدعي بعد إقراره المرعى، يقتضي خللا أو خبلا فلا تسمع له الآن دعوى؛ لأنها توجب له البلوى، نعم بعد بلوغ ابن أخيه لو ادعى نسيانا أو عذرا في إقراره فإن صدقه ابن الأخ فذاك من الواضح البين، وإن كذبه فله تحليفه على نفي العلم لأنه حلف على فعل الغير وهو المورث، وأما الوصي فليس له معه دعوى لما علم لأنه لا يحلف حتى تسمع الدعوى، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل نزل بكرم تين إلخ. (سئل) في رجل نزل بكرم تين فأكل منه وخرج، فلذهوله وقع ببئر ثم أخرج منه، ثم سئل هل رماك أحد؟ فقال: لا، وكانت امرأة قريبة منه، ثم قالوا له: هل هذه المرأة رمتك؟ فقال: لا، فأشهدوا عليه الجماعة الحاضرين مجلس الإشهاد، والآن ظهر به خلل بدعواه ذلك فتارة يقول رمتني المرأة وتارة أقاربه يقولون رمته المرأة، فهل يعمل بقوله مع إقراره السابق أن ما رماه أحد لا المرأة ولا غيرها؟ وهل إذا أقام بينة أن المرأة رمته تقبل ويعمل بها أو لا تقبل إلا بينة إقراره وتقدم على بينته أم كيف الحال؟ (أجاب) الإقرار معمول به عند جميع العلماء، فحيث شهدت البينة العادلة بأن الرجل وقع بقضاء الله وهو الأصل المقتضي للإقرار فلا يعدل عنه إلى غيره، والإنكار بعد الإقرار كفر بعد إيمان فلا يقبل من المنكر شهود ولأنها تدعي كذبه في إقراره وهو أعلم بحال نفسه، فليتق الله قبل أن يحل في رمسه أو يحل جهنم بجسمه ونفسه، والله تعالى أعلم. (كتاب العارية) (سئل) في رجل قال لآخر: أعرني حمارتك أحملها قمحا من مدينة لد، فقال: لا أعيرها لك إلا إن أقرضتني قرشين وتحملها لي ولك، ففعل ما ذكر ثم أخذ الحمارة

مطلب: رجل استعار حمارة ليأتي عليها ببر معلوم إلخ.

وذهب بها إلى المحل المذكور وأعطاها لابن ربها ليحفظها فوضعها في دار فسرقت، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) قال في العباب: لو قال: أعرتك دابتي لتعيرني كذا وذكر عوضا مجهولا كأعرتك دابتي أو داري لتعلفها أو تطينها أو معلوما، والدابة مجهولة كأعرتك بدرهم أو لتعيرني ثوبك شهرا فهي إجارة فاسدة، انتهى، وأصل فاسد كل عقد صدر من رشيد كصحيحه في الضمان وعدمه، ومعلوم أنه جعل القرض في مقابلة المعارة وذلك فاسد فتكون في ذلك من قبيل الإجارة الفاسدة ولا ضمان فيها إلا بتقصير، فحيث لم يوجد منه تقصير في حفظها فلا ضمان عليه أصلا وإلا كان ضامنا لها، وكذلك ابن مالكها حيث قصر وقرار الضمان على من تلفت تحت يده، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار حمارة ليأتي عليها ببر معلوم إلخ. (سئل) في رجل استعار حمارة ليأتي عليها ببر معلوم فأتى به عليها، ثم ماتت بعد أن ردها سليمة بعد خمسة أيام، فهل يكون المستعير لها ضامنا لها أم لا؟ (أجاب) حيث ردها بلا عيب حادث بسبب حمله عليها فلا يكون ضامنا لها لأنها تلفت بقضاء الله تعالى وقدره، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أعار آخر أرضا ليبني فيها إلخ. (سئل) في رجل أعار آخر أرضا ليبني فيها بيتا فبنى بها ثم مكث المعير مدة لم يعارضه، ثم يريد الآن الرجوع، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) نعم له الرجوع، فإن شرط عليه قلعه لزمه قلعه عملا بالشرط، وإلا فإن اختاره المستعير قلع مجانا ولزمه تسوية الأرض، وإن لم يختر قلعه خير معير بين ثلاث خصال من تملكه بقيمته مستحق القلع حين التملك وقلعه بضمان أرش نقصه وتبقيته بأجرة، هذا ما عليه المذهب، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار من آخر جملا إلخ. (سئل) في رجل استعار من آخر جملا لينقل عليه ذرة من مكان معلوم إلى قرية فأخذه غاصب، فهل يكون ضامنا المستعير للجمل أو لا؟ (أجاب) نعم يضمن المستعير الجمل ويضمن الغاصب أيضا وقرار الضمان عليه، فللمالك مطالبة كل منهما، قال في المنهج: فإن تلف أي المستعار كله أو بعضه عند المستعير لا باستعمال مأذون فيه ولو بلا تقصير ضمنه بدلا وأرشا لخبر أبي داود: على اليد ما أخذت حتى تؤدي، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار ثورا ليحرث عليه إلخ. (سئل) في رجل استعار ثورا ليحرث عليه أرضا له فنهب الثور، فهل يلزم المستعير الثور؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه: فإن تلف أي المستعار كله أو بعضه عند المستعير لا باستعمال مأذون فيه ضمنه بدلا وأرشا، انتهى. والظاهر أن الضمان هنا للحيلولة فإذا رد الثور رجع بالثمن وله أي لمالكه مطالبة الغاصب أيضا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار من آخر ثورا ليدرس عليه إلخ. (سئل) في رجل استعار من آخر ثورا ليدرس عليه فأخذه غاصب، ثم ذهب صاحبه وأخذه منه، ثم بعد استيلائه عليه لقيه في الطريق غاصب فأخذه منه، فهل يكون ما ذكر مبرئا للمستعير من الضمان؟ (أجاب) حيث استولى مالك الثور عليه برئ المستعير منه ولا ضمان عليه،

مطلب: رجل أعار آخر حمارته إلخ.

والغاصب الثاني أخذه من مالكه فالعهدة عليه، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل استعار فرسا ليركبه إلى القدس وشرط عليه صاحبها أن لا تزيد المدة على ثلاثة أيام، فغاب بها نحو خمسة عشر يوما فحصل لها ضرر وماتت بسبب ذلك، فهل يكون ضامنا لها أم لا؟ (أجاب) العارية مضمونة إذا تلفت بغير الاستعمال المأذون فيه لقصة درع صفوان وإن لم يحصل تعد، فحيث حصل التعدي وخالف الإذن صارت مضمونة قطعا، ولكن قبل التعدي تضمن بقيمة المثل وبعده ضمان غصب بأقصى القيم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أعار آخر حمارته إلخ. (سئل) في رجلا أعار آخر حمارته ليحمل عليها تينا يابسا إلى شويكة ثم يحملها إلى صاحبها بزر قطن، فأعارها لجماعة يحملون عليها من زيت إلى البر ثم نهبت ولكن رجعت تالفة، فهل يضمن الآخذ لها نقصها؟ (أجاب) نعم يضمن الآخذ لها ما نقص من قيمتها سليمة ويضمن أجرتها مدة حبسها على مالكها وإن لم تستعمل، والله تعالى أعلم. مطلب: فرس مشترك بين اثنين إلخ. (سئل) في فرس مشترك بين اثنين طلب أحدهما الفرس من شريكه ليركبها إلى مكان معين فدفعها له ومكثت عنده مدة طويلة، وشريكه يطلبها ولم يرسلها له، ثم أعارها لإنسان فطارد عليها المستعير وردها له، ولكن في الصباح ألقت فلوا وماتت، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) للشريك مطالبة شريكه إن وجد، وله مطالبة وارثه إن مات وخلف تركة، وله مطالبة المستعير من شريكه إن ثبت أن موتها بسبب ركوبه أو طراده عليها فيضمنها ويضمن ولدها؛ لأنه مستعير وهو ضامن، وإما غاصب لأن يده تسري على يد الأول المانع لها من الشريك وهو متعد بمنعه على أن اطراده عليها لم يشمله الإذن له في الإعارة فصار متعديا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار من آخر دابة إلخ. (سئل) عن رجل استعار من آخر دابة ليركبها لمحل معين يومين أو ثلاثة أيام، فسافر بها إلى ذلك المحل وغيره مما لم يأذن له بالذهاب إليه ومكث نحو عشرة أيام، ثم جاء بها وربطها في إصطبل فيه دواب أخر ولم يردها لصاحبها فرفستها دابة أخرى فأهلكتها، فهل يضمنها أم لا؟ (أجاب) نعم يضمن لأنها تلفت بغير الاستعمال المأذون فيه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار بارودة إلخ. (سئل) في رجل استعار بارودة ليصطاد بها فسرقت منه، ولها قيمة معلومة ومالكها يدعي أكثر، فهل يعمل بقوله أو لا؟ (أجاب) لا يعمل بقول مالكها بل إن عرفت قيمتها بأن كان من يشهد بها يعرفها فهي الواجب على المستعير، وإلا كان القول قول المستعير لأنه غارم يمينه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده حمار فطلبه منه رجل إلخ. (سئل) في رجل عنده حمار فطلبه منه رجل يستقي عليه له نصف الماء ولصاحبه النصف، ومالكه يقول: ما أذنت لك في أخذه وأخذته بلا إذني، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) إن أقام الرجل الآخذ للحمار بينة

مطلب: رجل استعار جملا لينقل عليه إلخ.

بما ادعاه وأن مالك الحمار أذن له أن يستقي عليه لما كان نصف الحمار معارا للآخذ مضمونا عليه أيضا والنصف الثاني تلف في شغل المالك فلا ضمان، فإن لم يقم بينة بذلك كان جميع الحمار مضمونا على الآخذ ضمان غصب لأنه استولى عليه بغير حق، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار جملا لينقل عليه إلخ. (سئل) في رجل استعار جملا لينقل عليه أحجارا ووضعه في مكان ولم يسلمه إلى ربه، وإنما قال له في محل كذا فتوجه إليه ربه فلم يجده، ثم وجده ميتا في غير المحل الذي ذكره، هل يكون من ضمان المستعير أو لا؟ (أجاب) صرح أئمتنا أن العارية مضمونة إذا تلفت لا بالاستعمال المأذون فيه وهنا تلف لذلك، فيكون مضمونا على المستعير على أنه قصر هنا بإرساله ولم يسلمه لمالكه لخبر: على اليد ما أخذت حتى تؤديه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار فرسا وردها إلخ. (سئل) في رجل استعار فرسا وردها على مالكها وهي صحيحة كما أخذها، ثم بعد ثلاثة أيام ماتت فادعى مالكها أنها ما وصلت إليه إلا وهي مريضة سقيمة، فهل يضمن المستعير الفرس المذكورة في هذه الحالة؟ (أجاب) نعم حيث ردها لمالكها من غير ظهور ضرر فيها ووافقه المالك على ذلك أو شهد له بذلك بينة شرعية لم يضمن؛ لأن الأصل عدم الضمان، والله تعالى أعلم. مطلب: فرس مشتركة بين جماعة إلخ. (سئل) في فرس مشتركة بين جماعة هي تحت يد أحدهم أعارها لرجل فعلفها برا فماتت بذلك، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) صرح علماؤنا بأن العارية مضمونة، فالفرس الهالكة بسبب علف البر مضمونة على المستعير كلها، ثم إن الشركاء إذا لم يكن منهم إذن في العارية لهم أن يضمنوا حصصهم للمعير وهو الشريك لتعديه بالإعارة وأن يضمنوا المستعير؛ لأن العارية مضمونة عليه وإن لم يتعد فكيف وقد تعدى، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له نسيب طلب منه حمارا إلخ. (سئل) في رجل له نسيب طلب منه حمارا ليحمله ليمونا إلى بيت المقدس، فحمله ورده له سالما، ثم إن صاحبه استعمله في حمل الأحجار خمسة أيام ثم مات، وصاحبه يدعي أنه كان عارية والآخر يدعي أنه بأجرة، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث رد النسيب الحمار سالما بلا عيب فلا ضمان عليه إذا تلف بعد ذلك سواء كان أخذه بأجرة وهو ظاهر أم بلا أجرة لرده سالما، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان متجاوران في الدور إلخ. (سئل) في رجلين متجاورين في الدور طلب واحد منهما أولا أن يضع جداره على جدار جاره فأذن له فوضع، ثم طلب الثاني أيضا من الأول أن يضع جداره على جدار جاره فأذن له أيضا فوضع، ثم رجع الآذن بعد الوضع، فهل للأول أيضا أن يرجع عن إذنه وينقض الجدار؟ وإذا قلتم نعم بأن كلا له الرجوع فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) لا ريب أن الجار الأول بإذنه لجاره صار معيرا له الجدار، وكذا الثاني بإذنه لجاره صار معيرا له الجدار، والمصرح به متونا

مطلب: رجل استعار فرسا من آخر إلخ.

وشروحا بأن المعير للبناء إذا لم يشرط عليه القلع حين الوضع ولم يقلع المستعير مجانا أن يخير المعير بين ثلاث خصال أحدهما تملكه بقيمته مستحق القلع حين التملك، ثانيها قلعه وضمان أرش لنقصه وهو قدر التفاوت بين قيمته قائما ومقلوعا، ثالثها تبقيته بأجرة فكل واحد من الجارين له الرجوع فيما أذن في وضع البناء فيه ثم له الخصال الثلاث، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار فرسا من آخر إلخ. (سئل) في رجل استعار فرسا من آخر من بلاد حارثة ليركب عليها امرأة أجنبية من بلاد صفد، فذهب لها فوجد المرض بها قد اشتد فقالت له: اركبها لأخي فاركبها أخاها، ففي أثناء الطريق ماتت الفرس المغارة، فما الحكم فيها شرعا؟ (أجاب) حيث ماتت الفرس بقضاء الله تعالى وقدره ولم يحدث فيها الراكب شغلا فلا ضمان عليه ولا على المركب له ولا على المرأة؛ لأن أصل إعارة الفرس للمرأة، قال في المنهاج وشرحه للرملى: وله أي المستعير أن يستنيب من يستو في المنفعة له، كأن يركب مثله أو دونه دابة استعارها للركوب، قال في المطلب: وكذا زوجته وخادمه لرجوع الانتفاع له أيضا، انتهى، رملي ومثله ابن حجر، وقال بعد قول المنهاج: والأصح أن المستعير لا يضمن ما ينمحق أو ينسحق باستعمال مأذون فيه لحدوثه وموت الدابة كالانمحاق، فالحاصل أن الراكب بإذن الأخت المستعارة لها الفرس لا يضمنها بالموت بقضاء الله تعالى وقدره لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعار من آخر مصحفا إلخ. (سئل) في رجل استعار من آخر مصحفا شريفا فضاع المصحف الشريف بالسرقة، فهل يكون المستعير ضامنا له؟ وما قدر الضمان؟ (أجاب) العارية مضمونة إذا تلفت لا باستعمال مأذون فيه ولو بلا تقصير فيضمن المصحف بقيمته يوم سرق، ثم إذا شهد بها من عرف المصحف لزمه وإلا ذكر المستعير قيمته وحلف عليها لأنه غارم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أعار آخر فرسا إلخ. (سئل) في رجل أعار آخر فرسا ليركبها فركبها ووضع عليها أمتعة غير الراكب، فلما نزل عنها ماتت، فهل يكون ضامنا لها أو لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه: فإن تلف كله أو بعضه عند المستعير لا باستعمال مأذون فيه ولو بلا تقصير ضمنه بدلا وأرشا لخبر: على اليد ما أخذت حتى تؤديه، رواه أبو داود والحاكم وصححه على شرط البخاري، فهنا الضمان بالأولى لما فيه من التقصير بحمل الأمتعة زيادة على الراكب، والله تعالى أعلم. (كتاب الغصب) مطلب: رجل غصب له جمل إلخ. (سئل) في رجل غصب له جمل فذهب بعض الناس لرده من غير إذن فرده وعمل للغاصب مالا، فهل يلزم صاحب الجمل أم لا؟ (أجاب) حيث لم يأذن صاحب الجمل للراد في الرد بمال لا يلزمه المال المذكور أصلا لعدم التزامه، والله تعالى أعلم.

مطلب: رجل اشترى أرضا إلخ.

مطلب: رجل اشترى أرضا إلخ. (سئل) في رجل اشترى أرضا وكر بها بحيث صارت صالحة للزراعة فغصبها إنسان وزرعها من غير إذنه، فما الواجب لصاحب الأرض عليه شرعا؟ (أجاب) هذا الرجل الزارع للأرض غاصب لها فعليه لمالكها أقصى القيم لأنه غاصب لها كما علم، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له ابن عم نهبه أصهاره إلخ. (سئل) في رجل له ابن عم نهبه أصهاره مدعين أن لهم عنده بقية مهر، فهل يلزمه ما نهبه من ابن العم أصهاره أم لا؟ (أجاب) ليس لابن عمه عليه طلب أصلا فيما نهبه الأصهار لعدم لزومه له؛ لأنه لم يستول عليه وإنما له الطلب على ناهبه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل غصب جملا مدة أربعة إلخ. (سئل) في رجل غصب جملا مدة أربعة أشهر مستعملا له ثم رده معيبا ومات بعد رده بخمسة أيام، فماذا يلزم الآخذ له شرعا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ويضمن في غصب منفعة ما يؤجر كدار ودابة بتفاوتها وفواتها كان يسكن الدار ويركب الدابة وإن لم يفعل ذلك؛ لأن المنافع متقومة كالأعيان، ويضمن أيضا ما نقص من قيمة الجمل من يوم الأخذ إلى يوم الرد، فعلم أنه يضمن هنا أمرين أحدهما منفعة الجمل وإن لم يستعمله مدة الغصب، والثاني ما نقص من قيمته، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى شاة من آخر إلخ. (سئل) في رجل اشترى شاة من آخر وقبضها المشتري ثم غصبها البائع وسلبها عن نفسه آخر، فهل للمشتري أخذها قهرا ممن هي تحت يده أم لا؟ (أجاب) حيث كان الشراء للمشتري كانت الشاة ملكا له وكان البائع الآخذ غاصبا فيجب عليه ردها لمالكها، ولمالكها أخذها قهرا ممن هي تحت يده، فإن تلفت ضمن المالك الذي هو المشتري من شاء من البائع الغاصب والآخذ منه، وقرار الضمان على من تلفت تحت يده، والله تعالى أعلم. مطلب: عن رجل رهن بارودة عند آخر إلخ. (سئل) عن رجل رهن بارودة عند آخر فظهرت مستحقة لغير الراهن، فهل يبطل الرهن؟ وإذا قلتم نعم فهل يلزم المرتهن أجرتها مدة وضع يده عليها سواء علم أنها لغير الراهن أم جهل؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أنها لغير الراهن ولم يأذن في الرهن بطل الرهن، ويلزمه أجرة المثل لها بما يشهد به خبيران سواء فوتها أم استوفاها، ويرجع بها على الراهن لا إن استوفاها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ركب فرسا لآخر بغير إذنه إلخ. (سئل) في رجل ركب فرسا لآخر بغير إذنه إلى محل آخر، فهل يكون ضامنا لما نقص منها ولأجرتها؟ (أجاب) الآخذ للدابة غاصب لها، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ويضمن في غصب منفعة ما يؤجر كدار ودابة بتفويتها وفواتها كان يسكن الدار ويركب الدابة، أو لم يفعل ذلك لأن المنافع متقومة كالأعيان سواء كان مع ذلك أرش نقص أم لا، ويضمن ما نقص من قيمتها من حين غصبها وهي سمينة فهزلت ثم سمنت ردها وأرش السمن الأول لأن الطارئ غيره، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له أرض من غير أرض إلخ. (سئل) عن رجل له أرض

مطلب: رجل أخذ لآخر ثورا إلخ.

من غير أرض قريته غاب عنها وزرعها غيره، فهل له أن يطالب الزارع بمنفعة الأرض؟ (أجاب) نعم له الرجوع على الزارع بمنفعة الأرض أجرة مثلها لأنه غاصب لها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخذ لآخر ثورا إلخ. (سئل) عن رجل أخذ لآخر ثورا وساقه ثم رده لصاحبه سالما، ثم مات بعد أكثر من عشرين يوما، فهل يكون الآخذ له ضامنا؟ (أجاب) حيث رد الثور الآخذ سليما فلا يطالب بقيمة ولو مات بعد ساعة؛ لأن قضاء الله تعالى وقدره لا يرد إذا ورد على أحد من كبار الناس أو صغارها فكيف بالحيوان، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخذ لآخر جملا وساقه إلخ. (سئل) عن رجل أخذ لآخر جملا وساقه يدعي أنه وكيل عن آخر في تخليص حقه ومكث عنده نحو شهرين، فهل يكون ضامنا لأجرته؟ (أجاب) نعم يضمن الآخذ للجمل أجرته وإن لم يستعمله وإن كان له حق؛ لأنه لا يجوز له أخذ الجمل به لأن ذلك غصب، وهو يضمن بالفوات والتفويت أقصى الأجر من حين الأخذ إلى حين الرد، ويضمن أيضا ما نقص من قيمة الجمل من حين الأخذ إلى حين الرد، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل يدعي على آخر أنه ضمن أباه إلخ. (سئل) في رجل يدعي على آخر أنه ضمن أباه في ثلاثة جرار من الزيت، فأخذ لولده ثلاثة أمداد من القمح وعشرة رءوس من الغنم، فهل يجب عليه رد الغنم والقمح وما أكله من الغنم من لبن وشعر؟ (أجاب) هذا الأخذ للبر والغنم غاصب لهما، فيجب عليه رد الغنم إن بقيت وقيمتها أقصى القيم إن تلفت، ويرد ما أخذ منها من لبن وصوف وشعر وسمن وغير ذلك، ويرد البر إن بقي ومثله إن تلف لأنه مثلي، وأما مسئلة الضمان فإن أثبت أن أباه أذن له في الضمان وضمن وغرم كان له الرجوع على أبيه إن وجد وعلى تركته إن مات بالزيت المذكور، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل معه عنب أقر أنه للغير إلخ. (سئل) في رجل معه عنب أقر أنه للغير، ولإنسان على الغير دراهم، فهل يجوز له أخذ العنب بمجرد قوله أم لا؟ (أجاب) لا يجوز للرجل أخذ العنب بمجرد قوله بل لا بد من إثبات عنبه وطلب الرجل من حاكم الشرع، ويمتنع فإذا لم يوجد شيء من ذلك فيجب عليه رد العنب لمالكه، وأيضا للرجل تحليف الآخر أن إقراره لم يكن حقيقة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اتهم بسرقة وردت لأهلها إلخ. (سئل) في رجل اتهم بسرقة وردت لأهلها ولكن أخذ أهلها منه حمارة، فهل يجب عليهم رد حمارته أم لا؟ (أجاب) حيث ردت السرقة وجب على الآخذ للحمارة ردها على مالكها، ويجب عليه أجرتها وإن لم ينتفع بها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخذ له العرب ثورا إلخ. (سئل) في رجل أخذ له العرب ثورا غصبا لدعوى لهم عند رجل، فأخذ صاحبه بقرة لامرأة زوجة صاحب الدعوى، فتبعه ابن زوجها فادعى أنه سلمه البقرة ودفعها لأخذ الثور وخلصه منه، وماتت البقرة عند البدوي، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن ابن

مطلب: في رجل اشترك مع آخر في زرع إلخ.

الزوج وضع يده على البقرة المغصوبة كان لصاحبها أن يطالب الآخذ لها وابن زوجها والبدوي؛ لأن كل من وضع يده على المغصوب فهو كغاصب فيطالب الثلاث بالبقرة، وقرار الضمان على من تلفت تحت يده، فإن غرم الأول والثاني رجع كل منهما على البدوي، وإن غرم هو فلا يرجع على واحد منهما، والغرم لأقصى قيمتها من يوم أخذ إلى يوم تلف، فإن عرفها أحد وعرف قيمتها وإلا حلف الغارم على ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل اشترك مع آخر في زرع إلخ. (سئل) في رجل اشترك مع آخر في زرع فباع حصته من القمح بثمن معلوم إلى أجل معلوم، فحل الأجل فدفع له عن الدراهم قمحا معلوما ووضعه عنده أمانة، فاحتاجه المودع فأكله فطلبه مالكه فلم يقدر عليه، فجعل عليه كل مد بستة قروش، فهل تلزمه الدراهم التي عينها عليه أو القمح؟ (أجاب) القمح مثلي، وهو يضمن بالمثل، فليس على الرجل الآكل للقمح إلا مثل القمح الذي أكله، وأما الدراهم التي صارت بدلا عنه فلا تلزم الرجل المذكور لأن ذلك بيع لما في الذمة وهو لا يصح، والله تعالى أعلم. مطلب: في بقر نهبت ثم وجد منها ثور إلخ. (سئل) في بقر نهبت ثم وجد منها ثور عند رجل فطلبه مالكه، فادعى الآخذ له أنه من العرب وساقه، فهل يطالب به وإن رده على البدوي الآخذ له نهبا؟ (أجاب) نعم يطالب الرجل الواضع لليد على الثور به وإن لم يغصبه؛ لأنه أخذ من غاصب، وكل من أخذ من الغاصب فهو كالغاصب، نعم قرار الضمان على من تلف الثور تحت يده، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل أخذ لآخر ثورا إلخ. (سئل) في رجل أخذ لآخر ثورا فنقص من قيمته قبل رده بشهادة أهل صاحب الثور، فهل يضمن الواسق ما نقص من قيمته وتصح شهادة أهل الرجل المذكور له على الواسق أم لا؟ (أجاب) نعم يضمن الآخذ للثور ما نقص من قيمته، ويضمن أيضا أجرته وإن لم يستعمله كما هو صريح المذهب، وتصح شهادة القريب حيث لم يكن أهلا ولا فرعا كالأخ وابن الأخ والعم وابنه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل أخذ لآخر ثورا إلخ. (سئل) في رجل أخذ لآخر ثورا وساقه ثم رده صحيحا سالما، ثم مات بعد مدة تنوف عن خمسة عشر يوما عند مالكه، فهل يلزم الآخذ ضمانه لكونه كان سابقا عنده؟ (أجاب) حيث رد الثور من غير عيب أحدثه فيه الآخذ فلا ضمان عليه، وإن اختلفا في العيب صدق الآخذ للثور لأنه غارم، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل أخذ من آخر فرسا إلخ. (سئل) في رجل أخذ من آخر فرسا قهرا ثم ظفر بها صاحبها، فهل له أخذها؟ (أجاب) حيث كانت الفرس له وأخذت قهرا ولم يخش بأخذها ضررا فله أخذها، وإلا فيرفع الأمر لحاكم الشرع ليفصل الأمر بينهما، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل تحت يده بقرة حرام إلخ. (سئل) في رجل تحت يده بقرة حرام دفعها في مظلمة لدفع الضرر عنه، فباعها الآخذ لها ثم عرفها مالكها وأخذها، فهل للمشتري رجوع على

مطلب: في رجل ذهب له ثور إلخ.

الدافع البقرة للظالم، والحال أنه نهاه عن الشراء وعرفه بالحال؟ (أجاب) ليس للمشتري رجوع على الرجل الدافع للبقرة؛ لأنه مضيع لماله ولا سيما مع علمه بالحال إذ البيع غير صحيح، فكأنه دفع المال تبرعا ولا يتسلمه الرجل المذكور، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل ذهب له ثور إلخ. (سئل) في رجل ذهب له ثور فسأل عنه فقيل له: ساقه فلان مع بقره، ثم وجد الثور معقورا وفيه بينة تشهد أن فلانا ساقه، فهل يكون ضامنا له؟ (أجاب) سرق الثور استيلاء عليه وهو غصب له فيضمن ما نقص من قيمة الثور عما كان عليه بالوجه الشرعي، فيكون السائق ضامنا لما نقص من الثور وهو ما بين قيمته سليما وقيمته معيبا، والله تعالى أعلم. مطلب: في جمل مشترك بين اثنين إلخ. (سئل) في جمل مشترك بين اثنين أراد أحدهما أن يسافر به إلى جهة فنهاه شريكه فسافر إليها وغصب الجمل، فهل يكون ضامنا لحصة شريكه الناهي؟ (أجاب) نعم يضمن الشريك الأخذ للجمل المخالف لشريكه حصته لأنه قصر في أخذها ضمان غصب أقصى القيم لأنه غاصب، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل يرى بقرة فحصل خوف إلخ. (سئل) في رجل يرى بقرة فحصل خوف من قوم يريدون النهب، فجاء بها إلى مكان خرب وأدخلها بيتا وسد بابه بحيث أخفاها عنهم، فجاء آخر حالا وفتح لها الباب وأخرجها فأخذها الذين يريدون النهب نهبا، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) لا يخفى أن الرجل المطلع للبقرة من المكان المذكور ضامن لها لأمور منها الإخراج المذكور فإنه استيلاء عليها، ومنها كون الوقت مخوفا، ومنها تعرضها للضياع، وعبارة ابن حجر: ويجري ذلك إلى الضمان في حل رباط بهيمة وفتح باب إصطبل ومثلها قن غير مميز ومجنون، فأنت تراه صرح بالضمان بمجرد فتح الباب فكيف وقد انضم هنا الإخراج مع الخوف فذلك أولى بالضمان، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل يدعي أن له عند آخر دينا إلخ. (سئل) في رجل يدعي أن له عند آخر دينا فأخذ منه عليه سبع رءوس من الغنم وساقها، فهل يكون ضامنا لها ولما حدث منها من لبن وصوف وشعر؟ (أجاب) لا شك أن الرجل الآخذ للغنم يضمن جميع منافعها من صوف ولبن وشعر استوفاه أو تلف تحت يده لأنه غاصب، وما تلف من الغنم يكون أيضا ضامنا له بأقصى القيم ضمان غصب، وما بقي ولم يحصل فيه نقص يجب رده وإن حصل نقص ضمنه أيضا، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل معه أبغال إلخ. (سئل) في رجل معه أبغال فسمع بسخرة في المحل فخرج بها إلى الخارج، فلحقه جماعة ردوه قهرا عليه وردوا الأبغال وأخذوها إلى منازلهم فأصبح واحد منها مكسورا، فهل يكون مضمونا على الآخذين؟ (أجاب) حيث استولوا على الأبغال فهي مضمونة عليهم ضمان غصب بأقصى القيم، فالبغل المكسور مضمون على آخذه ضمان غصب بأقصى القيم، والله تعالى أعلم. مطلب: في أجير في بستان لآخر إلخ. (سئل) في أجير

مطلب: في رجل ساق ثورا إلخ.

في بستان لآخر بأسكلة يافا، أرسله المعلم في مصالحه لمدينة القدس الشريف، ثم أرسل له صحبة المكارية حصة من القلقاس ليبيع ذلك في المدينة ويأتيه بثمنه، فجاء آخر للأجير قال له: أرسلني إليك معلمك لتدفع لي مهما كان معك من ثمن القلقاس لأدفعه إليه، فلم يصدقه وامتنع من الدفع إلا بتمسك، فقال له: ادفع لي ومهما دفعته ولم أوصله للمعلم على ضمانه إن ضاع كل قرش بقرشين، فدفع له بهذا الشرط عشرين قرشا، فهل إذا لم يصل المبلغ وتبين عدم الإرسال والإذن من المعلم للمدفوع إليه، وادعى المدفوع له ضياع ما أخذه من الأجير يضمن شرعا والحالة هذه ما الحال؟ (أجاب) حيث لم يكن مع القابض إذن من المالك الأصلي كان قبض الدراهم بغير حق فتكون مضمونة على الغاصب ضمان غصب، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل ساق ثورا إلخ. (سئل) في رجل ساق ثورا من بلد إلى أخرى ثم إنه كر راجعا وخلفه رجل فقال له: رد الثور، فأخذ هو وصاحبه يردانه إلى الطريق فوقع من فوق حائط فكسر، فهل يكون الراد ضامنا له أو لا؟ (أجاب) حيث لم يحصل من الراد للثور ضرب يكون الكسر عنه ولا استيلاء فلا ضمان عليه؛ لأنه تلف بأمر الله في مصلحة المالك بإذنه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل ضرب بقرة لرجل إلخ. (سئل) في رجل ضرب بقرة لرجل آخر فكسرها، فما يلزم الذي ضربها بالوجه الشرعي؟ (أجاب) يجب على الضارب أن يغرم لصاحب البقرة ما نقص منها، بأن تقوم سليمة من الكسر ومكسورة، فما نقص عن قيمتها سليمة وجب لصاحبها، وذلك يكون بمعرفة أهل الدين والأمانة العارفين بالبقرة سليمة ومعيبة، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل أخذ من آخر جملا إلخ. (سئل) في رجل أخذ من آخر جملا وعليه حوائج وأمتعة، وساقه على عادة أهل القرى ومكث عنده نحو خمسة أشهر وليس له عنده شيء، فهل يلزمه أجرة الجمل هذه المدة؟ (أجاب) نعم تجب أجرة الجمل لجميع المدة التي منعه من مالكه وإن لم يستعمله الآخذ؛ لأنه حال بينه وبين مالكه فتلزمه أجرة مثله هذه المدة، فإن اختلفا فيها روجع أهل الخبرة بالجمال ويجب عليه رد جميع ما أخذه منه غير الجمل، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل ضرب جحشة لآخر فقتلها إلخ. (سئل) في رجل ضرب جحشة لآخر فقتلها ومضى على ذلك نحو خمس سنين، فهل الواجب قيمتها يوم التلف أم باعتبار حياتها وبقائها إلى اليوم؟ (أجاب) الواجب قيمتها يوم التلف لأنه وقت فوتها على مالكها مع أنه لو تركها القاتل لماتت ولكن الشرع ضمنه القيمة، والله تعالى أعلم. مطلب: عن رجل له عند آخر أربعة إلخ. (سئل) عن رجل له عند آخر أربعة فضة، فأوسق له حمارا ومات عنده، فهل يكون ضامنا له؟ (أجاب) نعم الآخذ للبهيم وساقه يكون ضامنا له لأنه أخذه لمصلحة نفسه فيضمنه بأقصى القيم، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل أخذ لآخر ثورا إلخ. (سئل) في رجل أخذ لآخر ثورا يدعي أنه له

مطلب: في رجل قتل له قريب فخرج من بلده إلخ.

عليه اثني عشر قرشا واستعمله مدة طويلة، ومن عليه الدراهم يدعي أنه وفاها له، ومن هي له يدعي أنها باقية له، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) أجرة الثور هذه المدة لازمة للآخذ له أجرة المثل، وأما الدراهم التي هي الدين فإن أثبتها من هي له وفاها له وله أجرة ثوره وإلا يثبتها فلا شيء عليه له وله أيضا أجرة ثوره، فعلى كل حال أجرة الثور لازمة للآخذ له سواء استعمله وهو ظاهر أم لا لأنه حبسه على مالكه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل قتل له قريب فخرج من بلده إلخ. (سئل) في رجل قتل له قريب فخرج من بلده وله بها زيتون وسمسم ودخان، فاستولى عليه جماعة معلومون وضبطوا السمسم والدخان واستغلوا الزيتون سنتين، فهل يلزمهم الخروج من عهدة ما ضبطوا؟ (أجاب) قال صلى الله عليه وسلم: [على اليد ما أخذت حتى تؤديه] وقال صلى الله عليه وسلم: [إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام] فيجب على من استولى على شيء من الزيت والسمسم والدخان أن يرده على مالكه وبدله إن تلف من مثل وقيمة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ربط مهرة في موضع فجاء آخر فحل رباطها إلخ. (سئل) في رجل ربط مهرة في موضع فجاء آخر في غيبته وحل رباطها وأخذها لموضع آخر وربطها فيه، فالتف رسنها على رقبتها وتلفت بذلك، فهل يضمنها لمالكها؟ وإذا مات عن تركة ولم يغرمها، فهل تلزم الوارث أم لا؟ (أجاب) بمجرد حل رباطها وقودها صار ضامنا ولو ماتت بغير سبب؛ لأنه غاصب لها لأن حقيقة الغصب الاستيلاء على حق الغير، قال في العباب: فالغصب في المنقول بنقله بقصد الاستيلاء، انتهى. وقوله بقصد الاستيلاء ليس بقيد بل مجرد الفعل كما اعتمده الرملي يعني مجرد الأخذ سبب للضمان، ضمان الغصب أقصى القيم من الأخذ إلى حين التلف، فإذا مات ضمنها الوارث من التركة، والله تعالى أعلم. مطلب: في قرية وقع فيها قتال فأودع جماعة من رجل شيئا إلخ. (سئل) في قرية وقع فيها قتال فأودع جماعة من رجل من أهلها ثلاث بشوت، ووقع في البلد نهب، ثم إن أهل البشوت أوسقوا أهل بلده فأخذوا ثوره ووضعوه عند أهل البشوت فاستعملوه مدة طويلة، فهل تلزم المستعمل للثور أجرته؟ (أجاب) نعم أجرة الثور لازمة للآخذ له والمانع له عن صاحبه سواء استعمله وهو ظاهر أم لا؛ لأنه حبسه على مالكه فعمل الفدان عندنا في القدس يساوي خمسة عشر فضة يوما واحدا، للرجل خمسة ولكل ثور خمسة، فالآخذ للثور الحابس له عن مالكه يحاسبه به على ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخذ لآخر مد قمح رد نصفه إلخ. (سئل) في رجل أخذ لآخر مد قمح رد نصفه وبقي نصفه، وكان القمح أغلى إذ ذاك فأخذ صاحب القمح حمارة لآخر وساقة واستعملها مدة ثم ماتت، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) الحكم الشرعي أن القمح مثلي يقوم بمثله؛ لأن المثلي ما حصره كيل أو وزن وجاز السلم فيه، فيلزم الآخذ للقمح مثله قمحا، وأما الحمارة فيلزم الآخذ لها أجرة الحمارة

مطلب: في رجل غصب له رجل من بلده ثلاث رءوس بقر إلخ.

مدة استعمالها ويلزمه قيمة الحمار بأقصى القيم من يوم الأخذ إلى يوم التلف، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل غصب له رجل من بلده ثلاث رءوس بقر إلخ. (سئل) في رجل غصب له رجل من بلده ثلاث رءوس من البقر، وأخذ ما على السائق لها من سلاح وقماش وأتلف الجميع، فما الواجب على الغاصب؟ (أجاب) يضمن هذا الغاصب جميع البقر بأقصى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف، ويضمن كذلك منافع البقر من حرث ودرس وغيرهما سواء استعملها وهو ظاهر أم لم يستعملها؛ لأن منافعها لمالكها، ويضمن كذلك أسباب السائق لها بأقصى القيم من يوم أخذها إلى يوم تلفها، ويضمن منافع ما يؤجر منها لأنه غاصب ظالم معتد فيردع بالأقوى والأشد، كل ذلك نص كتب المذهب لا نعلم في ذلك خلافه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل يدعي أن له عند آخر دما إلخ. (سئل) في رجل يدعي أن له عند آخر دما فأخذ جملا من رجل يدعي أنه اشتراه ممن عليه الدم ويقول الآخذ: إنما اشتريته بعد أخذي له ميمسة بينك وبين صاحبه، فهل تقبل دعواه؟ (أجاب) الرجل الآخذ للجمل لا تقبل دعواه ولا شهوده لو أقامهم؛ لأنه لم يضع يده على الجمل بحق ولأنه إن كان له دم فليس له جمل فعليه رد الجمل، ويطلب دمه إما قودا وإما دية، وخصومة الجمل مع البائع والمشتري، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل نخس ثورا بسكين لآخر إلخ. (سئل) في رجل نخس ثورا بسكين لآخر فمات، فما الواجب لصاحبه؟ (أجاب) الواجب لصاحبه قيمته يوم النخس، فإن شهدت بينة شرعية بأن قيمته ذلك ألزم الناخس، فإن لم توجد حلف الناخس بأن قيمته كذا وغرم ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل وسق حمارة على أهل ضيعة يدعي أن له قبله حقا إلخ. (سئل) في رجل وسق حمارة على أهل ضيعة يدعي أن له قبله حقا وليس له على صاحب الحمارة التي وسقها حق بل هو غصب فهلكت عنده، فهل عليه الضمان وأجرة ما أشغلها في مدة الغصب؟ (أجاب) لا ريب أن الحمارة الموسوقة مضمونة على آخذها ضمان غصب بأقصى القيم من يوم الأخذ إلى يوم التلف، ويضمن أيضا منفعتها من حين الأخذ إلى حين التلف، كل ذلك معلوم متفق عليه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له بقر ترعى في أرضه إلخ. (سئل) في رجل له بقر ترعى في أرضه وله جار قريب منه خاف على تنزيل البقر أرضه فترعى ما فيها من الزرع فأخرجها من أرض مالكها بإزعاج لها فانكسر منها ثور، فهل يكون الرجل ضامنا له؟ (أجاب) هذا الرجل المخرج للبقر من أرض مالكها متعد في إخراجه لها ومتعد أيضا بانزعاجها فيكون ضامنا للثور لتعديه المذكور، وإن فرض أنه كان على زرعه كان عليه أن يمنع البقر عن زرعه بحيث لا يحصل لها ضرر، وليس له سلاطة أن يخرجها من أرض مالكها، والله تعالى أعلم. (كتاب الشفعة) (سئل) عن رجل له ثلاثة أرباع كرم وشريكه له الربع باعه، فهل لصاحب الربع

مطلب: رجل أخذ من آخر ثلث بد إلخ.

شفعة فيه؟ (أجاب) نعم للشريك المذكور شفعة في الربع المذكور فيأخذه قهرا؛ لأنها تثبت في أرض بتابعها كما هو نص المذهب، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أخذ من آخر ثلث بد إلخ. (سئل) في رجل أخذ من آخر ثلث بد بالهبة ولا يمكن قسمته، فهل فيه شفعة للشريك؟ (أجاب) شرط ثبوت القسمة أن يكون الشقص ملكا بعوض يمكن قسمته بحيث لا يبطل نفعه المقصود لو قسم فلا شفعة للشريك في البد المذكور، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له أرض ملسا دفعها لإنسان إلخ. (سئل) في رجل له أرض ملسا دفعها لإنسان ليغرسها بطريق من الطرق، ثم باعه حصة منها ومضى على ذلك نحو ثمان سنين، وللأرض جار الآن يطلب بالشفعة، فهل له ذلك والحال ما ذكر أو لا؟ (أجاب) لا شفعة فيما ذكر لأمرين: أحدهما أن الجار لا شفعة له، والثاني أن طلبها فوري، فحيث علم بها وأخر الطلب فلا شفعة له وإن كان شريكا، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض بها زيتون وتين وأشجار إلخ. (سئل) عن أرض بها زيتون وتين وأشجار تفاح شركة بين اثنين فباع أحدهما نصفه، فهل لشريكه أن يأخذه من المشتري قهرا بالشفعة؟ (أجاب) نعم يثبت للشريك أن يأخذ نصف الأرض والأشجار بالشفعة قهرا بالثمن الذي دفعه المشتري للبائع حيث أمكن قسمة الأرض المذكورة، والله تعالى أعلم. مطلب: في دار فيها أقارب مسلمون إلخ. (سئل) في دار فيها أقارب مسلمون ونصارى لكل واحد منهم بيت معلوم، باع واحد من النصارى بيته لآخر مثله ذمي، فهل للمسلم الساكن معهم شفعة في البيت؟ (أجاب) حيث كان المسلم لا شركة له في البيت المباع للذمي فلا شفعة له فيه؛ لأنها إنما تثبت في مشترك يقبل القسمة، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض بها أشجار زيتون مشترك إلخ. (سئل) في أرض بها أشجار زيتون مشترك بين اثنين نصفين باع أحدهما حصته لأجنبي، فهل لشريكه الأخذ بالشفعة؟ (أجاب) نعم للشريك أن يأخذ النصف المباع بالشفعة حيث كانت الأرض مما يمكن قسمتها وملكت الأرض بعوض، فيأخذ الشريك من المشتري بالثمن الذي أخذ الأرض به، والله تعالى أعلم. مطلب: طاحونة مشتركة بين رجلين إلخ. (سئل) في طاحونة مشتركة بين رجلين باع أحدهما حصته من أجنبي، فذهب الشريك عند القاضي وعلق شفعته فيها، ثم اصطلح مع المشتري على عوض وأسقط شفعته فيها وتصرف المشتري مدة عشر سنين، والآن يطلب المسقط للشفعة الشفعة، فهل له ذلك؟ (أجاب) ليس للشريك المسقط حقه من الشفعة حق باتفاق علمائنا لأمور: أنها على الفور ولا فور مع طول المدة، ومنها إسقاط حقه حتى لو كان البيع واقعا الآن وأسقط حقه من الشفعة سقط، ومنها أخذه العوض الصريح في رضاه بها وإعراضه عنها، فلو ادعى مدع فيها الإجماع لوجد له مستندا في هذه المسئلة التي لا ينبغي أن تقع من عاقل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل شريك إلخ. (سئل) في رجل شريك

كتاب القراض

في أرض خربة اشترى بقيمتها من أقاربه وله أيضا أرض بجوارها، فهل لجار آخر معه شفعة أو لا؟ (أجاب) الحق للمشتري لشركته وجواره، وليس لغيره من الجيران معه شفعة كما نص على ذلك أئمتنا متونا وشروحا، كما لا يخفى على من شم رائحة الفقه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. (كتاب القراض) مطلب: رجل اقترض من آخر شاة إلخ. (سئل) في رجل اقترض من آخر شاة، ثم ذهب المقرض وأخذ من غنم المقترض شاة بيده، والحال أن الشاتين موجودتان، فهل يجب على المقترض رد الشاة؟ (أجاب) يجب على المقرض رد الشاة إلى المقترض لأنه أخذها بغير إذنه فلم تقع عن القرض، ثم يلزم المقترض رد شاة مساوية لشاته التي أخذها صورة، فإن كانت هي على صورتها جاز ردها عنها كما هو معلوم مقرر في المتون والشروح، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له عند آخر مبلغا من المال إلخ. (سئل) في رجل له عند آخر مبلغا من المال ليبيع له فيه ويشتري بما فيه المصلحة لرب المال، ثم سافرا لبلد أخرى ومكثا فيها مدة تزيد على سنة ثم طلب رب المال ربح ماله من الآخر فلم يظهر له شيئا من الربح، فجلس بينهما جماعة من المسلمين الثقاة، ثم أحال الذي معه المال ربه على آخر وقبل الحوالة وأشهد كل منهما على الآخر أنه لا يستحق قبل صاحبه حقا ولا مطالبة بوجه من الوجوه فيما مضى من الزمان إلى يوم تاريخه، ثم اجتمعا في بلدهما الأصلية بعد مدة فادعى الأمين الذي كانت الدراهم بيده على صاحبه أنه أخذ منه دراهم زائدة على ما يستحقه، وأقام عليه بينة ممن كان حاضرا مجلس المحاسبة ولم يكونوا في البلد التي وقع الحساب فيها، فألزمه القاضي بما ادعى به من المقدار الزائد الذي لا يحمل الغلط وكتب بموجب ذلك حجة، فهل تكون الدعوى صحيحة؟ وإذا قلتم لا فماذا يترتب على الشهود الذين شهدوا من غير أن يكونوا حاضرين في بلد المحاسبة وما يلزم المدعي المذكور الذي تجرأ على أذية المسلمين؟ (أجاب) حيث أقر عامل القرض بأنه لا يستحق قبل رب المال شيئا لا تسمع دعواه ثانيا ولا تقبل شهوده المرتبون عليها؛ لأن شرط صحة الدعوى أمور: منها أن لا تناقضها دعوى أخرى كأن قال شركة ثم قال قتله انفرادا، وهنا دعوى الاستحقاق ناقضها الإشهاد السابق فلا تسمع، وأما الشهود فإن كانت شهادتهم مرتبة لما علم وكذا إن أطلقت، وأما إن قيدت بالمال المدعى به وعلمت صورة الإشهاد السابق فتعزر لأنها شهدت بما لا يشهد به وإن كانت محققة في نفس الأمر لبطلان الدعوى لما علم، نعم لو ادعى غلطا في الحساب وأراد بالدعوى تحليف عامل القراض قبلت دعواه بذلك على أن عامل القراض أمين مصدق

مطلب: رجل أقرض آخر أربعة أمداد إلخ.

في الربح والخسران وتلف المال فليحترز الحاكم لئلا يقع في الخطأ، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أقرض آخر أربعة أمداد إلخ. (سئل) في رجل أقرض آخر أربعة أمداد ونصفا قمحا ليدفعه عنه سدادا وعين له مكانا يأخذ ذلك منه ثم نهب قبل التسليم، فهل يبرأ المقترض؟ (أجاب) لا يبرأ المقترض للقمح إلا بالدفع لصاحبه فيبقى القمح في ذمته يدفعه لصاحبه، وأما التعيين فلا يفيده، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر مالا يتجر فيه إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر مالا يتجر فيه ويكون نصف الربح للعامل، فعمل أولا ثم قال المالك له: ادفعها لمن يعامل بها، فدفعها لثلاث رجال على يد صاحبها ودفع العامل حصة، ثم إن الجميع نهب، فهل تلزم العامل الأول؟ (أجاب) حيث أذن صاحب الدراهم في الدفع ودفع الرجل برئ منها؛ لأنه صار وكيلا في الدفع عنه ولا سيما مع حضوره، فكأنه سلمها هو ودفعها بنفسه فلا يلزم العامل الأول شيء من المال لبراءته، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر مالا يتجر فيه إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر مالا يتجر فيه المسمى ذلك قراضا، فتلف بعضه ورد عليه البعض الآخر وغرم المالك العامل ما تلف ثم مات المالك، فهل للعامل الرجوع بما غرمه؟ (أجاب) حيث دفع العامل بدل التالف ظانا أنه يلزمه ثم تبين خلافه كان له الرجوع بما غرم ويصدق بيمينه في التلف، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان يصنعان القرب اتفقا إلخ. (سئل) في رجلين يصنعان القرب اتفقا مع آخر بأنه يشتري لهما جلودا ودباغا من ماله ويصنعانها قربا، ومهما تحصل من الربح النصف له والنصف لهما، فهل لا تصح هذه الشركة والربح كله لصاحب الجلود وليس إلا أجر مثليهما؟ وإذا نقصت قيمة الجلود بسبب عدم إتقان صناعتهما يضمنا ما نقص من قيمتها أو لا؟ (أجاب) ما ذكر لا يطابق الشرع القويم بل للعامل أجرة مثله لمثلها وللمالك جميع القرب، وإن كان عدم الإتقان لخلل في الجلود أو الدباغ فعلى المالك أو كان الخلل في الصنعة فعلى العامل، والله تعالى أعلم. مطلب: عن رجل دفع لآخر أربعين قرشا إلخ. (سئل) عن رجل دفع لآخر أربعين قرشا يتجر فيها والربح بينهما نصفين يشتري بهما قمحا وعدسا وغيرهما من بلاد مصر ويسافر بها بحرا، فأوسق ما أخذه في المراكب على عادة الناس فتلف هو وغيره في البحر، فهل يضمن ذلك العامل؟ (أجاب) حيث نص صاحب المال على السفر في البحر وتلف المال لا ضمان على العامل إذ لا تقصير منه، والله تعالى أعلم. مطلب: فيما إذا دفع زيد لعمرو عروض إلخ. (سئل) فيما إذا دفع زيد لعمرو عروض تجارة على سبيل المضاربة ليبيعها بنقد ويضارب بثمنها من بيع وشراء، وشرط عليه في عقد المضاربة أن لا يطبخ بها صابونا، ومهما فتح الله تعالى ورزق من الربح زائدا على قيمة العروض المذكورة يكن له الثلث ولزيد الثلثان، فخالف عمرو أمر زيد وطبخ بها صابونا، فهل يلزم عمرا قيمه العروض، وما طبخه من الصابون يأخذه عمرو لكونه

كتاب المساقاة

صار غاصبا بالمخالفة فيضمن القيمة لزيد؟ وهل إذا اختلفا في التقييد والإطلاق القول قول عمرو المضارب بيمينه وعلى رب المال البينة ما الحكم شرعا؟ (أجاب) هذا قراض فاسد لكونه على غير النقدين، فعلى العامل ضمان ما تصرف فيه من الأمتعة، وعلى المالك له أجرة عمله لأنه لم يعمل مجانا بل طامعا، وما عمله من الصابون فيأخذه العامل وتصرفه في الأمتعة صحيح لوجود الإذن، والله تعالى أعلم. (كتاب المساقاة). مطلب: رجل باع نصف أرض معلومة بأربعة قروش إلخ. (سئل) عن رجل باع نصف أرض معلومة بأربعة قروش ودفع للمشتري النصف الثاني مغارسة، وشرط عليه العمل فيه من غير مقابل، فهل له طلب القسمة وبيع حصته وليس للشريك معارضة؟ وهل يلزمه عمل؟ (أجاب) لا شك أن المشتري ملك نصف الأرض بالشراء فلا يلزمه العمل في النصف الثاني، فإذا عمل فيه جاهلا فله الرجوع بأجرة عمله في النصف الثاني، وأما بيع حصته أو قسمتها فله ذلك بإجماع المسلمين، فلا يجوز لشريكه أن يعارضه في البيع أو القسمة بوجه فإن امتنع ألزمه حاكم الشرع، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلان وضعا بذرا سواء إلخ. (سئل) عن رجلين وضعا بذرا سواء، ولأحدهما الأرض شرط على الثاني جميع الأعمال في نظير حصته من الأرض، فهل لمالك الأرض أن يصنع معه شيئا من الأعمال؟ (أجاب) ليس على مالك الأرض شيء من الأعمال لأن عمله في نظير الأرض لأن ذلك قائم مقام الأجرة للأرض، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر بذرا يزرعه إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر بذرا يزرعه في أرضه ليكون ما يخرج بينهما، وشرط صاحب البذر على العامل أن لا يدفع لاستاد الأرض شيئا من حصته مما هو واجب للأرض شرعا، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) هذه مزارعة وهي باطلة والشرط الواقع فيها لاغ لا يعتد به، قال في المنهج: فإن أفردت المزارعة فالمغل للمالك لأنه المالك للبذور، وعليه للعامل أجرة عمله وآلاته الشاملة لدوابه لبطلان العقد، وعمله لا يحبط سواء أسلم الزرع أم تلف بآفة أو غيرها، انتهى، وعليه أيضا أجرة الأرض، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر رجلا ليبني له بيتا إلخ. (سئل) عن رجل استأجر رجلا ليبني له بيتا، ثم لما بناه وفرغ من بنائه تشقق البيت حالا وتعيب، فهل يغرم لصاحب البيت ما تكلفه من الشيد أو نحوه وهل يستحق الأجرة أم لا؟ (أجاب) قال في الروض: وإن استأجره لبناء فلما أكمله انهدم، وكان ذلك الخلل في الصيغة لا في الآلة ضمن، قال شارحه: والرجوع في ذلك إلى أهل العرف فإن قالوا: هذه الآلة قابلة للعمل المحكم وهو القصر لزمه غرامة ما تلف ولا يستحق الأجرة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استعمل آخر نحو سنة إلخ. (سئل) في رجل استعمل آخر نحو سنة في قش وحرث وزرع، وحصد ودرس على أن له ربع ما يحصل من الغلة،

مطلب: رجل دفع لآخر أرضا فيها غرس زيتون إلخ.

ثم لما دخل الزرع البيدر طرد الملك العامل وقال له: لا شيء لك، فما الواجب له شرعا؟ (أجاب) الواجب للعامل أجرة المثل في عمله هذه السنة بأن يشهد خبيران أن أجرته في هذه السنة تعادل كذا من المال، فهو الواجب له شرعا، وأما الربع فهو مجهول لا يعمل به شرعا، وأما طرده فهو مردود عليه لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر أرضا فيها غرس زيتون إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر أرضا فيها غرس زيتون واتفق معه أن يغرس زيتونا وعنبا ثم يكون بينهما أثلاثا، ثم حرث العامل الأرض وعمل بيده في الزيتون، ثم جاء أهل الرجل وأخرجوا العامل من الأرض، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) الغراس على غير العنب والنخل باطل فيجب للرجل العامل أجرة المثل لما عمله لأنه عمل طامعا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض من بيت المال إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض من أراضي بيت المال دفعها لرجل يغرسها على النصف فغرسها ثم قسمها له، ثم مات وخلفه ولده من بعده، ثم إن ولد الدافع للأرض ينازع ولد الزارع والغارس الأرض يريد منه ربع ما بيده ثانيا، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) لا يجوز لأولاد الدافع للأرض معارضته أولاد الغارس بوجه لأن وضع يدهم على الأرض بحق الوجود رضي واضع اليد الأصلي على أنه أخذ نظير رفع يده غرسا لا يستحقه شرعا؛ لأن الغرس للغارس ولا عبرة باتفاق لا يصادف الشرع القويم والدين المتين، فلا يجوز لأولاد الدافع المنازعة بوجه، بل لو طلب ولد الغارس النزاع لهم كان ذلك له شرعا لأن والده هو الغارس للأرض، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له أرض فيها زيتون إلخ. (سئل) في رجل له أرض فيها زيتون وله شريك فيها يريد أن يأخذ ربع المتحصل من الزرع والزيتون لعمله، والباقي يقسم بينهما على حسب الملك، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) ما يقع في هذه البلاد من أخذ الربع للعامل في غير العنب والرطب باطل لجهالته بل الزرع يتبع البذر، فمن له البذر أخذ الزرع وعليه لصاحب الأرض أجرتها أجرة المثل، وأما الزيتون فيقسم حبه الحاصل على حسب الملك، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده ثور وآخر عنده ثور آخر إلخ. (سئل) في رجل عنده ثور وآخر عنده ثور آخر فاتفق صاحب الثور الأول مع صاحب الثور الثاني على أن يعطيه ثوره ليزرع عليه ويكون ثمن ما يتحصل من الغلة له، فزرع عليه الشتوي ثم مات صاحب الثور وخلفه وارثه ويطلب الوارث ما يستحقه شرعا، فماذا يستحقه بالشرع؟ (أجاب) ما وقع بينهما من الاتفاق فاسد شرعا لأن ثمن المتحصل من الغلة المقابل لتعب الثور مجهول، ثم إن كان بذر الرجل على الثمن استحق ثمن الغلة وعليه ثمن أجرة الأرض التي زرع فيها، ويستحق الوارث أجرة الثور أجرة المثل يسقط منها الثمن ومقابل عمل الثور في شغل الأرض، ويرجع عليه المستعمل

مطلب: رجل اشترى من آخر زيتونا معلوما إلخ.

للثور بأجرة تعبه الذي تعبه في الثمن الذي استعمله في أجرة الأرض إن كان زرع الثمن في أرضه، وإن لم يحط صاحب الثور بذرا فليس له إلا أجرة الثور فقط وجميع الغلة لمن له البذور. وفي بيت المقدس أجرة الفدان والحراث والسكة خمسة عشر فضة في الفور، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر زيتونا معلوما إلخ. (سئل) في رجل اشترى من آخر زيتونا معلوما ومضى على ذلك اثنا عشر سنة، وكان رجل يعمره ويأكل نصفه بالعمارة، فلما اشتراه المشتري وعمره لم يأمنه شيئا هذه المدة، ثم مات وخلفه وارثه يريد أن يأكل النصف كما كان يأكله مورثه قبل البيع، فهل له ذلك؟ (أجاب) حيث كان يأكل النصف المورث بالعمارة ورفع يده المشتري لقيامه بما قام به فليس للوارث منازعة ولا معارضة بوجه لرفع يد مورثه قبل ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب. (كتاب الإجارة) مطلب: راع يرعى بقر بلد وحميرها إلخ. (سئل) في راع يرعى بقر بلد وحميرها عدا عليه ذئب، فعقر الحمارة التي معه ووجد بقرة تعرج لا يعلم أحدا جنى عليها ولم يوجد منه تقصير، فهل يكون ضامنا لهما؟ (أجاب) لا يخفى أن يد الراعي المذكور يد أمانة فحيث لم يحصل منه تقصير في الحمارة ولا جناية على البقرة لا يكون ضامنا لهما ولا لأحدهما؛ لأنه أمين والذئب يعدو على المالك فيتلف متاعه مع عجزه عن دفعه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجلين لهما أشجار زيتون وغيرها إلخ. (سئل) عن رجلين لهما أشجار زيتون وغيرها في بلد وقف على أبي الأنبياء الكرام خرجا منها لغيرها، فهل لهما أن يأخذا أثمار أشجارهما ولا يضعان ما عليها من المال؟ (أجاب) ليس لهما ذلك بل يجب عليهما أن يدفعا ما على الأرض من اللوازم لأن الغرم بالغنم، والله تعالى أعلم. مطلب: ثلاثة زرعوا أرضا متفاوتين في زراعتها إلخ. (سئل) في ثلاثة زرعوا أرضا متفاوتين في زراعتها، ثم إنهم ارتضوا مع المتكلم على الأرض بقدر معلوم، فهل يلزمهم مثالثة أو يوزع على مقدار زرعهم للأرض؟ (أجاب) الغرم على قدر الغنم فيوزع على قدر الحصص المزروعة في الأرض المقدار الذي وقع الاتفاق عليه لا على الرءوس؛ لأن المأخوذ منهم إنما هو على منفعة الأرض، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة استأجرت من رجل حملها إلى مكة إلخ. (سئل) عن امرأة استأجرت من رجل حملها إلى مكة طلعة ورجعة، ثم إنها ماتت في أثناء الطريق، فهل لوارثها الرجوع على المؤجر بقسط المسافة حيث قبض الأجرة؟ (أجاب) المصرح به أنه العمل إذا ظهر أثره على المحل أو وقع العمل سلما كما هنا وقد تلف الحامل أو المحمول قبل استيفاء ما وقع عليه العقد استحق بالقسط، وكذا إن تلف الحامل وإلا بأن تلف الحامل والمحمول معا أو تلف المحمول كجزء استؤجر على حملها تلفت في الطريق، فلا قسط في الصورتين بل إن قبض الأجير الأجرة رجع المستأجر عليه وإلا فلا يطالب بشيء،

مطلب: رجل تزوج امرأة ولها دار مشتركة إلخ.

والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تزوج امرأة ولها دار مشتركة إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة ولها دار مشتركة بينها وبين أخيها فسكن بها الزوج وعمر بها أيضا، يدعي أن له نصف الدار بهذه العمارة، فهل يعمل بقوله المذكور؟ (أجاب) حيث لم يصدر من المرأة ولا من أخيها إذن له بالعمارة فهو متبرع بها لا حق له في هذه الدار بهذه العمارة؛ لعدم الموجب لذلك شرعا بل هو مضيع لماله، فيجب عليه أن يسلم الدار للمرأة وأخيها وليس له معها منازعة بوجه شرعي، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل آجر آخر جملا وقال له: لا تحمل عليه إلا عشر جرار زيت إلخ. (سئل) عن رجل آجر آخر جملا وقال له: لا تحمل عليه إلا عشر جرار من الزيت، فحمل اثني عشر جرة ونصفا من الزيت وتلف الجمل بذلك، فهل يكون ضامنا له أو لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه: ولو اكترى دابة لحمل قدر كمائة رطل فحمل زائدا لا يتسامح به كمائة وعشرة، لزمه أجرة مثله أي الزائد لتعديه بذلك، وإن تلف بذلك أو غيره ضمنها إن لم يكن صاحبها معها لأنه صار غاصبا لها بتحميل الزائد، وإلا بأن كان معها ضمن قسط الزائد إن تلفت بالحمل مؤاخذة له بقدر الخيانة كما لو سلم المكتري ذلك للسكري فحمله جاهلا بالزائد بأن أخبره بأنه مائة كاذبا فتلفت الدابة به، فإنه يضمن مع أجرة الزائد قسطه لأنه يحال إلى حمل الزائد شرعا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر جمالا من رجل ودفع له الأجرة إلخ. (سئل) في رجل استأجر جمالا من رجل ودفع له الأجرة سلفا، وركب على أحدها ومضى حصة من الطريق وهو مقطور مع مقاطر الحج، فخرج قطاع الطريق على الراكب وهو نائم وقطعوا الجمل من المقاطر وأخرجوه من بينهم فاستيقظ ورمى نفسه عن الجمل ولم يعلم صاحبه بإظهار صوته، هل يعد الراكب مضيعا للجمل ويلزمه ضمانه أو لا؟ وهل تقسط الأجرة على مراحل الطريق ويسترد المستأجر من المؤجر أجرة ما بقي من الطريق بعد أخذ الجمل أم كيف الحال؟ (أجاب) ما وقع للراكب من أخذ المختلس له مع الجمل لا يعد تقصيرا مضمنا للجمل لأن نفس الرجل المأخوذ مع الجمل أعز منه فلا ضمان على الراكب للجمل لعدم تقصيره كما تقدم، ثم إن كان عقد الإجارة على الدابة أو العين كما يعرف من الإطلاق وتلف الحامل والمحمول أو تلف المحمول فقط ولم يظهر أثر للعمل كما هنا ولم يقع العمل سليما فلا قسط وتسقط الأجرة من أصلها، وإلا فيجب بالقسط، وهنا وقع العمل سليما لكون المستأجر راكبا للجمل فيجب لصاحب الجمل القسط لأن الأجرة تجب شيئا فشيئا، والله تعالى أعلم. مطلب: راع يرعى بقرا سرق منها واحد إلخ. (سئل) عن راع يرعى بقرا سرق منها واحد، فهل يكون ضامنا له؟ (أجاب) هذا الراعي أمين ولا يضمن إلا بتقصير، فحيث لم يحصل من الراعي تقصير في الثور حتى ضاع فلا ضمان عليه كما شهدت بذلك نصوص المذهب، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر آخر أربعة أيام إلخ. (سئل) عن رجل استأجر آخر أربعة أيام بمد قمح كل يوم بربع مد

مطلب: أرض وقف فيها غراس إلخ.

من القمح فحصد الأربعة أيام ونقل ما حصده كله ثم حرق الجرين، فهل يلزم المستأجر الأجرة المد القمح؟ (أجاب) نعم يلزم المستأجر المد القمح للأجير وإن تلف الجرين لأنه مستأجر على العمل وقد حصل، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض وقف فيها غراس إلخ. (سئل) في أرض وقف فيها غراس زيتون وغيره آجرها الناظر بدون أجرة المثل، وهناك بينة تشهد بذلك، فهل هذه الإجارة صحيحة أو لا؟ (أجاب) حيث ثبت عند حاكم الشرع أن عقد الإجارة وقع بدون أجرة المثل تبين بطلان الإجارة؛ لأن الناظر إنما يتصرف بالمصلحة ولا مصلحة بدون أجرة المثل، والله تعالى أعلم. مطلب: راع يرعى بقر بلد إلخ. (سئل) في رجل راع يرعى بقر بلد ادعى عليه رجل أنه سلم لولده ثورين فضاع أحدهما، فهل يطالب الرجل المذكور أو ولده بالثور الضائع؟ (أجاب) هذا الثور الضائع لا يلزم الوالد حيث لم يحصل منه تقصير ولا الولد لعدم صحة قبضه، حتى لو ضاع من الولد باختياره أو أتلفه لا يكون ضامنا لأن المالك هو المضيع لماله بتسليمه له ولأن الولد لا يسلط على مال نفسه، ولهذا شرع الحجر عليه فكيف يسلط على مال الغير، والله أعلم. مطلب: رجل تصدى لقراءة القرآن إلخ. (سئل) في رجل تصدى لقراءة القرآن العظيم بالأجرة، ثم إن امرأة جاءته بولدها وقالت له: أقرئ ولدي القرآن فإذا ختم أدفع لك معلوم الختامة، فأقرأه وختم القرآن عنده ولم تدفع له أجرته، والحال أن لولدها وظائف يستغلها، فهل يلزمها دفع معلوم الختامة وتجبر على ذلك؟ (أجاب) حيث إن الرجل الذي أقرأ الولد لم يبذل تعبه مجانا وجرى من الأم ما ذكر منها كان معلوم ختامة القرآن لازما لها؛ لأنها هي التي التزمت ذلك ولها غرض عظيم في تعليم ولدها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده ثور إلخ. (سئل) في رجل عنده ثور فجاء له آخر وطلبه منه ليحامل به ثورا آخر ويكون له ربع الغلة ويضع هو ربع البذر، فدفع له البذر وزرع، ثم وقع بينهما اختلاف من جهة الحصيد والدراس وسائر وجوه التحصيل، فما الوجه الشرعي في ذلك؟ (أجاب) لا ريب أن الغلة تابعة للبذر، فكل واحد منهما يأخذ ما يقابل بذره، فلصاحب الثور ربع الغلة وعليه ربع الحصاد ونحوه، ولكن لصاحب الثور عليه نصف أجرة ثوره لأنه عمل له في ربع ما يأكله، وللعامل على الثور ربع أجرة نفسه، مثلا إذا فرضنا أجرة كل ثور خمسة فضة كل يوم وأجرة الرجل خمسة فيكون ثلاثة أرباع الخمسة عمله لنفسه وهو أربعة إلا جديدا يبقى له نص وجديد، وعليه لصاحب الثور نصان وجديدان أجرة نصف الثور، وللعامل على صاحب الثور نصف وجديد يبقى لصاحب الثور لكل يوم على العامل في هذه الغلة المشتركة نصف وجديد يرجع بهما على صاحب الثلاثة أرباع، فكل شهر له عليه قرش إلا نصين وجديدين عمل ثوره الزائد عن حصته لأكلها الثلاثة أرباع،

مطلب: رجل اشترى جملا من آخر بثمن معلوم إلخ.

والله تعالى أعلم. مطلب: رجل اشترى جملا من آخر بثمن معلوم إلخ. (سئل) في رجل اشترى جملا من آخر بثمن معلوم، ثم تعرف على الجمل رجل آخر وأقام بينة بأن الجمل جمله وابن ناقته وانتزعه من المشتري، ثم بعد مدة ذهب البائع إلى من تعرف على الجمل وطيب خاطره على رده على المشتري بعد أن وصل الجمل إلى حالة العدم، فهل يلزم المشتري قبوله أو يرجع بما دفعه للبائع؟ (أجاب) حيث أثبت الآخذ للجمل جمله ببينة يرجع على بائعه بثمن الجمل ولا يلزمه قبوله ولو كان صحيحا لا عيب فيه؛ لأن الجمل صار ملكا للمثبت له، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده فدان من البقر دفعه لآخر إلخ. (سئل) في رجل عنده فدان من البقر دفعه لآخر ليعمل عليه ويكون ما يخرج بينهما نصفين، وشرط عليه صاحب البقر أن لا يربطهما إلا معا فربط واحدا مع ثور أجنبي وثورا مع آخر فضاع الذي مع الأجنبي، فهل يكون الآخذ ضامنا أو لا؟ (أجاب) لا ريب أن الثور مضمون على الآخذ له لمخالفته الشرط حتى لو مات حتف أنفه كان مضمونا؛ لأنه مأخوذ بالإجارة الفاسدة، وفاسد العقود كصحيحه في الضمان وعدمه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له جمل آجره لرجل ذمي إلخ. (سئل) في رجل له جمل آجره لرجل ذمي فحمله، ثم سار به الذمي إلى بلده فجاء بالجمل مريضا من ضربة على ضلعه الأقصر وكواه عليها، ثم إن الجمل أقبل على التلف فذبح ووجد الضلع قد كسر وقوي كرشه، وصاحبه يطلب الشرع الشريف والذمي يطلب الزيادي، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) لا يخفى أن الجمل مضمون على الذمي، أما أولا فلاعتدائه بكيه الدال على أنه ضرب الجمل، على أن الكي وحده اعتداء منه يقتضي ضمان الجمل، كيف مع وجود علامة الهلاك منه وهو كسر الضلع مع هري جوفه الدال على هلاكه لا يقال: إن تلفه تحت أجرته؛ لأن أجرته لا تقتضي ضربه المهلك له مع كيه الدال على أن صدور ذلك منه، وأما طلب الزيادي فلا يعمل بقوله ولا حكمه؛ لأنه خلاف الشرع القويم، قال الله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فالطالب للزيادي قطع الله منه الأيادي وجعل ماله طعاما للأعادي وسلط الله عليه كل حاضر وبادي وكان أخسر الناس يوم ينادي المنادي، والله تعالى الموفق. مطلب: رجلان شريكان استأجرا حمارة إلى اللد إلخ. (سئل) في رجلين شريكين استأجرا حمارة إلى لد فأخذها منهما حاكم قهرا، فهل يكونان ضامنين لها؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: والمكتري أمين على العين المكتراة ولو بعد المدة كأجير فإنه أمين ولو بعد المدة فلا ضمان على واحد منهما، فلو اكترى ولم ينتفع بها فتلفت أو اكتراه لخياطة ثوب أو صبغه فتلف لم يضمن سواء انفرد الأجير باليد أم لا، كأن فقد المكترى معه حتى بعدا وأحضره منزله ليعمل كعامل القراض إلا بتقصير، انتهى، ولا تقصير هنا فلا ضمان على الشريكين أصلا، والله تعالى أعلم.

مطلب: رجل استأجر آخر يرعى له ثورين إلخ.

مطلب: رجل استأجر آخر يرعى له ثورين إلخ. (سئل) في رجل استأجره آخر يرعى له ثورين بأجرة معلومة، ثم أرسل له مرارا ليأتي له يتسلمهما لحصول خوف وقع للناس فضاع منهما ثور من غير تقصير من الراعي، فهل يضمنه أو لا؟ (أجاب) حيث لم يحصل من الراعي تقصير في ضياع الثور وضاع فلا يضمنه؛ لأنه أمين وهو لا يضمن إلا بتقصير، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر جملا إلى محل معلوم بأجرة معلومة إلخ. (سئل) في رجل استأجر جملا إلى محل معلوم بأجرة معلومة فغصب الجمل في الطريق، فهل يكون المستأجر ضامنا له؟ (أجاب) حيث لم يحصل من المستأجر تقصير فلا يكون ضامنا للجمل المذكور؛ لأنه تلف تحت منفعة المؤجر، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل يرعى لأهل بلد حميرا وبقرا إلخ. (سئل) في رجل يرعى لأهل بلد حميرا وبقرا ضاع منه حمارة من غير تفريط، فهل يكون ضامنا؟ (أجاب) حيث لم يكن من الراعي تقصير في ضياع الحمارة فلا ضمان عليه؛ لأنه أمين وهو لا يضمن إلا بتقصير، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض وأماكن معلومة موقوفة إلخ. (سئل) في أرض وأماكن معلومة موقوفة على مصالح الحجرة الشريفة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، آجرها المتولي عليها بأجرة المثل مدة معلومة، ثم استأجرها آخر قبل انقضاء مدة إجارة الأول، فهل تصح إجارة الثاني أو لا؟ (أجاب) إجارة الثاني الواردة على منفعة المستأجر الأول باطلة، قال في المنهاج وشرحه: ولا يجوز إجارة عين المنفعة مستقبلة بأن صرح في العقد بذلك إن اقتضاه الحال كإجارة هذه سنة مستقبلة أو سنة أولها من غد، وكذا إن قال أولها أمس، وكإجارة أرض مزروعة لا يتأتى تفريغها قبل مضي مدة لها أجرة، وذلك كما لو باعه عينا على أن يسلمها له بعد ساعة، نعم لو آجرها للمستأجر الأول صح؛ لأنه مالك المنفعتين، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل آجر آخر فرسا فسار بها إلخ. (سئل) في رجل آجر آخر فرسا فسار بها على صخر لا تسير عليه الخيل من غير الطريق المارة فزلقت وماتت، والحال أن الرفقاء نهوه عن السلوك، فهل يكون ضامنا لها أو لا؟ (أجاب) حيث قصر المستأجر وسلك الطريق لغير المعتاد يكون ضامنا لها كما لا يخفى على من له في الفقه أدنى إلمام، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر آخر مدة معلومة إلخ. (سئل) في رجل استأجر آخر مدة معلومة ليزرع له ويحصد، ومهما سخره في شغل عمل له، فمن جملة ما عمل أنه حفر بئرا فكان العمل منهما وجميع الكلف من المستأجر من شيد وأجرة معلمين وغيرهما، والأجير لا حق له في الأرض وهو يريد أن يختص به، فهل له ذلك؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا حق للأجير في البئر، بل هو من حقوق المستأجر يتصرف فيه كيف شاء، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده جمل دفعه لآخر يحتطب عليه إلخ. (سئل) في رجل عنده جمل دفعه لآخر يحتطب عليه ليكون نصف الحطب للمحاطب ونصفه لصاحب الجمل، فحمل الجمل على العادة فحصل مطر وزلق الجمل فانكسر، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) حيث

مطلب: رجل رعى غنما لآخر مدة من السنين إلخ.

كان الأمر كما ذكر لا يلزم الآخذ للجمل شيء من الضمان؛ لأن نصف الجمل مستعمل في شغل المالك، والنصف الثاني مأخوذ بالإجارة الفاسدة، ولا ضمان فيها، قال في العباب: وكذا لو أخذ دابة غيره ليحمل عليها ويكون بينهما فغصبت ولم يسع في طلبها؛ لأنه استعمل نصفها في حصة المالك، ونصفها بإجارة فاسدة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل رعى غنما لآخر مدة من السنين إلخ. (سئل) في رجل رعى غنما لآخر مدة من السنين، على أن يكون له ثلث نتاجها، والآن يطالبه بذلك وهو ينكر استئجاره ويقول له: أنت متبرع بالرعي، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) عمل المرء لا يحبط بمجرد القول، بل لا بد من البيان الشرعي، وحيث كان عمل الرجل على ثلث النتاج كانت الأجرة مجهولة، فالجواب: للراعي أجرة مثله، بأن يشهد خبيران أنها كذا فتجب له، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ساق عجلته إلى رعيان البقر إلخ. (سئل) عن رجل ساق عجلته إلى رعيان البقر وأوصاهم عليها وتوصوا بها، ولم يحصل منهم تقصير، ولكن ضاعت منهم في أرض الحرص، فهل تلزمهم أم لا؟ (أجاب) حيث لم يحصل منهم تقصير في حفظ البقر، وضاعت العجلة بلا تقصير، فلا ضمان عليهم، والله تعالى أعلم. مطلب: أسباهي أقطعه السلطان قرية إلخ. (سئل) في أسباهي أقطعه السلطان قرية من قرى نابلس تحت عمل يعمله، ثم إنه آجر نصفها سنة لزراعها، والنصف الثاني بقي تحت أيديهم يدفعون ما عليه بحسب ما جرت به العادة، فدفعوا ورقة الضمان لشيخ البلاد فضبط البلد جميعا، فهل تطالب أهل البلد بما عليهم ضمانا وغيره؟ (أجاب) لا ريب عند كل من ذاق للعلم طعما، أن أهل القرية الزراع لها مطالبون بمعلوم القرية جميعا بحسب الضمان والعادة، ولهم الرجوع على شيخ البلاد، وللأسباهي أيضا الطلب بالنصف الثاني الذي لم يأجره للزراع حيث كان حقه مفروزا له معلوما مميزا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر خانا موقوفا على جهة معلومة إلخ. (سئل) في رجل استأجر خانا موقوفا على جهة معلومة سنة كاملة بأجرة معلومة يدفعها على التدريج، فلما مضى ثلاثة أشهر جاء رجل وزاد على المستأجر وأخرجه منه، والحال أن المدة التي مضت قبل حصول الزيادة الحال فيها واقف لم يتحصل من الخان إلا قليل، وحصول الزيادة من الرجل المذكور إنما هي عند إقبال الخير وحصول الانتفاع بالخان، ويوم الإجارة الأولى كانت الأجرة أجرة المثل، وقصد من زاد إنما هو أذية المستأجر، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث كان عقد الإجارة للخان بأجرة المثل يوم العقد وقع عقدها صحيحا سواء كان ذلك ملكا أم وقفا؛ لأنه تصرف بحسب المصلحة، ولا عبرة بما يطرأ من الرغبات، وعبارة المنهج عطفا على لا تنفسخ نصها ولا بزيادة أجرة ولا بظهور طالب بها أي بالزيادة عليها، ولو كانت إجارة وقف لجريانها بالغبطة في وقتها كما لو باع مال موليه ثم زادت

مطلب: رجل استأجر

القيمة أو ظهر طالب بالزيادة فلا تنفسخ الإجارة، فيجب إبقاء عقد الإجارة للأول ولا عبرة بالزيادة من الثاني ولا سيما قصد الأذية فيجب زجره ومنعه من ذلك حيث علم منه ذلك، على أن الرغبات في الأماكن تختلف باختلاف الأوقات صيفا وشتاء وربيعا وخريفا فيعطى كل زمن حكمه كما نصوا على ذلك إذا فسخت الإجارة بمقتضى من المقتضيات، فعلى ولي الأمر ضاعف الله له الأجر منع طالب الزيادة من زيادته حتى تنقضي المدة، فإذا زاد بعد ذلك فلا حرج وأما قبلها فحرام لما فيه من ضرر المستأجر، ومن القواعد الخمس التي ينبني عليها الفقه أن الضرر يزال، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر حصة شائعة إلخ. (سئل) في رجل استأجر حصة شائعة من دار دعت الضرورة لإجارتها لعمارتها الضرورية لكون بعضها وقفا والبعض مملوكا لجماعة ممن له ولاية الإيجار مدة ثمان سنوات بأجرة مسماة صرفها المستأجر في عمارة الدار بالإذن ممن يعتبر إذنه، فبعد العمارة طلب أحد المؤجرين من المستأجر أن يسكنه في الدار المؤجرة بالإجارة في محل منها على حدة وبقدر سكناه يدفع له الأجرة، فأسكنه في ذلك على وجه الإجارة ولم يؤجل للإجارة مدة ولا سمى أجرة، وقد دفع المستأجر دراهم معلومة لتحسب له من الأجرة، فسكنها مدة معلومة، فهل يلزمه أجرة المثل عن مدة سكناه بالغا ما بلغ سواء كانت الإجارة فاسدة لعدم بيان المدة والأجرة أم صحيحة؟ (أجاب) حيث صح عقد الإجارة للأول بأن صدر ممن له ولاية ذلك كانت المنفعة له، وحيث إن المستأجر الأول لم يتبرع بالإسكان كان له على الثاني أجرة المثل مدة سكنه، ولا سيما وقد صدر منه ما يدل على وجوبها وهو طلبه السكنى بالأجرة، فهي وإن كانت فاسدة لا تحبط الأجرة بل توجب أجرة المثل كما صرح به الفقهاء متونا وشروحا والحالة هذه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر راعيا لغنمه سنة إلخ. (سئل) في رجل استأجر راعيا لغنمه سنة كاملة وجعل له الأجرة ثلث نتاجها فرعى له مدة ثم قبل تمام السنة بطل الرعي، فهل يستحق أجرة لرعيه المدة المذكورة أم لا؟ (أجاب) هذه الإجارة فاسدة لأن النتاج مجهول وثبت لفاسدة من أجرة المثل ما ثبت لمسمى في صحيحة، فيستحق الأجير أجرة المثل للمدة التي رعاها؛ لأنه لم يبذل منفعته مجانا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر بنا ليبني له بيتين إلخ. (سئل) في رجل استأجر بنا ليبني له بيتين عين له طولهما وعرضهما ومغرمهما، وعين عليه الحجارة وأجرة الفعول والشيد والمؤنة وسائر الكلف وعمل له نظير ذلك كله دراهم معلومة ودفع له حصة منها، وقد بنى له عدة أيام ولم يكمل البناء، ثم تغيرت المعاملة ونقص على الأجير نقصا ظاهرا، فهل هذه الإجارة صحيحة يجب على الأجير إتمامها ولا يلزم المستأجر إلا ما وقع العقد به؟ (أجاب) نعم يجب على البنا المذكور إتمام ما وقع عليه العقد

مطلب: رجل استأجر من آخر حمارا إلخ.

من البيتين المحدودين المعينين المضبوطين بما ذكر، وليس له من الأجرة إلا باعتبار ما كان قبل النداء حيث وقع العقد قبله لأنه هو المراد للعاقدين المعهود لهما، وأما ما وقع عليه النداء فلا يخطر ببالهما فوجب عليه أن يأخذ من الصاغ باعتبار ما كان قبل النداء، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر من آخر حمارا إلخ. (سئل) في رجل استأجر من آخر حمارا وضاع ثم ألزم بثمنه لمقتض اقتضاه ودفع القيمة لمالك الحمار، ثم بعد مدة وجد الحمار، فهل يرجع المستأجر بما دفعه للمؤجر من قيمته؟ (أجاب) نعم يجب على مالك الحمار دفع ما أخذه من القيمة؛ لأنه إنما أخذها لضياع حماره، فلما وجد وجب عليه ردها، والله تعالى أعلم. مطلب: راع يرعى لأهل قرية بقرهم إلخ. (سئل) عن راع يرعى لأهل قرية بقرهم وحميرهم، ففي بعض الأوقات نفذ منها حمارة من غير تقصير، فهل تلزمه الحمارة؟ (أجاب) حيث ضاعت بلا تقصير بأن تغفله سارق فأخذها أو ذئب فأكلها لا تلزمه، ولا يجوز لمالكها معارضته بوجه من الوجوه؛ لأن الإنسان قد يغفل عن ماله فيضيع، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر من آخر فرنا وفيه بئر ماء إلخ. (سئل) في رجل استأجر من آخر فرنا وفيه بئر ماء، شرط في عقد الإجارة الأخذ منه والانتفاع به وقد خلى البئر من الماء، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) شرط أئمتنا الأعلام في عقد الإجارة أن لا تتضمن المنفعة استيفاء عين قصدا، فحيث كان الماء مقصودا لا يصح عقد الإجارة لأنها ترد على المنفعة، والماء عين، فبينهما تناف، على أن ما يأخذه الفران من الماء مجهول فبطل عقد الإجارة من وجهين؛ أحدهما: استيفاء العين، والثاني: جهالة الماء قدرا وحدا، والله تعالى أعلم. مطلب: ذمي بنى بيتا لرجل فلما عقده وتم انهدم، فهل يلزم الذمي إعادته إلخ. (سئل) في ذمي بنى بيتا لرجل، فلما عقده وتمم عقده انهدم، فهل يلزم الذمي الذي عقده إعادته ومهما احتاج من الآلة إلى أن يتم عقده كما كان يوم هدمه؟ (أجاب) حيث كان انهدام البناء لخلل في الصنعة لزم البنا جميع ما تلف بالانهدام، وعبارة الروض: وإن استأجره لبناء فلما أكمله انهدم وكان الخلل في الصنعة لا في الآلة ضمن، قال شارحه شيخ الإسلام: والرجوع في ذلك إلى أهل العرف فإن قالوا هذه الآلة قابلة للعمل المحكم وهو المقصر، لزمه غرامة ما تلف، انتهى، فحيث كان الشيد غير مقطوع وأحجار هذه البلاد، أعني أرض القدس وحولها، قابلة للعمل لا خلل فيها لزم البنا غرامة ما تلف بالانهدام؛ لأن من تعاطى حرفة لزمه إتقانها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له في دار حصة ولآخر حصة إلخ. (سئل) عن رجل له في دار حصة ولآخر حصة استأجرها منه الأول وسكن الدار بحصته وحصة الإجارة، ثم باع المؤجر حصته وبقي مدة من زمن الإجارة، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حق المستأجر سابق على حق المشتري فيبقى عقد الإجارة، قال في المنهج وشرحه: ولا تنفسخ بعين الإجارة ببيع العين المؤجرة للمكتري أو غيره

مطلب: رجل استأجر قبوا وقفا إلخ.

وبغير إذن المكتري، ولا يؤثر طرو ملك الرقبة وإن تبعته المنافع لولاء ملكها أولا، كما لو ملك عشرة غيره موبرة ثم اشترى الشجرة لا يؤثر طرو ملكها في ملك الثمرة وإن دخلت في الشراء لولاء ملكها أولا، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر قبوا وقفا إلخ. (سئل) عن رجل استأجر قبوا وقفا على الصخرة المشرفة تسعين سنة على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه بمسوغ شرعي، ثم إنه عمره وجعله طاحونة ووضع فيه آلات الطاحونة من حجر وخشب وحديد وغير ذلك، وذلك في عقود متعددة كل عقد ثلاث سنين بأجرة تدفع لمتولي الوقف في كل سنة قدرها عن كل سنة ثمانية عشر قرشا هي أجرة المثل حين العقد لذلك القبو، بل إلى والآن إذا خلا عن الآلات المذكورة، فلما عمره المستأجر ووضع آلات الطاحونة فيه زادت أجرته بسبب العمارة، فهل تضم الأجرة إلى القبو خاليا عن الآلات، أو المعتبر أجرته وقت الإجارة والزائد يكون في مقابلة التعمير والآلات أم كيف الحال؟ (أجاب) عبارة معتمد المذهب سيدي محمد الرملي مع متن المنهاج يصح عقد الإجارة على العين مدة تبقى فيها تلك العين بصفاتها المقصودة كما هو ظاهر غالبا؛ لإمكان استيفاء المعقود عليه حينئذ كسنة في نحو الثوب وعشر سنين في الدابة وثلاثين في العبد على ما يليق بكل منهما، وكمائة سنة أو أكثر في الأرض طلقا كانت أو وقفا لم يشترط واقفه لإجارته مدة. قال البغوي والمتولي كالقاضي إلا أن الحكام اصطلحوا على منع إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين لئلا يندرس الوقف، وفي الأنوار أن ما قالاه هو الاحتياط، قال الشيخان: وهذا الاصطلاح غير مطرد، قال السبكي: ولعل سببه أن إجارة الوقف تحتاج إلى أن تكون بالقيمة، وتقويم المدة المستقبلة البعيدة صعب، وفيه أيضا منع الانتقال إلى البطن الثاني، وقد تتلف الأجرة فتضيع عليهم ومع ذلك تدعو الحاجة إليه لعمارة ونحوها، فالحاكم يجتهد في ذلك ويقصد وجه الله تعالى، وبمقتضى إطلاق الشيخين أفتى الوالد رحمه الله تعالى وهو العين تؤجر بما تقدم من المدة مع مراعاة المصلحة واجتهاد الحاكم ولا تقيد بثلاث سنين، وكلام ابن حجر قريب منه، وحيث كانت الإجارة للقبو المذكور أجرة المثل وقت العقد فالإجارة صحيحة، وعبارة المنهج وشرحه: ولا بزيادة أجرة ولا بظهور طالب بها أي لا تنفسخ الإجارة بما ذكر ولو كانت إجارة وقف لجريانها في وقتها بالغبطة في وقتها، وهذا ما عليه أئمتنا، فقد علمت بالنقل الصحيح الصريح أن إجارة المدة الطويلة إذا كانت حال العقد بأجرة المثل صحيحة معمول بها شرعا، ولا ريب لكل مؤمن بالله ورسوله مذعن للحق ليس بمرتاب بل هو طالب للثواب أن الآلات للطاحونة يقابلها مال فتقابلها أجرة من أجرة المحل

مطلب: راعي بقر معه بقر أوردها الماء إلخ.

يعلم ذلك كل من عرف محاسن الشرع القويم ونظام الدين المستقيم الذي قامت السماوات والأرض بالحق بقيامه، وهذا الأمر وهو الإجارة الطويلة وزيادة الأجرة على ما وقع عليه العقد بسبب عمارة الآلات للمحل المستأجر واقع بمصر - عمرها الله تعالى - والشام - حرسها الله تعالى - والحجاز - زادها الله رفعة - بل غالب أقطار الأرض، وفتح هذا الباب مخل للصواب فاتح للشر والخصام في كل الأبوب رافع للحجاب، فعليك بالحق ولا ترتاب يفتح لك الخير من كل باب، والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب: راعي بقر معه بقر أوردها الماء إلخ. (سئل) في راعي بقر معه بقر أوردها الماء وواحدة منها لم ترد الماء، فجاءت صاحبتها لتوردها فأوردتها وأرسلتها إلى راع البقر مع بنت قاصرة لتوصلها إلى الراعي، فنزلت في قصب فأكلت منه فذبحها صاحبه وباع لحمها ويدعي أن البنت نادت الراعي ليأخذها فلم يأخذها ولم تدخل تحت يده، فهل يكون الراعي ضامنا لها والحالة هذه أو لا؟ (أجاب) حيث تسلمت المرأة البقرة وأخذتها خرج الراعي من عهدتها، وحيث لم تدخل تحت يده ثانيا فلا يكون ضامنا لها ولا عبرة بنداء الصغيرة بل التقصير من المرأة المسلمة للبقرة لها فهي المقصرة، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض تيمارية عادمة النفع إلخ. (سئل) في أرض تيمارية عادمة النفع مكمنا للصوص وضررا للجار والمار، استحكرها رجل من المتكلم عليها ثلاثين عقدا كل عقد ثلاث سنين بأجرة هي أجرة المثل إذ ذاك ليبني بها مساكن وحوانيت وينتفع بها سائر الانتفاعات الشرعية، فبنى بها ما ذكر وتصرف فيها مدة تزيد على خمس عشرة سنة هو وورثته من بعده، فهل للمتكلم على الأرض أو لمن تلقى الأرض عنه لموته أو عزله أن يعارض أو ينقض هذا الأمر بعد حكم الحاكم الشرعي به وكتابة حجة شرعية بذلك؟ (أجاب) حيث كان ما ذكر أجرة المثل بحكم العدل وتقويمه كانت الإجارة صحيحة معمولا بها شرعا يجب إمضاؤها على ما وقع به العقد لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر لها النقض ولا طلب زيادة على ما وقع به العقد، ولا عبرة بما ظهر من زيادة الأجرة لراغب فيها لأن المحل إذا عمر امتدت له الأعين وظهرت فيه الرغبات، فهلا كان ذلك والمكان من قسم الموات ولا سيما إذا وقع ذلك بحكم حاكم يراه بمأمن الحق يرعاه لأن حكمه في مختلف يصير الحكم متفقا عليه، فيبطل من المدعي نجواه ويسد عليه طريق الخصام في مبدئه ومنتهاه فوضع البناء بحق لا يزال بقول المدعي وهواه، كل ذلك دفعا لمنتهى الفساد ومبدأه، فالمؤمنون تربطهم أقوالهم وتوثقهم شروطهم والحق يعاملهم بما يضمرون والناس تعاملهم بما يعلنون، قال صلى الله عليه وسلم: [بعثت بالظاهر والله يتولى السرائر] وإنما الأعمال بالنيات والله عالم

مطلب: رجل آجر بهيمة من آخر إلخ.

الخفيات، فلا يليق بمؤمن فتح باب من المسدودات، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل آجر بهيمة من آخر إلخ. (سئل) في رجل آجر بهيمة من آخر لينقل عليها زرعه من صور باهر إلى مار إلياس، فأخذها المستأجر ونقل عليها من صور باهر إلى بيت جالا فتلفت، فهل يضمنها المستأجر حيث خالف ما وقع عليه الشرط؟ (أجاب) لا ريب أنه يضمنها ضمان الغصب لأنه متعد بالتجاوز فهو لما زاد من المسافة على مار إلياس متعد غاصب يضمن الدابة إذا تلفت وأجرة هذا الزائد، قال الشيخ علي الشبراملسي: وأما لو جاوز المحل الذي استأجرها ليركب له ثم يعود إليه في محل العقد فيلزمها أجرة ما زاد ويضمنها إذا تلفت فيه، والله تعالى أعلم. مطلب: ساحة سماوية بها بيت خرب موقوفة إلخ. (سئل) في ساحة سماوية بها بيت خرب موقوفة على مسجد، آجرها الناظر عشرين عقدا كل عقد ثلاث سنين بأجرة قدرها خمسة عشر زلطة قبضها الناظر المسمى ذلك في الحجة استحكارا، وكانت الساحة معدومة المنفعة لا يحصل منها نفع لجهة المسجد وبذلك علم أنها أجرة المثل، وقد تعهد المستأجر أن يدفع كل سنة خمس مصريات لجهة وقف المسجد زيادة على الأجرة المتقدمة، وحكم بموجب الاحتكار حاكم شافعي ونفذه الحاكم الحنفي، فهل إذا تولى ناظر آخر له مطالبة المحتكر بالأجرة والتعلل بأن الناظر الأول لم يصرف الأجرة في مصالح المسجد؟ وهل له طلب زيادة على ما وقع الاحتكار عليه؟ (أجاب) حكم الحاكم بالموجب يمنع الغير أن ينقض حكمه لأن حكم الحاكم في فصل مختلف فيه يصير الأمر متفقا عليه، ولا سيما وقد أمضاه الحاكم الحنفي وعمل به، وليس للمتولي بعد الأول أن يعارض ما فعله الأول على طبق الشرع القويم لأنا لو فتحنا هذا الباب لانفتح على المسلمين باب كبير يعسر سده على كثير من الناس، فليتق الله من أراد المعارضة وليحسم بابا من الفساد، فلا تجوز معارضته لهذا الرجل المذكور بوجه من الوجوه حيث كان ما فعله الأول على طبق الشرع القويم، حتى لو ظهر راغب بعد ذلك بأزيد لا يصغى له لوقوع ذلك في وقت على مقتضى المصلحة الشرعية، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل استأجر آخر سبع سنين على أن يزوجه بنته إلخ. (سئل) في رجل استأجر آخر سبع سنين على أن يزوجه بنته ويدفع لأبيها بعدها مائتين من القروش، فخدم سنتين ثم ترك الخدمة، فهل له أجرة السنتين أم لا؟ (أجاب) نعم للأجير أجرة السنتين أجرة مثله على ما هو المعتاد في أمثاله؛ لأنه عمل طامعا ولم يبذل منفعته مجانا، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة ذمية استأجرت من رجل إلخ. (سئل) في امرأة ذمية استأجرت من رجل مسلم دارا مدة فخرجت منها، فهل له أن يلزمها بتنقية الحش أم لا؟ (أجاب) حيث خرجت من الدار الذمية وانقضت مدتها ليس عليها تنقية الحش، وعبارة ابن حجر: ولا يجبر أي المكتري على تنقيتهما أي الحش والبالوعة

مطلب: رجل عنده جمل دفعه إلخ.

بعد المدة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عنده جمل دفعه إلخ. (سئل) في رجل عنده جمل دفعه لآخر يكاري عليه وله ثلث الأجرة، وأينما أراد يتوجه به فتوجه به إلى بيت لحم ليبيع ما عليه من القمح فقضى الله تعالى عليه ومات حتف أنفه بأمر الله تعالى، فهل يكون الجمال ضامنا له؟ (أجاب) ما وقع من صاحب الجمل من جعل ثلث الأجرة للجمال إجارة فاسدة وهي كالصحيحة في الضمان وعدمه، فالجمل تحت يد الجمال أمانة فلا يكون ضامنا له لأن موته بقضاء الله تعالى وقدره، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أراد أن يستأجر دارا مملوكة، إلخ. (سئل) في رجل أراد أن يستأجر دارا مملوكة، فهل يجوز له أن يستأجرها نحو ثلاثين سنة؟ وإذا قلتم بالجواز ومات أحد العاقدين هل تنفسخ الإجارة؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: تصح الإجارة مدة تبقى فيها العين غالبا فيؤجر الرقيق والدار ثلاثين سنة، ثم قال: لا بموت عاقد من حيث أنه عاقد أي لا تنفسخ بموت العاقد من حيث إنه عاقد للزومها سواء كانت إجارة عين أم ذمة، انتهى. إذا علمت ذلك علمت أن الدار تؤجر في عقد واحد ثلاثين سنة فلا حاجة لتعدد العقود كما يقع لبعضهم، وعلمت أنها لا تنفسخ بموت العاقد من حيث إنه عاقد، والله تعالى أعلم. مطلب: زاوية وقف وعليها بناء بيوت لأربابها إلخ. (سئل) في زاوية موقوفة من قبل أهل الخير ولها ناظر ومتول، مبني على جهات الزاوية الأربع دور وأماكن للغير بعضه وقف وبعضه ملك، ولم يعهد الباني على سطح الزاوية المرقومة، والآن برز متولي الوقف على الزاوية ويريد الدعوى على بعض الدور المبنية فوق أسطحة الزاوية التي لم يعهد بانيها ويطلب من الساكنين بالدور حكرا للزاوية، مع أن المتصرفين تلقوا الدور عن آبائهم وبالشراء الشرعي من جماعة، ولم يعهد أن على الدور المرقومة حكرا للزاوية وأن المتولين السابقين لم يأخذوا من أصحاب الدور حكرا ولم يدعوا عليهم به لعدم ثبوته وعدم عهده، فهل إذا ادعى متولي الزاوية على أحد من أصحاب الدور وطالبه بالحكر للزاوية تسمع دعواه ويفرض له حكر، مع أنه من قديم الزمان من بعد مدة تزيد على مائتي سنة لم يعهد أن عليها حكرا وحجج أصحاب الدور لم يتعرض فيها إلى حكر، فكيف الحال؟ (أجاب) حيث مضت المدة المذكورة ولم يعهد من المتكلمين على الزاوية طلب ولا أجرة ولا دعوى دل ذلك على عدم استحقاق ذلك للزاوية، ولا سيما مع مضي المدة المديدة والسنين العديدة، ولا ينافي الوضع المذكور عليها إما لاحتمال أن واقف الزاوية وقف السفلي دون العلوي، أو أنه كان لا يملك إلا السفلي فوقفه وبقي العلوي لأهله على ما كان عليه سابقا من ملك أو وقف، سلمنا أن البناء الذي على الزاوية حادث فلا يلزم من حدوثه ثبوت أجرة أو تعد من الوضع لاحتمال استبدال العلو

كتاب إحياء الموات

عند من يراه، فيكون الوضع بحق ووضع اليد والتصرف من أقوى أدلة الملك، وترك الطلب هذه المدة من أقوى أدلة عدم الاستحقاق، والأصل براءة ذمة المدعى عليه إلا بوجه شرعي من بينة شاهدة تشهد بالاستحقاق أو إقرار المدعى عليه بالحق، وهذان الأمران هما معتمد الحكام في إثبات الحقوق لأهلها، فحيث لا بينة شاهدة ولا لسان ناطق بالحق فلا سبيل للمدعي في دعواه إلا اتباع هواه ولا للحاكم فيما يحكم به ويراه، وأما مجرد كونها زاوية وهو وقف فلا تسوغ به الدعوى لما أبديناه لك من الاحتمالات، بل لو لم يكن لنا احتمال إلا وضع اليد والتصرف القديم وعدم الطلب ممن سبق لكان ذلك مرجحا لجانب الدافع المتصرف ودافعا للمتولي المذكور لعدم حجة شرعية ومستند يقوي جانبه مع قوة جانب التصرف الواقع من واضع اليد بما أبديناه لك، والحاكم والمفتي إنما يعتمد أن ظاهر الحال والترجيح بما رجحه الشرع القويم، وليس لنا البحث عن البواطن لأن ذلك يعلمه من يعلم الظاهر والباطن، والله تعالى أعلم بالصواب. (كتاب إحياء الموات). مطلب: ما حد إحياء الموات إلخ. (سئل) ما حد إحياء الأرض للزرع؟ واذا اختلف اثنان في الإحياء وأقام كل بينة فأي البينتين تقدم؟ وإذا وضع إنسان يده على أرض ولم يعمرها وعمرها فأيهما أحق بها؟ (أجاب) اعلم أن الأرض أقسام: أحدها أن يعلوها الماء مثل بقاع العراق فهذه إحياؤها بحبس الماء عنها وانحساره منها وسد الحفر التي يأتي منها الماء، والثاني مثل أراضي الجبال فهذه لا بد فيها من الحراثة مع كسح ما فيها من شجر وأحجار بحيث يطلق عليها اسم المعمورة، الثالث أراضي لا يكفيها المطر فلا بد فيها من جمع التراب حولها وتسوية الأرض بطم المنخفض وكسح العالي، وحرثها إن توقف زرعها عليها وترتيب مائها بشق ساقية وإن لم يحفر طريقه إليها إن لم يكفها المطر المعتاد لتوقف مقصودها عليه بخلاف ما إذا كفاها، ولا شك أن بينة واضع اليد تقدم كما هو مذكور في اختلاف البينتين، ومن عمر الأرض فهو أحق بها ويملكها وإن أثم لأنه حقق الملك كشراء ما ساقه غيره، ومثل ذلك المتحجر للأرض فإذا عمرها غيره فقد ملكها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل من زراع قرية من قرى بيت المال إلخ. (سئل) في رجل من زراع قرية من قرى بيت المال التي يقطعها مولانا السلطان نصره الرحمن إقطاع إرفاق لبعض الجند باعها الزارع لرجل أو رهنها، فهل يصح ذلك منه أو لا؟ (أجاب) بيع الأرض المذكورة من غير السلطان - أعزه الله تعالى - لا يصح من الزارع أو من المقطع؛ لأن شروط صحة البيع إطلاق التصرف وليس ذلك موجودا محضا أما في الزارع

مطلب: رجل عمر في مكان قديم إلخ.

فظاهر لأنه ليس له إلا الانتفاع بزرع الأرض، وكذلك المقطع ليس له إلا منافع ما يخرج من الأرض، ومثل ذلك رهنها فلا يصح، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عمر في مكان قديم إلخ. (سئل) في رجل عمر في مكان قديم داثر حريم لمسجد قديم داثرا أيضا، فظهر فيه ماء يريد مالك الأرض البعيدة عن الماء أخذ الماء قهرا، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وحافرها أي البئر بموات أو ملكه مالك لمائها لأنه نماء ملكه كالثمرة واللبن، وعليه بذل ما فضل عنه أي عن حاجته مجانا، وإن ملكه بحيوان محترم لم يجد صاحبه ماء مباحا وثم كلأ يرعى فيه ولم يحز الفاضل في إناء لحرمة الروح، والمراد بالبدل تمكين صاحب الاستسقاء ودخل في حاجته حاجته لماشيته وزرعه، نعم لا يشترط في وجوب بذل الماء الفاضل لعطش آدمي محترم كونه فاضلا عنهما، وخرج بالحيوان غيره كالزرع فلا يجب سقيه، إذا علمت ذلك علمت أنه ليس لأهل البعيدة أو القريبة معارضة الرجل لاختصاصه بالماء على الوجه المشروح، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل قاطن في بلدة توجه إلى بلدة أخرى إلخ. (سئل) في رجل قاطن في بلدة توجه إلى بلدة أخرى وأحيا فيها أرضا لم تكن تحت يد أحد، فهل لأهل البلدة أن يمنعوه منها والحال أنها من أراضي بيت المال أم كيف الحال؟ (أجاب) الأرض لمن أحياها لا لمن حواها ولا لمن دخلت في قراها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل زوج ابنته لآخر ودفع له أرضا إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنته لآخر ودفع له أرضا معلومة في صدقها ثم مات الدافع وخلف ورثة، فهل لهم الرجوع على الآخذ للأرض في صداقها؟ (أجاب) ليس للوارث معارضة فيما خرج عن تصرف مورثه إذ لم يبق تحت سلطنة مورثة، فهو لو كان حيا ليس له المعارضة فكيف بالوارث، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له أرض يزرعها إلخ. (سئل) في رجل له أرض يزرعها تلقاها عن أبيه وعن جده، فطلبها زارع من ابن عم الرجل الواضع يده عليها فأذن له في زرعها وأراد منع ابن عمه الواضع يده عليها بذلك، فهل يجوز له ذلك؟ (أجاب) حيث كانت الأرض من مزارعه لا يزعجه عنها حتى لو ذهب عنها وعاد لها ترد له أخذا من كلام الصديق رضي الله عنه في قصة تميم الداري رضي الله عنه، فكل من وضع يده على أرض وقف أو تيمار من أرض بيت المال سواء كانت مزارعة أو غرسا أو بناء ووضع ما عليها من لوازمها فليس لأحد معارضته فيها بوجه، وإن عورض منع وإن استولى دفع فإن لم يندفع فبالسيف قطع، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض وقف إلخ. (سئل) في رجل اسمه عدي تحت يده أرض وقف رفع يده عن نصفها وسلمها لجماعة ذميين يعملون فيها له النصف ولهم النصف، وعنده غرس ليمون دفعه لهم ليزرعوه في الأرض فأصلحوا الأرض وغرسوها، ولهم نحو ثلاثين سنة يتصرفون فيها بلا منازعة، فهل

مطلب: أرض من أراضي بيت المال إلخ.

لعدي رفع أيديهم عن النصف أو لا؟ (أجاب) اعلم وفقت أن الأرض الوقف لا تملك ولكن للزارع بها اختصاص، فلما رفع عدي يده عنها عن النصف بطل حقه وصار الحق للذميين يتصرفون فيه كيف شاءوا وأحبوا، ولا سيما وقد حققوا ذلك بالعمارة فوجب على عدي أن يسلم لهم النصف، ولا يجوز له معارضتهم بوجه من الوجوه، وقال صاحب الرسالة: [من آذى ذميا فأنا حجيجه يوم القيامة] فإن آذاهم ومنعهم كان على ولي الأمر منعه من ذلك، فإن لم يوجد فعلى جميع المسلمين نهيه وزجره عن هواه وبغيه، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض من أراضي بيت المال إلخ. (سئل) في أرض من أراضي بيت المال وضع رجل يده على حصة منها، أذن لابن ابنه أن يزرع فيها أشجارا مختلفة فغرس ثم مات الجد الآذن، فهل لأولاده منازعته فيما غرسه أو لا؟ (أجاب) أرض بيت المال ليست مملوكة لأحد لكن لواضع اليد بها اختصاص، فلما أذن لابن ابنه بالغرس فكأنه رفع يده عنها، فليس لأعمامه ولا لأبيه معه مطالبة أصلا لانقطاع علائقهم بما أذن به الجد، والله تعالى أعلم. مطلب: أراد يبني على سطح داره شيئا له ذلك إلخ. (سئل) في سطح دار هواه لإنسان يحصل له ضرر منه بناه لذلك، فهل للجار معارضة في ذلك لكونه يمنع الهواء عنه؟ (أجاب) حيث كان البناء في ملك الرجل فلا يمنع ولا يجوز للجار المعارضة بوجه، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ويتصرف كل من الملاك في ملكه بعادة، وإن أدى إلى ضرر جاره وإتلاف ماله، كمن حفر بئر ماء أو حش فاختل به جدار جاره أو تغير بما في الحش ماء بئره، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض هي مزارع لقوم إلخ. (سئل) في أرض هي مزارع لقوم غير معلومين وضع جماعة على حصة منها أيديهم ثم رفعوها باختيارهم، ثم وضع غيرهم أيديهم ولهم نحو خمس سنين يتصرفون فيها، فهل للأولين أن يعارضوهم؟ (أجاب) نعم ليس لهم رفع أيدي الواضعين قهرا لأنها منافع ومرافق بقدر الحاجة فالحق لواضع اليد ما داموا على ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عمر أرضا مواتا وصارت تزرع إلخ. (سئل) في رجل عمر أرضا مواتا وصارت تزرع وله واضع اليد عليها نحو عشرين سنة، وكان تصرف فيها في حياة والده أكثر من عشرين سنة، ثم الآن ينازعه فيها أخوه وابن أخيه بأن الأرض لأبيهما، وأرض القرية من أراضي بيت المال، فهل تسمع دعوى الأخ وابن الأخ؟ (أجاب) حيث تصرف الرجل المذكور في المدة المذكورة بلا منازع له في الأرض بحيث صارت تعرف به دون غيره فلا تسمع دعوى من ذكر، وإن فرض أن الأرض لأبيهما لأن مثل هذه الأرض إنما يملك التصرف فيها بوضع اليد، هذا كله حيث لا إحياء، وأما إذا وجد فالحق له قطعا وإن فرض وضع يد الأب عليها لأنه لم يحقق العمارة، فلما حققها ولده صار هو أحق بها حتى لو وجد الأب ونازع فلا يصغى لنزاعه

مطلب: امرأة واضعة يدها على أرض إلخ.

لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة واضعة يدها على أرض إلخ. (سئل) في امرأة واضعة يدها على أرض ولها زوج مات وله أخ ينازع المرأة في الأرض، فهل له أو لا؟ (أجاب) لا يجوز للرجل المذكور منازعة المرأة في الأرض التي هي واضعة يدها عليها، ولو حرثها وزرعها مدة لا ترفع يدها بذلك كما يعلم ذلك من قصة تميم رضي الله عنه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل رهن عند آخر أرضا إلخ. (سئل) في رجل رهن عند آخر أرضا ليست ملكا له ولا متصرف فيها، فهل يجب عليه دفع ما عليها من الدين؟ وهل له طلب ما على الأرض؟ (أجاب) نعم يجب على الراهن دفع ما عليه من الدين لمالكه، وليس له طلب من جهة الأرض لأنه ليس مالكا لها بل الطلب للمتصرف فيها بالوجه الشرعي، والله تعالى أعلم. مطلب: أرض موقوفة على ولي بيد زارع بنصيب معين إلخ. (سئل) عن أرض من قرية موقوفة على ولي من أولياء الله تعالى بيد زارع يزرعها بنصيب معين من الخارج لجهة الوقف، بها أشجار زيتون يأكل المزارع ما يخرج من ثمرته ولم يدفع حصة الوقف مدة سنين مدعيا أن الزيتون ليس كالزرع في القسمة ومتعنتا في الإغطاء، فهل يعتبر ما ادعاه؟ وهل للمتكلم على الوقف أن يطلب من الزارع أجرة الزيتون عن السنين الماضية وإلى يوم الدعوى عليه بذلك، وإن امتنع الزارع من الدفع للحاكم الشرعي أيد الله تعالى أحكامه زجره واستخلاص الأجرة منه لجهة الوقف ويثاب على مساعدة الوقف ومنع المتعدي؟ (أجاب) لا شبهة في لزوم أجرة الزيتون الموضوع في أرض الوقف حيث وضعه المأذون له في الزرع والغرس حقيقة أو حكما كالمزارع المذكور المقرر في الأرض قديما، وإلا بلا إذن على الوجه المذكور كان الواضع للشجر غاصبا يحرم عليه، فإن دفع فذاك وإلا كان لحاكم الشرع أيدت أحكامه إلزامه بها لأن أرض الوقف وغيرها تضمن منفعتها، والله تعالى أعلم. مطلب: قرية وقف على ولي علي بن عليم إلخ. (سئل) في قرية وقف على ولي الله تعالى سيدي علي بن عليم نفعنا الله تعالى به، لها زراع قسموها بينهم نصفين ومضى على ذلك نحو عشرين سنة، يريد أحد الشركاء أن يرفع يد الفريق الآخر، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) لا يجوز لأحد من الناس لا من الشركاء ولا من غيرهم أن يرفع الزراع عن أرضهم التي يزرعونها سواء كانت وقفا أم ملكا أم من أراضي بيت المال؛ لما عليه عمل الناس شرقا وغربا ولما في قصة تميم الداري رضي الله تعالى عنه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل وضع يده على قيراط من بلد وتصرف في بعض أرضه إلخ. (سئل) في رجل وضع يده على قيراط من بلد وتصرف في بعض أرضه وشجره ببيع وغيره، ثم عجز عنه وهرب وله أخ، فهل يلزم أخوه بلوازم هذا القيراط مما عليه للمتكلم؟ (أجاب) لا يلزم الأخ وضع يده على القيراط، وإذا لم يضع يده عليه فلا يلزمه شيء من لوازم هذا القيراط لعدم تصرفه فيه بزرع وقلع وغرس واستغلال شجر، والله تعالى أعلم.

مطلب: رجل له أرض وغرس وعلائق إلخ.

مطلب: رجل له أرض وغرس وعلائق إلخ. (سئل) في رجل له أرض وغرس وعلائق من قرية، وله أولاد منهم ولد كبير كان يساعده في الغرس ويغرس، ويدفع الوالد جميع علائق الأرض، فهل لولده المذكور مع أبيه شيء؟ (أجاب) ليس للولد مع أبيه في الأرض ولا في الغرس ولو غرسه كله بيده لأنه متبرع بالعمل حيث لم يوجد من أبيه ما يدل على الأجرة، فيمنع الولد عن أبيه من سائر الوجوه، فإن عارضه كان عاقا لوالده ويستحق من الله تعالى الغضب ومن السلطان العطب ومن صلحاء المؤمنين المنع والنصب، والله تعالى أعلم. مطلب: في خربة لم يعهد لها واضع يد إلخ. (سئل) في خربة لم يعهد لها واضع يد وضع جماعة أيديهم على حصص منها وتحجروها، ثم إن واحدا منهم حقق العمارة وهيأ بعضها للزراعة وزرعها مرارا، والآن يريد المتحجر أن ينزعها منه بالتحجر السابق، فهل له ذلك وما الحكم في ذلك شرعا؟ (أجاب) الأرض لا تملك بالتحجر بل لا بد من عمل فيها يهيؤها للعمارة من إزالة أحجار وكسح مستعمل وتسوية منخفض وقلع أشجار وحرث إن احتاجت له، فمن فعل ذلك في أرض موات ملكها ومن لم يعمل ذلك فلا يملك للأرض وإن سبق له تحجر للأرض أو إقطاع من الإمام لأن الأرض لا تملك إلا بالعمارة لا بالتحجر وإن كان المعمر ظالما بالعمارة، والله تعالى أعلم. مطلب: في دار علوية تحتها دكان لآخر إلخ. (سئل) في دار علوية تحتها دكان لآخر يريد صاحب الدار أن يلزم صاحب الدكان أن ينقض حائطه ويبنيه بناء متينا، فهل له أن يجبره على ذلك ويلزمه به؟ (أجاب) المصرح به في كتب المذهب أن ما لا روح له كقناة ودار لا تجب عمارته لانتفاء حرمة الروح، ولأن ذلك من جملة تنمية المال وهي ليست بواجبة فلا يجب على الرجل عمارة الدكان لأنه لا يجب عليه حفظ مال غيره، فإن أراد الرجل حفظ ماله عمره بإذنه، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض تلقاها إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض تلقاها عن أبيه وجده وهو يتصرف فيها بالغرس وغيره وهي من وقف الشيخ أبي مدين، فهل تسمع دعوى من يدعي أن أصلها له ولم تعرف به أو لا؟ (أجاب) أرض الوقف لا تملك للزراع وإنما لهم بها اختصاص ووضع يد، فحيث الرجل كان واضعا يده على الأرض المذكورة ونسبت نسبة الأول لها لا تسمع دعواه ولا تقبل شهوده عليها وإن فرض أن أصلها له؛ لإعراضه عنها المدة المذكورة ووضع الآخر يده المدة المذكورة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل أحيا أرضا ميتة وجرت يده عليها إلخ. (سئل) في رجل أحيا أرضا ميتة وجرت يده عليها مدة من السنين، ثم مات فجاء قريب له واستولى على الأرض المذكورة مدة وادعى أنه خاصم عليها وغرم عليها مالا، وللميت الذي أحيا الأرض المذكورة ولد وهو يريد الآن أن يأخذ الأرض من تحت يد قريبه المذكور، فهل له ذلك؟ وهل يلزمه ما غرمه الرجل المذكور أو لا؟ (أجاب) يجب

مطلب: في أولاد عم وجدوا إلخ.

على القريب أن يسلم الأرض المذكورة لولد الميت حيث ثبت إحياء والده لها، ولا عبرة بوضع يد الرجل المذكور وإن طالت مدة يده لأنه غاصب، وذلك لا يبطل الحق ولا يلزم ولد الميت أن يدفع له شيئا مما غرمه على الأرض لأنه متبرع به، والله تعالى أعلم. مطلب: في أولاد عم وجدوا إلخ. (سئل) في أولاد عم وجدوا آباءهم مشتركين فيما بأيديهم من زرع وأرض وكروم وأشجار وغير ذلك، ثم خلفوا آباءهم مدة على ذلك نحو عشرين سنة وقد عمروا في هذه المدة كرما مشتملا على زيتون وتين وعنب، ثم قسموا ما بأيديهم ويريد أحد أولاد العم الاختصاص بهذا الكرم المعمر المشتمل على ما ذكر زاعما أنه حمى أرضه، والحال أن ما به من أشجار وحيطان الجميع مشتركون في إنشائها، فهل له الاختصاص به دون أولاد عمه؟ (أجاب) حيث ما اتفقوا جميعا في العمارة والأرض لهم أو موات أو ليس لها مالك منازع فالكرم بما اشتمل عليه لهم شركة يقسم بينهم بحسب الحصص وإن فرض أنه حماه؛ لأن الأرض لا تملك بذلك إنما تملك بالعمارة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل رهن سكينا عند آخر إلخ. (سئل) في رجل رهن سكينا عند آخر على دين، ثم جاء الراهن بالدين ودفعه للمرتهن وقبضه منه وقال الراهن: أعطني السكين، فامتنع من ذلك فتلفت تلك السكين، فهل تكون من ضمان المرتهن حينئذ أم لا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ولا يضمنه أي الراهن المرتهن إلا إذا تعدى فيه أو امتنع من رده بعد البراءة من الدين، انتهى، وحينئذ فالمرتهن المذكور يضمن السكين المذكورة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تحت يده بئر ماء إلخ. (سئل) في رجل تحت يده بئر ماء بالملك وحوله بالقرب منه بقعة من الأرض بحيث يعد من حريمه، فجاء رجل ووضع فيها قشه وادعى أنه ملكه بسبب أن جده كان وضع فيه مرة تسمع، فهل تسمع دعواه أو لا؟ (أجاب) مجرد وضع القش في المكان لا يصيره ملكا للواضع حتى يتلقاه عنه بالإرث، ولا يثبت به اختصاص أيضا فلا يصير به أحق على أن إعراضه عنه مدة طويلة بحيث تركت نسبته إليه سقط حقه لو كان له حق، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له معصرة معدة لعصر الشيرج إلخ. (سئل) في رجل له معصرة معدة لعصر الشيرج باعها لرجل وله عليها بناء كان آجره لآخر قبل البيع، والبناء المذكور دار سكنها المستأجر، فهل له معارضة المشتري للمعصرة لتضرره بالرائحة منها؟ (أجاب) لا يخفى أن المستأجر ليس له معارضة المالك للمعصرة المذكورة لأنه ليس بمالك للعلو، على أن المالك الأصلى المؤجر له ليس له أيضا معارضة كما قال في المنهاج وشرحه، والأصح أن يجوز أن يتخذ داره المحفوفة بمساكن حماما وإصطبلا وطاحونا وفرنا ومدبغة، وحانوته في البزازين حانوت حداد وقصار إذا احتفظ وأحكم الجدران إحكاما يليق بما يعضده بحيث يندر تولد خلل منه

مطلب: في قطعة أرض كانت تحت يد جماعة إلخ.

في أبينة الجار، ثم قال ابن حجر: والحاصل منع ما يضر الملك دون المالك أي يضر ضررا على خلاف المعتاد، وأما المعتاد وإن أضر بالملك فلا يمنع فالتفصيل في ضرر الملك، وأما ضرر المالك بالدق والرائحة الكريهة كرائحة المدبغة فلا يمنع المالك، نعم إن جرت العادة بإزالة القذرات المضرة فالقياس أن يؤمر صاحب المعصرة أو المستأجر لها بإزالة ذلك، وأما المنع من الشغل بها والدق ووضع الكوة على العادة فلا يمنع منه، والله تعالى أعلم. مطلب: في قطعة أرض كانت تحت يد جماعة إلخ. (سئل) في قطعة أرض كانت تحت يد جماعة متصرفين فيها مدة طويلة بموجب الإذن لهم من المتصرف في الأرض رفعوا أيديهم عنها بموجب تمسكات شرعية، وهذه الأرض من جملة أراضي بيت المال المسمى الآن ميريا من أراضي يافا حرسها الله تعالى، أقطع مولانا السلطان نصره الديان رجلا يقال له حسن أغا هذه الأرض بالتصرف في هذه الأراضي وضبط معلومها والإذن للزراع وغيرهم بما فيه المصلحة المسمى ذلك عندهم مالكانا، فأذن لجماعة كثيرين ما بين زارع وغارس وبان فيها كل ذلك بحسب المصلحة وعمارة المحل المعروف، فعمر الناس بها وغرسوا وبنوا بموجب ما معهم من التمسكات الشرعية، ومن جملة ذلك الأرض المذكورة التي رفع الجماعة أيديهم عنها، فأذن حسن أغا وأقطع رجلا هذه الأرض ليبني بها مصبنة وكتب له بذلك تمكسا وعمل عليه مالا معلوما يؤديه كل سنة لمن يكون متكلما على ولاية يافا بالإذن الشريف، والحس والعيان شاهدان بأن في ذلك مصلحة كلية لبيت المال، فهل ما وقع من حسن أغا المذكور صحيح شرعا يجب العمل به ولا يجوز لأحد أن يعارض ذلك وقد بنى الرجل المأذون له من حسن أغا المصبنة المذكورة، فهل لأحد أن يعارضه في البناء المذكور وفي عمل الصابون بها أم كيف الحال؟ (أجاب) اعلم وفقك الله أن الله تعالى أقطع نبيه أرض الدنيا ليقطع منها ما شاء كأرض الجنة، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقطع من الأرض وإن لم يفتحها ما شاء كما وقع ذلك لتميم الداري رضي الله عنه ومن معه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعهم قدرا من أرض الشام ولم يكن صلى الله عليه وسلم فتح الشام وأمضى لهم ذلك الصديق وتبعه الخلفاء الراشدون والسلاطين المهتدون فيقطعون من الأرض التي لبيت المال من شاء وما شاء، وإثم الإقطاع قسمان: إقطاع إرفاق، وإقطاع تمليك وهو قسمان خال عن العوض يقطعه السلطان لمن أراد من المؤمنين بحسب المصلحة واجتهاده، وإقطاع بعوض إما حالا وإما مؤجلا بحسب المصلحة كما وقع لجناب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فتح سواد العراق عنوة قسمها بين الغانمين، ثم بذلوه لعمر رضي الله

مطلب: رجل له حائط متصل بدار الآخر إلخ.

عنه ووقفه علينا وآجره إجارة مؤيدة للمصلحة الكلية، وجعل على كل جريب مالا معلوما يؤدونه كل سنة، فحيث أذن مولانا السلطان نصره الملك الديان لحسن أغا بالتصرف في يافا وأراضيها وتوابعها، ثم إنه آجر وأقطع منها أراضي وعمل عليها مالا معلوما بحسب المصلحة يؤدى كل سنة لوكيل بيت المال كان تصرفه طبق الشرع القويم والملة البيضاء، وهو مقتضى ما صنعه عمر رضي الله عنه، وكان أيضا الصديق قبله أقر إقطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم ومن معه وقال لهم: لا تخرجوا الزراع منها فإن هم خرجوا وعادوا إليها فهم أحق بها وأولى، وهي بأيدي ذريتهم إلى الآن بأيدي جماعة يدفعون ما عليها لهم، إذا علمت ذلك كانت الأراضي التي بأيدي أهل يافا وغيرهم من قرى بيت المال بحق لا يجوز لأحد أن يعارضهم فيها بوجه، وكذلك ما بها من الأبنية وكذلك المصبنة وضعها وبناؤها بحق لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعارض فيها بوجه؛ لأنها وضعت على طبق الشرع القويم وعلى ذلك عمل الناس في المشارق والمغارب في أراضي بيت المال ولأن المعارضة تؤدي لتعطيل أراضي بيت المال، وقال صلى الله عليه وسلم: [المؤمنون عند شروطهم] فكيف بالسلطان نصره الله تعالى ووكلائه، والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب: رجل له حائط متصل بدار الآخر إلخ. (سئل) عن رجل له حائط متصل بدار الآخر حصل في بنائه خلل فاستأذن صاحبه في نقضه وإعادته، فأذن له بشرط أن لا يلحق بناءه ضرر فنقض الحائط وتجاوز بالحفر إلى جدار جاره وأزال منه حجرا كبيرا يسمى مرفضا، فهدم بسبب الإزالة المذكورة ما هو راكب عليه من مطبخ جاره، فهل إذا ثبت الهدم بسبب تلك الإزالة يعد الكشف من جانب الحاكم الشرعي يضمن نقصان البناء أم لا؟ (أجاب) حيث حصل من الجار حفر في أساس جاره كان متعديا وضامنا؛ لأنه ممنوع من التصرف في ملك الغير بغير إذنه حتى لو لم يتصرف في جدار الجار، وإنما تصرف في جدار نفسه وتلف جدار الجار حالا بدقه ضمنه، صرح به في العباب، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل تحت يده أرض يتصرف فيها مدة إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض يتصرف فيها مدة طويلة، ثم خرج من بلده مدة ثم عاد إلى بلده فوجد رجلا قد وضع يده على الأرض والمتكلم على الأرض إنما أقر الأول عليها لأنها أرض وقف، فهل للثاني الواضع يده على الأرض نزاع مع الأول المقرر من المتولي على الوقف بموجب التمسك الذي معه؟ (أجاب) حيث كان الرجل الأول واضعا يده على الأرض بحق لا يجوز للرجل الثاني معارضته بوجه من الوجوه؛ لأنه غاصب للأرض واضع يده عليها بغير حق فيجب عليه أن يرفع يده عنها ويسلمها للأول، هكذا قال الصديق رضي الله عنه لأبي عبيدة في القرى

مطلب: رجل خرج من بلده إلخ.

التي كان صلى الله عليه وسلم أقطعها لتميم الداري ومن معه، ثم قال: فإن خرج أهلها وعادوا فهم أحق بها وأولى، فالرجل المذكور أحق بأرضه وأولى وإن خرج من بلده وعاد، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل خرج من بلده إلخ. (سئل) في رجل من بلده ثم يريد الرجوع لبلده، والحال أن أرضه التي كان يستغلها زرعها رجل من أهل البلد بإذن المتكلم عليها لأنها من أراضي بيت المال، فهل للرجل إذا عاد للبلد طلب قسم الأرض؟ (أجاب) حيث نزل الرجل في الأرض بإذن المتكلم عليها فليس للرجل الخارج من بلده نزاع معه أصلا؛ لأن الأرض إنما عليها معلوم واحد يأخذه الأستاد، نعم بعد فراغ الأرض من زرع الرجل يستولي عليها من كان واضعا يده عليها سابقا، والله تعالى أعلم. مطلب: في واضع يده على أرض خربة إلخ. (سئل) في واضع يده على أرض خربة لم يعهد لها عمارة باعها لرجل هو وأخوه، ثم عمرها المشتري حتى صلحت للزراعة ثم مضى على ذلك أكثر من ثلاثين سنة، ثم ظهر ابن عم لهما يدعي أن لأبيه فيها حصة مع مشاهدته هو وأبوه من قبله التصرف هذه المدة، فهل يصغى لدعوى المدعي المذكور؟ (أجاب) حيث عمر الرجل الأرض استحقها وصارت ملكا له ولا عبرة بوضع يد الرجل عليها؛ لأن ذلك تحجير لا يعتد به شرعا، فلما عمر الأرض استحقها قطعا بلا نزاع على أن رفع يده بالبيع تطييب لخاطره، وأما دعوى ابن العم فلا يصغى لها لأمور: منها ما ذكر من العمارة، ومنها أن واضع اليد عليها بلا عمارة لا ملك له فيها، ومنها مضي هذه المدة المذكورة بلا منازع لا يسمع القاضي فيها الدعوى حيث ورد الأمر السلطاني بمنعه من القضاء فيما زاد على خمس عشرة سنة، والله تعالى أعلم. مطلب: عن رجل تحت يده أرض إلخ. (سئل) عن رجل تحت يده أرض يدعي أن له نحو أربعين سنة يتصرف فيها، ورجل يدعي أن الأرض له هو الذي عمرها وقلع شجرها وأصلحها للعمارة، وله هذه المدة يقف على واضع اليد فتارة يستعفه وتارة يقهره، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث أقام المدعي للأرض بينة شرعية أنه عمر الأرض بحيث صارت تصلح للزراعة وكانت قبل ذلك مواتا، ولم يحصل منه إعراض عنها بل ينبه على واضع اليد أحيانا بحيث لا يعد تاركا لحقه فالأرض له وإلا فتبقى تحت يد واضع اليد، والله تعالى أعلم. مطلب: في أرض عينها مولانا السلطان إلخ. (سئل) في أرض عينها مولانا السلطان نصره الديان لأحد الجند يأكلها في نظير خدمته، كان يزرعها زارع يدفع ما عليها للجندي المذكور، ثم إنه نزل عنها لرجل آخر يدعي شراءها، فهل يجب عليه أن يدفع معلومها الشرعي للجندي المذكور؟ (أجاب) حيث عينها السلطان لرجل وهو معنى الإقطاع الذي ذكره العلماء وجب على الزارع لها المستوفي لمنفعتها أن يدفع أجرتها للمتكلم عليها أجرة أمثالها، فإن علمت فالأمر ظاهر وإلا تحتاج

مطلب: عن مزرعة في يد أهل قرية إلخ.

إلى رجل خبير بالأرض يشهد أن قيمتها كذا من النقد الصاغ، فيجب على الزارع أن يدفعه للمتكلم عليها، والله تعالى أعلم. مطلب: عن مزرعة في يد أهل قرية إلخ. (سئل) عن مزرعة في يد أهل قرية متصرفين فيها بطريق الملك ويدفعون ما عليها لجهة الوقف والتيمار من مدة تزيد على أربعين سنة، والآن قام أناس من غير أهل القرية يدعون بأن المزرعة لهم بدون وجه شرعي، فهل يمنعون من معارضتهم ويعمل بوضع يد أهل القرية على المزرعة المرقومة؟ (أجاب) حيث مضى على الزراع المذكورين هذه المدة وهم يتصرفون فيها لا يجوز لغيرهم معارضتهم بوجه؛ لأن أرض الوقف والتيمارية لا يملكان، وإنما الزراع لهم بها علاقة واختصاص فلا يجوز لغيرهم معارضتهم وإن دخلت في حدود بلدهم أو سبق لهم زراعة لما علم، فعلى الحاكم أيده الله تعالى أن يمنع معارضهم من كل وجه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل له زيتون جاء رجل إلخ. (سئل) في رجل له زيتون جاء رجل أجنبي وجد في أرضها بئرا قديما، فهل البئر لواجده أم لصاحب الأرض والزيتون؟ (أجاب) البئر لمالك الأرض والزيتون لأنه ملك الأرض وقرارها إلى الأرض السابعة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: [من ظلم قيد شبر طوقه الله من سبع أرضين]، والله تعالى أعلم. مطلب: بئر دائر قديم عمره جماعة إلخ. (سئل) في بئر دائر قديم عمره جماعة بإذن أهل البلد، ثم خاصمهم فيه أقارب لهم فقال بعض الحاضرين لهم: أعمروا لكم آخر ليكونا بينكما شركة فعمروا، فهل يصير البئران بهذا القول شركة أم كيف الحال؟ (أجاب) كل بئر لمن عمره وليس لغيره معه شركة، وما وقع لا يقتضي الشركة بل يخص العامرون للأول به والعامرون للثاني بالثاني ولا نزاع لأحد الفريقين مع الآخر، ألا ترى أن العامرين للثاني لو وجدوا به كنزا ما كانوا يشركون فيه الأولين، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل تحت يده أرض كانت إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض كانت مواتا عمرها والده وغرس بها أشجار زيتون وتين، ولهما مدة تزيد على أربعين سنة يتصرفان فيها عمارة واستغلالا من غير منازع برز رجل من أهل قريتهم يدعي أنها من أراضي بلده ولم يعهد له ولا لآبائه وأجداده تصرف فيها ولا لأحد من أهل القرية، فهل لأحد معه منازعة فيها والحال ما ذكر؟ (أجاب) إنما تملك الأرض بالعمارة ولا سيما في الموات، فحيث إن والد الرجل عمر الأرض بقلع ما فيها من أشجار البرية وغرس الأشجار النافعة من تين وزيتون ملكها بذلك يرثها ولده من بعده، وليس لغيره من أهل القرية أو غيرهم معه منازعة بوجه لعدم علاقته بها بوجه، ولا عبرة بدخولها في حدود القرية فتقصير أهلها بترك عمارتها وإن تحجروا عليها يبطل تحجيرهم بالعمارة، والله تعالى أعلم. مطلب: في حانوت تلقاه جماعة إلخ. (سئل) في حانوت تلقاه جماعة إرثا من والدهم

مطلب: في فرس مشتركة بين اثنين إلخ.

وكان والدهم تصرف فيه مدة تزيد على ثلاثين سنة، وهم تصرفوا فيه من بعده ست سنوات ولا يعرفونه إلا ملكا من أملاك والدهم، والآن برز رجل يدعى الحانوت هل تسمع دعواه به على الورثة المذكورين بعد مضي هذه المدة ومشاهدته لتصرفهم وتصرف والدهم في الحانوت أو لا، وعلى فرض جواز سماعها، هل تكلف الورثة المذكورون إظهار صك يشهد لهم بالتصرف والتملك أو يكفي في ذلك وضع اليد أم كيف الحال؟ (أجاب) وضع اليد من أقوى الأدلة الشرعية، فإنا كل من رأينا بيده شيئا حكمنا عليه بأنه ملكه حتى يوجد ما يخالفه، ولا سيما إن انضم إلى ذلك تصرف مع طول المدة ومشاهدة المدعي الدال ذلك عادة على تسليم اليد للواضع على أنه حين نص مولانا السلطان للقاضي بعدم سماع الدعوى فيما زاد على خمسة عشر سنة ليس له سماعها فيما فوق الخمس عشرة سنة لعدم ولاية قضائه لذلك، فلا تكلف الورثة لإظهار صك يشهد لهم بل وضع اليد كاف في ذلك حتى يوجد ما ينافيه، والله تعالى أعلم. مطلب: في فرس مشتركة بين اثنين إلخ. (سئل) في فرس مشتركة بين اثنين ويدعي أحدهما أنه شرط له الرسن، هل يعمل بهذا الشرط أو لا؟ (أجاب) هذا الشرط لا يعمل به شرعا لأنه مجهول ولا عبرة بما اعتاده أرباب الخيل فإنها عادة باطلة، وكل شيء خالف الشرع فهو رد أي مردود على فاعله، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عرف بخدمة نبي هو وأجداده إلخ. (سئل) في رجل عرف بخدمة نبي هو وأجداده تلقاها عن أبيه عن جده، فهل لأحد أن يعارضه فيما يقبضه أو في مكانه أو يقاسمه أو يأخذ منه ما بيده من صدقة أو نذر؟ (أجاب) إذا تأملت أيها الواقف على سبب نزول قوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} مع ما لها من السوابق واللواحق النازلة هذه الآية في شأن عثمان بن طلحة مع ما تقدم منه من الإغلاظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخولها، وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ: يا عثمان لعلك ترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، فلما فتح صلى الله عليه وسلم مكة شرفها الله تعالى أخذ المفتاح من عثمان وتشوف إليه أكابر الصحابة كعثمان بن عفان وغيره فأنزل الله تعالى الآية الكريمة {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وقال له: يا عثمان خذها تالدة خالدة لا ينتزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف. وإذا تأملت أيها اليلمع المعروف والمعمع اليهوف هذين الخبرين أعني قوله صلى الله عليه وسلم يا عثمان خذها إلخ، وقوله أيضا يا عثمان إن الله استأمنكم، إلخ علمت أن من كان بيده خدمة مكان أو بيده وظيفة

مطلب: رجل له أرض دفعها لآخر إلخ.

أو نحو ذلك من الأمور العامة أو الخاصة المتعلقة بالسلطان نصره الديان لا تؤخذ منه قهرا وإن سبق منه إساءة أدب كما وقع من عثمان المذكور وهذا هو الأولى والأحق، وإنما لم يكن مانعا كما هو ظاهر الآية لأن عثمان بن عفان تشوف مع جماعة لأخذ المفتاح ولم يعطه صلى الله عليه وسلم، وكذلك أخذ النذر من الأماكن المباركة لقوله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن طلحة: فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف، فاستفد هذين الحكمين العظيمين الكثير وقوعهما فإنك قل أن تجده بهذا الدليل وهذا التوجيه، إذا علمت ذلك فليس لأحد أن يعارض الخادم المذكور في خدمته ولا فيما يقبضه من صدقة أو نذر بنص هذه القصة التي تلوناها عليك، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له أرض دفعها لآخر إلخ. (سئل) في رجل له أرض دفعها لآخر ليزيل ما فيها من أشجار البادية ويعمرها كرما على أن يكون لصاحب الأرض النصف وللمعمر النصف الآخر، فعمرها واقتسماها كذلك، لكن المعمر غرس في قسمته غرسا زائدا على ما شملته القسمة أولا، ثم اشترى حصة صاحب الأرض من الشجر والأرض والآن يريد صاحب الأرض أن يأخذ من المعمر ربع ما بقي بيده، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) صاحب الأرض لما باعها لم يبق له فيها حق مطلقا فبأي وجه يطلب هذا الربع، نعم لو وجد من يجري الدعوى التي تدفع بها البلوى لعارضه فيما في نصفه من الأشجار، وقيل له: أيها الغدار بماذا تأخذ هذه الأشجار التي هي عن إنشاء الرجل المعمار، نعم لك عليه أجرة أرضك على الحق المختار لإذنك له بالإنشاء والغرس على النمو الذي صار، فاتق الله لئلا تلحق بالأشرار والله هو الولي الستار، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل وضع يده على أرض إلخ. (سئل) في رجل وضع يده على أرض لم يعهد لها عمارة من غيره لا لزرع ولا لغرس، فعمرها وغرس بها زيتونا ولها تحت يده نحو أربعين سنة من غير منازع لها، والآن رجل يدعي أنها من أرض بلده، فهل تسمع دعوى المدعي المذكور؟ (أجاب) لا ريب أن هذه الأرض التي لم تعمر تملك بالعمارة لا بوضع اليد فمن عمرها فهي له، فالرجل المعمر للأرض يملكها ولا تسمع دعوى وضع اليد وإن أقام عليها بينات متعددة لأن الأرض لا تملك بالتحجر بل بتحقق العمارة، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل تحت يده أرض إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض من جملة وقف خليل الرحمن على نبينا وعليه أفضل صلاة الملك المنان يزرعها من جملة الزراع، تلقاها من أبيه عن جده أكثر من مائة سنة، والآن يزرعها رجل يدعي أنها له وأنها تحت يد من ذكر رهن ولم يعلم له وضع يد سابقا ولا لوارثه من قبله ولا له من أرض الخربة علاقة أصلا، فهل تسمع دعواه أو تفيده شكواه؟ (أجاب) حيث عرف الرجل بزراعة الأرض الوقف فهو أحق بها ولا ترفع يده عنها بما ذكر

مطلب في حائط مشترك بين اثنين الخ

\50 من الدعوى حتى لو فرض أن الأرض كان يزرعها هو ومورثه سابقا، لا تسمع دعواه لأنه بالإعراض عنها هذه المدة سقط حقه، وابنه متولي أمره، والله تعالى أعلم. مطلب في حائط مشترك بين اثنين الخ (سئل) في حائط مشترك بين اثنين فهل لأحدهما أن يحدث في ملكه ما يحدث به الضرر للجدار المشترك؟ (أجاب) صرح أئمتنا بأن الجار يتصرف في ملكه على العادة، وعبارة متن المنهاج: ويتصرف كل واحد من الملاك في ملكه على العادة. قال ابن حجر نقلا عن الزركشي: والحاصل منع ما يضر الملك دون المالك، فحيث كان فعل الجار ضررا على الجدار المشترك بحيث يكون مخالفا لما جرت به العادة، منع ما يحصل به الضرر للجدار المشترك، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل عمر أرضا داخلة في حدود قرية الخ (سئل) في رجل عمر أرضا داخلة في حدود قرية اسباهي، وغرس فيها عنبا وزيتونا وغير ذلك، وتصرف فيها مدة عمره من غير منازع ولا معارض، ولم يطلب أحد منه خراجا، ثم بعد موته خلفه أولاده مدة من السنين يتصرفون فيها ويتناوبون ثمار الأشجار بلا منازع، والآن جاءهم السباهي يطلب منهم عددا وخراجا على الأرض فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) حيث كانت هذه الأرض مواتا بأن لم يجر عليها ملك مسلم ولا ذمي؛ أي لم يتيقن عمارتها لواحد منهما، وليست من حقوق عامر ولا من حقوق المسلمين، فمن عمرها ملكها، والمتون والشروح ناطقة بذلك، والأحاديث دالة على ذلك، نعم يسن استئذان الإمام في العمارة، فإن لم يستأذن ملك بالإحياء، ولو كان المحيي لها غير مكلف، كمجنون، وأما الحدود فلا تشعر بملك المتكلم للوارث لأن تلك الحدود لتمييز البلاد بعضها من بعض، والله تعالى أعلم. مطلب في أب وابن شركاء الخ (سئل) في أب وابن شركاء في عمارة محل موات ثم أعرض الأب عن العمارة وإنما عمر يوما أو يومين، وبقي الولد على العمارة مع مشاهدة الأب، وصارت الأرض صالحة للبناء بعمارة الولد دون الأب فهل للأب منازعة مع ابنه بعمله المذكور أم لا؟ (أجاب) حيث إن الأب لم يكمل العمارة وأعرض عنها فلا حق له، كما صرحوا به في عمارة الموات، والحق فيها للابن لأنه تمم العمارة، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له أرض وله فيها طابون الخ (سئل) في رجل له أرض وله فيها طابون، جاء رجل فيها يحفر فيها مطمورة ليضع فيها غلته، فوجد فيها بئر ماء ملانا من الماء، فهل يكون للحافر أم لمالك الأرض؟ (أجاب) الأرض وما فيها إلى تخوم الأرض من سبع أرضين لمالك الأرض؛ لقوله صلي الله عليه وسلم» من غصب قيد شبر طوق من سبع أرضين «فالبئر لمالك الأرض حتى لو وجد فيها كنزا كان له وليس للحافر فيه حق؛ لأنه إن حفر بإذنه فهي - أي الأرض - عارية، وإن كان بغير إذنه فهو غاصب يلزمه ضمان نقص الأرض، والله تعالى أعلم

كتاب الوقف

\50 كتاب الوقف (كتاب الوقف) مطلب في قرية موقوفة على جهة بر الخ (سئل) في قرية موقوفة على جهة بر، وعليها عشر لسباهي نظير إعطائه بالديوان السلطاني، هل للسباهي أن يتناول شيئا زائدا من قسم أراضي القرية المعينة؟ وهل إذا تناول شيئا زائدا عن العشر زاعما أن غيره كان يتناول نصف المتحصل من قسم أرض الوقف لتوافق النظار على ذلك سابقا، فهل يعمل بهذا التوافق؟ ولو أقام بينة على ذلك يعمل بها ويبطل شرط الواقف الثابت شرعا، مع إن نص الواقف كنص الشارع، فإذا ثبت مضمونه شرعا تبطل بينة السباهي ويؤخذ منه ما يتناوله زائدا على العشر ويرد على جهة الوقف، وإذا عاند يؤخذ منه قهرا، ويثاب الحاكم على ردع مثله، أم كيف الحال؟. (أجاب) اعلم أن هنا أصلين يجب التنبه لهما، أحدهما أن هذا العشر الذي يؤخذ من الأوقاف القديمة السابقة على تلك الفناء منه للديار المصرية والشامية، لا يعمل به شرعا لحدوثه وعدم دخوله في شرط الواقف، وإنما هو من باب الظلم، وإن فرض صحته في نظير تحصيل نحو السباهي لربع الوقف، فلا يجب استمراره، بل للناظر أن يولي غيره للتحصيل. الثاني أن توافق النظار من باب الإقرار الذي لا يصح منهم؛ لأن شرط المقر أن يملك ما يقر به ظاهرا. قال ابن حجر بعد قول المنهاج: ومن توجهت عليه يمين لو أقر بمضمونها لزمه، فإن أنكر حلف، بل لو أقر إلى نائب المالك كوصي ووكيل فلا يحلف؛ لأنه لا يقبل إقراره، وكالوصي فيما ذكر ناظر الوقف، فالدعوى على أحد هؤلاء ونحوهم إنما هي لإقامة البينة؛ إذ إقرارهم لا يقبل، ولا يحلفون إن أنكروا ولو على نفي العلم، إلا أن يكون الوصي وارثا، ولو أوصت غير زوجها فادعي آخر أنه ابن عمها ولا بينة له، لم تسمع دعواه على الوصي والزوج؛ لأنها إنما تسمع غالبا على من لو أقر بالمدعى به قبل، وهي لو صدقت أحدهما لم يقبل لأن النسب لا يثبت بقوله. إذا علمت أن العشر إذا كان حادثا على الوقف الثابت لا يعمل به شرعا، فإذا لم يعلم حال الوقف فالظاهر العمل بالعشر لأن وضع اليد دليل شرعي يعمل به، وإن إقرار المتولي وتوافقه على الوقف باطل لا يعمل به، فالبينة المبنية علة توافق النظار ملغاة لا يعمل بها لبطلان أصلها المعمولة هي عليه، وإن الدعوى عليه إن كانت لإقامة البينة سمعت، وإلا فلا تسمع الدعوى عليه للتحليف، والله تعالى أعلم. مطلب أرض وزيتون وقف على مسجد الخ (سئل) عن أرض وزيتون وقف على مسجد، واضع يده عليها رجل، فهل يجب على واضع اليد التصرف بما يخص المسجد في مصالحه أو يدفعه لأهل بلده يضعونه في لوازم عليهم؛ لأنه لا ناظر له ولا متولي؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن المساجد هي من شعائر الإسلام التي يجب على كل مسلم

مطلب في دكان آل إلى الخراب استأجره رجل بأجرة معلومة الخ

\50 إظهارها وبيان معالمها، فلا يجوز لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر أن يأخذ مما يخص المسجد شيئا، بل على واضع اليد وغيره من صلحاء المؤمنين أن يصرف ذلك في مصارف المسجد من حصر وزيت وعمارة وأجرة خدامه، مثل المؤذن والإمام والخطيب والفراش والكناس وعمارة بئر يحتاج إليه، والله تعالى أعلم. مطلب في دكان آل إلى الخراب استأجره رجل بأجرة معلومة الخ (سئل) في دكان آل إلى الخراب استأجره رجل بأجرة معلومة تدفع لجهة الوقف في كل سنة، ثم طلب من المتولي أن يعمر له الدكان، فقال: ليس في جهة الوقف شيء يعمر به الدكان، فطلب المستأجر منه ومن حاكم الشرع الإذن في العمارة، ويكون ما يصرفه عليه خلوا له، فأذن الحاكم الشرعي والمتولي له بالعمارة ليكون ما يصرفه خلوا ودينا على جهة الوقف، فصرف عليه أربعة وثمانين قرشا أسديا، وكتب له بذلك تمسكات شرعية من حاكم الشرع والمتولي، ثم إن الصارف للمدعي المذكور ادعي على المتولي بالرجوع على جهة الوقف بما صرفه عند حاكم الشرع، فلم يجد المتولي في جهة الوقف شيئا يدفعه له، فحكم حاكم الشرع بصحة هذا الدين وثبوته على جهة الوقف، وبموجب ذلك كله فهل يعمل بهذا الخلو الواقع بعد الإذن من حاكم الشرع والمتولي والدعوى الصحيحة؟ وإذا قلتم بلزوم ذلك فهل المعتبر اسم الأسدي الذي صرفه أو اسم العددي الذي عبر به عنه؟ وهل إذا زادت الأجرة بسبب العمارة وظهر راغب يدفع الزيادة ويقول: إن الأجرة المدفوعة لجهة الوقف دون أجرة المثل، يعمل بذلك أم كيف الحال؟ (أجاب) قد وقفت على فتيا عليها خطوط علماء المذاهب الأربع بأن الخلو المتعارف بين الناس معمول به شرعا وعرفا وعقلا، ولا سيما إذا لم يوجد في الوقف ما يعمر به؛ لأن الواقف لا يريد خراب وقفه ولا يلزم أحدا من الناس عمارته، فدعت الحاجة والضرورة إلى ذلك وإلى بقاء الأوقاف، ولا سيما الأوقاف القديمة الدائرة الخربة إذا صادفها المتولي الذي يراعي الشرع القويم والسنة، وحكم القاضي الذي هو من أهل الجنة، والله يعلم المفسد من المصلح. واعلم أن الحكم الواقع في فصل مختلف فيه بعد الدعوى الصحيحة إذا كان بالموجب، يرفع الخلاف، فليس لقاض وافق حكمه الحكم الأول في المذهب أو خالفه فيه نقض حكمه؛ لأن الحكم بالموجب الذي هو مفرد مضاف يشمل كل موجب، ومن موجباته التي شملها أن لا ينقضه القاضي المخالف وأولى منه الموافق، وإذا تأملت غالب الدور والأراضي والأسواق في المشارق والمغارب والآفاق وجدتها على هذا المثال وجرت على هذا المنوال، ولم تر أحدا من أهل الصولة أو غيرهم عارض ذلك، والمعتبر اسم الأسدي الصحيح؛ لأنه لم يختلف في الإسلام، وأما العددي فلا يعتبر

مطلب في دار موقوفة قد تطاول عليها الزمان الخ

\50 في عصر من العصور لاختلافه في سائر الدهور، كما هو معلوم مشاهد عند الجمهور، ولا شك ولا ريب لأحد أن هذا المال المصروف في العمارة المأذون فيها بالإذن الشرعي له مقابل من الأجرة؛ لأنه لم يوضع مجانا، والعبرة في الأجرة بحال العقد، وإن حصل زيادة أو راغب بعد ذلك لا يعتبر، كيف والزيادة إنما حصلت بسبب صرف هذا المال الذي لو صرف في دكان مستقل لكان له من الأجرة ما له وقع، والله تعالى أعلم. مطلب في دار موقوفة قد تطاول عليها الزمان الخ (سئل) في دار موقوفة قد تطاول عليها الزمان وتداول عليها الملوان، وآلت إلى الخراب، فأذن الناظر عليها لشخص يعمرها ليصير ما يعمرها به دينا له عليها، بعد أن استأذن الناظر الحاكم في ذلك، فعمر المأذون له بقدر طاقته وضبط ما عمر به وكتب بموجبه حجة شرعية، ثم إن المعمر طلب ما صرفه في العمارة من الناظر فلم يجد في جهة الوقف ما يدفعه له فرفع الأمر إلى الحاكم واستأذنه في إجارتها مدة طويلة لضرورة وفاء الدين الثابت، وضرورة ما يحتاج إليه من العمارة أيضا، فهل يجوز إجارتها المدة الطويلة بأجرة معجلة لوفاء الدين، وليكون ما يعمر به المستأجر للدار دينا عليها، وإن كان ذلك مخالفا لشرط الواقف أم كيف الحال؟. (أجاب) حيث أذن الحاكم للناظر وأذن هو للغير أن يصرف على عمارة الدار الموقوفة لضرورة العمارة وصرف الغير مالا، صار دينا له على جهة الوقف، كما عليه المتأخرون؛ شافعية وغيرهم، فغالب الأقطار تجدها على هذا المنوال في الأوقاف حفظا للآثار، كما هو معلوم مشاهد عند الأخيار، لا يقال الدين إنما يلزم الذمم؛ لأنا نقول الحصر ممنوع لأن بيت المال يستدان عليه والمساجد كذلك، وإجارة الأوقاف بالإجارة الطويلة جائزة للحاجة، حيث لا مخالفة لشرط الواقف، كما نقله الرملي في شرحه عن والده، فإن دعت ضرورة جاز إيجار الوقف مدة طويلة لأجل العمارة، كما صرح به ابن حجر والرملي، وإن خالف شرط الواقف. وعبارة المناوي في تسهيل الوقوف: وتجوز مخالفته - أي شرط الواقف - حالة الضرورة، كأن لم يوجد غير مستأجر الأول، وقد شرط أن لا يؤجر لإنسان أكثر من سنة، أو انهدام العقار المشروط أن لا يؤجر إلا كذا، ولا يدخل عقد على عقد وأن لا يؤجر ثانيا ما بقي من مدة الأول شيء، أو أشرف على الانهدام بأن تعطل النفع به من الوجه المقصود للواقف كالسكنى، ولم يمكن عمارته إلا بإيجاره أكثر، فيؤجر بأجرة مثله مراعى فيها تعجيل الأجرة المدة الطويلة؛ إذ يتسامح لذلك في الأجرة بما لا يتسامح به في إجارة كل سنة على حدتها، وقد قال السبكي: تقويم المنافع مدة مستقبلة صعب؛ أي فليحتط ويستظهر لتلك الأجرة بقدر ما بقي بالعمارة فحسب، مراعيا لمصلحة الوقف لا الموقوف عليه،

مطلب في وقف أهلي تداولته السنون والأيام وعجز أهله الخ

\50 على ما جرى بعضهم. قال الشهاب بن حجر: ويجب أن يعدد العقود في منع أكثر من سنة مثلا، وإن شرط منع الاستئناف، كذا أفتى ابن الصلاح، لكن خالفه تلميذه ابن رزين وأئمة عصره فجوزوه في عقد واحد. انتهي. وما نسب لابن الصلاح من القول بوجوب التعدد في محله، فإن عبارته تجوز في عقود مستأنفة، وإن شرط الواقف أن يستأنف، وقد قال الأذرعي في توسطه: لم يرد ابن الصلاح التقييد، بل بيان جواز الاستئناف وإن نص الواقف على منعه للضرورة. انتهي. أقول: ويوجه ذلك بأن شرط كلام الله تعالى قد يخالف للضرورة، كأكل لحم الميتة عند الضرورة، وقد قال تعالى {كلوا من الطيبات} والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب في وقف أهلي تداولته السنون والأيام وعجز أهله الخ (سئل) في وقف أهلي تداولته السنون والأيام وعجز أهله عن إيصال نسبهم إلى واقفه، لكثرة الأجداد وتشابه الأسماء من الواقف وأولاده؛ لأن كثيرا ما يسمى الولد باسم أبيه أوجده، ولكن أصل الوقف ثابت بالإشاعة والاستفاضة بين الناس، ومن قديم الزمان وقع التهايؤ والإفراز لهذا الوقف على ثلاث حصص لثلاث فرق من ذرية الواقف، فصار كل فريق متصرفا في قسم من الأقسام الثلاثة، بحيث تلقى ذلك عن أبيه عن جده، فهل يعمل بهذا التلقي ولا تنزع حصة ولا بعضها من يد واضع اليد عليها؟ وهل لحاكم الشرع طلب إيصال النسب إلى الوقف مع تشابه النسب وبعده؟ وهل إذا طلب أحد المستحقين زائدا علي ما بيده يمكن لكونه يدعي أن الوقف ثلثاه لعلاء الدين والثلث الثالث لشرف الدين، وأنه من ذريته فيختص به ويشارك في الثلثين مع التشابه المذكور؟ وهل إذا وصل نسبه بالإثبات بشرف الدين يكفي أو لا بد من بيانه البيان الثاني الرافع للجهالة من بيان الألقاب المميزة والآباء والأمهات؟ أفد جوابا شافيا ونصا وافيا وقولا ساطعا وفعلا لامعا تعط الثواب جامعا ممن له العطاء ومن جوده كشف الغطاء. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن منصب الحكم رفع الإلباس عن خفايا حوادث الناس باعتماد العدول الشاهدين بالحق المظهرين للصدق، وعند الاشتباه في الأسماء وتباعد الأجداد يعسر ذلك غاية العسر، وربما تعذر ذلك كما هو معلوم مشاهد، بل إن الإنسان يجهل آباءه وأجداده، فإذا علم الوقف بالاستفاضة فليس للحاكم طلب إيصال النسب البعيد المتعذر، بل يكفي فيه الاستفاضة، كما صرحوا به متونا وشروحا، كما صرح به في الروض والعباب والمنهج والمنهاج، وقال ابن حجر: حيث جهل شرط الواقف اتبع فيه العرف المطرد في زمنه لأنه بمنزله شرطه، ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين، كما يدل عليه كلامه، وقال غيره أيضا: إذا جهل الناظر قسمة الوقف اتبع من قبله، فحيث

مطلب في واقف شرط لبنات ابنه أحمد ومحمود الخ

\50 جهل شرط الواقف أو الاتصال إليه، ووجد وضع يد في الوقف، وجب على حاكم الشرع القويم العمل بوضع اليد؛ لأنه دليل شرعي من أقوى الأدلة، ولا يجوز العدول عنه إلى أمر مجهول يوقع في محذور؛ لأن ذلك يوجب الضغائن، والعمل بالمبهم مع وجود أمر متحقق، وهو وضع اليد الظاهر أنه عن وجه شرعي موافق لغرض الواقف، ولا بد للمدعي المذكور من إيصال نسبه بالواقف، مع بيان ما يتميز به الواقف وذريته ببيان الأسماء والألقاب مع بيان الآباء والأمهات حيث وقع الاشتباه، والله تعالى أعلم. مطلب في واقف شرط لبنات ابنه أحمد ومحمود الخ (سئل) في واقف شرط لبنات ابنه أحمد ومحمود الموجودات الآن السكنى في وقفه لكل واحدة ما دامت بلا زوج، فإذا تزوجت سقط حقها، فهل إذا خلت إحداهما عن الزوج يجوز لها أن تحبس أحد بيوت الوقف على الموقوف عليهم من غير سكن أم لا؟. (أجاب) لا يجوز للمرأة المذكورة منع بيت من الوقف لأن الواقف إنما شرط لها السكنى لا تعطيل أماكن الوقف المخالف لغرض الواقف؛ لأن قصده الثواب، وتعطيل الأماكن من السكنى يبطل قصده، والله تعالى أعلم. مطلب في وقف أهلي كانت القوام فيما سبق من الزمان تصرف غلته على أولاده الخ (سئل) في وقف أهلي كانت القوام فيما سبق من الزمان تصرف غلته على أولاد الواقف بطنا بعد بطن، على السوية بين أولاده الإناث، ثم إن الأولاد الذكور من مضي مدة ادعوا أن الغلة مشروطة للأولاد الذكور فقط ومنعوا أولاد الإناث من غلة هذا الوقف بمجرد دعواهم، فهل حيث لم يوقف على شرط واقفه يعمل فيه بما كانت تفعله القوام سابقا ولا يغير العمل القديم بمجرد دعواهم؟. (أجاب) قال ابن حجر: جهلت مقادير معاليم وظائفه أو مستحقيه، اتبع ناظره عادة من تقدمه، وإن لم تعرف له عادة سوى بينهم إلا أن تطرد العادة الغالبة بتفاوت بينهم، فيجتهد في التفاوت بالنسبة إليها، ولا تقدم منهم أرباب الشعائر على غيرهم، هذا إن لم يكن الموقوف في يد غير الناظر وإلا صدق ذو اليد بيمينه في قدر حصة غيره، كما صرح به قولهم: ولو تنازعوا في شرطه ولأحدهم يد يصدق بيمينه، فإن لم يعرف مصرفه صرف لأقرباء الواقف نظير ما مر، فيجب العمل بما كان يعلمه النظار السابقون؛ لأن ذلك دليل شرعي حتى يثبت خلافه، ولا عبرة بقول أولاد الواقف الذكور المجرد عن البيان لما في الحديث الشريف، والله تعالى أعلم. مطلب في واقف وقف وقفه على نفسه مدة حياته (سئل) في واقف وقف وقفه على نفسه مدة حياته، ثم من بعده على أولاده وذريته، ثم من بعدهم على مصالح الحرمين الشريفين، وحكم بصحة الوقف حاكم شرعي بعد دعوى شرعية، ثم بعد مدة تزيد على خمس سنوات توفي الواقف المزبور وعليه ديون لأربابها، والآن أرباب الديون يدعون بعدم صحة الوقف وإبطاله لكون أن على الواقف ديونا، ويريدون بيع

مطلب في مصبنة تعطل الانتفاع بها لخلوها من قدور نحاس الخ

\50 الوقف لأجل سداد ديونهم، فهل والحالة هذه هذا الوقف صحيح لكونه حكم بصحته حاكم شرعي؟ وهل ليس لأرباب الديون إبطال الوقف أم لا؟ (أجاب) حيث حكم بالوقف على النفس حاكم يراه بعد الدعوى المعتبرة عمل به، فلا يجوز نقضه ولا بيعه ولا يجوز لأهل الديون دعوى إبطال الوقف لأن الوقف لا يباع في الدين لأنه لازم لا يجوز رده، والله تعالى أعلم. مطلب في مصبنة تعطل الانتفاع بها لخلوها من قدور نحاس الخ (سئل) في مصبنة تعطل الانتفاع بها لخلوها من قدور نحاس التي يطبخ بها الصابون، وهي وقف آجرها المتكلم عليها ثلاثين سنة لتعذر الانتفاع بها إلا بعمل قدور لها وعمارتها هذه المدة المذكورة مخالفة لشرط الواقف أنها لا تؤجر أكثر من سنة، فهل حيث كان الأمر كذلك وأجرها المتكلم عليها بأجرة المثل في ذلك الوقت يجوز مخالفة شرط الواقف، وتكون هذه الإجارة صحيحة؟. (أجاب) نعم يجوز عند الضرورة مخالفة شرط الواقف؛ لأن الظاهر من حال الواقف أنه لا يريد إبطال وقفه. قال الرملي: وخرج بغير حالة الضرورة ما لو لم يوجد إلا من لا يرغب فيه إلا على وجه مخالف لذلك - أي لشرط الواقف - فيجوز لأن الظاهر أنه لا يريد تعطيل وقفه، ولو انهدمت الدار المشروط عدم إجارتها إلا مقدار كذا، ولم يمكن عمارتها إلا بإجارتها أكثر من ذلك، أجرت بقدر ما يفي بالعمارة فقط، مراعيا المصلحة للوقف لا مصلحة المستحق، فحيث وقعت إجارة المصبنة بأجرة المثل وقت عقد الإجارة ودعت الضرورة لإجارتها، جازت وصح العقد وإن خالف شرط الواقف لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب في امرأة أحضرت شهودا وقالت لهم: أشهدكم أني وقفت الخ (سئل) في امرأة أحضرت شهودا وقالت لهم: أشهدكم أني وقفت مارسي المعروف على أخي وأولاده، فهل يصح ولمن يصرف بعدهم؟. (أجاب) حيث شهدت البينة العادلة بما ذكر على من ذكر، صح الوقف وصرف للأخ وأولاده سواء بينهم، لا يفضل الذكر على الأنثى، ثم بعد انقراضهم يصرف للفقراء الأقرب رحما لهم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجلين اشتركا في خشب بد وحجر الخ (سئل) في رجلين اشتركا في خشب بد وحجره وعملا نصبة البد في موضع موقوف وأزالا حيطان بيوته وجعلاه محلا واحدا وخرقا الحيطان بوضع الخشب، وغير ذلك من المصالح التي يحتاج إليها البد، وأحدهما من المستحقين في الوقف دون الآخر، فهل يجوز لهما ذلك؟ وإذا كان في ذلك مصلحة للوقف ورأى ذلك الناظر عليه يبقى ذلك ويلزمهما أجرة ذلك المحل وإصلاح ما أفسداه منه، وهل إذا وضع الأجنبي فيه شيئا من الأمتعة بحيث أشغل منه محلا يلزمه أجرة مثله، وان أذن له شريكه المستحق في الوقف؟. (أجاب) لا شك في وجوب أجرة الوقف لمن لم يسمح بمنفعة حصته أجرة الغصب أقصى الأجر، وخرق الحائط في الوقف لا يجوز لأن فيه تغييرا لهيئة الوقف، ويغرم الفاعل ما نقص من قيمة الوقف وإن كان أحد المستحقين

مطلب في مستحق في وقف أهلي متول الخ

\50 ويجب إصلاح ما أفسده من الوقف، ومن أشغل ملك الغير أو الوقف وعطل منفعته ضمن أجرتها، والله تعالى أعلم. مطلب في مستحق في وقف أهلي متول الخ (سئل) في مستحق في وقف أهلي متول على حصته آجرها ثلاثين عقدا بأجرة معلومة، ومضى على ذلك أكثر من ثلاث سنين، فهل للمستأجر فسخ الإجارة؟ وأيضا كان صرف سابقا على الوقف خمسة وأربعين قرشا من ماله بإذن من المتولي، وقد استبدل من الوقف حصة ذلك الحاكم الشرعي، فهل له أن يأخذ دينه من ثمن هذه الحصة؟. (أجاب) ليس للمستأجر فسخ عقد الإجارة الواقع صحيحا على طبق الشرع القويم، وحيث رأى الحاكم الشرعي صحة الاستبدال وحكم به حكما صحيحا، كان للصارف للدين المذكور بإذن المتولي أخذه من الثمن لأجل تحرير الوقف من الدين، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل وكل آخر في بيع أشجار الخ (سئل) في رجل وكل آخر في بيع أشجار زيتون له أقر أنها ملكه قبل البيع لدى بينة شرعية، وباعه وقبض الوكيل الثمن ودفعه له، وبعد مضي سبع عشرة سنة ادعى الموكل أنها وقف ويريد إبطال البيع واسترداد المبيع، هل له ذلك أم كيف الحال؟. (أجاب) صرح أئمتنا أن البائع إذا أقر أن المبيع ملك له لا تقبل دعواه الوقف بعد ذلك لحصول التناقض في الدعوى، على أن الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يسمعها القاضي، حيث نص له مولانا السلطان نصره الديان في منشوره على منع سماع الدعوى فيما فوق الخمس عشرة سنة؛ لأنه لا حكم له في ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب في ناظر وقف ادعي أن الوقف خاص بالأولاد الذكور دون الإناث الخ (سئل) في ناظر وقف ادعي أن الوقف خاص بالأولاد الذكور دون الإناث لدى حاكم شرعي، وكتب بذلك حجة، ثم ظهر بعد ذلك شرط الواقف وأن الإناث اللاتي من أولاد الذكور مستحقات بشرط الواقف المذكور، فادعي أنه دفع للإناث استحقاقهن بعد ما منعهن بالحجة التي كتبها عليهن بعدم الاستحقاق، فهل يصدق في الدفع لهن بمجرد دعواه؟ وإذا قلتم لا، فهل تحاسب الإناث الناظر من حين استحقاقهن في الوقف على ما يخصهن، ولا يعمل بقوله الخالي عن البيان وخصوصا بعد حجه استحقاقهن أم كيف الحال؟. (أجاب) حيث كان الوقف أهليا على جهة معينة فلا يصدق الناظر في الدفع إلى المستحقين؛ لأنهم لم يأتمنوه، قال في الروض وشرحه: ويصدق الناظر في إنفاق محتمل؛ أي في قدر ما أنفقه عند الاحتمال، فإن اتهمه الحاكم حلفه، قاله القفال، وظاهر أن المراد إنفاقه فيما يرجع إلى العمارة، وفي معناه الصرف إلى الفقراء ونحوهم من الجهات العامة، بخلاف إنفاقه على الموقوف عليه المعين، فلا يصدق فيه لأنه لم يأتمنه. نبه عليه الأذرعي. انتهي. قال ابن حجر: وضابط الحالف أن نحو الوكيل والوصي وناظر الوقف إنما تسمع عليهم الدعوى لتقام البينة عليهم،

مطلب في واقف وقف وقفه على نفسه الخ

\50 فلا يحلفون ولا يصح إقرارهم بشيء، فلا يصدق الناظر في مثل هذا الوقف بمجرد دعواه، كيف وهو ينكر استحقاقهن؟ فدعواه الدفع تناقض دعواه إنكاره الاستحقاق، ويؤكد أن حقهن في الوقف باق عنده لأنه لا عبرة بالظن البين خطؤه، فيجب عليه أن يدفع لهن ما خصهن من الوقف من استحقاقهن إلى هذا اليوم، والله تعالى أعلم. مطلب في واقف وقف وقفه على نفسه الخ (سئل) في واقف وقف وقفه على نفسه مدة حياته، ثم شرط في وقفه شروطا نص عليها، منها أن له الإدخال والإخراج والتغيير والتبديل، وحصل له الآن افتقار وفاقة واحتياج، فهل له تغيير هذا الوقف وتبديله إلى الملك، ويبيعه ويتصرف فيه؛ عملا بشرطه المذكور؟ وإن وقع فيه محاكمة والحكم بصحته لوجود الشرط لأن الحكم ينزل أيضا حتى على الشرط المذكور، ومن مقتضياته الحكم بصحة البيع لأنه مقتضى الشرط المذكور؟ (أجاب) هذا الوقف باطل عندنا من وجهين، أحدهما: الوقف على النفس؛ فإنه باطل عندنا. والثاني: شرط التغيير والتبديل؛ فإن هذا الشرط عندنا باطل لأن شرط الوقف اللزوم، فلا يصح بشرط الخيار، ووقوع المحاكمة لا يقتضي الحكم بصحة الوقف فيما ذكر، والحكم بالصحة فيما لا يقتضي الحكم بصحة الوقف فيما ذكر أيضا على أن الحكم بالصحة عند إلغائها لا يقتضي رفع الخلاف بين الأئمة الأشراف، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تحت يده أرض وقف تميم (سئل) في رجل تحت يده أرض وقف تميم الداري رضي الله عنه، كان بها أشجار وفنيت ولم يبق بها شيء، ثم غرسها إنسان ومات، ثم تلقاها عنه ولده، ولهما مدة تزيد على سبعين سنة، يدعي قريب له أنها داخلة وقف لهم، فهل يعمل بهذه الدعوى؟. (أجاب) لا يعمل بهذه الدعوى لأمور، منها اندراس الأشجار التي كانت وقفا، ومنها عدم ثبوت هذا الوقف، ومنها مضي هذه المدة من غير منازع، ومنها - وهو أقوى الحجج - أن وقف الأرض السابق يمنع اللاحق وغرس الثاني ملك له، فهو لولده من بعده، والله تعالى أعلم. مطلب في وقف أهلي يحتاج إلى عمارة الخ (سئل) في وقف أهلي يحتاج إلى عمارة، فهل تقدم عمارته أو يوزع ريعه على المستحقين، ولم يعلم له شرط واقف وإنما هو بالاستفاضة؟. (أجاب) لا ريب أن عمارة الوقف مقدمة على استحقاق المستحقين إبقاء لعينه وحفظا لأصله وإجراء لثوابه على الدوام، كما نص على ذلك أئمة أعلام ومشايخ إسلام، والله تعالى أعلم. مطلب في وقف استولى على توليته جماعة الخ (سئل) في وقف استولى على توليته جماعة بموجب براءة سلطانية، هل يجوز لبعضهم دون بعض أن يتصرف في قبض غلته وأجرة عقاره، ويصرف ذلك بمفرده بحسب مراده بغير حضور بقية المتوليين ومعرفتهم واطلاعهم، وبغير إذن منهم؟ وهل للمتوليين المذكورين التصرف أيضا بدون معرفة الناظر على الوقف المذكور وعدم

مطلب في قرية بها مسجدان، أحدهما له دخل يزيد على مصالحه الخ

\50 اطلاعه وإذنه أم لا؟. (أجاب) لا يخفى أنه لا يجوز لواحد ممن ذكر استبداد بالتصرف من قبض غلة وأجرة وصرف، وسائر التصرفات الشرعية؛ لأن ذلك هو مقتضى النظائر، مثل الوكالة والوصية والشركة وغيرها، فليس لوكيل تعدد استقلال بالتصرف، والناظر والمتولي والقيم في الحكم سواء، وإن كان لهما فرق من وجه آخر، وفائدة تعددهم اجتماعهم على التصرف المذكور، والله يعلم المفسد من المصلح. مطلب في قرية بها مسجدان، أحدهما له دخل يزيد على مصالحه الخ (سئل) في قرية بها مسجدان، أحدهما له دخل يزيد على مصالحه، والثاني خرب يحتاج إلى عمارة، فهل يجوز الأخذ من فائض الأول وعمارة الثاني؟. (أجاب) حيث عمر الأول على المراد وفرش كذلك، وأشغل كذلك، وإن كان له لوازم صرفت لأهلها، وفضل بعد ذلك شيء صرف لأقرب المساجد له، فإذا وجدت هذه الأمور جاز الأخذ من فائض الجامع وصرفه على المسجد المحتاج له، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل له دار وقفها على عتيقه ثم أولاده الخ (سئل) في رجل له دار وقفها على عتيقه ثم أولاده، وهكذا، وشرط في وقفه أنه يبدأ من ريعه بعمارته ومرمته وما فيه بقاء عينه، وشرط النظر للموقوف عليه، ثم للأرشد من ذريته، فهل لحاكم الشرع أن يأذن لابن الواقف في عمارتها أو مرمتها من أجرتها وغيرها حفظا لعينها؟. (أجاب) لا ريب أن منصب حاكم الشرع حفظ الأموال التي هو أحد الكليات الخمس التي هي منصب الحكام، وأجمع عليها جميع الملل، فإذا كان في ذلك حفظ عين الوقف الذي هو مقصود للواقف ليدوم له الأجر، كان للحاكم المذكور - بل عليه - الإذن المذكور المؤدي لحفظها، بل لو تولى ذلك أحد صلحاء الأمة فلا لوم عليه، بل له الأجر الوافر، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل بنى علية في دار موقوفة بإذن الناظر الخ (سئل) في رجل بنى علية في دار موقوفة بإذن الناظر، ليكون ما يصرفه على العلية دينا على الوقف، متى دفع له رجعت العلية للوقف، ثم مات الباني، ومن جملة ما ترك ماله على العلية، وعليه دين، فهل تقوم العلية لأجل الدين وتباع؟ أو ليس لأرباب الوقف إلا ما صرفه الميت على العلية؟ حتى إن الناظر على الوقف لو أراد دفع ما عليها لأرباب الدين ليستوفيه من غلات الوقف وتصير وقفا له ذلك؟ وهل تحسب عليه أجرتها من المبلغ أم كيف الحال؟. (أجاب) لا يخفي أن العلية داخلة في أرض الوقف، فبيعها الشامل لبيع قرارها باطل إجماعا؛ لدخول حصة من الوقف في البيع المقتضي ذلك للبطلان لشموله لحصة من الوقف، وأما المال المصروف عليها بإذن الناظر فهو دين على الوقف لا يلزم الناظر دفعه من ماله، وإنما يدفع من ريع الوقف، وعندي فتوى من الأئمة الأربعة بأن هذا المال المذكور المسمى خلوا في العرف يعمل به، فحيث تبرع به الناظر ودفعه فهو الغاية في الكمال، ليس لأحد طلب غيره إلا إن كان من أهل

مطلب في رجل تحت يده أرض وقف الخ

\50 الضلال، ونعوذ بالله تعالى أن نضل أو نزل أو يجهل علينا، والله يهدي للحق وإلى سواء الطريق، ولا تحبط منفعة الوقف، فلها أجرة المثل، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تحت يده أرض وقف الخ (سئل) في رجل تحت يده أرض وقف، بها زيتون وتين وغير ذلك، المسمى ذلك عندهم فلاحة، تلقاها من خاله أخي أمه الوارثة لذلك منه لموته قبلها، وكان نازعه فيها جماعة، ثم أقروا أذعنوا له بها بموجب تمسك شرعي على يد بينة شرعية، وله نحو أربعين سنة يتصرف فيها الملاك، ثم برز الآن أناس ينازعونه فيها ويزعمون أنهم لم يحضروا وقت الصلح ولا عند كتابة التمسك، فهل يعمل بزعمهم المذكور حيث لا مستند لهم بذلك غير الزعم المذكور؟. (أجاب) لا يخفي أن الرجل الواضع لليد هو المستحق للأرض، ليس للمدعي معه علاقة بوجه لأمور، منها أن أرض الوقف لا تملك وإنما الزراع والغارسون لهم بها اختصاص علاقة ليس لأحد أن يرفع يدهم قهرا. الثاني أن علاقة هذه الأرض لأم المدعى عليه لا للرجل الأجنبي. الثالث موافقة المدعيين له سابقا وإقرارهم بوضع يده. الرابع أن الدعوى بعد خمسة عشرة سنة لا يسمعها القاضي، حيث نص السلطان نصره الديان على ذلك. الخامس عدم المستند الشرعي للمدعي، وأما حضوره وعدمه فلا يعتبر لعدم علاقته على الأرض بوجه، على أنه لو كان له بها علاقة ثم مضى عليها هذه المدة وهو يشاهد التصرف، بطلت علاقته منها لما ذكر، والله تعالى أعلم. مطلب في وقف انحصر في رجلين هما علي وخليل الخ (سئل) في وقف انحصر في رجلين هما علي وخليل، وقد شرط واضعه أن من مات عن ولد أو ولد وإن سفل، انتقل نصيبه إلى ولده أو ولد ولده، مات علي عن ثلاث أولاد فتصرفوا في نصيبه، والآن مات خليل عن بنتين، يزعم أولاد علي أنهم يشاركونهما في نصيب أبيهما لكونهما أنثيين فلا يستحقان جميع نصيب أبيهما، فهل يمنعون من ذلك ويثاب الحاكم الشرعي على منعهم؟ أو ينتقل جميع نصيب أبيهما إليهما عملا بشرط الواقف؟. (أجاب) لا يخفي أن شرط الواقف كنص الشارع وأنه لا يجري مجرى الميراث، وإنما يتبع فيه شرط الواقف، وحيث كان البنتان من أولاد خليل وهو له النصف، كان لهما النصف بشرط الواقف، ليس لأولاد عمهما معهما مشاركة ولا معارضة بوجه، والله تعالى أعلم. مطلب في دار موقوفة على ذرية واقفها، باعها أحد المستحقين (سئل) في دار موقوفة على ذرية واقفها، باعها أحد المستحقين غير مبين وقفيتها، ثم ظهر مستحق آخر في الوقف، فأثبت وقفتها بالوجه الشرعي، فهل تلزم واضع اليد المشترى الأجرة عن السنين الماضية مدة وضع يده عليها؟. (أجاب) حيث ثبت أن الدار وقف فلم يكن البيع صحيحا، فيكون وضع اليد على الدار بغير حق، فيلزم واضع اليد أجرة الدار مدة استيلائه عليها؛ لأن من وضع يده على عقار أو غيره بغير وجه شرعي

مطلب في دار خربة مملوكة الخ

\50 لزمه أجرته والحالة هذه، والله تعالى أعلم. مطلب في دار خربة مملوكة الخ (سئل) في دار خربة مملوكة بدار جماعة يتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكها، فباعوها لامرأة وتصرفت فيها وعمرت عمارة وسكنتها مدة، والآن يريدون الدعوى أن نصف الدار وقف، فهل تسمع دعواهم على المشترية بذلك أو لا تسمع للتناقض، ما الحال؟. (أجاب) صرح أئمة عظماء، هم المرجع في المعقول والمنقول، كالشمس الرملي والشهاب بن حجر والشيخ الزيادي، أن البائع إذا صرح وقت البيع بأن داره مثلا ملك أو حصة منها، ثم ادعي أن ذلك وقف - لا تسمع دعواه للتناقض، وهو موافق لما ذكروه في شروط الدعوى، من أن شرطها أن لا تناقضها دعوى أخرى، وهنا وقع ذلك، ولا سيما مع تعلق حق الغير، وهو المشترى، فليتق الله من يقع منه مثل هذه النزغات، فإنا لو بحثنا عن أجل المدن للقيناها وقفت مرارا متعددة، قال صلي الله عليه وسلم «من نوقش الحساب عذب» والله تعالى أعلم. مطلب في جماعة بيدهم وقف قديم الخ (سئل) في جماعة بيدهم وقف قديم مؤرخ بتاريخ سنة ست وثلاثين وتسعمائة، يتصرفون فيه بالسكن في عقاراته وبعض محلاته مع نصب قضاة الأنام لبعض المستحقين ناظرا علي وقف جده ليتصرف فيه بالحظ والمصلحة، وليس لهم معارض، ثم إن الوقف متصل ثبوته اتصالا شرعيا بالواقف لدى الموالي العظام، وقد ظهر الآن للناظر محل جار في الوقف تحت يد الغير، فهل يسوغ للناظر الدعوى به؟ وهل إذا طلب المدعى عليه من الناظر إثبات نسبه إلى الواقف يلزم الناظر إثبات نسبه إلى الواقف، أو يكفي في ثبوت نسبه التصرف في الوقف بموجب تقرير القاضي من غير معارض، أم كيف الحال؟. (أجاب) لا ريب أن متولي الوقف هو المتصرف في الوقف في جميع الغلة وتفريقها، وإجارة عقار الوقف ودفع ما للمستحقين، والدعوى على ما للوقف وسماع الدعوى عليه، فلا فرق بين الدعوى من الناظر بين كونه من ذرية الواقف وغيره، لما علم، فلا تسمع دعوى إثبات النسب لما علم، بل المدار على تحرير الدعوى ووجود شروطها، على أن النسب يثبت بالإشاعة والناس أمناء على أنسابهم، والتصرف قاض بصحة النسبة، والله تعالى أعلم. مطلب في دار موقوفة على جهة بر بنى فيها أحد الخ (سئل) في دار موقوفة على جهة بر بنى فيها أحد المستحقين بإذن الناظر عليها بيوتا متصلة بجدارها وعلى علوها؛ ليكون ما بناه ملكا له، ولم يستأجر من الناظر المحل الذي بنى عليه ولم يجعل لجهة الوقف شيئا ينتفع به الوقف، والآن انتقل النظر لشخص آخر غير الآذن، يريد أجرة من الذي بنى في محل الوقف للمحل الذي بنى فيه؛ ليصرفها في مصالح الوقف، فهل له طلب الأجرة عن السنين الماضية من حين حصول البناء ليصرفها في مصالح الوقف؟ وهل إذا صادق صاحب البناء الناظر على أن البناء وقف يصير وقفا؟

مطلب في محلة موقوفة على السادة المغاربة الخ

\50 وإذا امتنع من المصادقة ودفع أجرة المثل يلزمه نقض البناء، حيث لم يحصل لجهة الوقف منه نفع؟. (أجاب) إذن الناظر للوضع إنما يفيد جواز الوضع، لا أنه يحبط منفعة الوقف على المستحقين، حتى لو فرض أنه أسقطها، دل ذلك إما على خيانته وإما على عدم تصرفه، فيقتضي عزله، ثم وقف البناءان صححناه، فهو موكول إلى الواضع لا إلى الناظر، سواء وافق أم خالف، فعلى كل حال من إذن الناظر وعدمه ومن صحة الوقف وعدمه، لا تحبط أجرة الوقف، فعلى الواضع أجرة البناء أجرة المثل مدة الوضع؛ حفظا لمنفعة الوقف فلا تضيع، وحفظا لحق المستحقين فلا يظلمون، والله تعالى أعلم. مطلب في محلة موقوفة على السادة المغاربة الخ (سئل) في محلة موقوفة على السادة المغاربة خربت ودثرت وبطل الانتفاع بها، فأذن المتكلم على الوقف بواسطة الحاكم الشرعي أيده الله تعالى أن تعمر وترمم حواكير وتقطع لأناس معلومين؛ لأجل أن يعود النفع على الوقف بأجرة معينة، فميزت وحددت وجعلت حواكير معلومة بحدود معلومة بأيدي أناس بموجب تقارير شرعية، ولهم على ذلك مدة تزيد على مائتي سنة، يتلقونها واحدا بعد واحد بموجب تقارير، وحين الوضع جعل عليها أجرة هي أجرة المثل حينئذ، ولما عمرت وغرس بها أشجار وجعل لها جدار زادت أجرتها على ما كانت وقت الوضع، فهل هذه الزيادة مبطلة لما وقع سابقا وللمتكلم على الوقف أن يطلب من واضع اليد سندا غير الحجج الشرعية الصادرة من السادة الموالي بتقريرهم ومنع المعارض لهم؟ وهل للمتولي الآن معارضة في ذلك ورفع يدهم مع أدائهم الأجرة؟ وحكم الحاكم ووضع اليد والتصرف هذه المدة الطويلة؟. (أجاب) لا ريب أن للناظر والمتولي والحاكم التصرف بما فيه المصلحة لجهة الوقف، فحيث تعذر إعادة البناء ولا يمكن النفع بها إلا حواكير للزرع والغرس، جاز ذلك، ولا تعطل أرض الوقف ويبطل بها الانتفاع، وحيث كان ما على الأرض من المال المعلوم هو أجرة مثلها يوم وقع لهم الإذن في العمارة، كانت الإجارة لهم صحيحة؛ لوقوعها وقت العقد بأجرة المثل، ولا سيما مع وجود التصرف هذه المدة وإقرار النظار والمتوليين على ذلك هذه المدة المديدة والسنين العديدة، ووضع اليد من أقوي الأدلة الشرعية، ولا يطالب واضع اليد ببيان، على أن حكم الحاكم الواقع منه في فصل مختلف فيه يصير الأمر متفقا عليه، وإحكار الأرض وإن كان فيه خلاف، فحكم القاضي به بعد الدعوى الصحيحة يرفع الخلاف حسما لمادة المنازعة وإغلاقا لباب الشر، ودفعا للفساد بين العباد، على أنه لو فتش الآن لوجد كثير من الأوقاف على هذه الصفة، ولا نعلم أعظم من وقف وقفه على سيد الأولين والآخرين، وهو وقف تميم الداري وأصحابه، رضوان الله عليهم وعلى بيت إبراهيم

مطلب فيما يقع في هذا الزمان من صرف الخ

\50 والمرطهون وبيت عينون، ولا نعلم لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقفا غيره، من عهده صلي الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وعلى أراضيه أحكار معلومة لم تغير بزائد ولا ناقص إلى يومنا هذا، مع إقرار العلماء والقضاة وولاة الأمر من الحكام وغيرهم على ذلك من غير منازع في ذلك ولا معارض، مع أن الإمام السبكي أفتى بكفر معارض أولاد تميم في ذلك، فإذا كان هذا وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم فكيف بغيره؟ فعلي رأس يرى البحر راكدا لا يسعى في إقامة الفراتين سعيا؛ لما فيه من إصلاح العالم والحالة هذه، والله تعالى أعلم. مطلب فيما يقع في هذا الزمان من صرف الخ (سئل) فيما يقع في هذا الزمان من صرف مال في عمارة الوقف بإذن من متوليه، وحكم من حاكم الشرع بأن هذا المال صرف على عمارة الوقف لضرورته وإصلاحه وبقاء عينه المسمى ذلك خلوا، ومعلوم أن أجرته تزيد بسبب هذه العمارة وهي يوم العقد عليه أجرة المثل؛ لخرابه وقلة الانتفاع به، فإذا انقضت مدة الإجارة والمال باق على الوقف ما قبضه من المتولي المستأجر، فهل له الرجوع عليه به على جهة الوقف ولا عبرة بما زاد من الأجرة في مقابلة صرف المال، فإن لم يوجد في الوقف ما يدفع منه هذا المال المرصد يجدد له الإجارة لئلا يبطل حقه، أم كيف الحال؟. (أجاب) هذا الخلو الواقع في هذه الأزمنة في مصر والشام والحجاز والروم وسائر الممالك، معمول به شرعا لحفظ عين الوقف، ولا سيما إذا لم يكن في الوقف ما يعمر به، فتدعو الضرورة إلى عمارة الوقف ليصرف عليه الواجب فيه ويبقي له ذلك دينا ولوارثه من بعده، وقد رأيت فتوى عليها خطوط الأئمة الأربعة أن الخلو معمول به شرعا لما ذكرنا من التعليل، والعبرة بالأجرة يوم عقد الإجارة لأن ما زاد زاد بسبب صرف المال من المستأجر وله حصة من الأجرة، فإذا وجد في الوقف ما يوفى منه هذا الدين لزم المتولي وفاؤه لأنه دين على جهة الوقف، فإن رضي المستأجر بالصبر جدد له المتولي الإجارة عملا بإبقاء الحقين؛ حق الوقف وحق المستأجر، والله تعالى أعلم. مطلب في وقف صورته إنشاء الواقفان الخ (سئل) في وقف صورته إنشاء الواقفان، وهما الشيخ أحمد وأخوه الحاج نصر الله وقفهما على أنفسهما أيام حياتهما أبدا ما عاشا ودائما ما بقيا، ثم من بعدهما على أولادهما الموجودين الآن، وهم محمد وعبد الله وفاطمة وظريفة، أولاد الشيخ أحمد وعبد المنعم وصالحة ولد الحاج نصر الله، وعلى من سيحدث لهما من الأولاد الذكور والإناث بقسم ريع ماله ريع، ويسكن ما هو معد للسكن قسمة الميراث؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم من بعد أولادهما لصلبهما ومن سيحدث لهما من الأولاد ذكورا وإناثا على أولاد أولادهما وأولاد الظهور دون أولاد البطون؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم من بعدهم على أولاد

مطلب في وقف أهلي تصادق أهله على أن كل واحد منهم الخ

\50 أولاد أولادهم، أولاد الظهور دون أولاد البطون، ثم من بعدهم على أولاد أولاد أولاد أولادهم، أولاد الظهور دون أولاد البطون، ثم من بعدهم على أولاد أولاد أولاد أولادهم، أولاد الظهور دون أولاد البطون، ثم على أنسالهم وأعقابهم كذلك أبدا ما تناسلوا ودائما ما بقوا، الطبقة العليا تحجب الطبقة السفلى على أن من مات منهم عن ولد أو ولد ولد، عاد نصيبه إلى ولده أو ولد ولده، ومن مات منهم عن غير ولد ولا ولد ولد، عاد نصيبه إلى من هو في درجته وذوي طبقته من أهل الوقف، يقدم الأقرب فالأقرب من الواقفين، إلى آخر ما ذكر، ثم مات الحاج نصر الله عن ابنيه عبد المنعم وصالحة، ثم ماتت صالحة وماتت فاطمة وماتت ظريفة، ثم مات الشيخ محمد ابن الشيخ أحمد عن ابنين، هما مصطفى وخليل، وبنتين هما حامد وأزهرية في حياة والده فأدخلهم جدهم في الوقف لكون الواقفين شرطا لهما الإدخال والإخراج دون غيرهما في كتاب الوقف، وقد كتب لهم صكا بأنهم يستحقون ما كان يستحقه والده أن لو كان حيا، ثم مات الشيخ أحمد أحد الواقفين عن ولده عبد الله وعن بنته خديجة حدثت له بعد الوقف، وعن أولاد ابنه محمد المذكورين، فكيف يقسم ريع الوقف المذكور عليهم؟ وهل يستحق عبد المنعم كواحد من الموجودين من ذرية الواقفين أو يستقل بحصة والده بمفرده، أم كيف الحال؟. (أجاب) حيث حكم حاكم بصحة الوقف على النفس وبصحة الإدخال والإخراج، نفذ ذلك عند الشافعي رضي الله عنه؛ لأن حكم الحاكم في فصل مختلف فيه يرفع الخلاف، وإذا علم ذلك وعلم صحة الوقف، كان هذا الوقف وقف ترتيب، فأهل كل مرتبة يقسمون ما له ريع ريعه بينهم سوية؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسكنون ما يسكن كذلك، فعبد الله وخديجة وأولاد محمد المذكورين المدخولين في الوقف بحكم الحاكم، وعبد المنعم، كلهم درجة واحدة، يقسم الوقف ريعا وسكنا عليهم سوية؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، فيأخذ عبد المنعم مثل ما يأخذ عبد الله؛ سهمين لكل واحد منهما، كذلك أولاد محمد وخديجة تأخذ سهما سكنا وريعا، ولا يختص عبد المنعم بما لأبيه لأن وقف أحمد ونصر الله صار واحدا، وكان المستحقون له أولاد رجل واحد، كما هو صريح كلام الواقفين، ولا يقاس الوقف على الميراث لأنه يجري على شرط الواقف وعبارته، ولا يعتبر فيه قرابة ولا نحوها. ألا ترى أنه يصح على الأجنبي بخلاف الميراث؛ فإنه يجري على أسبابه المشهورة والله تعالى أعلم. مطلب في وقف أهلي تصادق أهله على أن كل واحد منهم الخ (سئل) في وقف أهلي تصادق أهله على أن كل واحد منهم يضع يده على مكان معين، ومات المتصادقون، ونصب على الوقف ناظر بعده وله غلة، فهل يعمل بهذه المصادقة

مطلب في مسجد عمره أرباب الخيرات الخ

\50 وهل للمستحقين محاسبة الناظر على ما حصله من الريع مدة نظره؟ (أجاب) هذا التصادق لا يعمل به في الوقف، سواء مات المتصادقون أم لا، حتى لو تصادقوا اليوم أهل الوقف فلهم النقض والرجوع غدا، وإنما يراعى في شروط الواقف منافع الوقف من أجرة وغيرها، وعليه أن يدفع لكل مستحق حقه بحسب ما شرط الواقف وإنما التصادق يعمل به مع الرضى، فلا يمنع النقض ممن أراده، والله تعالى أعلم. مطلب في مسجد عمره أرباب الخيرات الخ (سئل) في مسجد عمره أرباب الخيرات ووقف عليه بعض أماكن أرباب الخيرات أيضا، وله خدام مثل خطيب وإمام ومؤذن وفراش، ويحتاج إلى عمارة، وعقاره الموقوف عليه يحتاج لعمارة، وأرباب الشعائر يطلبون ما لهم من المعلوم، فهل تقدم عمارة وقفه أم عمارته أم معلوم أرباب الشعائر؟. (أجاب) قال المناوي في تسهيل الوقوف: عمارة عقار المسجد مقدمة على عمارته وعلى المستحقين، وإن لم يشرط واقفه، قاله الماوردي وغيره، وقد ذكر تفصيلا هذا خلاصته. انتهي. ووجه ذلك أن في عمارة عقاره عمارة ونفع المستحقين، فقدمه على غيرها لأن أجرتها تصرف على المسجد؛ لحصره وتنويره، وعلى المستحقين، والله تعالى أعلم. مطلب في رواق داخل في حدود المسجد الخ (سئل) في رواق داخل في حدود المسجد الأقصى الشامل له قوله تعالى {إلى المسجد الأقصى} جاء بعض صلحاء المغاربة وبنى له ستارة من جهة الشرق وستارة من جهة الشمال، يجلس به أهل العلم وأهل القرآن والصلحاء والفقراء والمساكين، وأخذ له خبزا من التكية العامرة ليتناوله من ذكر على طريق الإحسان، فهل لأحد أن يقطع استحقاق أحد من المجاورين أو يمنعهم من المبيت والقراءة به أو لا؟. (أجاب) مما اختص به المسجد الأقصى من الفضائل أن الله تعالى سماه مسجدا في كتابه العزيز، وقال تعالى {وأن المساجد لله} وقال {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} وعمارة المساجد بالذكر والقراءة والعبادة والصلاة والاعتكاف، فليس لأحد من خلق الله تعالى أيا كان - متوليا أو ناظرا أو غيرهما - أن يمنع أحدا أن يجاور في هذا الرواق الداخل في عموم المسجد الأقصى، فإن منع أحد أحدا مستحقا من الجلوس أو القراءة أو الصلاة أو غير ذلك في هذا الرواق، كان المانع داخلا في عموم قوله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} لأن مطلق المساجد الداخل في عمومها هذا الرواق بل أولى بالاتفاق، لا يجوز المنع منه ولا المعارضة، فكيف هذه المنصوص عليه في الكتاب العزيز؟ وأما الخبز من التكية فلا ريب ولا مرية أنه من حق الفقراء، ليس لأحد معارضتهم

مطلب سفلي وقف راكب عليه علوي ملك الخ

\50 ولا مشاركتهم فيه بوجه، بل لا يجوز لفقير أن يبيت عنده منه خبز وفيه محتاج مستحق، وأما الأغنياء فليس لهم الأخذ ولا الأكل منه مطلقا؛ لأنهم لا حق لهم بشرط الواقف، فأكلهم منه بغير حق، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وهو الموفق. مطلب سفلي وقف راكب عليه علوي ملك الخ (سئل) في سفلي وقف راكب عليه علوي ملك، كان بيد يهودي ثم انتقل لمسلم، ثم المسلم وقف العلوي، وهكذا الأمر لا يعرف إلا هكذا لتقادم الزمان، فهل للمتكلم على السفلي أن يعارض العلوي؟ (أجاب) لا ريب من صحة وقف السفلي دون العلوي وبالعكس، إذا علم ذلك فليس للمتكلم على السفلي أن يعارض العلوي بوجه؛ لأن الظاهر وضعه بحق، واليد من أقوى الحجج، والعادة محكمة، والأصل إبقاء ما كان على ما كان لأن معارضة الأمور القديمة لا تعارض لئلا يؤدي إلى التشويش بين المسلمين، والله تعالى أعلم. مطلب أرض وقف على نبي بالشهرة والتصرف الخ (سئل) في أرض وقف على نبي بالشهرة والتصرف، فقد ضبطت سابقا للوقف عدة من السنين بلا معارض، والآن برز رجل سباهي يدعي أنها داخلة في تيماره مع أن من كان قبله متصرفا في هذا التيمار يشهد أن الأرض ليست بداخلة فيه، ويدعي إلى الشرع الشريف فيقول: لا أذهب إليه إلا بأمر سلطاني، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) لا ريب أن الوقف يثبت بالإشاعة، فإذا شهد بذلك من يعتمد عليه في الشهادة عمل بشهادته، وحينئذ تبطل دعوى الأسباهي المذكور، سواء أبرز فرمان السلطان - نصره الديان - بذلك أم لا؛ لأن السلطان إنما يعين للجند ما كان من أموال بيت المال، وأما الأوقاف فلا، وهذا الرجل يخشى على دينه من عدم انقياده للشرع لأن سلطانه - نصره تعالى - لو دعي للشرع كان الواجب عليه الانقياد، قال تعالى {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}} أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون {ولأن الله جل جلاله وعظم سلطانه لما أنزل الشرع القويم على محمد العظيم ما ربطه بسلطان ولا غيره} يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به {فهذا من الجهل والعمى والضلال المبين، والله تعالى أعلم. مطلب في ساحة بداخل مدرسة، استأذن متوليها من الحاكم الخ (سئل) في ساحة بداخل مدرسة، استأذن متوليها من الحاكم الشرعي أن يبني في تلك الساحة بيوتا لنفع المدرسة، ويكون ما يصرفه من ماله دينا له على وقف المدرسة، فأذن له الحاكم الشرعي بذلك بعد الكشف والتحرير، فبنى المتولي بالساحة بيوتا بإذن القاضي وصرف على العمارة المذكورة مبلغا معلوما، وسطر له بذلك حجة شرعية، فهل والحالة هذه إذا مات المتولي المذكور ينقل مال العمارة لورثته، فيقسم بينهم على فرائض الله تعالى؟. (أجاب) هذا هو

مطلب في صبانة وقف لها متول الخ

\50 المعروف في غالب الديار الإسلامية من مصر والشام والحجاز وغير ذلك بالخلو، وهو معمول به شرعا؛ لأن الحاجة داعية لذلك، بل ربما تدعو إليه الضرورة، فما عمله المتولي وما أذن به القاضي من مقتضيات الأقوال ومما تدعو إليه حوادث الزمان، وقد جرت به العادة واطردت ومضت عليه الأغيار وتتابعت، فكاد أن يكون إجماعا لأنا لم نر من أنكره، فدخل في الإجماع السكوتي، ورأينا من أقره فصار إجماعا قوليا، وقد مرت لي فتيا من علماء الجامع الأزهر بمصر عليها خطوط الأئمة الأربعة، ودخل ذلك تحت القاعدة المعلومة من قواعد الفقه الخمسة، أن العادة محكمة، وقد علمت الأمر فيها، وإذا قد علمت ذلك علمت أن مالك المال لم يبذل ماله مجانا، بل عين ماله باقية في الوقف من أحجار وأخشاب وجير وتراب، وعلمت أن المال الثابت على رقبة الوقف ميراث للورثة الصادق، بحسب إرثهم منه، وقد رأى الأئمة المالكية والحنفية أن وقف هذا الدين صحيح معمول به، كما أفتى به السيد أحمد الحموي، ولا يأبى ذلك مذهب الشافعي لما علمت من وجود عين ما يصح وقفه، والله تعالى أعلم. مطلب في صبانة وقف لها متول الخ (سئل) في صبانة وقف لها متول متكلم عليها، استأجرها إنسان خمسة عشر عقدا، كل عقد ثلاث سنين عنها خمسة وأربعون سنة، وكان قبل ذلك المتولي قلع النحاس المسمى بالقدرة التي يعمل بها الصابون وباعه، فلزم تعطل المصبنة لأخذ النخاس، وأجرة كل سنة من الخمسة وأربعين سنة أحد وعشرون قرشا كل سنة، تستحق الأجرة بأول السنة، وللمستأجر عليها خلو ثلاثمائة وستة وثلاثون قرشا، ومن يوم أخذ النحاس وبطل الانتفاع بها ما دفع المستأجر الأجرة، فما الحكم الشرعي في ذلك؟. (أجاب) لا ريب أن أخذ النحاس من المصبنة يبطل الانتفاع بها من الجهة التي قصد عقد الإجارة لأجلها، فالمتولي هو المتعدي بأخذ النحاس وتعطيل المكان عن منفعته المقصودة، فالمستحقون لهم الرجوع عليه بما فوته من منافع الوقف، بل للمستأجر أيضا الرجوع عليه بما فاته من زائد الأجرة على الأجرة المعلومة؛ لأنا نعلم أن الأجرة تزيد بواسطة العمارة التي عمرها المستأجر بالثلاثمائة وستة وثلاثين قرشا. قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: لا تنفسخ الإجارة بتلف مستوف منه معين في العقد، حسا كان كدابة وأجير معينين ماتا ودار انهدمت، أو شرعا كامرأة لخدمة مسجد فحاضت فيها. انتهي. ثم قال: وخير المكتري في إجارة عين بعيب مؤثر في المنفعة تأثيرا يظهر به تفاوت الأجرة، كانقطاع ماء أرض اكتريت لزراعة، وعيب دابة مؤثر وغصب وإباق للشيء المكترى، فإن بادر المكري إلى إزالة ذلك، كسوق ماء إلى الأرض وانتزاع المغصوب ورد الآبق

مطلب عن أوقاف مسجلات وثابتات في سجلات القضاة

\50 قبل مضى لها مدة سقط خيار المكري. انتهى. والحاصل أن المتولي بأخذه النحاس حصل منه خيانتان؛ إحداهما على الوقف بما أبطل منفعته على المستحقين، والثاني بما أبطله على المكتري من نقص الأجرة عليه، وبما عطله علية من منفعة المال الذي صرفه، فإن فسخ الإجارة رجع عليه بما يقابل المال الذي صرفه في العمارة التي زادت به الأجرة لو بقيت القدرة، نعم إن بقي العقد ولم يفسخ قوم علية أجرة القبو خاليا عن القدرة، فيقوم به للمستحقين ويرجع المستأجر على المتولي بما حصل به النقص للمنفعة بقلع النحاس؛ لأن فعله الذي فعله بغير إذن المستأجر ملحق بالغصب، فتجري عليه أحكامه، والله تعالي أعلم. مطلب عن أوقاف مسجلات وثابتات في سجلات القضاة (سئل) عن أوقاف مسجلات وثابتات في سجلات القضاة، ويذكرون المحاكمة في بعضها ويتركونها في بعض آخر، ومضى عليها أزمان متطاولة، فهل نقول بصحتها مطلقا ولا يتعلل فيها بعدم المحاكمة أو لا نقول بصحة ما وقع فيه المحاكمة دون ما لم يقع؟ وما الحكم الشرعي في ذلك؟. (أجاب) لا ريب أن الشرط في الوقف اللزوم، فلو وقف بشرط الخيار وأنه يبيعه أو أن يرجع فيه متى شاء، بطل الوقف، ولو شرط لنفسه أو لأجنبي أن يحرم من شاء ويزيد من شاء، أو يقدم أو يؤخر في الوقف، بطل، فالوقف بمجرد قول الواقف: وقفت كذا، مع بيان مصارفه وشروطه المعتبرة يكون لازما من الطرفين، فليس للواقف فيه رجوع ولا للموقوف عليه بعد قبوله إن كان معينا، على القول بأنه يشترط قبول المعين ولا يشترط المحاكمة فيه لما علمت من لزومه عندنا بمجرد استجماع شرائط، نعم يقع في بعض الأوقاف محاكمة لما فيها من أصل الخلاف، كأن يكون الموقوف مشاعا أو منقولا، فيعمل فيه دعوى عند حاكم ثم يحكم بصحته دفعا للخلاف؛ لأن حكم الحاكم إذا صادف محلا وكان فصلا مختلفا فيه يصير الأمر متفقا عليه؛ لأن حكمه يرفع الخلاف بشرط أن يكون ذلك مما ينقض فيه قضاء القاضي، فهذا هو الذي يحتاج فيه إلى حكم حاكم به بعد دعوى صحيحة حتى يرفع الخلاف. وأما الوقف من أصله فلا يشترط فيه حكم أصلا لما علمت من لزومه باجتماع شرائطه، وما يقع في آخر الحجج أو الوقوف من قول القاضي وحكم بصحته ولزومه، فليس بلازم، على أن ذلك لا يعتد به إلا إذا صدر بعد دعوة صحيحة، والله تعالى أعلم. مطلب في بد خرب جار في وقف أبى الأنبياء الكرام الخ (سئل) في بد خرب جار في وقف أبى الأنبياء الكرام خليل الرحمن، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، أحكره المتولي عليه لرجلين حكرا شرعيا، ثم أذن لهما أن يعمراه فعمراه، والآن برز شخص يدعي أن مورثة كان استبدله من رجل كان جده المتوفى استحكره حال حياته من متول على الوقف المزبور، وجعله بدا ووضع فيه بعض ما يحتاج إليه

مطلب في أخوين لهما أملاك وعقارات الخ

من الآلات، فيصح وقفه له واستبداله أو لا يصح، وبطل استحكاره بالموت. وإذا قلتم: لا يصح الوقف والاستبدال ويبطل بالموت، فهل لا تسمع مثل هذه الدعوى، ويمنع شرعا، ويكون إحكار المتولي عليه للرجلين صحيحا واقعا محله، ويبقى في يد المستحكرين الآن ولا عبرة بحجية الاستبدال التي بيد المدعي؟. (أجاب) أصل الاستبدال لا نقول به عند أئمتنا أهل الكمال، على أن الاستبدال من المحكر لا يصح أصلا، لا عند المانعين للاستبدال - وهو ظاهر - ولا عند القائلين به؛ لأنه لم يسلط على الاستبدال، وإنما سلط على المنفعة، فالاستحكار لا يملك العين حتى يسوغ له الاستبدال لما علم، فالاستبدال المبني عليه باطل، فوضع الآلات فيه بغير وجه شرعي باطل لما علم، فيكون ضامنا لمنافع الوقف لأنه وضع يده عليه بغير وجه شرعي، فالوقف أيضا المترتب على الباطل باطل لما علم، وإذا علم ذلك فلا حاجة لقولنا: يبطل بالموت أم لا؛ لبطلانه من أصله، وإذا كان باطلا من أصله فالدعوى به كذلك، وبقي البدل من علائق الوقف، للمتولي التصرف فيه بالمصلحة لجهة الوقف، فيكون الاستحكار الواقع للرجلين من المتولي هو الصحيح المعمول به شرعا، لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب في أخوين لهما أملاك وعقارات الخ (سئل) في أخوين لهما أملاك وعقارات، بينهما مناصفة، فوقفاها وقفا صحيحا شرعيا على أنفسهما أيام حياتهما، ثم من بعدهما على أولادهما، ثم على أولاد أولادهما ونسلهما وعقبهما، ثم على جهة بر، وحكم حاكم الشرع بصحته، وشرطا في وقفهما شروطا، منها أن يكون النظر على وقفهما لنفسهما مدة حياتهما، ثم من بعدهما للأرشد فالأرشد من الموقوف عليهما، ومنها أن لا يكون لوقفهما ناظر أجنبي، ثم ماتا وترك كل منهما ولدا، فهل لكل من الولدين النظر على وقف والده يتصرف فيه؟ وهل يجوز انفراد أحد الولدين بالنظر على وقف والده يتصرف فيه؟ وهل يجوز انفراد أحد الولدين بالنظر على الوقف يتصرف فيه على حسب شرط الواقفين؟ وإذا طلب أحدهما قسمته ليستقل بحصته يجاب لذلك أم لا؟. (أجاب) حيث كان أحد الولدين أرشد كان هو الرشيد، قدم عملا بشرط الواقف، فإن كانا رشيدين أو لا أرشد، اشتركا في النظر في الوقف لما يشهد لذلك نصوص المذهب، والوقف لا يقسم لأن القسمة تقع في الملك لإفرازه أو تمييزه , وإنما يقع في الوقف المهايأة كما صرحوا به في باب القسمة، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل أخذ حانوت وقف الخ (سئل) في رجل أخذ حانوت وقف من ناظره وأذن له بعمارته مصبغة، وجميع ما يصرفه عليه يكون له دينا على جهة الوقف، فصرف عليه بإذنه ومعرفة حاكم الشرع، وكتب بذلك حجة شرعية، وقدر ما صرف مائتان وستة عشر قرشا ونصف، وصار الاتفاق على أن أجرة الحانوت ستة قروش، وبسبب العمارة زادت أجرة الحانوت، فهل للمتكلم على الحانوت

مطلب في مسجد قديم له أرض وقف عليه قديمة الخ

الوقف أن يطلب زائدا على الستة قروش المذكورة؟. (أجاب) لا ريب أن ما ذكر يسمى خلوا، وهو معمول به في مصر والشام والحجاز والروم؛ لأن الحاجة بل الضرورة داعية لذلك، ولا ريب أن الإنسان لا يبذل ماله مجانا، فيقابل مال الرجل حصة من الأجرة، بل هو شريك في المحل بعمارته له وصيرورته صالحا للانتفاع، وعلى ما ذكر من الخلو والعمل به الأئمة الأربعة، كما نص عليه السيد أحمد الحموي في حاشيته، بل زاد أن الخلو يصرف وقفه، ونقله عن المالكية، وقال هو به، وهو مقتضى مذهب الشافعي لأنه صرف ماله فيما صرفه، ولا سيما إذا وضع في الحانوت أعيانا كأحجار وجص وتراب وأخشاب، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر يعمل بذلك، والله تعالى أعلم. مطلب في مسجد قديم له أرض وقف عليه قديمة الخ (سئل) في مسجد قديم له أرض وقف عليه قديمة بموجب حجج وشهود يشهدون بذلك بالإشاعة، والمتولي على الجامع يضبط ريعها له ولأرض من داخل حدود بلد هي وقف على التكية العامرة، والمتولي عليها يعارضه في ذلك، مع أن وقف الجامع سابق على وقف القرية المذكورة، ويلزم من منع غلة هذه الأرض للجامع المذكور خرابه وعدم انتفاع المسلمين به لتعطل شعائره بذلك، فهل يجوز لأحد من المسلمين أن يسعى في ذلك، أو يعارض أو يمانع، مع أنا في ديار مقدسة وبلاد مباركة نرى النصارى قد أحكمت معابدها وبعض من يدعي الإسلام يسعى في خرابها، ما الحكم؟. (أجاب) قال الله جل جلاله وعظم سلطانه {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} فالآية وإن ذكر لها أسباب خاصة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقال الله تعالى {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} قال: أي إنما يستقيم لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج وإدامة العبادة والذكر ودروس العلم فيها وصيانتها مما لم يسن لها، كحديث الدنيا، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال «قال الله تعالى: إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن أرواحها فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زائره» إذا علمت ذلك علمت أن المعارض في الأرض الذي يريد أن يمنع ريعها للوقف اللازم لذلك خراب المسجد بتعطيل شعائره يكون داخلا في الوعيد الشديد وأنه إنما يكون مؤمنا إن سعى في عمارتها، فمفهومه أنه إذا سعى في خرابها يكون غير مؤمن، وإني أعظك وأحذرك من عذاب الله تعالى ومقته، لا تعارض المساجد بما يعود عليها بالضرر

مطلب في رجل وقف وقفا على الذكور من أولاده الخ

وقطع المعلوم وخرابها وخراب أوقافها، فتأمل أيها الواقف في الديار المقدسة كيف ترى النصارى أحكمت معابدها وكنائسها وديوراتها، وهم على باطل ليس لهم إمام إلا الشيطان، وليس لهم في بلاد الإسلام حاكم ولا قاض ولا وال ولا وزير ولا سلطان، ونحن أهل الإيمان والإسلام ومنا الوزراء العظام والحكام الكرام والموالي الأعلام، وترى مساجدنا كما ترى، ومدارسنا كما هي مشاهدة، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وتذكرة لأولي الاعتبار وآيات للسائلين وحجة للمؤمنين وإنذارا للغافلين وتنبيها للفاعلين وزجرا للجاحدين يا أولي الأبصار قبل حلول ما يحصل بالديار، والله هو اللطيف الستار، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل وقف وقفا على الذكور من أولاده الخ (سئل) في رجل وقف وقفا على الذكور من أولاده وشرط للإناث السكنى إذا كن خاليات عن الأزواج، فواحدة من بنات الواقف خالية من الزوج ولها أخت مزوجة وزوجة أبيها الذي هو الواقف، فهل لبنت الواقف الخالية من الزوج أن تعير أختها وزوجة أبيها ما تستحقه من السكنى في الدار الموقوفة؟. (أجاب) نعم، لبنت الواقف الخالية من الزوج أن تعير ما تستحقه من السكن لأختها المزوجة ولزوجة أبيها؛ لملكها المنفعة، ولا سيما لمثل ما ذكر من الأخت المذكورة وزوجة الواقف؛ لأنا نعلم أن الواقف لو اطلع على ذلك لأجازه ورضي به. قال في العباب: وكونه (أي المعير) مالك منفعة المعار وإن لم يملك عينه، كالمستأجر والموصى له بالمنفعة أبدا أو مدة مقدرة. انتهى. أي ومثل ذلك الموقوف عليه، وعبارة المنهاج وشرحه لابن حجر: فيعير مستأجر إجارة صحيحة كما يعلم مما يأتي، وموصى له بالمنفعة مدة حياته، على تناقض فيه، وموقوفا عليه، على ما مر إن لم يشرط الواقف استيفاءه بنفسه بلا إذن الناظر، إن كان غيره. انتهى، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل تلقى كرما عن آبائه، وآباؤه الخ (سئل) عن رجل تلقى كرما عن آبائه، وآباؤه عن أجداده، وتصرف فيه وباعه من آخر والآخر من آخر أيضا، وتكررت الباعة له ووضع اليد عليه من المذكورين مدة تنوف على مائة سنة من غير منازع ولا معارض، والآن برز رجل يدعي أن بيده كتابا فيه عقارات موقوفة وأن الكرم من جملة العقارات الموقوفة، والحال أنه لم يعهد أن الواقف ولا ذريته تصرفوا في الكرم المذكور، ولا سبق لهم ذكر تصرف، والمدعي ومن قبله من آبائه وأجداده مشاهدون لتصرف واضعي اليد المدة المذكورة وهم يتصرفون فيه بطريق الملك والحيازة، ويدفعون ما على أرضه من الخراج لجهة المتكلم على وقفها والمدعي يدعي وقف الكرم، ويكلف واضع اليد إلى سبب وضع يده والبرهان على ذلك، فهل يجاب لذلك وهل يكلف الناس إلى إثبات ما بأيديهم؟ وهل قال به أحد من العلماء؟ وهل مدعي الوقف يكلف إلى بينة عادلة

تشهدان الكرم بعينه وقف فلان وقفه وهو يملكه، وهل إذا أبرز مدعي الوقف شرط واقف وادعى أنه شرط صحيح، وهذا الكرم ذكر فيه يثبت بمجرد ذكره، وكل ذلك بحكم حكام وتمسكات شرعية وتداول اليد وتصرف تام، وهل يجوز فتح باب بين المسلمين فيه خصومات ومنازعات تؤول إلى الضرر والإفساد والتزوير، أم كيف الحال؟. (أجاب) اعلم يا من يريد جمع كلمة الإسلام ودفع القيل والقال بين الأنام أن وضع اليد من أقوى الحجج الشرعية، وعليه يعول علماء البرية، ولو طلب من الناس إثبات ما بأيديهم من الملك إلى البيان لأدى ذلك إلى عجز كثير من الناس، بل أكثرهم عن إثبات ملك ما بيده، فلو رأينا مع رجل كيس ذهب أو جواهر أخرجها من البحر، فأي شاهد نزل عليه بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - وحي من السماء، أو كان مع من هي بيده في قعر بحر الظلمات حتى يشاهده تملكها، فكل من يده على شيء موضوعة دالة له على الملك حاكمة به له، فلا يطلب من المدعى عليه بينة، فطلبها منه مخالف لقول الصادق المصدوق، والتصرف أيضا ودفع الحكر على الأرض من أقوى الأدلة، عدم معارضة المدعى ومن قبله من المستحقين دليل حق اليقين على عدم صحة دعواه، والبيع المتعدد المذكور وحكم الموالي به المشهور هو الدليل على قولنا المنصور، وتعاقب الأيام والشهور والأزمان والدهور مع عدم المعارضة من أقوى الظهور لمن أذعن بالحق المشكور، وبه علم أن تكليف الناس إلى إثبات ما بأيديهم لم يقل به أحد من علماء الأمة أيدهم الغفور، ولا ريب في الدين القويم أن مدعي الوقف يحتاج إلى البينة العارفة العادلة المؤمنة بقول الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ولو كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} ولا بد من بيان حدود الكرم الأربعة في الدعوى وشهادة الشاهد على الحدود والوقف، واستمرار ذلك وقفا من زمن الواقف إلى هذا الزمن؛ لاحتمال إبطال الوقف بوجه من الوجوه أو شرط من الشروط، كأن شرط الواقف في وقفه أنه يباع أو أن له الإدخال والإخراج عند من يقول به، ثم حكم بذلك حاكم رفع به الخلاف؛ لأن يد واضع اليد مع التصرف المذكور من أقوى الأدلة، فلا يزيله إلا ما هو أقوى منها، فحرروا الدعوى والشهود والمرجع إلى الرب المعبود. (وأجاب) شيخ الإسلام السيد محمد علي كنار، الفتوى من ممد الكون أستمد التوفيق والعون، ما أجاب به مولانا عين المذهب، فإليه نذهب ولا نعلم خلافا بين أئمتنا الحنفية في ذلك؛ لأن من أقوى الأدلة والحجج وضع اليد، وأطبقت علماؤنا جميعا أنه لا يكلف واضع اليد

مطلب في قرية مشتركة لوقف تسعة أعشار الخ

إلى بينة، ولا يخفى ذلك على من سبغ أنملة في مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه، وقد تواتر إفتاء مولانا العلامة الوالد بذلك، والنحرير الشيخ خير الدين الرملي، فلا يجوز الحود عن الحق المنيف والحق أحق أن يتبع، ولا تلتفت إلى مجرد كاغدة، وذكر المكان فلا بد من بيان حدوده وذكر الواقف وأبيه وجده والجهة الموقوفة عليها مجرد اتصال، إن سلمنا في مكان مع تعدد الأمكنة الموقوفة لا بد من البينة في البقية كما أفتى بذلك العلامة الشيخ إسماعيل والله تعالى أعلم. مطلب في قرية مشتركة لوقف تسعة أعشار الخ (سئل) في قرية مشتركة لوقف تسعة أعشار يتصرف فيه متوليه، وعشر لسباهي بموجب براءة سلطانية، فهل للمتولي أن يستبد فيها بالتصرف دون السباهي أم لا يتصرف كل منهما إلا بمعرفة صاحبه لكون كل منهما شريكا ومستحقا؟. (أجاب) لا ريب أن كل مستحق في أرض أو غيرها شريك، قل الاستحقاق أو جل، فليس للواحد من المتولي والأسباهي الاستبداد بالتصرف بل لابد من اجتماعهما ولو بوكيليهما أو وكيل أحدهما مع الآخر في جميع علائق القرية؛ دفعا للنزاع والتهمة، ولأن الحق مشترك فلا يستقل به أحدهما دون الآخر؛ لأنه تحكم وترجيح بلا مرجح، والله تعالى أعلم. مطلب في واقف أنشأه وقفه على نفسه مدة حياته الخ (سئل) في واقف أنشأه وقفه على نفسه مدة حياته ثم بعده على أولاده الموجودين الآن، وهم محمد وعبد الكريم وحجازي ورمضان وامت ومؤمنة ومنى وكافية بينهم؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، وعلى من سيحدث له من الأولاد الذكور والإناث بينهم؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم بعدهم على الأولاد الذكور دون الإناث ثم على أولاد أولادهم، الذكور دون الإناث ثم على أولاد أولاد أولادهم، الذكور دون الإناث، أولاد الظهور دون أولاد البطون، على أن من مات منهم عن ولد أو ولد ولد ينتقل نصيبه لولده أو ولد ولده وإن سفل، ومن مات منهم عن غير ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه لمن هو في درجته وذوي طبقته؛ الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى إلى آخر ما شرط، ماتت منى قبل أبيها عن بنت ثم مات أولاد الواقف جميعا ولم يوجد لهم ذكور إلا ثلاث أولاد لرمضان، وحجازي له بنتان، ومنى لها بنت وامت لها بنت، ومؤمنة لها ابن وثلاث بنات، وكافية لها ثلاث بنات وذكر، فمن يستحق الوقف من هؤلاء؟. (أجاب) لا ريب أن شرط الواقف معمول به شرعا لأنه كنص الشارع، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - «المؤمنون عند شروطهم» ونص العلماء أن الأولاد يشمل الذكر والأنثى، فلما ذكر الواقف أولاده لصلبة، الذكور والإناث، دخلوا جميعا صريحا ثم إنه لما ذكر أولاد أولاده خص ذلك بالذكور ثم نفاه عن أولاد الإناث بقوله: دون أولاد الإناث، فخرج الإناث من أولاد أولاده فلا يدخلن في الوقف

مطلب أرض وقف على ولي لله تعالى، تحت يد رجل يتصرف فيها الخ

المذكور، وخرج أولاد بناته ذكورا كانوا أو إناثا بقوله: دون أولاد الإناث، لما علمت أن الولد يشمل الذكر والأنثى إثباتا ونفيا، فظهر بما قررناه أن المستحق للوقف أولاد رمضان فقط بينهم سوية، لكل واحد منهم الثلث دون بنتي حجازي وبنت منى وبنت امت، ودون ابن مؤمنة وأخواته الثلاث، وبنات كافية وابنها فلا يدخلون في هذا الوقف لأنهم من أولاد الإناث، وقد نفاهم الواقف بقوله: ثم من بعدهم؛ أي بعد أولاده على أولادهم الذكور، فخرج به جميع الإناث من أولاد الأولاد. يبقى النظر في ابن مؤمنة الذكر وابن كافية الذكر، فخرجا بقوله: أولاد الظهور دون أولاد البطون، الراجع للجميع لأنه قيد متأخر يرجع عند الإطلاق لجميع ما قبله، كالقيد المتقدم، والخلاف في القيد المتوسط والأصح فيه الدخول، فانحصر الوقف في أولاد رمضان الثلاث كما علم، والله تعالى أعلم. مطلب أرض وقف على ولي لله تعالى، تحت يد رجل يتصرف فيها الخ (سئل) في أرض وقف على ولي لله تعالى، تحت يد رجل يتصرف فيها آجرها لرجل، فيها أشجار زيتون، انقضت مدة الإجارة، فهل ترجع لأولاد المؤجر أو ترجع للوقف ويتصرف فيه للوقف المتولي؟. (أجاب) لا ريب أن غالب الأراضي والقرا إما وقف وإما ميرى لحضرة مولانا السلطان نصره الرحمن، وكل من وضع يده على أرض فهي له يتصرف فيها كيف شاء، بالبيع والإجارة وغيرها، كما يعلم ذلك من نصوص العلماء، وفى قصة تميم وقول أبي بكر له: لا ترفع يد الزارع، أقوى شاهد لذلك، فترجع الأرض بما فيها من الزيتون لأولاد المؤجر ويدفعون ما عليها معتادا لجهة الوقف، وليس لناظره ومتكلمه عليهم أي كلام لما علم، ولو فتح هذا الباب لرفعت أيدي كثير من الناس عن أراضى بأيديهم، كوقف الأنبياء الكرام والمساجد العظام، والله تعالى أعلم. مطلب دار محدودة بيد جماعة بداخل حوش فيه عدة دور الخ (سئل) في دار محدودة بيد جماعة بداخل حوش فيه عدة دور، موقوف جميعها من واقف معلوم على أولاده ثم على أولاد أولاده، ثم وثم، وذكر جهة بر لا تنقطع، وكل من الموقوف عليهم متصرف في حصته من الوقف مدة سنين حسب التوافق بينهم بما لهم من الاستحقاق والآن من بيدهم الدار المذكورة يدعون أنها ليست من الوقف، ويتصرفون فيها مدة مديدة بطريق الملك لكونها آلت إليهم من مورثهم فلان، وآلت لمورثهم بالشراء من فلانة بموجب حجة مضمونها أنه اشترى محمد أغا من فلانة جميع الدار الواقعة داخل حوش أولاد سموم الآيلة إليها بموجب حجة مؤرخة في كذا، فادعى عليهم متولي الوقف الذي هو من جملة المستحقين فيه أنها موقوفة من قبل الواقف على أولاده ثم وثم، وهى من جملة وقفه بموجب كتاب الوقف المخلد بيده، فهل إذا أقام الناظر بينة عادلة يشهدون بالتسامع أن هذه الدار وقف فلان على جهة كذا

كتاب الهبة

شهادة بت، وأن من كانت بيده أولا كان متصرفا فيها بما له من الاستحقاق لكونه من الموقوف عليهم، وأنها وقف تقبل هذه البينة المذكورة، ويقضى بها لجهة الوقف ويعمل بكتاب الوقف المذكور بعد ثبوته +م يعمل بما في يد واضعي اليد من الجهة المذكورة؟. (أجاب) حيث كانت الدار المذكورة داخلة في حدود الوقف، وكان الوقف ثابت المضمون دخلت في الوقف، ولا سيما مع شهادة الشهود ولو بالتسامع، فإن شهادتهم في الوقف مقبولة لأن الوقف تطول مدته فيعسر إقامة البينة على الواقف لأنه قد يموت وتطول المدة، فدعت الحاجة إلى ثبوت الشهادة بالتسامع، وشرطه أن يسمع من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وإن لم يكونوا عدولا، وعلامته إفادة العلم بعده، كما صرحوا به في الأصول، والله تعالى أعلم. كتاب الهبة كتاب الهبة مطلب رجل له ابن عم ليس له وارث غيره، وزوجة الخ (سئل) في رجل له ابن عم ليس له وارث غيره، وزوجة، مات وترك ما يورث، ثم إن الزوجة استولت على جميع المال، ثم ماتت ومات زوجها وله قريب يدعي أن الزوجة وهبت جميع ما تحت يدها من مخلفات زوجها له، فهل هذه الهبة الواقعة منها لمخلفات العم صحيحة أم لا؟. (أجاب) ما وهبته المرأة من مخلفات العم التي لا تخصها بل هي لابن العم، باطل؛ لعدم ملكها لذلك لأنه لما مات الرجل كان المخلف عنه إرثا ملكا، لابن العم منه الثلاثة أرباع ولها منه الربع، فلما وهبت الثلاثة أرباع الغير مملوكة لها كانت الهبة باطلة، والله تعالى أعلم. مطلب رجل أخذ من آخر ثورا الخ (سئل) في رجل أخذ من آخر ثورا يدعي أنه أخذه مجانا، وصاحبه يدعي أنه ما دفعه إلا بمقابل، ويدعي أيضا أن الأول استعمله عشره أشهر، وهو يدعي أنه ما استعمله إلا شهرين ونصفا، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) إن أقام صاحب الثور بينة عادلة تشهد أن الآخذ للثور صدر منه ما يدل على تطميع صاحب الثور كان له أجرة مثل الثور تلك المدة، وإن اختلفا فيها ووجد بينة عمل بها، وإلا صدق الغارم الآخذ للثور، والله تعالى أعلم. مطلب رجل زوج ولده الكبير ودفع عنه المهر الخ (سئل) عن رجل زوج ولده الكبير ودفع عنه المهر لزوجته، ثم إنه قسم أمواله بين أولاده وباع ربع المال لولده الكبير بقرشين، فهل له الرجوع في البيع والمهر المدفوع؟. (أجاب) حيث باع الأب بيعا صحيحا لولده وفارق المجلس، ليس له الرجوع فيما باعه لأنه مأخوذ بمقابل، بخلاف الهبة، وكذلك المهر المدفوع لا رجوع للأب فيه لأنه ملك الزوجة لا موهوب للأب، والله تعالى أعلم. مطلب أخوان أحدهما في بلده والثاني نازل في غيرها الخ (سئل) من أخوين أحدهما في بلده والثاني نازل في غيرها، ولهما أرض مشتركة وشجر كذلك، ورثاهما من أبيهما وعمر الذي في الأرض المذكورة وغرس فيها، ثم إنه

مطلب رجل اشترى مكانا من ماله ووهبه لبنته الخ

اتفق مع أخيه على أن جميع ما بيدهما يكون لهما سواء، فوهبه نصف حصته من الذي غرسه، فهل له أن يرجع بعد ذلك بعد أن استقرا على ذلك أربع سنين؟. (أجاب) حث صدر من الأخ الغارس هبة نصف الغرس الذي غرسه، ليس له الرجوع في ذلك حيث قبض الأخ الموهوب، والله تعالى أعلم .. مطلب رجل اشترى مكانا من ماله ووهبه لبنته الخ (سئل) عن رجل اشترى مكانا من ماله ووهبه لبنته ولم تحزه البنت المذكورة، ثم إن البنت المذكورة توفيت إلى رحمة الله تعالى، فهل يرجع المكان المذكور لوالدها، وليس لأحد من ورثة البنت المتوفاة معارضة لوالدها. (أجاب) اعلم أنه لا بد في الهبة من الإيجاب من الواهب والقبول من المتهب، وشرط ذلك كالبيع، فلا بد من القبول فورا وعدم تعليق وتأقيت وخلل كلام أجنبي، وعدم إعراض، فحيث لم تقبل البنت الهبة من أبيها فورا، لم تصح الهبة ولم يخرج الموهوب عن ملك الواهب، وشرط لها أيضا زيادة على البيع قبضها بإذن أو إقباض منه وإن تراخى القبض عن العقد، أو كان الموهوب بيد المتهب، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له أربعة أولاد، زوج منهم ثلاثة الخ (سئل) في رجل له أربعة أولاد، زوج منهم ثلاثة وقسم لكل واحد منهم قسما ويريد أن يأخذ منهم ما يزوج به الرابع، فهل له ذلك ويلزم أو لا؟. (أجاب) لا يلزم واحدا منهم تزويج أخيه، ولكن لأبيهم الرجوع عليهم بما قسمه لهم من ماله إن بقي في سلطنة الآخر، والله تعالى أعلم. مطلب عن والدة خصها من زوجها بيت الخ (سئل) عن والدة خصها من زوجها بيت بميراثها منه، ثم إنها وهبته لأحد أولادها بموجب حجة، فهل لها الرجوع أو لا؟. (أجاب) نعم لها الرجوع فيه حيث بقي البيت على سلطنة ابنها، قال في المنهاج وشرحه لشيخ الإسلام: ولأصلٍ رجوعٌ فيما أعطاه لفرعه لخبر «لا يحل لرجل أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده» رواه الترمذي، والله تعالى أعلم. مطلب رجل وهب له جماعة ساحة أرض وبنى فيها الخ (سئل) في رجل وهب له جماعة ساحة أرض وبنى فيها بيتين، وله أولاد وابن زوجة كانوا يساعدونه في العمل، باع ابن زوجته بيتا لأمه، فهل البيع صحيح وهل للأولاد فيها شيء؟. (أجاب) بيع الولد لأمه البيت باطل لعدم ملكه له، حيث لم يحصل من الرجل المعمر له تمليك له، وأما مساعدة الأولاد للرجل فلا تقتضي ملكا لهم في الساحة ولا في البيوت؛ لأن عملهم يقع تبرعا ولا أجرة لهم عليه، إذا لم يصدر منه ما يدل عليها، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له ولد في الهند الخ (سئل) في رجل له ولد في الهند أرسل لرجل هدية، فوقعت في يد أم الولد وزوجته، ثم إنهما استأذنا الرجل المرسلة هي له فسمح لهما بها، ثم مات الرجل، والآن ورثته يطالبون الولد بها، فهل لهم ذلك؟. (أجاب) حيث إن الرجل المرسل له لم يقبض الهبة لم يملكها، على أنه وإن فرض أنه ملكها سقط حقه بالهبة لهما، فليس للورثة طلب

مطلب دار مشتركة بين أخوين الخ

الولد قطعا اتفاقا؛ لأنه لم يضع يده عليها، وكذلك الزوجة والأم لسقوط حق المرسل له إن لم يقبض وانتقال للنساء إن قبض، والله تعالى أعلم. مطلب دار مشتركة بين أخوين الخ (سئل) في دار مشتركة بين أخوين غاب أحدهما ثم بعد مدة حضر فوجد أخاه شرع في عمارة بيت فقال له: شارف معي هذا البنيان وهو بيني وبينك، فلما كمل البيت قسمه بينه وبين أخيه، وبنى حاجزا بينهما، وسكن كل في حصته، ثم بعد سنتين تشاجر معه ويريد منع أخيه ويقول: قد كنت أعطيتك ورجعت الآن في عطيتي، فهل له ذلك؟. (أجاب) حيث إنه قبض الحصة من البناء وسكن فيها تملكها؛ لأن الهبة تملك بالقبض، وأما قرار البناء فهو مشترك بينهما، فليس لأخيه الرجوع لأنه لم يرجع في هبته إلا الأب والجد إذا لم تزل سلطنة الولد، والله تعالى أعلم. مطلب والد يريد أولاده أخذ ما بيده الخ (سئل) في والد يريد أولاده أخذ ما بيده من أرض وغيرها وكان دفع لهم غنما وبقرا وجملا وربع فرس، فهل له الرجوع فيما وهبه لهم وهل لهم الأخذ قهرا؟. (أجاب) قال تعالى {وإن جاهداك} أي الوالد والوالدة} لتشرك بي {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} وقال تعالى: {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} فيجب على كل ولد تعظيم والده وتوقيره واحترامه، وأن ينفق عليه ويزوجه، ولا يجوز لهم أخذ شيء منه قهرا، فإن فعلوا عصوا الله ورسوله وكانوا عاقين لهما، فيجب على ولي الأمر - ضاعف الله له الأجر - زجر أولاده عنه ومنعهم، ويثاب على ذلك وله الرجوع فيما وهبه لأولاده، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له ولد ولد، وله ولدان أحدهما أبو هذا (سئل) في رجل له ولد ولد، وله ولدان أحدهما أبو هذا، والثاني أخوه، فوهب الجد لولد ولده ثلث جميع ما يملك من زيتون ودور وبيوت وأرص وآبار وغنم وبقر وجمال وحمير، وغير ذلك مما هو ملكه وله الكلام عليه، وقبل ولد ولده الهبة وهو بالغ عاقل، وقبض الولد الهبة والجد بحال الصحة والسلامة ومعه شهود تشهد له بذلك، وكتب له صك بذلك شرعي عند حاكم شرعي، فهل هذه الهبة شرعية صحيحة يجب تسليم ثلث المذكور له؟. (أجاب) حيث وقع القبض لجميع الموهوب منه الثلث للمتهب أو وكيله، كانت الهبة صحيحة يجب العمل بها؛ لأن هبة المشاع عندنا صحيحة وقبض المشاع بقبض الجميع، فيجب على واضع اليد أن يسلم ثلث الموهوب للمتهب المذكور، والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب عم له أولاد أخ أربعة؛ سالم وزاهر وحمد وخليل (سئل) في عم له أولاد أخ أربعة؛ سالم وزاهر وحمد وخليل، قال لزاهر: وهبتك جميع ما أملكه، فقبضه في المجلس ستين قرشا والباقي ما قبض منه شيئا، ومات العم المذكور عن الأربعة أولاد أخويه؛ أحدهما إسماعيل وأخ آخر له فما الحكم الشرعي في ذلك؟. (أجاب) حيث كانت هبة العم لابن أخيه في حال صحته وسلامته، ملك زاهر

مطلب رجل له ابن أخ محسن معه الخ

الستين قرشا التي قبضها، وما بقي من الهبة إن أقبضها بقية أولاد الأخ له ملكها، وإلا كانت ميراثا تقسم بين أولاد الأخ الأربعة، لكل واحد منها الربع لأن الهبة إنما تملك بالقبض، فإذا مات الواهب قام الوارث مقامه، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له ابن أخ محسن معه الخ (سئل) في رجل له ابن أخ محسن معه، وله أيضا أولاد أخ لا يرى منهم إحسانا، فأحضر ابن أخيه ووهبه في حال صحته ستين قرشا أقبضها له، وباعه جميع ما يملك بنصف فضة وأقبضها له، كل ذلك في حال صحته، ثم مات العم، وأولاد عمه الآن ينازعونه في ذلك، فهل لهم ذلك أو لا؟. (أجاب) حيث قبض ابن الأخ الستين قرشا من عمه في صحته، لزمت الهبة وكانت ملكا لابن الأخ، وحيث كان المبيع معلوما صح ولزم بما ذكر، ولا نظر لقلة الثمن، ولا يتوقف صحة البيع على القبض، والله تعالى أعلم. مطلب رجل وهب لولده ثلث ما بيده الخ (سئل) في رجل وهب لولده ثلث ما بيده من زيتون وأرض، وتصرف فيه الولد مدة تزيد على عشرين سنة، ثم وهبه الوالد لأولاده وتصرفوا فيه مدة خمس سنين، والآن والد أبيهم يريد الرجوع على ولده، هل له ذلك أو لا؟. (أجاب) حيث وهب الوالد أولاده ما وهبه له أبوه وأقبضه لهم، ليس لأبيه - وهو الجد للأولاد - الرجوع في ذلك؛ لأن شرط رجوع الوالد بقاء الموهوب في سلطنة المتهب، وأما الأولاد فلم يتلقوا الملك من الجد وإنما تلقوه من أبيهم المتلقي له عن أبيه، فلم تبق سلطنة المتهب، والله تعالى أعلم. مطلب في جماعة لهم حصة في زيتون الخ (سئل) في جماعة لهم حصة في زيتون وهبوها لرجل، وكانوا قبل الهبة باعوا من الزيتون الموهوب بعضه، فهل لمشتري الحصة أن ينازع الموهوب له؟. (أجاب) ليس للمشترى المعارضة بوجه من الوجوه، لا بدعوى الشفعة؛ لأن شرطها أن تملك الحصة بعوض، وهنا الموهوب له لم يملكها بعوض فلا تؤخذ منه الحصة بها ولا بغيرها، بل يصير شريكا كالمالك الأصلي، والله تعالى أعلم. مطلب رجل تحت يده ربع طاحونة أخذه بالشراء الشرعي الخ (سئل) في رجل تحت يده ربع طاحونة أخذه بالشراء الشرعي من رجل، وله عشرون سنة يتصرف من غير منازع تصرف الملاك، وقد مات البائع من مدة سنين وأولاده يشاهدون التصرف قبل موت البائع وبعده والآن أحد الأولاد يدعى أن أباه قد وهبه إياها كلها قبل أن يبيع الربع المذكور، وبقية الورثة تصادق على صحة البيع وعدم الهبة قبله، والحال أنه مع دعواه الهبة لم يقبضها في حياة أبيه ولم يتصرف فيها، فما الحكم في ذلك؟. (أجاب) أقوى أدلة الملك اليد الشرعية، والتصرف الشرعي تصرف الملاك، فدعوى المدعي المذكور المجردة لا يعمل بها لأمور، منها عدم القبض الذي هو شرط في صحة الهبة، فحيث لم يحصل قبض فلا هبة. الثاني: كونه صبر بعد موت أبيه هذه المدة المذكورة ولم ينازع في البيع المذكور. الثالث: عدم مصادقة الورثة له

مطلب في رجل له أربعة أولاد الخ

على هذه الدعوى. الرابع: إن الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا تسمع؛ بناء على أن السلطان - نصره الديان - يمنع القضاة من سماعها فيما زاد عليها، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل له أربعة أولاد الخ (سئل) في رجل له أربعة أولاد، كل اثنين من امرأة، وقسم ماله وملكه لأولاده الأربع، لكل واحد منهم قسم معلوم، مات واحد من الأخوين في حياة والده وورثه أبوه، ثم بعد مدة ملك ما ورثه لأخي الميت شقيقه، ثم مات الأب، فهل لأخويه من أبيه معارضة الأخ الشقيق في الحصة التي ملكها له أبيه أو لا؟. (أجاب) حيث ملكه الأب الحصة المعلومة في حال صحته تمليكا شرعيا، فليس لأخويه لأبيه معه معارضة بوجه؛ لأنه ملكها من أبيه، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل عنده ليتيم خمسة وسبعون دينارا الخ (سئل) في رجل عنده ليتيم خمسة وسبعون دينارا، ورهن عنده دارا ودكاكين، ثم أباح له أنه يأخذ الأجرة، فأخذها وتصرف فيها، فهل يعمل بهذه الإباحة؟. (أجاب) صرح الرملي الكبير في الفتاوى عما لو أباحه منفعة داره أو رهنها له، فهل الدار عارية له فيها، فلا يملك منافعها، كما رجح في هبة المنفعة الزركشي، وجزم به الماوردي وغيره فيها أو لا فيهما، فتكون أمانة وملك منافعها بقبضها، وهو استيفاؤها، أجاب بأن الراجح الثاني. انتهى. أي فإن قبض الأجرة بالإباحة ملكها، كما هو صريح هذا السؤال، والله تعالى أعلم. مطلب واهب وهب ولده زيتونا وتينا الخ (سئل) في واهب وهب ولده زيتونا وتينا وأرضا، وأفرزها له من رزقه وأقبضه ذلك واستغله مدة بالقسمة وغيرها، ثم مات الأب وخلف أولادا غير الولد الموهوب له الشيء المذكور، ويريدون أن يقاسموا أخاهم فيما ملكه له والده، فهل لهم ذلك أو لا؟. (أجاب) هبة الوالد لولده إذا قبضها الولد صحيحة معمول بها شرعا، فيجب على الإخوة تسليم الموهوب لأخيهم، حيث تسلم الموهوب وقبضه في حياة والده، وتمنع إخوته من المعارضة له، والله اعلم. مطلب والد مات ولده وانحصر إرثه الخ (سئل) في والد مات ولده وانحصر إرثه في والده وزوجته، وله عند أناس دين تدعي زوجته أن والده وهبه حصة من هذا الدين وكتب له به تمسكا، وتطالبه بالتمسك، فهل هبة الدين لغير من هو عليه صحيحة يعمل بها شرعا أم كيف الحال؟. (أجاب) اعلم أن شرط لزوم الهبة القبض، والدين ما دام في ذمة المدين لم يقبض، فلما مات الولد ولم يقبض ما وهبه له الوالد بإذنه، تبين بطلان الهبة اتفاقا، وعبارة ابن حجر برمتها: لأجل الخلاف وهبته (أي الدين) لغيره (أي المدين) باطلة في الأصح، بناء على ما قدمه من بطلان بيع الدين لغيره من هو عليه، إما على مقابل الأصح كما مر، فتصح هبته بالأول، وكأنه في الروضة إنما جرى هنا على بطلان هبته مع ما قدمه أنه يصح بيعه اتكالا على معرفة ضعف هذا من ذاك بالأولى، كما تقرر، وعلى الصحة قيل: لا يلزم إلا بالقبض، وقيل: لا يتوقف عليه، فعليه قيل: يلزم

مطلب رجل مات عن محمد وعلي من أم، وسعد وسعد الله من أم الخ

بنفس العقد، وقيل: لا بد بعد العقد من الإذن في القبض، ويكون كالتحلية فيما لا يمكن نقله، والذي يتجه الأول أخذا من اشتراطهم القبض الحقيقي هنا، فلا يملكه إلا بعد قبضه بإذن الواهب، وعلى مقابله: للوالد الواهب الرجوع فيه تنزيلا له منزلة العين. انتهى. فقد علمت أن الدين الموهوب لغير من هو عليه لا يملك إلا بالعقد، بأن يقول مثلا لولده: وهبتك كذا من ديني الذي على فلان، فيقول الولد: قبلت ذلك، ثم لا بد مع ذلك من إذن الوالد له في قبضه، ولا بد للولد من قبض الدين من المدين قبضا حقيقيا، والذي هنا إنما هو كتابة صك لا عقد فيها ولا إذن ولا قبض، فهي وإن صدرت باطلة، وإن فرض حياة الولد، والله تعالى أعلم. مطلب رجل مات عن محمد وعلي من أم، وسعد وسعد الله من أم الخ (سئل) في رجل مات عن محمد وعلي من أم، وسعد وسعد الله من أم، مات سعد عن أولاد، ثم مات سعد الله عن أولاد، ثم مات علي عن صباح، ثم مات صباح وخلف عثمان وصالحا وأبا علي، ثم إن محمدا وهب لعثمان وصالح وأبي علي جميع ما يملكه، المعلوم لهم، وأقبضهم إياه جميعا، وتصرفوا فيه نحو عشر سنين في حياه محمد، لا يعارضهم فيه أحد، ثم مات محمد، والآن سعد الدين ابن سعد يعارضهم لكونه أقرب منهم، فما الحكم الشرعي؟. (أجاب) حيث إن محمدا وهب عثمان وصالحا وأبا علي ما يملكه وأقبضه لهم، وكان معلوما لهم، صحت الهبة ولزمت بالقبض، حتى لو أن محمدا كان موجودا وأراد الرجوع، ليس له ذلك؛ للزوم الهبة بالقبض، فليس لسعد الدين بن سعد معهم معارضة بوجه، وإن كان مقدما بالإرث، إلا أن الموروث خرج عن ملك الوارث بالهبة، فهو حق لعثمان وصالح وأبي علي، والله تعالى أعلم. مطلب رجل ذمي له في دار ثلاثة قراريط وربع، ورثها الخ (سئل) في رجل ذمي له في دار ثلاثة قراريط وربع، ورثها من زوجته فهي له ولبناته، وهبها لولده بشرط أن يقوم به إلى الممات في جميع لوازمه والآن امتنع من القيام به، فهل له الرجوع فيما وهبه له؟ وهل عليه نفقته وكسوته ونحوهما؟. (أجاب) هذه الهبة باطلة لأنه علقها على مجهول، والآن حصة بناته لا يملكها حتى يهبها، على أن الوالد له الرجوع فيما وهبه لولده مادام على سلطانه، والوالد له على ولده الغني النفقة والكسوة ونحوهما، حتى إنه لو كان عزبا ويحتاج إلى الزوجة فيجب على ولده أن يعفه بما يصلح للتمتع من زوجة وأمة، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له أم ولها بقرة ولها ولد ذكر وبنت الخ (سئل) في رجل له أم ولها بقرة ولها ولد ذكر وبنت، والولد الأول يدعي أن أمه وهبته البقرة في حال صحتها وسلامتها وأقبضتها له ثم ماتت، وأخوه وأخته ينكران ذلك، فهل إذا أقام بينة شرعية تشهد له بالهبة والقبض يعمل بها؟. (أجاب) نعم، إذا أقام الأخ بينة عادلة شرعية بأن أمه وهبته البقرة وأقبضتها له، عمل بها، وليس لأخيه وأخته معارضته بوجه، والله تعالى أعلم. (سئل) في بنت اشترت

مطلب رجل بنى بيتا ووهبه لولده الخ

من أبيها حصة من كرم زيتون وتين وعنب وخوخ وغير ذلك بغير ثمن معلوم بشهود تشهد لها بذلك على إقراره لها بذلك، فهل لأولاده منازعة؟. (أجاب) ليس لأولاد الرجل منازعة فيما باعه أبوهم لبنته؛ لأن البيع عن تراض، فليس للولد المطيع لوالده أن يعارضه فيما أمضاه إلا أن يكون الولد عاقا لوالديه، فذاك ممن طرد وأبعد عن رحمة الله، إلى جهنم وبئس المصير، والله تعالى أعلم. مطلب رجل بنى بيتا ووهبه لولده الخ (سئل) عن رجل بنى بيتا ثم بعد فراغه وهبه لولده، وسكن فيه الولد الموهوب له في حياة أبيه، وله ورثة ينازعونه في البيت، فهل لهم ذلك. (أجاب) ليس لهم ذلك؛ حيث وهب الوالد وأقبضه ومات؛ لأن الولد الموهوب له ملك البيت بذلك، والله تعالى أعلم. مطلب رجل له ابن عم وهو صهره الخ (سئل) في رجل له ابن عم وهو صهره، طلب منه أرضا معلومة فوهبها له، وقال: أنا أعطيك الأرض الفلانية، فغرس الأرض تينا، ثم جاء له الخبر أن ابن عمه إنما يريد الأرض الفلانية غير الذي سماها له، فذهب إليه وقال له: يابن عمي سمعت أن مرادك الأرض غير المسماة، هي لك، فقال: أنا ما دفعت لك الأرض، وأريد منك شيئا، أنا وهبتها لك، والآن يريد الرجوع، هل له ذلك؟. (أجاب) حيث وهب ابن العم ابن عمه الأرض وأقبضها له، فلا رجوع له، ولاسيما وقد حقق العمارة، فليس له معه طلب أصلا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

كتاب اللقطة

بسم الله الرحمن الرحيم (كتاب اللقطة) مطلب: في رجلين ضاع لهما دراهم (سئل) في رجلين ضاع لهما دراهم، فقال أحدهما: لا أدري ما ضاع مني أهو ريالان أو واحد ذهب مشخص؟ وقال الثاني: ضاع مني ريالان أنصاف وريالان صحيحان وواحد ذهب جنزير على حدة، ووصف الخرقة الصارة لها فأخرجها الواجد لها فوجدت كما وصف الثاني، فهل للأول فيها حق أو لا؟ (أجاب) الدراهم للثاني الواصف لها حكم ما وجدها الواجد، وأما الأول فيطلب ماله لعله يجده على أن دعواه لا تصح لعدم الجزم والله أعلم. (كتاب اللقيط) مطلب: في رجل أسلم وله أولاد .. إلخ (سئل) في رجل أسلم وله أولاد دون البلوغ من ذكور وإناث، فهل هم مسلمون تبعا لآبائهم، وهل يجب ختانهم، وهل تجوز الأنثى لذمي، وهل يجب على المسلمين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويثابون على ذلك؟ (أجاب) إذا أسلم الكافر من نصارى ويهود وغيرهما تبعه في الإسلام فرعه الصغير والمجنون من ولده وولد ولده

كتاب الجعالة

وإن سفل تبعا لأصله ولو من قبل الأم، فإن رضي بالكفر بعد البلوغ فمرتد يجب قتله إذا لم يرجع للإسلام، ويجب ختنهم لأن ذلك علامة أهل الإيمان فإن امتنع عزر، ولا يجوز نكاح البنت التي أسلم أبوها وهي قاصر أن تتزوج بكافر، وإن تزوجت به فنكاحها باطل بإجماع المسلمين لنص القرآن العظيم، ويجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يأمر في هذه المسألة بالمعروف وينهى عن المنكر ويرفع الأمر في ذلك لولاة الأمور أيدهم الله تعالى حتى يقتلوا من يجب قتله من الأولاد إن ارتدوا ويعزروا من يستحق التعزير منهم، ويعزر الذمي المتزوج للمسلمة بما يليق به، والله أعلم. (كتاب الجعالة) مطلب: في جماعة جاعلوا على حفر بئر بناء على أنه لهم وظهر للغير ولم يتمم، فهل لهم قسط ما عملوا؟ (سئل) في جماعة جاعلوا على حفر بئر بناء على أنه لهم، ثم ظهر البئر مستحقا للغير، ولم يتمم الجماعة المجاعلون العمل، فهل يستحقون بقسط ما عملوا؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه: وشرط فيه - أي العاقد - اختيار وإطلاق تصرف ملتزم ولو غير المالك، ثم قال: وللعامل أجرة - أي أجرة مثله - إن فسخ الملتزم ولو بإعتاق الرقيق بعد الشروع في العمل كما في القراض، وقال في العباب في أحكام الجعالة فمنها أنها جائزة، فلكل من المتعاملين فسخها قبل الفراغ، ثم إن كان قبل الشروع فلا شيء للعامل أو في الأثناء فله أجرة مثل ما عمل قبل الفسخ، والله أعلم. مطلب: في راع مجعول له على كل ثور قدر وضاع منه البعض هل يضمن أو لا؟ (سئل) عن راع مجعول له على كل ثور أو حمار قدر معلوم من الغلة ليرعى البقر والحمير بذلك، سرق منها ثلاث وأكل الذئب منها واحدة، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) حيث لم يحصل من الراعي تقصير فلا ضمان عليه بل تلف كل بقضاء الله تعالى وقدره، والله أعلم. مطلب: نجار جعل له على كل فدان قدر من الذرة ولم تغل الذرة تلك السنة، فهل يلزم ما جعلوه له أو لا؟ (سئل) عن نجار جعل له أهل بلد على كل فدان مدين من الذرة لينجر لهم ما يحتاجون إليه مدة معلومة ولم تغل الذرة تلك السنة، فهل يلزم ما جعلوه له؟ (أجاب) هذه جعالة صحيحه يجب على كل ملتزم دفع ما التزمه للنجار سواء كان العمل معلوما أو مجهولا، عسر علمه للحاجة كما في عامل القراض بل أولى، ولا نظر لكون الذرة لم تغل؛ لأنه لم يعمل فيها بل في النجارة الخارجة عنها، والله أعلم. مطلب: في رجل جعل لآخر جعلا ليخطب له بنتا (سئل) في رجل جعل لآخر جعلا ليخطب له بنتا، فخطبها وتزوجها ولم يدخل بها، ثم مات الزوج فهل لأبيه الرجوع على العامل بالجعل الذي صار له وقبضه. (أجاب) ليس له الرجوع لأنه استحقه بالخطبة وقد وجدت ولم يكن للدخول في ذلك والحالة هذه، والله تعالى أعلم. مطلب: في جماعة معلومين جاعلوا جماعة ليبنوا لهم أتونا يقيدوا عليه حتى يصير شيدا وفسد. (سئل) في جماعة معلومين جاعلوا جماعة معلومين ليبنوا لهم أتونا ويقيدوا عليه حتى يصير شيدا فوقدوا عليه وقصروا في وقوده حتى فسد، فهل يستحقون الجعل؟ (أجاب) حيث لم يصر الأتون شيدا لا يستحق العامل الجعل

مطلب: في رجل به عمى جعل لآخر جعلا ليعالجه فعالجه فأبصر ثم أنكر

المعمول له؛ لأن شرط استحقاقه وقوع العمل مسلما، وهنا لم يحصل نفع للجاعلين والله أعلم. مطلب: في رجل به عمى جعل لآخر جعلا ليعالجه فعالجه فأبصر ثم أنكر (سئل) في رجل به عمى لا يبصر شيئا جعل لآخر ذي معرفة عشرة قروش إن عالجه وأبصر، فعالجه وأبصر وأقر بذلك وقعد نحو خمسة أيام يبصر ثم أنكر وادعى عدم الإبصار، فهل يلزمه الجعل المذكور؟ (أجاب) حيث كان الجعل على الإبصار وقد صار بإقرار الجاعل أهل الاعتبار لزمه ما التزمه من العشرة قروش، وأما ما عرض بذلك له من عدم الإبصار فمن قضاء الملك القهار الذي الإنسان تحت قهره بالليل والنهار، فليس بيد أحد الاستمرار دائما للإبصار؛ لأن ذلك من صنع اللطيف الستار، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجلين عند أحدهما بقرة والآخر ثور اتفقا على أن يحرث أحدهما والبذر من عنده (سئل) في رجلين عند أحدهما بقرة وعند الآخر ثور، اتفقا أن يحرث أحدهما عليهما ويضعا البذر مشتركا؛ ليكون الزرع وما يتحصل منه مشتركا بينهما، فحرث مدة ورد البقرة لصاحبها سالمة على يد بينة شرعية تشهد له بذلك، ومكثت عند صاحبها نحو أسبوع ثم ذبحها، والآن يدعي أن الذي كان يحرث عليها أحدث فيها عيبا يسري إلى التلف فما الحكم؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا ضمان على الحراث؛ لأنه استعمل البقرة في شغل المالك الذي هو الزرع، فإذا لم يحصل من الحراث فعل غير الحرث يؤدي للتلف فلا ضمان عليه لما علم، على أن رد البقرة سالمة إلى مالكها يدل على عدم تعدي الحراث، وذبح المالك لها تصرف فيها فهو قد أتلف دابة نفسه، والله أعلم. مطلب: في رجل راع لبلدة ضاع منه حمارة (سئل) في رجل راع لبلدة بقرها وحميرها بأجرة معلومة لم يقصر في حفظها بحسب الإمكان، ضاع منها حمارة يريد مالكها أن يغرم الراعي لها، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) حيث لم يحصل من الراعي تفريط فلا ضمان عليه له، ألا ترى أن الرجل تضيع دابته من يده ولا تقصير منه فللناس أحوال وغفلات يعذروا فيها والراعي كذلك، والله أعلم. مطلب: في رجل أوضحه جماعة (سئل) في رجل أوضحه جماعة واصطلح معهم على ثلاثمائة قرش، ثم امتنعوا فطلب من جماعة أن يعينوه عليهم ولهم نصف المبلغ، فلما علم الموضحون بذلك انقادوا لدفع ما وقع عليه الصلح، فهل هي جعالة يستحقون بها ما ذكر ولم يعمل هذا الجعل إلا الوضح؟ (أجاب) شرط الجعالة أن يكون فيها عمل فيه كلفة هنا وغير متعين، فحيث إن الجماعة المستعان بهم لم يعملوا عملا فيه كلفة فلا يستحقون ما ذكر، وليس ما ذكر فيه لعدم وجود شرطها، والله سبحانه وتعالى أعلم. (كتاب الفرائض) مطلب: في رجل غرق في البحر وعليه ديون، هل يحاسب في الآخرة (سئل) عن رجل غرق في البحر وعليه ديون هل يحاسب بها أم لا لكونه مات شهيدا؟ (أجاب) حيث لم يخلف ما يفي بالدين ولم يكن عصى بالاستدانة فلا

مطلب: امرأة ماتت عن زوج ولم يعلم لها وارث غيره ثم برز رجل يدعي النسب لها ... إلخ

يطالب بشيء، وفي كرم الله تعالى ما يفي عنه، وأما الشهادة فلا تسقط الحقوق عنه؛ لأن غايتها الموت على الإيمان، وإن خلف ما يفي وجب على الورثة قضاء دينه من التركة وإلا فلا يجب عليه شيء، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن زوج ولم يعلم لها وارث غيره ثم برز رجل يدعي النسب لها ... إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن زوج ولم يعلم لها وارث غيره، ثم مات الزوج فوضع ابن أخيه يده على التركة، ثم برز رجل يدعي أنه قريب لها، فهل يعمل بمجرد قوله؟ (أجاب) لا يعمل بمجرد قول المدعي للنسب، بل لا بد من شهود عدول يشهدون، وأن الميتة فلانة بنت فلان ابن فلان إلى الجد الجامع، وأن هذا الرجل فلان ابن فلان إلى الجد الجامع لهما يستحق النصف، والنصف الثاني لابن الأخ الوارث لعمه، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل زوج ابنه بنت آخر ودفع المهر ثم ماتت البنت ... إلخ (سئل) في رجل زوج ابنه ببنت آخر ودفع له المهر، ثم ماتت البنت قبل الدخول بها، فهل لأبيه أن يطالب بالنصف للمهر الذي استولى عليه الأب الموروث للابن؟ (أجاب) نعم له المطالبة به ويجب على من هو تحت يده تسليمه لوارثه الذي هو الأب؛ لأن الزوج يرث من الزوجة النصف بالزوجية فيرثه منه وارث الأب وحده إن لم يكن غيره، وإلا كان بحسب الفريضة الشرعية، والله أعلم. مطلب: في رجل مات وخلف أربع نسوة إحداهن تأخذ المهر والميراث والباقي بالخلاف إلخ (سئل) عن رجل مات وخلف أربع نسوة فأخذت إحداهن المهر والإرث، والثانية الإرث دون المهر، والثالثة المهر دون الإرث، والرابعة لا مهر ولا إرث. (أجاب) هذا رقيق زوجه مولاه أمتين، ثم عتق إحداهما ثم عتق العبد فتزوج حرة مؤمنة وحرة ذمية، فإذا مات العبد العتيق وهو مؤمن فالحرة المؤمنة ترثه وتأخذ المهر، والحرة الذمية لها المهر دون الإرث، والعتيقة المسلمة لها الإرث دون المهر، والرقيقة لا إرث ولا مهر، والله أعلم. مطلب: رجل اشترى من آخر بناء ومات مفلسا يقدم على أصحاب الدين أو لا؟ (سئل) في رجل اشترى من آخر بنا ثم مات المشتري مفلسا، وعين البن باقية لم يتصرف فيه، فهل يقدم به فيأخذه قهرا على الغرماء وليس للغرماء معارضته؟ (أجاب) نعم يقدم كما نص عليه أئمتنا وغيرهم متونا وشروحا، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وما - أي ومبيع - مات مشتريه مفلسا - أي يبدأ به - فيقدم على الغرماء لتعلق فسخ البائع به، والله أعلم. مطلب: رجل باع ابنته بيتا مملوكا له .. إلخ (سئل) في رجل باع ابنته بيتا مملوكا له ثم مات عنها فقط، وخلف بقية الدار وغرسا من زيتون ورمان وغيرهما، وكان يزرع في بلده أرضا من أرض بيت المال استولى عليها زراع غيره، فهل يجوز لهم أن يعارضوا البنت فيما خلفه أبوها من الدار والغرس؟. (أجاب) جميع ما خلفه الرجل من الدار والزيتون والرمان وغيرهما يكون إرثا لابنته فرضا وردا، ولا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعارضها في ذلك، بل لو أنكر ذلك إنسان كفر؛ لأنه خلاف نص القرآن ومعلوم من الدين بالضرورة وإنكاره كفر، وأما الأرض فلمن

مطلب: امرأة ماتت وعليها دين.

زرعها لأنها لا تملك، وأما الغرس والبناء فمملوكان للباني فيورثان عنه، كل ذلك لا خلاف فيه، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت وعليها دين. (سئل) في امرأة ماتت وعليها دين ولها مؤن تجهيز من كفن وغسل وحفر وغير ذلك، فهل يقدم ذلك على الإرث؟. (أجاب) نعم، الدين ومؤن التجهيز مقدمان على الإرث إجماعا؛ لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وقدمت الوصية في الآية اهتماما بشأنها، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن بنتين وزوجة وأخ لأم، وترك ما يورث عنه إلخ (سئل) عن رجل مات عن بنتين وزوجة وأخ لأم وترك ما يورث عنه، فهل للأخ للأم من ميراثه شيء؟ (أجاب) للزوجة مما ترك الثمن ثلاثة قراريط والباقي وهو أحد وعشرون قيراطا للبنتين فرضا وردا، كل واحدة لها عشرة قراريط ونصف، ولا شيء للأخ للأم اتفاقا، والله أعلم. مطلب: رجل مات وعليه دين وله أخ وبنات (سئل) عن رجل مات وعليه دين وله أخ وبنات، فهل يجب على الأخ وفاء الدين من ماله أو من مهر البنات ويفي عن أخيه؟ (أجاب) لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يطالب الأخ بشيء من ماله أو من المهر، حيث لم يخلف الميت وفاء، فإن خلف تركة تعلق الغرماء بتركته فقط دون الأخ والبنات، قال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} أي عطية من الله تعالى، فليس لأحد أن يمنع عطية الله، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن عمتها وابن أختها فلمن الميراث؟ إلخ. (سئل) في امرأة ماتت وتركت عمتها أخت أبيها وابن أختها، فهل الإرث بينهما أو لأحدهما وحده أو كيف الحال؟ (أجاب) العمة تنزل منزلة الأب وابن الأخت منزلة الأخت، وعلى كل حال الأب يحجب الأخت مطلقا، أي سواء كانت لأب أم لأم أم شقيقة، فالميراث جميعه للعمة ولا شيء منه لابن الأخت كيف كان، والله أعلم. مطلب: امرأة مرضت مرض الموت وأحضرت شهودا أنها لا حق لها قبل زوجها (سئل) في امرأة مرضت مرض الموت فأحضرت شهودا وأشهدت على نفسها أنها لا حق لها قبل زوجها يعدل الميزان أو يميله، فهل يصح منها هذا الإشهاد ولها مع أختها غنمات أقر بها أبوهما لهما، ولها زوج وأخت شقيقة وبنت فكيف تقسم تركتها؟ ولها أولاد عم، فهل لهم دخل في ذلك؟ (أجاب) إقرار المريض في مرض الموت صحيح معمول به، فليس للورثة معارضة الزوج بوجه، ثم الغنمات وما خلفته المرأة للبنت منه النصف وللزوج منه الربع وللأخت الشقيقة الربع الثاني عصوبة مع الغير؛ لأن الأخوات مع البنات عصبات ولا دخل لأولاد العم لحجبهم بمن ذكر، والله أعلم. مطلب: رجل عقد على بكر بمهر معلوم ومات عنها قبل الدخول .. إلخ (سئل) في رجل عقد على بكر بمهر معلوم معجل ومؤجل ومات عنها قبل الدخول بها، فهل تستحق من إرثه جميع المهر المسمى أم نصفه أم كيف الحال؟ (أجاب) نعم، لها جميع المهر المسمى لأن بالموت يتقرر جميعه وترث منه إرث زوجة وهو الربع إن لم يكن له ولد، والثمن إن كان، ويشركها فيه غيرها من الزوجات إن كان، والله أعلم. مطلب: في ثلاثة إخوة اثنين شقيقين والآخر لأب (سئل) في ثلاثة

مطلب: امرأة ماتت عن بنت أخ وابن أخ لأم

إخوة اثنين شقيقين والآخر لأب، مات أحد الأخوين الشقيقين، فهل تركته تكون لأخيه الشقيق خاصة أو بينه وبين الأخ من الأب. (أجاب) ميراث الميت للأخ الشقيق الذي هو من أمه وأبيه؛ لأنه أقوى وليس لأخيه لأبيه من الميراث شيء، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن بنت أخ وابن أخ لأم (سئل) في امرأة ماتت عن بنت أخ لأب وابن أخ لأم وابن خال من أم فكيف إرث من ذكر؟. (أجاب) الأصح أنا نورث ذوي الأرحام على مذهب أهل التنزيل وهو أن ينزل كل فرع منزلة أصله ويقدم الأسبق إلى الوارث، فإن استووا قدر كأن الميت خلف من يدلون به، فهنا كأن المرأة ماتت عن أخيها لأبيها وأخيها لأمها وخال، فأخوها لأمها له السدس يأخذه ولده، ولأخيها لأبيها الباقي تأخذه بنته ولا شيء لابن الخال لبعده، والله أعلم. مطلب: رجل مسلم له أب ذمي مات على دينه وعليه ديون، هل يجب على ولده شيء من الديون أو لا؟ إلخ (سئل) عن رجل مسلم له أب ذمي نصراني مات على دينه وعليه ديون، فهل يلزم ولده المسلم شيء من الديون؟. (أجاب) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ويعلم أنه إلى ربه منتقل وصائر لا يجوز له أن يطالب المسلم بما على أبيه الذمي من الدين سواء خلف والده تركة؛ لأن المسلم لا يرث الذمي أم لم يخلف وهو ظاهر، وهذا الحكم لا نعلم فيه خلافا في ملة، فمن طالبه من أصحاب الديون فزجره وردعه على الحكام وإلا فعلى أهل الخير من الكرام، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل مريض مرض الموت له كرمان وقفهما في مرضه (سئل) في رجل مريض مرض الموت له كرمان ودار وقفهما في حال مرضه على ابنته وأمه وله ابن عم شقيق، فهل يصح هذا الوقف وبعضها مرهون؟ (أجاب) الوقف الواقع في مرض الموت تبرع على وارث فإن لم يجز له بقية الورثة فالوقف باطل، وإن لم يكن مرهونا والله أعلم. مطلب: رجل ربي عند قوم وترك تركة .. إلخ (سئل) في رجل له ابن عم ربي عند قوم وترك عندهم ما يورث شرعا، فهل يجب عليهم دفع ما تركه ابن العم وإن طالت المدة؟ (أجاب) حيث ثبت شيء لابن عم الرجل بالبينة الشرعية أو أقروا به وجب عليهم دفعه لابن عمه الوارث له، وكذلك يجب عليهم دفع ما علموه لابن العم، ولا يجوز لهم كتمان شيء مما هو له وإن طالت المدة وبلغت ألف سنة أو أكثر، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن ابن عم هو أخ لأم وهب جميع ماله لابن عمه .. إلخ (سئل) في رجل يقال له خلف، مات عن ابن عم هو أخ لأم وابن عم فقط، ولكن في مرض موته وهب جميع ماله لابن ابن عمه وعليه مهر لزوجته فما الحكم الشرعي في ذلك؟. (أجاب) يقدم أولا من التركة الدين الذي على الميت ومنه مهر زوجته، ثم ما بقي يخرج منه لابن ابن عمه الثلث إن لم يجيزا له الباقي، والباقي بعد الثلث والدين المذكورين يأخذ منه الأخ للأم الذي هو ابن عم السدس له خاصة، ثم الباقي يقسم بينه وبين ابن العم نصفين ببنوة العم، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن أولاد أخ شقيق وأولاد أخ لأب (سئل) في امرأة ماتت عن أولاد أخ شقيق ذكور وإناث، وعن أولاد أخ لأب

مطلب: رجل ترك ابنتين وأخا

ذكور وإناث فمن الوارث منهم؟ (أجاب) الوارث الذكور من أولاد الأخ الشقيق فقط، وليس لأخواتهم معهم إرث لعدم تعصبهم لهن ولا لأولاد الأخ للأب مطلقا ذكورا كانوا أو إناثا، لقوة أخوة الشقيق لأنه ذو قرابتين، والله أعلم. مطلب: رجل ترك ابنتين وأخا (سئل) في رجل مات وترك ابنتين وأخا وترك ميراثا، فبعد مدة قيل للأخ: أعط ميراث أخيك لابنتيه، فقال: هو لهما، فهل يستحقان ما يخصه بهذا اللفظ؟ (أجاب) لا شك أن البنتين يستحقان الثلثين ويبقى الثلث للأخ فإذا وهبه لابنتي أخيه هبة صحيحة وقبلتا ذلك كان جميع ما خلفه الأخ لهما بالميراث والهبة، والله أعلم. مطلب: امرأة ماتت عن ابن خال شقيق وعن ابن خالة وعن بنتي خالة (سئل) في امرأة ماتت عن ابن خال شقيق وعن ابن خالة وعن بنتي خالة شقيقة فما يخص كل واحد ممن ذكر؟ (أجاب) مذهب أهل التنزيل هو أن ينزل كل فرع منزلة أصله ويقدم الأسبق إلى الوارث، فإن استووا في السبق إليه قدر كأن الميت خلف من يدلون به ثم يجعل نصيب كل واحد منهم للمدلين به اللذين نزلوا منزلته على حسب ميراثهم منه لو كان هو الميت، فالخالات والأخوال بمنزلة الأم وأولادها كأمهم، فيقدر في هذا أن المرأة ماتت عن أمها، والوارث لأمها أخوها وهو الخال وأختها وهي الخالة، فما كان للخال وهو الثلثان لولده، وما كان للخالة وهو الثلث لابنها وبنتها للذكر مثل حظ الأنثيين، والله أعلم. مطلب: رجل نصراني له ثلاثة أولاد أسلم اثنان وبقي الثالث على دين أبيه .. إلخ (سئل) في رجل له ثلاثة أولاد دياب وسالم وسرحان، أسلم سالم وسرحان في حياة أبيهما وبقي الأب ودياب كافرين، ثم مات الأب عما ذكر، ولكن دياب بقي على النصرانية حتى مات أبوه ثم أسلم بعد موت أبيه، فهل يرث أخواه معه اللذين أسلما في حياة أبيهما؟ (أجاب) قام الإجماع من جميع المذاهب الآن على أن إرث النصراني ومثله كل كافر لولده الكافر وإن أسلم بعد ذلك؛ لأن العبرة بحال الموت، وأما سالم وسرحان فلا يرثان من أبيهما اتفاقا، والله أعلم. مطلب: رجل معه زوجة تنازع معها في أمر حجها (سئل) في رجل معه زوجة تنازع معها في أمر حجها معه، فقال لها قبل التوجه هذه طالق ومضت إلى الحج وماتت وهي آيسة قبل انقضاء عدتها، فهل يرث منها؟ (أجاب) قال إمامنا الشافعي: الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى منها قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} ونص الفرضيون أن الرجعية زوجة بإجماع المسلمين، فيرث الزوج منها النصف حيث لا ولد وإلا ورث الربع، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن زوجته وأخته لأمه (سئل) في رجل مات عن زوجته وأخته لأمه وابن أخيه لأمه، فكيف تقسم التركة بينهم؟ (أجاب) للزوجة الربع والباقي وهو الثلاثة أرباع للأخت من الأم فرضا وردا، ولا شيء منه لابن الأخ من الأم؛ لأن الرد مقدم على ذوي الأرحام، والله أعلم. مطلب: امرأة زوجها أخوها وأخذ مهرها (سئل) في امرأة زوجها أخوها لرجل وأخذ مهرها

مطلب: في ثلاثة إخوة اثنين منهم من أم والثالث من أم غيرها ماتوا جميعا إلخ.

ثم مات وخلف ولدا، ثم مات الولد والمهر موجود في تركته، فهل لها أخذ مهرها قبل الورثة؟ (أجاب) حيث ثبت استيلاء الأخ على المهر ثم مات فالباقي بعينه ترجع فيه الأخت والتالف ترجع في بدله، فعلى كل حال هي مقدمة بمهرها على الورثة؛ لأنه إما دين أو عين وهما مقدمان على الورثة، والله أعلم. مطلب: في ثلاثة إخوة اثنين منهم من أم والثالث من أم غيرها ماتوا جميعا إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة رضوان وسمور من أم وعلقم من أم، ماتوا جميعا وخلفوا أولادا، ثم مات أولاد رضوان وبقي أولاد سمور وأولاد علقم، فمن الوارث لأولاد رضوان؟ (أجاب) الوارث لأولاد رضوان أولاد سمور لأنهم أولاد عم شقيق، وأولاد علقم أولاد عم لأب، والشقيق وولده حيث اتحدت الدرجة يقدم على الذي لأب وولده؛ لأن أولاد العم الشقيق لهم قرابتان من جهة الأب والأم، والذي لأب ليس له إلا قرابة واحدة، والله أعلم. مطلب: في امرأة توفيت عن زوج وبنت وعصبة وكانت أوصت .. إلخ. (سئل) في امرأة توفيت عن زوج وبنت وعصبة، وقد كانت أوصت لبنتها في حال صحتها بشيء من مصاغها، فهل وصيتها لبنتها صحيحة أو لا بد من إجازة الزوج والعصبة؟ (أجاب) صرح العلماء قاطبة بأن الوصية للوارث تتوقف على إجازة بقية الورثة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" أي إذا لم تجز الورثة، والله أعلم. مطلب: في رجل تزوج بنتا قاصرا بمهر معلوم من أبيها إلخ. (سئل) في رجل تزوج بنتا قاصرا من أبيها بمهر معلوم ثم دخل عليها وماتت وهي قاصر، وكان أبوها قبض من مهرها حصة وبقي عند الزوج حصة، ويدعي الأب أن بنته أباحت له ما قبضه، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) جميع ما خلفته من مهر وغيره حتى ثوبها يقسم نصفين نصفه للزوج والباقي لأبيها حيث لا أم، ولا يعمل بقول الأب بالإباحة أو الهبة؛ لأن القاصر لا يصح منه ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل خطب بنتا بالغة من عمها لولده وقرأ الفاتحة إلخ. (سئل) في رجل خطب بنتا بالغة من عمها لولده، فاتفق الحال على الإعطاء فقرئت فاتحة من غير عقد زواج، فدفع له ستة قروش تسمى مسكة عندهم، ثم وقع قبل العقد إعراض، فهل له الرجوع بما دفع ولا يترتب عليه شيء؟ (أجاب) عبارة ابن حجر: خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل العقد أي ولم يقصد التبرع، ثم وقع الإعراض منها أو منه أو مات رجع بما وصلها منه، كما أفاده كلام البغوي واعتمده الأذرعي ونقله الزركشي وغيره عن الرافعي؛ أي اقتضاء بقرب الصريح. انتهى. إذا علمت ذلك كان للوالد الرجوع بما دفعه للزوجة أو لعمها؛ لأنه دفع ليحصل العقد ولم يحصل ولا شيء له عليه لعدم وجود العقد ولا عبرة بما وقع من الاتفاق، والله أعلم. مطلب: فيما اتفقت فيه المذاهب الأربع إلخ (سئل) في رجل مات عن أخ شقيق وابن أخ شقيق وترك ميراثا، فهل لابن الأخ مع الأخ شيء من التركة؟ (أجاب) ليس لابن الأخ مع وجود الأخ الشقيق حق بإجماع المسلمين الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة؛ لأنه

مطلب: في بنت ماتت عن عمتها أخت أبيها الشقيقة وعن بنت عمتها

أقرب منه حتى لو كان ابن الأخ الشقيق مع الأخ للأب فالحق أيضا للأخ للأب ولا شيء لابن الأخ الشقيق إجماعا، فطلب ابن الأخ الميراث مع وجود عمه سواء كان شقيقا أم لا خروج عن الملة المحمدية، فليتق الله والله أعلم. مطلب: في بنت ماتت عن عمتها أخت أبيها الشقيقة وعن بنت عمتها (سئل) عن بنت ماتت عن عمتها أخت أبيها الشقيقة له وعن بنت عمتها، فلمن يكون ميراثها؟ (أجاب) لا ريب أن العمة تنزل منزلة الأب وبنت العمة تنزل منزلة العمة التي هي أخت لأب البنت، ولا ريب أن الأب مقدم فالعمة مقدمة على بنت العمة لأنها أقرب إلى الوارث وهو الأب وإلى الميت وهي بنت الأخ، فالعمة مقدمة على المذهبين مذهب أهل التنزيل ومذهب أهل القرابة، والله أعلم. مطلب: رجل ادعى على وصي قاصر ووكيل بالغ أنه يرث من مورثهما فأصلح المدعي على شيء معلوم إلخ (سئل) في رجل ادعى على وصي ووكيل أنه يرث من مورثهما؛ لكون الإرث غير منحصر فيهما وهدد المدعى عليه بحاكم السياسة وتغريم المال، فأصلحه على مال معلوم فخشي أن يكون غير وارث فسلمه لواسطة كان بينهما وضمنه إياه إن لم يكن وارثا، فهل إذا ظهر أنه غير وارث للوصي الرجوع على الواسطة الضامن للعهدة المستلم للمال أم لا؟ (أجاب) حيث ثبت أن المدعي غير وارث للميت الذي عليه وصي على وارثه القاصر ووكيل عن الكامل ودفع المال للواسطة كان له الرجوع على القابض المستلم الضامن وعلى المدعي أيضا، فهو بالخيار في دعواه عليهما أو على أحدهما، والله أعلم. مطلب: في امرأة ماتت عن زوج وبنت وأخت لأم فكيف تقسم التركة إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن زوج وبنت وأخت لأم فكيف تقسم تركتها؟ (أجاب) للزوج الربع وللبنت الثلاثة أرباع فرضا وردا ولا حق للزوج في المردود، وأما الأخت للأم فلا شيء لها؛ لأنها محجوبة بالبنت والله أعلم. مطلب: في اتفاق الشافعية والحنفية في رجل له ابن وأخ وأولاد عم وأقارب إلخ (سئل) في رجل له ابن أخ وأولاد عم وأقارب، فقال لرجل أجنبي عنه على عادة من لا خلاق لهم أنت حبيبي وكسيبي ووارثي، ثم بعد مدة مات فمن الوارث له شرعا؟. (أجاب) الوارث لهذا الرجل القائل ما ذكر هو ابن أخيه بإجماع المسلمين الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، لا يقول بخلاف ما ذكر أحد، فالطالب للميراث بالقول المذكور مبطل في قوله لا يعمل به شرعا، فيجب على كل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينصر ابن الأخ المذكور وينفذ له حقه من الميراث الذي أعطاه الله ورسوله له، فيكون قد انتصر لأمر الله تعالى، ومن انتصر لأمر الله تعالى نصره الله وأعزه، ويرد ذلك المبطل عن إبطاله؛ لأن هذا القول لا يقول به إلا الشيطان الرجيم، فالحمد لله الإسلام شاع وذاع وملأ الأسماع، فكل من خالفه فله الضياع والمأوى له جهنم بالإجماع، والقول بحرمان الوارث وإعطاء غيره قسمة شيطانية ليست ربانية باطلة مردودة على فاعلها ملعون الآمر بها والعامل والقاسم والراضي والمفتي بها أولئك هم

مطلب: في امرأة ماتت عن بنت وزوج وأم وأب وكان الأب استولى على مهرها إلخ

الخاسرون الذين يرثون جهنم هم فيها يتقاسمون ومن الجنة يحرمون وعلى ربهم يتقولون، وعلى نبيهم يكذبون، فنعوذ بالله من هؤلاء ومما يفعلون، ونبرأ إلى الله تعالى مما يعتقدون، ونعتذر إلى سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم مما يغيرون، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، والله تعالى أعلم. مطلب: في امرأة ماتت عن بنت وزوج وأم وأب وكان الأب استولى على مهرها إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن بنت وزوج وأم وأب، وكان الأب استولى على صداقها وقدره ثلاثمائة قرش، فهل يجب على الأب أن يعطي كل واحد من الورثة حقه من المهر وكيف يقسم إرثها؟ (أجاب) نعم يجب على الأب أن يدفع لكل واحد من الورثة حقه من الميراث، فيجمع المهر وجميع ما خلفته غير المهر فيقسم ذلك على ثلاثة عشر سهما منها للبنت ستة وللزوج ثلاثة وللأب اثنان وللأم اثنان أيضا، والله أعلم. مطلب: في رجل أشهد في حال صحته أنه ليس له وارث إلا فلان وهو أجنبي عنه ثم مات إلخ (سئل) في رجل أشهد على نفسه في حال صحته أنه ليس له وارث إلا فلان وهو أجنبي عنه، وكان القائل بلا ولد، والآن جاء له ولد ثم مات الولد بعد موت والده عن ورثة معلومين، فهل ما ذكره الرجل من الإشهاد معمول به؟ (أجاب) ما ذكره الرجل من قوله لا وارث لي إلا فلان باطل لا يعمل به شرعا؛ لأن فيه إبطالا لقول الله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وفيه إثبات للشيء قبل وجوده فلا يعمل به بوجه من الوجوه، فجميع ما تركه لولده ومن كان معه وارثا إن كان كأمه ثم يتلقاه عن الولد الوارث للولد والأجنبي بريء منه، والله أعلم. مطلب: في رجل مات عن أولاد وكان واحد انعزل عن أبيه وحصل مالا إلخ (سئل) في رجل مات عن أولاد وكان واحد منهم وهو أكبرهم انعزل عن أبيه وحصل مالا هل يدخل في تركة الأب؟ (أجاب) جميع ما حصل الولد المنعزل عن أبيه له خاصة والله أعلم. مطلب: في رجل عامي صدر منه لفظ كناية طلاق في حال غضبه فأفتاه من هو عمدة بالإفتاء بعدم الوقوع إلخ (سئل) في رجل عامي صدر منه لفظ كناية طلاق في حال حدته وغضبه، فاستفتى من هو العمدة في الفتيا فأفتاه بعدم الوقوع لأنه كناية ولا يقع بها إلا بنية الإيقاع، فعرضت على نائب الشرع الحنفي فردها على زوجها بموجب الفتوى وحكم بعدم وقوع الطلاق، ثم ماتت عن زوجها المذكور وولدها منه وبنت منه، فهل للولد أن يمنع والده من إرثه منها متعللا بما ذكر، مع أن الزوج له معاشرها نحو ثمانين سنة؟ (أجاب) هذا الولد المعارض لوالده فيما ذكر يلوح عليه علامة العقوق لمنعه حق والده المنصوص عليه في الكتاب بقوله جل جلاله وعظم سلطانه: {فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن} فهذا الذي يستحق من ميراثها الربع بالنص الذي لا يسوغ إنكاره إلا لمن سد الدين وعبد الشيطان الرجيم وخالف النص القطعي القويم أولئك حزب الشيطان، ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، فاتق الله ولا تكن من الغافلين فتلحق بالأخسرين أعمالا الذين

مطلب: في امرأة ماتت عن زوجها وبنتها وابن أخيها إلخ

يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والله أعلم مطلب: في امرأة ماتت عن زوجها وبنتها وابن أخيها إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن زوجها وبنتها وابن أخيها وتركت ما يورث ومن يرث مع الزوج يمانعه في حصته، فهل له ذلك والموروث حصة من دار وغيرها؟ (أجاب) للزوج الربع بإجماع المسلمين بنص القرآن المبين؛ لأن لزوجته ولدا ولبنتها النصف والربع الباقي بعد الفروض يأخذه ابن الأخ تعصيبا فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أن القرآن حق، وعذاب القبر حق أن يعارض الزوج فيما خصه من زوجته لما في الحديث: "من منع وارثا ميراثه منعه الله ميراثه من الجنة"، ولا ريب أن المانع للزوج حقه غاصب له لاستيلائه عليه بغير حق، ولا ريب أن الغصب كبيرة من الكبائر، فمانع الزوج حصته من الدار يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين. روى أحمد بإسناد حسن: "أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع في أرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا إذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين" والطبراني: "من أخذ من طريق المسلمين شبرا جاء به يوم القيامة يحمله من سبع أرضين". وفي منع الزوج ميراثه ما ذكر من العقوبة شمول ما ذكر له وزيادة وهي عدم إجراء أمر الله تعالى على موجب القرآن العظيم الداخل في عموم قول الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} والله أعلم. مطلب: في امرأة ماتت عن زوجها وأمها وأختها الشقيقة إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن زوجها وأمها وأختها الشقيقة وتركت ما يورث، ومن جملة ذلك مهرها فإنه باق بذمة زوجها فكيف تقسم تركتها؟ (أجاب) جميع ما خلفته هذه المرأة من المهر وغيره للزوج منه النصف فرضا؛ لأن زوجته لم تخلف ولدا، ولأمها الثلث، ولأختها الشقيقة النصف فرضا وتعول لثمانية. والله تعالى أعلم. مطلب: رجل مات وله زوجة وبين أيديهما أسباب والزوجة تدعي ذلك لها وورثته يدعون ذلك إلخ (سئل) في رجل مات وله زوجة وبين أيديهما أسباب من غلة وزيت ودواب ودين وغير ذلك، والزوجة تدعي أن ذلك لها وورثة الزوج يدعون ذلك فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) من أقام بينة من الزوجة أو ورثة الزوج على شيء أنه له حكم له به، وإذا لم يقيما بينة ولا اختصاص لأحدهما بيد فلكل من ورثة الزوج والزوجة تحليف، فإذا حلفا جعل بينهما نصفين وإن صلح لأحدهما فقط؛ لأنا لو اعتبرنا ذلك لحكم في دباغ وعطار تداعيا عطرا ودباغا في أيديهما أن يكون لكل منهما ما يصلح له؛ لأن الرجل قد يملك ما يصلح للمرأة من المساغ وغيره، والمرأة قد تملك ما يصلح له باليد. وعبارة ابن حجر: اختلف الزوجان في أمتعة البيت ولو مع الفرقة ولا بينة ولا اختصاص لأحدهما بيد، فلكل تحليف الآخر، فإذا حلفا جعل بينهما، وإن صلح لأحدهما

مطلب: في امرأة ماتت عن زوجها وأبيها فما يخص كل واحد منهما إلخ

فقط أو حلف أحدهما فقط قضي له كما لو اختص باليد وحلف وكذا وارثهما ووارث أحدهما، انتهى، والله أعلم. مطلب: في امرأة ماتت عن زوجها وأبيها فما يخص كل واحد منهما إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن زوجها وأبيها وخلفت ما يورث شرعا ومن جملة ذلك المهر المقبوض في يد أبيها فما يخص كل واحد منهم؟ (أجاب) جميع ما خلفته هذه المرأة من ثياب وحيوان، ومن ذلك مهرها المقبوض للأب وكذلك إن بقي منه شيء في ذمة الزوج يقوم جميع ذلك والنصف للزوج والنصف للأب، ولكن مؤن التجهيز من كفن وغسل وحفر على الزوج، والله أعلم. مطلب: في ثلاثة إخوة واحد منهم انعزل عن أبيه وبقي الأخوان مع أبيهما (سئل) في ثلاثة إخوة واحد منهم انعزل عن أبيه مدة طويلة وبقي الأخوان الآخران مع أبيهما مدة طويلة يعملان بالزراعة والفلاحة في مال أبيهما من غير تمييز، ثم مات الأب ويريد أحدهما منع أخيه المعزول عن أبيه فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) جميع ما خلفه الأب يقسم على أولاده الثلاثة أثلاثا لكل واحد منهم ثلث، وخروج الأخ عن عائلة أبيه لا يقتضي حرمانه من ميراثه؛ لأن أصل المال للأب وتعب الولدين فيه يقع تبرعا كحرثهما في أرضه ورعيهما لغنمه وعملهما في شجره، نعم ما اكتسبه أحدهما بنفسه كأن رعى غنما للغير أو حرث عنده أو آجر نفسه فله ذلك، وأما ما كان للأب من أرض وغنم وبقر وغلة وإن عمل في ذلك الولدان لما علم فهو له يقسم بينهم أثلاثا، والله أعلم. مطلب: في امرأة ماتت عن موروث ولها خال شقيق أمها وبنتا عمها إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن موروث وتركت خالها شقيق أمها وبنتي بنت عمها، فمن الوارث لها؟ (أجاب) ميراث هذه المرأة لخالها لأنه ينزل عند أهل التنزيل منزلة الأم، والأم مقدمة على بنت العم لو وجدت، فالخال أقرب للميت وللوارث؛ لأنه مقدم على مذهب أهل التنزيل لسبقه للوارث وهي الأم، وعلى مذهب أهل القرابة لقربه أيضا إلى الميت ولا شيء منه لبنتي عمها أي الميتة، والله تعالى أعلم. (كتاب الوصية) مطلب: رجل أوصى في مرض موته بثلث ماله لثلاثة أشخاص ومات بعد ساعة إلخ (سئل) في رجل أوصى في مرض موته لثلاثة بثلث ماله بعد إخراج مؤن التجهيز ثم مات بعد ساعة، فهل هذه الوصية صحيحة يجب العمل بها؟ (أجاب) نعم هذه الوصية صحيحة يجب العمل بها شرعا ويصرف ثلث المال للثلاثة بينهم سواء، ولا يجوز لأحد المعارضة في ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب: في ولد كان في عائلة أبيه إلخ (سئل) في ولد كان في عائلة أبيه، زوجه أبوه ودفع المهر مما كسبه الولد وكسبه أبوه، ثم لما مرض الأب مرض الموت أشهد على نفسه أن جميع ما خلفه يكون لأولاده غير المزوج لكون أبيه زوجه، فهل يكون هذا الإشهاد صحيحا؟ (أجاب) هذا الإشهاد لا يعمل به شرعا؛ لأن الميراث يثبت بعد موت الموروث قهرا فلا يصح للمورث إسقاطه، فيقسم جميع ما خلفه الأب على الورثة جميعا فيأخذ

مطلب: رجل له ثلاث أولاد قسم ماله بينهم وأبقى له قسما ضمه لواحد منهم ثم مات فما الحكم؟ إلخ

المزوج حقه منه بحسب الإرث حيث لم يجز لإخوته، وأما ما دفعه أبوه في حياته فملكه بدفعه للزوجة وليس له فيه الرجوع؛ لأنه متبرع به والله أعلم. مطلب: رجل له ثلاث أولاد قسم ماله بينهم وأبقى له قسما ضمه لواحد منهم ثم مات فما الحكم؟ إلخ (سئل) في رجل له ثلاثة أولاد قسم ماله في حياته بينهم وأبقى له قسما وكان انضم بحصته مع كبيرهم، فلما نزل به مرض الموت قال: حصتي لك يا ولدي سليمان، فهل يختص بها عن أخويه اللذين يجيزا ما فعل والدهما. (أجاب) ما خلفه الأب يقسم بين الأولاد الثلاثة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" ولا سيما أن أخويه لم يجيزا ذلك ولا عبرة بقول الأب المذكور، والله أعلم. مطلب: رجل عليه دين وله دار وقفها في مرض موته ومات إلخ (سئل) في رجل عليه ديون كثيرة وله دار ومرض مرض الموت فوقف داره في مرضه المذكور، فهل يصح هذا الوقف؟ (أجاب) حيث كان الدين مستغرقا للتركة فلا يصح هذا الوقوف؛ لأنه تبرع في مرض الموت ولا يصح إلا بعد وفاء الدين والله أعلم. مطلب: رجل أوصى لأهل رواق مجاورين يزيدون وينقصون إلخ (سئل) في رجل أوصى لأهل رواق مجاورين به يزيدون وينقصون فمن المستحق للوصية من كان موجودا حين الوصية أو حين الموت أو حين قبض الوصية. (أجاب) قال في المنهج وشرحه وملك الموصى له المعين للموصى به الذي ليس بإعتاق بعد موت الموصي وقبل القبول موقوف إن قبل بان ملكه بالموت وإن رد بان أنه للوارث، انتهى، فإن قبل الفقراء القاطنون في الرواق بعد موت الموصي ملكوا الموصى به بعده فمن حدث بعد ذلك لا حق له في الوصية لتمام الملك للموجودين، والله أعلم. مطلب امرأة أشهدت أن جميع ما وراءها بعد الموت لا يستحقه إلا فلان إلخ (سئل) في امرأة أحضرت شهودا كثيرين من المسلمين، وقالت لهم: إن الذي ورائي بعد موتي لا يستحقه أخي ولا أهلي ولا أحد إلا هذا الرجل المعين - وهو أجنبي عنها - اشهدوا علي بما أقول، ولها أخ شقيق فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) لا ريب أن ما ذكر له حكم الوصية؛ لأن قولها الذي ورائي بعد موتي فإن أجاز الأخ ذلك كله نفذ فيه كله واستحقه الرجل المذكور، وإن رد الأخ فللموصى له ثلث جميع ما خلفته الأخت قهرا على الأخ، وله هو الثلثان بالميراث، والله أعلم. مطلب: بنت ماتت عن أمها وزوجها وكان أصدقها ربع كرم إلخ (سئل) في امرأة كان لها بنت مزوجة مع رجل ثم ماتت عنه وعن أمها، ثم أرادت الحج الشريف، فقالت لزوج بنتها: إن رجعت فالكرم لي - يعني حصتها منه، وذلك أنه كان أصدق بنتها ربعه - وإلا فهو - يعني الحصة - لك، ثم ماتت الأم أيضا في طريق الحج، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) بموت البنت رجع نصف الربع وهو الثمن للزوج ميراثا وللأم نصفه الثاني وهو الثمن فرضا وردا، ثم إن هذا الثمن يكون منها وصية معلقة بموتها في طريق الحج وقد ماتت، فإن خرج هذا الثمن من الثلث أو زاد عليه وسمح الورثة فهو وصية منها لزوج بنتها وإلا بأن رد الورثة فله الثلث قهرا عليهم وتضبط التركة

مطلب: رجل نصبه الحاكم وصيا على أيتام وسلمه مفاتيح المصبنة إلخ

وجميع المخلفات ويحسب هذا من الثلث والله أعلم. مطلب: رجل نصبه الحاكم وصيا على أيتام وسلمه مفاتيح المصبنة إلخ (سئل) في رجل نصبه القاضي وصيا على أيتام أخيه وسلمه مفاتيح مصبنة أخيه وفيها صابون كثير، فعمد الوصي المذكور إلى حصة من صابونها وخبأه في آبار المصبنة المذكورة ثم إن الوصي استخف ببقية الورثة البالغين وأخذ بقية ما في المصبنة من الصابون وتصرف فيها من غير مشورتهم ولا استطلاع أحد منهم، فهل بتخبئة الصابون يعد خائنا ويجب عزله عن الوصاية شرعا، وهل يلزمه التعزير على أخذه حصة البالغين وغصبها وتصرفه فيها من غير إجازتهم ولا مشورتهم، وهل يصدق قوله فلان وضع الصابون في البئر بعد إقراره أنه وضعه وإذا أقام بينة تقبل إذا كان الحس والظاهر يكذبه لكون المفاتيح ما خرجت من يده إلى أحد لا قبله ولا بعده. (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي بأن أقر الوصي بأخذ الصابون واختلاسه أو شهدت عليه بينة بذلك فسق بذلك، وكذا أخذه حصة البالغين العاقلين بلا إذن شرعي مفسق، والفسق ينعزل به الوصي من الميت وقيم القاضي كما في هذا السؤال فيجب على ولي الأمر - ضاعف الله له الأجر - البحث عن ذلك ونصبه الصالح ورفع الفاسق؛ لأنه نائب عن القصر فيجب عليه ما ينفعه بين يدي الله تعالى ورسوله فإن الله تعالى أوصى بالضعيفين المرأة والصغير خيرا والله أعلم. مطلب: في اتفاق الشافعية والحنفية في هذه المسألة إلخ (سئل) عن رجل أوصى حال حياته أن يكون لابن ابنه من متروكاته إذا مات مثل نصيب ابنه ثم مات عن زوجة وأم وابن وبنتين وترك ميراثا، فكيف يقسم الميراث؟ هل تخرج الوصية أولا من التركة ثم يقسم الباقي على الورثة؟ وإذا قلتم بخروج الوصية أولا، فكيف يكون إخراجها قبل العلم بما يخص ابن الميت منها حتى يعطى الموصى له مثله ثم يقسم الباقي على الورثة أو يعطى صاحب الفرض وهو الزوجة والأم فرضهما ويقسم الباقي بعدهما بين العصبة وهو الابن والبنتان لتكون حصة ابن الميت معلومة فيعطى الموصى له قدرها ومم تصح المسألة أوضحوا الجواب. (أجاب) اعلم أن هذه الصورة وأشباهها الواقع فيها الوصية بمثل نصيب الوارث المعين أو أنصباء الكل كما إذا أوصى لزيد بمثل نصيب ابنه أو بمثل نصيب أحد بنيه أو بمثل نصيب اثنين أو بمثل أنصباء بنيه فتصح الوصية قطعا عند من يقول بالصحة في الوصية بالكل ثم فيما يستحقه الموصى له خلاف، فعند الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وتابعيهم واللؤلؤي ومغيرة الضبي وشريك والحسن بن صالح والشعبي والنخعي والثوري والفرضيين وأهل البصرة والجمهور يزاد على مسألة الورثة للموصى له مثل سهم الوارث المشبه بنصيبه واحدا كان أو أكثر ثم يقسم مجموع السهام على الموصى له والورثة يحصل للموصى له كوارث آخر مثل

المشبه به فيستحق مثله ففي المسألة التي في السؤال تصح من ستة وتسعين يزاد مثل نصيب الابن وهو أربعة وثلاثون يحصل مائة وثلاثون كأن الموصي مات عن ولدين، ومن ذكر وهو الظاهر من حال الجد الميت الموصي أن ينزل ولد ولده منزلة ولده ليأخذ ابن الأخ حصة ابنه لو كان حيا فيأخذ ابن ابنه مثل ابنه ونسبة الأربعة وثلاثين التي يأخذها ابن الابن بالوصية أقل من الثلث فلا يحتاج في الوصية إلى إجازة لما علم وبيانها مقرطة أن للزوجة قراطين وجزءين من ثلاثة عشر جزءا من قيراط وأربعة أخماس من ثلاثة عشر جزءا من القيراط وللأم قيراطين واثني عشر جزءا من ثلاثة عشر جزءا من القيراط وخمسي جزء من ثلاثة عشر جزءا من القيراط، وللابن ستة قراريط وثلاثة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من القيراط وثلاثة أخماس جزء من ثلاثة عشر جزءا من القيراط ولابن الابن الموصى له المنزل منزلة الابن مثل عمه، ولكل بنت ثلاثة قراريط وجزء قيراط من ثلاثة عشر جزءا من القيراط وأربعة أخماس جزء من ثلاثة عشر جزءا من القيراط. هكذا الحكم عند من ذكر من الأئمة وعند مالك وأهل المدينة وابن أبي ليلى وزفر وداود يعطى الموصى له مثل ذلك النصيب من أصل المسألة غير مزيد عليه شيء يعتبرون ذلك النصيب من أصل المال قبل اعتبار الوصية، فيعطى للموصى له ثم يقسم باقيه بين الورثة إن كان له باق، فإن كان له ابن واحد لا يرثه غيره وأوصى لزيد بمثل نصيبه فله على قول الجمهور النصف فيجعل كابن ثان منهم الشافعي وأحمد وأبو حنيفة وتابعوهم. وعلى قول الآخرين وهم مالك وموافقوه له الكل ولا شيء للابن وهذا إذا أجاز الابن الوصية وإن رد الابن الوصية رجعت عند الكل إلى الثلث، ثم المسألة المذكورة في السؤال الموافقة لصدر السؤال المخرج على مذهب مالك وقد علمت أنه لا إشكال فيه فبطل قول السائل كيف يكون إخراجها إلى آخره، يخرج عنده للموصى له أربعة وثلاثون مثل نصيب الابن وهي تزيد على الثلث بسهمين فإن ردهما الورثة رجعا لهم وإن أجازوا أخذهما له وإن ردوا واحد منهم ففي ذلك خمس صور وإن رد اثنان وأجاز الباقي ففيهما عشر ولا يخفى عليك ما إذا أجاز ثلاثة ورد الباقي كم فيها صورة وما إذا أجاز أربعة ورد واحد وإنما صححناها على مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد لأنه مذهبنا ومذهب الجمهور وعليه المعول ولا يخفى عليك تصحيحها على مذهب مالك ومن تبعه وهذا باب واسع شاسع ويشتد أمره إذا اشتمل على ردود كما إذا ترك ثلاثة بنين وأوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم فيربع جميع المال ولعمرو بنصيب أحدهم إلا سبع جميع المال فهذه من

مطلب: في قاصر له عم وله مال يخشى عليه الضياع منه إلخ

الدوريات، وأما التي في السؤال فليست منها ولو بسطت الكلام فيها وأشباهها لاحتمل الكلام مجلدا والله تعالى أعلم. مطلب: في قاصر له عم وله مال يخشى عليه الضياع منه إلخ (سئل) في قاصر له عم وله مال ولكنه يخشى على المال منه ضياعا لخيانته وعدم عدالته، فهل يجب على القاضي وصلحاء المسلمين نزع المال منه ووضعه تحت يد أمين؟ (أجاب) ليس لجميع الأقارب غير الأب والجد أن يلي مال القاصر قهرا، وإنما أصل ولاية مال القاصر للأب فالجد فالوصي فالقاضي فأمينه، هذا صريح كلام المنهج وغيره من كتب الفقه ولا يجوز ولا يصح من قاض أن ينصب فاسقا على مال قاصر فإن نصب أمينا ثم فسق وجب عزله، قال في المنهج: وينعزل ولي من أب وجد ووصي وقاض وقيمه بفسق، فإذا ثبت فسقه وجب على القاضي نزع المال منه ودفعه لمن يتصرف فيه بالمصلحة والله أعلم. مطلب: في رجل جعل زوجته وصية على أولاد منها ثم رجع إلخ (سئل) في رجل جعل زوجته وصية على أولاده منها بعد موته، ثم عن له الرجوع عن ذلك وجعل ابنه البالغ الرشيد وصيا وأشهد على ذلك شهودا ثم مات، فهل إذا أقام الابن البينة الشرعية وشهدت له بالوصية وبالرجوع عن وصاية الأم بعد الدعوى الصحيحة تقبل بينته على الأم من أمور الوصاية خصوصا مع عدم رشدها وإذا تصرفت في أمور الوصاية مدة والابن مشاهد لتصرفها ساكت عن الدعوى لعذر شرعي مانع له عن المعارضة يكون قادحا في سماع دعواه وبينته أم كيف الحال؟ (أجاب) نص أئمتنا قاطبة على أن الإيصاء جائز من الطرفين من طرف الموصي فله الرجوع عن الإيصاء، ومن طرف الوصي فله ردها متى شاء إلا إن خشي ضياع المال والأطفال أو تعين بأن لم يكن أحد يصلح للإيصاء غيره، فإذا ثبت بالبينة العادلة رجوع الموصي عن الأم ونصب الابن وصيا بطلت وصايتها على أنها من أصلها غير صحيحة؛ لأن شرط الوصي العدالة الظاهرة والباطنة على المعتمد ولا يمنع سكوت الابن على التصرف من ثبوت حق الوصاية له ولا سيما مع ظهور خلل يوقظه على القبول ولا سيما مع وجود العذر المانع له من الدعوى ولا سيما ما علمت من بطلان الإيصاء لها من أصله لعدم رشدها والله أعلم. مطلب: رجل مات فاستقرض أهله مبلغا لتجهيزه من رجل إلخ (سئل) في رجل مات فاستقرض أهله من رجل مبلغا معلوما لمؤن التجهيز ولوازمه وإسقاط صلاة عنه أوصى به فأقرضهم وقد خلف مالا كثيرا، فهل يلزم أهله أن يدفعوا ما استقرضوه ويحرم عليهم تأخيره، وهل هو دين على الميت تحبس روح الميت عليه حتى يقضى؟ (أجاب) لا ريب أن المقترض يلزمه وفاء ما اقترضه لأنه لزم ذمته ومؤنة التجهيز لازمة للميت على الورثة تؤخذ منهم قهرا وتقدم على الدين المطلق لأنها ألزم، وحيث أوصى بإسقاط الصلاة جرت مجرى الوصية وعبارة ابن حجر في الصلاة قول أنها

كتاب الوديعة

تفعل عنه أوصى بها أم لا، حكاه العبادي عن الشافعي وغيره عن إسحاق وعطاء لخبر فيه لكنه معلول، بل نقل ابن برهان عن القديم أنه يلزم الولي إذا خلف تركة أن يصلي عنه كالصوم ووجه عليه كثير من أصحابنا أنه يطعم عن كل صلاة مدا واختار جمع من محققي المتأخرين الأول، وفعل به السبكي عن بعض أقاربه. انتهى. فيلزم أهل الميت دفع ما اقترضوه ويحرم عليهم تأخيره فإن ماتوا وهو عليهم حبست أرواحهم وأما نفس الميت فتحبس عن مقامها بدينه الذي لزم ذمته لا عن هذا والله أعلم. (كتاب الوديعة) مطلب: في رجل دفع لآخر أمانة وقال اربطها تحت إبطك فنقلها إلى عدل وادعى ضياعها إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر أمانة وقال: اربطها تحت إبطك ثم إنه خرجت عليه قطاع الطريق فنقلها إلى عدل وادعى أنها ضاعت، فهل يكون ضامنا؟ (أجاب) قال في المنهج وقد تضمن بعوارض كأن ينقلها من محلة أو دار لأخرى دونها حرزا. انتهى. فمعلوم أن العدل دون تحت الإبط في الحرز فيكون الوديع ضامنا للوديعة لأنه عرضها للضياع والله أعلم. مطلب: في امرأة اسمها غزية تدعي أنها دفعت أمانة لعلية وهي تنكر إلخ (سئل) في امرأة اسمها غزية تدعي أنها دفعت أمانة لعلية وهي تنكر وصاحبة الأمانة تطلبها من أبي علية، فهل يطالب بها؟ (أجاب) لا طلب لصاحب الأمانة على أبي علية إذا لم يتسلم منها شيئا وإنما الطلب على ابنته حتى تبين وجها شرعيا تسلم منه والله أعلم. مطلب: في بنت قاصرة مات زوجها بمكة المشرفة ولها صداق عليه حملها بعض الناس إلخ (سئل) في بنت قاصر مات زوجها بمكة المشرفة وحملها بعض الناس إلى بيت المقدس، ولها على زوجها الميت مهر يريد المتكلم على تركته جعل حملها بدل صداقها، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) ليس للمتكلم معارضة الزوجة فيما لها من المهر وغيره إذ لا أجرة عليها لا للزوج ولا لغيره لعدم وقوع صحة عقد الإجارة معها لأن الشارع ألغى عبارتها والحامل لها متبرع والله أعلم. مطلب: في رجل دفع لآخر صوفا لينسجه له فأرسل أخاه وقال ادفعه له فامتنع ثم ضاع إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر صوفا لينسجه له فأرسل أخاه وقال له: ادفع ذلك فامتنع ثم ضاع، فهل يكون ضامنا له؟ (أجاب) نعم يكون ضامنا لذلك، لما صرح به في الروض في باب الوديعة فقال: وإن قال: اعط وكيلي وتمكن من إعطائها له، ضمن بالتأخير ولو لم يطالبه الوكيل بها والله أعلم. مطلب: في رجل أودع مع آخر حمارة ومعه حمارة أخرى فمرضت بحملها فحمله على الحمارة الوديعة (سئل) في رجل أودع مع آخر حمارة ومعه أخرى فعيت بحملها فحمله على الحمارة الوديعة فوق حملها فماتت بزيادة الحمل، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) نعم يضمن الوديع الحمل للحمارة لأمرين: لتعديه بذلك ولزيادة الحمل عليها فوق طاقتها والله أعلم. (سئل) في امرأة كاملة دفعت أربعة سحول لصبي لفطمها معه وأخذت منه أربعة سحول غيرها لذلك فأكل الذئب الأربعة التي مع الصبي، فهل يكون ضامنا لها والحال أنها أخذت الأربعة بدل الذي أكله الذئب، فهل يجب عليها ردها لوليه؟ (أجاب) ما تلف تحت يد الصبي

مطلب: رجل له عند آخر دراهم فطالبه بها، فقال: خذ هذه السكين وبعها واحبسها من مالك.

لا يكون ضامنا له هو ولا وليه، وما تلف تحت يد المرأة تكون ضامنة له؛ لأنها كاملة أخذت من غير كامل ولا ضمان على الصبي؛ لأنها مضيعة لمالها، قال في المنهج وشرحه: فلو أودعه نحو صبى كمجنون ومحجور سفه ضمن ما أخذ منه لأنه وضع يده عليه بغير إذن معتبر ولا يزول الضمان لا بالرد إلى ولي أمره وفي عكسه بأن أودع شخص نحو صبي إنما يضمن بإتلافه فلا يضمنه بتلف عنده إذ لا يلزمه الحفظ فيجب على المرأة رد السخول إلى ولي الصبي والله أعلم. مطلب: رجل له عند آخر دراهم فطالبه بها، فقال: خذ هذه السكين وبعها واحبسها من مالك. (سئل) في رجل له عند آخر دراهم فطالبه بها فقال له: خذ هذه السكين وبعها واحسب ثمنها من دراهمك، فقال صاحب الدراهم: لا آخذها فإني أخاف أن تضيع، فقال صاحبها: إن راحت فليس عليك شيء فأخذها فسرقت منة فطالبه بها، فهل تلزمه والحالة هذه؟ (أجاب) حيث كان سبب الضياع خفيا كالسرقة، فيحلف له الآخذ للسكين يمينا أنها سرقت ويبرأ منها؛ لأنه أمين، والله أعلم. مطلب: امرأة وضعت عند أختها علبة لا تعلم ما فيها وأختها تدعي أن فيها دراهم إلخ (سئل) في امرأة وضعت عند أختها علبة لا تعلم ما في داخلها والآن أختها تدعي أن داخلها دراهم، فما الواجب على الأخت المودعة؟ (أجاب) ليس للأخت المودعة على أختها المودعة إلا اليمين فتحلف لها ما وجدت فيها دراهم والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر ثورين ليحرث عليهما فسافر وتركهما عند أخيه. (سئل) في رجل دفع لآخر ثورين ليحرث عليهما له فدعت حاجة لسفر الحراث ودفعهما لأخيه ليحرث عليهما مكانه فأخذت أحدهما يد عادية، فهل يكون الحراث ضامنا له أم لا؟ (أجاب) حيث كان المالك غائبا وكان الأخ أمينا فلا ضمان على الحراث ولا على أخيه، على أن له استنابة مثل أخيه في ذلك كما صرحوا به في باب الوديعة الملحق بها نظائرها، والله أعلم. مطلب: رجل أودع عند آخر فرسا وأذن له بالتصرف فيها فحصل لها مرض فخاف منه فكواها بالنار إلخ. (سئل) عن رجل أوضع عند آخر فرسا وأذن له بالتصرف فيها ببيع وغيره، فحصل لها مرض يخاف عليها منه، فشهد أهل الخبرة أنه إذا لم يكو ما يحصل لها ضرر بل ربما أدى ذلك لموتها فكواها فحصل لها الشفاء، فهل إذا حصل بالكي نقص يكون الوديع ضامنا له؟ (أجاب) نص أئمتنا على أن من الضمان ترك متلفاتها أي الوديعة، فحيث فعل الرجل بها ما أخبره به أهل الخبرة من الكي فلا ضمان عليه؛ لأنه فعل ما هو الواجب عليه شرعا، فلو ترك الكي المذكور وماتت ضمنها والله أعلم. مطلب: رجل دفعت له زوجته أمانة ليشتري لهما أرزا ففعل فلقيه أعرابي فأخذه منه فما الحكم؟ (سئل) في رجل دفعت له زوجته أمانة وامرأة أخرى دفعت له أمانة أخرى ليشتري لهما قفة أرز، فاشترى لهما الأرز فلقيه أعرابي فأخذه منه ثم انتزعه من الأعرابي حاكم، فهل يكون ضامنا للمرأتين ما دفعتاه له؟ (أجاب) حيث لم يحصل من الرجل الأمين تقصير وأخذ ذلك قهرا عليه فلا ضمان عليه لهما لعدم تقصيره، والله أعلم. (سئل) في رجل استودع لآخر حمارة بعد أن دفع له الأجرة والآن يدعي صاحب الحمارة أنه قصر في حفظها، فهل يلزم المستودع قيمة

مطلب: قرية حصل في جانب منها نهب فجاء رجل إلى آخر وقال له: اذهب معي حتى أدفع معك حوايج زوجتي .. إلخ

الحمارة حيث قصر في حفظها؟ (أجاب) عبارة ابن حجر ومثل ذلك مسألة الحمامي: إن قصر في الحفظ كأن نام أو نعس أو غاب ولم يستحفظها غيره أي وهو مثله كما هو ظاهر، وإن فسدت الإجارة وكذا الدواب في الخان فلا يضمنها الخاني إلا إن قبل الاستحفاظ أو الأجرة، وليس من التفريط فيهما ما لو كان يلاحظه كالعادة فتغفله سارق أو خرجت الدابة في بعض غفلاته؛ لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد، وظاهر أنه يقبل قوله فيه بيمينه لأن الأصل عدم التقصير، والله أعلم. مطلب: قرية حصل في جانب منها نهب فجاء رجل إلى آخر وقال له: اذهب معي حتى أدفع معك حوايج زوجتي .. إلخ (سئل) في قرية حصل في جانب منها نهب، فجاء رجل إلى آخر فقال له: اذهب معي حتى أدفع لك حوائج زوجتي لئلا تنهب، فقال له: ما هي؟ فقال له: خلخال وسوارتان وشبابتان، فجاء إلى الدار فأخرج الرجل صرة فأعطاها إلى الآخر ولم يدر ما فيها غير ما ذكر له، فلما خرج من الدار دفع الصرة لأخته، فسمعت صياحا فخافت أن يكون النهب في دارها فرمت الصرة على عريش، ثم لما أمنت لم تر الصرة، فجاء الرجل المودع وقال للمودع: أنت مقصر في الوديعة وادعى أن في الصرة زيادة على ما ذكر له، ويدعي رجل آخر أن لزوجته أيضا في هذه الصرة حوائج، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث كانت الأخت أمينة، وكانت الوديعة تحت نظر المودع بأن كان مع أخته وهو يلاحظها ولم يعلم برمي أخته لها على العريش كانت الأخت هي الضامنة لها؛ لأنها هي المضيعة لها؛ لأن مثل هذه الوديعة لا توضع على العريش لأنها إنما توضع في مثل مخزن أو صندوق، وإن اختل شرط من الشروط الثلاثة كان الضمان عليه وقرار الضمان على من تلفت تحت يده، وعلى كل يصدق الغارم من الأخت والأخ حيث لم يوجد بيان خلاف مجرد دعوى الزيادة ولا عبرة بدعوى الرجل الآخر أن لزوجته في الصرة حوائج إن لم يصدقه المودع وإن صدقه بشيء عمل به، وإلا حلف له على مدعاه هذا إذا لم تقم بينة وإلا عمل بها. اهـ. مطلب: رجل دفع لآخر مقدارا من الزيت ليوصله لفلان المعين ويأتي إليه بسند .. إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر مقدارا من الزيت ليوصله لفلان المعين ويأتي له منه بسند، فادعى وصول الزيت وأنكره المرسل إليه، فهل يصدق الوديع بيمينه، وهل الإفتاء بتصديقه خطأ؟ (أجاب) لا يصدق الوديع بيمينه في الدفع إلى المرسل إليه المعين، والإفتاء بتصديقه خطأ صريح خلاف نصوص المذهب منطوقا ومفهوما، أما الأول فقال في الروض وشرحه: فإن أودعه - أي الأمين - إياها بتعيين المالك له فبالعكس فيصدق إن ادعى الرد إلى المالك لا إلى من أودعه، وقال في العباب يلزم الوديع الإشهاد عند الدفع لوكيل المالك وكذا المأمور بالإيداع عند إعطاء الوديع، وأما الثاني فقول الفقهاء: يصدق الوديع في دعوى الرد على من ائتمنه فمفهومه أن من لم يأتمنه لا يصدق كالوارث والوكيل والمعين هنا، فإن أقام الوديع

مطلب: رجل أودع امرأة أمانة ثم صار للبلد خراب .. إلخ.

بينة أنه دفع الزيت إلى المعين فذاك وإلا غرم مثله؛ لأنه مثلي ولا يكتفى منه باليمين، والله أعلم. مطلب: رجل أودع امرأة أمانة ثم صار للبلد خراب .. إلخ. (سئل) عن رجل أودع امرأة أمانة وطلبها منها، فقالت: إنها مصونة في حرزها، ثم صار للبلد خراب فطلبها منها فادعت أنها دفعتها إلى أمه فأنكرت الأم أخذها، ثم ادعت بعد مدة أنها نسيتها وضاعت، فهل تكون ضامنة لها والحالة هذه؟ (أجاب) نعم المرأة ضامنة للوديعة لأمور منها كونه طلبها ولم تدفعها له، ومنها ادعاء دفعها لأمه وهي ليست وكيلة عنه وتبين كذبها، ومنها ضياعها لها فإنها تضمنها ولو كانت ناسية لها كما صرح بذلك في الروض، والله أعلم. مطلب: في خربة وقع بها خوف في إحدى قبيلتيها فجاءت امرأة من الخائفين إلخ (سئل) في خربة وقع بها خوف في إحدى قبيلتيها فجاءت امرأة من الخائفين ووضعت عند امرأة من الآمنين دراهم لتأمن عليها فأمنت الخائفة، وحصل للآمنة خوف، فطلبت المرأة أمانتها فلم تدفعها لها ثم ادعت المرأة ضياعها ولم يعلم لبيتها نهب، فهل تكون ضامنة لها؟ (أجاب) متى طلب مالك الوديعة الوديعة وهو أهل، وأخر الوديع من غير عذر يكون ضامنا لها كما صرحوا به في المتون، فالمرأة المؤخرة لدفع الوديعة لمالكها بلا عذر ضامنة لها وإن فرض أنها ضاعت لتقصيرها بالتأخير، والله أعلم. مطلب: رجل معه عدول وضعها على حمار من حمير أهل قرية، ورجل آخر يدعي أنه وضع عدوله أيضا إلخ (سئل) في رجل من قرية معه عدول وضعها على حمار من حمير أهل القرية، ورجل آخر يدعي أنه وضع عدوله أيضا على هذا الحمار وساق الحمار، ثم جاء مالكه وساق الحمار فضاعت عدول الثاني، فهل يكون الواضع الأول ضامنا لها؟ (أجاب) لا يخفى أن واضع العدول الثاني لم يستأمن عليها الواضع الأول حتى يكون وديعا، ولا مالك الحمار، بل هو غاصب له بوضعه من غير إذن، فعلى فرض صدقه يكون هو المضيع لها، وأما سوق الحمار فقد زالت يده عنه سواء مالكه له ومالكه غير أمين، والله تعالى أعلم. مطلب: امرأة أودعت امرأة أخرى دراهم ثم طلبتهم منها فامتنعت إلخ. (سئل) في امرأة أودعت امرأة أخرى مبلغا من الدراهم ثم طلبته منها فامتنعت، ثم ادعت ضياع المبلغ، فهل تضمن المودعة حيث امتنعت من دفع الوديعة للمودعة، وإذا قلتم تضمن، فهل القول قولها في مقدار الوديعة حيث لم يكن مع المودعة بينة شرعية بمقدارها؟ (أجاب) حيث قامت بينة بمقدار الوديعة المطلوبة الواقع فيها الامتناع من المودعة عمل بها وإلا فالقول قول الغارمة بيمينها جريا على القاعدة أن القول قول الغارم بيمينه، والله أعلم. مطلب: شريكان في غنم اقتسماها فقال أحدهما لشريكه: دع حصتي .. إلخ. (سئل) في رجلين شريكين في غنم ثم اقتسماها، وقال أحدهما لشريكه: دع حصتي من الغنم عندك حتى أنظر لها راعيا، فوافقه الآخر، فجاء جماعة ونهبوا الغنم كلها وادعوا أن لهم حقا على الذي كانت عنده الغنم فذهب الآخر وقال: إن لي فيها غنما فقالوا له: خذ غنمك فأخذها وأخذ من جملتها غنما لشريكه، فقال له شريكه: هذه الغنم من

مطلب: ذمي في مصبنة تدفع له الناس دراهم يعمل صابونا فدفع ذمي آخر مالا .. إلخ.

غنمنا، وأخذها منه والآن يريد أن يرجع عليه فيها ويقول أنا الذي خلصتها، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) حيث أخذ الشريك غنمه فليس للرجل رجوع عليه بها إذ لا حق له فيها وصاحب الغنم أحق فلا يصغى لدعوى المدعي؛ لأنه لم يدع حقا، والله أعلم. مطلب: ذمي في مصبنة تدفع له الناس دراهم يعمل صابونا فدفع ذمي آخر مالا .. إلخ. (سئل) عن رجل ذمي أمين في مصبنة تدفع له الناس دراهم يعمل لها صابونا، فدفع له ذمي مثله مالا وعمل له صابونا وسلمه له ثم مات الرجل الذمي الآخذ للصابون، ومضى على ذلك نحو اثنا عشر سنة والآن الورثة يدعون عليه بذلك، فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) صرح العلماء قاطبة أن كل أمين ادعى الرد على من ائتمنه يصدق بيمينه فيصدق الذمي الأمين في دعوى الرد على من ائتمنه؛ لأن خلاصة الأمر أنه وكيل عنه وهو أمين فيصدق، والله أعلم. مطلب: رجل عنده فرس أخذها منه آخر فحصل خوف فركبها تابعا له وخرجا من يافا إلخ. (سئل) في رجل ذمي عنده فرس أخذها منه آخر فحصل له خوف فركبها تابعا له وخرجا من يافا فأخذها منه قهرا عليه الأعراب وهو يدعي أنها عنده أمانة، ومالكها يقول: إنه أخذها في السوم، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) لا ريب أن الفرس المذكورة مضمونة على الآخذ سواء كانت أمانة لأنه لم يتصرف الأمين بما يؤدي إلى تلفها أم كانت عنده للسوم؛ لأن المأخوذ به مضمون أيضا وإن لم يتعد به، فكيف وقد تعدى بإركابها، فعلى كل حال الآخذ ضامن لها المركب لتعديه بإركابه الغير، والراكب لأنه استولى عليها فيضمنها ضمان غصب، والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر عقفا ونقلها الوديع ثم ضاعت فما الحكم؟ (سئل) في رجل أودع آخر عقفا فنقلها الوديع ثم ضاعت منه، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) الواجب على الوديع أن يحفظ الوديعة في حرزها فلما نقلها معه كان ضامنا، وإن ضاعت بغير تقصير فعليه قيمتها لمالكها والله أعلم. مطلب: رجل له حانوت عهد بحفظ الدواب فجاء رجل من غير حضوره ووضع دابته إلخ. (سئل) عن رجل له حانوت عهد بحفظ الدواب، فجاء رجل من غير حضوره فوضع دابته ثم ادعى أنها ضاعت، فهل يكون صاحب الحانوت ضامنا لها أو لا؟ (أجاب) حيث وضع الرجل دابته ولم يستحفظه عليها ولا دفع له أجرة لا يكون ضامنا لها إذا ضاعت، قال ابن حجر: ومثل ذلك الحمامي فالدواب في الخان لا يضمنها الخاني إلا إن قبل الاستحفاظ أو لأجرة، وليس من التفريط فيها ما لو كان يلاحظه كالعادة فتغفله سارق أو خرجت الدابة في بعض غفلاته؛ لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد وظاهر أنه يقبل قوله بيمينه؛ لأن الأصل عدم التقصير، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر أمانة من بيت المقدس ليأخذها إلى نابلس فأخذها وسافر ليلا .. إلخ. (سئل) في رجل دفع لآخر أمانة من بيت المقدس ليأخذها إلى نابلس فأخذها وسافر بها ليلا وتخلف عن القافلة بها مع رجل وعدل عن الطريق، وادعى أنه قام عليه جيش وأخذها وعراه وعرى الرجل وسلم القفل جميعا، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) لا ريب أن هذا

مطلب: رجل أودع آخر مبلغا ونهاه عن دفعه لأمه إلخ.

غرر من وجوه: أحدها: السفر بها ليلا، الثاني: انفراده بها عن القافلة، الثالث: عدوله عن الطريق المعتاد، الرابع: تخلفه بها، الخامس: أن هذا السبب المدعى ضياعها به لم يعرف هو ولا عمومه، ومتى لم يعرف السبب ولا عمومه فلا بد من إقامة البينة على الضياع، ثم يحلف على التلف لاحتمال سلامتها لما ذكروه في أقسام دعوى تلف الوديعة، فهذه الأمور تقتضي ضمان الرجل للوديعة، والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر مبلغا ونهاه عن دفعه لأمه إلخ. (سئل) في رجل أودع آخر مبلغا معلوما ونهاه أن يدفعه لأمه، فدفعه لأمه ووضعته عندها على سطح دارها فسرقت من السطح، فهل يكون الرجل ضامنا لها أم لا؟ (أجاب) لا ريب أن الرجل الوديع يضمن الدراهم لمخالفته النهي على أنه وإن لم ينه ليس له أن يضعها عند غيره بلا موجب على أن السطح ليس هو حرز للدراهم، بل هو ضياع لها فهو مقصر على كل حال فجزاء تقصيره أن يغرم المبلغ المذكور، والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر حمارا والوديع دفعه إلى غيره إلخ. (سئل) في رجل أودع آخر حمارا، ثم إنه دفع الوديع الحمار إلى آخر، فسافر به إلى بلاد غزة وأخذ منه حاكمها فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) لا ريب أن الوديع الأول متعد بدفعه للثاني، والثاني متعد بوجهين بوضع يده عليه بغير حق وبتعديه بسفره به، فلصاحبه أن يطالب الأول لما علم، والثاني لأنه تلف تحت يده، والله أعلم. مطلب: اتفاق الشافعية والحنفية في متكلم على أوقاف نصب جابيا يحصل له ريع الأوقاف إلخ. (سئل) في متكلم على أوقاف نصب جابيا يجبي له ما يتحصل من ريع الأوقاف ويدفعه إليه، ثم مات المتكلم على الأوقاف المذكورة، والآن الورثة يدعون على الجابي بأنه لم يوصل ريع الأوقاف إلى المورث ويطالبونه بذلك، وهو يدعي الدفع إلى المورث، فهل يصدق في دعواه الدفع إلى المورث بيمينه؟ (أجاب) لا ريب أن الجابي المذكور أمين وكل أمين ادعى الرد على من ائتمنه يصدق بيمينه كما أفتى به ابن الصلاح بأن الجابي للوقف يصدق في دعواه الرد على الذي نصبه للجباية، وعبارة الروض يصدق الوديع في دعواه بيمينه وإن وقع نزاعه مع وارث المالك؛ لأن المالك ائتمنه. انتهى. وقد سووا بين الوديع والوكيل والشريك وعامل القراض والجابي في رد ما جباه على الذي استأجره للجباية، فهنا يصدق الأمين في دعوى الرد على من ائتمنه، وإن وقع النزاع مع الوارث المذكور سواء قلنا إن المذكور وكيل وهو ظاهر أو منصوب من المالك للتصرف؛ لأنه ارتضاه وائتمنه، ومثل ذلك عند السادة الحنفية وعبارة الشيخ حسن في بعض رسائله في الجواب عن نظير هذا السؤال فأجبت بأنه يقبل قوله بيمينه لبراءة ذمته مما قبض؛ لأنه أمين يدعي إيصال الأمانة لمستحقها، والسؤال معروض مع الوارث والله أعلم. مطلب: قرية وقع بها خوف من حاكم فتفرق أهلها في البلاد فجاء رجل ووضع عند آخر أمانة إلخ. (سئل) في قرية وقع فيها خوف من حاكم فخرج أهلها وتفرقوا في البلاد فجاء

مطلب: رجل أودع آخر دراهم وغيرها فأخذها ودفنها في داره إلخ.

رجل منهم بأمانة وضعها عند رجل في قرية أخرى، وللواضع عبد توجه للحاكم وأخبره بها، فأرسل طلبها من الوديع فأنكر فقال العبد للحاكم: أرسلني، أنا أعرف موضعها، فأرسله مع جماعته ودلهم عليها فأخذها، فهل يكون الوديع ضامنا لها أم لا؟ (أجاب) حيث تسلمها جماعة الحاكم العام الولاية وأخذوا الوديعة بأنفسهم من غير تسليم من الوديع للوديعة فلا ضمان، فإن سلمها الوديع بنفسه ولو بإكراه الحاكم كان ضامنا لها كما صرح بذلك متن المنهاج وشرحه لابن حجر كغيرهما من المتون والشروح، والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر دراهم وغيرها فأخذها ودفنها في داره إلخ. (سئل) في رجل أودع آخر دراهم ومصاغا والحال أن الزمن زمن خوف فأخذها ودفنها في بيته، ثم إنه أخذ ينقل أسبابه إلى بلد أخرى خوفا من النهب، وترك الوديعة في محلها وهو متمكن من أخذها وسافر إلى بلد أخرى ولم يأخذها معه، والحال أنه يمكن أن يأخذها من غير أن يظفر به العدو، فهل تلزمه؟ (أجاب) عبارة ابن حجر مع متن المنهاج: فإن دفنها ولو في حرز وسافر ضمن؛ لأنه عرضها للضياع. انتهى. فافهم قوله: "ولو في حرز" أنه لو دفنها في غير حرز كما في صورة السؤال أنه يضمن بالطريق الأولى؛ لأن وقوع الخوف في البلد يصيرها غير حرز حتى لو أعلم بها في هذه الحالة أمينا يراقبها ضمن، قال الخطيب: وخرج بقولي حرز مثلها ما لم يكن كذلك فإنه يضمنها جزما وإن أعلم بها غيره، والله أعلم. مطلب: رجل دفع لآخر سبعة من الذهب ليوصلها إلى رجل آخر والرجل ينكر إلخ. (سئل) في رجل يقال له داود دفع لرجل سبعة من الذهب ليوصلها إلى خليل فادعى خليل أنه لم يصله إلا اثنان منها، وداود معترف بوصولها من يد مرسوله تماما، وخليل ينكر ذلك، فهل لخليل أن يطالب الرجل بالخمسة أو يرجع على داود؟ (أجاب) حيث إن داود المرسل معترف بأن مرسوله أوصلها لخليل بلا ريب ليس لخليل طلب على الرجل، وإنما دعواه وطلبه على داود؛ لأن الأصل بقاء حقه في ذمته، وإن فرض أن خليلا لم يأخذ من الرجل الخمسة الباقية كما يزعم فيكون داود ظالما لخليل باعترافه وصول الخمسة من الرجل وهو ينكر فيحتاج داود إلى إثباتها وإلا فيلزمه دفعها. اهـ. والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر حمارا أمانة ودفع له علفه فأهمله فضاع إلخ. (سئل) في رجل أودع عند آخر حمارا أمانة فدفع له علفه وما يحتاج إليه، فأهمله وخرج من داره، فجاء رجل إلى الخارج فأخذه ويدعي أنه له على مالكه خمسة قروش، فمسك الوديع المودع وطلب منه الحمار فتعهد له به وبرده وبرد الأجرة التي مضت عند الآخذ فلم يرد، فهل يلزمه ما تعهد به من الحمار ومن الأجرة أم كيف الحال؟ (أجاب) نعم يلزم الضامن رد الحمار إن بقي، وقيمته إن تلف، وكذلك الأجرة حيث كانت معلومة لهما لتعهده بذلك، وفيه وجه آخر: يلزمه الحمار والأجرة أيضا وذلك لتقصيره بعدم حفظ الحمار وإرساله إلى الخارج، وأيضا للمالك أن يطالب الآخذ بذلك فهو مخير بين أن

مطلب: رجل أودع آخر دراهم وغير ذلك فعدا عدو على البلد من جيش.

يغرم الوديع أو يغرم الآخذ للحمار، وإذا غرم الوديع رجع بغرمه على الآخذ للحمار، والله أعلم. مطلب: رجل أودع آخر دراهم وغير ذلك فعدا عدو على البلد من جيش. (سئل) في رجل أودع عند آخر دراهم وأمتعة وغير ذلك، ثم بعد ذلك صار على البلد سعره من عدو على أهلها وهجم على أهل البلدة جيش كبير، فخاف من عنده الوديعة عليها فدفنها في موضع عريشه، وسافر منها وتركها، ثم طلبت منه الوديعة فجاء في طلبها إلى محل دفنها فيه فلم يجدها، فهل تلزمه الوديعة لكونه عرضها للتلف وكان يمكنه أخذها لكونها دراهم خفيفة أو كيف الحال؟ (أجاب) حيث كان تمكن الوديع من أخذها وكان يأمن عليها من الجيش ودفنها كان ضامنا لها؛ لأنه عرضها للضياع وإلا بأن تعين الدفن طريقا لسلامتها، فلا يكون ضامنا لها، والله أعلم. مطلب: في رجل دفع لمكاري فردة قطن ليوصلها لأبيه من نابلس إلى القدس فضاعت. (سئل) في رجل دفع لمكاري فردة قطن ليوصلها لأبيه من نابلس إلى بيت المقدس فأخذها ونام بها في شارع غير مأمون وادعى أنها سرقت، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) حيث كان الشارع مخوفا ونام الرجل عنها حتى سرقت يكون ضامنا؛ لأنه مضيع لها بتقصيره، والله أعلم. مطلب: في امرأة عندها أمانة لأخرى فحصل خوف في البلد، فتسارع الناس لأخذ أمانتهم فجاء ولد صاحبة الأمانة وطلبها من المرأة فقالت: أخذتها أمك ثم نهبت بعد ذاك. (سئل) في امرأة عندها أمانة لأخرى فحصل على البلد خوف، فتسارع الناس لأخذ أماناتهم، ولامرأة أمانة جاء ولدها طلبها بعد ذهاب الخوف فقالت المرأة: دفعتها لأمك ظنا أن أمه أخذتها والحال أنها لم تأخذها، ثم نهب البيت ونهبت معه، بل نهبت البلد أيضا، فهل تصدق في دعوى نهبها؟ (أجاب) لا شك أن المرأة المودعة تصدق في دعوى التلف فليس عليها إلا يمين فقط أنها تلفت لما علم، والله أعلم. (كتاب قسم الفيء والغنيمة) (سئل) ما حد الفيء وما حد الغنيمة وكيف يقسمان؟ (أجاب) اعلم أن الفيء من فاء إذا رجع، ثم استعمل في المال الراجع إلينا من الكفار والغنيمة، فعيلة بمعنى مفعولة من الغنم بمعنى الريح، والمشهور تغايرهما، وقيل كل منهما يطلق على الآخر إذا أفرد، فإن جمع بينهما افترقا كالفقير والمسكين، وقيل: الفيء يطلق على الغنيمة دون العكس، فاعلم أن كلا من الفيء والغنيمة ما يحصل من الكفار، ولكن الغنيمة تختص بالحربي وبأنها تحصل بإيجاف الخيل والركاب؛ أي إسراع الخيل والركاب، فيدخل فيها ما حصل بسرقة من دراهم أو التقاط وكذا ما انهزموا عنه عند التقاء الصفين، ولو قبل شهر السلاح، أو أهداه الكافر لنا والحرب قائمة بخلاف المتروك بسبب حصولنا في دارهم وضرب عسكرنا فيهم، فيقدم منها؛ أي: الغنيمة السلب لمن ركب غررا منا بإزالة منعة حربي في الحرب وهو ما معه من ثياب كخف وطيلسان وران - وهو خف بلا قدم - ومن سوار وطوق ومنطقة وخاتم ونفقة

كتاب قسم الزكاة

وجنيبة تقاد معه ولو بين يديه، وآلة حرب كدرع ومركوب وآلته لا حقيبة مشدودة على الفرس ثم تخرج منه المؤن والباقي يخمس يخرج منه خمس يضم لخمس الفيء، ومصرفها واحد والأربعة أخماس الباقية عقارها ومنقولها للغانمين، وهم من حضر القتال ولو في أثنائه أو كان ممن لا يسهم له بنيته أي القتال وإن لم يقاتل أو حضر لا بنية وقاتل كأجير لحفظ أمتعة وتاجر ومحترف، والفيء لا يختص بالحربي وإن اختص بالكافر ما حصل من كافر بلا إيجاف كجزية وعشر تجارة وما جلوا عنه، وتركة مرتد وكافر معصوم لا وراث له فيخمس، فخمس منه مع خمس الغنيمة لخمسة أحدها لمصالحنا دون مصالحهم كثفور وقضاة وعلماء بعلوم تتعلق بمصالحنا كتفسير وقراءة وفقه وجوبا الأهم فالأهم وهذا بنظر الإمام، والثاني لبني هاشم وبني المطلب ولو أغنياء، ويفضل الذكر كالإرث، والثالث ليتامى الفقراء وهو صغير لا أب له، والرابع للمساكين الصادقين بالفقراء، والخامس لابن السبيل أي الطريق الفقير منا ذكورا كانوا أو إناثا، ويعم الإمام أو نائبه الأصناف الأربعة الأخيرة بالإعطاء للضرورة وجوبا والأخماس الأربعة للمرتزقة وهم المرصدون للجهاد وبتعيين الإمام لهم لعمل الأولين به، والله أعلم. (كتاب قسم الزكاة) مطلب: في رجل فقير من أهل قرية هل يجوز دفع زكاتهم له أو لا إلخ. (سئل) عن رجل فقير مقل من أهل قرية عليهم زكاة فطر وغيرها، فهل يجوز الدفع له؟ وإذا امتنعوا من الدفع يأثمون بذلك؟ (أجاب) نعم يجوز، بل يجب على أهل القرية أن يدفعوا جميع زكاة مالهم وفطرتهم لفقراء بلدهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" لأن المقصد المساواة، ولأن فقراء البلد أشد تطلعا لما بأيدي أغنياء بلدهم فيجب عليهم أن يواسوهم بمالهم، ولهذا قالوا: لا يجوز نقل الزكاة من بلد لأخرى إلا إذا لم يوجد بها فقراء أو وجد وفضل عنهم شيء، والفقير هنا الشامل للمسكين هو من لا دخل له يكفيه العمر الغالب فتدفع له زكاة الفطر والمال من الإبل والبقر والغنم والزرع والثمار والنقدين الذهب والفضة، فإن امتنعوا حرم عليهم ووجب على السلطان قتالهم وأخذها منهم قهرا، والله تعالى أعلم. مطلب: في رجل غني يصلي بأهل بلدهم وهم يدفعون له زكاة فطرتهم له وموجود فقراء بها فما الحكم؟ (سئل) في رجل يصلي بأهل قرية وهو غني له مال يدفعون له زكاة فطرتهم وغيرها مع وجود فقرائها غيره، فهل تسقط عنهم الفطرة والزكاة، وهل يجوز له أخذها؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن هذا السؤال تولى الله جل جلاله جوابه، فقال جل من قائل: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل}

كتاب النكاح

فهؤلاء هم أهل الزكاة الذين تدفع لهم، ولا يجوز دفعها لأقل من ثلاثة من كل صنف من هؤلاء ولا يجوز نقلها مع وجود الفقراء في المحل، فهذا الرجل الآخذ للزكاة وهو غني لا يجوز له أخذها وهو آثم بأخذها ولا يسقط الواجب عن أهل القرية من الفطرة والزكاة بالدفع له ولأمثاله، بل عليهم الدفع لفقراء ومساكين بلدهم ولغيرهم مما ذكر في الآية إن وجد لقوله صلى الله عليه وسلم: "صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" فإن فضل عنهم شيء بعد أغنيائهم أو لم يوجدوا صرف لأقرب بلد تليهم والله أعلم. (كتاب النكاح) مطلب: في امرأة في العدة تكلم رجل مع أبيها ودفع قدرا من الدراهم تسمى مسكة فما الحكم؟ (سئل) في امرأة في العدة تكلم رجل مع أبيها في زواجها ودفع حصة من الدراهم تسمى مسكة، فهل ما وقع يكون نكاحا؟ (أجاب) ما ذكر ليس نكاحا حتى لو وقع عقد في العدة فهو باطل؛ لأن شرط النكاح الخلو عن عدة، والتصريح بالخطبة للمعتدة حرام ويجوز التعريض لها فيها والتصريح ما يقطع يد الرغبة في النكاح والتعريض بخلافه والله أعلم. مطلب: في قاصر عقد عليها أخوها القاصر فهل العقد صحيح أو لا؟ (سئل) عن قاصرة عقد عليها أخوها القاصر فهل العقد صحيح؟ وإذا قلتم لا فهل يفرق بينهما ولا تحل له إلا بعقد جديد؟ (أجاب) نعم العقد الواقع من الأخ القاصر على أخته القاصرة باطل من وجهين أحدهما: كونه قاصرا، والثاني: كون أخته كذلك، فيجب أن يفرق بينهما ولا تحل له إلا بعقد جديد بعد انقضاء عدتها؛ لأن وطئه إن كان فهو شبهة يجب لها به المهر، والله أعلم. مطلب: في امرأة لها عصبة يريدون زواجها قهرا ويأخذون مهرها فما الحكم؟ (سئل) في امرأة لها عصبة يريدون زواجها قهرا ويأخذون مهرها قهرا، ومات أبوها عنها وعن العصبة المذكورين فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) ليس للعاصب غير الأب والجد زواج موليته قهرا، بل لا تزوج إلا بصريح الإذن، وإذا زوجت بالإذن فلها جميع المهر لا يجز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعارضها فيه بوجه، وأما الميراث من أبيها فلها منه النصف والنصف الباقي لأقرب العصبات من أبيها، والله أعلم. مطلب: في رجل زوج ابنته لآخر بمهر معلوم والآخر زوج ابنته لذاك الرجل بقدر معلوم وماتت فما الحكم؟ (سئل) عن رجل زوج ابنته لآخر بأربعمائة وستين قرشا فزوج الآخر ابنته له بأربعمائة، ثم ماتت الأخيرة عن زوجها وأمها وأبيها قبل الدخول ولم يقبض من المهر شيء، فما الحكم؟ (أجاب) للزوجة الحية مهرها وهو الأربعمائة والستون، وأما الزوجة الميتة فمهرها تركة، للزوج منه النصف يسقط عنه، وهو مائتان، وللأم ثلث الباقي وهو سبعة وستون إلا ثلثا وللأب الباقي وهو مائة وثلاث وثلاثون وثلث، والله أعلم. مطلب: في رجل تزوج من آخر بنته القاصرة، ثم جاءه أبوها وقال له: إن عقدها غير صحيح لكوني زوجتها من غيرك قبلك، إلخ. (سئل) في رجل تزوج من آخر بنته القاصرة، ثم جاء له أبوها، وقال: إن عقدك هذا غير صحيح لكوني زوجتها من غيرك قبلك،

مطلب: رجل له زوجة دخل بها وبقي عليه من مهرها ... إلخ.

فقال الزوج: اعقد لي عليها ثانيا، فامتنع وكان قد أخذ منه من المهر حصة، فقال الزوج: ادفع ما أخذته مني، فقال حتى أزوج بنتي أدفع لك، ثم ماتت الزوجة، وكان قال له أبوها أزوجك أختها واتفق معه على ذلك ثم زوجها لأجنبي، فماذا يجب عليه؟ (أجاب) هذا الأب المزوج لابنته ثانيا زنديق يجب أن يعزر التعزير اللائق به، إذ لا زوجين في الإسلام، ويجب عليه أن يدفع ما أخذه من المهر للزوج لعدم صحة عقده لإقراره بذلك، ومن قدر على الإنشاء قدر على الإقرار، والأب قادر على إنشاء النكاح فيقدر على الإقرار، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له زوجة دخل بها وبقي عليه من مهرها ... إلخ. (سئل) عن رجل له زوجة دخل بها وبقي عليه من مهرها أحد عشر قرشا وأخذ أبوها من أم الزوج أربعة قروش وحمارين قهرا ويريد أبوها أن يفسخ نكاحها، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) يجب على أبي الزوجة ردها لزوجها ولا يجوز له حبسها؛ لأنه دخل بها ولا يجوز له فسخ نكاحها بلا موجب، ويجب على الزوج دفع الأحد عشر قرشا لها، ويجب على أبي الزوجة رد الأربعة قروش لأم الزوج وكذلك الحمارين ومن خالف ذلك عزره حاكم الشرع ويثاب على ذلك، فإن لم يوجد حاكم الشرع وجب على كل من له قدرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. اهـ. مطلب: رجل زوج ابنته القاصرة لرجل بشهود ثم زوجها لآخر. (سئل) عن رجل زوج ابنته القاصرة بشهود شرعية، ثم زوجها ثانيا فهل هي للزوج الأول أو الثاني؟ (أجاب) هي للزوج الأول حيث كان زواج الأب مستوفيا لشروط الإجبار ولا يجوز للثاني الدخول بها، فإن دخل بها فهو زان يجب عليه ما على الزاني محصنا كان أو غيره، وعلى الأب التعزير اللائق بحاله حتى يرتدع عن هذا الفعل القبيح الممنوع في شرع الإسلام، بل وعند اليهود والنصارى وما سمعنا أن امرأة تزوج لرجلين، والله أعلم. مطلب: عم زوج بنت أخيه القاصرة وماتت قبل الدخول. (سئل) في عم زوج بنت أخيه القاصرة وماتت قبل الدخول بها وهي قاصرة، فهل هذا العقد صحيح يتقرر به المهر؟ وإذا قلتم لا فهل يجوز للزوج أن يتزوج بأمها؟ (أجاب) ليس العم مجبرا حتى يصح زواجه لبنت أخيه فلا يصح عقده عليها قاصرة فلا يتقرر به المهر، وليس على الزوج منه شيء بالموت وله زواج أمها، قال في شرح المنهج: واعلم أنه يعتبر في زوجتي الابن والأب وفي أم الزوجة عند عدم الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا، والله أعلم. مطلب: رجل تزوج بنتا قاصرا من أبيها بزائد على مهر المثل (سئل) عن رجل تزوج بنتا قاصرة من أبيها بمهر زائد على مهر المثل وليس له قدرة على حال الصداق ومعه بينة شرعية أنه تزوجها وبه جنون حال العقد، وعرف منه ذلك، فهل هذا النكاح صحيح أو لا؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يصح هذا النكاح لأمرين: الأول الجنون؛ لأن شرط عاقد النكاح الرشد، والثاني عدم قدرته على حال الصداق التي هي شرط

مطلب: امرأة عقد عليها على ظن موت زوجها ثم تبينت حياته إلخ.

في صحته، والله أعلم. مطلب: امرأة عقد عليها على ظن موت زوجها ثم تبينت حياته إلخ. (سئل) في رجل عقد على امرأة من وليها، ثم تبين حياة زوجها ثم مات، فهل إذا عقد عليها ثانيا تحل له أو لا؟ (أجاب) نعم إذا عقد عليها بعد انقضاء عدة الوفاة إما بوضع الحمل المنسوب لزوج أو بأربعة أشهر وعشرا عقدا ثانيا حلت له بخلاف الأول فإنه لا عبرة به، والله أعلم. مطلب: ما حكم الرشوة التي تسمى برطيلا (سئل) في الرشوة المسماة عند العامة بالبرطيل وهي إذا زوج الإنسان ابنته أو قريبته لشخص يتمنع من تزويجها حتى يدفع له شيء من الدراهم، فهل يجوز له ذلك وإذا أخذه كان حلالا؟ وهل إذا كفله بها شخص تلزم الكفالة ويجب على الكفيل دفعها؟ (أجاب) هذا البرطيل باطل بإجماع المسلمين لا يجوز العمل به، بل يفسق الولي إذا امتنع من الزواج لأجل أخذ الجعل؛ لأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، فيجب على ولاة الأمور أيدهم الله تعالى المنع من ذلك، بل وعلى غيرهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والله أعلم. مطلب: الزوجة إذا ماتت قبل الدخول بها هل يتقرر المهر كاملا على الزوج إلخ. (سئل) في رجل تزوج بنتا ولم يدخل بها، ثم ماتت قبل الدخول بها ولها مهر قبض أبوها منة مائة وخمسين، وبقي في ذمة الزوج مائتان وعشرة فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) يتقرر المهر بالموت فيكون شركة، للزوج منه النصف والباقي لوارثها غير الزوج، والله أعلم. مطلب: رجل زوج لابنه القاصر بنتا، ثم مات أبوه فوكل القاصر رجلين في الطلاق فما الحكم؟ (سئل) في رجل زوج لابنه القاصر بنتا ثم مات أبوه فوكل القاصر رجلين في الطلاق، فهل يقع عليه طلاق أو لا؟ (أجاب) طلاق القاصر لا يقع باتفاق أهل المذهب، وكذلك وكالته لا تصح، فلا يصح الطلاق المرتب عليها، والله أعلم. مطلب: القاصر إذا زوجها أبوها بالإجبار لغير قادر على الصداق حال العقد، فالعقد غير صحيح. (سئل) عن رجل تزوج بنتا بكرا قاصرة من أبيها بالإجبار غير قادر على حال الصداق ولم يدخل بها وماتت، فهل يتقرر المهر وإذا دفع شيئا هل له الرجوع به؟ (أجاب) شرط صحة نكاح البكر بالإجبار أن يكون الزوج موسرا بحال الصداق، ولا عداوة بين الزوجة والزوج مطلقا ولا بينها وبين الأب ظاهرة وأن يكون الزوج كفؤا، فإذا عدم شرط من هذا فالنكاح باطل لا يتقرر به المهر ويرجع الزوج بما دفعه لعدم صحة العقد، والله أعلم. مطلب: البنت القاصر إذا طلقت قبل الدخول وتزوجها رجل ودخل بها يلزمه المهر .. إلخ. (سئل) عن عقد صدر على قاصرة من أبيها ثم طلقها بعد الدخول، ثم تزوجها رجل آخر بمهر معلوم ودخل بها، فهل يلزم الزوج الثاني جميع المهر المسمى؟ (أجاب) حيث دخل بها الزوج الثاني أو حصل موت لأحدهما تقرر المهر جميعه، فيجب دفعه لمستحقه، والله أعلم. مطلب: رجل قبل لولده البالغ النكاح من غير إذنه فالنكاح باطل إلخ. (سئل) عن رجل قبل لولده الكامل نكاحا من غير وكالة، ثم ماتت الزوجة وقد دفع لها من المهر حصة، فهل له الرجوع به أو لا؟ (أجاب) حيث لم يأذن الولد البالغ العاقل لأبيه في عقد النكاح، فالنكاح باطل لكون الأب فضوليا وعقده باطل، والله أعلم. مطلب: يجب التفريق في المضاجع بين الأولاد الذكور والإناث إلخ. (سئل) هل يجب التفريق في المضاجع بين

مطلب: تسن المصافحة عند التلاقي إلخ.

الأولاد الذكور والإناث وهل يجوز أن ينام اثنان عاريان في فراش؟ (أجاب) قال في العباب: يحرم تضاجع رجلين أو امرأتين عاريين في ثوب واحد وإن كان كل واحد في مكان من الفراش، ويجب التفريق بين ولد عمره عشر سنين وبين أبويه وإخوته في المضاجع. انتهى. فأولى إذا كانا أجنبيين، والله أعلم. مطلب: تسن المصافحة عند التلاقي إلخ. (سئل) هل تسن المصافحة عند التلاقي، وهل تسن عند الخروج من الصلاة؟ (أجاب) يسن تصافح المتلاقيين رجلين أو امرأتين إلا من به نحو جذام فتكره كمعانقة أجنبي وتقبيله، فإن قدم من سفر ندبا كتقبيل طفل شفقة ولو أجنبيا، وأما عند الخروج من الصلاة فلا تسن، بل هو بدعة، وقد يقال إن لم يكن لاقاه إلا بعد السلام منها وصافحه من حيث الملاقاة فتسن وإلا فلا، والله تعالى أعلم. مطلب: الزوج إذا كان غير موسر حال العقد فالعقد باطل إلخ. (سئل) في رجل زوج بنته القاصرة لآخر غير موسر بحال صداقها، فهل هذا الزواج صحيح؟ وإذا قلتم بعدم الصحة فهل للرجل أن يتزوج بأمها بعد موت أبيها؟ (أجاب) حيث لم يكن للزوج مال ولا عقار ولا حيوان يحصل منه المهر فالعقد باطل؛ لأن شرط يسار الزوج شرط للصحة هكذا صرح به الأصحاب؛ لأن تصرف الأب الولي المجبر تصرفا بالمصلحة ولا مصلحة للقاصرة في زواجها لرجل معسر بصداقها الحال لها. وقال في المنهج: واعلم أنه يعتبر في زوجتي الابن والأب وفي أم الزوجة عند عدم الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا، انتهى. فإن لم يكن الزوج دخل بالبنت ومات زوج أمها وانقضت عدتها جاز له نكاح أمها على ما ذكر لما مر، وينبغي البحث عن بقية المعتبرات، والله أعلم. مطلب: إذا بشر ببنت وقال له آخر زوجنيها لابني، فقال: زوجته إياها إلخ. (سئل) في رجل بشر ببنت فقال له آخر: زوجنيها لابني فقال: زوجتك إياها لولدك، فقال: قبلت نكاحها بمهر معلوم لمثلها، والآن البنت قابلة للزواج فهل يجب على أبيها تسليمها لزوجها إذا دفع مهرها؟ (أجاب) حيث سلم المهر وكانت الزوجة مطيقة للوطء وطلبها الزوج وجب عليها وعلى أبيها التسليم، والله أعلم. مطلب: رجل خطب بنت رجل فقال: لا أزوجها لك إلا إن زوجتني بنتك إلخ. (سئل) في رجل خطب من آخر بنته فقال: لا أزوجها منك إلا أن تزوجني بنتك وبنت نزيلك لولدي فرضي معه على ذلك، فتزوج بنته بمائتين وعشرين قرشا عدديا مهرا لها، وزوج الآخر بنته القاصرة وبنت نزيله بإذن والدها ورضاه، ومهر كل واحدة مائة وعشرة، وعقدوا بذلك عقودا على يد بينة، والآن يقول: لا أزوج بنتي منك إلا بثلاثمائة فهل له ذلك؟ (أجاب) حيث كانت المائة والعشرة المسماة في العقد هي مهر مثل البنت كأختها وبنت عمها أو كانت أكثر، فليس لها ولا لوليها طلب زيادة عليها، فإن طلباها لا يجابا لها، وإن كانت دون مهر المثل وجب لها مهر مثلها كائنا ما كان، والله أعلم. مطلب: رجل طلب منه زواج بنت ابنه ... إلخ. (سئل) في رجل طلب منه زواج بنت ابنه، فوعدهم بذلك ثم مات

مطلب: ولد فقير وهبه والده ثمن ما يملك قبل العقد وعقد له على بنت قاصر إلخ.

وهي قاصر فزوجها ابن عم لها مع وجود أخ لها بالغ فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث لم يقع من الجد عقد نكاح صحيح فلا عبرة بالوعد المذكور وأما الواقع من ابن العم فغير صحيح؛ لأن غير الأب والجد لا يزوج القاصر، والله أعلم. مطلب: ولد فقير وهبه والده ثمن ما يملك قبل العقد وعقد له على بنت قاصر إلخ. (سئل) في ولد فقير وهبه والده ثمن ما يملكه قبل العقد وعقد له على بنت قاصر بالإجبار، فهل يصح العقد ويتقرر المهر إذا ماتت قبل الدخول؟. (أجاب) حيث كان ما يملكه الأب معلوما للابن وقبضه من أبيه بالقبض الشرعي وكان الثمن وافيا بالمهر صح النكاح وتقرر المهر، وإن اختل شرط من الشروط الثلاث لم يصح العقد؛ لأن شرط صحة الزواج بالإجبار أن يكون الزوج موسرا بحال الصداق، والله أعلم. مطلب: رجل مات عن زوجته قبل الدخول، فهل يستقر عليه المهر؟ إلخ. (سئل) في رجل مات عن زوجته قبل الدخول بها فهل يستقر المهر عليه؟ (أجاب) حيث صح النكاح بأن وجدت فيه الشروط المعتبرة شرعا ومات الزوج تقرر عليه المهر، فيؤخذ من تركته إن وجدت وإن بقي بعد المهر شيء ورثت منه الزوجة معلومها الشرعي وهو الربع إن لم يكن له ولد وإلا فالثمن، والله أعلم. مطلب: رجل قال لأبي بنت: أريد ابنتك، فقال أبوها: جاءت لك إلخ. (سئل) في رجل ماتت زوجته فقال لأبي بنت: أريد ابنتك، فقال له أبوها: جاءت لك، ودفع له من المهر خمسة وعشرين زلطة، فهل ما ذكر زواج صحيح أو لا؟ (أجاب) ما ذكر ليس عقد نكاح وإن حضره شهود عدل؛ لأن النكاح لا ينعقد إلا بلفظ النكاح أو الزواج وما ذكر لا ينعقد به النكاح والله أعلم. مطلب: امرأة وكلت غير عصبتها في زواجها، فهل يصح العقد أو لا؟ إلخ. (سئل) في امرأة وكلت رجلا في زواجها من غير كفء مع وجود العصبة لها، فهل هذا الزواج صحيح؟ (أجاب) هذا الزواج باطل من وجهين أحدهما: كون المزوج غير العصبة مع وجودهم، والثاني: كون الزوج غير كفء لأن الزوجة وإن رضيت فلا بد من رضاء العصبة؛ لأنهم يعيرون بذلك، والله أعلم. مطلب: ما يفعل بمدينة سيدنا الخليل من موسم النيص إلخ. (سئل) فيما يفعل في مدينة السيد الخليل عليه وعلى أولاده صلوات الملك الجليل من موسم يسمى عندهم بالنيص الذي زينه لهم اللعين إبليس وما يشتمل عليه من اختلاط النساء بالرجال، وتزويق البنات الأبكار وخروجهن سافرات الوجوه يراهن الرجال الأجانب ويشتمل على مفاسد غير ذلك، ماذا يترتب على من يفعل ذلك أو يرضى بما هنالك؟ وهل يجب على ولاة الأمور - ضاعف الله لهم الأجور - وعلى كل من قدر على إزالة هذا المنكر وإبطاله ويثاب على ذلك الثواب الجزيل؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: وحرم نظر نحو فحل كبير كمجبوب وخصي ولو مراهقا شيئا، وإن أبين كشعر من امرأة كبيرة أجنبية ولو أمة وأمن الفتنة؛ لأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بها

مطلب: امرأة طلقها زوجها وتدعي أنها حامل إلخ.

ومعنى حرمته في المراهق أنه يحرم على وليه تمكينه منه، كما يحرم عليها أن تنكشف له لظهوره على العورات ولهذا هدرت عين ناظر ممنوع من النظر ولو امرأة أو مراهقا عمدا إليه حالة كونه مجردا عما يستر عورته أو إلى حرمته وإن كانت مستورة في داره - ولو مكتراة أو مستعارة - من نحو ثقب مما لا يعد فيه الرائي مقصرا كسطح ومنارة بخفيف كحصاة وليس للناظر ثم محرم غير مجردة أو حليلة أو متاع فأعماه أو أصاب قرب عينه فجرحه فمات فيهدر، ولو لم يندره قبل رميه لخبر الصحيحين: لو اطلع أحد في بيتك ولم تأذن له فحدفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح. وفي رواية صححها ابن حبان والبيهقي: فلا قود ولا دية والمعنى فيه المنع من النظر وإن كان حرمته مستورة انتهى، فاعلم أن هذا الأمر يجب إنكاره ومنعه على ولاة الأمور، أيدهم الله تعالى، وعلى صلحاء الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ذلك من الأمور المهمة التي هي من الدين، بل أجمع عليها جميع الملل؛ لأن ذلك من حفظ العرض الواجب الذي هو أحد الكليات الخمس أو الست التي أجمع عليها أهل الملل جميعا، فيفسق أهل بلدة تواطأت على هذا الأمر الشنيع القبيح الذي هو من البدع التي لا وجود لها في ملة الإسلام ولا يقبلها العقل ولا النقل، وهذا يجر إلى الفسوق والفجور؛ ولأن النظر يؤثر ولو بعد أربعين سنة لأن القلب يعلق بالمرئي فلا يزال يتصور المنظور حتى يقع في محظور، فالمرأة الخارجة بزينتها معرضة نفسها للرجال ملعونة مذمومة ملامة معاقبة، كل شيء مرت عليه لعنها، وكذلك زوجها الموافق لها والراضي بذلك ملحق بها، والمنكر لذلك مثاب مأجور، ومن ادعى أنه ذو عرض وحمية وزوجته تفعل ذلك فقد ضل وافترى وخالف الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم. مطلب: امرأة طلقها زوجها وتدعي أنها حامل إلخ. (سئل) في امرأة طلقها زوجها ولها ابن عم وهي تدعي أنها حامل ويريد زواجها ويعارضها فيما لها من الأمتعة، فهل له ذلك؟ وإذا قلتم لا فهل للحاكم منعه ما الحال؟ (أجاب) ما دامت المرأة حاملا يحرم على ابن العم وغيره التصريح لها بالزواج لاشتغالها بالعدة، فإذا انقضت فأمرها بيدها إن أخذت ابن عمها لها ذلك وإن أخذت غيره لها ذلك، وليس لابن عمها ولا غيره جبرها بزواج ولا أخذ متاع ولا غيره، فإن انزجر عنها فذاك وإلا فعلى ولي الأمر أيده الله تعالى زجره ومنعه من قهرها على الزواج ومن أخذه متاعها بغير حق ويثاب على ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل حلف بالطلاق الثلاث على أخته البالغة أن لا يزوجها إلخ. (سئل) في رجل حلف بالطلاق الثلاث على أخته البالغة أنه ما يزوجها رجلا من البلدة الفلانية ما الطريق في خلاصها؟ (أجاب) الطريق في خلاصه من ذلك أن يوكل رجلا يزوجها منه فإن امتنع

مطلب: في رجل زوج ابنه القاصر بابنة رجل بمهر معلوم.

وكان الرجل المطلوب كفؤا لها سقطت ولاية الأخ وزوجها غيره من الأولياء ممن هو أحق بها، والله أعلم. مطلب: في رجل زوج ابنه القاصر بابنة رجل بمهر معلوم. (سئل) في رجل زوج ابنه القاصر بابنة رجل بمهر معلوم، ثم إن القاصر بلغ وزوج أخته القاصرة لرجل بمهر معلوم، فهل زواج الأخ لأخته القاصرة صحيح أو لا؟ (أجاب) زواج الأب لابنه صحيح معمول به وأما زواج الأخ القاصرة فباطل عندنا؛ لأن القاصرة لا يزوجها إلا الأب أو الجد وغيرهما من العصبة ليس له زواجها إلا بعد البلوغ والإذن، والله أعلم. مطلب: في قاصر زوجها جدها مع وجود أبيها من غير عذر ولا مانع فلا يصح النكاح. (سئل) في قاصر زوجها جدها مع وجود أبيها من غير عذر ولا مانع، فهل يصح زواجه؟ (أجاب) حيث زوج الجد مع وجود الأب الكامل الذي لا مانع به من غيبة ولا غيرها فلا يصح زواجه؛ لأن الزواج أولا للأب ثم الجد فلا يزوج مع وجوده، والله أعلم. مطلب: قاصر زوجها أبوها بالإجبار لرجل لا يملك الصداق فالنكاح لا ينعقد. (سئل) عن قاصر زوجها أبوها بالإجبار لرجل لا يملك حال الصداق ثم غاب عنها وانقطع خبره ثم مات أبوها، والآن بلغت واحتاجت لمن يقوم بها كسوة ونفقة وغير ذلك فما الحكم الشرعي والحالة هذه؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن الزوج كان حال العقد لا يملك حال الصداق فزواج الأب لها باطل فلها أن تتزوج بغيره، على أن كثيرا من العلماء كشيخ الإسلام ذهب إلى أن الزوج لو انقطع خبره كان للزوجة فسخ النكاح، والله أعلم. مطلب: قاصرة زوجها أخوها القاصر لولد قاصر فلا ينعقد النكاح إلخ. (سئل) في بنت قاصرة زوجها أخوها القاصر أيضا لولد قاصر، فهل يصح هذا النكاح وإن بلغا بعد ذلك؟. (أجاب) هذا النكاح باطل باتفاق علمائنا؛ لأن شرط العاقد الرشد، والقاصر لا يزوجها إلا الأب والجد فعلى كل حال هو باطل اتفاقا، والله أعلم. مطلب: رجل زوج ابنته القاصر لرجل معسر فالنكاح غير صحيح إلخ. (سئل) في والد زوج ابنته القاصرة لرجل معسر بحال صداقها والحال أن فيه رجلا، وأخاها وامرأة وأمها يشهدون أن الزوج رضع من أمها ما يزيد على خمس رضعات، فهل يحل لهذا الرجل أن يأخذ هذه المرأة بما ذكر. (أجاب) هذا النكاح باطل من وجوه أحدها: كون الزوج معسرا بحال الصداق، والثاني: شرط جواز الأب بالإجبار أن يكون الزوج كفؤا للزوجة مع بقية الشروط المعلومة عندهم، الثالث إذا شهد الرجلان المذكوران ولو كان الأخ منهما فإنه تقبل شهادته لأخيه أو رجل وامرأتان أو أربع نسوة ثبتت المحرمية إذا شهدوا بخمس رضعات يقينا عرفا، فتصير البنت أختا للزوج فلا تكون زوجة له لعدم صحة العقد، ولا يحل له أخذها ولو بعقد آخر لما علم، والله أعلم. مطلب: رجل مسلم له ولد ذمي وله أخت مثله أرادت أن تهبه مهرها ليتزوج به، فهل يجوز أو لا؟ إلخ. (سئل) في رجل مسلم له ولد ذمي وله أخت كذلك تريد أنها تهبه مهرها ليتزوج به، فهل يجوز ذلك شرعا؟ (أجاب) نعم الحق لها، يجوز لها أن تهبه مهرها الذي هو حق من حقوقها يتصرف فيه كيف شاء وأحب

مطلب: رجل معه امرأة مات أبوها فهل يصح أن يتزوج بزوجته التي هي ضرة أم زوجته أم لا؟

والله أعلم. مطلب: رجل معه امرأة مات أبوها فهل يصح أن يتزوج بزوجته التي هي ضرة أم زوجته أم لا؟ (سئل) في رجل معه امرأة مات أبوها وله زوجة كانت ضرة لأمها، فهل له أن يجمعها معها فيكون معه البنت وزوجة أبيها؟. (أجاب) نعم يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وبنت زوجها. وعبارة المنهج: فيجوز الجمع بين امرأة وأم زوجها أو بنت زوجها وإن حرم تناكحهما لو فرضت إحداهما ذكرا، والله أعلم. مطلب: خطب امرأة واتفقا على شيء معلوم ودفع لها الملاك، فهل لا يصح النكاح إلا بالعقد أو لا؟ إلخ. (سئل) في رجل خطب امرأة من وليها واتفقا على شيء معلوم مهرا لها، وكذا يدعي على شيء معلوم يدعى بالملاك وقد دفع الملاك المذكور ولم يحصل بينهما عقد نكاح بل مجرد فصل الثمن للمرأة وقراءة الفاتحة كما يفعل عرفا في بلادنا، والآن الرجل مراده العدل عن ذلك، فهل بمجرد الاتفاق على ما ذكر من غير صيغة نكاح يلزمه المهر، وهل هو له الرجوع فيما دفعه من المسمى بالملاك أو كيف الحال؟ (أجاب) ما ذكر يسمى عندهم خطبة فيحرم على الغير أن يخطبها ما دام الرجل لم يعرض عنها، وأما وليها وهي فإن أرادا الزواج للأول الدافع للملاك فذاك وإلا فلهما عقد النكاح مع ثان ويغرمان له مهما غرمه مع الملاك، والله أعلم. مطلب: رجل ولد له بنت فقال أخوه: أعطنيها لابني فقال: أعطيتها له فهل لا ينعقد النكاح بذلك أو لا؟ (سئل) في رجل ولد له بنت وسماها قطرا، فقال له أخوه: مباركة بنتك قطرا، فأجابه أبوها: أعطيتها ووهبتها لابنك محمد حشيش القاصر، فقال أبوه: قبلتها منك لابني محمد حشيش القاصر المذكور ومهرها مائة وخمسون قرشا عددية لدى شهود عدول، ومات أبو البنت وبعد موته بعشر سنين أراد وليها تزويجها لآخر، فادعى أبو الزوج على وليها بالوكالة عن ابنه محمد حشيش البالغ يومئذ بنكاح أبيها حال صغرها لابنه محمد المذكور حال صغره، وأثبت ذلك لدى حاكم شرعي وحكم به، فهل إذا ادعت البنت بلوغا قبل الحكم الصادر على الولي بنكاح أبيها حال صغرها لكونه وقت الحكم عليه بنكاحها غير خصم وإنما هي الخصم دونه، وقد انتفى الحكم وبطل ببلوغها، وأن لها خيار الفسخ ورد النكاح الصادر من أبيها لكونه توفي، فهل إذا ثبت بلوغها ينتفي حكم الحاكم الصادر على الولي بالنكاح فقط دون أصل النكاح الواقع من الأب أو ينتفي أصل النكاح الصادر من الأب، وإذا قلتم بانتفاء الحكم فقط دون أصل النكاح، فهل تكون هي الخصم وتسمع دعوى الزوج عليها ثانيا أو على وكيلها بالنكاح الصادر من أبيها حال صغرها وتقبل بينته ويقضى له بالنكاح؟ وإذا قلتم بسماعها وقبول البينة فهل لها خيار الفسخ ورد النكاح بموت والدها أو لا لكون المزوج أبا ولا خيار لها فيه، ولو كان ميتا ما الحال؟ (أجاب) مذهب الإمام الشافعي أن ما وقع بين الأبوين أبي البنت وأبي القاصر لا يصح عندنا نكاحها؛ لأنه لا يصح بغير لفظ نكاح أو تزويج أي مستفهما نحو زوجتك أو أنكحتك

مطلب: رجل زوج بنته لآخر بمحضر شهود بمهر المثل وظهر لها راغب بأزيد فهل صح العقد أو لا؟ إلخ

وحكم الحاكم الواقع في هذه الدعوى منقوض عند الإمام أبي حنيفة قدس سره كما حررته في سؤال كبير وقع لنا في مثل هذه الصورة سئل عنها المرحوم الشيخ خير الدين، ورتبنا عليه صورا كثيرة، فلا يكون رافعا للخلاف عندنا وهو ظاهر، وظاهره ولا عند الحنفية لبطلانه عندهم، ويكون هذا مخصصا لقولهم شاهداك زوجاك؛ أي حيث صحت الدعوى، وهنا لم تصح الدعوى لكون الأب غير خصم، والذي يشهد به متون الحنفية وجواب الشيخ خير الدين في النظم أن الباطل إنما هو الحكم فقط، ويدل لذلك المدرك وهو كون الأب غير خصم وإنما الخصم البنت، فإذا بطلت الدعوى على الأب فتقام على البنت إذ لا مانع منها وليس في مشروط الدعوى عندنا وعندهم ما يمنع الدعوى عليها إلا الدعوى على الأب فهي صحيحة عندنا لو وقع منهما عقد صحيح مشتمل على مشتق نكاح أو تزويج، فهذا إن لم يقو الدعوى عند الحنفية لا يبطلها، فإن أقام الزوج البينة العادلة بشروط الدعوى الستة المذكورة في محلها فالزوجة زوجته، وإلا فلها إبطالها، فإن أقام بينة أخرى فلها دفعها وهذا معنى قوله في النظم والزيد واقع، وإذا ثبت النكاح به يجوز الزوج عليها بوجهه الشرعي على المذهبين فلا خيار لا عند الشافعي - وهو ظاهر لأنه لا يقول بالخيار في النكاح - ولا عند أبي حنيفة قدس سره، ولأنه لا يقول به في نكاح الأب كما هو صريح متونهم وشروحهم كتب عاجلا؛ لأنا في الاشتغال لأجل النزول لزيارة الكليم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، والله أعلم. مطلب: رجل زوج بنته لآخر بمحضر شهود بمهر المثل وظهر لها راغب بأزيد فهل صح العقد أو لا؟ إلخ (سئل) عن رجل زوج ابنته لآخر بحضور شهود بمهر مثلها وقت العقد وهو قادر على صداقها ثم ظهر راغب بأزيد من مهر مثلها فهل لأبيها أن يزوجها من الثاني والحالة هذه؟ (أجاب) حيث كان الزوج موسرا بحال الصداق مع بقية الشروط فالمعمول به النكاح الأول وليس لأبيها أو غيره أن يزوجها ولو كان مهرها الثاني جبلا من ذهب، بل هو باطل إذا وقع بإجماع المسلمين، ولا يجوز لغير زوجها الأول وطؤها فإن وقع فهو زنا يجب على كل مسلم علم به الإنكار حتى لو أدى إلى قتل أو قتال فلا دية للمقتول ولا إثم ولا كفارة على قاتله؛ لأن الدفع عن البضع واجب شرعا على كل مسلم علم به، والله أعلم. مطلب: عم له ابن أخ مات عن بنت قاصرة فزوجها لابنه فهل يصح العقد أم لا؟ (سئل) عن عم له ابن أخ مات عن بنت قاصر زوجها العم لابنه، فهل يصح هذا النكاح أو لا؟ (أجاب) البنت القاصر لا يزوجها إلا الأب أو الجد دون غيرهما، فزواج العم لابنة أخيه القاصر لولده غير صحيح، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل جاء له بنت فقيل له مباركة، فقال له على حبل يديك، فهل لا ينعقد النكاح أم لا؟ إلخ (سئل) في رجل جاءت له ابنة فقيل له: مباركة، فقال له: هي على حبل يديك تراها جاءت لك، فقال: وأنا قبلتها ومهرها أربعمائة قرش والحال أنه غير

مطلب: في رجل له بنت تزوجها منه ابن عمه وصار الاتفاق معه على أن يزوجه بنته إلخ.

قادر على مهرها، فهل يكون ما ذكر عقد للنكاح صحيحا أو لا؟ (أجاب) ما ذكر ليس عقد نكاح بل هو باطل من أوجه: أحدها: أنه لا بد في عقد النكاح من لفظ مشتق نكاح أو تزويج ولم يوجد هنا، الثاني: أنه لا بد في النكاح من الشهود العدول ولم تذكر الشهود هنا، الثالث: لا بد لصحة زواج الأب بالإجبار كون الزوج قادرا على الصداق فظهر بطلانه من ثلاثة أوجه، والله أعلم. مطلب: في رجل له بنت تزوجها منه ابن عمه وصار الاتفاق معه على أن يزوجه بنته إلخ. (سئل) في رجل له بنت تزوجها منه ابن عمه، وصار الاتفاق معه على أن يزوجه بنته لابنه ولم يعقد على الثانية ودفع له ثورا، ثم مات الزوج ويريد ابن العم أخذ ابنته لابنه، فما الحكم الشرعي والحالة هذه؟ (أجاب) حيث خلف الزوج تركة وجب للزوجة منها ما يوفي مهر مثلها؛ لأنه الواجب لها، وأما ابنته فإن أراد وليها زواجها لابنه زوجها وإلا فلا يلزمه زواجها منه، والله أعلم. مطلب: إذا اتفق الزوج مع أب البنت على أن يزوجها له وخدمه سنتين، فهل لا يلزم الأب بزواجها له؟ إلخ. (سئل) في رجل عنده بنت أقر أنه يزوجها لرجل وقرأ بهذا الأمر فاتحة، ثم أخذ الرجل يخدم أباها وأمها سنتين ودفع لهما من المهر مائة قرش وعشرة، ثم لما أراد أن يعقد له عليها ذهبت أمها ووكلت خالها ثم اتفق مع رجل أيضا على أنه يزوجها له، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ (أجاب) هذه البنت باقيه بلا زواج وما وقع أولا مع أبيها لا عبرة به وما وقع مع خالها لا عبرة به لعدم العقد في الصورتين ولعدم الولي أيضا في الثانية، ثم إن اتفق الأب مع الأول وزوجها له، فالأمر ظاهر وإلا رجع الأول على الأب بجميع ما دفعه له من مهر وعيدية ومواسم وغير ذلك، وكذلك له الرجوع عليه بخدمته المدة المذكورة حيث لم يكن متبرعا بها؛ لأنه إنما دفع المهر والعوائد بناء على حصول العقد له ولم يحصل، فيرجع بجميع ما ذكر، والله أعلم. مطلب: أبو القاصرة إذا قبض من مهر بنته شيئا لا يطالب الزوج بما قبضه الأب إلخ (سئل) في أب زوج ابنته القاصر بمائة وعشرين قرشا قبض منها مائة وبقي عشرون، فهل قبض الأب صحيح لا يطالب الزوج بعده بشيء؟ (أجاب) لا يخفى أن الأب مجبر يزوج القاصر بشرط، فعقد نكاحه بشرطه صحيح وقبضه المهر صحيح أيضا تبرأ به ذمة الزوج منه؛ لأن ولي الصغير أب فأبوه، ولا يحتاجان لنصب الحاكم؛ لأنهما وليان من قبل الشرع وحيث كان ما ذكر هو مهر مثلها فذاك والأكمل، وترجع الزوجة على تركة الأب إن لم يكن قبضها وهي بالغ، فإن لم يوجد تركة ضاع عليها المهر المقبوض في ذمة أبيها، ويحتمل أنه صرفه عليها أو عليه إن كان فقيرا؛ لأن له أن ينفق على نفسه من مال ولده، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل له أولاد، زوج بعضهم وقسم ماله بينهم، والآن يقول لأحدهم زوج أخاك، فهل يلزمه تزويجه؟ (أجاب) حيث ملك الولد ما قسمه له أبوه بأن سلمه له لا يلزمه زواج أخيه شرعا، وإن عمل شيئا من مكارم الأخلاق لإكرام والده لا بأس، والله أعلم. مطلب: الأب القرشي إذا كان معلوما بسوء الاختيار لا يصح نكاحه لغير الكفء. (سئل) في الأب القرشي إذا علم منه سوء الاختيار وعدم النظر

مطلب: زوجت البنت الصغيرة بشاهد واحد فهل ما صح النكاح .. إلخ

في العواقب إذا زوج ابنته الصغيرة القابلة بالتخلف بالخير والشر لرجل عامي غير كفء يصح ذلك أم لا؟ (أجاب) صريح المتون والشروح أن هذا النكاح باطل من وجهين: الأول منهما أن شرط زواج الأب بالإجبار أن يكون الزوج كفئا، فالقرشية للقرشي مثلا فقط، وأن يكون موسرا بحال الصداق ولا عداوة بينها وبين الزوج مطلقا ولا بينها وبين الأب ظاهرة، صرح بهذه الشروط في شرح المنهج وابن حجر والرملي وزاد بجواز الإقدام أن يكون بمهر المثل من نقد البلد حالا، صرح بذلك من ذكر وغيرهم. والثاني: أن شرط العاقد للنكاح أن لا يكون مختل النظر بهرم أو غيره، وهو مقتضى كلام الحنفية، وهو أن الكفاءة عندهم معتبرة أيضا واستقامة النظر وهو وجيه المدرك لأن الأب متصرف عن غيره، وشرط تصرفه المصلحة على أن في زواج غير كفء عارا يلحق النسب وبهذا الشرط رضي الأولياء ما سقطه مع رضا الزوجة بإسقاطها ومختل النظر لا يصح تصرفه لنفسه فكيف يكون صحيحا لغيره، وعبارة خير الدين بعد أن نقل عن أئمة المذهب: فظاهر كلامهم أن الأب إذا كان معروفا بسوء الاختيار لم يصح عقده بأقل من مهر المثل ولا بأكثر في الصغيرة، ولا من غير الكفء فيهما، سواء كان عدم الكفاءة بعدم الفسق أم لا، حتى لو زوج ابنته الصغيرة من فقير أو محترف حرفة دنيئة لم يكن لها كفئا فالعقد باطل، ووقع في أكثر الفتاوى في هذه المسألة أن النكاح باطل فظاهره أنه لم ينعقد وفي الظهيرية يفرق بينهما .. انتهى. فظهر أن النكاح المذكور باطل على المذهبين من الوجهين المذكورين والله أعلم. مطلب: زوجت البنت الصغيرة بشاهد واحد فهل ما صح النكاح .. إلخ (سئل) في رجل له بنت صغيرة زوجها لرجل بحضرة شاهد واحد، فلما كبرت طلبها زوجها فامتنع أبوها وأنكر زواجها، فقال: احلف، فلم يحلف، وقال: زوجتها لفلان بحضرة جماعة من المسلمين يشهدون على إقراره بأنه زوجها للرجل الذي يدعيها، فهل إذا شهد الشهود على إقراره بذلك يثبت النكاح ويصح العقد. (أجاب) حيث وجد عند عقد النكاح شاهدان عدلان استجمعا شروط الشهادة أو أقر المجبر بعقد النكاح صح النكاح. قال في المنهج وشرحه أركانه خمس زوج وزوجة وولي وشاهدان وصيغة، ثم قال: ويقبل إقرار مجبر من أب أو جد أو سيد على موليته به أي النكاح لقدرته على إنشائه .. والله أعلم. مطلب: العم الأبعد إذا زوج مع وجود الأقرب فهل لا يصح النكاح أو لا .. إلخ (سئل) في قاصر له عم أبعد وله عم أقرب زوج ابنته العم الأبعد للقاصر مع عدم وجود الأب والجد وأخذ من مال القاصر سبعين قرشا بلصة على عادة من لا يؤمن بيوم الحساب، ثم مات القاصر فأخذ العم مهر ابنته من ماله، فهل ما وقع صحيح معمول به شرعا. (أجاب) عقد غير الأب والجد نكاح القاصر الصغير باطل لأن جميع الأقارب ليس لهم من الشفقة للأب والجد فالنكاح الواقع للصغير من العم على

مطلب: إذا زوج الرجل بنته لابن أخيه بمهر المثل ليس له أن يأخذ زيادة عليه .. إلخ.

ابنته باطل من وجوه شتى وأخذ البلصة يدل على أنه ليس له من الأنصاف حصة فيجب ردها للوارث الذي هو العم الأقرب ورد ما أخذ من المهر لأنه أخذ بغير حق وإنما هو من أكل أموال الناس بالباطل. والله أعلم. مطلب: إذا زوج الرجل بنته لابن أخيه بمهر المثل ليس له أن يأخذ زيادة عليه .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابن أخيه ابنته القاصر بمائة وخمسين قرشا ببينة شرعية وذلك مهر مثلها كأختها وبنت عمها، فهل له طلب زائد بعد ذلك وله نحو عشر سنين. (أجاب) حيث كان ما ذكر مهر مثلها وقد سمي في العقد فليس لها ولا لأبيها طلب زائد فإن طلب منعه ولي الأمر من ذلك ويثاب على ذلك بل إن ظهر منه عناد زجره بما يليق، والله بيده التوفيق أعلم. (سئل) في رجل اتفق مع آخر على زواج أخته فدفع له من مهرها حصة ثم عرضها عليه فامتنع وأخذ ما دفعه له من المهر ثم تزوجت البنت والآن الرجل يتعلل على أخيها ويقول له هذه مخطوبتي فهل له عليه الكلام. (أجاب) حيث لم يقع بين الأخ وبين الرجل عقد نكاح بولي وشهود واجتماع شروطه فليس للرجل مع أخ البنت كلام أصلا، وإن تكلم فكلامه مردود عليه فيمنع منه منعا قاطعا زاجرا رادعا له ولأمثاله من أهل البغي والضلال والزور والبهتان، فليتق الله كل مدع الباطل قبل حلول البلاء ونزول القضاء، والله أعلم. مطلب: ذمية بالغة أسلمت وزوجها القاضي ليس لأقاربها الذميين أخذ مهرها .. إلخ. (سئل) في بنت ذمية بالغة عاقلة أسلمت ونطقت بالشهادتين على يد جماعة من المسلمين، ثم جاءت لقاضي بيت المقدس فزوجها من رجل برضاها بالولاية عليها لأنه وليها شرعا ودخل عليها الرجل بعد دفع مهرها المعلوم، فهل لأقاربها الذميين مطالبة زوجها بمهرها وهل لأحد من المسلمين أن يعين أقاربها على ردها إلى دينهم، وهل لولاة الأمور ردع أهلها عن مطالبتهم بمهرها ومن يريد ردها إلى دين أقاربها. (أجاب) لا ريب أن هذه البنت من أهل الجنه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ لاختيارها الدين القويم الحق الناسخ لكل دين قبله، فيجب على كل مؤمن ومؤمنه أن يعينها على الإسلام وكل من عاندها وعارضها فهو عدو لله ورسوله معارض ومعاند للإسلام وأهله فعليه لعنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن هذا الرجل المدعي للإسلام وهو بريء منه نبرأ إلى الله تعالى من حاله وقاله، فيجب على ولاة الأمور أيدهم الله تعالى بالعمل المشكور أن يرد دعوى كل معارض من أهلها ومن المدعين للإسلام وهم باسم الكفر أحق ويثابون على ذلك ومهرها ليس لأحد فيه معارضة بوجه فعلى المسلمين أجمعين أن يردعوا أهلها عن ذلك ويثابون الثواب الجزيل والله تعالى أعلم. مطلب: مات زوج امرأة ولها عم شقيق وأولاد عم فهل لهم إكراهها على الزواج أم لا؟. (سئل) عن امرأة مات زوجها ولها عم شقيق وأولاد عم أشقاء، فهل لأولاد العم أن يكرهوها على الزواج أو على دفع المهر لهم أو يكرهوا العم على ذلك. (أجاب) حيث كانت هذه المرأة بالغة عاقلة

مطلب: ولد لرجل بنت فقال له صغير مباركة فقال أبوها: زوجتك إياها .. إلخ.

فنفسها بيدها ليس للعم ولا لأولاد العم إكراهها على الزواج ولا على دفع المهر لهم لا منها ولا من غيرها عند جميع المسلمين الموحدين، فالطالب للمهر منها أو من العم والطالب ليس مطلوبه مرضيا عند الأمة المحمدية ولا عند اليهود ولا عند النصارى فلا نعلم له ملة إلا ملة الشيطان الرجيم التي تسوق إلى جهنم وبئس المصير والله أعلم. مطلب: ولد لرجل بنت فقال له صغير مباركة فقال أبوها: زوجتك إياها .. إلخ. (سئل) في رجل ولد له بنت صغيرة فقال له صغير دون البلوغ: مباركة، فقال له أبوها: زوجتك إياها، فقال له الصغير: جاءك مني حقها خمسين قرشا ثم إنها الآن بلغت وبلغ الصبي فهل ما وقع صحيح معتد به أو لا. (أجاب) هذا الواقع بين الأب والصغير على فرض وجود شروط الإجبار باطل من وجهين، أحدهما أن الصغير عبارته لاغية لا يعتد بها في سائر العقود. والثاني عدم قبوله عقد النكاح فإن أراد الولي والزوج نكاحا جددا العقد بشهود معتبرة مع باقي الشروط وعلى فرض أنه بالغ ووجدت شروط الإجبار كان لها مهر المثل إن كانت الخمسون لم تقف به وقبل قبولا صحيحا والله أعلم. مطلب: ما شروط الإجبار الذي إذا وجدت صح النكاح .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنته الصغيرة من آخر على صداق قدره خمسون قرشا، فما شروط الإجبار الذي إذا وجدت صح النكاح وإذا كانت الخمسون دون مهر المثل فما الحكم. (أجاب) شروط الإجبار الذي يزوج بها الأب والجد البكرية سبعة، أربعة للصحة، أحدها أن يكون الزوج كفئا لها. الثاني أن يكون موسرا بحال الصداق. الثالث أن لا يكون بينها وبينه عداوة مطلقا. الرابع أن لا يكون بينها وبين الولي عداوة ظاهرة، فإن فقد شرط من هذه لم يصح النكاح. وثلاثة لجواز الإقدام أن يكون الصداق بمهر المثل من نقد البلد، وأن يكون حالا فإن زاد على مهر المثل أو ساوى المسمى مهر المثل وقع بالمسمى وإن نقص صح العقد ولها مهر المثل والله أعلم. مطلب: بكر بالغة زوجها وكيلها برضاها من زيد وحكم بصحة نكاحها حنفي فهل صح ولا ينقض .. إلخ. (سئل) في بكر بالغة وكلت أجنبيا برضاها في زواجها من زيد بمهر معلوم زواجا شرعيا بحضور شهود عدول وحكم به حاكم حنفي بعد تقدم دعوى صحيحة، ثم بعد مدة قبل الدخول بالزوجة عقد آخر نكاحه ثانيا معتمدا على فتوى من شافعي ببطلان النكاح الصادر أولا لوجهين: أحدهما عدم حضور الولي، والثاني عدم يسار الزوج بالمهر وقت العقد. هل ما أفتى به صحيح أو غير صحيح حين حكم الحاكم بصحة النكاح والزوجة بالغة عاقلة راضية إذ محله في زواج البكر البالغ بالإجبار، وهنا هي راضية، ومحل عدم صحته بعدم حضور الولي إذا لم يحكم بصحة النكاح حاكم يرى ذلك. أفيدوا لنا جوابا شافيا بنقل صحيح المذهب. (أجاب) حيث حكم الحاكم الحنفي بصحة هذا النكاح نفذ ظاهرا وباطنا على الأصح المنصوص خلافا لمن خالف في النقول باطنا، ولا يجوز لشافعي نقضه لو رفع إليه لما علم، فكيف يجوز لمفت أن يفتي بإبطاله بما ذكر مع ما ذكر

مطلب: بكر بالغة زوجها أحد أوليائها لابن عمها فهل صح النكاح أو لا .. إلخ؟.

اللهم إلا إذا لم يذكر له حكم الحاكم مع الدعوى المذكورة الصحيحة وعبارة ابن حجر بعد قول المنهاج: والوطء في نكاح بلا ولي يوجب مهر المثل لا الحد. نصها: وإن اعتقد التحريم لشبهة اختلاف العلماء لكن يعزر معتقده، وإن حكم حاكم يراه بصحة على ما قاله ابن الصلاح. قال: وقولهم حكم الحاكم يرفع الخلاف معناه أنه يمنع النقض بشرطه اصطلاحا لا غير وإلا لشافعي وقف على نفسه بيع الوقف وإن حكم به حنفي ولكن اعترض بأنه مبني على الضعيف من أن حكم الحاكم إنما ينفذ ظاهرا مطلقا، أما على الأصح أن باطن الأمر فيه كظاهره ينفذ باطنا أيضا فيباح لمعتقده وغيره العمل به كما يأتي مبسوطا في القضاء لا معتقد الإباحة، وإن حد بشربه النبيذ لأن أدلتة فيه واهية جدا بخلافه هنا ومن ثم لم ينقض حكم من حكم بصحته على المعتمد، وكأن من قال هنا لا يجوز تقليد أبي حنيفة في هذا النكاج جرى على النقض إذ ما ينقض لا يجوز فيه، وبهذا يقيد قول السبكي يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة في العمل في حق نفسه لا في الإفتاء والحكم إجماعا كما قاله ابن الصلاح .. انتهى. فالإفتاء مع حكم الحاكم الصحيح بعد الدعوى الصحيحة باطل لا يعمل به مع ما علمت .. انتهى. والنكاح الأول هو الصحيح ينفذ ظاهرا وباطنا والثاني باطل إثباتا، والله أعلم. مطلب: بكر بالغة زوجها أحد أوليائها لابن عمها فهل صح النكاح أو لا .. إلخ؟. (سئل) في بكر بالغ لها أولياء ثلاثة أعمام أشقاء أذنت لواحد منهم هو المتكلم عليهم أن يزوجها من ابن عمها فزوجها منه برضاها من غير حضور العمين الآخرين وهما يريدان إبطال هذا النكاح وتزويجها من أجنبي وهي لا ترضى بذلك الأجنبي فهل نكاحها من ابن عمها التي رضيت به صحيح وغيره لا يعتبر. (أجاب) هذا النكاح الواقع من العم المأذون له فيه منها هو الصحيح المعمول به شرعا اتفاقا ولا عبرة بعدم حضور العمين الآخرين؛ لأن الشرط أن يزوجها الولي ولو مفضول صفة أو قرعة بإذنها فيصح، وقول العمين مردود عليهما بأمر الله ورسوله بزعمهما الباطل ففي أعناقهما سيفان من الله ورسوله. وقال في المنهج: وخرج بإذنهما لكل ما لو أذنت لأحدهم فلا يزوجها غيره فعلم أن غير المأذون له لا معارضة له للمأذون له. وقال أيضا في المنهج: فلو زوجها مفضول صفة أو قرعة صح تزويجها لإذن فيه وفائدة القرعة لا يعي ولاية من لم تخرج له على أنا لو فرضنا أن العم لم يزوجها وهي باقية خالية لم يصح نكاحها للأجنبي مع عدم رضاها به لأن مثل هذا لا بد لها من الإذن للولي وقد وجد ولا بد من بلوغها فاتق الله أيها المعارض فإنك لا تعارض إلا صاحب الشريعة الغراء، والله أعلم. مطلب: امرأة مات زوجها عن ثلاثة أولاد منها .. إلخ. (سئل) في امرأة كان لها زوج فمات إلى رحمة الله تعالى ولها أولاد منه ثلاث ذكران وأنثى والجميع قصر لا يقومون بأنفسهم بل لولا أمهم لضاعوا ولها أقارب

مطلب: بينة مدعي الصحة مقدمة على مدعي الفساد.

أولاد عم بعده يريدون أن يأخذوها قهرا عن أولادها ويتركوهم ضائعين لأجل زواجها وأخذ مهرها، وقال بعضهم: إن دفعت الزوجة مالا من مالها أو من مال أولادها بدل مهرها فاتركوها فهل هذا جائز شرعا يقول به أحد من العلماء الأعلام، أوضحوا لنا جوابا شرعيا لعل الله يزجر به أهل الفساد والعناد. (أجاب) اعلم أن هذا الأمر وهو التفريق بين المرأة وأولادها قهرا لا يقول به أحد من علماء الإسلام لا شافعية ولا حنفية ولا مالكية ولا حنابلة ولا اليهود ولا النصارى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. فيجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يدفع ابن العم الصائل على هذه المرأة ويريد التفريق، فمن نصرها وتكلم معها خيرا نصره الله تعالى وحفظ عليه دينه وولده وماله، ومن أعان ابن عمها أو نصره عليها لا نصره الله وخذله وعليه وعلى ابن عمها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكذلك من طلب منها أو من أولادها القصر مالا فهو من الضالين الباغين، فإن استحل ذلك كفر وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون، فالجنة ورضا الله للعالمين، والنار وغضبها للمخالفين، والله أعلم. مطلب: بينة مدعي الصحة مقدمة على مدعي الفساد. (سئل) عن رجل حصل له جنون بعد البلوغ ثم أفاق منه وكان يشتغل في حرفة الساقية ثم تزوج امرأة وأمهرها علية له، ودخل بها ومكث معها مدة من السنين ثم توفي، والآن وارثه يدعي أن جنونه كان مطبقا والنكاح باطل فلا مهر للزوجة بة والزوجة تدعي إفاقته من الجنون وقت النكاح وتطلب مؤخر صداقها وإرثها من مخلفاته، ومع كل بينة تشهد بمدعاه فما الحكم الشرعي في ذلك والحال أنه عقد النكاح عند حاكم الشرع على يد بينة وكتب بذلك صك في يد الزوجة فكيف الحكم. (أجاب) لا ريب أن الزوجة تدعي هنا الصحة والوارث يدعي الفساد، ومدعي الصحة مصدق، وظاهر عبارة فتاوى ابن حجر أن مدعي الصحة مصدق باتفاق، وعبارته نصها إلا أن يحمل ما ذكروه في النكاح كما ذكره بعضهم على ما إذا عرف له حالة جنون وحالة إفاقة أو حالة حجر وحالة رشد واختلفا هل وقع العقد في حالة الحجر أو الجنون أم لا فحينئذ القول قول مدعي الصحة في النكاح خاصة وفرض السؤال الواقع له فيمن مات قبل الوطء وهنا وقع وطء ودخول وحكم حاكم بصحة النكاح فمسألتنا أحق وأولى بتصديق الزوجة لأمور منها ما ذكره ابن حجر ومنها كون ذلك وقع في مجلس الحكم الذي لا يجوز لعاقل أن يعقد له النكاح في حال جنونه ومنها حضور الشهود المقتضي حالهم ذلك ومنها كون الحق تعلق بالوارث المقتضي ذلك سقوط دعواه

مطلب: لا تزوج البنت البالغة إلا برضاها .. إلخ.

ومنها أن مدعاها الصحة فليتق الله الشاهد المقدم على هذه الشهادة الشاهدة على ضلاله وفساده وليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، ولا بد أن يسأل عن شهادته والله أعلم. مطلب: لا تزوج البنت البالغة إلا برضاها .. إلخ. (سئل) في بنت بالغة يريد بعض الناس زواجها ولم ترض بل تقول أرمي نفسي في بئر ولا آخذه، فهل يصح زواجها قهرا عليها. (أجاب) لا تزوج البالغ قهرا عليها فحيث لم ترض بالزوج لا يصح عقد النكاح عليها، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل كان خطب ابنة عمه ودفع من مهرها حصة لأبيها ثم مات أبوها وامتنع إخوتها من تزويجها له فخطفها وأدخلها على رجل وأذنت له في زواجها فتزوجها منه، ثم بعد ذلك تاب إلى الله تعالى ورجع وتزوجها ثانيا من إخوتها بشهود، فهل تقبل توبته ويصلى خلفه ويحل له وطء المرأة وأولاده منها بعد ذلك أولاد حل ونكاح أم كيف الحال. (أجاب) حيث تاب توبة نصوحا وعقد عليها برضا وليها قبلت توبته وصح نكاحه ويصلى خلفه ويقتدى به ويحل له وطؤها لأنها زوجته في أموره لأن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، ولا نقدر نسد باب التوبة حتى على الكافرين لو أسلموا قبلناهم فغيرهم أولى، وأولاده أولاد حل ونكاح، تجري عليهم أحكام غيرهم ممن صح نكاحه وليتق الله من يخطف الحرائر ويهتك أسرارهم ولا سيما من يدعي أنه ابن عم فهو أحق بصيانة ابنة عمه، والله أعلم. مطلب: رجل تزوج امرأة ثيبا من أبيها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة ثيبا تزويجا شرعيا من أبيها مستوفيا شرائط الصحة وأقبض مهرها للزوجة وأمها فجاء أخو زوجها الأول فقال: إن أباها قال لنا هي عطية لكم بعد موت زوجها وهي في العدة، ويريد إقامة البينة لأجل إبطال النكاح بذلك، فما الحكم. (أجاب) هذا الزواج الواقع من الأب لابنته بعد إذنها له في الزواج وكان الزوج كفئا لها هو الصحيح المعول عليه الذي يجب اعتماده والعمل به، وأما مدعي العطية فقد ادعى لنفسه بلية، لأن النكاح لا يكون بالعطايا ولو في العدة سواء إن أقام بينة به أو أقر به الولي حينئذ لبطلانه من أصله فلا يبنى عليه حكم، بل هو هواء في قاع صفصف ليس له غبار ولا به اعتبار، كما هو معلوم عند الأئمة الأخيار، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له بنت زوجها لآخر .. إلخ. (سئل) في رجل له بنت زوجها لآخر من مدة تزيد على عشرين سنة وهو قريب له ولها أقارب أقرب منه يريدون أن ينزلوا الرجل عن امرأته ويؤذون أب الزوجة والزوج فما الحكم في ذلك. (أجاب) حيث وقع العقد من الأب للزوج عقدا صحيحا لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعارض الزوج أو يؤذيه أو يعارض الأب أو يؤذيه، فإن عارض فقد خلع ربقة

مطلب: امرأة لها أقارب يريدون زواجها قهرا ليأخذوا مهرها .. إلخ.

الإسلام من عنقه وعارض الله في فعله وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فاز بخسران مبين وحل به غضب رب العالمين وحسبنا الله ونعم الوكيل والله أعلم. مطلب: امرأة لها أقارب يريدون زواجها قهرا ليأخذوا مهرها .. إلخ. (سئل) في امرأة مات زوجها وليس لها عاصب إلا الأقارب يريدون زواجها من غير رضاها ويأخذون مهرها، فهل لهم ذلك؟. (أجاب) لا يجوز لأقاربها ولا لعصباتها أيضا حتى لو كان لها أب أو أخ أن يزوجها بغير رضاها فإن زوجها أحد ممن ذكر فزواجهما باطل باتفاق العلماء ولا يجوز لأحد ممن ذكر ولا من غيرهم أن يأخذ من صداقها شيئا، فإن أخذ فإنما يأخذ نارا وعارا ودمارا، فعلى كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يرد عنها من يريد زواجها بغير رضاها، وكذلك يرد من يريد أن يأخذ من مهرها شيئا، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، والله أعلم. مطلب: امرأتين لهما أولاد ويريد أعمامهما زواجهما ويفرقون بينهن وبين أولادهن .. إلخ. (سئل) في امرأتين كانتا تحت أخوين ماتا وتركا أولادا وكل واحدة منهما تريد الإقامة والحضانة لأولادها، ولأحدهما عم وأولاد عم يريدون زواجها والفرقة بينها وبين أولادها، فهل تكره على ذلك أو لا. (أجاب) لا يفرق بين المرأة وأولادها كرها إلا شيطان لعين ومارق من الدين ومخالف لقول سيد الأولين والآخرين: من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. فيجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر يريد رضا الله ورسوله أن يمنع هذا القريب من الفراق بين هذه المرأة وأولادها ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإن لم ينزجر إلا بقتال قوتل ودمه كدم الكلب لمخالفته الكتاب بقوله تعالى: {ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل} ومخالفته الحديث المتقدم، والله أعلم. مطلب: رجلان زوج أحدهما بنته للآخر وأبو البنت تزوج أخت زوج بنته .. إلخ. (سئل) في رجلين أب وأخ أرادا الزواج، فزوج الأخ أخته بمهر معلوم زائد عن مهر البنت، وزوج الأب ابنته للآخر بمهر معلوم، ومات الأب بعد دخوله على البنت وله ورثة يطلبون من الأخ نقيصة لكون أخته رجعت إليه وبقي للأخت في ذمته مائة قرش من مهرها بشهود، فما الحكم الشرعي. (أجاب) المائة الباقية للأخت تطالب بها لأنها فرضت لها في العقد، وأما هذه النقيصة فطلبها فضيحة وهي عند الله قبيحة لمخالفتها الملة العادلة الصحيحه فلا يعمل بها أحد من العلماء لأنها ليست من خصال الإيمان بلا امتراء، والله أعلم. مطلب: تزوج بكرا بالغة بمهر مثلها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بكرا بالغا بمهر مثلها من أبيها ومن عادتهم أن يكون المهر بعضه نقدا وبعضه عرضا، فدفع أبو الزوج النقد لأبي الزوجة وعرض عليه العرض فامتنع من قبوله وقال: لا أقبل إلا النقد، وأراد الزوج الدخول بها فامتنع أبوها حتى يدفع الباقي نقدا، فهل يلزمه قبول العرض، وهل إذا امتنع للزوج الدخول بها. (أجاب) حيث جرت عادتهم واطردت

مطلب: رجل خطب امرأة ولم يحصل عقد .. إلخ.

بقبول العرض لزم الأب وكذا الزوجة حيث كانت مصلحة لمالها ودينها يلزمها قبول العرض، فإن امتنعا هما أو أحدهما ألزم الممتنع الحاكم فإن لم يوجد حاكم كان للزوج الدخول لأنه لم يوجد مانع من جهته، والله أعلم. مطلب: رجل خطب امرأة ولم يحصل عقد .. إلخ. (سئل) في رجل خطب امرأة ودفع لوليها ما تيسر من المهر وغيره، ولم يحصل عقد، ثم مات الزوج قبل الدخول فهل لوارثه الرجوع بما دفع أو لا. (أجاب) عبارة ابن حجر: خطب امرأة ثم أرسل لها أو دفع بلا لفظ إليها قبل العقد ولم يقصد التبرع ثم وقع الإعراض منها أو منه أو مات رجع بما وصلها منه، كما أفاده كلام البغوي واعتمده الأذرعي ونقله الزركشي وغيره عن الرافعي أي اقتضاء يقرب من الصريح، والله أعلم. مطلب: شحادة وحسن زوج كل منهما بنته القاصرة لابنه القاصر .. إلخ. (سئل) في رجلين هما شحادة وحسن، لكل منهما ابن وبنت قاصران، زوج كل منهما بنته لابن الآخر ووضع كل منهما يده في يد الآخر زعما منهما لأجل صحة عقد النكاح، وقبل كل منهما لابنه النكاح بالولاية وصدر عقد النكاح بإيجاب وقبول وحضور شهود عدول وعمل كل من الأبوين وليمة حسب القانون المعتاد عندهما لعقد النكاح، واشتهر وشاع بين المسلمين من أهل القرى القريبات لقريتهم أن حسنا قبل لولده القاصر نكاح بنت شحادة البكر القاصر، وكذلك شحادة قبل لولده القاصر نكاح بنت حسن البكر القاصر، ثم بعض مضي مدة أراد حسن إبطال عقد نكاح ابنه على بنت شحادة ليتزوجها لنفسه بعد أن أقر لدى جمع من المسلمين أنه قبل لابنه نكاح بنت شحادة وعقد نكاح ابنه المذكور عليها ورفع الأمر إلى محكم من فقهاء القرى، وادعى حسن على شحادة أن نكاح ابنه على بنت شحادة باطل لكون أن أحد الشاهدين اللذين حضرا عقد النكاح بينهما توفي ولم يبق إلا واحد وذكر أنه لم يحصل بينهما إلا الإعطاء من غير لفظ زواج أو نكاح بعدما تقدم من حسن من الاعتراف لدى جمع من المسلمين بقبول النكاح لولده وصحته وشهادة الشاهد الحي بصدوره على الوجه المذكور، فأبطل المحكم عقد نكاح ابن حسن على بنت شحادة، وعقد نكاح حسن على بنت شحادة بإكراه شحادة على ذلك من ذي شوكة، مع أن المحكم من قريتهما وأحاط علمه بالإقرار بالنكاح وبالعقد والوليمة التي فعلها حسن يوم العقد لولده على بنت شحادة، فهل يجوز للمحكم مع علمه بذلك الحكم ببطلان النكاح أو لا يجوز لقوة الشبهة والشك والريبة، وماذا يترتب على ذلك من الأحكام، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح إلى غير ذلك، أفد جوابا كافيا تعط أجرا وافيا، لا زلتم لكشف المعضلات ودفع البليات وما هو آت آت. (أجاب) هذا الرجل الطالب لزواج زوجة ابنه ضال مضل لا عرض له ولا دين لوجوه منها:

مطلب: باب ما يحرم من النكاح.

وقوع العقد المذكور وإن كان أحد الشاهدين مات لأنه يعلم ذلك فلا يجوز له الإقدام مع علمه بما وقع، ومنها إقراره بوقوع عقد النكاح المأخوذ من ذلك الإقرار شرعيا باتفاق العلماء لقول الله عز جلاله وعظم سلطانه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار فهو أقوى من البينة الشرعية لصراحته واحتمالها ومنها شيوع هذا الأمر وظهوره الذي يلزم منه وقوع الناس في عرض الأب الطالب لهذا الأمر وكذا في عرض المحكم، والكل داخل في هذا، قال أبو هريرة: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين من العلم؛ أحدهما بثثته في الناس، والثاني لو بثثته لأزيل هذا البلعوم ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. أي دع ما فيه شك إلى ما لا شك فيه، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: أليس وقد قيل. في جواب من طلب منه زواج امرأة قيل إن بينه وبينها رضاعا محرما، فقال له: أليس وقد قيل، فهذا الرجل لو كان له مدة في الدين أو العرض لتباعد عنها تباعد الضب من النون، وربما أن يكون هذا الأمر سببا لدخوله في سقر {وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر} فقد علمت ما يتلى عليك، وعلى فرض أن هذا المحكم وجد له وجها عند الشافعي مع أن الإقرار معمول به بالإجماع ولكن قد يخيل لطلبة العلم ما يظن أنه صحيح مع أنه لو لم يوجد منه إلا الإقرار فالعقد صحيح عند الإمام الأعظم أبي حنيفة، والعوام لا مذهب لهم، فكيف يسوغ الإقدام على مخالفة مثل أبي حنيفة قدس سره العزيز، قال بعض العارفين: والله لو علمت أن شرب الماء البارد يخل بمروءتي ما شربته. وأي خلل للمروءة أعظم من أن يشاع بين الناس أن حسنا -لا أحسن الله إليه- تزوج زوجة ابنه، فاتقوا الله ولا تكونوا من الغافلين فتلحقوا بالأخسرين أعمالا {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} والله تعالى أعلم. مطلب: باب ما يحرم من النكاح. (باب ما يحرم من النكاح) مطلب: عقد الأب على امرأة يحرمها على ولده. (سئل) عن أب عقد على امرأة ولم يدخل بها فهل تحل لولده أو لا. (أجاب) لا تحل له لأن زوجة الأب وزوجة الابن وأم الزوجة لا يشترط فيهن الدخول فيحرمن قبل الدخول بخلاف بنت الزوجة فلا تحرم إلا بالدخول، والله أعلم. مطلب: بنت ابن الزوجة لا يحل نكاحها للزوج ولو بعد موت الزوجة. (سئل) في بنت ابن الزوجة هل يحل نكاحها للزوج بعد موت جدتها. (أجاب) قال ابن حجر في بيان المحرمات المؤبدة وكذا بناتها أي زوجتك ولو بواسطة سوى بنات ابنها وبنات بنتها وإن سفلن إن دخلت بها بأن وطئتها في حياتها ولو

مطلب: الجمع بين المرأة وخالة أبيها أو المرأة وبنت ابن أختها .. إلخ.

في الدبر ولو كان العقد فاسدا وكذا إن استدخلت ماءك المحترم في حالة نزوله وإدخاله .. انتهى. فحيث دخل بالجدة حرمت عليه بنت ابنها كما علم، والله أعلم. مطلب: الجمع بين المرأة وخالة أبيها أو المرأة وبنت ابن أختها .. إلخ. (سئل) عن رجل معه خالة آخر أخذ عليها بنت الرجل المذكور فيكون معه المرأة وخالة أبيها أو المرأة وبنت ابن أختها، فهل يجوز له الجمع بينهما، وإذا قلتم لا وحصل منه وطء للصغرى المتأخر نكاحها فهل يلزمه لها المهر أم لا. (أجاب) قال في المنهج وشرحه: وحرم ابتداء ودواما جمع امرأتين بينهما نسب أو رضاع لو فرضت إحداهما ذكرا حرم تناكحهما كامرأة وأختها أو خالتها بواسطة أو بغيرها، قال تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} وقال صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، لا الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى. رواه أبو داود وغيره. فإذا فرضنا الصغرى ذكرا لا يحل لها أن تأخذ خالة أبيها لأنها خالة لها ولأنها هي أخت ذكر ولدك، وهذا كاف في الفرض، وإذا فرضنا الكبرى ذكرا كان خالا وهو لا يأخذ بنت ابن أخيه فتحرم المتأخر عقدها على الزوج، ويجب على كل مؤمن بالله ورسوله أن يفرق بينهما وعليه لها مهر المثل لأنه وطء شبهة ويجب المهر وقته أي وقت وطء الشبهة نظرا إلى وقت الإتلاف لا وقت العقد في النكاح الفاسد لأنه لا حرمة للعقد الفاسد، والله أعلم. مطلب: رجل جمع بين بنتي أختين في النكاح، هل يجوز يقال نعم .. إلخ. (سئل) في رجل جمع بين بنتي أختين في النكاح فهل يجوز ذلك. (أجاب) نعم يجوز ذلك لأن كلا منهما لو فرض ذكرا صارت الثانية بنت خالته فتحل له فيكون ذلك داخلا في القاعدة التي ذكرها الفقهاء وهي: يحرم جمع امرأتين بينهما نسب أو رضاع لو فرضت إحداهما ذكرا لم تحل للأخرى. وهنا إذا فرضت حلت فيجوز الجميع بينهما .. اهـ. مطلب: يجوز الجمع بين المرأة وبنت زوجها .. إلخ. (سئل) في رجل مات عن امرأة وبنت من غيرها ولها بنت من غيره فأخذ رجل بنت المرأة الكبيرة ويريد أن يأخذ بنت زوجها عليها، فهل يجوز له ذلك. (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام وخرج بالنسب والرضاع المرأة المذكورة وبنت زوجها فيجوز جمعهما وإن حرم تناكحهما لو فرضت إحداهما ذكرا والآخر أنثى والمصاهرة فيجوز الجمع بين امرأة وأم زوجها أو بنت زوجها وإن حرم تناكحهما لو فرضت إحداهما ذكرا فعلم جواز جمع الرجل بين المرأة المذكورة وبنت زوجها .. اهـ. مطلب: لو قال رجل لبنت: أنت أختي وأراد زواجها بعد ذلك يجوز .. إلخ. (سئل) في رجل قال لبنت أجنبية: أنت أختي وأشهد على ذلك إناثا ووليا من أولياء الله تعالى، فهل له بعد ذلك أن يتزوجها ويعقد عليها النكاح أو لا. (أجاب) نعم يجوز له أن يتزوجها ولا عبرة بقوله المذكور لأنه باطل إجماعا فلا يجوز العمل به ولا يجوز الخلوة بالمرأة

مطلب: الولي إذا زوج أخته بإذنها صح وليس لأخيه الأكبر نقضه .. إلخ.

المذكورة وإن كان كثير من الفقراء الذين لا خلاق لهم يفعلون ذلك لأنه باطل، وبعضهم يختلي بالمرأة الأجنبية بمجرد القول المذكور، والله أعلم. مطلب: الولي إذا زوج أخته بإذنها صح وليس لأخيه الأكبر نقضه .. إلخ. (سئل) في رجل زوج أخته بوكالتها له بشهود عدول ويعارضه في هذا الزواج أخوه الأكبر فهل له ذلك. (أجاب) حيث زوج الأخ وهو بالغ عاقل بإذن الأخت وهي كذلك صح زواجه فلا يجوز لأخيه ولا لغيره المعارضة بوجه لأنها صارت زوجة الرجل المتزوج والله أعلم. (سئل) في الأب إذا كان مغفلا لا ينظر في عواقب الأمور وزوج بنته الصغيرة بغير كفء هل ينعقد النكاح أم لا. (أجاب) لا ينعقد النكاح لأمرين أحدهما أن شرط الولي أن لا يكون مختل النظر. الثاني شرطه أن يزوج بكفء حيث لا تعيين ولا إسقاط كفاءة، فالصغيرة لا تزوج إلا من كفء بمهر المثل حالا ولا عداوة بينها وبين الولي ظاهرة من نقد البلد، وأن يكون الزوج موسرا حال العقد والمزوج الأب أو الجدة لزواج المذكور باطل حيث لم يستوف شرائطه، والله أعلم. مطلب: لا يحل للمرأة أن تمنع زوجها من نفسها وعليها طاعته .. إلخ. (سئل) في امرأة ناشزة خارجة عن طاعة زوجها تمنعه نفسها، فهل يجب عليها حيث لا عذر لها طاعة زوجها وأن تمكنه من نفسها. (أجاب) يجب على المرأة ملازمة سكنها وتمكينه من نفسها ولا يجوز لها الامتناع منه وعليه لها إن أدت حقه ما لها من كسوة ونفقة ومسكن لائق بها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل زوج ابنته القاصرة بتعليم الفاتحة وما يجب عليها من الفرائض .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنته القاصرة من رجل كان مجاورا بالجامع الأزهر على يد بينة شرعية، وجعل صداقها تعليمها ما يجب عليها أن تتعلمه من الفرائض الشرعية، ثم إن أبا الزوجة جاء لبيت المقدس وأقر أنه زوج ابنته المذكورة للرجل المذكور وكان إقراره بذلك بحضرة شهود عدول، ثم انتقل أبو البنت المذكورة بالوفاة إلى رحمة الله تعالى ثم جاء الرجل الذي تزوج البنت إلى بيت المقدس وادعى زواج البنت المذكورة من أبيها المذكور ولم يكن شهود العقد حاضرين ببيت المقدس وإنما الحاضر شهود الإقرار الحاصل من الأب، فما الحكم في ذلك. (أجاب) صرح أئمتنا معاشر الشافعية متونا وشروحا صريحة في صحة إقرار الأب والجد بالنكاح، قال شيخ الإسلام زكريا في شرح منهجه ومتنه: ويقبل إقرار مجبر من أب أو جد أو سيد على موليته بالنكاح لقدرته على إنشائه بخلاف غيره أي المجبر لتوقفه على رضاها. وعبارة ابن حجر وكذا الرملي: ويقبل إقرار الولي بالنكاح على موليته إن استقل حالة الإقرار بالإنشاء وهو المجبر من أب أو جد أو سيد أو قاض في مجنونة بشرطها الآتي وإن لم تصدقه البالغة؛ لما مر أن من ملك الإنشاء ملك الإقرار به .. انتهى. وح. فحيث شهد رجلان عدلان بأن الأب أقر بزواج بنته من فلان قبلت شهادتهما بلا شك وعلى ولي الأمر الحكم بصحة هذا النكاح

مطلب: لو ادعى رجل أن أبا الزوجة قال: أعطيتها لك، لا ينعقد له النكاح .. إلخ.

المذكور ثم إن كان ما يجب تعليمه مضبوطا فذاك بين وإلا وجب لها مهر المثل كما هو معلوم من كلام الأئمة، والله أعلم. مطلب: لو ادعى رجل أن أبا الزوجة قال: أعطيتها لك، لا ينعقد له النكاح .. إلخ. (سئل) في بنت مات أبوها ولها أخ ورجل أجنبي يدعي أن أباها أعطاها له من يوم ولادتها فقال له: مبارك، فقال الأب: جاءت لك، فعين له قدرا من المال مهرها، فهل هذا نكاح صحيح أم لا. (أجاب) ما ذكر ليس بعقد نكاح ولو شهد عليه أهل الأرض لأن النكاح لا بد فيه من لفظ نكاح أو تزويج وأما بالعطية ونحوها فلا يصح، والله أعلم. (سئل) عن صبي قاصر زوجه ابن عمه بأمر القاضي الحنفي له بذلك، ثم إنه بعد ذلك غاب عن زوجته قبل أن يدخل بها مدة تزيد على ست سنين ولم يظهر له خبر إلى الآن وزوجته الآن تريد ترفع أمرها إلى القاضي الشافعي ليحكم لها بأن العقد من أصله غير صحيح على مذهب الشافعي رضى الله عنه، فهل للقاضي الشافعي إذا رفع إليه ذلك أن يقضي بعدم صحة النكاح المذكور ولها بعد ذلك أن تتزوج بغير الزوج المذكور أم لا. (أجاب) المصرح به في كتب الشافعية أن تزويج غير الأب والجد للقاصر لا يصح ولو كان المزوج له وصيا أو قيما أو قريبا، وفي الروض وشرحه لشيخ الإسلام: وللأب ثم الجد لا غيرهما تزويج الصغير العاقل ولو بأربع. ثم قال بخلاف غير الأب والجد كالوصي والقاضي فلا يزوج الصغير لانتفاء كمال شفقته .. انتهى. وأما الأب والجد فلكمال شفقتهما من غيرهما من الوصي والقيم والقريب فلما مر، ومجرد إذن القاضي أو عقد النكاح للصغيرين رآه ليس بحكم منه حتى يكون رافعا للخلاف، ويمتنع عند الشافعي نقضه لأن شرط الحكم أن يكون بعد دعوى صحيحة وليست موجودة هنا وإنما هو مجرد إذن أو إجراء عقد على مذهبه أو إخبار منه بمذهبه النازل ذلك منزلة الإفتاء الذي لا يمتنع على الشافعي مخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم: اختلاف أمتي رحمة. من جملتها مثل هذه الواقعة فإن الرجل يتعسر بل يتعذر وجوده ويلحقها الضرر البين لاحتياجها للنفقة والكسوة والمسكن، بل ولاحتياجها أيضا للزوج نفسه لقول عمر رضى الله تعالى عنه: إن المرأة يفنى صبرها أو يقل إذا غاب عنها الزوج أكثر من أربعة أشهر. والله أعلم. مطلب: رجل له عمتان ولهما بنتان، هل يجوز الجمع بينهما نكاحا أو لا .. إلخ. (سئل) في رجل له عمتان مع كل واحدة بنت فهل يجوز له الجمع بينهما بالنكاح. (أجاب) هاتان البنتان بنات الخالات ويجوز للإنسان أن يأخذ بنت خالته لأن القاعدة في جواز الجمع أنا إذا فرضنا أحدهما ذكرا والأخرى أنثى أن يحل تناكحهما فيحل جمعهما وإلا فلا، وهنا لو فرضنا واحدة من بنات الخالات ذكرا والأخرى أنثى حل تناكحهما فيحل جمعهما، والله أعلم. (سئل) في رجل تزوج امرأة وله ولد من غيرها ثم مات الزوج وتزوجت بعده رجلا آخر وجاءت منه بنت فهل لولده أن يتزوج بهذه البنت وإذا تزوجها يقر

مطلب: إذا طلق الرجل زوجته وتزوجت بغيره لا يحل معارضته للزوج الثاني .. إلخ.

نكاحها عليه. (أجاب) لا تحرم على الولد بنت زوجة أبيه وإن كانت أمها محرمة عليه لوطء أبيه لها وعقده أيضا بخلاف بنتها وإن كانت محرمة على الأب لو وجد فليست محرمة على ولده فنكاحه صحيح ويقر عليه لما علم، والله أعلم. مطلب: إذا طلق الرجل زوجته وتزوجت بغيره لا يحل معارضته للزوج الثاني .. إلخ. (سئل) عن رجل تزوج امرأة بصداق معلوم ثم بعد مدة طلب أهل المرأة من الرجل المذكور أن يدفع لهم المهر ويأخذ زوجته، فقال: لا قدرة لي على شيء، فقالوا له: إما أن تدفع لنا مهر وليتنا، وإما أن تطلقها فطلقها باختياره وبحضرة جماعة من المسلمين يشهدون عليه بذلك فتزوجت المرأة زوجا آخر ودخل بها فعارضه الرجل الأول وقال: هذه زوجتي وادعى أنه إنما طلقها مكرها على طلاقها، فما الحكم في ذلك. (أجاب) حيث ثبت أن الرجل الأول طلق الزوجة المذكورة وأخذها الزوج الثاني لا يحل للأول معارضته بوجه؛ لأنها حرمت عليه بطلاقه لها ولا سيما بدخول الزوج الثاني بها، والله أعلم. مطلب: ولي العقد إذا كان مرتكبا ولو صغيرة بإصراره لا يصح عقده .. إلخ. (سئل) في ولي عقد على موليته وعلى رأسه عمامة حرير سمراء، فهل يصح العقد. (أجاب) لبس الحرير صغيرة من الصغائر فإن كان الولي مصرا عليها بحيث هو صار لازما لها صارت كبيرة، والولي إذا ارتكب كبيرة لا يصح عقده، وإن لبسها أحيانا صح عقده، هذا كله عند الإمام الشافعي رضي الله عنه، وعند غيره لا يشترط في الولي أن يكون عدلا، والله أعلم. مطلب: يجوز أن يأخذ الرجل بنت عمه التي هي أخت أخته من أبيه .. إلخ. (سئل) عن رجل له زوجتان صالحة وتفاحة له من صالحة بنت ومن تفاحة ابن، ثم مات الرجل فأخذ صالحة أخوه وجاء له منها بنت، فهل لابن تفاحة أن يأخذ ابنة عمه التي هي أخت لأخته من أبيه. (أجاب) نعم يجوز له أخذها لقول علمائنا: ولا يحرم عليك أخت أخيك من نسب أو رضاع وسواء كانت أخت الأخ لأمه كما هنا أم لأبيه كما هو مصور في محله. والله أعلم. مطلب: يجوز الجمع بين بنت الخال مع بنت العمة .. إلخ. (سئل) في رجل معه امرأة لها بنت خالة فهل له أن يجمعها معها في نكاح واحد. (أجاب) نعم يجوز جمع بنت الخال مع بنت العمة، لأنا لو فرضنا إحداهما ذكرا جاز له نكاحها، فيجوز الجمع لأن القاعدة أن كل امرأتين بينهما نسب أو رضاع محرم لو فرضت إحداهما ذكرا حرم نكاحها فيحرم الجمع وإلا فيحل، والله أعلم. مطلب: يجوز أن يتزوج الرجل ببنت زوجة أبيه .. إلخ. (سئل) في رجل له زوجة أب مات ثم إنها تزوجت بعده رجلا جاء له منها بنت، فهل له أن يتزوج بنت زوجة أبيه. (أجاب) نعم يجوز لابن الرجل أن يأخذ بنت زوجة أبيه إذ لا مانع من ذلك، والله أعلم. مطلب: يجوز للرجل أن يتزوج ببنت مخلوقة من مائه بالزنا .. إلخ. (سئل) في رجل زنى بامرأة ثم جاءت بعد ذلك بنت ممن زنى بها. (أجاب) ماء الزنا لا حرمة له فلا تثبت به المحرمية فللزاني نكاح المخلوقة من ماء زنائه وإن تيقنها من مائه ولكن يكره فلا يحرم على الزاني بنت المزني بها ولو كانت بنته من مائه

مطلب: لو زوج القاصر أجنبي مع وجود أقاربها لا يصح ولا ينعقد

لأن الله تعالى قطع النسب بين الزاني والمزني بها، والله أعلم. مطلب: لو زوج القاصر أجنبي مع وجود أقاربها لا يصح ولا ينعقد (سئل) عن بنت قاصر دون البلوغ زوجها رجل يقال له: أحمد، أجنبي عنها، مع وجود أقاربها العصبة غير الأب والجد لرجل يقال له: ناصر لابنه شحادة البالغ بوكالته لأبيه، ثم مات الابن قبل الدخول ثم تزوجها رجل أجنبي آخر فمات، والآن الأب الذي هو ناصر تزوجها بعد ولده وبعد الرجل الثاني، فهل زواج الأب لها صحيح. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن القاصر عندنا لا يزوجها إلا الأب والجد، ومتى فقدا لم تزوج حتى تبلغ وتأذن لوليها فيزوجها، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: وبما تقرر علم أنه لا تزوج صغيرة عاقلة ثيب إذ لا إذن لها، وأن غير الأب والجد لا يزوج الصغيرة بحال؛ لأنه إنما يزوجها بالإذن ولا إذن للصغيرة .. انتهى. ثم قال في باب ما يحرم من النكاح: واعلم أنه يعتبر في زوجتي الابن والأب وفي أم الزوجة عند عدم الدخول بهن أن يكون العقد صحيحا .. اهـ. إذا علمت هذا النص الصريح الصحيح علمت أن عقد الأب على زوجة الابن بعد البلوغ بإذنها وولي صحيح لفساد العقد الأول من جهتين: الأول: كون الزوجة غير بالغة. الثاني: كون العاقد عليها غير العاصب، بل لو عقد في هذه الحالة العاصب غير الأب والجد لم يصح أيضا لما علمت فقل لمن عارض: إن كان بنقل فبينه، ولا تجده في كتاب على هذا الوجه، وإن كان بغير نقل فهذا القائل من أقسام الحيوانات، قال تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل} وإن كان بقوله عنادا فهذا مثل الشياطين الذين يفرقون بين المرء وزوجه، والله أعلم. مطلب: يدخل رجل على امرأة لها بعل وتدعي أنه ابن عمها فهل يمنع من الدخول عليها .. إلخ. (سئل) في زوجة رجل مدخول بها لها قريب غير محرم لها يدعي أنها بنت عمه يدخل عليها ويمكث عندها، ولم يكن بينهما حاجب، ويغريها على بغض زوجها وأذيته وعدم الإجابة إذا دعاها لمصلحته، ويتضرر من ذلك الضرر البليغ، وعجز عن منعه لخشيته من أذيته وخوفه على نفسه منه، ماذا يلزمه شرعا. (أجاب) لا يجوز لهذه المرأة أن تظهر على هذا الرجل بل يجب عليها الاحتجاب عنه، وإن فرض أنها ابنة عمه، لأنه يجوز له نكاحها فهي ليست محرما له فيجب على زوجها منعه، وعلى ولي الأمر ضاعف الله له الأجر منع مثل هذا الشقي من مثل هذا الفعل، وقد مر برسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان وهو يكلم زوجته صفية فأسرعا فقال لهما: على رسلكما، إنها صفية، فقالا له: أبك الظن يا رسول الله، فقال لهما: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. فحذار حذار من مثل هذه الأمور، والله أعلم. مطلب: عقد على امرأة بمباشرة وكيلها مع وجود أوليائها لا يصح العقد .. إلخ (سئل) في زيد عقد نكاحه على هند بمباشرة وكيلها الأجنبي مع وجود ولي لها عصبة لم يأذن في ذلك ثم بعد دخوله بها طلقها ثلاثا، فهل لا يقع عليه الطلاق

المذكور وله نكاحها بعقد جديد بدون محلل حيث لم يحكم حاكم قبل ذلك بصحة النكاح المذكور. (أجاب) عبارة الرملي ومثله ابن حجر وغالب كتب أصحابنا حتى المنهج وشرحه مع ما يأتي وننقل عبارة ابن حجر بعينها؛ لأن كلامه اختلف في هذه المسألة في محلين: في أركان النكاح وفي عاقده نصها ثم بطلانه باتفاقهما إنما هو فيما يتعلق بحقهما دون حق الله تعالى فلو طلقها ثلاثا ثم توافقا أو أقاما أو الزوج بينة بفساد النكاح بذلك أو غيره، وتأمل عموم قوله أو غيره لم يلتفت بذلك بالنسبة لسقوط التحليل؛ لأنه حق الله تعالى فلا يرتفع بذلك؛ ولأن إقدامه على العقد يقتضي اعترافه باستجماع معتبراته نظير ما مر في الضمان والحوالة وقضيته سماعه ممن زوجه وليه وليس مرادا فالمعتبر هو التعليل الأول وبهما علم ضعف إطلاق الشبراملسي تسمع بينته إن بينت السبب ولم يسبق منه إقرار بصحته نعم إن علما المفسد جاز لهما العمل بقضيته باطنا لكن إذا علم بها الحاكم فرق بينهما كنظيره الآتي قبيل، فحصل تعليق الطلاق بالأزمنة وما نقل عن الكافي أنا لا نتعرض لهما يحمل على غير الحاكم على أنه منازع فيه وإنما هو بحث للأذرعي وبحث السبكي قبول بينته إذا لم يرد نكاحا بل التخلص من المهر ولم يسبق منه إقرار بصحته، وبهذا يرد بحث الغزي إطلاق قبول بينتها وعليه لو أقيمت كذلك وحكم حاكم بفساده لم يرتفع ما وجب من التحليل لما علم من تبعض الأحكام وأن إقرارهما وبينتهما بهما فيما يتعلق بحقهما لا غير انتهى ولكن خالفه الزيادي وتبعه الشبراملسي في مسألة السبكي وأنه لا يسقط التحليل بل يثبت لأن الشيء يثبت تبعا ولا يثبت استقلالا. عبارة ابن حجر أيضا في فصل عقد النكاح بعد قول المنهاج والوطء في نكاح بلا ولي يوجب مهر المثل لا حدا. وقوله بلا ولي بأن زوجت نفسها أو وكلت في نكاحها نصها: ولو طلق أحدهما أي معتقدا الحل ثلاثا قبل حكم الحكم بالصحة لم يقع ولم يحتج لمحلل. وقول أبي إسحاق يحتاج الثاني إليه عملا باعتقاده غلطه فيه الإصطخري، ويؤيد إطلاق الإصطخري قول العمري في تأليفه في صحة تزويج الولي الفاسق فإن تزويجها من وليها الفاسق ثم طلقها ثلاثا فالأولى أن يتزوجها بلا محلل، فأفهم تعبيره "بالأولى" صحته بلا محلل، ثم قال: وقد اتفقوا أنه لا يجوز لعامي تعاطي فعل إلا إن قلد القائل بحله، وحينئذ فمن نكح مختلفا فيه فإن قلد القائل بصحته وحكم بها من يراها ثم طلق ثلاثا تعين التحليل وليس في تقليد من يرى البطلان بأنه تلفيق تقليد في مسألة واحدة وهو ممتنع قطعا، وإن انتفى التقليد والحكم لم يحتج لمحلل .. انتهى. وكتب عليه ابن قاسم وليس

مطلب: لو خطف رجل امرأة وعقد له عليها رجل أجنبي بإذنها أو بغير إذن لا يصح

تقليد من يرى بطلانه ممنوعا بل له تقليده؛ لأن هذه قضيه أخرى فلا تلفيق م ر .. انتهى. وكتب عليه ابن قاسم قوله فمن نكح مختلفا فيه أي كنكاح بلا ولي انتهى. وتقدم أن النكاح بلا ولي الذي هو عين مسألتنا صورتان: إما أن تزوج المرأة نفسها، أو توكل مع وجود الولي الصالح لعقد النكاح. وابن قاسم لم يتعرض لكلام ابن حجر هذا الأخير الواقع في فصل عاقد النكاح ومثله ممن يعتبر كلامه كالشبراملسي ولكن كلامه هذا مخالف لما مر له في فصل أركان النكاح السابق قبله من غير فاصل، وقد يقع له التناقض بخلاف الترجيح كما يحكيه هو عن نفسه أنه ينقل حكما ويرجحه ثم يقول: ثم رأيتني رجحت خلافه في باب كذا أو كتاب كذا فإن حمل كلامه هذا على اختلاف الترجيح فظاهر، لكن جمهور المتأخرين على ما صرحنا به في صدر السؤال من أنه لا يلتفت لإقامة البينة غير الحسبة ولا لإقرار الزوجين عند العقد بذلك أو غيره بالنسبة لسقوط التحليل، نعم إذا علم ذلك الزوجان لهما العمل به باطنا ولكن القاضي لا غيره له أن يفرق بينهما، ومثل ذلك إذا قامت بينة حسبة أن تصور قيامها، وقد يحمل كلام ابن حجر في فصل عاقد النكاح عليهما والجمع أولى من التعسف إن لم يحمل على اختلاف الترجيح، والله أعلم. مطلب: لو خطف رجل امرأة وعقد له عليها رجل أجنبي بإذنها أو بغير إذن لا يصح (سئل) فيما يقع في قرى بيت المقدس وجبل الخليل وما حولهما من أن الرجل يكون له قريبة ابنة عم أو غيرها وقد تكون أجنبية فيجدها في الخارج فيشهر عليها السلاح فيذهب بها إلى قرية أخرى ويدخلها دار رجل من أهلها ثم إنه يعقد له عليها برضاها أو بالإكراه لها مع وجود أوليائها مع فسق الشهود غالبا ولو لم يكن إلا إقرارهم على هذا المنكر القبيح حتى لو أن أباها أو أخاها لحقها لا يعتبرون له قولا ولا يعملون به حتى أن بعض جهالهم يقول: لو أنه خطفك لأدخلناه عليك. أفتونا مأجورين وبينوا لنا حال هذا المنكر العظيم. (أجاب) اعلم أيها المؤمن بالله واليوم الآخر أن هذا منكر بإجماع المسلمين لا يقول به أحد منهم حتى اليهود والنصارى وسائر الملل السابقة على الإسلام فإن هذا من حفظ العرض الذي هو من الكليات الخمس؛ التي هي: حفظ العرض والدين والنفس والمال والعقل، وهذه الخمس قد اتفق على حفظها جميع الملل من لدن آدم إلى سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وشريعته الغراء مصرحة بذلك من الكتاب والسنة لا نعلم أحدا من العلماء من أهل الإسلام خالف في ذلك فمن يفعل ذلك ويأخذ ابنة عمه أو غيرها ويهتك سترها هتكه الله وليس هو ممن التزم ملة الإسلام ولا من اليهود الملعونين ولا من النصارى الضالين، فعليه غضب الله ورسوله وعلى من آواه أو أدخله بلده وأعانه بكلمة واحدة، بل يجب على كل مؤمن بالله

مطلب: امرأة مطلقة بالثلاث وتزوجت بآخر وادعت أنه حللها، وأجنبي يعارضها .. إلخ

واليوم الآخر بل على اليهود والنصارى إذا علم به أن يقاتله ويخلص هذه الولية من قهره، حتى لو قاتله بشرطه وقتله فدمه هدر مثل دم الكلب؛ لأنه صائل على العرض، وعرض المسلمين واحد يجب على كل مؤمن منهم أن يدفع عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا. قاله عليه السلام في حجة الوداع كما رواه البخاري وغيره، فمن أجل الأمور حفظ أعراض المسلمين، فانظر هذا الشقي الفاسق كيف صال على عرضه وأخذ ابنة عمه وهتك عرض نفسه، بل على أعراض المسلمين صال، فمن كان مؤمنا من أمة محمد فعليه الإنكار وأن يدافع ويمانع، ثم كل من علم به يجب عليه قتاله ومنعه من هذا الفعل الخبيث الذي هو مخالف لملة الإسلام وعلى أهل البلد التي يدخلها أن يقاتلوه ويخاصموه ويمنعوه من سوء فعله وينتزعها منه ويردها إلى أهلها، فمن فعل ذلك فله الأجر العظيم والجنه العالية، ونال خيري الدنيا والآخرة وهذا هو المؤمن الموحد صاحب العرض والدين زاده الله توفيقا، ومن آواه أو انتصر له فعليه غضب الله ورسوله ولا عرض له ولا دين فهو من الخاسرين في الدنيا والآخرة، وكل من يهتك عرض المسلمين كذلك فالعقد الواقع بلا ولي مع وجوده بلا عضل أو بالإكراه باطل فللمرأة الواقع لها ذلك أن تتزوج غيره لبطلان العقد لعدم الولي أو للإكراه، والله أعلم. مطلب: امرأة مطلقة بالثلاث وتزوجت بآخر وادعت أنه حللها، وأجنبي يعارضها .. إلخ (سئل) في رجل طلق زوجته ثلاثا ثم انقضت عدتها فتزوجت بآخر فأقرت بحصول الوطء من المحلل كالميل في المكحلة، فادعى رجل أجنبي أن ذلك الإقرار لم يكن صحيحا وإنما عنت بالميل ما يكتحل به في العين وبالمكحلة ذات الكحل، فهل العبرة بقول المرأة أم بقول الرجل الأجنبي. (أجاب) حيث أقرت المرأة بحصول التحليل عمل بقولها؛ لأن ذلك لا يعرف إلا من جهتها فإن صدقها الزوج المحلل لها حلت يقينا، وإن كذبها حلت مع الكراهة إن لم يقع في قلب الرجل صدقها. قال ابن حجر ويكره تزوج من ادعت التحليل لزمن إمكانه ولم يقع في قلبه صدقها وإن كذبها زوج عينته في النكاح أو الوطء وإن صدقناه في نفيه حتى لا يلزمه مهر أو نصفه لتكذيبه في أصل النكاح تكذيبه الولي والشهود كما في الروضة فالعبرة بكلام الزوجة، وكلام الأجنبي مردود عليه فلا يعول عليه ولا ينظر إليه وإنما هو هذيان وزور وبهتان، والله تعالى أعلم. مطلب: يجوز أن يتزوج بأخت أخيه من الرضاع .. إلخ (سئل) في بنت يقال لها عفيفة وولد يقال له محمد لم يرضع محمد من أم عفيفة ولا عفيفة من أم محمد لكن أم عفيفة أرضعت أخا لمحمد وأم محمد أرضعت بنتا لأم عفيفة فهل يجوز لمحمد أن يتزوج بعفيفة. (أجاب) حيث لم ترضع عفيفة من أم محمد ولا محمد من أم عفيفة جاز له أن يتزوج عفيفة؛ لأن غايته أنها أخت أخيه

مطلب: نكاح المشرك

ومحمد أخ أختها. وقال في المنهج: ولا تحرم عليك أخت أخيك من نسب أو رضاع سواء كان أخاك لأبيك أو أخاك لأمك، والله أعلم. مطلب: نكاح المشرك (باب نكاح المشرك) مطلب: الذمي إذا أسلم مع زوجته هل يقرا على نكاحهما السابق في الكفر .. إلخ (سئل) في رجل ذمي تحته زوجة ذمية أسلمت بعد أن دخل بها فهل يفرق بينهما. (أجاب) حيث حصل الدخول بها وأسلمت الزوجة؛ فإن أسلم قبل انقضاء العدة دام نكاحه، وإن لم يسلم تنجزت الفرقة من حين الإسلام، وهي فرقة فسخ وعليه نفقتها مدة حبسها في العدة. قال في المنهج: أو أسلمت زوجته وتخلف فكردة، أي فإن كان ذلك قبل الدخول وما في معناه تنجزت الفرقة أو بعده وأسلم الآخر في العدة دام نكاحه وإلا فالفرقة من الإسلام، والله أعلم. مطلب: ذمية بالغة أسلمت وتزوجت على يد قاض فليس لأحد معارضتها .. إلخ (سئل) في ذمية بالغة عاقلة أحبت دين الإسلام فدخلت فيه وأقرت بالشهادتين على يد بينة شرعية من المسلمين من أهل بلدها يقال لهم الزغاللة، ثم إنها ذهبت لقرية أخرى واختارت رجلا مسلما فتزوجت به على يد قاضي بيت المقدس تزويجا شرعيا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب مسطور، فهل لأحد من أهل بلدها ممن أسلمت على يده أو غيرهم ممن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتعرض لها بسوء أو لمهرها أو لزوجها، وهل يجوز لمن يؤمن بالله أن يعيبها أو يدعي عيبها تبعا لأقاربها النصارى، وهل محبتها للرجل الذي تزوجت به عيب تعاب به شرعا، وماذا يترتب على من يعيبها بذلك. (أجاب) هذه المرأة نور الله قلبها وشرح صدرها للإسلام، قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} فنطقت بالدين الحق والقول الصدق {إن الدين عند الله الإسلام} فمن أعابها أو نسب لها عيبا فهو العائب وكأنه كذب الله ورسوله فهو ملعون في كتاب الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يفلح مثل هذا الرجل في الدنيا ولا في الآخرة، وهي أطهر من قول القائلين بل من كثير من المسلمين العابدين؛ لأنها خرجت من الكفر ولا ذنب عليها فهي طاهرة مطهرة منورة بنور الإسلام، ويجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يكرمها وينصرها ويعزها بعز الإسلام ومحبته في رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها دخلت في الدين القويم، فمن آذاها فقد آذى الله ورسوله، يوشك أن يأخذه، والويل له إذا أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فطرده وأهانه وتبرأ منه يوم القيامة فقد فاز بخسران مبين عند رب العالمين، فيجب على من أسلمت على يده أن ينصرها ويعينها ويكرمها لما ورد في الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك

مطلب: ذمي أسلم وزوجته كافرة على دينها، فهل يفرق بينهما أم تبقى زوجته .. إلخ

من حمر النعم، وخير ممن طلعت عليه الشمس، فإن رضي الذي أسلمت على يديه بهذا الخير الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم لم يعارضها ولا زوجها ولا أهله ولا جميع أهل بلده فله خير الدنيا والآخرة ويرجى له الخير، ويبارك الله له في المال والولد، وينصر على عدوه إن حاربه أحد، وإن خالف وعمل برأيه الفاسد واتبع هواه الكاذب وخالف ربه الواحد ونبيه الماجد فعليه الغضب وله من الله العطب وعليه الهرب وعلينا عليه الدعاء والطلب، وله من الله الدبار ومن رسوله البشارة بالنار ومن المؤمنين الموحدين العار إلى دار القرار، وقد قال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} وهذه مؤمنة يجب على كل مؤمن ومؤمنة من أخواتها أن ينصرها ويكرمها ويحميها ويدفع عنها الضرر فأولئك هم المفلحون والفائزون من الله بخير كثير، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون، ومن آذاها أو آذى زوجها أو أهله من جهتها فأولئك هم الخاسرون المعادون لله ورسوله ومن حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، وزواج الرجل بها صحيح، والمهر لها لقوله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أي عطية من الله تعالى، فما يمنعها إلا كل مخالف لله تعالى لقوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} الآية، ثم قال تعالى: {ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن} أي مهورهن، وما قال تعالى أعطوا مهورهن للزغاللة فصدق من سماهم بهذا الاسم، فالله تعالى جعل الأجور بمعنى المهور لهن من النساء المؤمنات إذا كن كافرات ثم أسلمن ولم يجعلها لأهلها الكافرين ولا للزغاللة المنافقين، فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتوب عليهم وعلى من ساعدهم خوفا عليهم من غضب رب العالمين، فاللهم أنت الشاهد الحق ودينك الحق فنحن قد بلغناهم ما علينا فإن هم تابوا ورجعوا فتب عليهم وإلا فلك جنود السماوات والأرض تسلط عليهم ما شئت من بلاء وغضب وعذاب عظيم إنك رب العالمين، فيا أيها المؤمنون الموحدون المتوجون بالعمائم البيض تيجان الإسلام فلا تبدلوها بحطام الدنيا بعمائم اليهود والنصارى فتلحقوا بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فيا أيها الشجعان ويا أيها الفرسان يا أهل المناصب والأسلحة عجوز أرمينية أو يهودية أو نصرانية لا ترضى لدينها الباطل بالدنس وكيف أنتم ترضون لدينكم الحق ولمن دخل فيه بالدنس، فإن رضيتم بذلك فلا أخسر في الأرض منكم ولا أذل ولا أحقر، فعليكم بالحق والصواب يفتح لكم الباب وتنالوا من الله حسن المآب، والله أعلم. مطلب: ذمي أسلم وزوجته كافرة على دينها، فهل يفرق بينهما أم تبقى زوجته .. إلخ (سئل) في رجل ذمي أحب دين

مطلب: لو أنفق على الزوجة مبلغا ثم ماتت ما الحكم فيه .. إلخ.

سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ودخل فيه وله زوجة ذمية نصرانية بقيت على دينها، فهل تبقى على ذمة زوجها المسلم وإن فرض أن نكاحه فاسد وهل يجوز لأحد ممن يدعي الإسلام أن ينتصر لها ولأهلها لا ويحول بينه وبينها ويتعلل عليه بما وقع في العقد من فساد النكاح كنكاحها في العدة أو بلا ولي أو بلا شهود أو يكون هو خطفها فزوجت نفسها ونحو ذلك فبين لنا الحال وأزل عنا الإشكال أدامكم الله تعالى لنصر الحق وأهله. (أجاب) قال في المنهج لشيخ الإسلام ومثله في الرملي وابن حجر: لو أسلم أي المشرك ولو غير كتابي كوثني ومجوسي على حرة كتابية تحل له ابتداء دام نكاحه لها لجواز نكاح المسلم لها، ثم قال: وحيث دام النكاح لا تضر مقارنته لمفسد زائل عند إسلام ولم يعتقدوا فساده تخفيفا بسبب الإسلام فيقر على نكاحه بلا ولي وشهود وفي عدة للغير تنقضي عند الإسلام، ومثل ذلك مسألة الخطف المذكورة حيث وكلت أو زوجت هي نفسها، لأن المراد بالمفسد عندنا الزائل عنه العقد الذي لا تضر مقارنته هو ما أجمع عليه علماء ملتنا لا غيره وذلك لأنا ننزل إسلام من أسلم بمنزلة أنه عقد يوم إسلامه وقد زال المفسد وقت الإسلام بخلاف نكاح المحارم لو فرض فإنا نحكم بفساده، لأن المفسد لم يزل، ثم قال: ونكاح الكفار صحيح وإن لم يسلموا وخص بقوله تعالى: {وامرأته حمالة الحطب} وقوله تعالى: {وامرأة فرعون} ولأنهم لو ترافعوا إلينا لم نبطله قطعا، فقد ظهر لك الحال بالنص القطعي أن زوجة هذا الرجل المسلم باقية على ذمته ولا تضر دعوى المفسد المذكور، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ويرجو شفاعة سيد الخلق له فلينصر هذا الرجل المسلم ويأخذ له زوجته ويصد كل فاجر كافر معاند عليه لعنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كان من أهل الشقاوة والنفاق الخارج من دين محمد صلى الله عليه وسلم ينصره وكان من حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، والله تعالى أعلم. مطلب: لو أنفق على الزوجة مبلغا ثم ماتت ما الحكم فيه .. إلخ. (سئل) في رجل اسمه حسين طلب من أخيه ابنته ليتزوج بها على عادة أهل البر فسمح له بها فذهب ليوسف وتزوج منه أخته بمهر معلوم، ثم إن أخا حسين واسمه حسن زوج ابنته لأخي يوسف بعقد ومهر، ثم إن حسنا ذهب إلى علوان وطلب ابنته ليجعل مهرها أيضا في مقابلة مهر زوجته أخت يوسف فسمح له بذلك ثم وكله في زواجها من أخي يوسف، ثم ماتت بنت حسن وقد اتفق حسين ويوسف أن يعينه في ثلث مهر أحد البنتين فدفع له حصة ولم يدفع الباقي لموت بنت حسن، فما الحكم الشرعي في ذلك. (أجاب) هذا الاتفاق الواقع وكذا إعطاء البنات كله باطل فلا يطالب حسين بمهر بنت أخيه وإنما

مطلب: الذمي إذا أسلم تبقى زوجته على نكاحه ولا يفرق بينه وبينها .. إلخ.

يطالب به زوجها وهو أخو يوسف لأن الصداق على من أخذ بالساق، فلما ماتت رجع لأخي يوسف نصفه في الميراث لكونها لا ولد لها والنصف الثاني لورثتها وبنت علوان ليس لها ولا لوليها أن يطالب حسينا بشيء لأن ما وقع بينهما باطل، لأن الحرائر لا يملكن بالهبة فلها أو لأوليائها مطالبة زوجها العاقد عليها بالمسمى إن كان صدر لها مسمى في العقد وإلا وجب لها مهر مثلها من نساء عصبتها كأختها وبنت عمها وعمتها، وأما أخت يوسف فلها أو لوليها أن يطالب حسينا بما وقع لها من المسمى، فإن لم يكن مسمى فلها مهر مثل عصبتها كما مر، وأما إعانة يوسف له فهو وعد لا يلزم الوفاء به، والله أعلم. مطلب: الذمي إذا أسلم تبقى زوجته على نكاحه ولا يفرق بينه وبينها .. إلخ. (سئل) في ذمي أسلم وتحته زوجة ذمية فهل تبقى على ذمته لا يجوز التفريق بينه وبينها ويجب على كل مسلم أن يساعد هذا الرجل على من يريد أن يحول بينه وبين زوجته. (أجاب) اعلم أيها المؤمن الذي يرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم له شفيعا أن زوجة هذا الرجل الذي دخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم رغبة ومحبة فيه أنها باقية على ذمته، وأنها حلال له وهو حلال لها بإجماع المسلمين حنفية وشافعية ومالكية وحنابلة ولا يحرمها عليه أحد من المسلمين، ولا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر إلا أن يكون من أنصاره وأعوانه ويقاتل القوم الكافرين، وكل من أعانهم أو ساعدهم فإنه منهم، فيا أولي الألباب يا أهل الإيمان والإسلام تتناصرون لقيس ويمن ولا تتناصرون لدين محمد صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الشرع والدين القويم، فواغوثاه وإني لكم لمن الناصحين وعليكم لمن الخائفين ولكم من المحذرين، فاتقوا الله ولا تكونوا من الغافلين فيحل بكم ما حل بغيركم من الأمم السابقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. (فصل فيما يمنع النكاح من الرق) مطلب: فصل فيما يمنع النكاح من الرق: السيد إذا زوج جاريته لعبده وهرب العبد لا يحل للسيد أن يطأها ما دامت على ذمة العبد. (سئل) في سيد له عبد وجارية، زوج عبده لجاريته ثم هرب العبد وبقيت الجارية، فهل للسيد أن يطأ الجارية، والحال أن العبد لم يطلقها. (أجاب) لا ريب أنها ما دامت على ذمة زوجها العبد لا يجوز للسيد أن يطأها لتحريمها عليه بعقده لعبده عليها وطريق حلها له أن يعتقها ثم تختار هي فسخ نكاح العبد وتنقضي عدتها من العبد وهي نصف عدة الحرة ثم يعقد عليها السيد بنكاح ومهر أو يعتقها ثم يهبها العبد فيفسخ نكاحها ثم تنقضي عدتها ثم يعقد عليها ولا يحل له بغير ذلك إلا إن ثبت موت العبد أو طلاقه لها مع انقضاء العدة فتحل له من غير عقد بملك اليمين، والله أعلم.

مطلب: فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات: ذمي عقد على امرأة وغاب مدة فزوجوها لآخر ما الحكم .. إلخ.

(فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات) مطلب: فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات: ذمي عقد على امرأة وغاب مدة فزوجوها لآخر ما الحكم .. إلخ. (سئل) في ذمتي عقد على امرأة وغاب عنها مدة ثم زوجها أهل لرجل ثان، فهل الزوجة للأول وهل يعزر المزوج والزوج. (أجاب) الزوجة للأول ويعزر المزوج لها والزوج، بل إن كان عالما بذلك يكون زانيا؛ لأن أهل الذمة يجري عليهم حكم أهل الإسلام، فإذا ارتفعوا إلينا وجب علينا أن نحكم بينهم بشرع الإسلام، والله أعلم. مطلب: زوج الأب ابنه البالغ بلا إذن منه لا يصح العقد .. إلخ. (سئل) في بالغ زوجه أبوه ببنت من غير إذن منه له في ذلك، ودفع من المهر حصة ومات، فهل للولد الرجوع بما دفع والده لكون النكاح لم يصح. (أجاب) نعم له الرجوع بما دفع والده لأن النكاح لم يصح حيث كان بالغا ولم يأذن فيه، والله أعلم. مطلب: تزوج بنتا قاصرا من أبيها ومات قبل الدخول فهل لها أن تتزوج بمن شاءت بعد البلوغ .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج ابنة من أبيها وهي قاصر ثم مات الزوج ولم يدخل بها وله أخ يريد زواجها وهي الآن بالغ لا ترضى به وأهلها كذلك، فهل إذا خطبها رجل أجنبي لها أن تتزوج به ولها مهرها وميراثها من تركة الميت. (أجاب) لما مات الزوج صارت الزوجة خلية فلها أن تتزوج بمن أرادته ولا يلزمها أنها تتزوج بأخ زوجها ولها مهرها المسمى من تركة الزوج وما بقي عنه وعن الذي لها منه الربع إن لم يكن له ولد وإلا فالثمن، والله أعلم. مطلب: الخيار في النكاح والإعفاف. (باب الخيار في النكاح والإعفاف ونكاح الرقيق) مطلب: من فارق بعيب إما منه أو منها .. إلخ. (سئل) ما الواجب على من فارق بعيب إما منها أو منه وفارقت هي أو وليها. (أجاب) اعلم أن العيب الذي يقع به الفراق منها بجنونه وجذامه وبرصه وكذلك من وليها أو منها فقط بجبه وعنته، أو منه بجنونها وبرصها وجذامها ورتقها وقرنها تارة يحدث بعد العقد والوطء فهذا يجب به المسمى لتقرره بالوطء، وتارة يقع الفسخ قبل الوطء سواء كان العيب مقارنا للعقد أو حدث بعده وقبل الوطء فلا مهر إذ لم يحصل منه ما يوجب المهر ولا ما ينصفه وكذا لا متعة، وتارة يقع الفسخ بعد الوطء فإن قارن العيب العقد أو حدث بعده فلها مهر المثل، والله أعلم. مطلب: إذا حصل للزوج جذام وثبت عند الحاكم يجوز فسخ النكاح .. إلخ. (سئل) في رجل أصابه الجذام فهل لزوجته أن ترفع أمرها لحاكم الشرع ويفسخ نكاحها أو لا. (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي جذام الرجل كان لها رفع أمرها لحاكم الشرع، فإن ثبت عنده ذلك فسخ نكاحها أو أذن لها في فسخه، والله أعلم. مطلب: لو حلف أبو الزوجة أنها لا ترد على زوجها، ما الحكم .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بكرا يدعي أنه وطئها وهي تدعي عدم الوطء فأخذها أبوها وحلف عليها بالطلاق أنها ما ترد على زوجها إلا إن حكم عليه حاكم الشرع، فما الحكم الشرعي. (أجاب) يجب على أبيها أن يردها على زوجها، ثم إن أراد أن يثبت عنة الرجل رفعه لحاكم الشرع، فإن ثبت عنده ضرب له سنة، ثم بعد السنة إن ادعى

مطلب: الزوج إذا كان به جذام، للزوجة رفع أمرها للحاكم ليفسخ نكاحها .. إلخ.

الزوج الوطء وهي عدمه وكانت بكرا أعرضت على أربع نسوة فإن شهدن أنها بكر فسخ القاضي أو هي بعد قول القاضي لها ثبت عندي حق الفسخ للنكاح، والله أعلم. مطلب: الزوج إذا كان به جذام، للزوجة رفع أمرها للحاكم ليفسخ نكاحها .. إلخ. (سئل) في امرأة بزوجها الجذام، فهل لها أن ترفع أمرها لحاكم الشرع ويفسخ نكاحها عنه أو لا. (أجاب) حيث ثبت عند حاكم الشرع أيدت أحكامه أن الرجل به الداء المذكور كان له أن يفسخ نكاحها ولها بعد ما ذكر أن تستقل بالفسخ ولكن بعد قول القاضي ثبت حق الفسخ لأن هذا من الضرر اللاحق لها فلها رفعه بذلك، والضرر يزال حتى لو كان ما بها مثل الزوج فلها ذلك وكذلك لوليها بمقارن للعقد، والله أعلم. مطلب: رجل ضرب القاضي له سنة والزوجة لم تلازمه فيها وفسخ فسخه غير صحيح .. إلخ. (سئل) في رجل ضرب القاضي لزوجته سنة ولكنها لم تلازم مسكنه جميع السنة وبعدها فسخ عليه القاضي في غيبته، فهل يصح هذا الفسخ. (أجاب) حيث لم تلازم المرأة مسكنها جميع السنة فالفسخ باطل لعدم وجود شرطه من أنه لا بد منه فيه ولو كان بنصف السنة بناء على أنه يجب استئناف سنة جديدة فالمرأة باقية على ذمة زوجها، والله أعلم. مطلب: إذا كانت الزوجة تطيق الوطء لا تمنع زوجها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج قاصرا ادعى وليها أنه لم ينفعها وحبسها عن زوجها، فهل يجب عليه أن يسلمها لزوجها. (أجاب) حيث كانت مطيقة للوطء وسلم حال الصداق لا يجوز لوليها حبسها ويلزمه تسليمها لزوجها، وأما دعوى العنة فتحتاج للرفع إلى القاضي وإثباتها ثم يضرب له سنة، وبعدها إن وطئ فهي زوجته وإلا فسخ نكاحها، والله أعلم. مطلب: من به عنة إذا صرف على زوجته شيئا بعد الفسخ يرجع عليها بما صرفه .. إلخ. (سئل) عن رجل ادعت عليه زوجته عنة وضرب لها القاضي سنة ثم فسخ النكاح بها، فهل له الرجوع عليها بما دفع لها. (أجاب) قال في المنهج وشرحه: فإن فسخ بعيبه أو عيبها قبل وطء فلا مهر لارتفاع النكاح الخالي عن الوطء وبالفسخ سواء قارن العقد العيب أم حدث بعده ولا فسخ أن العنة إنما يفسخ بها قبل الوطء فيرجع الزوج عليها بجميع ما دفع لها لأنه دفع ليستمتع بها ولم يحصل منه ذلك، والله أعلم. مطلب: لو حدث في الزوج جنون ويريد فسخ العقد ويرجع بما دفع .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بنتا بعقد صحيح ثم حدث بها بعده جنون وذلك الجنون صرع ويريد فسخ العقد فإذا انفسخ العقد وقد دفع المهر فهل له الرجوع فيه. (أجاب) نعم له فسخ النكاح بشرط حاكم أو محكم بشرطه، فإذا فسخ كان له الرجوع بجميع ما دفع لأن ذلك قبل الوطء كما صرح بذلك علماؤنا والصرع نوع من الجنون له الفسخ به، صرح به الرملي وأفتى به بعض العلماء أن الحاكم إذا كان يأخذ دراهم لما دفع بالنسبة لحال المرأة وكذلك لو لم يجد حاكما أو محكما كان له يعني الزوج في صورة فسخه ولها في صورته الاستقلال بالفسخ، كما يؤخذ ذلك من كلامهم، والله أعلم. (سئل) في رجل حصل له جذام وله زوجة دخل عليها ولها معه خمس سنين فأكثر، فهل لها فسخ نكاحها

مطلب: البنت إذا كانت تطيق الوطء لا تمنع عن زوجها .. إلخ.

ويثبت لها المسمى لأنه حدث به ما ذكر بعد الدخول بها. (أجاب) حيث كان الجذام مستحكما ثبت للزوجة الخيار وكذلك يثبت لوليها به فلكل منهما فسخ النكاح به، وإن فرض أن بالزوجة ذلك لأن الإنسان يعاف من غيره ما لا يعاف من نفسه ولأن ذلك ضرر وهو يزال ولأن به فوات كمال التمتع حتى لو رضيت الزوجة به كان لها الفسخ به لأن الضرر لاحق ولها عليه جميع المسمى، فإن قبضته فازت به وإلا كان لها الرجوع به عليه، والله أعلم. مطلب: البنت إذا كانت تطيق الوطء لا تمنع عن زوجها .. إلخ. (سئل) عن رجل تزوج بنتا بكرا مطيقة للوطء وكلما طلب منها الوطء امتنعت وصاحت عليه فيتركها حياء من جيرانه، وأهلها يدعون عليه أنه لم ينفعها ويريدون فسخ نكاحها منه، فهل لهم ذلك. (أجاب) يجب على البنت أن تمكن زوجها من نفسها ولا يجوز لها الامتناع منه، فإن امتنعت كانت ناشزة ولا نفقة لها ولا كسوة، وورد في الحديث الصحيح: أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وليس لأهلها فسخ نكاحها بذلك، والله أعلم. مطلب: العنين إذا ضرب له القاضي سنة يلزم الزوجة أن تلازمه وإلا يعاد له الأجل .. إلخ. (سئل) عن رجل تزوج بكرا فادعت عنته، فضرب لها القاضي سنة فاعتزلته بعضها عند أبيها وبعضها عنده مفرقا ثم صار عليها دعوى أخرى فقيل له عليك الطلاق إن لم تطأها في ثلاثة أشهر تكون طالقة بالثلاث فقال الزوج نعم والزوج يدعي أنه وطئ فيها والزوجة تدعي أنها بكر فمن المصدق منهما. (أجاب) إن شهد أربع نسوة ثقات ببقاء بكارتها ولم تكن غوراء وإلا فيجب تحليفها، فإذا حلقت صدقت وإن لم تحلف أو لم يشهد أربع نسوة ببقاء البكارة أو كانت غوراء فيصدق الزوج بيمينه لأن الأصل بقاء العصمة، هذا كله بالنظر للعنة وإلا فمن حيث تعليق الطلاق فما ذكر كناية، وهي لا بد لها من النية فحيث لم ينو إيقاع الطلاق فلا يقع عليه ولا بد من مضي السنة وهي مسلمة نفسها للزوج، فإن اعتزلته كلها أو بعضها المذكور وجب استئنافها، كما يعلم ذلك من صريح كلامهم، والله أعلم. مطلب: إذا ادعت الزوجة بغض الزوج لا يجوز لأحد أن يسعى في طلاقها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة ودفع مهرها ودخل عليها ووقع بينه وبينها بغضة وهي تقول: لا أريده وأهلها يدعون أن قاضيا أعطاهم عفي فسخ نكاحها فهل يفسخ نكاحها والحالة هذه. (أجاب) لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسعى في فسخ نكاح هذه المرأة وإن فسخ لا يصح باتفاق العلماء، وإن وقع ذلك من قاض أو غيره فهو رد عليه لأنه خلاف الشرع القويم، ويجب على المرأة الدخول في طاعة زوجها، ولا يجوز لها الخروج عن طاعته، فإن خرجت عنها فإنها عاصية مرتكبة كبيرة تلعنها الملائكة حتى تصبح؛ لما ورد في الحديث الصحيح: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تصبح. وفي رواية: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها فتأبى عليه إلا كان الذي

مطلب: العنين إذا أجل سنة والزوجة سلمها أهلها له يومين أو ثلاثة أيام ثم أخذوها، فهل تحسب من السنة أم لا .. إلخ.

في السماء أي أمره وسلطانه ساخط عليها حتى يرضى عنها زوجها. وفي الحديث: لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. ويجب على كل مؤمن ولا سيما محارمها أن يأمروها بطاعة زوجها وتسليم نفسها له ولا يجوز لها مخالفته بوجه، والله أعلم. (سئل) في رجل عنين ثبتت عند القاضي عنته واختارت زوجته الفسخ قبل الوطء وفسخ نكاحها، فهل للعنين الرجوع بما دفعه لأبيها من الصداق. (أجاب) هذا السؤال ناقص وضرب له سنة ثم بعدها لم يحصل منه وطء وثبت ذلك عند القاضي وأذن له بالفسخ فإذا وجد هذا الذي زدناه وفسخ النكاح فلا مهر لها. قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام بعد ذكر العيوب: فإن فسخ بعيبه أو عيبها قبل وطء فلا مهر لارتفاع النكاح الخالي عن الوطء بالفسخ، سواء قارن العيب العقد أم حدث بعده .. انتهى. فإذا علمت ذلك علمت أن للزوج الرجوع بجميع ما دفعه لأبيها، والله أعلم. مطلب: العنين إذا أجل سنة والزوجة سلمها أهلها له يومين أو ثلاثة أيام ثم أخذوها، فهل تحسب من السنة أم لا .. إلخ. (سئل) في رجل معه زوجة ادعى عليه أهلها عند حاكم الشرع أنه عنين، فضرب له سنة فسلموها له ليلتين أو ثلاثا ثم أخذوها، فهل تحسب عليه من السنة أو لا. (أجاب) يجب على المرأة أن تسلم نفسها للزوج سنة كاملة ويجب على أهلها أمرها بذلك. قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: ولو اعتزلته ولو بعذر كحبس أو مرضت المدة كلها لم يحسب؛ لأن عدم الوطء يضاف إليها، فتستأنف سنة أخرى. وقال: قيل تعذر الجماع قد يكون بعارض حرارة فيزول في الشتاء أو برودة فيزول في الصيف أو يبوسة فيزول في الربيع أو رطوبة فيزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولم يطأ علمنا أنه عجز خلقي فلا بد من تسليم المرأة للزوج الفصول الأربعة، والله أعلم. مطلب: ما دام الرجل ينتشر ذكره يجب على الزوجة أن تسلم نفسها له .. إلخ. (سئل) عن رجل به طلع بين ذكره وأنثييه لا يمنعه ذلك من الوطء، فهل لزوجته أن تفسخ نكاحه بذلك، وهل يجب عليها أن تسلم نفسها له فإذا لم تسلم تسقط نفقتها وكسوتها. (أجاب) حيث كان ذكره ينتشر ويمكن معه الوطء فلا فسخ لزوجته بذلك، ويجب عليها أن تسلم نفسها له ليلا ونهارا أو تلتزم منزله، فإن خرجت بغير إذنه صارت ناشزة ولا شيء لها من كسوة ونفقة لنشوزها، والله أعلم. مطلب: زوجة العنين المؤجل له سنة إذا هربت أو أخذها أهلها لا تحسب تلك الأيام من السنة .. إلخ. (سئل) في زوجة العنين المؤجل لها سنة إذا هربت أو أخذها والدها وحبسها، هل تحسب تلك الأيام أم لا، وهل يجب عليه أن يسكنها في بيت له غلق على حدة خال عن أهله وأهلها. (أجاب) قال في المنهج وشرحه: ولو اعتزلته ولو بعذر كحبس أو هربت المدة كلها لم تحسب لأن عدم الوطء حينئذ يضاف إليها فتستأنف سنة أخرى ولو وقع لها ذلك بعد البينة وزال. قال الشيخان: فالقياس استئناف سنة أخرى، والله أعلم. (سئل) في رجل عنين معه زوجة لها مدة لم ينفعها أصلا ثم إن أهلها كفلوا عليه

مطلب: الزوج لم يصل بالوطء لزوجته من نحو ثمان سنين لعنته وهو مقر بذلك، فهل يلزمه فسخ القاضي أو لا .. إلخ.

رجلا إن لم ينفعها يأخذها منه، ثم مضت المدة، فهل لهم أخذها وتزويجها لغيره. (أجاب) حكم الشرع أن يترافعا إلى قاض ثم يضرب له سنة بشرط ملازمتها منزله حتى لو اعتزلته ولو بعذر كحبس أو مرضت المدة كلها لم تحسب لأن عدم الوطء حينئذ يضاف إليها فتستأنف سنة أخرى، وإنما ضربت السنة له لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعله، رواه الشافعي وغيره وتابعه العلماء عليه، وقالوا: تعذر الجماع قد يكون لعارض حرارة فيزول في الشتاء، أو برودة فيزول في الصيف، أو يبوسة فيزول في الربيع، أو رطوبة فيزول في الخريف، فإذا مضت السنة ولم يطأ علمنا أنه عجز خلقي، حرا كان الزوج أو عبدا، مسلما كان أو كافرا .. انتهى شيخ الإسلام زكريا. وما وقع بينهما من غير حكم القاضي من التراضي والكفالة باطل بإجماع المسلمين، ولا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يأخذها من زوجها بذلك أو يزوجها لغيره، فإن فعل فهو باطل عند جميع المسلمين ويجب على جميع المسلمين أن ينهوا الفاعل، والله أعلم. مطلب: الزوج لم يصل بالوطء لزوجته من نحو ثمان سنين لعنته وهو مقر بذلك، فهل يلزمه فسخ القاضي أو لا .. إلخ. (سئل) في بنت لها مع زوجها نحو ثمان سنين لم ينفعها أصلا وهو مقر بذلك وأخذ امرأة قبلها ولم ينفعها أصلا لأنه عنين، فما الحكم الشرعي في ذلك. (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الباري وشرطه في الفسخ بعنة وغيرها مما رفع لقاض لأنه مجتهد فيه كالفسخ بالإعسار وتثبت عنة الزوج بإقراره عند القاضي لا عند شاهدين شهدا به عنده وبيمين ردت عليها لإمكان اطلاعها عليها ولا يتصور ثبوتها بالبينة لأنه لا اطلاع للشهود عليها ثم بعد ثبوتها ضرب له القاضي سنة فإذا مضت السنة ثبت الفسخ بعد الرفع للقاضي، فإن قال وطئت في السنة أو بعدها وهي ثيب ولم يصدق حلف أنه وطئ، فإن نكل عن اليمين حلفت أنه ما وطئ، والله تعالى أعلم. مطلب: كتاب الصداق. (كتاب الصداق) (سئل) في رجل تزوج امرأة وتعهد بمهرها لرجل وماتت قبل الدخول بها، فما الواجب عليه شرعا، وهل للرجل المتعهد له طلب غير الواجب شرعا. (أجاب) الزوج له من المهر النصف إرثا من زوجته حيث لا ولد والنصف الثاني لورثتها غيره يسقط النصف عن الزوج ويبقى عليه النصف فليس للرجل المتعهد له ولا لغيره من الورثة طلب غير النصف والله أعلم. (سئل) في رجل عقد على ثيب بمهر قدره مائتان وخمسون قرشا وزوج ابنة عمه لآخر، ويريد أن يجعل مهر ابنة عمه مهرا لزوجته فهل يجوز ذلك. (أجاب) لا يجوز ذلك بل مهر كل واحدة من الثيب والبكر لها لا يصح أن يكون مهرا لغيرها، والله أعلم. مطلب: كل من رجلين عقد على أخت الآخر بصداق معلوم يلزم كلا الصداق .. إلخ. (سئل) في رجلين

مطلب: رجل طلق زوجته بعد الدخول بها وادعى أنها أبرأته من المهر وثبت أنها سفيهة، فهل إبراؤها باطل أم لا .. إلخ.

عقد كل منهما على أخت الآخر بصداق معلوم من أبويهما، ودخل كل منهما بزوجته، فهل يلزم كلا منهما دفع الصداق لزوجته أو يلزم أبويهما. (أجاب) الصداق على من أخذ بالساق لا على الوالد الذي جاء بولده المشاق، والله ولي الميثاق. مطلب: رجل طلق زوجته بعد الدخول بها وادعى أنها أبرأته من المهر وثبت أنها سفيهة، فهل إبراؤها باطل أم لا .. إلخ. (سئل) في رجل عقد على امرأة بمهر معلوم ودخل بها ثم طلقها، وادعى أنها أبرأته من المهر، والحال أنها سفيهة، فهل والحالة ما ذكر تصح براءتها، وهل يجب لها عليه المتعة زيادة عن المهر المذكور. (أجاب) المصرح به أن إبراء السفيهة باطل فلوليها الرجوع في مهرها على الزوج، والمطلقة المدخول بها لها متعة، وهي ما تراضيا عليه، وإلا قدرها قاض، وسن أن لا تنقص عن ثلاثين درهما أو قدر قيمتها ولا تبلغ نصف المهر، قال النووي: وينبغي إشاعتها بين النساء ليعرفنها، والله أعلم. مطلب: ماتت عن زوجها وأمها وأبيها ماذا يخص كلا منهم .. إلخ. (سئل) عن بنت تزوجها رجل من أبيها بثلاثمائة قرش ثم ماتت قبل الدخول بها عن زوجها وأمها وأبيها، فما يخص كل واحد منهم من هذا المخلف. (أجاب) المقرر في الفقه أن الموت يقرر المهر على الزوج ويصير بعد موت البنت ميراثا، للزوج منه النصف مائة وخمسون، وللأم ثلث الباقي وهو خمسون، وللأب الباقي وهو مائة، والله أعلم. مطلب: مهر الزوجة لها لا لقريبها ولا لعمها .. إلخ. (سئل) فيمن تزوج امرأة وعليه مهرها، فهل هو للزوجة أو لقريبها كالعم ونحوه. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن جميع المهر يكون للنساء لا شيء منه للأقارب بوجه، فمن استحل ذلك من الأقارب فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أي عطية من الله تعالى، لأن كلا من الزوجين يستمتع بصاحبه فيكون المهر محض فضل من الله تعالى، والله أعلم. مطلب: بنت خاله أراد أن يزوج بها بنتا لولده وجعل لخاله ألفا بدلا عنها، فهل لا يصح هذا الجعل .. إلخ. (سئل) عن رجل له خال له بنت طلبها منه ليتزوج بها بنتا لولده فسمح له بها فقال له في الجواب: لك ألف بدلها ثم زوجها بالغة عاقلة لرجل بمائة، فهل له طلب الألف من ابن أخته. (أجاب) ما وقع بين الخال وابن أخته من دفع البنت له ليتزوج بها لابنه ودفع الألف له جزاء باطل شرعا باتفاق العلماء وحيث رضيت الزوجة بالمائة وهي بالغة عاقلة أو كانت مهر مثلها فليس لها غيرها، وعلى كل حال ليس للخال معارضة لابن أخته بحال، والله أعلم مطلب: خطب بنتا وادعى أنه دفع لأبيها شيئا من المهر ومات أبوها وأنكرت، فهل له الرجوع على تركة الميت أم لا .. إلخ. (سئل) في رجل خطب من قريب آخر بنتا ويدعي أنه دفع من مهرها حصة ثم مات المخطوب منه والبنت تنكر ولم يخلف الميت شيئا ومضى على ذلك نحو ثلاثين سنة، فهل له أن يطالب قريبه الوارث أو غيره. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا وجه للرجل يطالب به القريب، سواء كان وارثا أو غيره لأمور لا تخفى على ذي بصيرة، والله أعلم. مطلب: لو اختلف الأب والزوج في المهر وكان مهر المثل يشهد للزوج فعليه ما ادعاه .. إلخ. (سئل) في رجل عقد على بنت بمائة وأربعين قرشا وهي مهر مثلها

مطلب: إذا اتفق على أن يعطيه أخته والآخر يعطيه بنته فماذا يجب للزوجتين .. إلخ.

وكان قد اتفق مع أبيها على مائة وسبعين ثم ماتت ولها أيضا ما يورث فما الذي يتقرر مما ذكر. (أجاب) بالموت يتقرر المهر على الزوج وحيث كان ما ذكر من المائة والأربعين هي مهر مثلها فهو الواجب وتضم إلى ما خلفتة من التركة فللزوج منه النصف حيث لا ولد والباقي لورثتها غير الزوج، والله أعلم. مطلب: إذا اتفق على أن يعطيه أخته والآخر يعطيه بنته فماذا يجب للزوجتين .. إلخ. (سئل) في رجل له أخ ولأخيه بنت اتفق معه أن يعطيها له يتزوج بها فتتزوج أخوه امرأة بمهر معلوم وتزوج بنت أخيه أخو زوجته، فما الحكم الشرعي. (أجاب) الحكم في ذلك أن الأخ يلزمه مهر زوجته الناكح هو لها لأن الصداق على من أخذ بالساق، ومهر بنت الرجل يلزم زوجها الناكح لها كما ذكر ولا عبرة بما وقع من الاتفاق لأن الحرائر لا توهب، والله أعلم. مطلب: المرأة إذا بقي لها من المهر شيء هل لها أن تحبس نفسها حتى تقبض بقية المهر أم لا .. إلخ. (سئل) عن امرأة دخل بها زوجها ولها عليه بقية من صداق فهل لها أن تحبس نفسها عن زوجها. (أجاب) ليس لها أن تحبس نفسها عن زوجها فإن امتنعت ولم تسلم نفسها كانت عاصية لله ورسوله وكانت ناشزة ويسقط به مؤنتها، وعلى الحاكم ردها لزوجها ولطاعته ويثاب على ذلك، والله أعلم. مطلب: الزوج إذا لم يكن عند العقد قادرا على المهر الحال فالعقد باطل .. إلخ. (سئل) في ولد قاصر عقد على بنت رجل قاصر من أبيها ثم بلغ الصبي ودفع من المهر شيئا هو وولده ثم مات الولد، والحال أنه حال العقد لم يملك شيئا، فهل يكون هذا العقد صحيحا يستقر به المهر أم لا. (أجاب) هذا العقد باطل من وجوه، أحدها كون الولد غير بالغ، فإن عقده فاسد، الثاني من شروط صحة زواج الأب بالإجبار كون الزوج قادرا على مال الصداق ولا عبرة بما دفعه الولد والوالد بناء على صحة العقد إذ لا عبرة بالظن البين خطؤه، والله أعلم. مطلب: رجل ذمي تزوج بنتا قاصرة ومات فهل يؤخذ المهر من تركته .. إلخ. (سئل) في رجل ذمي تزوج ابنة قاصرا من أبيها ثم مات الزوج عن غير ولد وله إخوه ورثة، فهل يتقرر عليه المهر وترث منه. (أجاب) نعم يتقرر المهر على الزوج عندنا وعند الحنفية فإن قبضته الزوجة فازت به وإلا فلها الرجوع به على التركة إن خلف تركة، وما بقي بعد المهر والدين إن كان فلها منه الربع لأنها زوجة لا ولد لزوجها، والله أعلم. مطلب: إذا كان الزوج غير قادر على المهر الحال وقت العقد وكانت البنت بكرا ولو المزوج لها أبوها أو جدها فالعقد باطل .. إلخ. (سئل) فيما إذا كان الزوج غير قادر على حال الصداق حال العقد، هل يصح نكاحه وهل فيه خلاف. (أجاب) هذا السؤال فيه تفصيل: فإن تزوج بكرا بالإجبار بأن زوجها الأب أو الجد فيشترط أن يكون الزوج قادرا على حال الصداق، وهذا شرط من شروط أربعة للصحة، والثاني أن لا يكون بينها وبين الولي عداوة ظاهرة، والثالث أن لا يكون بينها وبين الزوج عداوة، والرابع يزوجها المجبر من كفء، وثلاثة شروط لجواز الإقدام: أن يكون بمهر المثل، وأن يكون من نقد البلد، وغير المجبرة لا يشترط لها

مطلب: في رجل زوج ابنته بألف وجعل في نظيرها خدمته لأبيها طول حياته وامتنع الآن.

هذه الشروط لأن الإذن والرضا فيها معتبر ولا نعلم خلافا في ذلك والله أعلم. مطلب: في رجل زوج ابنته بألف وجعل في نظيرها خدمته لأبيها طول حياته وامتنع الآن. (سئل) في رجل زوج ابنته لرجل بألف قرش وجعلها في نظير خدمته لأبيها إلى أن يموت الزوج فدخل بها وخدمه مدة من السنين، والآن الزوج ممتنع من الخدمة فهل للأب أن يأخذ الألف قرش مهر ابنته ويلزم الزوج الخدمة للموت وإذا قلتم الشرط يلغو ويلزم المهر المسمى، فما حكم خدمة الزوج المدة الماضية من السنين وهل للأب مطالبة فيما أنفقه على الزوج وزوجته وأولاده مدة الخدمة. (أجاب) حيث وقع شرط خدمة الزوج للأب إلى موته في العقد وجب فيه مهر المثل وهو ما يرغب به في مثلها عادة مع ما يراعى في الأهل والعشيرة ويرجع فيه لنساء عصبتها كأختها وعمتها وبنت أخيها لا أمها وخالتها فإنهما لسن من نساء العصبة والواجب من المهر للزوجة لا لأبيها، وللزوج الرجوع على الأب بما يقابل خدمته بأجرة المثل، وأما طعمة الأب له ولزوجته وأولاده فإن كانت لأجل الخدمة المشروطة وشرطت أيضا أو دل عليها قرينة فيما جرت به العادة من طعمة الأجير فلا رجوع به وما زاد أو كان لغير الأجير كالأولاد والزوجة فله به الرجوع وإن لم يشرط ولم تدل عليها قرينة أو قصد التبرع بها فلا رجوع له بها، والله أعلم. مطلب: في رجل تزوج امرأة من أبيها ودفع له مهرها ومات .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة من أبيها ودفع له مهرها ثم مات ومضى على ذلك نحو عشرين سنة وكان لها أخ صغير ثم كبر ويدعي الآن أن مهر أخته باق ما قبض وهي مقرة معترفة أنها لا حق لها قبل زوجها فهل يعمل بقول أخيها. (أجاب) حيث ما أقرت المرأة بوصول حقها فليس للأخ معارضة بوجه من الوجوه لأن الحق لها وإقرارها سار عليها فلا يكلف الزوج معه إلى بينة، وأما الأخ فدعواه باطلة لا يعمل بها بوجه من الوجوه فيجب رده عن باطله الذي هو عليه والله أعلم. مطلب: في رجل زوج ابنته من آخر على صداق خمسمائة قرش ثم أسقط عن الزوج منه قدرا .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنته من آخر على صداق قدره خمسمائة قرش ثم إن أبا الزوجة قال للزوج: أسقطت عنك مائتين من الخمسمائة على يد بينة فهل يصح هذا الإسقاط. (أجاب) حيث وقع العقد على المال المذكور بحضور الشهود ولم توكل البنت أباها في الإبراء من المائتين للزومها له بالعقد ولم يحصل ما يسقطهما فيجب على الزوج دفعهما لها والله أعلم. مطلب: في رجل دفع لآخر شيئا لأجل أن يزوجه ابنته ثم حصل إعراض. (سئل) في رجل دفع لآخر شيئا لأجل أن يزوجه ابنته ثم حصل إعراض من أب البنت فهل يلزمه رد ما أخذه من الرجل الذي كان مراده أن يتزوج. (أجاب) يجب على أب البنت القابض لما ذكر أن يرد على الزوج ما أخذ منه لأنه إنما دفع لأجل العقد ولم يحصل له فله الرجوع بما دفع، صرح به ابن حجر قبيل الوليمة، والله أعلم.

مطلب: امرأة بالغة ليس لها ولي يزوجها إلا أخ قاصر .. إلخ.

مطلب: امرأة بالغة ليس لها ولي يزوجها إلا أخ قاصر .. إلخ. (سئل) في امرأة بالغة ليس لها ولي يزوجها إلا أخ قاصر عن درجة البلوغ، فهل إذا وكلت أجنبيا يزوجها ممن تريد، فهل هو صحيح نكاحها. (أجاب) مثل هذه المرأة وليها القاضي يزوجها لمن أحبت وأرادت، فإن لم يكن بالبلد قاض أو كان يأخذ دراهم لها وقع كان لها أن تفوض أمرها لرجل عدل مع خاطبها فيزوجها العدل لخاطبها الذي أرادته، والله أعلم. مطلب: امرأة تزوجها رجل ثم طلقها ولها عليه المهر .. إلخ. (سئل) عن امرأة تزوجها رجل ثم طلقها ولها عليه المهر المتقدم والمتأخر وهو قادر على وفائه لأن له عقارا، فهل يباع عليه العقار ويقضي منه مهرها، أو يقسط عليه المهر بحسب حاله. (أجاب) حيث كان الزوج قادرا على وفاء الصداق وغيره من الدين بعقار أو غيره وجب عليه وفاؤه تعجيلا لبراءة ذمته لأنه قادر على الوفاء والله أعلم. مطلب: رجل تزوج امرأة قبل النداء على المعاملة بتغييرها بالنقص .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة قبل النداء على المعاملة بتغييرها بالنقص، ومن عادة نسائها يأخذن بالبعض عروضا والبعض نقدا، وبقي على الزوج حصة من المهر نقدا وعرضا، فهل الواجب عليه باعتبار ما كان قبل النداء أم بعده. (أجاب) الواجب في المهر وغيره من سائر العقود ما كان موجودا حال عقد النكاح لأنه هو المراد للزوجين المعهود في أذهانهما فتأخذا النقد باعتبار ما كان يتعامل به قبل النداء وتأخذ العرض بحسابه، والله أعلم. مطلب: رجل له بنت قاصر وله ابن عم فقير كبير السن أراد زواجها .. إلخ. (سئل) في رجل له بنت قاصر وله ابن عم فقير كبير السن أراد زواجها منه فحلف أبوها بالطلاق الثلاث أنه لا يأخذها منه، فهل يصح زواجه. (أجاب) حيث كان الزوج فقيرا لا يقدر على حال الصداق لا يصح زواج الأب حيث زوجها بالإجبار لأن شرط زواج الأب للبكر بالإجبار؛ أن يكون الزوج موسرا بحال الصداق، ولا عداوة بين الزوج والزوجة والزوج مطلقا، ولا بينها وبين الأب ظاهرة، وأن يكون الزوج كفئا لها، هذا وإن لم يحلف فلو عقد عليها والحاله ما ذكر فعقده باطل، وإن عقد مع وجود الشروط طلقت زوجته، والله أعلم. مطلب: رجل خطب من آخر ابنته فأذعن له بها ثم دفع له من مهرها جملا .. إلخ. (سئل) عن رجل خطب من آخر ابنته فأذعن له بها ثم دفع له من مهرها جملا بمائة وستين قرشا، ثم مات الرجل فمكث الجمل عنده نحو ثلاث سنين فامتنع ولد الرجل عن زواجها ورد عليه الجمل معيبا، فما الحكم الشرعي. (أجاب) حيث لم يجر عقد فيرجع الزوج في الجمل وأجرته هذه المدة وفيما نقصه العيب منه بأن يقوم يوم الدفع ويقوم اليوم فيرجع الزوج في النقص وفي أجرته هذه المدة وإن لم يستعمله الأب ولا الولد لأنه حبسه عن مالكه وفي الدراهم إن وجدت وإلا فقيمة المتقوم ومثل المثلي، والله أعلم. مطلب: تزوج بنت رجل ودخل بها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بنت رجل ودخل بها مدة ومات عنها وخلف ما يورث عنه شرعا ودفع لها من مهرها حصة وبقي عليه

مطلب: رجل له ابن عم وله ابنة قاصرة طلب زواجها .. إلخ.

من مهرها ثلاثمائة قرش وستون، فهل لوارثه أن يرجع عليها بما قبضت من المهر، أم ترجع بالباقي من مهرها وترث منه. (أجاب) ما قبضته الزوجة فهو حقها بإجماع المسلمين لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يطلبها به عند جميع المسلمين بل وغيرهم أيضا، وأما هي فتطلبه ببقية مهرها الذي في ذمة الزوج ولها ذلك إجماعا بلا خلاف بل لها ذلك بمجرد العقد ولو لم يدخل بها الزوج فإذا وفيت بقية المهر المذكور وكذلك الدين إن كان عليه ثم إذا فضل بعد ذلك شيء كان لها الربع إن لم يكن له ولد وإلا فلها منه الثمن، فهذا سيف الله يقطع به كل معاند ومخالف وهو من الخاسرين، والله أعلم. مطلب: رجل له ابن عم وله ابنة قاصرة طلب زواجها .. إلخ. (سئل) في رجل له ابن عم وله ابنة قاصرة طلب زواجها منه وذكر له مهر البنت بينهم بمائة فزوجها له بذلك اعتمادا على قوله، ثم ظهر أنه أكثر مما ذكر فهل الواجب لها مهر عصبتها أم ما وقع عليه العقد. (أجاب) صرح أئمتنا متونا وشروحا أن القاصر إذا زوجت بدون مهر المثل وجب لها مهر المثل فيجب للبنت القاصر المذكورة مهر مثلها من عصبتها كأختها وبنت أخيها وبنت عمها وعمتها والله أعلم. مطلب: رجل له بنت زوجها لآخر والآخر له أخت .. إلخ. (سئل) في رجل له بنت زوجها لآخر والآخر له أخت زوجها لابن عم المزوج لابنته لها ولم يذكر لواحدة منهما مهر، فما الواجب لكل منهما وهل العقد صحيح. (أجاب) عقد النكاح لا تتوقف صحته على ذكر المهر بل يصح النكاح وإن لم يذكر المهر، فيجب لكل واحدة منهما مهر عصبتها كالأخت وبنت الأخ وبنت العم والعمة والله أعلم. مطلب: رجل اتفق مع رجل على أن يزوجه بنته وقرءوا فاتحة .. إلخ. (سئل) عن رجل اتفق مع آخر على أن يزوجه ابنته وقرءوا فاتحة على ذلك وذبحوا رأسا من الغنم ولم يقع عقد ودفع لأبيها حصة من المهر ثم ماتت البنت فهل له الرجوع بما دفع له. (أجاب) حيث لم يصدر عقد نكاح بينهما فله الرجوع بجميع ما دفع لأبيها لأنه دفع بناء على حصول العقد له ولم يحصل والله أعلم. مطلب: رجلان زوج كل منهما بنته لابن صاحبه .. إلخ. (سئل) عن رجلين زوج كل منهما بنته واحدة منهما لابن صاحبه والثانية لابن عم صاحبه ماتت زوجة الابن قبل الدخول بها فأخذ أبو الولد مائة قرش من زوج ابنته الذي هو ابن عم الرجل تسمى عند أهل البر نقيصة ثم مات ابن العم بعد الدخول بزوجته فهل لورثته الرجوع بالمائة قرش التي أخذت نقيصة. (أجاب) نعم لورثة ابن العم الرجوع على أب الولد بالمائة قرش التي أخذها نقيصة لأنها باطلة شرعا لا يعمل بها من كان يؤمن بالله واليوم الآخر والله أعلم. مطلب: رجل عقد على قاصر بعقد وليها له المجبر .. إلخ. (سئل) عن رجل عقد على قاصر بعقد وليها له المجبر بقلعة خان يونس، فهل لزوجها نقلها إلى مصر فإن امتنع وليها أو هي بعد بلوغها تكون ناشزة تسقط نفقتها أو كسوتها.

مطلب: رجل عقد على قاصر بعقد والدها له ولم يدخل بها وغاب .. إلخ.

(أجاب) نعم للزوج نقل زوجته من خان يونس لمصر ولغيرها كما صرح بذلك أصحابنا في كتبهم، من ذلك قول القفال في فتاواه: إذا دفع لامرأة صداقها فليس لها الامتناع من السفر معه حتى قال ابن الصلاح: له نقل زوجته من الحضر إلى البادية وإن كان عيشها خشنا، لأن لها عليه نفقة مقدرة لا تزيد ولا تنقص، وأما خشونة عيش البادية فيمكنها الخروج منه بالإبدال .. انتهى. ولعل كلام ابن الصلاح في بادية مضبوطة ومن النشوز أيضا امتناعها من السفر معه ولو لغير نقلة كما هو ظاهر لكن بشرط أمن الطريق والمعقد وأن لا يكون السفر في البحر المالح إلا إن غلبت فيه السلامة ولم يخش من ركوبه ضرر يبيح التيمم أو يشق مشقة لا تتحمل عادة .. انتهى. إذا علمت ذلك علمت أن الزوج المذكور له نقل زوجته بشرط المار فإن امتنعت سقط واجبها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل عقد على قاصر بعقد والدها له ولم يدخل بها وغاب .. إلخ. (سئل) عن رجل عقد على قاصر بعقد والدها له ولم يدخل بها وغاب عنها فهل عليه لها نفقة وكسوة ونحوهما. (أجاب) حيث كان صغير لا توطأ أو كانت تحتمله ولم تعرض على الزوج منها إن كانت بالغة أو من وليها إن لم تكن أو كانت مجنونة فلا نفقة ولا كسوة لأن العقد أوجب المهر فلا يوجب غيره لأن العقد لا يوجب عوضين مختلفين وإنما لم تجب للصغيرة لتعذر الوطء لمعنى فيها كالناشزة بخلاف الصغير إذ المانع من جهته، والله أعلم. مطلب: في والد زوج بنته القاصر لها نحو ست سنين زواجا شرعيا ثم مات .. إلخ. (سئل) في والد زوج ابنته القاصر لها نحو ست سنين زواجا شرعيا ثم مات الزوج عن غير ولد فهل يقر لها المهر وترث منه. (أجاب) بموت الزوج تقرر للزوجة المهر جميعا اتفاقا من الشافعي ومن الحنفي فيؤخذ من تركته إن وجد له تركة وما بقي فللزوجة منه الربع بعد وفاء الديون إن كانت عليه وديون التجهيز، والله أعلم. مطلب: رجل تزوج من آخر ابنته على صداق معلوم ثم طالبه به .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج من آخر ابنته على صداق معلوم ثم طالبه به فقال له: أدفع لك به شجر زيتون فتوجه معه للشجر فوقع بينهما نزاع وخلاف فيما يدفع له ولم يحصل بينهما عقد ولا بيع شرعي، ثم إن أبا البنت باع الزيتون جميعا لرجل آخر من غير علم مالكه وإذنه وإذن ابنته التي هي الزوجة واستغله المشتري سنتين لأنه في غير قريته التي هو فيها، وكان قد ظهر بالبلاد جراد فقيل له: إن الجراد أكل زيتونك فتركه بناء على ذلك، فما الحكم الشرعي. (أجاب) لا ريب أن ما وقع من أب البنت باطل من وجهين متعاقبين إن ثبت أولهما بطل البيع بالثاني الأول عدم وقوع عقد بين صاحب الزيتون وأب البنت برضاها شرعي ينبني عليه الأحكام، الثاني عدم إذن من البنت الكاملة لأبيها لو فرض صحة العقد لها وقد علم بطلانه فظهر أن الزيتون لمالكه ويرجع في غلته السنتين المذكورتين

مطلب: مهر السر مقدم على مهر الجهر أم لا .. إلخ.

ويبقى مهر البنت لها عند زوجها تطالب به زوجها، والله أعلم. مطلب: مهر السر مقدم على مهر الجهر أم لا .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بنتا بالغة من أخيها بمائة قرش بشهود بذلك وعقد عليها بذلك ثم إنه ذكر خمسمائة تجملا بين الناس فما المعول عليه. (أجاب) هذه المسألة ذكرها أئمتنا في المتون هي أن المعتبر ما وقع عليه العقد، وعبارة متن المنهج لشيخ الإسلام: ولو ذكروا مهرا سرا وأكثر منه جهرا لزم ما عقد به اعتبارا بالعقد فلو عقد بألف سرا ثم أعيد جهرا بألفين تجملا لزم ألف .. انتهى. والله أعلم. مطلب: رجل زوج بنته لآخر بمائتين وعشرة قروش على أن يزوجه أخته ولم يزوجها له .. إلخ. (سئل) في رجل له بنت زوجها لآخر بمائتين وعشرة قروش، وصار الاتفاق على أن يزوج الآخر أخته، ثم إنه غدر وزوجها لغيره، فهل له أن يطالبه بمهر ابنته على ما وقع عليه العقد. (أجاب) نعم على الرجل العاقد على البنت المذكورة جميع المهر الذي وقع عليه العقد وهو المائتان والعشرة، فإن فرض أنه طلقها قبل الدخول بها لزمه نصف المهر مائة وخمسة قروش. والله أعلم. (سئل) عن رجل عقد على امرأة ولم يدخل بها ثم غاب عنها مدة فادعت عليه أنه معسر بنفقتها الواجبة لها ورفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي وفسخت عنه وكان قد دفع لها مهرها، فهل له الرجوع فيما دفعه لها أو لا. (أجاب) نعم له الرجوع في كل ما دفعه من مهر وغيره مما لم يقصد به تبرعا، وقد صرح ابن حجر والرملي وغيرهما بأن الفسخ إذا كان قبل الوطء منها أو بسببها يسقط المهر أي فلا مهر لها، ثم إن كان باقيا في ذمته فلا طلب لها عليه، وإن كان قد قبضته فله الرجوع عليها به وعد من الذي منها فسخها بعيبه أو بإعساره، فحيث فسخت الزوجة بإعسار الزوج وصححناه فله الرجوع عليها بجميع ما دفع؛ لأنه إنما دفع لتسلم له الزوجة ولم تسلم، والله أعلم. مطلب: من تزوج قاصرا من أبيها وهو معسر حال العقد فالعقد باطل .. إلخ. (سئل) عن رجل معه بنت قاصر لها من العمر نحو سنتين زوجها من رجل بحضور أبيه وأمه فقط ولم يحضر إلا من ذكر ولم يكن الزوج مالكا لحال الصداق ثم غاب الزوج ولم يعلم له مكان وطال الأمر فهل هذا النكاح صحيحا أو لا. (أجاب) هذا النكاح باطل من وجهين: أحدهما عدم وجود شاهدين عدلين، والثاني عدم قدرة الزوج على حال الصداق الذي هو شرط في صحة نكاح القاصر، والله أعلم. مطلب: عقد رجل على بنت آخر والآخر عقد على أخت آخر .. إلخ. (سئل) في رجلين لأحدهما بنت عقد عليها آخر بستمائة ولآخر أخت عقد عليها لأخيه بثلاثمائة، ثم جاء زوج البنت بجماعة متوجهين يطلبون منه القطع من المهر فقطع لهم مائتين وأربعين، والحال أنها قاصر فهل يصح العفو عن مال القاصر. (أجاب) عفو الولي عن بعض صداق القاصر الواقع عليه العقد لا يصح لأنه ليس ملكه حتى يعفو عنه فلها المطالبة بالستمائة ولا عبرة بما وقع من الولي، والله أعلم.

مطلب: لو قبض ولي الزوجة بعض المهر وغاب الزوج وله بقرة وعجلة أخذهما، الولي من أقارب الزوج لبقية المهر .. إلخ.

مطلب: لو قبض ولي الزوجة بعض المهر وغاب الزوج وله بقرة وعجلة أخذهما، الولي من أقارب الزوج لبقية المهر .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة بمهر قدره مائتان وخمسون قرشا ودفع منه ثمانين ثم إنه غاب، وله بقرة وعجلة عند أقاربه دفعوها لولي الزوجة، ثم حضر الزوج وحسب البقرة والعجلة من المهر بعشرين قرشا على يد بينة ثم مات الزوج والآن أقاربه يريدون أن يرجعوا البقرة والعجلة، فما الحكم في ذلك. (أجاب) حيث مات الزوج تقرر مهرها لها فصارت تطالب بما يصل لها منه، فوصل لها مائة ويبقى لها مائة وخمسون تطالب من وضع يده على التركة إن وجد تركة ثم إن بقي بعد وفاء الدين للميت شيء كان لها فيه الميراث من ربع إن لم يكن ولد، وثمن إن كان، وليس لأقاربه مطالبة بوجه لإقرار الزوج لها بذلك، والله أعلم. مطلب: لو حضن العم بنت أخيه وزوجها، فهل لإخوته أخذ مهرها .. إلخ. (سئل) في عم حضن بنات أخيه وقام بما يحتجن له من كسوة ومؤنة، ثم تزوجت واحدة وبقي واحدة، فهل لإخوته معه منازعة أو مع البنات فيما لهن من المهر. (أجاب) ليس للعم ولا لإخوته مع البنات مقارشة في مهورهن بإجماع المسلمين، بل هو لهن عطية من الله تعالى، قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أي عطية من الله، فمن وصلها ودفع لهن مهورهن وصله الله، ومن قطعها من عم وإخوة وعارضه قطعه الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، والله أعلم بالصواب. مطلب: إذا شرط في عقد النكاح شرط فاسد لا يبطل النكاح ولا يلزم الشرط .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج بكرا بالغا من أبيها بمهر معلوم ودفع له مائة قرش، ومن عادة تلك البلدان فرش البيت على الزوج ولا يطلبون منه فرشا ليس من عادة أمثاله، وقد مات أبوها العاقد لها ويدعون أنه صرف المائة قرش في نفقة البنت لفتوه. (أجاب) حيث دخل فرش البيت المجهول في عقد النكاح فسد الصداق وصح النكاح لأنه لا يلزم من فساد الصداق فساد النكاح لأنهما عقدان وإذا فسد الصداق رجعت الزوجة إلى مهر مثلها من أخواتها وبنات أخيها وبنات عمها وعماتها لأن الأب إنما يزوج بالإجبار بمهر المثل فيرجع إليه عند الفساد بوجوه وما هو مجهول فيه، وأما دعوى أن أباها صرفها في نفقة الزوجة فلا يعمل بها لأن الزوجة لا نفقة لها على الزوج إلا بالدخول عليها بعرضها نفسها أو عرض وليها وهي صالحة للوطء فتجب من حينئذ وإلا لم يدخل بها بشرط الفرش في العقد وكانت المائة قرش مهر مثلها صح النكاح بها وإلا فلها مهر مثلها أيضا، والله تعالى أعلم. (فصل في الصداق الفاسد) مطلب: الصداق الفاسد: ورجل وكل أباه في عقد نكاحه وهو فقير، فهل العقد صحيح .. إلخ. (سئل) في رجل بالغ وكل أباه في عقد نكاح له فعقد، والحال أنه فقير لا يملك شيئا وعقد له أبوه على بنت بكر بعقد أبيها له، ثم أخذ الولد من مال أبيه وإخوته ثم مات، فهل لورثته الرجوع بما دفع من المهر. (أجاب) حيث كان الزوج معسرا بحال

مطلب: رجل له أخ مات عن أولاد زوجته ثم تزوجها هو .. إلخ.

الصداق فلا يصح العقد ويرجع الوارث بجميع ما دفعه الولد، على أن للأب الرجوع بما دفعه ولده من غير إذنه لأن له حكم الغصب، ولو فرض صحة العقد فللأب الرجوع من وجهين: أحدهما عدم صحة العقد، الثاني وإن صح العقد فله الرجوع بما دفعه ولده من غير إذن منه له، والله أعلم. مطلب: رجل له أخ مات عن أولاد زوجته ثم تزوجها هو .. إلخ. (سئل) في رجل له أخ مات عن أولاد زوجته ثم تزوجها أخوه بمهر معلوم، ولكن قال أهل الزوجة: إن مهرها في رقبة بنتها على عادة أهل القرى بأن تكون بنتها زوجة لهم بدل أمها، ثم إن الأم وهي الزوجة اعترفت بأنه وصلها مهرها وغيره ولم يبق لها بذمة زوجها حق مطلقا، فهل لأهلها أن يعارضوا الزوج أو البنت التي قالوا عنها ما ذكر. (أجاب) لا ريب أن مهر البنت لها بإجماع المسلمين بقول الله جل جلاله وعظم سلطانه وهلك من خالفه: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} أي عطية من الله تعالى، فخاب وخسر من خالف أمر مولاه وخالقه، فلما اعترفت الزوجة بوصول حقها فليس لها ولا لأهلها طلب على الزوج بوجه من الوجوه، وأما قولهم: إن مهرها في رقبة بنتها فباطل بالإجماع لا يعمل به، بل مهرها لها، فكل من طلب خلاف ذلك كان خارجا بمقتضى الكتاب والسنة سالكا طريق الشيطان إلى جهنم وبئس المصير، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هنيئا مريئا للعاملين بالسنة والكتاب المبين، والويل ثم الويل للمخالفين، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. مطلب: فصل فيما يسقط المهر وما ينصفه. إلخ. (فصل فيما يسقط المهر وما ينصفه) (سئل) في رجل ادعت عليه زوجته أنه عنين وأنها بكر فإذا ثبت ذلك وفسخ النكاح فهل يعود للزوج المهر كله أو نصفه. (أجاب) حيث لم يحصل من الزوج وطء وفسخ النكاح كان له كل المهر المسمى، وإن كان العيب منه لأنها هي الفاسخة والطالبة، كما صرح بذلك أئمتنا متونا وشروحا، بخلاف ما إذا كان الفراق منه وسببه كطلاقه لها قبل وطء وإسلامه وردته ولعانه فإنه يعود له النصف فقط، كل ذلك معلوم من صرايح المتون فضلا عن الشروح اهـ. مطلب: في رجل تزوج من وليها بصداق معلوم ويريد فراقها .. إلخ. (سئل) في رجل تزوج امرأة من وليها بصداق معلوم ويريد فراقها قبل الدخول بها من غير المهر، هل له الرجوع أم لا. (أجاب) قال تعالى: {فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} فإن وقع بين الزوج وبينها فراق رجع بنصف المسمى، وإن دفع قبل الدخول بها أو قبل العقد ولم يعقد كان له الرجوع به اهـ. (سئل) في رجلين لكل من له عليها الولاية زوج كل منهما موليته لصاحبه ثم إنه قد يتفق أن تموت إحداهما فيأخذ

مطلب: رجل اتفق مع آخر على تزويج بنته ودفع لها مصاغا .. إلخ.

الحية وليها حتى يغرم له زوجها ما سمي عندهم نقيصة، وهذا في بلاد الشام شاع بين أهل القرى والبدو، فهل يعمل بهذا الأمر، فلو فرض أن بعضهم دفع للولي مالا على فرض الوجوب أو ليفك منه الزوجة فهل له الرجوع به. (أجاب) هذه العادة باطلة بإجماع المسلمين لا يقول بها أحد ممن يؤمن بالله واليوم الآخر، ولم يقل بها أحد من الجاهلية فضلا عن الإسلام الذين لهم الدين الدائم إلى يوم القيامة، لأن الله تعالى جل جلاله أوجب للنساء المتعة والمهر، وأما هذه النقيصة التي هي على طالبها فضيحة فقد خالف فيها أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وركب طريق الشيطان وجنوده وباء بالخيبة والخسران وله من الله العقوبة والحرمان، فيجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر إنكار ذلك وعدم طلبه وزجر طالبه وردعه وضربه على أنفه، فإن أخذه رده على باذله وتاب إلى الله تعالى من سوء صنعه، والله أعلم. مطلب: رجل اتفق مع آخر على تزويج بنته ودفع لها مصاغا .. إلخ. (سئل) في رجل اتفق مع آخر على تزويج بنته ودفع لها مصاغا مقوما بثمن معلوم، وصار يدفع إلى أهلها ما يعتاده الناس من الأعياد والمواسم، ومضى مدة طويلة من غير حصول عقد، فهل له الرجوع بما دفع، وهل يرجع في المصاغ بعينه أو بما قوم به. (أجاب) جميع ما دفعه الرجل مريد الزواج يرجع به على من دفعه له؛ حيث لم يقصد التبرع من مهر ونفقة وعيدية وسائر ما يدفع لأجل العقد؛ لأنه إنما دفع ليعقد ولم يحصل عقد ويرجع بعين المصاغ لأن ما وقع من الاتفاق على تقويمه لا يملكه للزوجة ولا لوليها، والله أعلم. مطلب: رجل خطب بكرا من أبيها .. إلخ. (سئل) عن رجل خطب بكرا من أبيها وأرسل له جما غفيرا على عادة أهل البلد، ودفع له مبلغا معلوما من الدراهم رشوة، ثم غاب الخاطب مدة طويلة ورجع فرأى أباها قد زوجها من غيره، فهل له الرجوع عليه بما دفعه. (أجاب) نعم للرجل المذكور الرجوع بما دفع حيث لم يقصد التبرع؛ لأنه دفع لأجل العقد ولم يحصل، صرح به ابن حجر وغيره، والله أعلم. مطلب: رجل خطب بنتا من أبيها .. إلخ. (سئل) في رجل خطب بنتا من أبيها واتفق معه على الزواج ولم يحصل له عقد ثم مات الرجل قبل العقد فهل لوارثه الرجوع بجميع ما دفعه لأبيها من نفقة وبلصة ومهر وغير ذلك. (أجاب) حيث لم يحصل عقد نكاح وإنما وقع اتفاقا بلا عقد كان لوارث الرجل الدافع الرجوع بجميع ما دفع مما ذكر وغيره؛ لأنه دفع ليحصل العقد ولم يحصل، والله أعلم. مطلب: في امرأة في العدة اتفق مع وليها .. إلخ. (سئل) في امرأة في العدة اتفق وليها مع رجل أن يزوجها له بعد انقضاء العدة فدفع له أحد عشر قرشا من المهر وصار ينفق عليها طمعا في حصول العقد، ثم حصل إعراض ولم يحصل عقد، فهل له الرجوع بما دفع من المهر ومن النفقة. (أجاب) عبارة ابن حجر: خطب امرأة ثم أرسل أو دفع بلا لفظ إليها مالا قبل العقد

مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يأخذ ابنته لأحد أولاده .. إلخ.

أي ولم يقصد التبرع ثم وقع الإعراض منها أو منه أو مات رجع بما وصلها منه، كما أفاده كلام البغوي واعتمده الأذرعي ونقله الزركشي وغيره عن الرافعي .. انتهى. أي لأنه إنما دفع ذلك ليحصل العقد فلم يحصل، فله الرجوع بجميع ما دفعه من مهر ونفقة وغيرهما؛ لأنه لم يدفع ذلك مجانا بل لحصول الزوجة له ولم تحصل فلا يضيع عليه ما دفع، والله أعلم. مطلب: رجل اتفق مع آخر على أن يأخذ ابنته لأحد أولاده .. إلخ. (سئل) في رجل اتفق مع آخر على أن يأخذ ابنته لأحد أولاده وقرءوا الفاتحة من غير عقد ودفع له من المهر غنما وبقرا وغير ذلك، وحصل فيها نمو ثم ماتت قبل العقد، فهل له الرجوع بذلك أصلا وزائدا أم لا. (أجاب) في حاشية القليوبي ما نصه: دفع الخاطب بنفسه أو وكيله أو وليه شيئا من مأكول أو مشروب أو نقد أو ملبوس لمخطوبته أو لوليها ثم حصل إعراض من الجانبين أو من أحدهما أو موت لهما أو لأحدهما رجع الدافع أو وارثه بجميع ما دفعه إن كان قبل العقد مطلقا. وفي ابن حجر ما يوافقه فللزوج الرجوع بالأصل والفرع، والله تعالى أعلم. (كتاب القسم والنشوز) مطلب: كتاب القسم والنشوز: رجل نشزت امرأته عند أهلها .. إلخ. (سئل) في رجل له امرأة نشزت عند أهلها، فهل يجب عليها أن ترجع بيت زوجها. (أجاب) نعم يجب على المرأة الرجوع لزوجها وملازمة وطنه حيث قام بفرض نفقتها وكسوتها، فإن أبت ولم ترجع سقطت كسوتها ونفقتها وكانت عاصية لله ورسوله ولعنتها ملائكة الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكه حتى تصبح. والله أعلم. مطلب: رجل له زوجة تؤذيه بلسانها وتخرج بغير إذنه .. إلخ. (سئل) عن رجل له زوجة تؤذيه بلسانها وتخرج من منزله بغير إذنه، ولها أب وأم يؤذيانه ويعينانها على ذلك، فما الحكم الشرعي. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أنه يجب على المرأة طاعة زوجها ولا يجوز لها أذيته لا بلسانها ولا بغيره، بل يجب عليها طاعته لقوله صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمر أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. ولقوله أيضا: أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة. ولقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء} فيجب عليها طاعة زوجها وملازمة مسكنها ويجب على أبيها وأمها دفع أذيتهما للزوج ووعظها ونصحها، فإن أبت وخرجت من منزله بغير إذنه كانت ناشزة ولا كسوة لها ولا نفقة، وعصت الله ورسوله ولعنتها الملائكة، والله أعلم. مطلب: المرأة المتزوجة يجب عليها ملازمة مسكنها وعدم الخروج بغير إذن زوجها .. إلخ. (سئل) في المرأة المتزوجة هل يجب عليها ملازمة مسكنها ولا يجوز لها الخروج منه بغير إذن زوجها، وهل يجوز لأهلها إفسادها على زوجها فإذا لم تلازم مسكنها تسقط نفقتها وكسوتها وتكون ناشزة

مطلب: رجل تزوج من بيت المقدس ويريد نقلها إلى بلده غزة .. إلخ.

بذلك. (أجاب) نص العلماء المؤيدون بأنوار القرآن، المقتبسون من السنة المحمدية البرهان، بأنه يجب على المرأة ملازمة مسكنها، ولا يجوز لها الخروج منه إلا بإذن زوجها، ويجب على أهلها وعظها ونصحها وردها لطاعة زوجها؛ لقول صاحب الرسالة النبي المختار: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. فإذا خرجت من منزله بغير إذنه كانت عاصية ناشزة، وروي: أيما امرأة عصت زوجها فعليها لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأيما امرأة كلحت في وجه زوجها فهي في سخط الله إلى أن تضاحكه وتسترضيه، وأيما امرأة خرجت من دارها بغير إذن زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع. ومعلوم أن الناشزة لا نفقة لها ولا كسوة، ويجب عليها الرجوع إلى مسكنها، والله أعلم. مطلب: رجل تزوج من بيت المقدس ويريد نقلها إلى بلده غزة .. إلخ. (سئل) عن رجل من مدينة غزة تزوج امرأة من بيت المقدس يريد نقلها إلى بلده غزة، فهل له ذلك ويجب عليها مطاوعته وهل يجبرها الحاكم على ذلك، وإذا امتنعت ماذا يترتب عليها. (أجاب) قال ابن الصلاح له نقل زوجته من الحضر إلى البادية وإن كان عيشها خشنا لأن لها عليه نفقة مقدرة لا تزيد ولا تنقص، وأما خشونة العيش في البادية فيمكنها الخروج عنه بالإبدال .. انتهى. نقله ابن حجر وأقره فنقلها إلى الحاضرة التي هي المدن والقرى والريف أولى لا سيما مثل غزة حرسها الله تعالى لقيام الأحكام الشرعية بها، فيجب على الزوجة مطاوعة الزوج على النقلة من المقدس إليها، فإن امتنعت ألزمها الحاكم الشرعي نفذ الله أحكامه بذلك. قال ابن حجر: ومن النشوز أيضا امتناعها من السفر معه ولو لغير نقلة كما هو ظاهر لكن بشرط أمن الطريق والمقصد، وأن لا يكون في البحر الملح إلا إن غلبت السلامة فيه ولم يخش من ركوبه ضرر يبيح التيمم أو يشق مشقة لا تحتمل عادة، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل سباهى معه حصة من زعامة أخذها بالانحلال .. إلخ. (سئل) في رجل سباهى معه حصة من زعامة أخذها بالانحلال عن آخر وتصرف فيها مدة تزيد على خمس عشرة سنة بموجب براءة سلطانية من طرف الدولة العلية نصرها رب البرية من غير معارض له ولا منازع، ثم إن رجلا طلب منه أن يفرغ له عن هذه الحصة بمبلغ معلوم في مقابلة فراغه له عن ذلك ففرغ له عنها وقبض منه بعض المبلغ، وبقي بقية المبلغ في ذمته، ثم إن المفروغ له أخرج براءة من الدولة بالفراغ وتصرف في الحصة سنتين، ثم إن رجلا آخر نازع المفروغ له ورفعه إلى حاكم السياسة، فأخذ الحاكم براءة المفروغ له ودفعها إلى خصمه ومنعه عن الحصة، فهل له الرجوع على الفارغ له، وهل هذا الفراغ صحيح يستحق الفارغ به جميع المبلغ الذي حصل الاتفاق عليه أو كيف الحال. (أجاب) لا ريب أن النزول عن

مطلب: امرأة دخل بها زوجها ثم إنها خرجت من غير إذنه .. إلخ.

الحصة المذكورة بالمال المعلوم صحيح وللنازل الرجوع بما بقي وظاهر أن هذه الصورة لا يقع فيها الخلاف الواقع في غيرها لوجود النزول ووجود الحصول له ووجود التصرف منه فيها، وأما ما حدث له من المنع من الحاكم فأمر آخر، إما لأمر حدث منه اقتضى أن يمنعه الحاكم به، وإما لغير ذلك. وعبارة ابن حجر: واستنبط السبكي مما هنا أي باب القسم والنشوز ومن خلع الأجنبي جواز النزول عن الوظائف بعوض ودونه والذي استقر رأيه عليه حل بدل العوض مطلقا وأخذه إن كان النازل أهلا وهو حينئذ لإسقاط حق النازل فهو مجرد افتدى وبه فارق منع بيع التجر وشبهه كما هنا لا لتعلق حق المنزول له بها أو بشرط حصولها له بل يلزم ناظر الوظيفة تولية من تقتضيه المصلحة الشرعية ولو غير المنزول له ولا رجوع على النازل حينئذ كما مر وفيما إذا نزل مجانا ولم يقصد إسقاط حقه إلا للمنزول له فقط له الرجوع قبل أن يقرر كهبة لم تقبض، وحينئذ لا يجوز للناظر تقرير غير النازل حتى لا يجوز له عزله، والله أعلم. مطلب: امرأة دخل بها زوجها ثم إنها خرجت من غير إذنه .. إلخ. (سئل) في امرأة دخل بها زوجها ثم إنها خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، ثم إنها امتنعت من الرجوع لزوجها، فهو يدعوها إلى الرجوع وهي لا ترجع، ولها أب وأقارب يمنعونها من الرجوع، فهل يجب عليها الرجوع ويجب على أبيها وأقاربها المساعدة. (أجاب) لا يخفى أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها ورجوعها إلى بيته، ويجب على أهلها وأقاربها أمرها بذلك؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن امتنعت فهي عاصية تلعنها ملائكة السماء والأرض ولا نفقة لها ولا كسوة، ولا حق لها من حقوق الزوجية، وقد صح في الحديث الشريف: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح. وفي حديث صحيح: ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شهرا .. وعد منهم: امرأة باتت وزوجها عليها ساخط حتى يرضى. وخبر: إن المرأة إذا خرجت من بيتها وزوجها كاره لعنها كل ملك في السماء وكل شيء مرت عليه غير الجن والإنس حتى ترجع. وقد عد العلماء ذلك كبيرة من الكبائر يفسق فاعلها ولا تقبل له شهادة. وروى ابن حبان في صحيحه: أتى رجل بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطيعي أباك، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته، فقال: حق الزوج على زوجته لو كان به قرحة فلحستها، وانتش منخراه صديدا وسال، أو دما ثم ابتلعته؛ ما أدت حقه، فقالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تنكحوهن

كتاب الخلع

إلا بإذنهن. وروى الحاكم وصححه أن امرأة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ابن عمي فلانا يخطبني، فأخبرني ما حق الزوج على الزوجة؟ فإن كان شيئا أطيقه تزوجته، فقال: من حقه أن لو سال منخراه دما أو قيحا فلحسته بلسانها ما أدت حقه، لو كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله الله، قالت: والذي بعثك بالحق لا أتزوج ما بقيت الدنيا. وروى البزار والطبراني أن امرأة قالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك، ثم ذكرت ما للرجال في الجهاد من الأجر والغنيمة، ثم قالت: فما لنا من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك، وقليل منكن من يفعله. وفي خبر: إذا صلت المرأة خمسها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنه شاءت. والله تعالى أعلم. (كتاب الخلع) مطلب: كتاب الخلع، ورجل تنازع مع زوجته فقال: أبرئيني .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها: أبرئيني فقالت له: أبرأك الله من الحق والمستحق، فقال لها: أنت على براءتك، فهل يكون ذلك خلعا يقع به طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يقع بذلك طلاق لأن ما ذكر ليس صفة طلاق ولا خلع، فالزوجة على ذمة زوجها، والله أعلم. مطلب: رجل خالع زوجته بعوض معلوم عند حاكم الشرع .. إلخ. (سئل) في رجل خالع زوجته بعوض معلوم عند حاكم الشرع فأوقع عليه طلقة باينة تملك الزوجة بها نفسها، ثم بعد مدة قال له بعض الناس: رد زوجتك، فقال: هي تكون بالمائة، فهل يقع عليه بهذا طلاق غير ما أوقعه، وهل البائن يلحقها طلاق. (أجاب) حيث كان الواقع منه طلقة على عوض كانت الزوجة بائنة من الزوج بها فلا يقع عليه بعد ذلك طلاق؛ لأن شرط وقوع الطلاق كونها زوجة، وهنا ليست كذلك، فإذا لم يقع منه قبل ذلك طلقتان كان له مراجعتها بعقد جديد، ولا عبرة بما ذكره من قوله: تكون بالمائة؛ لأنه لم يصادف محلا، والله أعلم. مطلب: رجل سألته زوجته أن يخلعها من عصمته .. إلخ. (سئل) في رجل سألته زوجته أن يخلعها من عصمته وتبرئه من مؤخر صداقها ونفقة عدتها وأجرة مسكنها فأجاب بها لذلك وحكم بها حاكم والآن تريد أن ترجع إليه، فهل لها ذلك بعقد جديد قبل أن تتزوج غيره. (أجاب) حيث لم يستوف الرجل عدة الطلاق الثلاث كان له تجديد النكاح على زوجته المذكورة بعقد جديد، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أب زوجته فقال له: أبرئني .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع أب زوجته فقال له: أبرئني، فقال له: أبرأك الله من الحق والمستحق، والحال أنها قاصر، فقال له: إن صحت براءتك تكون طالقا بالثلاث، فهل يقع على الرجل طلاق بما ذكر. (أجاب) لا يقع الطلاق والحال ما ذكر لأمور، الأول كون الإبراء وقع من غير أهله، الثاني أن أبرأك

مطلب: رجل قال لزوجته: إن أبرأتيني .. إلخ.

الله كنايه ولا يقع بها إلا بنية. الثالث كون الزوجة قاصرة. الرابع أن الطلاق معلق على صحة البراءة ولم توجد، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: إن أبرأتيني .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته أن أبرأتينى من مؤخر صداقك فأنت طالق ثلاثا إن صحت براءتك منه، فقالت أبرأتك منه ولم تعلم قدر الصداق المؤخر حال البراءة، فهل صح الخلع المذكور ووقع الطلاق أو لا. (أجاب) لا يقع على الرجل المذكور طلاق حيث كان الأمر كما ذكر، قال ابن حجر: بخلاف أن أبرأتيني من صداقك ومتعتك مثلا أو دينك فأنت طالق فأبرأته جاهلة به أو بما ضم إليه، فلا تطلق لأنه إنما علق بإبراء صحيح ولم يوجد، ثم قال: وأفتى بعضهم في أنت طالق على صحة البراءة بأنها إن أبرأته براءة صحيحة فورا بانت لتضمنه التعليق والمعاوضة .. انتهى. أقول لا يشترط أيضا أن تكون رشيدة بلغت مصلحة لمالها ودينها، وأن لا يتعلق به حق زكاة عملها بقدر المبرأ منه كما علم، والله أعلم. مطلب: في رجل خلع زوجته على عوض فبانت منه .. إلخ. (سئل) في رجل خلع زوجته على عوض فبانت منه، ثم بعد مدة قال: تكون طالقا بالثلاث، فهل والحالة هذه يقع عليه الطلاق المذكور. (أجاب) لا يقع الطلاق الثلاث لكون الزوجة مبانة منه والطلاق لا يلحق المبانة قطعا وإنما وقع عليه بالخلع طلقة واحدة فله تجديد العقد عليها ثانيا وتعود له بطلقتين إن لم يقع منه غير طلقة الخلع، والله أعلم. مطلب: رجل معه أربع نسوة يريد أن يفارق إحداهن .. إلخ. (سئل) في رجل معه أربع نسوة يريد أن يفارق إحداهن ويأخذ أخرى فما طريق ذلك. (أجاب) طريق ذلك أن يطلق التي يريد طلاقها ثلاثا أو يخلعها بمال منها تدفعه له أو من أجنبي بأن يقول له: خذ لك كذا وطلق زوجتك عليه فيقول أخذت وطلقت؛ فتصير المرأة منه أجنبية فله أخذ أخرى، والله تعالى أعلم. مطلب: في ولد قال لوالده تكون زوجتي طالقا .. إلخ. (سئل) في ولد قال لوالده تكون زوجتى طالقا بالثلاثة إن لم تزوجني في السنة الآتية لأردن زوجتي إلى أبيها ولا ترجع لي إلا بعد أن أدخل على ضرتها فرد زوجته إلى أبيها، فما المخلص له من ذلك اليمين. (أجاب) حيث نوى بما ذكر الطلاق فلا مخلص له إذا أراد ردها قبل أن يتزوج إلا بالخلع وطريقه أن يدفع أحد جائز التصرف للزوجة مهما تيسر من المال مما يصح ثمنا على طلاقها فيقع عليه طلقة واحدة بائنة تملك بها المرأة نفسها، ثم يعقد لها عقدا جديدا بشروطه ولو في المجلس ولو قبل وجود الصفة وهو الرد عند الإمام الشافعي وعند الإمام أبي حنيفة يشترط وجود الصفة في البينونة ووجه قول الإمام الشافعي أن العصمة الأولى ارتفعت فيرفع تابعها ولازمها وهو الوقوع المرتب على التعلق السابق، والله أعلم. مطلب: رجل حلف بالطلاق أنه لم يساكن ولده .. إلخ. (سئل) في رجل حلف بالطلاق أنه لم يساكن ولده ما دام مناسب فلان وفارقه في الحال، فهل إذا ساكنه يقع الطلاق وهل لسكنه مع ولده وجه. (أجاب) إذا لم يساكنه وفارقه

مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ.

حالا لا يقع على الحالف طلاق وإن جاء أحدهما عند الآخر لضيافة أو زيارة أو عيادة وإن نام عنده لأنه لا يسمى في العرف مساكنا الذي الأيمان مبنية عليه وإن دعت حاجة أو ضرورة إلى المساكنة فطريق المخلص له من الثلاث الخلع بأن يدفع له رجل كامل التصرف مالا ولو قل على خلع زوجته بأن يقول له: اخلع علي زوجتك على هذا النصف مثلا فيقول: خلعتها عليه؛ فتصير بائنا أجنبية فتحل اليمين ويقع عليه بالخلع طلقة ويخلص من الثلاث، ثم إن أراد نكحها بولي وشاهدي عدل ومهر جديد ولو قل ولا تحتاج إلى عدة لأنها زوجته والماء له فترجع له بطلقتين إن لم يكن قبل الخلع وقع منه طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها أحد الحاضرين يا مرأة أبريه فقالت: الله يبرئه، ثم قال لزوجها: قل يا رجل، فقال له: ما أقول، قال: قل خلعتك، فقال لها: خلعتك، ولم يعرف معنى ذلك، فقال الرجل لها: روحي يا مرأة، فهل يقع على الرجل المذكور طلاق بائن أم رجعي أم لا يقع به شيء. (أجاب) هذا الفظ الواقع من الرجل الجاهل لمعناه لا يقع به طلاق أصلا لا صريح ولا كناية لأن محل صراحة الخلع وكذا المفاداة إذا وقعا في مقابلة مال، كإن قال لها: خالعتك أو فاديتك على ألف مثلا وقبلت وكذا إذا نوى بها التماس القبول وقبلت، والحاصل أن الخلع وكذا المفاداة إذا خليا عن المال ونية التماس القبول ونوى بهما الطلاق فيقع رجعيا وهنا الرجل لم ينو التماس قبولها لعدم معرفة معناه ولا ذكر المال وإن كان الخلع يحتمل الكناية وذاك فيمن عرف المعنى فلا بد في الصريح من معرفة المعنى وإن لم ينو الإيقاع، وفي الكناية لا بد من معرفة المعنى ونية الإيقاع أو ما يقوم مقامه عند التماس قبولها، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها: خلعتك في حال حدته ولم تدفع هي ولا غيرها مالا، فما الحكم الشرعي. (أجاب) الخلع والمفاداة إذا لم يكن معهما مال ولا نواه فهما كناية طلاق إن نوى بواحد منهما إيقاع طلاق وقع رجعيا وإن لم ينو به فلا طلاق أصلا، والله تعالى أعلم. (كتاب الطلاق) مطلب: كتاب الطلاق، ورجل تنازع مع زوجته فقال لها .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع زوجته فقال لها: تكوني طالقا بالواحدة، فهل إذا راجعها تحل له. (أجاب) نعم إذا نوى بما ذكر طلاقا وقع عليه طلقة واحدة، وله مراجعتها وتحل له إن لم تكن انقضت عدتها وتبقى معه بطلقتين إن لم يقع عليه قبلها طلاق، والله أعلم. مطلب: امرأة تدعى عائشة تدعي أن زوجها طلقها ثلاثا .. إلخ. (سئل) في امرأة تدعى عائشة تدعي أن زوجها سليمان طلقها ثلاثا مختارا من غير إكراه له في ذلك وهو يدعي الإكراه ومعها بينة شرعية

مطلب: رجل من المغاربة بيده حاكورة .. إلخ.

أنه طلقها ثلاثا من غير إكراه في ذلك له، فهل إذا أقامت البينة العادلة تقبل شهادتها بأن الطلاق وقع في حال اختياره فإذا ثبت طلاقها بالبينة فهل لها أن تتزوج بعد وفاء العدة. (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن طلاق الرجل المذكور وقع في حال اختياره بانت منه البينونة الكبرى فلا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره مع بقية الشروط المعتبرة شرعا وإذا كان كذلك كان لها الزواج بعد انقضاء العدة بغير المطلق ولا يجوز له ولا لغيره أن يعارضها في ذلك بوجه حيث كان الأمر كما ذكر، والله أعلم. مطلب: رجل من المغاربة بيده حاكورة .. إلخ. (سئل) في رجل من المغاربة بيده حاكورة وقف بالحكر المعين لجهته يدفعه كل سنة للمتكلم عليها هو أجرة المثل أوجد فيها غراسا وبناء أخرجت من يده بغير حق تشاجر مع جماعة من المتكلمين على الوقف فحلف قائلا: علي الحرام أني ما أقبل الحاكورة منكم، فهل إذا حكم الحاكم الشرعي برجوعها إليه بالوجه الشرعي ولم يقبلها من المحلوف عليهم بل من الحاكم المذكور لا يحنث في يمينه. (أجاب) هذه الصيغة كناية طلاق فلا يقع بها إلا بنية الإيقاع، وعلى فرض وجودها إذا أخذها من غير المحلوف عليهم لا يقع عليه طلاق لعدم وجود المعلق عليه، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته تكونين طالقة .. إلخ. (سئل) عن رجل قال لزوجته: تكونين طالقة قاصدا بذلك تخويفها، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث لم ينو بما ذكر إيقاع طلاق على زوجته فلا يقع عليها طلاق أصلا لأن ذلك كناية ولا يدخل فيها نية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: يحرم علي جماعك .. إلخ. (سئل) عن رجل قال لزوجته: يحرم علي جماعك ماذا عليه. (أجاب) حيث نوى بذلك التحريم حالا فعليه كفارة يمين، والله أعلم. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها تكونين مثل أختي صالحة، فما الحكم والحال أنه قاصد بذلك الطلاق. (أجاب) حيث لم يقع على الرجل قبل ذلك طلقتان فله مراجعة زوجته لأنه وقع عليه بذلك طلقة واحدة لأنه محتمل للطلاق وغيره فحيث نوى الطلاق وقع، والله أعلم. مطلب: رجل زوج ابنة عمه لابن عمه .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنة عمه لابن عمه وبقي لها عليه خمسة وستون أسديا فحلف بالطلاق الثلاث أنه لا يأخذها وعليه من ذلك شيء، فهل إذا دفع له شيئا بالمهر الباقي ثم باعه له لا يقع عليه طلاق. (أجاب) نعم إذا دفع له ابن عمه الخمسة والستين قرشا أو باعه بها ثورا أو جملا مثلا برئت ذمة الزوج من المهر ولا يقع على الحالف طلاق وإذا باعه ما أخذه منه كان الباقي له في ذمته ثمن الثور أو الجمل مثله لا المهر، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته فقال لها: روحي عني بالمائة .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع زوجته فقال لها روحي عني بالمائة، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) لا يقع بما ذكر طلاق أصلا لأنه ليس صيغة طلاق بل

مطلب: رجل حلف بالطلاق .. إلخ.

هو لغو، والله أعلم. مطلب: رجل حلف بالطلاق .. إلخ. (سئل) في رجل حلف بالطلاق الثلاث أنه عمره لا يدبس على هذا النحاس فما الحيلة في الخلاص في ذلك. (أجاب) الحيلة في ذلك أن يبيع العنب لرجل أو يوكل رجلا في التدبيس، على أن معنى يدبس يفعل ذلك بنفسه، فإذا فعل المعلم لا يحنث إذا لم يكن له نية قياس ما لو حلف لا يحلق رأسه أو لا يبني داره فحلقه له الغير أو بناها له الغير لا يحنث، والله أعلم. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته في ذهابها لأهلها إن رحت تكوني محرمة مثل أمي وأختي أي مثلهما، فراحت وقصده ردها فقط، فماذا عليه. (أجاب) حيت لم ينو بما ذكر طلاقا ولا ظهارا فلا شيء عليه لأن "تكوني" محتمل الحال والاستقبال ولا نية تخصص ذلك، ولكن الأحوط في مثل هذه أن يكون عليه كفارة يمين، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته فقال لها: علي الطلاق .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها: علي الطلاق بالثلاث إلا إن شاء الله ما تبيتي في هذه الدار، وباتت، قاصدا بقوله إن شاء الله عدم الوقوع، فهل يقع عليه الطلاق؟ (أجاب) حيث كان الأمر كذلك لا يقع على الرجل الطلاق لأن المشيئة تمنع الوقوع على ما فصل، والله أعلم. مطلب: رجل تشارك مع آخر .. إلخ. (سئل) في رجل تشارك مع آخر ولم يضع الآخر من مال الشركة شيئا، بل كله من أحدهما، ولصاحب المال صانع يشتغل له، فحلف الرجل الذي لم يضع من المال شيئا على الصانع أنه لا يشتغل عنده، فهل إذا اشتغل لا يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يقع على الحالف طلاق لأنه لم يشتغل عنده إذ لا مال له ولا شركة له فيه أيضا والمال لصاحبه والشغل له، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته فقال لها: روحي طالقة .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها: روحي طالقة، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) إذا نوى بما ذكر إيقاع طلاق على زوجته وقع عليها طلقة واحدة وله مراجعتها وإلا فلا يقع عليه شيء لأن روحي كناية ولا يقع بها إلا بنية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته حيث أرادت الخروج فقال لها: علي الطلاق بالثلاث هذا الشهر ما تخشين لي علية، ثم دخلت ظانة أنه حلف عليها إن خرجت ولم تخرج، والحال أن العلية مشتركة ووقف، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث لم يقصد هذه العلية بعينها لا يقع عليه طلاق لأنه لا يقع بالمشترك وغير المملوك طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل حلف على أجير له بالطلاق الثلاث .. إلخ. (سئل) في رجل حلف على أجير له بالطلاق الثلاث أنه إن أخرج زوجته من عنده على هذا الوجه يعني قاصدا فراقه أنه لا يقبله فنقل زوجته قاصدا رفع النزاع لا الفرقة، فهل يقع الطلاق. (أجاب) حيث لم يخرج الأجير مريدا فراق معلمه فلا يقع الطلاق لعدم وجود الوجه المعلق عليه وقوع الطلاق ولو قبله

مطلب: رجل تنازع مع زوجتيه .. إلخ.

بعد ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجتيه .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجتيه فقال لهما: تكونان طالقتين بالثلاث إلا أن يشاء الله تعالى قاصدا بذلك زجرهما، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يقع عليه طلاق لأمرين، أحدهما أن تكونان طالقتين كناية ولا وقوع بها إلا بنية. الثاني قوله إلا أن يشاء الله حيث قصد به التعليق قبل فراغ اللفظ والحالة هذه، والله أعلم. مطلب: رجل اتهم في أخذ شيء فحلف .. إلخ. (سئل) في رجل اتهم في أخذ شيء فحلف بالطلاق وبالله وهو صادق في حلفه، فهل يقع عليه طلاق أو لا. (أجاب) حيث كان صادقا في نفس الأمر فلا يقع طلاق على الحالف حتى لو حلف على غلبة ظنه فلا يقع عليه طلاق ولا يحنث في يمينه، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: علي الحرام .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته: علي الحرام ما تروحين إلى أمك، قاصدا بذلك منعها من الخروج، فهل يقع عليه الطلاق، والحالة هذه. (أجاب) حيث لم يقصد إيقاع الطلاق على زوجته فلا يقع بذلك طلاق لأنه كناية على أن قصد المنع لها دليل على عدم قصده للطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال: هذه طالق بالثلاث إلا إن شاء الله مسمع نفسه، ولم يسمع غيره قاصدا بذلك التعليق قبل الفراغ من اليمين، فهل يقع عليه الطلاق. (أجاب) حيث لم تنازعه الزوجة وصدقته فظاهر أنه لا يقع عليه الطلاق أخذا مما ذكره في الأنوار، وإن أنكرت أصل الاستثناء فهي المصدقة إن قالت لم أسمع فالمصدق الزوج، كما يؤخذ مما ذكره الرملي ونقله عنه ابن قاسم، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته ولها أخت تسمع النزاع بينهما، فقالت لها: قومي، تريد أخذها غضبى، فأمسك الأولاد عنها وقال لها: علي الطلاق بالثلاث بأنه إن أخذتيهما ما يدخلون عليك إلا وأنا أشوفهم، فلم تأخذها بل أخذها ابن عمها بعد يومين ثم ذهب الأولاد عندها، فهل يقع عليه طلاق والحالة هذه. (أجاب) وقوع الطلاق مشروط بشرطين أحدهما أخذ الأخت، والثاني كونه ينظر للأولاد في حال الدخول، فإذا انتفى الشرطان أو أحدهما فلا يقع على الحالف الطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته، فقال لها .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها في حال غضبه وحدته: روحي طالق بالثلاث غير قاصد إيقاع الطلاق، فهل يقع عليه الطلاق أو لا؟ (أجاب) حيث لم ينو بما ذكر إيقاع طلاق على زوجته فلا يقع بما ذكر طلاق لأنه كناية كما قرره ابن حجر، ولا وقوع بها إلا بنية، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع ولده فخرجت أمه .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع ولده فخرجت أمه فقال: اسكتي فأنا طلقتك من أمس، قاصدا زجرها، فهل يقع عليه بما ذكر الطلاق. (أجاب) هذه الصورة يقع فيها الطلاق ظاهرا فإن كان في نفس الأمر طلقها أمس وما ذكره إخبار عنه وقع ظاهرا وباطنا، ويراجع إن لم

مطلب: رجل تنازع مع أب زوجته .. إلخ.

يستوف الثلاث وإن كان قاله كاذبا فيقع في الظاهر وهي زوجته في الباطن ويدين، قال في الروض وشرحه: وإن قال حلفت بطلاقك على إن فعلت كذا ثم قال: لم احلف وإنما أردت تخويفها دين وطلقت ظاهرا إن فعلت .. انتهى. والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أب زوجته .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع أب زوجته فقال له: علي الطلاق أنها يعني زوجته ما تدخل لي دارا وإن دخلت ذبحتها، والحال أن الدار مشتركة وفي أرض وقف، فهل إذا دخلت يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث لم يرد المسكن بأن أطلق ودخلت الزوجة هذه الدار فلا يقع عليه طلاق إذ لا حنث بالدار المشتركة على أن كون قرارها وقف يمنع الوقوع أيضا لأن الدار اسم للمجموع من البناء والقرار، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فذهبت إلى أهلها منغاظة، فقيل له: اذهب إليها فردها، فقال: علي الطلاق بالثلاث ما أذهب إليها أردها، فهل إذا أرسل إليها شخصا آخر ليردها يقع عليه الطلاق أو لا. (أجاب) حيث علق ذلك على فعل نفسه فردها غيره أو هي رجعت لنفسها فلا يقع عليه طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع زوجته فقالت له: طلقني، فقال لها: طلقتك، وشك فيما زاد على ذلك، فهل يقع على الرجل المذكور طلقة واحدة. (أجاب) نعم يقع عليه طلقة واحدة ولا يقع بالمشكوك شيء لأن العصمة محققة فلا تزول بالشك فله مراجعتها إن لم يقع عليه قبل ذلك طلقتان، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أبيه .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع أبيه وأخيه من جهة جمل مشترك بينهم، فقال لهما: علي الطلاق بالثلاث أني ما أخطر وراء هذا الجمل إلى مدن وهو لنا على كيس، فهل إذا باعوه لرجل أجنبي ثم اشتروه منه يخلص من يمينه. (أجاب) نعم، إن بيع الجمل لآخر غير الأب والابن أو بيع كله لواحد منهم خلص الحالف من يمينه وإن سافر خلفه لأن المخلوف عليه كونه على كيسهم سواء، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع زوجته فقالت له: طلقني فقال لها: طالق طالق طالق إلى السماء، فهل يقع بذلك طلاق. (أجاب) قال ابن حجر: وأفتى بعضهم في تكرير طالق من غير نية ولا شرط بأنه لغو فلا يقع به طلاق حالا ولا مآلا. وقوله من غير نية غير صحيح لأن لفظ طالق وحده لغو وإن نوى أنت والإيقاع فكذا لو كرره، والحاصل لا بد من دال على الزوجة كاسمها الظاهر أو ضمير أو اسم اشارة فإذا خلا من ذلك فلا وقوع، والله أعلم. مطلب: رجل يريد أن يأخذ بنت آخر .. إلخ. (سئل) عن رجل يريد أن يأخذ بنت آخر ويريد هو أن يأخذ أخته، فقال الأول: علي الطلاق بالثلاث إن فات الوقت الفلاني وما جبت لي خمسين قرشا وإلا فلا آخذ منك ولا أعطيك، يعني زواجا، فهل إذا وكل أبو البنت وزوج الأخت أبوها لا يقع الطلاق. (أجاب) نعم إذا وكل الأب في زواج ابنته

مطلب: رجل طلب منه رد أخته .. إلخ.

وتزوجها الحالف من الوكيل وزوج البنت أبوها فلا يقع على الحالف طلاق لأنه لم يأخذ من الرجل ولم يعطه، والله أعلم. مطلب: رجل طلب منه رد أخته .. إلخ. (سئل) في رجل طلب منه رد أخته إلى زوجها فقال: علي الطلاق ما ترد إلى سنة، فهل إذا أكرهها أحد على الرد قبل السنة لا يقع عليه طلاق. (أجاب) إذا وجدت شروط الإكراه وردت به لا يقع على الحالف طلاق لأن فعل المكره كلا فعل، والله أعلم. (سئل) في رجل قال لزوجته: علي الطلاق ما تروحين هذه الدار التي فيها أمك، ثم إن أمها انتقلت من الدار المحلوف عليها، فهل يقع عليه الطلاق. (أجاب) حيث أشار للدار وانتقلت منها لغيرها فلا يقع على الحالف طلاق إذا راحت للدار الثانية المنتقل اليها، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) عن رجل تنازع مع زوجته، فقال لها: روحي طالقا بالثلاث إلا أن يشاء الله تعالى، قال ذلك في حال حدته وغضبه، فهل يقع عليه طلاق أم لا. (أجاب) لا يقع على الرجل طلاق لأن ما ذكر كناية وهي تحتاج إلى نية الإيقاع، على أن قوله إلا إن شاء الله مانع للوقوع حيث أراد التعليق، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع عمه .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع عمه في مشترك بينهما، فقال له: تكون امرأتي طالقا إن ما قاسمتك في غد وقاسمه إلا أنه لم يتمم القسم بينهما، فهل يقع عليه الطلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يقع على الحالف طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل حلف على أخته .. إلخ. (سئل) في رجل حلف على أخته أنها لا تروح دار أولادها بل ولا يجيئون إليها في داره، والحال أنها أخذت الدار من أولادها عوضا عن صداقها فما الخلاص من ذلك. (أجاب) حيث إن الدار خرجت عن ذمة أولادها وصارت ملكا لها، فإذا دخلها الأولاد على أمهم فيها فلا يقع على الحالف طلاق، وأما دار الأخ فإن كان له فيها شريك وأزال ملكه كله أو بعضه عنها ودخل الأولاد فلا يقع عليه الطلاق المذكور وإلا فليس لهم الدخول في دار الخال الحالف فإذا دخلوا وقع الطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: إن ما أخذت .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته: إن ما أخذت هذه المواعين ورحلت من هذه العريشة روحي طالقا بالثلاث، فهل إذا رجعت يقع عليه طلاق؟ (أجاب) نعم إن رحلت من العريشة لا يقع عليه طلاق على أنه حيث لم ينو بروحي الطلاق فلا يقع عليه شيء، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته أكرهه آخر .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته أكرهه آخر على طلاق زوجته، فقال له: قل طالق بالثلاث، فقال: طالق بالثلاث، فهل يقع عليه طلاق وإن فرض عدم الإكراه. (أجاب) حيث لم يقع من الرجل إلا ما ذكر فلا يقع عليه طلاق سواء سواء قال ذلك في حال الاختيار أو في حال الإكراه، وذلك لعدم دال على الزوجة. قال ابن حجر: بخلاف طالق فقط أو طلقت ابتداء فإنه لا يقع به شيء وإن نواها كما نقلاه

مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ.

عن قطع القفال وأقراه لأنه لم تسبق قرينة لفظية يربط الطلاق بها، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها أنت حرام علي الثلاث، أو قال حرام بالثلاث، ولم ينو طلاقا فما الحكم. (أجاب) حيث لم ينو بما ذكر طلاقا ولا ظهارا فلا تحرم عليه زوجته لكن عليه كفارة يمين كما صرحوا به، والله أعلم. مطلب: رجل زوج ابنته لآخر .. إلخ. (سئل) في رجل زوج ابنته لآخر وطلقها قبل الدخول بها طلقة واحدة، فهل لأبيها أن يزوجها حالا. (أجاب) الطلقة الواحدة تملك المرأة بها نفسها قبل الدخول لأنها لا عدة عليها حينئذ، قال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} فلا بيها أن يزوجها حالا حيث ثبت ذلك عن الزوج، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع ابن عمه .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع ابن عمه في شأن زوجته فقال له: تكون طالقا على الثلاث مذاهب، فما الحكم الشرعي في ذلك. (أجاب) إن نوى بما ذكر طلاقا وقع عليه طلقة ولم تحرم عليه زوجته فله مراجعتها إن لم يكن وقع عليه قبل ذلك طلقتان، وإن لم ينو بما ذكر طلاقا فلا يقع عليه طلاق أصلا، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع ابن عمه .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع ابن عمه في شأن زوجته فقال: إن كانت زوجتي كرامة منك أو جودة تكون طالقا ثلاثا، فهل يقع بما ذكر طلاق أم لا؟ (أجاب) لا يقع بما ذكر طلاق لأنه ليس بصريح ولا كناية لأن الزوجة لا يكرم بها ولا يجود بها، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع صهره .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع صهره فقال: علي الحرام إن ما أعطاني إياه وهو النصف ريال ما أمكث في هذا الدار غيرنا، ووقوع الطلاق على زوجته فكيف الحال في ذلك. (أجاب) حيث لم ينو بما ذكر طلاقا ولا ظهارا ولا نواهما بأن نوى تحريم عينها أو نحوه كوطئها أو فرجها أو رأسها أو لم ينو شيئا فلا تحرم عليه لأن الأيمان وما ألحق بها لا توصف بذلك وعليه كفارة يمين، والله أعلم. مطلب: رجل قال عن زوجته: طلقتها .. إلخ. (سئل) في رجل قال عن زوجته طلقتها قبل الدخول بها، فما الحكم الشرعي. (أجاب) حيث قصد بذلك إيقاع الطلاق عليها وقع بذلك طلقة فله تجديد نكاحها لأنها تبين بذلك إذ لا عدة عليها قبل الدخول بها وترجع بطلقتين، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته في حال غضبه .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته في حال غضبه: تكونين طالقا، فتذكر فقال: إلا أن يشاء الله، فهل يقع عليه الطلاق. (أجاب) لا يقع بما ذكر طلاق لأن ذلك من أفعال المقاربة وهي لاتصاف مقاربة المخبر عنه بالخبر، فالمعنى أن المرأة قاربت وقوع الطلاق ولم يقع عليها الطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: روحي طالقا .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته: روحي طالقا على الأربع مذاهب لا يردك لا شرع ولا فرع إلا خنازير الدهيشة إلا أن يشاء الله، فهل يقع عليه الطلاق. (أجاب) ما وقع من الرجل لا يقع به وإلا بنية

مطلب: رجل اتهم في وجدان ضائع .. إلخ.

الإيقاع فحيث لم ينو إيقاع الطلاق بما ذكر لا يقع به شيء على أن التعليق بالمشيئة مشعر بعدم نية الإيقاع ومانع من الوقوع ولا يضر قوله: لا يردك لا شرع .. إلخ؛ لأن مثل ذلك لا يخرج الكناية عن كونها كناية، والله أعلم. مطلب: رجل اتهم في وجدان ضائع .. إلخ. (سئل) في رجل اتهم في وجدان ضائع، فقال: علي الحرام ما وجدته، ثم وجده بعد مدة، فاتهم ولي زوجته أنه وجده قبل الحلف وهو يدعي أنه ما وجده إلا بعده، فهل يصدق في ذلك. (أجاب) حيث لا بينة تشهد أنه وجد الضائع قبل الحلف صدق بيمينه؛ لأن ذلك لا يعرف إلا منه، على أن الحرام كناية طلاق لا بد فيه من النية فعلى كل حال يرجع الأمر لأمانة الزوج، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: إن خليتي أحدا يطحن .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته: إن خليتي أحدا يطحن على هذه الطاحونة تكونين طالقا، فهل إذا أذن الزوج لأحد أن يطحن عليها يقع الطلاق؟ (أجاب) المحلوف عليه فعل الزوجة، ومعنى خليتي مكنتي بغير رضائي، فإذا أذن الزوج فلا يقع عليه طلاق، وعلى أن تكوني كناية ولا يقع بها إلا بنية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: إن خليتي أحدا يطحن .. إلخ. (سئل) عن رجل قال لزوجته وهي طالق على الثلاث مذاهب. (أجاب) إن نوى الرجل بما ذكر إيقاع طلاق وقع عليه طلقة واحدة فله مراجعتها وإلا فلا يقع عليه شيء لأن ما ذكر كناية وهي تحتاج للنية، والله أعلم. مطلب: حلف على زوجته بالطلاق .. إلخ. (سئل) في رجل حلف على زوجته بالطلاق الثلاث أنها لا تدخل لأولادها دارا، ولا يدخلون لها دارا، والدار التي هي فيها بالأجرة ودار أولادها وقف، فهل إذا دخلت هي أو هم لا يقع طلاق؟ (أجاب) حيث أطلق الرجل ولم يرد السكن فيهما فلا حنث إذا دخلت على أولادها دار الوقف لأنها ليست لهم وكذلك إذا دخلوا هم عليها دار الأجرة لأنها ليست لها، والله أعلم. مطلب: رجل ساكن بالقدس بالأجرة إذا حلف .. إلخ. (سئل) في رجل ساكن بالقدس الشريف في بيت بالأجرة من جملة بيوت من دار لرجل وله زوجة في الرملة عند أمها فتشاجر الزوج مع أب الزوجة وحلف قائلا: علي الحرام إن أجت صهرتي مع بنتها من الرملة ما تسكن لي باب عتبة، ناويا ما تدخل أم زوجته بيته إلى سكنه، فهل إذا جاءت صهرته مع بنتها ودخلت بيته الساكن فيه بزوجته بالأجرة يقع عليه الطلاق أو لا؟ (أجاب) حيث أطلق في قوله: علي الحرام بأن لم ينو طلاقا ولا ظهارا لم يقع عليه طلاق ولا يلزمه ظهار ولكن عليه كفارة يمين، وإن نوى طلاقا وقع أو ظهارا لزم أو نواهما تخير، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع خال زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع خال زوجته فضربه الخال وقوي النزاع بينهما، ففي حال غضبه من شدة الضرب قال له: تكون طالق بالستين؛ دفعا لضرره وشره، فهل يقع عليه طلاق بما ذكر. (أجاب) حيث لم ينو بما ذكر إيقاع طلاق على زوجته بذلك فلا يقع به طلاق لأن ما ذكر كناية ولا يقع

مطلب: رجل توجه لسفر فتبعته زوجته .. إلخ.

بها إلا بنية الإيقاع، على أن الضرب قرينة على عدم القصد، وقد صرح بعض علماء الحنفية أيضا بأن تكون طالقا كناية، ونقل في بعض فتاويهم، والمعنى يشهد له، لأنه مضارع يحتمل الحال والاستقبال، فاحتاج لمرجح وهو النية، فلا تصغ لجاهل هو في الدين بلية، وعلى عباد الله رزية ويهدم قواعد الدين العلية، والله أعلم. مطلب: رجل توجه لسفر فتبعته زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل توجه لسفر فتبعته زوجته تريد منه مصروفا، فتنازع معها فقال لها: إن ما عدت تكوني طالقا، ثم زجرها الحاضرون وعادت، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث رجعت المرأة لا يقع على الرجل طلاق لأن المعلق عليه الطلاق عدم العود، وقد وجد منها العود لا عدمه فلا يقع الطلاق المعلق على أن تكوني كناية، كما صرح به أئمة أعلام ولا يقع بها إلا بنية الإيقاع، والله أعلم. (سئل) في رجل يريد أن يتزوج امرأة، ينهاه ابن عمه فلم ينته، فقال له: علي الطلاق إن أخذتها لأقتلنك، فما الحكم إن أخذها. (أجاب) أن أخذ الزوج المرأة المحلوف عليها ولم يقتله ابن عمه وقع عليه طلقة رجعية فله مراجعة زوجته إن لم يكن وقع عليه طلقتان، والله أعلم. مطلب: رجل كان مريضا فتشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل كان مريضا فتشاجر مع زوجته فقال لها: إن كان الناس يحلفون بالطلاق تكوني أنت بالمائة، فهل يقع عليه الطلاق بهذا اللفظ. (أجاب) هذه اللفظة غير صريحة في إيقاع الطلاق لبعدها وكثرة احتمالاتها؛ لأن الطلاق لا يحلف به إلا من حيث التعليق، وتكوني مضارع وهو أيضا محتمل الحال والاستقبال، وقوله بالمائة يحتمل بالمائة طلقة ويحتمل بالمائة درهم ويحتمل بالمائة حلفة، أي أحلف بك مائة مرة، ثم يحتمل لعزتها عنده، ويحتمل على بعد وإن كان هو المفهوم للعامة، فأنت بالمائة طلاق وهو أيضا كناية، فعلى كل حال لا يقع هذا اللفظ عند الإطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تخاصم مع أولياء زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تخاصم مع أولياء زوجته في شأنها وضربوه وسبوه فقال لهم: إن كان تريدوا أن تقتلوني من أجلها تكون طالقا بالثلاث، فكيف الحال؟ (أجاب) حيث لم ينو إيقاع طلاق على زوجته أو نواه ولم يرد الأولياء قتله لا يقع على الحالف طلاق لأن وقوعه يحتاج لأمرين؛ نية الإيقاع وإرادة الأولياء قتله، فحيث انتفيا هما أو أحدهما فلا وقوع كما هو معلوم، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فقال لها: علي الطلاق ما تردين إلا بعد سنة، وذهبت دار أهلها، فهل إذا نزل عند أهلها إلى مضي سنة لا يقع عليه طلاق. (أجاب) نعم إذا نزل عند أهل المرأة لايقع عليه طلاق لأنه حلف على ردها وهي لم ترد، فإذا مضت السنة المذكورة المحلوف عليها وردت لا يقع على الرجل طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل توجه لرد زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل توجه لرد زوجته من عند أبيها فتنازع معه فقال الزوج: علي الطلاق إن لم تردها في هذه المرة ما ترد

مطلب: رجل له زوجتان تنازع معهما .. إلخ.

في هذا الحول ثم اتفق مع الأب وحلف له على ردها وتوجه الزوج لمصلحة بعد ردها ففي نصف الطريق هربت ورجعت لأبيها، فهل يقع على واحد منهما الطلاق. (أجاب) لا يخفى أن المدلول من يمين الزوج التمكين من ردها وكذلك يمين الأب ووجد التمكين، فعود المرأة بالهرب لا يقتضي وقوع الطلاق فلا يقع على واحد منهما طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل له زوجتان تنازع معهما .. إلخ. (سئل) في رجل له زوجتان تنازع معهما فقال لهما: علي الطلاق لا تدخلان لي دارا من أربع سنين، والدار التي هو فيها شركة بينه وبين ابن أخيه ولا نية له، فهل يقع عليه طلاق أم لا؟ (أجاب) حيث كان الأمر كذلك، يعني كما ذكر "ولا نية له" فلا يقع بدخول المشتركة كما صرحوا به فإن دخلتا دارا له كاملة الملك وقع عليه الطلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته فأغاظته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فأغاظته بالكلام فقال: علي الطلاق إنك لا تعدميني، قاصدا بذلك إما السفر وإما الموت، فما الحكم في ذلك. (أجاب) مقتضى مدلول هذه اليمين نفي عدم الزوج ونفي عدمه وجوده عندها، وقصد السفر بهذا اللفظ لا يقتضي وقوع الطلاق فلا يترتب على الرجل طلاق عند انتفاء السفر، فبالجملة هذه الصيغة لا تقتضي وقوع الطلاق عند عدم السفر وعدم الموت، ولكن الورع عمل بقصده ونيته أن يسافر ولو قصيرا لأن عدمه المترتب في قصده يصدق بأقل القليل منه، على أنه إن مات قبلها صدق العدم وتبين عدم وقوع الطلاق وترث منه وإن مات قبله هو محل الورع لأجل الإرث منها يقينا، والله أعلم. مطلب: والد تنازع مع ولده، فقال له: علي الطلاق .. إلخ. (سئل) عن والد تنازع مع ولده، فقال له: علي الطلاق بالثلاث لا تدخل لي دارا ولا تدخل لي دكانا إلا أن يشاء الله، قاصدا بذلك التعليق وزجر ولده، والدار ليست له وكذلك الدكان، فهل يقع في هذه الحالة طلاق. (أجاب) المصرح به في كتب المذهب متونا وشروحا أن التعليق بالمشيئة يمنع الوقوع لجهلنا بها ووقوع شيء دونها محال، لأنها والإرادة عندنا واحد ووقوع شيء دونها محال وأيضا غير المملوك لا يقع به طلاق لأن إضافة الدار والدكان له يقتضي الملك الكامل كما صرحوا به أيضا فلا وقوع بغير الملك الكامل، فعلم أن لا وقوع من جهتين التعليق بالمشيئة وعدم الملك ثم المشيئة إن أسمع بها نفسه كفت فيما بينه وبين الله تعالى وإلا فإن صدقته الزوجة فكذلك وإلا احتاج إلى أن يسمع غيره يشهد له عند إنكارها، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل له زوجة توجهت لدار رجل .. إلخ. (سئل) في رجل له زوجة توجهت لدار رجل فتبعها زوجها، وقال: إن بت في هذه الدار تكوني طالقا بالثلاث فخرجت لدار متصله بها من فرجة بينهما، فهل يقع على الحالف الطلاق. (أجاب) حيث إن المرأة باتت في دار غير الدار المحلوف عليها لا يقع على الرجل طلاق لعدم وجود الصفة المعلق عليها، والله تعالى أعلم.

مطلب: رجل أخبر عن زوجته .. إلخ.

(سئل) في رجل خاطب أخته فقال لها: علي الطلاق بالثلاثة إنك ما تخرجين من هذه الدار إلا بزواج، يعني بالخروج الرجوع إلى أولادها، فما الحيلة إلى رجوعها إلى أولادها بغير زواج. (أجاب) الحيلة أن ترفع المرأة نفسها للحاكم أو وكيلها لذلك، فيدعي على الأخ أنه مانع هذه المرأة من أولادها أو من الخروج مثلا إلى مصالحها، فيأمره الحاكم الشرعي أو العرفي بإخراجها فيكون مكرها والمكره لا يقع عليه طلاق لأن الإكراه الشرعي كالإكراه الحسي، والله أعلم. مطلب: رجل أخبر عن زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل أخبر عن زوجته أنها كاشحة للرجال، فقال الزوج: للمخبر إن كانت كاشحة فهي طالق بالثلاث، ثم بحث عنها فلم توجد كذلك، وأن المخبر كاذب عليها، فما الحكم في ذلك. (أجاب) العصمة محققة وثابتة والخبر محتمل للصدق والكذب والبحث عنه والوجود على خلاف الواقع رجح جانب الكذب فلم توجد الصفه المعلق عليها الوقوع فلا يقع على الرجل طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أخ زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع أخ زوجته وقد توجهت لبيت أخيها، فقال له الزوج: علي الطلاق بالثلاث لا أردها في سنتي، وقال أخوها: ما أردها عليك في سنتي، فما الحيلة في ردها على الزوج قبل تمام السنة. (أجاب) الحيلة أن المرأة ترجع إلى بيت زوجها بنفسها، أو يردها غير الزوج والأخ رجل من آحاد الناس فلا يقع على الأخ ولا على الزوج طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) عن رجل تشاجر مع زوجته فقال لها: إن شئت فأنت علي حرام من اليوم إلى مثله، ولم تقل المرأة شيئا بل اختارت عدم الفراق، فما الحكم والحالة هذه. (أجاب) حيث لم يصدر من المرأة مشيئة فلا يترتب على الرجل الحالف شيء لأنه علق على المشيئة ولم توجد، والله أعلم. مطلب: فيمن حلف بالطلاق لا يشتي هو وأخوه في بلده .. إلخ. (سئل) فيمن حلف بالطلاق لا يشتي هو وأخوه في بلده، فمتى يحنث هل بدخول أيام الشتاء أو بانقضائها جميعا. (أجاب) لا يحنث إلا إذا مكث في البلدة المحلوف عليها هو وأخوعه جميع الشتاء عرفا لأن الأيمان مبناها على العرف، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها: روحي تكوني طالقا بالثلاث، قاصدا تخويفها وتأديبها ولم ينو بذلك فراقها ولا تنجيز طلاقها وحلف بالله العظيم لم يقصد غير ذلك، فهل يصدق بيمينه في ذلك ولا يحكم عليه بوقوع الطلاق بما ذكر لكونه كناية، فكيف الحال. (أجاب) لا يقع عليه الطلاق لأمرين يدركهما العلماء العاملون ويغفل عنهما الجهلة المتفقهون، الأمر الأول أن العصمة محققة وثابتة لا ترفع بالمحتمل ولا ترفع بالكناية المحتملة للطلاق وغيره مع العصمة المحققة ولا سيما مع النية الصارفة لها عن الاحتمالين المصدق فيهما الحالف لأنها لا تعلم إلا منه. الأمر الثاني كثير من الجهلة يميلون في ذلك إلى إيقاع

مطلب: في أهل قرية جاء لهم عروس .. إلخ.

الطلاق بل شاهدنا كثيرا ممن يدعي العلم ويتمشدق به يدعي ذلك فإذا راجعنا كتب أهل التحقيق ورأينا هذا الرجل لم يقع عليه طلاق، وذلك المدعي قد أوقع عليه الطلاق فصار مثله مثل الشياطين الذين يعلمون الناس السحر يفرقون به بين المرء وزوجه بل هذا أبلغ من الشيطان لأن الشيطان كان سببا لإيقاع الطلاق، وهذا قد فرق بينهما من غير إيقاع طلاق بل بدعاوى باطلة وأقاويل كاذبة ثم إنه إذا فرق بينهما ونكحا ثان والحال أنها على ذمة الأول فقد فرق من غير أن الله ورسوله قد فرقا وجمع من غير أنهما قد جمعا فانظر ماذا يترتب على الإقدام على الأحكام من غير أحكام، فروحي طالقا كناية وتكونين طالقا كناية وانضمام كناية إلى كناية لا يصير اللفظ صريحا. صرح بذلك ابن حجر وغيره وهذا شيء لا يعلم إلا من الحالف فيصدق عملا بظاهر اللفظ بل لو أطلق فلا يقع عليه بذلك طلاق لأن لا بد من قصد استعمال اللفظ بمعناه وفي الكناية لا بد من نية الإيقاع، فحيث لم توجد فلا وقوع سواء أطلق أم صرف اللفظ لجهة أخرى، ووجه الكناية في روحي أنها محتملة الرواح إلى المنزل أو إلى أهلها أو إلى غير ذلك وفي تكونين أنها مضارع وهو محتمل الحال والاستقبال فلا وقوع به في الحال إلا مع نية الإيقاع، والكلام هنا طويل اختصرناه لقصد العجلة، والله أعلم. مطلب: في أهل قرية جاء لهم عروس .. إلخ. (سئل) في أهل قرية جاء لهم عروس ومن معها فقال رجل: أنا مطلق بالثلاث أن العروس في عزومتي، وجاء الثاني من غير علم له بحلف الأول فقال: أنا مطلق بالثلاث أن العروس في عزومتي. ثم ضيفا كل منهما فما الحكم والحالة هذه. (أجاب) حيث ضيف كل منهما فلا يقع الطلاق على واحد منهما على أن ما ذكر إخبار عن حلف سابق فإن كان كاذبا فلا وقوع أيضا، والله أعلم. مطلب: في رجل تخاصم مع زوجته .. إلخ. (سئل) في رجل تخاصم مع زوجته فقال لها: روحي طالقا بالثلاث في حال غضبه، فما الحكم الشرعي. (أجاب) حيث لم ينو بهذا اللفظ طلاقا على زوجته فلا يقع عليه طلاق لأن ما ذكر كناية وهي تحتاج لنية الإيقاع وإن نوى ما ذكر طلقت فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره، والله أعلم. مطلب: رجل غضب على زوجته من جهة رضاع .. إلخ. (سئل) في رجل غضب على زوجته من جهة رضاع ولدها، فقال: علي الطلاق بالثلاث أنه لا يذوق لها درة، قال ذلك في حال غضبه، ثم إنها ذهبت للولد وأرضعته ولم تعلم بحلفه، فهل يقع عليه طلاق؟ (أجاب) حيث أرضعت الولد جاهلة بحلف زوجها أو ناسية أو مكرهة فلا يقع على زوجها طلاق، والله أعلم. مطلب: في رجل حلف أنه لا يقضي لرجل .. إلخ. (سئل) في رجل حلف أنه لا يقضي لرجل ولا لامرأة حاجة، ثم بعد مدة طلبت منه المرأة زلطة قرضا فدفعها لها ناسيا لليمين، فهل يحنث والحالة هذه. (أجاب) حيث دفع لها الزلطة ناسيا فلا يقع عليه

مطلب: رجل قال لزوجته: تكونين طالقا .. إلخ.

الطلاق لأن فعل الناسي كلا فعل، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: تكونين طالقا .. إلخ. (سئل) في رجل قال لزوجته تكونين طالقا ثلاثا، ثم مشى أربع خطوات وقال: إلا أن يشاء الله، بحضرة شهود، وشهدوا كذلك، فهل يقع عليه الطلاق والحالة هذه. (أجاب) حيث نوى الرجل التعليق قبل الفراغ من الصيغة فلا يقع عليه طلاق لأن المعلق عليه من مشيئة الله وعدمها غير معلوم، ولأن الوقوع بخلاف مشيئة الله تعالى محال، ولأن المشي الخطوات المذكورة لا تمنع اتصال الاستثناء، لأن المراد الاتصال عرفا وهو لا يمنع ذلك على أن تكونين كناية ولا يقع بها إلا بنية الإيقاع ولم توجد فامتنع الوقوع لأمرين أحدهما التعليق المذكور والثاني عدم نية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته فجاء له .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته فجاء له ابن عمها، فقال له: مرادك منها الطلاق، فقال له: اذهب لها فإن أبرأتني أطلقها، فجاء له وقال له: قد أبرأتك، فقال له: إن كان صحيحا أبرأتني تكون طالقا بالثلاث، ثم سألها فقالت: ما أبرأتك أصلا، وابن العم سئل عن ذلك فقال: لا أعرف يذهب لامرأته، فما الحكم الشرعي. (أجاب) لا يخفى أن المعلق عليه الطلاق البراءة الصحيحة فحيث لم توجد أصلا أو كانت فاسدة فلا طلاق أصلا على أن تكونين كناية وهي لا بد في الوقوع بها من نية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع ابن عمه، فقال له: علي الطلاق .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع ابن عمه فقال له: علي الطلاق بالثلاث لأطلع عنك يريد فراقه ولو بعد حين، فتوجه للشام وسأل عن يمينه فقيل له: لا يقع عليك طلاق الآن، ثم جاء عند رجل يدعي العلم فقال له: يا شيخ حسين أنا ذكرت يمين طلاق ثلاث أني ما أنا قاعد مع ابن عمي، فقال للمرأة: احتجبي عنه فقد وقع عليه الطلاق الثلاث، ولم يحصل بينهما قعود، ثم لما فرق بينهما قعد مع ابن عمه وابن عمه الذي هو أخو الزوجة من عم الزوج يقول: إنما قال لا أساكنك وقد حصلت المساكنة، والمرأة تزوجت من آخر، فما الحكم الشرعي في هذه المسألة. (أجاب) لا يخفى أن مدلول حلف الرجل الأول تعليق على المستقبل وهو لا يقع به إلا بعد اليأس إما من موته وإما من موتها قبيل ذلك فلم يقع عليه في الحال شيء، وأما إخباره للرجل المدعي للعلم بالقعود غلطا عن الطلوع فحيث قام على ذلك قرينة فهو المصدق سلمنا أنه لم يقم عليه قرينة فمعنى القعود الجلوس ولم يحصل بينهما جلوس فلا وقوع، وكأن الخطا سرى لمدعي العلم أن معنى القعود الإقامة معه وليس كذلك على أن المضارع الذي هو لأطلع عنك واسم الفاعل وهو قاعد كل منهما فيه خلاف، هل هو حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال، أو بالعكس، أو حقيقة فيهما، وإن كان المرجح في اسم الفاعل أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال وكفى به مرحجا، وفتوى المفتي إذا اعتمدها العامي لا يقع عليه طلاق، وعبارة ابن حجر

مطلب: رجل معه امرأة فهدد على طلاقها .. إلخ.

قال بعض المتأخرين: إنه لو أفتى فقيه عاميا بطلاق فأقر به ثم بان خطأ لم يؤخذ بذلك الإقرار للقرينة، فإنه إنما بنى على ظن الوقوع به، ومثل ذلك مر له نقل عن البلقيني: لو قال لها أنت حرام علي فظن أنها طلقت ثلاثا، فقال لها: أنت طالق ثلاثا ظانا وقوع الطلاق الثلاث بالعبارة الأولى، فأجاب: لا يقع عليه طلاق بما أخبر به ثانيا على الظن المذكور، وابن العم الذي هو أخو الزوجة لا تقبل شهادته لأخته، فالمرأة باقية على ذمة الزوج الأول يلزم زوجها الثاني لها مهر المثل لأن وطأه شبهة ولا يدخل عليها الزوج إلا بعد انقضاء عدتها من الزوج الثاني، والله أعلم. مطلب: رجل معه امرأة فهدد على طلاقها .. إلخ. (سئل) في رجل معه امرأة فهدد على طلاقها ضربا وغيره ووضع الحديد في رجليه، ثم جاء له أجنبي بثمانية قروش وقال له: خذ هذه الثمانية قروش وطلقها واهرب وإلا قتلوك، فأخذها وقال في غيبتها: روحي طالقا بالثلاث، فهل يقع عليه طلاق والحال أنه إنما فعل ذلك دفعا لشرهم. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر ولم ينو إيقاع طلاق على زوجته فلا يقع على الرجل طلاق لأن ما ذكر كناية، وهي لا بد لها من نية الإيقاع على أن قرينة الإكراه تدل على ذلك، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع زوجته، فقال لها: أنت طالق .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها: أنت طالق بالثلاث إلا أن يشاء الله، وتلفظ بالإنشاء بحيث أسمع نفسه دون أن يسمعه أحد، فهل يقع عليه الطلاق والحالة هذه. (أجاب) حيث صدقته الزوجة في الإنشاء عمل بالقول المذكور وإلا فالقول قولها في نفيه، لأن الظاهر الوقوع، وما ادعاه خفي لا يعلم إلا بالنية أو تصديقها له، هكذا يؤخذ من عبارة الأنوار، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أقارب زوجته فضربوه .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع أقارب زوجته فضربوه وآذوه بالكلام والإفجار، فقال لها: هذا من أجلك تكونين طالقا بالسبع مذاهب في حال حدته وغضبه بحيث إنه لم يقصد شيئا، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يقع على الحالف طلاق؛ لأن ما ذكر كناية لا يقع بها إلا بنية الإيقاع فلا يقع بها عند الإطلاق، والله أعلم. (سئل) عن رجل عقد على امرأة بمهر معلوم ثم طولب به فعجز عنه، فقال له رجل: سرحها، فقال: سرحتها، وكان ذلك قبل الدخول بها، فهل له مراجعتها. (أجاب) حيث وقع من الزوج هذا اللفظ، أعني سرحتها قبل الدخول بها بانت منه لأن ما ذكر صريح من صرائح الطلاق الثلاث وهي الطلاق والفراق والسراح، أي مشتقاتها، وقبل الدخول تلك المرأة نفسها بطلقة لأنها لا عدة عليها فلا رجعة للزوج عليها لما ذكر، والله أعلم. مطلب: في رجل جاءت ابنة أخيه حردى .. إلخ. (سئل) في رجل جاءت له ابنة أخيه حردى من عند زوجها فحلف بالطلاق أنها ما ترد من سنة، فهل إذا راحت لزوجها بسبب أنه تطل على أولادها لا بسبب الرد ثم

مطلب: رجل تنازع مع زوجته في أمر .. إلخ.

مكثت عند زوجها، هل يقع عليه الطلاق. (أجاب) حيث أطلق الرجل في يمينه ولم يرد مطلق الرجوع وتوجهت بسبب زيارة أولادها فلا يقع على الحالف طلاق وإن مكثت عند زوجها وأولادها لأنها لم ترد وإنما توجهت للزيارة، كما لو حلف لا تخرج للحمام ثم خرجت لغيره ودخلته فلا يحنث بذلك، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع زوجته في أمر .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع زوجته في أمر فحصل له عليها غضب فقال لها: تكونين طالقا بالثلاث في حال حدته وغضبه ولم يقصد بذلك شيئا، وإنما جرى ذلك على لسانه من غير قصد، فهل يقع عليه طلاق بذلك. (أجاب) نص الإمام السيوطي وابن قاسم والشيخ علي الشبراملسي على أن "تكونين طالقا" كناية طلاق لا يقع به إلا بنية الإيقاع، فحيث لم ينو الرجل المذكور الإيقاع للطلاق فلا يقع عليه شيء لما ذكر، ولأنه مقتضى القواعد من أن المضارع محتمل الحال والاستقبال ولا مرجح لأحدهما، والعصمة محققة فلا تزول إلا بيقين على أن مذهب الإمام أبي حنيفة لا يأبى ذلك لأن الكناية ما احتمل أمرين وهنا كذلك فلا تصغ لجاهل لا خلاق له يوقع عليك الطلاق الطلاق وزوجتك في عصمتك فقل له: كيف تفعل ذلك، تحرمها علي وهي لي حلال، وتحللها لغيري وهي عليه حرام مع النص المذكور، والله أعلم. مطلب: رجل اتهم في محرمة بها دراهم .. إلخ. (سئل) في رجل اتهم في محرمة بها دراهم فقالوا لها: أخذتها، فقال: علي الطلاق ما أخذتها، ثم وجد على رأسه طاقية كانت بها، فقيل له: إنك أخذتها من البيت، فقال: ما أخذتها من البيت، ويدعون عليه أنه حلف بالطلاق الثلاث ولم يعلم حال المحرمة والدراهم والطاقية، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر ولم يكن في نفس الأمر أخذ المحرمة والدراهم فلا يقع عليه طلاق، سواء كان طلاقه واحدة أم ثلاثا لعدم وجود المعلق عليه، والله أعلم. مطلب: رجل قال لزوجته: تكونين طالقا .. إلخ. (سئل) عن رجل قال لزوجته: تكونين طالقا تكونين طالقا؛ جوابا لمن قال له: أجيرك ينام عند زوجتك، ناويا بذلك إن كانت زوجته تفعل القبيح، غير ناو بذلك الطلاق، فكيف الحال. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يقع على الحالف طلاق لأمرين: لنية التعليق المانع من الوقوع باطنا، ولأن ما ذكر كناية لا يقع بها إلا بنية الإيقاع، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع أولاد أخته .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع أولاد أخته في شأن أخته لكونه يريد أخذها قهرا، فقال له واحد منهم يسمى سلامة: آخذها بسيفي هذا، فقال له خاله: علي الطلاق بالثلاث ما تأخذها بسيفك هذا ولا تدخل لك دارا، وفيه شهود يشهدون بذلك، فأخذها غير سلامة المخاطب وأدخلها قهرا الدار المشتركة بينه وبين إخوته، فهل يقع عليه طلاق؟ (أجاب) حيث إن سلامة لم يأخذها بسيفه ودخلت الدار وهي

مطلب: رجل تشاجر مع ابن عمه فحلف بالطلاق .. إلخ.

مشتركة بين المخاطب وإخوته لم يقع على الحالف طلاق لأن سلامة لم يأخذها بسيفه، ولم تكن الدار له خاصة بل على أنه إنما ثبت أن أخاه أكرهها وأدخلها قهرا، فلا يقع عليه الطلاق لأن فعل المكره كلا فعل، والله أعلم. مطلب: رجل تشاجر مع ابن عمه فحلف بالطلاق .. إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع ابن عمه فحلف بالطلاق الثلاث أنه بعد البيدر يرحل من قريته ناويا بذلك بعد أن يأكل بيدر الزيت، فلما استوفى غلة الزيت رحل من بلدته، فهل يقع عليه طلاق. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يقع على الحالف طلاق، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها: تكونين محرمة علي وأطلق، فما الحكم في ذلك. (أجاب) حيث لم ينو طلاقها فلا يقع طلاق، والاحتياط أن يخرج كفارة يمين بأن يطعم عشرة، كل واحد مد طعام أو يكسيهم أو يعتق رقبة مؤمنة خالية عن عيب وعن علاقة عتق، فإن عجز عن كل ذلك صام ثلاثة أيام، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فقال لها: تروحين طالقا بالثلاث على أربع مذاهب المسلمين، قال ذلك في حال حدته وغضبه، وقصده بذلك اليمين إغاظة لها ولم يقصد بذلك الفراق، فما الحكم الشرعي في ذلك. (أجاب) لا ريب أن تروحين طالقا ليس من صرائح الطلاق الثلاث المصرح بها على أن ما ذكر لو كان مشتقا من صرائحه كان كناية لأنه مضارع، وهو كناية لأنه محتمل الحال والاستقبال فلا يقع إلا بنية تكيف، وما ذكر ليس من الصريح في شيء، وطالقا بالثلاث لا يقع به شيء لأنه لا بد من دال على الزوجة من اسمها أو ضميرها، فحيث لم ينو بما ذكر إيقاع طلاق فلا يقع على الحالف طلاق، كما يؤخذ من فتاوى ابن حجر لأنه وإن لم يصرح بتروحين وإنما ذكر روحي الأولى تروحين منه بعدم الوقوع، لأن المضارع محتمل للوعد في المستقبل أبلغ من الأمر كما لا يخفى على من له أدنى إلمام بالخوض في مثل هذا المقام، والله أعلم. مطلب: رجل تنازع مع أخته فحلف .. إلخ. (سئل) في رجل تنازع مع أخته فحلف بالحرام ما أساكنك شهرين، ولم ينو بالحرام طلاقا، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث لم ينو طلاقا ولا ظهارا فلا طلاق ولا ظهار وإنما عليه كفارة يمين؛ عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام ويخلص من يمينه، والله أعلم. مطلب: في رجلين باع كل منهما داره .. إلخ. (سئل) في رجلين باع كل منهما داره لآخر، ثم بعد مضي مدة ندم أحدهم على البيع وأراد أن يفسخ البيع ويرجع إلى داره فامتنع الآخر، وقال: لا أفسخ البيع ولا أخرج من داري، فتجاهى عليه بأهل البلدة ليخرجوه من الدار، فلما جاءوا إليه ليخرجوه منها حلف بالطلاق الثلاث أنكم إن أخرجتموني من هذه الدار لا أسكن بلدكم أبدا في عمري، ثم استفتى الرجل الآخر مفتي الشرع في أصل

مطلب: في رجل لحقه جنون وزال عقله .. إلخ.

البيع فأفتاه بأن هذا البيع باطل، وعلل بطلانه بأن البلدة وبيوتها ودورها للسلطان وللأستاذ من جهة السلطان، فجاء إليه ليخرجه من الدار، فهل إذا أخرجه منها يقع عليه الطلاق، وهل له وجه مخلص له من طلاق. (أجاب) نعم حيث كانت البلدة من أراضي بيت المال فالبيع لا يصح، لا كما ذكره المفتي بل لعدم ملك البائع أو ولايته على المبيع لأنها لجميع المسلمين، والتصرف فيها للسلطان، وإذا خرج الرجل بأمر الشرع لا بأمر أهل البلد فلا يقع عليه طلاق وإن سكن بلدهم لعدم وجود المعلق عليه وهو إخراج أهل البلد، والله أعلم. مطلب: في رجل لحقه جنون وزال عقله .. إلخ. (سئل) في رجل لحقه جنون وزال عقله بجنون، وصار يتلفظ بالطلاق، وطلق زوجته وهو لا يشعر، فهل يقع عليه طلاق وهو في هذه الحالة. (أجاب) حيث اختل كلامه المنظوم وانهتك ستره المكتوم وأوقع الطلاق في هذه الحالة فلا يقع عليه طلاق، والله أعلم. مطلب: رجل له شريك في حطب، فقال له شريكه .. إلخ. (سئل) عن رجل له شريك في حطب فقال له شريكه: بعت منه، فقال له: علي الحلال ما بعت منه ولا أخذت منه لداري، ولكن أخذ منه تابع الشوباصي كم عود، ثم أخذ الشريك الذي أخذه تابع الشوباصي ورده لشريكه، فهل يقع على الحالف الطلاق والحالة هذه. (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يقع على الرجل طلاق، أما أولا فلأن "علي الحلال" ليست صيغة طلاق، وأما ثانيا فلأن الرجل لم يبع، والذي أخذه تابع الشوباصي أخذه قهرا لا يسمى بيعا حتى أنه لو أعطى أحدا من الناس منه شيئا بثمنه فلا يقع طلاق لأن البيع لا بد له من الإيجاب والقبول وقدرة التسليم وكون العاقد رشيدا له ولاية عليه إلى آخر الشروط، والله أعلم. مطلب: في رجل قال: علي الطلاق أني ما أروح .. إلخ. (سئل) في رجل قال: علي الطلاق أني ما أروح من البلد إلا ما شاورت نسيبي، فتوجه لنابلس ولم يشاور صهره لنسيانه، فما الحكم. (أجاب) حيث خرج الرجل من البلد ناسيا لا يقع عليه طلاق، لما صرحوا به من عدم وقوع طلاق الناسي والجاهل والمكره، والله أعلم. مطلب: في رجل معه ابنة عم زوجها له أبوه .. إلخ. (سئل) في رجل معه ابنة عمه، زوجها له أبوه في صغره وصغرها من أبيها، ثم بلغ الزوج وأراد أن يتزوج ابنة آخر، فقال له: زوجني ابنتك، فقال: لا أزوجك ومعك ابنة عمك، فقال له: إن زوجتني ابنتك تكون ابنة عمي طالقة ثلاثا، فقال له بعض الحاضرين: ربما زوجك غيره، فقال هذا الحجر ثم مات أبو الزوجة وزوجها له غير الأب، فهل تحرم عليه ابنة عمه، والحال أنه لم ينو تحريم ابنة عمه إن زوجها له غير الأب. (أجاب) حيث زوجه لها غير الأب لا يقع عليه طلاق لأمرين، الأول أنه لم ينو الإيقاع بما ذكر لأنه كناية وهي لا بد فيها من نية الإيقاع. الثاني أن قوله هذا الحجر لاغ من أمرين، أحدهما أن الحجر لا يزوج. الثاني أن قوله هذا الحجر ليس فيها صيغة تعليق ولا له ارتباط

مطلب: رجل ضاف صديقا له في جملة أضياف .. إلخ.

بالكلام السابق، والله تعالى أعلم. مطلب: رجل ضاف صديقا له في جملة أضياف .. إلخ. (سئل) في رجل ضاف صديقا له في جملة أضياف، فرأى في منزل مضيفه فنجانا فأعجبه، فقال لمضيفه: أعطني هذا فامتنع من إعطائه له، فقال: علي الطلاق بالثلاث أني لا أخرج إلا به فأخذه واحد من الجماعة فسقط من يده فانكسر، فجمعوا مكسره وأعطوه له فخرج به فهل يقع عليه االطلاق، وإذا قلتم لا، وأفتى بعض العلماء بوقوعه يكون إفتاؤه بذلك خطأ. (أجاب) من المبدع للإيجاد يحصل الإمداد لا يخفى على من مارس الفقه ودارسه واستفاد وأفاد ونظر في تطاعن فرسان الفقهاء وتجاول أفهام العلماء وأدرك المعنى من مورده وحقق الفرق من مصدره وأخذ الحكم عن اليقين لا على الظن والتخمين وتبع الأصل المتين والغي العارض الوهين عدم الوقوع في هذه المسألة لما يتلى عليك ويوضح بين يديك أما أولا فلأن العصمة ثابتة يقينا ولا تزال تخمينا، فأين النص الدال على الوقوع، وأما ثانيا فلأن المحلوف عليه حقيقة الفنجان وجسمه وقد خرج بها الحالف لا صورته وشكله المحال نقله أو أخذه، وأما ثالثا فإذا راجعت كلام الفقهاء في الأيمان وجدتهم لم يعولوا على الصور والشكل بل على الحقيقة والمثل، فمن ذلك قول المنهج وغيره ويتناول الخبز كل خبز ولو من أرز أو باقلاء أو ذرة أو حمص وإن ثرده فظاهر قوله ويتناول الخبز إلى آخره أن ذلك يشمل الأكل وعدمه والأخذ وعدمه، فتأمل قولهم وإن ثرده فلم ينظروا فيه إلا للحقيقة لا للصورة والشكل نعم لو كان للشيء اسم خاص يزول بطريان فعل عليه اتبع كما لو حلف لا آكل ذا البر حنث به على هيئته ولو مطبوخا على غيرها كطحينه وسويقه وعجينه وخبزه لزوال اسمه، فتأمل قولهم: ولو مطبوخا المقتضي لتفرق أجزائه فلم ينظروا لذلك، ومن ذلك قولهم: لو حلف ليأكلن ذا الطعام غدا فتلف بنفسه أو بإتلاف، أو مات الحالف في غد بعد تمكنه من أكله، أو أتلفه قبله أي قبل تمكنه حنث من الغد بعد مضي زمن تمكنه لأنه تمكن في البر في الأولين وفوت البر باختياره في الثالثة بخلاف ما لو تلف أو مات هو أو أتلفه غيره قبل التمكن فلا حنث لأنه كالمكره .. انتهى. فتأمل قولهم بخلاف ما لو تلف أو مات هو أو أتلفه غيره قبل التمكن فلا حنث لصريح ذلك في مسألتنا بل أولى مسألتنا بعدم الوقوع لأن في مسألتنا حقيقة الفنجان باقية والمسألة المنصوص عليها عدم الطعام قبل التمكن فقياسها الفنجان لو عدم قبل تمكن الحالف من أخذه بالكلية كوقوعه في بحر أنه لا يقع على الحالف طلاق، ولهذا نظائر كثيرة ووقع من الأئمة فتاوى مبنية على هذا الأصل وهو التمكن وعدمه على أمر مستقبل بخلاف أمر ماض فقد ألفوه في فروع كثيرة، ومن ذلك ما وقع للشهاب الرملي في الفتاوى

الصريح في مسألتنا بل أولى المبني على الفرع المذكور، وإن لم يذكر إلينا فإنه سئل عن شخص حلف بالطلاق على شخص أنه يأكل هذه القطعة اللحم، فقال: أنا شبعان وسآكلها فتركها، فأخذت وعدمت، فهل يقع عليه الطلاق أو لا؟ فأجاب: إنه لا يقع عليه الطلاق إن فقدت قبل تمكن المحلوف عليه من أكلها .. انتهى. وهنا لو فقد الفنجان قبل تمكن الرجل من أخذه لا يحنث أخذا مما ذكر المأخوذ من الفرع المذكور، وإذا فهمت هذا المقام فهمت ما ذكره ابن حجر من التنبيه في باب تعليق الطلاق بالأزمنة وذكر فيه عشرين فرعا، أحد عشر أوقعوا فيها الطلاق وألغوا المحال، من ذلك نحو: أنت طالق أمس؛ فيقع حالا ويلغوا قوله أمس، ومن ذلك: أنت طالق قبل أن تخلقي، وفي أنت طالق لا في زمن وفي أنت طالق للبدعة، ولا بدعة لها، وللشهر الماضي، وفي أنت طالق الآن طلاقا أثر في الماضي، وفي أنت طالق اليوم غدا، وفي أنت طالقة سنية بدعية، وفي أنت طالق الطلقة الرابعة؛ قال: ويلحق بهذه المسائل أنت طالق أمس غدا، أو غد أمس من غير إضافة. والحاصل أن في هذه المسائل يلغى المحال، ويعمل بالممكن، ويخالف هذه الفروع كلها عدم الوقوع أصلا نظرا للمحال في أنت طالق بعد موتي أو معه، وفي أنت طالق بعد انقضاء عدتك، وفي أنت طالقة طلقة بائنة لمن يملك عليها الثلاث، أي مثلا ورجعية لمن لم يملك عليها سوى طلقة أو لغير موطوءة، وفي أنت طالق الآن أو اليوم إذا جاء الغد، أو إذا دخلت الدار، وفي أنت طالق إن جمعت بين الضدين، أو نسخ رمضان، أو تكلمت هذه الدابة. والحاصل أن الطلاق لا يقع في هذه الصور الأخيرة نظرا للمحال، ووقع في تلك إلغاء للمحال، وذلك إما لما ذكرنا من البناء على الفرع المذكور وهو الإمكان وعدمه، أو لما انحط عليه كلام ابن حجر وإن طال الكلام على ذلك وهو أن المحال إذا كان ماضيا ألغي، وإن كان مستقبلا فلا يلغى، ولكن بعد تحقق النظر في كلامه ثم يخرج عدم الوقوع على فرع آخر وهو أن الإكراه تارة يكون حسيا، وتارة يكون شرعيا، وتأمل قولهم: إذا تلف الطعام قبل التمكن أو مات الحالف قبله أو أتلفه غيره حيث عللوا الوقوع بأنه كالمكره، وهنا لو تعذر أخذ الفنجان صار الحالف كالمكره على عدم أخذه لوجود الحيلولة بينه وبينه، فهو نظير ما لو منعه أحد من أخذه قهرا، أو أخرج من البيت قهرا، فلا يقع عليه طلاق. وراجع الإسنوي في الكوكب بأنه لا بد في القسم من نون التوكيد وإلا فاليمين لغو، وإن كنا نرى في فتاويهم وأمثلتهم عدم التزام ذلك، لكن ما ذكره الإسنوي هو صريح كلام النحاة واللغة والآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار العربية، وقد ظهر لك عدم الوقوع في هذه المسألة بالنقل الصحيح، والإفتاء بالوقوع تساهل صريح

مطلب في رجل تخاصم مع زوجته فقال .. إلخ

والله أعلم. مطلب في رجل تخاصم مع زوجته فقال .. إلخ (سئل) في رجل تخاصم مع زوجته فقال: تكونين طالقا بالثلاث إلا إن شاء الله، والزوجة قائلة بالإنشاء قاصدا للاستثناء قبل فراغ اللفظ، فهل يقع عليه طلاق؟ (أجاب) هذا اللفظ الصادر من الحالف لا يقتضي الوقوع من وجوه كثيرة منها أن تكون كناية، ولا بد لها من نية الإيقاع، ومنها الإنشاء المانع للوقوع الصريح، فكيف بالكناية، ومنها أن لفظ المشيئة دليل على عدم النية بما ذكر الدال على عدم الوقوع، فليتق الله رجل يرفع له رجل صدر منه لفظ طلاق، يبادر سريعا إلى إيقاع الطلاق، ولا يحرر القصد، ولا يراعي القرينة، وإنما قلنا ذلك؛ لأن العصمة معنا محققة فلا تزال إلا بحقيق، وليحذر قوله تعالى: {يفرقون به بين المرء وزوجه} والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تشاجر مع أخ زوجته فقال إلخ (سئل) في رجل تشاجر مع أخ زوجته، فقال مخاطبا لزوجته: إن دخل أخوك هذه الدار تكوني طالقا بالثلاث، والدار لها بابان، فدخل من الأول، ثم قعد على عتبة الثاني فسئل فقال: إني ظننت أن الحلف على دخول وسط الدار، وأن اليمين لا تشمل الأبواب، فهل يقع على الحالف والحالة هذه طلاق أو لا؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يقع على الرجل طلاق حيث ظن الرجل الظن المذكور، قال ابن حجر ومثله الرملي بعد قول المنهاج، ولو علق بفعله أي أو فعل غيره ففعله ناسيا للتعليق أو مكرها أو جاهلا بأنه المعلق إلى آخره، ومنه كما يأتي في التعليق بفعل الغير أن تخبر من حلف زوجها أنها لا تخرج إلا بإذنه بأنه أذن لها وإن بان كذبه قاله المتولي، ومنه أيضا ما أفتى به بعضهم فيمن خرجت ناسية فظنت انحلال اليمين، أو أنها لا تتناول إلا لمرة، فخرجت ثانيا انتهى، فلا يقع بالخروج المبني على الظن طلاق، وهنا ظن الرجل المذكور يمنع من الوقوع؛ لأن فعله كفعل الناسي، وهو كلا فعل، فتأمل المدرك، والله أعلم. مطلب في رجل كان علق طلاق زوجته ثلاثا على شيء إلخ (سئل) في رجل كان علق طلاق زوجته ثلاثا على شيء، ثم جاء لعالم شافعي فخلع له زوجته؛ ليسلمه من وقوع الطلاق الثلاث، وقد كان وقع منه تعليق آخر قبل صدور هذا الخلع بقوله لزوجته: إن رأيت هذا الصبي دخل هذه الدار تكوني طالقا بالثلاث، فهل الخلع الواقع يرفع حكم التعاليق السابقة؛ كتعليقه على دخول الصبي المذكور؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا ولو علقه بصفة فبانت، ثم نكحها ووجدت لم يقع لانحلال اليمين بالصفة إن وجدت في البينونة وإلا فلا لارتفاع النكاح الذي علق فيه انتهى، فقد علمت أن النكاح ارتفع بالخلع، وكل تعليق كان وقع قبل الخلع يرتفع به ولو كان ألف تعليق، فالتعليق الواقع قبل الخلع برؤية الولد يرتفع بالخلع، والله أعلم. مطلب رجل قال لزوجته علي الطلاق بالثلاث إلخ (سئل) في رجل قال لزوجته علي الطلاق 2 - 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 12 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2/ 401

مطلب رجل طلق زوجته حاملا إلخ

وليس له عقار يتحصل منه شيء وهو فقير معدم، فهل إذا عدمت النفقة يفسخ عنها القاضي؟ (أجاب) إذا شهدت البينة الشرعية بأن زوجها ليس له ما يتفق عليها منه، وأنه فقير معدم الآن لا يملك نفقتها، فسخ نكاحها بعد ثلاثة أيام تمهل المرأة فيها، وبعدها إما يفسخ الحاكم نكاحها أو يقول لها: افسخي نكاحك، ويجوز للشهود اعتماد الاستصحاب؛ لأن الأصل بقاؤه فقيرا والله أعلم. مطلب رجل طلق زوجته حاملا إلخ (سئل) في رجل طلق زوجته حاملا طلاقا ثلاثا ويدعي أن أباها أبرأه من نفقة الحمل، فهل يسري عليها إبراء أبيها؟ (أجاب) نعم يجب للحامل المبانة نفقة لها؛ أي لنفسها بسبب الحمل؛ لقوله تعالى: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} ولا عبرة بما وقع من أبيها من الإبراء لأمرين؛ أحدهما أنها ليست له، والثاني أنه إبراء من الشيء قبل وجوبه لا يصح إبراؤها لما علم والله أعلم. مطلب رجل له أربع نسوة فرض القاضي إلخ (سئل) في رجل له أربع نسوة فرض القاضي لإحداهن بحضرة الزوج عليه نفقة معينة بعد الطلب من الزوجة كل يوم قدرا مسمى، وأذن لها بالاستدانه والانفاق بالاستدانة والإنفاق والرجوع على الزوج بذلك، وكتب لها صكا شرعيا، وهي ساكنة عند أهلها بإطلاق الزوج لها في ذلك، ومضي مدة ولم يدفع لها من المفروض شيئا، فرفعت أمرها للقاضي تطلب النفقة المستدانة من الزوج فطلقها طلقة رجعية، ويزعم بهذا الطلاق سقوط المفروض عنه المتجه في المدة الماضية إلى وقت الطلاق، فهل لها أذن لها القاضي بالاستدانة، واستدانت ذلك وأنفقته بنية الرجوع على الزوج لا تسقط النفقة المذكورة بهذا الطلاق، ولها الرجوع عليه بذلك ولا عبرة بزعمه وللحاكم الشرعي أن يجيبها لذلك. (أجاب) حيث لم تكن الزوجة ناشزة بأن كانت في طاعة الزوج فنفقتها ثابتة لها؛ لأنها في مقابلة حبسه لها سواء فرضها قاض وهو ظاهر أم لم يفرضها لما مر والله أعلم. مطلب رجل له زوجة بالقدس الشريف إلخ (سئل) في رجل له زوجة بالقدس الشريف ليس له بها كسب، فهل له نقلها لنابلس لتيسر الكسب له بها؟ وهل يجب عليها إجابته لذلك؟ وهل إذا امتنعت من النقلة تكون ناشزة. (أجاب) قال ابن حجر قال ابن الصلاح: له نقل زوجته من الحضر إلى البادية وإن كان عيشها خشنا؛ لأن لها عليه نفقة مقدرة انتهى إذا علمت ذلك كان له نقلها إلى نابلس بالطريق الأولى؛ لأن عيشها خير من عيش البادية بكثير، ولأنها أضبط وأطوع للحكام، والذي بها أيسر من البادية، ثم قال ابن حجر: ومن النشوز أيضا امتناعها من السفر معه، ولو لغير نقله كما هو ظاهر، لكن بشرط أمن الطريق والمقصد، وأن لا يكون السفر في البحر الملح إلا إن غلبت فيه السلامة

مطلب رجل غاب عن زوجته غيبة طويلة

ولم يخش من ركوبه ضررا يبيح التيمم أو يشق مشقة لا تحتمل عادة والله أعلم. مطلب رجل غاب عن زوجته غيبة طويلة (سئل) في رجل غاب عن زوجته غيبة طويلة، فرفعت أمرها لحاكم شافعي؛ ليفسخ نكاحه لكونه تركها بلا نفقة ولا منفق، وأحضرت رجلين خليل بن يوسف الفالجي وعلي بن حسن العككاني، وشهدا لها، وصورة شهادتهما إن محمدا غاب عن المدينة من مدة أربع سنوات، وأنه تركها بلا نفقة ولا منفق شرعي، ولم تجد من تستدين منه وترجع بذلك، وأنه معسر، وأنها غير ناشزة ولم يرسل لها شيئا قل ولا جل، ففسخ لها الحاكم الشافعي وزوجت من آخر، ثم حضر الزوج المفسوخ نكاحه وظهر أنه غني، وأن له أسبابا عند الزوجة أقرت له بها، وأعطتها له بحيث يمكن منها النفقة من نحاس وغيره، وله أيضا جدار وعقار في بلده فهل الفسخ صحيح؟ وإن قلتم: لا ترجع المرأة إلى زوجها الأول، ويتبين إبطال الحجة والحكم الذي وقع على ذلك؟ (أجاب) هذا الفسخ باطل من وجوه؛ الأول: أن القاضي لم يبين أنه يعلم عدالتهما أو أنهما زكيان عنده؛ لأن ذلك واجب في الشهادة إذ شرطها عدالة الشهود، فإن عملها القاضي عمل بها، وإلا طلب التزكية وجوبا وهي مشروحة في كتب الفقه. الثاني: أنه لا يكفي في الشهادة أن الزوج معسر، بل لا بد أن يصرحا في شهادتهما أنه معسر الآن؛ أي حال الشهادة كما صرح به غالب أئمتنا كالرملي وابن حجر وغيرهما، ولم يذكرا الآن فهي باطلة. الثالث: تبين كذبهما بما له من المال عند الزوجة ومن العقار. الرابع أنه متى حضر المفسوخ نكاحه وادعى أن له مالا بالبلد، وأثبت ذلك بالوجه الشرعي، وإن لم يقل خفي على بينة الإعسار لم يكفه حتى يقيم بينة بذلك، وبأنها تعلمه وتقدر عليه، فحينئذ يبطل الفسخ، قاله الغزالي، وفي الاحتياج إلى قيامه البينة بعلمها وقدرتها نظر ظاهر؛ لأنه بان ببينة الوجود أنه مؤثر وهو لا يفسخ عليه، وإن تعذر تحصل النفقة منه انتهى، وظاهره أنه لا فرق بين أن تزوج بآخر أم لا، ويتبين بطلان النكاح وإن حصل منه وطء، يكون وطء شبهة لها عليه به مهر المثل، وترجع للزوج؛ لأن عقد نكاحه محقق فلا يزال إلا بيقين، فحيث ظهر أن عند الزوجة أمتعة يتأتى منها لها النفقة الواجبة لها، ولو فيما قل من الزمان تبين بطلان الدعوى والشهادة، وإن كانت في نفسها صحيحة، وبطلان الحكم المترتب على ذلك لبطلان الأصل، وهو الدعوى، وعبارة ابن حجر ولا فسخ بغيبة من جهل حاله يسارا وإعسارا، بل لو شهدت بينة أنه غاب معسرا فلا فسخ ما لم تشهد بإعساره الآن وإن علم استنادها للاستصحاب

مطلب رجل تزوج بنتا ودخل عليها إلخ

أو ذكرته تقوية لا شكا، فليتق الله أولا القاضي الذي تعرض عليه مسألة الفسخ، فيحرر الدعوى قبل أن تصيبه البلوى والنظر لمراد الله تعالى من إجراء الأحكام الشرعية، لا لأخذه المحصول الذي هو أعظم البلية وإلا كان مثله مثل هاروت وماروت يفرقان بين المرء وزوجه، ومثله الشهود فليحذروا انتقام المعبود، ولا ينظران إلى الدرهم والدينار، بل السيران في أودية النار، ويكون كل مثل ديوث وقرنان حيث حرما وأحلا بالزور والبهتان والله أعلم. مطلب رجل تزوج بنتا ودخل عليها إلخ (سئل) في رجل تزوج بنتا ودخل عليها فمنعته نفسها وهي مطيقة للوطء، فنقلها أبوها لمنزله وهي أيضا مانعة نفسها، فهل عليه نفقة وكسوة؟ وهل عليه إن ينام معها في منزل أبيها؟ (أجاب) نص العلماء قاطبة -أيدهم الله تعالى- أن مؤمنة الزوجة من كسوة وغيرها تسقط بالنشوز، وهو خروجها عن طاعة الزوج ولو في بعض اليوم، وإن لم تأثم كصغيرة أو مجنونة كمنع تمنع ولو بلمس، وخروج من مسكنها بلا إذن، ويحلف الزوج عند الاختلاف في التمكين على عدمه، فيصدق لأن الأصل وجوب طاعة زوجها عليها، وتسليم نفسها له بالتمتع والوطء، كما في الحديث الشريف " أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة " وفي الحديث: " لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " فما دامت مانعة نفسها من زوحها فلا نفقة لها ولا كسوة، وتعصي الله بذلك إن كانت مكلفة، وعلى وليها أمرها بطاعة الزوج، وللزوج ضربها عند تحقق النشوز؛ لقوله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} وليس للزوج موافقة الأب على سكناها في داره لما عليه من المنة والعار، بل يسلمها له لمنزله بعد النصح لها والموعظة والله تعالى أعلم. مطلب رجل أذن لزوجته أن تنتقل لبيت أهلها إلخ (سئل) في رجل أذن لزوجته أن تنتقل لبيت أهلها، فنقلوها ومكثت ثلاثة أشهر عندهم ثم طلقها، فهل لها عليه نفقة وكسوة ومتعة أو لا؟ (أجاب) لا ريب أن نفقة الزوجة وكسوتها من باب التمليك، فإذا دفعها الزوج فذاك وإلا كانت في ذمته دينا تطلب منه متى شاءت، وكذلك لها المتعة إذا طلقت يقدرها القاضي بما يراه بحسب حال الزوج والله أعلم. مطلب بنتان قاصرتان لهما أخوان وحصة من دار إلخ (سئل) في بنتين قاصرتين لهما أخوان كاملان، وللبنتين حصة في دار هي سكنهما، وليس لهما ما يمانان منه إلا حصة البيت والأخوان فهل المؤنة لهما على الأخوين أم تباع الحصة في النفقة؟ (أجاب) حيث كان للقاصرتين ما يتحصل منه لهما النفقة فلا يطالب أحدهما بنفقة حتى لو كان أبا أو جدا، بل النفقة في مالهما من عقار أو غيره، فتباع الحصة بالحظ والإنصاف، وتصرف فيها بحسب الحال اللائق بهما، وليس على الأخوين منها شيء والله أعلم. مطلب لو خرجت المرأة بغير إذن زوجها تعد ناشزة إلخ (سئل)

مطلب بلدة وقع بها قتل ونهب إذا خرجت منها الزوجة لا تعد ناشزة إلخ

فى رجل من مدينة الخليل -على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء صلوات الملك الجليل- تزوج امرأة من مدينة الرملة ونقلها إلى الخليل، ثم أنها خرجت في غيبته وتوجهت إلى الرملة من من غير إذنه فهل تكون بذلك ناشزة تسقط مؤنتها؟ (أجاب) صرح أئمتنا متونا وشروحا بأن نشوز المرأة يسقط النفقة والكسوة، قال في المنهج وشرحه: وتسط مؤنتها بنشوز؛ أي خروج عن الطاعة للزوج ولو في بعض اليوم، كمنع تمتع ولو بلمس وكخروج من مسكنها بلا إذن منه لها؛ لأن عليها حق الحبس في مقابلة وجوب المؤن إلا خروجا لعذر كخوف من انهدام المسكن أو غيره، وتسقط بسفر ولو بإذنه؛ لخروجها عن قبضته وإقبالها على شأن غيره لا إن كان معه ولو في حاجتها، وبلا إذن، أو لم يكن معها وسافرت بإذنه لحاجته ولو مع حاجة غيره، فلا تسقط مؤنتها والله تعالى أعلم. مطلب بلدة وقع بها قتل ونهب إذا خرجت منها الزوجة لا تعد ناشزة إلخ (سئل) في بلدة وقع بها قتل ونهب وقتل أنفس وهدم أماكن وهجوم على الحريم، وقطع الجلب، وبعض أهل البلد خرج منها وبقي الباقي، وفي غالب الأوقات تقع الغارات بين من خرج ومن بقي، وغلت الأسعار غالبا، فصار الإنسان لا يأمن على نفسه ولا على ماله ولا على دينه ولا على عرضه، فهل إذا خرجت امرأة والحالة هذه أو أخرجها وليها خوفا على عرضها إلى مدينة تأمن فيها على نفسها وعرضها، فهل بهذا الخروج تكون ناشزا وتسقط نفقتها وكسوتها وإن لم يأذن لها الزوج؟ (أجاب) اعلم أن الدين والمال والعرض والنفس والعقل والنسب متفق على حفظها بين جميع الملل من المسلمين أهل الدين الحق، ومن أهل دين اليهود النصارى، وتسمى هذه الكليات الخمس أو الست، وهي محل نظر السلطان -نصره الرحمن في سلطنته- أن يحفظها على الناس، ويقيم الحدود على المرتدين بالقتل، وعلى أخذ المال بالسرقة بقطع اليد، وعلى أخذه بقطع الطريق بقطع اليد والرجل من خلاف، ويقيم الحد على الزاني المحصن بالرجم، وغيره بالحد والتغريب، وقاتل النفس بقتله، ويحفظ على المسلمين أنسابهم، فإن لم يوجد سلطان يقيم هذه الحدود الشرعية، ولا قاض يجرى الحدود الشرعية في بلد من بلاد الإسلام، وظهر بها ما ذكر، فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقيم بهذه البلدة، ويجب عليه الخروج منها حفظا لنفسه وماله ودينه وعرضه، هذا على الرجال البالغين العاقلين فكيف بالمرأة الضعيفة، فحيث كان الأمر كذلك وجب عليها الخروج حفظا لعرضها ودينها، فإن رضي الزوج كان ممن رضي الله عنه وإلا كان ممن غضب الله عليه وطرده حيث لم يبادر صيانة عرضه، بل لو كان الزوج أجنبيا عنها؛ لأن الدفع عن العرض واجب على كل إنسان، ولو كان أجنبيا عن المرأة وعبارة ابن الحجر عطفا على أن

مطلب رجل ضرب زوجته فذهبت لدار أبيها إلخ

يشرف البيت على الانهدام، أو تخاف على نفسها أو مالها -كما هو ظاهر- من سارق أو فاسق، ويظهر أن الاختصاص الذي له وقع كذلك يحتاج للخروج لذلك، أو خشي عليها فتنة، أو تحتاج الخروج لقاض؛ لطلب حقها أو الخروج إن احتاجت الخروج لذلك، وخشي عليها منه فتنة، والزوج غير ثقة أو امتنع أن يعلمها أو يسأل عنها أجبره القاضي على أحد الأمرين ولو بالخروج معها، أو يستأجر من يسأل عنها أو يخرجها معير المنزل لأمتعة ظلما، أو يهددها بضرب ممتنع، فتخرج خوفا منه، فخروجها حينئذ غير نشوز للعذر، فتستحق النفقة إلى آخره، ومثله الرملي حرفا بحرف، فليس كل خروج مسقطا للنفقة كما يقوله المتمشدقون الذين ما بلت أقدامهم في طلب العلم فضلا عن الخوض فيه، فتأمل بإنصاف والله تعالى أعلم. مطلب رجل ضرب زوجته فذهبت لدار أبيها إلخ (سئل) عن رجل ضرب زوجته فذهبت لدار أهلها غضبى، ثم إنها عرضت نفسها على زوجها أن يأخذها فامتنع، وأهلها كذلك يعرضونها عليه، ويمتنع، ولها مدة بلا نفقة ولا منفق نحو أربع سنين من غير مانع من جهتها، فهل تكون النفقة مقدرة عليه في المدة التي أظهرت المرأة في الطاعة. (أجاب) متى عرضت المرأة نفسها على الزوج أو عرضها وليها، إما ابتداء أو بعد النشوز، ثم الرجوع إلى الطاعة وجبت مؤنتها من حين بلوغ الخبر، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام، فإن عرضت عليه بأن عرضت المكلفة أو السكرانة نفسها عليه؛ كأن بعثت إليه أني سلمت نفسي إليك وجبت مؤنتها من حين بلوغ الخبر انتهى، فمؤنة الزوجة لا تسقط بمضي الزمن في هذه المدة التي أظهرت فيها المرأة الطاعة، فتجب مؤنتها من أكل وشرب ولبس وآلة تنظيف، وسائر ما يجب للزوجات، والله أعلم. مطلب امرأة مزوجة أخذها وليها من دارها وادعى أن زوجها معسر وفسخ نكاحها وزوجها إلخ (سئل) في امرأة مزوجة لرجل، وكل منهما راض من صاحبه، والزوج قائم لها بما يجب عليه من مؤنتها فجاء وليها وأخذها من دارها في غيبة زوجها، وادعى أنه باق عليه حصة من مهرها، فلما أخذها جاء إليه رجل واتفق معه على أن يشهد له بأن زوجها معسر، وأنها عادمة للنفقة؛ ليفسخ النكاح ويزوجه إياها، فوافقه على ذلك، وذهبت عند القاضي وفسخ نكاحها بناء على دعواهما، ولم تعلم الزوجة والزوج بذلك، ثم بمجرد ما وقع الفسخ المذكور، عقد عليها وليها للرجل المذكور قبل انقضاء عدتها، فلما علمت الزوجة بذلك، وأراد وليها أن يدخلها على الزوج امتنعت والتجأت إلى رجل كبير حماها ومنع الزوج الثاني منها، فكيف الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) هذا الفسخ باطل من وجوه شتى أحدها حيث وجد من الزوجة الرضى بطل من كل قاض القضا، فإن قضى حينئذ قاض قضى عليه رب الأرض والسما بما يوجب قضاءه الذي به قضى. الثاني: حيث

مطلب رجل طلق زوجته ثلاثا وله منها ولدان فطلبت زيادة على أجرة الحضانة من الأب

قام الزوج بما يجب لها عليه، فلا فسخ، ولوكان ذلك بأكلها معه كما هو في غالب البلاد. الثالث: أخذ وليها لها من منزل زوجها مسقط لنفقتها وكسوتها؛ حيث كان برضاها وإلا بأن أخذها قهرا فهو آثم عاص بما فعل كما يقع كثيرا من السفهاء؛ لأنها بعد الدخول بها لا يمكن أن تحبس المرأة نفسها على المهر كله ولا بعضه، الرابع شهادة الرجل الواحد لا تكفي بمجردها، وإن فرض أنه شهد معه آخر لا تصح هذه الشهادة؛ لما فيها من جر النفع له لقصده تزويجها. الخامس أن الرجل إذا كان يمكن إحضاره لمجلس الحكم فلا بد من إحضاره. السادس أنه لا بد من طلب الزوجة الفسخ، فلا يكفي طلب وليها فقط. السابع أنها لو رفعت الأمر هي إلى القاضي، وثبت إعسار الزوج عنده، فلا بد من رضاها بالفسخ بعد الإمهال ثلاثا وإلا لو رضيت بالفقر لا يصح الفسخ؛ لأن الضرر لاحق بها. الثامن عقد الولي عليها قبل انقضاء عدة الزوج المفسوخ نكاحه على زعمه باطل بإجماع المسلمين، ويدل ذلك على فسق الولي والزوج؛ لموافقته على إيقاع العقد في العدة، فاستحق الولي والزوج من الله تعالى الوبال والدمار والعار، وغضب الجبار، ثم المآل النار وبئس القرار، فلا تأس على القوم الكافرين، وأما المرأة الممتنعة من ذلك فأسبل الله تعالى عليها سترا، وسهل لها أمرا، وحفظ عليها دينها ونفسها، وجعلها من أهل الجنة الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأما الرجل المانع لها من هذا الباطل والمجير لها أجاره الله تعالى من كل سوء وحفظه في نفسه ودينه وعرضه، وجعله من حزب الله المفلحين، وأخذ الله بيده أينما توجه يصادف خيرا وعزا وفخرا لصيانته عرض هذه المرأة وشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله الموفق أعلم. مطلب رجل طلق زوجته ثلاثا وله منها ولدان فطلبت زيادة على أجرة الحضانة من الأب (سئل) في رجل طلق زوجته ثلاثا، وله منها ولدان، فطلبت من الأب زيادة على أجرة الحضانة والرضاع، والحال أن الأب معسر وكسبه قليل، ويريد الإنفاق عليهم بقدر إمكانه، فهل يجاب الأب أو الذي يطلب الزيادة أو تجب هذه النفقة على الجد الغني مع وجود الأب الحاضر، وهناك جدة أم الأب، وتريد أخذ الولدين تبرعا لكون ولدها لا يقدر على الإنفاق المطلوب، بل على قدر حاله فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) عبارة المنهج متنا وشرحا نصها لزم موسرا ولو بكسب يليق به ذكرا أو أنثى ولو مبعضا بما يفضل عن مؤنة ممونة من نفسه وغيره، وإن لم يفضل عن دينه يومه وليلته كفاية أصل له، وإن علا ذكرا أو أنثى، وفرع له وإن نزل، كذلك إذا لم يملكها وكانا حرين معصومين، وعجز الفرع عن كسب يليق به، وإن اختلفا دينا انتهى، فأنت تراه مصرحا بأن الأصل وإن علا تلزمه نفقة الفرع وإن نزل إذا عجز عن الكسب، وأما الزيادة على الكفاية فلا تلزم الأصل

مطلب رجل مؤثر تزوج بنتا إلخ

ولا الفرع إنما الواجب بحسب ما يليق به من مأكل ومشرب وملبس بما جرت به العادة والله أعلم. مطلب رجل مؤثر تزوج بنتا إلخ (سئل) في رجل موسر تزوج بنتا قاصرا من أبيها، ثم بلغت وأظهرت التسليم للزوج، فهل يجب عليه نفقتها وكسوتها، وأن يدفع حال مهرها، فإن امتنع فهل لحاكم الشرع أن يجبره على ذلك؟ (أجاب) حيث كانت الزوجة مطيقة للوطء وعرضت هي أو وليها نفسها على الزوج، وجبت مؤنتها على الزوج، وعبارة المنهج مع شرحه تجب المؤن على ما مر ولو على صغير لا يمكنه وطء لا لصغيرة لا توطأ بالتمكين لا بالعقد؛ لأنه يوجب المهر، والعقد لا يوجب عوضين مختلفين، ثم قال: فلا فسخ بامتناع غيره موسرا أو متوسطا من الإنفاق حضر أو غاب، فهو أعم من قوله لا فسخ بمنع موسر إن لم ينقطع خبره لانتقاء الإعسار المثبت للفسخ، وهي متمكنة من تحصيل حقها بالحاكم انتهى، فعلم أن الحاكم يجيره أن يتسلمها ويدفع لها المؤن مدة الامتناع، ويدفع لها الحال من الصداق؛ لأن امتناع مثل هذا تعنيت، فيخرج ذلك الحاكم منه بالقهر، ولا يجوز له أن يمنعها حقها مع قدرته، ولا أن يحجر عليها لما في ذلك من الضرر الذي ترفعه الحكام من مثله، والله تعالى أعلم. مطلب رجل توفي عن زوجة حامل إلخ (سئل) في رجل توفي عن زوجة حامل فهل يجب لها نفقة في تركته حتى تضع؟ (أجاب) ليس للحامل المتوفى عنها زوجها نفقة ولا كسوة لا لها ولا للحمل، وإنما لها سكناها مدة العدة كما صرح بذلك في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام وغيره والله تعالى أعلم. مطلب رجل عقد على بكر بالغ عقدا صحيحا (سئل) في رجل عقد على بكر بالغ عقدا صحيحا، وقبل الدخول عليها غاب عنها غيبة طويلة نحو عشر سنين والآن محتاجة إلى الإعفاف والنفقة، ولا يعلم له محل في غيبته، فهل يجوز لها الفسخ والحالة هذه؟ (أجاب) الفسخ إنما يكون بعد التسليم حتى تجب لها المؤنة، وأما مثل هذه التي لم يدخل بها فطريقها كما قال في المنهج وشرحه، فإن غاب الزوج عن بلدها ابتداء بعد تمكينها ثم نشوزها وقد رفعت الأمر إلى القاضي وأظهرت له التسليم كتب القاضي لقضاة بلده ليعلمه بالحال فيجيء لها حالا ولو بنائبه لتسلمها، وتجب المؤن من حين التسليم إذ بذلك يحصل التمكين، فإن أبى ذلك ومضى زمن إمكان وصوله إليها فرضها القاضي في ماله وجعل كالتسليم لها؛ لأن المانع منه، فإن جهل موضعه كتب القاضي لقضاة البلاد الذي ترد عليهم القوافل من بلده عادة؛ ليطلب وينادى باسمه، فإن لم يظهر فرضها القاضي في ماله الحاضر، وأخذ منها كفيلا بما يصرفه إليها لاحتمال موته أو طلاقه انتهى، وفي ابن حجر، فإن لم يكن له مال حاضرا احتمالان؛ يقال: إنه يقترض عليه أو يأذن لها في الاقتراض والله أعلم. مطلب رجل زوج ابنته لرجل ودفع من مهرها إلخ (سئل) في رجل زوج ابنته لرجل ودفع من مهرها

مطلب رجل له امرأة أخذها أبوها قهرا إلخ

مائتين وبقي عليه مائتان وخمسون وهي بالغ لها مدة طويلة، وهي مظهرة لتسلم فما الواجب على الزوج؟ (أجاب) حيث كانت كما ذكر وأظهرت للزوج التسليم وجب عليه أن يدفع لها بقية مهرها، ويجب لها عليه سائر ما يجب للزوجات من كسوة ومسكن ونفقة وغير ذلك والله أعلم. مطلب رجل له امرأة أخذها أبوها قهرا إلخ (سئل) في رجل له امرأة أخذها أبوها قهرا على زوجها مرة بعد أخرى، ولها عنده مدة، ثم أراد ردها لزوجها، وطلب منه مؤنتها كسوة ونفقة سنة فهل له ذلك؟ (أجاب) ليس للزوجة كسوة ولا نفقة إلا بثلاث (¬1) مسكن الزوج، فمتى خرجت منه بغير إذنه فلا نفقة ولا كسوة بل هي ناشزة تأثم هي وأبوها بذلك؛ لما في الحديث الشريف أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة، قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام، وتسقط مؤنتها بنشوز، أي خروج من طاعة الزوج ولو في بعض اليوم، وإن لم تأثم به كصغيرة ومجنونة، والنشوز يمنع التمتع، ثم قال: والخروج من مسكنها بلا إذن منه؛ لأن عليها حق الحبس في مقابلة المؤن والله أعلم. فصل في الخطابة (فصل في الحضانة) مطلب أم أب وأم أم تريد أم الأب الحضانة تبرعا إلخ (سئل) في أم أب وأم أم تريد أم الأب حضانة بنت ابنها تبرعا، وأم الأم تريد أن تأخذ الأجرة فمن يقدم منها؟ (أجاب) قال في الروض: وإذا طلبت أم الأم أجرة عليها، وهناك متبرعة قدمت عليها، فتقدم أم الأب المتبرعة على أم الأم التي تريد الأجرة والله أعلم. مطلب رجل طلق زوجته ثلاثا إلخ (سئل) في رجل طلق زوجته ثلاثا وله منها ابن وبنت، فأخذت الولد وسافرت به من الرملة إلى القدس للنقلة، وأبوه بلده الرملة، فهل له أخذ الولد منها؟ (أجاب) قال في الروض وشرحه: أو سافر أحدهما لنقله ولو دون مسافة القصر، فالأب أولى به وإن كان هو المسافر حفظا للنسب ورعاية لمصلحة التأديب والتعلم وسهولة الإنفاق عليه، فحيث سافرت الأم فالأولاد للأب لما ذكر، والله تعالى أعلم. مطلب أولاد قصر لهم ابن عم شقيق إلخ (سئل) في أولاد قصر لهم ابن عم شقيق وخال فلمن تكون حضانتهم منهما؟ (أجاب) الحضانة لابن العم؛ لأنه وارث من العصبة ولا حق فيها للخال؛ لأنه من ذوي الأرحام، والله أعلم. مطلب رجل عنده ولد في حضانة إلخ (سئل) في رجل عنده ولد في حضانة فأمرته زوجته أن يذهب إلى بلد كذا فقال لها الزوج: إن ذهبت إليها تكون محرمة ثلاث سنين، ولم يذهب الولد فهل يترتب على الزوج شيء؟ (أجاب) حيث إن المعلق عليه لم يوجد فلا شيء على الرجل على ما ذكر لا يقتضي شيئا والله أعلم. (سئل) في بنت قاصر أخذت من يد أهلها قهرا ولها أم وأخ وعصبة فهل يجب على من هي تحت يده أن يسلمها لأمها وعصبتها. (أجاب) نعم

_ (¬ 1) قوله إلا بثلاث ذكر منهما واحدا وترك الاثنين فليتأمل.

مطلب رجل طلق زوجته ولها منه ولد إلخ

حضانتها لأمها ولعصبتها أخذها تحت حجرهم صيانة لعرضهم؛ لأن للرجل أن يقتل دون ماله وعرضه وهو شهيد، وعلى ولي الأمر ضاعف الله له الأجر أن ينتزعها ممن هي تحت يده ويسلمها لمن ذكر؛ لأن العرض أحد الكليات الخمس التي هي تحت حماية ولي الأمر، وقد توافقت عليها الشرائع والملل جميعا، والله أعلم. مطلب رجل طلق زوجته ولها منه ولد إلخ (سئل) في رجل طلق زوجته ولها منه ولد صغير بلغ من العمر ما ينيف عن ست سنين حاضنة له أبت أن تربي الصغير مجانا والأب معسر، وللصغير جدة أم أب تقبل أن تربيه مجانا هل يدفع للأم أم للجدة. (أجاب) الجدة التي تربي الصغير متبرعة من غير أجر تقدم على الأم كما نص عليه عندنا أئمة أعلام والله أعلم. مطلب أولاد قصر في حضانة أمهم وقد ميزوا إلخ (سئل) في أولاد قصر في حضانة أمهم وقد ميزوا ولهم عمة تطلب حضانتهم متبرعة عليهم بالنفقة والأم تطلبها فمن الأولى بهم؟ (أجاب) نص العلماء على أن المتبرعة تقدم على طالبة النفقة كما هو مسطور في محله والله أعلم. مطلب أم لها ولد لم يميز تزوجت أمه بأجنبي إلخ (سئل) في أم لها ولد لم يميز، تزوجت بأجنبي وله أم أم تريد حضانته بأجرة من ماله الموروث له، وله أم أب تريد حضانته مجانا، ليسلم له ماله وله عم أيضا يكون تحت نظارته فمن المجاب منهما؟ (أجاب) بزواج الأم سقط حقها منة الحضانة وإن لم يدخل بها الزوج، وإن رضي بكون الرضيع معها وثبت أن الحق لأمها فإن أخذته مجانا أو لم توجد متبرعة قدمت لما علم، فإن وجدت متبرعة ولو كانت أجنبية عنه ولم ترض الجدة إلا بأجرة المثل قدمت الأجنبية عليها لحصول النفع للقاصر الذي يجب النظر له بالمصلحة، وكذا تقدم الأجنبية إذا لم ترض الأم أو الجدة إلا بأكثر من أجر المثل ورضيت الأجنبية به أو دونه، وكذلك تقدم الأجنبية إذا طلبت الأم أو الجدة أجر المثل، ورضيت هي بدونه، هذا في الأجنبية فكيف بأم الأب التي تلي أم الأم في الحضانة، وعبارة الزيادي وإذا طلبت أجرة عليها وهناك متبرعة قدمت عليها وبقية الصور مأخوذة من متن المنهاج وشرحه للرملي وابن الحجر وغيرهما مع رد ابن حجر بعد أبي زرعة والله أعلم. مطلب ولد صغير فطيم له خالة أخت أمه إلخ (سئل) في ولد صغير فطيم له خالة أخت أمه وله خال، وتريد الخالة حضنه تبرعا فهل تقدم على الخال؟ (أجاب) نعم الخالة مقدمة على الخال في كل حال؛ لأن الحضانة أصلها للنساء فمتى وجدت النساء والرجال في درجة قدمت النساء؛ لأن النساء بالحضانة أبر وأصبر والله أعلم. مطلب رجل مات عن ولد صغير تزوجت أمه وله جدة إلخ (سئل) في رجل مات عن ولد صغير قاصر، ثم تزوجت أم الطفل وله جدة عمياء، فطلبت حضانته وله عم فهل تكون الحضانة له أو لها؟ (أجاب) اعلم أنهم ذكروا لاستحقاق الحضانة شروطا إلى أن قالوا: ومنها أن لا يكون أعمى كما أفتى به عبد الملك بن ابراهيم المقدسي

مطلب رجل زوج ابنه القاصر بالولاية عليه إلخ

من أئمتنا من أقران ابن الصباغ وأقره عليه جماعة من محققي المتأخرين والله أعلم. مطلب رجل زوج ابنه القاصر بالولاية عليه إلخ (سئل) في رجل زوج ابنه القاصر بالولاية عليه بنت رجل قاصرة أيضا من أبيها بالولاية والإجبار عليها بمهر مثلها، ثم إن والد البنت نصب والد الزوج وصيا مختارا على القاصرة المذكورة، ومات الأب وليس في قرابات البنت من يستحق كفالتها، بل الجميع متزوجات بأجانب، وليس لها من المحارم الذكور من يكفلها، فهل للوصي الذي هو والد الزوج أخذها وضمها إليه؛ لكونها صارت من محارمه؟ وهل لأخواتها المتزوجات بالأجانب منعه عن أخذها؟ (أجاب) نعم للوصي الذي اختاره الأب الشفوق على ابنته وصيا أن يأخذها ويضمها ويحضنها لوصايته ومحرميته لها، فهو لها أب ثان لاختيار الأب له وصيا عليها، ولمحرميته لها، قال في العباب بعد كلام طويل بين فيه من يستحق الحضانة ومن لا يستحقها ما نصه عطفا على غير المستحق: ولا لمزوجة بأجنبي وإن رضي بدخوله إن لم يوافقه الأب، فإن لم يوجد بعدها قريب يحضن فهي للوصى، فظاهر أن هذا الوصي الذي ثبتت له الحضانة أجنبي فكيف بوصي اختاره الميت وهو محرم لها، فهو أحق وأولى، بل لا حق لغيره هنا والله تعالى أعلم. مطلب في طفل له أم أم وأم أب فمن يحضنه منهما إلخ (سئل) في طفل له أم أم وأم أب فمن المقدم منهما في حضانته عند طلب الأجرة أو عند التبرع؟ (أجاب) أم الأم مقدمة ولو كانت بعدى، وأم الأب قربى؛ لأن الحضانة أصلها للأم وأمهاتها وإن بعدت مثلها، فإن طلبت إحداهما أجرة والأخرى متبرعة قدمت المتبرعة والله أعلم. مطلب ولد قاصر وبنت كذلك مات أبوهما إلخ (سئل) في ولد قاصر وبنت كذلك مات أبوهما فحضنتهما أمهما، ثم ماتت وبقيا نحو سنة عند زوج أمها ولهما أعمام يطلبونهما منه، ويمتنع زوج الأم من التسليم إلا إذا دفع الأعمام له نفقتهما هذه المدة فهل له ذلك؟ (أجاب) حيث لم يفرض لهما قاض نفقة للنفق ولا اقتراض عليها فلا نفقة للمنفق؛ لأنه متبرع لا شيء له على أن الأعمام لا يطلبون بنفقة من ذكر، ولو فرضها قاض أو اقترضها؛ لأنه لا نفقة عليهم أصلا؛ لأنها إن وجبت إنما تجب على الأصول والفروع بشرطه والله أعلم. مطلب والدة لها ولد قاصر لم يميز إلخ (سئل) في والدة لها ولد قاصر لم يميز ولم يتزوج فهل يجوز لابن العم أن ينتزعه قهرا عليها؟ (أجاب) لا ريب إن الأم لها الحضانة بالإجماع لا نعلم في ذلك خلافا، ولا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفرق بين الأم وولدها؛ لما روى الحاكم على شرط مسلم وحسنه الترمزي من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة حتى لو كان الولد والأم رقيقين لا يجوز التفريق بينهما بنحو بيع لما ذكر، فليحذر الذين يخالفون عن امرأة أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم والله أعلم.

كتاب الجنايات

كتاب الجنايات (كتاب الجنايات) مطلب في بئر قديم لا يعلم حافره إلخ (سئل) في بئر قديم لا يعلم له حافر في قرية هي وقف على مصالح كليم الله تعالى جناب سيدي موسى بن عمران على نبينا وعليه صلاة الملك المنان، وضع يده عليه رجلان من أهل القرية، وقع فيه ولد أحد الشريكين الواضعين لليد ويدعي وارث الولد الواقع الميت فيه أنه يأخذ الحصة من البئر بولده فهل له ذلك؟ (أجاب) هذه الدعوى غير صحيحة فلا يجوز العمل بها، بل لو حفرها من غير تعد فلا ضمان عليه كما صرحوا به، فلا يكون الرجل الشريك مطالبا بشيء من جهة الولد الواقع، وتبقى حصته في البئر والله أعلم. مطلب رجل أوقد نارا في وقت لم تكن الريح هابة فيه إلخ (سئل) في رجل أوقد نارا في وقت لم تكن الريح هابة فيه، ثم أوقد آخر كذلك وطفئت نار الأول ثم أوقد رجل ثالث فأحرقت النار بواسطة هبوب الريح جرينا، فصاحب الجرين يدعي أن المحرق لجرينه النار التي أوقدت أولا هل تسمع دعواه؟ (أجاب) حيث أن النار أوقدت في وقت لم تكن الريح هابة فيه، ولم تكن على نحو سطح كحائط، فلا ضمان على موقدها، سواء طفئت أم لا، فلا تسمع الدعوى على الموقد أولا وثانيا، وكذلك ثالثا؛ لأنه مقر أن المتلف لزرعه غيره وهو لا يضمن فكأنه قال: أتلف زرعي حية أو سبع مثلا قال في البهجة مع شرحها: لو أوقدت نار بأن أوقدها في السطح في وقت هبوب الرياح، فطار منها شرر وتلف به شيء، فإنه يضمن، وكذا لو خالف العادة في قدر النار وإن لم تكن في سطح ولا في وقت ريح، فطار الشرر بنفسه أو بهبوب ريح بعد الإيقاد، وأتلف شيئا فإنه يضمنه بخلاف ما لو أوقدها على العادة في غير السطح من ملكه أو فيه، لكن لا في وقت ريح فطار الشرر بنفسه أو بهبوب ريح بعد الإيقاد فأتلف شيئا فلا ضمان، وفي معنى السطح الجدار ونحوه والله أعلم. مطلب رجل أوقد نارا ليحرق القش إلخ (سئل) في رجل أوقد نارا ليحرق القش الذي حول جرنه؛ خوفا عليه من نار غيرها تفلت وتحرق جرنه فاحترق جرن الغير فاتهمها في الموقد للنار، فأنكر الموقد للنار أنها ما هي من النار التي أوقدها وادعى أن غيره أوقد نارا وفلتت، فهل إذا أقام المدعي بينة تشهد أن جرنه ما أحرقها إلا نار المدعى عليه تلزمه، وإذا قال المدعى عليه أن النار التي أوقدتها انطفت وأقام بينة على ذلك يسلم منها، ففصلوا لنا الجواب فيما إذا كان متعد في وقد النار أو غير متعد بوضوح نفهمه؛ لأن عبارتنا قاصرة أثابكم الله تعالى الجنة بمنه وكرمه. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن موقد النار في غير وقت هبوب الريح ولم تكن على نحو سطح كحائط لا ضمان عليه أصلا سواء تعمد إبقاء النار أم لا، وسواء أنكر أم أقر أم قامت بينة؛ لعدم تعديه كما صرح بذلك في متن البهجة وشرحها، فإن كا إيقاد النار في وقت

مطلب في أرض من أراضي الميري تابعة إلخ

هبوب الريح أو على سطح، وأقر الموقد بذلك أو قامت عليه بينة عادلة أنه أوقدها فيما ذكر ضمن، فمجرد إقامة مالك الجران أن جرني ما أحرقه إلا النار التي أوقدتها لا تسمع بذلك الدعوى، ولا تقبل البينة إلا إن شهدت بأن الرجل أوقد النار في وقت هبوب الريح ونحوها، وإن أقام المدعى عليه بينة بأنه أطفأ النار أو طفئت، وأقام المدعي بينة بأنه ما أحرق الجرن إلا النار المذكورة وأرختا بتاريخ واحد، أو أطلقتاهما أو إحداهما تعارضتا فيتساقطان وإن شهدت بينة صاحب الزرع بأن الإحراق حصل قبل إطفاء النار، وكان الإيقاد في نحو هبوب الريح رجحت بينته؛ لأن معها زيادة علم والله أعلم. مطلب في أرض من أراضي الميري تابعة إلخ (سئل) في أرض من أراضي الميري تابعة لقرية من قرى الميري، فذهب رجل آخر إلى الحاكم وضمن الأرض دون القرية، فذهب الضامن للبلد وأخذ حاصل البلد والأرض على عادته، فجاء الضامن لها وتقاتل معه، ثم أغرى عليه رجلا من أصحاب الشوكة، فجاءه وضربه بعقفا فشاع الخبر بأنه قتل، فسمعت زوجته بذلك، فارتعبت وعلى يدها ولد صغير، فرضع منها فمات في اليوم الثاني بسبب ذلك، فهل إذا ثبت بالبينة الشرعية يضمن الولد؟ ومن الضامن له وما يجب فيه؟ (أجاب) لا ريب أن المرأة لم يحصل عليها جناية من الجاني ولم تقصد بالجناية، فموت الولد موافقة قدر لا يلزم الجاني بسببه شيء، كما صرحوا به فيما لو بعث السلطان لامرأة إلخ والله أعلم. مطلب رجل أوقد نارا في أرض غيره وقت هبوب الريح إلخ (سئل) في رجل أوقد نارا في أرض غيره وقت هبوب الريح فمر رجل بحمارة عليها زرع فأصابت النار الزرع فاحترق هو والحمارة، فهل يكون الموقد لها ضامنا لهما؟ وكيفية الضمان ما هي؟ (أجاب) حيث أثبت صاحب الحمارة إن إيقاد النار في غير ملكه أو أن إيقادها وقت هبوب الريح كان الموقد لها ضامنا للحمارة وللزرع؛ لكونه أوقد النار في غير ملكه أو وقت هبوب لريح، فإن شهد بقيمتها من يعرفها عمل بذلك وإلا صدق الغارم بيمينه؛ لأنه غارم والله أعلم. مطلب رجل معه زناد جاء له رجل آخر إلخ (سئل) في رجل معه زناد جاء له رجل آخر وطلب منه أن يقدح له نارا ليحرق قشا قريبا من جرن فنهاه عن ذلك خوفا على الجرن، فقال له: هو على الضمان والدرك، فأوقد النار في القش، فطارت النار وأحرقت الجرن، فهل يكون القادح ضامنا له. (أجاب) ليس للقادح غرم للجرن ولا غيره؛ لأنه لم يحدث فيه صنعا ولا إتلافا؛ لأنه لا يلزم من قدح الزناد إحراق الجرن كيف وقد نهاه فما انتهى، فلا يترك الذئب يأكل الغنم ويتبع الأثر، فافهم يا من لك البصر ولا تكن ممن غدر والله أعلم. مطلب رجل هارب من عدو له خلفه طالب إلخ (سئل) في رجل هارب من عدو له خلفه طالب له ومعه أسباب وضعها عند رجل وسلمها له يدعي الهارب أن الرجل

مطلب امرأة نزل عليها رجلان فضرباها إلخ

الأمين جرح إصبعه وصار له عطال هل يعمل بقوله؟ (أجاب) حيث لم يكن مع الرجل المجروح بينة تشهد له فما له على الرجل الأمين أنه ما ضربه والله أعلم. (سئل) في قوم قشر لهم زيتون فادعوا على جماعة بقشره، ولكن بدلالة فلان، فهل إذا ثبتت دلالته، وأنه هو السبب يلزمه غرم ما نقص من الزيتون؟ (أجاب) لا غرم لنقص الزيتون إلا على القاشر له؛ لأنه هو المباشر له، وأما الدال عليه والمتسبب فلا غرم عليه؛ لأنه لم يباشر إتلافا أصلا والله أعلم. مطلب امرأة نزل عليها رجلان فضرباها إلخ (سئل) في امرأة نزل عليها رجلان فضرباها ضربات متعددة فقالت وهي في حال التلف: ما ضربني إلا أخواي فلان وفلان فاحضرا في مجلس الشرع واعترفا بذلك، وكتب عليهما صك شرعي وماتت بتلك الجراحات ولها زوج وأولاد قصر، فماذا يترتب على الأخوين شرعا؟ (أجاب) هذه المسألة الواجب فيها القود؛ لأنه قتل عمد عدوانا بغير حق، ولا نعتبر المحدود، ويقتل الرجل بالمرأة، ولما كان في المسألة قصر يحبس القاتلان لما يبلغ القصر، فإن أرادوا قتلا قتلوا، وإن عفوا جميعا على الدية فدية المرأة نصف دية الرجل خمسون بعيرا على ما فصل في محله والله أعلم. كتاب الديات (كتاب الديات) مطلب رجل ضرب آخر فأخرج مخه إلخ (سئل) عن رجل ضرب آخر فأخرج مخه فما الواجب فيه؟ (أجاب) الواجب فيه الديه دون القصاص، وذكر بعضهم أن هذا الجرح مدفف ولعله غالب، ويسمى هذا الجرح دامغة بالغين المعجمة، وفيها ثلث دية صاحبها ففيها للمسلم الحر الذكر ثلاثة وثلاثون بعيرا وثلث بعير على ما يفصل في الديات والله أعلم. مطلب عن أقارب عصبة قتلوا رجلا عمدا إلخ (سئل) عن أقارب عصبة قتلوا رجلا عمدا ولهم قري غائب غير حاضر، فهل يجب عليه أن يضع معهم في الدية؟ (أجاب) قال في المنهج وغيره ودية عمد على جان معجلة كسائر أبدال المتلفات، ودية غيره من شبه عمد وخطأ وإن ثلثت على عاقلة لجان مؤجلة ثلاث سنين في آخر كل سنة ثلث، فحيث كان القتل المذكور عمدا فالدية فيه على الجاني فقط فلا شيء منها على الغائب يعني غير الفاعل للقتل والله أعلم. مطلب رجل ضرب زوجته فقطع أنملة إبهامها إلخ (سئل) عن رجل ضرب زوجته فقطع أنملة إبهامه المساوية لأنملة إبهامها يمينا ويسارا، فإن عفت على الدية وجب فيها نصف عشر ديتها، ففيها بعيران ونصف؛ لأن ذلك هو نصف عشر دية المرأة والله أعلم. مطلب رجل له عصبة ابن عم قتل ذميا عمدا (سئل) في رجل له عصبة ابن عم قتل ذميا عمدا عدوانا فما الواجب فيه بالشرع ومن يجب عليه ما يجب فيه؟ (أجاب) دية الذمي ثلث دية المسلم كما نص عليه في المتون والواجب على القاتل

مطلب في أولاد عم قتل لهم قريب هم الوارثون إلخ

حالة عليه لا شيء منه على العصبة؛ لأن القتل العمد على القاتل بخلاف الخطأ وشبه العمد والله أعلم. مطلب في أولاد عم قتل لهم قريب هم الوارثون إلخ (سئل) في أولاد عم قتل لهم قريب هم الوارثون له، أخذوا عوضا عن ديته عروضا ومالا مات واحد منهم وخلف ولدا يدعي أعمامه أن أباه أخذ حصته من الدية فلا يعطون ولده من المال، ويشهد بعضهم لبعض فهل تصح هذه الشهادة أم لا؟ (أجاب) لا تصح شهادة الأعمام على ابن أخيهم لكونهم يدفعون عن أنفسهم بل لا بد من شهادة عدل غيرهم وإلا أخذ حصته من المال مثلهم والله أعلم. مطلب رجل أصاب آخر بحديدة محماة في موق عينه (سئل) في رجل أصاب آخر بحديدة محماة في موق عينه اليمنى فادعى المصاب أنه ذهب بذلك ضوء عينه والإصابة خطأ فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) حيث ثبت زوال ضوء عينه وجب فيه نصف دية خطأ على العاقلة، فإن ادعى زواله أي الضوء، وأنكر الجاني سئل أهل الخبرة فإنهم إذا أوقفوا الشخص في مقابلة عين الشمس، ونظروا في عينه عرفوا أن الضوء ذاهب أو باق، ثم إن لم توجد أهل خبرة أو لم يبين لهم شيء امتحن بتقريب نحو عقرب كحديدة من عينه بغتة ونظر أينزعج أو لا، فإن انزعج حلف الجاني وإلا فالمجني عليه والله أعلم. مطلب ذمي له بئر في ملكه وعليه حائط مرتفع إلخ (سئل) في ذمي له بئر في ملكه وعليه حائط مرتفع عن الناس ومسدود الباب، ووقع في القرية عرس والناس يتفرجون عليه، فجاء صبي، ووقف على سدادة البئر وأخذ يرقص عليها، فوفع معها فيه، ومات فهل يكون صاحب البئر ضامنا له؟ (أجاب) المصرح في كتب الفقه أن مالك البئر إذا لم يتعد فلا ضمان عليه، وهنا الرجل لم يتعد فلا ضمان عليه، ويكون الولد هدرا كما هو معلوم، فلا ضمان له بداية ولا كفارة ولا غير ذلك والله أعلم. مطلب رجل جني على عينه وأخذ ديتها (سئل) في رجل جني على عينه وأخذ ديتها وله أقارب يريدون أن يأخذوا من دية عينه فهل لهم ذلك؟ (أجاب) دية العين لصاحبها؛ لأن الجناية على نفسه والضرر لاحق به، والنقص واقع عليه، وليس لأقاربه حتى والده وولده منها شيء لما علم، ولا نعلم في ذلك خلافا بين علماء الإسلام ولا نظر لما عليه أهل القرى والبدو من تقاسم الدية بين الأقارب؛ لأنه لا مستند له في الشرع القويم والملة المحمدية والله أعلم. مطلب في ولد وجد ميتا في أرض لذمي إلخ (سئل) في ولد وجد ميتا في أرض لذمي فهل لأهله أن يأخذوا هذه الأرض من مالكها الذمي؟ (أجاب) ليس لورثة هذا الولد الموجود في الأرض ميتا أن يأخذوا الأرض من مالكها؛ لأن الأرض لا تميت أحدا ولا تحييه، بل الأرض لمالكها يتصرف فيها كيف شاء، وهذا الزعم باطل لا يعمل به شرعا قطعا والله أعلم. مطلب جماعة لاوند سائرون في طريق إلخ (سئل) في جماعة لاوند سائرين في طريق ومع أحدهم بارودة وقعت من يده فأصابت واحدا منهم فكسرت رجله ونثرت عظمه، والذي

مطلب رجل عنده ابن أخته مريض فقضي عليه فاتهم به إلخ

وقعت منه البارودة مراهق فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) إن سقطت رجل هذا الرجل المضروب وجب لها إن كان من الكعب نصف الدية، وإن انكسر معها من عظم الساق شيء وجب له أرش يقدره الحاكم باجتهاده وإن لم تسقط بل بطلت منفعتها وجب لها أرش من الدية بفرضه رقيقة سليما ثم معيبا، فما نقص بالعيب وهو كسر الرجل وجب ما يقابل من دية الحر، وكل ذلك على العاقلة؛ لأنه خطأ والله أعلم. مطلب رجل عنده ابن أخته مريض فقضي عليه فاتهم به إلخ (سئل) في رجل عنده ابن أخته مريض فقضى الله عليه بالموت وله أخ، فاتهم الرجل باطلا بقتله، والحال أن أهل البلد تشهد موته وليس به قتل ولا أثر قتل، فاستعان عليه الأخ بمن لا يخاف الله ورسوله، فهددوه بالقتل والنهب، فادعى الأخ أنه عمل له مالا معلوما صلحا، ويدعي أن معه بينة بذلك فما الحكم الشرعي والحالة هذه؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر فلا يلزم الخال المدعى عليه شيء من دية وقصاص وكفارة وصلح، وإن كان وقع منه الصلح على ذلك فلا يعمل به؛ لأن شرط صحة الصلح إقرار المدعى عليه بالقتل، فلا يصح الصلح ولا يعمل به، وإن رضي به الخال المذكور لبطلانه والله أعلم. مطلب أهل قرية وقع بينهم خصام فترموا بالحجارة فسقطت أسنان صبي إلخ (سئل) في أهل قرية وقع بينهم خصام فتراموا بالأحجار وبينهم صبي لم يبدل أسنانه، فسقط له أسنان ثم عادت من غير فساد منبتها، فادعى أبوه أولا على رجل غريب ولم يثبت ذلك، ثم ادعى على أهل البلد فما الحكم الشرعي. (أجاب) لا يخفى أن الدعوى على جميع أهل البلد لا تصح؛ لعدم تعيين المدعى عليه بل طريق ذلك أن يدعي على كل رجل بانفراده، فإن أقام عليه بينة فذاك وإلا فله أن يحلفه، ثم على الثاني منهم كذلك، ثم الثالث كذلك، فمن أقر أو أقام الوالد عليه بينة فله عليه الأرش وهو أن يقدر الصبي عبدا بأسنانه، وينظر كم قيمته، ثم عبدا بلا أسنان وينظر قيمته، فما نقص من قيمته نسب لها ثم أخذ من الدية بتلك النسبة والله أعلم. مطلب رجل ضرب آخر فشل خنصره إلخ (سئل) عن رجل ضرب آخر فشل له الخنصر والبنصر فما الواجب له شرعا؟ (أجاب) اعلم أن الواجب في هذين جزء من الدية نسبته إليها نسبة ما نقص من قيمته إليها بعد البرء بفرضه رقيقا مثلا إذا فرضنا هذا الرجل الشال الإصبعين المذكورين سليما من الشلل رقيقا يساوي تسعين لزم الجاني عشر الدية، وهو عشر أبعرة من الإبل، إبل العرب التي تدفع في الدية؛ لأن واجب الدية الكاملة مائة من الإبل المبينة في محلها والله أعلم. مطلب رجل يصنع البدودلدرس الزيتون إلخ (سئل) في رجل يصنع البدودلدرس الزيتون، فعمل بدا وأحكمه، وأخذ الصناع يدرسون عليه الزيتون وركبوا الشدة، وأداروا اللولب على عادتهم 2 - 2 2 2 2 2 2 2 2 2 2 1/ 401

مطلب رجل سرقت داره فأحضر رجلا من قرية لمجلس الشرع إلخ

دعواه وصدق شاهده وجب على الوارث أن يدفع له قيمة البقرة والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل سرق من بيته أمتعة ليلا، ورأى من بيدهم الأمتعة قريب الرجل، وتشاجر معهم ولم يعرفها، وأخذها منهم قهرا، ولم يعلم أنها لقريبه، وقال لآخر: إن حصل من قريبي بعد أن تحقق أن الأمتعة له عشرون قرشا لأردنها إليه، فلما علم قريبه بكلامه أتهمه بها وطلبها منه، وهو ليس من أرباب التهم، ومعروف بالديانة، فحلف من بيده الأمتعة بالطلاق أنه ما يخرج من البلدة الفلانية سكنه حتى يردها، وردها لصاحبها بلا أخذ شيء، وخرج من البلد بعد ذلك، فهل يكون بارا في يمينه فلا يقع عليه طلاق؟ وهل يلزمه بهذه التهمة شيء ما الحال؟ (أجاب) حيث رد الرجل الحالف الأمتعة جميعها قبل الخروج من بلده، فلا يقع عليه طلاق، وحيث رد الأمتعة بعينها فلا شيء عليه أصلا؛ لأن قطع اليد يسقط بالتهمة وهي حاصلة بما ذكر والله أعلم. مطلب رجل سرقت داره فأحضر رجلا من قرية لمجلس الشرع إلخ (سئل) في رجل سرقت داره فأحضر رجلا من قرية لمجلس الشرع، فأقر بأنه سرق الدراهم، وفلان وفلان وسماهم، فأنكر فلان وفلان وفلان فما الحكم الشرعي والحالة هذه؟ (أجاب) الدار اللازمة للرجل المقر عملا بإقراره ولا عذر لمن أقر، والإقرار من أقوى الحجج الشرعية؛ لأنه شهادة المرء على نفسه، وقام الإجماع على العمل به، والأصل فيه قبل الإجماع آيات؛ كقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار وأخبار لخبر الصحيحين " اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها " وهو مقتضى القياس، وأما المنكرون فلا يلزمهم شيء لعدم المستند الشرعي، ولا تصح شهادة الرجل المقر عليهم؛ لأمور منها الدفع عن نفسه، ومنها المبادرة بالشهادة، ومنها أنه فاسق بإقراره بالسرقة والله أعلم. مطلب رجل سرق له أمتهة كثيرة إلخ (سئل) في رجل سرق له أمتعة كثيرة فوجد منها حاجة عند امرأة ولها ابن أخ وأخ من أب وهي عند زوج بنتها، وادعت المرأة أنها أخذت الحاجة المذكورة من امرأة، فهل إذا ثبتت الحاجة للمدعي فهل تلزم المرأة وأقاربها المذكورين بقية السرقة؟ (أجاب) إن أقام الرجل المدعي بينة أن الحاجة المذكورة سرقت له أخذها فقط ورجعت المرأة بثمنها على من أخذت هي منها، ولا يلزمها بقية السرقة، ولا يلزم أخاها وابن أخيها وزوج بنتها شيء من السرقة إلا ببينة شرعية تثبت السرقة أو إقرار شرعي يعمل به، والله أعلم. مطلب رجل سرق بقرا لآخر إلخ (سئل) في رجل سرق بقرا لآخر ثم باعها في السوق لآخر، فجاء صاحب البقر وعرفها عند الشاري لها، فسلمه بعضها وقال الباقي نهب من عندي، فهل يلزمه الذي نهب مع اعترافه وإقراره، ولصاحب البقر مطالبته أو مطالبة السارق

مطلب في ثلاثة أتهموا بسرقة إلخ

أو مطالبة كل منهما وعلى من يكون الضمان؟ (أجاب) حيث وضع يده المشتري على البقر كان لصاحبها مطالبته بها حتى بالمنهوب، وله أيضا مطالبة السارق، فإن غرم المشتري شيئا رجع به على السارق والله أعلم. مطلب في ثلاثة أتهموا بسرقة إلخ (سئل) في ثلاثة أتهموا بسرقة دراهم، فأنكر أحدهم وهرب آخر، والثالث أصلح على نفسه، ثم بعد مدة نحو خمسة عشر سنة رجع الهارب إلى محله بعد موت من أصلح على نفسه، فطالبه بالسرقة المسروق منهم، فجاء إلى وارث الذي أصلح على نفسه، وقال له شاركني فيما أغرمه لأن مورثك كان معي، فهل يغرمه معه فيما يدفعه؟ (أجاب) ليس على الرجل المصلح على نفسه حق أصلا لا لأهل السرقة ولا للرفقاء الذين معه ولا على وارثه إن مات، وذلك ظاهر واضح لكل من بل أنملته من الفقه والله أعلم. مطلب في أناس سرق لهم دراهم فقال إلخ (سئل) في أناس سرق لهم دراهم فقال لهم رجل اعملوا لي جعلا وأنا أقرر لكم فلان المصري وهو خادم عندهم، فذهب له فقرره بأنه أخذها وقال له: اذهب معي لنخرجها من مكانها الذي دفنها فيه، فوافقه وذهب معه، والآن يدعي المصري أنه دفعها لمن قرره وهو ينكر ذلك، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) الحكم أن المصري المقر بأخذ الدراهم يلزم بها، ثم إن له الدعوى على الرجل المذكور، فإن أقر له بها أو أقام عليه بينة عادلة ألزم بها وإلا فله تحليفه ويغرمها المصري لأهلها والله أعلم. مطلب رجل أتهم بسرقة فلم تظهر إلخ (سئل) في رجل أتهم بسرقة فلم تظهر عنده، ثم ظهرت عند آخر فأقر بها وحلف أنه ما سرقها إلا هو، والمتهم الأول فهل يسري قوله ويمينه على المتهم؟ (أجاب) اعلم من يريد الفوز بالجنان وينجو غدا من عذاب النيران أن شرع الرحمن الذي بينه سيد ولد عدنان؛ أن المطالب بالسرقة إنما هو المقر بها، وحلفه لا يفيد شيئا إلا أنه يغرمها وحده، وأما المتهوم فلا يلزمه منها شيء، والقائل بذلك من حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، كما هو شائع في هذه الديار، وغضب الجبار، ثم المآل إلى النار فلا تأس على القوم الفاسقين الذين يشرعون غير ما شرعه الله تعالى، وعليهم لعنة الله ورسوله والله على ما نقول وكيل والله أعلم. مطلب رجل سرق له أمتعة فاتهم جماعة إلخ (سئل) في رجل سرق له أمتعة فاتهم جماعة، ويطلب من والد واحد منهم مع أنه غير سارق، فيريد أن يعمل للشاهد رشوة، فهل يلزم المتهوم أو والده بشيء؟ (أجاب) لا يعمل بقول الرجل التاهم للآخر إلا ببينة شرعية عادلة تشهد له أن فلانا وفلانا أخذوا كذا وكذا، فإن لم يوجد معه من ذكر كان له تحليف المتهوم، ولا يلزم المتهوم ولا والده ما جعل للشاهد، بل ربما كان ذلك طعنا في شهادته، فترد شهادته بذلك والله أعلم. مطلب رجل سرق له أمتعة فاتهم رجلا إلخ (سئل) في رجل سرق له أمتعة فاتهم رجلا فأقر بها عند حاكم الشرع

مطلب رجل سرق له أمتعة إلخ

فقومت عليه بأربعين قرشا فالتزم بذلك، ثم تارة يدعي أن له شريكا فيها، وأنها بقرية كذا وتارة يدعي أنه مكره والحال أن القاضي كتب بذلك حجة شرعية، فهل يجب عليه دفع الدراهم المذكورة؟ (أجاب) حيث أقر الرجل بالسرقة لزمته فإن ردها فذاك وإلا لزمته قيمتها، وإن كان سرقها من حرز تقطع يده اليمنى بطلب من المالك، وإن فرض ضياعها لزمه القيمة بالغة ما بلغت أقصى القيم؛ لأنها غصب ولا عبرة بدعواه المذكورة؛ لأمرين: للتناقض في كلامه ولحكم القاضي بذلك؛ لأنه إذا حكم بفصل مختلق فيه صار متفقا عليه والله أعلم. مطلب رجل سرق له أمتعة إلخ (سئل) في رجل سرق له أمتعة فاتهم رجلا كان مسكه في البيت حين السرقة، ووقع بينهما خصام، فأقر له بها، وادعى ضياعها، فدفع له من قيمتها خمسة وأربعين، ثم أنكر أنه السارق، وادعى أنه غيره، فهل لصاحب الأمتعة أن يطالبه ببقية المسروق؟ (أجاب) إن الإقرار معمول به شرعا، وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار، بل هو من أقوى الحجج، فلصاحب الأمتعة أن يطالب المقر بها ولا عذر لمن أقر والله أعلم بالصواب. باب قاطع الطريق إلخ (باب قاطع الطريق) (سئل) في رجال عروا رجلا في الخارج ثم دخل إلى مدينة نابلس عاريا، فأشد معه بعض الناس لوجه الله تعالى، فربطوا فرسين من خيل المعريين فجاءوا له بحوائجه، ورد لهم الفرسين سالمتين من غير نقص ولا عيب، ومضى على ذلك أكثر من خمسة عشر سنة، ثم إن أهل الخيل مرادهم الدعوى بأن فرسا منهما ماتت فهل يترتب على الآخذين حق أم لا؟ (أجاب) حيث لم يحدث الآخذون للخيل عيبا فيها، ولا ترتب على فعلهم لها ضرر ولا عيب، وردت كما أخذت فلا شيء على الآخذين لها، حتى لو أن الفرس ماتت بعد ردها فلا شيء على الآخذين؛ لأن الحيوان ولو أدميا معرض للتلف، وأصله الاعتداء من المعريين الصادق عليهم حال من أحوال قطاع الطريق الذين تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، نسأله تعالى الإنصاف، قال الله تعالى في حق قطاع الطريق: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفو من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} والله أعلم. كتاب الأشربة (كتاب الأشربة) مطلب حكم البوظة (سئل) عما يقع في هذه البلاد من عجين مائع يمكث زمنا طويلا بحيث تصير فيه شدة مطربة فما حكمه. (أجاب) لا يخفى أن عموم كلامهم شامل لمثل هذه

مطلب هل يجوز أكل الزوان وحده أو مع غيره إلخ

الصورة وأنها من المسكر الحرام الذي يحد شاربه؛ لأن المراد على الشدة المطربة، فحيث وجدت حرم التناول وحد الشارب ولا يخفى أنه نجس وأنه غش يجب على الناس أجتنابه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " من غشنا فليس منا " والله أعلم. مطلب هل يجوز أكل الزوان وحده أو مع غيره إلخ (سئل) هل يجوز أكل الزوان المشهور في بلاد الشام وحده أو مع غيره من بر وغيره وبيعه في الخبز مع مشاهدة الضرر منه لأناس كثيرين، وربما أدى إلى إخراج صلاة عن وقتها لتخدر آكله وغفلته بذلك؟ (أجاب) عبارة ابن حجر قال -أي الزركشي-: والقياس حل إطعامها -أي الخيل- ومثلها غيرها، بل أولى نحو حشيش وبنج للجوع وإن تخدرت، ويظهر جوازه بآدمي جاع ولم يجد غير ذلك، وإن تخدر؛ لأن التخدر لا يزيد في الجوع، انتهى، أقول يأخذ منه أن آكل الزوان للآدمي والحيوان تضر به كالخيل والجمال حرام حيث وجد غيره؛ لأنه مخدر، بل مغير للعقل في بعض الأشخاص، ومفوت للصلاة في بعض الأوقات، ويحرم بيعه لمن لم يعلم به؛ لأنه غش وقد نهي عن الغش، وعلى الحاكم أيد الله تعالى أحكامه منع تعاطيه وتعزيره بما يراه؛ لأنه يجوز التعزير في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة والله أعلم. مطلب حكم اللحية (سئل) عن حلق الحية هل هو حرام؟ وهل يجوز للحاكم أن يعذر به؟ (أجاب) عبارة ابن حجر قال الماوردي: وحلق رأس لا لحية، أي يجوز التعزير بحلق اللحية لا بحلق الرأس انتهى. قال ابن حجر: وظاهره حرمة حلقها وهو إنما يجري على حرمته التي عليها أكثر المتأخرين، أما على كراهته التي عليها الشيخان وآخرون فلا وجه للمنع إذا رآه الإمام بخصوص الغرر أو المغرر عليه، فقد ظهر أنه مكروه، وأنه يجوز التعذير به والله أعلم. مطلب حكم الدخان الموجود في هذا الزمان إلخ (سئل) عن الدخان الموجود في هذا الزمان فما حكمه؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الناس قد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا ما بين شافعية وحنفية ومالكية وحنابلة، فمن قائل بالجواز ومن قائل بالحرمة، ولكن الذي يشهد به الذوق السليم والطبع المستقيم أنه لا يجوز تعاطيه لأمور منها الإسراف، ومنها عدم نفعه، ومنها رائحته الخبيثة التي تؤذي الملائكة والمخالطين لشاربه، ومنها ما يرتكبه شاربه من تضيع المال في غير محله ولا سيما الفقراء، ومنها ما يجعل بعض الناس من الدناءة عند فقده مثل الأعراب وأهل القرى، وترى الرجل منهم يطلب من الدنيء والفقير والغني وقد وقع لي مرارا أنه حصل لي غيبوبة لا من شربه بل من الرائحة من شاربه، وأيضا حصل لي من أكل زبيب وضع معه فاكتسب منه ريحا، وكان ذلك وأنا محرم بالحج، فغبت بعد أن قذفت جميع ما في معدتي بأكل ذبيبات من رائحته من الغروب إلى قريب نصف الليل والله تعالى

أعلم. (سئل) في محلة من محلات مصر المحروسة محل العلم والعلماء الأعلام وحكام الإسلام أظهر الله تعالى بهم الأحكام بالأحكام وأعزبهم الأنام يعمل بها الخمر ويباع جهارا، وتأتي له الفسقة تشرب منه، وتسكر ويحصل لأهل المحلة منه الضرر الكلي للجار والمار، ويخافون علىأنفسهم ونسائهم وأولادهم كما هو معلوم لكل أحد، وكتب لهم الحاكم على مصر -أيده الله تعالى- السابق واللاحق بيورد آيات شريفة بالمنع، وكذلك حاكم الشرع القويم نصره الله تعالى، فامتنعوا منه مدة، ثم عادوا له وغالبهم من أهل الذمة مع وجود فتاوى شريفة من العلماء الأعلام أئمة المذاهب الأربع، ومع عدم الإذعان للكحام المذكورين وللأحكام الشرعية، فهل ينقض عهد أهل الذمة بذلك؟ وهل يجب على ولاة الأمور -أيدهم الغفور وأعانهم العلي الشكور من ذلك - ولو بتخريب المحل الذي هو مجمع الفساد والضرر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويرتبون على أفعالهم مقتضاها ويثابون على ذلك الثواب الجزيل حفظا لدين الإسلام ولإعراض أهل المحلة ولأنفسهم أفيدوا جوابا شافيا بالدليل الذي لا يحتمل التأويل أثابكم الله تعالى الجنة؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى لفعل الخير ولإقامة الملة المحمدية إن شاء الله تعالى أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فقد أورثها الله تعالى لأفضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو قد ورثه فيها طائفتان: الأولى العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء" وعليهم القيام بالحجة والبرهان والكشف عن المشكل والبيان. الثانية: السلطان وأعوانه أهل العرفان وبأيديهم السيف والسنان وعليهم قمع أهل الطغيان، فحصة العلماء الآن انضمت أيضا لجناب السلطان، فلذلك ضعف الإسلام؛ لأنه لا يقوم على رجل واحدة بل إنما يقوم الإسلام بما قام به سيد الأنام من الجحة والبرهان وذلك ورثة فيه العلماء ولهم النصف من ميراث الأرض بمقتضى الإرث الشرعي، ومن السيف والسنان، وذلك حصة السلطان وجنوده أيدهم الرحمن، ولهم النصف الثاني من الأرض، والآن له نصره الله تعالى ولهم الجميع على أي وجه كان، وهذا كله لا يحل له ولا لهم إلا بحفظ خمسة أمور، وهي المسماة الكليات الخمس أو الست التي نقل الغزالي وغيره من أئمة الدين أنها الكليات لم تحل في شريعة قط من لدن آدم وشيث ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وأما شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فأدلة هذه الكليات واضحة ظاهرة مشيدة التشييد مسددة غاية التسديد، موضحة بنصوص لا تقبل التأويل، قام عليها الإجماع بكل دليل لا خلاف فيها قطعا لكل حقير وجليل، فأولها حفظ

الدين كلياتة وجزئياتة أصولا وفروعا، وهذا مشترك حفظه بين العلماء بالأدلة ودفع الشبه والسلطان وأعوانه بجهاد الكفار الذي هو ذروة سنام الإسلام، ثم حفظ النفوس أصولها وأطرافها، وجراحاتها ومعانيها، ثم حفظ العقول ذاتا وعرضا، ثم حفظ أنساب المسلمين بالأنكحة الصحيحة والمنع من الزنا، ثم حفظ الأموال على الناس والأعراض إن لم تؤد الأذية فيها لقطع النسب وإلا كانت مرتبة الأنساب كما صرح به الزركشي وغيره، وحفظ هذه الكليات الخمس أو الست هي مرتبة ولاة الأمور من السلطان وغيره على طبق أخبار العلماء الأعلام أئمة الإسلام عن أحكامها وما يترتب عليها من الحدود وغيرها، وقد شرع الله تعالى للدين حدا بقتل المرتد، والنفوس شرع لها تعالى حدودا بقتل القاتل وقطع يد القاطع ورجله ونحوهما، وشرع لحفظ العقول حدا وهو الضرب المعلوم على الخلاف المفهوم، ومثل ذلك حفظ أنساب الناس بحدها المعلوم من حد الزنا والرجم بشرطه أو الضرب والنفي بشرطه، وحد الأموال أن السارق لها بشرطه تقطع يده وآخذها في قطع الطريق بشرطه تقطع يده ورجله من خلاف كما نص عليها القرآن المحكم، وحفظ الأعراض بعدم السب والقذف ممن قذف بشرطه، يقام عليه الحد المعلوم، ولا ريب أن مثل هذه المسألة يقع فيها الجناية على العقل وهو ظاهر بشرب الخمر، وعلى الأعراض لما هو معلوم، وعلى الأنفس لما يقع من الشربة عند زوال عقلهم من الضرب والقتل والقطع وغيرها وربما وقع بها جناية على المال وكذلك العرض، فإذا حفظت ولاة الأمور هذه الكليات حفظها الله تعالى في نفسها ودينها وعقلها وعرضها ومالها ونسبها وولدها استحقت الميراث من الأرض المذكورة بالميراث النبوي بالإعطاء الإلهي المستمر، وكانت ما تأكله من القرى والمزارع بحق ما تلقى من سيد الأولين والآخرين المفاض عليه من رب العالمين، ومثل ذلك العلماء أيدهم الله تعالى بالحق المبين، ونصرة الدين بإقامة الحجج والبراهين، وحق لهم أن يكونوا جميعا الولاة المذكورين والعلماء العاملين من حزب الرحمن، ألا إن حزب الله هم الغالبون، وهنا نصيحة قدسية خليلية هي أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ظهر في الدنيا بمفرده معاديا العرب والعجم، ونصره الله تعالى عليهم أجمعين، وأعطاه الله تعالى السيف والسنان والحجة والبرهان وورثه فيهما جناب السلطان وجنوده أهل الشأن، والعلماء من أهل البرهان، فإذا قام هؤلاء الفريقان على الصدق والمحبة والوفاء لا يقاومهم في الأرض قبيلة من القبائل الضالة والكافرة والمعاندة والفاجرة؛ لقيامهم بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد علمت أنه 2 - 2 2 2 2 2 2 2/ 401

كتاب الأضحية

والمرئ وأحد الوريدين، وبقي من الثاني حصة فرفع السكين ثم أعادها سريعا وقطع الباقي، فهل يحل المذبوح؟ (أجاب) الواجب في الذبح قطع جميع الحلقوم وهو مجرى النفس، وجميع المرئ وهو مجرى الطعام، وأما قطع الودجين فسنة فمتى قطع من الحيوان جميع المرئ وجميع الحلقوم حل ولا يحتاج إلى قطع الوريدين حتى لو رفع السكين وعادها سريعا في قطع الحلقوم والمرئ، أو أخذ غيرها حل المذبوح والله سبحانه وتعالى أعلم. كتاب الأضحية (كتاب الأضحية) مطلب إذا قال هذه أضحية أو جعلتها أضحية إلخ (سئل) إذا قال هذه أضحية أو جعلتها أضحية، أو هذه أو هي نذر فهل يحرم عليه الأكل منها، وإن قال: أردت المسنونة لا يقبل منه خلافا لبعضهم، ما المراد بالبعض، وهل يجوز تقليده؟ (أجاب) اعلم أن مريد الأضحية إذا قال ما ذكر خرجت الأضحية عن ذمتة وصارت واجبة التضحية بها، فهي كالنذر، وإن صدر ذلك من عامي لأنا إنما نعاملهم بظاهر عباراتهم، ولا نظر لما في نفس الأمر، مع أن ما ذكر صريح أو كالصريح، فلا نظر لغيره، فيجب على القائل ما ذكر أن يفعل بها ما يفعل بالنذر الواجب، وهذا البعض هو الأذرعي تابعا لصاحب الوسيط، ولا يجوز تقليده في ذلك لما قرر في محله، وهو بحث منه، ورد عليه بأنه نظير هذا صرار مبيع منك بألف، فلما إن كان كلا من هذين صريح في بابه فكذلك ذاك، نعم لو وقع مثل ذلك حال الذبح كأن قال: هذه أضحية فتقبلها مني كما تقبلتها من خليلك إبراهيم لم تصر واجبة، فقول الرملي يقبل منه أردت المسنونة أي ظاهرا، أما ما بينه وبين الله تعالى قيقبل منه حيث كان صادقا والله سبحانه وتعالى أعلم. فصل في العقيقة (فصل في العقيقة) مطلب رجل له ثلاثة أولاد ويريد أن إلخ (سئل) في رجل له ثلاثة أولاد ويريد أن يعق عنهم فما الذي يجزئ في العقيقة؟ (أجاب) الذي يجزئ في الأضحية من المعز ما له سنتان ودخل في الثالثة، ومن الضأن ما له سنة ودخل في الثانية أو أجذع مقدم أسنانه، وكل ما يجزئ في الأضحية يجزئ في العقيقة وما عدا ذلك من الصغير والمعيب لا يجزئ أضحية ولا عقيقة والله سبحانه وتعالى أعلم. كتاب الأطعمة (كتاب الأطعمة) مطلب سئل ما حكم ما يؤخذ على الرقا والتمايم (سئل) ما حكم ما يؤخذ على الرقا والتمايم؟ (أجاب) وقع في صحيح البخاري وغيره أن أبا سعد الخدري رقا كبير حي على قطيع غنم وقدره ثلاثون رأسا، ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أسهموا لي بسهم" فهذا دليل على جواز أخذ

مطلب ما حكم الغريراء المسمى بالضربان إلخ

ما يدفع للراقي أو كاتب التميمة؛ لأن فيه عملا ولا سيما إن ذهب الراقي إلى المرقي، ولكن هنا تفصيل لا بد منه، وهو أن نحو المريض يقول للراقي: إن قرأت علي كذا وعافاني الله تعالى فلك علي كذا، فهذا نذر. وإن قال: فلك كذا فهذا عقد جعالة، وأن المريض أو غيره من أقاربه أو غيره إن جعل له شيئا، فهذا إحسان فلا ينبغي رده؛ لأنه من غير طلب. وقد يشترط الراقي أو الكاتب على المريض أو غيره جعلا وتحته صورتان، أحدهما: أن يقول له: أقرأ لك كذا وآخذ منك كذا، فيلتزم له ذلك، وهذه هي صورة الحديث، والثانية: أن يقول: اقرأ كذا بشرط أن يحصل الشفاء، فإذا حصل ندفع لك كذا، فيقول المريض: نعم، وهذا وعد إحسان. وقد يحصل من المريض الوعد بأن يقول: اقرأ علي كذا وأنا أعطيك كذا، أو إن كان كذا وعافاني الله دفعت لك كذا، ففي هاتين الحالتين وعد هبة. وفي العباب: وكره جماعة الأخذ على الرقية وفيه وقفة، وقد توجه الكراهة بأن يؤخذ ذلك من المريض لا على ما مر، بل يطلب ظهور غضاضة وعدم انشراح صدر من المريض، والله أعلم. مطلب ما حكم الغريراء المسمى بالضربان إلخ (سئل) ما حكم الغريراء الموجودة في البلاد الشامية؟ (أجاب) لم نظفر بهذا الاسم في كتب الفقهاء وإنما رأينا في مختصر الحيوان أنها الضربان أخذا من أوصاف ذكرها موجودة في الغريراء، وأنها لا تحل، والله أعلم. كتاب الأيمان (كتاب الأيمان) مطلب رجل حلف بالطلاق الثلاث أنه لا يدخل المدينة إلخ. (سئل) في رجل كان محبوسا في حبس الحاكم ومعه جماعة فحلف بالطلاق الثلاث أنه لا يدخل المدينة التي حبس فيها، فهل إذا حمله شخص وأدخله يقع عليه الطلاق. (أجاب) نعم إذا حمل الحالف إنسان وأدخله لا يحنث ولا تنحل اليمين، والله أعلم. (سئل) في رجل حلف على آخر بالطلاق أنه ما دام ساكنا في هذه الطبقة لا يدفع لها أجرة، ثم خرج منها بأمتعته جميعا بعد مدة رجع وسكن فيها ودفع أجرتها، فهل يقع على الحالف الطلاق. (أجاب) الديمومية تنقطع في مثل هذه الصورة، قال في متن العباب: من حلف لا يصطاد ما دام الأمير في البلد، فخرج الأمير منها فاصطاد ثم رجع إليها واصطاد لم يحنث. انتهى. وفي ابن حجر ولو قال ما دام في إجارته وأطلق فالمتبادر منه عرفا، كما قاله أبو ذرعة: أنه ما دام مستحقا لمنفعته فتنحل الديمومة بإيجاره لغيره، ثم استئجاره منه، وأفتى فيمن حلف لا يدخل هذا ما دام فلان فيه، فخرج فلان ثم دخل الحالف ثم فلان بأنه لا يحنث باستدامة مكثه؛ لأن استدامة الدخول ليست بدخول ويحنث بعوده إليه، وفلان فيه لبقاء اليمين إن أراد بمدة دوامه فيه ذلك الدوام وما بعده، وأطلق أخذا مما قالوه

مطلب رجل تشاجر مع شريك له فقال إلخ.

في لا رأيت منكرا إلا رفعته للقاضي فلان، وأراد ما دام قاضيا من أنه إذا رآه بعد عزله لا يحنث ولا تنحل اليمين؛ لأنه قد يتولى القضاء فيرفعه إليه ويبر، وإن أراد ما دام فيه هذه المدة انحلت بخروجه. انتهى. وفيه نظر والفرق بين ما هنا ومسألة القاضي ظاهر؛ لأن الديمومة ثم مربوطة بوصف مناسب للمحلوف عليه يطرأ أو يزول فأنيط به، وهنا لا يتصور فيه ذلك فانعدمت بخروجه منه، وإن عاد إليه، فالذي يتجه في حالة الإطلاق عدم الحنث كالحالة الأخيرة. انتهى. فيؤخذ من كلامه أن هذا عند الإطلاق أو إرادة هذه الديمومة فإن أراد هذه الديمومة وما بعدها، فإذا دفع الأجرة بعد عقد صحيح في عوده ثانيا يحنث، والله أعلم. مطلب رجل تشاجر مع شريك له فقال إلخ. (سئل) في رجل تشاجر مع شريك له فقال: علي الطلاق بالثلاثة ما أظل مشاركا لك، وقسما الشركة وأراد الآن أن يشاركه، فهل له ذلك، وانحلت اليمين بقسمة الشركة الأولى. (أجاب) حيث فسخت الشركة انقطع الاستمرار الذي هو معنى ظل إذ المعنى لا أستمر مشاركا لك، وبفسخ الشركة انقطع الاستمرار، وهذا يؤخذ مما رجحه ابن حجر في: لا أدخل هذا ما دام فلان فيه، فإن الديمومة فيه تنقطع بخروج فلان وإن عاد، والحالف في المكان سواء أطلق أو أراد ما دام فيه، والله أعلم. (سئل) في رجل تشاجر مع زوجته فذهبت عند أهلها فلحقها ليردها فامتنعوا من أن يردوها معه، فحلف بالطلاق الثلاث إن لم ترد في هذا اليوم أنها لا ترد إلى السنة القابلة مثل اليوم، وكان ذلك في شهر القعدة يوم الأحد، فما الحيلة المخلصة له. (أجاب) الحيلة في ذلك أنها تبقى عند أهلها ولو ذهب الزوج لها وأخلي له بيت في دار أهلها فلا مانع أن يذهب عندها ويبيت عندها وتستمر إلى السنة القابلة في الشهر المذكور، أو يرفع الأمر إلى القاضي فيحكم عليه بردها وعليها بأن ترد، فلا طلاق حينئذ، والله أعلم. مطلب رجل حلف بالطلاق الثلاث. إلخ. (سئل) في رجل حلف بالطلاق الثلاث من امرأته أنه لا يزوج ابنته لفلان، فهل له أن يوكل في نكاحها. (أجاب) المصرح به متونا وشروحا أنه لو حلف لا يزوج فوكل من فعله لا يحنث؛ لأنه إنما حلف على فعل نفسه، والله أعلم. مطلب رجل حلف بالطلاق الثلاث. إلخ. (سئل) في رجل حلف بالطلاق الثلاث على زوجته أنها ما تذهب إلى دار أبيها في هذه السنة، ثم إنها ذهبت إلى دار أبيها في السنة المحلوف عليها، والحال أن الدار التي هي مسكن أبيها ليست خاصة بل مشتركة، وأطلق الحالف حلفه، فهل لا يقع الطلاق الثلاث بذهابها؛ لأن الإضافة إلى ما يملك تقتضي ثبوت الملك أو كيف الحال. (أجاب) حيث لم يرد الحالف مسكن الأب بأن أطلق، أو أراد الدار المملوكة، فلا حنث بغير المملوك كله، بأن كان معارا أو مستأجرا أو مغصوبا أو وقفا أو مشتركا

مطلب رجل اتفق مع آخر أن يزوجه بنته إلخ.

وإن قل نصيب الشريك؛ لأن الإضافة إلى من يملك تقتضي الملك كله، وبهذا الاستدلال استدل إمامنا الشافعي، قدس سره، بأن دور مكة ملك لأهلها؛ لقوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم} وقوله صلى الله عليه وسلم: "من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن" وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما ترك لنا عقيل من رباع" فإن أراد مسكنه الذي هو فيه حنث هذا حيث وكل إلى دينه، وإلا ففيه تفصيل يطلب من محله، والله أعلم. مطلب رجل اتفق مع آخر أن يزوجه بنته إلخ. (سئل) في رجل اتفق مع آخر أن يزوجه بنته بدلا عن أخته التي كان تزوجها أبو أب البنت، ثم مات زوج الأخت وحلف ولده بالطلاق الثلاث أنه لا يزوج بنته من أحد ولا من ابن على أخيه، فهل له مخلص من يمينه بأن تزوج من أحد ولا يقع عليه الطلاق. (أجاب) نعم إذا وكل رجلا في زواج البنت المحلوف عليها لا يقع عليه طلاق؛ لأنه حلف على فعل نفسه لا على فعل الوكيل، كما صرح به الفقهاء متونا وشروحا، والله أعلم. كتاب النذر (كتاب النذر). مطلب عمن نذر أو حلف بالله أو الطلاق. (سئل) عمن نذر أو حلف بالله أو بالطلاق أو العتاق ليثنين على الله أفضل الثناء، أو ليحمدن الله تعالى بأفضل المحامد، فما المخلص من ذلك من أنواع الحمد. (أجاب) اعلم أنه قد اختلف في ذلك، فقال يوسف بن عمر: قد اختلف في تعيين الفاضل من الحمد، فقيل: "الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمت منها وما لم أعلم"، وقيل: "اللهم لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" وقيل: "الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده". وقال النووي في أذكاره لو حلف ليثنين على الله أحسن الثناء فطريق بره أن يقول: لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" زاد بعضهم: "فلك الحمد حتى ترضى". وصورة المسألة فيمن حلف ليثنين على الله بأجل الثناء وأعظمه وزاد في أول الذكر سبحانك، وزاد بعضهم في القول الأول: "عدد خلقه كلهم ما علمت منهم وما لم أعلم" وقول النووي يخرج من العهدة، ولكن لو جمع بينها كلها خرج يقينا، والله أعلم. مطلب عما لو التزم شيئا وشك أهو صلاة أم لا. (سئل) عما لو التزم شيئا وشك أهو صلاة أم صدقة أم صوم أم عتق أم نذر دعاء، وشك أهو إبل أم بقر أم غنم أو نذر التصدق بشيء وشك أهو ذهب أو فضة أو ثياب، فما الواجب عليه شرعا. (أجاب) قال في العباب لو التزم شيئا ثم شك أهو صلاة أم صدقة أم صوم أم عتق احتمل أن يجب الكل وأن يجتهد كالقبلة. انتهى. أما وجوب الكل فهو قياس ما لو ترك الصلاة من إحدى الخمس ولم يعلمها يلزمه فعل الخمس ليبرأ بيقين، فالقياس هنا لزوم الجميع، أما لو التزم شيئا وشك في قدره، أهو ألف أم مائة، أو في جنسه أهو ذهب أم فضة، أم نوعه أهو صحيح أم مكسر، فقد يقال يلزمه

مطلب فيما وقع من نذر شيء لمسجد أو لنبي أو ولي. إلخ.

أعظمها ليبرأ بيقين، وقد يقال: أقلها لأنه المتيقن في اللزوم، وقد يقال: يجتهد، وإذا قلنا بالاجتهاد وتحير وطلب المستحق حقه، فهل يجبر على الاجتهاد أو يترك إلى أن يظهر، قال ابن حجر: الراجح الاجتهاد ويفرق بأن من نسي صلاة من الخمس قد تيقن شغل ذمته بالكل، فلا يخرج منه إلا بيقين بخلافه هنا، فإن اجتهد ولم يظهر له شيء وأيس من ذلك اتجه وجوب الكل لأنه لا يتم خروجه من الواجب يقينا إلا بفعل الكل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والله أعلم. مطلب فيما وقع من نذر شيء لمسجد أو لنبي أو ولي. إلخ. (سئل) فيما يقع في بعض النواحي من نذر شيء لمسجد أو لنبي أو ولي كالسيد علي بن عليم، فهل يصح هذا النذر. (أجاب) عبارة العباب ومن نذر زيتا أو شمعا ليسرج به مسجد أو غيره، أو وقف لذلك شيئا يشترى من ريعه صح إن انتفع به مصل أو نائم أو غيرهما ولو نادرا. ومثله ما يتقرب ببعثه إلى القبر المعروف بجرجان، وما جمع هناك قسم على جماعة معلومين، وفي ابن حجر في آخر باب النذر، ومنها أي: نذر القربة التصدق على ميت أو قبره إن لم يرد تمليكه، والمراد العرف بأن ما يحصل له يقسم على نحو فقراء هناك، فإن لم يكن عرف بطل، قال السبكي: والأقرب عندي في الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاثة أن من خرج من ماله عن شيء لها واقتضى العرف صرفه في جهة من جهاتها صرف إليها واختصت به. انتهى. فإن لم يقتض العرف شيئا، فالذي يتجه أنه يرجع في تعيين المصرف لرأي ناظرها، وظاهر أن الحكم كذلك في النذر إلى مسجد غيرها، خلافا لما يوهمه كلامه. انتهى. وأصل ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح لعثمان بن: "طلحة يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف" فيؤخذ من ذلك، إما لخدمة المساجد الثلاث والأولياء الذين ينذر لهم، وكذلك الأنبياء الكرام إذا نذر لهم أحد، يجوز لمن يقوم بمصالحهم كالأماكن اللذين هم فيها إذا اشتهرت بهم، والله أعلم. مطلب رجل نذر بقرة للسيد موسى الكليم إلخ. (سئل) عن رجل نذر بقرة للسيد موسى كليم الرحمن، وله مقام يحتاج لعمارة ويرده زوار يعمل لهم طعام في أيام الزيارة، وله متول منصوب من طرف مولانا السلطان، أعزة الديان، فهل يجب على الرجل دفع البقرة للمتولي أو يتصرف فيها هو؟ (أجاب) نعم يجب على الرجل الناذر أن يدفع البقرة للمتولي ولا يجوز له التصرف فيها بوجه؛ لأنها خرجت عن ذمته بمجرد النذر وصارت عنده أمانة، فلو تصرف فيها بلا إذن من المتولي ضمنها، ويجب على المتولي أن يصرفها في مصالح المقام الأنور الأزهر الكليمي على نبينا وساكنه أفضل الصلاة وأتم السلام، والله أعلم. (سئل) في رجل تشاجر مع أهل حرفته فقال: إن عملت في هذه الحرفة يكون علي للمسجد الأقصى والحرم

مطلب فيما يفعله بعض الناس كقوله إن صحت دابتي

الشريف ثلاثون قرشا، وقد عمل في الحرفة، فماذا يلزمه. (أجاب) هذا نذر لجاج وهو الواقع في الخصومة، فناذره مخير بين أن يلتزم ما التزمه، وهو دفع الثلاثين قرشا لجهة الوقف المذكور وبين كفارة يمين يخير فيها بين عتق رقبة أو كسوة عشرة مساكين أو إطعامهم، فإن عجز عن هذه صام ثلاثة أيام، والله أعلم. مطلب فيما يفعله بعض الناس كقوله إن صحت دابتي (سئل) فيما يفعله بعض الناس كقوله إن صحت دابتي مثلا فللولي الفلاني الميت منها قيراط أو قيراطان يعني به ثمن ذلك، ثم تصح دابته، فهل هذا نذر صحيح معتبر أو لا؟ وإذا قلتم بصحته وصحة دابته وأراد صرف ثمن ما ذكر مطابقا للوجه الشرعي كيف يفعل، وهل في أصل النذر المذكور تفصيل أو لا؟ وإذا قلتم فيه تفصيل فهل يفرق بين العالم بالفقه وغيره أو لا؟ وإذا كان الناذر في بلده والمنذور له في بلدة أخرى وتعذر وصول الناذر أو من يقوم مقامه لخوف طريق مثلا، فهل يكلف إرساله لبلدة المنذور له؟ (أجاب) شرط المنذور كونه قربة لم تتعين نفلا كانت أو فرض كفاية لم يتعين انتهى منهج، ثم قال وثانيها، أي: ثاني ضربي النذر نذر تبرر بأن يلتزم قربة بلا تعليق كعلي كذا وكقوله: إن شفي من مرضه لله علي كذا، لما أنعم الله علي من شفاء من مرضي أو بتعليق بحدوث نعمة أو ذهاب نقمة، كإن شفى الله مريضي فعلي كذا، فيلزمه ذلك حالا أو عند وجود الصفة إن علقه. إذا علمت ذلك وكان المنذور له من نبي أو ولي أو من المساجد الثلاث، بل أو غيرها به جهة يعرف لها النذر من عمارة أو حصر أو زيت يشعل فيه أو يصرف لخدامه أو لمجاوريه علمت صحة النذر؛ لأن ذلك كله قربة لم تتعين، وعبارة الرملي ومثله ابن حجر عطفا على ما يصح نذره وتصدق على ميت أو قبره ولم يرد تمليكه، واطرد العرف بأن ما يحمل له يصرف على فقراء هناك، فإن لم يكن عرف بطل زاد ابن حجر. قال السبكي: والأقرب عندي في الكعبة والحجرة الشريفة والمساجد الثلاث أن من أخرج من ماله عن شيء لها واقتضى العرف صرفه في جهة من جهاتها صرف إليها واختصت به، فإن لم يقتض العرف شيئا، فالذي يتجه أن يرجع في تعيين المصرف لرأي ناظرها، وظاهر أن الحكم كذلك في النذر إلى مسجد غيرها، خلافا لما يوهمه كلامه. ثم قال قبل: يقع لبعض العوام جعلت هذا للنبي، صلى الله عليه وسلم، فيصح كما بحث؛ لأنه اشتهر في النذر في عرفهم، ويصرف لصالح الحجرة النبوية، ثم قال بعده: ولا يشترط معرفة الناذر ما نذر به كخمس ما يخرج من معشر، ثم قال في كتاب الوصية: وهي أي الوصية للكعبة وللضريح النبوي على مشرفه أفضل الصلاة والسلام لمصالحهما الخاصة بهما، كترميم ماء وهي من الكعبة دون بقية الحرم، وقيل: في الأول لمساكين مكة وللحرم يدخل فيهما مصالحهما ويظهر أخذا

مطلب فيما يقع من النذور للأنبياء والأولياء إلخ.

مما تقرر ومما قالوه في النذر للقبر المعروف بجرجان صحتها كالوقف لضريح الشيخ الفلاني، ويصرف في مصالح قبره، والبناء الجائز عليه ومن يخدمونه أو يقرءون عليه، ويؤيد ذلك ما مر آنفا من صحتها ببناء قبة على قبر ولي أو عالم، أما إذا قال للشيخ الفلاني ولم ينو ضريحه ونحوه فهي باطلة، فقد بان لك صحة الوصية والوقف والنذر على نحو ولي ومسجد وعالم ونحوها على ما مر من التفصيل، والصرف على ما مر. وعلمت أيضا أن في أصل النذر المذكور تفصيلا وهو أنه إذا كان للمنذر مصالح من عمارة وفقراء وخدام ونحوها صح النذر، وإلا فلا، ولا فرق بين العالم والجاهل، ولا بين معرفة المنذور وغيرها. وعبارة المنهج: أو نذر أحد شيئا من نعم أو غيرها وعينه في نذره أو بعده إلى الحرم لزمه حمله إليه إن سهل عملا بما التزمه، ثم قال: أما إذا لم يسهل عليه كعقار ورحى فيلزمه حمل ثمنه إلى الحرم، فيتأتى هذا التفصيل هنا، والله تعالى أعلم. مطلب فيما يقع من النذور للأنبياء والأولياء إلخ. (سئل) فيما يقع من النذور من أهل المدن والقرى والبوادي لنحو رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخليل الله وكليم الله تعالى، على نبينا وعليهما وسائر الأنبياء الصلاة والسلام من نقد وحب وحيوانات وغيرها، فهل يصح النذر؟ وإذا قلتم نعم، فلمن يدفع، فرجل نذر لجناب موسى ناقة، فهل يجب عليه دفعها للمتولي على مقامه الشريف لكون له لوازم من عمارة ركية وفرش وزوار وغيرها. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن النذر لهذه الأماكن وما شابهها مما هو من شعائر الإسلام كالمساجد والأنبياء المذكورين صحيح معمول به شرعا نص عليه أئمتنا الأعلام؛ لأن لها مصارف شرعية وضرورية لقيام نظامها من عمارتها، وعمارة اللوازم لها كالآبار التي يشرب منها الصادي والبادي ويلجأ لها الآمن والخائف، ولا سيما مقام كليم الديان جناب موسى بن عمران، فالنذر عليه صحيح نذر تبرر وقربة يثاب فاعله ويجب دفعه للمتولي على المقام الشريف بصرفه في لوازمه الضرورية والعرفية، فإن دفعه لغيره لم يصح ولم تبرأ ذمته منه، فإن تلف وجب عليه بدله؛ لأنه تعدى بصرفه لغير أهله. ويجب على المتولي القابض له أن يصرفه في مصارفه اللازمة للمقام الشريف، وله الأكل منه بالمعروف؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ما يأتي للبيت الشريف:" ما أتاكم لهذا البيت فكلوا منه بالمعروف". والله أعلم. مطلب: رجل نذر على منكر إن عاد إليه إلخ. (سئل) في رجلا نذر على منكر إن عاد إليه يلزمه صيام عشر سنين، ثم عاد وليس له القدرة على الوفاء، هل تكفي كفارة اليمين عن كفارة النذر؟ (أجاب) هذا الواقع من الرجل نذر لجاج وهو مخير بين ما التزمه، وهو الصوم، وكفارة اليمين، قال في العباب: والإثبات في المعصية لجاج فقط، كأن أمر بشرب خمر فقال: إن شربته

كتاب القضاء

فعلي كذا، والنفي فيها يحتمل التبرر، كإن لم أشربه وأراد إن عصمني الله منه، ويحتمل اللجاج بأن منع منه، فقال: إن لم أشربه، والله تعالى أعلم. كتاب القضاء. (كتاب القضاء) (سئل) في رجل وجه له قاضي القدس الشريف وظيفة تولية بالمحلول واقعة تحت قضائه، وله عليها سلاطة المنع والإبقاء حسبما أذن له من جانب موكله حضرة السلطان، نصره العزيز الرحمن، فأرسل من بريد الموجه عنه بالمحلول فوجهت له براءة سلطانية، فهل يعمل بالتوجيه لمن بيده تقرير القاضي، حيث كان مأذونا له من جانب السلطان، نصره الله تعالى، ولا عبرة لمن في يده البراءة السلطانية، ويثاب الحاكم الشرعي على إجراء الحق لأهله ومنع المتصرفين لغير ذلك، وهل هذا الحكم مختص بأئمة الشافعية أو الحنفية؟ (أجاب) قال في المناوي في تسهيل الوقوف على أحكام الوقوف فرع أفتى بعضهم فيما لو تعارض تقرير الناظر الخاص والعام بتقديم الأول، وقيده غيره بما إذا لم يعلم السابق والأقدم، وهو يريد أن للحاكم التقرير في الوظائف مع حضور الناظر الخاص وأهليته ويرده عدهم من القواعد إن الولاية الخاصة أقوى من العامة، قالوا: ومن ثم لا يتصرف القاضي مع حضور الولي الخاص وأهليته. إذا علمت ذلك علمت أن تقرير القاضي مقدم هنا لأمرين: الأول: من جهة سبقه فلا ينقض ما وقع منه من الأحكام لرفع الثقة بأحكامه لو رفعت الثاني كونه خاص الولاية، ونظره فيها أقوى وأبلغ فحكمه مقدم وتقريره مقوم. انتهى. وبهذا أفتى علماء الحنفية للدرك الذي قلناه، والوجه الذي أبديناه، وأظن أن هذا الحكم لا يخالف فيه أحد من الناس حيث صادف تقريره الخاص أهلا ومحلا، والله تعالى أعلم. مطلب: في أخوين بيدهما جباية وقف لهما إلخ. (سئل) في أخوين بيدهما جباية وقف لهما، يتصرفان فيها مدة تزيد على ثلاثين سنة بموجب براءة عسكرية، وتقرير شرعي من ملأ بيت المقدس، قد تلقياها عن والدهما بالانحلال، وقد تصرف فيها مدة عمره ببراءة عسكرية وتقرير، وهو أيضا تلقاها عن والده وتصرف فيها نحو ستين سنة من غير معارض. والآن برز رجل بيده براءة مالية بعثمانين جباية الوقف المذكور عن محلول والد المنازع البارز الآن ولم يعهد له ولا لأبيه تصرف ولا جباية للوقف ولم يذكر في براءته رفع الجابيين المذكورين، فهل للمتولي منع الجابيين عن وظيفتهما بقوله: إن البراءة المالية مقدمة على البراءة العسكرية، وإن الوقف لا يكون له إلا جاب واحد، فما الحكم في هذه الحادثة. (أجاب) أيها السائل افهم المدارك قبل أن تعارك، وانظر المطالب قبل أن تطالب واعلم أن الأخوين المذكورين هما المستحقان للوظيفة

مطلب فيما شاع في هذه الأعصار من عدم سماع الدعوى إلخ.

المذكورة لوجود تقرير القاضي الخاص وهو مقدم على تقرير العام لو وجد وعارض هذا التقرير لكان الخاص مقدما عليه، كما صرح به غير واحد، هذا إذا لم يوجد سبق بأن قررا معا كيف، والتقرير الخاص سابق، والتأخير لا يعارضه لعدم التصريح برفع الأول فالأخوان مقدمان لأمور منها: تقديم الخاص، ومنها البراءة العسكرية حيث كان مع ميزها إذن ممن له الإذن، ومنها عدم رفعهما بالبراءة المالية، ومنها تصرفهما وتصرف من قبلهما هذه المدة، ومنها أن البراءة المالية فيها أخذ الرجل عن أبيه ولم يعهد لأبيه تصرف ولا له اسم سابق في الجباية، كان ذلك مناديا ينادي على رءوس الأشهاد أن البراءة المالية وقع فيها اشتباه وخلاف إنهاء؛ لأنه وإن وجد في دفاترهم اسم موافق لاسم أبي المنهي، فمن أين يعلم أن ذلك الاسم اسم أبيه، وإن أقام على اسم أبيه بينة، فنقول له نعم أبوك اسمه ذلك، وقد تتوافق أسماء الآباء والأجداد، وهذا فن من فن الحديث يسمى "المتفق والمفترق" وهو أن تتحد الأسماء وتختلف المسميات نحو: خليل بن أحمد فهم ستة بل أكثر، يقال لكل منهم خليل بن أحمد، وقد وقع الاتفاق في اسم المحدث واسم أبيه واسم جده، مثل أبي بكر بن أحمد جعفر بن حمدان البغدادي، ومثل أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن عيسى السقطي. ومن غريب ما اتفق محمد بن جعفر بن محمد ثلاثة متعاصرون ما توافي سنة واحدة، وهذا فن كبير من فنون علم الحديث يجب معرفته مخافة اللبس، فقد يظن المتعدد فيه واحدا عكس في الأنساب، فليتق الله رجل يكون لأبيه ولجده مثلا أسماء توافق غيرهما فيدعيهما لنفسه ويأخذ وظائف الغير بهذا الاشتباه. وقولهم: إن البراءة المالية مقدمة على البراءة العسكرية، لعل محله ما إذا سبق تاريخ البراءة المالية أو وقعتا معا، أو اشتبه الحال، وإلا فالنائب كالقاضي والوزير كالسلطان، والوكيل كالأصيل فما معنى إبطال حكم النائب بحكم القاضي إذا لم يكن في حكم النائب خلل فيجب على المتولي أن يدفع للأخوين المذكورين معلوم جبايتهما، ثم إن المورد للبراءة المالية عن والده بطلب وظيفة محلولة عن والده، فإذا لم يوجد الأصل فمن أين يوجد الفرع كالكتابة على الماء، فهل لها ثبوت عليه لعدم أصل تعتمد عليه، فتأمل ما شرحناه لك، ولا تخض في الأحكام الشرعية بالخيالات الرديئة، والله تعالى أعلم. مطلب فيما شاع في هذه الأعصار من عدم سماع الدعوى إلخ. (سئل) فيما شاع في هذه الأعصار بعد الألف من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأتم التحية من عدم سماع الدعوى بعد مضي خمس عشرة سنة، ولا سيما لمن يشاهد التصرف وهو حاضر مثلا في البلد، هل لذلك أصل من الشرع القويم، وهل أحد ممن هو مشهور بالتأليف من أئمة الشافعية

ذكرها وهل الزيادي ذكرها في تأليف أم في سؤال رفع له أوضحوا لنا هذه المسألة إيضاحا شافيا. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الحق لا يبطل بتطاول الزمان، ولو ألوفا من السنين، فمن علم أن بذمته أو ذمة موروثه القريب أو البعيد حقا لمسلم أو ذمي وجب عليه الخروج من عهدته ووفاؤه ولو بالسفر البعيد ليوصله إلى مالكه، وهذا أمر متفق عليه بين علماء الإسلام، بل هو من الشرائع القديمة ومن أحد الكليات الخمس أو الستة التي يجب حفظها على كل أحد، وهو محل منصب السلطان ونوابه، نصرهم الله تعالى. وأما هذا الذي شاع في هذه العصور إنما أحدثه بعض ملوك آل عثمان، حرسهم الرحمن، خوفا من الانتشار، وكثرة الخصام، والترفع إلى الأحكام، وكأنهم عملوا فيه بقاعدة أبي حنيفة، رضي الله عنه، من الاستحسان الذي يقول به دون الشافعي، وقد سألت عنه السيد أحمد الحموي المؤلف في مذهب الإمام المذكور فقال: نعم نقول به، لا يجوز للقاضي أن يقضي فيما زاد على خمس عشرة سنة بشرط أن ينص له موليه في منشوره عليه، هذا كلامه. فعلى هذا يشترط في كل قاض أن ينص له موليه على ذلك، وأما إذا أطلق له التولية فيحكم في جميع الحوادث؛ لأنه لم يمنع من شيء منها، وسألت شيخنا محمد الشرنبلالي عن ذلك، فأجاب بمثل جواب السيد أحمد، ووجهه أن القاضي ولايته تشمل ذلك، فليس له فيه الإلزام وإنما له الإخبار كأحاد العلماء لما علم، وهذا الكلام ينكشف لك عندنا وعندهم بأن القضاء يخص بالزمان كسنة مثلا، والمكان كالشام، والنوع كالحكم في الأنكحة مثلا، والمحكوم عليه كأهل الشام مثلا أو زيد. قال في العباب: ثم إن عمم تولية كل واحد أو أطلق فهي عامة وإن خص كل واحد بمكان أو زمان أو نوع محكوم به أو عليه لم يتعده. انتهى. إذا علمت ذلك عندنا، وهو أيضا مقتضى مذهب الحنيفة، انفتح لك الباب، وعلمت صحة الجواب من الشافعية والحنفية، أما الشافعية فهو ما ذكرناه لك من نص العباب ومثله غيره، وعلى ذلك ينزل ما أفتى به الزيادي؛ لأنه لم ينقل عنه إلا الإفتاء فقط، ولم ينقل عن غيره من أئمتنا فيها كلام. وكذلك ما أجاب به شيخنا المذكور وكذلك السيد أحمد، وإذا وقع هذا الإفتاء منا أو منهم هو مبني على نص سلطان الوقت لكل قاض رفعت له هذه الدعوى على المنع فيما فوق خمس عشرة سنة. ونصوص مذهبنا على أن السلطان هو الذي يولي القضاة، وإذا ولاهم وأطلق كان لهم الاستخلاف في الحكم على ما فصل في كتب الفقه. وأما الآن في زمننا فإن السلطان، نصره الرحمن، يولي شيخ الإسلام، وهو يولي القضاة، فإن أطلق السلطان، نصره الرحمن، لشيخ الإسلام أو خصص بذلك أي مما

مطلب في رجل مات فقرر القاضي إلخ.

دون الخمس عشرة سنة، وشيخ الإسلام كذلك مثله فيما قيد له به لم يتعده هو، وأما إن نهاه عن الزيادة، فليس له أن يعمم تولية القضاة. والحاصل أن زمننا هذا لا بد له من نص من جناب شيخ الإسلام للقاضي في منشوره على المنع فيما زاد عليها، وأما كون سلطان من سلاطين الوقت أو شيخ الإسلام يمنع ذلك مرة، فلا يسري ذلك على العموم، فالإفتاء الواقع الآن منا ومنهم معروض على القاضي، وهو أدرى بمنشوره، فإن كان منصوصا له على ذلك لم يتعده عملا بما قررناه لك، من حيث الحكم والإلزام والحبس والتعزير وغير ذلك، بل يقول للخصم: إن كان في ذمتك حق لخصمك فيجب عليك وفاؤه، كما يقول لك ذلك العالم منا، وأما أنا فلا قضاء لي في حادثتك؛ لأن من ولاني لم يأذن لي بالحكم فيها فخذ شرحا وافيا بالمراد دافعا للإيراد، موضحا للمذهبين، ومزيلا للمراء من العين، ومبينا للحجتين، واشرب من ماء رأس العين زلالا، ولا تشرب من ماء الطواحين؛ لأنه مكدر كل حين، والله أعلم. باب القضاء على الغائب. (باب القضاء على الغائب). (سئل) في رجل غائب عليه دين وله معلوم وظيفة قبض له أخوه، فهل يجوز لحاكم الحكم على الغائب ووفاء دينه مما قبض له من معلوم الوظيفة. (أجاب) قال في المنهج وشروحه لشيخ الإسلام هو أي القضاء على الغائب جائز في غير عقوبة لله تعالى إن كان للمدعي حجة مسخر ينكر عن الغائب لتكون الحجة على إنكار منكر، ويجب تحليفه بعد إقامة حجته أن الحق ثابت يلزمه أداؤه وذلك بعد تعديلها، والله أعلم. مطلب في رجل مات فقرر القاضي إلخ. (سئل) في رجل مات فقرر القاضي في وظائفه أخاه، ثم إن رجلا أنهى لحضرة السلطان نصره الله تعالى أمر الميت فقرره في وظائفه بناء على شعورها بالموت غير عالم بتقرير القاضي، فهل يعمل بتقرير القاضي أم بتقرير السلطان مع أنه ما قرره إلا بناء على ما أنهى غير عالم بما قرره القاضي ما الحال. (أجاب) كشف النقاب عنها أن السلطان حفظه الله تعالى لما ولى القاضي صار نافذ الحكم، فلما قرر في الوظيفة الأهل لها صار مستحقا لها، فتقرير السلطان لم يصادف محلا، بل صرحوا أنه لا يجوز عزل الأهل، فسواء علم بتقرير القاضي أم لا، لا يجوز له تقرير ولا عزل الأهل، والله أعلم. باب القسمة. (باب القسمة). مطلب: ثلاثة إخوة بينهم نحاس إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة بينهم نحاس مشترك، أذن أحدهم لأخويه في تقطيعه أثلاثا، ثم رجع بعد التقطيع، فهل له ذلك. (أجاب) حيث أذن الأخ لأخويه في قطع النحاس ليس له الرجوع في ذلك والتعنت مع أخويه، قال في العباب: وإن لم تبطل المنفعة بالكلية وبطلت بالقسمة منفعته المقصودة كطاحونة وحمام

مطلب عن رجل له سدس دار ولامرأة إلخ.

صغيرين لم يجبر الممتنع. انتهى. فحيث أذن لم يكن ممتنعا، والله أعلم. مطلب عن رجل له سدس دار ولامرأة إلخ. (سئل) عن رجل له سدس دار ولامرأة خمسة أسداسها، فهل إذا طلب وكيلها القسمة، وأبى صاحب السدس إلا المهايأة فهل يجاب إلى القسمة؟ (أجاب) نعم يجبر صاحب السدس على القسمة، كما صرحوا به متونا وشروحا، بخلاف ما لو طلبها صاحب السدس، فلا يجاب، قال في المنهج وشروحه: ولو كان له عشر دار مثلا لا يصلح للسكنى، والباقي لآخر يصلح لها، ولو بضم ما يملكه بجواره أجبر صاحب العشر على القسمة بطلب صاحب التسعة أعشار؛ لأن صاحب العشر متعنت في طلبه، والآخر معذور، والله أعلم. مطلب في رجل مات عن أولاده إلخ. (سئل) في رجل مات عن أولاده، وخلف ما يورث، فقسم بينهم بحسب إرثهم، ومات الأولاد وخلفهم أولادهم، ثم أولاد أولادهم، يريد أحد أولاد الأولاد نقض القسمة المذكورة، فهل له ذلك أو لا؟ (أجاب) لا يجوز لمن ذكر أن يطلب نقض القسمة؛ لأن ذلك لو فتح لم يثق أحد من الناس بقسمة، بل يجب زجر ذلك ومنعه؛ لأن ذلك منه عناد محض وتعنت خالص، فليتق الله فيما عرض له، والله أعلم. مطلب في ثلاثة إخوة بينهم أرض إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة بينهم أرض وعقار مشترك عين أحدهم حصة من العقار وطلبها من أخويه نظير حصته فأعطاها إياه ورضي بها وتصرف فيها نحو عشر سنين، وقد باع الأخوان حصته مع ما بقي بيدهما لآخر، وتصرف المشتري فيها بالبناء وغيره، فهل ما تراضيا عليه مع أخيهما وبيعهما للأجنبي صحيح وليس له الرجوع على المشتري ولا على أخويه؟ (أجاب) قال في العباب: وللشركاء الكاملين القسمة بأنفسهم أو بغيرهم وهو وكيل لهم، فلا يشترط فيه إن لم يحكموه ما يشترط في منصوب الإمام، فحيث رضي الأخ والأخوان بما أخذه الأخ صار ذلك حقه، فليس للأخوين معارضته وليس للمشتري له أيضا معارضتهما وصح بيعهما للرجل المذكور وليس للأخ معارضة المشتري؛ لأنه لا حق له في ذلك لرضاه بما أخذه من الحصة ورضاهما بما بقي لهما، فتصرفهما صحيح في حصتهما، وتصرفه صحيح في حصته، والله أعلم. مطلب في دار مشترك بين إخوة. إلخ. (سئل) في دار مشتركة بين إخوة اقتسموها فيما بينهم بحسب الحصص بأمر حاكم الشرع، وحكم بذلك وكتب بينهم حجة شرعية بذلك، وكتب بينهم حجة شرعية بذلك، وبما خص كل واحد منهم وتصرف كل واحد منهم في حصته أكثر من ثلاثين سنة، والآن بعضهم ينازع ويريد نقض القسمة، فهل يجاب لذلك. (أجاب) حيث كانت الدار غير متفقة بالأجزاء لا تنقض قسمتها مطلقا، سواء ظهر فيها غلط أو حيف، وسواء الغلط الفاحش وغيره، وإن قامت بينة تشهد بذلك؛ لأنها بيع، ولا أثر للغلط والحيف فيه، كما لا أثر للغبن فيه لرضاء صاحب الحق به، قال في المنهاج: على أن التصرف المذكور هذه المدة مع الحضور

مطلب في خربة مشتركة بين جماعة إلخ.

والمشاهدة مانع دعوى نقض القسمة إذ لو وقع حيف أو غلط لذكر فيما مضى من الزمان، على أن الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا تسمع، حيث نص على ذلك مولانا السلطان، نصره الديان، في منشور القاضي؛ لأنه لا ولاية له على ما زاد، بل هو كغيره من الناس، والله أعلم. مطلب في خربة مشتركة بين جماعة إلخ. (سئل) في خربة مشتركة بين جماعة تقاسموها فيما بينهم، فخص جماعة منهم بيت منها، وكان بعضهم خارجا عن البلد والبعض حاضر القسمة، فهل لمن كان حاضرا منهم أن يختص بهذا البيت مع أن فيه من يشهد بأن البيت شركة بين الطائفة المذكورة. (أجاب) ليس للمحاضر الاختصاص بالبيت المذكور حيث سلم الحاضر استحقاق الغائب فيه، فإن لم يسلم وشهد شاهد عدل بأن البيت شركة بين من ذكر وحلف المدعي يمينا بصدق دعواه وصدق شاهده قسم بينهم على حسب الحصص، والله أعلم. مطلب رجل له أخ مات وضم أولاد أخيه إليه إلخ. (سئل) في رجل له أخ مات وضم أولاد أخيه إليه، فكبر رجل منهم والآن يريد أن يقاسم عمه فيما بيده مع أن عمه رباه وأخرجه من العدم، فهل له ذلك. (أجاب) ليس لابن الأخ أن يقاسم عمه فيما هو خاص بالعم، وإن فرض أنه خدمه؛ لأنه متبرع بخدمته، والله أعلم. مطلب في بقرة وبنتها بين رجلين تقاسماهما. إلخ. (سئل) في بقرة وبنتها بين رجلين تقاسماهما أخذوا حد الأم، ودفع لشريكه على بنتها ثلاثة قروش، ثم مضى على ذلك نحو سنة، فباع البنت مالكها لرجل، ومضى على ذلك نحو سنة، ثم باعها المشتري، ومضى على ذلك نحو أربع سنين، ثم الآن الشريك يدعي بطلان القسمة؛ لكونه رد عليه نصف الدراهم، فهل تبطل بذلك. (أجاب) ما وقع في هذه القسمة من دفع الدراهم من آخذ البقرة لأخذ بنتها بيع، والبيع لا يبطل برد الثمن؛ لأن هذه القسمة قسمة رد، وهي بيع لا تبطل برد الثمن أو بعضه، على أن تداول الأيدي مع مضي هذه السنين الستة مشعر بأن المدعي مبطل في دعواه، والمعين له على تحقيقها أشد إبطالا منه، فيجب على قاضي الجنة أن ينظر فيها بنور الله تعالى، والله أعلم. مطلب في رجلان بينهما عالولان. إلخ. (سئل) في رجلين بينهما عالولان كل واحد منهما في بلد، وكل واحد تحت يده عالول، وقع بينهما رضى وقسمة أن كل واحد منهما يأخذ ما تحت يده، وتصرف كل واحد منهما فيما تحت يده نحو خمس سنين، ثم سرق عالول من تحت يد أحدهما، فأراد يدعي نقض القسمة، فأقام الذي تحت يده شاهدا على الرضى بالقسمة، وحلف معه يمينا ومضى على ذلك الأمر مدة، والآن ابن القاسم الراضي بما ذكر، ينازع، فهل له والحالة هذه منازعة في ذلك؟ (أجاب) لا ريب أنه بعد الرضى بالقسمة وتصرف كل منهما فيما بيده المدة المذكورة ليس لأحدهما نقض القسمة؛ لأن الرضاء غلب القضاء، قال في شرح المنهج لشيخ الإسلام

مطلب أخوان بينهما دار مشتركة. إلخ.

زكريا الأنصاري: فإن لم يحكما أي الشريكان، القرعة كأن اتفقا على أن يأخذ أحدهما الجانبين، والآخر الثاني أو يأخذ أحدهما الخسيس والآخر النفيس، ويرد زائد القيمة، فلا حاجة إلى تراض ثان، فقد علمت أن مجرد الرضى الواقع بين الشريك على المقسوم كاف، ولهذا قالوا: وقد يقسم المشترك الشركاء يعني بالتراضي بينهم، وإذا وقع ذلك وبين المقسوم فلا نقض للقسمة، سواء كانت قسمة رد وهو ظاهر؛ لأنها بيع أم غيرها لوجود الرضى المذكور، والله أعلم. مطلب أخوان بينهما دار مشتركة. إلخ. (سئل) في أخوين بينهما دار مشتركة اقتسماها أولا وثانيا، ويخير أحدهما الآخر، والمخير يتقلب، فهل له ذلك كلما أراد. (أجاب) حيث وقعت القسمة سواء كانت بتراض من الشركاء، أم كانت بمنصوب الحاكم، وهي بغير الإجزاء كما هنا، بل كانت بالتعديل أو الرد لم تنقض؛ لأنها بيع ولا أثر لدعوى الغلط والحيف فيه، كما لا أثر للغبن فيه لرضى صاحب الحق بتركه، فلا يجوز للأخ التقلب ولا يصغى لقوله، بل يلغى قوله لأنه خلاف الشرع القويم، والله أعلم. مطلب: رجل له دين على ميت أحاله به على جهة. إلخ. (سئل) في رجل له دين على ميت، أحاله به على جهة معلومة، وصار على الميت رسم قسمة، كما جرت به العادة، فهل يؤخذ رسم القسمة من الجهة المحال عليها أم لا؟ (أجاب) لا ريب أن حق المحال تعلق بالمحال عليه، وحق القاسم تعلق أولا ببيت المال، فإن لم يوحد فعلى الشركاء سواء طلب القسمة كلهم أم بعضهم؛ لأن العمل لهم قاله في المنهج كغالب كتب المذهب، إذا علمت ذلك علمت أن لا علاقة للقاسم بحق المحال؛ لأنه لم يعمل فيه شيئا، والله أعلم. مطلب في كروم بين أخوين اقتسماها. إلخ. (سئل) في كروم بين أخوين اقتسماها مناصفة بقضاء القاضي لهما، وقبض كل واحد منهما ما خصه بالقسمة ورضي وسقط الغبن، وجعل لأحدهما عشرين قرشا أسديا على الآخر زيادة لترجح قسمته على الآخر، وكتب بالمقاسمة حجة، ثم مات أحد الإخوة بعد أربع سنين عن طفل وتصرف وليه بالولاية عنه فيما بقي لأبيه من النصيب إلى أن بلغ وتصرف بعد بلوغه في نصيب الموروث عنه مدة ثلاث سنين. والآن قام يدعي الابن على العم نقض القسمة، وقد مضى من تاريخ المقاسمة إلى يوم الدعوى سبعة عشر سنة، فهل تصح القسمة وإلا تنقض، وإذا ادعى الابن بأن المال المجعول لم يدفعه عمه لأبيه وإنه باق بذمته وادعى العم الدفع حال حياته يطلب منه البرهان أم يصدق بيمينه. (أجاب) هذه القسمة التي فيها مال تسمى قسمة رد وهي بيع لما فيها من المال، فلا تنقض فيها القسمة بعد تمييز الحصص وتبينها لما علم ولو بعد مفارقة مجلس القسمة، وأما العشرون قرشا فتحتاج إلى إقامة البينة عليها، وإلا فاليمين على الطالب لها، والله أعلم. (سئل) في أخوين نشآ في حضانة

مطلب في أخوين لهما عقار مشترك بينهما إلخ.

أمهما واكتسبا وحصل بينهما مالا من غنم وبقر ومال وغلة وغير ذلك، ثم ماتت أمهما فاقتسما جميع ذلك بينهما نصفين، ومن جملة ذلك نحل قسم بعضه إفرازا بحيث يعرف كل منهم حصته، وبعضه كان يقسم العسل بينهما، وكان أحدهما لقي ركابا مع رجل آخر فباعه من غير إذن الآخر، فأراد أخوه نقض القسمة بهذا السبب، لقول بعض أهل القرى له أن ذلك أن ينقض القسمة، فهل له ذلك، وكان قد اتهم أحدهما بتهمة وغرمه الحاكم مالا وأخذ من مال أخيه شيئا قهرا عليه ودفعه في جرمه، فبين لنا الحكم الشرعي. (أجاب) ما جرى بين الأخوين من قسمة ما بينهما من غنم وبقر وغلة ونحل صحيح لا ينقض ولا تبطل قسمته؛ لأن إقرار كل منهما عليها دليل على صحتها ونفادها، وشاهد لكل بملك ما حصل بيده لإقرار كل منهما صاحبه عليه، وما أخذه أخوه من غير رضاء منه، ودفعه في جرمه يضمنه له ضمان الغصب بأقصى القيم، وما تعلل به أخوه من بيع الركاب لا ينقض به القسمة لانفصالها وتمامها وما ذكر أمر آخر خارج على ذلك، والله أعلم. مطلب في أخوين لهما عقار مشترك بينهما إلخ. (سئل) في أخوين لهما عقار مشترك بينهما موروث عن أبيهما ولهما على أستاذ قريتهما خلعة تدفعها لهما في كل سنة فأراد أن يقسما العقار بينهما مناصفة، فجعلا حصته من العقار والخلعة نصفا، وبقية العقار نصفا، وتصرف كل منهما في النصف ثم أبطل أستاذ القرية الخلعة التي كان يدفعها لهما، فهل هذه القسمة صحيحة أم لا. (أجاب) هذه القسمة باطلة من وجهين أحدهما: أن الخلعة مجهولة والمجهول لا يقابل بالمعلوم، الثاني: الخلعة التي على الأستاذ إحسان لا تقابل بمال؛ لأن غالب الأستاذين إنما يدفع ذلك لأجل قيام المشايخ بمصالحه، والله أعلم. مطلب في ثلاثة إخوة مات أبوهم إلخ. (سئل) في ثلاثة إخوة مات أبوهم عن ملك، ثم الإخوة اقتسموا ذلك الملك من شجر وأرض وغير ذلك، ولهم نحو ثلاثين سنة مقتسمون ومات بعضهم، والآن يريدون نقد القسمة، ولأخيهم شريك فيما يخصه اشترى حصته، فهل لإخوته معه شفعة؟ (أجاب) لما وقع التقاسم بين الإخوة وعرفت الحدود، وصرفت الطرق، صار كل واحد منهم مالكا لحصته، إن عمرها فمن حظه، وإن خربها فمن سوء حظه، وليس لأحد بعد ذلك طلب نقض القسمة، فطالبها بغير وجه شرعي صائر على أخيه بالباطل فيرد عنه بما أمكن، وليس لهم معه شفعة بوجه؛ لأن الشفعة للشريك وهما ليسا شركاء له، والله أعلم. مطلب في ثلاثة أولاد عم قسموا ما بينهم إلخ. (سئل) في ثلاثة أولاد عم قسموا ما بينهم من زيتون وأرض بعضهم عن نفسه وبعضهم بالوكالة، وكان منهم رجل غائب، ثم حضر وأجاز ذلك ووقع لهم جميعا التصرف مدة نحو خمسة عشر سنة لا ينازع أحد أحدا، وبعضهم عمر حصته، وبعضهم أهملها، ويريد بعضهم الآن

كتاب الشهادات

نقض القسمة، فهل له ذلك أم لا؟ (أجاب) حيث وقعت القسمة وصرفت الحدود لا نقض لأحد فيما خصه ولا سيما مع التصرف المذكور هذه المدة ومع علم الغائب وإجازته وتصرفه فإنه دليل على رضاه بما أخرجته له القسمة، والله أعلم. كتاب الشهادات. (كتاب الشهادات). مطلب قد ذكر العلماء أن الصغيرة إذا تكررت تصير كبيرة إلخ. (سئل) قد ذكر العلماء أن الصغيرة إذا تكررت تصير كبيرة، فما ضابط التكرر والإصرار، فإن ذلك ليس فيه نص من الكتاب أو السنة. (أجاب) قال بعض العلماء ينظر إلى ما يحصل من ملابسة أدنى الكبائر من عدم الوثوق بملابستها في أداء الشهادة والوقوف عند حدود الله، عز وجل، ثم تنظر التكرر في الصغيرة، فإن حصل في النفس من عدم الوثوق به ما حصل من أدنى الكبائر كان ذلك كبيرة تخل بالعدالة، وهذا يؤكد أنه لا بد فيه من العزم، فإن اللفتات من غير عزم مستمر لا تكاد تخل بالوثوق، نعم قد تدل كثرة التكرر العزم في النفس. وبهذا الضابط يعلم أن المباح المخل بقبول الشهادة كالأكل في الأسواق ونحوه بأن يصدر صدور يوجب عدم الوثوق في حدود الله، عز وجل، كان ذلك مخلا، وذلك يختلف بحسب الأحوال المقترنة والقرائن المصاحبة وصورة الفاعل وهيئته وهيئة الفعل، والمعتمد في ذلك على ما يوجد في القلب السليم عن الهواء المعتدل المزاج والعقل والديانة لعارف بالأوضاع الشرعية، فهذا هو المتعين لوزن هذه الأمور، فإن من غلب عليه التشديد في طبعه يجعل الصغيرة كبيرة، فلا بد من اعتبار ما تقدم ذكره في العقل الموازن لهذه الاعتبارات، ومتى تحللت التوبة من الصغائر فلا خلاف أنها لا تقدح في العدالة. وكذلك ينبغي إذا كانت من أنواع مختلفة، وإنما تحصل الشبهة واللبس إذا تكررت عن النوع الواحد، وهو موضع النظر الذي تقدم التنبيه عليه، وأما الإصرار فهو عزم القلب على الاستمرار على الذنب عزما يوازن الكبيرة لو صدرت منه، ولهذا قال أبو طالب المكي: أن الإصرار على الذنب من كبائر القلب، والله أعلم. مطلب في جماعة أخذوا من رجل جملا إلخ. (سئل) في جماعة أخذوا من رجل جملا غصبا، ثم ادعى عليهم عند حاكم الشرع فشهد منهم شاهدان بأنه وصل له ثمن جمله، فهل تقبل شهادتهما؟ (أجاب) شرط صحة شهادة الشاهد أن لا يجر لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضررا، والشاهدان المذكوران يريدان أن يدفعا عن أنفسهما ضرر الضمان فلا تقبل شهادتهما، وللرجل أن يطالب بثمن جمله أقصى القيم؛ لأنه مأخوذ بالغصب، والله أعلم. (سئل) عن رجل دفع لآخر جملا ليعمل عليه بحصة من عمله، فنهب الجمل، فادعى مالكه أنه نهاه عن السفر إلى المكان الذي نهب فيه، وأقام على ذلك بينة بجعل لها على

مطلب عن رجل سرق له شيء فاتهم به رجلا وأخاه إلخ.

الشهادة فهل تقبل شهادتهما. (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن الشهود لم يعلموا الشرط المشهود به، وإنما شهدوا بالأجرة على الشهادة لا تقبل شهادتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم على مثلها يعني الشمس فاشهد، والله أعلم. مطلب عن رجل سرق له شيء فاتهم به رجلا وأخاه إلخ. (سئل) عن رجل سرق له شيء فاتهم به رجلا وأخاه، قال لهما: احضروا ما عملته للشاهد شيئا على عادة القرى فأحضراه، فقام المدعي وشهد لنفسه وأخذ الجعل وألزم المتهم بالسرقة، فهل ما ذكر صحيح موافق للشريعة الغراء. (أجاب) ما ذكر من شهادة المدعي لنفسه باطل بإجماع أهل الحق، والباطل لم يعهد في شريعة قط من الشرائع، فيجب على كل مسلم وغيره إنكاره والزجر عنه وتأديب العامل به؛ لمخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر"، والله تعالى أعلم. مطلب عن تحمل الشهادة عن الأصل إلخ. (سئل) عن تحمل الشهادة عن الأصل هل تجوز؟ (أجاب) نعم يجوز تحمل الشهادة في ثلاث صور: أن يقول أنا شاهد بكذا وأشهدك وأشهد على شهادتي، أو بأن يسمعه يشهد عند حاكم، أو بأن يسمعه ويبين سببها، كأشهد أن لفلان على فلان ألفا قرضا، ويشهد عن كل أصل فرعان ويكفي فرعان عن أصلين، والله أعلم. مطلب في وكيل عن طائفة الأرمن إلخ. (سئل) في وكيل عن طائفة الأرمن الذمية القاطنة ببيت المقدس مأذون له بالتصرف في مصالحهم ووفاء ديونهم وقضاء حوائجهم، وفي لوازم عرفية عليهم للحكام وغيرهم بموجب حجج وتمسكات شرعية وفرمنات شريفة، استدان من رجل مبلغا معلوما وقضى به دينا عليهم، وكتب للرجل بذلك تمسكا بخط عربي وشهود مسلمين، فهل إذا عزل هذا الوكيل القابض لذلك المبلغ وقام مقامه غيره يجب عليه وفاء هذا الدين، ولا ينفعه التعلل بكون التمسك المذكور ليس مختوما بختم الدير؟ (أجاب) نعم يجب على الوكيل القائم مقام المعزول وفاء الدين المذكور لأخذه له في مصالحهم وقضاء دينهم، فإن امتنع من الوفاء ألزمه حاكم الشرع بذلك أخذا مما ذكره العلماء في مشايخ القرى المنصوبين عليهم بأنهم لو بذلوا مالا في مصالح القرية الضرورية كان لهم الرجوع على أهلها، فكيف بهذا الوكيل الدافع للمال المأخوذ في قضاء الدين. وأما ما تعلل به من كون التمسك غير مختوم بختم الدير فهو تعلل باطل بإجماع المسلمين، إذ شرعنا المطهر يأبى ذلك إذ لم يعول إلا على الشهود العدول، فحيث وجدوا وجب على حاكم الشرع العمل بهم، ولا عبرة بختوم أهل الإسلام فكيف يعمل بختوم الكفرة اللئام ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا، والله تعالى أعلم. مطلب في زرع حرق فاتهمهم مالكه جماعة إلخ. (سئل) في زرع حرق فاتهم مالكه جماعة، فقال المتهمون: ما أحرقناه، ولكن أحرقه فلان فهل يقبل

مطلب عن رجل بات له ثور خارج البلد إلخ.

قولهم المذكور؟ (أجاب) لا يقبل قولهم المذكور ولأنه دفع ضرر عنهم، ولو بالعار اللاحق لهم، ولأنهم بادروا بشهادتهم فترد، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل بات له ثور خارج البلد إلخ. (سئل) عن رجل بات له ثور خارج البلد ليلا فأصبح مريضا فذبحه وباع لحمه وجلده، فاتهم به رجلا وله ابن عم أخذ له بقرا وحميرا وشعيرا من غير وجه شرعي، فهل لأهل الخير والصلاح زجر هذا الرجل عن فعله القبيح، وهل يضمن منافع الدواب وزوائدها؟ (أجاب) اعلم، وفقك الله تعالى، لطريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن قيام هذا الدين، وشرف هذه الأمة، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى عز من قائل: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وقد مسخ الله تعالى طائفة من اليهود لعدم نهيهم عن أخذ الحوت يوم السبت، وخسف بقوم لوط لعدم نهيهم عن المنكر الذي كانوا يأتونه، فيجب على كل مسلم، سلم المسلمون من يده ولسانه، زجر هذا الفاجر المعتدي المخالف لدين سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، هو أقوم الأديان حتى يمتاز عن هذا الطغيان، ويدخل في عداد أهل الإيمان، وليس لهذا الرجل المدعي عند الرجل المتهوم حق مطلقا. وأما ابن عمه الآخذ فيجب عليه رد ما أخذه له من بقر وحمير وشعير وأجرة دوابه مطلقا، سواء استعملها أم لا، وأما ابن الرجل المتهوم، فإن أقام عليه بينة شرعية بأنه أمرض ثوره فيلزمه ما نقص من قيمته فقط، ورحم الله تعالى من انتصر للحق، وأخذ بيد المظلوم ورد الظالم عن ظلمه، قال صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: هذا المظلوم، فما بال الظالم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: رده عن ظلمه". والله أعلم. مطلب في رجل يدعي استحقاقا إلخ. (سئل) في رجل يدعي استحقاقا في وقف جاء بشاهد يشهد له بأنه آجر هذا الاستحقاق من آخر سنة ونصفا، ويريد أن يقيم رجلا ثانيا بذلك، فهل يثبت الاستحقاق المذكور؟ (أجاب) ما ذكر من شهادة الشاهد بالإجارة للسنة ونصف لا يثبت الاستحقاق المذكور بمجرده لاحتمال أن يكون ذلك بوكالة من ناظره له، أو إجارة منه له، فلا بد من بيان جهة الاستحقاق في الدعوى لتصح ويُصغى لها، ويشهد الشاهد على طبق الدعوى كما صرحوا به متونا وشروحا، والله أعلم. مطلب في رجل ضاع له شاتان إلخ. (سئل) عن رجل ضاع له شاتان يدعي دخولهما مع غنم آخر، فهل يؤخذ بمجرد قوله المذكور؟ (أجاب) لا يؤخذ بقول الرجل المذكور حتى يقيم بينة أن المدعى عليه أخذها أو تصرف فيها ببيع أو ذبح، وإلا فله تحليفه أنه لا يعلمها، والله أعلم. (سئل) في رجل يدعي على آخر أنه اشترى منه حمارة وأنها ظهرت مستحقة للغير ومعه شهود تشهد فيهم المسلمون أنهم غير عدول، فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) اعلم أن الفاسق وهو ما كان سارقا أو غاصبا

مطلب رجل له على آخر دين ورثه من أبيه إلخ.

أو لا غيرة له، أو كان خاطفا للحرائر، وهذا أكبر المعاصي أو تارك الصلاة أو يشهد زورا فلا تقبل له شهادة، فمن شهد فيه المسلمون أو بعضهم أنه غير عدل لا تقبل شهادته. فهذه الدعوى تحتاج إلى شهود عدول أتقياء أبرار أخيار أن المدعي اشترى منهم الحمارة، وشهود أن الحمارة التي اشتراها فلان من فلان عرفت في مكان، وشهد عليها فلان وفلان أن فلانا من بلد كذا أثبتها بالوجه الشرعي بالشهود العدول وأخذها من المشتري فله الرجوع بالثمن، ولكن يجب على الواقف على هذه الدعوى أن يبحث عنها ولا يقبل فيها إلا أهل الدين والصلاح، والله أعلم. مطلب رجل له على آخر دين ورثه من أبيه إلخ. (سئل) في رجل له على آخر دين ورثه من أبيه، فسأله عنه فأقر به، ولكن يود أن يحط عنه منه شيئا، والآن يريد أن يقيم شاهدا بأن أباه ليس له عنده شيء مع عدم ثقة الشهود، فهل يعمل به؟ (أجاب) اعلم أن الشاهد لا يعمل به من وجوه، أحدها: أن الولد الوارث هو المدعي والمطلوب منه الشهود، فإذا أحضر شهود الإقرار بعد الموت فلا التفات إلى هذا، الشاهد الثاني: أن هذا الشاهد ناف، وشهود الإقرار مثبتون، والمثبت مقدم على النافي، الثالث: شرط الشاهد العدالة، وهي منتفية هنا، الرابع: شرط الدعوى أن لا تناقضها أخرى، وهنا وقع التناقض، والله أعلم. مطلب في رجل سرق له بئر قمح فاتهم به آخر إلخ. (سئل) في رجل سرق له بئر قمح فاتهم آخر به، فأقام رجلا شهد عليه بأنه أقر له أنه سرق البئر، والحال أن الشاهد قد سبق منه عند جماعة أنه قال: لا بد أن أشهد بالباطل على فلان أنه سرق بئر فلان، فهل إذا ثبت ذلك يكون ريبة ترد بها شهادة الشاهد، أم كيف الحال؟ (أجاب) حيث أقام المدعى عليه بينة شرعية أن الشاهد قال ما ذكر صار ذلك ريبة توجب رد شهادته فلا يجوز قبولها والله أعلم. مطلب في رجل سرق له قدر فاتهم به آخر إلخ. (سئل) في رجل سرق له قدر فاتهم به آخر فأقر به لقريب له فشهد به عند حاكم، فهل إذا حلف صاحب القدر يمينا مع الشاهد يثبت له القدر؟ (أجاب) قال في المنهج وشروحه لشيخ الإسلام ولا يثبت برجل ويمين إلا مال أو ما فسد به مال، وروى مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين، زاد الشافعي في الأموال، وقيس بما فيه ما قصد به مال. انتهى. فإذا حلف المدعي يمينا على طبق دعواه وصدق شاهده قضي له بالقدر، والله أعلم. مطلب في بقر وردت موردا ثم سيقت إلخ. (سئل) في بقر وردت موردا ثم سيقت عنه، فوجد بها بقرة مكسورة، فهل إذا شهد لصاحب البقرة المكسورة إخوة بأن السائق للبقر إنما هو فلان صاحب الثور الكاسر للبقرة تقبل شهادته؟ (أجاب) نعم حيث كان الأخ عدلا مقبول الشهادة قبلت شهادته لأخيه، فإن وجد معه آخر فذاك، وإلا حلف المدعي أيضا يمينا على صدق دعواه، والله أعلم. (سئل) في امرأة أرهنت عند

مطلب في رجل تحت يده أرض إلخ.

أخرى مصاغا، ثم ادعت سرقته، ثم عرف منها زوج حلق شهد لها به أربع نسوة وأخوها يشهد لها به، فهل تقبل شهادة الأخ لأخته؟ (أجاب) نعم تقبل شهادة الأخ لأخته ذكر ذلك في المنهج، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تحت يده أرض إلخ. (سئل) في رجل تحت يده أرض تلقاها عن أبيه عن جده ادعاها رجل وأنها رهن تحت يده، وحلف عليها يمينا وأخذها، ثم وجد الواضع اليد أولا بينة شرعية تشهد له بأن جده اشتراها من أب المدعي، فهل تقبل البينة لذلك بعد اليمين الواقع عند الحكم؟ (أجاب) قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام واليمين من الخصم تقطع الخصومة حالا لا الحق، فلا تبرأ ذمته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر رجلا بعد ما حلف بالخروج من حق صاحبه كأنه عرف كذبه، رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده. فتسمع بينة المدعي بعد حلف الخصم، كما لو أقر الخصم بعد حلفه، وكذا لو ردت اليمين على المدعي فنكل، ثم أقام بينة، ولو كانت يمين المدعي بعد نكول المدعي سمعت حجته، كما صرح به في فصل النكول، فعلى كل حال تسمع بينة واضع اليد وتنزع الأرض من المدعي واليمين التي حلفها لا تملكه الأرض، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل ادعى على آخر أرضا إلخ. (سئل) في رجل ادعى على آخر أرضا وأقام عليها شاهدين بأنها أرضه وانتزعها ممن كانت تحت يده وتصرف فيها، فهل لخصمه أن يرجع عليه ويأخذ الأرض منه؟ (أجاب) ليس للخصم بعد إقامة البينة العادلة منازعة في الأرض، وإن لم يسلمها وكيف وقد تسلمها المدعي وتصرف فيها، فليس له منازعة بعد ذلك بلا وجه شرعي، والله أعلم. مطلب في رجل مات وله جمل وسط مقصر. إلخ. (سئل) في رجل مات وله جمل وسط مقصرا من نحو ثلاث سنين يريد رجل فاسق يشهد عليه أن فلانا قتله، فهل تقبل شهادته؟ (أجاب) الفاسق لا تقبل له شهادة؛ لأن شرط الشاهد العدالة، والله أعلم. (سئل) في رجل خرج من بلده وله فيها ملك، وطالت غيبته نحو عشرين سنة فرجع لها فوجد حصته من زيتونه وضع يده عليها رجل معه شاهدان يشهدان على شهادة رجل ميت بأن الزيتون غرس جده، فهل تقبل هذه الشهادة؟ (أجاب) حيث كان الرجل الميت من أهل الشهادة، وشهد على شهادته رجلان عدلان وحلف معهما يمينا أن الزيتون غرس جده حكم له به؛ لأن الشاهدين سبب الملك، ويقبل في مثل ذلك نقل الشهادة، والله تعالى أعلم. مطلب في علية تحت يد رجل يتصرف فيها نحو خمسين سنة إلخ. (سئل) في علية تحت يد رجل يتصرف فيها نحو خمسين سنة، ثم برز رجل يدعي أنها له ورثها عن أبيه عن جده وله بيت تحتها، وقد صار عليها نزاع قبل ذلك، وشهد شاهد عند محكم أن غراراته اشتراها بثور من أبي كبير، جد المدعي، ومات الشاهد وفيه شاهدان يشهدان على شهادته، وشاهد يشهد على إقرار ولده أنه لا حق له فيها لكون أبيه باعها، فهل إذا

مطلب في رجل ساكن في داره وأبوه وجده قبله إلخ.

شهد من ذكر يقطع النزاع؟ (أجاب) نعم تقبل الشهادة فيما ذكر على الشهادة، حيث شهد على شهادة الأصل فرعان بما ذكر؛ لأنهما بينا السبب، وشهادة الآخر بالإقرار صحيحة؛ لأن الرجل وارث، وإقراره كإقرار المورث فيما ذكر حيث كان حاضرا، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل ساكن في داره وأبوه وجده قبله إلخ. (سئل) في رجل ساكن في دار وأبوه وجده قبله فيها، ولم تعرف إلا له، فجاء رجل من البلد وقال: هذا البيت من هذه الدار لفلان ابن فلان، ثم مات هذا الذي قال ما ذكر، فجاء الرجل المقر له بذلك وقال: أنا تشهد لي بينة على لسان فلان الذي مات أنها سمعته يقول: هذا البيت من هذه الدار لفلان، فهل يقبل ذلك؟ (أجاب) الشهادة على شهادة الرجل الميت لا تسمع لإطلاق القول بأنه لفلان؛ لأن الشهادة على الشهادة مقبولة إن استرعاه أو بينت السبب أو سمعه يشهد عند حاكم، وما عدا ذلك لا يقبل، والله تعالى أعلم. مطلب في بقر عقرت فاتهم في عقرها رجل إلخ. (سئل) في بقر عقرت فاتهم في عقرها رجل، ومع ذلك البقر رجل يشهد على إقرار المتهم، فهل إذا طعن في شهادة الشاهد بالفسق، أو بسبب شهادة الزور، أو بالرشوة على الشهادة، يقبل هذا الطعن فيه؟ (أجاب) حيث شهدت بينة بارتكابه ما ترد به شهادته كالزنا، والسرقة، وترك الصلوات، وشهادة الزور، وشرب الخمر، وقتل النفس بغير حق، وارتكابه من الحرف والأمور الدنيئة ما لا يليق به، وأكل مال، وكذلك إن ثبت أن شهادته هذه لا عن أصل وإنما هي لأجل الرشوة، فترد شهادة الشاهد في كل ما ذكر. وأما إذا طلب الشاهد بحق لأداء الشهادة في غير بلده في مسافة عدو، فله أجر الدابة ونفقة الطريق أو فوقها، فله طلب الجعل، والله تعالى أعلم. مطلب عن راع لبقر كسر معه بقرة أخرى إلخ. (سئل) عن راع لبقر كسر معه بقرة ومع صاحبها شاهد واحد يشهد أن الراعي ضربها بحجر فكسرها، فهل يكون ضامنا لها؟ (أجاب) حيث كان الشاهد عدلا مقبولا في الشهادة وحلف المدعي مع شاهده على أن الراعي ضربها وكسرها، وأن شاهده صادق في شهادته لزمت البقرة الراعي؛ لأنه مقصر بضربه لها، والله أعلم. مطلب في امرأة سرق لها ثوب إلخ. (سئل) في امرأة سرق لها ثوب ومعها أربع نسوة بعد ما عرف عند آخر يشهدن أنه ثوبها، فهل يقبلن فقط؟ (أجاب) لا تقبل النسوة الخلص في هذه المسألة، بل لا بد من رجل مع النسوة، والله أعلم. مطلب في رجل ساكن في دار وأبوه وجده قبله إلخ. (سئل) في رجل ساكن في دار وأبوه وجده قبله فيها، ولم تعرف إلا له، فجاء رجل من البلد، وقال: هذا البيت من هذه الدار لفلان ابن فلان، ثم مات هذا الذي قال ما ذكر، فجاء الرجل المقر له بذلك وقال: أنا معي بينة تشهد لي على لسان فلان الذي مات أنها سمعته يقول: هذا البيت من هذه الدار لفلان، فهل يقبل ذلك أم لا؟ (أجاب) هذه الشهادة على شهادة الرجل لا تكفي

مطلب في شهادة الأب لابنه هل تقبل ويقضى له إلخ.

لأمور منها: أنه لم يسترعه أن يحمله الشهادة، وأما قوله: هذا البيت لفلان، فلا يكفي، ومنها: أنه لا بد أن يشهد على كل أصل فرعان، ومنها: أن الرجل الواحد لا يكفي في هذه الدعوى، والله أعلم. مطلب في شهادة الأب لابنه هل تقبل ويقضى له إلخ. (سئل) في شهادة الأب لابنه هل تقبل ويقضى له بها شرعا؟ (أجاب) شهادة الأصل من أب وجد لولده أو ولد ولده لا تقبل كعكسه؛ لأنها كشهادة المرء لنفسه، والله أعلم. مطلب في رجل غاب عن وطنه وشهد شاهدان إلخ. (سئل) في رجل غاب عن وطنه، وشهد شاهدان أنهما سمعا بموته، فهل تقبل هذه الشهادة؟ (أجاب) هذه الشهادة لا تقبل لقوله صلى الله عليه وسلم:"على مثلها، أي الشمس، فاشهد" فالسماع يقع فيه الاشتباه من وجوه شتى، في الاسم والنسب واللقب والأب والجد، فلا يصغى إليه، والله أعلم. مطلب في امرأة لها عند ولدها دين إلخ. (سئل) في امرأة لها عند ولدها دين قرض ثم مات، والآن ورثته ينكرون دين ولدها وزوجها يشهد لها بذلك، فهل تقبل شهادته لها؟ (أجاب) نعم تقبل شهادة الزوج لزوجه ذكرا كان فيما يشهد به الذكر، وأنثى فيما تقبل فيه شهادة الأنثى؛ إذ لا تهمة ولا جر نفع، ولا سيما مع اعتبار شروط الشهادة، والله أعلم. مطلب في امرأة طلقها زوجها في حال مرضه إلخ. (سئل) في امرأة طلقها زوجها في حال مرضه، فتقوى عليها أهله وأخذوا غالب أسبابها، فهل إذا كان معها بينة تشهد لها بذلك يقضى لها بذلك؟ (أجاب) لا ريب أن المال يقضى فيه برجلين، ورجل ويمين، ورجل وامرأتين، فإن أقامت بينة ممن ذكر قضي لها بذلك، وتحلف في صورة إقامة الرجل معه يمينه، ويقضى لها بذلك، والله أعلم. مطلب في بنت بالغ عاقل ادعى عليها بأنها سرقت صمادة إلخ. (سئل) في بنت بالغ عاقل ادعى عليها بأنها سرقت صمادة لامرأة فأقرت بها ثم أنكرت، وفيه رجلان يشهدان على إقرارها، هما أخوان لزوج المرأة المدعية، فهل تقبل شهادتهما بالإقرار المذكور؟ (أجاب) حيث كان الرجلان عدلان بصفة الشهود الشرعية قبلت شهادتهما قطعا اتفاقا؛ لأنهما أجنبيان عن المرأة المدعية للصمادة، وهي صاحبتها حتى لو كانت الصمادة للأخ الزوج للمرأة صحت شهادة أخويه له عند الإمام الشافعي، إمام الأئمة، وعند الإمام أبي حنيفة المعظم، والله أعلم. مطلب في ناطور حمام إذا كان لا يمكنه اشتغال إلخ. (سئل) في ناطور حمام إذا كان لا يمكنه اشتغال في حمام من الحمامات إلا برضى الحمامي إذا شهد له في حادثة، هل تقبل شهادته له أم لا؟ (أجاب) حيث لم يرتكب ما ترد به الشهادة تقبل شهادته، ولا يرد بحرفته المذكورة، قال في العباب: تقبل شهادة ذي حرفة دنيئة لائقة به، وهي حرفة آبائه كحجامة، وكنس خلاء، ودبغ، وحراسة، وتراب، وحمام، وإسكافي، وحائك، وصباغ، وصواغ إن لم يكثر الكذب وخلف الوعد وكذلك محترف، والتقيد بحرفة الأباء يقتضي أن الإسكافي لو صار كناسا زالت مروءته لا عكسه، والله أعلم. (سئل) فيما

لو شهد الشريك لشريكه بينوا لنا الصور التي لا تصح فيها الشهادة والتي تصح، فإن في شرح الروض كلاما لشيخ الإسلام زكريا وإيرادا للزركشي، وإشكالا لصاحب المطلب، وقد نقل في المتن تفصيلا، بينوا لنا الراجح من ذلك، فإن المقام فيه حقا؟ (أجاب) اعلم أن الشاهد متى صرح بالشركة في المشهود به عينا كان أو دينا، أو علم الحاكم أنه شريك فيه، ومثله المحكم، أو قال: هذا المشهود به لنا أو بيننا، أو كان يلزم من شهادته به عود شيء من المشهود به له، كأن قال المدعي في دعواه أن زيدا أقر لنا بكذا مما هو معين كالحيوان والدار والمتاع، أو أوصى لنا به، أو هو ميراث لنا، وشهد الشاهد بأن هذا لي ولزيد، أو لزيد ولي، فلا تقبل شهادته لوجود التهمة وعدم النفع له، فإن كان قال: لزيد ولي، فيصح لزيد لا له بالشرط السابق، وعبارة ابن حجر وشريكه أي: ترد شهادته لشريكه بالمشترك. لكن إن قال لنا أو قال بيننا، أي مثلا بخلاف ما إذا قال لزيد ولي، فيصح لزيد لا له، وشرط تقدم الصحيح، كما مر في تفريق الصفقة، وأن لا يعود له شيء مما ثبت لزيد كوارثين لم يقبضا، فإن ما ثبت لأحدهما يشاركه فيه الآخر. انتهى. فتأمل قوله: كوارثين، وقوله: يشارك فيه الآخر، فإن كل شيء فصل فيه الشاهد، وكان يلزم منه أن ما ثبت له يشاركه فيه الآخر المدعي لا تقبل فيه الشهادة لواحد منهما، وقوله: وشرطه تقدم. إلخ، خولف فيه فيما مر. وعبارة الروض مع شرحه لشيخ الإسلام ملخصا ما ذكره في الشرح بعد ما استظهره الزركشي واستشكله في المطلب تقييد ما أطلقه الأصحاب من قولهم: شهادة الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه لا تقبل، أي: إن لم يقل لي ولزيد. ثم إن قال ذلك يشترط شرطان على كلام ابن حجر: أن لا يعود للشاهد شيء من المشهود به، كالمقر به لهما والموروث لهما، وأن يقدم الصحيح كأن يقول لزيد ولي، على ما تقدم له في تفريق الصفقة، ولهذا قال شيخ الإسلام: والأحسن أن يقال: وإن كان ما شهد به لشريكه يستلزم حصول شيء فيه لم تسمع شهادته، وعليه ينزل إطلاق الأصحاب وإلا سمعت، وعليه ينزل كلام الرافعي ومن تبعه هذا حاصل ما لهم هنا. وحاصله أن الشهادة في المشترك ترد مطلقا إلا إذا قال: لزيد ولي، ولم يستلزم عود شيء من المشهود به للشاهد، وقدم ما يصح على كلام ابن حجر، وقد ينظر فيما قالوه من الصحة فيما إذا قال: لزيد ولي، فقد أبهم حصة زيد، وباب الشهادة مبني على التحقيق؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "على مثلها- أي: الشمس- فاشهد" فإن النسبة صادقة بمساواة زيد في الحصة ونقصه وزيادته فوقع الإيهام وإن كان في غير باب الشهادة حمل على النصف لما علم، إلا أن يحمل كلامهم على ما إذا علمت الحصة بالصريح أو بالقرينة، والله أعلم.

مطلب في تعليم الأمر المحرم والمنهي عنه.

مطلب في تعليم الأمر المحرم والمنهي عنه. (سئل) في تعليم الأمر المحرم والمنهي عنه كلعب البهلوان وآلات الملاهي كالشطرنج واليراع والمزمار والزمر والكوبة والطنبور، وإذا جعل للمعلم جعلا على التعليم يلزم ذلك الجعل للمعلم أو لا يلزم لكونه جعلا على محرم؟ (أجاب) هذه الأمور المسئول عنها فيها تفصيل عند أئمة الشافعية لا بد منه، فالأول منها البهلوان: قال ابن حجر ومثله الرملي بعد قول المنهاج: وتصح المناضلة على سهام .. إلخ. يؤخذ من كلامه، أي: النووي في الفتاوى وغيرها حل أنواع اللعب الخطرة من الحذاق بها الذي تغلب سلامتهم فيها، ويحل التفرج عليها. انتهى. وعد الرملي منها ما يفعله من يسمى في عرف الناس بالبهلوان، وذكر النووي في فتاواه وأن الحاوي إذا اصطاد الحية ليرغب الناس في اعتماد معرفته، وهو حاذق في صنعته، ويسلم منها في ظنه ولسعته لم يأثم. وأما الشطرنج فالمنصوص عليه عندنا أنه مكروه كراهة تنزيه، والأئمة الثلاثة قائلون بتحريمه، ومحله عندنا لعبه مع معتقد حله، وإلا حرم؛ لأنه يعينه على معصية، ومحله أيضا إن لم يشرط فيه مال من الجانبين، وإلا فهو قمار محرم إجماعا. وأما اليراع فحرام على الأصح، وأما المزمار والزمر والكوبة والطنبور وضرب الأوتار وسماع ذلك فحرام، وقد عد ذلك كله ابن حجر في الزواجر من الكبائر، واستدل بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} فسر ابن عباس والحسن، رضي الله عنهم، لهو الحديث بالملاهي، وقال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} فسره مجاهد بالغناء والمزامير، وفي الحديث أنه، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله تعالى يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطابة أو كوبة" وفي رواية:" عرطبة" بالفتح والضم، العود، وقيل: الطنبور. ثم قال: وقطع العراقيون ومعظم الأصحاب بأنه، أي السماع، من الكبائر، وتوقف ابن أبي ألدم فيما نسب للعراقيين وقال: لم أر أحدا منهم صرح به، بل جزم الماوردي وهو منهم بنقيض ما حكاه الإمام، فقال: إذا قلنا بتحريم الأغاني والملاهي فهي من الصغائر دون الكبائر، وهذا هو المشهور. ولكن الفوراني في الإبانة رد إنكار ابن أبي الدم على الإمام ما ذكر بأن محل ما صرح به في ذخائره أن كون ذلك من الكبائر، وهو ظاهر كلام الشامل حيث قال: من استمع إلى شيء من ذلك ردت شهادته ولم يشترط تكرار السماع. انتهى. هذا حاصل كلام القائلين بالحرمة ووراء ذلك مقالات لا بأس ببيانها، فنقول: يحرم ضرب واستماع كل مطرب: كطنبور وعود ورباب وجنك وكمنجة ومزمار عراقي ويراع، وهو الشبابة، ويلحق بها سائر أنواعها من ماسور وناية وزمارة وكوبة وغير ذلك من الأوتار والمعازف، جمع معزفة، قيل: وهي أصوات القينات إذا كانت

مطلب رجل بينه وبين آخر عداوة إلخ.

مع العود، وإلا فلا يقال لها ذلك، وقيل: هي كل ذي وتر؛ لأنها آلات الشرب فتدعو إليه، وفيها تشبيه بأهله وهو حرام. وقد صح من طرق، خلافا لما وهم فيه ابن حزم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف" وقد علقه البخاري ووصله الإسمعيلي، وأحمد، وابن ماجه، وأبو نعيم، وأبو داود، بأسانيد صحيحة لا مطعن فيها، وصححه جماعة آخرون من الأئمة كما قاله الحفاظ، وهو صريح ظاهر في تحريم آلات الملاهي المطربة. وقد حكى الشيخان أنه لا خلاف في تحريم المزمار العراقي، وما يضرب به الأوتار، وقال أبو حامد: سئل الشافعي رضي الله عنه فقال: أول ما أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس عن الصلاة والذكر، وقد علم من غير شك أن الشافعي، رضي الله عنه، حرم سائر أنواع الزمر والشبابة من جملة الزمر وأحد أنواعه، بل هي أحق بالتحريم من غيرها. إذا علمت هذه الأمور المذكورة من اليراع بأنواعه والمزمار والكوبة والطنبور ونحوهم حرام، بل ذهب كثير إلى أنها كبائر وسماعها كذلك، لا تقبل شهادة مرتكب ذلك، ويفسق بذلك، وكذلك عملها حرام؛ لأنه موصل للحرام، والقصد منها المعاصي علمت أنه لا أجرة لعاملها ولا جعل له، بل يجب إبطالها، وكذلك تعليم الزمر ونحوه، فإنه حرام لا أجرة للعمل، ولا للمعلم ونحوه. ومثل ذلك كله صنعة محرمة كعمل الأواني مثل الذهب والفضة وآلات الخمر، وعبارة ابن حجر في المنهاج ومثله الرملي، أما التمويه فحرام في نحو سقف وإناء مطلقا خلافا لمن فرق؛ لأنه إضاعة مال بلا فائدة فلا أجرة لصناعه، كالإناء، ولا أرش على مزيله أو كاسره، والكوبة وغيرها سواء في ذلك، ويؤخذ من إطباقهم هنا على نفي الأجرة شدد. وقول الماوردي والروياني يحل ما يؤخذ بصنعة محرمة كالتنجيم؛ لأنه عن طيب نفس، ويرد على ما علل به أن كسب الزاني كذلك، والخبر الصحيح أن كسب الكافر خبيث، وأن بذل المال في مقابلة ذلك سفه، فكل من أكل أموال الناس بالباطل، وقد شنع الأئمة في الرد عليهما فاتضح أنه لا أجرة لعمل ما ذكر ولا لمعلمه، بل يجب إبطاله كيف أمكن والجعل باطل، والله أعلم. مطلب رجل بينه وبين آخر عداوة إلخ. (سئل) في رجل بينه وبين آخر عداوة ظهرت من مدة قريبة، فهل إذا ثبتت عداوته ولو قبل الشهادة بأيام قلايل تقبل شهادته؟ (أجاب) صرح أئمتنا متونا وشروحا أن شهادة العدو عداوة دنيوية لا تقبل، وعرف العدو بأنه من يحزن لفرحه وعكسه، أي: يفرح بحزنه، فكل من وجد فيه هذا المنع لا تقبل شهادته، وعبارة المنهج مع شرحه لشيخ الإسلام، ولا تقبل الشهادة من عدو شخص عليه في عداوة دنيوية، لما روى الحاكم على شرط مسلم: "لا تجوز شهادة ذي الظنة، ولا ذي الجنة"، والظنة التهمة، والجنة العداوة

مطلب رجل سرقت له أمتعة معلومة إلخ.

ولأن العداوة من أقوى الريب حيث وجدت، لا فرق فيها بين قرب الزمان وبعده، والله أعلم. مطلب رجل سرقت له أمتعة معلومة إلخ. (سئل) في رجل سرقت له أمتعة معلومة، فادعى على رجل بسرقتها، وأقام عليها شاهدا وحلف معها يمينا، ثم إن المدعى عليه صار يدفع ممن قيمة المدعى به إلى المدعي وأحضر ثوبا من عين الأمتعة، وقال: إن السارق لأمتعتك فلان، فهل يعمل بقوله مع ما ذكر؟ (أجاب) حيث شهد الشاهد العدل على يد حاكم أو محكم وحلف المدعي يمينا ثبت ما ادعاه، حيث عينه، ولا عبرة بقول الرجل: إن السارق لأمتعتك فلان؛ لأنه يدفع عن نفسه، والحرام على من وجد في يده، والله أعلم. مطلب في قوم عرفوا بعدم توريث الإناث إلخ. (سئل) في قوم عرفوا بعدم توريث الإناث ويأكلون مهورهن، وإذا مات ميت منهم وخلف ذكورا وإناثا، فيقسم الذكور الإناث، ويحسبونهن كالبهائم مع جملة الميراث، هل تقبل شهادة أحد منهم أو لا؟ (أجاب) الشاهد الذي تقبل شهادته هو العدل الذي لم يرتكب كبيرة ولم يصر على صغيرة، ولم يرتكب ما يخل بمروءته كأكل بسوق، وليس من أهله، وكشف رأس، ولبس ما لا يليق به، ولا ريب أن منع الميراث من أكبر الكبائر لمخالفته ما بينه الله تعالى في كتابه العزيز، وتقاسم الحرائر ودخولهن في الميراث من أعظم البليات، وفاعلوه خارج من الدين، كخروج الشعرة من العجين، فإن تاب، تاب الله عليه، وإلا التحق بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والله أعلم. مطلب في أرض رهنها مالكها على خمسين إلخ. (سئل) في أرض رهنها مالكها على خمسين قرشا أسديا مقبوضة بيد الراهن، فطالب المرتهن الراهن بالخمسين قرشا فقال له: نعم لك عندي خمسون قرشا أسديا، ولكن دفعت لك منها عشرين قرشا أسديا، ولم يبق لك إلا ثلاثون قرشا أسديا، فأنكر المرتهن الدفع فأقام شاهدا عليه بالدفع فشهد شاهده أن الراهن دفع للمرتهن خمسة وأربعين قرشا أسديا لم يبق له في ذمته إلا خمسة قروش أسدي والمدعى عليه ينكر شهادة الشاهد في الجميع، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) حيث لم يطابق الشاهد دعوى الراهن وزاد عليها، ولم يكذبه أي الشاهد المدعي وهو المرتهن في الزيادة فقط، بقيت الدعوى على حالها، فإن أقام الراهن بالعشرين غير هذا الشاهد قضى له بها، وإلا لزمه الخمسون لبطلان شهادة شاهده بعدم المطابقة للدعوى، كذا يستفاد من العباب، والله أعلم. مطلب في ذمي دفع أمانة إلى جمال إلخ. (سئل) في ذمي دفع أمانة إلى جمال يريد أن يوصلها إلى محل معلوم، فأنكرها الجمال وليس مع الذمي إلا رجل مسلم، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) هذا المدعى به مال والمال يكفي فيه شاهد ويمين، فإذا أورد الذمي الشاهد المسلم العدل، وحلف معه يمينا على المال المدعى به المعين قدرا وصفة قضي له به، والله أعلم.

مطلب في رجل تحت يده أرض يتصرف فيها إلخ

مطلب في رجل تحت يده أرض يتصرف فيها إلخ (سئل) في رجل تحت يده أرض له يتصرف فيها بالزرع والحرث وغيرهما نحو ثلاثين سنة ومات البائع، وأولاده يدعون أنها رهن، وواضع اليد يدعي أنها بيع ومعه شهود في صكه لم يبق منهم إلا واحد، فهل إذا شهد الشاهد بالبيع وحلف واضع اليد يحكم له بها؟ وهل يحلف الشاهد أو لا؟ (أجاب) نعم إذا شهد هذا الشاهد بالبيع وحلف المدعي أن شاهده صادق في شهادته قضي له بالأرض؛ لأن هذا مال ويكفي في المال شاهد ويمين، ولا يحلف الشاهد كما لا يحلف القاضي؛ لأن منصبهما يأبى ذلك، والله تعالى أعلم. مطب في رجل توفي بأسكلة يافا إلخ (سئل) في رجل توفي بأسكلة يافا -حرسها الله تعالى- وهو دزدار+ فلعتها وله زوجة وبنت تزوجها رجل يقال له السيد جعفر يزعم أنه غرم مالا، وقدره ألف وسبعمائة قرش يدعي أن ذلك بسبب غمز محمد بيبى+ الإمام بالجامع الجديد وأنهى ذلك للدولة العلية حماها رب البرية، فأخرج فرمانا شريفا بهذا السبب وفوض أمره لجناب مفخر الوزراء الكرام إسماعيل باشا أعطاه الله ما يشاء والي محروسة الشام وأيالتها+ ثم أن الرجل المدعي وكل رجلا في الدعوى، وجاء الوكيل بالفرمان الشريف وبيوردي+ شريف من وزير الشام وفوضت الدعوى لجناب مفخر الموالي الكرام حسن أفندي حرسه الولي المبدي قاضى القدس الشريف فأرسل لمحروسة يافا سئل عن هذا الأمر فجاء له الخبر من جم غفير ممن يوثق به من أهل يافا، مع جناب جوخداره بأن هذا الأمر لا أصل له، وأن الرجل محمد بيبى المدعى عليه ما عرف هذا الأمر ولا هو من أهله والآن جاء الرجل ويدعي أن معه شهود يشهدون على شهادة غيرهم بأن الشيخ محمد بيبى صدر منه هذا العوان وهذا الغمز، فهل تسمع شهادة هؤلاء الشهود، مع كونهم لا يعرفون الشيخ محمدا ولا هو يعرفهم، أو كيف الحال؟ (أجاب) لا ريب أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء قال صلى الله عليه وسلم للشاهد على مثلها أي الشمس فأشهد، ولا ريب أن كل شاهد مسئول عن شهادته فشهادة هؤلاء الشهود لا تقبل، بل لهم الجزاء من الرب المعبود في اليوم الموعود حتى لو شهد الأصل الذي يشهد هذا الشاهد عنه لا يقبل؛ لأنه لم يشهد بأخذ مال ولا قتل نفس، وإنما يشهد أنما غمز على فلان، فإن فرض أن الحاكم غرمه بهذا الغمز إنما له الرجوع على الآخذ منه المال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه والشيخ محمد لم يأخذ شيئا فلا يطالب بشيء، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في آخر أمره: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذه فليتق الله المدعي لمثل هذه الأمور، ويراقب الله في سره وعلنه وكذلك الشهود

مطلب في رجل دفع لآخر مائة قرش إلخ

فإن الله تعالى هو الولي المعبود؛ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، والله يعلم المفسد من المصلح. وأول بلاء أصاب بني إسرائيل أنه كان إذا أذنب الضعيف عوقب، وإذا أذنب القوي لا يعاقب، فهلا تبع هذا المدعي الحكم القوي وأخذ منه وأعرض عن هذا الضعيف ولم يأخذ منه، ولكن كل ضعيف فالله وليه فينتقم له، والله أعلم. مطلب في رجل دفع لآخر مائة قرش إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر مائة قرش ليضارب له فيها، ثم إنه لما دعي للحساب إنما أقر بخمسين منها، فادعي عليه بالخمسين عند قاض صغير فأنكرها وتعذر عليه إقامة البينة فحلف، فهل إذا وجد معه شاهدا وحلف يمينا بالخمسين المنكر يقضي له بذلك؟ (أجاب) لو طلب المدعي يمين خصمه وقال: لا بينة لي حاضرة ولا غائبة أو قال: كل بينة أقيمها فهي زور، ثم أقام بينة شرعية كالشاهد واليمين في مسألتنا؛ لأن ذلك مما يقضى به في الأموال، وما يرجع إليه قضي له بذلك؛ لأن الإنسان قد ينسى بينته، ثم يتذكرها، ويذكره الشاهد بشهادته ولأن الإنسان قد يطلب حلف خصمه اعتمادا على أمانته؛ ليقر له فلا يحتاج إلى إقامة البينة ولأنه يريد تكذيب الخصم في حلفه، ثم إقامة البينة عليه فلا يمنع الحلف من إقامة البينة عليه كل ذلك من صريح شرح المنهج وغيره، والله تعالى أعلم. (كتاب الدعوى والبينات) مطلب في رجل اشترى من آخر حصة إلخ (سئل) في رجل اشترى من آخر حصة في فرس، والآن يدعي أنها غصبت منه قبل الشراء، فهل تسمع الدعوى، وللمشتري مدة سنين مقر بالشراء؟ (أجاب) اعلم أن للدعوى شروطا ستة من جملتها أن لا تناقضها دعوى أخرى، فحيث ثبت أن المدعي اشترى الفرس من البائع، ثم ادعى أنها غصبت قبل الشراء لا تسمع دعواه؛ لوجود التناقض الواقع في دعواه؛ لأن شراءه مشعر بثبوت الملك للبائع، ودعواه الغصب صريح في عدمه في التناقض والله أعلم. مطلب في رجل قال لآخر بعني فرسك (سئل) في رجل قال للآخر: بعني فرسك فلم يرض فكرر عليه ذلك مرارا فلم يرض فادعى بعد ذلك أنها فرسه وبنت فرسه، فهل تقبل دعواه هذه؟ (أجاب) طلب المدعي شراء الفرس ممن هي تحت يده مشعر بثبوت الملك له دون المدعي، وقوله: إن الفرس بنت فرسه لا تسمع به الدعوى أيضا ففي هذه الدعوى تناقض من جهة طلبه الشراء. ومن فساد قوله: بنت فرسه؛ إذ لا يلزم من كونها بنت فرسه أن تكون ملكا له؛ لاحتمال مزيل له من بيع وغيره واحتمال وصية بولد الفرس فلا تسمع دعواه للوجهين المذكورين والله أعلم. مطلب عن رجل مات وترك زوجة إلخ (سئل) عن رجل مات وترك زوجة وأولادا، ثم وجد تحت يدها

مطلب عن رجل يدعي على ميت حقا إلخ

أمتعة هي تدعي أنها لها والأولاد يدعون أنها من مخلفات أبيهم فكيف الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) إن أقام الأولاد بينة شرعية بشيء أنه من مخلفات والدهم فالأمر ظاهر، وكذلك إن اختص بوالدهم، وكذلك إن أقاموا بينة أن والدهم كان واضعا يده على شيء من الأمور الثلاث فلهم تحليف والدتهم على المختلف فيه، والله أعلم. مطلب عن رجل يدعي على ميت حقا إلخ (سئل) عن رجل يدعي على ميت حقا، فهل له أخذه بمجرد قوله؟ (أجاب) حيث خلف الميت وفاء للدين، وأقام المدعي بينة شرعية وحلف وجوبا أن طلب الوارث حلفه ثبت حقه، ولزم الوارث وفاؤه وإلا فلا، والله أعلم. مطلب عن قرية موقوفة إلخ (سئل) عن قرية موقوفة على نبي الله سيدنا داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ولها رعايا متصرفون في أراضيها زراعة وغرسا بإذن نظار الوقف قديما وحديثا، عمر أحد رعاياها حديقة كانت مواتا، وانشأ بها شجرا تينا وزيتونا من مدة خمس وعشرين سنة، والآن يدعي أحد رعايا وقف التكية أن بعض هذه الحديقة من أرض بلده، فهل للرعايا دعوى على الأرض؟ وهل تسمع دعواهم دون متولي الوقف أو القديم يبقى على قدمه ولا تسمع دعوى الرعايا والدعوى والتحرير للنظار؟ (أجاب) الدعوى في مثل ذلك لا تجوز ولا تسمع على الزراع؛ لأنه لو توجهت عليهم يمين لا يصح منهم الحلف عليها، ولا يصح منهم الإقرار بمضمونها على أن الناظر كذلك، وإنما تسمع الدعوى عليه؛ لأجل إقامة البينة قال ابن حجر: فالدعوى على أحد هؤلاء يعني الوصي والوكيل وناظر الوقف ومثلهم كل نائب عن غيره إنما هي لإقامة البينة إذ إقرارهم لا يقبل، ولا يحلفون إن أنكروا ولو على نفس العلم إلا أن يكون الوصي وارثا والله أعلم. مطلب في رجل يدعي أن أباه باع رجلا ذميا إلخ (سئل) في رجل يدعي أن أباه باع رجلا ذميا جلدا بثمن معلوم لمدة لها فوق العشرين سنة، أورد عليه شاهدا هو شريك في الدعوى، ولم يخلف أبوه شيئا فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) هذه الدعوى لا تقبل من وجوه: أحدها كون الشاهد شريكا وهو لا تصح شهادته في المشترك. الثاني: كون المدعى عليه لم يخلف شيئا فلا يطالب ولده بشيء من دينه. الثالث: حيث صرح مولانا السلطان بأن القاضي لا يسمع للدعوى فيما زاد على خمسة عشرة سنة فلا يجوز له سماعها؛ لأنه معزول عنها، والله أعلم. مطلب في رجل يدعي على مدع أنه قال إلخ (سئل) في رجل يدعي على مدع أنه قال: أنا أشهد على من سرق فدان فلان وأن لم أشهد فهو عندي، فهل تلزمه الشهادة فإن لم يشهد يلزمه الفدان؟ (أجاب) لا يلزمه الفدان بل إن كان معه شهادة وجب عليه أداؤها وإلا فهو كاذب على نفسه، وليس ما ذكر صيغة إقرار لأن شرطها أن تشعر بالالتزام والله أعلم. مطلب عن رجل زرع أرضا لإنسان ونهب الزرع إلخ (سئل) عن رجل زرع أرضا لإنسان ونهب

مطلب عن رجل اشترى زيتونا من ثلاثة مات منهم اثنين إلخ

ما حصل منها فأعرض عن الزارع المتصرف فيها، وله تابع يطلب من الزارع مال الأرض، ويدعي أنه دفع ذلك للمتكلم عليها فهل له ذلك؟ (أجاب) ليس للتابع المذكور مطالبة الزارع بشيء، ولا تصح منه الدعوى ولو دفع لصاحب الأرض لا رجوع له على الزارع؛ لأنه متبرع، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل اشترى زيتونا من ثلاثة مات منهم اثنين إلخ (سئل) عن رجل اشترى زيتونا من ثلاثة مات منهم اثنين وبقي واحد، وله نحو خمسة وعشرين يتصرف، والبائع له كان يتصرف فيه، والآن رجل يدعي أن الزيتون له وقد علم البيع والتصرف، ولم يحصل منه معارضة أصلا، فهل تسمع دعواه؟ (أجاب) هذه الدعوى لا تسمع لأمور: منها أن مولانا السلطان حيث نص القاضي أنه لا يسمع الدعوى فيما زاد على خمسة عشر سنة فليس له سماعها. الثاني: أن البيع والتصرف هذه المدة مع مشاهدة المدعي مانع من سماع الدعوى. الثالث: أن الدعوى الخالية عن البيان لا تسمع، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تحت يده دار ورثها من أبيه إلخ (سئل) في رجل تحت يده دار ورثها من أبيه عن جده، يدعي رجل أن جده واضع اليد وهبها الجد المدعي، ويدعي أن شاهدا مات شهد له بذلك، فهل تسمع دعواه؟ (أجاب) هذه الدعوى لا تسمع؛ لأن شرطها أن تكون ملزمة وهنا ليست كذلك فلا بد في دعوى الهبة من قوله وأقبضها على أن شهادة هذا الشاهد غير معمول بها؛ لعدم معرفة حاله والله أعلم. مطلب في رجل متصرف في بئر ماء مدة تزيد على ثلاثين سنة (سئل) في رجل متصرف في بئر ماء مدة تزيد على ثلاثين سنة والبئر في داخل حاكورة للغير، والآن صاحب الحاكورة يقول: إن البئر بئري لكونه داخل الحاكورة، والمتصرف في البئر يقول: إني تلقيت البئر عن أبي، ولي هذه المدة متصرف في البئر وأنت مشاهد تصرفي في البئر وتصرف أبي من قبلي، والحال أن كلا منهما في البلدة مقيم، فهل تسمع دعوى صاحب الحاكورة مع مشاهدة التصرف هذه المدة؟ (أجاب) حيث وجد التصرف المذكور مع عدم المعارض، وشهد بذلك بينة شرعية وجب على الحاكم العمل بذلك ومنع المعارض بشرط أن يتصرف مدة طويلة تصرف الملاك من غير معارض له في ذلك،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل ادعى بالأصالة عن نفسه والوكالة عن أخيه إلخ (سئل) في رجل ادعى بالأصالة عن نفسه والوكالة عن أخيه على آخر أن بذمته لوالدهما المتوفى أحد عشر قنطارا من الزيت، فاعترف بتسعة منها، ثم ادعى أنه أوصلها لأبيهما وتحاسب معه عليها، فهل إذا أقام شاهدا ويمينا على ذلك تبرأ ذمته؟ (أجاب) نعم إن شهد من هو موصوف بالعدالة، وبقية شروط الشاهد وحلف يمينا على صدق شاهده برأت ذمته من جميع الزيت المقر به، وأما الزيت الغير المقر به وهو القنطاران الباقيان فتحت الإثبات أن أثبتاهما آخذاهما وإلا فلا والله أعلم. (سئل) عن أخ

مطلب رجل بقرب داره بئر ماء خراب إلخ

ورجل أجنبي اشتريا أرضا فقال الأخ المشتري: نشركك معنا ولم يضع من الثمن شيئا، ثم أن الأخوين أنكرا الأجنبي وحلف يمينا أنه لم يشتر معهما، فهل إذا وجد شهودا بعد حلف الأخوين تقبل بينته ما الحكم شرعا؟ (أجاب) حيث وجد بينة شرعية عادلة قبلت وعمل بها، ولا يبطلها يمين الخصم حتى لو قال المدعي المذكور عند طلب يمين خصمه: لا بينة لي، أو كل بينة أقيمها فهي كاذبة أو زور، ثم أقامها قبلت ولا نظر لما ذكر والله أعلم. مطلب رجل بقرب داره بئر ماء خراب إلخ (سئل) في رجل بقرب داره بئر ماء خراب لم يعلم له مالك عمره وقصره، ومكث مدة طويلة يتصرف فيه، فجاء جار له وادعى أن البئر له، ولم يعلم أحد أنه تصرف فيه لا هو ولا أجداده من قبله، فهل تسمع دعواه هذه على المدعى عليه؟ (أجاب) تصرف الرجل المذكور المدة الطويلة بلا معارض، وشهد له بذلك شاهدان فلا عبرة بدعوى الرجل المذكور حتى لو أقام بينة بالملك رجحت بينة واضع اليد المذكور المتصرف والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل له عند آخر أربعون قرشا فطالبه بالمبلغ المزبور مرارا بمحضر من الشهود العدول فامتنع من أداء الحق، وهو في محل بعيد عن موضع الحاكم الشرعي، ولو دعي إلى الشرع فلم يجب فظفر له صاحب الحق ببقرة وولدها فباعهما بقيمة المثل من غير إذن حاكم الشرع، فهل له ذلك ويحسب له من دينه ويجب على المدين أن يوفيه بقية دينه؟ (أجاب) حيث ثبت أن الرجل الذي عليه الدين امتنع من أداء الدين ولم يجب حاكم الشرع كان لصاحب الدين أخذ ما ظفر به من ماله مقدما النقض على غيره، وله نقب جدار وكسر باب لا يصل للحق إلا به. قال في العباب: وإن كان الحق على منكر أو مماطل أو متوار أو متعذر فله أخذ قدر دينه من مال غريمه إن جانس دينه، وإن وجد بينة على المنكر أو رجا إقراره يرفعه إلى القاضي وطلب يمينه، فإن لم يجانس دينه، ووجد نقدا أخذه واشترى به الجنس، وإلا أخذ من غير الجنس بقدر دينه فقط إن أمكن الاقتصار عليه، ولو كان الحق عينا ولم يظفر إلا بغيرها فهو كظافر بغير الجنس والله أعلم. مطلب رجل تحت يده زيتون تلقاها عن أبيه إلخ (سئل) في رجل تحت يده زيتون تلقاها عن أبيه وهو متصرف فيه من مدة ستين سنة، والآن رجل يدعي أن الأرض تحت يده مغارسة، فهل تسمع دعواه هذه مع مشاهدة التصرف. (أجاب) وضع اليد أقوى دليل على الملك، ولا سيما في مثل القرى التي هي وقف أو لبيت المال؛ لأن أرضها لا تملك، وإنما لزارعها لها اختصاص فحيث مضت هذه المدة بلا نزاع فلا تسوغ الدعوى عليه بغير بيان وجه شرعي، والله تعالى أعلم. مطلب في بيت مقسوم نصفين ادعى أحد المتخاصمين فيه أن له به حقا إلخ (سئل) في بيت مقسوم نصفين ادعى أحد المتخاصمين فيه أن له الحصة الشرقية بموجب القسمة السابقة فأنكر خصمه

مطلب عن رجل تحت يده أرض بها زيتون تلقاه عن أبيه إلخ

فطلب منه اليمين فحلف، فهل إذا وجد معه بينة تشهد له بأن الحصة الشرقية له يقضي بها ولم تكن اليمين قاطعة لحقه؟ (أجاب) نعم يعمل بالبينة وإن حلفه ألف يمين، وإن قال وقت التحليف: لا بينة لي أو كل بينة أقيمها فهي زور أو باطلة، ثم أوجدها عمل بها؛ لاحتمال نسيانها أو أن الخصم يقر فيكفي مؤنة إقامة البينة والله أعلم. مطلب عن رجل تحت يده أرض بها زيتون تلقاه عن أبيه إلخ (سئل) عن رجل تحت يده أرض بها زيتون تلقاه عن أبيه عن جده مدة تزيد على ستين سنة يتصرف فيها الملاك من غير معارض، برز رجل الآن من أهل بلده يدعيه، فهل تسمع دعواه؟ (أجاب) حيث كان الأمر كما ذكر لا يجوز للرجل المذكور المعارضة بوجه كما لا يخفى على من له أدنى إلمام بالفقه والله أعلم. مطلب في رجل سرق له فردة قماش فأتهم بها أناسا إلخ (سئل) في رجل سرق له فردة قماش فاتهم بها أناسا، وكان غيره قد نهب له جملة أحمال فأقر الآخذون المتهمون له بها لوجود علامات ظاهرة فيها، فهل للغير معارضة فيها. (أجاب) حيث أقر واضع اليد بأنها للرجل المذكور فهي، له وإن أقام المدعي بينة وغيره بينة قدمت بينته والله أعلم. مطلب رجل اشترى من آخر قدرا على أنه ملكه إلخ (سئل) في رجل اشترى من آخر قدرا على أنه ملكه وضمنه عليه آخر إن خرج مستحقا وقبض البائع ثمنه، ثم بعد مدة ادعى أنه غير ملكه، وأنه باع ما لا يستحقه، فهل تقبل دعواه؟ (أجاب) شرط الدعوى أن لا يناقضها دعوى أخرى فدعوى الغصب يناقض دعوى الملك، فلا تقبل دعوى المذكورة لما ذكر، ولا يجوز معارضة المشتري بوجه والله أعلم. مطلب رجل له دين على غائب وله مال فهل يجوز إلخ (سئل) في رجل له دين على غائب وله مال، فهل تجوز الدعوى عليه، وإذا ثبت عليه الدين يوفي من ماله؟ (أجاب) نعم تجوز الدعوى على الغائب في مثل ما ذكر أن كان للمدعي حجة، ولم يقل المدعي هو أي الغائب مقر، وللقاضي نصب مسخر ينكر عن الغائب، ويجب تحليف المدعي، وإذا حكم بماله وله مال في عمل قضاه منه والله أعلم. مطلب رجل اشترى شجر زيتون بثمن معلوم إلخ (سئل) في رجل اشترى شجر زيتون بثمن معلوم وتصرف فيه مدة طويلة نحو عشرين سنة، ثم إنه برز ابن أخ البائع، وادعى أن لأبيه في هذا الزيتون ثلاثة أرباعه والمشتري المزبور وورثته من بعده يتصرفون من غير منازع ولا معارض، مع مشاهدة ابن أخ البائع للتصرف، فهل تسمع هذه الدعوى والحالة هذه؟ (أجاب) حيث تصرف الرجل المذكور المدة المذكورة من غير معارض، وتصرف فيه تصرف الملاك من حرث وغرس وجذاذ زيتون، وشهد له بذلك شهود بالملك اعتمادا على ذلك منع المعارض من معارضته والله أعلم. مطلب في جماعة تحت أيديهم أشجار زيتون إلخ (سئل) في جماعة تحت أيديهم أشجار زيتون يتصرفون فيها عن آبائهم عن أجدادهم بموجب حجج شرعية، وتصادق واقع على ذلك مدة تزيد على ستين سنة برز منازع

مطلب في رجل تحت يده ربع بد ويدعي أن يده موضوعة عليه بالشراء إلخ

ينازع بلا مستند شرعي، فهل يجاب لدعواه؟ (أجاب) وضع اليد دليل شرعي يجب العمل به والتصرف كذلك، وأما دعوى الملك الخالية عن البيان الشرعي لا يعمل بها، بل يعرف بمنع المدعي، فإن لم ينزجر زجره الحاكم بل عزره لتعنته والله أعلم. مطلب في رجل تحت يده ربع بد ويدعي أن يده موضوعة عليه بالشراء إلخ (سئل) في رجل تحت يده ربع بد ويدعي أن يده موضوعة عليه بالشراء ومالكه يدعي أن ذلك بالرهن، ومعه بينة بذلك دون الأول فمن المقدم منهما؟ (أجاب) دعوى الرجل أن يده موضوعة على حصة البد بالشراء خلاف الأصل فلا يصدق إلا ببينة، فحيث لم يقدم بينة فلا عبرة بدعواه، ويعمل بدعوى الرهن والله أعلم. (سئل) في رجل اشترى من آخر قرار بيت والبائع يتصرف فيه مدة طويلة بلا منازع، ثم إن المشتري بناه وسكنه مدة تزيد على ثلاثين سنة، والآن برز رجل يدعي أن قرار البيت كان لأجداده على قول من يقول مع أن مجموع مدة وضع يد البائع والمشتري ما يزيد على ستين سنة، فهل تسمع دعواه بذلك أو لا؟ (أجاب) حيث شاهد الرجل المدعي التصرف، والبيع بوضع اليد والبيع والبناء، ومضت هذه المدة بلا منازع فلا تسمع دعواه المذكورة على أن الشهادة على قول من يقول لا تصح، كما هو ظاهر والله أعلم. مطلب في أرض مشتركة بين جماعة واضعين أيديهم إلخ (سئل) في أرض مشتركة بين جماعة واضعين أيديهم، بها غرس زيتون وتين يدعي أحدهم أن له جميع الغراس، والثاني يدعي أن له النصف، وله بينة تشهد بذلك فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث وجدت البينة الشاهدة بأن فلانا له نصف هذا الغراس لكونه غرسه بيده أو اشتراه أو وهب له مثلا قضى له به، وإلا فإن أقاما بينتين أو لم تقم بينة حلف كل لصاحبه يمينا وسلم النصف لصاحبه، والنصف الثاني يقسم بينهما نصفين والله تعالى أعلم. مطلب رجل تحت يده أرض يتصرف فيها بالزرع وغيره إلخ (سئل) في رجل تحت يده أرض يتصرف فيها بالزرع وغيره تصرف الملاك نحو خمسين سنة عن أبيه عن جده، برز رجل يدعي أن هذه الأرض له مع مشاهدته التصرف المذكور، فهل تسمع الدعوى مع ما ذكر؟ (أجاب) حيث مضت هذه المدة المذكورة، والمدعي يشاهد التصرف المذكور بلا معارض لا تسمع دعواه على أن الدعوى لا تسمع بعد خمسة عشرة سنة؛ لنهي مولانا السلطان على أن القاضي لا يسمع الدعوى فيما زاد على خمسة عشرة والله تعالى أعلم. مطلب في مغارة لشاهين وقنديل باعا نصفها لمحارب إلخ (سئل) في مغارة لشاهين وقنديل باعا نصفها لمحارب بخمسة عشر قرشا، ثم اتفق الثلاث شاهين وقنديل ومحارب، وباعوا نصف ما بأيديهم لسلمان على أن يعملوها بدا بحجره وخشبته وجميع لوازمه، ثم قنديل الآن ينازع محاربا وينكر البيع، وعليه بينة شرعية تشهد لمحارب بأنه اشترى نصف الحصة وله نحو خمسة

مطلب جمل مشترك دفعه أحد الشركاء لبدوي إلخ

عشرة سنة يتصرف فيها من غير منازع فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) حيث وجدت البينة الشرعية أن كلا من شاهين وقنديل باعا نصف المغارة لمحارب فلا يجوز لهما ولا لأحدهما معارضة محارب بوجه؛ لأن البيع عن تراض، فيجب على قنديل أن يسلم البيع لمحارب لوجود البينة الشاهدة له بذلك على أن تصرف محارب هذه المدة المذكورة يقتضي عدم صحة منازعة قنديل له، على أن الدعوى لا تسمع بعد مضي خمسة عشرة سنة فالدعوى من قنديل باطلة لثلاثة أوجه: أحدها: البينة. والثاني: التصرف المذكور. والثالث: مضي المدة المذكورة والله أعلم. مطلب جمل مشترك دفعه أحد الشركاء لبدوي إلخ (سئل) في جمل مشترك دفعه أحد الشركاء لبدوي يرعاه، ثم طلبه منه فامتنع وباعه، ثم طلب منه الجمل فادعى أنه رده على الدافع وحلف يمينا، فهل هذه اليمين تمنع ضمان الجمل عن البدوي؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن البدوي امتنع من دفع الجمل لدافعه وباعه كان ضامنا له، ودعوى الرد مع اليمين لا تفيد مع البينة المذكورة كما صرحوا به متونا وشروحا والله تعالى أعلم. مطلب في رجل باع آخر أسبابا وقبض منه بعض الثمن إلخ (سئل) في رجل باع آخر أسبابا وقبض منه بعض الثمن وبقي عنده بقية من الثمن، ثم أخبر أنه مسافر لمصر من الأمصار فقال للبائع: أنا آتيك بأسباب ببقية الثمن فوافقه على ذلك، فهل يلزمه الوفاء للرجل حتى يأتي له بالأسباب أو له طلب بقية الثمن؟ (أجاب) حيث كان أصل الثمن المباع به الأسباب المذكورة حالا لزم المشتري توفية بقية الثمن، ولا عبرة بما وقع بينهما من التوافق والرضى؛ لأن البائع وعد المشتري وعد بر لم يصر عليه فلا يلزم الوفاء بهذا الوعد، فيجب على المشتري توفية بقية الثمن والله أعلم. مطلب في رجل ادعى على أخيه أنه باعه نصف جمل إلخ (سئل) في رجل ادعى على أخيه أنه باعه نصف جمل فأقر المدعى عليه بأن الجمل لأبيهما الغائب عن مجلس الدعوى، وقد كان المدعي خدم الجمل بالرعي والعلف والطلي للزيت مدة ثلاثة أشهر، وقد نزع الجمل منه من مدة ثلاثة أشهر يعمل عليه فما الحكم الشرعي في ذلك؟ (أجاب) الوجه الشرعي أن الأخ المدعي يراجع الأب، فإن صدق ولده البائع له غرم الأخ البائع لأخيه ما غرمه على الجمل من علف ودهن وغيرهما، وإن لم يصدقه بقيت الخصومة مع الأخ، فإن أثبت البيع منه أخذ الجمل وله الرجوع عليه بأجرة عمله هذه المدة أجرة مثله والله تعالى أعلم. مطلب رجل معه بغل تعرف عليه آخر إلخ (سئل) في رجل معه بغل تعرف عليه آخر أنه سرق منه منذ ثمان سنوات، وكان عمره إذ ذاك خمس سنوات، وواضع اليد يدعي أنه ابن فرسه، وله من العمر ثمان سنين ومعه بينة تشهد بذلك، فهل تقدم بينته على بينة المدعي المذكور؟ (أجاب) لا ريب أن بينة واضع اليد تقدم لوضع يده عند الشافعي، ولدعوى النتاج عند الإمام أبي حنيفة

مطلب رجل متصرف في وظيفة دزدارية قلعة يافا إلخ

على أن الدعوى حيث أثبت المدعي دعواه من عمر البغل المذكور، وكان قول مدعي الضياع للفعل ثابتا تناقضت؛ لأن الظاهر يكذبها، وأن هذا البغل حدث بعد ضياع بغله فلا يصغى لها حاكم الشرع لما ذكر والله أعلم. مطلب رجل متصرف في وظيفة دزدارية قلعة يافا إلخ (سئل) في رجل متصرف في وظيفة دزدارية قلعة يافا بموجب براءة شريفة، وقائم على خدمته على الاستقامة، فبرز له خصم اسمه بيرم وأنهى إلى حضرة السلطان ما هو خلاف الواقع، وأخذ منه الدزدارية ببراءة شريفة، وشرط في برائته أن الوظيفة المزبورة حسبة لله تعالى، ثم إن بيرم المزبور لم يحضر إلى القلعة المرقومة، فلما ظهر وتبين إلى ولاة الشام الوزر العظام الذين لهم العزل والنصب ما حصل إلى الدزدار السابق أبقوه على ما كان عليه، ولم يسبق تصرف ومضى من ذلك مدة ستة سنين، والحال أن بيرم المزبور يدعي الدعوى على الدزدار الذي تصرف من طرف وزراء الشام بما قبضه من عوائد وبادهوا فهل له ذلك مع أن براءته ليس فيها معين، بل حسبة لله تعالى؟ (أجاب) ليس لبيرم المذكور دعوى بالعوائد والبادهوا بوجه؛ لأن ذلك لا يخلو وصوله إلى الدزدار المذكور إما من باب الإكرام له والإحسان فقد ملكه بوصوله إليه حتى لو أراد مالكه الرجوع به فليس له ذلك، وإما من باب الرشوة والجزم فلا تصح دعوى بيرم به بوجه. وأما الدعوى به فلمالكه الأصلي على أن معنى الحسبة أنه لا يأخذ شيئا، بل يكون لوجه الله تعالى يقصد بذلك المرابطة وأجره على الله تعالى، فلا يليق به طلب ما ذكر المنافي لأجره والله أعلم. مطلب أرض بها غراس تين لها تحت يد جماعة إلخ (سئل) عن أرض بها غراس تين لها تحت يد جماعة نحو ثمانين سنة يتصرفون فيها تصرف الملاك بحرث وزرع، ونقل ملك إلى الغير وفي البلد رجل يشاهد ذلك يدعي الآن أنها تحت أيديهم بالرهن، مع أنه لا أكل ثمرا ولا حرث لها أرضا، فهل يجاب لدعواه والأرض أصلها وقف؟ (أجاب) لا يخفى أن تصرف الجماعة هذه المدة مشعر بثبوت الملك لهم، وعدم معارضة الرجل وأخذه ثمرة التين دليل على أنه لا حق له في الأرض المذكورة على أن الدعوى بعد خمسة عشر سنة لا تسمع؛ لورود الأمر السلطاني لذلك، وأرض الوقف وبيت المال يزول الاختصاص عنها بالإعراض عنها، وقد حصلت هذه المدة والله أعلم. مطلب رجل اشترى دارا من مدة ثلاثين سنة إلخ (سئل) في رجل اشترى دارا من مدة ثلاثين سنة، ثم تبين الآن أنها وقف، وله عليها عمارة حسبت من أجرة مثلها، ويريد أن يرجع بالثمن، فهل يرجع بمعاملة زمن البيع؛ لأنه الذي دفعه أو بمعاملة الآن؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن مال العدد الفضة المتعامل بها الآن وهي لا تنضبط أصلا، ولا يجوز التعامل بها في الذمة لعدم ضبطها واختلاف الأغراض بها عددا ووزنا وقيمه

مطلب رجل أسباهي أقطعه مولانا السلطان نصره الله تعالى قرى وأراضي ومزارع إلخ

فلا ضابط لها يرجع إليه عند التنازع الحكام والمفتيون فوجب الرجوع لأمر مضبوط لا يختلف وهو النقد الصحيح من ذهب وكلب وريال، ثم إذا علم ما دفعه المشتري من الصحيح المذكور وهو الذهب والكلب والريال فيجب، ولا يجب العدول عنه لغير زاد سعره أو نقص وإن لم يعلم فيما يقابل الصحيح من العدد وقت قبض الثمن الذي وقع عليه البيع والله تعالى أعلم. مطلب رجل أسباهي أقطعه مولانا السلطان نصره الله تعالى قرى وأراضي ومزارع إلخ (سئل) في رجل أسباهي أقطعه مولانا السلطان نصره الله تعالى قرى وأراضي ومزارع تحت خدم يخدمها لعموم المسلمين، ولها زراع يزرعونها فرجل زرع منها حصة نحو تسع سنين ومات وخلف وارثا وتركة، فهل يلزم دفع ما عليها من المعلوم للأسباهي المذكور؛ لكونه يستحقها من طرف السلطان؟ (أجاب) لا ريب أن منفعة الأرض مضمونة على الزراع للأرض يستحقها الأسباهي المذكور بموجب الإقطاع، فهي دين على الرجل الزارع لها يجب عليه وفاؤه لمستحقه المذكور، فلما مات الرجل تعلق الدين بتركته فيجب على الوارث قضاء ذلك الدين؛ لأنه مقدم على إرثهم، ولا يجوز لهم التصرف في التركة ما لم يسدوا هذا الدين، ونفس ميتهم مرهونة بهذا الدين حتى يقضى عنه والله تعالى أعلم. مطلب ألاي بيك طائفة الأسباهية إلخ (سئل) في ألاي بيك طائفة الأسباهية بلواء اللجون منصوب من طرف السلطان نصره الله تعالى لضبطهم والتكلم عليهم طلب ألاي بيك وبعد اختيارية الأسباهية لطرف دمشق الشام لأمور معتادة عليه فأحضرهم ألاي بيك قبل التوجه، وشرط عليهم أن ما يطلب منه من الدراهم في لوازم ومصارف تكون على الجميع فردوا بذلك، فهل يكون ما صرفه لازما لهم يدفعونه لهم على ما هو المعتاد؟ (أجاب) نص العلماء على أن الرجل الكبير على قوم كالقرى وغيرها يستأذنهم في التصرف في مصالحهم ولوازمهم العرفية والشرعية على أنه يلزمهم ما لزمه منها لإذنهم له في ذلك، ولو كان هذا اللازم ظلما وإلا لما نصب أحد نفسه كبيرا على قوما لما يلزمهم من اللوازم كما لا يخفى، فيجب على جميع من أذن له منهم أن يدفع ما خصه مما صرفه في اللوازم العرفية ولو كانت ظلما على أن نصب السلطان له منزل منزلة إذنهم له في ذلك، كما لا يخفى والله تعالى أعلم. مطلب مديون لأناس غير ممتنع لأداء ما عليه إلخ (سئل) في مديون لأناس غير ممتنع لأداء ما عليه دفع بعض نحاس لدلال يبيعه؛ لأجل وفاء ما بذمته فتعدى أحد أرباب الديون على النحاس وأخذه من الدلال قهرا، فهل يجبر على رده لصاحبه؟ (أجاب) نعم يجبر على رد النحاس قال في المنهج وشرحه لشيخ الإسلام: أو استحق دينا على غير ممتنع من أدائه طالبه به فلا يؤخذ شيئا له بغير مطالبة ولو أخذه لم يملكه ويلزمه رده، ويضمن إن تلف عنده والله أعلم.

مطلب في أخوين كان لهما أم إلخ

مطلب في أخوين كان لهما أم إلخ (سئل) في أخوين كان لهما أم وحصلت شيئا بكسبها وكسب أولادها، ثم من جملة ذلك نخل كان أصله نخلة وجدها أحدهما، وكل منهما يدعي أنه الواجد لها فما الحكم الشرعي؟ (أجاب) ما خلفته الأم وما كان من كسب الأخوين فهو لهما يقسم بينهما نصفين بحسب الميراث والكسب، وأما النخلة فحيث كانت تحت يدهما فيحلف كل منهما يمينا أنه الواجد لها دون أخيه، ثم تقسم بينهما نصفين، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر فهي له والله تعالى أعلم. مطلب رجل آجر ذميا حمارا وأوصى عليه رجلا إلخ (سئل) في رجل آجر ذميا حمارا، وأوصى عليه رجلا مسلما يحفظه، ودفع له أجرة على حفظه، فذهب الذمي إلى المحل الذي استأجره الحمار له، ورجع فسأل المؤجر المستأجر عن الحمار فأنكره، فقال المسلم الذي دفع له أجرة على حفظه الحمار: عندي وفي ذمتي عند بينة شرعية من المسلمين. والآن يريد المدعى عليه أن يدعي أن الحمار قد وصل إلى المدعي باعترافه قبل التزامه له، ويقيم رجلا شاهدا ذميا، فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) دعوى المدعي الذي قامت عليه البينة الشرعية بموجب التزامه للحمار لا تسمع بعد ذلك لأمرين: الأول: مناقضة إقراره؛ لأن إقراره يقتضي أن الحمار عنده لم يصل لصاحبه، ودعواه بعد ذلك تناقض الإقرار السابق، وشرط الدعوى أن لا تناقضها دعوى أخرى. الثاني: أن شهادة النصراني لا تقبل والله أعلم. مطلب رجل تلقى زيتونا عن أبيه وأبوه إلخ (سئل) في رجل تلقى زيتونا عن أبيه وأبوه تصرف فيه أكثر من ثلاثين سنة، وهو تصرف بعد أبيه أكثر من خمسة عشرة سنة لا يعلم له ولا لأبيه من قبله معارض في أرض وقف، ويضع ما عليه لجهة الوقف، وفي القرية رجلان أحدهما نازل معه في الدار، والآخر في البلد لم يسمع منها ذكر لهذا الزيتون، وشاهدان التصرف فيه بالحرث والجذاذ ونحوهما، ولا يحصل منهما معارضة بوجه، والآن هذان الرجلان المذكوران يدعيان شركة في هذا الزيتون تلقيانها عن أبوهما، فهل يجابان بدعواهما مع أن المتصرف في الوقف مقر للرجل المذكور؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن من أقوى أدلة الملك اليد، ولا سيما مع التصرف تصرف الملاك ولا سيما مع مشاهدة الرجلين المذكورين وقربهما، وعدم معارضتهما فدل ذلك على عدم الملك لهما إذ لو كان لهما به علاقة لما صبرا هذه المدة فدلت قرينة الحال والعرف، وشهد العقل بحسب ما جرت به العدة أنهما لا علاقة لهما سلمنا، ولكن إعراضهما هذه المدة، وتقرير المتكلم على الوقف له يدل أن الحق في الزيتون لواضع اليد لاحتمال أنه للوقف فبإعراضهما هذه المدة زالت يدهما، وثبت الحق لواضع اليد مع أن الدعوى بعد خمسة عشرة سنة لا تسمع حيث نص مولانا السلطان على عدم سماعها للقاضي، وأيضا لو شهد لواضع اليد

مطلب رجل له مصبنة برملة فلسطين إلخ

شاهدان بالملك لمشاهدة التصرف من غير معارض قبلت شهادتهما والله أعلم. مطلب رجل له مصبنة برملة فلسطين إلخ (سئل) في رجل له مصبنة برملة فلسطين أرسل إلى رجل ذمي تمسكا بأن يفتح المصبنة، ويتسلم من الناس نقودا أو غيرها، ويشتري زيتونا وقليا وما تحتاجه المصبنة من الصنايعية والجفت وغير ذلك، ثم مات الرجل الآذن فهل يصدق هذا الذمي في كل ما يدعي أنه استلمه من الناس ووجد في المصبنة طنجتان من الصابون لما مات الميت نزل من طرف الشرع الشريف جماعة لضبط مخلفات الميت، وضبط ما في المصبنة من القلي والشيد والصأبون فضبطوا الطبختين باسم الميت والذمي يشاهد ذلك بلا معارض، ثم الآن يدعي أنهما له فهل يسمع قوله بلا حجة؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن للميت شواهد ظاهرة وشواهد باطنة والباطل كذلك، فسكوت الذمي وعدم معارضته وقت الضبط من الشواهد الدالة على باطله؛ لأن من له حق لا يسعه السكوت عليه وقت ضرورته، وكون دعواه تسمع بلا حجة أشد في دعوى الباطل الذي تنظر فيه الحكام والمجتهدون بنور رباني وتوفيق صمداني، والشواهد التي تبين الحق وتزهق الباطل هي الشهود العدول المؤمنون الصادقون الخالون عن الشبهة والزيغ عن الحق، فإن أقام الذمي شهودا عدولا موصفين بما ذكر، ونظر في هذا الأمر الحاكم بنور الله لتعلقه بميت وقاصر مع ما وقع من الذمي من القصور حكم له بذلك، وأما مجرد قوله: فلا يصغي إليه عند أحد من المسلمين ولو كان المدعي من خيار المؤمنين فلا يصغى لقوله بلا حجة، فما بالك بالكافرين الذين كذبهم الله ورسوله والله أعلم. مطلب امرأة رأت على رأس بنت سربندا إلخ (سئل) في امرأة رأت على رأس بنت سربندا فادعت معرفته لضياعه مع أسباب أخر، ثم مضى على ذلك ما يزيد على خمسين سنة بحيث إن البنت صارت عجوزا ولها أولاد ذكور شيب، والآن وقع النزاع بينها وبين مدعية السربند المذكور وتريد إقامة شاهد لم يبلغ من العمر هذه المدة يريدان يشهدان السربند الذي كان على رأسك يا فلانة هذا الفلانة فإن شهد ألزمتهم بجميع الضائع، فما الحكم الشرعي في هذه الدعوى؟ (أجاب) هذه الدعوى أن الدعوى إن عرضت على قاض الجنة حكم فيها بأنها باطلة بلا شك، وكان الشاهد ممن استوجب النار والعار وغضب الجبار، فأين شهادته مع قوله صلى الله عليه وسلم: على مثلها أي الشمس فاشهد. فهل شهد بذلك وهو في صلب أبيه أو في ظهر إبليس، لأنه ربما كان من نسله فهذه الدعوى باطلة من وجوه: أحدها: لا بد من حضور المدعي به المشتبه بغيره وأين هو. الثاني: عدم وجود الشاهد في ذلك الزمان. الثالث: كونها تريد الإلزام بجميع السرقة وهو باطل أيضا. الرابع: إعراضها هذه المدة، ثم دعواها المشعر ذلك

مطلب في قرية بعض أراضيها ميري للسلطان

ببطلان الدعوى فليتق الله المدعي قبل أن تحل به البلوى. الخامس: أن القاضي لا يسمع الدعوى فيما فوق خمسة عشرة حيث منع ذلك من سماعها السلطان نصره الملك الديان والله أعلم. مطلب في قرية بعض أراضيها ميري للسلطان (سئل) في قرية بعض أراضيها ميري لحضرة السلطان نصره الله تعالى، وبعضها وقف أهلي على أناس معلومين قام بعض المستحقين أستأجر أرض الميري، واستولى على أرض الوقف مع جملة أرض الميري مدة تزيد على ثمانية عشر سنة ولم يدفع للمستحقين للوقف شيئا، ثم توفي وترك ميراثا وورثاء، فهل للمستحقين مطالبة الوارث بريع أرض الوقف المذكورة التي استولى عليها مورثه بغير حق أو لا؟ (أجاب) لا ريب أن جميع ما استولي عليه الميت من حصة الوقف يكون دينا في ذمته يستوفى من تركته مقدما على الإرث؛ لأنه لا إرث إلا بعد وفاء الدين فيحتسب جميع ما أخذه ويدفع لأهل الوقف على حسب استحقاقهم في الوقف عليه موجب شرط الواقف، ويجب على المتولي على التركة وفاء ذلك الدين منها تخليصا لروح ميته من الحبس لخبر: "نفس المؤمن مرهونة أي محبوسة عن مقامها الكريم بدينه حتى يقضي عنه" ولا يجوز له التصرف في شيء من التركة حتى يقضي ما عليه من الدين والله أعلم. مطلب رجل مات عن ورثة ترك ما يورث إلخ (سئل) في رجل مات عن ورثة ترك ما يورث عنه شرعا فسأل أحد المستحقين فقيل له: جميع مخلفاته وقف لا تستحق فيه الإناث فاعتمد قولهم أحد أولاده البنات فلم يخاصمهم لاعتماده على قولهم، ثم ظهر أن العقارات ملك لا وقف، فهل لمن له استحقاق في الميراث أن يطالبهم بحصة من ميراثه لكونه ملكا وبيع بعضها من أحد المستحقين وإن طالت المدة؟ (أجاب) حيث كان المخلف عن الميت ملكا له فلا عبرة بقول القائل: إنه وقف المجرد عن البيان فلمن له حق فيه أن يطالب بحقه الواجب له بحسب الميراث الشرعي، ولا عبرة بطول المدة؛ لأن طولها لا يسقط حقا ولا سيما مع وجود العذر المذكور، وهو قول الوقف الذي ظن به عدم الاستحقاق والله أعلم. مطلب رجل مات فادعى رجل آخر على وارثه إلخ (سئل) في رجل ميت يدعي رجل آخر على وارثه أنه دفع له دراهم ليخرجها على زيت، وليس له بينة تشهد له بالإخراج ولا بعدمه فما حكم الشرع في ذلك؟ (أجاب) حيث أثبت الرجل الدافع دراهمه فلا يلزم الوارث إلا يمين أنه لا يعلم أن مورثه أخرج هذه الدراهم على زيت، فإن علم الوارث أنه أخرجها على زيت عرفه من أخرج له الدراهم، ويثبت بذلك ويلحقه صاحب المال والله أعلم. مطلب رجل متصرف في نصف قيراط في بلد إلخ (سئل) عن رجل متصرف في نصف قيراط في بلد، ثم باعه لآخر بيعا باتا بثمن معلوم وقبض ثمنه، ثم مات البائع فادعى وارثه عدم البيع، فهل إذا أقام المشتري بينة بذلك يقضى له بالنصف المذكور، ويمنع المدعي من معارضته؟ (أجاب) إن أقام المشتري البينة الشرعية أنه

مطلب امرأة معها حجة شرعية كتبت في محكمة بيت المقدس إلخ

اشترى النصف المذكور وعمل بها شرعا، ومنع المدعي من معارضته بعد ذلك؛ لأن تصرفه فيه هذه المدة التي تقرب من أربعين سنة أقوى دليل على صحة البيع، ولا سيما مع عدم المعارضة والمنازعة في المدة المذكورة، ومع وضع يده عليه، والله تعالى أعلم. مطلب امرأة معها حجة شرعية كتبت في محكمة بيت المقدس إلخ (سئل) عن امرأة معها حجة شرعية كتبت في محكمة بيت المقدس حرسها الله تعالى بشراء دار من رجل ملكتها بحجتين شرعيتين ثابتتين، فهل لمن باع بموجب حجة للبائع أن يعارض المرأة المشترية من بائعه، ويضرها بالترفق بالحكام وغرم المال؟ (أجاب) لا ريب أن أذية الناس بالسعي للحكام وغيرهم حرام شديد الحرمة، بل كبيرة من الكبائر يزجر فاعلها ويصد ويمنع ويثاب ولي الأمر أيده الله تعالى بذلك، ولا سيما عن مثل هذه المرأة الضعيفة لقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في الضعيفين المرأة والمملوك". وإذا ظهر لولي الأمر من المدعي العناد ودعوى الفساد عزره بما يليق به بين العباد لخبر "لإقامة حد في الأرض خير من أن تمطر الأرض أربعين صباحا" فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى ربه الكريم منتقل وصاير إما لغضبه وناره التي ترمي بشرر كالقصر كأنه جملات صفر: {يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} وإما إلى الجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. تنال بالتقوى والمرحمة ودفع الضرر عن عباد الله تعالى، وإقامة شعائر الله تعالى فسعيد من دخلها والشقي من حرمها، والله بصير بالعباد فلا يدعي هذه الدعوى الباطلة إلا شقي ملحد موصوف بالطرد والإبعاد والله هو الموفق للرشاد. مطلب أخوين بينهما مال مشترك ولكن إلخ (سئل) في أخوين بينهما مال مشترك، ولكن أحمد يدعي أن البقر وهي اثنا عشر رأسا هي أولاد البقرة اشترتها زوجته علياء من عمها صالح، ويدعي أن حصته من الغنم لأولاده أخذوها من أجرة رعيهم للغير وحمد الله أخوه+ أخوها يشهد لها بشراء البقرة المذكورة، فما حكم الشرع الفاصل بينهما؟ (أجاب) جميع ما بيديهما مما ورثاه أو اكتسباه يقسم بينهما نصفين، وأما البقرة التي لها فإن إقامة علياء زوجة الأخ شاهدين عدلين أو شاهدا ولو كان أخاه المذكور عدلا، وحلفت معه يمينا على صدقه وأنها اشترت البقرة وحدها من مالها لنفسها أخذت البقر الاثنى عشر وأولاد أحمد أن أقاموا شاهدين كذلك أوشاهدا ويمينا على ما عينوه من الغنم أخذوه، وما صرفه أحمد على البقرة وأولادها يرجع به على الزوجة، فإن كان من المال المشترك يرجع عليه أخوه بالنصف وما عدا ذلك يقسم بينهما نصفين هذا ما شهدت به نصوص الشرع القويم. اهـ. مطلب رجل تكررت منه الشكايا على آخر بدعاوى غير صحيحة إلخ (سئل) في رجل تكررت منه الشكايا على آخر بدعاوى غير صحيحة لا أصل لها قاصدا بذلك تغريمه وإيذائه، ولا بينة له

مطلب بلدة وقع فيها خوف فجاء لامرأة أبوها إلخ

على دعواه ومنعه الحاكم الشرعي من معارضته بالوجه الشرعي بحجة شرعية، والآن يريد الدعوى لأجل ضرره وأذيته، فهل القضية إذا فصلت بالوجه الشرعي، وأراد الخصم نقض الدعوى وإعادتها لا تعاد، ولا تسمع ما الحال؟ (أجاب) لا ريب أن أذية الخلق ولو ذميا لا يجوز، والدعاوى الباطلة كبيرة من الكبائر؛ لما فيها من الوعيد الشديد، ففي الحديث: "من ادعى بما ليس له فليتبؤ مقعده من النار". صرح بذلك ابن حجر في الزواجر، ومثل ذلك الخصومة بباطل زور، وقال غريب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفي بك أن لا تزال مخصما". والبخاري: "أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". أي كثير الخصومة، ومثل ذلك المخاصمة بغير علم، بل إذا ظهر للحاكم الشرع أيده الله تعالى عناد الخصم وبطلان دعواه، وكثرة خصامه عزره؛ لأن له أن يعزر على كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وقد علمت أن ما ذكر معاصي عديدة، والله تعالى أعلم. مطلب بلدة وقع فيها خوف فجاء لامرأة أبوها إلخ (سئل) في بلدة وقع فيها خوف فجاء لامرأة أبوها ليخرجها منها فخرجت معه، ومكثت نحو شهر ورجعت لزوجها، ثم مات أبوها، ثم ماتت هي وادعى زوجها أنه يوم ذهبت مع أبيها كان معها مال لها عده لها، ويوم رجعت أخبرت أنه بقي عند أبيها، فهل للزوج طلب على ولد أب الميت بما ذكرا؟ (أجاب) ما ذكر لا يثبت به حق، وإنما هو حكايات لا تصلح مستندا شرعيا، نعم للزوج تحليف ولد الأب أنه لا يعلم أن أباه أخذ من ابنته مالا، فإن أقر له بشيء، أو أقام عليه بينة شريعة بما علمته أو رأته أن البنت التي هي زوجة الرجل دفعت لأبيها كذا، وبقي عنده حتى مات وخلف تركة لزوم ولده وفاؤه، والله تعالى أعلم. مطلب رجل استدان دراهم واشترى لنفسه أمتعة إلخ (سئل) في رجل استدان دراهم، واشترى لنفسه بحضرة جماعة أمتعة من فرش وبسط ومخد، وغير ذلك ووضعها في بيته للتجمل فصار بين الزوج والزوجة مشاجرة ومخاصمة فأراد الزوج أخذ أمتعته؛ ليبيعها ويوفي ديونه فمنعته وادعت أن ذلك ملكها وهي مما تصلح لهما، فهل القول قولها، أم قوله؟ (أجاب) حيث أقام الزوج على الأمتعة بينة أنها له قضي له بها، وإن لم يقم بينة تحالفا، وجعل بينهما نصفين، وإن حلف أحدهما دون الآخر قضي له بما حلف هذا نص الشافي والجمهور، والله تعالى أعلم. مطلب رجل بيده زيتون يستغله تلقاه عن أبيه إلخ (سئل) في رجل بيده زيتون يستغله تلقاه عن أبيه عن جده من نحو سبعين سنة، والآن برز له رجل من أهل البلد يدعيه مع مشاهدته للتصرف، ويريد أن يقيم شاهدا يشهد بأن هذه الأرض ليس فيها زيتون لغير أهلها فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) وضع اليد والتصرف من أقوى الأدلة الشرعية على الملك ولا سيما مشاهدة الرجل المدعي للتصرف وسكوته عليه هذه المدة المذكورة على أنه لا تسمع الدعوى بعد خمسة

مطلب امرأة اشترت جارية من آخر بثمن معلوم إلخ

عشرة سنة حيث نص السلطان نصره الرحمن على منع القضاة من ذلك على أن هذه الشهادة لا تقبل ولا تنافي ثبوت الملك فيما بعد ذلك؛ لأن الملك ينتقل في اللحظة الواحدة فعهد الشاهد فيما مضى منقوض فيما بعد ذلك بانتقال الملك إلى المتصرف الدال عليه وضع اليد والتصرف، والله تعالى أعلم. مطلب امرأة اشترت جارية من آخر بثمن معلوم إلخ (سئل) في امرأة اشترت جارية من آخر بثمن معلوم، ثم بعد مدة ادعت الجارية أنها حرة وظهرت كذلك، فهل حيث لم يثبت البائع أنها رقيقة فلا يصح بيعها إذ الحر لا يدخل تحت اليد، والقول قولها في دعوى الحرية لتمسكها بالأصل، وترجع المشترية على بائعها بالثمن؟ (أجاب) حيث ادعت الجارية أنها حرة الأصل، ولم يسبق منها إقرار برق حال تكليفها، ولم يحكم برقها حال صفرها حلفت فقصدت بيمينها الأصل؛ لأن الأصل الحرية وعبارة المنهج مع شرحه: ولو ادعى رق غير صبي ومجنون مجهول نسب ولو سكران، فقال: أنا حر أصالة حلف فيصدق؛ لأن الأصل الحرية، وعلى المدعي البينة وإن استخدمه قبل إنكاره، وجرى عليه البيع مرارا وتداولته الأيدي وخرج بدعواها حرية الأصل ما لو قالت: أعتقتني أو أعتقني من باعني منك فلا تصدق بغير بينة انتهى، فإذا حكم بحريتها بعد اعتبار ما ذكر كان للمشترية الرجوع بالثمن كما ذكره في المنهج وغيره والله تعالى أعلم. مطلب رجل له في كرم زيتون ستة عشر قيراطا إلخ (سئل) في رجل له في كرم زيتون ستة عشر قيراطا وللآخر الباقي غاب صاحب الثلثين عن بلده مدة ثلاثين سنة، ومعه ولد صغير فمات الأب في غيبته عن ولده المذكور، فجاء لبلدة أبيه ليتصرف في الحصة الموروثة له في الكرم، فمنعه واضع اليد وادعى أن جميع الكرم ملكه وملك أبيه، وواضع يده عليه وليس له ولا لأبيه حق فيه، فهل إذا أقام المدعي بينة أن الحصة ملك لأبيه لم تخرج عن ملكه مات عنها وتركها ميراثا تسمع دعواه، وتقبل بينته وتكون الغيبة من الأعذار المانعة، ويمنع واضع اليد المتعدي لكونه بلا برهان؟ (أجاب) نعم تسمع دعوى الابن بالثلثين في الزيتون، ولا عبرة بوضع اليد ولا بينة الواضع يده على الحصة المقتضية للملك بوضع اليد؛ لأن الابن خارج، وبينته مقدمة ودعواه مسموعة وغيبته عذر وأي عذر، والله تعالى أعلم. مطلب جماعة قاصدين بلدهم إلخ (سئل) في جماعة قاصدين بلدهم لقيهم جماعة قاصدين رجلا يقال له شلش، والحال أن المسمى بشلش رجلان أحدهما بدير عمار، والآخر بشقبي+ فسألوهم عن بلد شلش فقالوا لهم: سيروا معنا ظنا منهم أن مرادهم شلش الذي بدير عمار فساروا معهم إلى أن دخلوا دير عمار فأقاموا بها أربعة أيام، ثم خرجوا من دير عمار ففي أثناء الطريق لقيهم قطاع الطريق فأخذوا ما معهم من البقر فادعوا على الجماعة الذين سألوهم أنهم هم الذين أضاعوا بقرهم بسبب أنهم دلوهم على غير الذي أرادوا التوجه له، وهذه الدعوى تزيد على

مطلب في معنى اشتهر أن الدعوة لا تسمع بعد مضي خمسة عشرة سنة إلخ

عشرين سنة فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) هذه الدعوى لا تسمع لوجوه كثيرة: أحدها: أن دعوى السبب لا تسمع. الثاني: أنهم ما استولوا على بقرهم. الثالث: أنهم أخبروهم على ظن هم فيه صادقون؛ لتعدد شلش المسئول عن بلده، فالخطأ من السائلين إذ لم يبينوا أي شلش يريدون. الرابع: أنهم بإقامتهم في دير عمار حصل لهم الضرر من النهب والدمار، فهل ساروا في الوقت والساعة لشقبا لتبيين الحال لهم. الخامس: أنهم خرجوا منها لشقبا، ثم حصل لهم النهب. السادس: أن الدعوى بعد خمسة عشرة سنة لا تسمع فأذعن للحق إن كنت ممن آمن وشكر، وإلا تلحق بمن طغى وكفر، والله تعالى أعلم. مطلب في معنى اشتهر أن الدعوة لا تسمع بعد مضي خمسة عشرة سنة إلخ (سئل) في معنى اشتهر أن الدعوة لا تسمع بعد مضي خمسة عشرة سنة؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن حق الخلق لا يسقط بمضي الزمن ولو ألف عام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا". قاله في يوم عرفات وعلى من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدفع ما عليه من حقوق العباد؛ كي لا تبقى روحه محبوسة عن مقامها؛ لما ورد في الحديث الشريف. وإنما المعنى المذكور وهو عدم سماع الدعوى في ذلك إنما مشاع من طرف السلطان نصره الرحمن من منع القضاة أن يسمعوا دعوى فيما زاد على خمسة عشر سنة رفعا بالنزاع، ولأجل حسن النظام، ولكن هذا مشروط بأن ينص السلطان للقاضي على ذلك، فيصير ليس له حكم فيما زاد لأنه بالنسبة إليه كالمعزول فله أن يعرف المدعى عليه بوجوب الحق عليه كالعالم والمفتي، وليس له إلزامه، فإن أردت طريق الجنة دفعت ما عليك من حقوق الخلق، وإن سلكت طريق النار فلا تأمن من العار، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل له على آخر زيت سلم إلخ (سئل) في رجل له على آخر زيت سلم وللرجل ثلاثة أرباع بدو أرض جناين وضع يده عليها المسلم تحت ما له من الزيت قهرا، ثم تصالح معه على ربع من البدو له سابقا ربع، فصار له النصف وبقي واضعا يده على الأرض، ثم مات المسلم إليه، ويدعي المسلم أن الصلح ما صار إلا على الأرض وربع البدو كان منتصرا بأقاربه، ثم افتتن معهم وخاف على الأرض فجاء الرجل وقال له: هذه الأرض لأولاد فلان قل لهم يأتون لي يبيعون لي هذه الأرض، ثم إنه أنكر هذا القول، فهل إذا شهد عليه هذا الرجل بما جرى منه، وحلف أولاد الرجل معه يقضى له بالأرض، ولا يفيده ما يتعلل به سابقا على الإقرار؟ (أجاب) حيث وجد الشاهد بصفة العدالة وشهد على الرجل الواضع يده على الأرض بأنه طلب من الورثة أن يبيعوه الأرض قبلت شهادته، ولكن يحلف كل من الورثة يمينا على صدق دعواه وشاهده، ويقضى لهم بالأرض، والله تعالى أعلم. مطلب رجل مفقود عليه ديون إلخ (سئل) في رجل مفقود عليه ديون حالة للغرماء، وله ديون على الناس

مطلب في أخت معاملة لأخيها فاجتمع لها عليه مبلغ إلخ

فهل لحاكم الشرع الشريف إذا ثبت عليه ماله من الديون، وعليه منها أن يستوفي ماله ويدفعها لأرباب الديون التي عليه أو كيف الحال؟ (أجاب) لا ريب أن القضاء على الغائب جايز في غير عقوبة الله تعالى إن كان للمدعي حجة ولم يقل هو الغائب مقر وعبارة المنهج وشرحه: وللقاضي نصب مسخر بفتح الخاء المعجمة المشددة ينكر عن الغائب؛ لتكون الحجة على إنكار منكر، ويجب تحليفه أي المدعي يمين الاستظهار بعد إقامة حجته أن الحق عليه يلزمه أداؤه، ثم قال: وإذا حكم الغائب بماله وله مال في عمله قضاه منه لغيبته انتهى. قال ابن حجر: وله مال ولو كان دينا ثابتا أي: فللقاضي أن يوفي من الدين الثابت للغائب دينه الثابت عليه، والله تعالى أعلم. مطلب في أخت معاملة لأخيها فاجتمع لها عليه مبلغ إلخ (سئل) في أخت معاملة لأخيها فاجتمع لها عليه مبلغ فطالبته فدفع لها عجلة بحصة من المبلغ الذي عليه، ثم ماتت وخلفت ورثة، والآن يدعي أن العجلة تحت يديها أمانة والورثة يدعون أنها بيع، ومع كل بينة تشهد له بما يدعيه فمن تقدم بينته؟ (أجاب) بينة مدعي الشراء مقدمة على بينة مدعي الأمانة؛ لأن لا ولي معها زيادة علم، ولا تنافي بين البيع والأمانة؛ لأنه يمكن إن يضعها أمانة، ثم يبيعها لها، والله تعالى أعلم. مطلب في امرأة معها مصاغ دفعه لها أبو زوجها إلخ (سئل) في امرأة معها مصاغ دفعه لها أبو زوجها وأمه ينازعه فيه سلفها، فهل إذا شهد بينة شرعية بدفع ما ذكر لها ذلك من صداقها، فهل يمنع سلفها من نزاعها؟ (أجاب) نعم إذا أقامت المرأة المذكورة شاهدين أو شاهدا وحلفت معه يمينا بأن حماها وحماتها دفعا ذلك لها من صداقها امتنع على سلفها نزاعها، ورد عنها ردا جميلا والأخذ أخذا وبيلا، وكفى بالله وكيلا، والله تعالى أعلم. مطلب رجل تلقى أشجار زيتون عن أبيه وجده إلخ (سئل) في رجل تلقى أشجار زيتون عن أبيه وجده لم يعرف له منازع منذ خمسين سنة، والقرية تيمارية، والمتكلم عليها يقره على ذلك، والآن أهل البلد يدعون أنه تابع للبلد ويكون سوية بينهم، هل تسمع دعواهم وفيهم رجل يقول: إن هذا الزيتون لأهل البلد يأخذ منه حصته؟ (أجاب) دعوى أهل البلد المذكورة لا تسمع لأمور منها: أنهم غير واضعين اليد، ومنها أنهم لم يعينوا أنها مملوكة لهم، ومنها عدم معارضتهم هذه المدة المذكورة، ومنها أن الدعوى بعد خمسة عشرة سنة لا تسمع بناء على منع القاضي من السلطان بعدم سماعها فما فوق ذلك، ومنها أن البلد للمتكلم عليها من طرف السلطان نصره الرحمن وهو مقر للرجل على ذلك هذه المدة حتى لو فرضنا أنها لم يكن لها مالك، وأقر المتكلم على البلد الفلاح عليها صارت من علائقه، ليس لأهل البلد معه كلام، ومنها أن أخبار الرجل لا يعمل به حق ولو أداه بلفظ الشهادة لا تقبل؛ لأنه شريك، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تخاصم مع جماعة فشكاهم إلخ (سئل) في رجل تخاصم مع جماعة فشكاهم إلى حاكم السياسة فعين عليه من طرفه معينا،

مطلب في أرض من أراضي بيت المال بها محل خرب إلخ

فلما مثلوا بين يديه أتاهم أناس غيرهم فلم يثبت عليهم عند حاكم الشرع ومنعه حاكم الشرع عنهم، ثم ادعى أنه دفع أجرة الطريق للمعين، ثم رفع المتهومين إلى حاكم الشرع فقال لهم: أعينوه لأجل الصلح بينهم، فهل يلزمهم ذلك شرعا؟ (أجاب) حيث كان الرجل في دعواه مبطلا، ولم يثبت ما ادعاه على المدعى عليهم فأجرة المعين لازمة له؛ لأنه مبطل ومتعد، وليس للقاضي إلزام المدعى عليه بذلك، ولا أمره له بالدفع؛ لأنه خلاف الشرع لما علم مما ذكرناه،، والله تعالى أعلم. مطلب في أرض من أراضي بيت المال بها محل خرب إلخ (سئل) في أرض من أراضي بيت المال بها محل خرب لم يعهد له عمارة من أحد من الناس، وإنما يقال: إنه من قسم بداح بن رباح وسلامة بن إبراهيم الطارش وحسين بن رباح ومرتضى بن سرور وحسن المهر فحسن المهر وإبراهيم الطارش وكلا بداحا في بيع تلك الأرض الخربة، ثم إن المذكورين باعوا الأرض المذكورة من عبد الكريم بوكالة حسن المهر وإبراهيم الطارش لبداح، ومات حسن المهر وإبراهيم الطارش وأولادهما يدعيان عدم البيع والوكالة، ومكث الرجل في حياتهما نحو خمسة عشرة سنة يعمر الأرض بالحرث والزرع من غير معارض له فيها ولا منازع لا من الطارش ولا من حسن ولا من غيرهما ممن ذكر وغيرهم، ولم يعهد للمذكورين ولا لغيرهم بها حرث ولا زرع، فهل لأولاد الطارش وأولاد حسن معه منازعة لكونهما يدعيان عدم البيع والوكالة؟ (أجاب) هذه الأرض إنما يحصل الاختصاص بها بالعمارة فحيث لم يوجد لمن ذكر بها عمارة من زرع ولا غرس فلا حق لهم في الأرض بوجه، فلا منازعة لهم ولا لغيرهم لهم نزاع؛ لعدم ثبوت حق لهم في الأرض ورفع يدهما كان لدفع شرهما ونزاعهما والرجل ملك الأرض بالعمارة؛ لأنه حققه بالعمل سيما مع مشاهدات الميت والوارث للعمارة ولم يعارضوه ويدفع ما عليها للمتكلم عليها من قبل السلطان، والله تعالى أعلم. مطلب في حاكورة تلقاها وارث عن مورثه إلخ (سئل) في حاكورة تلقاها وارث عن مورثه بموجب حجج شرعية بملكيتها، ولها حدود أربع من القبلة والشرق والشمال والغرب، ثم قال في الحجة بجميع حقوق ذلك كله وطرقه وجدره ومنافعه ومرافقه واستطراقاته، وما يعرف به وينسب إليه حق له ذلك شرعا داخلا في وفي الحاكورة قبو سفلي تحت أرضها داخل في حدودها، فهل يكون داخلا في البيع أو لا؟ (أجاب) لا يخفى على كل من له نظر قويم في الشرع العظيم أن جميع ما دخل في هذه الحدود داخل في ملك المالك حتى الهواء الصاعد والعمق النازل إلى سبع أرضين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "من غصب قيد شبر من أرض طرقه من سبع أرضين فما عوقب الغاصب إلا بما غصبه وهو مقدار الشبر إلى الأرض السابعة". فهذا القيد داخل في البيع قطعا حتى

مطلب في يتيم بلغ بالحلم والسن وله أم وإخوة إلخ

ما حاذاه من الأرض السابعة فهو داخل في البيع قطعا حتى يوجد ما يمنع ذلك بالحق الذي ثبت السماوات والأرضون وما بينهما عليه قال تعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق}، والله تعالى أعلم. مطلب في يتيم بلغ بالحلم والسن وله أم وإخوة إلخ (سئل) في يتيم بلغ بالحلم والسن وله أم وإخوة وأهل وأقارب، ولم يرض بمعيشتهم، فهل يجوز له مفارقتهم والارتحال عنهم لطلب المعيشة، وهل يجوز لهم منعه والحجر عليه وإذا قلتم لهم ذلك بأي وجه؟ (أجاب) حيث كان بالغا عاقلا ولا ريبة فله التوجه حيث أراد، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل أخذ وظيفة عن إنسان إلخ (سئل) في رجل أخذ وظيفة عن إنسان من غير وجه شرعي، ثم فرغ عنها لآخر، وأخذ نظير الفراغ قدرا معلوما ثم ذهب صاحب الوظيفة الأصلي إلى الدولة العليا فأعيدت وظيفته عليه، فهل للمفروغ له أن يرجع على الفارغ بما أخذه من المال؟ (أجاب) حيث إن الرجل كان أخذ الوظيفة من غير وجه شرعي كان فراغه لم يصادف محلا، وأخذه المال باطل؛ لعدم استحقاقه للوظيفة فوجب عليه رد المال لمالكه لما علم؛ لأن مالك المال لم يبذله له مجانا، بل لأجل الفراغ الصحيح ولم يوجد فهو كبيع غير المملوك، والله تعالى أعلم. مطلب في شريكين تفاسخا عقد الشركة إلخ (سئل) في شريكين تفاسخا عقد الشركة وكتب بينهما حجة شرعية بمعرفة حاكم الشرع وحكمه بأنه لا يستحق أحدهما قبل الآخر حقا مطلقا من سائر المعاملات من القيم والمثليات وأبرأ كل منها صاحبه إبراء عاما، ثم إن أحدهما يريد الدعوى على صاحبه تعنتا وبغضا وإضرار له وتغريما للمال بغير مسوغ شرعي له في ذلك، فهل للحاكم منعه من باطله وزجره وتنكيله؟ (أجاب) حيث ظهر لمولانا الحاكم أيدت أحكامه من الخصم العناد منعه وزجره عن غيه وباطله، فإن لم يفد فيه ذلك أدبه بما يليق به؛ لأن منصبه منع الخصام وإقامة الاحكام وقمع اللئام ونصر الكرام؛ ليحصل بذلك حسن النظام في الدنيا ودار القيام، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل دلال للمسلمين وغيرهم دفع له رجل ذمي إلخ (سئل) في رجل دلال للمسلمين وغيرهم دفع له رجل ذمي بغمة ليبيعها له فظهرت أنها مأخوذة بالسرقة بعد بيعها لرجل مصري، فرجع المصري على الدلال بالثمن، فهل للدلال الرجوع على الذمي بالثمن، وإذا امتنع من الدفع فهل لحاكم العرف تعزيره بما يليق وإذا كتب عليه حجة لكونها بالقهر والجبر يعمل بها؟ (أجاب) نعم له الرجوع عليه بالثمن فإن دفع بنفسه فذاك وإلا رفعه الدلال لحاكم الشرع ليأمره بعد الإثبات بالدفع، فإن امتثل لحكم الشرع كان له ذمة وعهد وإلا فلا ولحاكم العرف أيده الله تعالى زجره وتنكيله بما يليق بعناده وفساده، ولا يعمل بحجة مخالفة للشرع القويم، ولا سيما مع الإكراه المنابذ للشرع المتين، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل دفع لآخر اثنين وعشرين قرشا إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر اثنين وعشرين قرشا تحت ثمن زيت يأتي به له من البر فادعى الآخذ أنه أتى بالزيت

مطلب وقف على المسجد يقال إن به نبيا من الأنبياء إلخ

وضاع نهبا فهل تضيع الدراهم على مالكها؟ (أجاب) آخذ الدراهم ضامن لها لأنه أخذها لغرض نفسه؛ ليأتي بها بزيت ويأخذ ربحه، والآن أخذ الثمن المذكور وهو نظير أخذ المتاع للسوم وهو مضمون فكذا هنا، فعليه غرمها ضاعت أو سلمت، والله تعالى أعلم. مطلب وقف على المسجد يقال إن به نبيا من الأنبياء إلخ (سئل) في وقف على المسجد يقال: إن به نبيا عليه الصلاة والسلام في قرية خراب وللأرض معلوم، فكيف يعمل به شرعا؟ (أجاب) يجب على من تحت يده معلوم الأرض أن يدفع عن المسجد الموقوف ما يدفع عنه الضرر، مثل مرمة وكوة ونحو ذلك مما يحفظ عين المسجد لاحتمال عمارة القرية ولاحتمال مرور مصل أو قافلة بها، واحتراما لما فيها من النبي المعظم، فإن فضل شيء وأمكن عمارة القرية حفظ لها، وإلا عمل به أقرب مسجد إليها؛ لأن المساجد لله تعالى كلها، والله تعالى أعلم. مطلب في بلد عليها لوازم عرفية دفع رجل ما عليه إلخ (سئل) في بلد عليها لوازم عرفية دفع رجل ما عليه منها، وبقية أهل البلد نهبوا جملا ودفعوه في تلك اللوازم، فهل على الرجل الدافع ما عليه من ذلك الجمل شيء؟ (أجاب) لا شيء على الرجل من الجمل؛ لكونه دفع ما عليه ولم يستول على الجمل، وإنما يطالب به الآخذون له الواضعون أيديهم عليه، والله تعالى أعلم. مطلب في أقارب اتهموا في قتيل فنهب لهم المتهمون جمالا إلخ (سئل) في أقارب اتهموا في قتيل فنهب لهم المتهمون جمالا، ثم صار بينهم صلح فرجع بعض الجمال وبعضها لم يرجع، فهل لصاحب الجمل الذي لم يرجع طلب على أقاربه؟ (أجاب) ليس للرجل طلب بجمله على أقاربه؛ لأنهم لم يستولوا عليه، ولا عبرة بالتهم الباطلة، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل كان يأخذ من وقف الخليل عليه السلام إلخ (سئل) في رجل كان يأخذ من وقف خليل الرحمن قدرا معلوما يسمى استحقاقا، وذلك أن الوقف كان له فائض يصرف للفقراء والمستحقين، فرغ إنسان عن قدر من ذلك لآخر، وأخذ منه على الفراغ مالا، ثم منع جميع الاستحقاقات متول على الوقف؛ لضيقه عن ذلك، فهل الفراغ صحيح؟ (أجاب) الفراغ غير صحيح؛ لعدم تقرر ذلك على الفارغ والمأخوذ من باب الإحسان، والصدقة لا تملك إلا بالأخذ، والله تعالى أعلم. مطلب في ولد عليه ديون كثيرة فهرب من ذلك إلى الهند إلخ (سئل) في ولد عليه ديون كثيرة فهرب من ذلك إلى الهند، ورجل يدعي أنه وجد في دفتره على ذلك الولد دينا وله والد، فهل يطالب والده بشيء من الدين المذكور، والحال أن لا ملك في بلده أصلا كيف الحال؟ (أجاب) لا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يطالب الوالد المذكور بشيء من الدين الذي على ولده، وذلك بإجماع المسلمين؛ لأن الوالد لو قتل ولده لا يطالب بقصاص، فكيف يطالب بالدين اللازم له، فليتق الله تعالى الطالب المذكور؛ لأمور منها: عدم ثبوت دينه؛ لأن مجرد الدفتر لا يعمل به شرعا، ومنه عدم لزوم ذلك لو فرض ثبوته للوالد، ومنها أن الدين

مطلب في رجل توفي عن وظيفة إلخ

لا يلزم من غير كفالة ولا ضمان، ومنها أن الله تعالى أمر الولد بالإحسان إلى والده وهو من الإساءة؛ لثقل ذلك على النفوس، ومنها مخالفة ذلك للشريعة الغراء والملة البيضاء، ومنها عدم تسليط الشرع للغريم على الوالد المذكور إلا ان يوجد رجل ينابذ الشرع القويم فيخرج عنه إلى مذهب الشيطان الرجيم اللئيم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل توفي عن وظيفة إلخ (سئل) في رجل توفي عن وظيفة فقرر القاضي فيها ابنه الأهل لها، وتصرف فيها لمدة سنين يؤدي خدمتها على حسب الإمكان ويتناول معلومها من المتولي عليها، وكان والده تلقاها بالانحلال عن آخر بموجب تقارير شرعية، والآن يريد المتولي منع التصرف فيها يتعلل عليها بأنها حادثة ليست موجودة في دفاتر محاسباته، فهل يعمل بقوله وتلغى التقارير والتصرف في الوظيفة ومشاهدة ذلك، أو لا عبرة بقوله مع وجود التقارير والتصرف المذكورين، ويأمر الحاكم الشرعي المتولى المذكور بدفع معلومها من ربع الوقف، ويثاب على ذلك؟ (أجاب) حيث كان لهذه الوظيفة أصل، ويشهد له تصرف والد الميت ومن قبله، وقرر ابن الميت من له ولاية التقرير وجب على المتولى على ذلك الوقف دفع معلوم المقرر فيها، ولا عبرة بما تعلل به المتولى؛ لأنه لا يصلح مستندا شرعيا كما هو مقرر في الأصول والفروع، والله تعالى أعلم. مطلب عمن ذكر بسوء عند حاكم فطلبه إلخ (سئل) عمن ذكر بسوء عند حاكم فطلبه الحاكم فلم يجده، فأخذ ابن عمه عنه وغرمه مالا، فهل له الرجوع به على ابن عمه؟ (أجاب) لا رجوع له بما غرمه على ابن عمه المتهوم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه". فلا رجوع له إلا على ظالمه الآخذ لماله،، والله تعالى أعلم. مطلب في ولد نشأ في كنف أبيه إلخ (سئل) في ولد نشأ في كنف أبيه وكان يشتغل معه في أشغاله وأمر معاشه واكتسابه وغير ذلك، ثم مات الأب وخلف الولد المذكور وشقيقه له، والابن يدعي أن المخلف عن أبيه من كسبه فهل يعمل بقوله؟ (أجاب) حيث إن أصل المعمول فيه للأب كالمال والأرض والأشجار ونحوها فلا شيء للولد من جهة الكسب؛ لأنه متبرع به، والجميع يكون تركة للأب، ويقسم على الورثة بحسب الفريضة الشرعية حتى لو أثبت الابن ذلك بالوجه الشرعي أو صدقه باقي الورثة لما علم، وإن انفرد الولد بتحصيل شيء معلوم من جهة أخرى غير جهة الأب، وأقام عليه البيان الشرعي فهو له وإلا فلا عبرة بدعواه والحكم كما مر والله تعالى أعلم؟

مطلب أسباهي له ربع خربة ببراءة سلطانية له ولآبائه إلخ

مطلب أسباهي له ربع خربة ببراءة سلطانية له ولآبائه إلخ (سئل) في أسباهي له ربع خربة ببراءة سلطانية له ولآبائه بحسب تقرير السلطان نصره الديان لهم، والثلاثة أرباع وقف على خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، ودفاتر الوقف الشريف ناطقة بأن للأسباهي الربع والثلاثة أرباع لجهة الوقف الشريف، فهل يجوز لأحد ممن يتكلم على الوقف أن يعارض الأسباهي في ربعه المذكور ويضمه إلى الوقف؟ (أجاب) حيث ثبت بالوجه الشرعي أن مولانا السلطان زاده نصر الملك الديان أنه أقطع الأسباهي الربع المذكور لا يجوز لأحد من الناس أن يعارضه فيه بوجه لأمور: منها ما ذكر منها أن الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام لا يرضون نسبة هذا الأمر إليهم؛ لأن الله تعالى بعثهم لإصلاح الدين والدنيا، وليس لهم علاقة بأمور الدنيا، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "من غصب قيد شبر طوقه من سبع أرضين" فعلى ولي الأمر نصره الله تعالى أن يرد الحق لأهله، ويكون ذلك نصرة لأنبياء الله تعالى ورسله؛ لأن ذلك مما يرضون به وسيما أبو الأنبياء الكرام شيخ الرسل العظام أصل كل خير، ورأس كل هدى، ودفع كل ضرر وبلاء إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم إن اتبع ملة إبراهيم حنيفا، ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ومن ملة إبراهيم العدل والحق ونصرة المظلومين وردع المعتدي، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، والله تعالى أعلم. مطلب رجل قتل لإنسان فرسا بإقراره إلخ (سئل) في رجل قتل لإنسان فرسا بإقراره، ثم أتفق مع صاحبها على أن يحلف له ويسمي رجالا ليس لهم دخل في قتلها، فحلف وسمى رجالا بحسب ضلاله وزعمه، فألزم الرجل عند أقوام لا يؤمنون بيوم الحساب، بل نبذوا الحق وراء ظهورهم، واتبعوا أهوية أنفسهم فغرم كبير المسمين لصاحب الفرس حصة من قيمة الفرس، فهل ما ذكره صحيح مطابق للشريعة الغراء، وإذا قلتم لا فهل يجب على كل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينكر على الفاعلين كذلك، ويمنعهم من غيهم وضلالهم، وهل للكبير الغارم الرجوع على الآخذ منه أم كيف الحال؟ (أجاب) اعلم أن الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وتنبيها لأقوام غافلين، وأنزل عليه القرآن تبيانا لكل شيء ونجاتا للعالمين، وقال الله تعالى فيه: { ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وقال أيضا: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} وقال أيضا: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار إذا علم ذلك ظهر أن ما ذكره من براءة المقر، ومؤاخذة المقر عنه ليس من الشريعة الغراء من شيء، وأنه ضلال وبهتان وافتراء على الله تعالى، وحرمان

مطلب طائفة من النصارى لهم دير خارج بيت المقدس إلخ

ومنابذة للشريعة الغراء، وخذلان يجب على كل من يؤمن بالله ويوم الحساب منابذة القائلين بذلك، والعاملين به في كل وجه وباب؛ لأنه أمر مبتدع وفسق مخترع لا يقول به أحد من أهل الكتاب ولا من الجاهلية، وغيرهم من ذوي الألباب، ولا يساعده عقل ولا نقل في كتاب، فالله حسيب العامل به ومحمد صلى الله عليه وسلم خصيمه وقصميه، وكيف يحل لمالك الفرس أخذ هذا المال ممن لم يجن ولم يقترف الذنب والخطيئة، ويترك المقر والجاني فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهذا شيء يجب التنبه له غفل عنه الناس أجمعون، وهو أنهم إذا سمعوا بهذا الأمر تساهلوا فيه، ولم يبالغوا في إنكاره مع أنه من أعظم ما يجب إنكاره ومعارضة فاعله وإضراره؛ لأنه نقض للشريعة حكما، وإبطال لها نثرا ونظما فتأمل واعتبر أيها الخائن الخاسر المعادي لله في دينه، ولنبيه في شرعه وتبيينه فلا تجوز المطالبة بهذا المال ولا العمل به، ويجب رد ما أخذ من الرجل الكبير عليه، ويجب على كل ولي أمر من قاض أو حاكم المنع من العمل بهذا الأمر الفظيع القبيح الوضيع، وتخليص مال الرجل وإيصاله له فما مآل المبتدع لهذا الأمر، والمؤيد له عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا وبار ودمار وخيبة وخسار وغضب الجبار، ثم العار والمصير إلى النار وبئس القرار، والله تعالى أعلم. مطلب طائفة من النصارى لهم دير خارج بيت المقدس إلخ (سئل) في طائفة من النصارى لهم دير خارج بيت المقدس وجد به جماعة مقتولون، ولأحد المقتولين أخت ادعت أن المغرى عليهم وكيل الطائفة المذكورين بإغرائه لبعض من هو مشهور بقطع الطريق ونهب الأموال وقتل الأنفس فأرشى عليها ونفاها من القدس الشريف فخرجت وهي معلنة بدعواها المذكورة في الطرقات والأسواق والبنادر التي حلت بها، وأنه راودها عن نفسها فأبت فلذلك أغرى على أخيها، ومن معه، ثم ظهر رجل أقر على نفسه أنه قتل من ذكر ومن معه جماعة من المسلمين سماهم ذكر منهم رجلا خادما عند السادة الداودية، فأخذوا ينسبون إليهم بألسنتهم ما لا يليق بهم، ولا ينسب إليهم، فهل يترتب على قول النصارى وأخبار الرجل حكم شرعي؟ وإذا قلتم لا فهل للحاكم أيدت أحكامه تعزير الطائفة القائلين ما ذكر، ومنعهم من غيهم وضلالهم أوضحوا لنا ذلك بالأدلة الساطعة والأقوال اللامعة والحجة القاطعة والبراهين الجامعة؟ (أجاب) اعلم وفقنا الله تعالى وإياك أن أفسق الفاسقين الكافر، وكذلك المذكور من الفاسقين بموجب إقراره بقتل النفس المحرمة، وقد قال: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. قال البيضاوي: فتعرفوا وتفصحوا حال كونكم جاهلين

مطلب أرض اشتراها محمد بن عواد من عواد بن غانم إلخ

بحالهم فتصبحوا فتصيروا على ما فعلتم نادمين أي مغتمين على ما وقع منكم تتمنون أنه لم يقع، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجه: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه". ولو قبلت أخبار الفاسقين لم نثق بشيء من الدين. وقال صلى الله عليه وسلم: "علي مثلها أي الشمس فاشهد". وقد علمت ما وقع من الافتراء والكذب والزور والضلال والبهتان من الكفرة اللئام على سيد الأنام مع القطع بظهور المعجزة والبرهان، فما زادهم ذلك إلا الطغيان والله المستعان على أن دعوى المرأة الذمية على أهل دينها تقدح في قلب قاض الجنة تحقيق الظنة؛ لأن الإنسان ناصر لأهل دينه خاذل لغيره بالوضع كما هو مشاهد معلوم عليه أهل المنطوق والمفهوم لا يجوز العدول عنه إلى أوهام قوبلت بهذه لكانت كالدرة مع الجبل، فإقرار الرجل المسلم قاصر عليه، وقول الكافر لا يعول عليه ولو أقسم عليه أنهم لا إيمان لهم لو اطلعت عليهم وما هو عليه من القبائح لوليت منهم فرارا ولملئت رعبا وما لقيت لهم ذمة ولا عهدا، بل مكائد للمسلمين لا تعلم لها حدا ولكن رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين إذا علمت ذلك، وتحققت ما هنالك علمت أن الخائضين في أهل الإسلام ولا سيما المشايخ الأعلام والسادة الكرام، يجب على ولي الأمر أيدت أحكامه وأعلى في الخافقين نظامه أن يعزر أعداء الله ورسوله وأعداء أولياء الله وأهل الإسلام؛ لأن منصبه قمع اللئام وإقامة الأحكام بالأحكام، ورفع معالم الإسلام لأن مثل هذه السرية التي ليس فيها مرية ولو وقعت من أهل الإسلام لكان الواجب لهم التعزير والتحقير على هذا الأمر الخطير، فكيف بإخوان الشياطين فتنصب عليهم الحدود بحسب ما شرط من فتح البلاد بأمر الودود فنصر الله تعالى من كان للحق ناصرا، ولأهل الباطل قاهرا حتى يصح الإسلام به مفاخرا وعلى الدين الباطل ظاهرا، والله تعالى أعلم. مطلب أرض اشتراها محمد بن عواد من عواد بن غانم إلخ (سئل) في أرض اشتراها محمد بن عواد من عواد بن غانم وتصرف فيها في حياته نحو عشرين سنة، ثم مات عواد وورثه غانم ومكث نحو خمسة عشرة سنة، ثم موت غانم وله ورثة، ثم بعد موت غانم بنحو خمس سنين ادعى وارثها أن نصف هذه الأرض لهم مع عدم معارضتهم ومنازعتهم نحو أربعين سنة، فهل تسمع دعواهم والحال أن الأرض وقف على كليم الله تعالى موسى بن عمران على نبينا وعليه الصلاة والسلام؟ (أجاب) هذه الأرض لا تملك، وإنما الزراع لها له بها اختصاص وانتفاع، فلما وضع الرجل يده على الأرض هذه المدة فلا تسمع الدعوى عليه مع ذكر.

مطلب عن أرض وقف على ولي الله تعالى إلخ

وصار أحق بها من غيره فليس لأحد أن يرفع يده عنها قهرا، ولو أقام بينة مع مضي المدة المذكورة والتصرف المذكور المانع من المعارضة والله أعلم. مطلب عن أرض وقف على ولي الله تعالى إلخ (سئل) عن أرض وقف على ولي الله تعالى يقال له أبو نجيم وهو مدفون بأرض بادية ليس بها أحد، فهل لمن الأرض تحت يده أن يصرف معلومها في وجوه الخير كبناء بئر أو عمارة مسجد أو صرف للفقراء والمستحقين؟ (أجاب) نعم يجوز للرجل المؤمن بالله واليوم الآخر أن يصرف معلوم الأرض فيما جرت به العادة السابقة، فإن لم تكن عادة كان لمن الأرض تحت يده أن يصرف معلومها في وجوه الخير مقدما الأهم فالأهم كبناء بئر وعمارة مسجد وصرف لفقراء المسلمين، ويقدم الأشد احتياجا للمسلمين على غيره، والله يعلم المصلح من المفسد وهو أعلم. مطلب في رجل أذن له متول على وقف إلخ (سئل) في رجل أذن له متول على وقف في عمارة دكان من الوقف كان يسكنه فصرف عليه ستة عشر قرشا بإذنه، ثم مات المستأجر للدكان وخلف ورثة، ثم نزع الدكان منه، فهل له الرجوع عليه بما غرمه الميت من المال المذكور؟ (أجاب) هذا يسمى الآن في العرف خلوا وهو معمول به شرعا للحاجة الداعية إليه، ولوجود الإذن المقتضي له، وقد أفتى بذلك بعض المتأخرين فيجوز للورثة الرجوع على الناظر، ويجب عليه أن يدفع لهم من مال الوقف، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل فلاح خرج من بلده لأخرى وله فيها شجر وأرض إلخ (سئل) عن رجل فلاح خرج من بلده لأخرى وله فيها شجر وأرض وضع أهل البلد يدهم عليها في نظير ما يطعمونه لضيف ونحوه، والحال أنه يضع ما على الأرض للمتكلم عليها، فهل يجب عليهم رفع أيديهم عنهما وإن أكلوا شيئا غرموه؟ (أجاب) يجب عليهم رفع أيديهم عن أرضه وشجره وعليهم غرم ما أكلوه منهما، فإن امتنعوا من ذلك ألزمهم الحاكم أيدت أحكامه، فإن امتنعوا عزرهم بما يليق بهم وما ذكروه من الضيافة لا يعمل به بإجماع المسلمين؛ لأن ذلك إكرام من أهل القرية لنازلهم، وليس ذلك على الأرض والله أعلم. مطلب عن قرية من قرى بيت المقدس لزمها دية إلخ (سئل) عن قرية من قرى بيت المقدس عمرها الله تعالى لزمها دية رجل فهرب رجل ممن لزمته الدية، وقد صار عليهم كفلا فباع ما له في القرية الكفلاء، وسدوا ما عليه من الدية فهل البيع صحيح؟ (أجاب) هذا البيع باطل لعدم تسلط الكفلاء على مال الغائب شرعا، فيدفع ما عليه من معلوم الدية، ويرجع له ماله والله أعلم. (سئل) في أختين لهم قدر معلوم في الصرة الرومية بتقرير شرعي نزلت أحدهما للأخرى وقررت معلومها بتقرير شرعي، ثم نزلت هذه المرأة عن الحصتين لامرأة أخرى وقررها حاكم الشرع، وتصرفت في المعلوم نحو عشرين سنة، فأنهى رجل عن أحد الأختين وأخذ حصتها، وكتب لهم براءة بذلك على حسب أنهاه، فهل يعمل بالبراءة أو بتقرير القاضي

مطلب في مسجد قديم مهجور لا يصلي به أحد إلخ

السابق على تاريخ القاضي؟ (أجاب) لما نصب مولانا السلطان قاضيا عاما يتعاطى الأحكام كان كأنه السلطان؛ لأنه نائبه والنائب كالأصيل، فلما قرر القاضي المنزول لها صارت هي المستحقة للمعلوم، وما أنهاه الرجل للسلطان عن المعلوم، وقرره فيه لم يصادف محلا؛ لأن المعلوم له أهل على أن تقرير الخاص مقدم على العام كما صرحوا به والله أعلم. مطلب في مسجد قديم مهجور لا يصلي به أحد إلخ (سئل) في مسجد قديم مهجور لا يصلي به أحد من الناس إلا يوم العيد، وله أراض فوضع رجل من المسلمين يده عليه وعمره وصانه وهيئه للصلاة، فهل يجب على من تحت يده شيء من الوقف أن يدفعه للرجل المذكور؟ (أجاب) لا يخفى أنه يجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى الحساب صائر أن يسعى في عمارة المساجد، ويظهر شعارها، ويعلي منارها؛ قال تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمر لله مسجدا ولو مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة". فيجب على كل مسلم أن يدفع ما للجامع عنده من معلوم الوقف الواجب له شرعا، وعلى المسلمين جميعا إعانة الرجل على العمارة، وخلاص الحق من أهله؛ ليحصل لهم الثواب من الملك الوهاب، وإقامة شعائر المسجد بالصلاة والعبادة والله أعلم. مطلب في جماعة واضعي أيديهم على بلدة إلخ (سئل) في جماعة واضعي أيديهم على بلدة يدعون أنها موقوفة عليهم من زمن قديم، ومعهم على ذلك إثبات، وحجة ومعهم أيضا بيرديات شريفة من الوزراء والحكام أن لا يتعارضهم في ذلك أحد بوجه من الوجوه، فهل والحالة هذه يجوز لأحد من أهالي البلاد أو غيرهم أن يعارضهم في ذلك؟ (أجاب) قال صلى الله عليه وسلم فيما روته السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". وروى ابن ماجه عن أبي جحيفة "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعدي من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعدي من غير أن ينقص من أوزارهم شيء". فمن أراد أن يحدث على أهل القرية ما ليس عليهم أو يأخذ منهم شيئا بغير حق فقد خالف الله ورسوله وعصى السلطان في أمره؛ لأن طاعته واجبة فيما أمر ونهى ما لم يخالف الشرع، ودخل في عموم أهل البدع ورد أمره عليه، وأصبح لا ناصر له من الله تعالى ولا مدد من رسوله صلى الله عليه وسلم ولا طاعة لسلطانه فقد باء بالوبار والدمار والعار، ثم المصير إلى النار فقل: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل أتهم بسرقة وضرب عليها إلخ (سئل) في رجل أتهم بسرقة وضرب عليها ضربا مبرحا، وضرب أيضا ليقر على غيره فاتهم في حال الضرب

مطلب والد وعد ولده بأن يدفع له قنطارا من الزبيب إلخ

جماعة وغرمهم حاكم السياسة، فهل يلزم بما غرمه الجماعة المذكورون؟ (أجاب) لا يلزم الرجل المتهم للجماعة المذكورين شيئا مما غرموه؛ لأنه لم يستول لهم على مال على أنه مكروه، وإقرار المكره باطل فلا يعمل به فلا يجوز للجماعة المتهمين أن يعارضوا الرجل بوجه لما علم والله أعلم. مطلب والد وعد ولده بأن يدفع له قنطارا من الزبيب إلخ (سئل) عن والد وعد ولده بأن يدفع له قنطارا من الزبيب، وذلك في عهدة قريب له أيضا، فهل يلزم الوالد ذلك؟ وهل يعمل بهذا الضمان؟ (أجاب) ما صدر من الوالد من الوعد لا يعمل به بإجماع المسلمين، وكل مخالف في ذلك خارج عن الدين القيم، ولا يعمل أيضا بالضمان المترتب على ذلك فلا يلزم الوالد ولا الضامن شيء من ذلك. والولد المنازع والده في ذلك عاق له مخالف لقول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا أن اشكر لي ولوالديك} وقال أيضا: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا} فتأمل هذه الآية، فكل من أعان ولدا على والده أو قواه عليه فقد عصى الله تعالى وأصبح من الخاسرين والله أعلم. مطلب أرض مستحكرة بيد رجل متصرف إلخ (سئل) في أرض مستحكرة بيد رجل متصرف فيها بالوجه الشرعي بموجب حجة شرعية ثابتة المضمون مخلدة بيده دخلها آخر وسكن بها بغير إذن مستأجرها، فنهاه فلم ينته فرفع أمره لحاكم الشرع، ونبذ عليه بالخروج منها فلم يخرج ولم يمتثل ما أمر به فماذا يثبت عليه شرعا؟ (أجاب) دخول الأرض بغير رضا مستحقها غصب لها ذنبه كبيرة، والمخالفة بعدم الخروج ذنب أكبر، ومخالفة حاكم الشرع أجل وأعظم فقد اجتمع في الداخل ثلاث عقوبات هي للعقوبة موجبات، فإذا ثبت ذلك لحاكم الشرع عزره عليها بما يليق به؛ لأن كل معصية لا حد فيها ولا كفارة يعزر عليها وعلى كل حال تجب أجرة الأرض أقصى الأجر لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجلين بينهما أرض شركة إلخ (سئل) في رجلين بينهما أرض شركة أحدهما اسمه علي والآخر اسمه إسماعيل فزرعها علي تينا وزيتونا من غير قسمة فدعاه إسماعيل إلى الشرع فأبى أن ينقاد وصمم على ذلك وعنده مزح شديد إذ دعي للشرع فيغضب ويقذف داعيه باللواط وغيره من الألفاظ القبيحة، ومع ذلك يزعم أنه تلميذ السيد أحمد الرفاعي وله شيخ معطيه العهد وجعله مغنيا إلى الفقراء، فهل يكون مرتدا بمخالفة الشرع الشريف؟ وهل تبين زوجته منه؟ وهل تحرم ذبيحته؟ وهل يجب على شيخه زجره أو طرده إن عصاه؟ وهل يجب على المسلمين زجره إذا سمعوه أو هم شركاؤه إذا لم ينهوه عن ذلك؟ (أجاب) يجب على كل مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر، ويدعي أنه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن ينقاد للشرع الشريف، ويعمل به وتجري عليه أحكامه؛ قال تعالى:

مطلب في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته إلخ

{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فمن دعي إلى الشرع وأبى فلا يخلو حاله من أمور منها عدم الرضى بما حكم الله تعالى به ورسوله فلا خلاف في كفره وردته، وتبين منه زوجته إن كانت قبل الدخول بها أو بعده وقد انقضت عدتها قبل توبته ورجوعه للإسلام وتحرم ذبيحته ومنها أن لا يكون الحامل له على ذلك إلا نفسه والتكبر فهو عاص آثم يخشى عليه الكفر، ومنها أن يجد في نفسه ميلا لغير الشرع لحب الدنيا لعلمه أنه في الشرع مغلوب فهو كذلك عاص مرتكب كبيرة لتقديمه غير الشرع عليه، ومنها أن يكون راضيا بحكم الشرع منقادا له غير أنه يدعي لرجل يحكم بينهما فلا يرضى به إما لخصومة بينه وبين الرجل المذكور وإما لعلمه بميله عن الحق أو رشوته، فهذا لا يضر الامتناع من الدعوى عنده، وأما قذف الرجل المدعي فيترتب على ألفاظه مقتضياتها من حد إن كان قذفه صريحا أو تعزير إن كان فيه أذية لخصمه. وأما الرجل الذي ينسب إلى شيخ من السادة الصوفية مثل سيدي عبد القادر أو سيدي أحمد الرفاعي وغيرهما فيجب عليه سلوك الأدب مع الله ورسوله ومع الخلق ويتحمل الأذى منهم، ويصبر على الجفا والجوع والسهر والعبادة والصوم والمراقبة، ويكون مع الناس ببدنه ومع الله بقلبه وتوجهه ومراقبته، والقيام بواجبات الشرع ونوافله، فإن كان بهذه الصفة فهو فقير صادق وشيخه إن كان أرقى منه ويحفظه عند الخطأ ووقوع المخالفة، ويمنعه بحاله وقاله عن كل ما يغضب الله تعالى فهو شيخ هاد حق، وطريقه طريق صدق، وإلا فكل منهما كاذب مفتر على الطريق مدنس لها هادم لها فهو عليها أضر من قطاع الطريق؛ لأنهم لم يدعوا سلوك طريق العارفين الواصلين. وأما مثل هؤلاء وأضرابهم فلا كثر الله منهم في الأرض، ولأنهم أضر على الناس من الأشقياء والفساق لتزينهم بزينة الصلاح، وفعلهم فعل أهل الضلال فضلوا وأضلوا وزلوا وما جلوا، ويجب على كل مؤمن يعرف الحق أن يأمرهم به وينهاهم عن الباطل والله تعالى أعلم. مطلب في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته إلخ (سئل) في رجل ربطه حاكم السياسة على مال كان على أهل بلدته، ثم إنه اجتمع أهل تلك البلد ووزعوا ذلك المال عليهم ودفعوا منه شيئا، وبقي منه شيء اختلفوا فيه وكل يمتنع من دفعه، فهل يكون لازما للجميع أو للمربوط وحده؟ (أجاب) من دفع شيئا من أهل البلد فهو متبرع به لا رجوع له به، وأما هذا الباقي على الرجل لا يلزم أحدا أن يدفع منه شيء والله تعالى أعلم. (سئل) عن سؤال رفع للمرحوم العلامة الشيخ خير الدين الرملي فأجاب عنه وهذا صورة السؤال والجواب

أيا من بتحرير المسائل وامق ومن فهمه للصخر من رام فالق لأنت إمام عالم متبحر وحيد فريد بالفرائد ناطق وخير لدين الله تهدي لشرعه وأنت على أهل الفضائل فائق إذا قام برهان بتزويج قاصر لها من أبيها وهو في الجحد عالق على وجه بعد السؤال ونكره ولم يبد عذرا حين صار التناطق وقد حكم القاضي كذا بنكاحها بغيبتها والزوج بالحكم واثق فهل بعد هذا الحكم لو أنها ادعت بلوغا قبيل الحكم للحكم سابق وأن أباها ليس خصما وأنها هي الخصم فيما يدعى ويشاقق به ينتفي الحكم الذي قد جرى له فأوضح لنا عن دائما هو فارق وسامح عبيدا عاجزا ومقصرا كثيرا الخطايا وهو في الذنب غارق وإني ابن عثمان الشهير بكاتب بشرع رسول جاء للكفر ماحق عليه صلاة الله ثم سلامه مدى الدهر والأيام ما لاح بارق كذا الآل والصحب الكرام وتابع ومن لهم في الخير والدين لاحق فأجابه رحمه الله تعالى بما صورته في فتاواه نعم ينتفي الحكم الذي قد جرى له لأن أباها ليس خصما يشاقق ... إذا ما احتمالات البلوغ تأكدت عليها ولاحت للبلوغ بوارق ... ويقبل منها لدفع من بعد حكمه كذلك دفع الدفع والزيد لاحق ... وهذا من الدفع الصحيح الذي حكوا على الأشبه المختار وهو الموافق (أجاب) عن السؤال المذكور ثانيا بقوله رحمه الله تعالى: لك الحمد يا من للبرية رازق ومن للنوى والحب لا ريب فالق ... فمنك استمد العون في كل حادث وإني بما أملته منك واثق ... إذا كان سن البنت محتملا لها له تدعى وهو البلوغ الموافق ... فقالت نكاحي غير بت وإن أتى على صغرى من عاقديه التصادق ... وما والدي خصم فكيف حضوره وما الخصم في الدعوى سواي يشاقق ... تجاب لدعواها والقول قولها وتبطل دعوى المدعي وهو مارق انتهى فالمقصود من فيض جودكم أن تفضلوا بحله وشرحه، وبينوا لنا مقصود المجيب بعبارة سهلة يفهمها كل من يقف عليها فإن الفقير بضاعته مزجاة، ومراده اقتناص الشرائد والتقاط الفرائد أثابكم الله تعالى الجنة. (أجاب) اعلم زادك الله تعالى توفيقا أن صورة هذه المسألة التي بها ينكشف عنها الغطا ويتضح مدركها أن رجلا

ادعى على آخر عند حاكم أنه زوجه ابنته فلانة القاصرة زواجا صحيحا، فأنكر أبوها الزواج وهو معنى قوله في النظم: "وهو في الجحد عالق"، فأقام الزوج بينة بعد الإنكار أن الأب المذكور زوج ابنته المذكورة الغائبة من فلان المدعي وهو معنى قوله: إذا قام برهان فحكم القاضي بصحة نكاحها اعتمادا على البرهان المذكور وهو البينة وذلك في غيبة البنت، وحكمه أيضا بناء على أنها قاصر إلى الآن فوثق الزوج المدعي بصحة هذا النكاح اعتمادا على الحكم والبينة وأن الزوجة قاصر فالحكم على الأب صحيح؛ لأنها لا تصح عليها الدعوى؛ لأن شرط صحة الدعوى أن يكون المدعى عليه كاملا، ثم بعد تمام ذلك وانبرامه جاءت الزوجة المذكورة أو وكيلها إلى الحاكم قائلة للحاكم: إن حكمك غير صحيح لعدم صحة الدعوى؛ لأنها وقعت على والدي والحال أني بالغ وأن ولاية أبي عني ارتفعت، وإنما الدعوى وإقامة الشهود علي فأقام الشهود على أبي غير صحيحة؛ لعدم صحة الدعوى عليه، لأنه ليس بخصم لأن شرطه لو أقر بالمدعي به صح إقراره ولو أبى لا يصح منه ذلك، ثم إن إمارة البلوغ فيها ظاهرة متأكدة وشواهدها بارقة مشرقة فيقبل منها القاضي ذلك ويقول لها: لا لوم علي؛ لأن ما جرى من باب فقه القضاء لا من باب علم القضاء وظاهر ذلك أنه يقبل منها ذلك، وإن لم تقم عليه بينة نعم لو ادعت البلوغ في سن ممكن بالحيض قبلت؛ لأنه لا يعرف إلا منها، وأما لو ادعت بالسن فقد يقال على قواعدنا إنها تكلف البينة، ثم يقول لها القاضي: حكمي على أبيك تبين بطلانه؛ لكونه غير خصم وأنت الخصم وهذا الزوج يدعي عليك أنك زوجته فتنكر هي ذلك، فإن أقام الزوج عليها البينة وأن أباها زوجها بالولاية عليها في حال سفرها فيقبل، ويحكم بنكاحها ثانيا هذا هو الظاهر المتبادر من النظم والمدرك وإن كان الشيخ أحمد المصري الذي في نابلس فهم أن الحكم باطل والنكاح أيضا باطل من أصله أخذ ذلك من جواب الشيخ خير الدين الثاني تجاب لدعواها بعد قولها: "غير بت" ولكن هذا غير مراد؛ لأن المسئول عنه إنما هو ارتفاع الحكم لا سيما قوله في الجواب الأول، ويقبل منها الدفع بعد حكمه أي إنكار النكاح من أصله، فإن أقام الزوج بينة فلها معارضتها وهذا معنى قوله ثانيا كذلك دفع الدفع والزيد لاحق. فإن أقام البينة ثانيا بعد إبطالها الأولى فلها دفعها، وهذا معنى قوله: والزيد لاحق وهكذا وظهر من تقريره أن هذه المسألة في هذه الحالة ينقض فيها حكم الحاكم فتراجع من محليها وهذا ظاهر عند إنكار الأب النكاح كما في السؤال، وأما لو أقر به وحكم الحاكم بإقراره، فهل لها دفع هذا الحكم والحالة ما ذكر وظاهر الجواب الثاني أن لها ذلك أخذا من قولها: "وإن أتى على صغرى من عاقديه

التصادق". هذا كله إذا ادعى عليها في زمن يمكن فيه بلوغها وإلا صحت الدعوى وحكم بصحة النكاح، وهنا فروع تتفرع على هذه المسألة منها إذا لم تدعي هذه المرأة هذه الدعوى بأن لم تعلم بحكمها كما هو المشاهد من نساء العصر، فهل يجب على من يعلم هذا الحكم أن يخبرها به من أبيها أو غيره؛ لأن الدعوى عليها ما صحت والنكاح في ظاهر الحال باطل. الثاني: أن مثل هذه الدعوى إذا وقعت عند القاضي، فهل يجب السؤال عن حال البنت هل هي بالغ فتكون الدعوى عليها، أو غير بالغ فعلى وليها. الثالث: هل يجب على الشهود الشاهدين على الأب السؤال عن الزوجة لتصلح شهادتها إذا لم تكن بالغ وترد إن كانت بالغا؟ الرابع: إذا كان الزوج هو الذي تزوجها بنفسه فأمره ظاهر إن كانت دعواه صحيحة فهي زوجته في نفس الأمر، وإن كانت كاذبة فليست بزوجة له. ومحل صحة قول الحنيفة رضي الله عنهم شاهداك زوجاك إذا كانت الدعوى صحيحة، وهناك الدعوى على الأب غير صحيحة. الخامس: إذا ادعى الزوج أن المزوج لها منه وليه، وقد أقام الشهود على الأب في حال احتمال البلوغ وتسلم الزوجة، ويتفرع على هذا الحال الخامس فروع؛ منها أنه يجب على غير الزوجان أن يعلم الزوج بذلك ويقول له: إن دعواك على الأب غير صحيحة فلا يجوز لك قربان هذه المرأة. ومنها أنه إذا كان من أهل العلم يحرم عليه أن يدخل عليها بهذه الدعوى، ومنها أنه إذا لم يتضح الحال لها إلا بعد دخول الزوج بها فإذا رفعت أمرها للقاضي وقالت: إن هذا الزوج إنما أخذني بدعواه على أبي والحال أني كنت إذ ذاك بالغة فتبين بطلان النكاح، ولها مهر المثل عليه لكون وطئه شبهة، ومنها إذا ماتت الزوجة ثم علم الحال فهل يرث الزوج شخصيا منها؟ ومنها إذا مات الزوج والزوجة تعلم ما ذكر فهل ترث منه ويحل لها أخذ الميراث فيما بينها وبين الله تعالى؟ ومنها لو مات الزوج عنها قبل الدخول بها فهل يجب عليها العدة عدة الوفاة؟ الفرع السادس: إذا علم القاضي منها البلوغ مقتضاه أنه لا يجوز له الحكم عليها لأنه لا يجوز له الحكم بخلاف علمه. السابع: إذا علم الزوج ذلك وكان المزوج له الولي، وكانت حال الدعوى بالغة فيحرم عليه النظر إلى أمه؛ لكون عقده لم يثبت. الثامن: إذا كان لها أخت أو من يحرم جمعه معها كعماتها وخالتها فهل له أن يعقد على من ذكر إذا لم يدخل بهذه لأن نكاحها لم يثبت، ولا عبرة بما وقع مع الأب؟ التاسع: فهل يحرم على أبي الزوج وابنه النظر إليها لا لكون ما وقع مع الأب لا عبرة به ولم يعلم الواقع ما هو؟ العاشر: إذا علم حكم هذه المسألة رجل من المسلمين وكان الزوج دخل بها في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى القاضي ويدعي على الزوج دعوى حسبة لكونه يدخل عليها بغير وجه شرعي. الحادي عشر ما حكم الأولاد

مطلب فيما وقع سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف من النداء إلخ

المنعقدة بينهما في هذه الحالة، ولو أمعنا النظر كنا استخرجنا غير هذا والمرجو من أهل الفضل والعلم م بمذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه مراجعة هذه المسائل من مظانها. وأما عند الإمام الشافعي رضي الله عنه فالدعوى على الأب صحيحة معمول بها ولو بعد بلوغها. وهل للحنفي أن يقلد الشافعي في ذلك فإذا قلد امتنع الحكم انتهى. واعلم أيها الواقف على هذه الفروع أن المراد منها تنبيه الطالب على مدارك المسائل، وتشعب الفروع منها حتى يتوقف غاية التوقف في الجواب، ويعلم ما يترتب عليه، ويعلم أن جميع هذه الفروع يعلم حكمها من مذهب الإمام الأعظم؛ لأن الفقهاء أجلهم الله تعالى لا تخفى عليهم الخفايا فكيف بالواضحات الجلايا. ومرادنا من أهل المذهب الكشف عنهم؛ لأنهم أدرى به منا وأوسع اطلاعا، فمن وقف على فرع نص في المراد نرجو منه أن يكتبها بذيلة طبق السؤال من غير زيادة ولا نقصان وله علينا المنة والفضل، وليس المراد إلا التبرك بمذهب الإمام الأعظم نفعنا الله تعالى به وبمن حوى مذهبه، والله تعالى أعلم. (سئل) في رجل اشترى من آخر بارودة بثمن معلوم، ثم ظهرت مستحقة للغير، وشهد شاهدان عدلان أنها لفلان المدعي بها ما خرجت عن ذمته، ولا نعلم مزيلا لها عن ذمته، وذلك بحضور البائع لها، ولم يكن ذلك على يد حاكم شرعي فهل يجب على البائع لها رد الثمن على مالكه؟ (أجاب) حيث شهد من تقبل شهادته على البارودة أنها ملك فلان لا نعلم له مزيلا تبين بطلان البيع الأول، ويجب دفع الثمن والله تعالى أعلم. مطلب فيما وقع سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف من النداء إلخ (سئل) فيما وقع سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف من النداء على تغيير المعاملة بأنقص لورود الأمر الشريف السلطاني، فهل لمن دين سابق أن يأخذ بالحساب الأول أم بالحساب الجديد الذي نادى عليه حضرة السلطان نصره الله تعالى؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن ما له دين وإن كان صحيحا مثل الذهب والريال والزلط فليس له إلا عين ذلك الصاغ مثلا الذي له عشرة ذهب أو عشرة ريال أو عشرة زلط ليس له غيرها والذي له مثل عددي كمائة قرش عددي فله ما يقابلها من الصحيح بأن يحسب الريال بمائة فضي والزلط وستة وأربعين والكلب بأربعة وثمانين والطولي بمائة وسبعين، وأما الفضة المقصوصة فلا يجوز التعامل بها؛ لأنها لا تدخل تحت ضابط إسلامي، ولأنها لم تبق على أصل بل يدخلها النقص بالقص الذي لم ينضبط والزيف والزغل والغش فلا يجب على من له دين حينئذ قبولها، وليس لحاكم الشرع إلزامه على أخذها؛ لعدم ضبطها بالوزن وغيره، فإن قيل: إنها معاملة السلطان نصره الله تعالى كلا لأنها لم تبق على وضع واحد

مطلب رجل ادعى على أرض تحت يد جماعة إلخ

كما تقدم، والله تعالى أعلم. مطلب رجل ادعى على أرض تحت يد جماعة إلخ (سئل) عن رجل ادعى على أرض تحت يد جماعة يتصرفون فيها تصرف الملاك، وتخاصم هو وهم ولم يجد له شهودا وأقاموا هم شهودا على أن الأرض لهم، ثم بعد مدة مات الشهود جميعا، وحصل بين ورثتهم وبين الذين تحت أيديهم الأرض خصومة فذهب ورثة الشهود إلى الرجل المذكور، وقالوا: إنما كان مورثونا شهدوا لهؤلاء الجماعة؛ لكونهم لهم حصة في الأرض، فهل يقبل قولهم ذلك ويقدح في شهادة مورثيهم أم لا؟ (أجاب) كلام الورثة لا يسري على المدعى عليهم للعداوة، ولأنهم ليسوا شهودا حتى ولو كانوا شهودا كان ذلك منهم رجوعا عن الشهادة، فإذا وقع الحكم ثبتت الأرض لمن حكم له بها، ويغرم الشهود ما فوتوه، وإذا علم ذلك فلا عبرة بقول الورثة، ولا يقدح قولهم ذلك في شهادة مورثهم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل بيده وظيفة فراشة إلخ (سئل) في رجل بيده وظيفة فراشة وكناسة وشغالة+ مسجد قائم بها تلقاها بالفراغ عن رجل، وقرره بها حاكم وتصرف فيها مدة نحو سنتين، ثم أنهى رجل لمتولي الوقف فقرره فيها، فهل يعمل بالتقرير الثاني؟ (أجاب) حيث كان للحاكم التقرير وقرر الرجل صار مستحقا لها وحيث كان أهلا لها لا يجوز عزله، وإلا فالوظيفة تكون باقية بالاسم الأول؛ لأنه إنما نزل لمعين ونزل عنها مجانا فلا عوض لمعين، فإن حصلت له حصل غرضه وإلا فهي باقية باسمه، وهو ما صححه المناوي في تسهيل الأوقاف تبعا للسبكي التابع في ذلك للبلقيني، وإن كان قد ناقش فيه بعد ذلك إذ المعول عليه كلام السبكي والبلقيني، وفي ذلك دفع لمادة الفساد على أن كلامهما فيما إذا لم يقرر الثاني والحال أن الثاني قرر بمن له التقرير، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل مات وعليه نصف وظيفة إلخ (سئل) عن رجل مات وعليه نصف وظيفة تولية على وقف مسجد، ونصف وظيفة مشيخة زاوية وسكناها بذراريه، وبوابة لمقام ولي الله تعالى الشيخ جراح فقرر القاضي في الوظائف ولدي الميت شعبان وأحمد سوية، ثم مات شعبان عن بنت فقرر القاضي ما كان عليه لأخيه أحمد، ثم مات أحمد عن ولد يدعى محمدا فقرره القاضي في الوظائف المذكورة عن أبيه والآن ابنة شعبان تعارض المقرر في الوظائف وتزعم المشاركة معه لكون أبيها شعبان كان شريكا لأخيه أحمد والد المقرر فيها، فهل الوظائف للمقرر فيها وهو محمد، وتمنع البنت من المعارضة له؟ (أجاب) ليس بمرتاب من عرف الحق والصواب أن أمر الوظائف موكول للسلطان نصره الديان ونوابه القائمين مقامه في هذا الشأن وكل شأن، فلما قرر القاضي أحمد فيما لشعبان من الوظائف استحقها أحمد بموجب التقرير، فلما مات أحمد وقرر القاضي ولده محمدا صار له الحق بموجب التقرير، فظهر لك الصواب أن بنت شعبان ليس لها دخل في هذا الباب،

مطلب في ولد أتى به والده لمن يعلم الناس القرآن إلخ

ولأن أمر الوظائف من قبيل المناصب التي حجبت عنها النساء، وإن كن من ولي الألباب؛ لأن محاسن الشرع الشريف تأبى أن يكون لهن في ذلك حظ أو خطاب فافهم ذلك، والله تعالى أعلم. مطلب في ولد أتى به والده لمن يعلم الناس القرآن إلخ (سئل) في ولد أتى به والده لمن يعلم الناس القرآن وقال له أقرئ هذا الولد القرآن ولك على ختامته مثل عادة الناس فأقرأه من قل أوحي إلى خاتمة الأنعام فأخرجه والده وعلمه المعلم فأبى، فهل يستحق عليه أجرة ما علمه له؟ (أجاب) نعم يستحق عليه أجرة ثلاثة أرباع القرآن؛ لأنه وإن علمه الأنعام وهي من الربع الرابع لم يعلمه من قل أوحي إلى آخر القرآن، والله تعالى أعلم. مطلب في مديون عليه ديون لجماعة متعددة إلخ (سئل) في مديون عليه ديون لجماعة متعددة أثبت بعض هؤلاء الجماعة ديونهم بالوجه الشرعي، والبعض منهم لم يثبت فإذا أثبت الباقون ديونهم بالوجه الشرعي فهل يقدم السابق بالإثبات بوفاء دينه أو يتساوون في المحاصصة؛ لأن ما بيده من النقود لا يفي بديونه؟ (أجاب) لا يخفى أن المفلس هو الذي عليه دين آدمي لازم حال زائد على ماله، فإذا طلب هو أو الغرماء أو بعضهم ودينه كذلك الحجر حجر عليه في ماله إن استقل، أو على وليه في مال مواليه إن لم يستقل وجوبا، فإذا حجر عليه فيقسم ماله على أرباب الديون بالمحاصصة ولا فرق في ذلك على من تقدم إثبات دينه ومن تأخر، ومن سبق دينه على دين صاحبه أو تأخر أو تقارن بأن دفاعا له مثلا معا حتى لو قسم ماله بالمحاصة، وظهر غريم آخر أو حدث دين سبق سببه الحجر كان استحق مبيع مفلس قبل حجره، وثمنه المقبوض تالف شارك الغريم في الصورتين الغرماء بالحصة وقبل الحجر عليه كل من دفع له شيئا من ماله ملكه سواء تقدم إثبات دينه أو تأخر أو قارن؛ لأن الغرماء حقهم قبل الحجر بذمتهم يخلصها ممن شاء، وبعد الحجر تعلق حقهم بمال أيضا وهذا هو فائدة الحجر، فعلى كل حال دعوى تقدم الإثبات أو لزوم الدين ليس معتبرا شرعا فلا يعمل بها حاكم الشرع، ولا يصغى لها لأنها خلاف الشرع القويم كما علم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تنازع مع آخر فقال أنا لي عندكم مهرة إلخ (سئل) في رجل تنازع مع آخر فقال أنا لي عندكم مهرة قتلها عمك بإغراء الكلاب عليها، وفي البلد جماعة اختيارية كبار يعرفون هذه الدعوى، والمدعى عليهم يطلبون الشرع الشريف، والمدعي يطلب دعائم العرب والفلاحين، فهل يصغى لقول المدعي؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى لم يبعث نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الشرائع نسخت بشرعه صلى الله عليه وسلم، فمن كان يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يطلب إلا شرعه القويم، فمن لم يعمل به فهو كافر ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان ذميا يهوديا أو نصرانيا ولم يرض بشرعنا نقض عهده وحل دمه؛ لقوله تعالى:

مطلب في رجل له أقارب وباع ما يخصه في قريته إلخ

{أن احكم بينهم بما أنزل الله} وقوله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وقال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}. فهل يوجد في الدنيا أقبح وأخسر وألعن من رجل يدعى لشرع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يرض به، ويرضى بما شرعه إبليس اللعين وأعوانه أولئك هم الخاسرون والله تعالى الموفق. مطلب في رجل له أقارب وباع ما يخصه في قريته إلخ (سئل) في رجل له أقارب وباع ما يخصه في قريته من أرض وشجر وبيت وغير ذلك، وعلى القرية لوازم عرفية للضيف وللحكام وغير ذلك، فهل يكون ذلك المغرم على أقاربه أم على الأكل لمنافع الأرض والشجر؟ (أجاب) لا ريب أن المغرم تابع للمغنم فمن غنم غرم حتى لو شرط أن لا مغرم على المشتري فسد البيع؛ لأن كل بيع وشرط فاسد ولا سيما مثل هذا الشرط الذي فيه إسقاط حق لازم أو إلزام ما لا يلزم فليس على أقاربه مغرم أصلا لا شرعا ولا عرفا، بل على المتولى على الأرض والشجر إن قلنا بصحة البيع وإلا رجع المبيع لصاحبه وحسب على المشتري ما أكله من الأرض، والله تعالى أعلم. مطلب في خربة جارية في وقف نبي الله ورسوله داود إلخ (سئل) في خربة جارية في وقف نبي الله ورسوله داود على نبينا وعليه وعلى ولده وسائر الأنبياء صلوات الملك المعبود عليها لجهة الميري بموجب دفتر التحرير وفرمانات من طرف حضرة سدة السلاطين في كل سنة ثلاثمائة وخمسون أخشاية+ كان كل متول على الوقف يدفع ذلك لمن يقاطعه السلطان على تلك الناحية فجاء مقاطعجي وطلب من المتولى سنداته على ذلك فبرزها، ثم طلب منه سندا بالدفع إلى المقاطعجية فلقي معه سندا لبعض السنين، وفي بعضها من المقاطعجية وهبنا له ما عليه نظير الدعاء منه لنا، فطلب منه معلوم ما لا سند له وما ذكر فيه وهبنا له ما لنا عليه والمتولى ليس له في التولية إلا قريب ستة أشهر، والحال أن المتولين السابقين ماتوا جملة، فهل للمقاطع أن يطلب ما زاد على مدة مقاطعته من غير إثبات وكالته عن كل مقاطعجي بخصوصه سابقا عليها، ويلزم المتولى دفعها له من مخلفات المتولين السابقين؟ (أجاب) لا ريب أن هذه المقاطعة الواقعة من الملوك وأتباعهم الوزراء والباشاوات أيدهم جميعا الديان واقعة في غالب الأقاليم والأقطار، وذلك لأن سعة نظر السلطان وكثرة مصالحه وعمومها يقتضي ذلك، وإن كان في بعض الأحوال مخالفة للقواعد ويستأنس لها بما وقع من سيدنا عمر في سواد العراق من إجارته لأهله إجارة مؤبدة للمصلحة العامة، وجعل على كل جريب دراهم معلومة وعليه عمل الأئمة بعده إلى زمننا هذا، والمقاطعة الواقعة من جانب السلطان نصره الديان ومن أتباعه المعتمد عليهم

مطلب في بنت تدعي أنها اشترت من أمها إلخ

في ذلك المأذون لهم فيه صحيحة معمول بها شرعا لا يجوز لمن ولي الميرى الداخلة في جنابه أن يطلب زائدا على ما هو المفروض عليها لما يلزم على ذلك من نقض أمور كثيرة مثل هذه وأصل عامه+ وخاصه ولما يلزم عليه من نقض ما أبرمه الملوك السالفة من سعة نظرهم وجلالة منصبهم وأن أمورهم لا تنقض كما هو الشائع الذائع هذا مع آحاد الناس، بل مع أهل الذمة فكيف تنقض أمورهم فيما يتعلق بالأنبياء الكرام والسادة الأعلام ولا سيما مع من سماه الله تعالى خليفة في الأرض الذي ينبغي للملوك المدعيين الخلافة أن يجعلوه إمامهم ورئيسهم، ثم إن جانب السلطان نصره الرحمن لما قاطع على الميرى الداخلة هذه الخربة في حسابه ليس له إلا طلب مدته المعلومة المقررة له بموجب صكه الذي بيده، وأما ما قبل ذلك فليس له طلبه؛ لأنه داخل في حساب المقاطع السابقة فهو إما آخذه وإما عفا عنه والأمر في ذلك واضح، وإما باقي في ذمة المتولي الذي كان في زمنه فليس للسلطان ولا أتباعه ولا للمقاطع الآخر أن يطلبه الآن؛ لأن دعواه به لا تصح لأنه ليس وليا عن المقاطع الذي كان إذ ذاك ولا هو وارث له، وطلب تمسكات سابقات على ما له ولايته ليس مما ينبغي، ولا يصغى له شرعا حتى لو فرض أنه أظهر فرمانا آخر بسؤال والبحث لا يصغى له؛ لأن السلطان ما له طلب إلا على من قاطعه لا غير، فإذا علمت ذلك وكان المقاطع الموجود الآن المدعى على المتولي المذكور ليس له طلب إلا ما يخصه من زمنه ومدة وصايته عليه، وليس له طلب أصلا لا على المتولي الموجود وهو ظاهر، ولا على من قبله من المتولية سواء مات أو كان حيا سواء مات مجهلا أو معلوم الحال، ولا يخفى أن مثل هذه الجزئية المتعلقة بهذا النبي الجليل لا ينبغي للسلطان ولا لأتباعه التقصير فيها والبحث عليها؛ لأنها من الدنيا الدنيئة الحقيرة، وقليله أن يكرم بها مثل هذا النبي الكريم لأن غناء الملوك بهمهم العلية وسيوفهم المجلية وغزواتهم السنية وقهرهم للأعداء الدينية، وإقبالهم على طلب المدد من مثل الأنبياء البررة النقية والعلماء العاملين الناظرين لرب البرية، فإن سلكوا هذا الطريق فقد سلكوا طريق التوفيق، وإن خالفوا ذلك وأكرموا الأعداء وأهانوا الأولياء خيف عليهم التمزيق والله سبحانه وتعالى أعلم. (فصل في تعارض البينتين) مطلب في بنت تدعي أنها اشترت من أمها إلخ (سئل) في بنت تدعي أنها اشترت من أمها ثمانية قراريط من بيت علوي بخمسين قرشا عددية، والورثة لأمها يدعون أن البيع وقع من أمها بالإكراه، فما الحكم الشرعي في ذلك والبنت المشترية تدعي أنها دفعت لأمها الخمسين قرشا

مطلب في رجل بيده بقرة بنت بقرته يدعيها إنسان إلخ

ما الحال؟ (أجاب) الوجه الشرعي إن أقامت البنت بينة أن أمها باعتها الثمان قراريط بالخمسين قرشا لزمها دفع الخمسين إلى الورثة إلا إن أقامت بينة أنها دفعتها إلى أمها، وإن أقام الورثة بينة الإكراه قدمت وتبين بطلان البيع ورجعت الثمان قراريط إلى الورثة، أو تقم البنت بينة فلا يعمل بقولها المجرد،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل بيده بقرة بنت بقرته يدعيها إنسان إلخ (سئل) في رجل بيده بقرة بنت بقرته يدعيها إنسان أنها سرقت منه فأخذها قهرا، ويريد أن يقيم عليها بينة أنها بنت بقرته، فمن المقدم من البينتين؟ (أجاب) تقدم بينة واضع اليد وإن تأخر تاريخها أو كانت شاهدا أو يمينا وبينة الخارج شاهدين ولم يثبت سبب الملك من شراء أو غيره ترجيحا لبينته بيده، هذا إذا أقامها بعد بينة الخارج ولو قبل تعديله ولا عبرة بزوال الملك بالغصب حيث ثبتت يد الواضع،، والله تعالى أعلم. مطلب عن رجل له كرم له طريق قديم إلخ (سئل) عن رجل له كرم له طريق قديم من أرض الغير لا يعلم حدوثه، بل تلقى ذلك عن أبيه عن جده، فهل للمالك أن يمنعه؟ (أجاب) حيث لم يعلم حدوث الطريق فالمصدق الخصم في ذلك كما صرح به ابن حجر؛ لأن مروره بالأرض مشعر بأن ذلك عن يد شرعية فلا تزال بمجرد الاحتمال،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل باع ثورا ثم ادعاه رجل ذمي إلخ (سئل) في رجل باع آخر ثورا، ثم ادعاه رجل ذمي بأنه من حاكم أخذه نهبا وألزمه بثمنه، ومع البائع بينة شرعية أنه ثوره ابن بقرته فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) دعوى الذمي المذكور غير صحيحة؛ لأن يده على الثور إن ثبتت ليست يدا شرعية تسمع منها الدعوى، فإن فرض أنه ادعى دعوى صحيحة هو أو غيره، وأقام البائع بينة أنه ثوره باق على ملكه إلى عقد البيع من المشتري، وأقام المدعي بينة أيضا سقطتا فإن صدق المشتري أحدهما فالثور له، وله أن يحلف لكل يمينا ويبقى تحت يده بأن أقام الذمي بينة فقط بعد الدعوى الصحيحة فالثور له إن لم يعارضه المشتري وإلا أقام بينة أيضا قدمت على بينة الذمة؛ لأنه واضع اليد وهي مرجحة إذا أقامها بعد بينة الذمي الخارج، وإن تأخر تاريخها أو كانت شاهدا ويمينا، وبينة الخارج شاهدين أو لم تبين سبب الملك من مشتر أو غيره ترجحت بينته بيده، والله أعلم. مطلب عن رجل ذمي يدعي على آخر مثله أنه ضرب له بقرة إلخ (سئل) عن رجل ذمي يدعي على آخر مثله أنه ضرب له بقرة فعيبها، ويريد أن يقيم شاهدا أنه ضربها في وقت كذا، ومع المدعى عليه شاهدان يشهدان له أنه كان ذلك الوقت في مكان بعيد عن محل ضربها لا يمكن الضرب فيه عادة، فهل ترجح بينته؟ (أجاب) ترجح بينة المدعى عليه كما لا يخفى، والله أعلم. مطلب في بيوت خربة بين ملكي رجلين إلخ (سئل) في بيوت خربة بين ملكي رجلين وضمن دار كذلك كل يدعي أن ذلك له، ولا بينة مع واحد منهما فما الحكم شرعا؟ (أجاب) حيث لم يكن لواحد منهما يد قسمت البيوت والساحة

مطلب في رجل تلقى حصة بد عن أبيه إرثا إلخ

بينهما نصفين سواء حلفا أو نكلا، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضي له دون الناكل كما لو أقام بينة أو اختص بيد،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تلقى حصة بد عن أبيه إرثا إلخ (سئل) في رجل تلقى حصة بد عن أبيه إرثا تصرف كل منهما في الحصة تصرف الملاك مدة تزيد على خمسين سنة، ثم إن ولد المشتري أي المتلقي للحصة باعها لآخر، وتصرف فيها المشتري كذلك نحو سبع سنين، ثم إن وارث البائع الأول يدعي أن هذه الحصة لم تكن بيعا، وإنما كانت رهنا تحت يد من ذكر، ويدعي أن معه بينة تشهد على إقرار البائع بعد البيع أنها رهن فهل يعمل بهذه البينة؟ (أجاب) حيث وجد التصرف المذكور بلا معارض كان ذلك دليلا على الملك وهو أقوى دليل يدل على الملك فلا تقبل شهادة الشهود بذلك الإقرار الواقع من البائع بعد البيع؛ لأنه لا ملك له فيه، ولا يصح إقراره بالرهن بمال الغير لأنه انتقل لآخر على أن إقراره بالرهن يقتضي الفساد والمشتري يدعي الصحة، والمدعي لها مقدم على مدعي الفساد كما صرح به أئمتنا في باب التحالف، والحاصل أن المقر لو كان حيا، وادعى هذه الدعوى لا تقبل منه لوجود التناقض الواقع منه وهو التصرف المذكور والإقرار بالملك والبيع، فكيف بالشهود الناقلين عنه؛ لأن غاية شهادتهم إثبات الإقرار وهو لا يعمل به لو صدر منه حيا،، والله تعالى أعلم. مطلب في غنم اختلط بعضها ببعض فولد فيها نعجتان إلخ (سئل) في غنم اختلط بعضها ببعض فولد فيها نعجتان وجد لأحدهما ولدان ذكر وأنثى، ولم يوجد للأخرى ولد فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) قد وقع نظير هذه في آدميتين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فوزن اللبنين فوجد لبن الذكر أثقل فيمكن جريان ذلك، ويحلف المدعى عليه فإن أقر بولد فذاك وإلا فليس عليه إلا اليمين إن لم توجد بينة تشهد بذلك، والله أعلم. مطلب في امرأة مات زوجها وتدعي أن لها عليه دينا إلخ (سئل) في امرأة مات زوجها وتدعي الزوجة أن لها عليه دينا، وعنده عقفا تدعي أنها اشترتها بمالها، وتريد أخذها فما الحكم في ذلك؟ (أجاب) الحكم الشرعي في ذلك أنها تقيم على الدين بينة فإذا شهدت ثبت، فإن لم توجد البينة فلها تحليف الورثة على دينها، والعقفا إن أقامت عليها بينة فهي لها وإلا فلها تحليف الورثة،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل مات عن ابنته وأولاد عم عصبة أشقاء إلخ (سئل) في رجل مات عن ابنته وأولاد عم عصبة أشقاء، وفيهم رجل بعيد يدعي أنه وقع بينهم اتفاق بأنه مهما جاءهم من الخارج يكن بينهم شركة، فهل يدخل معهم في هذه الشركة؟ (أجاب) نصف هذه التركة للبنت وإذا ماتت كان لوارثها، والنصف الثاني لأولاد العم العصبة القريبين، ولا شيء فيه للبعيد وإن وقع ألف اتفاق وألف قاض باتفاق فلا دخل له فيه بوجه؛ لأن هذا الاتفاق باطل ولأن الميراث هدية من الله تعالى ومنحة بنص كتاب الله تعالى لا يستحقه غير الوارث، والله تعالى

مطلب في رجل يقال له نصر الله له ولد يقال له حماد إلخ

أعلم. مطلب في رجل يقال له نصر الله له ولد يقال له حماد إلخ (سئل) في رجل يقال له نصر الله له ولد يقال له حماد ادعى أن خلفا باعه بيتا ولم يثبت ذلك، ثم مات وله ولد وأولاد أخ يدعون ما ادعاه عمهم، ونصر الله وخلف ماتا ولهما نحو أكثر من خمسين سنة، فهل تسمع دعوى الولد وأولاد الأخ المذكورين المجردة أم لا والحالة هذه؟ (أجاب) لا يصغى لدعوى المدعيين المذكورين من غير برهان شرعي على أن الدعوى بعد خمس عشرة لا يسمعها القاضي المنصوص على منعه فيما تقلده من القضاء؛ لأنه ليس بحاكم فيما زاد عليها على أن المدعي إذا كان حاضرا مشاهدا التصرف هذه المدة لا تسمع دعواه؛ لأن طول هذه المدة مع الدعوى مشعر بعدم الحق شرعا،، والله تعالى أعلم. مطلب في جماعة تحت يدهم أرض تلقوها عن آبائهم إلخ (سئل) في جماعة تحت يدهم أرض تلقوها عن آبائهم وأجدادهم يتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم، ومعهم شاهدان بل أكثر يشهدون لهم بذلك، فظهر لهم منازع في الأرض يدعي أن معه شاهدا يشهد له أنه حرث الأرض للمدعي من غير معرفة حدودها، فمن الذي تقدم من المدعيين بينته؟ (أجاب) دعوى المدعي المذكور بشهادة الذي حرث الأرض له باطلة من أوجه: الأول: أن واضع اليد يرجح بوضع يده. الثاني: أن الشاهدين يرجحان على الشاهد واليمين. الثالث: أن شهادة الرجل بحرث الأرض لا تقبل؛ لاحتمال أن تكون عن إجارة أو إعارة. الرابع: أن الشهادة بلا تحديد الحدود الأربعة باطلة؛ لأن شرط الشهادة أن تكون على طبق الدعوى، وشرط الدعوى أن تكون مفصلة مبينا فيها الحدود،، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل سرق له أمتعة من جملتها ثوب إلخ (سئل) في رجل سرق له أمتعة من جملتها ثوب مناوي مخيط رؤي على امرأة ثوب يشابهه بعلامة في طرفه، ويريدون أن يقيموا على ذلك شهودا وزوج المرأة التي رؤي الثوب عليها معه بينة تشهد له أنه اشترى الثوب وفصله بحضورهم، وأن العلامة موجودة فيه من قبل خياطته، فهل تقدم بينة زوج المرأة التي رؤي عليها الثوب؟ (أجاب) لا يخفى أن بينة زوج المرأة مقدمة لأمور: منها: أنه واضع اليد وبينته مقدمة عند التعارض. الثاني: أن بينته معها زيادة علم، وهي كون أن الثوب قطع بحضرة الشهود وخيط، ومنها: أن بينة المدعي تشهد بأن الثوب سرق مخيطا، وبينة الزوج تشهد أن هذا الثوب نعلمه قبل القطع والخياطة، والله أعلم. مطلب في امرأة ماتت عن ورثة ولها بذمة غائب إلخ (سئل) في امرأة ماتت عن ورثة ولها بذمة غائب غيبة منقطعة دراهم معلومة كان استدانها منها قبل غيبته، ورهن عندها رهنا، وتريد الورثة الدعوى بالدين وإثباته على الغائب، فهل للقاضي أن ينصب قيما عنه، ويثبت الورثة الدين في وجه القيم، ويقبضه من مال الغائب وعن عقاره؟ (أجاب) نعم للقاضي الحكم على الغائب بعد الإثبات الشرعي للدين وللرهن، ويجب أن يحلف

مطلب في رجل سرق له ثوب مخيط إلخ

الورثة أن الدين باق يلزم المدعى عليه وفاؤه، وللقاضي نصب مسخر ينكر عن الغائب فتكون الحجة على إنكار، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل سرق له ثوب مخيط إلخ (سئل) في رجل سرق له ثوب مخيط فرأى ثوبا يشابهه بإمارة فيه، وواضع اليد يدعي أنه فصل في بيته، ومع كل منهما بينة تشهد له بدعواه فمن تقدم بينته، وهل تصح الشهادة مع غيبة الثوب أو لا بد من حضوره؟ وهل يطلب من الشاهد معرفة أمارات في الثوب بعينها أو كيف الحال؟ (أجاب) بينة الرجل المدعي أنه فصل الثوب وخاطه وهي تعلم به مقدمة، ولا تجوز الشهادة على الغيبة بل لا بد أن يحضر الثوب ويشهد الشاهد على عينه، ولا يكلف لأمارات لأنه لا ينبغي التعنت بالشاهد، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل بيده ثور شراه عجلا إلخ (سئل) في رجل بيده ثور شراه عجلا من مدة نحو عشر سنين ومعه بينة تشهد له بذلك، وباستصحاب ملكه إلى الآن ادعى رجل أنه ملكه، وأنه ضاع من نحو أربع سنين، وأنه اشتراه قبل ضياعه بنحو شهر، ومعه بينة تشهد له بذلك فمن ترجح بينته منهما؟ (أجاب) بينة واضع اليد ترجح بأمرين بوضع اليد والتاريخ السابق؛ قال ابن حجر بعد قول المتن: ترجح بالتاريخ السابق أما إذا كانت أي العين بيد متقدمة التاريخ فتقدم قطعا انتهى. فهنا بينة ذي اليد تقدم قطعا للأمرين السابقين انتهى. والله تعالى أعلم. مطلب في رجل بيده فرس يتصرف فيها إلخ (سئل) في رجل بيده فرس يتصرف فيها من نحو ستة سنين، وببلده رجل يشاهد تصرفه في الفرس هذه المدة، وقد ضاع للمشاهد للتصرف فرس من نحو ثلاث سنين فادعى هذه الفرس المذكورة وأنها هي التي ضاعت من نحو ثلاث سنين وأنها في ملكه قبل ضياعها نحو اثنا عشر سنة، ومع واضع اليد بينة تشهد له بوضع يده والتصرف فيها المدة المذكورة، فإذا أقام المدعي بينة على دعواه فبينة من تقدم؟ (أجاب) حيث أقام المدعي الخارج بينة بعد تمام دعواه فأقام واضع اليد بينة بعدها، فإنها ترجح وإن تأخر تاريخها أو كانت شاهدا ويمينا وبينة الخارج شاهدين أو لم تبين السبب للملك من شراء أو غيره ترجيحا لبينته بيده هذا حاصل عبارة المنهج وشرحه فترجح بينة واضع اليد بيده؛ لأنها من أقوى الأدلة إذ لا تحتاج لشيء، ولأنا نحكم على كل من رأينا بيده شيئا أنه له عملا بيده، والله تعالى أعلم. مطلب فيما لو اختلف البائع مع المشتري إلخ (سئل) فيما لو اختلف البائع مع المشتري في المبيع فالمشتري يدعي أن البيع بات بموجب صك البيع، والبائع يدعي الوفاة باتفاقهما على ذلك فأيهما تقدم بينته؟ (أجاب) تقدم بينة بيع البات؛ لأن معها زيادة علم وترجح بزيادة العلم، وأيضا مذهب الإمام الأعظم الشافعي قدس سره أن بيع الوفاة باطل فيصير الاختلاف في صحة البيع وفساده، ومدعي البيع البات مقدم على مدعي الفساد على أنه لا تنافي بين ادعاء بيع

مطلب في رجل سرق له دراهم فاتهم رجلا إلخ

الوفاة والبيع البات، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل سرق له دراهم فاتهم رجلا إلخ (سئل) في رجل سرق له دراهم فاتهم رجلا فجاء برجلين شهدا له أن الذي سرق الدراهم فلان، ثم جاء رجل أقر واعترف أنه هو الذي سرق الدراهم، فهل يعمل بالشهادة ويلزم المتهوم بالدراهم أو بإقرار المقر ويتبين كذب الشهود؟ (أجاب) لا ريب أن شهادة الشاهد العدل الموثوق به المستجمع للشروط المعتبرة شرعا إنما تفيد ذلك الظن، وأنى بذلك في شهود هذا الزمان الذي صار فيه العدل مثل الكبريت الأحمر قل أن يوجد، وإقرار المقر أفادنا اليقين فكيف يلغى اليقين ويتبع الظن، فالمقر يؤاخذ بإقراره عملا بقوله تعالى: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار فالمقر هو المطالب بالحق ويتبين كذب الشاهدين. والحاكم ترفع له هذه الدعوى من النظر ما يزيل به البلوى من زور الشاهدين المذكورين، وله من الله خير المأوى، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل دفع لآخر جملا يدعي الآخذ أنه أخذه على حصة من الربح إلخ (سئل) في رجل دفع لآخر جملا يدعي الآخذ أنه أخذه على حصة من الربح، وأذن له المالك أن يؤجره وأن يحمله بالمعروف ويقيم على ذلك بينة ومالكه أنه دفعه له أمانة محملا ليبيع حمله، ولم يأذن له أن يحمله غير حمله وقد حمله في رجوعه ستين رطلا من الملح فزلق الجمل وانكسر، ويقيم المالك على مدعاه بينة فمن تقدم بينته عند تعارض البينتين؟ (أجاب) الرجل الآخذ للجمل على حصة تقدم بينته؛ لأن المالك يريد إحباط عمله وأنه مجانا والأصل عدمه، ولأن بينته معها زيادة علم بعمل الحصة له، ولأن الأصل براءة ذمته من الغرم، ولأن بينته لا تنافي بينة المدعي ولا تعارضه لاحتمال أنها صادقة بأن يدفعه له أولا أمانة، ثم يجعل له حصة فلا منافاة فهذه أربعة أوجه ترجح بينة الآخذ للجمل، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل له ولدان أحدهما بالغ والآخر قاصر زوجهما إلخ (سئل) في رجل له ولدان أحدهما بالغ والآخر قاصر زوجهما أبوهما ابنتين قاصرتين من أبيهما، ووقع هذا العقد في قرية من قرى المسلمين بحضور جماعة كثيرين، ثم ماتت البنتان قبل الدخول عليهما فطلب أبوهما مهرهما لتقرره بالموت من الزوجين وأبيهما فادعوا أن العقد الواقع باطل؛ لعدم ملكهما وقت العقد لحال الصداق، ولأن الولد الكبير لم يأذن لوالده في الزواج أيضا، ويريد أبو البنتين أن يقيم بينة من الحاضرين للعقد أنه ملكهما ما يفي بحال الصداق قبل العقد في مجلسه، وبقية الحاضرين في المجلس يشهدون أن هذا التمليك لم يحصل، فهل تتعارض البينتان وتتساقطان فلا يعمل بهما، وإذا قلتم بالتساقط وظهر كون الزوجين لا يملكان عند العقد حال المهر يتبين بطلان النكاح فلا يلزمهما شيء من المهر؟ (أجاب) حيث كان الحاضرون النافون للتمليك ضابطين للمجلس

مطلب في رجل له على جماعة دين فأفلسوا إلخ

لم يفارقوه بحيث يقع التمليك في غيبتهم، وكانوا صاغين لجميع ما وقع فطنين حاذقين لا ينسبون للغفلة فتعارض البينتان فلا يعمل بهما، فيرجع الحال للأولاد فإن كانوا فقراء لا يملكون حال الصداق فعقد الأب على البكر بالإجبار والحال ما ذكر باطل؛ قال ابن حجر: ولو زاد بعض الحاضرين أي على بعض صفة للمجلس قبل إلا إن احتفت القرائن الظاهرة على أن البقية ضابطون له من أوله إلى آخره وقالوا: لم نسمعها مع الإصغاء إلى جميع ما وقع، وكان مثلهم لا ينسب للغفلة في ذلك فحينئذ يقع التعارض كما هو ظاهر؛ لأن المحصور يعارض الإثبات الجزئي كما صرحوا به وإن علم بطلان العقد، وثبت ما ذكر فلا يطالب الأولاد ولا الوالد بشيء لما علم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل له على جماعة دين فأفلسوا إلخ (سئل) في رجل له على جماعة دين فأفلسوا ولم يجدوا سدادا إلا بيتا لهم فباعوه له بالدين، ثم مكثوا مدة نحو عشرين سنة، فادعى بعضهم أنه كان قاصرا فطلب منهم الرجل دينه ويتركه لهم فما قدروا عليه، ثم وقع منهم بيع ثانيا بشهود تشهد بذلك، ثم مات المشتري وترك أولادا والبائعون يدعون أن البيت رهن، فهل بينة الشراء تقدم على بينة الرهن؟ (أجاب) تقدم بينة البيع؛ لأن معها زيادة علم، ولا تنافي بينة الرهن لو قامت لما علم أن بينة البيع تقدم، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل من أهل قرية صار عليه ضيم فرحل إلخ (سئل) في رجل من أهل قرية صار عليه ضيم فرحل إلى قرية أخرى، ثم اعتدل حاله فرجع إلى قريته وله فيها أراضي وأشجار ومزارع وغير ذلك فوجد رجلا من أهل القرية قد وضع يده على حصة من أرضه، ومعه بينة شرعية تشهد له بأن الأرض من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده، ومعه أيضا بينة أخرى تشهد بأن أبا الواضع أقر واعترف بأنها لنوفل الخارج من البلد، فهل إذا قامت بينة يجب رفع يده عنها ويطالب بريعها؟ (أجاب) حيث حدد الرجل الأرض بحدودها الأربع، وشهدت بينة أن الأرض المذكورة المحدودة المعلومة من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده قضي له بالأرض المذكورة، فإن أقام واضع اليد بينة أن الأرض من مزارعه ومزارع آبائه وأجداده رجحت بينة المدعي المذكور الذي كان طائحا؛ لأن ذلك اعتراف منه بغصبها، وإذا أقام كل من المتداعيين بينة رجحت بينة واضع اليد إلا إن قال المدعي: هو غصبها مني وإقرار المدعى عليه صريح في غصبها، وخروج الرجل من بلده لا يزيل يده عن أرضه؛ لقول الصديق: ولا ترفع يد الزارع عن الأرض فإن خرجوا وعادوا فهي لهم، وهم أحق بها وأولى وله ريعها مدة وضع يده، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل دفع لامرأته في صداقها أرضا واستغلتها إلخ (سئل) في رجل دفع لامرأته في صداقها أرضا واستغلتها نحو خمس عشرة سنة، وللدافع أهل نازعوه في دفع الأرض فقال لهم على رؤوس الأشهاد: هي ملكي ودفعتها لها، ثم مات وله أقارب

مطلب في رجل غصب له بهيمة فوجدها في يد آخر إلخ

يدعون أنه دفع شيئا لا يملكه ومن هي تحت يده معه بينة أنها ملك الدافع، فهل تقدم بينته أو بينتهم؟ (أجاب) لا ريب أن بينة واضع اليد تقدم على بينة القريب الخارج، ومما يدل على بطلان دعواه أن ابن عمه لما أقر أنها ملكه وأنه دفعها في صداق زوجته لم يبطل دعواه، وأيضا سكوته هذه المدة دليل على بطلان دعواه على أن الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا تسمع، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل غصب له بهيمة فوجدها في يد آخر إلخ (سئل) في رجل غصب له بهيمة فوجدها في يد آخر فأقام عليها بينة أنها بهيمته التي غصبت، فأقام واضع اليد أن هذه ليست بهيمة المدعي التي غصبت؛ لأن بها علامة ليست بهذه المدعاة فأفتاه مفتي أن هذا من تعارض البينتين فترجح بينة واضع اليد، فهل هو صحيح أم لا؟ (أجاب) هذا الإفتاء خطأ من وجهين: الأول: أن هذا ليس من تعارض البينتين؛ لأن شرطه الاتفاق في المدعي إثباتا ونفيا، وهذا ليس منه بل من تعرض النفي الذي يدعيه واضع اليد والإثبات الذي يدعيه الخارج؛ لأنه يقول: إن هذه دابتي غصبت مني، وواضع اليد يقول: ليست دابتك والإثبات مقدم على النفي لما معه من زيادة العلم فتقدم هنا بينة الرجل المدعي للغصب. الثاني: سلمنا أن هذا من تعارض البينتين ففي مثل هذه الصور تقدم بينة الخارج وعبارة ابن حجر وكذا قدمت بينة الخارج لو شهدت أنها ملكه، وإنما أودعه أو أعاره للداخل أو باعه أو غصبه منه وأطلقت بينة الداخل انتهى. فهنا غاية الأمر أن المدعي يقول للمشتري: إن بائعك غصبني فتقدم بينة الخارج هنا من وجهين: من كون بينته مثبتة وقائلة إن بائع المشتري غصبها، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل تحت يده حمارة بنت حمارته إلخ (سئل) في رجل تحت يده حمارة بنت حمارته ولدت في ملكه ومعه بينة تشهد له بذلك، ورجل يدعي أنها حمارته وسرقت من نحو ثلاثة سنين، ومعه بينة تشهد له بذلك فأي البينتين تقدم؟ (أجاب) لا ريب أن بينة واضع اليد المدعي للنتاج تقدم عند الإمام الشافعي رضي الله عنه لوضع يده وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لدعواه النتاج كما نص على ذلك متونا وشروحا، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل ادعى أن لأبيه عند فلان مقدارا من الزيت إلخ (سئل) في رجل ادعى أن لأبيه عند فلان مقدارا من الزيت، فتحاسب معه على يد رجل فأقر له بقدر معلوم أنه لأبيه في ذمته، ثم أقام شاهدا على أن أب المدعي ليس له عند المدعى عليه حق، فهل يعمل بشهادة الشاهد بالإقرار بعد الموت أو بشهادة براءة الذمة؟ (أجاب) يقدم الشاهد بالإقرار بعد الموت؛ لأن معه زيادة علم، ولا تعارضه شهادة الشاهد بالبراءة لاحتمال معاملة سابقة تركها الخصم، ثم شغلت ذمته بدين آخر أقر به بعد الموت نعم إن ادعى أن هذا الإقرار لم يكن عن حقيقة فله أن يحلف المدعي أن هذا الدين لوالدي عندك، ويحلف

مطلب في أولاد ميت تلقوا زيتونا إلخ

أيضا يمينا أخرى على صدق شاهده، والله تعالى أعلم. مطلب في أولاد ميت تلقوا زيتونا إلخ (سئل) في أولاد ميت تلقوا زيتونا عن أبيهم كان واضع اليد عليه وتصرف أولاده من بعده، برز جماعة هم أولاد أخ لصاحب الزيتون الأصلي يدعون أن عمهم لم يبع الزيتون، فهل إذا أقام الأولاد الوارثون بينة أن أباهم اشترى يعمل بها؟ (أجاب) حيث وجدت البينة الشرعية العادلة أن أباهم اشترى من عمهم عمل بها على أن وضع اليد مشعر بصحتها وصحة الدعوى فيبرهن عليها، والله تعالى أعلم. مطلب في ثلاثة اشتروا ثورا إلخ (سئل) في ثلاثة اشتروا ثورا، واثنان منهم يقولان: إن البيع وقع مؤجلا بأجل فاسد يريدان إبطال البيع، والثالث يقول: إن البيع وقع من غير أجل أصلا، ومعه بينة تشهد له بذلك فأي البينتين تقدم؟ (أجاب) حيث شهدت البينة بالبيع الخالي عن الأجل أصلا عمل بها على أنه إذا لم يوجد بينة، واختلف البائع والمشتري في مثل هذه الصورة صدق مدعي الصحة؛ لأن الأصل في العقود الصحة إلا إذا تحقق المبطل، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل واضع يده على دار تلقاها إلخ (سئل) في رجل واضع يده على دار تلقاها عن أبيه عن جده لا يعرف له منازع، وظهر الآن له منازع فيها يدعي أن له فيها له حصة، فهل يعمل بمجرد قوله من غير بينة أو لا؟ (أجاب) لا يعمل بقول المدعي المجرد عن البينة بإجماع المسلمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر. وعلى أن الدعوى بعد خمس عشرة سنة لا يسمعها القاضي بناء على ورود الأمر السلطاني، والله تعالى أعلم. (فصل في القائف) مطلب هل ورد في القائف شيء يعتد به إلخ (سئل) هل ورد في القائف شيء يعتد به؟ وهل يعمل به في زمننا هذا؟ وهل يوجد الآن أحد عنده من الفراسة ما يعرف به النسب؟ (أجاب) نعم ورد فيه الخبر الصحيح الذي رواه إماما الفن الإمام البخاري والإمام مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا فقال: ألم تر أن مجزرا المدلجي دخل علي فرأى أسامة وزيدا عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وقد بدت أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض انتهى. وسبب ذلك أن المشركين كانوا طعنوا في صحة نسبهما، ويعمل به في زمننا وغيره؛ لأن الفقهاء عولوا عليه عند اشتباه النسب وقد سمعنا في زمننا هذا، بل شاهدنا من له غاية المعرفة بذلك منها أني توجهت لمصر مع رجل يقال له سعد، فأخبروني عن امرأة عندهم في البيوت، وذلك أن غلاما سرق منها خروفا وهي ترعى فسألها عنه فقالت: تبعث أثره فرأيت أمه تربانيه وأباه سويركيا، ثم ظهر كذلك. وحكي عن قاضي

كتاب أمهات الأولاد

العرب أن شيخا كبيرا تزوج بكرا صغيرة، ثم جامعها ومات، ثم أخذها بعده قبل انقضاء العدة شاب، ثم ولدت ولدا، ثم وقع بين أهل الشيخ والشاب خلاف في الولد كل منهم يدعيه له فترافعا عند قاضيهم فأمر القاضي الولد المختلف فيه أن يذهب ويسرق من ابنة من العرب خروفا فسرق ذلك الولد خروفا من بنت غير أنها لم تره، فجاءت البنت صائحة فسألها القاضي وقال لها: أما عرفت السارق؟ فقالت: لا فقال لها: أما قصصت أثره؟ فقالت: نعم إنه غلام أمه شابة وأباه شيخ فان فقضى قاضي العرب بالولد وألحقه بالشيخ ونفاه عن الشاب والله سبحانه وتعالى أعلم. (كتاب أمهات الأولاد) مطلب التسبب في الإلقاء هل هو جائز إلخ (سئل) عن التسبب في الإلقاء هل هو جائز أو لا؟ (أجاب) قال الرملي في باب أمهات الأولاد بعد كلام طويل: الراجح تحريمه أي الإلقاء بعد نفخ الروح مطلقا وجوازه قبله انتهى. أي سواء كانت حرة أم أمة محترما أم غير محترم، والذي في الأحاديث أن نفخ الروح يكون بعد تمام أربعة أشهر مائة وعشرين يوما والله تعالى أعلم. (باب ما يتعلق بالتصوف) مطلب في رجال من الصوفية يدعون أنهم على قدم إلخ (سئل) في رجال من الصوفية يدعون أنهم على قدم القوم وأحوالهم مخالفة للشريعة باطنا وظاهرا، ومن أحوالهم الذميمة استحلال المحرمات لا سيما الخلوة بالنساء، وشيخهم يدعي العصمة ومن تبعه، ويصومون أيام العيدين وأيام التشريق، ولهم أوراد خارقة للشريعة اخترعوها من تلقاء أنفسهم، ويخرج الشيخ المذكور بالعصبة على النساء مسفرات الوجوه ويقبلن يديه وأقدامه، ويختلي بهن من غير حضور محرم، ويأمرهن باجتناب أزواجهن خوفا من الحمل، وهذه النساء المذكورات التي يختلي بهن من المترفات ويخرجن إلى خلوته، ويجلسن معه من غير إذن أزواجهن ويهديهن إليه من الرياحين والطيب ما لا يوصف، ويجعلون لهن مسجدا في مقبرة شيخهم الأول ويطوفون بقبره فإن أنكر عليهم أحد يتقولون ذلك في الشريعة حرام وفي الحقيقة حلال، فهل يجوز أن ندعهم على ما هم عليه من المنكر واستحلال المحرمات، ومن أزواج النساء موافقونهم على ما هم عليه، وإذا استدل عليهم أحد بحديث يقولوا يكذب، وأيضا إذا أحد جاء لهم بالنقل يقولون يكذب مصنفه وتكذب أنت، فماذا يترتب عليه؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن طريق التصوف مضبوط معلوم عند أهله طبق الكتاب والسنة لا مخالفة لأهله في حكم من الأحكام، ولكن كثير من حملة الصوفية والذين هم باسم الضلالة والبدعة أحق ما بينوه؛

لأنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون فعلم التصوف علم نفيس شريف أحكم أساسه، وعلا في الخافقين رأسه وعظم في المشارق والمغارب نبراسه، ولكن بعزته عند أهله وعلو قدره وفضله قد ترجم عن أصوله ومبادئه وغوامض معارفه ومبانيه بعبارات خفيات وإشارات دقيقات فهو كعلم الكيمياء، فأين المتقنون مع كثرة كتبه ومتعاطيه، وكم من زغلي وخسيس علته كامنة وما ظفر بما يعنيه. وهؤلاء المتصوفة في هذا الزمن مثلهم من يتعاطى الزيف والزغل فيقع في الباطل والزلل، وهنا أصل ضل عنه جميع متصوفة هذا الزمن فحل بهم الوبار والوهن وهو إتقان ظاهر الشريعة الذي عليه الفقهاء، فهذا لا بد منه لكل صوفي وغيره، ولا يخرج عنه إلا كل مبتدع وضال بل كافر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان يحكم بالظاهر المناسب للعام والخاص والعرب والعجم والألكن والفصيح. وأما الذي عليه الصوفية من الدقة والغموض والغوص على المعاني البديعة الأحوال الرفيعة الناشئ عنها الجد والاجتهاد، والقيام على قدم السداد والصوم والسهر وإتعاب النفس وقهر الشيطان والقيام بما يرضي الرحمن، وقد قال ابن زروق في قواعد الصوفية: للفقيه أن يعترض على الصوفي كما ذكر، وليس للصوفي أن يعترض على الفقيه؛ لأن الذي هو عليه هو المطالب به العامة والخاصة، ثم ظهر زنادقة أرادوا أن يقتفوا أولئك الأعلام فضلوا عن الطريق القويم، وحادوا عن الصراط المستقيم فركبوا متن عميا وخبطوا خبط عشوا فضلوا وأضلوا، فهل سمعت أو نقل إليك عن أجل ممن يقتدى به في التصوف استحلال محرم أو استباحة محظورا، وأنه ادعى العصمة فأبو الحسن الشاذلي قدس سره يقول: نسألك العصمة في الحركات والسكنات والكلمات والإرادات فها هو سبيل العصمة ولم يدعها، ومع ذلك أعترض عليه بأن لا تكون إلا للأنبياء فأجيب عنه بأن سؤالها بمعنى عدم الوقوع مع جوازه لا بمعنى امتناع الوقوع؛ لأنه لا يكون إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأما صوم العيدين وأيام التشريق فيدل على جهله وربما جره ذلك إلى الكفر لورود النهي في الصحيحين وغيرهما عن صوم العيدين؛ لأنه أعراض عن ضيافة الله تعالى والنهي في صوم التشريق في خبر أبي داود بإسناد صحيح فمن صام هذه الأيام فهو آثم مخطئ مخالف لما عليه إجماع المسلمين الذي هو حجة اتفاقا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". ولا يصح الصوم المذكور عند الإمام الشافعي رضي الله عنه وإن كان يصح عند أبي حنيفة رضي الله عنه لكنه يأثم عند الصائم لما مر. والأوراد المخالفة للكتاب والسنة لا يجوز استعمالها، ولا يجوز الخروج على النساء

مطلب في جماعة النساء هل ورد فيهن مدح عن الشارع إلخ

سافرات الوجوه؛ لأنه خلاف نص القرآن وما عليه الإجماع، فمخالفه إن كان عن قصد وتحر فهو كافر، وإن كان يعلم الإثم ويرتكبه فقد ركب إثما كبيرا. وتقبيل اليد والرجل من الأجنبيات للأجنبي حرام؛ لأن كل ما حرم نظره حرم مسه، وأما الخلوة بالنساء فإن كن متعددات فيجوز مع الحجاب وإن كانت واحدة فلا يجوز وأما أمره لهن باجتناب الأزواج فهو حرج كبير وخطر عظيم لما فيه من داعية النشوز المنهي عنه في الكتاب العزيز، وإن نص على ذلك خوف الحمل فقد ارتكب بهتانا عظيما كيف والشارع أمرنا بالتزوج لأجل كثرة النسل لمباهاة الأمم يوم القيامة، ويؤدي ذلك لقطع النسل ومضاهات النصارى في الترهب المنهي عنه في شرعنا المخالف للتناسل فلا شك أن القائل بذلك زنديق يريد ضعف الأمة وإدخال الضرر على المسلمين، فيجب زجره وتنكيله ورده عن ضلالته وبدعه. وأما هدية الرياحين والطيب فلا بأس بها، وأما جعل المقبرة مسجدا فقد ورد في الشرع لعن المتخذ لذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". فإذا منع ذلك في قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكيف بغيرهم ولا سيما مثل هذا الضال المضل الملحد المخذول البائع لهواه نفسه، الغافل عن النصوص الشرعية والسنة المحمدية الخائض في أودية الضلال، النازل مع الشيطان في كل مقام. وأما قوله: ذلك في الشريعة حرام وفي الحقيقة حلال هذا زور وبهتان وضلال وحرمان فيا أيها المحروم الولهان من قال بهذا الخسران، وأي دليل عليه من سنة أو قرآن أو كلام إمام ممن يقتدى به في الأديان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولعمري إن هذه فرية ما فيها مرية فيجيب سدها ومنعها وإزالة أساسها وقلمها، فلو سلمت هذه المقالة لكان ذلك جوابا لكل مرتكب أي محظور، فإذا قيل له في ذلك يقول: هذا جائز في الحقيقة فالله حسيب هذا القائل الخبيث، فالله يطهر الدين منه ويسلم أهل الإسلام من ضلاله وبدعته، فيجيب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر الإنكار على هذا الشقي وزجره وردعه من بدعته وضلاله، بل إنه يستفسر عن أقواله وأفعاله فإن ظهر فيها ما يقتضي الردة عاملناه معاملتها، أو ما يقتضي التأديب أدبناه تأديبا لائقا به وبأمثاله زجرا له عن غيبته ومحاله، وهؤلاء قوم لم يمارسوا الشرع القويم والدين المستقيم بل قلدوا آراءهم فوقعوا في خلل كبير فوجب لهم الوبار والدمار وغضب الجبار، ثم المصير إلى النار والله تعالى أعلم. مطلب في جماعة النساء هل ورد فيهن مدح عن الشارع إلخ (سئل) في جماعة النساء هل ورد فيهن مدح عن الشارع يمدحهن به أو ورد فيهن ذم يذممن به وما حكمهن، وما ورد عن الشارع في حقهن

من ذم أو مدح؟ (أجاب) لا ريب أن النساء شقائق الرجال، وما ورد عن الشارع أمر ونهي إلا والرجال والنساء فيه مشتركون إلا ما كان مما اختص به الرجال من أمر المناصب والجهاد وغير ذلك، وما اختص به النساء من أمر الحيض والنفاث والولادة ونحوها، فمن عمل صالحا وصام وصلى وحج البيت وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وأدى ما عليه من الزكاة فهو من أهل الجنة من رجل وامرأة، ومن أعرض عن ذلك كله فهو من أهل النار من رجل وامرأة. نعم الرجال فضلوا على النساء بأمور من كون الرجل له في الميراث مثلا ما للمرأة ويلي الناصب وحكم المرأة بيده؛ قال الله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} وكم في النساء من امرأة توازن ألوفا من الرجال كمريم بنت عمران وآسيه امرأة فرعون وخديجة وبنتها فاطمة وعائشة وصفية وسائر سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة سارة ورابعة العدوية وغير ذلك، وكم من الرجال لا يعادله جميع النساء ولا جميع الرجال كسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وغيرهم؛ روينا في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابا من النار" فقالت امرأته: واثنين؟ فقال: "واثنين -وفي رواية واحد- فقال: أو واحد". وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إلا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله فقال: النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحبة مصر لا يزوروه إلا لله في الجنة، ألا أخبركم بنساء في الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: كل ودود ولود إذا عفيت أو أوسي+ إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى". ويؤيد هذا الحديث ما رويناه عن بعض ثقاة أهل الروم وهو أنه وقع في إسلامبول حريق قبل هذا الحريق وكان في القدس قاضيا يقال له عمر أفندي كان سنة ألف 1125 والحريق سنة 1124 فأخبرني جوخداره أنه لما وقع الحريق هرع جميع الناس حتى الوزير الأعظم فجاء إلى باب دار امرأة وأمروها بالفتح لطفي النار عنها وعن غيرها فامتنعت وأغلظت عليهم بالترك فتركوها فاحترق جميع ما حولها إلا بيتها لم يحترق منه ولا قلامة ظفر فاعتقدها الوزير وأهل إسلامبول جمعا فأرسل لها الوزير كم من بغل محمل من الخير فامتنعت فقالت لهم في الجواب: أنا لو قبلت مالكم حرقت مثلكم فرجعوا وأخبروا الوزير بذلك فقال: لا بئس ولكن اذهبوا واسألوها

لنا الدعاء وما السبب في مصابرتها على النار، فجاءوا إليها وسألوها فقالت لهم: إن زوجي له أربع سنين مسافر فما خرجت من بيتي بغير إذنه فكيف ربي يحرقني، فالمرأة التي تحفظ نفسها ودينها وزوجها فهي من أهل الجنة، ولا تحرقها نار الدنيا ولا نار الآخرة كهذه المرأة. ويدل على ذلك ما رواه عبد الله ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاع وليس من المتاع شيء أفضل من المرأة الصالحة". وعنه قال: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة". وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة تعين زوجها على الآخرة مسكين مسكين رجل لا امرأة له مسكينة مسكينة امرأة لا زوج لها". وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها أسرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله". رواه ابن ماجه عن علي بن يزيد عن القاسم عنه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا؛ فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقومه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوجا فاستوصوا بالنساء خيرا". ورواه البخاري ومسلم وغيرهما. وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". رواه ابن ماجه والحاكم إلا أنه قال: "خيركم خيركم للنساء". وقال: صحيح الإسناد. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أبواب الجنة حيث شاءت". رواه ابن حبان في صحيحه. وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت". رواه أحمد والبزار ورواية أحمد رواية الصحيح، وقد ورد في ذمهن أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "رأيت النساء أكثر أهل النار قالوا: لماذا يا رسول الله؟ قال: لأنهن يكفرن العشيرة -يعني الزوج- لو أنفقت على إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا". وقال علي -كرم الله وجهه-: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا وفاطمة رضي الله عنها فوجدناه يبكي بكاء شديدا فقلنا له: فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك؟ قال: "يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي يعذبن بأنواع العذاب فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن رأيت امرأة معلقة من شعرها يغلى دماغها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب من حلقها، ورأيت امرأة قد

مطلب في رجل من العلماء من أزرون دأبه سب العلماء والأولياء

شد رجلاها إلى ثدييها ويدها إلى ناصيتها، ورأيت امرأة معلقة بثدييها، ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار عليها ألف ألف نوع من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها والملائكة يضربون رأسها بمقامع من نار، فقالت فاطمة الزهراء رضي الله عنها: يا حبيبي وقرة عيني ما كان أعمال هؤلاء حتى وقع عليهن هذا العذاب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "يا بنية أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تستر وجهها من الرجال، وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما التي شد رجلها إلى ثدييها ويدها إلى ناصيتها وقد سلط عليه الحيات والعقارب فإنها كانت لا تغتسل من الجنابة والحيض وتستهزئ بالصلاة، وأما التي رأسها رأس خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمامة كذابة، وأما التي كانت على صورة كلب والنار تدخل من فيها وتخرج من دبرها فإنها كانت نمامة حسادة، يا بنية الويل لامرأة تعصي زوجها" انتهى. نقله ابن حجر في الزواجر. وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله تعالى من الأجر مثل ما أعطى أيوب عليه الصلاة والسلام على بلائه، أيما امرأة صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله تعالى مثال ما أعطى آسية امرأة فرعون بنت مزاحم"، والله تعالى أعلم. مطلب في رجل من العلماء من أزرون دأبه سب العلماء والأولياء (سئل) في رجل من العلماء من بلاد الأزرون دأبه سب العلماء والأولياء في غيبتهم، ويكفرهم ويلعنهم ويتكلم عليهم بكلام قبيح ويغير أسمائهم بأسماء القسيسين والرهبان، وكلما ظهر له رجل متصوف يسبه ويسب شيخه، وينكر كرامات الأولياء في حياتهم وبعد مماتهم، ويحرم دق الطبول الباز في ذكر الله تعالى ويحرم قراءة الأوراد والدعاء للسلطان نصره العزيز الرحمن، وثم بعض أناس من الذين استولت عليهم الغفلات وتركوا الآخرة وراء ظهورهم وانهمكوا في فسقهم يجالسونه، ويعملون بقوله ويساعدونه على سب العلماء وأهل التصوف فماذا يترتب عليهم بالوجه الشرعي؟ وهل لولاة الأمور زجرهم وتعزيرهم؟ وهل يجوز التوسل بالأنبياء والأولياء بعد مماتهم؟ وهل كراماتهم ثابتة بالكتاب والسنة؟ وهل تصريفهم ينقطع بالموت؟ وهل لذلك دليل من الكتاب والسنة؟ (أجاب) الحمد لله الذي نور قلوب أوليائه وطمس قلوب أعدائه فهم لا يبصرون اعلم زادك الله توفيقا ومحبة لأولياء الله تعالى وبعدا من أعداء الله تعالى أن هذا رجل مخزول مطرود من كرم الله إلى سخطه، ومن أنواره إلى الغفلة والوبار وفي الحديث الشريف: "إذا قال أحدكم لصاحبه يا كافر فقد باء بها أحدهما". ونحن نقطع بأن الذين يكفرهم هم أهل الإيمان فظهر أن القائل من حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، وكفاه خزيا

ومقتا وبعدا من الله ورسوله معاداته للأخيار والأبرار، فهذا رجل أعمى الله قلبه وبصره فأصبح في ضلاله يتردد، وعن الله ورسله يتباعد، وعن فعل الخير يتقاعد ولا عرف علما ودرسه، ولا عرف الخبر ولا مارسه، وكفاه ذلا وغضبا أن بلاده سلبها الله تعالى من النبوة والرسالة والولاية والكرامة فلا عجب على أعمى أن ينكر الشمس، ولا مسلوب أن ينكر اللمس بل العجب من قوم وجدوا في بلاد الأنبياء والأولياء وهم له تابعون وبقوله قائلون وبمذهبه يتمذهبون فوالله إنهم لأحق بالإبعاد منه، ولغضب الله لاحق بهم قبل، وإن كان هو المغوي لهم والموقع لهم {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك}. واعلم أن هذا الخبيث لم يكن في الأرض أشد بدعة منه ولا ضلالا أشد من ضلاله، واعلم أن الذي يجب علينا اعتقاده إثبات كرامات الأولياء أحياء وأمواتا كما قال السعد التفتازاني وغيره من أهل التحقيق، وقال تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون} لهم البشرى في الحياة الدنيا بإظهار كراماتهم أحياء وأمواتا وقع معاديهم وإلحاق العار والوبار وغضب الجبار لمن يؤذيهم، وفي الآخرة بوضع الدرجات وإعظام المشويات، وإن كل معادي للأولياء والعلماء حقيق بالطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ويستحق التعزير الشديد إن لم يكن في أفعاله واعتقاده ما يوجب الكفر، وإلا عاملناه معاملة المرتد. هذا الرجل وأتباعه لا تظن أنهم من أهل البدع، بل من أهل الكفر والضلال فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ ففي الحديث الصحيح: "يأتي أقوام حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة فوالله الذي لا إله إلا هو لا نعلم خلالا يدخل في ملك العثملي أشد بدعة من هذا الرجل نسأل الله تعالى أن يؤيد هذه الدولة العلية بإزالة هذا المنكر، وإلا فهذا موجب لخلل كبير وخرق لا ينسد إلى يوم القيامة، فإذا فرض بلاد العرب الكبيرة كمصر والشام والعراق سمعوا قوله أدى ذلك إلى خروجهم وبروزهم والله الموفق والهادي. وهنا كلام طويل وقال السعد أسعده الله وقال الأستاذ: نكفر من كفرنا فهذا الضال الملحد يكفر أهل الإسلام فهو الكافر حقا وصدقا، ومما بلغنا عنه قبحه الله تعالى أنه يضلل أهل مصر وهي خزانة العلم ومجمع العلماء، ويضلل أهل الشام وهم سوط الله في أرضه ينتقم الله بهم من يشاء من عباده، ولا يموت منافقهم إلا هما وغما وغيظا وحزنا كما نطق بذلك الحديث الشريف، ويضلل أهل القدس وهي صفوة الله من بلاده، ويضلل أهل مكة زادها الله شرفا على شرف، ويضلل أهل المدينة زادها الله نورا على نور وهذه

البلاد هي خير البلاد وأهلها خير العباد، وهم أهل الإيمان والإسلام، واعلم وفقك الله تعالى أنه تعالى منذ خلق الخلق بعث فيهم رسلا مبشرين ومنذرين هادين مهديين دالين على الله تعالى لم يكونوا من أهل العرب، فتأمل من زمن إبراهيم ومن بعده من الأنبياء إلى خاتم الرسل كلهم من أرضنا هذه، ثم جاءت الأولياء والعلماء على أثرهم ومددهم ساروا سيرا سويا، والفرق بينهما بالاستقلال في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والاتباع في غيرهم، وهؤلاء هم أهل الله وأهل الدين. أما يخرجون الدين أو يجددونه ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وما سمعنا ولا نقل إلينا أن رجلا من أزرون جدد للناس دينهم حتى نقول: إن هذا الزنديق يريد أن يضاهي ذلك الصديق، واعلم وفقك الله تعالى أن هذا الشقي ضال من وجوه لا تحصى؛ منها أن هذه الأمور التي يقولها كلها برأيه وعقله، ويعارض الناس ولا يسأل الرجل عن مذهبه فإن هذه الأباطيل التي يقولها ليست ثابتة عن أبي حنيفة إمام الأئمة حتى يكون لكلامه وجه ولا للشافعي كذلك ولا للمالكي كذلك ولا للحنبلي كذلك، بل هي محض زور وبهتان ليس لها سند إلا الشيطان، وليست هي من عقائد أهل الإيمان؛ لأن اعتقاد أهل السنة والجماعة أمران: أحدهما الفروع وهو ما عليه الأئمة الأربعة وهو مخالف لهم، ونصوصهم ناطقة بتكذيبه. الأمر الثاني: العقائد والناس فيه على عقيدتين أحدهما ما عليه إمام أهل السنة والجماعة وهو أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه وهو معتقد الشافعية والمالكية، والثانية ما عليه أبو منصور الماتريدي وهو ما عليه السادة الحنفية والحنابلة فزاد الله تعالى هذا الشقي مقتا وسخطا، فمن الذي يقول من هذين الإمامين بهذه العقائد التي يقولها فهذه كتبهم بين أيدينا، ومن الذي يكون من الأئمة الأربعة بهذه الفروع التي يبديها، والمنصوص عليه في كتبنا أن طبل الباز جائز عندنا، ولا يحرم من الطبول إلا الكوبة وهو طبل واسع الرأسين ضيق الوسط أو واسع الرأس فقط والأوراد المتداولة بين الناس التي ليس فيها ما يخالف الكتاب والسنة مثل حزب الإمام الشاذلي قدس سره العزيز وحزب النووي وحزب عبد القادر وأحزاب سيدي محيي الدين فكلها جائزة بل مندوبة؛ لأنها توسلات لرب العالمين وأدعية وآيات لا يمنعها إلا كل عتل جواظ لا يؤمن بيوم الحساب جاهل بالسنة ومواقعها ففي حديث ابن مسعود: قل كلما أصبحت وإذا أمسيت: بسم الله على ديني ونفسي وأهلي وولدي ومالي. وعن أبي طارق الأشجعي: قل: اللهم اغفر لي وارحمني وارزقني. فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك. وفي حديث رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمرو عن أبي بكر الصديق: قل: اللهم إني ظلمت

نفسي كثيرا فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. وفي حديث رواه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي: قل: أمنت بالله ثم استقم. ففي هذه الأحاديث تصريح بالأوراد وتعليمها، ولم يزل السلف والخلف على ذلك، وقد اجتمعت الأئمة على ذلك والإجماع أقوى الحجج، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة". فهذا الشقي يضلل الأمة وهو الضال المخزول لا ذاق للسنة طعما، ولا عرف لها لذة ولا أخذ العلم عن قوم منورين ولا أشياخ موقرين، وإنما هم في غفلات وظلمات فهم لا يبصرون ولا يعقلون، وإنما الحامل لهم على ذلك طمس البصر وعمى البصيرة والبغض والحسد والمعاداة لأهل العلم والإسلام، ولا يخفى أن الدعاء عندنا أهل السنة والجماعة مطلوب محبوب للعامة، فكيف لا يدعى للسلطان وهو أمير المؤمنين أعز الله شأنه ورفع سلطانه وأعز أعوانه إلى يوم الدين، وأظن أن هذا الرجل أعجمي حسود لمولانا السلطان، فإنه منصور مؤيد على جميع ملوك الأرض فقالت العجم: ما نظن أن هذا الأمر حاصل له إلا بالدعاء وخدمة الأنبياء الكرام فأرسلوا هذا المخزول حتى تقع الناس في الأنبياء، ولا يدعو للسلطان نصره العزيز الرحمن فيكون ذلك تأييدا لهم، ونعوذ بالله من الضلال. وقد وقعت أنه لما جاءت الانكشارية للقدس الشريف كان معهم رجل منور قال لي: يا شيخ لي نحو خمسة عشر سنة عندي إشكال وهو أننا نتوجه للسفر ونحن قليلون، ويقاومنا سبعة ملوك من النصارى فكيف يكون لنا طاقة بهم، فلما جئنا بلادكم ورأيناكم تدعون للسلطان بهذه الأدعية قلنا بأن هذه الأدعية ننصر، فالدعاء للسلطان إنما كان واجبا وكل من أتباع هذا الضال فهو مثله ليس هو من أهل السنة والجماعة، وإنما هو من أهل البدعة وعلى ولاة الأمور أيد الله بهم الدين الذي هو أحد الكليات الخمس التي أجمع على حفظها كل ملة وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، ولهذا شرع لهذه حدود وزواجر وجوابر. واعلم أن لحوم أهل العلم مسمومة فكل معاد لهم هالك في الدنيا والآخرة فلا دين له؛ لأنه لم يعتقد العلماء حتى يأخذ عنه دينه ولا يرجى له نجاة؛ لأن العلماء أعداؤه فلا يشفعون له. والتوسل بالأنبياء والأولياء جائز عقلا ونقلا إذ هم الواسطة بين العبد وربه فهذا رب السماوات والأرض ينادي السماوات والأرض والجبال واليهود والناس والمؤمنين فكيف نحن لا ننادي الأنبياء والأولياء ونتوسل بهم، فالقائل بعدم ذلك جاهل آثم ما درس الكتاب ولا دراه، ولا عرف النص ولا معناه، والذي يجب علينا اعتقاده أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم يرزقون

ويصومون ويصلون ويحجون وينكحون ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان، واستحوذ عليه الشيطان فكم ذكر ذلك من العلماء والأعلام أئمة الإسلام كما في الشفا للقاضي عياض وشروحه المواهب اللدنية والسير النبوية والخصائص وغير ذلك، ولهذا الرجل أقاويل كلها باطلة مخالفة للكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل ولكلام أهل المعاني والبيان ولنصوص الفقهاء والمحدثين والأئمة المعتبرين حتى إنه يخالف اللغة وعلومها وهو أعجمي أبكم، فهل سمعتم أن الدين جاءنا من أزرون أو قرآن أو غيرهما، فإذا كان يضلل أهل العرب الذين نقلوا الدين ودونوه، فمن أين جاء له هو الدين؟! هل تخطى بلاد العرب سيد الرسل وعلمه الدين وترك العرب؟! فهذه بلاد الإسلام مصر والشام والحجاز والعراق والروم والهند والأزبك والداغستان والأكراد والأعراف والغرب والشرق فما منهم أحد معتقد هذه الأمور التي يقولها، بل حتى الأرفاض والمعتزلة والكرامية والشيعة، بل حتى اليهود والنصارى فإنهم يعظمون إبراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام، وهو يريد هدم أماكنهم هدمه الله تعالى وقبحه أما علم أن مسجد إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام كان موجودا في زمنه صلى الله عليه وسلم، ومر به ليلة الإسرى وصلى فيه، وأمره جبريل بالنزول فنزل وهو صلى الله عليه وسلم لا يقر على منكر وكيف يكون منكرا وسليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام هو الباني له، ومر عليه قرون من الصحابة والعلماء والأولياء والأتقياء والصلحاء فما سمع من أحد الإنكار والاعتراض، فهل يسوغ لهذا التكلم بذلك القبيح، بل سمعناه عنه لما قدم له بعض الصالحين زبيبا من مدينة السيد الخليل، وقال له: كل من بركة الخليل فقال: لا تقل ذلك؛ فإن الخليل لا بركة له لانقطاعها بالموت؛ وقد قال الله تعالى: {وباركنا عليه وعلى إسحاق} وقال صلى الله عليه وسلم: كما باركت على إبراهيم حتى ولو وضعنا الحجارة في هذه الديار بالبركة لا حرج. قال تعالى: {الذي باركنا حوله} وقال تعالى: {إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} وقال تعالى: {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها} وقال تعالى: {ولسليمان الريح تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها} وبذلك تعلم أنه جاهل أبكم لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم ولا يدري ولا يعقل، وإنما قصده لا غراب بما هو باطل في كل باب، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم الحق أن كرامات الأولياء وتصرفهم ثابت لا ينقطع بعد الموت ولا قبله لأمور: منها ما نقل من كراماتهم حتى بلغ التواتر المعنوي الذي لا يسع لأحد من الناس إنكاره وذلك أن العلماء من أهل الأصول جعل التواتر المفيد للعلم قسمين أحدهما تواتر لفظي، والثاني تواتر معنوي

فالأول مثل ما بلغنا عن القرون السابقة والأمم والملوك الفانية والمدن العانية، والثاني مثل أن يقال: حاتم الطائي أعطى زيدا فرسا ويقول آخر: أعطى عمر جملا ويقول آخر: أعطى ذهبا ويقول آخر: أعطى فضة فيفيد ذلك أن حاتما كريم وذلك تواتر معنوي لإفادته العلم. وكرامات الأولياء وتصرفهم ولو بعد الموت من الثاني، وبلغني أنه أنكرها واستدل على ذلك قبحه الله بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقه جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ظنا منه أن الكرامة من فعل العبد، وما فهم الأعجمي الأبكم أن الكرامة ليست من عمل العبد، بل هي محض إكرام الله تعالى لعبده، كما أنه عظم ربه بالعبادة حفظه كما أنه حفظ ربه بالقيام بأوامره واجتناب نواهيه. وكما أخطأ هنا بالاستدلال أخطأ باستدلاله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يزارروهم لا يزاون لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد". فوجه خطأه أن هذا استثناء، وقد صرح النحاة وأهل المعاني أن المستثنى منه هنا مقدر وموافق للمذكور في جنسه وصفته، فالمعنى: لا تشد الرحال لمسجد من مساجد الدنيا إلا لثلاثة مساجد فغير هذه مساجد الدنيا لا تشد له رحال ففهم الأعجمي الأبكم العوام فلزمه أن يلزم هدم الدين ورفع معالم الصديقين فإذا لا حج ولا جهاد ولا غزو ولا تجارة ولا يزار نبي ولا ولي ولا يطلب العلم بشد الرحال. فتأمل بإنصاف رحماك الله تعالى الثاني من الأدلة ما تقدم من الآية لقوله تعالى: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} لو لم يكن المراد من البشرى أمر زائد على غيرهم لم يكن لذكرها فائدة، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا فائدة إلا إثبات الكرامة والتصريف لهم، وقد نطق الكتاب بذلك في قصة مريم القول بأنها ولية لا نبية على الصحيح وصاحب سليمان عليه الصلاة والسلام وقول عمر: يا سارية الجبل تحذيرا من ورائه، وأيضا من السنة ما نقله الحافظ عبد العظيم المقتدر في كتاب الترغيب والترهيب حيث قال: عن ابن عباس: ضرب بعض الصحابة خباء على قبر ولا يحسب أنه قبر إنسان فإذا إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا هو قبر إنسان قرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال صلى الله عليه وسلم: "هي المانعة هي المنجية من عذاب القبر". رواه الترمذي. قال شارحه الفاضل الفيومى: وهذا دليل على وقوع الكرامة بعد الموت؛ لتقريره صلى الله عليه وسلم وأخرج أحمد وابن أبي دنيا والطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن

الميت يعرف من يغسله ويحمله ويكفنه ومن يدليه في حفرته، وإذا طالعت كتاب السيوطي شرح الصدور في أحوال الموتى والقبور وجدت أشياء كثيرة يضيق عنها الحصر، واعلم أيها المؤمن الموحد أنا قد روينا الحديث المتواتر المقطوع بصحته عند أهل الحق والباطل الشائع في جميع الكتب المعتبرة عند أهل الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افترقت اليهود على أحد وسبعين فرقة، وستفترق النصارى على اثنين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة قالوا: يا رسول الله، أين نكون؟ قال: مع الجمهور". فلله الحمد الغرب على سعتها وقوة أهلها كلها أهل سنة وجماعة الأقرية صغيرة تقال لها جربا، وجميع إقليم مصر والبربر والتكرور والزيلع والحبشة كلها أهل سنة وجماعة وأهل الهند وجاوى وإشته وقشمير والأيكن والداغستان أهل سنة وجماعة، ومن مكة المشرفة إلى جينين أهل سنة وجماعة الداخل في ذلك القدس الشريف وغزة والرملة ونبلس وجميع أهل البادية والشام أهل سنة وجماعة إلا حارة بها، وغالب قراها أهل سنة وجماعة، وكذلك حلب والعراق وبغداد والبصرة والكوفة أهل سنة وجماعة إلا حارة ببغداد وإلا بعض عربها وبعض أهل مكة والمدينة وعربها وقراها أهل سنة وجماعة إلا فيها فرقة زيدية، وليس لها في الفروع كبير خلاف وفي الأصول على أصولنا وأهل اليمن أهل سنة وجماعة إلا فيها فرقة شيعة، وليس لها كبير خلاف إلا أنهم يبالغون في محبة أهل البيت، وبلاد العجم أهل سنة وجماعة إلا لما ولي فيها الشاء وكان فاسد العقيد فتبعه بعض الجند على اعتقاده وجميع قراها ومدنها شافعية أهل سنة وجماعة، وبلاد الروم كلها أهل سنة وجماعة إلا أنه حدث فيها في هذا الزمن فرقتان زادلية وحمزاوية وكل هذه الفرق محقها ومبطلها يعظم الأنبياء والأولياء أحياء وأمواتا إلا المعتزلة، فإن منهم من أنكر كرامات الأولياء مطلقا، ومنهم من أنكرها بعد الموت إذا تأملت ذلك، وأراد الله تعالى أن يثبت عليك دينك وإيمانك علمت أن هذا الزنديق الذي خرج في هذا الزمان من أشر البدع ولا نعلم له فرقة نلحقه بها إلا الشيطان وجنوده، فإنه ورد: "لا تقوم الساعة حتى يخرج إبليس في صورة رجل علم يدعو الناس إلى نفسه يقول: أنا وأنا. وأيضا روينا في زوائد الجامع الصغيرة من حديث البشير النذير أنه قال: "يأتي أقوام حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة". وورد إلى لعن آخر هذه الأمة أولها فانتظروا الساعة، ثم أنا أعرضنا اعتقاد هذا الزنديق على

مطلب فيما اعتاده السادة الصوفية من التوجه إلى زيادة الأنبياء إلخ

اليهود فأبوا جميعا؛ لأنهم يعظمون إبراهيم وأماكنه، ويقولون: إنها مباركة وذريته كذلك وهو ينكرها، ويريد هدم مكانه والنصارى مثلهم بل أجل، وجميع أهل الإسلام على اعتقاد ذلك، فقد علمتم أنه ليس له فرقة من بني آدم تحويه إلا شيطان يغويه ونفس تطغيه، وقد علمتم أيها المؤمنون أن الله تعالى منذ خلق الخلق جعل هذه البلاد أعز العرب يخرج منها أنبياء وأولياء وعلماء يعلمون الناس دينهم من زمن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك العلماء والأولياء وما علمنا أن أزرون خرج منها أحد هذا الناس إلا هذا المضل الملحد، وما خرج إلا محنة لقلوب كثير من الناس الذي إيمانه على شفا جرف هار وما على مثله يعد الخطأ؛ لأنه أعجمي عنيد وشيطان مريد لا يفهم ما يقول، ولا يعول عليه في النقول، ولا نشأ عند قوم معظمين، ولا أخذ العلم من أشياخ منورين، وليس في بلاده ولي حتى يعرف قدره ولا نبي حتى يعظم أمره، بل صور وأجسام كأنها الأصنام، وقلوب طمسها علام الغيوب، ونفوس لوامة حركاتها ملامة، وأنفاسها ندامة حتى تلقيها في النار وتلحقها العار والوبار وغضب الجبار، وليس العجب منه؛ لأنه لا يعرف له أصل ولا سريرة، ولا سمع ولا مرمى ولا حقيقة ولا مبنى، بل العجب من أقوام تبعوه وزادوه ضلالا ووبالا ونكالا فتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم القويم الذي عليه الجماهير، وتبعوا دين الشياطين، وبذلك تعلم أن الدجال إذا خرج يكثر تبعوه فيعز مخالفوه، والله تعالى يعصم ديننا من التغيير، وإيماننا من التحويل، وأظن أن من تبعه قل منهم من يسلم من الوبار وغضب الجبار، ولا بد أن يلحقه العار {ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته} ومثلهم من تبع السامري على عبادة العجل فقال لهم: هذا إلهكم وإله موسى وقد عالجهم موسى عليه السلام ومع ذلك أشربوا حب العجل وما خرج من قلوبهم وهؤلاء أشربوا حب العجل وقل أن يخرج من قلوبهم ولو أن كاتبا كتب كرامات الأنبياء والأولياء أحياء وأمواتا لملأ الأسماع وأشاع وذاع فلا عجب من أعمي البصران ينكر الشمس ولا من الميت أن ينكر اللمس ولا من المصروف عن طريق الحق أن ينكر الحس فقد أنكرت السوفسطائية حقائق الأشياء والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي للصواب. مطلب فيما اعتاده السادة الصوفية من التوجه إلى زيادة الأنبياء إلخ (سئل) فيما اعتاده السادة الصوفية من التوجه إلى زيارة الأنبياء والأولياء وتقبيل ضرائحهم والتوسل والاستغاثة بهم ويذهبون بالأعلام ويدقون طبول الباز والمزاهر هل ذلك حرام أم لا وإذا قلتم حرام فما الموجب لحرمته؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن زيادة القبور مستحبة مطلوبة لغير الأنبياء الكرام فما بالك بخيرة الله من خلقه وصفوته من عباده

مطلب ورد عن بعض علماء السادة الحنابلة إلخ

ولا يمنعها إلا كل شقي بغيض عدو للإسلام مغيض قال القطب الرباني والعالم الصمداني محيي الدين النواوي قدس سره العزيز مع شرح ابن حجر له ويندب زيارة القبور التي للمسلم للرجال إجماعا وكانت محظورة لقرب عهدهم بالجاهلية فربما حملهم على ما لا ينبغي ثم لما استقرت الأمور نسخت وأمروا بقوله صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة وأما النساء فإن الزيارة لغير الأنبياء لهن مكروهة وقبور الكفار لا تسن زيارتها قال: يسن للنساء زيارة قبور الأنبياء وقبره صلى الله عليه وسلم أشد استحبابا ويسن لهن زيارة الأولياء والعلماء وتقبيل ضرائحهم غير ممنوع والتوسل بالأنبياء والأولياء مطلوب محبوب كما عليه السلف والخلف وجميع الطبول جائزة إلا الدربكة وهي طبل واسع الرأس ضيق الوسط فليس شيء من ذلك ممنوعا بل هو مطلوب محرك للقلوب إلى علام الغيوب لا ينكره إلا كل ملحد مبتدع من أهل الضلال والله أعلم. مطلب ورد عن بعض علماء السادة الحنابلة إلخ (سئل) ورد عن بعض علماء السادة الحنابلة حفظهم الله تعالى سؤال صورته فيما اشتهر في بلادنا في هذا الزمن من العملة المسماة بعملة المثالثة وهو أن يدفع إنسان لآخر مائتي قرش قرضا بثلاثمائة إلى أجل ويأتيان إلى فقيه من فقهاء السادة الشافعية يعمل لهما حيلة لأجل الخلاص من الربا فيقول الفقيه للمعطي: بع الآخذ محرمتك أو سكينك أو بيتك أو هذا الكتاب أو المسبحة أو السواك أو نحو ذلك بالمائة الزائدة ويكتب على الآخذ صكا بالثلاثمائة قرش أو يقول الفقيه للآخذ أنذر له بالقدر الزائد أو يقول له هبه كل مدة كذا مثلا فهل هذا البيع والنذر والهبة صحيح مع الشرط ويخلص من الربا مع أن هذا نفع وقد ورد في الحديث الصحيح كل قرض جر نفعا فهو ربا، وهل الإثم على الآخذ والمعطي أم على الفقيه الذي حلل لهما ذلك مع أن غالب الفقهاء الفاعلين لذلك من أهل التصوف ومنسوبين للعلماء الصوفية وملازمين على الذكر والأوراد والخلوات وغير ذلك فهل يجوز منهم ذلك وهل يجوز إقرارهم على ذلك وماذا يترتب على ذلك من الأحكام ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح أفيدوا جوابا كافيا تعطوا أجرا وافيا لا زلتم لكشف المعضلات ودفع البليات. (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أولا أن زمننا هذا كثر فيه الجهل بأقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين حتى صار علماؤه يفسرون الكلام وينسبونه إلى أصحاب المذاهب من أئمة الدين ويضعون الأحاديث والأكاذيب بحسب أغراضهم الفاسدة ولا يبالون وسبب ذلك قصورهم في العلم وعدم الاطلاع على كتب العلماء من الفقهاء وغيرهم وها أنا أنقل لك ما ذكره العالم العلامة شيخ المذهب الشمس الرملي رحمه الله تعالى

في كتابه المعتمد في المذهب شرح المنهاج المقبول عند أهل الإسلام فذكر رحمه الله تعالى أن هذا البيع والنذر والهبة بهذه الصورة باطل قطعا فذكر في كتاب البيع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط كبيع بشرط بيع أو بيع دار مثلا بألف بشرط قرض مائة لأنه جعل الألف ورفق العقد الثاني ثمنا واشتراطه فاسد فبطل مقابله من الثمن وهو مجهول فصار الكل مجهولا انتهى، وذكر أيضا فبيع بشرط إجارة أو إعارة باطل لذلك سواء قدم ذكر الثمن على الشرط أم أخره عنه انتهى وذكر في باب القرض بقوله ولا يجوز قرض نقد أو غيره بشرط رد صحيح عن مكسر أو رد زيادة على القدر المقترض أو رد جيد عن رديء أو غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض كرده ببلد آخر أو رهنه بدين آخر فإن فعل فسد العقد لخبر فضالة بن عبيد رضي الله عنه كل قرض جر منفعة أي شرط فيه عمل يجر إلى القرض منفعة فهو ربا والمعنى فيه أن موضوع القرض الإرفاق فإذا شرط فيه لنفسه حقا خرج عن موضوعه فمنع صحته انتهى، وذكر أيضا ومنه القرض لمن يستأجر ملكه مثلا بأكثر من قيمته لأجل القرض إن وقع ذلك شرطا إذ هو حرام بالإجماع وإلا كره عندنا وحرم عند كثير من العلماء انتهى وذكر أيضا في كتاب النذر وقد اختلف من أدركناه من العلماء في نذر من اقترض شيئا لمقرضه كل يوم كذا ما دام دينه أو شيء منه في ذمته فذهب بعضهم لعدم صحته لأنه على هذا الوجه الخاص غير قربة بل ليتوصل به إلى ربا لنسيئة وذهب بعضهم وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى إلى صحته لأنه في مقابلة نعمة ربح المقرض أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لارتفاق ونحوه ولأنه يسن للمقرض رد زيادة عما اقترضه فإذا التزمها بالنذر لزمته فهو مكافأة إحسان لا وصلة للربا إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا انتهى وذكر في كتاب الهبة ولا تصح الهبة بأنواعها مع شرط مفسد انتهى فقد علمت أيها الإنسان ما ذكره العالم العلامة المذكور فيا علماء المسلمين ويا قضاة الموحدين ويا فقهاء يا مدرسين يا أصحاب الدين المتين يا حضر يا بدو يا فلاحين رحمكم الله تعالى ووفقكم للحق المتين هل سمعتم أن المحرمة التي قيمتها مثلا نصفا فضة تباع بمائة قرش، وهل المشتري يأخذها بهذا الثمن إلا لأجل أن يدفع له بائعها مثلا مائتي قرش قرضا أو أن المقرض يدفع للمقترض شيئا إلا أن يشرط عليه أن ينذر له الفائدة أو أنه يدفع له شيئا إلا أن يقول له تهب لي مثلا شيئا قدر الثلث ونحوه وهل يخال لكم أن يدخل في عقولكم أن المقترض يشتري بهذا الثمن أو ينذر أو يهب إلا لأجل القرض ويشرط عليه الدافع له ذلك ومراده يتخلص من الربا وهو الربا بعينه فحسبنا الله تعالى

على من فعل ذلك وحلله من الفقهاء ونعم الوكيل وجازاه الله تعالى بهذا الفعل الشنيع الجزاء المثيل وعامله بعدله حيث أنشأ عملة المثالثة بغير دليل وأباح مال زيد لعمرو بلا سبيل وأظهر الربا في هذا العصر ولم يخش الجليل وأغضب الرحمن وأرضى الشيطان بثمن قليل فهو من الذين استحوذ عليهم الشيطان ألا إن حزب الشيطان هو الخاسر الذليل والآخذ لذلك إن كان مضطرا فسيكون سالما من الإثم وأما الآكل لذلك وهو صاحب المال المعطي أظن أيضا أنه كذلك ليس عليه إثم لأنه قلد في ذلك فقيها وإنما جميع الإثم والوبال والنكال وغضب الجبار على الفقيه الذي حلل هذا الحرام وكاتب الوثيقة الذي أباح هذه الآثام والشاهد الذي يجر بشهادته للغير مال الغير باطلا ظلام أولئك ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم بدر التمام كما ورد بذلك في الحديث الشريف عن سيد الأنام ولقوله عليه الصلاة والسلام: من قضي له من مال أخيه بغير حق فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار وقوله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ويلحق بذلك كل من حضر وأقر على ذلك لما ورد في الخبر الصحيح عن صاحب القدر الرجيح من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ويجب على كل مسلم أن ينكر ذلك لما ورد في الخبر عن سيد البشر: لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله تعالى بعذاب من عنده وأي منكر أعظم من هذه الفعلة الشنيعة لأن الربا من الكبائر بل قال بعضهم إنه من أكبر الكبائر وعلامة على سوء خاتمة آكله والعياذ بالله تعالى ولم يحل في شريعة من الشرائع قط، وما من نبي من الأنبياء إلا وقد حذر قومه منه، قال تعالى: {وأخذهم الربا وقد نهوا عن وأكلهم أموال الناس بالباطل} وعلى الفرض والتقدير أن هذا الفقيه الفاعل ما ذكر إذا وجد له قولا ووجها محللا لذلك عند إمامنا الشافعي رضي الله عنه أليس أن هذا ربا وحرام وباطل غير صحيح عند الإمام أحمد بن حنبل قدس سره العزيز، والعوام لا مذهب لهم فكيف يسوغ له الإقدام على مخالفة مثل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، قال بعض العارفين والله لو علمت أن شرب الماء البارد يخل بمروءتي ما شربت، وأي خلل للمروءة من أن يشاع بين الناس أن الفقيه الفلاني حلل عملة المثالثة وأيضا شيوع هذا الأمر وظهوره يلزم منه وقوع الناس في عرض مثل هذا الفقيه المحلل لهذا الأمر وقد قال أبو هريرة رضي الله عنه حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائن من العلم أحدهما بثثته في الناس والثاني لو بثثته لأزيل هذا البلعوم وقوله صلى الله عليه

مطلب فيما يفعله السادة الصوفية إلخ

وسلم: أمرنا باتباع الظاهر والله يتولى السرائر، وقال صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. قال بعض شراح هذا الحديث: المعنى اترك ما في حله شك إلى ما لا فيه طلبا لبراءة دينك وعرضك، ودع ما تشك فيه إلا ما لا تشك فيه من الحلال البين الظاهر الصافي المصفى الذي يحمدك الناس على فعله، ودع الذي تذمك الناس على فعله. وقال أبو ذر رضي الله عنه: تمام التقوى ترك بعض الحلال خوفا أن يكون حراما لما في ذلك من ترك الريبة؛ لأن تركها ورع كبير عظيم في الدنيا والآخرة. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك قال: وكيف لي العلم بذلك؟ قال: إذا أردت أمرا فدع يدك على صدرك؛ فإن القلب يضطرب للحرام ويسكن للحلال، وإن المسلم يدع الصغيرة مخافة الكبيرة". وقال حسان بن سنان: ما شيء أهون من الورع إذا رابك شيء فدعه، وفي رواية: من عرض نفسه للتهم فلا يأمن من إساءة الظن به، فمن طلب البراءة لدينه فقد صان عرضه عن كلام الناس فيه بما يصيبه ويشينه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك، فاتقوا الله عباد الله ولا تكونوا من الغافلين فتلحقوا بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويجنبنا الفساد والردى ويهدينا للصراط المستقيم بحرمة محمد صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين. ويتعين على الفقيه الصوفي بل يجب عليه أن يتجنب إساءة الظن به خصوصا هذه الأفعال ولو كانت على الصواب، وأن يكون جوهري الفكر جوهري الذكر جميل المنازعة قريب المراجعة لا يطلب من الحق إلا الحق، ولا يتمذهب إلا بالصدق مذكرا للغافلين معلما للجاهلين، لا يؤذي من يؤذيه ولا يخوض فيما لا يعنيه ورعا من المحرمات متوقيا عن الشبهات والشهوات، لا يكشف أمرا ولا يهتك سترا، لطيف الحركة نامي البركة حلو المشاهدة سخيا بالفائدة حسن الأخلاق طيب المذاق، حليما إذا جهل عليه، صبورا على من أسى إليه أمينا على أمانته، بعيدا عن خيانته ثابت الجنان صدوق اللسان تأمن بوائقه الجيران والله تعالى الموفق أعلم. مطلب فيما يفعله السادة الصوفية إلخ (سئل) فيما يفعله السادة الصوفية من إعطاء العهود للفقراء وأخذ الفقراء منهم العهد، فهل ذلك حسن مستحب؟ (أجاب) أخذ العهد حسن محبوب؛ لأن الشيخ يذكر للمريد كلاما يعاهده عليه معناه الرجوع عن المعاصي والدوام على الطاعة، وهذا الدليل أصل أصيل جاءت به الأحاديث منها عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله

مطلب عن رقص الصوفية عند تواجدهم إلخ

شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا، ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك"، والله تعالى أعلم. مطلب عن رقص الصوفية عند تواجدهم إلخ (سئل) عن رقص الصوفية عند تواجدهم هل له أصل؟ (أجاب) ذكر العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى بقوله: نعم له أصل فقد روي في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة هذا الخطاب، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم. وقد صح التمايل والرقص في مجالس الذكر والسماع عند جماعة من كبار الأئمة؛ منهم شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله تعالى انتهى. فجعل ذلك أصلا لجواز رقص الصوفية عندما يجدونه من لذة الوجد في مجالس الذكر والسماع. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض بكى ثلاثمائة عام، فأوحى الله تعالى إليه: ما يبكيك؟ قال: يا رب لست أبكي شوقا إلى الجنة ولا خوفا من النار، ولكن أبكي على فراق الملائكة الذين يطوفون على العرش سبعون ألف صف جرد مرد يرقصون ويتواجدون كل واحد منهم قد أخذ بيد صاحبه يقولون بأعلى صوتهم: من مثلنا وأنت ربنا من مثلنا وأنت حبيبنا. وذلك دأبهم إلى يوم القيامة فأوحى الله تعالى إليه أن ارفع رأسك يا آدم فانظر فرفع رأسه إلى السماء فنظر إلى الملائكة وهم يطيرون حول العرش فسكن روعه. قالت الصوفية: نقلد إخواننا في السبب وأصحابنا من أهل السماء في المذهب. ووقع سؤال في مصر المحروسة في سنة خمس ومائة وألف صورته. مطلب ما تقول السادة العلماء إلخ (سئل) ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم في رجل معترض يقول في حق السادة الخلوتية وغيرهم حين يقومون للذكر، ويدورون محلقين آخذين بأيدي بعضهم بعضا ويسمونها الهوية أنهم يكفرون؛ لأنهم يرقصون ويتلاعبون بالذكر، ويكفر من يقول بجواز ذلك فماذا يترتب على هذا الخبيث في إنكاره على هذه الطائفة الفائزة الناجية إن شاء الله تعالى الذين يجتمعون على تلاوة القرآن العظيم، وذكر الله تعالى، والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وإخراجه لهم عن دائرة الإسلام، وهل لهؤلاء الطائفة مستند من السنة المطهرة أو من أحد من السلف الصالح أم لا. ومن جملة اعتراضه وشدة افترائه أن قال لجماعة: اقضوا جميع صلاتكم التي صليتموها خلف من يفعلها أو يقول بجوازها، ومن جملة اعتراضه أيضا أن قال: من يقول: يا سيدي أحمد يا بدوي أو غيره من

مطلب سئل العلامة الشيخ محمد الشوبري عما يفعله السادة الخلوتية إلخ

الأولياء يكفر؛ لأنه أشرك مع الباري سبحانه وتعالى غيره، مع أن قائل هذا إنما يقوله بقصد التوسل بالله لقربه من الله تعالى مع اعتقاده أن الله تعالى إله واحد لا شريك له، فهل اعتراضه مردود أم لا؟ وهل التوسل بالأنبياء والأولياء جائز في الحياة وبعد الممات أم لا؟ (أجاب) قال الشيخ الإمام العلامة أبو العز أحمد بن العجمي الشافعي الوفائي الأزهري: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين هذا المعترض لا يعبأ باعتراضه، ولا يتابع في أقواله وإن اعتقد أن ما عليه هذه الطائفة كفر فقد باء به، وعليه أن يجدد إسلامه مع تعزيره وتنكيله لإساءة الأدب وتمويهه، فقد واظب هذه الطائفة جملة أعلام من مشايخ الإسلام كالعلامة المقدسي والعلامة الشرنبلالي، وحضر مجالسهم جهابذة حفاظ دأبهم النقل عن الشريعة بأوثق حفاظ فلهؤلاء الطائفة سند أي سند وسلف أي سلف. وما يفعلونه ليس برقص إنما مجرد دوران، ومع التنزل فالرقص الخالي عن التكسر والتثني لا حرمة فيه ما لم ينضم إليه محرم كآلة ومزمار، واشتمل على تكسر وتثني وأمره بقضاء الصلوات دليل سوء عقيدته إما لكونه لا يرى صحة الصلاة إلا خلف معصوم، أو اعتقاد كفرهم هذا كفر والعياذ بالله تعالى، فإن الصلاة صحيحة خلف كل بر وفاجر ولا قضاء كما لو بان أمامهم محدثا أو ذا نجاسة خفية إنما يلزم القضاء إذا بان إمامه كافرا معلنا أو خافيا. وقوله: يا سيدي أو يا شيخ ليس من الإشراك؛ لأن القصد التوسل والاستغاثة؛ قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة}. مطلب سئل العلامة الشيخ محمد الشوبري عما يفعله السادة الخلوتية إلخ وقد (سئل) أستاذنا علامة الإسلام حامل لواء الشريعة الغراء على أحسن نظام الشيخ محمد الشوبري رحمه الله تعالى عما يفعله السادة الخلوتية من ذكر الله تعالى قائمين محلقين رافعي أصواتهم بقولهم: "هو هو هو" فهل لمن يعرف ذلك الاعتراض عليهم، ويدعي أنهم يمنعون من ذلك؟ (أجاب) بأن طريق السادة الخلوتية من أعظم الطرق العرفانية قصد سلوكها الكثير من الأئمة الأعلام السادة القادة العظام لتصفية السرائر، وتنوير الأفئدة والبصائر والتخلص من الدعوات النفسانية والتخلق بأخلاق تلك الأسرار العرفانية فأشرقت والله عليهم أنوارها، ودارت فيهم وبهم وعنهم أسرارها، فكملوا بالحقيقة بهذه الطريقة وصاروا هم المشار إليهم بالكمال على هذه الحقيقة فيا لها من موارد ما أعذبها ومشاهد ما أطيبها كرع من حياضها العاملون، وتلوا في مشاهدة أسرارها وما يعقلها إلا العاملون إلى أن قال: فلا منع ولا إنكار من ذلك، ولا اعتراض على أهل هذه المسالك. وفي حاوي الفتاوى لخاتمة الحفاظ والمحققين شيخ المحدثين العلامة

مطلب في جماعة صوفية اجتمعوا في مجلس ذكر إلخ

جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى. مطلب في جماعة صوفية اجتمعوا في مجلس ذكر إلخ (سئل) في جماعة صوفية اجتمعوا في مجلس ذكر، ثم إن شخصا من الجماعة قام من المجلس ذاكرا فاستمر على ذلك، فهل لأحد زجره ومنعه؟ (أجاب) لا إنكار عليه فقد (سئل) عن هذا السؤال شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني رحمه الله تعالى (فأجاب) بأنه لا إنكار عليه، وليس لأحد منعه ويلزم المتعدي بذلك التعزير. (وسئل) عنه العلامة برهان الدين الأنباسي رحمه الله تعالى (فأجاب) بمثل ذلك، وزاد أن صاحب الحال مغلوب والمنكر محروم فالسلامة في تسليم حال القوم، (وأجاب) بذلك بعض أئمة الحنفية والمالكية كلهم كتبوا على هذا السؤال بالموافقة من غير مخالفة، وكيف ينكر الذاكر قائما والقيام ذاكرا، وقد قال الله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم}، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى في كل أحيانه وإن انضم إلى هذا القيام رقص أو نحوه، فلا إنكار عليهم فذلك من شدة الشهود بالتواجد؛ لما ورد في حديث جعفر بن أبي طالب لما رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: أشبهت خلقي وخلقي كما تقدم. وقد (أجاب) العلامة الشيخ سليمان الشبراخيتي المالكي رحمه الله تعالى على ذلك بقوله: هؤلاء السادات ذكرهم مشهور مشهود ويحضرهم فيه العلماء والفقهاء قرنا بعد قرن من قديم الزمان إلى الآن، فهم على حال محمود وطريق بالخير معهود، فمن آذاهم مستحق لما في الحديث القدسي من الوعيد: "من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب". ومن لم يكن منهم وليا فهو في حمى الأولياء لحبه لهم ومشيه على طريقتهم، وما رأينا السادة الخلوتية بمصر من السادة الدمرداشية والسادة الذين هم فروع الأستاذ سيدي كريم الدين الخلوتي وغيرهم إلا في غاية من الإتقان بذكر كلمة الإيمان والنطق بالاسم الأعظم على وجهه المعظم مما استنارت به سرائرهم، وزكت به ضمائرهم، فمن نسبهم للكفر فهو الكافر، وصلاتهم في غاية الصحة فعلى من كفرهم أن يراجع إسلامه، وعلى ولي الأمر أن يدفع عن هؤلاء السادة ويكف عنهم ألسنة الجهلة المتكلمين فيهم بغير ما يجوز في حقهم، فمثل هؤلاء السادة المحيين لما اندرس من طريق القوم لا يجوز التكلم عليهم والخوض في حقهم مع ما لهم من الأذكار في الخلوات والجلوات، وما هم عليه من الصيام والقيام فهم السادة الأعلام، وممن يرحم الله بهم الأنام ولا عبرة بمن خالفهم فإنه محروم والسلام. انتهى والله أعلم. مطلب هل يجوز الاعتراض على السادة الصوفية إلخ (سئل) هل يجوز الاعتراض على السادة الصوفية فيما يفعلونه في الذكر من رفع الصوت والرقص والهوية والتحلق لذلك أو لا

وهل يجوز التوسل بالأنبياء والأولياء والصلحاء؟ وهل يجوز الاهتزاز حالة الذكر؟ وهل السماع لهو باطل أو حلال؟ وهل قول المعترض: الحصر الذي يرقص عليه لا يصلى عليها حتى تغسله ونقله عن قاضي خان أله أصل أو لا؟ وقوله أن الرقص والتواجد أحدثه السامري، وينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد؟ وهل يكره المشي في الذكر والدوران؟ وهل قال بعضهم بكفر فاعله؟ وهل ورد أنه لما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا مشى في حال الذكر، وسقط على الأرض وصار كالخشبة فقال لأصحابه: اذبحوه أو ألقوا عليه هذا العمود لا أبرح من مكاني حتى أجدد إيمانه؛ هل ليس له أصل في السنة؟ وهل ذكر في كتاب البزازية أن دوران الصوفية في مجلس الذكر لعب وتشبه بفعل المشركين في أيام كفرهم؟ وهل قال الطحاوي: دوران الصوفية حرام والحضور معهم حرام؟ وقال صاحب الفتاوى: دوران الصوفية حرام ولو استحلوا ذلك كفروا؟ وقال الطرطوسي: دورانهم رقص أحدثه السامري أولا فهل هو حرام، وتشبه بالكفرة الضالين فالمأمول من سيدي تتفضلوا علينا بالجواب عن هذه الأسئلة حتى نكون في ذلك على بصيرة، وتزيلوا منا الشك في ذلك؛ لأجل أن ندحض المعترض أثابكم الله تعالى الجنة؟ (أجاب) لا شك أن من عارض السادة الصوفية فيما هم فيه من ذكر وعبادة وغيرهما إنما مراده إبطال نظام الإسلام، ولا شك أن هذا ابتداع يجب رد من أراده وزجره وتنكيله بما يليق بحاله، وأن هذا المعترض لا يخلو إما أن يكون اعتراضه لغرض نفساني، فهذا لا نظر إلى اعتراضه، ويترتب على أفعاله مقتضاها، وإما أن يكون لحسد أهل الطريق وبغضهم فلا يخفى ابتداعه وضلاله فإن السادة الصوفية على حق وطريقهم مسدد مبني على التفويض والتسليم وقول القائل أن الذاكرين على تلك الحالة يكفرون، فإن قال بكفرهم عن تصحيح واعتقاد فلا يخفى إثمه بل كفره؛ لأن من كفر مسلما عن اعتقاد بلا تأويل كفر وإن قال ذلك لما اشتمل عليه فعلهم من الرقص والهوية، فهذا لا يقتضي التأثيم فضلا عن التكفير فقد صرح أئمتنا بأن الرقص لا حرمة فيه ولا كراهة؛ لما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم وقف لعائشة يسترها حتى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ويزفنون، والزفن الرقص، ولأنه مجرد حركات على استقامة أو اعوجاج، نعم إن كان بتكسر حرم وهم لا يفعلونه بتكسر كما هو مشاهد منهم، ثم لا يخفى على كل أحد أن الذكر بسائر أنواعه محمود سواء كان بتسبيح أو تقديس أو ذكر أو غير ذلك، كما ورد في ذلك آيات وأحاديث وآثار جمة واعلم أن الاعتراض على القوم مما يوجب

الخذلان فيوقع فاعله في واد من الخسران كما نص على ذلك العلامة ابن حجر من أئمتنا فمن اعترض عليهم يخشى عليهم سوء الخاتمة كما وقع لكثير من الناس أنهم مقتوا بذلك ولم يفلحوا {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}. وأما التوسل بالأنبياء والأولياء والعلماء فقد نص أئمتنا أنه يجوز التوسل بأهل الخير والصلاح سواء كانوا أحياء أو أمواتا، ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان وسوء العقيدة نعوذ بالله تعالى من المنكر ومن سيرته، وأما الاهتزاز في حالة الذكر فمندوب إليه؛ لما روى الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه وصف الصحابة يوما فقال: كانوا إذا ذكر الله مادوا كما تميد الشجر في اليوم الشديد الريح وجرت دموعهم على ثيابهم قال أهل اللغة: ماد يميد إذا تحرك، ومادت الأغصان تميد تمايلت. قال شيخنا العارف جمال الدين عبد الله بن حسام الدين خليل الاسترابادي البسطامي قدس الله تعالى روحه: وهذا صريح على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحركون في الذكر حركة شديدة يمينا وشمالا؛ لأنه شبه حركتهم بحركة الشجر يوم الريح، ومن المعلوم أن الشجر في يوم الريح يتحرك حركة شديدة، فثبت مطلقا إباة الميلان بهذا الأثر على أن الرجل غير مؤاخذ بما يتحرك ويقعد ويقوم ويلبث على أي نوع كان لا يكون منهيا عنه، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم نهي عن الحركة في الذكر، ولو كان فيها كراهة لبينها لأمته فيما ورد عنه. ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اذكروا الله حتى يقولوا مجنون". وفي حديث: "اذكروا الله حتى يقول المنافقون أنكم مراءون". ومقتضى هذا أن لا يذكر الله تعالى سرا؛ لعدم الإخلاص وإذا جهر مراآة وقد وصفه الله تعالى بالقلة حيث قال فيهم: {ولا يذكرون الله إلا قليلا} فسرهم بمقتضى النفاق معدوم وجهرهم قليل، فالإكثار من الجهر محمود عند الله تعالى وعلامة الإيمان، والإقلال منه مذموم وعلامة النفاق، وأما السماع فهو محمود كما أفتى بذلك أئمة الشافعية وغيرهم بخلاف السماع الذي يجتمع عليه الفساق بالألات المنكرة مع الخمر والزنا ونحو ذلك. وأما قوله في الرقص والتواجد أول ما أحدثه أصحاب السامري فكيف يجوز لمسلم أن يشبه الذاكرين الله كثيرا بالكافرين؛ قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} وقال تعالى: {أفحسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون 30 وأيضا من يعلم أن أصحاب السامري كانوا يفعلون ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله على

المعترض ونعم الوكيل، وأما قوله: ينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعوهم من الحضور في المساجد نسأل الله تعالى أن يحفظ السلطان ونوابه من وساوس هؤلاء الجهال شياطين الأنس أهل الضلال والإضلال، وكيف يسوغ لهم منعهم، وقد قال الله تعالى {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولائك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خز ولهم في الآخرة عذاب عظيم}. وأما قوله: ويكره المشي في الذكر والدوران وقيل: يكفر فاعله فهذا كلام لا معنى له ولا له أصل فإن المشي في الذكر مباح بأن يذكر الله تعالى ماشيا لا مانع منه شرعا ولا عقلا، ونقل الحاوي أن ما روي عن سعيد باطل. وأما قوله فيمن مشى ودار وسقط على الأرض وسار كالخشبة ورآه صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه: اذبحوه أو القوا عليه هذا العمود لا أبرح من مكاني حتى أجدد إيمانه فانظروا ما أجهل هذا الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أتى بما هو مخالف للعقل والنقل كيف يجدد إيمانه من إتيانه بذكر الله تعالى، وكيف يكفر من يأتي بذكر الله تعالى الذي هو سبب الإيمان، وكيف ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عما جاء داعيا إليه حتى قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" الحديث فكيف يحكم بكفر من قالها، ويجدد إيمانه، وقد ورد في الحديث عن أسامة بن زيد لما قتل من قال لا إله إلا الله في الحرب واعتذر بأنه قالها خوفا من السيف فقال له صلى الله عليه وسلم: "هلا شققت على قلبه". فنسبة الأمر بالذبح إليه صلى الله عليه وسلم وإلقاء العمود عليه أمر شنيع لا يصح نسبة ذلك إليه صلى الله عليه وسلم ممن يؤمن بالله واليوم الآخر. وأما قوله: ذكر في كتاب البزازية أن دوران الصوفية في مجلس الذكر لعب وتشبه بفعل المشركين في أيام كفرهم فهو كلام لا أصل له فقد صرح في البزازية من كتاب الكراهية والاستحسان بما صورته في الفتاوى للقاضي خان: رفع الصوت بالذكر حرام، وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنة أنه سمع قوما اجتمعو في مسجد يهللون ويصلون. وأما رفع الصوت بالذكر جائز كما في الأذان والخطبة والحج؛ وأما قوله قال الطحاوي: دوران الصوفية حرام والحضور معهم حرام وقال صاحب جامع الفتاوى: دوران الصوفية حرام ولو استحلوا ذلك كفروا. وقال الطرسوسي: دورانهم رقص أحدثه السامري أولا فهو لهو حرام بالاتفاق وتشبه بالكفرة الضالين فإن أراد بالدوران ما تفعله فقراء الدراويش في طريق الميلوية فهو رقص الصوفية وتواجدهم وقد ذكرنا أنه جائز وله أصل في السنة في رقص جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قال له صلى الله عليه وسلم: أشبهت خلقي

وخلقي وهلا كان تشبيه الذاكرين الله كثيرا بالملائكة الطائفين حول العرش وهم سبعون ألف صف جرد مرد يرقصون ويتواجدون، كل واحد منهم قد أخذ بيد صاحبه يقولون بأعلى صوتهم: من مثلنا وأنت ربنا من مثلنا وأنت حبيبنا، وذلك دأبهم إلى يوم القيامة وتشبيه أهل الذكر بهم أولى وأحق من تشبيههم بعباد العجل الكافرين بالله تعالى، وكيف يسوغ لمسلم أن يشبه ذكر الله تعالى بكفر الكافرين، ويشبه الذاكرين الله كثيرا بالكافرين به سبحانه وتعالى على أن هذه النقول المذكورة عن الطحاوي وعن صاحب جامع الفتاوى وعن الطرسوسي أمور باطلة غير صحيحة، وهي كذب وافتراء على العلماء أئمة الدين، فإن من يكذب على الله تعاللى ورسوله بتحريم ما لم يحرم وبالنهي عن عبادته تعالى، بل عن أفضل عباداته وهو ذكره تعالى، ويكذب أيضا على نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه الكرام يسهل عليهم الكذب على علماء ملة الإسلام، وعلى فرض صحة النقل عنهم فلعل مرادهم صوفية مخصوصون في زمانهم اطلعوا عليهم أنهم يرقصون بالتثني والتكسر كفعل الفسقة في حال الفسق مع الغناء المناسب لأفعال الفسق، وعلموا أنهم يتخذون ذلك عادة وإلا فكيف يتصور ممن يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يحكم بأن الخشوع القلبي بذكر الله تعالى منكر حرام، وقد قال الله تعالى {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} وقال تعالى {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فإن صاحب الخشوع القلبي والوجل بذكر الله تعالى قد يغيب عقله عن احترام الناس واعتبار أهل المجلس فيقوم ويدور ويتواجد وربما ينصرع إلى الأرض على حسب استعداده لتحمل الواردات الإلهية عليه فهو في طاعة وعبادة من غير شبهة عن أحد من عامة أهل الإسلام والإيمان، فضلا عن غيرهم من العلماء الأعيان. ولا يجوز حمل كلام العلماء على معاني سوء الظن في جميع الصوفية الموجودين في زمانهم والذين ليسوا بموجودين في زمانهم ممن هم الآن في هذا الزمان، وإلا كانو يقولون: ذكر الله تعالى واجتماع الناس عليه من جميع الصوفية والخشوع فيه بالقلب والجوارح، وإن أدى ذلك الخشوع إلى الغير المضبوطة حرام منكر يكفر مستحله، ولو قالوا ذلك لحكمنا بكفرهم وقلنا إنهم حكموا بتحريم ما هو طاعة بإجماع المسلمين وهو ذكر الله تعالى المأمور به في الكتاب والسنة، وعليه إجماع الأمة، بل عليه اعتقاد جميع الملل بأن ذكر الله تعالى عبادة وطاعة خصوصا في المساجد التي بنيت لذكر الله والصلاة، فلا يمنع الذاكر فيها على كل حال، والحاصل أن أصحاب هذه النقول من الفقهاء إذا أساؤوا ظنونهم

مطلب فيما اعتاده السادة البسطامية إلخ

في طائفة من الصوفية فحملوا أحوالهم في ذكر الله تعالى على اللهو واللعب، وطعنوا في شأنهم مما يعلمه الله تعالى لا يلزمنا نحن أن نتبعهم في سوء الظن في كل أهل الذكر في جميع الأزمان، ونرتكب هذه المعصية كما ارتكبوها ونعتقد أنها طاعة، وقد قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن} الآية. فإن سوء الظن بالمسلم حرام قطعي، والتأويل واجب في أفعاله وأقواله كما قاله العلماء، والسماع عند طائفة الصوفية غير السماع عند الفقهاء من علماء الأحكام الشرعية فإن طائفة الصوفية قلوبهم فارغة من سوء الظن في أحد من البرية، والفقهاء قلوبهم مملوءة من سوء الظنون واتهام الناس بما يكون منهم وما لا يكون، ودأبهم التنقيب على أهل الإسلام والتفتيش عليهم في كل حلال وحرام، ويتعللون بأن علومهم لحفظ الأمة من الضلال فيتسلطوا بها على الناس خائفين من ذنوب الناس لا من ذنوب أنفسهم القبيحة الفعال، والله تعالى أعلم بحقائق الأحوال. ولنا على هذه الأسئلة رسالة اختصرنا هذا الجواب منها، وقد عمل عليها أيضا رسالة نفيسة العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي المقدسي، وقد أجاد وأفاد وأتى فيها بالقصد والمراد، جزاه الله تعالى خيرا،، والله تعالى أعلم. مطلب فيما اعتاده السادة البسطامية إلخ (سئل) فيما اعتاده السادة البسطامية وغيرهم من السادة الصوفية كالقادرية والسعدية والصمادية والرفاعية ونحوهم من حلق الذكر والجهر به في المساجد، وقد ورثوا ذلك عن آبائهم وأجدادهم وأشياخهم، وينشدون القصائد الصوفية والأشغال بالألحان المطربة والأنغام الموسيقية، ويحصل لهم وجد عظيم وحال يقعد ويقيم، فيرفعون أصواتهم بالذكر ويرقصون ويقولون: يا أبا يزيد يا بسطامي يا عبد القادر يا كيلاني يا أحمد يا رفاعي ويقولون: شيء لله يا عبد القادر ونحو ذلك، فهل ذلك حلال؟ وهل يجوز الاعتراض عليهم في هذه الأحوال أم كيف الحال؟ (أجاب) قد رفع شبه هذا السؤال للعلامة الشيخ خير الدين الحنفي الرملي رحمه الله تعالى، وسطر في فتاواه فأجاب بما ملخصه: اعلم أولا أن من القواعد المشهورة التي في كتب الأئمة مقررة مذكورة أن الأمور بمقاصدها، والشيء الواحد يتصف بالحل والحرمة باعتبار ما قصد له، وهي مأخوذة من الحديث الذي رواه الشيخان: "إنما الأعمال بالنيات". ومدار غالب أحكام الإسلام عليه إلى أن قال: وبعد فإن لله تعالى عبادا إذا قاموا قاموا بالله، وإذا نطقوا نطقوا بالله وحقيقة ما عليه الصوفية لا ينكرها إلا كل نفس جاهلة غية، فأما حلق الذكر والجهر به في المساجد وإنشاد القصائد فقد جاء في الحديث ما اقتضى طلب الجهر نحو: "وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه". رواه البخاري ومسلم

والترمذي والنسائي وابن ماجه والذاكر في الملأ لا يكون إلا عن جهر وكذا حلق الذكر وطواف الملائكة بها وما ورد فيها من الأحاديث، فإن ذلك إنما يكون في الجهر بالذكر، وهناك اقتضت طلب الأسرار والجمع بينهما بأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، وذكر بعض العلماء أن الجهر أفضل؛ لأنه أكثر عملا، ولتعدي فائدته إلى السامعين ويوقظ قلب الذاكر، ويطرد النوم ويزيد النشاط، وأما قوله تعلى {واذكر ربك في نفسك} أجيب عنه بأنها مكية كآية الأسرى} ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها {نزلت لئلا يسمعه المشركون فيسبوا القرآن ومن أنزله فأمر به سدا للذريعة كما نهى عن سب الأصنام لذلك، وقد زال إلى أن قال: وأما رفع الصوت بالذكر فجائز، وفي المسألة للعلماء كلام يتحمل مجلدا، وأما إنشاد الأشعار في المسجد فلو لم يكن إلا حديث كعب وقصيدته المشهورة وإشارته صلى الله عليه وسلم إلى الخلق أن اسمعوا لكفى، وقد ثبت بالنصوص الصحيحة الغناء في بيته صلى الله عليه وسلم وضرب الدف في حضرته ورقص الحبوش في مسجده وإنشاد الشعر بالأصوات الطيبة بين يديه، وكان صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة يتحلقون حلقة دون حلقة فيلتفت إلى هؤلاء وإلى هؤلاء والأخبار فيما يشهد لهذا كثيرة والأثر به مستفيض، وقول العلماء إنما الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح، فما جاز على النثر جاز عليه. وأما قولهم: يا شيخ عبد القادر فهو نداء وإذا أضيف إليه شيء لله فهو طلب شيء إكراما لله تعالى فما الموجب لحرمة ذلك، وأما الرقص ففيه للفقهاء كلام منهم من منعه ومنهم من لم يمنعه؛ حيث وجد اللذة له وغلب عليه الوجد، واستدلوا بما وقع لجعفر بن أبي طالب لما قال له عليه الصلاة والسلام: أشبهت خلقي وخلقي فرقص من لذة هذا الخطاب ولم ينكر عليه الصلاة والسلام عليه، وجعل ذلك أصلا بجواز رقص الصوفية عند ما يجدونه من لذة المواجيد ومجالس الذكر والسماع، وقد قال بجواز السماع من الصحابة والتابعين خلق كثير وجم غفير، ونقل صاحب النهاية في شرح الهداية من الحنفية إباحة الغناء إذا كان يتغنى ليستفيد به نظم القوافي، ويصير فصيح اللسان، وقد كان الإمام أنس بن مالك رحمه الله تعالى يتغنى في بيته ولا يفعل ذلك تلهيا، ولأن السماع يرقق القلب. وسئل الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن السماع الذي يعمل في هذا الزمان في مجلس الذكر فأجاب ما صورته: سماع ما يحرك الأحوال السنية المذكرة للآخر مندوب إليه، ولا يجوز الاعتراض على السادة الصوفية ولا الإنكار عليهم، وقد ورد في الأثر: من كفر مسلما فقد كفر ومن حرم الحلال فقد وقع

مطلب فيما هو معتاد بين السادة الصوفية إلخ

في الضلال واستوجب العقوبة والنكال والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب. مطلب فيما هو معتاد بين السادة الصوفية إلخ (سئل) فيما هو معتاد بين السادة الصوفية من إلباس الخرقة من الشيخ لمريده كأن يلبسه قباء أو يلف له عمامة بهية مختصة به، أو يلبسه دلقا ويشده ويعطيه العهد، ويلقنه الذكر ويؤدبه ويعلمه طريق الفقراء ونحو ذلك، فهل لذلك دليل؟ وما معرفة جميع ما ذكر مفصلا؟ (أجاب) لا ريب أن التزيي بزي الصالحين مطلوب مرغوب فيه، والذى يظهر أن الغالب على أهل هذا الزمان في لبسهم الخرقة إنما هو للتبرك ممن يلبس منه لحسن اعتقاده فيه؛ ليتسم بوسمة فيكون نظره عليه وخاطره معه لعل أن يحصل له نفحات دعواته وأوقات قربه من الله تعالى، وربما كان الشيخ ممن كان له جاه ووجاهة وكلمة نافذة بين الناس فيتقرب إليه بلبس زيه؛ ليدخل تحت كنفه لأجل مصلحة دنياه، ومنهم من يبلغه ماجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم، ولا يحب رجل قوما إلا حشر معهم، ولا يحب الرجل قوما إلا جعله الله تعالى منهم". والتزيي بزي الصالحين وأهل الخير محبوب مطلوب، كما أن التزيي بزي أهل الشر غير محبوب ولا مطلوب. والأصل في لبس الخرقة ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليلة أسري بي أخذني جبريل، وأدخلني قبة من نور، وأخرج لي صندوقا مقفولا ففتحته، وأخرج لي منه زي الفقراء وألبسني إياه". فلما لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبسه لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأنس ابن مالك، ولم تزل الأولياء والصالحين والصوفية مستمرين على لبسه من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الآن. ولأن الخليفة أو النقيب أو التلميذ إذا شم الخرقة وجد فيها نفس شيخه الذي يقدمه لباب الله تعالى، ويتذكر برؤيتها نعم الله تعالى فيذداد شوقا إلى الأحوال الشريفة، ويأخذ في الاجتهاد والجد رغبة في الوصول إلى المقامات السنية، ولبس الخرقة إظهارا للتصوف وارتباطا بين الشيخ والمريد وتحكما من المريد للشيخ في نفسه حكى عن جعفر الخالدي أنه قال: دخلت على بعض شيوخي فأعطاني قلنسوة فجعلتها على رأسي، ثم خرجت عن البلد فجزت على أجمة قصب فخرج علي السباع فكان السباع يقربون مني ويتذللون فتحيرت ورجعت إلى أمري فإذا هم يفعلون ذلك للقلنسوة ويلتمسون بركتها. وثوب الفقراء أزهى ملمسا وأزكى مغرسا وأشرف جلبابا وأكثر عند الله ثوابا فهو أعظم تاج وضع على الرؤوس وأنفع عوزة دفع به كل بؤس، وقد جعل لها أقوام هم بشروطها قوام ومشايخنا تناقلوها إماما إماما ووارثا وارثا تلقوها عن أب وجد وانتهوا فيها إلى ما حدوا لهم من حدة فرحمة الله تعالى عليهم أجمعين، وذكر بعضهم للبس الخرقة

شروطا؛ منها ستر عورة الكذب بلسان الصدق، وستر عورة الخيانة بثبوت الأمانة، ثم بعد ذلك يتزين بزينة الله تعالى من ملابس الأخلاق المحمودة مثل الصمت عما لا يعنيه، وغض البصر عما لا يحل إليه النظر، وتفقد الجوارح بالورع وترك سوء الظن بالناس، والقناعة بأيسر الرزق وسخاء النفس، والتواضع، ولين الكلام، واحتمال الأذى، والصفح عن المسيء، وحسن الأدب، وإقراء الضيف، وتفقد المحتاجين، وإفشاء السلام، ويتجنب كثرة الكلام والتصنع والتمشتق، وكثرة المجالسة في الأسواق، والمشي فيها، ويكثر من الصيام والقيام، ويغيث اللهفان، ويفرج الكرب عن المكروب، ويكثر من زيارة القبور، وعيادة المرضى، وبذل الصدقات، وصحبة أهل الخير، ودوام الذكر والمراقبة، وخدمة الفقراء والدعاء للمؤمنين بظهر الغيب، ونحو ذلك من الفعل المحمود الذي يرضاه الله تعالى. أما تعريف الشد فهو قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} الآية. ثم يقرأ الفاتحة وسورة الإخلاص ثلاثا، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بالتقوى ونحو ذلك. وأما أخذ العهد فحسن محبوب؛ لأن الشيخ يذكر للمريد كل ما يعاهده عليه معناه الرجوع عن المعاصي والدوام على الطاعة، وله أصل أصيل جاءت به الأحاديث: منها ما وري عن عبادة بن الصامت أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفا منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئا، ثم ستره الله تعالى فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك". وأما تلقين الذكر فحسن محبوب روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الطرق أقرب إلى الله تعالى وأسهلها على عباده، وأفضلها عند الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم: "يا علي عليك بمداومة ذكر الله تعالى في الخلوات" فقال رضي الله تعالى عنه: هكذا فضيلة الذكر وكل الناس ذاكرون، فقال صلى الله عليه وسلم: "يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله فقال علي كرم الله وجهه: كيف أذكر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اسمع مني ثلاث مرات، ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع فقال صلى الله عليه وسلم: لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضا عينيه رافعا صوته وعلي رضي الله عنه يسمع، ثم قال علي رضي الله عنه ثلاث مرات لا إله إلا الله مغمضا عينيه رافعا صوته والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع. وقد ورد في فضل لا إله إلا الله، والملازمة

على الذكر بها عدة أحاديث صحاح وحسان روى الإمام أحمد عن يعلى بن شداد قال: حدثني أبي شداد بن أوس وعبادة بن الصامت حاضر وصدقه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيكم غريب يعني أهل الكتاب؟ فقلنا: لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب فقال: ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد، ثم قال صلى الله عليه وسلم: أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم. قال المنذري: إسناده حسن. وأما الذي يجب على الشيخ في تأديب المريد فهو أن يقبله لله تعالى لا لنفسه فيعاشره بحكم النصيحة ويلاحظه بعين الشفقة، ويلاينه بالرفق فيربيه تربية الوالدة لولدها والوالد الشفيق الحليم لولده وغلامه فيأخذه بالأسهل ولا يحمله ما لا طاقة له به، وإذا رأى شيئا مما يكره في الشرع وعظه في السر وأدبه ونهاه عن المعاودة إلى ذلك. ومن آداب المريد أن لا يتكلم بين يدي شيخه إلا في حالة الضرورة، وألا يظهر شيئا من مناقب نفسه بين يديه، ويكون متهيئا لخدمة شيخه، ويحذر من مخالفته؛ لأن مخالفة الشيخ سم قاتل فيها مضرة عامة، وعليه الانقياد لالتزام ما يأمره به شيخه من التأديب، فإن وقع منه تقصير في القيام بما أشار إليه شيخه فالواجب عليه تعريف ذلك لشيخه ليرى فيه رأيه، ويدعو له بالتوفيق والتيسير والفلاح. واعلم أن طريقة الفقراء عشرة أشياء: الأول الذكر، والثاني الطاعة، والثالث الإيثار، والرابع القناعة، والخامس التوحيد، والسادس التوكل، والسابع التسليم، والثامن التأمل، والتاسع الشكر، والعاشر الفكر. فمن اتصف بهذه الصفات يكون فقيرا حقيقة وألا يكون مدعي ذلك زنديقا. واعلم وفقك الله تعالى أن رأس الفقر كلام رب العالمين، وروح الفقر حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وجسم الفقر إشارة المشايخ العارفين، وقبلة الفقر الحقيقة، وغسل الفقر الطريقة، وصلاة الفقر الشريعة، وأصل الفقر حسن الخلق والمحبة، ومفتاح الفقر الصدق، وثمرة الفقر المعرفة، وكنز الفقر المسكنة، وجوهر الفقر معرفة نفسك، وما من شيء أقرب إليك من نفسك، وإذا ما كنت تعرف القريب فكيف تعرف البعيد. ثم اعلموا أيها المريدون الصادقون وفقنا الله تعالى وإياكم لمرضاته ورزقنا وإياكم صحبة الصالحين من عباده، وأعاذنا وإياكم من صحبة المنكرين الطاعنين على هذه الطائفة أنه جواد كريم أنه يجب على المريدالصادق أن لا يصخب ولا يلتفت، ولا يصغى إلى المبعودين المطرودين عن الله تعالى الواقعين في أوليائه المستهزئين بهم؛ لئلا يسقط من عين الله تعالى، ويستوجب

مطلب سئل عن الاعتقاد في السادة الصوفية إلخ

المقت والطرد من الله تعالى فإن هؤلاء القوم جلسوا مع الله تعالى على حقيقة الصدق وإخلاص الوفاء، ومراقبة الأنفاس مع الله تعالى وقد سلموا قيادهم إليه وألقوا أنفسهم سلما بين يديه تركوا الانتصار لأنفسهم حياء من ربوبيته واكتفاء بمعلوميته، فقام لهم بأوفى ما يقومون لأنفسهم وكان هو المحارب عنهم لمن حاربهم، والغالب لمن غالبهم كما جاء في الخبر الإلهي: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب" أي أعلنته أني محارب له. وقال الشيوخ العارفون قدس الله تعالى أرواحهم: أقل عقوبة المنكر على الصالحين أن يحرم بركتهم ويخشى عليه سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى. وقال الشيخ شاه بن شجاع الكرماني رحمه الله تعالى: ما تعبد المتعبد بأكبر من التحبب إلى أولياء الله تعالى. وقال الشيخ أبو نصر السراج رحمه الله تعالى: إن هؤلاء الذين يطعنون على هذه العصابة لا يكون فيهم أحد يرجع إلى دين، وكلهم منسلخون من الدين أعاذنا الله تعالى وإياكم بفضله ورحمته ووفقنا لما يحب ويرضى. وقال بعضهم شعرا: أتقدح فيمن شرف الله قدره ... ولا زال مخصوصا به طيب الثنا رجال لهم حال مع الله صادق ... فلا أنت من ذاك القبيل ولا أنا والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن الاعتقاد في السادة الصوفية إلخ (سئل) عن الاعتقاد في السادة الصوفية، وفي كل أحد من الخلق هل هو واجب أو مستحب، وهل يقال: إن في كل مسلم بركة؟ (أجاب) اعلموا أيها المسلمون وفقنا الله تعالى وإياكم لما يحب ويرضى أننا إذا رأينا مسلما ماشيا على الطريقة المرضية مما جاء في الكتاب العزيز والسنة النبوية فاعتقاده والقرب منه والاقتداء به أمر مندوب إليه، وإذا رأينا مسلما مستورا ظاهره الخير لم نطلع منه على ما ينكره الشرع فتحسين الظن به واعتقاد خيريته واحترامه مستحب، فقد روى الديلمي في مسند الفردوس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن أحدا من المسلمين فإن تصغير المسلمين عند الله إثم". وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك وأطيب رحيك ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله منك ماله ودمه وإن نظن به إلا خيرا، وذلك أيضا سنة السلف والخلف. وقال إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى: من أحب أن يقضى له بالخير فليحسن ظنه بالناس. وإذا رأينا شخصا عاقلا تاركا لبعض الواجبات أو كلها مرتكبا للمنهيات كذلك فلا نعتقده ولا نحسن الظن به، بل ننكر عليه ونأمره بالمعروف حفظا لقوانين الشريعة

مطلب سئل عن علماء السادة الصوفية هل يقال لهم أولياء إلخ

المطهرة ولا يخفى أن في كل مسلم بركة؛ لأن البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء والمبارك ما فيه ذلك الخير، ولا شك أن المسلم فيه الإيمان بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وما جاء به وذلك بركة. وقد روى الطبراني في معجمه الكبير من حديث عمار بن ياسر مرفوعا: "مثل أمتي كالمطر يجعل الله في أوله خيرا وفي آخره خيرا". وروى ابن عساكر في تاريخه: "خير أمتي أمة مباركة لا يدرى أولها خير أو آخرها".، والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن علماء السادة الصوفية هل يقال لهم أولياء إلخ (سئل) عن علماء السادة الصوفية هل يقال لهم أولياء الله تعالى سواء العامل فيهم أم غير العامل، أوضحوا لنا الجواب مفصلا أثابكم الله تعالى الجنة؟ (أجاب) الولاية عامة وخاصة فالعامة ولاية الإيمان، فمن آمن بالله ورسوله وما جاء به فهو ولي، قال الله تعالى {الله ولي الذين آمنوا} ثم ولاية القيام بالمأمورات قال الله تعالى {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون} والولاية الخاصة محبة الله تعالى للعبد وحفظه له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ... " الحديث المشهور. والعلماء العاملون وغيرهم يطلق عليهم أنهم أولياء الله تعالى من حيث دخولهم في الولاية العامة، وأما الولاية الخاصة فلا تطلق إلا على العلماء العاملين، وقال إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى: إن لم تكن الفقهاء أولياء الله تعالى في الآخرة فما لله تعالى ولي. ومراده بذلك الفقهاء العاملون، والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب سئل عن القطب والأوتاد والأنجاب وأرباب الدرك إلخ (سئل) عن القطب والأوتاد والأنجاب وأرباب الدرك في الأرض هل لهم وجود في الكون حقيقة ما دام الدهر والمنكر مبطل لا يعول عليه؟ وهل لذلك دليل من الكتاب والسنة أوضحوا لنا الجواب مبسوطا أثابكم الله تعالى الجنة؟ (أجاب) نعم هؤلاء السادات المذكورون موجودون في كل زمان كلما مات واحد منهم أقام الله تعالى مقامه آخر نفعنا الله تعالى ببركاتهم، ولا عبرة بقول المنكر لهم فقد ورد من الأحاديث النبوية والآثار السلفية ما يدل على وجودهم فروى الحافظ أبو نعيم بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله عز وجل في الخلق ثلاثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه السلام، ولله في الخلق أربعين قلوبهم على قلب موسى عليه السلام، ولله في الخلق سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام، ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه السلام ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام ولله في الخلق واحد قلبه على قلب إسرافيل، فإذا مات الواحد أبدل الله تعالى مكانه من الثلاثة، وإذا مات من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة، وإذا مات من

من الخمسة أبدل الله تعالى مكانه من السبعة، وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين، وإذا مات من الأربعين أبدل الله مكانه من الثلاثمائة، وإذا مات من الثلاثمائة أبدل الله مكانه من العامة فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء وقيل لعبد الله بن مسعود: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله تعالى كسائر الأمم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيموتون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء. وقال بعضهم: لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحدا على قلبه؛ لأنه لم يخلق الله تعالى في عالم الخلق ولأمم أعذ والطف وأشرف من قلبه صلى الله عليه وسلم فقلوب الأنبياء والملائكة والأولياء بالإضافة إلى قلبه صلى الله عليه وسلم كإضافة سائر الكوكب إلى كامل الشمس. وروى الخطيب عن طريق عبيد الله بن محمد العبسي قال: سمعت الكناني يقول: النقباء ثلاثمائة والنجباء سبعون والأبدال أربعون والأخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد، فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد، فإن أجيبوا وإلا ابتهل الغوث فلا تتم مسألته حتى تجاب دعوته. وقال بعض العارفين: الصالحون كثير مخالطون للعوام لصلاح الناس في دينهم ودنياهم، والنجباء في العدد أقل منهم، والنقباء في العدد أقل منهم وهم مخالطون للخواص، والأبدال في العدد أقل منهم وهم نازلون في الأمصار العظام لا يكون في المصر منهم إلا الواحد بعد الواحد فطوبى لبلدة كان فيها اثنان منهم، والأوتاد واحد في الشام وواحد في المغرب وواحد بدوره القطب في الأفاق الأربعة من أركان الدنيا كدوران الفلك في أوفق السماء. وقد سترت أحوال القطب وهو الغوث عن العامة والخاصة غيرة من الحق تعالى عليه، غير أنه يرى عالما كجاهل أبله كفطن تاركا أخذا قريبا بعيدا سهلا عسرا آمنا حذرا وكشف أحوال الأوتاد للخاصة وكشف أحوال الأبدال للخاصة والعارفين. وسترت أحوال النجباء والنقباء عن العامة خاصة وكشف بعضهم لبعض، وكشف حال الصالحين للعموم والخصوص ليقضي الله أمرا كان مفعولا. وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: الأبدال أربعون رجلا وأربعون امرأة، كلما مات رجلا أبدل الله رجلا مكانه، وإذا ماتت امرأة أبدل الله تعالى مكانها امرأة. وفي رواية الطبراني: لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام فبهم يسقون وبهم ينصرون ما مات منهم أحد إلا أبدله الله تعالى

مطلب (سئل) هل سهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ

مكانه آخر وفي رواية: فإذا جاء الأمر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة، فإذا سمعت ما ذكر من الأحاديث وكلام السلف والأخبار الدالة على ذلك، وعلى وجود هؤلاء السادات الكرام الأخيار علمت أنه لا التفات لقول المنكر لذلك الزاعم أنه ليس له أصل في السنة، ولأن من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أن جعل الله تعالى في أمته أقطابا وأوتادا ونجباء وبدلاء دون غيرهم من الأمم السابقة، وقد سئل العلامة القاضي زكريا رحمه الله تعالى عن شخص ادعى أن القطب ليس له وجود في زمن من الأزمنة ولا ثم شيء يقال له القطب، فهل هذه الدعوى صحيحة فأجاب رضي الله تعالى عنه أن القطب موجود في كل زمن كلما مات قطب أقام الله تعالى مقامه آخر نفعنا الله تعالى ببركاتهم وهذا أمر مشهور فالمنكر لذلك محروم من بركة الأقطاب، مبعود من درجة الأحباب والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي للصواب. (باب مسائل منشورة) مطلب (سئل) هل سهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (سئل) هل سهى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وما حكم سهوه؟ (أجاب) ذكر بعضهم نظما فقال: يا سائلي عن رسول الله كيف سهى ... والسهو من كل قلب غافل لاهي قد غاب عن كل شيء سره فسها ... عما سوى الله فالتعظيم لله والله تعالى أعلم. مطلب (سئل) عمن قال اللهم صل على محمد عدد خلقه إلخ (سئل) عمن قال: اللهم صل على محمد عدد خلقه مثلا، فهل تتعدد له الصلوات كذلك أو يحصل له ثواب صلاة واحدة؟ (أجاب) قيل: إن الصلوات تتعدد بعدد صلوات صلاها عدد الخلق، وقيل: لا تتعدد بل له ثواب صلاة واحدة، وكان ابن عرفة المالكي يقول: يحصل له من الثواب أكثر من ثواب من صلى واحدة لا ثواب من صلى تلك الأعداد قال: ويشهد له خبر من قال: سبحان الله عدد خلقه من حيث دلالته على أن للتسبيح بهذا اللفظ مزية وإلا لم تكن له فائدة. انتهى. وأقول: ليس الحديث مقصورا في الدلالة على قول ابن عرفة فقط، بل يدل للأول أيضا، ويشهد بذلك قاعدة الشافعي رضي الله تعالى عنه المشهورة وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال نزلت منزلة العموم في المقال المحمول على الوقائع القولية بخلاف الوقائع الفعلية، فإنها لا تعم وعليها عمل قاعدته الثانية وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال كساها ثوب الإجمال، وسقط بها الاستدلال. ولكن له قاعدة أخرى، وهي أن الحمل على المتيقن واجب ويمكن أن ينزل؛ لأن في شرب الأب إلقاء النفس أي إلقاء نفس الأب إلى التهلكة أي يهلك فالابن يموت عطشا والأب يموت أسفا وحزنا على ولده، بخلاف الابن إذا شرب إلا ومات الأب عطشا فلا يتأثر بذلك تأثر الأب، وتأمل

مطلب هل يجب على العالم أن يجيب عن كل مسألة سئل عنها إلخ

قصة قرقوش مع الولد وأبيه هذا ما يفهم من العبارة من حيث المراد، وإلا فلا تخلو عن علاقة وسقط بعض ألفاظ منها والله أعلم. مطلب هل يجب على العالم أن يجيب عن كل مسألة سئل عنها إلخ (سئل) هل يجب على العالم أن يجيب عن كل مسألة سئل عنها؟ (أجاب) لا يجب عليه إلا بأربعة شروط: الأول أن يسأل السائل عما يجب عليه. الثاني: أن يخاف فوات النازلة. الثالث: أن يكون المسئول عالما بحكم الله تعالى في تلك النازلة إما بجتهاد إن كان مجتهدا، أو بنص أمامه أن كان مقلدا. الرابع: أن يكون السائل والمسئول بالغين وبحث بعضهم وصوب الجواب على البالغ المستوفي الشروط إذا سأله الصغير المأمور باالصلاة بما لايفعله ليتعلمه، وزاد بعضهم خامسا: وهو كون المسئول عنه عملا دينيا لا ماليا ولا اعتقاديا. قال بعضهم: وليس بشيء وعند استيفاء الشروط يجب الجواب والتعليم كفاية إن كان هناك غيره، وعينا إن لم يكن قلت: الظاهر أن الكتب أن توقف التعليم عليه له حكمه، وحيث وجب الجواب لم يجز له أخذ الأجرة عليه وإلا قفال الزياتي: جاز له أخذها انتهى. اللقاني من شرح العقيدة الكبير وأقول: الظاهر أن الكتابة لا تجب مجانا بل بأجرة المثل بقي شيء وهو أن المسألة قد تحتاج إلى مراجعة وعمل كثير كما في مسائل المناسخات، فالظاهر أن له أخذ الأجرة على المراجعة والعمل المذكورين. وأما الورق فعلى السائل وكذا الحبر والقلم، والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن أول من ضرب الدراهم إلخ (سئل) عمن ضرب الدراهم والدنانير أولا؟ (أجاب) أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن كعب قال: أول من ضرب الدنانير والدراهم آدم عليه السلام، وأما الفلوس فالتعامل بها قديم كما يؤخذ من اللغة وأول من اتخذ ألسنة الموازين من الحديد عبد الله بن عامر بن كريم، والله تعالى أعلم. مطلب عمن مات من أطفال المؤمنين إلخ (سئل) عمن مات من أطفال المؤمنين من ذكور وإناث، وعن البله أيضا ولم يتزوجوا في الدنيا، فهل يتزوجون في الجنة؟ (أجاب) لا ريب أن كل مولود نفخ فيه الروح من ذكر أو أنثى يبعث يوم القيامة وإذا بعث الخلق ودخل المؤمنون الجنة كانوا على سن واحد وقدر واحد ولا ريب أن الزواج في الجنة بمعنى التمتع هو من جملة نعيم الآخرة الذي يكون لأهل الجنة جميعا، ولا ريب أن الأحاديث صرحت ولوحت وشملت وعمت أن كل واحد من المؤمنين يزوج في الجنة صغيرا كان في الدنيا أو كبيرا؛ أخرج الترمذي وصححه البهيقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة تدخل الجنة وجوهم كلقمر ليلة البدر، والزمرة الثانيه كأحسن كوكب دري في السماء لكل امرئ منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلية يرى مخ ساقها من وراء الحلل". وأخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول زمرة تلج

مطلب في رجلين أسرهما الإفرنج إلخ

الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم اللؤلؤ ورشحهم المسك، لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم، ولا تباغض بينهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا". وقد سئل بعضهم عن أطفال المؤمنين الذين لم يتزوجوا في الدنيا هل يتزوجون في الآخرة؟ فأجاب أن ظاهر الأحاديث يدل على أنهم يتزوجون، وكذلك البنات اللاتي متن أبكارا يتزوجن أيضا في الجنة من أهل الدنيا؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنهم تذاكروا الرجال في الجنة أكثر أم النساء فقال: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما في الجنة أحد إلا له زوجتان إنه ليرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة ما فيها عزب" وفي رواية "ليس في الجنة أعزب، وفيهما لكل من أهل الجنة زوجتان اثنتان أي من الأدميات سوى ما له من الحور العين كما صرحت بذلك رواية أبي يعلى والبيهقي فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأهن الله بعبادتهما في الدنيا، وشمل عموم أحد وأعزب البله والمجانين وغيرهم، بل في ظواهر كثير من آيات القرآن ما يدل لذلك} لهم فيها أزواج مطهرة {والله أعلم. مطلب في رجلين أسرهما الإفرنج إلخ (سئل) في رجلين أسرهما الإفرنج، ثم إن الله تعالى حنن عليهما رجل إفرنجي اشتراهما من الذين أسروهما، وجعل عليهما مالا وأمسك واحدا، وقال للآخر: اذهب أنت هات المال الذي عليكما، وهذا يبقى هاهنا إلى أن ترسل المال الذي عليك والذى عليه، والحال أنهما فقراء، فهل يجب على المسلمين فكهما بالمال الذي صار عليهما؟ (أجاب) قال الله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والبخاري عن أبي موسى الأشعري "فكوا العاني -أي الأسير-، وأجيبوا الداعي، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض" فحيث كان الرجل الأسير فقيرا فيعطى من الزكاة ما يفدي نفسه، ومن أموال بيت المال كالفيء والغنيمة، فإن لم يوجد فيه شيء أو كان ومنع متوليه فعلى أغنياء المسلمين؛ لأنه من باب التعاون على المعروف ودفع ضرر المسلمين، والله تعالى أعلم. مطلب في طوائف النصارى إلخ (سئل) في طوائف النصارى أخذهم الله تعالى وذلك أنهم يشهرون الخمور والأنبذة المسكرة في ديار الإسلام بين أظهر المسلمين خصوصا محروسة عكا حماها الله تعالى، ويظهرون شربها، ويتجاهرون بذلك وينقلونها في الأسواق والطرق جهارا، ويؤذون بذلك المسلمين، وأنهم يظهرون الخنزير وزبحها بين أظهر المسلمين جهارا، ويمرون بلحومها في الأسواق والطرقات، وإنهم يظهرون الأكل والشرب والقهوة والدخان في شهر رمضان في الأسواق والطرقات

فهل يجب على ولاة الأمور أن يعاملوهم بما يوافق الشرع القويم ويمنعوهم مما يخالفه يكون ذلك من باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر المأمور به في قوله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} المذموم تاركه بقوله تعالى {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله بعذاب من عنده". وقال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده" الحديث. وهل يثابون على ذلك وكذلك يجب على كل من قدر على زواله أن يزيله، ويثاب على ذلك وهل إذا عضدهم أحد من المسلمين وأقرهم وعارض من يريد زوال المنكريؤدب بما يليق به أو كيف الحال؟ (أجاب) الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وممن أنزل القرآن نستمد التحرير والإتقان قال الله تعالى {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} والله تعالى غني عن النصر إنما النصر لدين الإسلام، وفي الحقيقة إنما النصر لنا معشر الإسلام وإذا تأملت أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحوال أصحابه ظهر لك من أين كان يأتي لهم النصر، وذلك بأنهم كانت لا تأخذهم في الله لومة لائم مع قلتهم وقلت ما بأيديهم من المال والسلاح والخيل والعدة مع ما نحن عليه الآن معاشر الإسلام من الكثرة والأموال والخيول والعدة وغير ذلك مع قلة الفتوح واستيلاء أهل الكفر علينا وكسر قلوب أهل الإيمان مع جبر قلوب أهل الصلبان فتأمل قول الله تعالى: إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} تجد الرعب في قلوب من يدعي الإسلام أشد من قلوب الكافرين كأنه لعدم الإيمان فاعلم وفقك الله تعالى أنه يجب على ولاة الأمر أيدهم الله تعالى أن يمنعوا جميع أهل الذمة من نصارى ويهود وغيرهما من إظهار الخمر والناقوس والخنزير والأكل في رمضان ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يبيعهم طعاما أو يمكنهم منه في رمضان، وأما فيما بينهم فلا تمنعهم من ذلك، ويراق عليهم المسكر إذا أظهروه وكل ذلك لا ريب أنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأصل ذلك للسلطان ونوابه أيدهم الله تعالى، فمتى وجدوا كان الأمر منوطا بهم وإلا فعلى أهل الحل والعقد من العلماء والصلحاء والكبراء المنع من ذلك بالمعروف، ويجب على كل مسلم ودعهم وزجرهم عن ذلك لقوله تعالى: {كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}. وأخرج أبو داود: أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: ما هذا اتق الله ودع ما تصنع؛ فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه

مطلب في مقدار مكث عيسى في الأرض كم كان إلخ

ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ثم قال: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وقال تعالى: {والمؤمنين والمؤمنات بعضهم من بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} قال الغزالي: أفهمت الآية أن من هجرهما خرج من المؤمنين. وقال القرطبي: جعلهما الله تعالى فرقا بين المؤمنين والمؤمنات. وقال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وأخرج مسلم وغيره عن ابن مسعود: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". وأخرج أبو داود واللفظ له والترمذي وقال: حسن غريب وابن ماجه: "أفضل الجهاد كلمة حق تقال عند سلطان جائر". وروى الأصبهاني: "أيها الناس مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا الله فلا يستجيب لكم، وقبل أن تستغفروه فلا يغفر لكم". إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لايدفع رزقا ولا يقرب أجلا وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله تعالى على لسان داود وعيسى ابن مريم، ثم عموا بالبلاء، ولا ريب أن المنكر للمعاصي والمغير لها من ولي الأمر وغيره مثاب الثواب الجزيل، والمعين لهم شريك في الثواب إن أعانهم عليه، وفي العقاب إن أعانهم على المعاصي. وروى الأصبهاني: لاتزال لا إله إلا الله تنفع قائليها، وترد عنهم العذاب والنقمة ما لم يستخفوا بحقها قالوا: يا رسول الله وما الاستخفاف بحقها؟ قال: يظهر العمل بمعاصي الله فلا تنكر ولا تغير. وذهب جماعة منهم أحمد رحمه الله تعالى أن ترك الإنكار بالقلب كفر، والله تعالى أعلم. مطلب في مقدار مكث عيسى في الأرض كم كان إلخ (سئل) في مقدار مكث عيسى في الأرض كم كان وقولهم: إنه كان ثلاثا وثلاثين سنة هل هو صحيح أو لا؟ وإذا قلتم بصحته يشكل بأن النبوة لا تكون إلا بعد الأربعين؟ (أجاب) نقل في سبل الرشاد عن زاد المعاد أن ما يذكر أن المسيح رفع وله ثلاث وثلاثون سنة لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه. قال الشامي: والأمر كما قال والأحاديث الصحيحة تدل على أنه رفع وهو ابن مائة وعشرين سنة انتهى ملخصا. والذى وقع لابن حجر في شرح الهمزية ولما رفع عيسى إلى السماء كان سنها أي مريم ثلاثا وخمسين سنة، وبقيت بعده خمس سنين، وحين حملت به كان سنها عشر سنين بناء على القول الضعيف، فإذا قلنا بالصحيح المار اندفع الإشكال، وإذا قلنا بالضعيف الذي ذكره ابن حجر يكون على قول من لا يشترط في النبوة بلوغ الأربعين والله أعلم. مطلب فيما قتل نبينا أو قتله نبي إلخ (سئل) فيما قتل نبينا أو قتله نبي فهل هو كافر، أو من أهل النار؟ (أجاب) روى الإمام أحمد عن

مطلب فيما يقوله العامة عند محاوراتهم فيقولون: صلوا على النبي إلخ

ابن مسعود: أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا، أو قتله نبي أو رجل يضل الناس بغير علم أو مصور يصور التماثيل. وقال الله تعالى: {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بأيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق} ولا ريب أن قتل الأنبياء يقتضي عدم الإيمان بهم المقتضي ذلك لكفر القاتل، ولأن النبي عليه الصلاة والسلام لا يقتل إلا مهدر الدم إجماعا لعصمته، فدل على كفر المقتول للأنبياء، وكفر قاتلهم كما ظهر لك والله أعلم. مطلب فيما يقوله العامة عند محاوراتهم فيقولون: صلوا على النبي إلخ (سئل) فيما يقوله العامة عند محاوراتهم فيقولون: صلوا على النبي، وكذلك الفران إذا خبز للإنسان عجينا يقول لصاحب الخبز: صل على النبي يفهمه أنه لم يبق له شيء، وكذا عند عرض السلع على البيع، وعند خروج الإنسان من الحمام يقول الحمامي: صلوا على النبي، وكذلك الشعراء في ابتداء شعرهم وفي أثنائه وآخره صلوا على النبي، وكذا عند غضب شخص يقول له جليسه: صل على النبي، وكذا إذا رأى شيئا تعجب منه لحسنه كآدمي وجمل وفرس وغيره من الحيوانات يقول القائل: صلوا على النبي، بل يعتقدون أن الصلاة تدفع العين وكذا ذكرها في الأماكن المستقذرة فهل ذلك جائز؟ (أجاب) اعلم وفقك الله تعالى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مجمع على طلبها بالكتاب والسنة وجوبا واستحبابا أما وجوبا فعندنا في التشهد الأخير، وعند كل ما ذكر ذهب إليه من الأئمة ذاهب، وفي كل مجلس مرة، ولو تكرر ذكره حكاه الزمخشري وكذا حكى أنها تجب في كل دعاء. وأما استحبابها فلا كلام فيه، ولكنها تتأكد في مواضع منها عقب الأذان، ومنها أول الدعاء وأوسطه وآخره، ومنها عقب دعاء القنوت، ومنها عند دخول المسجد والخروج منه، ومنها في صلاة الجنازة، ومنها عند التلبية وعند الصفا والمروة، ومنها عند الإجماع والتفرق، ومنها عند الصباح والمساء، ومنها عند الوضوء، ومنها عند طنين الأذان، ومنها عند نسيان الشيء، ومنها عند زيارة قبره الشريف، واعلم أن الآتي بها على قصد تعظيمه صلى الله عليه وسلم أو التبرك بها، ودفع غضب من غضب، أو إغاظة منافق أو كافر، أو دفع ضرر عين عائن فهذا كله مستحب لا نعلم فيه خلافا. وأما عند التعجب من شيء كفرس وجمل وشيء من المتاع فلا ضرر في الإتيان بها كما ذكره الحليمي من أئمتنا، بل لو قيل بستحبابه قياسا على سبحان الله فإنها وردت للتعجب كثيرا في الأحاديث، وخرجها النووي في أذكاره، وكذا لا إله إلا الله أي تأتي للتعجب نادرا ولغيره، ووجه استحبابها عند التعجب أنه صلى الله عليه وسلم عرفنا حقائق الأشياء في الكتاب والسنة كقوله: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} فإذا قالها الإنسان تعجبا من شيء فكأنه يقول صلى الله عليه وسلم الذي عرفنا حقائق هذه

مطلب فيما يقع في هذا الزمن في بعض القرى إلخ

الأشياء قال الحليمي: فإن صلى عليه عندما يستقدر أو يضحك منه فأخشى على صاحبه الكفر، فإن عرف أنه جعلها عجبا، ولم يجتنبه كفر انتهى. ونظر فيه القونوي قال بعض المتأخرين من أئمتنا: والذي يتجه أنه لا بد في الكفر من قيد زائد على ذلك ربما يومئ إليه كلامه، وهو أن يذكرها عند المستقذر أو المضحوك منه بقصد استقذارها وجعلها ضحكة فيفرح انتهى. ولا أظن أحدا من أهل الإسلام ممن عرف قدره صلى الله عليه وسلم يوردها على هذا الوجه، ولكن جزم البدر العيني من الحنفية بحرمتها كالتسبيح والتكبير عند عمل محرم أو عرض سلعة أو فتح متاع انتهى. أما عند العمل المحرم كالزنا والسرقة فنقول به، وأما عند عرض السلعة أو فتح المتاع فلا مانع منه لما عملت أن قائل ذلك إما متعجب ولا منع منها له، وإما متبرك فكذلك ومثل ذلك ما يقع من فران وحمامي وشاعر في اول شعره أو آخره وكذلك قول القائل لجليسه: صل على محمد ومثل ذلك في المحاوات، وكذلك لدفع العين أو عند غضب شخص فإنها إنما تقال بمقاصد صالحة وهي التبرك، ودفع ضرر العين، ودفع الغضب، واستجلاب الصلح، وترقيق القلب، والترحم من المخاطب فلا بأس من ذكرها في هذه المواطن كلها. نعم ينبغي أن تصان عن الأماكن المستقذرة؛ لأنها كالقرآن قال الإمام النووي: ولا يؤمر بها عند الغضب خوفا أن يحمله الغضب على الكفر انتهى. وينبغي أن يقيد ذلك بأحمق أو جاهل لا يعرف قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما العارف والكامل فلا مانع من ذكرها له عند غضبه فإنها تحمله على الرجوع عن الغضب والله تعالى أعلم. مطلب فيما يقع في هذا الزمن في بعض القرى إلخ (سئل) فيما يقع في هذا الزمن في بعض القرى والأعراب أن الرجلين مثلا يقع بينهما نزاع في أمر ما، فيطلب أحدهما الشرع القويم، فيقول الثاني: أنا فرعي لا شرعي أو نحن لا نعرف إلا الفرع أو دعائم العرب أو دعائم الفلاحين أو هذه المسألة لا توجد في الشرع، أو ليس لها الشرع ما لها إلا قاضي العرب. وسمعت من بعضهم يقول: أن الدم هذا ليس في الشرع ولا له حكم إلا عند قاضي العرب. ولهم ألفاظ كثيرة مثل هذه وما قاربها، وجميع أهل هذه القرى عندهم هذا الأمر مشهور، وكل واحد منهم يقول به، فهل هم كفار مرتدون بذلك؟ وهل يجب قتالهم حتى يرجعوا للحق الحقيق؟ وهل يجب على كل مسلم سمع منهم ذلك الإنكار عليهم ومنعهم منه، وبعض هؤلاء يستحسن حكم قاضي العرب على حكم الشرع، ومع ذلك يغرمون لهذا الفاسق المبتدع المغير للشريعة الغراء مالا كثيرا، وتسمح نفوسهم ببذله دون ما يعطى لقاض أو مفت على بيان الحكم الشرعي أوضحوا لنا جوابا شافيا عن هذه المسألة. (أجاب) اعلم أن هذه الألفاظ وما شابهها لا تصدر عن قلب مؤمن

بالله واليوم الآخر عالم بأن الشرع ما شرعه الله تعالى في كتابه القويم المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بأقصر سورة من سوره، أو ما بينه محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي المنزل عليه من السماء قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} فكل مسلم دعي لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يرض بها فهو كافر ملعون مخلد في النار يحشر مع عبدة الأوثان والأصنام، وليس له في الإسلام من نصيب؛ لأن الإيمان هو التصديق والإذعان لما علم من دين محمد صلى الله عليه وسلم، فمثل هؤلاء الذين يقع منهم مثل هذه الألفاظ، وإن وجد منهم التصديق لكن لم يوجد منهم الإذعان الذي هو عبارة عن الاستسلام والانقياد إلى جميع الأحكام الشرعية، فمن لم يذعن لها فهو كافر، وهذا النوع كان كثيرا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} ومع ذلك فهم كفار إجماعا، وتأمل قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} فإنك تجد هذه الآية صريحة في كفر هؤلاء الجماعة بلا شبهة، بل وكثير من العامة كذلك بل بعض أهل العلم كذلك فإنك قل أن تجد إنسانا يحكم عليه بالرجم أو بقطع اليد في السرقة إلا ويجد في نفسه حرجا وعدم تسليم، وقال الله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} فلا شك أن دعائم العرب والفلاحين هي حكم الجاهلية أو مما ألقاه الشيطان لهم وزينه فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر العمل بها أو العدول إليها عن الشريعة الغراء المطهرة التي هي خير الشرائع. وقد روى الحاكم عن أبي هريرة: تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله العزيز، وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض. فلا شك أن هؤلاء قد سلبوا من الدين كما تسلب الشعرة من العجين، فكيف يسوغ لعاقل أن يدعى لله ورسوله في حكم فيعدل عن ذلك الحكم إلى حكم أعرابي جهنمي أو فلاح ملعون مطرود مبعد عن الله ورسوله يحكم له برأيه فلعنة الله على هؤلاء وأحزابهم، ومن يقول بقولهم، ومن يرضى بما يرضونه فوالله لهم أخس حالا من الجاهلية؛ لأنهم كانوا معذورين لعدم وجود الشرع القويم، ولهذا لم يؤاخذهم الله تعالى قال تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}. وأما بعد وجود الشرع فالناس قسمان: إما مؤمن مصدق تجري عليه الشرائع، وإما كافر معاند وهؤلاء من هذا القسم إذ لا نظر لكونهم لا ينطقون بالشهادتين، ألا ترى من ألقى مصحفا في قازورة أو علما شرعيا أو فتوى علم على الأرض مع قوله: أي شيء هذا العلم كافر وإن نطق بهما، ولا شك أن شريعة محمد صلى

الله عليه وسلم معلومة من الدين بالضرورة إذ هي الدين القويم، وقد جزم ابن السبكي بأن الحكم المجمع عليه المشهور بين الناس المنصوص عليه، ومثله المحل بحل البيع يكفر منكره على الأصح لإشعاره بالتكذيب. وقد أجمعوا على أن من أنكر ما هو معلوم من الدين كفر ووجب قتله إن لم يتب؛ لأن إنكاره يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فيه. والمعلوم بهذا المعنى هو ما يعرفه الخواص والعوام من غير قبول للتشكيك فالتحق بالضروريات كوجوب الصلاة والصوم وحرمة الزنا والخمر، بل قال الشهاب في قواعده: ولا يختص ذلك بالواجبات والقربات والمحرمات، بل لو حجر بعض المباحات بالضرورة كما لو قال الله تعالى لم يبح التين والعنب انتهى. فيكفر بذلك وفيه نص الأئمة على أن نافي الإسلام كلا أو بعضا كنافي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم مخطئ آثم كافر عند الأشعرية بشرط تكليفه وبلوغه الدعوة، وعند المعتزلة بعد تأهله للنظر فقط، ولا ينفع تأويله ولا اجتهاده ويدخل في نافي الإسلام نافي ما ثبت من قواعده بدليل العقل مع دليل السمع كما في توحد الباري تعالى بالقدم بأن القدم لله لا لا ونحوها، ونافي ما ثبت بدليل السمع وحده كنا في الحشر والجزاء ونحوهما مما علم كونه ضرورة، ولا شك أن هؤلاء الطائفة نفوا الإسلام كلا أو بعضا، فهم كفار بلا مرية ولا تردد عندي في ذلك ولا لكل مسلم يعلم محاسن الشريعة الغراء ومواقع القرآن العظيم. غاية الأمر أنه ينبه عليهم ويعرفون حكم الله تعالى في هذه العبادة الواقعة منهم فإن تأبوا ورجعوا ورضوا بحكم الله ورسوله ساروا مسلمين بذلك وإلا فهم كفار يجب على مولانا السلطان قتالهم وسلب أموالهم وتكون فيئا لبيت مال المسلمين كأموال المرتدين. وقد قال الصديق لبعض الأعراب على أقل من هذه لمرتبة وهو منعهم الزكاة، وقال: لو منعوني أعناقا كانوا يدفعونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم. وقد نص أئمتنا على أن من امتنع من إظهار شعار الصلاة يقاتل، وعبارة المنهاج مع ابن حجر: فإن لم يظهروا الشعار كما تقرر بأن امتنعوا كلهم أو بعضهم كل أهل محلة من قرية كبيرة ولم يظهروا الشعار إلا بهم قوتلوا أي قاتل الممتنعين الإمام أو نائبه لإظهار هذه الشريعة العظيمة، ويظهر على أنه لا يجوز له أن يفاجئهم بالقتال لمجرد الترك كما يومئ إليه قوله فإن امتنعوا بل حتى يأمرهم فيمتنعوا من غير تأويل أخذا مما يأتي في ترك الصلاة نفسها انتهى. وذكر ابن حجر في باب الأذان بناء على القول بأن الأذان فرض كفاية قال: وهو قوي، ومن ثم اختار جمع أنه يقاتل أهل بلدة تركوا الأذان والإقامة أو أحدهما بحيث لم يظهروا الشعار، ففي بلدة صغيرة يكفي بمحل واحد وكبيرة لا بد من محال نظير ما يأتي في الجماعة، والضابط

بأن يكون بحيث يسمعه كل أهلها لو أصغوا إليه، وعلى القول بأن الأذان والإقامة سنة لا قتال. وقال شيخ الإسلام في شرح الروض: فيقاتل الممتنعون أي يقاتلهم الإمام أو نائبه عليها أي على ترك الجماعة كسائر فروض الكفايات حتى يظهر الشعار أي شعار الجماعة الخ. فإذا كان السلطان يقاتل على ترك فرض الكفاية فعلى إنكار الشرع من أصله أولى بل لهم أوجه كثيرة يقاتلون عليها من عدم إرث النساء وأخذ مهورهن وخروج نسائهن كاشفات الوجوه في الأسواق، فإن استحلوا ذلك أي عدم إرث النساء وما بعده كفروا، وقد نص الأئمة على كفر من استباح الزنا واللواط أو الفرض قاعدا مع قدرته على القيام كما صرح به النووي وغيره أو الخمر، وما يوضح هذا المقام ما ذكر اللقاني في شرح عقيدته الكبير ما نصه، ومما يوضح هذا المقام أن من أنكر ما عرف بالتواتر فإن لم يرجع إنكاره إلى إنكار شريعة من الشرائع كإنكاره غزوة تبوك ووجود أبي بكر وعمر وقتل عثمان وخلافة علي رضي الله تعالى عنهم وغير ذلك مما علم بالنقل ضرورة، وليس في إنكاره جحد شريعة لا يكون إنكار ذلك كفرا؛ إذ ليس فيه أكثر من الكذب والعناد كإنكار هشام وعباد وقعة الجمل ومحاربة علي رضي الله تعالى عنه من خالفه نعم إن اقترن بذلك اتهامه للناقلين، وهم المسلمون أجمع كفر كما في الشفاء وغيره لسريانه إلى إبطال الشريعة، وليس هذا كمنكر أصل الإجماع؛ لأنه لا يتهم جميع المسلمين بل ولا بعضهم، وإنما ينكر اجتماعهم وتوافقهم على شيء، وإن رجع إنكاره إلى إنكار قاعدة من قواعد الدين، أو حكم من أحكامه كإنكار الخوارج حديث الرجم كفر؛ لأنه حكم من أحكام الشريعة مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، وإن أنكروا قصته واعترفوا بأن الرجم ثابت في هذه الشريعة بدليل آخر لم يكفروا ما لم يقترن اعترافهم بمنكر كمنكر إباحة التين يكفر ككفر من أنكر كون الإباحة حكما شرعيا. وعبارة ابن حجر يعترض على قول بعض الحنفية من أنكر حلالا أو حراما كفر إلخ لاخصوصيته لهما بذلك، بل أنكر حكما من الأحكام الخمسة الواجب أو الحرام أو المباح أو المندوب أو المكروه من حيث هو كأن أنكر الوجوب من حيث هو والتحريم من حيث هو وكذا الباقي كافرا قلت: وأحترز بقيد الحيثية عن إنكارها من حيث متعلقتها فإنها لا بد فيها من العلم الضروري على ما مر انتهى. فهذا نص صريح في أن من أنكر حكما من الأحكام الخمسة يكفر فكيف بمن أنكر الشريعة كلها أو قال: لا أعرفها أو قال: أنا فرعي لا شرعي أو قال: لا نعرف الشرع، أو قال: لا نعرف إلا دعائم العرب، أو دعائم الفلاحين ويعني بالدعائم الأمور المتعارفة بينهم التي خالفت الشرع قطعا التي من جملتها عدم إرث النساء

وأخذ مهورهن، ومن جملتها أن الرجل يتزوج ابنة رجل ويزوجه الثاني ابنته، فإذا ماتت واحدة منهما أو لا رجع زوجها على زوج ابنته بمال معروف عندهم، ومن جملتها أن المرأة إذا مات زوجها ولها قريب أي قريب كان فيريد أخذها ولها أولاد فتريد البقاء على أولادها لكونهم صغارا ولا تريد فراقهم فيأبى قريبها ذلك حتى تبذل هي من مالها أو مال أولادها الأيتام مهرها له، فبعد ذلك يتركها وإلا فرق بينها وبين أولادها، وقد شاهدنا ذلك كثيرا، وقال صلى الله عليه وسلم: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة. ومن جملتها أن يكون تحت الرجل منهم أرض وقف أو لبيت المال أو مما أقطعه السلطان لأحد من الجند يزرعها، ثم يفارق البلد ويغيب مدة طويلة فيضع بعض الناس يده عليها ويغرس بها شجرا فيريد الأول رفع يد الثاني المقر على الأرض من المتكلم عليها، فيرفعه لقاضي العرب أو الفلاحين ليحكم له بها، ومن جملتها الاكتفاء برجل واحد في جميع الأمور حتى في الزنا والقتل، ومن جملتها أن الرجل منهم يعمل للشاهد مالا كثيرا ليشهد فيرجع على خصمه به، ومن جملتها أن الرجل يجعل جعلا يسمى عندهم حلاوة لمن يخبره عن السارق مثلا فيرجع به على السارق، ومن جملتها أنهم يغرمون السارق أربعة أمثال المسروق، ومن جملتها أنهم يحلفون كل متهم في شيء أربعة وأربعين كلمة ومعه خمسة من الرجال يزكونه، ومن جملتها أنهم يحلفون المتهوم على شيء بحضرة النبي أو ولي، ولكن يركب الحالف فوق القبر. وفي خبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يجلس أحدكم علىجمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر". وعبارة النووي في شرح مسلم في حديث: "لأن أمشي على جمرة أو سيف الخ. نصها القعود على القبور حرام والمراد بالقعود الجلوس عليه هذا مذهب الشافعي والجمهور من العلماء. وقال مالك: المراد بالقعود الحديث وهذا التأويل ضعيف أو باطل، والصواب أن المراد بالقعود الجلوس، ومما يوضحه قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجلسوا على القبور". وفي الرواية الأخرى: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" فكذلك قال أصحابنا: تجصيص القبور مكروه، والقعود عليها حرام. وكذلك الاستناد إلى القبر والاتكاء عليه، وبه تعلم أن قبور الأنبياء التي يظهر فيها عدم الخلاف والجزم بالحرمة، ومن جملتها أن بعض الأعراب يأخذ المرأة من غير انقضاء عدة، وإذا مات زوجها أو طلقها وأراد إنسان منهم يأخذها يأتي بشاة ويذبحها عند باب بيتها ويسمونها بشاة الحليلة أي حللت المرأة للزوج الثاني ولو قبل انقضاء عدتها، ومنهم من يدفع قشه أو عودا أو بعيرا ويكون ما ذكره قائما مقام العقد والشهود والولي إلى

مطلب أيضا خاتمة المحققين خير الدين إلخ

غير ذلك من الضلالات التي لا تخفى وقد سئل ابن عبد العال الحنفي بما صورته في عرب البوادي نحو عرب السعادنة وبني عطية إذا طلق أحدهم امرأته، أو مات زوجها تزوجها آخر بعده بنحو جمعة أو أقل من ذلك لا يعتدون مطلقا ويستحلون ذلك، وإذا توفي أحدهم عن عشر بنات مثلا وله ابن عم أو نحو ذلك لم يورثوا البنات مطلقا، ويرثه ذلك الرجل ويستحلون ذلك ويقولون بالجهة، وهو أن أحدهم إذا حلف قال: وحياة ربنا هذا الأخضر ويشيرون إلى السماء ويعتقدون ذلك، وإذا قيل لأحدهم: بعث في هذا الزمان نبي صدق ولم يتوقف ولا يؤمنون بالبعث والنشور، وإذا قيل لأحدهم أيضا: إن ربنا يحيي الخلق بعد موتهم ويحاسبهم على الصلاة وغيرها فيقولون: لا ندري ولا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ودأبهم الفساد في الأرض وقطع الطريق فما حكم الله تعالى فيهم؟ وما يجب عن الإمام في حقهم شرعا؟ (أجاب) من استحل حكم ما علم أمر حرمته في دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، ثم ينظر بعد ذلك إن تاب ورجع تقبل توبته، وينبغي لولاة الأمور أن يعملوهم الأحكام لاحتمال أن يكون فعلهم للجهل، فإن لم يرجعوا حل قتلهم وأخذ أموالهم، ثم ينظر في حال نسائهم إن كن مؤمنات مكرهات لا ذنب لهن ويعلمن الأحكام، فإن لم يتبن حل سبيهن وبيعهن كالحربيات، ويجب على الأعراب تعلم الأحكام فإن الأعراب أهل جفاء بخلاف العرب؛ فإن الله تعالى ذم الأعراب وهم أهل البادية، فإن قطعوا الطريق وأخذوا الأموال وقتلوا الأنفس فللإمام أن يقطع أيديهم وأرجلهم إن أخذوا قبل التوبة وكانوا مؤمنين فإن استمروا على اعتقادهم كما في السؤال يقتلون بلا انذار. مطلب أيضا خاتمة المحققين خير الدين إلخ و (سئل) أيضا خاتمة المحققين الشيخ خير الدين عن ذلك بما صورته في طائفة من الفلاحين دعوا إلى الشرع الواضح المبين في قصة تتعلق بالجنايات من قتل وجراحات فأبوا قائليين: لا نعمل بالشرع، وإنما نعمل بدعائم العرب والفلاحين فماذا يترتب شرعا؟ (أجاب) إن قالوا ذلك لاعتقادهم عدم حقيقة الشرع أو استخفافا فلا ريب في كفرهم بإجماع المسلمين، ويجب أن يجري عليهم أحكام المرتدين، وإن لم يكن واحدا منهما فقد اختلف في كفرهم، قال في جامع الفصولين قال لخصمه: حكم الشرع كذا، فقال خصمه: من برسم كارس كتم حكم في كفره وقيل: لا ومعنى هذه الألفاظ أنا أعمل بالعادة لا بالشرع وأبدل القول الأول بفرع عن عماد الدين مثل ما في جامع الفصولين في كثير من كتب المذهب، وأما عقوبة المذكورين وإهانتهم فواجب على حكام المسلمين؛ لأن العرب والفلاحين غلب عليهم إهمال الشرع والرجوع إلى الدعائم وربما تطرقوا إلى هدم الشريعة بالكلية

مطلب سئل عن نحو عرب السعادنة وبني عطية إلخ

إن تركوا أمرهم فلا يجوز فيه الإهمال خصوصا فيما يتعلق بهذا الشأن الذي طال ما ضربت الصحابة دونه بسيوفها حتى استقام وباعوا فيه النفوس حتى شد صلبه وقام، فالمتعين على حكام المسلمين والإسلام وولاة سائر الأنام تدارك هذا الخطر المشكل وتلافي هذا الشأن الصعب المذهل والتيقظ له برد مثل هؤلاء إلى الشرع المحمدي وترك ما عداه مما لم ينزل الله به من سلطان، ومن أبى وتمادى منهم في الضلال يجب أن يعامل بالقتل والقتال ولا حول ولا قوة إلا بالله المهيمن المتعال إليه مرجعنا ومردنا وعليه اعتمادنا في سائر الأحوال اللهم قوي متن سماء الشريعة، وارفع عمدها، وثبت قوائمها يا ممسك السماء أن تقع على الأرض أمين اللهم أمين. مطلب سئل عن نحو عرب السعادنة وبني عطية إلخ و (سئل) رحمه الله تعالى في نحو عرب السعادنه وبني عطية وغيرهم من عرب الشام ومصر والحجاز وغيرهم من عرب البوادي الذين يطلقون أزواجهم فيتزوج الرجل منهم زوجة الآخر المدخول بها بعد طلاقه بجمعة أو أقل، وكذلك بعد الموت لا يعتدون مطلقا ويستحلون ذلك، وإذا مات أحدهم عن عشر بنات مثلا وله ابن عم ونحو ذلك من العصبة وإن بعد لا يورثون البنات مطلقا معه، بل يمنعوهن بأنفسهن ميراثا ويورثون ذلك لعصبته فقط، ويستحلون ذلك ويصدقون ببعثته صلى الله عليه وسلم، ولكنهم ينكرون البعث والنشور وإذا قيل لأحدهم: إن ربنا سبحانه يحيي الخلق بعد موتهم، ويحاسبهم على أعمالهم فيقولون: لا ندري ذلك ولا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ودأبهم الفساد في الأرض وقطع الطريق وقتل النفس التي حرمها الله تعالى بغير حق ويبيعون الحر، ويقول بائعه: هذا فلاحي أبيعه لمن شيئت كيف شيئت وأتصرف فيه بالرهن كيف شيئت مستحلين ذلك، ومن قبائحهم أن الواحد منهم إذا جاءته زوجة الغير مغضبة من زوجها وكان بينها وبينه أدنى قرابة يذبح شاة ويطعمها لأهل حيه، ويدخل عليها في الحرام، ويجعلها زوجة له معتقدا حل ذلك فما حكم الله تعالى فيهم؟ وما يجب على الحكام في حقهم شرعا مع نهيهم لهم عن ذلك مرارا وأمرهم بالاستسلام والانقياد لأحكام الله تعالى فما يزدادون إلا مخالفة وخروجا عن أمرهم؟ (فأجاب) قد سئل عن مثل هذه المسألة شيخ مشايخنا الزاهد الورع العالم الشيخ أمين الدين محمد بن عبد العال الحنفي رحمه الله تعالى (فأجاب) بما حاصله المرقوم في فتواه من استحل حكما عام أمره وحرمته في دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وحيث نهوا ووعظوا مرارا حل قتلهم وقتالهم وأخذ أموالهم، ثم ينظر في حال نسائهم إن كن مؤمنات مكرهات معهن لا ذنب لهن فيعلمن الأحكام، وإن لم يكن

كذلك حل سبيهن وبيعهن كالحربيات انتهى. وحيث قطعوا الطريق وقتلوا النفس وأخذوا الأموال فجزاؤهم ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز قال عز من قائل: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} هذا حكمهم مع كونهم كفارا، وبه يعلم حل قتلهم مطلقا والحالة هذه ويثاب قاتلهم، وأجر المقاتل لهم كأجر المقاتل لأهل الحرب مع خلوص النية؛ لأنه مجاهد في سبيل الله والله أعلم. ومن جملة قبائح هؤلاء المجرمين المارقين من الإسلام مروق السهم أن الرجل منهم يأخذ البنت البكر أو المرأة الثيب قهرا عليها وعلى أهلها، وذلك أنه يجدها في بادية فيهددهابالقتل، ثم يذهب بها لبلدة أخرى فيدخلها بيت رجل من أهل القرية فيمكنه منها مع وجود جميع أهل البلد وشهادتهم لذلك، فلا ريب عندي أنهم كلهم فسقة أشقياء مستحقون القتل لإقرارهم على هذه الفاحشة العظيمة التي لا تقع بين المسلمين. فقد نص أئمتنا متونا وشروحا على أن الصائل على الفرج يجب قتاله ولو قتل فدمه كدم الكلب هدر، وعبارة المنهج مع شرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري بل يجب أي الدفع في بضع وفي نفس ولو مملوكة قصدها غير مسلم بقيد زدته بقولي محقون الدم، وكتب عليه المحشى الزيادي قوله في بضع ومقدماته وغير أقاربه؛ لأنه لا مجال للإباحة فيه، بل يقع منهم أشد من هذا الأمر الفظيع الشنيع الذي لا يقع في بلاد الإسلام وهو أن أحدهم يأخذ زوجة الرجل التي في عقد نكاحه قهرا عليه بالوجه السابق وله منها أولاد، فيدخل عليها وتصير زوجة للغاصب فحسبنا الله ونعم الوكيل، ولولا حلم الله تعالى لكادت السماء أن تقع على الأرض ولكن عذاب الله شديد ولعذاب الآخرة أشد. وغالب نسائهم بهذا الوجه القبيح المخالف لملة الإسلام وكلهم متواطئون على هذا المعنى، وقل من ينكره منهم، وإذا أنكره أحد إنما ينكر بلسانه لا بقلبه، وإذا وقع له هذا فعله بنفسه إلا من عصمه الله تعالى، وربما قد غصبها زوج المرأة الأول فيأخذها أيضا قهرا ولها من الثاني أولاد، ويزعمون أنهم أهل عرض وحسب كلا والله إنهم لأهل الفسق والفواحش والفجور. وهنا ميزان تعلم به أنهم أقبح حالا من الجاهلية بل من اليهود والنصارى أما الجاهلية فمعذرون بعدم وجود الشرع، فلما ورد كان هو العهدة، وأما اليهود فإن موسى مرسل لهم بالتوراة، والنصارى أرسل لهم عيسى بالإنجيل فلهم بحسب الأصل نوع عذر عند الله وعند الناس وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الشرائع فليس لهم الآن عذر أصلا، وأما هؤلاء

الفجار فما مستندهم إلا الشيطان أو جهنم وبئس المصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فلا يحشرون مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم لا يذعنوا لشرعه ولم يعملوا به ولا مع اليهود؛ لأنهم لم يعملوا بالتوراة ولا مع النصارى؛ لأنهم لم يعملوا بالإنجيل ولا مع الجاهلية فإنهم بلغتهم الدعوة بخلاف الجاهلية ولا مع عبدة الأصنام والأوثان لأنهم غيرهم فالله تعالى أعلم بحالهم يوم القيامة، لكن نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتوب عيهم، وأن يهديهم الطريق المستقيم، ويعملوا بالشرع القويم شرع محمد صلى الله عليه وسلم حتى يحشروا مع أمته، ويفوزوا بسعادته وحسن طلعته ويتلذذوا بالجنة ونعيمها، وإنما قلنا ذلك شفقة عليهم وخوفا أن يموتوا على الكفر فيهلكوا. وقال الإمام مالك: بلغني أنه يجب على العلماء التبليغ كما يجب على الرسل فالله يتوب عليهم إنه هو التواب الرحيم. ومن جملة قبائحهم أنهم إذا أرادوا أن يحلفوا أحدا جعلوا له دائرة في الأرض شملة ونملة وقدرا مقلوب ورمحا وروثا، ثم يدخل المتهم في الدائرة فيحلف، وهذه هي اليمين العظمى عندهم. ومن قبائحهم أن الرجل يزوج ابنته فيحتاج الزوج أن يدفع لكل أقاربها مالا مخصوصا يسمى عندهم بلعة ومن قبائحهم أن الرجل يكون عند آخر مال فيأخذ دابته مثلا على ذلك المال ولكن يمنعها الأكل والشرب حتى تموت فلا يضمنها، ويأتي بأخرى كذلك إلى أن يأخذ الذي له فإن علفها وساقها ضمن على كفرهم الذي أسسوه وتبعوه، ومن قبائحهم الشنيعة التي ما وقعت في الجاهلية ولا في الإسلام أن شأنهم يأخذون امرأة فاجرة فاسقة، ويذهبون بها إلى خارج القرى في الجبال وبين الشجر، ويصنعون بها أنواع الفواحش من زنا وغيره، ويسرقون أموال المسلمين ويأكلون ويطعمون كل من يرد عليهم، ويقال لهم في عرفهم شباب المغنية قبح الله سعيهم في الدنيا والآخرة وجميع أهل البلاد تعلم ذلك، وقل من ينكر عليهم مع أنه يجب على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر قتالهم، ولا يتوقف على حكام بل كل من علم ذلك من المؤمنين لزمه قتالهم، ثم كل من كان منهم محصنا وجب رجمه حتى يموت، ومن كان غير محصن وجب جلده مائة جلدة وتغريب عام، والمرأة كذلك إن كانت محصنة وجب رجمها وإلا فجلدها وتغريبها. ومن قبائحهم أن الرجل يأتي لواحد منهم فيقول: أنا مستجير بك فيلزمه في غرضهم الباطل سبعة قروش أسدية، ومن قبائحهم أن الرجل إذا كفل آخرا في أمر له كذلك، ويلزمه له سبعة قروش أو تسعة قروش أسدية، ومن قبائحهم أن الرجل إذا عرف دابة له مع آخر، وأثبتها بالوجه الشرعي يأخذ من مالكها من هي تحت يده نصف القيمة.

ومن قبائحهم أن الرجل منهم تذهب له دابة أو تسرق أو يأخذها العدو لهم فيأخذها إنسان منهم قهرا أو سرقه فيغرم لها مالكها أيضا نصف القيمة، ومن قبائحهم أن الواحد منهم يكون له الحق على بلد أو قرية أو أقارب مخصوصين، فمتى ظفر بواحد من هؤلاء أخذ حقه منه أو أخذ دابته أو غنمه أو بقره، ثم إن ما يأخذه من الحيوانات يمنعه من الأكل والشرب حتى يموت، ومع ذلك يرجع على الغريم بدينه ولا يغرم له قيمه ما تلف عنده من الحيوان، بل ربما أخذ له حيوانا آخر وتلف عنده أيضا، ومع ذلك يرجع بدينه كما مر، ومن قبائحهم أن رجلا أجنبيا يرمي امرأة بالزنا فلا بد من قتلها من غير بينة تشهد بذلك، ومن غير فرق بين محصنة وغيرها. ومن قبائحهم أن غالب البلاد لهم قاض يقضي لهم بأمور اصطلاحية فيما بينهم لا توافق الشرع القويم، وهنا خاتمة نسأل الله تعالى حسن الخاتمة في الأحكام المتعلقة بهم وهي أنهم إن استمروا على ما هم عليه من اعتقاد الدعائم وعدم اعتقاد الشرع القويم والعمل به لا تحل ذبائحهم، ولا تجوز مناكحتهم إن كانت نساءهم تعتقد ذلك أو انعقدت في حال ردة آبائهن، ولا تقبل شهادتهم، ولا تجوز الصلاة خلف أئمتهم، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ولا تجوز الصلاة على موتاهم ولا يغسلون ولا يكفنون بل يجوز إغراء الكلاب على جيفهم وإن تضررنا بهم وأريناهم في التراب، ولا تجوز مجالستهم ومن جالسهم فهو فاسق؛ لأن مجالسة الفاسق لغير ضرورة فسق، ولا يجوز لمسلم أن يزوجهم ابنته أو من له عليها الولاية، ويجب استتابتهم ذكورا وإناثا حالا، فإن أصروا قتلوا لخبر البخاري: من بدل دينه فاقتلوه أو أسلموا بأن اعتقدوا بطلان دعائمهم وأذعنوا للشرع القويم صح إسلامهم، وتركوا لخبر فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام. وملكهم موقوف كبضع زوجاتهم إن ماتوا على ذلك بأن زواله بالردة وإلا فلا يزول وتصرفهم إن لم يحتمل الوقف بأن لم يقبل التعليق كبيع وهبة ورهن وكتابة وسلم وإجارة باطل لعدم احتمال الوقف، وإن احتمله بأن قبل التعليق كعتق وتدبير ووصيه فموقوف إن أسلم نفذ، فإن ماتوا على ذلك يكون مالهم فيئا لبيت مال المسلمين، ولا يكون لورثتهم؛ لأن المرتد لا يرث ولا يورث. ومن أحاط بالشريعة الغراء علما علم بقية أحوالهم ولولا الاشتغال كنت أطلت القول في هذا السؤال، ولكن فيه ما يطلع اللبيب على غالب أحوالهم، بل وأحوال غيرهم كمن يقول بالخالية وخالية الخالية كعسكر مصر، وذلك أن الظلم ونحوه إذا مضى عندهم عليه سنتان صار مما لا يعارض فيه؛ لكونه مرت عليه السنة المعينة والتي قبلها وهما المراد بالخالية وخالية الخالية، ومثل ذلك من يقول بالقوانين السلطانية حيث كانت مخالفة للشرع القويم كان

مطلب يا سائلي عن أحاديث من العجب إلخ

قيل لواحد ممن يعرف القوانين: شرع الله يحكم بيننا فقال: لا أعرف الشرع إنما أعرف قوانين السلطان أوليس لهذه المسألة إلا قانون السلطان أو ليس لها شرع أو حكمها لا يوجد في الشرع ونحو ذلك، ولكن الغالب على القوانين السلطانية عدم مخالفه الشرع الشريف وفي هذا القدر كفاية والله تعالى أعلم. مطلب يا سائلي عن أحاديث من العجب إلخ (سئل) يا سائلي عن أحاديث من العجب قد حار فيها ذوو الأفكار والأدب ... عمن تزوج أنثى ثم طلقها ثلاثة قد مضت حقا بلا عطب ... وعن قريب أتاها ثم راجعها على الصحيح الذي في سائر الكتب ... فجامع الأم والأختين جمعاء في فرد وقت ولم يخش من العطب ... أعمامها أربع والجد خامسهم أخ لها زوجها هذا من العجب ... وعن صبي بلا أم وليس له أب ويلحق في الميراث في النسب ... وقائلا لأخيه حين قابله أهلا بعمي وخالي وابن أخت أبي (أجاب) رحمه الله تعالى: فالزوج ميل قد زوج لمكحلة طلاقها كحل عين يا أخا الأدب ... فالميل جامع هذا لمكحلة وبعد ذلك لعيني صاحب الشنب ... إن راجع الأم طلق عين غانية وإن يطلق يطا للعين والهدب ... أصابع أربع أعمام مكحلة إبهام يرى فذاك الجد في النسب ... وإن تكن جامعا خمسا بمكحلة زوج وخال هما مع وسطة العجب ... أما الصبي فما للعين عنه غنى والإرث للكحل فافهم غاية الطلب ... هما صبيان في عينين جدهما رأس وكل له عم بمنتسب ... وخالاه أذنان العين أمهما والكل أخ لها فافهم بذا طرب ... والعين أخت لرأس والصبي لها ابنا يقينا بلا شك ولا كذب ... هذا جوابي فكن للحق مستمعا ولا تجادل أخا علم بلا سبب ... ثم الصلاة على خير الأنام ومن قد قرأ الضيف مع ولد ذوي حسب والله سبحانه وتعالى أعلم. مطلب سئل كم عدد الملائكة الموكلين ببني آدم إلخ (سئل) كم عدد الملائكة التي الموكلة على بني آدم، وكيف صورة كتابتهم، وفي أين محلهم، وما اسم الكتابين، وإذا مات الآدمي فأين تذهب الملائكة الموكلة به؟ (أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في عدد الملائكة التي موكلة على بني آدم روي أن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم كم ملك على الإنسان؟ فقال: عشرون ملك منهم ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمين على الذي عن يسارك، فإذا عملت حسنة كتبت

عشرا وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: اكتب فيقول: لا لعله أن يتوب، فإذا لم يتب قال: نعم اكتب أراحنا الله تعالى منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله تعالى وأقل استحياءه لقوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فاسم الملك الذي على اليمين رقيب وهو الذي يكتب الحسنات، واسم الملك الذي على الشمال عتيد وهو الذي يكتب السيئات، وملكان بين يديك ومن خلفك لقول الله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} وملك قابض على ناصيته إذا تواضع لله تعالى رفعه وإذا تجبر على الله تعالى قصمه، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وملك على فيك لا يدع الحية أو الهوام تدخل فيك، وملكان على عينيك ويقال: إن اسمهما شوية فهؤلاء عشرة أملاك على آدمي فتنزل ملائكة الليل على ملائكة النهار فهؤلاء وهؤلاء عشرون ملكا على كل آدمي. وقال مجاهد: ما من عبد إلا وملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما منهم شيء يأتيه إلا قال له الملك: وراءك إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه. وقال كعب الأحبار: لولا أن الله تعالى وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفنكم الجن. وقال الفاكهاني: إن قلت: الملائكة التي ترفع عمل العبد في اليوم أهم الذين يأتون غدا أم غيرهم قلت: الظاهر أنهم هم وأنهم لا يتغيرون عليه ما دام حيا. واختلفوا في موضع جلوس الملكين من الإنسان فقال الضحاك: مجلسهما تحت الشعر على الحنك. قال البغوي: وكان الحسن يعجبه أن ينظف عنفقته. وروى أبو نعيم في تاريخ أصبهان أنه صلى الله عليه وسلم قال: "نقوا أفواهكم بالخلال فإنها مجلس الملكين الحافظين، وإن مدادهما الريق وقلمها اللسان، وليس عليهما شيء أضر من بقايا الطعام بين الأسنان". وذكروا أنهما يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض كما قال صاحب الجوهرة: لكل عبد حافظون وكلوا وكاتبون خيرة لن يهموا ... من أمره شيئا فعل ولو ذهل حتى الأنين في المرض كما نقل وإذا كانت الكتبة لا تهمل شيئا فحاسب نفسك لتربح الملائكة من التعب، وفائدة جعل الملائكة موكلين بالإنسان أنه إذا علم أن له حافظا من الملائكة موكلا به يحفظ عليه أقواله وأفعاله في صحائف تنشر له وتقرأ عليه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد كان زاجرا له عن القبيح وترك المعاصي. وقال عكرمة: لا يكتبان إلا ما يؤجر عليه ويوزر. وروي أنه إذا كان الليل قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: تعال ألاقيك فاطرح أنا حسنة وأنت عشرا حتى يصعد صاحب السيئات

مطلب سئل فيما يفعله الناس من القيام لبعضهم إلخ

ولا معه سيئة والمعنى إذا عمل الإنسان عشرة سيئات وعمل حسنة واحدة فتمحى ذلك ويقال في ذلك: ويل لمن غلبت أحاده أعشاره فالآحاد السيئات والأعشار الحسنات؛ لأن الحسنة الواحدة تكفر عنه عشرة سيئات، فإذا زادت السيئات فالويل له إن لم يعف الله عنه، وروي أن آدم عليه السلام لما خرج من الجنة قال: يا رب أنزلتني إلى الأرض وسلطت علي إبليس فاجعل لي عليه سلطانا قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت له ملكين يحفظانه قال: يا رب زدني قال: الحسنة بعشرة وأزيدها والسيئة بواحدة وأمحوها قال: يا رب زدني قال: باب التوبة مفتوح ما دام في الجسد روح. وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى وكل بعبده ملكين يكتبان عليه، فإذا مات قال: يا رب قد قبضت عبدك فلان فإلى أين قال: سمائي مملوءة من ملائكتي يعبدونني وأرضي مملوءة من ملائكتي يطيعونني اذهبا إلى قبر عبدي فسبحاني وكبراني وهللاني، واكتبا ذلك في صحيفة عبدي إلى يوم القيامة وهذه بشارة عظيمة لهذه الأمة المحمدية حيث منحها الله تعالى بهذا الفضل العظيم والعطاء الجسيم والله تعالى أعلم. مطلب سئل فيما يفعله الناس من القيام لبعضهم إلخ (سئل) فيما يفعله الناس من القيام لبعضهم بعضا فهل هو جائز أو لا؟ (أجاب) قد رفع هذا السؤال للعلامة سيدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمهما الله تعالى وهو في القيام الذي أحدثه أهل زمننا مع أنه لم يكن في زمن السلف هل يجوز أو يحرم فكتب الجواب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا". وترك القيام في هذا الوقت يفضي للمقاطعة والمدابرة، فلو قيل بوجوبه ما كان بعيدا. وقال اللقاني رحمه الله تعالى: ثم إنه منهي عنه نهي تفرقة إذا فعل تعظيما لمن لا يحبه؛ لأنه يشبه فعل الجبابرة، ويوقع الفساد في قلب الذي يقام له ومباح إذا فعل إجلالا لمن لا يريده، ومندوب للقادم من سفر فرحا بقدومه يسلم عليه أو يشكر إحسانه أو القدم المصاب ليعز به بمصيبته، والله تعالى أعلم. مطلب فيمن يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ (سئل) فيمن يرى المصطفى صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما هل هي جائزة، ويرى ذاته الشريفة حقيقة، وما الحكم إذا رآه اثنان في آن واحد وأحدهما بالمشرق والثاني بالمغرب؟ (أجاب) اتفق الحفاظ رحمهم الله تعالى أن رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما جائزة، لكن اختلفوا هل يرى الرائي ذاته الشريفة حقيقة أو يرى مثالا يحكيها، فذهب إلى الأول جماعة، وذهب إلى الثاني الغزالي واليافعي وآخرون. واحتج الأول بأنه صلى الله عليه وسلم سراج الهدى ونور الظلام وشمس المعارف كما يرى نور السراج والشمس من بعد المرئي جرم الشمس بأعراضه وخواصه فكذلك الجسم الكريم والبدن الشريف

مطلب فيما يفعله بعض فقهاء البر إلخ

فلا تلزم مفارقته الروضة الشريفة ولا خلو الضريح منه بل يخترق الله تعالى الحجب للرائي ويزيل المانع حتى يراه وهو في مكانه، ويمكن على هذا أن يراه اثنان في آن واحد ومكان واحد أحدهم بالمشرق والثاني بالمغرب، أو يجعل تلك الحجب شفافة لا تواري وراءها. وقال القرافي رحمه الله تعالى: محل النزاع ما إذا رآه الرائي في بيته بالشرق وآخر في ذلك الوقت في بيته بالمغرب فإن الشمس إنما يرى في البيت شعاعها، وأما جرمها فهو في مكانه من السماء ولو حصرها محل الرائي لاستحالة كونها في ذلك الآن في محل غيره فوجب القول بالثاني بالمثال. وقد قال جماعة من أكابر الصوفية بالعالم المثالي سواء وافق صورته عليه الصلاة والسلام الحقيقية أو لا؛ لأن المرئي على خلافها إنما هو على صورة الرائي المنطبعة في مثاله عليه الصلاة والسلام الذي هو كالمرآة للصورتين. وتوسط بعضهم فقال: رؤياه على صورته وصفته الحقيقية رؤيا لا تحتاج إلى تعبير، ورؤياه على غيرها رؤيا تحتاج إلى تعبير وهي حقيقة في الوجهين جميعا لا تلبيس فيها من الشيطان باتفاق العموم، بل هي حق وإن رؤي بغير صفته إذا تصور كل تلك الصور من قبل الله تعالى، فمن رآه شيخا فهو في غاية سلم، ومن رآه شابا فهو في غاية حرب، ومن رآه متبسما فهو متمسك بسنته، ومن رآه على حاله وهيئته كان دليلا على صلاح الرائي، كمال حاله وجاهه وظفره على أعدائه، ومن رآه متغير الحال كان على سوء حال الرائي حتى إن الموحد يراه حسنا والملحد يراه قبيحا؛ لأنه كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها كلما قابلها وإن كانت ذاتها على أحسن حال وأكمله، والله تعالى أعلم. مطلب فيما يفعله بعض فقهاء البر إلخ (سئل) فيما يفعله بعض فقهاء البر ونحوهم إذا جاء إليهم الداعي والمدعي ليحكم بينهما فيقول لهما: لا أحكم بينكما حتى تحطا البسملة فهل لا يجوز له ذلك، وهل يحل له أن يأخذ من الخصمين أجرة على الحكم بينهما؟ وما يصدر على يدهم من العملة المسماة الآن بعملة المثالثة، ويجعلون حيلة لها لأجل الخلاص من إثم الربا، فهل لا يجوز لهما ذلك، وما يفعله بعض جهلة الفلاحين من عدم توريث الإناث وأخذ مهورهن وخروجهن سافرات الوجوه، ومقاوضتهم بإناث بعضهم بعضا، وجعلهم الإناث كالبهائم من جملة الميراث ويقتسمونهن ويكلفونهن من العمل ما ليس بواجب عليهن ويخرجوهن معهم في الحرب والقتال وغير ذلك من الأفعال القبيحة، فهل لا يحل ذلك ولا يجوز الإقرار عليه خصوصا فقهائهم يشاهدون هذه الأفعال منهم ويقرونهم عليه فما حكم الله تعالى في ذلك؟. (أجاب) ما ذكر في هذا السؤال من قبائح هذه الأفعال فيلحق فاعلها الوبال والنكال والدمار وغضب الجبار وتلعنه الملائكة الكرام هذا إذا لم يستحل ما ذكر، وأما إذا استحل ذلك والعياذ بالله تعالى فنعاملهم معاملة المرتد وقال

أبو ذر رضي الله عنه: تمام التقوى ترك بعض الحلال خوفا من أن يكون حراما لما في ذلك من ترك الريبة؛ لأن تركها ورع كبير عظيم. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فقال: وكيف لي بالعلم بذلك فقال له: إذا أردت أمرا فضع يدك على صدرك؛ فإن القلب يضطرب للحرام ويسكن للحلال، ولأن المسلم يدع الصغيرة مخافة الكبيرة". والمعنى افعل الذي يحمدك الناس على فعله، ودع الذي يذمك الناس على فعله وقوله في السؤال: هل يجوز أخذ الأجرة على الحكم قال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى: إذا ابتلي إنسان بالقضاء لا يحل له أن يأخذ شيئا إلا أن يرزقه الإمام أو يكتب مكتوبا يستحق أجرة مثله إذا لم يكن كتابة ذلك واجبة عليه، ولا يجوز له أن يأخذ على الحكم ولا على تولية نيابة القضاء، ولا على مباشرة وقف أو مال يتيم شيئا، وكذلك حاجب القاضي وكل من يلي أمور المسلمين، ومن فعل خلاف ذلك فقد غير فريضة الله تعالى، وباع عدله الذي بذله لعباده بثمن قليل، ولذا تجد بعض الفجرة الذين يفعلون ذلك يأخذونه خفية، وهذه علامة الحرام فإن الحلال يأخذه صاحبه، ولا يستحي من أخذه والله يعلم المفسد من المصلح انتهى ذلك ملخصا. وجزم الضميري في الإيضاح فقال: ومن قال يجوز للحاكم أن يأخذ شيئا من أعيان الخصوم وجب أن يستتاب. وذكر العلامة الشمس الرملي في فتاواه أنه يجوز للمفتي أن يأخذ أجرة مثله إن كان فقيرا، والأولى في حقه التبرع بالفتوى، ولا يأخذ من مستفت أجرة وإن لم يكن له رزق، ومتى أخذ شيئا مع عدم رضاه لم يحل له ذلك. وذكر أيضا في فتاواه أن لفظ الحكم وأداء الشهادة لا يأخذ عليه أجرة، فإن احتاج القاضي إلى النظر بين الخصمين وتعطلت به مصالحه وهو فقير أو احتاج الشاهد إلى ركوب وإن لم يركب كان له أخذ أجرته وبذل أجرة ما يركبه انتهى. وذكره في شرحه على المنهاج بقوله: وجاز له أي للقاضي طلب أجرة مثل عمله فقط وأخذها وامتنع عند آخرين والأول أقرب والثاني أحوط انتهى. وما يفعلونه الآن من المعاملة للناس بكتب الصكوك والتمسكات لأصحاب الأموال، واشتهرت بمعاملة المثالثة يدفعون العشرة بخمسة عشر إلى البيدر مثلا، ويأتون إلى فقيه ويعمل لذلك حيلة بأن يبيع المديون دواته أو كتابا أو محرمة أو سجادة أو غير ذلك؛ لأجل الخلاص من الربا وهذه الحيلة مكروهة عندنا كراهة شديدة ومحرمة عند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فالله تعالى لا يخفى عليه شيء. وقد ورد وعيد شديد لآكل الربا قال الله تعالى: {الذين يأكلون الربا} الآية أي يعاملون به وإنما خص الآكل لأنه معظم الأمر المقصود من المال؛ لأن المال لا يؤكل إنما يصرف في المأكول

مطلب عن تفضيل الذكر على الأنثى إلخ

ثم يؤكل فمنع الله تعالى التصرف في الربا والذين يأكلونه لا يقومون من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه أي يصرعه الشيطان من المس أي الجنون. والمعنى أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كالمصروع الذي لا يستطيع الحركة الصحيحة؛ لأن الربا ربا في قلوبهم وبطونهم فثقلهم فلا يقدرون على الاستطاعة وقال ابن عباس: لا يقبل الله تعالى من آكل الربا صدقة ولا حجا ولا جهادا ولا صلاة، ومما يفعلونه أصحاب الأموال الآن إذا أراد أحدهم أن يقرض غيره مائة قرش مثلا ويجعل عليه فائدتها كل شهر رطلا زيتا أو قفة رزا مثلا فيقول له: هب ذلك لي كل شهر فيوهبه كل ذلك وهذه الهبة باطلة لما ورد في الخبر: كل قرض جر نفعا فهو ربا. وقد كان الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يجلس تحت ظل شجرة غريمه، ومن ذلك القرض لمن يستأجر ملكه بأكثر من قيمته لأجل القرض، وإن وقع ذلك شرطا إذ هو حرام بالإجماع، ومن بعض فعلهم القبيح أنهم يورثون الذكور دون الإناث، وهو ما كان عليه أهل الجاهلية ويخالفون قول الله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} فالله تعالى جعل للبنات حصة في أموال آبائهن، وقسم لهن مع الذكور خلافا لما كانوا عليه في الجاهلية، وذلك لضعفهن وترغيبا في نكاحهن. وقد عدل سبحانه وتعالى حيث جعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأن الذكر ذو حاجتين حاجة لنفسه وحاجة لعياله، والأنثى ذات حاجة فقط. وقد روي أن جعفرا الصادق رضي الله عنه مطلب عن تفضيل الذكر على الأنثى إلخ (سئل) عن تفضيل الذكر على الأنثى فقال: إن حواء أخذت حفنة من الحنطة وأكلت وأخذت حفنة أخرى وخبأتها ثم أخذت حفنة أخرى ودفعتها إلى آدم عليه السلام، فلما جعلت نصيبها ضعف نصيب الرجل قلب الله الأمر عليها فجعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل وقيل إنه قيل: كفى للذكر أن جعل نصيبه ضعف نصيب الأنثى فلا ينبغي له أن يطمع في جعل الأنثى محرومة بالكلية انتهى. ومن بعض فعلهم القبيح أنهم يرسلون نساءهم إلى المدن يبيعون ويشترون في الأسواق وهن كاشفات وجوهن متشبهات بالرجال، ولا يستحين من الله تعالى ولا من عباده وقال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} الآية أي عما لا يحل لهم النظر إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: " يا علي لا تتبع النظرة النظرة؛ لأن الأولى لك، وليست الثانية لك". وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية عما لا يحل لهن نظره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وميمونة بنت الحارث لما دخل عليهما ابن أم مكتوم احتجبن منه فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعمي أنتما ألستما تبصرانه". وقد اتفق المسلمون على منع النساء أن يخرجن

سافرات الوجوه؛ لأن النظر إليهن مظنة الفتنة، ومحرك الشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال، ومن بعض فعلهم أنهم يرسلون نساءهم إلى الهيش يحتطبن ويحملنه على رؤوسهن ويكلفونهن إلى الطحن بأنفسهن وإلى حمل القش من السهل إلى البيادر وغير ذلك من الأفعال الشاقة قائلين: من الواجب عليهن فلا والله ما يجب عليهن من هذا شيئا، ومن بعض جهلهم أنهم يلبسون نسائهم السراويل عند الممات، وأما في حياة الدنيا فلا يلبسونهم ذلك؛ لأنه عار عندهم لبس أزواجهن اللباس في الدنيا ويخالفون قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: اتخذوا السراويلات فإنها من أستر ثيابكم وحصنوا بها نسائكم إذا خرجن أي استروهن وصونوهن بلبس السروال خصوصا إذا خرجن من بيوتهن لما فيها من الأمن من انكشاف العورة بنحو سقوط أو ريح فهي كحصن مانع. وأما فعل هؤلاء المذكورين فإنهم يسترون نسائهم بلبس السروال في القبور ولا يلبسونهن ذلك في الدنيا خصوصا عند خروجهن وتراهن أيها الإنسان في الشتاء وهن ماشيات في الأسواق رافعات ثيابهن إلى ركبهن وما عليهن إلا ثوب واحد فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ومن بعض جهلهم أن أحدهم إذا كان متزوجا امرأة واحدة وأخذ ثانية فالغالب أنه يترك الأولى، وأنه يأخذ الجديدة إلى قرية ثانية يسكن بها ويترك الأولى من غير نفقة ولا كسوة ولا يخف من الله تعالى ولا يخشى عقابه. ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ومن له زوجات وبات عند بعضهن لزمه فورا أن يبيت عند من بقي منهن تسوية بينهن للخبر الصحيح: " إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل". أي ساقط وقد كان صلى الله عليه وسلم على غاية من العدل في القسم، وإذا دخل على إحداهن في نوبة الأخرى، وطال مكثه قضى من نوبتها مثله؛ لأنه مع الطول لا يسمح به وحق الآدمي لا يسقط بالعذر. ومن بعض أفعالهم أنه إذا كان لأحدهم امرأتان فيجمعهما في بيت واحد مع أنه يحرم عليه ذلك بغير رضاهن. ذكر العلامة الرملي رحمه الله تعالى في شرحه على المنهاج: ويحرم عليه أن يجمع ضرتين في مسكن أو خيمة ولو ليلة لما بينهما من تباغض إلا برضاهما؛ لأن الحق لهما ولهما الرجوع ويكره له أن يطأ واحدة مع علم الأخرى، ولا يلزمها الإجابة؛ لأن الحياء والمروءة يأبيان ذلك ومن ثم صوب الأذرعي التحريم. ومن بعض أفعالهم القبيحة أنه إذا مات رجل وترك ذكورا وإناثا ودواب ومواشي وأسبابا وأملاكا فالذكور يجعلون البنات من جملة الميراث مع الدواب والمواشي والأملاك والأسباب ويقتسمون ذلك، والورع فيهم يدفع

للأنثى بعدما تقسم مع الميراث بعض أشجار زيتون وبعض أشياء حتى أنها تبرئ ذمته من الباقي فلا والله العظيم إنها ما تبرئ ذمته عن طيب قلبها وانشراح صدرها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ومن بعض أفعالهم القبيحة أنهم يقايضون ببناتهم كالجحاش، وكل من تستحق الزود عن الأخرى بكبر أو حسن أو جمال أو غير ذلك يزيدونها وهذا يسمى نكاح الشغار للنهي عنه ففي خبر الصحيحين مأخوذ من شغر الكلب رجله إذا رفعها ليبول فكأن كلا منهما يقول للآخر: لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك وهو زوجتك بنتي على أن تزوجني أو تزوج ابني مثلا ابنتك. وبضع كل واحدة صداق للأخرى فيقبل وعلة البطلان التشريك في البضع؛ لأن كلا جعل بضع موليته مورد للنكاح وصداقا للأخرى فأشبه تزويجها من رجلين. ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنهم يبيعون بناتهم وأخواتهم وبنات أعمامهم لأزواجهن كبيع الأرقاء ويأكلون مهورهن ويقولون: إنهن يبرئن ذمتهن من ذلك فلا والله العظيم ورسوله الكريم أنهن لا يبرئن ذمتهم عن طيب قلب وانشراح صدر، وإنما هو قهر عليهن وغصبا. ومن بعض أفعالهم أن بعضهم يأتي إلى عند بعض التجار، ويستدين منه أقمشة وكسوة مختلفة الألوان وبعد قطع ذلك وتفصيله يذهب إلى قريته، فإن استعمل ذلك وألبسه لأهله فيماطل التاجر بثمنه ويعده إلى البيدر، فإذا جاء البيدر يتعلل له بأمور واهية ويصبره إلى البيدر الثاني، فإذا جاء البيدر يتعلل له بأمور أيضا ويصبره إلى الزيت، فإذا جاء له الزيت يقول له: ما حمل زيتوني وأنت فيك التحمل ويصبره إلى البيدر وهلم جرا. وإن كان له غنى عن الحوائج أو أنه طلق زوجته التي أخذ لها الكسوة والقماش فيعاود القماش على صاحبه بعد قطعه وتفصيله، ولم يخش الله تعالى، ولم يستح من عباده، ولم يختش من كلام ولا ملام. وقد وقع لي مثل هذه المادة وهو أن فقيها من فقهاء البر عقد نكاحه على بنت، وأراد الدخول بها فجاء لعندي وأخذ لها كسوة العرس ليجيب لي بثمنها زيتا، ثم بعد ذلك طلقها ورد الكسوة منها ما هو مفصل، ومنها ما هو مخيط عامله الله تعالى بعدله والحمد لله تعالى بضاعتنا ردت إلينا. ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنه إذا وقع بينهم وبين أعدائهم حرب فيلبسون نسائهم أفخر ما عندهم من الملبوس ويزينوهن، ويديرون بينهم في الحرب ويحرضونهم على القتال ويحملن لهم المأكل والمشرب وكل من جبن أو فشل عن القتال من الرجال تأتي إليه إلا مرأة ومرادها أن تأخذ سلاحه لأجل ما تحرضه على القتال وتقويه على قتل النفس التي حرم الله تعالى قتلها إلا بالحق. ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنه إذا صار عندهم فرح يجتمع شبابهم

مطلب عن الزغاريت هل كانت في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ

وجهالهم في محل متسع ليلا ويقيمون نارا ويتحلقون كحلقة الذكر، ثم تتجمل امرأة منهن وتلبس أحسن الملبوس وتدخل في وسط الحلقة ترقص لهم وهم يصفقون مادين أبصارهم لها، وتجلس على حجورهم أحيانا ويسمونها بعزيزة النساء، وتكون هذه عندهم من أفخر نسائهم وأطهرهن. ومن بعض جهلهم أنهم يعظمون أميرهم أو شيخهم أو المتكلم عليهم ولا يحلفون إلا بحياته، ويكون الحلف بحياته عندهم قسم عظيم ليس فيه كذب ولا خلف. ومن بعض أفعالهم الشنيعة أنه إذا ترملت امرأة فيأتي إليها والدها أو أخوتها أو أولاد عمها ويقولون لها: مرادنا نزوجك لأجل أن يأخذوا مهرها، وهي لم ترض بالزواج أو يكون لها أولاد صغار من شفقتها عليهم تخاف عليهم الضياع فتدفع لأقاربها قدر مهرها حتى إنهم ما يزوجوها، ثم إنهم يغفلون عنها مدة ويأتون إليها خصوصا إذا كانت مليئة. ويقولون لها: مرادنا نزوجك لإنك عرضنا، ونخاف على عرضنا وما مرادهم إلا حتى يأخذوا مهرها أو يأخذوا منها قدر مهرها وهكذا ثالثا ورابعا. ومن بعض قبحهم وأفعالهم الشنيعة أنهم إذا اتهموا امرأة عندهم بالفاحشة قتلوها من غير ثبوت ذلك عليها، ولا يغسلونها ولا يكفنونها ولا يصلون عليها، وإنما يرمونها في بئر وسواء كانت محصنة أو غير محصنة ولهم أفعال كثيرة أضربنا عنها خوف الإطالة فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وعلى ولاة الأمور ضاعف الله تعالى لنا ولهم الأجور وعلى أهل الحل والعقد وأرباب الكلام من المشايخ والمتكلمين أيد الله تعالى بهم الدين ووفقهم للصراط المستقيم المنع من هذه النزغات والأباطيل؛ لأن عليهم حفظ الدين الذي هو أحد الكليات الخمس الذي أجمع على حفظها كل ملة، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل. والمتعين على حكام المسلمين والإسلام وولاه سائر الأنام تدارك هذا الأمر الخطر المشكل وتلافي هذا الشأن الصعب المذهل والتيقظ له نسأله سبحانه أن يجنبنا الزيغ والضلال ولا حول ولا قوة إلا بالله المعين المتعال إليه مرجعنا ومردنا وعليه اعتمادنا في سائر الأحوال والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب عن الزغاريت هل كانت في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلخ (سئل) عن الزغاريت هل كانت في زمن المصطفي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي مباحة في الأفراح؟ وهل يجوز فعلها من الذكور أو لا؟ (أجاب) قيل: إن أصل الزغاريت عن أمنا حواء رضي الله تعالى عنها لما اجتمعت بآدم عليه السلام بعدما أخرجا من الجنة، فلما رأته فمن شدة فرحها به زغرتت وهي مباحة في كل فرح وسرور من النساء، وتكره من الرجال؛ لأنه مخصوص بالنساء والأولى حرمته من الرجال لتشبهه بالنساء، والله تعالى أعلم. مطلب هل الأفضل على المكلف الدعاء إلى الله تعالى إلخ (سئل) هل الأفضل للمكلف الدعاء إلى الله تعالى

مطلب هل يجوز إكراه المريض على الأكل إلخ

أو تركه؟ (أجاب) ورد من الكتاب والسنة استحباب طلب الدعاء ومزيد فضله والحث عليه؛ لأنه ينفع الداعي لقول صاحب الجوهرة: وعندنا إن الدعاء ينفع كما من القرآن وعدا يسمع ولما فيه من إظهار المذلة والافتقار إلى الله تعالى وكونه صلى الله عيه وسلم لم يأمر أحدا بتركه، وإنما الذي أمر به الصبر وهو لا ينافي الصبر فقد دعا أيوب عليه الصلاة السلام بكشف ضره مع قوله تعالى: {إنا وجدناه صابرا} والله تعالى أعلم. مطلب هل يجوز إكراه المريض على الأكل إلخ (سئل) هل يجوز إكراه المريض على الأكل والشرب وعلى التداوي أو لا وهل الدواء سنة أو لا؟ (أجاب) إكراه المريض على الأكل والشرب مكروه لخبر: "لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن الله يطعمهم ويسقيهم". ويلحق بالأكل والدواء وإذا تداوى المريض فلا بأس به؛ لأنه من السنة لخبر: "إن الله تعالى لم يضع داء إلا وأنزل له دواء". وأجهله من جهله وعلمه من علمه، فإن ترك التداوي وتوكل على الله تعالى فلا بأس به، ولكن من قل صبره وضعفت نفسه فالتداوي له أفضل والله تعالى أعلم. مطلب في النوم في المسجد فهل يجوز أم لا إلخ (سئل) في النوم هل هو جائز في المسجد وإذا قلتم بالجواز فهل يجوز إخراج الريح فيه أو لا؟. (أجاب) لا بأس في النوم في المسجد لغير الجنب ولو غير أعزب فقد ثبت أن أصحاب الصفة رضي الله تعالى عنه كانوا ينامون في زمنه صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليهم مالم يضيق على المصلين أو يشوش عليهم، ولا يحرم إخراج الريح في المسجد لكن الأولى اجتنابه؛ لأن الملائكة تتأذى به، والله تعالى أعلم. مطلب المباحثة التي تقع بين الطلبة تجوز أم لا إلخ (سئل) في المباحثة التي تقع بين الطلبة للعلم هل تجوز أو لا؟ (أجاب) إن قصدوا بالمباحثة امتحان بعضهم بعضا فإنه يحرم عليه للإيذاء، وإن لم يقصدوا استمحانا بل قصدوا التفهيم فلا بأس والله تعالى أعلم. مطلب إذا عطس الإنسان إلخ (سئل) إذا عطس الإنسان ولم يحمد الله تعالى هل يجوز تشميته أو لا؟ (أجاب) إذا لم يحمد الله تعالى فإنه يكره للإنسان أن يشمته لما روي في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه، وإن لم يحمد الله فلا تشمتوه" انتهى. وإذا سبق المشمت العاطس بالحمد يأمن من ثلاثة أوجاع كما قال بعضهم: من يبتدئ عاطسا بالحمد يأمن من ... شوص ولوص وعلوص كذا وردا فالشوص وجع الضرس واللوص وجع الأذن والعلوص وجع البطن وقيل وجع الدبر. ويكره التشميت إلى ثلاث، ثم يدعو له بعده بالشفاء، ويسن للعاطس وضع شيء على وجهه وخفض صوته ما أمكن وأجابه مشمته بنحو يهديكم الله ولم يجب بخلاف رد السلام والله تعالى أعلم. مطلب هل يجوز للداعي أن يقول اللهم اغفر لي إلخ (سئل) هل يجوز للداعي أن يقول اللهم اغفر لي

مطلب في السبحة هل لها أصل في السنة إلخ

ولجميع المسلمين؟ (أجاب) نعم يجوز ذلك بل هو مسنون للأخبار الواردة في ذلك لخبر الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. وكيف لا يجوز ذلك، وقد قال الله تعالى حكاية عن نوح عليه الصلاة والسلام: {رب اغفر لي ولوالدي} الآية وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اغفر لحينا وميتنا". الحديث وكما أفتى بذلك القاضي زكريا رحمه الله تعالى والله أعلم. مطلب في السبحة هل لها أصل في السنة إلخ (سئل) في السبحة هل لها أصل في السنة وهل الأفضل التسبيح بعقد الأصابع أو بالسبحة أو في ذلك تفضيل؟ (أجاب) الأصح أن للسبحة أصلا في السنة، فمن ذلك ما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيده. وما صح عن صفية رضي الله عنها أنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بهن فقال: ما هذا يا بنت حيي؟ قلت: أسبح بهن فقال: قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا قلت: علمني يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: قولي: سبحان الله عدد ما خلق من شيء. انتهى. وقد ألف في السبحة الجلال السيوطي رحمه الله تعالى، وعن بعض العلماء: أن التسبيح بعقد الأنامل أفضل من السبحة، وفصل بعضهم فقال: إن أمر المسبح من الغلط كان تسبيحه بعقد الأنامل أفضل، وإن لم يأمن من الغلط فالسبحة أفضل كما أفتى بذلك العلامة الشهاب بن حجر رحمه الله تعالى والله أعلم. مطلب فيما يستعمله الناس من شراب القهوة إلخ (سئل) فيما يستعمله الناس من شراب القهوة والمداومة على شربها هل هي قديمة في الزمن الأول أو محدثة؟ وهل شربها واستعمالها على هذه الهيئة التي يفعل بها حلال مباح كغيرها من المباحات ولا التفات إلى ما حرمها وحرم استعمالها بالحرق أم كيف الحال؟ (أجاب) أما القهوة المستعملة الآن فهي حادثة بالنسبة إلى هذا الزمان وقديمة بالنسبة إلى زمن وجودها لما حكي أن سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام كان إذا أتى إلى بلد خرج إليه أهلها يتبركون به ويحضرون عنده العلماء والصلحاء وأهل الحاجات منهم فيقضي حوائجهم فمر يوما على عدن بلد باليمن فلم يقابله أهلها فسأل عنهم فأخبر أن أهلها بهم أمراض شديدة شتى، ومنها حب الإفرنج وهو أعظمها وكل منهم يستحي أن يقابلك وهو على تلك الحالة فاتفق أن جبريل عليه السلام نزل عليه في ذلك الوقت فسأله عن دواء لهم يحصل لهم به الشفاء فأخبره عن البن أنهم إذا استعملوا قشره مطبوخا بالبهرات أو الحبة مقلوا بالنار مخلوطا بسمن البقر عافاهم الله تعالى وشفاهم من أمراضهم ففعلوا فشفاهم الله تعالى وصاروا يزرعونه من ذلك الوقت في بلادهم وهو مستمر إلى هذه الأيام. وقال الشهاب بن حجر رحمه الله تعالى: حدث قبل هذا القرن

مطلب ما مقدار سعة الأرض إلخ

العاشر شراب يتخذ من قشر البن يسمى بالقهوة، وطال الاختلاف فيه حلا وطهارة وضدهما، فمن مفرط يفتي بالإسكار والنجاسة نظرا إلى أنها تورث نشاطا وطراوة تؤثر في البدن عند تركها، ومن مفرط يفتي بأن بأن شربها قربة فضلا عن الحل والطهارة نظرا إلى أنها تزيل ما في النفس من فتور وكسل وتعين على السهر والعبادة، والحق في ذلك أنه لا إسكار فيها ولا تخدير، والحاصل بعد كلام طويل أن ذاتها مباحة ما لم يقترن بها عارض يقتضي التحريم كإدارتها على هيئة الخمر المخصوص بها مجرد الإدارة فإنها لا حرمة فيها، فقد أدار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن على أصحابه وكاستعمال مخدر معها، ولكن إذا قصدت للإعانة على قربة كانت قربة أو على مباح كانت مباحة أو على مكروه كانت مكروهة أو على حرام كانت حراما وحينئذ فتأتي فيها الأحكام الخمسة. وذكر بعض المتأخرين من البلغاء في ذلك كلاما طويلا خلاصته: وأما القهوة فخلاصة القول فيها أنها من الجائز تناوله مباح شربه كسائر المباحات مثل اللبن والعسل ونحوهما لدخولها في قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه} الآية. ولا التفات إلى من ادعى تحريمها فدعواه في ذلك أوهى من بيت العنكبوت. وذكر الأطباء إن شرب القهوة يطرد النوم والفتور والكسل ويعين على ما يريده شاربها مما يتعلق بالعبادة كذكر وقراءة قرآن واشتغال بالعلم وتهجد وغير ذلك، وأن منافعها لا تحصى وفضائلها لا تستقصى منها أنها تذهب البلغم وتمنع القيء والعي والرطوبة وتقطع البواسير وتطرد الريح وتذهب القولنج والصداع وتهضم الطعام وتنبه الشهوة للغذاء وتمنع بعض أنواع الرمد وتذهب الجرب من الجفن وتمنع الأبخرة الرديئة المتصاعدة إلى الدماغ، ولأجل ذلك كانت معينة على السهر وتصفي الحواس من الكدر. قال بعض البلغاء: وأحسن ما فيها اجتماع الإخوان والمحبين على شربها خصوصا مع المروءة والصفاء والمحادثة بما فيه رضى الله تعالى، والله تعالى أعلم. مطلب ما مقدار سعة الأرض إلخ (سئل) ما مقدار سعة الأرض وكم عدد أقاليمها؟ (أجاب) ذكر الإمام فخر الدين أن طول الأرض ما بين المشرق والمغرب وعرضها ما بين الشمال والجنوب لأن الذي جهة مطلع سهيل يسمى جنوبا والمقابل له يسمى شمالا والمشرق والمغرب معلوما، وقد اختلف أهل الهيئة والفلاسفة في مقدار الأرض ففي المسالك للبكري: إن الأرض كلها مسيرة خمسمائة عام ثلث عمران وثلث بحار وثلث براري غير مسكونة. وفي رواية مسيرة ما بين أقصى الدنيا إلى أدناها مسيرة خمسمائة سنة مائتان من ذلك في البحر ومائتان ليس يسكنها أحد وثمانون فيه يأجوج ومأجوج وعشرون فيه سائر الخلق ذكره في الخريدة. وفي عين الأخبار

مطلب عن خلق أمنا حواء عليها السلام إلخ

لابن قتيبة: الدنيا كلها أي المعمور منها أربعة وعشرون ألف فرسخ اثنا عشر ألفا للسودان وثمانية آلاف للروم وثلاثة آلاف للعرب. وأما مقدار سعة الأرض بالمراحل فذكر في الخريدة أن من مصر إلى أقصى الغرب نحو مائة وثمانين مرحلة، وإذا قطعت من العلوم شرقي مصر إلى حد الصين على خط مستقيم كان مقدار تلك المسافة نحو مائتي مرحلة فجملة ما بين أقصى الغرب إلى أقصى الشرق نحو أربعمائة مرحلة هذا طول الأرض، وأما عرضها من أقصاها في حد الشمال إلى أقصاها في حد الجنوب فمن ناحية يأجوج ومأجوج إلى الأرض بلغار وأرض الصقالبة نحو أربعين مرحلة ومن أرض الصقالبة من بلد الروم إلى الشمال نحو ستين مرحلة ومن أرض الشام إلى مصر نحو ثلاثين مرحلة، ومنها إلى أقصى النوبة نحو ثمانين مرحلة حتى ينتهى إلى البرية فذلك مائتان وعشرة مراحل كلها عامرة. وأما ما بين يأجوج ومأجوج إلى البحر المحيط، وما بين براري السودان إلى البر المحيط فقفر خراب ليس فيه نبات ولا طير ولا وحش ولا شيء من المخلوقات ولا يعلم مسافة هاتين البريتين كم هي إلا الله تعالى، وذلك لأن سلوكها غير ممكن لفرط البرد الذي يمنع من العمارة في الشمال وفرط الحر المانع من ذلك في الجنوب. وأما عدد أقاليم الأرض فسبعة وطول كل إقليم تسعمائة فرسخ في مثلها، فالأول فيه أرض بابل وخراسان وفارس والأهواز والموصل وأرض الجبل، وله من البروج الحمل ومن النجوم المشترى والثاني السند والهند والسودان، وله من البروج الجدي وزحل، والثالث مكة والمدينة والحجاز واليمن وله العقرب والزهرة، والرابع مصر وأفريقيه والبربر والأندلس وله الجوزاء وعطارد، والخامس الشام والروم والجزيرة وله الدلو والقمر، والسادس الترك والحرز والديلم والصقالبة وله السرطان والمريخ، والسابع الديل والصين وله الميزان والشمس فسبحان الخالق الرزاق والله تعالى أعلم. مطلب عن خلق أمنا حواء عليها السلام إلخ (سئل) عن أمنا حواء عليها السلام هل على ما يقال أنها خلقت من ضلع آدم؟ وفي أي محل خلقت؟ ولم سميت حواء؟ وما كان مهرها من آدم عليه السلام؟ وكم ولدت من الأولاد؟ وكم عاشت من السنين؟ وفي أي محل دفنت؟ (أجاب) حكى الفخر الإجماع على أنها خلقت من ضلع آدم عليه السلام، واختلف متى خلقت فقيل: خلقت قبل دخول الجنة وقيل: إنها خلقت في الجنة وآدم نائم من ضلعه الأيسر ووضع مكانه لحم فاستيقظ آدم فوجدها جالسة عند رأسه فقال لها من أنت؟ قالت: امرأة فقال: لم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي وأسكن إليك فقالت الملائكة: يا آدم ما اسمها؟ قال: حواء فقالوا له: ولم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من حي. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة

مطلب إبليس من الجن أو من الملائكة إلخ

خلقت من ضلع أعوج لا تستقيم لك على طريقة، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها، وإن استمتعت بها استمتعت على عوج". وذكر ابن الجوزي رحمه الله تعالى أن حواء طلبت من آدم المهر فأمر بالصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين وفي بعض الروايات لما مد يده إليها قالت له الملائكة: يا آدم حتى تؤدي مهرها قال: وما مهرها؟ قالوا: تصلي على محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات. وفي تاريخ ابن جريج أن حواء ولدت أربعين ولدا في عشرين بطنا، وقيل: مائة بطن وعشرين بطنا في كل بطن ذكر وأنثى. وذكر أهل التاريخ أن آدم ما مات حتى رأى من ذريته من أولاد وأولاد أولاده أربعين ألفا، وأما عمر حواء ففي التواريخ أنه تسعمائة سنة وسبع وتسعون سنة وعاشت بعد آدم سبع سنين، وعاش آدم ألف سنة، وأن آدم وحواء عليهما الصلاة والسلام دفنا بجانب البيت بمكة ذكر جميع ذلك المرحوم الشيخ مرعي الكرمي في بهجته والله تعالى أعلم بالصواب. مطلب إبليس من الجن أو من الملائكة إلخ (سئل) في إبليس لعنه الله تعالى هل هو من الجن أم من الملائكة؟ وما كان سبب طرده وبعده ولعنه؟ (أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في إبليس قيل: إنه من الجن وهو قول أكثر المتكلمين وجماهير المعتزلة ويدل عليه قوله تعالى: {إلا إبليس كان من الجن} الآية. وقيل: إنه كان من الملائكة، وبه قال كثير من الفقهاء، وقال كثير من المفسرين: إن الله عز وجل خلق السماوات والأرض وخلق الملائكة والجن فأسكن الملائكة السماء وأسكن الجن الأرض فعبدوا الله تعالى دهرا طويلا في الأرض، ثم ظهر فيهم الحسد والبغي فاقتتلوا وفسدوا فبعث الله إليهم جندا من الملائكة يقال لهم الجن ومنهم إبليس اللعين وهم من خزان الجنان اشتق لهم اسما من الجنة فهبطوا إلى الأرض فطردوا الجن على وجهها وألحقوهم بشعاب الجبال وجزائر البحار، وسكنوا الأرض وخفف الله تعالى عنهم العبادة فأحبوا البقاء في الأرض لذلك فأعطى الله تعالى إبليس ملك الأرض وملك السماء وخزائن الجنان وكان تارة يعبد الله تعالى في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله الكبر والعجب وهذا سبب طرده ولعنه، ثم قال في نفسه: ما أعطاني الله تعالى هذا الملك إلا أني أكرم الملائكة عليه وأعظمهم منزلة لديه، فلما أظهر الكبر عزله الحق جل وعلا عن ملكه، وقال الله تعالى له ولجنده: {إني جاعل في الأرض خليفة} فلما قال لهم ذلك كرهوا العزل؛ لأن العزل شديد فقالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} الآية فقال لهم الحق جل وعلا: {إني أعلم ما لا تعلمون} من كبر إبليس ذكر ذلك المرحوم الشيخ مرعي الكرمي في بهجته، ثم قال بعد ذلك: قلت: لعمري إن هذه القصة موعظة للمتعظين ومدهشة

مطلب فيما يفعله السحرة إلخ

لعقول العارفين فانظر يا أخي في أي مرتبة كان اللعين فيها، وانظر إلى أي حالة أصبح اليوم عليها نعوذ بالله تعالى من ذلك ومن السلوك في المهالك، وفيها موعظة لمن قدمه ملك من الملوك على جنوده وجعله أميرا على جموعه وعبيده أن لا يأمن عاقبة الأمور، وأن يكون على حذر من المقدور قبل أن لا يتعد الغرور والله تعالى أعلم. مطلب فيما يفعله السحرة إلخ (سئل) فيما يفعله السحرة من زرع البذر في أرض وطلوعه ونموه بالثمر في ساعة واحدة ونقل المتاع من محل إلى محل ونحو ذلك، فهل هو تخييل للناظر أو فعل حقيقة؟ (أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في تأثير السحر وفي حقيقته على قولين قيل: إنه لا يغير حقيقة وإنما هو تخييل لقوله تعالى: {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} وحكى الأوزاعي أن يهوديا صحبه في سفر فأخذ ضفدعا وسحره خنزيرا، وباعه لنصارى، فلما ساروا به إلى قريتهم وجدوه ضفدعا فلحقوا اليهودي فلما قربوا منه رأوا رأسه قد سقط عن جثته ففزعوا وولوا هاربين وبقي الرأس يقول للأوزاعي: هل غابوا إلى أن بعدوا عنه فصار الرأس في الجسد، وأما طلوع الزروع في الحال ونقل الأمتعة والقتل على الفور والعمى والصمم وتعلم الغيب فلا يقع بالسحر؛ لأنه قد وقع القتل في السحرة ولم يبلغ أحد منهم هذا المبلغ ولم تستطع سحرة فرعون الدفع عن أنفسهم، وجوز بعضهم أن يسترق جسم الساحر حتى يلج في كوة ويجري على خيط مسترق ويطير في الهواء ويقتل غيره ويغير الخلق، وينقل الإنسان إلى صور البهائم لكن قال بعضهم: الأصح خلاف ذلك؛ لأنه لم يقع ولا سمع عن عاقل من آدم عليه السلام إلى وقتنا أن ساحرا غير خلق الرحمن عز وجل عن صورة إنسان إلى صورة حيوان من حمار أو فرس أو سرحان. والحكايات في مثل ذلك خرافات تتحدث بها العجائز والبنيات لا تروى بأحاديث صحيحة وهي على المتحدث بها أعظم فضيحة، ومما يؤيد هذا أنهم لو قدروا على تحقيق الحقائق لقلبوا الأحجار ذهبا والصخور إبلا أم شاءو استغنوا عن سؤال الناس، وذلك منتف والله تعالى أعلم. مطلب في أبوي المصطفى صلى الله عليه وسلم مؤمنان إلخ (سئل) في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم هل هما في الجنة لكونهما من أهل الفترة وماتا فيها ولم تبلغهما الدعوى أو أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لهما ويدخلان الجنة بشفاعته صلى الله عليه وسلم، أو إن الله تعالى أحياهما له وآمنا به صلى الله عليه وسلم وما يستحق من العقوبة من قال: إنهما في النار؟ (أجاب) لا ريب ولا شك أن أبويه صلى الله عليه وسلم في الجنة، ومن قال بخلاف ذلك فقد باء بغضب من الله تعالى. وقد صنف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رسائل جمة منهم العلامة الجلال السيوطي رحمه الله تعالى ألف في ذلك رسائل منها السبل الجلية في الآباء العليه، وسأذكر منها ما هو المقصود

بالاختصار السبيل الأول أنهما لم تبلغهما الدعوة؛ لأنهما كانا في زمن الجاهلية التي عم فيها الجهل طبق الأرض وفقد فيها من يبلغ الدعوة على وجهها خصوصا وقد ماتا في حداثة السن، فإن والده صلى الله عليه وسلم عاش من العمر نحو ثمانية عشر سنة ووالدته ماتت في حدود العشرين تقريبا ومثل هذا العمر لا يسع الفحص عن المطلوب في مثل ذلك الزمان، وحكم من لم تبلغه الدعوة أنه يموت ناجيا ولا يعذب ويدخل الجنة هذا مذهبنا لا خلاف فيه بين أئمتنا ومصداق ذلك قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} السبيل الثاني: أنهما من أهل الفترة وقد ورد في أهل الفترة أحاديث أنهم موقوفون إلى أن يمتحنوا يوم القيامة، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى دخل النار ولا شك أن الله تعالى يوفقهما عند الامتحان للإجابة بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال: من رضى محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهله النار. السبيل الثالث: أن الله تعالى أحياهما له حتى آمنا به، ثم أماتهما والله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء، ونبيه صلى الله عليه وسلم أهل أن يختصه بما شاء من فضله وينعم عليه بما شاء من كرامته. وقال القرطبي رحمه الله تعالى: فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل تتوالى وتتابع إلى حين مماته فيكون هذا مما فضله الله تعالى وأكرمه به وقال: وليس إحياؤهما وإيمانهما به بممتنع عقلا ولا شرعا فقد ورد في القرآن إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام يحيي الموتى وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم قال، وإذا ثبت هذا فما يمنع من إيمانهما بعد إحيائمها زيادة في كرامته وفضيلته صلى الله عليه وسلم. السبيل الرابع: أنهما كانا على الحنفية دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأن آباءه صلى الله عليه وسلم كلهم إلى آدم كانوا على التوحيد لقوله تعالى: {وتقلبك في الساجدين} قيل: معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد لساجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات. وقد سئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار فأجاب بأنه ملعون؛ لأن الله تعالى يقول: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} الآية. قال: ولا أدري أذية أعظم من أن يقال عن أبيه أنه في النار، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات والله سبحانه وتعالى أعلم. (سئل)

مطلب سئل في أي موضع كان خلق آدم عليه السلام إلخ

ما الحكمة في أن الله تعالى خلق آدم من تراب ولم يخلقه من غير التراب؟ (أجاب) ذكر الحكماء في خلق آدم من تراب وجوها؛ منها أن يكون متواضعا، ومنها ليكون مطفئا لنار الشهوة والغضب لأن التراب يطفئ النار، ومنها إظهار لقدرته تعالى؛ لأنه تعالى خلق الشياطين من النار التي هي أضعف الأجسام وأعطاهم كمال الشهوة والقوة وخلق آدم من التراب الذي هو أكثر الأجسام ثم أعطاه الخفة والمعرفة والنور والهداية وخلق السماوات من أمواج مياه البحار معلقة في الهواء حتى يكون خلقه لهذا الأجرام برهانا، ودليلا ظاهرا على أنه تعالى هو المدبر للخلق بغير احتياج إلى مزاج وإلى علاج، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: "إن الله تعالى خلق آدم من تراب وجعله طينا، ثم تركه حتى كان حمأ مسنونا، ثم خلقه وصوره حتى كان صلصالا كالفخار، ثم نفخ فيه من روحه. قال الفخر رحمه الله تعالى ولا شك أن الله تعالى قادر على خلقه من أي جنس من الأجناس، بل قادر على خلقه ابتداء، وإنما خلقه على هذا الوجه إما لمحض المشيئة أو لما فيه من دلالة الملائكة ومصلحتهم ومصلحة الخلق والله تعالى أعلم. مطلب سئل في أي موضع كان خلق آدم عليه السلام إلخ (سئل) في أي موضع كان خلق آدم عليه السلام؟ (أجاب) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في موضع خلقه على أقوال قال السدي: خلق في سماء الدنيا. وقال ابن سعيد: خلق في جنة من جنان الدنيا. والذي عليه الجمهور من العلماء أنه خلق في جنة عدن، ومنها أخرج وأنزل إلى الأرض والله تعالى أعلم. مطلب سئل هل كان آدم عليه السلام وقت تعليم الأسماء نبيا إلخ (سئل) هل كان آدم عليه السلام وقت تعليم الأسماء نبيا مبعوثا قبل ما وقع له ما وقع من المخالفة وأكله من الشجرة أو أنه بعث بعد ذلك؟ (أجاب) قال بعض العلماء: إنه كان نبيا لما ظهر له من المعجزات من تعليم الأسماء، وقال الفخر: والأقرب أن يكون مبعوثا في ذلك الوقت إلى حواء، ولا يبعد أيضا أن يكون مبعوثا إلى من يتوجه إليه من الملائكة، وقيل: إن آدم لم يكن ذلك الوقت نبيا؛ لأن أكله من الشجرة لا يليق أن يكون بعد نبوته لقوله تعالى: {ثم اجتباه ربه وهدى} أي بعد أكله الشجرة فوجب أن يقال لم يكن قبل ذلك مجتبى والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن الأطفال الذين يموتون في الصغر يكبرون في الجنة أم لا إلخ؟ (سئل) عن الأطفال الذين يموتون في الصغر إذا دخلوا الجنة هل يكبرون ويصيرون في سن واحد أو يبقون على حالهم عند آبائهم؟ (أجاب) أخرج الترمذي وأبو يعلى وابن أبي سعيد مرفوعا قال: من مات من أهل الدنيا من صغير أوكبير يردون بين ثلاثين سنة في الجنة لا يزيدون عليها أبدا وأخرج الطبراني عن المقداد بن الأسود مرفوعا يحشر الناس ما بين السقط إلى الشيخ الفاني أبناء ثلاث وثلاثين سنة في خلق آدم وحسن يوسف وقلب أيوب مكحلين ذوي أفانين أي شعور وجم ولعل

مطلب سئل هل في الجنة نوم أم لا إلخ

المراد بقوله يحشر أي عند دخول الجنة وإلا فالأطفال يأتون الموقف كهيئتهم، وعند الدخول يكونون في الجنة كالبالغين؛ قال القرطبي: تكون الآدميات في الجنة على سن واحد وأما الحور فأصناف مصنفة صغار وكبار على ما اشتهت أنفس أهل الجنة والله تعالى أعلم. مطلب سئل هل في الجنة نوم أم لا إلخ (سئل) هل في الجنة نوم؟ (أجاب) ذكر بعضهم نظما في صفة أهل الجنة: وستة ليست لأهل الجنة ... لا بول لا غائط لا أجنة كذلك لا نوم ولا إسنانا ... ولا لحا أيضا كما أتانا واستثنى منهم ستة قد خصوا ... بلحية قد جاء فيهم نص هم آدم ونوح وإبراهيم ... هارون والصديق والكليم والله تعالى أعلم. مطلب سئل هل السماء خلقت قبل الأرض أو بالعكس إلخ (سئل) هل السماء خلقت قبل الأرض أو بالعكس؟ (أجاب) اختلف المفسرون في ذلك فمذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن الأرض خلقت قبل السماء لقوله تعالى: {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين} إلى أن قال {ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات} الآية. وإن ثم للترتيب ومذهب قوم آخرين أن السماء قبل الأرض وأن لفظة ثم في قوله: {ثم استوى إلى السماء} ليست للترتيب وإنما هي لتعداد النعم كما يقول الرجل لغيره أليس قد أعطيتك النعم العظيمة، ثم رفعت قدرك، ثم دفعت الخصوم عنك والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن الكفار إذا فعلوا في الدنيا خيرا إلخ (سئل) عن الكفار إذا فعلوا في الدنيا خيرا هل ينفعهم يوم القيامة ويثابون عليه وهل يتفاوتون في العذاب؟ (أجاب) انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم الحسنة ولا يثابون عليها بنعيم، ولا يخفف عنهم عذاب لكن بعضهم أشد عذابا من بعض بحسب جرائمهم والله تعالى أعلم. مطلب سئل فيمن أشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم إلخ (سئل) فيمن أشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ (أجاب) نظمهم بعضهم وعدهم خمسة: فقال وخمسة أشبهوا المختار من مصر ... أعظم بهم من شبيه نعما حسنوا هم جعفر وابن عم المصطفى فثم ... أسامة وأبو سفيان والحسن والله تعالى أعلم. مطلب سئل عن مقدار أعمار الأئمة الأربعة وأصحاب السنن وعام إلخ (سئل) عن مقدار أعمار الأئمة الأربعة وأصحاب السنن وعام وفاتهم؟ (أجاب) رضي الله عنه عن ذلك نظما، وبيان معرفة ذلك أن الكلمة الأولى الواقعة بعد اسم الإمام يحسب حروفها بالجمل فعدتها سنة وفاة ذلك الإمام والكلمة الثانية لمدة عمره وحياته كما قال

أبو حنيفة سيف ... لو يصد يوما فيردا ومالك قطع وكس ... كسي من الفخر مجدا والشافعي درند ... قد فاق في الأفق سعدا وأحمد مار عز ... قد أظهر للدين مجدا محمد نور بين ... وهو البخاري المفدا ومسلم رأس نهى ... وعطره فاح ندا أب لداود هرع ... يحبس للحرب وعدا والترمذي عطركن ... من أحمد حاز رشدا محمد جرع كمد ... لماجة لن يردا وذو نساء بارق ... بعلمه تبدا قد تم طبع كتاب فتاوى العلامة الشهير بالخليلي على مذهب سيدنا الإمام الشافعي رحمه الله تعالى على أحسن طبع على نسخة مقابلة على نسخة المؤلف في غاية التحري والدقة والمراجعة لبعض العلماء الأعلام بتصحيح جملة من الأعلام الأفاضل الكرام، وعند استقرائها يظهر لمطالعها فضل تصحيحها. وقد وافق إتمام الطبع في أحد وعشرين يوما من شهر صفر الخير المبارك سنة 1284 على ذمة فخر النجباء والطلبة أحد تجار الشوام وهو السبب لإنشائها في الطبع في غاية التحري والضبط الشهير بالشيخ محمود أفندي القط في مطبعة المفتقر لربه المعين محمد شاهين كان الله له ولإخوانه وأحبته وجيرته حافظا وأمين على يد رئيس ضبطها وتصحيح مبانيها حضرة محمد أفندي شاهين في محروسة مصر السعيدة في دولة صاحب السعادة والسيادة ولي أمرنا المفخم لا زال مجد سيادته مقرونا بأوفر النعم آمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والسالكين على منواله.

§1/1